تأريخ بيهق

فريد خراسان علي بن زيد البيهقي

تأريخ بيهق

المؤلف:

فريد خراسان علي بن زيد البيهقي


المحقق: يوسف الهادي
المترجم: يوسف الهادي
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار إقرأ للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٦٧٢

الحسين ، والمقرئ الحسن ؛ ولهما أعقاب يعرفون ببني عزيز ، وهم من أولاد محمد بن محمد بن عزيز بن محمد بن زيد المعدل (١) ، وهو يروي الحديث عن ابن الأصمّ.

العنبريّون

بيت قديم في هذه الناحية ، وجدهم هو أبو العباس إسماعيل بن علي بن الطيب بن محمد بن علي العنبريّ ، وأخوه هو أبو محمد عبد الله ، وهما من أحفاد أبي زكريا يحيى بن محمد بن عبد الله بن العنبر بن عطاء بن صالح بن محمد بن عبد الله السّلميّ (٢) [١٢٠] وهو مذكور في تاريخ نيسابور وبيهق ، وقد ورد شعر أبي العباس هذا وسيرته وتاريخه في موضعه.

وكان من أقاربه الإمام المحدث أبو محمد العنبريّ (٣) ، والإمام أبو زكريا العنبريّ ـ وهو جد أبي العباس ـ دون الكثير من الأحاديث ، وقد انزوى في آخر عمره ، حتى قال القاضي عبد الحميد الوزير (٤) : ذهبت الفوائد من مجلسنا بعزلة أبي زكريا العنبريّ.

__________________

(١) هو محمد بن محمد بن عزيز بن محمد ، أبو الحسن دوست كما في تاريخ نيسابور (ص ١٨٨).

(٢) في تاريخ نيسابور (ص ١٩١) : يحيى بن محمد بن عبد الله بن العنبر بن عطاء مولى أبي الخرقاء السّلميّ ، أبو زكريا العنبريّ النّيسابوريّ ، وفي معجم الأدباء (٦ / ٢٨٢٩) : يحيى بن محمد بن عبد الله بن العنبريّ بن عطاء بن صالح بن محمد بن عبد الله بن شعبان ، كان عالما بالتفسير لغويا أديبا فاضلا ... مات في شوال سنة ٣٤٤ ه‍ عن ٧٦ سنة. ترجم له في كثير من المصادر (انظر مثلا : سير أعلام النبلاء ، ١٥ / ٥٣٣ ؛ الأنساب ، ٤ / ٣٤٩ ؛ النجوم الزاهرة ، ٣ / ٣١٤).

(٣) يوجد بهذه الكنية في تاريخ نيسابور (ص ١٦٧) : عبد الله بن يحيى بن محمد بن عبد الله العنبريّ ، أبو محمد بن أبي زكريا العنبريّ. فهو نجل المذكور آنفا ، والقول بأنه من أقاربه محير.

(٤) القاضي عبد الحميد بن عبد الرحمن ، أبو الحسن بن أبي سعيد القاضي ابن القاضي (تاريخ نيسابور ، ١٦٩). وعبارته بحق العنبريّ في معجم الأدباء ، ٦ / ٢٨٢٩ ، وذلك أنه اعتزل الناس وقعد عن حضور المحافل بضع عشرة سنة.

٢٤١

ومن أبناء أبي العباس العنبريّ : الشيخ أميرك الكاتب (١) ، وأخوه الشيخ أبو نصر الكاتب ، والشيخ أبو القاسم الكاتب ، وقد وجد ثلاثتهم الحظوة والمكانة في عهد المحموديين ، وللشيخ أميرك الكاتب ، وهو أبو الحسن أحمد بن محمد البيهقيّ الملقب بأميرك ، وأخوه أبو نصر ، ضياع وممتلكات كثيرة ببيهق.

والشيخ أميرك هو الذي بنى القصر الذي جعله الأجل الشهيد حسين البيهقيّ اليوم مدرسة ، وكان قصره فيما مضى :

إنّ آثارهم تدلّ عليهم

فانظروا بعدهم إلى الآثار

وكان الشيخ أميرك قد حمى قلعة ترمذ من السلاجقة خمسة عشر عاما ، فلما انقطع أمل الخراسانيّيين من المحموديين سلم قلعة ترمذ إلى ملك الملوك جغري (٢) ؛ فعرض عليه جغري وزارته ، فقال : لن أخدم من كان فيما مضى مأمورا مطيعا لي ، ثم أنشأ قائلا هذا البيت :

فيا ليتكم لم تعرفوني وليتني

تسلّيت عنكم لا عليّ ولا ليا

__________________

(١) المتوفى سنة ٤٤٨ ه‍ كما سيذكر المؤلف ، وهو من كبار رجال بلاط مسعود الغزنويّ (تاريخ البيهقيّ ، ٧١٩). أما أخوه أبو نصر فقد ذكره أبو الفضل البيهقيّ ضمن وقائع عهد مسعود سنة ٤٢٦ ه‍ ووصفه ب «صاحب بريد الري» (ص ٤٩٨). ونرجح أن أخاه أبا القاسم هو الذي كان يدعى «صاحب بريد بلخ» في بلاط مسعود وقد توفي سنة ٤٣٠ ه‍ (تاريخ البيهقيّ ، ٦١٧). نشير إلى أن مجموعة لا بأس بها لرسائل أميرك الكاتب قد وردت في تاريخ البيهقيّ ، فلتراجع هناك.

(٢) جغري بك داود بن ميكائيل بن سليمان من الحكام السلاجقة ، توفي سنة ٤٥١ وقيل ٤٥٢ ه‍ (مجمل فصيحي ، ٢ / ١٦٢ ـ ١٧٥ ؛ عن تخلي الشيخ أميرك عن قلعة ترمذ وبقية الوقائع ، انظر : أخبار الدولة السّلجوقيّة ، ٢٧).

٢٤٢

ثم ذهب إلى غزنين وبنى هناك مدرسة.

وقد فوض إليه ديوان الإنشاء على عهدي السّلطانين مودود (١) وعبد الرشيد (٢) ، وكان كاتبا في آخر عهد السلطان فرخزاد (٣) ، ثم أقال نفسه من العمل.

وكان في عهد السلطان فرخزاد خادم ظالم قد استولى على الملك ، يقال له أبو الفتح الخاصّة ، وقد وقعت بينه وبين أميرك الكاتب يوما مجادلة ، قال الخادم خلالها لأميرك : يا جلف ، فقال أميرك :

لا تسبّنّني فلست بسبّي

إنّ سبّي من الرجال الكريم (٤)

[١٢١] ثم أمر الشيخ أميرك غلمانه أن يقيّدوه ، فقيّدوه وقتلوه في الزقاق الضيق الذي كان يؤدي إلى البساتين بغزنين ، ولم يعاتبه على ذلك أحد ، لفرط ما كان الناس قد رأوه من ظلم وسوء سيرة هذا الخادم.

توفي الشيخ أميرك بمرض القولنج في يوم الثلاثاء الثالث عشر من شوال سنة ثمان وأربعين وأربع مئة.

وكان أخوه أبو نصر الكاتب عميد الري ووزير السلطان مسعود بن محمود.

أما أخوه الآخر أبو القاسم الكاتب ، فكان نائب الشيخ أبي نصر بن مشكان (٥) ،

__________________

(١) مودود بن مسعود الملقب بشهاب الدولة حكم بعد وفاة أبيه سنة ٤٣٢ ه‍ وتوفي سنة ٤٤١ ه‍.

(٢) عبد الرشيد بن محمود الغزنوي حكم منذ ٤٤٠ ه‍ وقتل سنة ٤٤٤ ه‍.

(٣) فرخزاد بن مسعود بن محمود الغزنويّ تولى الحكم في ٤٤٣ وبقي فيه حتى ٤٥١ ه‍ (أخبار الدولة السّلجوقيّة ، ١٥).

(٤) في تاج العروس (سبب) من قصيدة لعبد الرحمن بن حسان بن ثابت يهجو فيها مسكينا الدارمي.

(٥) العميد أبو نصر بن مشكان الزّوزنيّ المتوفى سنة ٤٣١ ه‍ ، صاحب السر وكاتب إنشاء السلطان محمود

٢٤٣

الذي كان كاتب السلطان محمود ، وقد كتب الشيخ أبو القاسم هذا الرسائل التي ذهبت إلى ملوك البلدان.

وعند ما عزم السلطان محمود على التوجه إلى الري ، كتب رسالة إلى ولده السلطان مسعود طلب فيها أن يعيره الشيخ أبا القاسم الكاتب وهذه هي الرسالة :

من المعلوم أننا في هذا الوقت الذي اتجهنا فيه إلى بلاد الري ، نرى من الواجب وعلى سبيل الحزم والاحتياط ، أن نعيّن رجلا سديدا وذكيا لكي يستخلص لنا دقائق الرسائل والقصص ويعرضها علينا ، ولا يستطيع ذلك الغريب عنا ؛ ولا يمكن أن نعيد الشيخ أبا نصر بن مشكان إلى هذا العمل ، ولما كان الشيخ أبو القاسم قد أدى هذا العمل فيما مضى ، وهو رجل هرم وليس مشغولا بمعاقرة الخمر ، ونعلم أن له ابنا لا يقصر في مهامنا ، لذا نرى أن تسارعوا إلى إرسال ابنه ذاك ليكفينا أمر هذا العمل ، إن كان لا يرى مانعا في الاشتغال فيما نحن فيه ، وأن يختار له هناك نائبا يحل محله ، حتى ينتهي من عمله معنا فيعود إلى عمله السابق ، إن شاء الله.

وكان واحدهم يدعى العنبريّ بحكم النسب ، والكاتب بحكم الصناعة.

وقد ظل الشيخ محمد بن أميرك الكاتب حيا إلى الوقت الذي فتح فيه السلطان الأعظم سنجر غزنين (١) ، وبقي من أولاده وأحفاده هناك أكابر وأكارم كثيرون [١٢٢] وكان بيتهم بيت العلم والزهد ، ولأنهم قد خاضوا في أعمال السلطان ، فقد اضطرب الأمر على البعض منهم.

__________________

الغزنوي وابنه مسعود ، كان من الكتّاب المفلقين باللغتين العربية والفارسية ، توجد أنموذجات من نثره في تاريخ البيهقي (مجمل فصيحي ، ٢ / ١٦١ ؛ فرهنك فارسي ، أبو نصر مشكان).

(١) يحتمل أن يكون ذلك سنة ٥١١ ه‍ وهي السنة التي قاتل فيها السلطان سنجر بن ملك شاه أخاه سلطان الدولة أرسلان شاه في غزنة وانتصر عليه وسجنه (مجمل فصيحي ، ٢ / ٢٢١).

٢٤٤

وكان الشيخ أبو سعد محمد بن شاهك إبراهيم (١) بن محمد بن علي العنبريّ مستوفيا لناحية بيهق ، وكان ابنه تاج الأفاضل العميد شاه بن محمد العنبريّ حيا حتى سنة ثلاث وأربعين وخمس مئة ، وهو يشغل الأعمال الجليلة ، وكان من أركان دواوين الملوك وسوف نذكر أشعاره فيما بعد.

وجمال الدين أبو القاسم بن محمد بن أبي نصر بن جعفر العنبريّ المعروف بالشيخ أبي القاسم الكاتب ، الموجود الآن ، هو من أولاد ذلك الشيخ أبي القاسم الكاتب.

وقد صاهر أبو القاسم الكاتب ذاك ، جعفر العنبريّ الذي كان ابن عمه.

العقب من محمد العنبريّ : أبو جعفر ، وشاهك إبراهيم.

والعقب من شاهك إبراهيم : العميد أبو سعد محمد.

والعقب من أبي سعد محمد : العميد تاج الأفاضل شاه العنبريّ.

والعقب من أبي جعفر العنبريّ : أبو القاسم ، وأبو نصر ، وعلي.

والعقب من أبي نصر : جعفر ، ومحمد ، والحسن ، وأحمد.

والعقب من محمد بن أبي نصر بن أبي جعفر العنبريّ : جمال الدين سديد خراسان أبو القاسم ، وأمير.

والعقب من جمال الدين أبي القاسم : فخر الدين علي إلى الآن.

وقد أورد الشيخ أبو الفضل البيهقيّ في تاريخ المحموديين آثار الشيخ أميرك الكاتب وإخوانه بالتفصيل (٢).

__________________

(١) في الأصول : محمد بن شاهك بن إبراهيم ، والتصويب مما سيأتي في الأسطر اللاحقة.

(٢) أشرنا إلى آثار الشيخ أميرك فيما مضى ، ونذكر هنا ببعض منها مما ورد في تاريخ البيهقيّ (انظر الصفحات : ٣٦٥ ـ ٣٧٢ وسماه هنا أحمد فقط كما سماه كذلك في ٧١٩). أما قوله تاريخ المحموديين فهو التاريخ الذي طبع القسم المعثور عليه منه تحت عنوان تاريخ البيهقيّ.

٢٤٥

الحاتميّون

يرجع نسبهم إلى أبي جعفر محمد بن حاتم بن خزيمة بن قتيبة بن محمد بن علي بن القاسم بن جعفر بن الفضل بن إبراهيم بن أسامة بن زيد بن حارثة بن شراحيل (١) مولى رسول الله صلى الله عليه.

وكان زيد حبيب رسول الله صلى الله عليه ، وقد أعطاه المصطفى عليه‌السلام إمارة الجيش في حرب مؤتة ، وأمّر ابنه أسامة بعد ذلك ، وكان المصطفى عليه‌السلام قد قال في أثناء المرض الذي توفي فيه : «جهّزوا جيش أسامة» (٢).

وكان الشيخ أبو القاسم علي بن حاتم مشرف الدولة على عهد السلطان محمود [١٢٣] وأصبح صاحب البريد مدة ، وقد كتب المنشور الذي عهد فيه إليه بهذا المنصب من ديوان سلطان السلاطين مسعود بن محمود على هذه الصفة : كتابنا ـ أطال الله بقاء شيخي ومعتمدي ـ ونعم الله تعالى عندنا متظافرة ، ومنحه لدينا متواترة متوافرة ؛ والحمد لله رب العالمين ، والصلاة على نبي الرحمة محمد وآله الأخيار الأبرار المنتجبين ؛ وصل كتابك وفهمناه ، وأحطنا بما أنهيته أجمع وتصورناه ؛ واعتددنا بما تنهيه ، وكنت تتوخى التقرب إلينا فيه ؛ إنهاء لطارئ الأخبار والأنباء ،

__________________

(١) في الأصول : بن شرحبيل ، والتصويب من المصادر التاريخية والرجالية ، وقد ورد في الأنساب (٥ / ٧١) ... بن زيد بن حارثة بن شراحيل الكلبي الكسي ، قدم مرو في رجب سنة ٣٣٩ ه‍ وتوفي في توجهه إلى الحج سنة ٣٣٩ ه‍ (انظر أيضا : تاريخ نيسابور ، ١٨١ حيث اكتفى بقوله : محمد بن حاتم الكشي).

(٢) فتح الباري (٧ / ٨٧ ، ٨ / ١٥٢ ، وفيه : أنفذوا بعث أسامة) ؛ المعجم الكبير للطبراني (٣ / ١٣٠) ؛ مفردات غريب القرآن (ص ٥٠١ ، وفيه : نفذوا ، وكذلك في المعيار والموازنة ، ٢١١) ؛ تاريخ مدينة دمشق (٢ / ٥٧) ؛ سبل السلام (٣ / ١٠٤ ، بعث أسامة) ؛ مسند أسامة بن زيد (ص ٣٥ ، وفيه : أمضوا بعث أسامة) ؛ الثقات لابن حبان (٢ / ١٦١) ؛ السنن الكبرى للبيهقي (٦ / ٢٦٦) ؛ الطبقات الكبرى لابن سعد (٢ / ٢٤٩).

٢٤٦

وتصويرا لما تجد من البأساء والضراء ؛ واهتماما بحفظ نظام الموكول إليك ، وجدّا فيما اعتمدنا بجميل رأينا عليك ؛ والوجه أن تستمر على هذه العادة ، وتتصور وقوع اعتمادنا على صرامتك وكفايتك في حفظ هذه الأبواب ، إلى أن ييسر الله حضورنا وامتداد راياتنا إلى تلك النواحي والأقطار ، واستضاءتنا بمصابيح تلك الأنوار ؛ إن شاء الله تعالى ، وحسبنا الله ونعم الوكيل.

واشتغل الشيخ أبو القاسم حاتمك مدة نائبا للشيخ أميرك الكاتب البيهقيّ في ديوان الإنشاء ، وكاتبا بالأصالة للسلطان مسعود ، وكان رجلا عفيفا ورعا ، وبيته من بيوت رؤساء نيسابور ، ولهم اتصال ببيت أبي نعيم الذي ذكرناه ، وكلا الأخوين : الشيخ الرئيس زين الرؤساء أبو القاسم علي ، والرئيس العالم الزاهد محمد ، أبناء الشيخ حاتم بن محمد بن الشيخ أبي القاسم علي ـ الذي كان صاحب السلاطين ـ بن حاتم بن أبي جعفر محمد بن حاتم بن خزيمة بن قتيبة ، وقد ذكرنا ذلك النسب.

قدم أولاد حاتم إلى القصبة ، وكان لهم أولاد وأحفاد بلغوا الكمال بالنعمة والمروءة والكفاية.

فقل في النصل وافقه نصاب

وقل في الأفق أشرق منه بدره (١)

والعقب من زين الرؤساء أبي القاسم علي بن حاتم (٢) : ضياء الرؤساء أبو نعيم [١٢٤] أحمد ، ومجد الرؤساء الحسن ، أمهما بنت الشيخ الرئيس الزّكيّ علي بن أبي نعيم الذي تقدم ذكره.

والعقب من ضياء الرؤساء أبي نعيم أحمد : أبو الفضل ، وعلي ، ومسعود ، وابن آخر في قرية بستان شاد.

__________________

(١) البيت للقاضي أبي أحمد بن محمد الأزدي الهرويّ (انظر : تتمة يتيمة الدهر ، ٢٣٦).

(٢) في الأصول علي بن أبي حاتم ، والتصويب في ضوء ما مر آنفا وما يأتي لا حقا.

٢٤٧

والعقب من مجد الرؤساء الحسن بن علي بن حاتم (١) : علي ، والأمير أبو سعد ، مات علي في شهور سنة خمس وخمسين وخمس مئة ، والعقب منه : محمد ، ولمحمد : الحسن ، وعلي.

والعقب من الشيخ محمد بن حاتم الزاهد المعتكف ، ذو الخط الحسن أبو الفضل.

والعقب من أبي الفضل : علي ، وجمال الأمراء محمد الأصيل.

السّالاريّون

ويرجع نسبهم إلى السالار أبي العباس المحسن بن علي بن أحمد المطّوّعيّ ، وكان أبو العباس هذا قائد الغزاة ، وقد ذهب مع المطوعة مرات إلى طرسوس (٢) للغزو ، وخلف الكثير من الأولاد والأحفاد والرؤساء والفضلاء من الحكام وذوي الفضل ، وكانت رئاسة القصبة برسمهم لمدة من الزمن ، وقد بقي منهم اليوم أشخاص متفرقون ودّع عهدهم الرفاهية.

وكلّ عمر إلى فناء

وكلّ ملك إلى زوال

ومن هذا البيت : الزّكيّ علي بن أحمد بن علي بن المحسن ، وعلي بن أحمد بن محمد بن المحسن ، والرئيس أصيل الرؤساء أبو عبد الله المحسن بن أبي نصر محمد بن علي بن المحسن ، ومحمد بن الحسن بن أحمد السالار.

والنسبة إلى السالار كثيرة في هذه الناحية ، إلا أن البيت القديم وأهل الفضل كانوا هم أهل هذا البيت.

__________________

(١) في مجمع الآداب (٤ / ٤١٥) مجد الدين أبو الحسين الحسن بن علي بن حاتم البيهقيّ.

(٢) عند ما كان ضغط الروم يشتد على ثغور البلاد الإسلامية كان أهلها يبعثون رسلا إلى شتى البلدان ـ ومنها خراسان ـ يستنفرون أهلها للجهاد مع إخوانهم لمواجهة الهجمات الرومية (انظر مثلا : القند ، ١٤٥ ؛ بغية الطلب ، ٧ / ٣٣٩٦).

٢٤٨

العمّاريّون

يرجع نسبهم إلى أبي محمد بن أبي عمرو بن أبي الحسن العمّاريّ ؛ وهو عبد الرحمن بن أحمد بن محمد بن إسحاق بن إبراهيم (١) بن عمار بن يحيى بن العباس ابن عبد الرحمن بن سالم بن قيس بن سعد بن عبادة الخزرجيّ [١٢٥] صاحب رسول الله صلى الله عليه ، ورضي عنه ـ وهو سيد الخزرج ـ وقد أقاموا في نيسابور ، حيث انتقل في ذلك الوقت بعض من أولاد أبي محمد العمّاريّ إلى ناحية بيهق.

ومن أقاربهم : أبو يعقوب إسحاق بن إبراهيم بن محمد بن إبراهيم بن عمار بن يحيى بن العباس (٢).

توفي أبو محمد العمّاريّ في ذي الحجة سنة أربع وتسعين وثلاث مئة وهو ابن سبع وخمسين سنة.

ومن أولاده : أبو الحسن علي بن الحسن العمّاريّ ، الذي صاهر الحاكم الإمام أبا سعد المحسن بن محمد بن كرامة صاحب التصانيف.

والعقب منه : نجم الدين محمد بن أبي الحسن علي بن الحسن العمّاريّ ، وأبو علي ؛ وقد درج أبو علي هذا.

أما نجم الدين محمد هذا فقد خاض في أعمال السلاطين وأشغالهم ، ساعده في ذلك الثروة واليسار ، وقتل مظلوما بمزينان في يوم الخميس الثالث من ربيع الآخر سنة تسع وأربعين وخمس مئة. والعقب منه بهاء الدين علي ، وبنات.

وكان يقال لجدهم عمار الخزرجيّ.

__________________

(١) في تاريخ نيسابور ، ص ١٦٨ : عبد الرحمن بن أحمد بن محمد بن إبراهيم ، إلا أن الذي ذكره المؤلف يتفق مع تسلسل اسمه الوارد في الأنساب ، ٤ / ٢٣٤.

(٢) توفي بعد ٣٩٠ ه‍ كما في الأنساب ، ٤ / ٢٣٤ ؛ انظر أيضا : تاريخ نيسابور ، ١٥٧.

٢٤٩

والعقب من عمار بن يحيى الخزرجيّ : إبراهيم بن عمار ، وأبو الحسن علي بن نصر بن عمار ، وإسحاق بن عمار ، ومحمد بن نصر بن عمار ، ومحمد بن إسحاق بن إبراهيم بن عمار الذي تقدم ذكره.

الشّدّاديّون

هم منسوبون إلى أبي إسحاق إبراهيم بن محمد بن إبراهيم بن شداد النيسابوريّ ، وكان الحاكم بناحية بست ، وهو من كبار أصحاب الحسين بن الفضل (١) ، توفي بنيسابور في سنة خمس وثلاثين وثلاث مئة ، وله عقب بناحية بيهق.

الأنماطيّون

ويرجع نسبهم إلى أبي إسحاق إبراهيم بن إسحاق بن يوسف الأنماطي (٢) ، توفي أبو إسحاق الأنماطي بنيسابور في سنة ثلاث وثلاث مئة.

وله عقب كثير في القصبة وفي قرية ششتمد ، أكثرهم صلحاء ودهاقين وزهاد ، ومن هؤلاء الأنماطيين [١٢٦] أبو الحسن علي بن الحسين بن بشر الأنماطي (٣) ، وكان راوية أشعار الأمير عبيد الله بن عبد الله بن طاهر ، مات سنة خمس وثلاثين وخمس مئة ، وأصله من قرية ششتمد يرجع في نسبه إلى الشيخ أبي محمد عبد الله بن محمد الأنماطي (٤).

والعقب منه : المقرئ أبو علي أحمد بن أبي محمد عبد الله بن محمد الأنماطي ،

__________________

(١) تاريخ نيسابور ، ١٣٤ ؛ الأنساب ، ٣ / ٤٠٩.

(٢) حدّث عنه ابن حبان كثيرا في صحيحه (انظر مثلا : ١ / ٢٨٤ ، ٣ / ٢٥٨ ، ٥ / ٣٧ ، ٧٠ ، ٧٤ ، ٢٢٨ ...) ، ودعاه الشيخ الصالح (١٢ / ١٠) ، وذكره الحاكم في تاريخ نيسابور (ص ١٠٦).

(٣) تاريخ نيسابور ، ١٤٠ ، وفيه أبو الحسين.

(٤) تاريخ نيسابور ، ١٦٦ ، وفيه الأنماطي الرمجاري.

٢٥٠

والحسن بن أبي محمد. والعقب من الحسن بن أبي محمد : محمد ، وعلي ، وأحمد المقرئ.

المحميّون

كان سعيد بن عثمان بن عفان أمير خراسان ، وقدم إلى ناحية بست عن طريق أصفهان ، ومن هناك ذهب إلى ناحية رخ ، وعندما وصل إلى قصبة بيشك مرض ، وتزوج هناك امرأة أنجبت له ابنا فسماه محمدا ، فهو محم بن سعيد بن عثمان بن عفان ، وبنتا سمّاها عينا ، وكانت عين هذه في حبالة الإمام محمد بن النضر البيشكيّ (١).

أولاد التّرك

كانوا كثيرين في نيسابور وبيهق ، ولم يبق منهم إلا القليل ، وهم أولاد أبي محمد يونس بن أفلح التّرك ختن (٢) الإمام يحيى بن يحيى التّميميّ (٣) ، ومن أبنائهم : الفقيه أبو علي بن الحسن بن علي بن يعقوب التّرك ، وأخوه حمزة ، وابن أخيه أميرك بن الحسين التّرك زعيم قرية أباري.

بيت الزّكيّ

يعود نسبهم إلى الزّكيّ أبي الطيب طاهر بن إبراهيم بن علي ؛ وكانت له ضيعة يكسب من غلتها ألفي درهم وعشرة دنانير ذهبا في كل عام ، [١٢٧] ورغم كثرة دخل

__________________

(١) نسبة إلى بيشك التي قال عنها ياقوت في معجم البلدان إنها قصبة كورة رخ من نواحي نيسابور (١ / ٧٩١). وفي الأصول : محمد بن النصر بالصاد والتصويب من تاريخ نيسابور (ص ١٠٤) حيث ترجم لأبيه وجده.

(٢) تاريخ نيسابور ، ١٠٦ والختن : الصهر.

(٣) يحيى بن يحيى بن بكر بن عبد الرحمن ، شيخ الإسلام وعالم خراسان ، أبو زكريا التّميميّ المنقريّ النيسابوريّ (١٤٢ ـ ٢٢٦ ه‍) (سير أعلام النبلاء ، ١٠ / ٥١٢ ـ ٥١٩).

٢٥١

وارتفاع الزّكيّ أبي الطيب هذا ـ بحيث كان معدودا في رؤساء بيهق ـ فقد كان يعرف بالكفاءة والكياسة والشهامة وقد قال العقلاء إنه لو كان يملك ثروة ، لخلف آثارا كثيرة في خراسان.

والعقب منه : الشيخ شاهك إبراهيم ، والشيخ محمد بن الزّكيّ طاهر بن إبراهيم.

والعقب من محمد الزّكيّ : سعد الملك أبو علي الحسين بن محمد بن طاهر ، وقد درج ولا عقب له ، وكان شمس الملك علي بن حاتمك حفيد الشيخ محمد الزّكيّ من قبل الأم.

وقد بقي عقب من الشيخ شاهك الزّكيّ إلى يومنا هذا ، وغير معلوم عقبهم الآن.

وكان الشيخ الحسين الدّاريّ (١) قد قال قصيدة بحق الشيخ الزّكيّ أبي الطيب على سبيل المطايبة ، ذكر فيها كواسج الناحية ، ومطلع القصيدة هو :

لحية طاهر بن إبراهيم

لحية من باب التعظيم

هل يستطيع أحد إحصاء شعرها

وهي كالخردل على الأديم؟

شغب الكواسج وجأروا

إن هذا ليس عدلا يا إلهنا الحكيم

أن يكون لواحد لحية بعشرة أطنان

وتكون شعرة واحدة عزيزة لدى آخر كالذهب؟

إن محمدا المختار ملك التّرك

له وجه [أمرد] كسمك «الشّيم» (٢)

القضاة

القاضي والفاميّ كثيرا ما يلتبس الأمر بينهما ، حيث إن ميم فامي هذه تكتب

__________________

(١) هو الحسين بن أحمد بن الحسين المعاصر لنظام الملك (٤٠٨ ـ ٤٨٥ ه‍) وسيترجم له المؤلف لاحقا.

(٢) سمك الشّيم هو سمك الأبراميس (bream) من فصيلة الشبّوطيات.

٢٥٢

مثلثة أحيانا ، فتقرأ بالتصحيف قاضيا (١).

وفامة : مدينة ببلاد الشام ، فيها فواكه كثيرة ، وهم يسمون بائع الفاكهة الفاميّ نسبة إلى تلك المدينة ، هكذا ورد في كتاب مبادئ اللغة.

أما القضاة فإن نسبتهم إلى القاضي أبي علي الحسين بن أحمد بن الحسن بن موسى القاضي (٢) الفقيه الأديب ، وله أولاد في ناحية بيهق ، ويدعى مواليهم بهذا اللقب أيضا ، فعندما يدعى أحد ب «فلان القاضي» ، [١٢٨] فالمقصود أولاد مواليه.

تولى القاضي أبو علي قضاء نسا وقضاء مدن كثيرة من البلاد ، وله في هذا الباب آثار محمودة.

ومن مشايخه : الإمام محمد بن إسحاق بن خزيمة ، وأبو العباس الثّقفيّ (٣) ، وابن الأنباريّ (٤) ، والصّوليّ (٥).

توفي ببيهق سنة تسع وخمسين وثلاث مئة ، وكان القاضي أبو علي مولعا بعلم النحو ، واختلف إلى القراريطيّ (٦) ، واختلف القراريطيّ إلى المبرّد ، رحمهم‌الله.

__________________

(١) علامة الجمع في الفارسيّة هي الألف والنون ، ولذا فإن جمع قاض وفامي هو : قاضيان ، فاميان ، ويمكن أن يؤدي ذلك إلى الخلط بينهما مما يمكن وقوعه عند النسخ.

(٢) حدث تصحيف في لقبه المطبوع من تاريخ نيسابور (ص ١٥٩) فكتب الفاميّ بدل القاضي ، وهو هناك الحسن بن أحمد والصحيح هو الحسين كما في المصادر حيث ذكره السمعاني بهذا الاسم (الأنساب ، ١ / ٤٣٩) وقد نقل ترجمة حياته من الحاكم النيسابوريّ وقال إنه الحسين بن أحمد ... البيهقيّ القاضي الأديب الفقيه وإنه توفي ببيهق سنة ٣٥٩ ه‍.

(٣) أبو العباس محمد بن إبراهيم السراج الثّقفيّ (٢١٨ ـ ٣١٣ ه‍) (الأنساب ، ١ / ٥٠٩).

(٤) أبو بكر محمد بن القاسم النحوي المعروف بابن الأنباريّ المتوفى سنة ٣٢٨ ه‍ (طبقات الحفاظ ، ٢ / ٣٥٠).

(٥) هو أبو بكر محمد بن يحيى الصّوليّ النديم المؤرخ والأديب المتوفى سنة ٣٣٥ أو ٣٣٦ ه‍.

(٦) القراريطيّ : أبو إسحاق محمد بن أحمد الإسكافي الكاتب وزر لمحمد بن رائق ثم للخليفة المتقي لله

٢٥٣

البزّازون

كانوا من أوساط المشايخ والتجار ، وهم بيت قديم من أهل الثراء والجاه ، ويرجع نسبهم إلى الشيخ أبي عبد الله محمد بن علي بن أحمد بن الحسن بن أحمد بن محمد الكرابيسيّ ، وكان له ثلاثة أبناء : محمد وعلي وشاهك.

العقب من شاهك : الحسين ، وحمزة ، وعلي ، وبنتان ، إحداهما أم الإمام النادر علي بن شاهك.

والعقب من علي بنتان.

والعقب من الحسين : الأديب الأصمّ (١) ، وهو الأطرف أبو القاسم ، وغيره.

وكان فخر التجار محمد بن علي البزّاز رجلا ذا جاه منعما ؛ روى الثقات أنه عند ما انتقل إلى رحمة الحق تعالى في شهور سنة اثنتين وعشرين وخمس مئة ، ترك ما يزيد على الخمسين [منا](٢) من السندس.

والعقب منه أبو القاسم وحده.

والعقب من أبي القاسم : علي ، وقد درج ، والحسن ، والحسين.

والعقب من الشيخ الحسن بن أبي القاسم بن محمد البزّاز الكرابيسيّ : أحمد ، وأبو سعيد ، وأبو القاسم ، وبنت.

والعقب من الحسين : محمد.

__________________

مرتين وصودر وصار إلى الشام وكتب لسيف الدولة الحمداني ، وكان ظلوما غشوما ، توفي سنة ٣٥٧ ه‍ (العبر ، ٢ / ٣١٥).

(١) المبرّد : محمد بن يزيد المتوفى سنة ٢٥٨ ه‍.

(٢) في شفاء الغليل (ص ٢٤٧): (منّ : مشدّد ، وزن معروف ويقال منا بالقصر ومثنّاه منوان وجمعه أمناء ، وعلى الأول منان وأمنان).

٢٥٤

الدّلقنديّون

كانت دلقند قرية عامرة مأهولة ، وقد نبغ فيها جماعة منهم : الفقيه محمد بن علي بن الحسن الدّلقنديّ ، وهو محمد بن علي بن الحسن بن علي بن فاطمة بنت الوزير أبي العباس الخير ، وأخت الفقيه محمد أمة الواحد ، كانت في حبالة السيد علي بن طاهر العلوي الحسينيّ.

والعقب من الفقيه محمد الدّلقنديّ : الفقيه علي [١٢٩] ، والشيخ أبو الحسن.

مات الفقيه علي في شهور سنة ثمان وأربعين وخمس مئة ، وكان من المتموّلين لوقف أبي العباس الخير ، والاعتبار في هذا الوقف وريوعه بالأقرب ، سواء كان ذكرا أو أنثى ، وقيل : إذا مات أحد من أرباب هذا الوقف فإن الأولياء يصابون بمصيبتين ، الأولى فقد عزيز ، والثانية الحرمان من ريع الوقف.

وكان في هذه القرية عالم مفسر ، وكان عندي تفسير من تصنيفه يقع في ثلاثة مجلدات ـ خلال الوقت الذي ابتليت فيه نيسابور بالغارات ـ وهذا المفسر هو أبو العباس أحمد بن محمد بن الحسن الدّلقنديّ المفسر (١). وقد ظلّت هذه القرية غير مأهولة زمنا طويلا ، كما بقيت قلعتها خربة.

الزّياديّون

وتعود نسبتهم إلى زياد الفارسيّ الذي يدعى زياد القباني ، لأنه كان أول من جاء بالقبّان إلى خراسان.

ومن أولاده : أبو علي الحسين بن محمد بن زياد (٢). وكان من أولاده بأرض بيهق

__________________

(١) لعله أبو العباس أحمد بن محمد بن الحسن الجرجانيّ المذكور في أدب الإملاء والاستملاء (ص ٢٠).

(٢) في تاريخ نيسابور ، ١١٣ : الحسين بن محمد بن زياد ، أبو علي القباني الحافظ أحد أركان الحديث وأستاذ محمد بن إسماعيل البخاريّ.

٢٥٥

الأمراء والعلماء والأكابر والدهاقين.

ولما جاء فخر الدولة علي البويهيّ ـ الذي كان الصاحب بن عباد وزيره ـ إلى خراسان لطلب النصر والفتح ، أرسل بلاط بخارى فائق الخاصّة (١) معه ، فاجتاز ببيهق ، وهناك قام الأمير أبو جعفر أحمد بن مسلم الزّياديّ بضيافته ، ثم إن خصمه بويه بن الحسن جاء إلى مزينان ، فوقع بينهما مصاف في الثالث من شعبان سنة اثنتين وستين وثلاث مئة.

وعند ما أعلن الأمير أبو علي محمد بن العباس التّولكيّ العصيان (٢) ، أرسل أمير خراسان صاحب الجيش ناصر الدولة أبو الحسن محمد بن إبراهيم بن سيمجور (٣) ، الأمير أبا جعفر أحمد بن مسلم الزّياديّ لحربه ، ففتح الأمير أبو جعفر القلعة التي تحصن فيها. فأعطاه الأمير أبو الحسن سيمجور تلك الولاية في سنة أربع وستين وثلاث مئة.

[١٣٠] وقد ذهب الأمير أبو جعفر الزّياديّ إلى أرض الغوريين ، وكان هناك

__________________

(١) أبو الحسن فائق بن عبد الله الخاصّة الأندلسي ، من القادة العسكريّين للسامانيين ، لعب دورا كبيرا في الوقائع التي جرت في خراسان وما وراء النهر. «ولي بمدن خراسان نيفا وأربعين سنة» (تاريخ الإسلام ، ١٨٦ ـ ١٨٧ ، حوادث ٣٨١ ـ ٤٠٠ ه‍) ، كما عين واليا على سمرقند في ٣٨٧ ه‍ (القند ، ٦٧٤) ، تم أصبح وزيرا في ٣٨٧ ه‍ لدى منصور بن نوح بن نصر (الكامل في التاريخ ، ٩ / ١٢٩ ، ط تور نبرغ). مات سنة ٣٨٩ ه‍.

(٢) في مجمل فصيحي ٢ / ٦٤ ، ضمن حوادث سنة ٣٤١ ه‍ ذكرت إغارته على مدينة طخاب (؟) ونهبها وتدمير مساجدها وقتله رجاله ، وطلب أهل طخاب عونا من هراة فجاء العون بقيادة بكجورك لكن العون لم يجد نفعا وأخيرا طلب التّولكيّ الأمان وذهب إلى هراة حيث رحّب به.

(٣) أبو الحسن محمد بن إبراهيم بن أبي عمران السّيمجوريّ الدواتي المتوفى سنة ٣٧٨ ه‍ ، أحد كبار شخصيات العهد الساماني والقادة العسكريّين فيه (انظر عنه : الأنساب ، ٣ / ٣٦٢ ؛ مجمل فصيحي ، ٢ / ٧٠ ـ ٧١ ، ٧٧ ... ؛ تاريخ نيسابور ، ١٧٧).

٢٥٦

كفار ، فهزمهم وسبى كثيرا منهم وجاء بهم إلى خراسان ، وكان الأمير أبو جعفر يكرر إنشاد هذه الأبيات :

ومثلي لا يقيم على هوان

لديك ولست أرضى بالهوان

فإن أكرمتني وعرفت حقّي

تجدني في النصيحة غيروان

وإلا فالسلام عليك منّي

دهورا لا أراك ولا تراني

وكان ابن الأمير أبي جعفر الزّياديّ وهو الأمير أبو الفضل زياد بن أحمد بن مسلم الزّياديّ قد أصبح واليا على بيهق في آخر عهد السامانيين ، وقد جرت العادة ـ في آخر عهد السامانيين ـ أن يؤخذ قسم من تركة كل من يموت من عمال الديوان ، فأضاف الأمير أبو الفضل الزّياديّ ببيهق إلى ذلك ، أنه كان يأخذ نصيبا من تركة كل ميت لا ابن له ـ حتى لو كان له ورثة آخرون ـ ومرّ وقت كان يأخذ من تركة كل متوفى حتى لو كان لديه أولاد ووارثون ، ولم يأت هذا الظلم بالبركة على الزّياديّين ، فلما حكم السلطان محمود [بن سبكتكين] أسقط ذلك الظلم ولم يرض عنه ، وأعطى الحق في ذلك لمن لهم الحق في الإرث من العصبة وأولي الأرحام.

وكان الأمير أبو الفضل زياد بن أحمد هذا في خدمة الأمير أبي علي سيمجور (١) ، وكذلك في خدمة الأمير أبي القاسم سيمجور (٢) ، وقد ألقي القبض عليهما معا

__________________

(١) هو محمد بن إبراهيم الملقب عماد الدولة والمظفر ، وهو نجل أبي الحسن سيمجور ، المقتول سنة ٣٨٧ ه‍ ، أحد كبار قادة الجيش الساماني في خراسان (انظر عنه : الأنساب ، ٣ / ٣٦٣ ـ ٣٦٤ ؛ مجمل فصيحي ، ٢ / ١٢٥ ، حوادث ٤١٢ ه‍ حيث ذكر الأمر الذي أصدره محمود الغزنويّ بجهد من أبي نصر بن مشكان الزّوزنيّ بإعادة العقارات والضياع التي صودرت من السّيمجوريّين الدّيوانيّين في نيسابور وقهستان وباخرز ، إلى ورثتهم باستثناء «أملاك أبي علي سيمجور الذي كان قد تخلى عن الإسلام وأصبح قرمطيا» ؛ تاريخ نيسابور ، ١٨٨).

(٢) أبو القاسم علي بن أبي الحسن محمد بن إبراهيم سيمجور ، شقيق محمد المذكور ، في الهامش السابق ،

٢٥٧

وحبسا ، فلما أحضر الأمير أبو الفضل ، بين يدي السلطان محمود ، أمر بإطلاق سراحه.

ولما ذهب السلطان محمود في ذلك الوقت إلى ولاية كابل ليستعيد حقه من أخيه الأمير إسماعيل بن سبكتكين ، أناب عنه الأمير زيادا في إمارة خراسان ، وأودعت دار الملك بنيسابور لديه [١٣١] وذلك في سنة ثمان وثمانين وثلاث مئة ، وقد توجّه الأمير أبو سعيد سيمجور (١) آنذاك إلى نيسابور ، فألقى الأمير زياد عليه القبض وحبسه ، وسكنت الفتنة ، ووصلت إليه من حضرة بخارى رسالة بمدحه.

وقد كان في حصن جومند ، عند ما أو كل أمر محاصرته إلى نصر بن الحسن بن فيروزان ـ وهو خال فخر الدولة علي بن بويه ـ ، حين عاد مستوحشا من قومس ؛ وكانت الذخائر والسلاح في ذلك الحصن كثيرة ، وأما قومس فقد كانت من ولاية الأمير شمس المعالي قابوس بن وشمكير.

وقد ظنّ نصر بن الحسن ـ لأنه أصبح نائبه في حصن جومند ـ أنه سيستولي على تلك النواحي وما فيها بتلك الوسيلة والعدة.

وكان نائب الأمير قابوس [آنذاك هو] حميد بن مهدي ، فوقعت نزاعات بين حميد والأمير زياد أدت إلى الحرب ، وقد وصل إلى حميد بن مهدي مدد من الديالمة والعرب من مدينة جرجان ، ولما لم تكن لزياد طاقة بذلك ، فقد انحدر إلى مزينان ، فأحاط به عدد كبير من العرب ، فما كان من غلمانه إلا أن تركوه ولم يبدوا أية مقاومة أو دفاع ، لكنهم :

__________________

توفي بعد ٣٩٥ ه‍ ، آخر أمراء الأسرة السّيمجوريّة ، تولى حكم قهستان مدّة خلال العهد الساماني (دائرة المعارف الإسلامية الكبرى ، الطبعة الفارسيّة ، ٦ / ١٦٥).

(١) أحد أفراد الأسرة السّيمجوريّة ، لكن لم نهتد إليه في المصادر.

٢٥٨

فرّوا وما كرّوا فتبا للعبيد وللموالي (١)

وذلك غدوة يوم الجمعة لليلة بقيت من شهر ربيع الآخرة سنة إحدى وتسعين وثلاث مئة ، ثم إن الأمير فياضا الذي كان مقدم العرب قام بأسر الأمير أبي الفضل زياد ، ونقله إلى جرجان ، وهناك أسلم زياد روحه إلى قابض الأرواح في ذي القعدة سنة إحدى وتسعين وثلاث مئة ، وقد قال الإمام علي بن أبي الطيب النيسابوريّ (٢) في رثاء الأمير زياد :

أمير ولكن ما على الموت آمر

زياد ولكن لا يزيد على العمر

عزيز ولكنّ الممات مذلّل

غنيّ وفي كفّ الممات أخو فقر

له مؤنس لكنّما الموت موحش

له خدم لكن تفرّد في القبر

فلا تأمننّ الموت يوما وليلة

فإنك في بحر ولا أمن في بحر

وقد أوكل الأمير زياد أمر حصن جومند إلى أبي نصر أحمد بن محمود الحاجب ، وأوكل أبو نصر ذلك إلى نصر بن الحسن بن فيروزان بحكم الصداقة التي كانت بينهما.

[١٣٢] ثم أمر الأمير قابوس بتدمير ذلك الحصن في رمضان سنة ثلاث وتسعين وثلاث مئة.

قال مصنف كتاب مزيد التاريخ (٣) : كنت قد ذهبت عند الأمير زياد ، وآثار الحزن عليّ ظاهرة ، فقال الأمير زياد : الجندي إذا مات حتفا موت العنز على فراش العجز ، ولم يمت قعصا تحت ظلال الحتوف ، بين الأسنة والسيوف ، فموته موت

__________________

(١) الشعر للأمير بدران بن صدقة الأسديّ كما في طرائف الطرف (ص ١٠٥).

(٢) هو علي بن عبد الله بن أحمد المعروف بابن أبي الطيب ، سيترجم له المؤلف لا حقا.

(٣) مر التعريف بهذا الكتاب فيما مضى.

٢٥٩

ذليل ، وعلى التخلف دليل.

ومن الزّياديّين الذي هم في بدء عهدي : الأمير الرئيس زياد بن مهدي بن عمرو بن الحسن الزّياديّ ، وليس له نظير في هذا الإقليم بفن الرماية ، وكان أرمى من ابن تقن (١) ، وقد بنى مسجدا في محلة معمر على رأس أسفريس ، والعقب منه : مهدي ومحمد وعلي. مات مهدي بن زياد في سنة ستين وخمس مئة.

والأمير محمد بن عمرو بن الحسن الزّياديّ ، والأمير الرئيس أبو جعفر الزّياديّ ، وابنه الأمير محمد ، وهو في هذا الوقت مقيم في قصبة مزينان ، وله أولاد وأعقاب وأحفاد.

أولاد كامة

قال مصنف مزيد التاريخ : كان الأمير علي بن كامة (٢) يتولى ولاية اللار ورويان وقلعة ستون أوند ، وكان ركن دولة آل بويه ، حتى قيل فيه : علي بن كامة ثغر آل بويه الذي عنه يفترون ، وأنفهم الذي به يعطسون.

وكان الأمير نصر بن بويه بن الحسن بن بويه ، صهر علي بن كامة ، وقد دخل في وهم الملك فخر الدولة علي بن الحسن بن بويه صهر علي بن كامة ـ وهو عم نصر بن بويه ـ أنّ عليا بن كامة يريد نقل الملك إلى صهره نصر بن بويه.

ولما كان علي بن كامة يحب البزماورد الحامض (٣) ، فقد وضع له سم في البزماورد

__________________

(١) في المستقصى في أمثال العرب (١ / ١٤٤) ومجمع الأمثال (١ / ٣١٥): «هو عمرو بن تقن العادسي وكان أرمى من تعاطى الرمي في زمانه».

(٢) أبو الحسن علي بن كامة قائد قوات مؤيد الدولة البويهيّ (اليميني ، الورقة ٢٤ أ ، حوادث سنة ٣٧١ ه‍) ، وهو أبن أخت ركن الدولة البويهيّ (تجارب الأمم ، ٦ / ١٧١ ـ ١٧٢ ، ٢١٦).

(٣) البزماورد ، ومعربه الزماورد ، في شفاء الغليل (ص ١٦٦): «زماورد والعامّة تقول بزماورد ـ وليس بغلط ـ الرقاق الملفوف باللحم. وفي كتب الأدب هو طعام يقال له لقمة القاضي ولقمة الخليفة ، ويسمى بخراسان نواله ، ويسمى نرجس المائدة وميسر ومهيئ». وفي فرهنك فارسي «بزماورد : خليط من اللحم والبيض

٢٦٠