تأريخ بيهق

فريد خراسان علي بن زيد البيهقي

تأريخ بيهق

المؤلف:

فريد خراسان علي بن زيد البيهقي


المحقق: يوسف الهادي
المترجم: يوسف الهادي
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار إقرأ للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٦٧٢

الذي لم تصل غايته مواقع الأقلام ومطالع الأوهام ؛ بينما عامر الشّعبيّ الذي تلقى أخبار هذه المغازي سماعا ، يرويها مفصلة كاملة أكثر من تلك المودعة في خزائن حفظنا.

ولما كان الأمر كذلك ، فإن كل من أعرض عن علوم التواريخ ، تطاولت عليه يد الدهر ، وانهالت عليه النوائب من كل الجوانب ، ولم يكن له طريق من المسموع والمنقول ينجيه من تلك الآفات ، فعقله لم يستنز بالتجربة ؛ لأن مسالك الأوهام ، ومناهج الأفهام ، قد بلغت بالقصص والأخبار غاية السعة ، والرجل العالم بالتواريخ يأنس بمعرفة التجربة ونورها :

بصير بأعقاب الأمور كأنّه

يرى بجميل الظنّ ما الله صانع (١)

[١٢] فائدة أخرى : إن التجربة من فضائل بني الإنسان ، والتجارب مقدمات معلومة في المعارف المعروفة ؛ وإن الوصول إلى الكمال إنما هو بمداد التجربة ، ومهما كان الفكر محكما وثابتا ، فإنه يتيه في ظلمة الوقائع ، وخوف الفجائع ، ولا يمكن لهذا الفكر أن ينور إلا بالتجربة ، والعيش لا يهنأ بسوى معرفة أسباب النفع ودفع الضر ؛ وأشجار الأخلاق لا تزدان إلا بتهذيب التجربة ، وإن من بين العقول عقلا يقال له : عقل التجارب ، فكما أن كمال الثمرة في النضج ، فإن كمال الفكر في التجربة ، ومن الأقوال السائرة على السن العامة قولهم للمجرب : نضيج الرأي.

وللتجربة ثلاثة طرق :

__________________

(١) عزاه التنوخي (الفرج بعد الشدة ، ٢ / ٤٣٩) لمسكين الدارمي ، والبيت هناك هو :

وأني لأرجو الله حتى كأنني

أرى بجميل الظن ما الله صانع

لكنه ورد مع أبيات أخر في عيون أخبار الرضا (٢ / ٧٨) منسوبا لواحد من أهل بيت الإمام موسى ابن جعفر ، وفيه : حتى كأنما.

١٠١

الأول : ما يكسبه الإنسان من الأمور التي يباشرها بنفسه حلوها ومرها.

الآخر : ما يراه في غيره من أترابه وأقرانه ممن عاشها وعاصرها.

والثالث : أن تصله أحوال وأخبار المتقدمين ، فيتيقّن أسباب سعادتهم وابتلائهم.

وليس بين الطرق الثلاثة المذكورة ما هو أكثر يقينا من أن يباشر الإنسان التجربة بنفسه ؛ ويليه ، أن يشاهد ما يقع للناس من أبناء عصره ؛ ثم ما يقرأه في التاريخ ـ بشرط أن يكون ناقله ثقة ـ فيكون كمن رآها بعينه فلا يفاجأ بشيء خلاف العادة والمعهود ، ويقيس ساحة أسباب عيشه بمقاييس العقل ، ويصيب بسهام آماله أهدافه ويتفرس بفراسته أنوار السعادة :

كريم خبير أخو مأقط

نقاب يحدّث بالغائب (١)

كما أوردنا ذلك في حديث الشّعبيّ.

[١٣] فائدة أخرى : إن المتأمل في التواريخ ، والعالم بأخبار الماضين ، يعلم أنه يشاور في كل حادثة وواقعة حدثت قبله ، من عهد آدم عليه‌السلام إلى عهده ، مجموعة من عقلاء العالم ؛ وهذا الأمر ـ العلم بأخبار الماضين ـ أكثر نفعا من المشاورة لأن الأكابر من الماضين والمتقدمين ، كانوا ينظرون إلى مصالحهم الخاصّة في الوقائع التي يبتلون بها ، بينما ينظر من يشاور في الوقت الحاضر إلى مصالح غيره ـ أي مصالح من يستشيره ـ واهتمام الناس بمصالحهم الخاصّة أصدق من اهتمامهم بمصالح الآخرين ، وهم أكثر حرصا على حفظها من حرصهم على حفظ ما للآخرين.

ولا شك في أن المتدبر في التاريخ ، في كل واقعة وقعت قبله إنما يغنم خلاصة عقول مجموعة من عقلاء العالم ، فتظل يد الفتنة ، وجيوش الوقائع والحوادث عن

__________________

(١) قائله أوس بن حجر كما في غريب الحديث (٤ / ٤٧٨) والفائق في غريب الحديث للزمخشري (١ / ٣٣١). والمأقط الموضع الذي يقتتل فيه. والنقاب الرجل العالم بالأشياء الفطن ، وصفه بالشجاعة في الحرب وبالفطنة.

١٠٢

نهب ذخائر أفكاره مغلولة ، ولا تقطع شيئا من علائق قدرته ؛ فيزداد نور تحمله ، ويخيط نظره العبرة بخيوط الغيرة ، ولا يتراكم غبار تشتت البال على فكره ، فيرد البلاء ، ويأمن القضاء ؛ يشتري نتائج عقول الماضين بالمجان ، ويستضيء بالنار التي أشعلها الآخرون :

سعدت بنو بكر بشعر مساور (١)

إن السعيد بغيره قد يسعد

وفي الحديث النبوي : «السعيد من وعظ بغيره» (٢).

ومحمد المصطفى ، الذي أضاء المشرق والمغرب بنور نبوته وجلالته ، وعطّر العالمان من روائحهما ، ودان جبابرة العالم لشريعته ، والنجاة في الدارين رهن إشارته [١٤] وانكشفت به رقوم خذلان المخالفين ، ورسوم أمن وأمان المتابعين ، ولا ينال نسخ النحوس من كوكب شريعته إلى يوم القيامة ويظل دائرا محفوظا بختم محبته ، ويهب نسيم الصبا على حضرته :

__________________

(١) هو مساور بن هند بن قيس بن زهير العبسي كما في شرح حماسة أبي تمام (٢ / ٦٦٥).

(٢) في المبسوط للسرخسي (١١ / ٢٤٢) ، وكذلك الأصول له (٢ / ١٢٤) من غير عزو ، وعزي في مسند الشهاب (١ / ٧٩) للنبي (ص) ، وكذلك في كتاب الزهد للحسين بن سعيد الكوفي (ص ١٤) ، وفي الأمالي للصدوق (ص ٥٧٧) أن الإمام جعفر الصادق سئل عن جملة من قصار الحكم كان من بينها «السعيد من وعظ بغيره» لمن هي ، فقال إنها للنبي (ص) ، وهو كذلك في من لا يحضره الفقيه (٤ / ٣٧٧) للصدوق أيضا تحت عنوان «ومن ألفاظ رسول الله الموجزة التي لم يسبق إليها». ونسب للإمام علي في نهج البلاغة (١ / ١٥٠) وكذلك في الغارات للثقفي (٢ / ٥٠٢) ، وفي المناقب للموفق الخوارزميّ (ص ٣٧٦) عن أبي الفضل أحمد بن أبي طاهر صاحب الجاحظ أن الجاحظ كان يقول زمانا «إن الأمير المؤمنين (ع) مئة كلمة ، كل كلمة منها تفي ألف كلمة من محاسن كلام العرب» ، وكان هذا القول من بينها. وعزي في كتاب السنة لابن أبي عاصم (٧٨) لعبد الله بن مسعود ، وكذلك في صحيح ابن حبان (١٤ / ٥٢).

١٠٣

السعادة لا تغادره كالصدق من الحق

والشرف لا ينفصل عن جوهره كالنور من النار

ليس من بني البشر من لم يثن عليه

ذلك أن الثناء عليه جوهر الكلام

فليكن قلبي هو الذي يقبّله

لأن محبته استقرت فيه

عند ما طلع خاتم سعادته ، وفلك حساب سيادته ، في حرب الأحزاب ، أخبره سلمان الفارسيّ رحمه‌الله ، بأن من رسوم العجم إذا داهمهم جيش جرار كالسيل ، وكحلكة ليل الأجل في سعته وانتشاره ؛ فلا يقر للمقاتلين قرار إلا على مراكب شجاعتهم ، وإلا أن تصاب نياط القلوب في زوايا خبايا الصدور بضربهم وطعنهم :

مغموسة في النصر يصدر عن يد

مملوءة ظفرا يروح ويغتدي (١)

* * *

في فعالهم كفعل السم في الكبد

وفي كثرتهم ككثرة الذرات في الهواء

لا تؤثر فيهم طوارق الحدثان

ولا يسعهم العالم الفسيح

جاءوا يحملون السيوف والحراب

لا بسين الدروع والمغافر

أي جيش هذا الذي أحل لنفسه الدم

كما أحلّ له حليب الأم؟

أ يوجد دنس في طباع هؤلاء القوم

الذين الآجال أحلى لديهم من الآمال؟

عند ما يقصد ـ أي ذلك الجيش ـ المدينة ، [١٥] ولا يقوى سكانها على مقاومته عند اختلاط الكتائب ، واختراط القواضب ، وتمكين الرماح من الصدور ، والسيوف من المفاصل والأعضاء ، ولا يجدون ملجأ وموئلا ومعقلا يلجأون إليه :

__________________

(١) من قصيدة للبحتري في المدح.

١٠٤

إذا هم نكصوا ، كانوا لهم عقلا

وإن هم جمحوا ، كانوا لهم لجما (١)

فإنهم يحفرون حول المدينة خندقا يحيطها كما تحيط الهالة القمر وقد سر المصطفى صلوات الله عليه من ذلك الكلام ، وقاس الواقعة التي هو فيها على الواقعة الماضية ، وأصدر أمره النبوي بحفر خندق يحيط بالمدينة بعرض عشرة أمتار وبعمق عشرة أيضا.

في الذاهبين الأولين من القرون لنا بصائر (٢)

ولأن المصطفى عليه‌السلام ـ مع كونه نبيا رسولا ـ قد انتفع من تواريخ وأخبار الماضين ، واستضاء بمصابيح أفكارهم في دفع البلاء ، فإن على العالمين الاقتداء بالمصطفى سيد ولد آدم صلوات الله عليه ، وأن يستفرغوا وسعهم في الاغتراف من بحار التواريخ وأنوار القصص ، والاعتقاد بأن ما فعله المتقدمون في حفظ مصالحهم ، ينبغي أن يكون درسا للمتأخرين :

وريش الخوافي تابع للقوادم (٣)

فصل : وليس هناك من هو أشد حاجة لهذا العلم ـ التاريخ ـ من الملوك والأمراء ، لأن كل مصالح الخلق مرهونة بفكرهم ودرايتهم ، وكل ما يقع في الممالك من خير وشر ، فتدبيره ودفعه منوط بأوامرهم ؛ وهم بحاجة إلى معرفة الحوادث ، ووقائع الملك ، ومكائد الحرب ، والتدابير التي اتخذها الملوك السابقون ، كما يحتاج الأطباء إلى أصول ومعالجات وكتب المتقدمين ، والأدباء والفصحاء إلى كتب وتصانيف

__________________

(١) من قصيدة لأبي تمام في ديوانه (٢ / ٨٥) ، وفيه : «كانت لهم» في الصدر والعجز.

(٢) نسبه الجاحظ في البيان والتبيين (١ / ٣٠٩) لقس بن ساعدة الإيادي ، وهو كذلك في ثمار القلوب (ص ١٢٢) ومجمع الأمثال (١ / ١١١).

(٣) البيت لبشار بن برد (الأغاني ، ٣ / ٢١١) وفيه :

ولا تحسب الشورى عليك غضاضة

فإن الخوافي عدة للقوادم

١٠٥

الماضين والأسلاف :

ولن تبلغ العليا بغير التجارب (١)

ثم إن الملوك عند ما يتدبرون التواريخ أو [١٦] تبلغ مسامعهم ، يرغبون في مكارم الأخلاق والعدل والرأفة وما فيه دوام الملك ، ويجتنبون ما هو سبب في البلاء والضرر وزوال الملك :

والنفس راغبة إذا رغّبتها

وإذا ترد إلى قليل تقنع (٢)

ونخص بذلك الأمير أو الملك ذا الهمة العالية ، الذي تقتضي همته أن يزيد في تفحص فضائل الملوك الماضين ، وتحصل لديه الغبطة والمنافسة كما هو حاصل بين الأقران :

هي النفس ما حسّنته فمحسّن

إليها ، وما قبّحته فمقبّح (٣)

فصل : إذا عرضت لأحدهم شبهة أن بعض التواريخ موضوعات ومفتريات وأساطير الأولين ، وأن التمييز فيها عسير ، لا متزاج الصدق بالكذب ، واختلاط الغث بالسمين ، والصواب بالخطإ ، فالجواب على ذلك هو أنه لا ينبغي لنا أن نأخذ بعين التحقير والتصغير وقلة المبالاة أي شيء يمكن أن ننتفع به منه ـ من التاريخ ـ و «كل ما سد جهلا فهو محمود» (٤) ، فالحكايات التي وضعت على ألسن الحيوانات في كليلة

__________________

(١) من قصيدة لبشار بن برد في المدح (الأغاني ، ٢ / ٢١١) ، وهو :

فإنك لا تستطرد الهمّ بالمنى

ولن تبلغ العليا بغير المكارم

(٢) من عينية أبي ذؤيب الهذلي الشهيرة.

(٣) لدعبل بن علي الخزاعي في ديوانه ، ١٦٢.

(٤) عجز بيت لكلثوم بن عمرو العتابي (تاريخ مدينة السلام ، ١٤ / ٥١٩) ، وصدره : بث النوال ولا تمنعك قلته.

١٠٦

ودمنة موضوعة للخبرة والتجربة ، وهي مفيدة ومقبولة بصورة عامة.

حكاية : حضر في زماننا نديم مجلس وزير اختاره لمجالسته ومنادمته ، وكان الوزير بخيلا ، ممسكا ، جعد اليدين ، فجرى في ذلك المجلس حديث سماحة وسخاء البرامكة رحمهم‌الله ، ولما كان ذلك الوزير يجد تلك الحكايات مخالفة لطبيعته وعاداته «الحر يعطي ، والعبد يألم قلبه» (١) :

وغيظ البخيل على من يجو

دأعجب عندي من بخله (٢)

[١٧] لذلك ظن أن تلك الحكايات مستحيلة وموضوعة ؛ فما أكثر الناس الذين يفتقرون لصفة ما في أنفسهم ، فيتوهمون عدم وجودها في غيرهم :

والأرض لو لا الغذاء واحدة

والناس لو لا الفعال أشكال (٣)

فقال ذلك الوزير : إن حكايات البرامكة هذه موضوعات ومفتريات ، فقال النديم : أطال الله في حياة الأمير وليّ النعم في سعادة ، وجعل ملكه نافذا في الموالي والأعيان ، إذا كان الأمر كذلك ، فلما ذا لم يفتروا أمثال هذه الحكايات الموضوعات والكرم المكذوب على سيدنا الوزير؟ ألا يعني هذا انعدام ذلك هنا ، ووجوده هناك؟ (٤)

الناس أكيس من أن يمدحوا رجلا

حتى يروا عنده آثار إحسان

فائدة أخرى : عادة ما يبتلى الملوك والأمراء بحفظ مصالح الملك ، وتغرق أفكارهم في تلك المعاني ، ويمكنهم الاستراحة من تحمل أعباء الملك بالتدبر وسماع التواريخ ، لأن خواطرهم وضمائرهم تصاب بالكلل والفتور والتعب والنصب الكثير ،

__________________

(١) يعني أن اللئيم يكره ما يجود به الكريم (مجمع الأمثال ، ١ / ٢١١ ، جمهرة الأمثال ، ١ / ٣٤١).

(٢) كلام للإمام علي : «وغيظ البخيل على الجواد أعجب من بخله» (شرح نهج البلاغة ، ٢٠ / ٣٠٤).

(٣) للبحتري من قصيدة في المدح.

(٤) الكلام لأبي العيناء وهو يردّ على صاعد بن مخلد الذي قال : هذه من موضوعات الوراقين وكذبهم (نشوار المحاضرة ، ١ / ١٦) ، والبيت الآتي في رسائل أبي بكر الخوارزميّ (ص ١٥٧) بلا عزو.

١٠٧

وليس هناك علم أكثر ملائمة لهم من علم التواريخ في أوقات الانبساط والراحة.

فصل في ذكر البلدان

نذكر في هذا الفصل البلدان المشهورة ، والنواحي في الربع المعمور من العالم : بلاد الزنج التي تدعى زنجبار (١) ، واعظم مدنها تدعى سفالة (٢) الزنج وقنبله ؛ بلاد السودان وهي في انتهاء عمارة أقصى المغرب وأكبر مدنها يقال لها غانه ؛ بلاد اليمن ومدنها العظيمة هي صنعاء [١٨] وعدن ونجران ؛ بلاد الهند ، وفي هذه البلاد كثير من المدن الكبيرة ، يقال للواحدة منها نرسي ، حتى إن السلطان محمودا عندما شنّ الغارة على هذه المدينة بمائة ألف فارس ، لم يتمكن جيشه منذ الفجر حتى وقت الظهر ، إلا من نهب سوق العطارين في المدينة ، ولم يكن باقي أهل المدينة يعلمون بذلك ، ثم خرج الجيش منها وخاف أن يظل فيها ، وقيل إن هذه الغارة شنّها الأمير أحمد بن ينالتكين ، الذي كان طليعة الجيش (٣).

ومن مدنها الأخرى نهروالة التي قيل إن أفيالا كثيرة تحمل منها في كل يوم ثياب الغسالين إلى الصحراء ؛ بلاد الصين ، ومدينتها الكبيرة سنقو (٤) ؛ بلاد الإسكندرية ؛ بلاد مصر ؛ بلاد البوارج (٥) ؛ بلاد السند ؛ بلاد تركستان ؛ بلاد البربر ؛ بلاد إفريقية ؛

__________________

(١) جزيرة مرجانية في المحيط الهندي تؤلف مع تنغانيقا دولة تنزانيا.

(٢) ميناء بموزمبيق الحالية ولم يتغير اسمه عبر القرون.

(٣) في الكامل في التاريخ حوادث ٤٢١ ه‍ أن الذي شن الغارة هذه كان أحمد بن ينالتكين بمائة ألف فارس ، ثم ذكر شيئا من التفاصيل المذكورة هنا (٨ / ١٨٦).

(٤) يمكن أن تكون الكلمة خنفو وصحّفت إلى الشكل أعلاه ، وهي خانفو التي قال عنها أبو الفداء (ص ٣٦٤) بقوله : «خانفو المعروفة في زماننا بالخنساء» ، وقد وصفها معاصره رشيد الدين (تاريخ جين ، ٨٠) بقوله : «مدينة في غاية السعة تدعى الخنساء قطرها من السور إلى السور عشرة فراسخ ... ونادرا ما يعرف أهل المدينة بعضهم بعضا بسبب كثرة عددهم». وتقول وانغ إي دان : إن اسم المدينة الحالي هوHangzhou وكانت مقر دولة سونغ الجنوبية (١١٢٧ ـ ١٢٧٩ م) (تاريخ جين ، ١٦٦).

(٥) في الأصل البوازيج. ولورودها قبل السّند ارتأينا أنها البوارج المذكورة في القانون المسعودي (٢ / ٥٥٢).

١٠٨

بلاد الأردن ؛ بلاد الشام ؛ بلاد العرب وتهامة ؛ بلاد العراق ؛ بلاد الأهواز ؛ بلاد فارس ؛ بلاد كرمان ؛ بلاد عمان ؛ بلاد جيلان ؛ بلاد الديلم ؛ بلاد شروان ؛ بلاد طبرستان ؛ بلاد مازندران ؛ بلاد قومس ؛ بلاد قوهستان ؛ بلاد كابل ؛ بلاد بست ؛ بلاد الغور وغرشه ؛ بلاد سجستان ونيمروز ؛ بلاد خوارزم ؛ بلاد خراسان ؛ بلاد سقسن (سقسين) (١) وبلغر ؛ بلاد فرغانة ؛ ما وراء النهر ؛ ثغور الروم ؛ الأرمن ؛ بلاد الكرج ؛ بلاد الروم ؛ [١٩] بلاد آذربيجان ؛ بلاد الخزر ودار ملك اليهود (٢) ؛ بلاد الروس والآلان ؛ بلاد الصقالبة ؛ بلاد طخارستان ؛ بلاد بلور ؛ بلاد قشمير ؛ بلاد الثلج ؛ بلاد السغد ؛ بلاد الصّغانيان والقتا (الخطا) (٣).

تلكم هي خمسون بلدا معتبرا ، ولكل بلاد منها نواح كثيرة ، وفي كل ناحية فيها أرباع كثيرة ، والله تعالى أعلم.

فصل في أعداد التواريخ المشهورة

إن أول من صنف المغازي والتواريخ في الإسلام هو محمد بن إسحاق بن يسار (٤) ، وكان من التابعين ، صدوقا وأمينا ، وقيل إن جده يسارا كان مولى المصطفى عليه‌السلام ، بينما قال بعضهم إنه كان مولى قيس بن مخرمة بن المطلب بن عبد مناف ،

__________________

وتحقيق ما للهند (ص ١٦٧) حيث قال البيروني : «البوارج لصوص ومواضعهم كج وسومنات ، وسموا بهذا لأنهم يتلصّصون في الزواريق واسمها بيرة» (انظر أيضا : الجماهر ، ١٢٣).

(١) كتبناها بالشكلين معا كما وردت في الأصل وفي مخطوطتي برلين وطاشقند لأنها تكتب بهما (انظر : تقويم البلدان ، ٢٠٢ ، ٢٠٣) ، كما تكتب سخسين (انظر تحفة الألباب ، ١١٣) ؛ قال عنها الكاشغريّ في ديوان لغات التّرك (١ / ٣٦٥): «سخسين : بلدة قرب بلغار» ، والمقصود ببلغر هو موطن الشعب البلغاري ، تقع سقسين على نهر طنابرس (تقويم البلدان ، ٢٠٥) وهو نهر الدنيبر.

(٢) كان الخزر شعبا وثنيا لكنهم اعتنقوا اليهودية حوالي سنة ٧٤٠ م (انظر : إمبراطورية الخزر ، ٨٤).

(٣) بلاد الخطا : بلاد الصين.

(٤) مؤلف السيرة النبوية الشريفة وقد توفي سنة ١٥١ ه‍.

١٠٩

ولهذا قالوا ، محمد بن إسحاق بن يسار القرشيّ ، لأنه كان من موالي قريش.

وجاء بعده وهب بن منبه اليماني (١) وأخوه همام بن منبه ؛ وكان وهب تابعيا ، روى عن جابر بن عبد الله الأنصاريّ ، وألف كتاب المبتدأ.

وكان بعد ذلك محمد بن جرير الطّبريّ ، الذي كان خال أبي بكر الخوارزميّ الأديب ، وألف التاريخ الكبير ، ولي نسب عرقي بمحمد بن جرير المؤرخ ، كما أورد ذلك الحاكم أبو عبد الله الحافظ في تاريخ نيسابور (٢). والآخر فتوح أعثم (٣) ؛ وتواريخ الملوك لابن المقفع (٤) ؛ وكتاب تهذيب التاريخ (٥) ، وكتاب تجارب

__________________

(١) الأبناوي الصنعاني العالم بأساطير الأولين ولا سيما الإسرائيليات المتوفى سنة ١١٤ ه‍ (الأعلام ، ٨ / ١٢٥) ، وعليه ينبغي أن يكون متقدما على محمد بن إسحاق. وكتابه المبتدأ كان متداولا في أوساط الرواة يروونه (انظر مثلا : تاريخ مدينة السلام ، ٢ / ٣١٧ ، ١٢ / ٤٤١) ، أما شقيقه فهو «صاحب أقدم تأليف في الحديث النبوي وكان يشتري الكتب لأخيه وهب)) (الأعلام ، ٨ / ٩٤) وفي سير أعلام النبلاء (٥ / ٣١١)((صاحب الصحيفة الصحيحة وهي من نحو ١٤٠ حديثا ، توفي سنة ١٣٢ ه‍)).

(٢) فقد كتاب الحاكم النّيسابوريّ هذا ويوجد له مختصر مترجم إلى الفارسيّة وهو مطبوع.

(٣) كما في تاريخ جرجان ، فإن اسمه هو أبو محمد أحمد بن أعثم بن نذير بن حباب بن كعب الأزدي الكوفي ، قال السهمي إنه كان بجرجان وحدث بها (ص ٨١) والمعروف أنه توفي حوالي ٣١٤ ه‍.

(٤) عبد الله بن المقفع المقتول سنة ١٤٢ ه‍ ، أما كتابه هذا فنعتقد أنه هو نفسه كتاب سير ملوك الفرس الذي نقل منه حمزة الأصفهانيّ (تاريخ سني ملوك الأرض والأنبياء ، ١٨٣) ، وهو نفسه كتاب سير الملوك الذي روى المؤلف المجهول لكتاب نهاية الأرب في أخبار الفرس والعرب (ص ١) أن الرشيد طلب إلى الأصمعيّ أن يذهب إلى بيت الحكمة ويستخرجه (انظر أيضا : مقدمة فارس نامه ، ٥ ، ٧).

(٥) لأبي الحسن علي بن عبد العزيز بن الحسن الجرجانيّ المتوفى سنة ٣٩٢ ه‍ في ٢٣ من ذي الحجة ، المولود بجرجان والذي ولي قضاءها ثم قضاء الري وتوفي بنيسابور فحمل تابوته إلى جرجان (الأعلام ، ٤ / ٣٠٠ ؛ معجم المؤلفين ، ٧ / ١٢٣). وقد نسبه صاحب الذريعة (٤ / ٥٠٩) اعتمادا على النص

١١٠

الأمم (١) من تأليف الحكيم أبي علي مسكويه ؛ والآخر هو كتاب تواريخ آل بويه (٢) الذي ألفه الصابي وغيره.

[٢٠] والآخر كتاب اليميني (٣). وقد ألفت أنا كتابا بدأت فيه من حيث انتهى إليه اليميني إلى يومنا هذا ، عنوانه مشارب التجارب وغوارب الغرائب.

والتاريخ الآخر عنوانه مزيد التاريخ (٤) من تصنيف أبي الحسن محمد بن سليمان صنفه على عهد السلطان محمود.

وكتاب آخر لابن طباطبا العلوي في التواريخ والأنساب عنوانه التذكرة والتبصرة (٥) ، وهو جامع ومما يعتمد عليه.

__________________

الوارد أعلاه ، إلى مسكويه ، لكننا لا نجد في المصادر المتوفرة كتابا بهذا العنوان لمسكويه.

(١) لأحمد بن محمد مسكويه المتوفى سنة ٤٢١ ه‍ ، وأحدث طبعة له حققها الدكتور أبو القاسم إمامي وصدرت في ٧ أجزاء مع ذيله ، بطهران سنة ٢٠٠١.

(٢) لأبي إسحاق إبراهيم بن هلال الصابي المتوفى سنة ٣٨٤ ه‍ ، وعنوانه هو التاجي في الدولة الديلمية (ذيل تجارب الأمم ، ٣٣). وسماه الذهبي في سير أعلام النبلاء (١٦ / ٥٢٤) : التاجي في أخبار بني بويه.

(٣) ألفه أبو نصر محمد بن عبد الجبار العتبيّ المتوفى سنة ٤٢٧ ه‍ ، وامتاز ـ فضلا عن معلوماته التاريخية القيمة ـ بنثره الفني البليغ مما حدا بكثير من المؤلفين إلى كتابة شروح له ؛ وعنوانه منسوب إلى السلطان محمود الغزنويّ الملقب بيمين الدولة.

(٤) هو أبو الحسن محمد بن سليمان بن محمد ، وكما يقول ياقوت فإنه قد زاد بكتابه هذا على تاريخ ولاة خراسان للسّلّامي ، وعنوانه هو مزيد التاريخ في أخبار خراسان (معجم الأدباء ، ١ / ٤٥٦ ، ٢ / ٩٢٣).

(٥) ذكر المؤلف في كتابه لباب الأنساب (٢ / ٧٢٠ ، ٧٢١) اثنين باسم ابن طباطباهما : الإمام أبو عبد الله

١١١

وقد ألف الشيخ أبو الفضل البيهقيّ الذي كان كاتب السلطان محمود بن سبكتكين وكان أستاذ الصناعة والمستولي على مناكب وغوارب البراعة ، تاريخ آل محمود (١) بالفارسيّة ، ويقع فيما يزيد على ثلاثين مجلدا كان بعضها في مكتبة سرخس وبعضها في مكتبة مدرسة الخاتون مهد العراق رحمها الله بنيسابور.

تلك هي التواريخ والكتب التي كل واحد منها صراط الألفة ، وبساط الزلفة ؛ وحظائر الأنس ، ومحك خواطر ضمائر الإنس ؛ وأنوار الأوهام ، وأزهار الأفهام ؛ وأرواح أشخاص القدرة والعلم ، وقوانين الفصاحة والبراعة ، وغايات آيات المقامات ؛ وعناصر الآداب ، وأواصر الأنساب والأنساب.

في نظام من البلاغة ـ ما

شك امرؤ أنه نظام ـ فريد

ومعان لو فصّلتها القوافي

هجّنت شعر جرول ولبيد

حزن مستعمل الكلام اختيارا

وتجنّبن ظلمة التعقيد

وركبن اللفظ القريب فأدر

كن به غاية المرام البعيد (٢)

__________________

الحسين بن محمد بن القاسم بن علي بن محمد بن أحمد بن إبراهيم بن طباطبا وله كتاب تهذيب الأنساب ؛ والآخر الإمام أبو إسماعيل إبراهيم بن ناصر بن إبراهيم بن عبد الله بن الحسن بن محمد بن أحمد بن إبراهيم بن طباطبا مصنف كتاب ديوان الأنساب ومجمع الأسماء والألقاب وقال إنه «قريب العهد إلينا». ولم يذكر لأي منهما كتابا بالعنوان المذكور أعلاه.

(١) ألفه أبو الفضل تكملة لتاريخ محمود الورّاق الذي كان قد بدأ بتأليفه سنة ٣٥٠ ه‍ ودون فيه الحوادث منذ العصور السحيقة حتى سنة ٤٠٩ ه‍ وهي السنة التي بدأ فيها أبو الفضل البيهقيّ كتابة تاريخه الذي لم تبق منه سوى قطعة نشرت ثم ترجمت فيما بعد إلى العربيّة تحت عنوان تاريخ البيهقيّ (انظر : ص ٢٨٧ من هذا التاريخ حيث أثنى أبو الفضل كثيرا على محمود الورّاق هذا).

(٢) تاريخ مدينة السلام (٣ / ٥٩٤) من قصيدة للبحتري يصف فيها بلاغة محمد بن عبد الملك الزيات.

١١٢

ذكر تواريخ المدن والبلدان ومؤلفيها

تاريخ بغداد (١) : ويقع في عشرة مجلدات ، وبغداد هي التي يدعونها جنة الأرض ؛ وقال أبو إسحاق الزّجّاج : بغداد حاضرة الدنيا وما عداها بادية (٢) ، قال الشاعر (٣) :

[٢١] هيهات ، بغداد الدنيا بأجمعها

عندي ، وسكّان بغداد هم الناس

ومن عجائب بغداد أنه لم يمت فيها خليفة ، إلا المقتفي الذي توفي هذه الأيام (٤).

تاريخ مرو : من تأليف العباس بن مصعب (٥) ، وآخر من تأليف أحمد بن

__________________

(١) هو كتاب الخطيب البغداديّ ، تاريخ مدينة السلام.

(٢) نص كلامه في معجم البلدان (١ / ٦٨٥) وثمار القلوب (ص ٥١٢).

(٣) الشعر لابن زريق الكاتب الكوفي كما في معجم البلدان (١ / ٦٨٦) وقبله :

سافرت أبغي لبغداد وساكنها

مثلا ، قد اخترت شيئا دونه الياس

وهو أبو محمد بن زريق وكان معاصرا لأبي سليمان المنطقي (يتيمة الدهر ، ٢ / ٤٤٢).

(٤) توفي المقتفي لأمر الله محمد بن المستظهر بالله أحمد سنة ٥٥٥ ه‍.

(٥) نقل منه الذهبي في سير أعلام النبلاء (٨ / ٣٨١) وفي ميزان الاعتدال (٢ / ٦٤٩ ، ٤ / ١٧٣) وفي تذكرة الحفاظ (١ / ٣٧٠ ، ٣١٥ ، ٢٧٧) ، وهو أبو الفضل العباس بن مصعب بن بشر المروزيّ (تاريخ مدينة دمشق ، ٥٨ ، ٦٣ ، ٢٦٤ / ١٠٠ ؛ تاريخ مدينة السلام ، ١٦ / ١٩٤ حيث يرد فيه الإسناد التالي : «... أخبرنا قاسم بن القاسم السياري بمرو قال : حدثنا عيسى بن محمد بن عيسى بن عبد الرحمن قال : حدثنا أبو الفضل العباس بن مصعب بن بشر». وقد تكرر هذا الإسناد عشرات المرات في شتى المواضع من هذا المصدر (انظر مثلا : ٤ / ٤٣٣ ، ٦ / ٥٨٨ ، ١٣ / ٢٩٦ ...) ، أما السياري فهو أبو العباس القاسم بن أبي القاسم بن عبد الله السياري المروزيّ كان أحمد بن سيار جده فنسب إليه ، ولد في ٢٦٢ وتوفي سنة ٣٤٤ ه‍ (الأنساب ، ٣ / ٣٥٢) ، وأما الراوي عنه فهو أبو العباس عيسى بن محمد بن عيسى بن عبد الرحمن ... المروزيّ الكاتب الطّهمانيّ (الأنساب ، ٤ / ٨٨) الذي كان حيا في ٢٩٨ ه‍ (التدوين ، ٣ / ٤٩٢) وكان كاتبا للأمير إسماعيل بن أحمد الساماني (البلدان لابن الفقيه ، مقدمتنا للكتاب ص ٢٨ ـ ٣١ ، مع رواية طويلة له في ص ٦٤٠).

١١٣

سيار (١) ، وآخر من تأليف المعدانيّ (٢).

تاريخ هراة : وألف فيه اثنان ، واحد لأبي إسحاق أحمد بن محمد بن يونس البزّاز (٣) ، والآخر لأبي إسحاق أحمد بن محمد بن سعيد الحدّاد (٤).

تاريخ بخارى وسمرقند : من تأليف سعيد بن جناح (٥).

__________________

(١) في الأصول : أحمد بن يسار ، وهو تصحيف ، فالرجل هو أحمد بن سيار المروزيّ المتوفي سنة ٢٦٨ ه‍. وقد ذكر كتابه تاريخ مرو في شذرات الذهب (١ / ١٥٤) والعبر (٢ / ٤٣) والإعلان بالتوبيخ (ص ٢٧٦) وكشف الظنون (١ / ٣٠٣) ، ونقل منه الذهبي في سير أعلام النبلاء (٦ / ٥٣) وابن حجر في الإصابة (١ / ٢٦٤ ، ٥ / ٢٤٣) وفي تهذيب التهذيب (١ / ٣٩٢) ، والذهبي في ميزان الاعتدال (٢ / ٦١٦).

(٢) في كشف الظنون ضمن تواريخ مرو ورد أن إحداها لابن معدان. نقل منه ابن حجر في تهذيب التهذيب (١ / ٦٧) ؛ وذكره السمعاني (الأنساب ، ٥ / ١٥٣) بعنوان تاريخ مرو لابن أبي معدان ، وهو بهذا الاسم أيضا لدى ابن ماكولا (الإكمال ، ٢ / ٣٣٠ ، ٤ / ٥١ ، ٧ / ١٩٧) ؛ ونقل منه ابن عساكر في تاريخ مدينة دمشق (٢٩ / ٢١٧). واسمه الكامل كما في الأنساب (٣ / ٣٨٢ ، ٤ / ٣٠٦) أبو العباس أحمد بن سعيد بن أحمد بن محمد بن معدان. وقد ترجم له في مادة المعدانيّ (٥ / ٦٥٦) وقال إنه أزدي ولد سنة ٢٩١ وتوفي سنة ٣٧٥ ه‍ ؛ انظر أيضا : الإعلان بالتوبيخ ، ٢٧٦.

(٣) المتوفى بهراة سنة ٣٢٩ ه‍ (سير أعلام النبلاء ، ١٥ / ٢٩٠).

(٤) في شذرات الذهب (٢ / ٣٣٥) أبو إسحاق أحمد بن محمد بن ياسين الهرويّ الحدّاد مصنف تاريخ هراة المتوفى سنة ٣٣٤ ه‍ وكذلك في طبقات الحفاظ (١ / ٣٥٩) ونص الذهبي (سير أعلام النبلاء ، ١٥ / ٣٣٩) وفي ميزان الاعتدال (١ / ١٤٩) وابن حجر في لسان الميزان (١ / ٢٩١) على كونه مؤلف هذا التاريخ ، وقد ذكر في الإصابة وصحف اسم جده أحيانا إلى (ياسر) و (ثابت) بدلا من (ياسين) (٢ / ٦٨ ، ٥ / ٣٧٧ ، ٦ / ٣٧) ؛ الإعلان بالتوبيخ (ص ٢٨٥) ؛ كما نقل منه نصا السبكي في طبقات الشافعية الكبرى (٢ / ٢٩٥). ونقل منه ابن الأثير منه ابن الأثير في أسد الغابة (٤ / ٤١٥). اعتمد عليه معين الدين الأسفزاري الزمجي في كتابه روضات الجنات في أوصاف مدينة هراة ، الذي ألّفه سنة ٨٩٩ ه‍ (كشف الظنون ، ١ / ٩٢٢).

(٥) في الأصول : سعد ، وأخذنا بما ورد في المصادر التي ترجمت له ، قال ابن حبان (الثقات ، ٨ / ٢٧١) : سعيد

١١٤

تاريخ خوارزم : في مجلدين ضخمين من تأليف السري بن دلويه (١) ، ومن تأليف أبي عبد الله محمد بن سعيد (٢).

تاريخ بلخ : من تأليف محمد بن عقيل الفقيه (٣).

تاريخ نيسابور : واحد من تأليف أبي القاسم الكعبيّ البلخيّ (٤) ، وقد احترق ، وأصله في مكتبة مسجد عقيل ، والآخر من تأليف الحاكم أبي عبد الله محمد بن عبد الله

__________________

بن جناح ، أبو الحسن الزاهد من أهل بخارى يروي عن وكيع وإبراهيم بن عيينة ، وترجم له النسفي في القند (ص ١٩٢) ولم يذكر له سوى كتاب القبلة الذي يستفاد من النقول التي اقتبسها النسفي منه أنه كتاب في تراجم رجال الحديث (انظر الصفحات ١٣٩ ، ١٦١ ، ١٧٨) ، وفي الإكمال لابن ماكولا : «أبو الحسن سعيد بن جناح مولى قريش يلقب هزار تاره لزهده وعبادته» (٢ / ١٨٧ ، ٧ / ٤١٥). وسعيد بن جناح هذا هو غير الوارد بنفس هذا الاسم في كتب الإمامية (انظر مثلا : رجال النجاشي ، ١٨٢ ، ١٩٢ ؛ دلائل الإمامة ، ٥٥٤ ، ٥٦٢ حيث كناه أبا حسان ؛ قصص الأنبياء للراوندي ، ٩٤ ، وعشرات المصادر الأخرى) ، فشيوخ هذا غير شيوخ ذاك وكذلك الرواة عنهما.

(١) لم نجد له ذكرا فيما بين أيدينا من مصادر.

(٢) ضمن ذكر تواريخ خوارزم في كشف الظنون (١ / ٢٩٣) ورد الكافي في تاريخ خوارزم لأبي أحمد محمد بن سعيد بن القاضي المتوفى سنة ٣٤٦ ه‍ ، وفي طبقات الشافعية الكبرى : أبو أحمد محمد بن سعيد بن محمد بن عبد الله بن أبي القاضي المتوفى سنة نيف وأربعين (٣ / ١٦٤) ، وقد نقل السبكي ترجمته من كتاب الكافي في تاريخ خوارزم للخوارزمي ، وعليه فكتاب الكافي ليس لابن أبي القاضي ، وإنما هو لمحمود بن محمد بن العباس بن أرسلان الخوارزميّ المتوفى سنة ٥٦٨ ه‍ (ترجم له السبكي في طبقاته ، ٧ / ٢٨٩).

(٣) اسمه الكامل هو محمد بن عقيل بن الأزهر بن عقيل ، أبو عبد الله البلخيّ الفقيه كما في تاريخ مدينة دمشق (٢ / ٢٠٩ ، ١٠ / ٤٦٥) ، وقد ذكره مع كتابه هذا حاجي خليفة (١ / ٢٨٩) ، الذي نص على أن وفاته كانت في ٣١٦ ه‍ (انظر أيضا : هدية العارفين ، ٢ / ٣٠ ؛ طبقات الحفاظ ، ١ / ٣٣٣ ؛ شذرات الذهب ، ١ / ٢٧٤ ؛ سير أعلام النبلاء ، ١٤ / ٤٢٢).

(٤) ذكره حاجي خليفة (١ / ٣٠٨) ، وهو عبد الله بن أحمد بن محمود الكعبيّ البلخيّ المتوفى سنة ٣١٩ ه‍.

١١٥

ابن حمدويه بن نعيم بن الحكم الحافظ (١) ، وهو في اثني عشر مجلدا ، والآخر : تتمته وهو كتاب سياق التاريخ ، من تأليف الإمام أبي الحسن عبد الغافر الفارسيّ رحمة الله عليه (٢) ، وآخر باللغة الفارسيّة من تأليف أحمد الغازي (٣) في مجلدين.

تاريخ بيهق : للإمام علي بن أبي صالح الخواريّ (٤) رحمه‌الله ، وهو عدة أجزاء باللغة العربيّة ، وقد حال الأجل دون إتمامه.

كتاب الثار : من تأليف السّلّامي (٥) ، في تاريخ خوار.

__________________

(١) الضّبّيّ الطّهمانيّ المعروف بالحاكم النّيسابوريّ وبابن البيع (٣٢١ ـ ٤٠٥ ه‍) ، وصف السبكي تاريخه هذا فقال : «هو عندي سيد التواريخ» (١ / ٣٢٤). وهو مفقود الآن سوى ترجمة فارسية مختصرة له بقلم محمد بن حسين بن أحمد المعروف بالخليفة النّيسابوريّ (كان حيا في ٧١٧ ه‍) ، وقد طبعت هذه الترجمة في طهران بتحقيق الدكتور شفيعي كدكني سنة ١٩٩٦ م ، ومختصره هذا مفعم بالفوائد ، ومسجد عقيل أحد مساجد نيسابور الشهيرة وكانت تعقد فيه مجالس الإملاء والوعظ ودروس الفقه (انظر مثلا : الأنساب ، ١ / ١٤٤ ، ٥ / ٤٨٢ ؛ معجم البلدان ، ٣ / ٤٨٦ ؛ المنتخب من السياق ، ١٢٧ ، ٢١٧ ومواضع أخر). وهو منسوب لعقيل بن خويلد الخزاعيّ (الأنساب ، ٢ / ٣٥٩) ، وكانت فيه مكتبة ضخمة توقف عليها المكتبات الخاصّة (انظر مثلا : سير أعلام النبلاء ، ١٨ / ١).

(٢) عبد الغافر بن إسماعيل بن عبد الغافر بن محمد الفارسيّ (٤٥١ ـ ٥٢٩ ه‍) ، ويوجد لكتابه السياق هذا مختصر ومنتخب وكلاهما مطبوع.

(٣) أحمد الغازي ، دعاه المؤلف في لباب الأنساب (١ / ٤٩٨) الشيخ أحمد الغازي ونقل من كتابه تاريخ نيسابور.

(٤) الخواريّ نسبة إلى إحدى قرى بيهق ، وقد ورد اسمه كاملا في التدوين (٣ / ٢٢٤) : أبو الحسن علي بن أبي صالح بن علي بن محمد بن أبي صالح الخواريّ البيهقيّ ، وفي الخبر الوارد في هذا المصدر ما يفيد كونه حيا سنة ٥٢٦ ه‍ ، وقد نقل مؤلفنا من كتاب الخواريّ المسمى تاريخ بيهق في كتاب لباب الأنساب (٢ / ٥١٠ ، ٥١١ ، ٥١٢ ، ٥١٣ ، ٥٢١).

(٥) أبو علي الحسين بن محمد وسيترجم له المؤلف فيما بعد ، ولم يشتهر كتابه هذا شهرة كتابه التالي ، وقد وضع المؤلف فيما يبدو اسم المؤلف وسط عنوان الكتاب إذ أن عنوانه هو الثار في تاريخ خوار.

١١٦

تاريخ ولاة خراسان (١) : وهو أيضا من تأليف السّلامي ، وقد جمعت كتابي هذا تاريخ بيهق ، من تاريخ نيسابور الذي يعتبر أتمها ، ومن أجزاء كتاب الإمام علي بن أبي صالح الخواريّ رحمه‌الله ، ومن كتب أخرى ، وذكرت فيه بعضا من أنساب أهل بيهق وبيوتها القديمة ليكون أكثر إحاطة ، فرايات أبوابه مشرعة ، وفصوله برقوم الترتيب على ألواح التهذيب موزّعة ، وحروفه في أوعية التصحيح مودعة ؛ ومعانيه مصونة من الاضمحلال ، وألفاظه محروسة من الزوال.

[٢٢]تتغذى بها المسامع منا

فهي نعم الغذاء للأسماع

باب في فضائل بيهق

قال رسول الله صلى الله عليه : «ما أحد من أصحابي يموت ببلدة ، إلا كان قائدا ونورا لهم يوم القيامة» (٢).

__________________

(١) ظن حاجي خليفة (١ / ٢٩٢٩) أن الكتاب لأبي الحسن السلامي المتوفى سنة ٣٩٣ ه‍ ، وهو وهم. وقد نقل الدكتور بشار عواد معروف في تعليقاته على تهذيب الكمال معلومة عن المؤرخ مغلطاي بن قليج (٦٨٩ ـ ٧٦٢ ه‍) قال فيها : «ذكر أبو العباس أحمد بن الحسين السلامي في كتابه تاريخ ولاة خراسان ومن نسخة فيما قيل قرئت عليه ، فقلت ...». انتهى هامش الدكتور معروف ، قلت : سها قلم مغلطاي فتصور اسمه هكذا والصواب هو ما ذكر في الهامش السابق ، لكن معلومة مغلطاي مهمة في إفادتنا إلى وصول نسخة من الكتاب إلى القرن الثامن الهجري ، كما سها قلم العلامة آقا بزرك الطهراني (الذريعة ، ٥ / ٣ ، ٢٦ / ١٣٠) عند ما تصور أن مؤلف هذا التاريخ هو أبو الحسن محمد بن عبد الله السلامي الشاعر المنسوب إلى مدينة السلام بغداد. والكتاب مشهور جدا نجد منه نقولا في شتى المصادر التاريخية وكتب التراجم (انظر مثلا : عيون أخبار الرضا ، ١ / ١٧٥ ، ١٧٧ ؛ القند ، فهرس الكتاب ص ٨٦٣ ؛ تاريخ جرجان ، ٢٣٦ ؛ وفيات الأعيان ، ٣ / ٨٨ ، ٤ / ٤١ ، ٥ / ٣٥٧ ، ٦ / ٤٢٠ ، وفيه : أبو الحسين علي بن أحمد السلامي ، انظر فهرس الكتاب أيضا لمعرفة نقول أخرى من هذا الكتاب).

(٢) البيان والتعريف ، ٢ / ١٩٦ ؛ سنن الترمذي ، ٥ / ٦٩٧ ؛ فيض القدير ، ٥ / ٤٧٠ ؛ التدوين ، ٤ / ٣٦ ؛ تاريخ نيسابور ، ٦٧ ؛ تهذيب الكمال ، ١٩ / ٥٠٠ ؛ تاريخ مدينة دمشق ، ٢ / ٤١٣.

١١٧

وبمقتضى هذا الحديث ، فإن أي بقعة يستشهد فيها واحد من كبار الصحابة ، أو يودع الحياة عن طريق الأجل المسمى ، لها شرف على البقاع العاطلة عن هذا الشرف ، ويكون ذلك الصحابي النور والإمام لتلك الجماعة في يوم القيامة.

وقد وصل إلى أرض بيهق عدة من صحابة المصطفى صلوات الله عليه ، واختاروا المقام فيها ، وانتقل بعضهم إلى الدار الآخرة هناك كما سيأتي ذكره.

قال رسول الله صلى الله عليه : «خير بلاد خراسان نيسابور» (١) ، ولأن نيسابور أحسن بلاد خراسان ، كانت نواحيها أفضل النواحي.

وقد وصل عزير النبي عليه‌السلام إلى بلاد خراسان وأقام في كل المدن ، وذلك في الوقت الذي لم يبق فيه من بني إسرائيل أكثر من سبطين على الإيمان ، والسبب في ذلك أن إرمياء النبي عليه‌السلام ، كان قد أعطاه كمية من التراب ، وقال له : اتجه نحو المشرق ، وحيثما نزلت في مدينة ، زن هذا التراب بترابها ، فمتى ما رأيته قد تعادل معه في الوزن ، فانزل هناك.

وقد قدم إلى بيهق ونيسابور ، وذهب حتى بلغ مرو ، فرأى أن التراب الذي معه قد تعادل في الوزن مع ترابها ، فأقام هناك وبنى في مدينة مرو كنيسا ، وكان ذلك الكنيس معظما لدى بني إسرائيل ، وظل إلى عهد الملك أرسلان أرغو بن ألب أرسلان (٢).

ذكر من كان من الصحابة رضي‌الله‌عنهم ببيهق

أبو رفاعة نعيم بن أسيد العدويّ (٣)

[٢٣] كان من أصحاب المصطفى عليه‌السلام ، وقد هرب من السجن بنيسابور ،

__________________

(١) تاريخ نيسابور ، ٦٦. وهو من الأحاديث الموضوعة (انظر : تذكرة الموضوعات ، ١٢٠ ؛ ذيل تاريخ بغداد لابن النّجّار ، ٢ / ٧٤ ؛ لسان الميزان ، ٤ / ١١٥).

(٢) هو أرغون (أرسلان أرغون) بن ألب أرسلان كان والي خراسان وكان ظالما وكما يقول مؤلف أخبار الدولة السّلجوقيّة فقد «خرب كل حصن كان في خراسان ... قتل في سنة ٤٩٠ ه‍» (ص ٨٦).

(٣) ذكره الحاكم في تاريخ نيسابور (ص ٧٠) في الصحابة الذين وردوا نيسابور.

١١٨

وانقاد وامتثل لأمر الحق تعالى ، عندما ودّع الدنيا بين سبزوار وخسروجرد ، ومرقده في قرية خسروآباد ببيهق ، وقيل في رثائه الكثير ، وأحكمه :

أبا رفاعة قد أوقدت في كبدي

نارا تقطّع منها القلب والكبد

أبا رفاعة قد أمسيت منفردا

بأرض بيهق لا أهل ولا ولد

وكيف حال امرئ قد عال ناصره

وكيف حال يد قد خانها العضد

زهير بن ذؤيب وابن بشر الأنصاريّ

ماتا ببيهق ، فقال فيهما الحريش ؛ الأبيات للحريش لا للحصين ، كذا وصلت إلينا بالأسانيد الصحيحة العالية (١) :

أعينيّ إن أنزفتما الدمع فاسكبا

دما لا رضى لي غير أن تسكبا دما

على فارس لا يسقط الروع رمحه

إذا كان صوت المرء خوفا تغمغما

أعاذل إنّي كلّ يوم كريهة

أكرّ إذا ما فارس القوم أحجما

أ عاذل قد قاتلت حتى تبددت

رجالي وحتى لم أجد متقدما

أ بعد زهير وابن بشر تتابعا

وورد أرجّي في خراسان مغنما؟

أتاه نعيم يبتغيه فلم يجد

ببيهق إلا جفن سيف وأعظما

وإلا بقايا رمّة لعبت بها

أعاصير سابزوار حولا مجرّما

ويروى «أعاصير نيسابور» ، فزهير بن ذؤيب العدويّ من بني عامر بن مالك ، وابن بشر هو عثمان بن بشر.

__________________

(١) هو الحريش بن هلال السّعديّ ، وقد ذكر ياقوت في معجم البلدان (١ / ٨٠٤) ثلاثة أبيات منها قال إنها في رثاء قطن ، ويبدو أنه هو الصواب حيث سيذكر البيهقيّ في الترجمة التالية بيتين منها أيضا.

١١٩

قطن بن عمرو بن الأهتم

[٢٤] كان من الصحابة ، وله أولاد ببيهق ، يقال لهم إذا نسبوا : فلان القطنيّ ، وقد نجا من سجن أسلم بن زرعة ، الذي كان أمير خراسان ، وهو المذكور في الأمثال «ألأم من أسلم» (١) ، وانتقل ببيهق إلى الدار الآخرة ، وله أخ هو نعيم بن عمرو ، وقد رثاه (٢) :

إذا ذكرت قتلى الكرام تتابعت

عيون بني سعد على قطن دما

أتاه نعيم يبتغيه فلم يجد

ببيهق إلا جفن سيف وأعظما

الأمير المهلّب بن أبي صفرة (٣)

كان من صحابة المصطفى ، وقد روى عنه الحديث ، وكانت ابنته هند زوج عبد الملك بن مروان ، وكانت مشغولة بالغزل ، فقيل لها : أ تغزلين وأنت امرأة خليفة؟

قالت : لأني سمعت والدي المهلب بن أبي صفرة يقول : سمعت رسول الله صلى الله عليه يقول لنسائه : «أطولكن طاقة ، أعظمكن أجرا يوم القيامة ، وهو يطرد الشيطان ، ويذهب بحديث النفس» (٤).

__________________

(١) ورد في مجمع الأمثال (٢ / ٢٤٩): «ومن لؤمه أنه جبى أهل خراسان حين وليها ما لم يجبه أحد قبله ، ثم بلغه أن الفرس كانت تضع في فم كل من مات درهما ، فأخذ ينبش تربة النواويس ليستخرج ذلك الدرهم» (انظر أيضا : جمهرة الأمثال ، ٢ / ٢١٩).

(٢) ذكرهما ياقوت في معجم البلدان (١ / ٨٠٤) وأضاف إليهما :

وغير بقايا رمة لعبت بها

أعاصير نيسابور حولا مجرما

وهو البيت الوارد قبل أسطر في تاريخ بيهق.

(٣) ولاه عبد الملك بن مروان ولاية خراسان سنة ٧٩ فبقي فيها حتى وفاته في ٨٣ ه‍. وقد ذكره الحاكم ضمن قائمة الصحابة الذين دخلوا نيسابور (تاريخ نيسابور ، ٧٠).

(٤) من الأحاديث الموضوعة ، ورد في تاريخ مدينة دمشق (٧٠ / ١٩٠) وكذلك في المعجم الأوسط

١٢٠