تأريخ بيهق

فريد خراسان علي بن زيد البيهقي

تأريخ بيهق

المؤلف:

فريد خراسان علي بن زيد البيهقي


المحقق: يوسف الهادي
المترجم: يوسف الهادي
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار إقرأ للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٦٧٢

أتى شعر يفوق الشّعريين

ويزري حسنه بالنّيرين

ألذّ من التصابي والتصافي

وأحلى من وصال العاشقين

نماه معشر غرّ كرام

حماة الملك من وهن وشين

بنو إسحاق قد فخروا وباهوا

ببدر الدين شمس المشرقين

محمد بن منصور جواد

عفيف النفس وهّاب اليدين

وللأستاذ الإمام أحمد الميداني قصائد كثيرة في مدحه.

ومن شعر الشيخ محمد رحمه‌الله هذان البيتان المشهوران ، مع أنّ ديوانه يقع في عشرين طبقة من الورق :

[٢١٩] خدمت فضلي أعواما مجرّمة

لعل يوما من الأيام ينفعني

فما انتفعت به والحال يشهد لي

يا ليت معرفتي إيّاه لم تكن

القاضي الرئيس الإمام أبو الحسن السّيّديّ (١)

هو الإمام أبو الحسن محمد بن الإمام أبي بكر عبد الله بن الإمام المؤيد الملقب بالسّيّديّ أبي المعالي عمر بن قاضي القضاة الإمام أبي عمر محمد بن أبي سعد الحسين بن محمد بن يحيى البسطامي.

وكان الإمام الموفق ، والإمام المؤيد أحفاد الإمام شمس الإسلام أبي الطيب سهل بن محمد الصّعلوكيّ.

انتقل الإمام أبو الحسن السّيّديّ وأخوه أبو نصر المؤيد من نيسابور إلى خسروجرد.

اختلف الإمام أبو الحسن السّيّديّ إلى إمام الحرمين ، وتولى قضاء ناحية بيهق مدة ، وتولى مدة أخرى الرئاسة نيابة عن الأجل جمال الدين الحسين بن علي البيهقيّ ، ولم

__________________

(١) التحبير ، ٢ / ١٣٩ ـ ١٤٠ ؛ الأنساب ، ٣ / ٣٥٦ ، وفيه : أبو الحسن محمد بن عمر بن عبد الله ؛ معجم شيوخ ابن عساكر ، ٩٤٦١٢ ، ووصفه بأنه رئيس خسروجرد.

٤٠١

يكن نافذ الأمر في الرئاسة.

توفي بخسروجرد ليلة الجمعة الخامس والعشرين من شهر ربيع الأول سنة ثلاث وثلاثين وخمس مئة ، وكانت له مصاهرة مع شرف الرؤساء أبي عبد الله محمد بن الرئيس حمزة بن الفقيه الرئيس أبي عبد الله محمد بن يحيى (١) ، وقد رزق ثلاث مخدرات في آخر عمره من تركية كانت جاريته.

مات أخوه أبو نصر المؤيد في سنة سبع وعشرين وخمس مئة بخسروجرد ، رحمة الله عليه.

أبو الحسن علي بن أبي علي أحمد بن محمد الفلوي البيهقيّ (٢)

ولد ونشأ في خسروجرد ، وسمع الأحاديث من أبي زكريا يحيى بن إبراهيم المزكّي عن الأصمّ (٣).

الفقيه أحمد بن أبي علي السّويزيّ البيهقيّ (٤)

هو والد الحاكم أبي منصور ، وقد تقدم قبل هذا ذكر الحاكم أبي منصور وأخيه.

وكان من أولاده : الإمام أبو الفضل أحمد بن الحسين بن أحمد بن أبي علي

__________________

(١) عرّف المؤلف به فيما مضى وقال إن في قصره كانت دار رئاسة خسروجرد.

(٢) مرّ التعريف بشقيقه الحسين بن أحمد وكتب لقبه هناك : الفلوي ، وهنا كتب في مخطوطة المتحفة البريطانية : الفلفل ، وفي مخطوطة برلين : الفلفلي. وقد آثرنا كتابته : الفلولي لوروده هكذا في تاريخ مدينة دمشق (٩ / ٣٧١) ، ومنه يتضح أنه كان شيخا لشيخ السنة أبي بكر أحمد بن الحسين البيهقيّ (٣٨٤ ـ ٤٥٨ ه‍).

(٣) في الأصول : المذكر ، والتصويب من مؤلفات أبي بكر البيهقيّ ، حيث إن الفلوي هذا كان شيخه ، واسمه الكامل لدى البيهقيّ هو : أبو زكريا يحيى بن إبراهيم بن محمد بن يحيى المزكّي. (انظر : إثبات عذاب القبر ، ٢٧ ؛ فضائل الأوقات ، ١١٣ ، ٢٦٦ ؛ كتاب الأربعين الصغرى ، ١٥١). كما ورد في الأصول : «يحيى بن إبراهيم المذكر (صوبناه : المزكّي) الأصمّ» ، فصححناه بوضع «عن» ما بين معقوفتين ، وسيرد هذا السند بشكله الصحيح في ترجمة علي بن محمد بن حمدون وترجمة أبي بكر بن المعتز لاحقا.

(٤) في الأصول : السّوريّ البيهقيّ ـ وهو أحمد بن محمد بن الحسين السّويزيّ ـ وقد مرّ ذكر والده أبي منصور.

٤٠٢

السّويزيّ (١) ، وكانت لي معه صداقة حميمة ، وهو خال أولاد القاضي الإمام موفق الدين الحسين بن [٢٢٠] الإمام المفتي أحمد بن علي البيهقيّ ، توفي في شهور سنة ست وعشرين وخمس مئة ، رحمة الله عليه.

أبو الحسن علي بن محمد بن حمدون الفسنقري (٢)

من قرية فسنقر ، روى الحديث عن أبي زكريا (٣) عن الأصمّ (٤) عن ابن عبد الحكم ، وكان رجلا زاهدا وعابدا وعالما ومحدثا.

روى بإسناد صحيح عن المصطفى صلوات الله عليه أنه قال : «إذا أعطى الله أحدكم خيرا ، فليبدأ بنفسه وأهله وأنا فرطكم على الحوض» (٥).

وكان تلميذ الإمام أبي حامد الإسفرايينيّ ببغداد ، رحمة الله عليه.

الشيخ أبو بكر بن المعتز البيهقيّ (٦)

ولد ونشأ في قرية نزلاباد ، وقد رأيته ، وكان من المواظبين على مجلس شمس

__________________

(١) في الأصول : السّوريّ. فصوبناه ، وهو منسوب إلى سويز التي هي من قرى سبزوار.

(٢) حدث عنه شيخ السنة أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقيّ (٣٨٤ ـ ٤٥٨ ه‍) في شعب الإيمان (٢ / ٤٣٧) فقال «أخبرني بعض أصحابي يعرف بأبي الحسن علي بن محمد بن حمدون الخسروجرديّ بها وكان قد حجّ قبلي». وفسنقر قرية على بعد فرسخين من خسروجرد (تعليقات أحمد بهمنيار على تاريخ بيهق).

(٣) مرّ التعريف به آنفا وهو أبو زكريا يحيى بن إبراهيم بن محمد بن يحيى المزكّي.

(٤) هو أبو العباس محمد بن يعقوب بن يوسف الأمويّ ، الأصمّ النّيسابوريّ (٢٤٧ ـ ٣٤٦ ه‍) (السنن الكبرى للبيهقي ، ١ / ٥٥ ، ٧٤ ، ٩٧ ، ١٠٦ ، ١٥٦ ؛ تاريخ نيسابور ، ١٨٩ ؛ الأنساب ، ١ / ١٨٠).

(٥) صحيح مسلم ، ٧ / ٦٥ ؛ صحيح مسلم بشرح النووي ، ١٢ / ٢٠٣ ، وفيه : «الفرط بفتح الراء السابق إليه والمنتظر لسقيكم منه ؛ والفرط والفارط هو الذي يتقدم القوم إلى الماء ليهيئ لهم ما يحتاجون إليه» ؛ الآحاد والمثاني ، ٣ / ١٢٧ ؛ مسند أبي يعلى ، ١٣ / ٤٥٨ ؛ العمدة لابن البطريق ، ٤٢٠.

(٦) لم نعثر عليه في المصادر المتوفرة لدينا ، وقد توفي شيخه شمس الرؤساء أبو الحسن علي بن منصور بن محمد بن إسحاق ، سنة ٥١٩ ه‍ (المنتخب من السياق ، ٤٣٥).

٤٠٣

الرؤساء أبي الحسن علي بن منصور.

روى بإسناد صحيح عن أبي زكريا عن الأصمّ جده ، عن الرسول صلوات الله عليه ـ راوي حديث سراقة بن جعشم ـ أنه قال : خطبنا رسول الله صلى الله عليه فقال : «خيركم المدافع عن عشيرتي وعن أهل بيتي وأصحابي» (١).

المقرئ أبو عبد الله محمد بن عبد العزيز البيهقيّ (٢)

من قرية كهناب حمويه ، روى عن أبي زكريا عن الأصمّ ، فذكر في تلك الرواية عن رسول الله صلى الله عليه أنه قال : «من أظلّ رأس غاز ، أظلّه الله يوم القيامة ، ومن بنى مسجدا يذكر فيه اسم الله تعالى ، بنى الله له بيتا في الجنة» (٣).

الإمام أبو ذر محمد بن محمد المطّوعيّ النّيسابوريّ (٤)

هو أبو ذر محمد بن أبي الحسين محمد بن أبي القاسم عبد الرحمن بن محمد بن

__________________

(١) ورد هذا الحديث برواية نصها : «خيركم المدافع عن عشيرته ما لم يأثم» في المصادر التالية : سنن أبي داود ، ٢ / ٥٠٣ ؛ الجامع الصغير ، ١ / ٦٣٣ ؛ المعجم الأوسط للطبراني ، ٧ / ١٠٧ ؛ علل الدار قطني ، ٩ / ٢٤٩ ، ومصادر أخر.

(٢) لم نجد مصدر ترجمته. وقد عرّفنا بشيخه آنفا وهو أبو زكريا يحيى بن إبراهيم بن محمد بن يحيى المزكّي الذي يروي عن الأصمّ وهو محمد بن يعقوب بن يوسف الأمويّ ، أبو العباس النّيسابوريّ (٢٤٧ ـ ٣٤٦ ه‍).

(٣) في الأصول : من أظل رأس عابر ، والتصويب من المصادر التالية التي ورد فيها الحديث كاملا : «من أظلّ رأس غاز ، أظله الله يوم القيامة ، ومن جهز غازيا بجهازه حتى يستقل ، كان له مثل أجره ، ومن بنى مسجدا يذكر فيه اسم الله ، بنى الله له بيتا في الجنة» : مسند أحمد ، ١ / ٥٣ ؛ المصنف لابن أبي شيبة ، ٤ / ٥٩٩ ؛ مسند أبي يعلى ، ١ / ٢١٨ ؛ صحيح ابن حبان ، ١٠ / ٤٨٦ ؛ القند ، ٦٥٦ ؛ منتخب مسند عبد بن حميد ، ٤٣ ، ومصادر أخر.

(٤) هو شيخ لشيخ السنة أبي بكر أحمد بن الحسين البيهقيّ ، روى عنه في السنن الكبرى (انظر : ١ / ١٥٩ ، ٤ / ٢٧٦) وفيه : أبو ذر محمد بن أبي الحسين بن أبي القاسم المذكر.

٤٠٤

الحسن بن طلحة بن علي بن رجب ـ من أولاد أبي ذر الغفاريّ ـ شقيق أبي الحسين عبد الواحد بن محمد.

وكان أسلاف أبي ذر هذا علماء وغزاة ومطّوّعة ، توفي الفقيه أبو ذر المطّوّعيّ في الثالث عشر من شوال سنة إحدى وأربع مئة.

وعقبه : الفقيه أبو بكر عبيد الله ، وأبو سهل ، وانتقلا إلى سبزوار ، وقد بنى لهما الشيخ أبو القاسم بن عمرو [٢٢١] مدرسة في محلة شادراه ـ كما ذكرنا ذلك ـ ولم يبق منها اليوم كثير أثر.

والعقب من أبي بكر عبيد الله بن أبي ذر : القاسم.

والعقب من القاسم : علي ، ورشيد الأئمة أبو سعد المحسن بن أبي القاسم بن أبي ذر وهو حي الآن ، وله أولاد وأعقاب منهم الحسين المؤذن المعلم وناصر ومحمد.

الإمام نجم الأئمة أبو سعد المحسّن بن القاسم بن كامة (١)

هو من أولاد أمير الجيش علي بن كامة ، وقد ذكرنا علي بن كامة قبل هذا ، ونسبه : المحسن بن القاسم بن الحسن بن علي بن إبراهيم بن علي بن كامة الأسفهبد ، وكان لعلي بن كامة هذا ابنان : شاه فيروز ، وإبراهيم.

والإمام أبو سعد هذا كان تلميذ جدّ والدي الحاكم الإمام أبي علي (٢) ، وتلميذ الحاكم الإمام أبي سعد بن كرامة (٣) ، توفي الإمام أبو سعد بسبزوار يوم الثلاثاء منتصف ربيع الأول سنة سبع وعشرين وخمس مئة.

__________________

(١) مرّ ذكر جده الأكبر علي بن كامة الذي ورد ذكره في اليميني (٢٤ أ) بوصفه قائدا لجيوش مؤيد الدولة شقيق فخر الدولة.

(٢) هو أبو علي الحسين بن فندق بن أيوب الملقب بفخر القضاة (٣٩٩ ـ ٤٨٠ ه‍) وقد ذكر في أول الكتاب.

(٣) ترجم المؤلف له فيما مضى ، وهو المحسن بن محمد بن كرامة الجشميّ (٤١٣ ـ ٤٩٤ ه‍).

٤٠٥

والعقب منه : الإمام علي ، توفي علي بن أبي سعد بن كامة في شهور سنة خمسين وخمس مئة ، والعقب منه أبو سعد المحسن.

والعقب من أخيه أبي جعفر بن القاسم بن كامة : الحاجي المحتسب المعرف (المعروف) أبو القاسم علي ، ولأخيه الأكبر أيضا عقب في كروزد.

السيد الرئيس العالم أبو الحسن محمد بن علي بن أبي علي أحمد بن

أبي الحسن محمد بن أبي منصور ظفر الزّبارة العلوي الحسينيّ (١)

قال الشيخ علي بن الحسن بن أبي الطيب في كتاب دمية القصر بحقه : كريم طرفاه ، تنوس على العلم والشرف ذؤابتاه.

روى الأحاديث عن الحاكم أبي عبد الرحمن محمد بن أحمد الشّادياخيّ (٢) ، وعن الأمير أبي الفضل الميكالي (٣) ، وكان يلقب بجمال السادة ذي اللسانين ، قال في مدح نظام الملك :

أطيب نسيم هجت من مطلع الفجر

وصوب حيا جادت به ديمة تجري

ألمّا على عصر الشبيبة بلّغا

إليه سلامي ، جدّدا عنده ذكري

وقال :

ليهن بني إسحاق أرجاء دولة

تدور على قطب الزيادة والوفر

__________________

(١) مجمع الآداب ، ٤ / ١٤١ ؛ دمية القصر ، ٢ / ١١٣٥ ، وفيه : السويري ، وهو تصحيف ، وكناه بأبي الحسن ؛ لباب الأنساب ، ٢ / ٧٠٠ ـ ٧٠١ ، وفيه أن سويز من قرى بيهق.

(٢) هو أبو عبد الرحمن محمد بن أحمد بن محمد بن جعفر ، الحاكم العدل المزكّي الفاميّ الشّادياخيّ (وتكتب الشاذياخي أيضا) المترجم له في المنتخب من السياق (ص ٣٨) والمتوفى سنة ٤٤٠ ه‍.

(٣) أبو الفضل عبيد الله بن أحمد بن علي الميكالي الأديب الشاعر ، عقد له مجلس الإملاء في رجب ٤٢٢ واستمر ذلك إلى حين وفاته في ٤٣٦ ه‍ (الأنساب ، ٥ / ٤٣٣).

٤٠٦

يدبّرها خيراتها ويديرها

على نهر جار يمدّ بلا جزر

[٢٢٢] وقال :

أهو الشيخ تراه

أم ترى شيخا سواه

غاب عنا أطيباه

حين خانته قواه

إن تكن تبصر حيا

بعضه ميت فها هو

ولابنه السيد أبي طالب شعر بالفارسيّة ، وقصيدة غرّاء مطلعها :

أ إنّ من همّ هذا الدهر وهذه الآه

حيث ذهب كل ما هو سبب السرور والبهجة

اشتعل الرأس شيبا وأدبر إقبال العمر

اضطرب حالنا بيد الدهر ونام حظنا

أخوه السيد الرئيس العالم أبو علي أحمد بن علي بن أحمد بن محمد بن ظفر (١)

كان كأخيه السيد أبي الحسن في الفضل والزهد والورع ونزاهة النفس والصيانة ، وتجنب كل ما يثلم الدين والمروءة ، قال الإمام مسعود الصّوابيّ (٢) في مدحه :

يا سيدا نفسه لمّا علت صعدا

زهر الكواكب باخت في مراقيها

له مكارم لا تحظى بغابرها

صيد الكرام فلا تسمو لباقيها

يا من أبوه إذا ما أترعت برك

الفردوس شهدا تصدّى وهو ساقيها

أنشأ السيد أبو علي هذا في وداع أحد الأماجد من ذوي الثروة والمال شعرا هو :

__________________

(١) لباب الأنساب ، ٢ / ٧٠٠.

(٢) هو مسعود بن علي الصّوابيّ المتوفى سنة ٥٤٤ ه‍ ، وسيترجم له المؤلف لاحقا.

٤٠٧

حقيق عليكم يا أكابر عصرنا

إعانة حرّ ماجد قلّ ماله

فتى عاش أعواما بخير وهمة

فلما أباد المال خانته حاله

تمسّك بالتقوى لينسى فما خلت

من الغرم يوما نفسه وعياله

تخلّى عن الأوطان (١) في دار غربة

تعذّر فيها حلّه وارتحاله

أكابرنا عطفا علينا فإننا

بنا ظمأ برح وأنتم زلاله

الشيخ الرئيس العالم الحسين بن أحمد بن الحسين الدّاريج (٢)

ذكره الشيخ علي بن الحسن في كتاب دمية القصر. وكان من ذوي اللسانين ، قال في مدح نظام الملك :

[٢٢٣] هذا العلى بقنا الخطّيّ لا الخطب

وبالكتيبة لا الأقلام والكتب

والمرهفات تمشّى في صفائحها

فرندها كتمشّي الماء في اللهب

وللوزارة طرف ليس يركبه

إلا أغرّ كريم الخيم والنّسب

فمن علا ظهره دون النظام أبى

[إلا] على الحسن الموفي على الرتب

أتى بشنعاء ما أن تستقال ولا

تفضي بصاحبها إلا إلى العطب

وقد تولى حسين هذا رئاسة بيهق مدة بالنيابة عن رؤساء وأمراء جشم رحمهم‌الله.

وكان له ابنان : أبو نصر هبة الله ، وبدر الرؤساء أحمد.

والعقب من أبي نصر : علي ومسعود ، والعقب من علي : الأمير الإمام المعتوه محمد ، والأمير أسعد.

__________________

(١) في الأصول : عن الأوطار ، فرجحنا أنها الأوطان بقرينة «دار غربة».

(٢) دمية القصر ، ٢ / ١١٣٧ ، وفيه : «من تنّاء بيهق ودهاقينها» ؛ المنتخب من السياق (ص ٥٩١) ، وفيه : «الحسين بن أحمد بن محمد الدارع». قلت : «الدارع» هي تحريف «الدّاريج».

٤٠٨

وللأمير أبي نصر أشعار كثيرة بالفارسيّة ، وآخر أشعاره هذان البيتان :

إذا رماك نذل بسهم

لا تقف بوجهه مجادلا معاندا

اقبل نصيحتي ولا تشح بوجهك عنها

ادع له واسقه شراب الليل

وللشيخ أحمد أشعار بالعربيّة والفارسيّة ، ومدائح كثيرة في حق والدي وحقي ، ومن شعره هذه الأبيات التي ذكرتها في وشاح دمية القصر :

تصدّيت لي حتى تملكت مهجتي

وأذكيت في الأحشاء نارا توقّد

وهيأت أسباب الرحيل وأدمعي

يكفن سراعا والفرائص ترعد

وأحسب في نفسي خبالا وفترة

وكانت لريب الدهر لا تتبلّد

كذا حال من لم يصحب القلب جسمه

وأضحى على جمر الغضا يتردّد

قفوا قبل شدّ الكور نبغي رحالكم

فقلبي في بعض الظعائن يوجد

وإني لأرضى حكم يوسف فيكم

وحكم صواع عند من هو ينشد

والعقب من الشيخ أحمد أربعة أبناء كما تقدم : أبو المعالي ، والحسين ، وأبو سعيد عبد الله ، وعلي.

درج أبو المعالي قبل العشرين ، وقتل أبو سعيد بعد سنين من اشتغاله في عمل الناحية ـ كما سيأتي بعد هذا ـ في يوم [٢٢٤] السبت الثاني عشر من ذي القعدة سنة اثنتين وأربعين وخمس مئة مع ابنه أحمد.

ومات الحسين من الجوع في شهور سنة ست وخمسين وخمس مئة (فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خاوِيَةً بِما ظَلَمُوا)(١).

__________________

(١) سورة النمل ، الآية ٥٢.

٤٠٩

وقد اتصل الشيخ أحمد بن الحسين الدّاري في خدمة الملك العالم العادل عضد الدولة والدين علاء الدولة فرامرز بن علي شاه (١) ، وذهب معه إلى بلخ ، وهناك أسلم نفسه إلى قابض الأرواح في شهور سنة ست عشرة وخمس مئة.

الشيخ الإمام الزّكيّ أبو الفضل أحمد بن الحسين البديليّ (٢)

هو أبو الفضل أحمد بن الحسين بن إبراهيم بن الحسين بن بديل من أولاد بديل بن ورقاء الخزاعيّ ، وهم أجدادي من طرف جدة والدي من قبل الأم.

والعقب من أبي الفضل أحمد : الفقيه أبو القاسم علي ، ومن أحفاده الإمام الزاهد بدر الدين أحمد ، وجمال الأئمة علي ، وهما ابنا الفقيه محمد بن الفقيه الزّكيّ أبي القاسم علي بن أبي الفضل أحمد البديليّ ، وأمهما بنت عم أبي ، وهو القاضي الإمام سديد القضاة أبو الحسن علي بن الحسين بن فندق ، وقد ذكر الشيخ علي بن الحسن في كتابه دمية القصر الشيخ أبا الفضل هذا.

ومن بنات أفكار أبي الفضل هذه الأبيات التي قالها في شرف السادة البلخيّ (٣) :

سبط الذي شرع الشرائع للورى

وأقام للدين القويم منارا

فهو الكريم إذا أتاه سائل

أجرت يداه على الأنام نضارا

وهو الغمام (الهمام) إذا تبسّم ضاحكا

عاد الظلام المدلهمّ نهارا

__________________

(١) هو علاء الدولة فرامرز ، أبو كاليجار كرشاسب الثاني بن أبي منصور علي بن فرامرز بن علاء الدولة محمد بن دشمن زيار ، خامس سلاطين أسرة كاكويه في اصفهان ، تولى الحكم من سنة ٤٨٨ حتى ٥١٣ ه‍ (فرهنك فارسي ، مادة علاء الدولة).

(٢) دمية القصر ، ٢ / ١١٢٣.

(٣) في الدرجات الرفيعة (ص ٤٩٠) أبو الحسن محمد بن عبيد الله بن علي بن الحسن ... بن علي بن أبي طالب ، الملقب شرف السادات البلخيّ ؛ وفي مجمل فصيحي (٢ / ١٨٠) حوادث سنة ٤٥٧ ه‍ «توفي شرف السادة أبو الحسن محمد بن عبيد الله الحسينيّ البلخيّ صاحب النظم والنثر ، قدم بغداد رسولا». ترجم له عبد الغافر وقال إنه المعروف ب «نو دولت» وأنه توفي سنة ٤٦٥ ه‍ (المنتخب من السياق ، ٦٣).

٤١٠

الإمام الأديب أبو علي الحسن بن علي بن أحمد الغازي (١) ، وابنه الأكبر شمس الأئمة أبو القاسم إسماعيل المقيم والمدرس بكورة مرو (٢) ، وشرف الدين ظهير الملك أبو الحسن علي بن الحسن البيهقيّ (٣)

كان والده علي الغازي سجستانيا ، إلا أن ولادته ونشأته في سبزوار ، وكان من فحول أفاضل بيهق ، وقد تولى تأديب السيد الأجل العزيز ، وأخيه السيد الأجل الزاهد عماد الدين [٢٢٥] يحيى ، رحمهما‌الله ، كما ناب عن جدي شيخ الإسلام أميرك في خطابة بيهق ، وله أشعار كثيرة ، منها هذان البيتان اللذان بلغا الغاية في الشهرة :

ليس له عيب سوى أنه

ليس له عيب يقي العينا

لو رضي العين له حرملا

نثرت في مجمره العينا

العقب منه كما تقدم : شمس الأئمة أبو القاسم إسماعيل ، وشرف الدين ظهير الملك أبو الحسن علي ، وبنت هي أم جمال الدين الحسين بن علي البيهقيّ ، وصائن الدين حمزة بن علي (٤).

__________________

(١) لم نجد مصدر ترجمته ، أمّا تلميذاه المذكوران هنا فهما : العزيز بن هبة الله بن علي بن محمد بن يحيى ؛ عماد الدين يحيى بن هبة الله بن علي بن محمد بن يحيى ، وقد عرف بهما المؤلف فيما مضى ؛ أما أميرك ، فهو أبو سليمان محمد بن الحسين بن سليمان بن فندق أحد أجداد مؤلف الكتاب.

(٢) معجم الأدباء ، ٢ / ٦٥١ ؛ بغية الوعاة ، ١ / ٤٤٥ ؛ تاريخ التراث العربيّ ، ١ (٣) / ١١٥ ؛ نزهة الألباب ، ١ / ٤٠٥ ؛ الوافي بالوفيات ، ٩ / ١٠٦ ؛ الجواهر المضيئة ، ١ / ٣٩٨ ؛ كشف الظنون ، ٢ / ١٠٢٤ ، ١٤٩٨ ، ١٥٩٣ ، ١٦٣٢ ؛ إيضاح المكنون ، ٢ / ٢٧ ، ٦٧٥ ، وفيه أنه توفي سنة ٤٠٢ ه‍ ؛ معجم المؤلفين ، ٢ / ٢٦٤ ، وفيه أنه توفي سنة ٤٠٢ ه‍ أيضا ، وهو بعيد جدا عما ذكره المؤلف أعلاه.

(٣) ترجم له العماد الأصفهانيّ في خريدة القصر في قسم شعراء إيران ، ٢ / ٩٨. وللتفريق بينه وبين مؤلف كتابنا علي بن زيد ، انظر مقدمة الكتاب.

(٤) في لباب الأنساب ، ٢ / ٦٦٦ : «أمين الدين حمزة بن علي البيهقيّ عامل هراة».

٤١١

توفي صائن الدين حمزة رحمه‌الله يوم الخميس سلخ شعبان سنة خمس وأربعين وخمس مئة والعقب منه : القاضي الإمام السعيد أبو الحسن علي بن حمزة ، وأبو القاسم المجنون ، والحاجي فخر الدين علي ، وكان قضاء الناحية [بيهق] بيد ضياء الدين أبي الحسن علي بن حمزة من سنة ثلاث وأربعين وخمس مئة إلى وقت وفاته رحمه‌الله ، توفي في شعبان سنة اثنتين وستين وخمس مئة.

وبنت أخرى للإمام الحسن الغازي ، هي أم شمس الأئمة محمد ، والقاضي الإمام الخطيب ظهير الدين حسن ، وهما ابنا الشيخ أبي الحسين علي بن أحمد بن سعيد البيهقيّ.

سكن شمس الأئمة أبو القاسم إسماعيل في مرو ، وانشغل هناك بنشر العلم ، وله تصانيف كثيرة في كل فن من فنون العلم ، في الفقه والخلاف والأدب ، وكتاب سمط الدر (١) في معاني غريب الحديث.

توفي في شهور سنة اثنتي عشرة وخمس مئة ، ولا عقب له ، ومن منظومه قوله :

قنعت بالبلغة ما بقيت

وعن لئام الناس قد غنيت

وفي مهاوي الصبر لي مبيت

وليس من أمري لي ما شيت

وكان شرف الدين ظهير الملك قد أناب في البداية عن أبيه في تأديب السيد الأجل عماد الدين يحيى ، ثم إنه قال قصيدة في عميد خراسان محمد بن منصور (٢) ، مطلعها :

لنا في ضمان الراحلين إذا شطّوا

ودائع من روح الحياة لها قسط

__________________

(١) في مخطوطة برلين : سمط الدرر ، إلّا أن الوارد في معجم الأدباء (٢ / ٦٥٢) الذي ذكر مؤلفه أنه نقل ترجمة شمس الأئمة من كتاب وشاح دمية القصر للبيهقي ، وكذلك إيضاح المكنون (٢ / ٢٧) هو : سمط الثريا في معاني غريب الحديث.

(٢) هو عميد الملك أبو نصر محمد بن منصور الكندريّ وزير السلطان السّلجوقيّ ألب أرسلان الذي قتله السلطان سنة ٤٥٦ ه‍.

٤١٢

[٢٢٦] فأمر عميد خراسان بإكرامه والإنعام عليه ، وامتلك من تلك العطية فرسا وثيابا وغلاما ، وتصل بخدمة الملك جلال الدين بوري برس بن ألب أرسلان ، ولم يمض وقت طويل ، حتى ألحق الملك أرغو الهزيمة بأخيه الملك بوري برس ، عند مدخل مرو قرب قرية دريجه (١) ، فلبس ظهير الملك ثوبا خلقا والتجأ إلى أخيه شمس الأئمة ، وبقي متواريا في مدرسته بسرماجان إلى أن هدأت تلك الفتنة.

كان أول عمل خطير أسند إليه هو تعيينه حاكما على هراة خلال عهد السلطان سنجر رحمه‌الله (٢) ، ثم رقي بعدها إلى وزارة الأمير الإسفهسالار عز الدين طغرلتكين (٣) ، ومنها إلى وظيفة استيفاء المملكة.

كان رجلا جوادا باذلا ، ما أنصفه الدهر ، قال في شكوى الزمان :

تراجعت الأمور على قفاها

كما يتراجع البغل الجموح

وتستبق الحوادث مقدمات

كما يتقدم الكبش النطوح

وآخر أعماله سفره إلى العراق حيث أسندت إليه أعمال العراق وبغداد ، فذهب إلى بغداد ، وباشر أعماله منذ شهور سنة سبع عشرة وخمس مئة في العراق ، بينما كان ابنه مجير الدين محمد يدير أعمال الري ، ولم ينتقل من هناك حتى سنة ثلاث وثلاثين وخمس مئة ، إذ قدم الأب والابن إلى الحضرة السّلطانيّة ، ثم أنهما استشهدا في

__________________

(١) حدث ذلك في ٤٨٨ ه‍ وقد خنق بوري برس بعد ذلك (تاريخ دولة آل سلجوق ، ٢٣٧ ـ ٢٣٨ ؛ أخبار الدولة السّلجوقيّة ، ٨٥ ـ ٨٦ ؛ الكامل في التاريخ ، ٩ / ٨ طبعة الدقاق ، حوادث ٤٩٠ ه‍).

(٢) حكم السلطان السّلجوقيّ سنجر خلال السنوات من ٥١١ ـ ٥٥٢ ه‍. وقد ذكر مؤلفنا خبر ولايته لهراة بقوله : «كان عامل هراة مدة» (تاريخ حكماء الإسلام ، ١٠٥).

(٣) لم نجد له خبرا في المصادر المتوفرة ، بل إن دائرة المعارف الفارسيّة المعروفة باسم لغت نامه دهخدا ذكرته تحت عنوان طغرلبك وأشارت إلى وروده في تاريخ بيهق ، فكان هذا التاريخ هو المصدر الوحيد لهذا الرجل.

٤١٣

المصاف الذي جرى بين الخان الصيني والسلطان سنجر رحمه‌الله (١) في صفر سنة ست وثلاثين وخمس مئة ، قال ظهير الملك في موت أحد أعدائه :

جرى قلم القضاء بما أردنا

فلم نشمت بما كتب القضاء

لأنّ يد المنون تسلّ سيفا

له في كلّ مخلوق مضاء

وبقي منه بنتان : واحدة في حبالة السيّد الأجل ذخر الدين نقيب نقباء خراسان أبي القاسم زيد بن الحسن ، وأخرى في حبالة السيد الأجل علاء الدين بن معز الإسلام وكان نقيب هراة ، وقد أصبح بيت هذه العائلة عامرا بهاتين الحرّتين :

فما التأنيث لاسم الشمس عيب

ولا التذكير فخر للهلال (٢)

[٢٢٧] آل الكسائيّ

وهذا البيت هم جمال بيهق ، وهم أولاد علي بن حمزة بن علي بن عبد الله الكسائيّ النحوي (٣) ، وهو معروف بين الأدباء والنحويين.

وكان هارون الرشيد قد اصطحب معه الكسائيّ ومحمد بن الحسن الإمام الشّيبانيّ إلى بلاد الري ، وكلاهما انتقل هناك من بحر الحياة إلى ساحل الفناء ، فقال هارون الرشيد : دفنّا الفقه والأدب في الري وانصرفنا. أما أولاد الكسائيّ فذهب بعضهم من الري إلى بغداد ، بينما جاء بعضهم مع الرشيد إلى خراسان.

__________________

(١) هي الحرب الطاحنة التي دارت بين السلطان سنجر والخان الصيني كورخان في برية قطوان القريبة من سمرقند سنة ٥٣٦ ه‍ وهزم فيها سنجر وقتل الكثير من المسلمين فيها (انظر تفاصيل هذه المعركة في الكامل في التاريخ ، ١١ / ٨١ ـ ٨٦ من طبعة تور نبرغ ؛ سير أعلام النبلاء ، ٢٠ / ٩٧ ؛ الأنساب ، ٤ / ٥٢٥ ؛ أخبار الدولة السّلجوقيّة ، ٩٤ ـ ٩٥).

(٢) لأبي الطيب المتنبي.

(٣) المتوفى سنة ١٨٩ ه‍ ببلاد الري (الأعلام ، ٤ / ٢٨٣).

٤١٤

فلما ودع هارون الرشيد الحياة في طوس ، ذهب حمزة ابن الكسائيّ إلى بيهق وأقام هناك ، وقد قتل حمزة هذا في رباط علي آباد في حرب حمزة بن آذرك الخارجي كما تقدم ، وبقي له في قرية أفجنك طفل اسمه حسين ، وكان الخوارج قد قتلوا كل الأطفال الذكور ، إلا إنهم لم يصلوا تلك القرى.

وقد ترعرع الحسين بن حمزة الكسائيّ الأديب ، وحصل على نصيب من الأدب ، واشتغل بالتجارة والسفر بالبحار ، وكان له ابن يدعى إسماعيل ، وقد ذكر إسماعيل هذا في تاريخ بغداد (١). وذكره الإمام أوحد الدين أبا المعالي الرشيدي (٢) في تاريخه فقال : من أولاد إسماعيل بن الحسين بن حمزة بن علي الكسائيّ النحوي : محمد بن إسماعيل.

والعقب من محمد : عبد الرحمن.

ومن عبد الرحمن : أبو الحسن.

ومن أبي الحسن علي بن أبي عبد الله بن أبي الحسن بن عبد الرحمن بن محمد بن إسماعيل بن الحسين بن حمزة بن الإمام الكسائيّ على بن حمزة الكسائيّ : جمال الدين أبو عبد الله الحسين بن علي ، وصائن الدين حمزة بن علي.

وجمال الدين هو البطن العاشر من الكسائيّ النحوي ، والعقب من جمال الدين : الأمير علاء الدين محمد ، وأمه أم ولد (٣) ، وقد درج ولم يكن له عقب.

والعقب من صائن الدين حمزة القاضي : ضياء الدين أبو الحسن ـ وله عقب ـ وأبو

__________________

(١) لم نجده في تاريخ مدينة السلام.

(٢) ترجم له السمعاني في الأنساب (٣ / ٦٩) فقال : «أبو المعالي مجدود بن محمد بن محمود الرشيدي ...» ، وفي تتمة صوان الحكمة (ص ١٤٨): «من أولاد هارون الرشيد ، توفي في ٣ ربيع الأول سنة ٥٣٨ ه‍».

(٣) أمّ ولد : الجارية المملوكة إذا حملت من سيدها.

٤١٥

القاسم العزيز المجنون ، وفخر الدين علي ، وله عقب.

[٢٢٨] الشيخ الرئيس أبو علي البارويّ الخواريّ (١)

لم يظهر في خوار بيهق مثل اثنين كنّي كل منهما بأبي علي : أبو علي السّلّامي صاحب التاريخ ، وأبو علي البارويّ.

ذكره الشيخ أبو عامر الجرجانيّ (٢) في كتاب قلائد الشرف والشيخ علي بن الحسن في كتاب دمية القصر أيضا.

وله قصيدة في مدح نظام الملك ، مطلعها :

حسرات قلبي إن ربعك نازح

بين اللّوى والواخدات روازح

وله غير هذا ، أشعار كثيرة ، منها ما كتبه من البصرة إلى ابنيه محمد وعلي :

لعمر أبي إن الفرات ودجلة

لأطيب من ماء على الرمل سائح

ولكن بها نجمان لاحا ولا ترى

مكانهما نجما لغاد ورائح

اقتصرت على هذا المقدار منها.

العميد زين الأفاضل شاه العنبريّ (٣)

وعميد شاه هذا هو ابن الشيخ أبي سعد العنبريّ ، وقد تقدم التفصيل في هذه

__________________

(١) دمية القصر (٢ / ١١٢٣) وفيه : أحمد بن أحمد ، أبو علي البارويّ الخواريّ.

(٢) الفضل بن إسماعيل ، أبو عامر التّميميّ الجرجانيّ المتوفى سنة ٤٤٥ ه‍ (مجمل فصيحي ، ٢ / ١٧١) ، وكتابه قلائد الشرف أحد مصادر مؤلفنا.

(٣) مر ذكره عند التعريف بأسرة العنبريّين ، وورد اسمه كاملا هناك وهو : تاج الأفاضل العميد شاه بن محمد بن شاهك إبراهيم بن محمد بن علي العنبريّ ، وذكر المؤلف هناك أنه كان حيا حتى سنة ٥٤٣ ه‍. وقد التقاه ابن عساكر بنيسابور وذكر اسمه فكناه أبا الفتح ولقبه بالعنبريّ البيهقيّ السابزواري (معجم شيوخ ابن عساكر ، ١ / ٤٠٨).

٤١٦

الأسرة ، ومن منظوم العميد شاه هذا ، هذان البيتان :

يرضى الحسود بأن أموت تأسفا

ورضى الحسود مطالب لا تدرك

قد متّ دهرا ميتة مستورة

فرأيت من يبكي ومن هو يضحك

الأديب أبو سعد أسعد بن محمد المزينانيّ (١)

كان يدعى الأديب أبا سعد المزينانيّ ، وهو أديب فاضل منفق ، من منظومه هذه الأبيات التي قالها في الإمام محمد بن حمويه (٢) :

يا صاحب الدّير إن زمّت جمالكم

بجانب الجزع من جرعاء واديها

بلّغ سلامي إلى الذلفاء من دنف

وأنشديها قريضا قاله فيها

هو ابن حمّوية الفاروق نهجته

بين الضلال وبين الرشد ناديها

ومن شعره [٢٢٩] :

وأقوام بلا فضل وجود

بظلمهم على الضعفاء سادوا

سعوا نحو المعسكر واسترحنا

معاذ الله لو ردّوا لعادوا

الإمام ناصح الدين محمد بن الزّكيّ أبي القاسم عبد الله القاضي (٣)

هو محمد بن عبد الله بن أحمد بن الحسين ، كان عالما عاملا وناصحا أمينا ، مع رقة

__________________

(١) نسبة إلى مزينان التي قال عنها السمعاني : «بليدة من آخر حد خراسان إذا خرجت إلى العراق» (الأنساب ، ٥ / ٢٨١) كان معاصرا لأحمد بن محمد الميداني المتوفى سنة ٥١٨ ه‍ ، وقد قرظ له شعرا كتابه السامي في الأسامي عند صدوره. (انظر : معجم الأدباء ، ٢ / ٥١٢ ، وفيه : المرساني ، وهو من تصحيف النساخ).

(٢) كثيرون من هم بهذا الاسم ، إلّا أن أقربهم إلى عصر أسعد المزينانيّ ، هو محمد الجوينيّ أحد مشايخ منتجب الدّين الرازي الذي كان حيا سنة ٦٠٠ ، قال في كتابه الأربعين (ص ٤٨): «حدثنا أبو عبد الله محمد بن حمويه بن محمد الجوينيّ الصّوفيّ فيما كتب إليّ ...».

(٣) لم نهتد إلى مصدر ترجمته.

٤١٧

الطبع وجودة الخط وكثرة الحظ.

توفي في شهور سنة تسع وأربعين وخمس مئة ، ومن منظومه هذه الأبيات التي قالها في شرف الدين ظهير الملك البيهقيّ :

لاحت لنا من بروج الصبح أقمار

لما تجلّى لصبح النجح إسفار

بيمن من كفّه عند الندى ديم

أنوارها بعقود الدّرّ مدرار

صدر الورى شرف الدين الذي ظهرت

للمجد من فعله المحمود آثار

من أيده للعلى سور ومن يده

لمعصم الفضل والإفضال أسوار

إن جار دهر على قوم فراحته

لجاره بالندى من جوره جار

فكم عبيد بنعمى كفّه انعتقت

كما استرقّت بها في الناس أحرار

لو قسّم الله في الدنيا كفايته

لم يبق بين غمار الناس أغمار

حنّت لطول النوى نفسي كعادتها

لما ترادف لي في الأرض أسفار

فقلت صبرا فبالأيام في سفر

يقضى لزيد المنى يا نفس أوطار

أخذه من قوله تعالى : (فَلَمَّا قَضى زَيْدٌ مِنْها وَطَراً)(١) ...... الآية.

وكان ابنه نجم الأئمة جعفر حسن الطبع والسيرة ومن ذوي اللسانين ، انتقل إلى جوار رحمة الحق تعالى بين أسفرايين وبيهق في شهور سنة ثلاث وأربعين وخمس مئة ، من منظومه بالعربيّة هذه الأبيات :

إمام لو انّ العقل والعلم صوّرا

لما كان إلا شخصه لهما بدن

أرى سير قوم خبط عشواء في العلى

إذا سلكوها وهو جار على السّنن

__________________

(١) سورة الأحزاب ، الآية ٣٧.

٤١٨

كأنّ إله العرش إذ برأ العلى

وسوّاه لم يخلق سواه لها سكن

أمولاي ، إي والله يعلم مضمري

وحسبك ربي عالم السر والعلن

سويداء قلبي في مكامن سرها

هواك مع التوحيد قد لزّ في قرن

[٢٣٠] فوا حسرتا إن الزمان يسوقني

إلى أجل في مكمن الغيب قد كمن

سأفنى ولمّا أقض منه لبانة

ولم تدرك الأجفان لي لذة الوسن

أما ابنه الآخر فهو مهذّب الأئمّة أبو سعد ، وكان له في الاستيفاء نصيب وافر ، توفي بنيسابور قبل الفتنة الأولى في شهور سنة تسع وأربعين وخمس مئة.

وله ابن آخر هو منتجب الدّين أميرك ، وكان فاضلا رقيقا ودودا ، متبحرا في علم الأصول وعلم الأدب ، وقد بلغ في النحو غاية الكمال ، حيث أفاد في تلك العلوم من الإمام عمر الطبريّ ، والإمام سديد الدين محمود بن أميرك الرازي المتكلم (١).

من منظومه ، هذه الأبيات التي قالها في رشيد الأئمة أبي سعد بن أبي ذر الذي تقدم ذكره ، كتبها في رسالة ألّفتها أنا في تفضيل التطفيل على لسان طفيل العرائس :

فخرا رشيد الدين بل

شرفا على أهل الزمن

شيخ الضيوف مقدّم

السيّاح هياج الفتن

لا يعبد الله العظيم

بغير منقود الثمن

ثم استنابك واستخار

الله فيه على السنن

__________________

(١) ذكره المؤلف في مقدمة كتابه معارج نهج البلاغة (ص ١٥٨) في جملة من عاشرهم من المتكلمين وقال إنه درس على رشيد الدين أبي سعيد عبد الجليل بن مسعود من متكلمي القرن السادس الهجري (فهرست أسماء علماء الشيعة ، ١١٠ ط الطباطبائي).

٤١٩

خذه كتاب نصيحة

مع كل لطف في قرن

متضمنا شرح المراسم

والمواسم والسّنن

من لا يحيط بفضله

وكماله غور الفطن

فكأنما أهدى به

عسلا مشوبا باللّبن

أو حلة موشية

صنعت بصنعاء اليمن

واللفظ مثل السّحر

يملأ مقلتي رشأ أغن

مولاي ما أحد عليك

بزائد في كلّ فن

ولقد حللت من الأفاضل

كالفؤاد من البدن

الأمير السيد العالم شهاب الدين محمد بن أبي سعيد زيد بن حمزة العلوي الحسينيّ (١)

ذكرت أنسابهم وتفاصيل أحسابهم في كتاب لباب الأنساب ، وكان السيد أبو سعيد [زيد بن] حمزة (٢) هذا رجلا من أهل الفضل ، وكان مقيما في قرية ستاربد من ربع بشاكوه بيهق ، وكان ابنه السيد محمد فاضلا وحافظا ، انتقل إلى جوار رحمة الحق تعالى في أيام الفترة هذه بجاجرم ، من منظومه هذه الأبيات :

جلت الهموم عن القلوب وزارة

علوية صدر المعالي صدرها

[٢٣١] شرقية غربية خضعت لها

صيد الورى لما تقرّر أمرها

لقياك علياها وعيشك فخرها

وذراك حاميها وعمرك عمرها

نفرت بغاث الطير عن أرجائها

لمّا طلعت لها لأنك صقرها

__________________

(١) لباب الأنساب ، ٢ / ٧٠٢ ، ودعاه : «العالم الشاعر».

(٢) إضافة يقتضيها اسمه المذكور في العنوان.

٤٢٠