تأريخ بيهق

فريد خراسان علي بن زيد البيهقي

تأريخ بيهق

المؤلف:

فريد خراسان علي بن زيد البيهقي


المحقق: يوسف الهادي
المترجم: يوسف الهادي
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار إقرأ للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٦٧٢

ذو صورة قمرية بشرية

تستنطق الأفواه بالتّسبيح

يقول مصنف هذا الكتاب : لمّا كانت همة وديانة الملوك الماضين قد بلغت تلك الغاية ، ظهرت آثار ذلك على الدين والعلم والعلماء.

[١٥٨] أما ابنه الإمام أبو الحسن محمد بن شعيب البيهقيّ (١) ، فقد كان مفتي الشافعيين ، وقد بنى المدرسة التي في سكة سيار بنيسابور ، التي تدعى مدرسة البيهقيّ ، وقد روى عن محمد بن إسحاق بن خزيمة ، ومحمد بن جرير الطّبريّ.

وقد بالغ عمر المطّوّعيّ في كتابه المسمى المذهب في أئمة المذهب (٢) ، بمدحه ، وأدناه الوزير أبو الفضل البلعميّ ، وعرض عليه قضاء المدن الكبيرة ، فامتنع عليه (٣).

قال الحاكم أبو الفضل الحدّاديّ المروزيّ (٤) : تباحثت في مجلس الوزير البلعميّ ،

__________________

(١) تاريخ نيسابور ؛ تاريخ الإسلام ، ١٦١ (حوادث ٣٢١ ـ ٣٣٠ ه‍) ؛ طبقات الشافعية الكبرى ، ٣ / ١٧٣ ؛ الأنساب ، ١ / ٤٣٩ وفيه : «مفتي الشافعيين بنيسابور ومناظرهم ومدرسهم في عصره وأحد المذكورين في أقطار الأرض بالفصاحة والبراعة» ؛ طبقات الفقهاء الشافعيين ، ١ / ٢٣٠ ؛ طبقات الشافعية للإسنوي ، ١ / ١٠٦.

(٢) هو أبو حفص عمر بن علي المطّوّعيّ ، قال السبكي عنه (١ / ٢١٦): «المحدث الأديب» وعن كتابه إنه صنفه لأبي الطيب سهل بن محمد بن سليمان الصّعلوكيّ «وهو كتاب حسن العبارة فصيح اللفظ مليح الإشارة. وأنا لم أقف عليه ولكن وقفت على منتخب انتخبه منه الإمام أبو عمرو بن الصلاح». وقد نقل السبكي كثيرا من هذا المنتخب (انظر فهرس الكتاب ، ص ٢٥٥ ، ٥٣٧). وقد ترجم الثّعالبيّ للمطوعي هذا في اليتيمة وأورد شيئا من شعره وذكر بعض مؤلفاته (٤ / ٥٠٠ ـ ٥٠٤) وقال إنه اتصل بخدمة الأمير أبي الفضل عبيد الله الميكالي المتوفى سنة ٤٣٦ ه‍. أما الصّعلوكيّ سهل المذكور آنفا فقد توفي سنة ٣٨٧ ه‍ وكان «مفتي نيسابور وابن مفتيها» (الأعلام ، ٣ / ١٤٣).

(٣) في طبقات الشافعية الكبرى ، ٣ / ١٧٣ ، أن البلعميّ «خيّره بين قضاء الري والشاش فامتنع عليه أشد الامتناع».

(٤) هو محمد بن الحسين بن محمد بن مهران القاضي المتوفى سنة ٣٨٨ ه‍ (الأنساب ، ٢ / ١٨٢). أما مسألة تخليل الخمر ، فقد وردت في الأصول : «تحليل» بالحاء فصوّبناها. وهي النقاش الذي دار بين الفقهاء

٣٠١

مع أبي الحسن البيهقيّ حول مسألة تخليل الخمر ، فأعجب حديثي الوزير ، فأمر لي بألف دينار ، وأمر أن تشترى لي بمرو ضياع ثمينة.

توفي الإمام أبو الحسن محمد بن شعيب البيهقيّ سنة أربع وعشرين وثلاث مئة ، وصلى عليه الحاكم الإمام أبو الحسن علي بن الحسن المروزيّ (١) ، ودفن في مقبرة الحسين بن معاذ ، في ولاية الأمير أبي بكر محمد بن المظفر.

وكان عقبه شعيب بن محمد بن شعيب البيهقيّ (٢) أستاذ أبي إسحاق الثّعلبيّ المفسر ، وكانت ولادته سنة عشر وثلاث مئة ، ووفاته في صفر سنة ست وتسعين وثلاث مئة ببيهق ، وسمع الحديث من أبي نعيم (٣) سنة ست عشرة وثلاث مئة.

أبو العباس محمد بن إسحاق بن إبراهيم الزاهد البيهقيّ (٤)

ولد في قرية جلّين ، وروى عن محمد بن حميد الرازي.

__________________

في الخمر إذا تحولت إلى خل فهل يجوز استخدامه (انظر مثلا المبسوط للسرخسي ، ٢٤ / ٧ ، ٢٢ ؛ المحصول للرازي ، ٥ / ٤٣٢).

(١) كثيرون هم الذين لديهم هذا الاسم والكنية ، لكن واحدا منهم يحمل لقب «الحاكم» وهو أبو الحسن علي بن الحسن بن عبد الرحيم الكندي السّردري (من قرى بخارى) المتوفى سنة ٣٦٥ أو ٣٧٠ ه‍ (القند ، ٥٢٩) فلعله هو.

(٢) أبو صالح شعيب بن محمد بن شعيب العجلي (تاريخ نيسابور ، ١٦٣). أما الثّعلبيّ فهو أبو إسحاق أحمد بن محمد بن إبراهيم المتوفى سنة ٤٢٧ ه‍ المفسر المعروف.

(٣) نحتمل أن يكون أبا نعيم عبد الملك بن محمد بن عدي الجرجانيّ المعروف بالأسترابادي المتوفى سنة ٣٢٣ ه‍ (انظر : تاريخ مدينة السلام ، ١٢ / ١٨٢) ، خاصة وأنه عدّ في علماء نيسابور (تاريخ نيسابور ، ١٣٩).

(٤) له ترجمة وافية في تاريخ مدينة السلام ، ٢ / ٥٦ ـ ٦٢ وفيه : محمد بن إسحاق بن إبراهيم بن مهران أبو العباس السّرّاج من أهل نيسابور (٢١٨ ـ ٣١٣ ه‍) ؛ انظر أيضا : تاريخ نيسابور ، ١٢١ ؛ تاريخ الإسلام ، ٢٥٠ (حوادث ٢٩١ ـ ٣٠٠ ه‍) ؛ الأنساب ، ٢٤٢١٣ ؛ طبقات الشافعية الكبرى ، ٣ / ١٠٨ ـ ١٠٩ ؛ طبقات الفقهاء الشافعية لابن الصلاح ، ١ ـ ٩٩ ؛ سير أعلام النبلاء ، ١٤ / ٣٨١ ؛ تذكرة الحفاظ ، ٢ / ٧٣١ ، ومصادر جمة أخرى.

٣٠٢

قال أبو العباس هذا : حدثنا محمد بن حميد قال حدثنا مهران ، عن سفيان ، عن سعيد بن زيد ، عن عمرو بن مالك ، عن أبي الجوزاء رحمه‌الله ، عن ابن عباس رضي‌الله‌عنه أنه قال : نقل الحجارة أهون على المنافقين من تلاوة القرآن (١). صدق ابن عباس.

أبو بكر محمد بن همام بن عيسى البيهقيّ (٢)

ولد في قصبة مزينان ، وأولاد همام من صلب محمد هذا ينحدرون ، روى الأحاديث عن محمد بن أسلم الطّوسيّ.

قال محمد [بن همام] : حدثنا محمد بن أسلم بن سالم الطّوسيّ ، قال حدثنا عبيد الله بن موسى ، عن إسرائيل ، عن سعيد بن أبي عروبة ، عن قتادة [١٥٩] ، عن زرارة بن أوفى ، عن سعيد بن هشام ، عن عائشة أنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه : «ركعتا الفجر خير من الدنيا وما فيها» (٣).

أبو علي محمد بن سعدويه البيهقيّ (٤)

ذكروا أن ولادته كانت في قرية نزلاباد من أول القرية ، اختلف إلى كبار علماء

__________________

(١) ورد بنصه وسنده في شعب الإيمان ، ٢ / ٣٥ ، ٤٩ ؛ المصنف لابن أبي شيبة ، ٧ / ٢٠١.

(٢) لم نجده فيما بين أيدينا من مصادر ، أما شيخه فهو محمد بن أسلم بن سالم الكندي الطّوسيّ المتوفى سنة ٢٤٢ ه‍ (تاريخ نيسابور ، ٩٤ ؛ سير أعلام النبلاء ، ١٢ / ١٩٥).

(٣) في الأصول : عن زرارة عن أبي أوفى ، فصوبناه اعتمادا على ما في المصادر (انظر مثلا : صحيح البخاري ، ٦ / ٢٦٢ ؛ السنن الكبرى للبيهقي ، ٧ / ٢٠٧ ؛ سير أعلام النبلاء ، ٢ / ٤١٣). والحديث في مسند أحمد ، ٦ / ٢٦٥ ؛ صحيح مسلم ، ٢ / ١٦٠ ؛ سنن الترمذي ، ١ / ٢٦٠ ؛ للسنن الكبرى للنسائي ، ١ / ٤٥٤ ؛ المستدرك للحاكم ، ١ / ٣٠٧ ؛ السنن الكبرى للبيهقي ، ٢ / ٤٧٠ ؛ فوائد العراقيين ، ٨٤ ؛ الخلاف للطوسي ، ١ / ٥٣٢ ؛ المبسوط للسرخسي ، ١ / ١٥٧ ...

(٤) تاريخ نيسابور ، ١٢٤ ، وأضاف إليه : النيسابوريّ.

٣٠٣

الدين ، وروى عنهم أحاديث كثيرة.

قال أبو علي محمد هذا : حدثنا أبو سعيد إدريس بن الحسن الهاشمي ، قال أخبرنا عيسى [بن إسحاق] بن موسى الأنصاريّ عن عبد المنعم بن إدريس (١) عن جعفر بن محمد الصادق ، عن آبائه بالتوالي عن النبي صلى الله عليه أنه قال : إن المجلس الصالح ليكفّر عن المؤمن ألفي مجلس سوء (٢).

أبو عبد الله محمد بن أحمد البيهقيّ الخواريّ (٣)

كان من أكابر أفاضل خوار ، واختلف إلى أبي العباس أحمد بن يحيى بن ثعلب ببغداد وإلى ابن نفطويه ، وكان أخوه أبو علي الحسين بن أحمد من أفاضل عصره.

توفي أبو عبد الله سنة ثمان عشرة وثلاث مئة. قال أخوه في رثائه :

أيا عين جودي بالدموع وأسعدي

فقد ظفرت كفّ الردى بمحمد

فقدت أبا عبد الإله فتى العلى

فوا لوفاة العالم المتعبّد

__________________

(١) في الأصول : عيسى بن موسى ، ووضعنا ما بين العضادتين في ضوء ما ورد في المصادر (انظر : تاريخ مدينة السلام ، ١٢ / ٥٠١) وهو الخطمي الأنصاريّ. وقد حدث في السند قلب في أصول الكتاب حيث ورد : أخبرنا عبد المنعم بن إدريس عن عيسى بن موسى الأنصاريّ. والصواب ما أثبتناه ، إذ المعروف في المصادر أن عيسى بن إسحاق كان يروي عن عبد المنعم بن إدريس بن سنان المتوفى سنة ٢٢٨ ه‍ أما إدريس بن الحسن الهاشمي فلم نجد له ذكرا في المصادر وليس العكس (انظر : تاريخ مدينة السلام ، ١٢ / ٥٠١ ؛ الأنساب ، ٢ / ٣٨٣ حيث ذكر السمعاني أن عيسى بن إسحاق الأنصاريّ مات قبل ٢٨٠ ه‍).

(٢) لم نعثر على هذا الخبر في كتب الإمامية ولا في كتب سواهم ، بل إن الشكّ يحيط بالخبر وسنده.

(٣) هو والد عبد الجبار بن محمد الخواريّ الذي ستأتي ترجمته لا حقا ، وهو غير أبي عبد الله محمد بن أحمد الفقيه الخواري الذي سيأتي في ص ٣٩٦.

٣٠٤

أبو يوسف يعقوب [بن أحمد] بن محمد بن يعقوب الزاهد (١)

كان خسروجرديا ، روى في الناحية ـ بيهق ـ عن داود بن الحسين ، وبنيسابور عن جعفر بن محمد الحافظ وغيره ، توفي سنة خمس وخمسين وثلاث مئة.

قال أبو يوسف هذا : حدثنا داود بن الحسين أبو سليمان ، قال : حدثنا يوسف بن عيسى المروزيّ قال : حدثنا الفضل بن موسى (٢) ، قال : حدثنا الأعمش ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة أنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه : «انظروا إلى من هو أسفل منكم ، ولا تزدروا نعمة الله» (٣).

وقد نظم معنى هذا الحديث بعض الشعراء وقال (٤) :

من شاء عيشا رغيدا يستفيد به

في دينه ثمّ في دنياه إقبالا

فلينظرنّ إلى من فوقه أدبا

ولينظرنّ إلى من دونه مالا

[١٦٠] ولأديب التّرك (٥) أيضا :

__________________

(١) ما بين المعقوفتين إضافة من السنن الكبرى لبلديّه البيهقيّ الخسروجردي (٧ / ٥٩ ، ٥٣٤) ، ومن السمعاني (الأنساب ، ٢ / ٣٦٤) اللذين ذكراه بلقب الخسروجردي وذكرا روايته عن داود بن الحسين.

(٢) هو السيناني المروزيّ ، ورواية يوسف المروزيّ عنه توجد أمثلة منها في المستدرك للحاكم (٢ / ١٢٢) والسنن الكبرى للبيهقيّ ٠٣ / ٢٤٠) ، وفي الأنساب (٢ / ٣٦٤) أن يوسف بن موسى المروروذي هو الذي يروي عنه.

(٣) مسند أحمد ، ٢ / ٢٥٤ ؛ صحيح مسلم ، ٨ / ٢١٣ ؛ سنن ابن ماجه ، ٢١٣٨٨ ؛ سنن الترمذي ، ٤ / ٧٥ ؛ بغية الباحث ، ٣٢٩ ؛ شرح نهج البلاغة ، ١٠ / ٥٠ ؛ مسند الشهاب ، ١ / ٤٢٩ ...

(٤) الشعر لأبي الفتح البستيّ كما في يتيمة الدهر (٤ / ٣٧٩). وفي مقالات الأدباء ، ١٣٩ من غير عزو ، وفيه : فلا ينظرن إلى من فوقه أبدا.

(٥) نص الوطواط على كونهما لأديب الترك (حدائق السحر ، ١٨٧). ومن خلال مقارنة مقطعة له وردت في بدائع الملح (ص ٤٠) وبيت منها في حدائق السحر (ص ١١١) ، يتضح أن أديب الترك هذا هو نفسه بديع الترك وهو أحمد بن محمد الآجي التركي المترجم له في خريدة القصر (شعراء إيران ، ٢ / ١٥٨ ، ١٦١ ـ ١٦٢).

٣٠٥

إذا ما رمت طيب العيش فانظر

إلى من بات أسوأ منك حالا

وأخفض رتبة وأذلّ قدرا

وأنكد عيشة وأقلّ مالا

أبو حامد أحمد بن محمد بن الحسين الخطيب البيهقيّ (١)

كان فقيه وأديب وخطيب خسروجرد ، وقد قيل إن كيخسرو الذي بنى خسروجرد وضع في الطالع الذي وضعه هناك أن يكون العلماء فيها معمّرين ، والله أعلم ، إلا أنه كان فيها علماء معمّرون ، وقد رأيتهم ، إذ رأيت الفقيه أحمد السّويزيّ (٢) ، والخطيب والقاضي علي بن أحمد (٣) ، والقاضي الإمام الحسين بن أحمد بن علي البيهقيّ (٤) ، والحاكم الإمام عبد الحميد (٥) ، وأمثالهم ، فقد عاشوا في عصر واحد ، وكانت أعمارهم طويلة قضوها بالعلم والطاعة والرفاهية. توفي أبو حامد الخطيب سنة خمس وخمسين وثلاث مئة.

قال أبو حامد هذا : حدثنا أبو سليمان داود بن الحسين البيهقيّ ، قال أخبرنا سعيد بن يزيد الفراء ، قال أخبرنا المبارك بن فضالة ، عن ثابت ، عن أنس بن مالك ،

__________________

(١) ورد اسمه بالشكل الوارد أعلاه في جميع المصادر التي ترجمت له (انظر : تاريخ نيسابور ، ١٥١ ؛ الأنساب ، ٥ / ١٢٧ ؛ مجمل فصيحي ، ٢ / ٧٣ ؛ المناقب لأخطب خوارزم ، ٣٦٧ ؛ تاريخ الإسلام ، ١١٩ (حوادث ٣٥١ ـ ٣٨٠ ه‍) ؛ تاريخ مدينة دمشق ، ٣٢ / ٤٦٩ ؛ تذكرة الحفاظ ، ١ / ٢٧٨) ، ولذا فإن ما ورد في كتاب الدعوات الكبير (٢ / ١٠٣) ومعرفة علوم الحديث للحاكم (ص ١٣٧) : أحمد بن الحسين بن محمد ، إنما هو من أخطاء النساخ.

(٢) في الأصول : السّوريّ ، فصوّبناه. وهو أحمد بن أبي علي محمد بن أحمد السّويزيّ المتوفى ٥٢٦ ه‍ ، سيترجم له المؤلف لاحقا.

(٣) هو علي بن أحمد الفنجكردي المتوفى سنة ٥١٣ ه‍.

(٤) هو المعروف بابن فطيمة المتوفى سنة ٥٣٠ ه‍. وسيترجم له المؤلف لاحقا.

(٥) هو عبد الحميد بن محمد بن أحمد الخواريّ شقيق عبد الجبار ، توفي حوالي ٥٣٦ ه‍.

٣٠٦

عن النبي صلى الله عليه أنه قال : «ما تحابّ اثنان في الله إلا كان أفضلهما أشدهما حبا لصاحبه» (١).

أبو العباس بالويه بن محمد بن بالويه البيهقيّ (٢)

يوجد في الناحية ـ بيهق ـ وقف منسوب إلى بالويه ، كان مولده في مزينان ، وقد روى عن محمد بن إسحاق بن خزيمة.

قال بالويه المزينانيّ : حدثنا أبو العباس محمد بن شاذان قال أخبرنا عمر بن زرارة قال : حدثنا إسماعيل بن إبراهيم بن علي بن كيسان ، عن أبي مليكة ، عن ابن عباس أنه قال : «كل صلاة لا يقرأ فيها فاتحة الكتاب فلا صلاة ، إلا صلاة وراء الإمام» (٣).

أحمد بن إبراهيم الأعسريّ البيهقيّ (٤)

من أكثر أفاضل خوار كمالا ، وله ديوان شعر ، اتصل بخدمة [١٦١] الصاحب كافي الكفاة إسماعيل بن عباد ، وقال قصيدة في مدحه ، وصف الناقة فيها بقوله :

عرمس عيسرانة عنتريس

علطميس عيرانة خنشليل

__________________

(١) صحيح ابن حبان ، ٢ / ٣٢٥ ؛ المصنف لابن أبي شيبة ، ٨ / ٢٤٧ ؛ الأدب المفرد ، ١٢٠ ؛ مسند أبي يعلى ، ٦ / ١٤٣ ؛ المحاسن للبرقي ، ١ / ٢٦٤ ، وفيه : «ما التقى المؤمنان قط ، إلا ...» ؛ الجامع الصغير ، ٢ / ٤٩٠.

(٢) هو المزينانيّ (تاريخ نيسابور ، ١٥٧ ؛ الأنساب ، ٥ / ٢٨٢). ولما كان شيخه محمد بن إسحاق بن خزيمة قد توفي سنة ٣١٢ أو ٣١٣ ه‍ (مجمل فصيحي ، ٢ / ٣١) فيكون بالوية هذا ممن عاش في القرن الرابع.

(٣) المشهور هو : «كل صلاة لا يقرأ فيها بفاتحة الكتاب فهي خداج» (انظر مثلا : صحيح ابن حبان ، ٥ / ٩٠ ؛ سنن ابن ماجه ، ١ / ٢٧٣ ؛ السنن الكبرى للبيهقي ، ٢ / ٣٨ ؛ مسند الحميدي ، ٢ / ٤٣٠ ؛ المصنف لابن أبي شيبة ، ١ / ٣٩٦ ؛ السنن الكبرى للنسائي ، ٥ / ١٢ ... ، أما الحديث بلفظه أعلاه فموجود في كنز العمال ، ٨ / ٢٩١.

(٤) لم نعثر عليه في المصادر المتوفرة بين أيدينا ، كما لم نجد الوقائع المذكورة هنا. ولعله هو نفسه أبو محمد الأعسر المذكور في اللطف واللطائف ، ٥٥.

٣٠٧

فقال الصاحب : إن الغرائب التي جئت بها في وصف الناقة ، لو جسّمت ألفاظها أثقالا وأحمالا ، لم يكن للناقة طاقة بحملها ، ثم كتب الصاحب رسالة توصية إلى العميد أبي منصور كثير بن أحمد بن كثير (١) ، فحصل له القبول عنده ، فقال قصيدة أخرى في مدحه مطلعها :

خيال سرى من أم عمران طارق

إلى هاجع بالقفر والليل غاسق

ولما فرغ من إنشادها مدّت المائدة ، وقد زيّنت بأصناف الطعام والبوارد ، فامتدت إليها الأيدي ، فلما جيء بالحلوى ، أمر الصاحب أن لا تمتد إليها يد ، قبل أن يقول فيها كل واحد من أهل الفضل الحاضرين قطعة من الشعر ، فأنشد كل واحد منهم قطعة على البديهة ، بينما كان الأعسريّ صامتا منشغلا بتحريك أصابعه يعدّ فيها ، فلما وصلت إليه النوبة سأله الصاحب : أي شيء كنت تعدّ بأصابعك؟ فقال : كنت أعدّ أخطاء شعراء هذا المجلس ، فعجب الصاحب من كلامه ، ثم إن الأعسريّ أعطى خطأ كل واحد منهم مدعما بالحجة الدامغة ، وأنشأ قائلا هذه القطعة في وصف الحلوى :

وجامة فالوذ غذانا بها امرؤ

كريم المحيّا ماجد غير صاغر

تمرمر حتى قلت صهباء بابل

وتهدأ حتى قلت ياقوت تاجر

كأن نصاف اللّوز في جنباتها

قطاع من الكافور في نار سامر

[١٦٢] فزاد الصاحب من رتبته ، ووجد حظا وافرا من عنايته ، وورد إلى خراسان نجيح السعي ، رحمة الله عليه.

__________________

(١) ذكره ابن الفوطي (٢ / ٢٣٩) فقال : العميد أبو منصور كثير بن أحمد القهستانيّ القائني الوزير ، ذكره الحاكم في تاريخ نيسابور وقال ... تصرف في أعمال نيسابور عن السلطان نيفا وثلاثين سنة فما سخط عليه سلطانه ولا رعاياه ... توفي سنة ٣٨١ ه‍.

٣٠٨

أبو عبد الله محمد بن عبد الرزاق البيهقيّ (١)

ولد ونشأ في قصبة سبزوار ، جمع أشعاره ـ وهي في خمسة مجلدات ـ السيد أبو الحسن محمد بن علي العلويّ السّويزيّ ، والمختار منها هذه القطع :

عليك بمن يزينك فالتزمه

ولا تبعده من رفق ولين

إذا ما المرء ليس له صديق

تراه كالشمال بلا يمين

وله أيضا :

أفق أيها الإنسان من سكرة الكرى

فليس الهوى إلا عدو موارب

وكس قبل أن تلهيك دنياك واغتنم

فراغك للأمر الذي أنت طالب

فمن لم يكيّسه أب أو مودّب

صبيا فكهلا كيّسته التجارب

وقال محمد بن عبد الرزاق : الرجال أربعة : رجل يعلم ويعمل بما يعلم ، فذاك هاد فاتّبعوه ، ورجل يعلم ولا يعمل بما يعلم ، فذاك ساه فذكّروه ، ورجل لا يعلم ويعمل بما عليه أن يعلم ، فذلك مقلّد فلقّنوه ، ورجل لا يعلم ولا يعمل بما عليه أن يعلم ، فذلك حمار فأوكفوه.

وقد ألّف محمد بن عبد الرزاق هذا كتابا باسم الأمير ناصر الدولة أبي الحسن السّيمجوريّ (٢) اسماه كتاب الدارات ، دون فيه فوائد كثيرة.

وقال محمد بن عبد الرزاق أيضا :

إذا مات ميت راعنا الموت ساعة

ونضحك في الأخرى إذا هو يقبر

__________________

(١) لم نجده في المصادر المتوفرة لدينا ، أما جامع ديوانه فهو محمد بن علي بن أحمد بن محمد زبارة السّويزيّ الذي سيترجم له لا حقا.

(٢) كان أمير خراسان خلال السنوات من ٣٤٧ ـ ٣٧٨ ه‍.

٣٠٩

كذا الشاء تنسى الرعي والذئب مقبل

وتألف مرعاها إذا الذئب يدبر

وله أيضا :

ليس بعد القصور إلا القبور

إنّما للخراب تبنى القصور

أيها الطالب البقاء تفكّر

هل على حالة تدوم الأمور

[١٦٣] وله :

ألفت الصياغة من غير أن

أمسّ حديدا وأذكي سعيرا

أذهّب وجهي بنار الأسى

وأسبك من ماء عيني شذورا

حكاية : كتب قيصر الروم على عهد خلافة المطيع لله قصيدة بالعربيّة مشحونة بأنواع التهديد ، مطلعها :

من الملك الطّهر المسيحي رسالة

إلى قائم بالملك من آل هاشم

وقد كتب أفاضل الإسلام جوابا عليها ، وكان من أولئك المجيبين : القفّال الشاشي (١) والآخر محمد بن عبد الرزاق البيهقيّ ، حيث أرسلت القصيدتان إلى ملك الروم ، ومطلع قصيدة محمد بن عبد الرزاق هو :

أوهنا وغزو الروم ضربة لازم؟

أريثا وقد جاءوا بتلك العظائم؟

أسمعا لألحان القيان يصغنها

وفي الروم تدعو الويل أولاد فاطم؟

وكان أبو الحسن نصر بن أحمد المرغينانيّ (٢) قد رد أيضا على تلك القصيدة :

__________________

(١) محمد بن علي بن إسماعيل المتوفى سنة ٣٦٥ ه‍ وقصيدته في طبقات الشافعية الكبرى (٣ / ٢٠٩ ـ ٢١٣).

(٢) في الأنساب (٥ / ٢٥٩): «الإمام أبو الحسن نصر بن الحسن المرغينانيّ ، من مشاهير الأئمة والعلماء ، وكان له شعر مليح لطيف في الزهد والحكمة سار في الآفاق وتداولته الرواة».

٣١٠

عجبت لنظم صاغه شرّ ناظم

بفيه الثرى فيما افترى من عظائم (١)

أما الإمام القفّال الشاشي فقد قال :

أتاني مقال لامرىء غير عالم

بطرق مجاري القول عند التخاصم

حكاية : كان ملك الأبخاز ديمطريوس بن داود بن يعقوب الملقب بحسام المسيح قد أرسل عدة أسئلة بيد رسوله إلى السلطان الأعظم سنجر بن ملك شاه قدس الله روحه في صفر سنة ثلاث وأربعين وخمس مئة ، فأمرني أن أكتب جوابا باللغتين العربيّة والسريانية اللتين كانت الأسئلة قد كتبت بهما ، وقد طارت نسخ من تلك الأسئلة وأجوبتها إلى أطراف العالم ، وسارت بها الركبان.

ومحمد بن عبد الرزاق هذا من أقارب البديليّين (٢) ، ومن أعقابه الباقين : الحافظ الحسن بن أبي علي بن عبد الرزاق ، وكان كفيف البصر ، ومن أهل الأخبار ، وحافظا للقرآن والأخبار والأدعية ، وكان له ابن يدعى عليا ، كان جلدا وغازيا ، وقد قتل في قصبة جشم عندما [١٦٤] دخلها الجند يوم الخميس السادس عشر من رجب سنة ثمان وثلاثين وخمس مئة.

ومن أعقابه : المعلم الحقيقي صورة وسيرة ومعنى ، علي بن إبراهيم بن أبي علي بن عبد الرزاق ابن أخ الفقيه الحافظ رحمه‌الله.

توفي الفقيه الحافظ الحسن من سقطة عرضت له في الحمام في شعبان سنة اثنتين

__________________

(١) أورد الباخرزي في دمية القصر (٢ / ٧٤ ، ط العاني) ثمانية أبيات من هذه القصيدة ، وأولها :

عجبت لنظم صاغه شرّ ناظم

قضى هاذيا فيه قضية ظالم

يفضّل عبّاد الصليب سفاهة

بفيه الثرى فيما افترى من عظائم

(٢) مر تعريف المؤلف بهذه الأسرة البيهقيّة.

٣١١

وستين وخمس مئة ، ودفن في مقبرة منسوبة إلى والدي رحمة الله عليه.

أبو نصر أحمد بن الحسين بن العدل البيهقيّ (١)

كان مولده وإقامته في قرية ديوره ، اختلف إلى أبي بكر الخوارزميّ (٢) ، وله تصانيف كثيرة ، ككتاب الأدب (لغة الأدب) ، وشرح كتاب إصلاح المنطق ، وشرح أبيات أدب الكتاب ، وشرح أبيات مختصر العين ، وشرح أبيات غريب الحديث لأبي عبيد.

وكان أبو بكر الخوارزميّ قد كتب إليه رسالة بسبب النكبة التي وقع فيها ، وذلك على سبيل الجواب : وصل كتابك ، فلست أقول همني وغمني ، ولكني أقول أعماني وأصمني ؛ تذكر أنك امتحنت وأنت بريء ونكبت وأنت محسن لا مسيء ؛ وأي ذنب أعظم من أن تسكن بالفضل في تربة النقص ، وما للطائر الكبير والقفص الصغير؟ وما بال الدرة اليتيمة ، ترضى بالصّدفة اللئيمة؟ ، وإنما الأدب جناح فهلّا طرت من الوكر الصغير إلى الوكر الكبير؟ وهلّا إذا كملت آلتك ، ارتدت مكانا تصلح فيه حالتك؟ وهذه الرسالة طويلة نكتفي بهذا القدر منها.

أبو علي الجعفريّ ، من أولاد جعفر الطّيّار (٣)

ونسبه : هو أبو علي الحسين بن جعفر ، وكان ممدوحه الحاجب الجليل صاحب

__________________

(١) في تاريخ نيسابور (ص ١٤٩): «أحمد بن الحسين بن أحمد ، أبو نصر الفقيه النّيسابوريّ ، وهو ابن أبي علي الفاميّ» ، وقد ذكر الحاكم أباه هذا تحت عنوان : الحسن بن أحمد بن موسى ، أبو علي الفاميّ النّيسابوريّ ، ويبدوا أن الصواب في اسمه هو «الحسن» إذ أورده الحاكم ضمن قائمة أسماء «الحسن» وليس «الحسين» (تاريخ نيسابور ، ١٥٩).

(٢) أبو بكر محمد بن العباس الخوارزميّ المتوفى سنة ٣٨٣ ه‍.

(٣) لم نهتد إلى مصدر ترجمته.

٣١٢

الجيش أبا طاهر هبة الله بن ألبتكين صاحب جيش خوارزم شاه ، قال في مدحه قصيدة طويلة ، منها :

[١٦٥] اشرب على ذكر امرئ

ساد جميع الحجبه

من حاجب شهم جليل

حاتميّ الموهبه

من صاحب الجيش يسمّى

هبة الله هبه

ذي الخلق السّهل السّجيح

والنّدى في المسغبه

وقد زادت هذه القصيدة على ثلاث مئة بيت.

كما قال مقصورة في مدح الأمير شمس المعالي قابوس بن وشمكير ، مطلعها :

لمن ديار مقفرات بالحمى

دوارس الأطلال من أدم اللّوى

وكان مولده ونشأته في قرية دويين ، وكان من كبار أفاضل بيهق.

وله ديوان شعر في غاية الحسن يقع في مجلد ضخم ، ورسائله مجلد ضخم أيضا ، ومن منظومه :

لئن قد كان يروي البين عنّا

بشخصينا فبالروح التّقيّنا

وما زلنا نداني النأي حتى

تدانينا لما كنّا رأينا

وكان من أقاربه أبو علي محمد بن عمرو الجعفريّ (١) السرابي (؟) مصنف كتاب المصادر وكتاب الألفاظ.

__________________

(١) لم نجده في المصادر المتوفرة لدينا.

٣١٣

الشيخ أبو علي جامع بن علي بن الحسن البيهقيّ (١)

ولد في قرية ششتمد ، استمع الكثير من المشايخ الأحاديث النبوية عنه ، وكان له في نيسابور مجلس للإملاء سنة تسع وعشرين وأربع مئة.

قال أبو علي جامع بن علي البيهقيّ : حدثنا أبو الفضل عبد الله الأبيورديّ قال : حدثنا الخليل بن أحمد [السّجزيّ] قال : حدثنا أبو القاسم عبد الله بن محمد البغويّ قال : حدثنا عبد الله بن عمر القواريريّ قال : حدثنا يوسف بن خالد قال : حدثنا مسلمة ، عن نافع ، عن ابن عمر رضي‌الله‌عنه أنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه : «ما عبد الله بشيء أفضل من فقه في الدين» (٢).

وكان لأبي علي هذا أخ قد خاض في الأعمال السّلطانيّة ، وقد ألزم مرة بمال ، فألزم أمير خراسان ، أخاه أبا علي بالغرامة ، فذهب أبو علي إلى [١٦٦] أمير خراسان وقال : لقد وقع مثل هذا في عهد زياد [بن أبيه] وحكم به بمثل هذا الحكم.

أيها الأمير! لو جئتك برسالة من الخليفة مع اثنين من معتمدي دار الخلافة ، هل تصرّ على التعرّض لي أم لا؟ فقال الأمير : الضرورة تقضي أن يوقف التعرّض لك.

__________________

(١) ذكر فصيح الخوافيّ في حوادث ٤٢٩ ه‍ : «وفاة الشيخ أبي علي جامع بن علي بن الحسين البيهقيّ ، من كبار المحدثين ، سافر الكثير في تحصيل الحديث وعقد له مجلس إملائه بنيسابور في هذه السنة» (مجمل فصيحي ، ٢ / ١٥٩) ، إلا أن السمعاني قال في التحبير (١ / ١٥٦): «جامع بن الحسن بن علي أبو علي البيهقيّ ، من أهل نيسابور سمع ... أبا بكر بن الفضل بن عبد الله بن محمد بن الفضل الخطيب الأبيورديّ ، وكانت ولادته في نيف وعشرين وأربع مئة ، ووفاته في شعبان وقيل في شوال سنة تسع وخمس مئة» ، وبين المصدرين فروق واضحة. ونرجح أن المقصود بالخليل بن أحمد هو القاضي أبو سعيد السّجزيّ (٢٨٩ ـ ٣٧٨ ه‍).

(٢) في الأصول : ما عند الله شيء أفضل ... وأخذنا بما ورد في أغلب المصادر. انظر : أدب الإملاء والاستملاء ، ٧٥ ؛ مسند الشهاب ، ١ / ١٥١ ؛ سنن الدار قطني ، ٣ / ٦٥ ؛ تاريخ جرجان ، ٣٧٠ وفيه : ما عند الله شيء ؛ الدر المنثور ، ١ / ٣٥٠ ؛ الجامع الصغير ، ٢ / ٥٠٠.

٣١٤

قال أبو علي : ترى ، لو كانت تلك الرسالة من الحق تعالى وكان المعتمدان اللذان معها هما إبراهيم وموسى ، هل ترفع عني المطالبة؟ فقال أمير خراسان : إن ذلك أولى.

قال أبو علي : قال الله تعالى : (أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِما فِي صُحُفِ مُوسى وَإِبْراهِيمَ الَّذِي وَفَّى ، أَلَّا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى ، وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلَّا ما سَعى)(١).

فقال الأمير : قبلت ، ولن أعرّض ـ أثناء عهدي ـ أحدا بجرم آخر ، إلا القريب الذي أجاز حكم الشرع مطالبته.

أبو عبد الله محمد بن إسحاق الفقيه البيهقيّ (٢)

ولد ونشأ في قرية أباري (٣).

قال أبو عبد الله هذا : حدثنا علي بن الحسين الهمذاني (٤) ، قال حدثنا نوح بن ميمون ، قال حدثنا أبو عصمة عن الحجاج بن أرطاة ، عن طلحة بن مصرف ، عن كريب مولى ابن عباس أنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه : «إن الله جواد يحب الجود ، ويحب معالي الأمور ويبغض سفسافها» (٥).

__________________

(١) سورة النجم ، الآيات ٣٦ ـ ٣٩.

(٢) لم نعثر له على ترجمة في المتوفر من المصادر.

(٣) من قرى بيهق.

(٤) يحتمل أن يكون أبا الفضل علي بن الحسين الفلكي الهمذاني المتوفى سنة ٤٢٧ ه‍ (المنتخب من السياق ، ٤١٤). وفي الأصول : روح بن ميمون ، والتصويب من المصادر ، فهو نوح بن ميمون بن عبد الحميد ، أبو سعيد العجلي المروزيّ المعروف بالمضروب ، هو يحدث عن أبي عصمة نوح بن أبي مريم الوارد أعلاه (تاريخ مدينة السلام ، ١٥ / ٤٣٦ ؛ الثقات لابن حبان ، ٩ / ٢١١ ؛ تهذيب الكمال ، ٣٠ / ٦١).

(٥) الحديث الشريف في مسند الشهاب ، ٢ / ١٥٠ ؛ المعجم الكبير للطبراني ، ٣ / ١٣١ ؛ المستدرك للحاكم

٣١٥

أبو الحسين علي بن أحمد الفقيه البيهقيّ (١)

ولد ونشأ في ربع طبس.

قال حدثنا أبو الحسن علي بن أحمد الحلوانيّ ، قال حدثنا أبو مسلم ، قال حدثنا علي ، قال حدثنا يزيد بن هارون ، قال حدثنا الوليد بن جميل ، عن القاسم ابن عبد الرحمن ، عن أبي أمامة الباهليّ رضي‌الله‌عنه ، عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أنه قال : «أربع آيات نزلن من كنز العرش : أم الكتاب ، قال الله تعالى (وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتابِ لَدَيْنا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ) ، وآية الكرسي ، وخاتمة سورة البقرة ، والكوثر» (٢).

وكان هذا الإمام في عداد محمد بن إسحاق بن خزيمة رحمة الله عليه.

أبو جعفر محمد بن أحمد البيهقيّ (٣)

من كليم آباد بيهق ، وهي قرية بين نارستانه وقاريز [١٦٧] هشتقان ، وهذا الإمام ، هو جد الإمام ركن الدين أبي جعفر المقرئ البيهقيّ ، وهو الإمام أبو جعفر أحمد بن الإمام المقرئ علي بن أبي صالح الذي كان إمام الجامع القديم بنيسابور (٤) ،

__________________

،. ١ / ٤٨ ؛ السنن الكبرى للبيهقيّ ، ١٠ / ١٩١ ؛ المصنف للصنعاني ، ١١ / ١٤٣ ؛ تأويل مختلف الحديث ، ٢٥٠ ؛ مكارم الأخلاق لابن أبي الدنيا ، ١٩ ، ومصادر أخر.

(١) لم نعثر له على ترجمة في المصادر التي بين أيدينا ، أما شيخه فيحتمل أن يكون الوارد في كتاب التدوين (٢ / ٢٩) في سند إحدى الروايات. ولا نعلم من هو أبو مسلم ، لكن شيخه هو علي بن عبد الله بن جعفر المعروف بابن المديني الذي يحدث عن يزيد بن هارون بن زاذي أبي خالد السّلميّ (تاريخ مدينة السلام ، ١٦ / ٤٩٤). وقد ورد في الأصول : أبو الوليد بن جميل ، فصوبناه.

(٢) المعجم الكبير للطبراني ، ٨ / ٢٣٥.

(٣) هو «الفقيه المقدّم» تمييزا له عن حفيده أبي جعفر أحمد بن علي المعروف ب «المقرئ» و «بو جعفرك» ، الذي سيأتي في هذه الترجمة.

(٤) درس مؤلفنا عند أبي جعفر هذا فهو يعرفه معرفة جيدة (معجم الأدباء ، ٤ / ١٧٦٠) ؛ مجمل فصيحي

٣١٦

وله مصنفات كثيرة مثل : تاج المصادر ، وكتاب ينابيع اللغة ، وكتاب المحيط بلغات القرآن ، وكتب أخر.

قال الفقيه المقدم أبو جعفر البيهقيّ : حدثنا الرئيس أبو محمد عبد الله بن إسماعيل الميكالي ، قال حدثنا أبو بكر محمد بن هارون بن مالك الخرّم آبادي ، قال حدثنا عبد الله بن مالك ، قال حدثنا أبي ، عن عمر بن محمد بن عبد الملك ، عن نافع عن ابن عمر أنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه : «أنين المريض تسبيحه ، وصياحه تهليله ، وتنفسه صدقته ، ونومه على الفراش عبادته ، وتقلّبه من جنب إلى جنب كما يقاتل العدو ، ويكتب ما يعمل في صحته ، ويقوم ويمشي ولا ذنب عليه» (١).

أبو عبد الله محمد بن محمد بن جابر البيهقيّ (٢)

ولد في خوار بيهق ، وله حركات منجحة ، وأسفار مثمرة في طلب العلم ، وقد اختلف في سجستان إلى قاضي تلك الولاية أبي سعيد الخليل بن أحمد السّجزيّ ، واتفق له أنه ابتلي بالزواج من امرأة عجوز سليطة اللسان ، ثم إنه طلقها ، فكتب إليه

__________________

(٢ / ٢٤٢ ، وفيه : أبو جعفر أحمد بن علي بن أبي جعفر محمد بن أبي صالح بن أحمد بن جعفر البيهقيّ) ؛ وكما هو موجود في أول كتابه المحيط بلغات القرآن. وقد عرف ب «بو جعفرك» كما في معجم الأدباء وغيره : معجم الأدباء ، ١ / ٣٩٨ ـ ٣٩٩ ، حيث قال ياقوت إنه ولد حوالي ٤٧٠ ه‍ وتوفي سنة ٥٤٤ ه‍ ؛ تعليقات النقض ، ١ / ٥٦٤ ؛ الوافي بالوفيات ، ٧ / ٢١٤ ؛ بغية الوعاة ، ١ / ٣٤٦ ؛ سير أعلام النبلاء ، ٢٠ / ٢٠٨ ؛ كشف الظنون ، ١ / ٢٦٩. وفي سماع موجود بخطه هو على نسخة من كتابه ينابيع اللغة يوجد اسمه : ركن الدين أبو جعفر أحمد بن علي المقرئ (نوادر المخطوطات العربيّة من القرن الثالث ... ، ١٨٣). طبع من مؤلفاته في إيران : تاج المصادر و «المحيط بلغات القرآن».

(١) سير أعلام النبلاء ، ٤ / ١٥٥ ؛ ميزان الاعتدال ، ١ / ٤٣٦.

(٢) لا نعرف عنه شيئا ، أما شيخه فهو أبو سعيد الخليل بن أحمد السّجزيّ قاضي سمرقند الذائع الصيت (٢٨٩ ـ ٣٧٨ ه‍).

٣١٧

أحد أصدقائه رسالة يستفسر فيها عن الحال ، ويعجب من تطليقه إياها بحكم صلة له بتلك المرأة ، فكتب إليه مجيبا :

إني لمن يبدي النفاق مماذق

ولكلّ من يهوى هواي موافق

ولمن يحبّ مودّتي وصداقتي

وأخوّتي في كلّ حال عاشق

أ بنيّ قد فارقتها لا أرشدت

وهدي لفرقتها الفؤاد الخافق

حقا أقول فإن أردت بيانه

هي طالق هي طالق هي طالق

[١٦٨] أبو حامد أحمد بن علي المقرئ (١)

ولد ونشأ في خسروجرد.

قال : حدثنا أبو بكر محمد بن إسماعيل بن العباس الورّاق ، قال : حدثنا أبو الحسن علي بن محمد بن هارون الحميريّ قال : حدثنا محمد بن العلاء قال : حدثنا عبد الله بن إدريس ، عن الأعمش ، عن إبراهيم ، عن علقمة ، عن عبد الله بن مسعود أنه قال : لما نزلت هذه الآية (الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمانَهُمْ بِظُلْمٍ)(٢) ، شق ذلك على أصحاب النبي صلى الله عليه ، وقال رسول الله صلى الله عليه : «أما قرأتم قول الله تعالى (إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ)(٣)؟» (٤).

__________________

(١) المنتخب من السياق (ص ١٢٤) الذي أورد اسمه كاملا : أحمد بن علي بن أحمد بن الحسين ، أبو حامد البيهقيّ ولم يورد سنة وفاته ، إلا أن السبكي (طبقات الشافعية الكبرى ، ٤ / ٢٨) قال إنه «توفي بعد ٤٨٣ ه‍ فإن الحسين الفورانيّ سمع منه هذه السنة» ؛ طبقات الشافعية للإسنوي ، ١ / ١١٧ ؛ طبقات الفقهاء الشافعية لابن الصلاح ، ١ / ٣٥١.

(٢) سورة الأنعام ، الآية ٨٢.

(٣) سورة لقمان ، الآية ١٣.

(٤) الحديث في صحيح البخاريّ ، ٤ / ١٣٧ ، ٦ / ٢٠ ، صحيح مسلم ، ١ / ٨٠ ؛ السنن الكبرى للبيهقيّ ، ١٠ / ١٨٥ ، العمدة لابن البطريق ، ١٧٤ ؛ مسند أحمد ، ١ / ٣٧٨ ؛ زاد المسير ، ٣ / ٥٣ ، ومصادر أخر.

٣١٨

السيد أبو منصور ظفر بن محمد بن أحمد الزّبارة العلويّ (١)

كان من كبار السادات ، ذكرت شرف نسبه في كتاب لباب الأنساب وألقاب الأعقاب ، وكان علويا عالما ومحدثا وغازيا ، وهو شقيق السيد الأجل شيخ العترة نقيب النقباء بخراسان أبي محمد زبارة (٢).

ذهب إلى الحج ، فسمع في الكوفة وبغداد أحاديث كثيرة.

قال : حدثنا أبو الحسين علي بن عبد الرحمن بن عيسى بن ماتي ، قال : حدثنا أبو عمر أحمد بن حازم ، قال : حدثنا إسماعيل بن أبان الغنويّ ، قال : حدثنا السري بن إسماعيل ، عن عامر ، عن مسروق ، عن عبد الله [بن مسعود] أنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه : «لا تسبّوا الدنيا فنعم مطية المؤمن هي ، عليها يبلغ الخير ، وبها ينجو من الشر» (٣). صدق رسول الله صلى الله عليه.

__________________

(١) في الأصول كتب المؤلف لقب ظفر هذا : الزّبارة ، وكذلك كتبه في بعض المواضع وفي مواضع من كتابه لباب الأنساب ، إلا أن السائد لدى عامة المؤرخين وكتّاب أنساب العلويّين ـ ومنهم المؤلف في مواضع كثيرة من مؤلفاته ـ أن يكتب : زبارة من غير ألف ولام ، وسبب تلقيب هذه الأسرة بهذا اللقب هو ما ذكره أبناؤها من أن جدهم أبا الحسين محمد بن عبد الله من أهل المدينة كان شجاعا شديد الغضب وكان إذا غضب يقول جيرانه : قد زبر الأسد (الأنساب ، ٣ / ١٢٨).

ترجم لأبي منصور ظفر هذا في : المنتخب من السياق ، ٢٩٣ وفيه أنه توفي سنة ٤١٤ ه‍ ؛ سير أعلام النبلاء ، ٧ / ٢٦٣ ؛ تاريخ نيسابور ، ١٦٤ ؛ لباب الأنساب ، ٢ / ٧١٥ ؛ تهذيب الأنساب ، ٢٥٧ ؛ الفخري في النسب ، ٨٠ ، وذكر أن أمه وأم شقيقه الذي يأتي بعد أسطر هي طاهرة بنت محمد بن الحسين بن طاهر بن عبد الله بن طاهر ذي اليمينين ؛ الأنساب ، ٣ / ١٢٨ ؛ المناقب للخوارزمي ، ٣٧٣ ؛ عمدة الطالب ، ٣٤٦.

(٢) سيترجم له المؤلف لا حقا وهو أبو محمد يحيى بن محمد بن أحمد المتوفى سنة ٣٧٦ ه‍.

(٣) كتاب الدعاء للطبراني ، ٥٦٨ ؛ كنز العمال ، ٣ / ٢٣٩ ؛ فيض القدير ، ٢ / ٤١٤ ؛ كشف الخفاء ، ٢ / ٣٥٦ ؛ الكامل في ضعفاء الرجال ، ١ / ٣٠٩ ؛ ميزان الاعتدال ، ١ / ٢١١.

٣١٩

أبو حامد أحمد بن عبد الله بن محمد بن إبراهيم البيهقيّ (١)

كانت أكثر روايات أحاديثه عن السادات ، وأكثر روايات السادات عنه ، ومولده وموطنه غير معروفين ، إلا أنه بيهقي الأصل والفرع.

قال : حدّثنا الجوريّ ، قال حدثنا أبو الوفاء المؤمل بن الحسن بن عيسى (٢) ، حدثنا الفضل بن محمد الشّعرانيّ ، حدثنا هارون بن الفضل الرازي قال : حدثنا جرير ، عن عمرو بن ثابت ، أنه لما مات زين العابدين علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ، وجدوا على ظهره أثرا ، فسألوا عنه ، فقالوا هذا مما أنه ينقل جرب الطعام بالليل إلى الأرامل واليتامى.

قال مصنف هذا الكتاب : إن ذلك من علائم طلب السعادة الأخروية [١٦٩] ومعرفة رسوم ودقائق العبودية ، والاستفادة من طهارة الأصل ، وآثار مساعيه الناجحة ظاهرة في الدّارين ، ودليل على عدم التقاعس عن إطاعة أوامر الحق تعالى :

هذي المكارم لا قعبان من لبن

شيبا بماء فعادا بعد أبوالا (٣)

__________________

(١) لم نجده في المصادر التي بين أيدينا ، أما شيخه الجوريّ فنرجح أنه عمر بن أحمد بن محمد بن موسى الجوريّ النّيسابوريّ المتوفى سنة ٤٦٧ ه‍ (طبقات الحنفيّة ، ١ / ٣٨٦).

(٢) المعروف أن الذي يروي عن الفضل الشّعرانيّ هو ابنه أبو بكر محمد بن المؤمل بن الحسن بن عيسى في الروايات الواردة عن النّيسابوريّين والبيهقيّين (انظر : المستدرك للحاكم ، ١ / ٤٥٥ ، ٥٥٨ ، ٢ / ١١٧ ، ١٥٦ ، ٢٤٧ ، ٤٤١ ، ٤ / ١١٣ وصفحات أخر ؛ معرفة علوم الحديث للحاكم أيضا ، ٢٢١ ؛ السنن الكبرى للبيهقيّ ، ٢ / ٤٧٩ ، ٣ / ١٩ ، ٧ / ٤٥٥). فالصواب هو : حدّثنا أبو بكر محمد بن المؤمّل قال : حدّثنا أبو الوفاء المؤمّل ... ، وهو ما يتفق مع ما ورد في شعب الإيمان (٣ / ٢٤٥) الذي ورد فيه نص هذا الخبر ، كما ورد في مناقب آل أبي طالب ، ٣ / ٢٩٣ ؛ تاريخ اليعقوبي ، ٢ / ٣٠٣ ، وفيه : وجد على كتفيه جلب كجلب البعير ؛ حلية الأولياء ، ٣ / ١٣٦ ؛ سير أعلام النبلاء ، ٤ / ٣٩٣.

(٣) في المزهر (١ / ١٤٥) أن الشعر لأبي الصلت بن أبي ربيعة الثّقفيّ.

٣٢٠