نعشه بريشه. وإنه لحسن الريش ، أي الثياب ، والرّياش القِشَرِ.
الليث ، يقال : ارتاش فَلان ، إذا حَسُنَت حالتُه ، قال : ورِشتُ فلاناً ؛ إذا قوّيتَه وأَعنْتَه على مَعَاشه.
وقال غيره : الرَّاشي الذي يرشو الحاكم ليحكم له على خَصْمِه ، إمّا أن يحيفَ فيحكُمَ بخلاف الحقّ ، وإمّا أن يؤخر الحاكم إمضاء الحكم حتى يرشوَه صاحبُ الحق شيئاً ، فيحكم له حينئذ بحقّه ، والحاكم جائر في كلا الوجهين ، والرَّاشي في أحد الوجهين معذور. وإذا أخذ الحاكم الرِّشوة فهو مرتشٍ ، وقد ارتشى.
والرائش الذي يتردّد بينهما في المصانعة فيريش المرتشَى من مال الراشي. وكل من أنلْتَه خيراً فقد رِشتَه. والرائِش الحميريّ مَلك من ملوك حِمْير ، كان غزا قوماً فغنِم غنائم كثيرة ، وراش أهل بيته حتى أغناهم.
ثعلب ، عن ابن الأعرابيّ : راش فلان صَدِيقه يَريشه رَيشاً إذا جمع الرِّيشَ ، وهو المالُ والأثاث. ويقال : كلاء رَيْشٌ ورَيّش ، وله رِيش ؛ وذلك إذا كثر ورَقَّ ، وكان عليه زَغبة من زِفِّ ، وتلك الزَّغَبة يقال لها : النَّسَال.
ويقال : رمح راشٌ خَوَّار ضَعِيف ، وجملٌ راش الظَّهر : ضعيف. ورجل راشٌ : ضعيف.
وشر ـ أشر : روي عن النبي صلىاللهعليهوسلم ، أنّه لعن الواشرة والمؤتشِرة.
قال أبو عُبَيد : الوَاشِرة : المرأة التي تَشِر أسنانها ، وذلك أنها تفلِّجُها وتُحَدِّدها حتى يكون لها أُشُر ؛ والأُشر تحدُّد ورقّة في أطراف الأسنان ، ومنه قيل : «ثَغْرٌ مُؤَشّر» ، وإنما يكون ذلك في أسنان الأحداث ، تفعله المرأة الكبيرة ، تتشبّه بأولئك ، ومنه المثل السائر : «أَعْيَيْتِنِي بأُشُر ، فكيف أرجوك بِدُرْدُر» ، وذلك أنّ رجلاً كان له ابن من امرأةٍ كَبِرت ، فأخَذ ابنه يوماً منها يُرَقِّصُه ، ويقول : يا حبذا دُرْدُرك! فعمِدت أمّه الحمقاء إلى حجر فهتَمتْ أسنَانها ، ثم تعرَّضت لزوجها ، فقال لها حينئذ : «أَعْيَيْتِنِي بأُشر فكيف بِدَرْدُر»!
وقال ابن السّكِّيت : يقال للمنشار الذي يُقطع به الخشب : ميشار وجمعه مواشير ، من وَشَرْت أشر ، ومئشار وجمعه مآشير من أشرْتُ آشِرُ ، وأنشد :
* أناشرَ لا زالَت يمينك آشِرَهْ*
قالوا : أرادت لا زالت يمينك مأشورة كما قال الله جل وعز : (خُلِقَ مِنْ ماءٍ دافِقٍ (٦)) [الطارق : ٦] ، أي مدفوق.
والأَشَر المَرح والبَطَر ، ورجل أَشِر وأشْرَان ، وقوم أَشَارَى وأُشارَى ، وامرأة مِئْشير بغير هاء ، مثل الرجل ، وحَرَّة شَوْرَانِ معروفة في بلاد العرب.
[باب الشين واللام]
ش ل (وا يء)
شال ، شلى ، وشل ، لشا ، أشل.
شول : يقال لبقيّة الماء في المَزَادة أو القِرْبة : شوْل ، وجمعه أشوال. وقد شَوَّلت المزادةُ وَجَزَّعَتْ ، إذا بقي فيها جِزْعَةٌ من الماء ، ولا يقال : شالت المزادَةُ ، كما يقال : درهم وازن ، أي ذو وَزْن ، ولا يقال : وزن الدرهم. والشوْل أيضاً من النُّوق : التي قد أتى عليها سبعة أشهر من يوم نَتَاجها ، فلم يَبْقَ في ضروعها إلا شَوْلٌ من اللبن ، أي بقيّة مقدار ثلث ما كانَتْ تحلبُ في حِدْثَان نَتَاجها ، واحِدَتُها شائِلة. وقد شوَّلتِ الإبلُ ، أي صارب ذات شَوْل من اللّبن ، كما يقال : شَوَّلَتِ المزادةُ إذا بقي فيها نُطَيْفة ، وأما الناقة الشائِلِ بغير هاء. فهي التي ضربَها الفَحْلُ فشالت بذَنَبها ، أي رفعته. تُرِي الفحلَ أنّها لاقح ؛ وذلك آية لِقَاحها ، وتشمخ حينئذٍ بأنفها ، وهي حينئذٍ شامِذٌ ، وقد شَمَذت شِمَاذاً. وجمع الشائِل من النُّوق والشامِذُ شُوَّل وشُمَّذ ، وهي عاسِرٌ أيضاً ، وقد عَسَرَت عِسَاراً.
قلت : وجَميع ما ذكرتُ في هذا الباب من العرب مسموع ومرويّ.
وقد روى أبو عُبيد ، عن الأصمعيّ أكثره ، إلا أنَّه قال : إذا أَتَى على الناقة مِنْ يَوْم حَمْلها سبعة أشهر خفَّ لبنها. وهو غَلَط لا أدري أهو من أبي عبيد أو الأصمعي والصواب : إذا أتى عليها من يوم نَتاجها سبعة أشهر ، كما ذكرته لا من يوم حملها ، اللهم إلا أن تَحمل الناقة كِشافاً ، وهو أن يضربَها الفحلُ بعد نَتَاجها بأيَّام قلائل. وهي كَشُوفٌ حينئذٍ ، وهو أرداً نَتَاجٍ عند العرب.
وقال الليث : يقال : شال الميزان ، إذا ارتفعت إحدى كَفَّتَيْه لِخِفَّتها ، ويقال للقَوْم إذا خَفُّوا ومضَوْا : شَالَتْ نَعَامتُهم ، والعقرب تشول بذنبها ، وأنشد :
* كَذَنَبِ العَقْرَبِ شوَّالٍ عَلِقْ*
أبو عُبيد عن اليزيديّ : شَالَتْ الناقةُ بذنبها ، وأشالَتْ ذَنَبَها.
قال : وقال أبو عَمْرو : أشلْتُ الحجرَ وشلتُ به.
وقال غيرُه : شال السَّائلُ يديه ، إذا رفعهما يَسألُ بهما ، وأنشد :
* وأعسرَ الكف سَأَلَّا بها شَوِلاً*
وقول الأعشى :
* شاوٍ مِشَلٌّ شِليلٌ شُلْشُلٌ شوِلُ *
فإنّ ابن الأعرابي قال : الشوِل الذي يَشُول بالشيء الذي يشتريه صاحِبُه ، أي يرفعه.
وقال شَمِر : وقال ابن الأعرابيّ : شولَةُ العقرب التي تضربُ بها ، تسمى الشوكة والشَّبَاة والشَّوْكة والإبرة.
قلت : وبها سمّيت إحدى منزل بُرْج العقرب : شولَةُ تشبيهاً بها ، لأنّ البرج كلَّه على صورة العقرب.
والشهر الذي يلي رمضان يقال له شوَّال ، وكانت العرب تَطَّير من عَقْد المناكح فيه ، وتقول : إن المنكوحة تمتنع مِنْ ناكحها ، كما تمتنع طَرُوقة الفحل إذا لُقِحَتْ ، وشالت بذَنَبَها ، فأبطل النبيَّ صلىاللهعليهوسلم طِيَرَتُهمْ.
وقالت عائشة : تزوجني رسولُ الله صلىاللهعليهوسلم في شوَّال ، وبنى عليَّ في شوَّال ، فأيُّ نسائه كان أحظى عنده مَنّى؟
وقال ابن السِّكِّيت : من أمثالهم في الذي ينصح للقَوْم وهو مَلُوم : «أنت شولَةُ الناصِحَة» ، قال : وكانت أَمَةٌ لعَدْوَان رَعْنَاء ، تَنْصَح لمواليها ، فتعود نصيحتُها وَبَالاً عليها لحمْقِهَا.
قال : وقال ابن الأعرابيّ : الشوْلَةُ الحمقاء.
قال : ويقال : شال ميزانُ فلان يَشول شَوَلاناً ، وهو مَثَل في المفاخرة. يقال : فاخَرته فشال ميزانُه ، أي فخرتُه بآبائي وغلبْتُه.
وقال : شالت نعامتُهم ؛ إذا تفرقَّت كلمتُهم ، وشالت نعامتُهم ؛ إذا ذهب عِزُّهم.
أبو عُبيد ، عن أبي زَيد : تشاوَل القومُ تشاوُلاً ؛ إذا تناول بعضُهم بعضاً عند القتال.
شلى : أبو عُبيد ، عن أبي زيد : أَشلَيتُ الكلب وقَرْقَسْتُ به ، إذا دَعَوْتَه.
وروي عن مطرّف بن عبد الله ، أنه قال : «وجدتُ الْعَبْد بين الله وبين الشيطان ، فإن اسْتَشْلَاهُ ربُّه نجّاه ، وإن خَلَّاه والشيطانَ هَلكَ».
قال أبو عُبيد : قوله : «استشلاه» ، أي استنقذه ، وأصل الاستشلاء الدّعاء ، ومنه قيل : أشليت الكلب وغيره ، إذا دعوتهُ.
قال حاتم طيىء يذكر ناقة دعاها فأقبلت إليه :
أشلَيْتُها باسم المرَاح فأقبلتْ |
رَتَكاً وكانت قبل ذلك تَرْسُفُ |
قال : فأراد مطرّف أنّ الله تعالى إنْ أغاث عَبْدَه ودعاه ، فأنْقَذَه من الهلكة فقد نجا ، وذلك الاستشلاء.
وقال القُطامي يمدح رجلاً :
قَتَلْتَ كلباً وبكراً واشتَليتَ بنا |
فقد أَرَدْتَ بأن تَسْتَجْمعَ الْوَادِي |
وقوله : «اشتليت» واستشليت» سواء في المعنى ، وكّل مَنْ دَعَوْته فقد أشليتَه.
الليث : الشِّلْو : الجسد والجِلْد من كلّ شيء ، وقال الرّاعي :
فَادفَعْ مظالِمَ عَيَّلَتْ أبناءَنَا |
عَنَّا وَأَنْقِذْ شِلْوَنَا الْمأكُولَا |
قال : واشتلى الرجُلُ فلاناً ، أي أنقذ
شِلوَه ، وأنشد :
* إنَّ سُلَيْمَانَ اشتَلَانَا ابْنَ عَلِي*
أي أنقذ شِلْوَنا.
ابن السكِّيت ، عن أبي زَيْد : يقال : ذهبت ماشيَة فلان وبقيت له شَلِيَّة ، وجَمعها شَلايا ، ولا يقال إلا في المال.
وقال أبو عُبيد : الشِّلْو : العضو. وقيل : الشِّلْو : البَقِية. وقالت بنو عامر لما قَتَلُوا بنِي تميم يوم جَبَلة : لم يبق منهم إلّا شِلْو ، أي بَقيّة ، فغَزَوْهم يوم ذي نَجَب ، فقتلتْهم تميم. وفي ذلك يقول أوْس بن حَجَر :
فَقُلْتُمْ : ذَاكَ شِلُوٌ سَوْفُ نَأْكُله |
فكيف أَكْلكُمُ الشِّلْوَ الَّذِي تَرَكُوا |
وروى عن النبي صلىاللهعليهوسلم أنه قال لأبيّ بن كعب في القَوْس التي أهداها له الطُّفَيل ابن عمر الدَّوْسِي بإقْرَائِه إياه القرآن : «تقلَّدْ بها شِلْواً من جهنم»
أي قطعة منها ، ومنه قيل للعضو : شلْو ؛ لأنه طائفة من الجسَد.
وسُئل بعضُ النسَّابين من قريش عن النعمان بن المنذر ونسبه ، فقال : كان من أشلاء قُنَص بن مَعَدّ ، أراد أنه كان من بقايا ولده.
ثعلب ، عن ابن الأعرابيّ ، قال : الشّلا : بقيَّة المال ، والشَّلِيّ : بقايا كل شيء ، وشلَا ، إذا سار ، وشلَا ، إذا رَفَع شيئاً.
لشا : أهمله الليث في كتابه ، ورَوَى أبو العباس ، عن ابن الأعرابي أنه قال : لشا ، إذا خَسَّ بعد رِفعة. قال : واللّشِيّ : الكثير الحَلَب.
وشل : قال الليث : الوَشَل : الماء القليل يُتَحَلَّب. وجبَلَ واشل : يقطرُ منه الماء ، وماء واشل : يَشِلُ منه وَشْلاً.
وقال ابن السِّكّيت : سمعتُ أبا عَمْرو يقول : الوُشُول قلة الغَنَاء ، والضعف ، والنقصان ، وأنشد :
إذا ضَمَّ قَوْمَكُمُ مَأْزِقٌ |
وَشلْتُمْ وُشولَ يَدِ الأجْذَمِ |
وناقة وَشُولٌ : يَشِلُ لبنُها من كثرته ، أي يسيل ويقطرُ من الوَشَلان ، ويقال : وَشلَ فلان إلى فلان ، إذا ضَرَع إليه ، فهو واشل إليه. ورأْيٌ واشل ، ورجل واشلُ الرَّأْيِ ، أي ضعيفه. وفلان واشلُ الْحَظّ : لا جَدّ له. وأوشلت حَظَّ فلان ، أي أقللتَه.
أبو عُبيد : الوَشَل ما قَطَر من الماء ، وقد وشَل ويشِل ، ورأيت في البادية جَبَلاً يقطر في لِحَفٍ منه من سَقفِه ماء ، فيجتمع في أسفله ، ويقال له الوَشَل.
ثعلب ، عن ابن الأعرابيّ ، عن الدُّبَيْرِية : يُسَمَّى الماء ، الذي يقطر من الجبل المَذَع ، والفَزيزُ والوَشل.
أشل : قال الليث : الأشْل من الذَّرْع بلغة أهل البصرة ، يقولون : كذا وكذا أَشلا
لمقدارٍ معلوم عندهم.
قلت : وما أراه عربياً صحيحاً.
[باب الشين واللام]
ش ن (وا يء)
شان ، شنأ ، ناش ، نشأ ، نشي ، أشن.
شين : قال الليث : الشَّيْن معروف ، وقد شَانَه يَشِينُه شَيناً.
قلت : والشَّيْن ضد الزَّيْن ، والعرب تقول : وجه فلان زَيْن ، أي حَسَنٌ ذو زَين ، ووجه الآخر شَين ، أي قبيح ذو شيْن.
سَلمة ، عن الفراء ، قال : العَيْنُ والشَّيْن ، والشنار : العَيْب.
والشِّين حرف هجاء ، وقد شَيَّنْتُ شِيناً حَسَناً.
وقول الله جلّ وعزّ : (كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ) [الرحمن : ٢٩] ، قال المفسِّرون : من شأنه أن يعزّ ذليلاً ، ويذلّ عزيزاً ، ويغني فقيراً ، ويُفقر غنِيّاً ، ولا يشغَلُه شأن عن شأن.
والشأن الخطْب ، وجمعه شئُون.
ويقال : أتاني فلان وما شَأَنتُ شأْنَه ، ولا مَأنْتُ مأنَه ، ولا انتبلْتُ نَبْلَه ، أي لم أعبأ به ولم أكثرتْ له.
وقال الليث : الشئُون : عروق الدَّمْع من الرأس إلى العَيْن الواحد شَأْن. قال : والشُّئون نمانم في الجمجمة بين القبائل.
وقال أحمد بن يحيى : الشئون عُروق فوق القبائل ، فكلّما أَسَنَّ الرجلُ قَوِيت واشتدَّت.
وأخبرني المنذريّ ، عن إبراهيم الحربي ، عن أبي نصر ، عن الأصمعي ، قال : الشئون مواصل القبائل ، بين كلّ قبيلتين شأن ، والدموعُ تخرج من الشئون ، وهي أربَعٌ بعضُها إلى بعض.
قال إبراهيم ، وقال ابن الأعرابيّ : للنّساء ثلاث قبائل.
وروي عن عمرو ، عن أبيه ، أنه قال : الشُّأْنَانِ عِرقان من الرأَس إلى العَيْن.
وقالَ عَبِيد بن الأبرص :
عَيْنَاكَ دَمْعُهما سَرُوب |
كأَنَّ شأْنيهما شعِيبُ |
قال : وحجة الأصمعي قوله :
لا تُحْزِنيني بالفِراق فإنَّني |
لا تَسْتَهِلُّ من الفِراقِ شئُوني |
وقال غيره : الشئون : عروق في الجبل ينبت فيها النَّبْع ، واحدها شَأْن. ويقال : رأيت نخيلاً نابتةً في شأن من شئون الجبل. وقيل : عروق من التراب في شقوق الجِبَال يُغرَسُ فيها النخل. وشئون الخمر ما دبَّ منها في عُروق الجَسَد.
قال البَعِيث :
بأطيبَ مِنْ فيها ولا طعمَ قَرْقَفٍ |
عُقارٍ تمشِّي في العظام شئونُها |
أشن : قال الليث : الأشْنَة شيء من العِطْر أبيض دقيق ، كأنه مبشور من عِرق.
قلت : ما أراه عربيّاً.
نوش : قال الله جلَّ وعزَّ : (وَأَنَّى لَهُمُ التَّناوُشُ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ) [سبأ : ٥٢].
قال أبو عبيد : التَنَاوش التناول ، والنَّوْش مثله.
نُشتُ أنُوش نَوْشاً.
سلمة ، عن الفرّاء : أهل الحجاز تركوا همز التَّناوش ، وجعلوه من نُشتُ الشيء ، إذا تناولتَه ، وأنشدنا :
فهيَ تَنُوشُ الحوضَ نَوْشاً من عَلَا |
نَوْشاً به تقطع أجوازَ الْفَلَا |
وقد تناوَشَ القومُ في القِتَال ، إذا تناول بعضُهم بَعْضاً بالرِّمَاح ، ولم يتَدانَوْا كلَّ التَّدَانِي.
قال الفرَّاء : وقرأ الأعمش وحمزة والكسائيّ : التناؤش بالهمز يجعلونه من نَأشْتُ ، وهو البطء. وأنشد :
* وجئتَ نئيشاً بَعْدَ ما فاتك الخبَرْ*
وقال الآخر :
تَمَنِّي نَئِيشاً أن يكون أطاعَنِي |
وَقَدْ حَدَثَتْ بَعْدَ الأمُورِ أمورُ |
قال : وقد يجوز همز التناوُش ، وهو من نُشْت ، لانضمام الواو. ومثل قوله : (وَإِذَا الرُّسُلُ أُقِّتَتْ (١١)) [المرسلات : ١١].
قال الزّجاج : التَّناوُشُ بغير همز : التناول. المعنى : وكيف لهم أن يتناوَلُوا ما كان مبذولاً لهم ، وكان قريباً منهم ؛ فكيف يتناوَلُونه حين بَعُدَ عنهم؟
قال : ومَنْ همز فهو من النّئِيش ، وهو الحركة في إبطاء ، والمعنى مِنْ أين لهم أن يتحركوا فيما لا حيلة لهم فيه!
أبو عُبَيد عن الأصمعيّ : انْتَأَش الشيء ، أي تأخَّر بالهمز.
وأخبرني المنذريّ عن الحربيّ عن عمرو عن أبيه : ناقة مَنُوشَةُ اللحم ؛ إذا كانت رقيقة اللحم.
وانْتَأَشه ، أي انتزعَهُ.
وأمّا قولهم : انتاشني فلان من الهَلكة ، أي أنْقَذَني ، فهو بغير همزٍ بمعنى تناولني.
نشأ : قال الليث : النَّشَأُ : أحداث النّاس.
يقال للواحدِ أيضاً : هو نَشَأُ سَوْءٍ.
والناشِئُ الشابّ ، يقال : فتًى ناشئ ، ولم أسمع هذا النّعْتَ في الجاريَة.
والفعل نَشَأ ينشَأ نشْأً ونَشْأَةً ونشاءَة.
ورَوى سَلَمة عن الفراء : العرب تقول هؤلاء نَشْءُ صِدْق ، فإذا طَرَحُوا الهمزة قالوا : هؤلاء نَشُو صِدْقٍ ، ورأيت نشَا صِدْق ، ومررت بنَشِي صدق ، وأجوَد من ذلك حَذفُ الواو والألف والياء ، لأن قولهم : «يَسَل» أكثر من قولهم يَسْأَل و «مَسَلَةٌ» أكثر من «مَسألة».
وأخبرني المنذريّ عن أبي الهيثم ، أنه قال : الناَّشئ الشابّ حين نشأ ، أي بلغ قامَةَ الرجل ، ويقال للشابّ والشابَّة إذا كانوا كذلك : هم النَّشَأ يا هذا والنّائون ، وأنشد لنُصَيب :
وَلَوْلَا أَنْ يُقَالَ صَبَا نُصَيْبٌ |
لَقُلْتُ بنفسيَ النَّشَأُ الصِّغَارُ |
فالنَّشَأ قد ارتفعْن عن حدّ الصِّبا إلى الإدراك ، أو قربْنَ منه.
نشأَتْ تنشَأ نَشْأ ، وأنشأ الله إنشاء ، قال وناشيء ونَشَأ جماعة ، مثل خادم وخَدَمَ ، وطالب ، وطَلَب.
الحرانيّ ، عن ابن السِّكِّيت ، قال : النَّشَأ : الجواري الصّغار في بيت نُصَيب.
وقال الفراءِ في قول الله جلّ وعزّ : (ثُمَّ اللهُ يُنْشِئُ النَّشْأَةَ الْآخِرَةَ) [العنكبوت : ٢٠].
قال : القُرّاء مجتمعون على جزم الشين ، وقَصْرها إلا الحسن البَصْرِي ، فإِنه مَدَّها في كلّ القرآن ، فقال : النَّشاءة ، وهو مثل الرّأفة والرآفة ، والكَأبة والكآبة.
وقوله تعالى : (أَوَمَنْ يُنَشَّؤُا فِي الْحِلْيَةِ) [الزخرف : ١٨] ، قال الفرّاء : قرأ أصحابُ عبد الله : (يُنَشَّؤُا) ، وقرأ عاصم وأهل الحجاز : (يَنشَأُ). قال : معناه أن المشركين قالوا : الملائكة بَنَات الله ، تعالى الله عما افتروا ، فقال الله جلّ وعزّ : أَخَصَصْتُم الرحمنَ بالبَنَات ، وأحدكم إذا وُلد له بنتٌ يَسودُّ وجهه!. قال : وكأنه قال : أوَمَنْ لا يُنشَّأ إلا في الحِلية ، ولا بَيَان له عند الخِصَام ـ يعني البنات ـ تجعلونَهُنّ لِلَّهِ وتستأثرون بالبنين!
قال الزّجاج في قوله تعالى : (وَلَهُ الْجَوارِ الْمُنْشَآتُ) [الرحمن : ٢٤] وقرئ (الْمُنشِئَات) ، قال : ومعنى الْمُنْشَآتُ : السفُن المرفوعات الشُّرُع ، قال : والمنشِئَات : الرّافعات الشرع.
وقال الفرّاء : مَن قرأ (المنشِآت) فهن اللّائي يُقْبِلن ويُدْبِرْن ، و (الْمُنْشَآتُ) أُقْبِلَ بهنَّ وأُدْبِر.
وقال الشماخ :
عَلَيْهَا الدُّجَى المستنشَآت كأنها |
هَوادجُ مشدودٌ عليها الجزاجزُ |
يعني الزُّبَى المرفوعات. وقال الله جلّ وعزّ : (إِنَ ناشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئاً) [المزمل : ٦].
أخبرني المنذريّ ، عن الحربيّ ، عن الأثْرم ، عن أبي عُبَيدة ، قال : ناشئة الليل : ساعاته ، وهي آناءُ الليل ، ناشئةً بعد ناشئة.
وقال الزَّجّاجُّ : ناشئة الليل ساعات الليل كلّها ، ما نشأ مِنْهُ ، أي ما حَدَث ، فهو ناشئة.
وأخبرني المنذريّ عن إبراهيم الحربيّ ، أنه قال : كان أنس والحسَن وعليّ بن
الحسَيْن والضحاك والحكَم ومجاهِد يقولون : ناشئة الليل : أوله ، وإليه ذهب الكسائيّ.
وقال ابن عباس : النّاشئة : ما كان بَعْدَ نَوْمه.
قال : وقال ابن مسعود وابن عمر وابن الزبيرَ وأبو مالك ومُعَاوية بن قُرّة وعِكْرمة وأبو مَجْلَز والسُّدِّيّ : الليل كلّه ناشئَة ، متى قمتَ فَقَدْ نَشأْتَ.
قال : وأخبرني أبو نصر ، عن الأصمعيّ : خرج السَّحاب له نشء حَسَن ، وخرج له خروج حسن ، وذلك أوّل ما ينشأ ، وأنشد :
إذَا هَمَّ بالإقْلَاعِ هَبَّتْ له الصَّبَا |
فَعَاقَبَ نشءٌ بعدها وخَرُوجُ |
قال : وأخبرنا عمرو عن أبيه : أنشأت الناقة فهي مُبْشِىءٌ (١) إذا لَقِحَت ، ونشأ الليل ارتفع ، والنشأ : أحداث الناس ، غلام ناشيء وجارية ناشئة ، والجميع نشأ.
وقال شمِر : نشأَ : ارتفع ، ونشأت السحابةُ ، ارتفَعَت ، وأنشأها الله ، ويقال : من أين أنشأْتَ؟ أي من أين جئتَ؟
وقال أبو عمرو : أنشأ يقول كذا وكذا ، أي أقبل ، وأنشأ فلان : أقبل. وأنشد قولَ الراجز :
* مَكَانَ مَنْ أَنشا عَلَى الرَّكَائِبِ*
وقال ابن الأعرابيّ : أنشأ ، إذا أنشد شِعْراً أو خطب خُطبة فأَحسَنَ فيهما.
ابن السّكّيت عن أبي عمرو : تنشّأْتُ إلى حاجتي ، نهضت إليها ومَشيْتُ ، وأنشد :
فَلمَّا أَنْ تَنَشَّأَ قَامَ خِرْقٌ |
من الفِتْيانِ مختلَقٌ هضُومُ |
قال وسمعتُ غيرَ واحد من الأعراب يقول : تَنشَّأَ فلان غادِياً ، إذا ذهب لحاجته.
أبو عُبيد : النشيئَة : الحجر الذي يُجعَل أسفل الحوض ، والنَّصَائِب : ما نَصِب حوله ، وأنشد :
هَرَقْنَاهُ في بادي النَّشيئَةِ دائِرٍ |
قديمٍ بعهد الماء بُقْعٍ نَصَائِبُهْ |
وقال الليث : أنشأ فلان حديثاً ، أي ابتدأ حديثاً ورفعه.
نشي : ابن السكِّيت عن الكسائيّ : رجل نَشيان للخبر ونشْوَان ، وهو الكلام المعتَمَدُ.
ويقال : من أين نشِيتَ هذا الخبر؟ وفي السُّكْر : رجل نَشوان ، واستبانت نَشوتُه.
قال : وزعم يونس أنه سمع «نشوته».
أبو عُبيد عن أبي زيد : نشيتُ منه أنشَى
__________________
(١) في المطبوعة (يُبشىء) ، والمثبت من «اللسان».
نشوَةً ، وهي الريح يجدها.
وقال شمِر : يقال : من الريح نِشوة ، ومن السُّكر نَشوة.
ثعلب عن ابن الأعرابيّ : النّشوة : ريح الخمر.
الأصمعيّ : انظر لنا الخبَرَ ، واسْتَنْشق واسْتَوْشِ ، أي تعرَّفْه.
وقال شمِر : يقال : رجل نشيان للخبر ، ونشوان من السُّكْر ، وأصلهما الواو ففرّقوا بينهما ، قال : وقوله :
* منَ النّشوات والنِّساء الحسان*
أراد جمع النّشوة.
وقال الليث : يقال : نَشِيَ فلان وانْتَشى ، فهو نَشوان ، وامرأة نَشوَى ، أي سَكْرَى.
واستنْشيت نَشَا ريح طيبة ، أي نسَمْتُها ، وأنشد :
ويَنشى نَشا المِسْكِ في فارةٍ |
وريحَ الْخُزامى عَلَى الأجرَع |
وقال ابن الأعرابيّ : النَّاشِئ الغلام الحسَن الشباب.
شنأ : قال الله جلّ وعزّ : (إِنَ شانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ (٣)) [الكوثر : ٣].
قال الفرَّاء : قال الله تعالى لنبيه صلىاللهعليهوسلم : (إِنَ شانِئَكَ) ، أي مُبْغِضُك وعدوّك (هُوَ الْأَبْتَرُ).
الحرّانيّ عن ابن السِّكيت ، قال : سمعْتُ أبا عمرٍو يقول : الشانئ : المبغض ، والشِّنْء والشَّنْء : البِغْضَة.
قال : وقال أبو عُبيدة في قوله : (وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ) [المائدة : ٢] يقال : الشنآن ، بتحريك النون والهمزة ، والشنْآن بإسكان النون : البغْضة ، وبعضُهم يقول : الشَّنآن ، وأنشد :
* وإنْ لَامَ فيه ذُو الشّنَانِ وفَنَّدَا*
سَلَمة عن الفراء : من قرأ : (شَنَان قوم) فمعناه بُغْضُ قوم ، شِنئتُهُ شنَآنا وشَنانا ، ومن قرأ : (شَنَآنُ قَوْمٍ) فهو الاسم لا يحملنكم بَغِيضُ قَوْم.
وقال أبو عُبيد : يقال : شَنِئتُ حقّك ، أي أقررتُ به وأخرجتُه من عندي.
قال العجّاج :
زَلَّ بنُو الْعَوّام عَنْ آل الحكَمْ |
وشَنِئُوا المُلْك لمَلْكِ ذِي قَدَمْ |
أي أخرجوه من عندهم ، وقَدَم : منزلةٌ ورفعة.
وقال الفرزدق :
وَلَوْ كَانَ فِي دَيْنٍ سوَى ذا شنِئتُم |
لَنَا حَقَّنَا أو غَصَّ بالماء شَارِبُهْ |
وقال أبو الهيثم : يقال : شَنِئْتُ الرجل شَنْأَ وشنْأةً وشنآنا وَمَشْنَئاً ، أي أبْغضته ، ولغةٌ رديئة شَنَأْتُ بالفتح.
الحرّانِيّ عن ابن السكيت : أزد شَنُؤَة ،
بالهمز على «فَعُولَة» ، ولا يقال : شَنُوَّة.
أبو عُبيد ، عن أبي عُبيدة : الرجل الشَّنُوءة : الذي يتقزّز من الشيء ، قال : وأَحْسِب أن أزْدَ شَنوءة سُمِّي بهذا.
قال : والمِشْناء ، ممدود الهمزة مكسور الميم : الذي يُبْغضه الناس ، وهو على «مفْعَال».
وقال ابن السِّكِّيت : رجلٌ مشنوء ، إذا كان مُبَغَّضاً ؛ وإن كان جميلاً ، ورجل مَشْنَاء ، إذا كان قبيح المنظر ، ورجُلان مَشْناء ، ورجال مَشْنَاء.
وروِي عن عائِشة أنها قالت : «عليكم بالمشنْيئة النَافِعَة التلبين» تعني الحَسُوّ.
وقال الرّياشيّ : سألت الأصمعيْ عن المَشنيئة ، فقال : البغيضة.
وقال الليث : رجل شَناءَة وشنَائِية ، بوزن «فِعَالة» و «فَعَالِية» ، مُبَغَّض سيْىء الخُلُق.
وشن : أبو العباس ، عن ابن الأعرابيّ ، قال : التَّوشّن : قِلَّة الماء. قال : والتشوُّن خفّة العقل ، قال : والشَّوْنة : المرأة الحمقاءِ.
وقال ابن بُزُرْج : قال الكِلابيّ : كان فينا رجل يَشون الرؤوس يُريد يَفْرِج شئون الرؤوس ، ويخرج منها دابّة تكون على الدِّماغ ، فترك الهمز وأخرجه إلى حدّ «يقول» كقوله :
* قُلْتُ لرجليَّ اعملا ودُوبَا*
فأخرجها من دأبْتُ إلى دُبْتُ ، كذلك أراد الآخر «شنْتُ».
[باب الشين والفاء]
ش ف
(وا يء) شفى ، شاف ، شأف ، فشا ، فاش.
شفى : قال الليث : الشفاء معروف ، وهو ما يبرِىء من السَّقَم ، والفِعل : شفاه الله يشفيه شفاء ، واستشفى فلان ، إذا طلبَ الشفاء ، وأشفيت فلاناً ، إذا وهبْتَ له شفاء من الدواء.
ويقال : شِفاء العِيّ السؤال.
ثعلب ، عن ابن الأعرابيّ : أَشفَى ، إذا سار في شفَا القمر ، وهو آخر الليل ، وأشفَى ، إذا أشرف على وصيْةٍ أو وَدِيعة.
عَمْرو عن أبيه : أشفى زيدٌ عمراً ، إذا وَصفَ له دواء يكون شفَاؤه فيه ، وأشفَى ، إذا أعطَى شيئاً ما ، وأنشد :
وَلَا تُشفِي أبَاهَا لَوْ أَتَاهَا |
فقيراً فِي مَبَاءتها صِمَامَا |
وشَفَا كلّ شيء جَرْفُه. قال الله تعالى : (عَلى شَفا جُرُفٍ هارٍ) [التوبة : ١٠٩] ، والجميع الأشفاء.
وأخبرني المنذريّ ، عن الحرّانيّ ، عن ابن السِّكّيت ، قال : الشَّفا ، مقصور : بقيَّة الهلال ، وبقيَّة البَصر ، وبقيّة النهار ، وما أشبههه.
وقال العَجّاج :
وَمَرْبإِ عالٍ لمن تَشَرَّفَا |
أشْرَفْتُه بلا شَفَا أو بِشفَا |
وَأشفَى فلان على الهلكة ، أي أشرَف عليها.
وحدثنا محمد بن إسحاق ، قال : حدَّثنا الحسن بن الربيع ، عن عَبد الرزَّاق ، عن ابن جُريج ، عن عطاء ، سمعت ابن عباس يقول : ما كانت المُتْعة إلا رحمةً رحم الله بها أمَّة محمد ، فلو لا نهيُه عنها ما احتاج إلى الزنا أحَدٌ إلا شفاً» ، والله لكأني أسمع قوله : «إلا شَفا».
عطاء القائل : قلت : هذا الحديث يدلّ على أنَّ ابن عباس علم أن النبيّ صلىاللهعليهوسلم نهى عن المُتعة ، فرجع إلى تحريمها بعد ما كان باح بإحلالها ، وقوله : «إلا شفاً» ، أي إلا خطيئة من الناس لا يجدون شيئاً قليلاً يستحلون به الفرْج.
وقال الليث : الشَّفَةُ نقصانها واو ، تقول : شَفَة وثلاث شفَوات ، ومنهم من يقول : نقصانها هاء ، وتجمع شفاهاً ، والمشافهة : مُفاعلة منه.
وقال الخليل : الباء والميم شفويتان نسبهما إلى الشفة : وسمعتُ بعضَ العرب يقول : أخبرني فلان خبراً اشتفَيْت به ، أي نَقَعَت بصحّته وصدقه. ويقول القائلُ منهم : تشفَّيْتُ من فلان ، إذا أنْكَى في عدوّه نِكَايَةً تسرُّه.
وقال الأصمعيّ : يقال : شفَت الشمس إذا غابت إلا قليلاً ، وأتيته بشَفًا من ضَوْء الشمس ، وأنشد :
وما نِيلُ مِصْرٍ قُبَيْلَ الشَّفَا |
إذَا نفحتْ ريحُه النّافِحَهْ |
أي قُبَيل غروب الشمس.
وشَفِيّة : رِكيّة عَادِيّة ، عَذْبة الماء في ديار بني سَعْد. والإشفَى : السِّراد ، وجمعه الأشافِي.
قال ابن السِّكيت : الإشفى ما كان للأساقي ، والقِرَب ، وهو مقصور ، والمِخْصَف للنِّعَال.
شوف ـ شيف : قال الليث : الشوْف الجلَوْ.
والمشوفُ : والمجلوّ. وقال عنترة :
وَلَقَدْ شرِبْتُ مِنَ المدَامَةِ بعدَما |
رَكَدَ الهواجرُ بالْمشُوفِ المُعْلَم |
قال أبو العباس : قال ابنُ الأعرابيّ : المشوفُ المُعْلَم : الدينار الّذي شافَهُ ضارِبُه ، وقيل : أراد بالمشوف قَدَحاً صافياً مُنَقّشاً.
ابن السِّكّيت : أشاف على الشيء وأشفى عليه ، إذا أشرَف عليه. وهذا من باب المقلوب. ويقال : شِيفَتِ الجاريةُ. تُشاف شوْفاً ، إذا زُيِّنَتْ. واشتَاف فلان يشتاف
اشتيافاً ، إذا تطاول ونظر. ورأيت نساء يتشوَّفْنَ من السطوح ، أي ينظرن ويتطاوَلْنَ.
وقال الليث : تشوَّفت الأوْعَال ، إذا ارتفعت على معَاقِل الجبال فأشرفَتْ.
أبو عُبيد عن أبي عَمْرو : المشُوف : الجمل الهائج في قول لَبيد :
بخطيرةٍ تُوفي الجديل سريحَةٍ |
مثلِ المشوفِ هَنَأْتَهُ بعَصيم |
وقيل : المشوف المزيّن بالعهون وغيرها ، وأنشد ابن الأعرابيّ :
يشْتِقْنَ للنَّظر البعيدِ كأنّما |
إرْنَانُها ببواءِنِ الأشْطانِ |
يصِفُ خيلاً نشيطة إذا رأت شخصاً نائِياً طمَحتْ إليه ، ثم صهلت ، وكان صهيلها في أبآرِ بعيدة لسعة أجوافها.
وقال ابنُ الأعرابيّ : بَعَثَ القومُ شِيفَةً ، أي طلِيعةً.
قال : والشَّيِّفانُ : الدَّيْدَبان.
وقال أعرابيّ : تَبَصَّرُوا الشَّيِّفان فإنهُ يصوك على شَعَفَةِ المصَادِ ، أي يلزمها.
شاف : أبو زيد : شئفت أصابعه شأَفاً ، إِذا تشقَّقَتْ.
ثعلب ، عن ابن الأعرابيّ : شَئفَتْ أصابعه ، وسَئِفت وشَعِفتْ ؛ بمعنى واحد.
أبو عُبيد عن الكسائيّ : شَئفَتْ ، وسَعِفت ، وهو التشعّث حول الأظفار ، والشُّقاق.
وقال أبو زَيْد : شَئِفْتُ له شَأَفاً ، إذا أبغضتَه.
قال وشَئف الرجل ، إذا خفْتَ حينَ تراه أن تصيبه بعين ، أو تدلّ عليه من يكره.
قال : واستشاف الجرح ، فهو مُسْتَشِيف بغير همز ، إذا غَلظُ.
واستأصل الله شأفتَهُ ـ وهو قَرْح يخرج بالقدم ـ إذا حسم الأمر من أصله.
أبو عُبيد ، عن الأصمعيّ ، يقال : استأصَل الله شأفته ، وهو قَرْح يخرج بالقدم ، يقال منه : شَئِفَتْ رجله شَأَفاً ، والاسمُ منه الشأفة ، فيُكوَى ذلك الداء فيذهب ، فيقال في الدعاء : أذهبك الله ، كما أذهب ذلك الداء.
شَمِر ، عن الهُجيميّ : الشأفة : الأصل ، واستأصل الله شأفته ، أي أصله.
قال : والشأفة : العداوة.
وقال الكُميت :
وَلَمْ نَفتأ كَذَلِكَ كلَّ يَوْمٍ |
لشأفة واغرٍ مُسْتَأْصِلينا |
أبو عُبيد : شُئِفَ فلانٌ شأفاً ، فهو مشئوف ، مثل جُئِث وزُئِد ، إذا فَزع وذعر.
وفي الحديث : «خرجت بآدَم شأْفَةٌ في رجله».
قال : والشأفة قد جاءت بالهمز وغير
الهمز ؛ وهي قَرْحة.
فشا : روي عن النبيّ صلىاللهعليهوسلم أنه قال : «ضُمّوا فواشيكُم بالليل» والفواشي كلّ شيء ينتشر من المال ، مثل الغنم السائمة ، والإبل وغيرها.
وقال غيره : أفْشى الرَّجل ، إذا كثرت فواشيه.
أبو العباس ، عن ابن الأعرابيّ : أفشى الرجل وأمشى وأوْشَى ، إذا كثر ماله ، وهو الفِشاء والمِشاء ، ممدود ، ونحو ذلك.
قال الفرّاء : قال الليث : فَشَا الشيءُ يفشُو فُشُوّاً إذا ظهر ، وهو عامٌّ في كل شيء.
ومنه إفشاء السرّ ، وقد تفشَّى الخبرُ إذا كُتِبَ على كاغد رقيق فتمشَّى فيه.
ويقال : تفشّى بهم المرض وتفشّاهم المرض ، إذا عمَّهم. وأنشد :
تَفَشَّى بإخوان الثِّقاتِ فعمَّهُم |
فأَسْكَتُّ عَنْهُ المعْوِلاتِ البواكيا |
وقال أبو زيد في كتاب «الهمز» : تَفَشَّأَ بالقوم المرض تفشؤا ، إذا انتشر فيهم.
وأنشد :
وأمرٌ عظيم الشأن يُرْهَب هَوْلُهُ |
وَيَعْيَا به مَنْ كانَ يُحْسَبُ رَاقِياً |
|
تَفَشَّأ إخْوَانُ الثَّقاتِ فعمّهمْ |
فأسْكَتُّ عنّي المعْوِلَات الْبَواكِيَا |
وقال ابن بُزُرْج : الفَشء من الفخر ، من أفُشأتُ ، ويقال : نَشَأْت.
وقال الليث : يقال : فَشَتْ عليه أمورُه ، إذا انتشرت ، فلم يدر بأيّ ذلك يأخذ ، وأفشيته أنأ.
والفَشَيَان : الغَثْيَةُ التي تعتري الإنسان ، وهو الذي يقال له بالفارسية : «تاسا».
فيش : قال الليث : الفَيْش : الفيشلَة الضعيف. والفَيْش النفْج يرِي الرّجل أنّ عنده شيئاً ، وليس على ما يُرى.
وفلان صاحبُ فِيَاش ومُفَايشة وفُلَان فَيّاش ، إذا كان نفّاجاً بالباطل ، وليس عنده طائل. ويقال أيضاً : رجل فَيُوش.
قال رؤبة :
* عَنْ مُسْمَهِرِّ لَيْسَ بالْفَيُوش *
والفيشوشة : الضّعْف والرّخاوة. وقال جرير :
أدْرَى بحلمهمُ الفياشُ فَحِملْهُمْ |
حِلْمُ الْفَراشِ غَشِين نَارَ المْطَلَى |
شمِر : يقال : جاءوا يتفايشُون ، أي يتفاخرون ويتكاثَرون ، وقد فايَشني فِيَاشاً ، قال : يقال : فاش يفيشُ وفَشَّ يَفُشُّ بمعنًى ، كما يقال : ذَام يَذِيمُ ، وَذَمَّ يذُمّ.
[باب الشين والباء]
ش ب (وا يء)
شاب ، شبا ، بشا ، وبش ، باش.
أشب ، أبش.
شبا : قال الليث : حدّ كلّ شيء شَباتُه ، والجميع شَبَوَات.
وقال أبو عُبَيد : شَبْوَة هي العقرب غير مجراةٍ ، وأنشد :
قَدْ جَعَلَتْ شَبْوَةُ تَزْبَئِرُّ |
تكْسُواسْتَهَا لحْماً وتَقْمَطِرُّ |
يقول : إذا لَدَغت صار اسْتُها في لحم الناس ، فذلك اللحم كسوة لها.
وقال الليث : الشَّبْوة : العقرب الصفراء ، وجمعها شَبَوات.
قلت : والنحوَّيون يقولون : شَبْوةُ ، معرفة لا تنصرف ولا تدخلها الألف واللام.
أبو عبيد عن اليزيديّ : المُشبِيُ : الّذي يولد له ولد ذكيٌّ. وأشْبَى ، وأنشد شَمِر قول ذي الإصبع العَدوانيّ :
وهم من ولُدُوا وأَشْبَوْا |
بسرِّ الْحَسبِ المحضِ |
قال : وأشبى ، إذا جاء بولدٍ مثل شَبَا الحديد.
ثعلب ، عن ابن الأعرابيّ : رجل مُشببٍ يلد الكرام ، ورجل مَشْبِيّ : مُكْرَم. قال : والمُشبيّ : المُشْفِق ، وهو المُشْبِل.
قال : ويقال : أَشْبَى زيدٌ عمراً ، إذا ألقاه في بئر ، أو فيما يكره.
وأنشد :
اعْلَوَّطَا عَمْراً ليُشْبِيَاهُ |
في كلِّ سُوءٍ ويُدَرْبِيَاهُ |
ثعلب ، عن ابن الأعرابيّ : من أسماء العقرب الشَّوْشَب ، والفِرْضخ ، وتَمَرةُ ، لا تنصرف. قال : وشَبَاة العقرب : إبرتها.
والشَّبْو : الأذى.
الفرَّاء : شبا وجهُه ، إذا أضاء بعد تغيّر.
وبش : قال الليث : الوَبْش والوَبش النِّمنِم الأبيض يكُون على الظّفر.
ثعلب ، عن ابن الأعرابيّ : هو الْوَبْش والكَدَب والنِّمنم.
قال الليث : ويقال : ما بهذه الأرض إلا أوْبَاشٌ من شجر أو نبات ، إذا كان قليلاً مُتَفَرقاً.
أبو عبيد عن الأصمعيّ : يقال : بها أوباشٌ من الناس وأوشابٌ من الناس ، وهم الضُّروب المتفرّقون.
قال : والأشائب : الأخلاط. الواحدة أشابة. وفي الحديث : «إنّ قريشاً وَبَّشَتْ لحرب رسول الله صلىاللهعليهوسلم أوباشاً» أي جمَعتْ له جموعاً من قبائلَ شتى.
وقال ابن شُميل : الوَبْش الرَّقْط من الجرَب يتفشى في جلد البعير ، يقال : جمل وَبِش ، وبه وَبَشٌ ، وقد وبِشَ جلده وبشاً.
بوش : قال الليث : البَوْش : الجماعة الكثيرة.
وقال أبو زيد : بَيَّش الله وجهه وسرّجه.
أي حَسنّه. وأنشد :
لَمّا رأيتُ الأزْرَقَيْنَ أرَّشَا |
لا حَسَنَ الوجْه ولا مُبَيّشا |
قال : «أزْرَقَيْن» ، ثم قال : «لا حَسَن».
ثعلب ، عن ابن الأعرابي : باش يَبُوش بَوْشاً ، إذا صَحِبَ البَوْش ، وهم الغوغاء.
شيب : قال الليث : الشَّيب معروف قليله وكثيره.
يقال : علاه الشيبُ.
ويقال : شاب يشيب شَيْباً وَشَيْبَةً ، ورجل أشيب وقوم شِيب. والشِّيب حكاية ترشّف مشافر الإبل الماء إذا شربت. وأنشد ابن السكيت قول ذي الرُّمة يصف الإبل :
تداعَيْن باسم الشِّيب في مُتَثَلّمٍ |
جوانِبُه من بَصْرةٍ وَسَلَامِ |
وأما قول عديّ بن زيد :
أرِقْتُ لمكفِّهرِّبَاتَ فَيه |
بَوَارِقُ يَرْتَقِين رُؤوسَ شِيبِ |
فإن بعضهم : قال : الشِّيب هاهنا سحائب بيض ؛ واحدها أشيب.
وقيل : هي جبال مبيضّة الرؤوس من الثلج ، أو من الغبار. وقيل شِيبُ اسم جَبل ذكره الكُمَيت : فقال :
فما فُدرٌ عَواقلُ أَحْرزَتْها |
عَمايةُ أو تَضَمّنَهنَ شيبُ |
ويقال : رجل أشْيَب ، ولا يقال : امرأة شيباء ، لا تنعت به المرأة ، وقد يقال : شاب رأسُها ، وكانت العرب تقول للبكر إذا زفّت إلى زوجها فدخل بها ولم يَقْتَرِعْها ليلة زفافها : باتت بليلةٍ حُرَّة ، وإن اقترعها تلك ، قالوا : باتت بليلةِ شَيْبَاء.
وقال عُرْوة بن الوَرْدِ :
كَلَيْلَةِ شَيْباءَ الّتي لَسْتُ نَاسِياً |
ولَيْلَتِنا إذ مَنَّ مَا منَّ قَرْمَلُ |
وقال أبو العباس : يقال للكانونين : هما شَيْبان ومَلْحان.
ويقال : شِيبان.
ثعلب ، عن ابن الأعرابيّ : شاب يَشُوب شَوْباً ، إذا غشّ ، قال : ومنه الخبر : «لا شَوْب ولا رَوْب» ، أي لا غِشّ ولا تخليط في شراءٍ أو بيع.
وروي عنه أنه قال : معنى قولهم : «لا شَوْبَ ولا روْب» في البيع والشراء في السّلعة يبيعها ، أي أنك برىء من عَيْبها.
قال : ويقال : ما عنده شَوْبٌ ولا رَوْب ، فالشَّوْب العسل والمشُوب والرَّوْب : الرائِب.
وقال : يقال : في فلان شَوْبَة ، أي خَدِيعَةٌ ، وفي فلان ذَوْبَة ، أي حمقة ظاهرة.
سلمة ، عن الفرّاء : شابَ إذا خان ، وباش إذا خَلّط.
أبو عُبيد عن الأصمعيّ في باب إصابة
الرجل في منطقه مَرّة وإخطائه أخرى : هو يَشُوب وَيَرُوبُ.
وقال أبو سَعِيد : يقال للرجل إذا نضح عن الرجل : قد شوَّب عنه وراب ، إذا كسِل.
قال : والتَّشويب أن تَنضح نَضْحاً غير مبالَغ فيه فمعنى قولهم : هو يَشُوب ويَرُوب ، أي يدافِع مُدافعة غيرَ مبالَغ فيها ، ومرة يكسَل فلا يدافع البتّة.
وقال غيره : يَشُوب ، من شَوْب اللبن ، وهو خَلْطُه بالماء ومذْقُه. ويَرُوب ، أراد أن يقول : يُرَوِّب ، أي يجعله رائباً خاثِراً لا شَوْب فيه ، فأتبع «يَرُوب» «يَشُوب» لازدواج الكلام ، كما قالوا : هو يأتيه الغَدَايا والعَشايا ، والغدايا ليس بجمع للغداة ، فجاء بها على وزن «العشايا».
وشابَة : اسم جبل بناحية الحجاز.
أبو عُبيد عن الأصمعيّ : الشآبيبُ من المطر الدُّفَعَات.
وقال غيره : شُؤبُوب العَدْوِ دُفَعُهُ.
ويقال للجارية : إنها لحسنةُ شَآبيبِ الوَجْه ، وهو أوّل ما يظهر من حُسْنها في عين الناظر إليها.
أبو زَيد : الشُّؤبوب : المطر يُصِيبُ المكان ويخطىء الآخر ، وجمعه الشآبيب ، ومثله : النَّجْو والنَّجَاء.
وقال أبو حاتم : سألتُ الأصمعيّ عن المشَاوب ، وهي الغُلُف ، فقال : يقال لغلاف القارورة : مُشَاوب ، على «مُفَاعِل» ، لأنه مَشُوب بحُمْرة وصفرة وخضرة.
وقال أبو حاتم : يجوز أن يجمع المُشَاوَب على «مَشَاوِب».
أشب : أبو عُبيد : أَشَبْتُه ، أشِبُه : لُمْتُه.
وقال أبو ذُؤَيْب :
ويأشِبُنِي فيها الَّذِين يَلُونَهَا |
وَلَوْ عَلِمُوا لَمْ يأْشِبُونِي بِطائِلِ |
وقال غيره : أشَبْتُه ، أي عبتَه ووقعتَ فيه.
أبو عُبيد عن الأصمعيّ : الأشَب كَثْرة الشجر.
يقال منه ، موضع أشِب ، أي كثيرُ الشجر.
الليث : أشَّبْتُ الشرَّ بينهم تأشيباً. قال : والتأشيب التجمّع من هاهنا وها هنا ، يقال : هؤلاء أُشابةٌ ليسوا من مكانٍ واحد ، والجميع الأشائِب ، وكذلك الأُشابَة في الكسب مما يخلطه من الحرام الذي لا خير فيه.
وقال ذو الرُّمَّة :
نَجائِبُ ليست من مهورِ أشابةٍ |
ولا دِيَةٍ كانت ولا كسْبُ مَأْثَمِ |
وقال النابغة :
* قبائل من غَسّانَ غير أشائب *
أبش : يقال : تأبَّش القوم وتهبَّشوا وتَحبّشُوا ، وتأشَّبُوا ، إذا تجمعوا.
بشا : ابن الأعرابيّ : بشا ، إذا حَسُن خُلُقه.
باب الشين والميم
ش م
(وا يء) شأم ، شام ، (شيام) ، وشم ، ومش ، ماش ، مشى ، شما.
شما : أهمله الليث. وروى أبو العباس ، عن ابن الأعرابيّ : شما ، إذا علا أمرُه ، قال : والشَّمَا : الشمَع.
ومش : أهمله الليث. وروى أبو العباس عن ابن الأعرابيّ قال : الوَمْشَة : الخالُ الأبيض.
وشم : روي عن النبيّ صلىاللهعليهوسلم أنه لَعَن الواشِمة والمسْتَوشِمة ، وبعضهم يرويه : «المُؤتشِمة».
قال أبو عُبيد : الوَشْمُ في اليد ، ذلك أنّ المرأة كانت تَغْرِزُ ظهر كفّها ومِعْصمها بإبرة أو بمِسلّة حتى تؤثر فيه ، ثم تحشوه بالكحل ، أو بالنَّؤُر فيخضرّ ، تفعل ذلك بدَاراتٍ ونقوش.
يقال : وَشَمَتْ تَشِمُ وشْماً ، فهي واشِمَةٌ ، والأخرى موشومة ومُسْتَوشِمة ، وأنشد :
* كما وُشِمَ الرَّوَاهِشُ بالنَّؤُورِ*
والنَّؤُور : دُخَان الشّحْم.
ابن شُمَيل : يقال : فلان أعظم في نَفْسه من المتَّشِمة ، وهذا مَثَل ، والمتّشمة امرأة وشمت اسْتَها ، ليكون أحسنَ لها.
وقال الباهليّ : من أمثالهم : لَهُوَ أَخْيَلُ في نفسه من الواشمة.
قلت : والمتّشمة في الأصل مُوتشمة ، وهو مثل المتّصل ، أصله (موتصل) ، فأدغمت الواو أو الهمزة في التاء وشدّدت.
أبو عُبيد عن الأصمعيّ : أوْشَمَت السماء ، إذا بَدَا منها بَرق ، وأنشدنا :
* حَتى إذا ما أوشمَ الرواعدُ*
ومنه قيل : أوشَم النَّبْت ، إذا أبصَرْتَ أولَه.
وقال الليث : أوشمت الأرض ، إذا ظهر شيء من نَبَاتها.
أبو عُبيد ، عن الفرّاء : ما عصيتُك وَشْمة ، أي طرفَة عَيْن.
وقال غيره : أوشم فلان في ذلك الأمر إيشاماً ، إذا نظر فيه ، وأوشمت الأعناب ، إذا لانتْ وطابَتْ.
وقال ابن شُميل : الوُشُوم والوُسُوم : العلامات.
شيم : أبو عُبيد ، عن أبي عُبيدة : شِمتُ السيفَ ، أغمدته ، وشِمْتُه سَلَلْته.
قال شَمر : أبو عبيد في شِمْتُه ، بمعنى سَللْتُه. قال شَمر : ولا أعرفه أنا.
وقال أبو حاتم في الأضداد : يقال : شامَ سَيفه ، إذا سلّه ، وشامه إذا أغمَدَه ، وأنشد قول الفرزدق في الشَّيْم بمعنى السلّ :
إذا هي شِيمَتْ فالقوائم تحتها |
وإن لم تُشَمْ يوماً عَلَتْها القوائم |
قال : أراد سُلَّت ، والقوائم مَقَابضُ السيوف.
ثعلب ، عن ابن الأعرابي : شام السيف : غَمَدَه ، وشامه ، جَرّدَه ، وشام البرقَ : نظر إليه ، وشام الرّجل يَشِيم شَيْماً وشُيُوماً ، إذا حَقَّقَ الحمْلَة في الحرب ، وشَامَ أبا عُمَير ، إذا نال من البِكْر مرادَه ، وشام يَشِيمُ ، إذا ظهرت بجلدته الرّقمة السوداء ، وشام يَشِيم إذا غبّر رجليه بالشِّيام ، وهو التراب ، وشام إذا دَخَلَ.
وقال الليث : شِمْتُ البرق والسَّحاب ، إذا نظرت أين يَقْصِد وأين يمطر.
وقال أبو زيد : شِمْ في الفرس ساقَك ، أي أركُلْها بساقك وأَمِرَّها.
وقال أبو مالك : شِمْ ، أَدخِلْ ، وذلك إذا أَدخَلَ رجلَهُ في بطنها يضربُها وأشام في الشيء ، دخل فيه.
أبو عبيد ، عن الكسائيّ : رجل مَشِيم ومَشْيُوم ومَشُوم ، من الشامَة. وقال الطِّرِمّاح :
كم بها من مَكْوِ وَحْشِيةٍ |
قِيضَ من مُنْتَثِلٍ أو شِيَامِ |
قال أبو سعيد : سمعت أبا عمرو ينشده أو شَيَام يفتح الشين ، وقال : هي الأرض السهلة.
قال أبو سعيد : وهو عندي «شِيام» بالكسر ، وهو الكِناس ، سُمِّي «شِياماً» لأن الوَحْش تنشام فيه ، أي تدخل.
قال : والمُنْتَثِلُ : الذي كان اندَفَنَ ، فاحتاج الثَّورُ إلى انتثاله ، أي استخراج تُرابه ، والشِّيام ، الذي لم يندَفن ولا يحتاج إلى انتثاله ، فهو يَتْشام فيه ، كما يقال : لِباسٌ لا يُلْبس.
قال : ويقال حَفَرَ فَشَيم ، وقال : الشَّيْم : كلّ أرض لم يُحْفَرْ فيها قبل ، فالحفْر على الحافر فيها أشَدُّ.
وقال الطِّرِمّاح أيضاً ، يصف ثَوْراً :
غَاصَ حَتَّى اشتباث من شَيَمِ الأرْ |
ض سَفَاةً من دوتها ثَأَدُهْ |
والمَشِيمَة هي للمرأة التي فيها الوَلَد ، والجميع مَشِم ومَشائم.
قاله التَّوزيّ ، وأنشد لجرير :
وذاك الفحلُ جاء بشرِّ نَجْلٍ |
خبيثاتِ المثَابِرِ والمَشِيم |
ثعلب ، عن ابن الأعْرابي ، يقال : لما يكون فيه الولد : المَشِيمة والكِيسُ والْحَوْرَان والقميص.
وقال الليث : الأشْيَمُ من الدواب ومن كلُّ شيءَ : الذي به شامَة ، والشامَة علامة مخالِفَة لسائر اللَّون ، والأنثى شَيْمَاء.
وقال أبو عُبَيدة : ممّا لا يقال له بَهِيم ولا شِيَةَ له : الأبرش ، والأشْيَم. قال :
والأشْيَم أن تكون به شامَةٌ ، أو شامٌ في جَسَده.
وقال ابنُ شُمَيْل : الشَّامة : شامةٌ تخالف لونَ الفرس على مكان يُكْرَه ، ربّما كانت في دَوَابِرها.
أبو زيد : رجل أشيم بيِّن الشَّيَم ، للّذي به شامة ، ولم يعرف له فِعل.
قال ابن الأعرابيّ : الشَّامة : النّاقة السوداء ، وجمعها شام ، والشِّيمُ : الإبل السُّود ، والحِضار البيض.
وقال أبو ذؤيب :
* بنات المخاضِ شِيمُها وحِضَارُها*
ويُرْوَى : «شُومها» أي سُودُها وبيضها ، قال ذلك أبو عَمْرو.
ابن الأعرابيّ : الشِّيام بالكسر : الفأر.
والشِّيَام : التّراب.
شأم : قال الليث : الشَّأم : أرض : سمِّيَتْ بها لأنها عن مَشْأمَة القبلة. ويقال : شأمْتُ القومَ ، أي يَسَرْتُهم. والمشْأَمَةُ من الشُّؤْم ، يقال : رجل مشئوم ، وقد شُئِمَ. ويقال : شَأَمَ فلانٌ أصحابَه ؛ إذا أصابَهُم شُئُوم من قِبلَه. ويقال : هذا طائر أشأم ، وطير أشأَم ، والجميع الأَشائم.
وأنشد أبو عُبيدة :
فإذا الأشائم كالأيا |
مِنِ والأيامِنُ كالأشَائمْ |
وأخبرني المنذري عن أبي الهيثم أنَّه قال : العَرَبُ تقول : أَشأَمُ كُلِّ امرىء بين لحْيَيْه.
قال : أشأَم ، في مَعْنى الشؤم ، يعني اللسان ، وأَنشد :
فَتُنْتِجْ لكُمْ غِلْمَانَ أشْأَمَ كُلُّهُمْ |
كأحْمَرِ عادٍ ثم تُرْضِعْ فَتَفْطِم |
قال : «غلمان أشأمَ» ، أي غلمان شؤم.
وقال ابن السِّكِّيت : يقال : يامِنْ بأصحابك أي خذْبهم يَمْنَةً ، وشائِمْ بهم ، أي خُذْ بهم شَأْمَة ، أي ذات الشمال ، ولا يقال : تيامنْ بهم.
ويقال : قعد فلان يَمْنَةً ، وقعد فلان شَأْمَةً.
وتقول : قد يُمِن فلانٌ على قومه ، فهو ميمونٌ عليهم. وقد شُئِمَ عليهم فهو مَشْئوم عليهم ، بهمزة بعدها واو. وقوم مشائيم ، وقوم مَيَامِين ، وقد أشأم القوم ، إذا أتوا الشأم ، ورجل شآمٍ وتَهامٍ ، إذا نُسب إلى تهامة والشأم ، وكذلك رجل يمانٍ ، زادوا ألفاً وخفّفوا ياء النّسْبَة.
وفي الحديث : «إذا نشأَتْ بَحْرِيةً ثم تشاءَمتْ فتلك عينٌ عَذِيقة» ، تشاءمتْ : أخذت نحو الشأم. قال : تشاءم الرجل ، إذا أخذ نحو الشأم ، وأشأم ، إذا أتى الشأم ، ويامَنَ القوم وأيمنوا ، إذا أتوا اليَمَن.
ميش : قال اللّيث : الميْش : أن تمَيش المرأة القطنَ بيدها ، إذا أزبدته بعد الحلْج ،
وأنشد :
* إليَّ سِرّاً فاطْرُفِي وَمِيشي *
قلت : المَيْش : خَلْط الشَّعر بالصوف ، كذلك فَسَّره الأصمعيّ وابن الأعرابيّ وغيرهما.
ويقال : مَاشَ فلانٌ ، إذا خَلَطَ الصدق بالكذب.
أبو عبيد عن الكسائيّ ، قال : إذَا أخْبر الرَّجُل ببعض الخبر ، وكتم بعضه قيل : مَذَع ، وماش يَمِيش.
وقال النابغة :
* وَمَاشَ مِنْ رَهْطِ رِبِعِيّ وَحَجَّارِ*
ورَوَى ثعلب ، عن ابن الأعرابيّ : يقال : ماش يميش مَيْشاً ، إذا خَلَطَ اللّبن الحلو بالحامض ، أو خَلَطَ الصُّوف بالوبرَ ، أو خَلَط الجِدَّ بالهزْل.
قال : وماش كَرْمَه يَمُوشُه مَوْشاً ، إذا طلب باقي قُطُوفه.
قال : والماش قماش البيت ، وهي الأوقَابُ والأوغابَ والثَّوى.
قلت : ومِنْ هذا قولهم : «الماش خير من لَاش» ، أي ما كان في البيت من قماش خير لا قيمةَ له ، خيرٌ من بيت فارغ لا شيء فيه ، مخفف «لا شيء» ؛ لازدواجه مع «ماش».
أبو عُبَيد عن أبي عمرو : مِشْتُ الناقة أَمِيشُها ، وهو أن تحلبَ نصفَ ما في ضَرْعِها ، فإذا جُزْتَ النِّصْف فليس بميْش.
وقال اللّيث : ماش المطر الأرض ، إذا سحاها. وأنشد :
وقلتُ يوم المطر الميشِ |
أقاتلي جبيلة أم مُعيشي |
مشى : قال اللّيث : المِشْيَةُ : ضرب من المَشْي إذا مشى. قال : والمَشَاء ممدود ، وهو المَشُوْ والمَشِيُ. يقال : شربت مَشُوّاً ومَشِيّاً وَمَشَاءً ، وهو استطلاق البُطْن ، والفعل استَمشى إذا شرب المَشيَ ، والدواء يُمْشِيهِ.
وقال ابن السكِّيت : يقال : شربت مَشُوّاً ومَشاءً ، وهو الدّواء الذي يسهل ، مثل : الحَسُوّ والحَسَاء ، قاله بفتح الميم ، وذكر المشيَ أيضاً ، وهو صحيح.
ثعلب ، عن ابن الأعرابيّ : مَشى الرجل يمشي ، إذا أنْجى ، داواؤه ، قال : ومشى يمشي بالنَّمائم.
وقال الليث : المَشَاء ، ممدود : فِعل الماشية ، تقول : إنَّ فلاناً لذو مَشاءٍ وماشية. وأمشى فلان ، كثرت ماشِيتُه ، وأنشد :
وكلُّ فتىً وإن أمْشى فأثرَى |
ستخِلجُه عن الدّنيا المنونُ |
وقال الحُطيئة :