تهذيب اللغة - ج ١١

محمّد بن أحمد الأزهري

تهذيب اللغة - ج ١١

المؤلف:

محمّد بن أحمد الأزهري


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار إحياء التراث العربي للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٣٤٧

الحَقّ ، وكذلك لا تَشْطِط كمعنى الأُولى.

وكذلك (لا تَشْطَط) بفتح الطاء كمعناهما.

وأنشد :

تَشَطُّ غَداً دارُ جِيرَانِنَا

ولَلدَّارُ بَعْدَ غَدٍ أَبعَدُ

وأخبرني ابن هاجَك ، عن ابن جَبَلة ، عن أبي عُبَيدة : شَطَطْتُ أَشْطُطُ ، وأَشْطَطْتُ أُشِطّ ، وأَنشدنيه المنذريّ عن أبي العباس :

* تَشُطُّ غَداً دَارُ جيرَانِنَا*

وفي حديث تميم الداريّ : «أنّ رجلاً كلّمه في كثرة العِبادة ، فقال : أَرَأَيتَ إن كنتُ أنَا مؤمناً ضَعِيفاً ، وأنت مُؤمنٌ قوِيّ أنَّك لَشَاطِّيّ حتى أحمل قُوّتك على ضَعْفي فلا أسْتَطيع فَأَنْبَتَ».

قال أبو عُبيد : هو من الشّطَط ، وهو الجَوْرُ في الحُكْم ، يقول : إذا كَلّفْتَني مثلَ عَملك ، وأنت قَوِيٌّ وأنا ضعيف ، فهو جَوْرٌ منك عَلَيّ. قلت : جعل قوله شَاطِّيّ بمعنى : ظَالمي ، وهو مُتَعَدٍّ.

وقال أبو زيد. وأبو مالك : شَطَّنِي فلانُ فهو يَشِطّي شَطّاً وشُطُوطاً ، إذا شَقّ عليك.

قلت : أراد تميمٌ بقوله «شاطِّيّ» هذا المعنى الذي قاله أبو زيد.

ويقال : أشَطَّ القومُ في طَلبنا إشطَاطاً ، إذا طَلَبُوهم رُكْبَاناً ومُشَاة.

وقال اللّيث : أَشَطَّ القومُ في طَلَبِهِ ، إذا أمْعَنوا في المفَازَة.

قال : واشْتَطّ الرجل فيما يَطْلب ، أو فيما يَحْتكُم ، إذا لمْ يَقْتَصِد.

الحرانيّ ، عن ابن السِّكّيت : جَارِيَةٌ شَاطّةٌ بَيِّنَةُ الشَّطَاط والشطَاط ، لغتان ، وهما الاعْتِدال في القامة. وأنشد غيره للهذلي.

* وَإذْ أَنَا في المخِيلَةِ والشَّطَاطِ*

طش : أبو عُبيد عن أبي عُبيدة : طَشَّت السَّماء ، وأطَشَّت ، ورَشَّت وأرَشَّت ، بمعنًى ، واحد.

وقال اللّيث : مَطَرٌ طَشٌ وطَشِيشٌ.

وقال رؤبة :

* ولا جَدَا نَيْلِكَ بالطَّشِيشِ *

أي بالنَّيْل الْقَليل.

وقال أبو عبيد : قال الكسائيّ هي أرْضٌ مَطْشوشَة ومَطلُولَة. ومن الرّذَاذِ : أَرْضٌ مُرَذَّة.

وقال الأصمعي : لا يقال مُرَذَّة ولا مَرْذُوذَة ، ولكن يقال : أرْضٌ مُرَذٌّ عَلَيْها.

وقال غيره : الطَّشاشُ : داءٌ من الأدْواء.

يقال : طُشَ فهو مَطْشُوش كأَنَّهُ زُرَكَم.

والمعروف طَشِيءَ ، فهو مَطْشُوء.

١٨١

[باب الشين والدال]

ش د

شدَّ ، دَشَّ : [مستعملان].

شد : قال ابن المظَفَّر : الشَّدُّ الْحَمْلُ. تقول : شَدَّ عليه في القتال.

قال : والشَّدُّ الحُضْرُ ، والفِعل اشْتَدَّ.

قال : والشِّدَّةُ : الصَّلَابَة. والشِّدَّة النَّجْدَةُ ، وثَباتُ الْقَلْب ، والشِّدَّةُ : المَجاعَة. ورجل شَديد : شُجَاع.

وقال أبو إسحاق في قول الله جَلَّ وعَزَّ : (وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ (٨)) [العاديات : ٨] أي لَبَخيل. أي وإنَّه من أجْلِ حُبِّ الخَيْر لَبَخيل.

وقال طَرَفة :

أَرَى الموتَ يَعْتامُ الكريمَ ويَصْطَفِي

عَقِيلَةَ مالِ الفاحِش المتشَدِّدِ

وقال الليث : الشَّدائدُ الهَزاهِز. قال : والأَشُدُّ : مَبْلغُ الرَّجل الحُنْكَةَ والمعْرِفَة.

وقال الله عزوجل : (حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ) [الإسراء : ٣٤].

وقال أبو عُبيد : قالَ الفرّاء الأشُدُّ واحدِها شَدٌّ في القياس ، ولمَ أسْمَع لها بوَاحد.

وأنشد :

قَدْ سَادَ وهْو فَتًى حتى إذا بَلَغتْ

أشُدُّهُ وَعلَا في الأمْر واجْتمعا

وأخبرني المنذريّ ، عن أبي الهيثم ، أنه قال : وَاحَدةُ الأنعُم نِعْمَة ، وواحدةُ الأشُدِّ شِدَّة. قال : والشِّدَّةُ القُوَّةُ والجَلادَة.

قال : والشَّديد الرّجُل الْقَوِيّ. قال : وكأَنّ الْهَاءَ في النِّعْمة والشِّدَّة لم تَكُنْ في الحرف ، إذْ كانت زَائِدَة ، وكأَنَّ الأصل نِعْمٌ وشِدٌّ ، فجمعا على أَفْعُل ، كما قالوا : رِجْلٌ وأرْجُل ، وقِدْحٌ وأقْدُح ، وضِرْسٌ وأضْرُس.

قلت : والأشُدُّ في كتاب الله جلَّ وعزَّ جاء في ثَلاثة مَواضِع بمعانٍ يَقْرُبُ اخْتِلافها فأمّا قول الله جلَّ وعزّ في قِصة يُوسف (وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْناهُ حُكْماً وَعِلْماً) [يوسف : ٢٢] فمعناه الإدراك والبلُوغ ، فحينئذٍ راودَتْه امرأةُ العزيز عن نفسه ، وكذلك قوله جلَّ وعزّ : (وَلا تَقْرَبُوا مالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ) [الإسراء : ٣٤].

فقال الزجاج : معناه ، احْفَظوا عليه مَالَه (حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ) فإذا بلغ أشُدّه فادفعوا إليه ماله. قال : وبُلُوغه أشدّه أن يُؤنَسَ منه الرُّشد مع أن يكونَ بالغاً. قال : وقال بعضهم : (حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ) حتى يبلغ ثماني عشرة سَنة.

وقال أبو إسحاق : لست أعرف ما وجهُ ذلك ، لأنه إن أدرك قبل ثماني عشرة سنة وقد أُونِسَ منه الرُّشد ، فطلب دفْعَ مالِه إليه ، وجب له ذلك.

١٨٢

قلت : وهذا صحيح ، وهو قول الشافعي ، وقول أكثر أَهْلَ العلم. أما قول الله جل وعزَّ في قصة موسى : (وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوى) [القصص : ١٤]. فإنه قرنَ بُلوغ الأشُدّ بالاستواء ، وهو أن يجتمع أمره ، وقُوَّته ، ويَكْتَهل ، وينتهي شبابه ، وذلك ما بين ثماني وعشرين سنة إلى ثلاثٍ وثلاثين سنة ، وحينئذٍ يَنْتهي شَبَابُه.

وأما قول الله جَلَّ وعزْ في سورة الأحقاف : (حَتَّى إِذا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً) [الأحقاف : ١٥] ، فهو أقصى بلوغ الأشُدّ ، وعند تمامها بُعِثَ محمد صلى‌الله‌عليه‌وسلم نَبِيّاً ؛ وقد اجتمعت حُنْكَتُهُ وتمام عَقْلِه ؛ فبلوغ الأشُدّ محْصُور الأوّلِ ، محصور النهاية ، غيرُ محصورٍ ما بين ذلك. والله أعلم.

وأخبرني المنذري ، عن ثَعلب ، عن ابن الأعرابي : يقال : شَدّ الرجل يَشِدُّ شَدّةً ، إذا كان قَوياً ، ويقول الرجل إذا كُلِّفَ عملاً : ما أَمْلِكُ شَدّاً ولا إرخاءً ، لا أَقْدِرُ على شيء ، ويقال : شَدَدْتُ عَلَى القوم أشُدُّ عليهم ، وشَدَدْتُ الشيءَ أشُدُّه شَدّاً ، إذا أوْثَقْتَه.

قال الله جلّ وعزّ : (فَشُدُّوا الْوَثاقَ) [محمد : ٤] ، وقال : (اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي (٣١)) [طه : ٣١].

سلمة ، عن الفرّاء ، قال : ما كان من المُضاعف على «فَعَلْتُ» غير واقع ؛ فإن «يَفْعِل» منه مكسور ، مثل : عَفَّ يَعِفُّ وخَفَّ يَخِفُّ ، وما أشبهه. وما كان واقعاً مثل : مَدَدْتُ ، وعَدَدْتُ فإن «يَفْعُل» منه مضموم إلا ثلاثة أحْرف : شَدَّهُ يَشُدُّهُ ، ويَشِدُّه وعَلَّهُ يَعُلَّهُ ، ويَعِلُّه ، ونَمَّ الحديثَ يَنُمُّه ويَنِمُّه ، فإن جاء مثله ، فهو قليل ، وأصْلُه الضّم.

وقال غيره : اشْتَدَّ فلان في حُضْره ، وتَشَدَّدَت الْقَيْنَةُ ، إذا جَهَدَتْ نفسها عند رفع الصَّوْت بالْغِناء ، ومثله قول طرفة :

إذا نَحْنُ قُلْنا أَسمِعينا انْبَرتْ لنا

على رِسْلها مَطْرُوقَةً لم تَشَدَّدِ

ويقال : شَدَّ فلان على العَدُوّ شَدّةً واحدة ، وشَدَّ شَدَّاتٍ كَثيرةً.

وقال أبو زيْد : خِفْتُ شدَّى زَيْدٍ ، أي شِدَّتَه ، وأنشد :

فإنِّي لا ألِينُ لِقَوْلِ شُدَّى

ولو كانَتْ أَشَدَّ من الحَدِيدِ

ويقال : أَصَابَتني شَدَّى بَعْدَك ، أي الشِّدةُ ، مَدَّه ابنُ هانىء.

دش : قال الليث : الدَّشُ اتِّخاذُ الدَّشِيشَةِ ، وهي لُغَة في الجَشِيشَة وهي حَسْوٌ يُتَّخَذُ من بُرِّ مَرْضُوض ، قلت : لَيْست الدَّشِيشَةُ بِلُغَةٍ ، ولكنها لُكْنَة. وقد جاءت في حديث مرفوع دلَّ على أنها لُغة.

حدثنا مُحمد بن إسحاق السَّعديّ ، قال : حدثنا الرَّمادِيّ ، عن أبي داود الطّيالسيّ ،

١٨٣

عن هشام ، عن يحيى بن يعيش بن الوليد ابن قيس بن طَخْفَة الغِفَارِيّ ، قال : وكان أبي من أصْحاب الصُّفَّة ، وكان رسولُ الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يأْمر الرجلَ يأْخُذُ بيد الرّجل ، والرّجلَ يأْخُذ بيد الرجلين ، حتى بَقيتُ خامِسَ خمسة ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «انْطَلِقوا ، فانطَلَقنا معه إلى بيت عائِشَة ، فقال : يا عائِشَة ، أطْعمينَا. فجاءَت بِدَشِيشَة فأكَلنا ، ثم جاءت بِحَيْسَةٍ مثل القَطاة فأكَلنا ، ثم بِعُسٍّ عظيم فَشَرِبنا ، ثم انطَلقنا إلى المسْجد».

قال الأزهريّ : ودَلَّ هذا الحديث أنَ الدشِيشَة لُغَةٌ في الجَشِيشَة.

[باب الشين والتاء

ش ت]

شت : قال الله : (يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتاتاً) [الزلزلة : ٦].

قال أبو إسحاق : أي يصدرُون مُتَفَرِّقين ، منهم من عَمِلَ صالحاً ، ومنهم من عَمِل شرّاً ، قلت : واحد الأشتاتِ شَتُ. قاله ابن السِّكّيت وقال : جاءوا أشتَاتاً ، أي مُتَفَرِّقين. قال : وحكى لنا أبو عَمرو عن بعض الأعراب : الْحَمْدُ للهِ الّذي جَمَعنَا من شَتّ.

وقال اللّيث : شَتَ شَعبُهم شَتّاً وشَتَاتاً ، أي تَفَرّق جَمعُهم.

وقال الطِّرِمّاح :

شَتَ شَعْبُ الحَيِّ بَعدَ التِئَامِ

وشَجَاكَ الرَّبْعُ رَبْعُ المقَامِ

وقال الأصمعيّ : شَتَ بقلبي كذا وكذا أي فَرَّقَه.

ويقال : شَتَ بي قَوْمي ، أي فرَّقوا أمْرِي.

ويقال : شَتُّوا أمْرَهُمْ ، أي فَرَّقُوه. وقد اسْتَثَتَّ الأمْرُ وتَشَتَّتَ إذا انتشرَ ، ويقال : جاءَ القوم أَشْتَاتاً ، وشَتَاتَ شَتَاتَ.

قال ، ويقال : وقَعُوا في أَمْرِ شَتٍ وشَتَّى ، ويقال : إنِّي أخافُ عليكم الشَّتَاتَ ، أي الفُرْقة. ويقال : شَتّانَ ما هُما.

وقال الأصمعي : لا أَقُولُ شَتَّانَ ما بينهما ، وأنشد للأعشى :

شَتَّانَ ما يَوْمِي على كُورِهَا

ويَوْمُ حَيَّان أَخِي جَابِرِ

معناه : تَبَاعَد ما بينَهما.

وشَتان : مَصروفَةُ عن شَتُتَ ؛ فالفتحة التي في النون هي الفتحة التي كانت في التاء وتلك الفتحة تَدُلُّ على أنه مصروفٌ عن الفعل الماضي. وكذلك وَشْكان وسَرْعان تقول : وَشْكانَ ذَا خُروجاً ، وسَرْعَانَ ذَا خُرجاً ، أصله : وَشُكَ ذَا خُروجاً ، وسَرُعَ ذَا خروجاً.

روى ذلك كله ابن السِّكيت عن الأصمعيّ ، وقال ، يقال : شَتَّان ما هُما ،

١٨٤

وشَتانَ ما عمرو وأَخُوه ، ولا يُقال : شَتانَ ما بَينهما ، وقال في قوله :

لَشَتَّانَ ما بين اليَزِيدَيْن في النَّدى

يَزيدِ سُلَيمٍ والأغرِّ ابنِ حاتِم

إنّه ليس بحُجة ، إنما هو مُوَلَّد. والحجةُ قول الأعشى.

وقال أبو زيد : شتانَ مَنصوبٌ على كلِّ حالٍ ، لأنه ليس له واحد ، وقال في قول الشاعر :

شَتانَ بَيْنهُما في كُلِّ منزِلة

هذا يُخافُ وهذا يُرتَجَى أبَداً

فَرَفَع البَيْنَ لأن المعنى وَقَع له.

قال : ومن العَرَب من يَنْصِبُ بَيْنَهما في مثل هذا المَوْضع ، فيقول : شَتَّانَ بَيْنَهما ويُضْمِرُ «ما» ، كأنه يقول : شَتَ الذي بَيْنَهما كقول الله جلَّ وعزَّ (لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ) [الأنعام : ٩٤].

وقال الليث : ثَغْرٌ شَتِيتٌ ، أي مُفَلَّج.

وقال طَرَفة :

* عَنْ شَتِيتٍ كَأَقَاحِ الرَّمْلِ غُرّ*

باب الشين والظاء

[ش ظ]

شظ : قال الليث : يقال شَظَظْتُ الْغِرَارَتَيْن بِشِظَاظٍ ، وهو عُودٌ يُجعل في عُرْوَتَي الْجُوَالِقَيْن إذا عُكِمَا على البعير ، وهما شِظَاظَان.

أبو عُبَيد : شَظَظَتُ الْوِعَاءَ وأَشظَظْتُه من الشِّظَاظ.

وقال غيره : أَشَظَّ الغُلامُ إذا أَنْعَظَ ، ومنه قول زهير :

* أَشَظَّ كأَنَّهُ مَسَدٌ مُعَارُ*

وقال الليث : الشَّظْشَظَةُ فِعْلُ زُبِّ الْغُلامُ عِنْد الْبَوْل.

أبو عُبيد ، عن أبي زَيد ، يقال : إنه لأَلَصُّ من شِظاظ. قال : وهو رجل من ضَبَّةَ ، كان لِصّاً مُغيراً ، فصار مَثَلاً.

وقال غيره : أَشْظَظْتُ الْقَوْمَ إشْظَاظاً ، وشَظَّظْتُهم تَشْظِيظاً ، وشَظَظْتُهم شَظّاً ، إذا فرَّقْتَهم.

وقال البعيث :

إذَا ما زَعانِيفُ الرِّباب أَشَظَّها

ثِقالُ الْمَرَادِي والذُّرَا والْجماجِم

ويقال : طَارُوا شَظَاظاً ، أي تَفَرَّقُوا.

وروى أبو تراب للأصمعيّ : طارَ القَوْمُ شَظَاظاً وشَعَاعاً.

وأنشد لرويشد الطائيّ ، يصف الضَّأْن :

طِرْنَ شَظَاظاً بين أَطْرَافِ السَّنَدْ

لا تَرْعَوِي أُمٌّ بِها عَلَى وَلَدْ

كَأَنَّما هَايَجَهُنَّ ذُو ولِبَدْ

سلمة ، عن الفراء : الشَّظِيظُ الْعودُ المشَقَّقُ ، والشَّظِيظُ الجَوالِق المشدود.

١٨٥

[باب الشين والذال]

ش ذ

شذ : قال اللَّيث : شَذَّ الرجل ، إِذا انْفَرَدَ عن أَصْحابه ، وكذلك كل شَيء مُنْفَرد ، فهو شَاذّ وكَلمَةٌ شَاذَّة.

وشُذَّاذُ الناس : الذين ليسوا في قَبائِلهم ولا مَنازِلهم ، وشُذَّاذُ النَّاس. مُتَفَرِّقُوهم ، وكذلك شُذَّان الْحَصا. وقال رؤبة :

* يَتْرُكُ شُذَّانَ الْحَصَا قَنَابِلَا*

ويقال : أَشَذَذْتَ يا رجل ، إذ ، جاءَ بقَوْلٍ شاذٍّ نَادِر.

باب الشين والثاء

[ش ث]

شثّ : قال الليث : الشَّثُ شَجَرٌ طَيِّبُ الرّيح مُرُّ الطَّعْم.

قال أبو الدُّقيْش : ويَنْبُتُ في جِبالِ الْغَوْرِ وتِهامَة ، وأنشد لشاعرٍ وصف طبقات النِّساء :

فَمِنْهُنَّ مِثلُ الشَّثِ يُعْجِبُ رِيحُهُ

وفي عَيْنِهِ سُوءُ الْمَذاقَةِ والطَّعْم

أبو عُبَيد ، عن الأصمعيّ : الشَّثّ : من شَجَرِ الْجِبال.

وأنشد غيره :

كَأَنَّما حَثْحَثُوا حُصّاً قَوادِمُه

أَو أمَّ خِشْفٍ بِذِي شَتِّ وطُبَّاقِ

وقال أبو عمرو : الشَّثّ الدَّبْرُ ، وهو النَّحْل. وأنشد للراجز :

حَديثُها إذْ طَالَ فبِها النَّثّ

أَطْيَبُ من ذَوْبٍ مَذَاه الشَّثُ

والذَّوْب : الْعَسَل ، مَذَاهُ مَجَّةُ النَّحْل كما يَمْذِي الرَّجُلُ مَذِيَّه.

باب الشين والراء

[ش ر]

شَرّ ، رَشّ : [مستعملان].

الشر : قال الليث : الشّرُّ السُّوءِ ، والفِعْل للرَّجل الشِّرِّير ، والْمَصْدَر الشَّرارَة ، والفِعل : شَرَّ يَشِرُّ ، وقَوْمٌ أشرارُ : ضِدّ الأَخْيار ، والشَّرُّ : بَسْطُكَ الشّيءَ في الشّمْسِ من الثياب وغيره.

ثَوْبٌ على قَامَةٍ سَحْلٌ تَعَاوَرَهُ

أَيْدِيَ الْغَواسِلِ للأَرْوَاحِ مَشْرُورُ

وقال أبو الحسن اللّحيانيّ : شَرَّرْتُ الثّوب واللّحم ، وأَشرَرْتُ وشَرَرْتُ خفيف.

ويقال : إشْرَارة من قَدِيد ، وأنشد :

لها أَشَارِيرُ من لَحْمٍ مُتَمَّرَةٌ

مِن الثَّعَالِي وَوَخْزٌ من أَرَانِيها

أي مُقَدَّدة. قال : والْوَخْزُ الْخَطِيئَةُ بعد الْخَطِيئَة. وقال الكميت :

كَأَنَّ الرَّذَاذّ الضَّحْلَ حَوْلَ كِنَاسِه

أَشَارِيرُ مِلْحٍ يَتَّبِعْنَ الرَّوَامِسا

ثعلب ، عن ابن الأعرابيّ : الإشْرَارَةُ :

١٨٦

صَفِيحَةُ يُجَفَّف عليها القَدِيد ، وجمعها الأشَارِير.

وقال الليث : الإِشْرارُ شَيءٌ يُبْسَطُ للشّيءِ يُجَفَّف عليه من أَقِطٍ وبُرّ ، قلت : اتَّفَقَا على أنّ الإشرارَ ما يُبْسَطُ عليه الشَّيء لِيَجِفّ ، فصَحَّ أنه يكون ما يُشَرَّرُ من أقِطٍ وغيره ، ويكون ما يُشَرَّرُ عليه.

الليث : الشَّرارَةُ ، والشَّرَرُ والشَّرَارُ ما تطاير منه النّار ، قال الله جَلَّ وعزّ : (تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ) [المرسلات : ٣٢].

وقال في الشَّرار :

أَوْ كَشَرَارِ الْعَلَاةِ يَضْرِبها الْ

قَيْنُ على كلِّ وِجْهَة تَثِبُ

قال : والشَّرَّانُ على تقدير فَعْلَان من كلام أَهْلِ السَّوَاد ، وهو شَيءٌ تسميه العرب الأذَى شبه الْبَعُوضِ يغشى وجهَ الإنسان ولا يَعَضّ ، والواحِدَة شَرَّانَة.

عَمْرو ، عن أبيه : الشُّرَّى : الْعَيَّابَة من النِّسَاء ، قال : ويقال ما رددت هذا عليك من شُرٍّ به ، أي من عَيْبٍ به ، ولكني آثَرْتُك به ، وأنشد :

* عَيْنُ الدَّليلِ البُرْتِ من ذِي شُرِّهِ *

أي من ذِي عَيْبَة ، أي من عَيْبِ الدّليل ، لأنّه ليس يحسن أن يسير فيه حَيْرَةً.

وقال اللّحيانيّ : عَيْنٌ شُرَّى ، إذا نَظَرت إليك بالبغضاء.

وحكى عن امْرأة من بني عامر ، قالت في رُقْية : أرْقِيكَ بالله من نَفْسٍ حَرَّى ، وعَيْنِ شُرَّى.

والشِّرَّةُ : النَّشَاط ، ويقال : فلان يُشَارُّ فُلاناً ويُمارُّهُ ويُزَارُّه ، أي يُعادِيه. وقوله :

* وحَتَّى أُشِرَّتْ بالأكُفِّ المصاحِفِ*

أي نُشِرَتْ وأَظْهِرَت.

أبو عُبيد ، عن الأصمعيّ : الشُّرْشُور طائِرٌ صغير مثل الْعُصفور قال : ويُسَمِّيه أهلُ الحجاز الشُّرشور ، وتسميه الأعراب.

والْبِرْقِش. وقال الأصمعيّ أيضاً : الشَّراشِرُ النَّفْسُ والمَحَبَّةُ جميعاً.

وقال ذو الرمة :

* وَمِنْ غَيَّةٍ تُلْقَى عَلَيْها الشَّرَاشِرُ*

وقال الآخر :

وتُلْقَى عليه كلَّ يَوْمِ كَرِيهَةٍ

شَراشِرُ مِنْ حَيَّيْ نِزَارٍ وألْبُبُ

ويقال : أَلْقَى عليه شَراشِرَه ، أي ألقى نَفْسَه عليه مَحَبَّةً له.

ثعلب ، عن ابن الأعرابيّ : الشَّراشِرُ النّفْس ، ويقال : الْمَحَبَّة. وأنشد :

وما يَدْرِي الْحَرِيصُ عَلامَ يُلقِي

شَراشِرَه أيُخطيءُ أم يُصيبُ

وفي حديث الإسراء : أنَّ النبيَّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم أُسْرِيَ به ، قال : «فأتَيْتُ على رجل مُسْتَلْقٍ وإذا برجل قائم عليه بكَلُّوب ، وإذا هو يأتي أحَدَ شِقَّى وَجهِه ، فَيُشَرْشِرُ شِدْقه إلى قَفَاه».

١٨٧

قال أبو عُبيد : يعني يُشَقِّقُه ويُقَطِّعُه. وقال أبو زبيد يصف الأسد :

يَظَلُّ مُغِبّاً عِنْدَهُ مِنْ فَرَائِسٍ

رُفاتُ عِظامٍ أو عَرِيضٌ مُشَرْشَرُ

وقال أبو زيد : يقال في مَثَلٍ : كُلَّما تَكْبَرُ تَشِرُّ.

وقال ابن شُميل : من أَمْثالهم : شُرَّاهُنَ مُرَّاهُنّ. وقد أَشَرَّ بنو فُلانٍ فُلاناً ، أي انْتَقَذُوه وأَوْحَدُوه ، ويقال : هو شَرُّهُم ، وهي شَرُّهُنَ ، ولا يقال : هو أشَرُّهم.

ثعلب ، عن ابن الأعرابيّ : ومن الْبُقُول الشِّرْشِرِ ، قال : وقيل لبعض العرب : ما شَجرةُ أبِيك؟ فقال قُطَبٌ وشِرْشِرٌ وَوَطْبٌ جَشِرٌ.

قال : والشّرْشِرُ خير من الإسْليح والْعَرْفَج. قال : وشَرَّ يَشَرُّ ، زادَ شَرُّه ، وشَرَّهُ شَيْئاً يَشُرُّهُ شَرّاً ، إذا بسطه لِيجِفَّ ، وشَرَّ إنساناً يَشُرُّهُ إذا عابَه.

عمرو ، عن أبيه ، قال : الشِّرَارُ صفائِحُ بِيضُ يُجَفَّف عليها الكَرِيصُ. قال اليزيدي يقال : شَرَّرَنِي في النّاس ، وشَهَّرَنِي فيهم بمعنى واحد.

شَمِر ، قال أبو عَمْرو : الأَشِرَّةُ واحدها شَرِيرُ ، وهو ما قَرُبَ من الْبَحر ، وقيل : الشَّرِير شَجَرٌ يَنْبُتُ في البحر ، وقيل : الأشِرَّةُ : الْبُحُور.

قال الكميت :

إذَا هُوَ أَمْسَى في عُبَابيْ أَشِرَّةٍ

مُنيفاً على الْعَبْرَيْن بالماء أكْبَدَا

وقال الجعدي :

سَقَى بِشَرِيرِ الْبَحْرِ حَوْلاً تَمُدُّهُ

حَلَائِبُ قُرْحٌ ثم أَصْبَحَ غَادِيَا

أراد بالْحلائِبِ السَّحائب ، وهي الْقُرْح.

ويقال : شارَّاه وشَارَّه.

رش : قال اللَّيث : الرَّشُ رَشُّكَ البيتَ بالماء ، وتقول رَشَّتْنا السماءُ رشّاً ، وأرَشَّتِ الطَّعنة تُرِشُ ، ورَشاشها : دَمُها ، وكذلك رشاش الدَّمع.

وقال أبو كبير :

مُسْتَنَّةٍ سَنَنَ الْغُلُوِّ مُرِشَّةٍ

تَنْفِي التُّرابَ بِقَاحِزٍ مُعْرَوْرِفِ

يصف طعْنةً تُرِشُ الدَّمَ إرْشاشا.

ابن الأعرابيّ : شِوَاءٌ رَشْرَاشٌ : يقطُر دَسَمُه.

وقال أبو دُوَاد يصف فرساً :

طَوَاهُ القَنِيصُ وتَعْدَاؤُهُ

وإرْشَاشُ عِطْفَيْه حتَّى شَسَبْ

أراد تَعْرِيقَهُ إيَّاه حتى ضَمَرَ ، واشْتَدَّ لحمُه بعد رَهَلِه.

١٨٨

باب الشين واللام

ش ل

شلّ ، لشّ : [مستعملان].

شل : قال الليث : الشَلُ الطَّرْدُ.

أبو عبيدٍ : شَلَلتُه شَلًّا طَرَدْتُه ، وانشَلَ هو.

وذَهَب القومُ شِلَالاً ، أي انشَلُّوا مَطْرودين.

الأصمعيّ ، والفراء ، يقال : شَلَّتْ يَدُه تَشَلُ شَلَلاً ، فهو أَشَلّ ، ولا يُقال : شُلَّتْ يَدُه ، وإنما يُقال : أَشَلَّها اللهُ.

وقال الليث : الشلَلُ ذَهَابُ الْيَدِ ، ويقال : لَا شَلَلِ ، في معنى لا تَشَللْ لأنَّه وقع موقع الأمْر ، فَشُبِّه به وجُرَّ ، ولو كان نَعْتاً لنُصب ، وأنشد :

* ضَرْباً على الْهامَاتِ لا شَلَلِ *

قال : وقال نَصْر بن سيّار :

إنِّي أَقُولُ لِمنْ جَدّتْ صَرِيمتُه

يَوْماً لِغَانِيَةٍ : تَصْرِمْ ولا شَلَلِ

قلت : هذا الحرف هكذا قرأته في عِدة نسخ من كتاب اللَّيْث : لا شَلَلِ بالكسر قُيِّدَ كذلك ، ولم أَسْمَعْه لغيره : وسمعت العرب تقول للرجل يُمارِسُ عملاً ، وهو ذُو حِذْق بِعَمَلَه : لا قَطْعاً ولا شَلَلاً ، أي لا شَلِلْتَ ، على الدعاء ، وهو مَصْدر.

وأنشد ابن السكيت :

مُهْرَ أبي الحَبْحَابِ لا تَشَلِّي

بارك فيكِ اللهُ من ذي ألِ

قلت : معناه لا شَلِلت ، كقوله :

ألَيْلَتَنا بِذِي حُسُمٍ أَنِيرِي

إذَا أَنْتِ انقضَيتِ فلا تَحُورِي

أي لا حُرْتِ.

وسمعتُ أعرابياً يقول : شُلَ يَدُ فلان بمعنى قُطِعتْ. ولم أسمعه من غيره.

وقال ثعلب : شَلَّتْ يَدُه لغةٌ فَصِيحَة ، وشُلَّت يَدُه لغةٌ رَدِيئة قال : ويقال أُشِلَّتْ يَدُه.

ورَوى أبو عمرو ، عن ثعلب ، عن ابن الأعرابيّ : شَلَ يَشُلُ ، إذا طَرَدَ ، وشَلَ يَشِلُ ، إذا اعْوَجَّتْ يده بالكسْر. قال : والأشَلُ المْعوَجُّ المِعْصَم الْمَتَعطِّل الكَفّ.

قلت : والمعروف في كلامهم شَلَّتْ يدُه ، تَشَلُ ، بفتح الشين ، فهي شَلّاء.

أبو عبيد ، عن أبي زيد : الشلَلُ في الثوْب أنْ يُصيبَه سوادٌ أو غيره ، فإذا غُسِلَ لم يَذْهَب.

وقال الأصمعيّ : تَشَلْشَلَ الماءُ ، إذا اتّصَلَ قَطْرُ سَيَلانِه ، ومنه قول ذي الرمة :

وَفْراءَ غَرْفِيَّةٍ أَثْأَى خَوارِزَهَا

مُشَلشِلٌ ضَيَّعَتْه بينها الْكُتَبُ

وقال الليث : يُقال للصبي هو يُشَلْشِل بَبَوْلِه.

١٨٩

ثعلب ، عن ابن الأعرابيّ ؛ يقالُ للغلام الحارِّ الرَّأْس الخفيف الرّوح النْشيط في عمله ، شُلْشُلٌ وشُنشُنٌ وسَلْسُلٌ ، ولُسْلُسٌ وشُعْشُعٌ وجُلْجُلٌ.

وقال الأعشى :

* شَاوٍ مِشَلٌ شَلُولٌ شُلْشلٌ شَوِلُ*

وقال ابن الأعرابيّ : الشُّلْشُل الزِّقُّ السّائِل.

وقال اللّحيانيّ : شَلّت العينُ دَمْعَها ، وشَنّتْ وسَنّتْ ، إذا أرْسَلْته.

وقال ابن الأعرابيّ : شَلَلتُ الثوْبَ أَشُلُّهُ شَلًّا : إذا خِطْتَه خِياطَةً خَفِيفَةً ، فهو ثوب مَشلُولُ.

أبو عُبيد ، عن أبي عُبيدة : الشَّلِيل الْغِلَالَةُ التي تحت الدِّرْع من ثوب أو غَيره ، قال : وربَّما كانت دِرْعاً صغيرةً تحت العليا.

والشَّليل من الوادي أيضاً : وَسَطُه حيث يَسيلُ مُعظم الماء ، والشَّلِيلُ : الكساءُ الذي يُجْعَلُ تحت الرَّحْلِ.

وقال النضر : عَيْنٌ شَلَّاءُ ، للَّتي قد ذَهب بَصَرُها ، قال : وفي العين عِرْقٌ إذا قُطع ذَهبَ بَصَرُها ، أو أَشَلَّها.

وقال شمِر : انْسَلَّ السَّيْلُ وانْشَلَ ، وذلك أولَ ما يَبْتَدىء حين يَسِيلُ قبل أن يَشْتَدّ.

وقال ابن شُميل : شَلَ الدِّرْعَ يَشُلُّها شَلًّا ، إذا لَبِسَها ، وشَلَّها عليه ، ويُقال للدِّرع نَفْسها : شَلِيلٌ.

أبو العباس ، عن ابن الأعرابيّ ، قال : المُشَلِّلُ الحمار ، النِّهايَةُ في الْعِناية بِأُتُنِهِ ، يقال : إنّه لَمُشِلٌ مِشَلٌ مُشَلِّلٌ لِعانَتِهِ ، ثم يُنْقَلُ فيضربُ مثلاً للكاتب النِّحْرِير الكافِي.

يقال : إنّهُ لَمِشَلُ عُونٍ.

سلَمة ، عن الفراء : الشُّلةُ النِّيَّةُ في السَّفر ، يقال : أين شُلَّتُهم؟ أي نِيَّتُهم.

والشُّلَّةُ : الدِّرعُ ، والشُّلّة : الطّرْدَة ، قال : والشُّلّي النِّيَّةُ في السَّفر والصَّوم والحرب ، يقال : أين شُلّاهُمْ؟

لش : قال الليث : اللَّشْلَشَةُ كثرَةُ التَّرَدُّدِ عند الفَزَع ، واضْطِرابُ الأحشاءِ في موضع بعد مَوْضع ، يقال : جَبَانٌ لَشْلَاشٌ.

ثعلب ، عن ابن الأعرابيّ : اللَّشُ : الطّرْدُ.

باب الشين والنون

ش ن

شَنَّ ، نَشَّ : [مستعملان].

شن : الحرانيّ ، عن ابن السّكيت ، قال الأصمعيّ : شَنّ عليهم الغارة ، أي فَرَّقها وقد شَنَ الماء على شَرَابِه ، أي فَرَّقَه عليه ، وشَنَ عليه دِرْعَه ، إذا صَبَّها ، ولا يُقال سَنّها ، وكذلك شَنَ الماءَ على وَجْهه ، أي صَبَّه عليه صَبّاً سَهْلاً.

وفي الحديث : «إن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أمَرَ بالماء فَقُرِّسَ في الشِّنان».

١٩٠

قال أبو عُبيد : الشِّنانُ الأَسْقِيَةُ ، والْقِرَبُ الخُلْقَان ، يقال للسِّقَاءِ شَنٌ ، ولِلقرْبَة شَنٌ ، وإنما ذُكِرَ الشِّنانُ دُونَ الجُدُدِ لأنها أشَدُّ تَبْريداً للماء ، والتَّقْريسُ : التبْرِيد.

وفي حديث ابن مسعود : أَنه ذَكَرَ القُرآن فقال : «لا يَتْفَهُ ولا يَتَشَانّ» معناه أنه لا يَخْلَقُ على كَثرَة القِراءَةِ والتَّرْدَاد ، وهو مَأْخوذٌ من الشَّنّ أيضاً.

وقال اسْتَشَنَ السِّقَاءُ إذا صار شَنّاً خَلقاً ، وشَنَّنَ السِّقاء أيضاً.

وقال الليث : الشَّنِينُ قَطَرانُ الماءِ من الشَّنّةِ شَيْءٌ بعد شَيْءٍ.

وأَنْشد :

* يا مَنْ لِدَمْعٍ دَائم الشَّنِين *

وكذلك التّشْنَانُ والتَّشْنِينُ.

وقال الشاعر :

عَيْنَيَّ جَودَا بالدُّموع التّوَائِم

سِجَاماً كتَشْنانِ الشَّنَانِ الهزَائم

قال : والتّشنُّنُ في جلد الإنسان التَّشَنُّجُ عند الْهَرمِ.

وأنشد :

* بَعْدَ اقْوِرَارِ الْجِلْدِ والتَّشَنُّنِ *

أبو عُبيد ، عن الأصمَعي : الشُّنَانُ : الماءُ البَارِد.

وقال أبو ذُؤَيْب :

بمَاءٍ شُنانٍ زَعْزَعَتْ مَتْنَهُ الصَّبا

وجادَتْ عليه دِيمَةٌ بَعْدَ وابِل

وقال أبو زيد : في الجَبِينِ الشّانّان ، النون الأولى ثقيلة ولا همز فيه ، وهما عِرْقانِ يَنْحدِران من الرّأس إلى الحاجِبَيْن ثم العَينين.

وقال ابن السكيت نحوه.

وأَخبرني المنذريّ ، عن الحَرْبِيّ ، عن عمرو ، عن أبيه ، قال : هما الشَّأْنان بالْهَمْزْ ، وهما عرقان ؛ واحتج بقوله :

* كأنَّ شَأْنَيْهما شَعِيبُ*

وقال ابن السكيت في قول العرب : وَافَقَ شَنٌ طَبَقَة ، قال : هو شَنُ بنُ أَفْصَى بن عبد القيس بن أَفْصَى بن دُعْمِيّ بن جَدِيلَة بن أَسد بن رَبيعة بن نِزار ، وطَبَقٌ : حَيٌّ من إِيَاد ، وكانت شَنُ لا يُقامُ لها فَوَاقَعَتْها طَبَقٌ فانتَصَفَتْ منها ، فقيل : وافَقَ شَنٌ طَبَقَة ، ووافَقه فاعْتَنَقَه.

وأنشد :

لَقِيَتْ شَنٌ إِيَاداً بالْقَنَا

طَبَقاً ، وَافَقَ شَنٌ طَبَقهْ

وَأَخبرني المنذريّ ، عن الحَرْبيّ ، قال : قال الأصمعيّ : كان قَوْمٌ لهم وِعَاءٌ من أَدَم فَتَشَنَّنَ عليهم فَجَعَلُوا لهُ طبَقاً فوافَقه ، فقيل : «وافَقَ شَنٌ طَبَقَه».

ويقال : شَنَ الجَمَلُ من العطش يَشِنُ : إذا يَبِسَ ، وشَنَّت الْقِرْبةُ تَشِنُ : يَبِسَتْ.

١٩١

ورُوي عن عمر أنه قال لابن عباس في شيء شاوَرَه فيه ، فأَعْجَبه كلامه ، فقال : «نِشْنِشَةٌ أَعْرِفُها من أَخْشَن».

قال أبو عُبيد : هكذا حَدَّث به سُفْيان ، وأَمَّا أهل العربية فيقولون غيره.

قال الأصمَعِيّ : إنما هوشِنْشِنَةٌ أَعْرِفها من أَخْزَم.

قال : وهذا بيت رَجز تمثَّل به.

قال : والشِّنشِنَةُ قد تكون كالْمُضْغَة أو القِطعَة تُقْطَع من اللّحم ، قال : وقال غيرُ واحد : بل الشِّنشِنَةُ مِثلُ الطّبيعة والسَّجِيَّة ، فأراد عُمر أنِّي أعرِفُ فيك مَشَابِهَ من أَبِيكَ في رَأْيِه وعَقْلِه. ويقال ، إنَّهُ لم يَكُنْ لِقُرَشِيّ رَأْيٌ مثلُ رَأْي العباس.

وقال ابنُ الكلبيّ : هذا الرَّجزُ لأَبي أخزم الطائيّ ، وهو قوله :

إنَّ بَنِيَّ زَمَّلُونِي بالدَّم

شِنْشِنَةٌ أَعْرِفُها مِنْ أخْزَمِ

وقال أبو عُبيدة ، يقال : شِنْشِنَةٌ ونِشْنشَةٌ.

وقال الليث : الشَّنُون المَهْزُول من الدَّواب ، قال : ويقال الشَّنُون السَّمين.

قال : والذّئْبُ الشَّنُون : الجائِع ، وأنشد :

يَظَلُّ غُرابُها ضَرِماً شَذَاهُ

شَجٍ بخُصُومَةِ الذِّئْبِ الشَّنُونِ

وقال أبو خَيرة : إنَّما قيل له شَنُون ؛ لأنَّه قد ذَهَب بعض سِمَنِه ، فقد اسْتَشَنَ كما تُسْتَشَنُ الْقِرْبَة ، ويقال للرَّجل والبعير إذا هُزِلَ : قد اسْتَشَنَ.

وقال اللحيانيّ : يقال مَهْزُولٌ ثم مُنْقٍ إذا سَمِنَ قليلاً ، ثم شَنُونٌ ، ثم سَمِينٌ ، ثم سَاحٌّ ، ثم مُتَرَطِّم ، إذا انْتَهى سِمَناً.

ابن السّكّيت ، عن أبي عمرو ، يقال : شَنَ بسَلْحِه ، إذا رَمَى به رَقيقاً ، والحُبْارَى تَشُنُ بِذَرْقها ، وأنشد :

* فَشَنَ بالسَّلْحِ فلمَّا شَنّا*

وقال النضر : الشَّنِين اللَّبن يُصَبُّ عليه الماءُ حَلِيباً كانَ أو حَقِيناً.

وقال أبو عَمْرو : الشَّوَانُ من مَسايِلِ الجِبال التي تَصُبُّ في الأودية من المكان الغليظ واحدتها شَانَّةٌ.

نش ـ (نشنش): أبو عُبيد : نَشنَش الرجلُ المرأَةَ ومَشْمشها ، إذا نَكَحَهَا ، وأنشد :

بَاكَ حُيَيٌّ أُمَّهُ بَوْكَ الفَرَسْ

نَشْنَشها أَرْبَعَةً ثُمّ جَلَسَ

وفي الحديث أنَّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم لم يُصْدِق امرأَةً من نِسَائه أَكثر من ثِنْتَيْ عشرةَ أُوقيَّة ونَشّاً.

قال أبو عبيد ، قال مجاهد : الأُوقِيَّة أَرْبَعُون ، والنَّشُ عشرون.

قلت : وتصديقُه ما حدَّثنا به عبدُ الملك عن الرّبيع عن الشافعيّ عن الدْرَاوَرْدِيّ ، عن يزيد بن عبد الله ، عن الهادي ، عن محمد ابن إبراهيم التَّيميّ ، عن أبي سَلمة بن عبد الرحمن قال : سأَلتُ عائشة : «كما كان صَداقُ النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم»؟

١٩٢

قالت : «كان صداقهُ لأزْوَاجه اثْنَتَيْ عَشرة أوقية ونَشّاً».

قالت : والنَّشُ نِصْفُ أوقية.

شَمِر ، عن ابن الأعرابيّ قال : النَّشّ النِّصْفُ من كلِّ شيء ، نَشُ الدرهم ، ونَشُ الرّغيف : نِصْفه ، وأنشد :

* مِنْ نِسْوَةٍ مُهُورُهُنَ النَّشُ *

وأخبرني المنذريّ ، عن الحربي ، قال : نَشَ الْغَدِيرُ إذا نَصَبَ ماؤُه ، وسَبَخَةٌ نَشَّاشَةٌ تَنِشُ من النزِّ.

قال : والْقِدْرُ تَنِشُ ، إذا أَخَذت تَغْلِي.

وقال الليث نحوَه : نَشّ الماء ، إذا صبَبْتَه في صَاخِرَةٍ طال عهدُها بالماءِ ، ونشيش اللَّحْم : صَوْتُه إذا قُلِي ، والخمرُ تَنِشُ إذا أَخَذت في الغليان ، وفي الحديث : «إذا نَشَ فَلَا تَشْرَبْه».

وفي حديث عمر : «أنَّه كان يَنُشُ الناسَ بعد العشاء بالدِّرَّة».

قال شَمِر : صَحّ الشِّينُ عن شُعْبة في حديث عمر ، وما أراه إلَّا صحيحاً ، وكان أبو عبيد يقول : إنَّما هو يَنُسُّ أو يَنُوشُ.

قال شَمِر : يقال نَشنَشَ الرَّجُلُ الرَّجلَ إذا دَفَعَه وحَرّكه ، ونشنَشَ ما في ذلك الوعاء إذا نَثَرَه وتَنَاوَله ، وأنشدَ ابنُ الأعرابيّ :

الأُقْحُوانَةُ إذْ بَيْتِي يُجَانِبُها

كالشَّيخ نشنش عنه الفارسُ السَّلبَا

وقال الكُميت :

فَغَادَرْتُها تَحْبُو عَقِيراً ونشْنشُوا

حَقِيتَهَا بَيْن التّوزُّعِ والنَّتْرِ

أي حَرّكوا ونفَضُوا.

قال : ونشْنَشَ ونَشّ ، مثل نَسْنَسَ ونَسّ بمعنى ساقَ وطَرَد.

وقال الليث : النَّشْنَشةُ : النّفْضُ والنَّتْر.

أبو العباس ، عن ابن الأعرابيّ : النَّشُ السَّوْقُ الرّفيق ، والنَّشُ : الخَلْط ، ومنه قيل : زَعْفَران مَنْشُوش.

وروى عبد الرازق ، عن ابن جُرَيج ، قلت لعطاء : الْفَأْرَةُ تَموتُ في السَّمْن الذّائب أو الدُّهْن؟ قال : أَمَّا الدُّهْنُ فَيُنَشُ ويُدْهَنُ بهِ إن لم تَقْذَرْه. قلت : لَيْسَ في نفسك من أن تَأْثمَ إذا نُشّ؟. قال : لا. قلت : فالسَّمن يُنَشُ ثم يُؤكَلُ به؟. قال : ليس ما يُؤكَلُ به كهيْئَة شيءٍ في الرأس يُدَّهَنُ به.

أخبرني عبد الملك ، عن الرّبيع ، عن الشّافعي ، قال : الأدْهانُ دُهْنان : دُهْنٌ طَيِّبٌ مثل الْبان الْمَنْشُوش بالطِّيب ، ودُهْنٌ ليس بالطَّيِّب ، مثل سَلِيخَةِ غير مَنْشُوقٍ مثل الشَّبْرَق.

قال الأزهريّ : المَنْشُوش بالطِّيب إذا رُبِّي بالطِّيب الذي يَخْتَلِطُ به ، فهو مَنْشُوسٌ ، والسَّلِيخَةُ : ما اعْتُصِرَ من ثَمَر البان ، ولم يُرَبَّبْ بالطِّيب.

وقال شَمِر : قال أبو زيد الأَبَانِيَّ : رجُلٌ نَشْنَاشٌ ، وهو الكَمِيشَةُ يَداه في عَمَلِه ، يقال : نَشْنَشَهُ ، إذا عَمِلَ عملاً فَأَسْرع فيه ، ويقال : نَشْنَشَ الطَّائِرُ رِيشَهُ بِمِنْقَارِه ، إذا

١٩٣

أَهْوَى لَه إِهْواءً خَفِيفاً فَنَتَفَ منه وطَيَّرَ به ، وكذلك لو وَضَعْتَ له لحماً فَنَشْنَشَ منه إذا أكَلَ بعَجَلَةِ وسُرْعة.

وقال أبو الدَّرْدَاء ، عبدٌ لِبَلْعَنْبَرَ ، يَصِفُ حَيَّةً نَشَطَتْ فِرْسَنَ بعيرٍ :

فَتَشْنَشَ إحْدَى فِرْسَنَيْها بِنَشْطَةٍ

رَغَتْ رَغْوَةً مِنْها وكادتْ تَقَرْطَبُ

تقَرْطَبُ : تَسْقُطُ ، ورجل نَشْنَشِيُ الذِّراعَ وَوَشْوَشِيُّ الذراع ، وهو الخفيفُ في عَمَلِهِ ومِراسِه.

سلمة ، عن الفراء : النَّشْنَشَةُ صَوْتُ حركة الدُّروع ، والْمَشْمَشَةُ : تَفْرِيقُ الْقُماش.

نشن : قال ابن بُزُرْج فيما قرأت له بخط أبي الهيثم : نَشِنَ الرجل نَشَناً ، إذا هَلَكَ ، فهو نَشِنٌ.

[باب الشين والفاء]

ش ف

شفَّ ، فشَّ : [مستعملان].

شف : قال اللَّيث : الشَّفُ ضَرْبٌ من السُّتور يُرِي ما وراءه.

وهو سِتر أحمر من صوف ، وجَمعه شُفُوف. ويقال : علّق على بابه شَفّاً ، وأنشد :

زانَهن الشُّفُوفُ يَنْضَحْن بالمس

ك وعيش مُفانقٌ وحَريرُ

واسْتَسْفَفْتُ ما وراءه إذا أَبْصَرْتَه ، وشَفَ الثَّوبُ عن المرأة يَشِفُ شُفُوفاً ، وذلك إذا بَدا ما وراءَه من خَلْقِها.

وفي حديث عمر : «لا تُلْبِسُوا نساءَكم الْقَباطِيَّ ؛ فإنَّه إلَّا يَشِفُ فإنّه يَصِفُ».

ومعناه : أنَّ قَبَاطِيَّ مِصْر ثِيابٌ دِقاق ، وهي مع دِقَّتها صِفيقَةُ النَّسْج ، فإذا لَبِسَتْها المرأةُ لَصقَتْ بأَرْدافِها فوصَفَتْها ، فنهى عمر عن إلْباسِها النّساء ؛ لأنَّها تَلْزَقُ بِبَدن المرأة لِرِقَّتِها فَيُرَى خَلْقُها وراءها من خارجٍ ناتئاً يَصِفُها ، وأَمَرَ أَنْ يُكْسَيْنَ من الثّياب ما غَلُظَ وجَفا ؛ لأنَّهُ أَسْتَرُ لخَلْقِها.

وأخبرني المُنذريّ ، عن أبي الهَيْثم أنه قال : يقال : شَفَّهُ الْهَمُّ والحُزْن ، أي هَزَلَه وأَضْمَرَهُ حتى رَقَّ وهو من قولهم : شَفَ الثوب ، إذا رق حتى أَنْ يَصِفَ جِلْدَ لابِسِهِ ، وتقول للبزاز : اسْتَشِفّ هذا الثوب ، أي اجْعَلْه طَاقاً وارْفَعْهُ في ظِلٍّ حتى أنْظُر ، أَكَثِيفٌ هو أو سَخِيف؟.

ونقول : كَتَبْتُ كِتاباً فَاسْتَشِفَّه ، أي تَأَمَّلْ فيه ، هل وَقَعَ فيه لَحْنٌ أَوْ خَلَل؟

وأخبَرَني الْمُنذريّ ، عن ثعلب ، عن ابن الأعرابيّ ، أنّه أنشده :

تَغْتَرِقُ الطَّرْفَ وهي لاهِيَةٌ

كَأَنَّما شَفَ وَجْهُها نَزَفُ

وجاءَ في حديثٍ في الصَّرْف : فَشَفَ الخَلْخَالانِ نَحْواً من دَانِقٍ فَقَرَضَه.

قال شمر : شَفَ ، أَي زَادَ.

١٩٤

وقال الفراء : الشِّفُ. الفَضْل ، يقال : شَفَفْتُ عليه تَشِفُ ، أي زِدْتَ عليه ، وفلان أَشَفُ من فلان ، أي أَكْبَرُ قَلِيلاً.

وقال غيره : شُفَ عليه ، أي زِيدَ عليه وفُضِلَ.

وقال جرير :

كانُوا كَمُشْتَرِكِين لما بايَعوا

خَسِرُوا وشُفَ عليهمُ واسْتُوضِعُوا

قال شمر : والشِّفّ النَّقص أَيضاً ، يقال : هذا دِرْهم يَشِفُ قليلاً ، أي يَنْقُص.

ولا أَعْرِفَنْ ذا الشَّفِ يَطْلُبُ شِفَّهُ

يُداوِيه مِنْكم بالأَدِيمٍ الْمُسَلَّمِ

أراد : لا أَعْرِفَنّ وضِيعاً يَتَزَوَّج إليكم لِيَشْرُفَ بكُم.

وقال ابن شُميل : يقول الرجل للرجل : أَلَا أَنَلْتَني مما كان عندك؟ فيقول : إنه شَفَ عنك أي قَصُرَ عنك. والمُسَلَّمُ : الأدِيمُ الذي لا عَوَارَ فيه.

الحرانيّ ، عن ابن السّكيت : الشَّفُ بالفتح : السِّتْرُ الرّقيق ، والشِّفُ : الرِّبْح والْفَضْل ، والشِّفُ أيضاً : النُّقْصان. قال : وقال أبو زيد ، يقال : ثَوْبٌ شَفٌ وشِفٌ : للرَّقيق.

وقال الليث : يقال للفَضْل والرِّبْح : شَفُ ، وشِفّ.

قلت : والمعروف في الفَضْل الشِّفُ بالكسر ، ولم أسمع الفتح لغير الليث.

وقال الجعِديّ يصف فرسَين :

واسْتَوَتْ لِهْزِمَتَا خَدَّيْهِما

وجَرَى الشِّفُ سَواءً فاعْتَدَلْ

يقول : كادَ أحدهما يَسْبِقُ صاحبه فاسْتَويا وذَهَب الشِّف. قال : والشِّف من المَهْنَأ ، يقال : شِفٌ لك يا فُلان ، إذا غَبَطْتَه بشَيء ، قلتَ له ذلك.

وقال الأصمعيّ : أَشَفّ فلانٌ بعض بَنيه على بَعْض ، إذا فَضَّله.

ويقال : إن فلاناً ليَجِد في أَسنانه شفِيقاً ، أي بَرْداً.

ويقال : إنَّ في ليلتنا هذه شِفَّاناً شديداً ، أي بَرْداً.

وفي حديثِ أمّ زَرْع : أنّ إحْدى النّساء وَصَفَتْ زَوْجها. فقالت : «زَوْجي إنْ أكَلَ لَفّ وإن شَرِبَ اشْتَفَ». ومعنى اشْتف أي شَرِبَ جميع ما في الإناء ، والشُّفَافَةُ : آخِرُ ما يَبْقى فيه. ومن أمثالهم : «لَيْسَ الرِّيُّ عن التشافّ» ، معناه : ليس مَن لا يَشرب جميع ما في الإناء لا يَرْوَى.

يقال : تَشافَفْتُ ما في الإناء ، واشْتَفَفْتُه إذا شرِبتَ جميع ما فيه ولم تُسْئِرْ فيه شيئاً.

ويقال للبعير إذا كان عَظِيمَ الجُفْرَة : إن جَوْزَه لَيشتفُ حِزامه ، أي يَسْتَغْرِقُه كلّه حتى لا يَفْضُلَ منه شَيءٌ.

١٩٥

وقال كعبُ بن زهير :

له عُنُقٌ تَلْوِي بما وَصَلتْ به

ودَفّانِ يَشْتَفّان كلَّ ظِعَانِ

والظِّعان : الحبلُ الذي يُشَدُّ به الهَوْدَجُ على البَعير.

قال ، ويقال : شَفَ فَمُ فلان شَفِيفا وهو وجَعٌ يكون من البَرْدِ في الأسْنان واللِّثاثِ.

وقال أبو سَعيد ، يقال : فلان يجِدْ في مَقْعدته شَفِيفاً ، أي وَجعاً.

وقال أبو عمرو : شَفْشَفَ الحَرُّ والْبَرْدُ الشَّيءَ ، إذَا يَبَّسَه.

وقال الليث : الشَّفْشفَة : الارْتِعادُ والاخْتِلاط ، والشفْشَفةُ : سُوء الظّنِّ مع الْغَيْرَة.

وقال الفرزدق يصف نساءً بالعفاف :

مَوَانِعُ للأسْرار إلّا لأهلها

ويُخْلِفْنَ ما ظَنَّ الغيور المُشَفْشِفُ

أراد المشفشف الذي شفت الغَيْرَةُ فُؤادَه فأَضمَرَتْه وهَزَلَتْه ، وكَرَّر الشين والفاء تَبْليغاً كما قالوا مُحَثْحَث ، وقد تَجَفْجَفَ الثّوب من الجفاف والشُّفوف : نُحول الجسم من الهَمِّ والوَجْد.

ثعلب ، عن ابن الأعرابي : رجل مُشَفشَف سَخِيف سَيَّىء الخُلق.

وقال أبو عمرو : الشَّفْشَفَة تَشْوِيطُ الصقيع نَبْتَ الأرض فيحرِقُه ، أو الدواء تَذُرُّه على الجُرح يقال : شوَّطة وشيّطة.

وفي حديث أنس أَنَّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم خطب أصحابَه يَوْماً وقد كادَت الشمس تَغربُ فلم يَبْق منها إلا شِفٌ يَسير.

قال شمر : معناه إلا شَيْءٌ يَسير.

وشُفَافَة النَّهارِ : بَقِيَّتُه وكذلك الشفَا : بَقِيَّةُ النَّهار.

وقال ذو الرمة :

شُفَافَ الشفَا أوْ قَمْسَة الشمسِ أَزْمَعا

رَوَاحاً فَمَدّا من نَجَاءٍ مُهَاذِبِ

وقَمْسَة الشمس : غُيوبُها.

ابن بزرج قال : يقولون من شُفوفِ المال قَد شَفّ ، وهو يَشفُ ، وكذلك الْوَجَعُ يَشُّفّ صاحِبَه مَضْمومة.

قال : وقالوا شَفّ الفَمُ يَشف مفتوح ، وهو نتْنُ رِيحٍ فيه.

قال : والثّوبُ يَشفُ في رِقَّته ، والشِّفُ مكسور ، بَثْرٌ يَخْرج فَيُرْوِح.

قال : والمَحْفوفُ مثل المشْفُوف المخنوع من الْحَفَفِ ، والحَفّ.

فش : قال الليث : الفَشُ حَمْلُ اليَنْبُوتِ ، الواحدةُ فَشَّه ، والجميع الفِشاش.

قال : والْفَشُ : تَتَبُّعُ السّرِقَةِ الدّون ، وأنشد :

ونَحْنُ وَلِيناهُ فلا تَفُشُّهْ

وابْنُ مُضاضٍ قائمٌ يَمُسُّهْ

١٩٦

يَأْخُذ ما يُهْدَى له يَقُشُّهْ

كَيْفَ يُوَاتِيه وَلَا يَؤُشُّه

قال : والْفِشَاشُ : الكساء الْغَلِيظ ، والْفَشُ : الْفَسْوُ.

وقال رؤبة :

* واذْكُرْ بَنِي النَّجَاخَةِ الْفَشُوشِ *

ويقال للسِّقاءِ إذا فُتِحَ رأْسُه وأُخرِجَ منها الرِّيح : فُشَ يُفَشُ ، وقد فَشَ السِّقاءُ يَفِشُ.

والانْفِشَاشُ : الفَشَلُ والانْكِسار عن الأَمْر ، والفَشُ : الْحَلْبُ ، والفَشُوشُ : الّتي تُحْلَبُ ، وهي الفَشَّاء.

ثعلب ، عن ابن الأعرابيّ ، قال : الفَشُوشُ : الكِسَاءُ السَّخِيفُ. والفَشوشُ : الْخَرُّوبُ. والفَشُوشُ : النَّاقَة الواسِعَة الإحْليل. والفَشُوش : الأَمَة الفَسَّاءَة ، وهي المْفَصَّعَة والمُطَحْرَبَة.

أبو عمرو : وفَششْتُ الزِّقّ ، إذا أخرجتَ رِيحَه ، ومن أمثالهم. لأَفُشَّنَّك فَشَ الْوَطْبِ. أي لأُخْرِجَنَّ غَضَبك من رَأْسِك.

أبو عبيد ، عن الأمَوِي : فَشَشْتُ النَّاقَة أُفُشَّها فَشّاً ، إذا أَسْرَعْتَ حَلْبَها.

وقال ابن شُميل : هَجْلٌ فَشٌ لَيْس بِعَميقٍ جدّاً ولا مُتَطامِن ، وقال : نَاقَةٌ فَشُوشٌ ، أي يَتَشَعَّبُ إِحْلِيلُها ، مِثْلَ شُعاعِ قَرْن الشَّمْسِ حين تَطْلُع ، أي يَتَفَرَّقُ شُخْبُها في الإناء فلا يُرَغَّى ، بَيِّنَةُ الفِشاش.

ويقال : انفَشَّت عِلّةُ فلان ، إذا أَقبَلَ منها.

سلمة ، عن الفراء ، قال : الفَشْفَشَةُ ضَعْفُ الرَّأي ، والفَشْفَشَةُ الخَرُّوبة.

وقال ابن الأعرابيّ : الفَشُ الطَّحْرَبَة ، والفَشُ النَّميمَة ، والفَشُ الأحْمق ، والفَشُ الْخرُّوب ، والفَشُ : الكِسَاء الرَّقيق.

[باب الشين والباء]

ش ب

شب ، بش.

شب : قال الليث : الشَّبّ حَجَرٌ مِنها الزَّاجُ وأَشْبَاهُه ، وأَجْوَدُها ما جُلِبَ من اليمن ، وهو شَبٌ أبيض له مَضِيضٌ شديد.

وشَبَّة : اسمُ رجل ، وكذلك شَبيب. أبو نصر عن الأصمعيّ : شَبَ الغُلَام يَشِبُ شَبابَا ، وشَبَ الفَرَسُ يَشِبُ شِباباً وشُبوباً وَشَبِيباً ، إذا نَشِطَ ومَرِح.

وقال ذو الرمة :

* شُبُوبَ الْخَيْلِ تَشْتَعِلُ اشْتِعَالا*

وشَبَبت النارَ فأنا أَشُبُّها شَبّاً وشُبُوباً ، ويقال : إنَّ شَعْرَ فُلانَة يَشُبُ لَوْنَها ، إذَا كان يُحَسِّنُه ويُظْهِرُ حُسْنَه وبَصِيصَه ، ويقال للرَّجل الجميل : إنَّه لَمَشْبُوب.

ويقال : أَشَبَّتْ فلانةُ أوْلاداً ، إذا شَبّ لها أَوْلاد.

ويقال للثَّور إذا كان مُسِنّاً : شَبَبٌ ومُشِبُ وشَبُوب.

ويقال : فَعَلَ ذلك في شَبِيبتِه ، وامْرَأَةٌ

١٩٧

شَابَّةٌ ، ونِسْوَةٌ شَوَابّ.

وقال أبو زيد : يَجُوز نِسْوَةٌ شَبَائب في معنى شَوَابّ ، وأنشد :

عَجَائِزٌ يَطْلُبْنَ شَيئاً ذَاهِبَا

يَخْضِبْنَ بالحِنّاءِ شَيْباً شَائِبَا

يَقُلْن كُنَّا مَرَّةً شَبائِباً

قلت : شَبائبُ جمع شَبَّة لا جمع شَابَّة ، مثل ضَرْة وضَرَائِر. وكَنَّه وكَنَائِن.

وشِبَابُ الفَرَسِ : أَنْ يَرْفَعَ يديه جَميعاً كأَنَّه يَنْزُو وَنَزَواناً.

وفي الحديث : «اشْتَشِبُّوا على أَسْوُقِكُم على الْبَوْل» ، يقول : اسْتَوْفِزُوا عليها ولا تُسِفّوا من الأرض.

وعَسَلٌ شَبَابِيّ : يُنْسَبُ إلى بني شَبَابَةَ ، قَوْمٍ بالطَّائف من بني مالِك بن كنانة ، يَنْزِلون اليمن.

وتَشْبيبُ الشِّعر : تَرقيقُ أوّله بذكر النِّساء ، وهو من تَشْبِيبِ النار وتَأْريثُها.

أبو عبيد ، عن أبي زيد : أُشِبَ لي الرَّجُلُ إشْباباً إذا رَفَعْتَ طرفَك فرأَيْتَه من غير أن تَرْجُوَه أوْ تَحْتَسِبه.

وقال الهذليّ :

حَتَّى أُشِبّ لها رَامٍ بمُحْدَلَةٍ

نَبْعٍ وبِيضٍ نَوَاحِيهِنّ كالسَّجَمِ

قال : السّجَمُ ضَرْبٌ من الورق شَبّه النِّصَالَ بها.

ويقال : لَقِيتُ فلاناً في شبابِ النهار ، أي في أوّله.

عَمْرو ، عن أبيه ، قال : شَبْشَبَ الرَّجل ، إذا تَمَّمَ ، وشَبَ ، إذا رُفِعَ ، وشَبَ إذا لَهَب.

وقال ابن الأعرابيّ : من أسماءِ الْعَقْرب الشّوْشب ، ويقال للقملة : الشّوْشبَة.

بش : قال الليث : الْبَشّ اللُّطْف في المسألة ، والإقبال على أخِيك. تقول : بَشِشتُ به بَشّاً وبَشَاشَةً ، ورَجُلٌ هَشٌ بَشٌ. قال :

والبَشِيشُ : الوَجْهُ. يقال : رجُلٌ مُضِيٌ البَشيش ، أي مُضِيءُ الوَجْه.

وقال رؤبة :

* تكَرُّماً والهشُّ للتَّهْشِيشِ*

* وارِي الزِّناد مِسْفِر الْبَشِيش *

وفي الحديث : «لا يُوطِنُ رجلٌ المساجدَ للصَّلاة والذِّكْر إلّا تَبشْبَشَ اللهُ به حين يَخْرُج من بيته ، كما يتَبَشْبَشُ أهلُ البيت بغائبهم إذا قَدِمَ عليهم» وهذا مَثَلٌ ضربه لتلقِّيه جلّ وعزّ بِبِرِّه وكرامته وتَقْرِيبه إيّاه.

ثعلب ، عن ابن الأعرابي ، قال : الْبَشُ فَرَحُ الصديق بالصديق ، والتَّبَشْبُش في الأصل التَّبَشُّش ، فاستُثْقل الجمع بين ثلاث شِينات فقُلِبَتْ إحداهن باء.

١٩٨

[باب الشين والميم]

ش م

شم ، مش.

قال الليث : الشَّمُ من قولك شَمِمْتُ الشيءَ أَشَمُّه ، ومنه التَّشَمُّم كما تَشَمَّمُ البهيمةُ ، إذا التَمَسَتْ رِعْياً ، قال : والمشامَّة مُفَاعلةٌ من شامَمْتُ العدوَّ ، إذا دَنَوْتَ منهم حتى يَرَوْكَ وتراهم. والشَّمَمُ : الدُّنُوَّ ، اسمٌ منه. يقال : شامَمْنَاهُمْ وناوَشْنَاهم.

قال الشاعر :

ولم يَأْتِ للأمْرِ الذي حال دونه

رجالٌ هُمُ أعداؤك الدَّهرَ من شَمَمْ

أي من قُرب.

عمرو ، عن أبيه : هو عَدُوُّك من شَمَم ومن زَمَم ، أي من قُرْبٍ.

وفي حديث عليّ أنه قال حين بَرَزَ لعمرو ابن وُدّ : «أَخرُجُ إليه ، فأُشامُّه اللقاء» أي أَنظُر ما عنده.

يقال : شامِمْ فلاناً ، أي انظر ما عِنده.

وقال ابن السِّكِّيت : الشَّمُ مصدر شَمِمْتُ ، والشَّمَمُ : طول الأنف ، ووُرُودٌ من الأرْنَبة ، والنعت : رجل أَشَمّ ، وامرأةٌ شَمَّاء ، وجبل أشمّ : طويلُ الرأس. قال : وشَمَام : جَبَلٌ له رأْسان يُسميان ابنَيْ شَمَام. قال : والإشمَامُ أن تُشِمَ الحرْفَ الساكن حرْفاً كقولك في الضَّمَّة : هذا العملُ وتسكُتْ ، فتجدُ في فِيك إشماماً للّام لم يبلغ أن يكون واواً ولا تحريكاً يُعتد به ، ولكن شَمَّةٌ من ضمَّةٍ خفيفة ، ويجوز ذلك في الكسر والفتح أيضاً.

وأشَمَمْتُ فلاناً الطِّيب.

وتقول للوالِي : أَشْمِمْنِي يَدك ، وهو أحسن من قولك : ناولْني يَدَك أُقَبِّلها.

ابن السكيت ، عند أبي عمرو : أَشَمَ الرَّجلُ يُشِمّ إشماماً ، وهو أن يَمُرَّ رافعاً رأْسَه.

وحكي عن بعضهم أنه قال : عَرَضْتُ عليه كذا وكذا فإذا هو مُشِمٌ لا يريده ، وقال : بيْنا هم في وجْهٍ إِذْ أَشَمُّوا ، أي عَدَلُوا.

قال يعقوب : وسمعْتُ الكلابيّ يقول : أَشَمُّوا ، إذا جاروُا عن وجههم يميناً وشِمالاً ، ويقال : شَمِمْتُ الشيءَ أَشُمُّه شَمّاً وشَمِيماً ، وبُرْقَةُ شَمَّاء : جبلٌ معروف.

وقال أبو زيد : يقال لما يَبقى على الكِباسة من الرُّطَب : الشَّمَلُ والشَّماشم.

وقال ابن الأعرابي : شُمّ ، إذا اخْتُبِرَ ، وشَمَ ، إذا تَكبَّرَ.

مش : قال الليث : مَششْتُ المُشاشَ ، أي مَصَصْته مَمْضُوء فلان يَمُشُ مالَ فلان ، ويَمُشُ من مالِه : أَخذَ الشيءَ بعد الشيء ، قال : والْمشَشُ مَششُ الدَّابةِ

١٩٩

معروف.

أبو عبيد ، عن الأحمر : مَشِشَت الدَّابّةُ بإظهار التّضعيف ، وليس في الكلام مثلُه.

وقال غيره : ضَبِبَ المكانُ ، إذا كثُر ضبابُه ، وأَلِلَ السِّقاءُ ، إذا خَبُثَ ريحُه.

الليث : أَمَشَ العظْمُ وهو أن يُمِخَّ حتى يَتَمشّشَ. قال : والمَشُ ، أن تَمْسَحِ قِدْحاً بثوبك لِتُلَيَّنَه كما تمشُ الوتر.

والمشُ : المَسْحُ. يقال : مَشّ يَده يَمُشُّهَا مَشّاً ، إذا مسحها بالمنديل. ويقال : امْشُشْ مُخاطَه ، أي امْسَحْه.

وقال أبو زيد ، يقال : أعطني مَشُوشاً أَمُشّ به يدي ، يريد مِنديلاً.

وقال أبو العباس أحمد بن يحيى : أهل الكوفة يقولون : مَشْمَشٌ ، وأهل البصرة يقولون مِشمِش يعني الزَّرْدالو.

وقال الليث : أَهلُ الشام يُسَمّون الإجَّاصَ مِشمشاً.

أبو عُبيد : المُشَاشُ : رُؤوس العِظَامَ مثل الرّكبتين والمرفقين والمنْكبين ، وجاء في صفة النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنه كان جليلَ المُشاش.

أبو زيد ، يقال : فلان يمْتَشُ من فلان امْتشاشاً ، أي يُصِيب منه ، ويَمْتشنُ منه مثلُه.

أبو عُبيد ، عن الأُموي : مششْتُ النّاقة أُمُشُّها مَشّاً ، إذا حَلَبْتَ وتركْتَ في الضَّرع بعضَ اللبن.

وقال غيره ، يقال : فلان لَيِّنُ المُشَاسِ ، إذا كانَ طَيِّبَ النَّحِيزة عفيفاً عن الطمع.

وقال ابن الأعرابيّ : امْتَشَ المتَغَوِّطُ وامْتَشَع ، إذا أَزالَ القذَى عن مَقْعَدتِه بِمَدَرٍ أوْ حَجر.

قال : والمَشُ الحَلْبُ باستقصاء ، والمشُ الخُصُومة ، والمشّ مَسْحُ اليدين وبالمَشوشِ وهو المنديل الخشن ، وامْتَشّ ما في الضَّرَع ، وامْتَشَعَ إذا حَلَب جميع ما فيه.

شمر عن ابن شميل : المُشاشةُ جوفُ الأرض ، وإنما الأرض مَسَكٌ ، فمسكَةٌ كَذَّانة ، ومَسَكَةٌ حجارةٌ عظيمة ، ومَسَكةٌ لَيِّنةٌ ، وإنما الأرض طرائق فكلُّ طريقة مَسَكةٌ ، والمُشَاشةُ : الطريقة التي هي حجارة خَوَّارة وتراب ، فتلك المشاشة ، وأَما مُشاشةُ الرَّكِيَّة فَجَبلُها الذي فيه نَبَطُها ، وهو حجرٌ يَهْمى منه الماء ، أي يرشح فهي كَمُشاشةِ العظام تتحلّبُ أبداً.

يقال : إنَ مُشاشَ جَبَلِها لَيَتَحْلَّب ، أي يرشحُ ماءً.

وقال غيره : المشاشةُ أرضٌ صُلبة يُتّخذ فيها رَكايا يكون من ورائِهَا حاجز ، فإذا مُلِئت الرّكيةُ شَرِبت المشاشةُ الماءَ ، فكلما اسْتُقِيَ منها دَلوٌ جَمَّ مكانها دَلْوٌ أخرى.

٢٠٠