تهذيب اللغة - ج ١١

محمّد بن أحمد الأزهري

تهذيب اللغة - ج ١١

المؤلف:

محمّد بن أحمد الأزهري


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار إحياء التراث العربي للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٣٤٧

وقال الليث : حِسابُ البُرجان ، هو قولك : ما جُداءُ كذا في كذا ، وما جَذْر كذا في كذا ، فجداؤه : مبلَغهُ ، وجذرُه : أصله الذي يُضرَبُ بعضُه في بعض ، وجملته البُرجان.

يقال : ما جَذْرُ مائة؟

فيقال : عشرة.

ويقال : ما جُداء عشرة في عشرة؟

فيقال : مائة.

وقال شَمَر : بُرْجان : جِنْسٌ من الرُّوم ويُسَمَّوْنَ كذلك.

قال الأعشى :

وهِرَقْلٌ يوم ذِي ساتيدَمَا

مِنْ بني بُرْجَانَ في البَّأْسِ رُجُحْ

يقول : هُمْ رُجُحٌ على بني برجان أي هُمْ أَرْجحُ في القِتال ، وشدة البأس مِنْهم.

ثعلب ، عن ابن الأعرابيّ : أبْرَج الرجلُ إذا جاءَ ببنينَ مِلاح.

قال : والْبارِجُ المِلّاحُ الفَارِهُ.

أبو نصْر عن الأصمعي قال : البَوَارِج السُّفُنُ الكبار ، واحدتها بارجةٌ ، وهي القَوادِسُ والخلايا.

وقال الليث : البارجة السَّفينةُ من سُفن البحر تُتَّخَذُ للقتال.

جبر : قال الله جل وعز : «إِنَّ فِيها قَوْماً جَبَّارِينَ».

قال أبو الحسن اللِّحيانيّ : أَرادَ الطُّولَ والقُوَّة والعِظَم ، والله أعلمُ بذلك.

قلت : كأَنه ذَهبَ به إلى الجبَّارِ من النَّخيل ، وهو الطويل الذي فاتَ يد المُتناوِل.

يقال : رجلٌ جبّار إذا كان طويلاً عظيماً قويّاً ، تَشْببها بالجبار من النَّخيل.

وأمل قوله جلّ وعز : (وَإِذا بَطَشْتُمْ بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ (١٣٠)) [الشعراء : ١٣٠].

فإنَ الجبارَ هاهُنا القَتَّالُ في غير حق ، وكذلك قولُ الرجل لموسى : «إِنْ تُرِيدُ إِلَّا أَنْ تَكُونَ جَبَّاراً فِي الْأَرْضِ». أي قَتَّالاً في غيرِ حق.

وقال اللِّحيانيّ : والجبَّار المُتَكبِّرُ عن عبادة الله تعالى ، ومنه قول الله تعالى : (وَلَمْ يَكُنْ جَبَّاراً عَصِيًّا) [مريم : ١٤] ، وكذلك قول عيسى : (وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّاراً شَقِيًّا) [مريم : ٣٢] أي مُتَكبِّراً عن عبادة الله.

والجبار أيضاً : القاهِرُ الْمُسَلَّط. قال الله : (وَما أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ) [ق : ٤٥] ، أي بمُسَلَّط فَتَقْهرهم على الإسلام.

والْجَبَّارُ : الله تبارك وتعالى ، القاهرُ خلْقَه على ما أراد.

وقال ابن الأنباريّ : الْجَبَّارُ في صفةِ الله الذي لا ينال ، ومنه قيل للنخلة إذا فاتت يدَ المتناول : جبارة. مأخوذٌ من جبَّارِ النَّخْل.

٤١

وَرَوى سلمةُ عن الفراء أنه قال : لم أسمع فَعَّالاً من أَفْعَل إلَّا في حرفين وهما : جبّار من أَجْبَرْتُ ، وَدَرَّاك من أَدركتُ.

قلت : جعَلَ جبّاراً في صفَةِ العباد من الإجبارِ ، وهو القَهّرُ والأكْراه لا من «جَبَرَ».

أبُو عُبيد ، عن الأَحمرِ : فِيه جَبَرِيَّةٌ وجَبَرُوَّةٌ ، وجَبَروت وجُبُّورَةُ وجَبُّورَةٌ أَيْضاً ، وأَنشَدَنا :

فإنَّك إنْ عادَيْتَني غَضِبَ الْحصا

عَلَيْكَ ، وذُو الْجَبُّورَةِ الْمتَغَترِفُ

وفي الحديث : أنَّ امرأةً حَضَرت النَّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم : فأَمَرها بأَمْرٍ فتَأَبَّتْ عليه ، فقال : «دَعُوها فَإِنَّها جَبَّارة» أي عَاتِيَةٌ مُتَكَبِّرة.

وقال اللَّيْت : قَلْبٌ جَبَّار ، ذُو كِبْرٍ لا يَقْبَلُ مَوْعِظَة.

عَمْرو ، عن أبيه قال : يقال للملك جَبْرٌ ، وقال : والجَبْرُ الشُّجاع وإن لَمْ يَكُنْ مَلِكاً.

والْجَبْرُ : تَثْبيتُ وقّوع الْقَضَاءِ والْقَدَر.

أبو عُبَيد عن أَبي عَمْرو : الْجَبْرُ الرَّجلُ.

وقال ابنُ أَحْمر :

* وانْعَمْ صَباحاً أَيُّها الْجَبْرُ*

قيل : أرادَ أيها الرَّجُل ، وقيل : أرادَ أَيُّها المَلْكِ. والْجَبر أَنْ تُغْنِيَ الرَّجُلَ من الْفَقْرِ ، أَوْ تَجْبُرَ عظْمَة من الكَسْر.

قال : والإجْبارُ في الحُكْم ، يقال : أَجْبَرَ الْقاضِي الرَّجُلَ على الحُكْمِ إذا أكْرَهَه عليه.

وأَخْبَرنِي الإياديّ عن أَبِي الّهَيْثَم أَنَّه قال : جَبَرْتُ فَاقَة الرَّجُلِ أَجْبُرُها ، إِذا أَغَنَيْتَه.

قال : والجَبُرُيَّة ، الَّذين يَقُولون : أَجَبَر اللهُ الْعِبَادَ على الذُّنُوب أَيْ أَكْرَهَهُمْ ومَعاذَ اللهِ أَنْ يُكْرِهَهُمْ على مَعْصَية! ولكنَّه قد عَلِمَ ما الْعِبادُ عامِلون ، وما هُمْ إليه صائِرُون.

قلت : وهذا مَعْنى الإيمان بالْقَضاء والْقَدر إنّما هو عِلْمُ الله السَّابق في خَلْقِه ، وقد كَتَبه عليهم ، فهم صائرون إِلى ما عَلِمه ، وكُلُّ مُيَسَّرٌ لما خُلِقَ له.

وروى الأَعْمش عن إسماعيل بن رَجاءِ عن عُمَيْر مَوْلى ابّن عبّاس ، عن ابنِ عبّاس في جِبْريل ومِيكائيل : كقولك عبد الله ، وعبدِ الرحمن ، وكان يحيى بن يعمر يَقرأ.

قال أَبَو عُبيد قال الأصمعيّ : معنى إيل الرُّبُوبِيَّة ، فأُضِيفَ جَبْر وميكا إِليه.

وقال أبو عَمْرو : جَبْر هو الرَّجُل.

قال أبو عُبيد : فَكأَنّ مَعناه عَبْد إيل ، رَجُلُ إيل.

قال : فهذا تأْويل قوله : عبد الله ، وعبد الرحمن ، وكان يحيى بن يَعْمر يَقْرؤها (جَبْرِئلّ) ، ويقول : جَبْرَ : عبْد ، والّ : هُو الله.

قلت : وفي جِبْريل لغاتٌ كثيرة ، قد

٤٢

حَصَّلْتُها لك في رُباعيِّ الجيم.

وقال اللّحيانيّ : يقال : أَجْبَرْتُ فلاناً على كَذا ، أُجْبِره إجْباراً ، فهو مُجْبَر ، وهو كلام عامَّة العرب أي أَكْرَهْتُه عليه.

وتَمِيمٌ تقول : جَبَرْتُه على الأَمْرِ أَجُبُرُهُ جَبْراً وجُبُوراً بغَير ألف. قلت : وهي لُغَةٌ معروفة وكثير من الحجازين يقولونها.

وكان الشّافعيّ يقول : جَبَرَه السلطان بغير ألفِ ، وهو حِجَازِيٌّ فَصِيحٌ.

وقيل لِلْجَبرِيَّة : جَبْرِيَّةٌ ، لأَنَّهم نُسِبُوا إلى القول بالْجَبْر ، فهما لغتان جَيِّدتان جَبَرتُه وأَجْبَرْتُه ، غير أنَّ النَّحويين اسْتَحبوا أَنْ يَجْعلوا جَبَرْتُ لجَبْرِ الْعَظْم بعد كَسْره وجَبْر الفقير بعد فَاقَته ، وأَن يكون الإجْبارُ مَقَصوراً على الإكْراه ، ولذلك جعل الفَراء الجَبَّار من أَجْبَرْتُ ، لا من جَبَرْت ، وجائز أن يكون الجبَّار في صِفَةِ الله ، من جَبْرِه الْفَقير بالْغِنَى ، وهو تبارك وتعالى جابرُ كُلِّ كَسير وفَقير ، وهو جابر دِينه الَّذي ارْتَضاه كما قال العَجَّاج :

* قَدْ جَبَرَ الدِّينَ الألَهُ فَجَبَرْ*

وقال اللِّحيانيّ : جَبَرْتُ اليتيمَ والفَقير أَجْبُرُه جَبْراً وجُبُوراً ، فَجَبَرَ يَجْبُرُ جُبُوراً ، وانْجَبَرَ انْجِباراً ، واجْتَبَرَ اجْتِباراً ، بمعنًى واحِد.

ويقال أيضاً : جَبَّرْتُ الكسيرَ أُجَبِّرُه تَجْبِيراً ، وجَبَرْتُه جَبْراً ، وأَنْشَد :

لَها رِجْلٌ مُجَبَّرَةٌ تَخُبُ

وأُخْرى ما يُسَتِّرها وَجَاحُ

ويقال : تَجَبَّر فلان : إذا عَاد إِليه من مَاله بعضُ ما كان ذَهَب. وتَجَبَّر النَّبتُ والشجر ، إذا نَبَتَ في يابِسة الرَّطْب.

ويقال : قد تَجَبَّر فلان مَالاً ، أي أَصَاب ، وقوله :

* تَجَبَّرَ بَعْدِ الأَكْلِ فهو نَمِيصُ*

فمعناه : أَنَّه عاد نَابتاً مُخَضَرّاً ، بعد ما كان رُعِيَ ، يعني الرَّوض.

وقال النَّبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «الْعَجْمَاءُ جُرْحُها جُبَار» ، والْمَعْدِنُ جُبَار ، والبِئْرُ جُبَار وقد مرّ تفسير العجماء في كتاب «العين». والجُبار : الهَدَر ومعناه أَن تَنْفَلِتَ الْبَهِيمَةُ العجماءُ فَتُصيب في انفِلاتها إنساناً أَوْ شَيئاً فجَرْحُها هَدَر ، وكذلك البِئْر العادِيَّة يَسْقط فيها الإنسان فَيَهْلِك ، فدَمُه هَدَر والمعدن إذا انهار على حافره فقتله فدمه هَدَر. قال ابن السكيت : يقال : هذا جابر بن حَبّه : اسم للخبز.

وقال أبو عبيد : الْجَبائِرُ الأسْوِرَة ، واحِدتها جِبَارَة وجَبِيرَة.

قال الأعشى :

فَأَرَتْكَ كَفّاً في الْخِضا

بِ ومِعْصَماً مِلْءَ الْجِبَارَة

ويقال للخشباتِ التي تُوضع على مَوْضع الكسر لِيَنْجَبِر على استواء : جَبائِر ، واحدتها جِبَارَة.

٤٣

سلمة ، عن الفراء قال : قال المُفَضَّل : الجُبَار : يَوم الثلاثاء. قال : والجَبَارَةُ بفتح الجِيم ، فِناء الجَبَّان. والجِبَارُ : الملوك ، واحِدُهم جَبْر.

وفي الحديث : أنَّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ذكرَ الْكافِر في النار ، فقال : ضِرْسهُ مثلُ أُحُد ، وكَثافَةُ جِلْدِه أربعون ذِراعاً بِذِراع الجبَّار.

قيل : الجَبَّارُ هَاهُنا المِلك. والجبَابِرَةُ : المُلوك. وهذا كما يقال : هو كذا وكذا ذِراعاً بِذراع المَلك ، وأحسِبُه مَلِكاً من مُلوك العَجَم ، نُسِبَ إليه هذا الذِّراع ، والله أعلم.

بجر : ثعلب عن ابن الأعرابيّ : الباجِرُ : المُنْتَفِخُ الجَوْف. الْهِرْدَبَّةُ الْجَبان.

أبو عبيد ، عن الفرّاء : الباحِر الأحمق بالحاء قلت : وهذا غَيْرُ الباجِر ، ولكلِّ مَعْنًى.

أبو عبيد ، عن الأصْمَعيّ ، في باب إسْرارِ الرَّجلِ إِلى أخيه ما يَسْتُرُه عن غيره أخْبَرْتُه بعُجَرِي وبُجَرِي أي أَظْهَرتُه من ثِقَتِي بهِ على مَعايِبي ، وقد فَسَّرتُ العُجَرَ في بابه.

وأمَّا البُجَر : فالعُروقُ المُتَعَقِّدَةُ في الْبَطْن خاصَّة.

ثعلب ، عن ابنْ الأعرابيّ : العُجْرَةُ نَفْخَةٌ في الظَّهْر ، فإذا كانت في السُّرَّة فهي بُجْرَة.

قال : ثم تُنْتَقلان إلى الهُمومِ والأَحْزان.

قال : ومَعْنى قول عليّ رضي‌الله‌عنه : إلى الله أَشكو عُجَرِي ، وبُجَري ، أي هُمومي وأَحْزَانِي.

قال : وأَبْجَرَ الرَّجُلُ ، إذا اسْتَغْنَى غِنًى كادَ يُطْغِيه بعد فَقْرٍ كادَ يُكْفِرُه.

وأَخبرني المُنْذِريّ عن السكُدَيْميّ ، قال : سأَلت الأصمعيّ فقلت له : ما عُجَرِي وبُجَرِي؟ فقال : هُمومِي وغُمومِي وأَحْزانِي.

أبو عبيد ، عن أبِي زيد : لَقِيتُ منه البَجَارِيّ ، واحِدها بُجْرِيّ ، وهو السِّرّ والأَمْرُ العظيم. والْبُجْرُ : الْعَجَب. وأنشد أبو عبيد :

أَرْمي عليها وهِي شَيْءٌ بُجْرُ

والْقَوْسُ فيها وَتَرٌ حِبَجْرُ

وأمَّا قولُ العَرب : عَيَّر بُجَيْرٌ بَجَرَة ، ونَسِيَ بُجَيْرٌ خَبَره ؛ فقد حُكِيَ عن المْفَضَّل أنه قال : بُجَيْرٌ وبَجَرَة كانا أَخَوين في الدَّهْر القديم ، وذكر قِصَّةً لهما ، والذي رأيت عليه أهْلُ اللُّغة أَنهم قالوا البُجَيْرُ : تصغير الأبْجَر ، وهو النّاتِئ السُّرَّة ، والمَصْدَرُ الْبَجَر ، فالمعنى : أَنَّ ذا بُجْرَةٍ في سُرَّته عَيَّرَ غَيْرَه بما فيه ، كما قيل في امْرَأَةٍ عَيَّرت أخْرى بعيب فيها : رَمَتْنِي بِدَائِها وانْسَلَّت.

وقال أبو عمرو : يقال : إنَّه لَيَجِيءُ بالأَباجِير ، وهي الدَّوَاهي ، قلت : وكأنَّها

٤٤

جمع بُجْرٍ وأَبْجار ، ثم أباجير جمع الجمع.

وقال الفرّاء : الْبَجَرُ والْبَجْرُ انْتِفَاخُ الْبَطن ، رواه عنه سَلمة.

عمرو ، عن أبيه : الْبَجِيرُ : المال الكَثير.

وفي «نِوادِر الأَعْراب» : ابْجارَرتُ عن هذا الأمر ، وابْتَارَرْتُ ، وابْتَاجَجْتُ أي اسْتَرخَيْتُ وتَثَاقَلت ، وكذلك نَجِرْتُ ومَجِرْتُ.

اللِّحيانيّ : يُقال للرَّجُل إذا أكثر من شُرب الْماء ، ولم يَكَدْ يَرْوَى : قد بَجِرَ بَجَراً ، ومَجَرَ مَجَراً ، وهو بَجِرٌ مَجِر ، وكذلك الممتلىء من اللبن ، ذكَر ذلك في باب الْبَاءِ والميم. ومِثْلُه : نَجِرَ ومَجِرَ في باب النُّون والمِيم.

ربج : ثعلب عن ابن الأعرابيّ : أَبْرَجَ الرَّجلُ ، إذا جاء بِبَنِين مِلَاح ، وأَرْبَجَ ، إذا جاء بِبَنِين قِصار.

قال أبو عمرو : الرَّبْجُ الدِّرهم الصَّغيرُ الْخَفيف.

قلت : وسَمِعْتُ أَعرابياً يُنْشِد ونحن يومئذ بالصَّمّان :

تَرْعَى من الصَّمّانِ رَوْضاً آرجا

مِنّ صِلِّيَانٍ ونَصِيّاً رابجا

ورُغْلاً باتت به لَواهِجا

فسألته عن الرَّابج ، فقال : هو المُمتَلِىء الرَّيان.

وأَنْشَدَنيه أَعْرابيٌّ آخر فقال : «ونِصِيًّا رَابِجاً» ، وهو الكَثِيف المُمتَلىء ، وفي هذه الأرْجوزَة :

* وأَظْهَر الماءُ بِها روابجاً*

يصف إبِلاً ورَدت ماءً عِدًّا فَنَفَضَتْ جِرَرَهَا ، فلما رَويت انْتَفَخَت خواصِرها وعَظُمت ، وهي معنى قوله : «رَوابِجَا».

ج ر م

جرم ، جمر ، رمج ، رجم ، مرج ، مجر : مستعملة.

جرم : الحرَّاني ، عن ابْنِ السِّكِّيت : الْجَرْمُ : الْقَطْع ، يقال : جَرَمَه يَجْرِمُه جَرْماً إذا قَطَعه. والْجِرْمُ : الْجَسَد ، والجِرْمُ : الصَّوت.

قال : وحَكَى لنا أَبُو عمرو : جِلَّةٌ جَرِيمٌ ، أي عِظَامُ الأجْرام ، يَعْني الأجْسام.

ثعلبُ عن عَمْرو ، عن أَبيه : الْجِرْمُ : البَدَن ، والْجِرْمُ : اللَّون ، والجِرم : الصَّوْت. ويقال : جَرِمَ لَوْنُه إذا صَفَا ، وجَرِمَ إذا عَظُمَ جِرْمُه ، ونحو ذلك.

قال ابنُ الأعرابيّ : وقال اللّيث : الجَرْمُ نَقيضُ الصَّرْد. ويقال : هذه أرض جَرْمٌ ، وهذه أرضٌ صَرْد ، وهما دَخيلان مستعملان في الحَرّ والْبَرْد.

قال : والْجُرمُ أَلْواحُ الْجَسَد وجُثْمانُه

٤٥

ورَجلٌ جَرِيم ، وامْرأة جَريمَةٌ : ذاتُ جِرْم وجِسْم.

قال : وجِرْمُ الصَّوت : جَهَارَتُه ، تقول : ما عَرَفتُه إلا بِجِرْم صَوْته.

قال : والجُرْمُ مَصْدَرُ الجارِم الذي يَجْرِمُ نَفسَه وقَوْمَه شَرّاً ، وفلانٌ له جَرِيمَةٌ إليَّ : أي جُرْمُ ، وقد جَرَمَ وأَجْرَمَ جُرْماً وإِجْراماً ، إذا أَذْنَب. والجارم : الْجانِي ، والمجرمُ ، والمذْنِب ، وقال :

* ولا الْجارِمُ الجانِي عليهم بمُسْلَمِ*

وقول الله جلّ وعزَّ : (وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَنْ صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ أَنْ تَعْتَدُوا وَتَعاوَنُوا) [المائدة : ٢].

قال الفَراء : القُرّاء قَرءوا : (وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ) ، وقرأها يَحيى بن وثّاب ، والأعْمَش : ولا يُجرمنّكم ، من أَجْرَمْتُ ، وكلام العرب بفَتْح الْيَاء.

وجاء في التَّفْسير : ولا يَحْمِلَنَّكُم بُغْضُ قَوْمٍ.

قال : وسَمِعْتُ العربَ تقول : فلانٌ جَرِيمَةُ أَهْلِه ، يُريدون كاسِبَهم ، وخَرَجَ يَجْرِمُ قومه ، أي يكسِبهم ، فالمعنى فيها مُتَقارب لا يَكْسِبَنَّكُمْ بُغْضُ قَوْم أَنْ تَعْتَدوا.

وقال أبو إسحاق : يقال : أَجْرَمَني كذا ، وجَرَمني وجَرَمت وأَجْرَمت بمعنًى وَاحَد.

وقد قيل : لا يُجْرِمَنَّكم : لا يُدْخِلَنَّكُم في الجُرْم. كما يقال : أَثَمْتُه ، أي أَدْخَلْتُه في الإثم.

وقال أبو العباس قال الأخفش في قوله : (وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ) [المائدة : ٢] أي لا يُحِقَّنَّ لكم لأن قوله : (لا جَرَمَ أَنَّ لَهُمُ النَّارَ) [النحل : ٦٢] ، إنّما هو حَقٌّ أَنَّ لهم النّار.

وأنشد :

* جَرَمَتْ فَزارَةُ بَعْدَها أَن يَغْضَبُوا*

يقول : حُقَّ لها.

قال أبو العباس : أمّا قوله لا يُحقَّنَّ لكم ، فإنما أَحْقَقْتُ الشَّيْءَ إذَا لم يَكُن حَقّاً ، فجعلته حَقّاً وإِنَّما معنى الآية ـ والله أعلم ـ في التَّفسير : لا يَحْمِلنكم ولا يَكْسِبَنَّكُم.

وأخبرني المُنْذِرِيّ عن الحُسَين بنُ فهم عن مُحمد بن سلام عن يونس في قوله : (وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ) ، قال : لا يَحْمِلَنَّكُمْ ، وأَنْشَد بيتَ أبي أسماء.

وأما قولهم : (لا جَرَمَ) ، فإن الفَرّاء زَعَم أَنها كلمة كانت في الأصْل ـ والله أعلم ـ بمنزلة لا بُدّ ، ولا مَحالة ، فكَثُر اسْتِعمالها حتى صارت بمنزلة حَقّاً.

أَلا تَرى العربَ تقول : لا جَرَمَ لآتِينَّكَ ، لا جَرَمَ لقد أَحْسَنْت ، فتراها بمنزلَةِ اليمين ، وكذلك فَسَّرها المفسرون : حَقّاً (أَنَّهُمْ فِي الْآخِرَةِ هُمُ الْأَخْسَرُونَ). وأصلها من جَرَمْتُ ، أي كَسَبْتُ الذَّنْب.

قال الفراء : ولَيْس قولُ من قال إن جَرَمْتُ كقولك حُقِقْتُ أو حَقَقْت بِشيء ، وإنما

٤٦

لَبَّسَ عليه قول الشاعر :

* جَرَمت فَزارَةُ بعدها أَنْ تَغْضَبا*

فَرَفَعوا فَزَارة. وقالوا : نَجْعَل العِفل لِفَزَارَة كأَنَّهُ بمنزلة حقَّ لها ، أو حُقَّ لها أَنْ تَغْضَب.

قال : وفَزارة مَنْصوبٌ في البيت ، المعنى : جَرَمَتْهُم الطَّعْنَةُ الغَضَبَ ، أي كَسَبَتْهم.

وقال غير الفرّاء : حقيقة معنى لا جَرم ، أَنَّ «لا» نَفْيٌ هاهُنا لمَّا ظَنُّوا أنَّهُ يَنْفَعُهم ، فَرُدَّ ذلك عَليهم ، فقيل : (لا) يَنْفعُهم ذلك ، ثم ابْتَدأَ وقال : (جَرَمَ أَنَّهُمْ فِي الْآخِرَةِ هُمُ الْأَخْسَرُونَ) ، أي كَسب ذلك العملُ لهم الخُسْران ، وكذلك قوله : (لا جَرَمَ أَنَّ لَهُمُ النَّارَ وَأَنَّهُمْ مُفْرَطُونَ) [النحل : ٦٢] ، المعنى : لا يَنْفَعُهم ذلك ، ثم ابتَدأ فقال : جرَمَ إِفْكُهُمْ وكَذِبُهم لهم عَذاب النَّار ، أي كَسَب لهم عَذابها ، وهذا من أَبْينَ ما قِيلَ فيه.

وقال الكسائيّ : من العَرَب من يقول : لا ذَا جَرَم ، ولا أَنْ ذَا جَرَم ، ولا عن ذا جَرَمَ ، ولا جَرَ ، بلا ميم ، وذلك أنهُ كَثر في كلامهم فَحُذِفَت الميم ، كما قالوا : (حاشَ لِلَّهِ) وهو في الأصل «حاشى». وكما قالوا : أيْش ، وإِنما هو أيّ شيء. وكما قالوا سَوْتَرى ، وإنَّما هو سَوْفَ تَرى.

قلت : وقد قيل لا صِلَةٌ في جَرَمَ ، والمعنى كَسَب لهم عَمَلُهم النَّدم.

وأخبرني المُنذريّ عن أبي العباس أنه أنشده :

يا أُمَّ عَمْرٍو بَيِّنِي لا أَوْ نَعمْ

إنّ تَصْرِمي فراحةٌ ممَّن صَرَم

أوْ تَصلِي الحَبْلَ فَقد رَثَّ ورَمّ

قلت لها : بيني ، فقالت : لا جَرَمَ

إنَّ الفِراقَ اليومَ ، واليومُ ظلمَ

قال : وأخبرَني الطُّوسِيّ عن الخَرَّازِ ، عن ابن الأعرابيّ ، قال : لا جَرَمَ ، لقد كان كذا وكذا ، أي حقّاً ، ولا ذا جَرَ ، ولا ذَا جَرَم.

والعربُ تَصِلُ كلامَها بِذا ، وذِي وذُو ، فيكون حَشْواً ولا يعتد بها وأنشد :

* إنَّ كِلاباً وَالِدِي لا ذَا جَرَم *

أبو عُبيد عن الأصْمَعِيّ : الجُرامَةُ ما الْتُقِطَ من التَّمر بعد ما يُصْرَم ويُلْقَطُ من الكَرَب.

عمرو عن أبيه قال : جَرِمَ الرّجل ، إذا صارَ يأْكل جُرَامةَ النّحْل بين السَّعَف.

وقال اللَّيث : جَرْم قَبيلَةٌ من اليمن ، وأقَمْت عندَه حَوْلاً مُجَرَّماً.

أبو عُبَيد عن أبي زَيد قال : الْعامُ الْمُجَرَّمُ الْماضي المُكَمَّل.

وروى ابنُ هانِي لأبي زيد : سَنَةٌ مُجَرَّمةٌ ، وشَهْرٌ مُجْرَّمٌ ، وكَريتٌ فيهما ، ويَوْمُ مُجْرَّم ، وكَرِيتٌ وهو التَّام.

وقال الليث : جَرَّمنا هذه السَّنَة ، أي خَرَجْنا مِنْها ، وتَجَرَّمت السَّنة.

٤٧

وقال لَبِيد :

دِمَنٌ تَجرَّمَ بَعْدَ عَهْدِ أَنِيسها

حِجَجٌ خَلَوْنَ خَلالُها وحَرامُها

قلت : وهذا كله من الجَرْم ، وهو الْقَطْع ، كأَنَّ السَّنَةَ لما مَضَتْ ، صارَت مَقْطوعة من السَّنَةِ المُسْتَقْبلة.

ويقال : جاء زَمن الْجِرَام والْجَرَام ، أي جاء زمن صرام النَّخل ، والجُرَّامُ الذين يَصْرِمون التَّمر المَجْرُوم ، وفلانٌ جارِمُ أَهْلِهِ وجَرِيمُهم.

وقال الهذليّ :

جَرِيمَةُ ناهِضٍ في رَأَسِ نيقٍ

ترى لعِظامِ ما جَمَعَتْ صَلِيبا

يصف عُقَاباً تُطعمُ فَرْخَها النَّاهض ما تَأْكله من صَيْدِ صَادَتْه لتأْكلَ لَحْمه وبَقِيَ عظامُه يسيلُ منها الوَدَك.

والْجَرِمَةُ : الجُرْمُ ، وكذلك الْجَرِيمَة ، وقال الشاعر :

فإنَّ مَولاي ذو يُعَيِّرُني

لا إِحْنَةٌ عندَه ولا جَرِمَهْ

والمُدُّ يُدْعى بالحجاز جَرِيماً ، يقال : أَعْطيتُه كَذا وكذا جَرِيماً من الطَّعام.

وقال الشَّماخ :

مُفِجُّ الْحَوامِي عن نسورٍ كأَنَّها

نَوَّى القَسْبِ تَرَّتْ عن جَرِيمُ مُلَجْلَجِ

أرادَ بالْجَريم : النَّوى. وقيل : الْجَريم : البُؤْرَةُ الَّتي يُرْضَخُ فيها النَّوى.

أبو عُبيد عن أبي عمرو : الجُرامُ والْجَرِيمْ هما النَّوى وهما أيضاً : التَّمْرُ الْيابِس.

ورُوِيَ عن أوس بن حارثة أنه قال : لا والذي أخرج العَذْقَ من الجريمة ، والنار من الوثيمة ، أراد بالجريمة النواة أخرج منها النخلة ، والوثيمةُ : الحجارة المكسورةُ. أخبرني بذلك المنذريّ عن ثعلب عن ابنُ الأعرابي ، قال : قال أوس بن حارثة ، هكذا رواه الْعَذْق بفتح العين.

قال : وقال أبو عُبيدة جَرَمتُ النَّخْلَ وجَزَمتُه ، إذا خَرَصْتَه وجَزَزْتَه.

ثعلب عن ابن الأَعرابيّ : الجُرْمُ التَّعَدِّي ، والجُرْمُ الذَّنْب ، والجِرْمُ : اللَّوْن ، والْجِرْم الصَّوْت ، والْجِرْمُ الْبَدَن.

رجم : الرَّجْمُ : الرَّمْيُ بالحِجارة ، يقال : رَجَمْتُه فهو مَرْجوم أي رَمَيْتُه ، والرَّجْم : القَتْل ، وقد جاءَ في غير مَوْضع من كتاب الله وإنّما قيل للقتل رجم ، لأنهم كانوا إذا قتلوا رجلاً رَمَوْه بِالْحجارة حتى يَقْتُلوه ، ثم قيل لكل قَتْلٍ رَجْم ، ومنه رجمُ الثَّيِّبَيْن إذَا زَنَيَا ، والرَّجم : السَّبُّ والشَّتْم ، ومنه قوله تعالى حكاية عن أبي إبراهيم لابنه إبراهيم عليه‌السلام : (لَأَرْجُمَنَّكَ وَاهْجُرْنِي مَلِيًّا) [مريم : ٤٦]. أي لأَسُبَّنَّكَ وأَشْتُمَنّكَ ، والرَّجْم أيْضاً : اسم لما يُرْجَمُ به الشّيْءُ

٤٨

المرجُومُ وجمعه رُجُوم ، قال الله في الشُّهُب : (وَجَعَلْناها رُجُوماً لِلشَّياطِينِ) [الملك : ٥]. أي جَعَلْناها مَرامِيَ لهم.

والرَّجْم : اللَّعْن ، والشَّيطانُ الرّجيم ، بمعنى المَرْجُوم ، وهو الملعون المُبْعَد.

والرّجْمُ : القَوْل بالظَّنِّ والحَدْس ، ومنه قول الله : (رَجْماً بِالْغَيْبِ) [الكهف : ٢٢].

قال الهُذَلِيّ :

إنَّ الْبَلاء لَدَى المقَاوِسِ مُخْرِجٌ

مَا كَانَ من غَيْبٍ ورَجْم ظُنونِ

وقال زُهَيْر :

* ومَا هو عَنْها بالْحديثِ المُرَجَّمِ *

والرَّجَمُ بفتْح الجيم : القَبْر ، سُمِّي رَجَما لما يُجْمَعُ عليه من الأحْجار والرِّجام ، ومنه قول كَعْب بن زُهير :

أَنا ابنُ الَّذي لم يُخْزُنِي في حَياتِه

ولم أُخْزِه حتى تَغَيَّبَ في الرَّجَمْ

قال أبو بكر : معنى قول عبد الله بن مُغَفّل في وصيته بنيه : لا ترجُموا قبْري ، معناه لا تنوحوا عند قبري ، أي لا تقولوا عنده كلاماً سيئاً قبيحاً. قال : والرجيم في نعت الشيطان المرجومُ بالنجوم. فَصُرفَ إلى فعيل من مفعول. قال : ويكون الرجيم بمعنى المشتوم المسبوب ، من قوله : (لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ لَأَرْجُمَنَّكَ) [مريم : ٤٦] أي لأسبّنّك ، قال : ويكون الرجيم بمعنى الملعون ، وهو المطرود. قال : وهو قول أهل التفسير.

وقال اللَّيث : الرُّجْمَةُ : حجارة مجموعة كأَنَّها قُبور عاد ، وتجمع رِجاماً.

وقال شَمِرَ : قال الأَصْمَعِيُ الرُّجْمَةُ دون الرِّضَام. قال : والرِّضام : صُخُورِ عِظَام تُجْمع في مَكان.

قال ، وقال أَبُو عَمْرو : الرِّجامُ : الْهِضاب واحدهما رُجْمَة. وقال لَبِيد :

* بِمنّى تَأَبَّدَ غَوْلُها فَرِجَاحُها*

قال : والرَّجَم والرِّجَام الحِجارة المجموعة على الْقُبور ، ومنه قول عبد الله بن المُغَفَّل المُزَني : لا تَرْجُموا قَبْري ، يقول : لا تَجْعلوا عليه الرَّجَم.

أراد تسوية القبر بالأرض ، وألا يكون مُسَنَّماً مرتفعاً.

ويقال : الرَّجَمُ الْقَبْرَ نَفْسُه. ومنه قوله :

* ولم يُخْزني حتى تغيَّب في الرَّجَمْ *

أبو عبيد ، عن الأصمعي قال : الرِّجام حجر يُشَدُّ في طرف الحَبْل ، ثم يُدَلَّى في الْبِئر ، فَتُخَضْخَضُ به الْحَمأَةُ حتى تَثُور ، ثم يُسْتَقَى ذلك الماءُ فَتُسْتَنْقَى البِئر ، قال : هذا إذا كانت البِئر بعيدةً القَعْر لا يقدرون على أن ينزلوا فيها فَيُنَقُّوها ، وأَنْشَد شَمِر لصخر الغيّ :

كأَنَّهما إذا عَلَوَا وَجيناً

ومَقْطَعَ حَرَّةٍ بَعَثَا رِجَاما

٤٩

يَصِفُ عيراً وأَتَانا ، يقول : كأنَّما بَعثَا حجارةً ، قال ، وقال أبو عَمْرو : الرِّجامُ ما يُبْنَى على الْبِئْر ثم تُعْرَضُ عليه الْخَشَبَةُ للدَّلْو ، قال الشَّماخ :

على رِجَامَيْن من خُطّافِ ماتِحَةٍ

تَهدِي صُدُورَهُما وُرْقٌ مَراقيل

قال : والرُّجُماتُ : الْمَنَار ، وهي الحِجارة الَّتي تُجْمَعَ وكان يُطاف حَوْلها تُشَبَّهُ بالْبَيْت ، وأنشد :

* كما طافَ بالرُّجْمَةِ المُرْتَجِمْ

والرُّجْمَةُ هي الرُّجْبَة التي تُرَجَّبُ النَّخْلَةُ الكريمةُ بها ، ولِسانٌ مِرْجَمٌ إذا كان قَوَّالاً.

وقال ابن الأعرابيّ : دَفَعَ رَجُلٌ رَجُلاً فقال : لَتَجِدَنِّي ذا مَنْكِبِ مِزْحَم ، ورُكْنٍ مِدْعَم ، ولسانٍ مِرْجَم. والمِرْجامُ الذي تُرْجَمُ به الحِجَارَة.

اللِّحيانيّ : يقال تَرجُمان وتُرجمان ، وقَهرمان وقُهرُمان.

قال : والرَّجْمُ الْهِجْران ، والرَّجْمُ الطَّرْدُ ، والرَّجْم اللَّعْن ، والرَّجْمُ الظَّنُّ.

وقال أبو سعيد : ارْتَجَمَ الشَّيء وارْتَجَنَ إذا ركب بعضُه بَعْضاً.

مرج : قال الليث : الْمَرْجُ أَرْضٌ واسِعةٌ فيها نَبْتٌ كَثير تَمْرَجُ فيها الدَّواب وجمعُها مُروج.

وأَنْشد :

* رَعَى بها مَرْجَ رَبيعٍ مُمْرَجاً*

وقال الفَراءُ في قول الله جلّ وعزّ : (فَهُمْ فِي أَمْرٍ مَرِيجٍ) [ق : ٥].

يقول : هُمْ في ضَلال.

وقال أبو إسحاق أي في أَمْرٍ مُخْتَلِفٍ مُلْتَبِسٍ عليهم.

يقولون للَّنبيِّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم مَرَّةً شاعِرٌ ، ومَرَّةً ساحِرٌ ومَرَّةً مُعَلِّمٌ مَجْنون ، فهذا الدليلُ أن قوله مَريجٌ مُلْتَبِسٌ عليهم.

ورُوِي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أَنه قال : «كَيْف أَنتُم إذا مَرِج الدِّين وظَهرت الرَّغْبَة ، واخْتَلفَ الأخَوَان وحُرِّقَ الْبَيْتُ الْعَتِيقُ؟».

وفي حديثٍ آخر أنه قال لعَبْد الله بن عمرو : «كيف أَنْتَ إذا بَقِيتَ في حُثَالَةٍ من النَّاس ، قد مَرِجَتْ عُهودُهم وأَماناتُهم» ومعنى قوله : مَرِجَ الدّين ، أي اضْطَرَب والْتَبس المخرَجُ فيه وكذلك مَرَجُ العهود : اضْطِرابُها ، وقِلَّةُ الوفاءِ بها.

وأَصْلُ المرَج الْقَلقَ ، يقال : مَرِج الخاتِمُ في يدي مَرَجاً ، إذا قَلِقَ.

قال الفَراء في قوله : (مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيانِ (١٩)) [الرحمن : ١٩] يقول : أرسلهما ثم يَلتقيان بعد.

وأخبرني المنذريّ عن ابن اليزيديّ لأبي زيد في قوله : (مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ) [الرحمن : ١٩] قال : خلَّاهُما ثم جَعَلَهما لا يَلْتَبسُ

٥٠

ذَا بذَا ، قال : وهو كلامٌ لا يَقُوله إلا أَهْلُ تِهامة.

وأمّا النَّحْويون فيقولون : أَمْرَجْتَه ، وأَمْرَجَ دابَّتَه.

وقال الزَّجَّاج : مَرَجَ خَلَطَ يعني البحر المِلح بالبحر العذب ، ومعنى : (لا يَبْغِيانِ) [الرحمن : ٢٠] : لا يبغي المِلح على العذب ولا العذبُ على الملح.

وقال في قوله : (وَخَلَقَ الْجَانَّ مِنْ مارِجٍ مِنْ نارٍ (١٥)) [الرحمن : ١٥].

قال : المارجُ اللهَبُ المختلِطُ بسوَادِ النَّار.

وقال الفرَّاء : المارجُ هاهنا نارٌ دُون الحجابِ ، منها هذه الصواعق ، ويُرَى جِلْدُ السماءِ منها.

وقال أبو عُبيدة : (مِنْ مارِجٍ) ، من خِلْطٍ (مِنْ نارٍ) ، والْمَرجان : صغارُ اللُّؤلُؤْ في قولهم جميعاً.

قلت : ولا أَدْري أَرُباعيُّ هو أم ثُلاثي.

وقال الليثُ : المارِجُ من النَّار الشُّعْلَةُ الساطعة ذاتُ اللهب الشّديد ، وغُصْنٌ مَريجُ قد الْتَبَسَتْ شناغِيبُه وقال الْهُذَلِيّ :

فجَالَت فالْتَمَستُ بها حَشاها

فخرَّ كأَنَّه خُوطٌ مَرِيجُ

أي غصْنٌ له شُعَبٌ قِصار قد الْتَبَستْ.

وقال القُتَيْبِيُّ : مَرَج دابَّتَه إذا خَلَّاها ، وأَمْرجها : رعاها.

قال أبو الهيثمْ : اختلفوا في المِرجانِ ، فقال بعضهم صغار اللؤلؤ ، وقال بعضهم هو الْبَسْتَذ ، وهو جوهر أحمر ، يقال إن الجن تطرحة في البحر.

حدثنا عبد الله بن هاحَك عن حمزة ، عن عبد الرازق ، عن إسرائيل ، عن السُّدِّيّ عن أبي ملك ، عن مسروق عن عبد الله ، قال : المرجان : الخرز الأحمر ، وقول الأخطل حجةُ من قال هو اللؤلؤ :

كأَنّما القَطْرُ مرجانٌ يساقطه

إذا علا الرَّوْق والمتْنَيْن والكَفَلا

ثعلب ، عن ابن الأعرابيّ : المرْجُ : الإِجْراءُ ، ومنه وقوله تعالى : (مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ) [الرحمن : ١٩] أي أجْراهُما.

الْمرجُ : الْفِتْنةُ المُشكلة ، والْمَرَجُ الفساد.

وقال غيره : إبلٌ مَرَجٌ ، إذا كانت لا رَاعي لها وهي تَرْعى ، ودَابَّةٌ مَرَجٌ لا يُثَنى ولا يُجْمع ، وأنشد :

* في رَبْرَبٍ مَرَجٍ ذَواتِ صَيَاصي*

أبو عبيد عن الأصمعيّ : أَمْرَجَتِ النَّاقَةُ ، إذا أَلْقَتْ ولدها بعد ما يَصيرُ غِرْساً ، وناقةٌ مِمْرَاج إذا كان ذلك من عادتها.

رمج : قال الليث : الرَّامجُ الْمِلْواحُ الَّذي يُصادُ به الصُّقُورةُ ونحوها من الجَوارِحِ.

والتَّرْميج : إفساد السُّطور بعد كِتْبتها.

يقال : رَمَّج ما كتَب بالتُّراب حتى فَسد.

٥١

أبو العباس عن ابن الأعرابيّ : الرَّمْجُ إلْقاءُ الطّائر سَجَّه ، أي ذَرْقَه.

جمر : قال الليث : الجمْرُ النار المتَّقد ، فإذا بَرَدَ فهو فَحْم.

قال : والمِجْمَرُ قد تُؤَنث ، وهي التي تُدَخَّن بها الثِّياب.

قلت : من أَنَّثَه ذَهبَ به إلى النار ، ومن ذكَّره عنى به الموضع وأنشد ابنُ السكِّيت :

لا تَصطلي النارَ إلا مِجْمَراً أرِجاً

قد كَسَّرتُ من يَلَيْجُوجٍ له وقَصا

أراد : إلا عوداً أرجاً على النار ، ومنه

قول النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم في صِفَةِ أهل الجنة : «ومَجَامِرُهم الأَلُوّة».

أراد : وبُخُورهم العُودُ الهندِيّ غير مُطَرُّى.

وقال الليث : ثَوْبٌ مُجَمَّرُ ، إذا دُخِّنَ عليه ، ورجلٌ جامِرٌ للَّذي يَلِي ذلك ، وأَنشد :

* وريحٌ يَلَنْجُوجٌ يُذَكِّيه جَامِرُه *

وفي حديث عمر أنه قال : «لا تُجَمِّروا الجيوشَ فَتَفْتِنوهم».

وقال الأصمعيّ وغيره : جَمَرَ الأميرُ الجيش ، إذا أطالَ حَبْسَهم بالثّغْر ، ولم يأذَنْ لهم في القَفَل إلى أهاليهم ، وهو التّجْمير.

وأخبرني عبد الملك عن ابن الرّبيع عن الشافعي أنّه أنشده :

وجَمّرْتَنا تَجْمَيرَ كسرى جُنودَه

ومَنيّتنا حتى نسينا الأمانِيَا

قال الأصمعيّ : أَجْمرَ ثَوْبه إِذا بَخَّرَه ، فهو مُجْمِر وأجمرَ الْبعيرُ إِجْماراً إذا عدا.

وقال لبيد :

وإذا حَرَّكْتُ غَرْزي أَجْمَرت

أَوْ قِرابى عَدْوَجَوْنٍ قَدْ أبَلْ

وأجمرت المرأة شعرها ، وجَمَّرته ، إذا ضَفَرتْه جَمائر ، واحدها جَمِيرة ، وهي الضّفائر والضّمائر والجمائر.

وقال الأصمعيّ : جَمَرَ بنو فلان إذا كانوا أَهْل منعةٍ وشِدّة.

وقال الليث : الجَمْرَةُ كلُّ قوم يصبرون بقتال من قاتلهم ، لا يُحَالفون أحداً ، ولا يَنْضَمُّون إلى أحد ، تكون القَبيلةُ نفسُها جَمْرَة ، تَصبِر لقراعِ القبائل كما صبرت عَبْسٌ لقبائل قَيْس.

وبلغنا أن عمرَ بن الخطاب سأل الْحُطيئة عن ذلك ، فقال : يا أميرَ المؤمنين ، كُنَّا ألْفَ فارس ، كأننا ذَهَبَةٌ حمراءُ لا تَسْتَجْمِرُ ولا تُحالف.

قال : وبعض الناس يقول : كانت الْقَبيلةُ إذا اجْتَمع فيها ثلثمائة فارس ، فهي جَمْرَة.

وقال أبو عُبيدة : جَمَرات الْعَربِ ثَلاث ؛ فَعَبْس جَمْرَة ، وبَلْحارث بن كَعْب جَمْرة ، ونُمَيْرٌ جَمْرَة.

٥٢

والجَمْرَة : اجْتماعُ القبيلة الوَاحدة على من ناوأها من سائِر القبائل ، ومن هذا قيل لمواضع الجِمار التي تُرْمى بمِنًى جمرات ؛ لأنَّ كلَّ مُجْتَمعِ حَصًى منها جَمْرَة ، وهي ثلاثُ جَمَرات.

وتَجْمير الجيوش : حَبْسُهم أجمعين عن أهاليهم ، وتجمير المَرأة شَعْرَها ضَفِيرةً : تَجْمِيعُه.

وقال عمرو بن بحر : يقال لعبْسٍ وضَبَّةَ ونُمَيرِ الْجَمرات ، ويُقال : كان ذلك عند سُقوط الجمرة. وفلانٌ لا يعرف الجمرة من التّمرة ، وأنشد لأبي حيَّةَ النُّميْريّ :

فهم جمرةٌ ما يصطلي الناسُ نارهم

توقَّدُ لا تَطفأ لرَيْبِ الدَّوابر

وقال آخر :

لنا جمرات ليس في الأرض مِثْلُها

كِرامٌ وقد جَرَّبن كل التّجارب

نُمير وعبس يُتَّقَى نَفيانُهَا

وضَبَّةُ قَوْمٌ بأسهُمْ غير كاذب

أنشد ابن الأنباري :

وركوبُ الخيل تعدو المَرَطَى

قد عَلاها نَجَدٌ فيه اجْمِرار

قال : رواه يعقوب بالحاءِ أي اختلط عرقُها بالدم الذي أصابها في الحرب ، ورواه أبو جعفر «فيه اجمرار» بالجيم ؛ لأنه يصف تَجَعُّد عرقِها وتَجَمُّعه.

وقال الأصْمَعيّ : عَدَّ فلان إبِلَه جَماراً إذا عَدَّها ضَرْبةً واحدة ، والْجَمار : الْجَماعة بفَتح الجيم ، ومنه قول ابن أحمر :

وظَلَّ رِعاؤُها يَلْقَوْنَ منها

إذا عُدَّتْ نَظائِرَ أو جَمَاراً

والنَّظائر أن تُعَدّ مَثْنَى ، والجَمار : أن تُعَدَّ جَماعةَ.

وقال اللَّيث : الْجُمَّارُ شَحْمُ النَّخْل الذي في قِمَّة رأسه ، تَقْطَعُ قِمَّتُهُ ثم تُكْشَطُ من جُمَّارَةٍ في جوفها بيضاء كأنها قطعةُ سَنامٍ ضخمَة ، وهي رَخْصَةٌ تؤكَلُ بالعسل.

قال : والكافورَ يَخْرُج من الجُمَّار بَيْنَ مَشَقّ السَّعْفَتَيْن وهي الكُفَرَّى.

وروى أبو العباس عن ابْن الأعْرابيّ أنَّه سأل المفضّل عن قول الشاعر :

ألَم تَر أَنَّني لاقَيْتُ يوماً

مَعاشِر فيهمُ رَجُلٌ جَماراً

فَقِيرُ اللَّيْل تَلْقاهُ غَنِيّاً

إذا ما آنَسَ اللَّيْلُ النَّهارا

فقال : هذا مُقَدَّمٌ أريدَ به التَّأْخِير ، ومعناه : لاقيتُ مَعاشِرَ جَماراً ، أي جماعة فيهم رَجُلٌ فَقيرُ اللَّيل ، إذا لم تكن له إبِلٌ سود ، وفلانٌ غَنِيُّ الليل إذا كانت له إبل سُودٌ تُرَى باللَّيل.

وتَجَمَّرت القَبائلُ إذا تَجَمَّعَت ، وأنشد :

* إذا الجمارُ جَعَلتْ تَجَمَّرُ*

٥٣

وأخْبرني المُنْذريّ عن أبي العبَّاس أنَّه سُئِلَ عن الْجِمار الَّتي بِمنًى ، فقال : أَصْلها من جَمَرْتُه وذَمَرْتُه إذا نَحَّيْتَه.

قال : وقال ابن الأعرابيَّ : الجَمْرَةُ الظُّلمةُ الشَّديدة ، والْجَمْرَةُ : الخُصْلَةُ من الشَّعر.

وقال ابن الكلبيّ : الجِمارُ طُهَيَّةٌ وبَلَعْدَوِيَّة ، وهم من بني يَرْبوع بن حَنْظَلة.

وفي حديث النَّبي عليه‌السلام : إذا تَوَضَّأْتَ فَانْئِر ، وإذا اسْتَجْمَرت فأَوْتِرْ.

قال أبو عُبيد قال عبد الرحمن بن مَهديّ : فسَّر مالك بن أنَس الاسْتِجْمار أنَّه الاسْتِنْجَاء.

قال أبو عُبيد وقال أبو زيد : هو الاسْتِنْجَاءُ بالحِجارة.

وقال أبو عمرو والكِسائي : هو الاسْتِنْجاء أيضاً.

وروى ابن هانىء عن أبي زيد ، يقال : اسْتَجْمَرَ واسْتَنْجى واحِد ، إذا تَمَسَّحَ بالْحجارة.

عمرو عن أبيه الْجَمِيرُ : اللَّيل.

وروى أبو العباس عن ابنُ الأعرابيّ ، أنه قال : ابنُ جَمِير هو الهِلال وقال غيره : ابنُ جَميرٍ أَظْلَمُ لَيْلَةٍ في الشُّهر.

وقال ابنُ الأعرابيّ : يقال لِلَّيلة التي يَسْتَسِرُّ فيها الهلال : قد أَجْمَرِت. قال كعب :

وإنْ أَطافَ فلم يَحلَ بِطائِلَةٍ

في ليلة ابنْ جُمَيْر سَاوَرَ الْفُطُما

يصف ذئباً ، يقول : إذا لم يُصب شاة ضَخْمَةً أخذ فَطيماً.

والعرب تقول : لا أَفْعل ذلك ما أجْمَرَ ابنُ جَمِير ، وما سَمَرَ ابنا سمير.

ويقال لِلْخارِص : قد أَجْمَر النَّخْلَ إِجْماراً إذا خَرَصَهَا ثم حَسَبَ فجمع خِرْصَها.

وأَجْمَرْنَا الخَيْلَ إذا ضَمَّرْناها وجَمَّعناها ، وحافِرُ مُجْمَرٌ وقَاحٌ ، والمُفِجُّ : المقَبَّبُ من الْحوافر وهو مَحْمود.

مجر : رُوِيَ عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنَّه نَهى عن المَجْر.

قال أبو عُبيد قال أبو زيد : المَجْرُ أنْ يُباع البَعير أو غيره بما في بَطْن النَّاقة. يقال منه : أَمْجَرْتُ في الْبَيع إِمْجاراً. وكان ابنُ قُتَيْبَة جَعَلَ هذا التَّفْسيرَ غَلَطاً ، وذَهَب بالْمجَر إلى الولدَ يَعْظُم في بطن الشَّاة والصَّواب ما فَسَّره أَبُو زيد.

وروى أبو العباس عن الأثْرَم عن أبي عُبَيدَة أنه قال : المَجْرُ ما في بَطْن الشَّاة ، قال : والثَّاني حَبَلُ الْحَبَلَة والثَّالِث الغَمِيس.

قال أبو العباس : وأبو عُبَيْدة ثِقَة.

قال أبو العباس ، وقال ابنُ الأعرابيّ : المَجْرُ الوَلَدُ الذي في بَطْن الحامِل ، قال : والمجْرُ : الرِّبا ، والمجْر الْقِمار. قال :

٥٤

والمحاقَلَة والمُزَابَنَة ، يقال لهما : مَجْر.

قلت : فهؤلاء الأئمة اجْتَمَعوا في تَفْسِير المَجْرِ ـ بسكون الجيم ـ على شَيْءٍ واحدِ ، إلَّا ما زاد ابن الأعرابيّ على أنَّه وَافَقَهُم على أنَ المجْر ما في بَطْنِ الإبل ، وزاد عليهم أَنْ المجْر الرِّبا.

وأَمَّا المَجَرُ بتحريك الجيم ، فإن المنذِرِيّ أَخْبرني عن أَبي العباس عن ابن الأعرابيّ أنه أنشده :

* أَبْقَي لنا اللهُ وتَقْعيرُ المَجَرْ*

قال : والتَّقْعير أَنْ يَسْقطَ فَيَذْهَب.

قال : والْمَجَرُ انْتِفَاخ البَطْن من حَبَلٍ أو حَبَنٍ. يقال : مَجَرَ بطنُها ، وأَمْجَر ، فهي مَجِرَةٌ ومُمْجِر.

قال : والإمْجار أنْ تَلْقَحَ النَّاقةُ أو الشَّاة فَتَمْرَض ، أو تَحْدَب فلا تقدِرُ أَنْ تَمْشي ، وربما شُقَّ بَطْنُها فأُخْرِجَ ما فيه لِيُرَبُّوه.

وأنشدَ :

تَعْوِي كلابُ الحيِّ من عُوَائها

وتحمِلُ الممْجِرَ في كِسائِها

الحرانيّ عن ابن السِّكّيت قال : الْمجَرُ أنْ يَعْظُمَ بَطْنُ الشّاة الحامِل فَتُهْزَل ، يقال : شاة مُمْجِرٌ ، وغَنَم مَمَاجِر.

قلت : فقد صَحَّ أنَ المجْرَ ـ بسكون الجيم ـ شيءٌ على حِدَة ، وأَنَّه يَدْخل في البُيوع الفاسِدَة ، وأَن الْمجَرَ شَيءٌ آخر ، وهو انْتِفاخ بَطْنِ النَّعْجة إذا هُزِلَت.

وقال الأصْمعِيّ : المَجْرُ الجَيْش الْعَظيم المُجتمِع.

ويقال : مَجَرَ ونَجِرَ إِذا عَطش فأَكْثَر من الشُّرب ، ولم يَرْوَ.

وقال ابن شُميل : المُمْجِر الشَّاة التي يُصيبها مَرَضٌ وهُزال ، ويَعْسِر عليها الوِلادة.

قال : وأَما المَجْرُ فهو بَيْع ما فِي بَطْنها.

وقال ابنُ هانىء : ناقَةٌ مُمْجِرٌ إذا جازت وَقْتَها في النِّتاج. وأنشد :

* ونَتَجُوها بعد طُول إِمْجار*

(أبواب) الجيم واللام

ج ل ن

جلن ، نجل ، لجن ، لنج : مستعملة.

جلن : قال اللَّيث : جَلَنَ حِكاية صَوْب بابٍ ذي مصْراعين فَيُرَدُّ أحدهما فيقول : جَلَن ، ويُرَدُّ الآخَر فيقول : بَلَق. وأنشد :

* وتَسْمَعُ في الحاليْن مِنْه جَلَنْ بَلَقْ*

لنج : قال اللَّيث : الألَنْجُوج ، والْيَلَنْجُوج : عُودٌ جَيِّد.

وقال اللِّحْيانيّ : يقال عُودٌ أَلَنْجُوجٌ ويَلَنجُوج ويَلَنجِيج ، وهو عودٌ طَيِّبُ الرِّيح. قال : وعودٌ يَلَنجُوجِيُ مِثْلُه.

وقال ابن السكيت : عود يَلَنْجُوج وأَلَنْجُوج هو الذي يُتَبَخَّرُ به.

٥٥

لجن : أبو عبيد عن الأصمعيّ : تَلَجَّنَ رَأْسهُ ، إذا اتَّسَخَ وَتَلَزَّجَ ، وهو من تَلجَّنَ وَرَقُ السِّدْرِ إذا لَجَّن مَدْقُوقاً.

قال الشَّمَّاخ :

وماءٍ قد وَرَدْتُ لوصْلِ أرْوَى

عليه الطَّيْرُ كالوَرَقِ اللَّجِين

وهو وَرَقُ الْخَطْمِيّ إذا أوخِفَ.

قال : ومنه قيل : ناقة لَجونٌ ، إذا كانت ثَقيلة.

قال أبو عبيد ، وقال أبو عبيدة : لَجَّنْتُ الخَطْمِيّ وأوْخَفْتُه ، إذا ضَرَبْتَه بيَدك.

وقال الليث : اللَّجين ورَقُ الشَّجر يُخْبَطُ ثم يُخْلَط بدقيق أو شعير فَيُعْلَفُ للإبل ، وكلُّ ورَقٍ أو نحوه فهو لَجِينٌ مَلْجون حتى آسُ الغِسْلَة.

ثعلب عن ابن الأعرابي قال : اللُّجون واللِّجان في كلِّ دابة ، والحِرَانُ في الحافِر خاصَّة ، والخِلَاءُ في الإبل. وقد لَجَنَتْ تَلْجُنُ لُجوناً ولِجَاناً.

وقال اللُّجَين : الفِضَّة.

وقال غيره : اللَّجِين : زَبَدُ أفْواه الإبل.

وقال أبو وجْزَة :

كأنَّ النّاصِعات الغُرَّ منها

إذ صَرَفُتْ وَقَطَّعَت اللَّجِينا

أرادَ بالناصعات الغر : أنْيابها ، وشَبّه لعابها بلَجِين الخِطْمِيّ.

نجل : سلَمةُ عن الفرّاء قال : الإنجيل هو مثل الإكليل والإخْريط من قولك : هو كريمُ النجْل ، تريدُ : كريم الأصْل والطَّبع ، وهو من الفِعل إفْعيل.

وقال أبو عبيد : النجْلُ الولَد ، وقد نَجَلهُ أبوه ، وأنشد :

أنْجَبَ أيامَ والداه به

إذْ نَجَلاه فنعْمَ ما نَجلا

عمرو : عن أبيه : النّاجل : الكريم النّجل ، وهو الولد وأنْشد البيت ، وقال : أرادَ أنْجَبَ والداه به إذ نَجَلاه ، والكلام مُقَدَّمٌ ومُؤَخَّر ، قال : والنَّجْلُ : الماءُ المسْتَنْقَع ، والنّجلُ النّزّ.

أبو عبيد عن الأصمعيّ : النَّجْلُ ماءٌ يُسْتَنْجَلُ من الأرض أي يُسْتَخرج.

وقال أبو عمرو : النّجلُ الجمع الكثير من النّاس ، والنّجل : المحجّة ، والنّجل : سَلْخُ الجِلْدِ من قَفاه.

أبو عبيد عن الفرّاء : المنْجول الجِلْدُ الذي يُشَقُّ من عُرْقُوبَيْه جميعاً ، كما يَسْلُخُ الناس اليوم.

أبو عمرو : النَّجْلُ إثارَةُ أخْفافِ الإبِل الكَمْأةَ وإظْهارُها. والنّجل : السَّير الشَّديد ، ويقال للجَمَّال إذا كان حَاذِقاً : مِنْجل ، وقال لَبِيد :

بِجَسْرَةٍ تَنْجُلُ الظِّرَّانَ نَاجِيَةٍ

إذا تَوَقَّدَ في الدّيمُومَةِ الظُّررُ

٥٦

تَنْجلُ الظِّرَّان : تُثيرُها فَترمي بها. والنَّجْل : مَحْو الصّبِيِّ اللّوْح. يقال : نَجَلَ لوْحَه ، إذا مَحاه.

وقال الليث : فَحْلٌ نَاجِلٌ وهو الكريم الكثيرُ النَّجْلُ ، وأنشد :

فَزَوّجوه مَاجداً أَعْراقُها

وانْتَجلوا من خير فحْلٍ يُنْتَجلْ

قال : والنجْل رَمْيُكَ بالشيء.

والمِنْجَلُ : ما يُقْضَبُ به العود من الشَّجر فيُنْجلُ به أي يُرْمى به ، والنَّجَل : سَعَةُ العين مع حُسن. يقال : رَجلٌ أَنْجلَ ، وعَيْن نَجْلاءُ : والأسد أنجل ، وطعنة نجلاء واسعة ، وسنَانٌ مِنْجَلٌ ، إذا كان يُوسِّعُ خَرْقَ الطَّعنة ، وقال أبو النَّجم :

* سِنانُها مِثلُ القُدَامَى مِنْجَلُ *

أبو عُبيد : الطَّعْنةُ النَّجْلاءُ الْوَاسِعة.

وقال ابن الأعرابيّ : النَّجَلُ : نَقَّالُو الجَعْوِ في السَّابل ، وهو مِحْمَلُ الطَّيانين إلى البَنّاء ، قال : والنَّجِيل ضَرْبٌ من الحَمْص مَعْروف.

ابن السكّيت عن أبي عَمرو : النّواجلُ من الإبل : التي تَرْعَى النجيل ، وهو الهَرْمُ من الحمض.

ورُوِيَ عن عائشة أنها قالت : قَدِمَ النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم المدينةَ ، وهي أَوْبَأُ أرض الله ، وكان واديها نَجْلا يَجْرِي.

أرادت : أنه كان نَزّاً.

واسْتَنْجَلَ الوادي ، إذا ظهر نُزُوزُه.

وقال الأصمعيُ : لَيْلٌ أَنْجَلُ : واسعٌ قد علا كلَّ شيء وأَلبَسه ، وليلةٌ نَجْلاء.

وقال أبو عمرو : التّناجل تنازُع الناس ، وقد تَناجَلَ القومُ بينهم ، إذا تَنازَعوا.

وانْتجل الأمرُ انْتجالاً ، إذا اسْتَبَان ومضى ، ونَجَلْتُ الأرض نجْلاً : شَقَقْتَها للزِّراعة.

اللِّحياني : المَرْجولُ والمَنْجُول الذي يُسْلَخُ من رجليه إلى رأسه.

وقال أبو تُراب : سَمِعْتُ أبا السَّمَيْدَع يقول : المَنْجُولُ الَّذي يُشَقُّ من رِجليه إلى مَذْبَحه ، والمَرْجُول : الذي يُشَقُّ من رجليه ثم يُقْلَبُ إهابه.

ثعلب ، عن ابن الأعرابيّ : المِنْجَلُ : السَّائق الحاذق ، والمِنْجَل : الذي يمحو ألواحَ الصبيان ، والمِنْجَلُ : الزَّرع الملتَفّ المُزْدَجّ والمِنْجَلُ : الرَّجل الكثيرُ الأوْلاد ، والمِنْجَلُ : البَعير الذي ينْجُلُ الكمأة بخُفِّه.

ج ل ف

جلف ، جفل ، لجف ، لفج ، فلج. فجل : مستعْملات.

لفج : سُئِلَ الحَسنُ عن الرَّجلُ يُدالِكُ أهْلَه ، قال : لا بَأْسَ به إذا كان مُلْفَجاً.

أبو عَبيد عن أبي عمرو : أَلْفَجَ الرَّجُلُ ، فهو مُلْفَجٌ ، إذا كان ذَهَبَ مالُه.

٥٧

وقال أبو عُبيد : المُلْفِجُ المُعْدِمُ الَّذي لا شَيْء له ، وأنشد :

أَحسابُكُم في العُسْرِ والألفاجِ

شِيَبتْ بَعذْبٍ طَيِّب المِزَاجِ

وأخبرني الإياديّ عن شمر عن ابن الأعرابيّ والمنذريّ عن ثعلب عنه أنه قال : كلامُ العرب كُلّه على «أَفْعَل» ، وهو «مُفْعِل» إلا في ثلاثةَ أحرف : ألْفَجَ فهو مُلْفَج ، وأَحْصَنَ فهو مُحْصَن ، وأَسْهَبَ فهو مُسْهَبٌ.

وقال أبو زيد : أَلْفَجَنِي إلى ذلك الاضْطِرار إلْفَاجاً ، ورجُلٌ مُلْفَجٌ ، تَضْطَره الحاجَةُ إلى من لَيْس لذلك بأَهْل.

وقال أبو عمرو : اللَّفْج الذُّلّ.

فجل : ثعلب عن ابن الأعْرابيّ : الفاجل الْقَامِر.

وقال اللّيث : الفُجْلُ أَرُومَةُ نباتٍ ، وإياه عَنَى بقوله : وهو مُجَهّز السَّفينة يهجو رَجلاً :

أَشْبَهُ شيءٍ بجُشَاءِ الفُجْلِ

ثِقْلاً على ثِقْلٍ وأيُّ ثِقْلِ

جلف : قال اللَّيث : الجَلفُ أَخْفَى من الجَرْف وأَشَدُّ استِئصالاً ، تقول : جَلَفْتُ ظُفْرَه عن إصْبعه.

ورجُل مُجَلَّف ، قد جَلَّفه الدَّهر أي أَتَى على ماله ، وهو أيضاً مُجَرَّف ، والجَلائِف السّنون ، واحدها جَليفة.

ثعلب عن ابن الأعرابيّ : أَجْلَفَ الرّجل إذا نَحَّى الْجُلافَ عن رأْس الْجُنْبُخة ، والجُلاف : الطّين.

الحرَّانِيّ عن ابن السكّيت قال : الْجَلْفُ مصْدر جَلَفْت أي قَشَرْت ، يقال : جَلفْتُ الطِّينَ عن رَأْس الدَّنّ.

قال : والجِلْف : الأعْرابيُّ الْجافي ، والجِلْفُ : بَدَنُ الشَّاة بلا رَأْسٍ ولا قَوَائِم.

أخبرني المنذريّ عن أَبي الهيثمْ ، يقال للسَّنَةِ الشَّدِيدة التي تَضُرُّ بالأموال سَنَةٌ جالِفَة ، وقد جَلَفَتُهُم وزمان جالف وجارف.

قال : والْجِلْفُ في كلام العرب : الدَّنُّ وجمعه : جُلُوف. وأنشد :

بَيْتُ جُلُوفٍ طيِّبٌ ظِلُّهُ

فيه ظِباءٌ ودَواخِيلُ خُوصْ

الظّباء : جمع الظَّبْية ، وهي الْجُرَيِّبُ الصَّغير يكون وعاء للمسك والطِّيب.

قال : ويقال للرَّجُل إذا جَفَا : فلانٌ جِلْفٌ جَافٍ.

قال : وإذا كان المالُ لا سِمَنَ له ولا ظَهْر ولا بَطْن يَحْمل ، قيل : هو كالجِلْف.

وقال غيره : الجِلْفُ أَسْفَلُ الدَّنِّ إذا انكَسر.

٥٨

وقال اللَّيث : الجِلْفُ : فُحَّالُ النَّخْلِ الذي يُلَقَّحُ بطَلَعة.

الأصمعيّ : طَعنَةُ جالفة إذا قشرت الجِلْدَ ولم تَدخُل الْجوف ، وخُبْزٌ مَجْلوف ، وهو الذي أَحْرَقه التَّنُّور فلَزِقَ به قُشُوره.

وأمَّا قول قَيْس بن الْخطيم يَصف امرأة :

كأنَّ لَبَّاتِها تَبَدَّدَها

هَزْلَى جَرادٍ أَجْوافُه جُلُف

فإن شبَّه الحُلِيَّ الذي على لبَّيتها ، بجرادٍ لا رُؤوس لها ، ولا قَوائم. وقال : الجُلُفُ جمع جَليف ، وهو الذي قُشِر.

وذهب ابنُ السّكّيت إلى المعنى الأوَّل ، قال : ويقال أصابَتْهُم جَليفَةٌ عظيمة : إذا اجْتَلَفَت أموالَهم ، وهم قوم مُجْتَلِفون.

أبو عُبيد : الْمُجَلَّفُ : الذي قد ذَهب ماله ، والْجَالِفَةُ : السنة التي تَذهَبُ بالمال ، وقال الفَرزدق :

* مِن الْمال إلا مُسْحَتٌ أو مُجَلَّف *

والجِلْف : الخُبز اليابس بلا أُدْم.

أخبرني محمد بن إسحاق السَّعْدِيّ قال : حدثنا يحيى بن أبي طالب قال : حدثنا أبو داود الطيالسيّ قال : أخبرنا حُرَيث بن السَّائب قال : حدثنا الحسَن قال : حدثنا حُمران بنُ أبان ، عن عثمان بن عَفّان قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «كلُّ شَيْءٍ سوى جِلْفِ الطّعام ، وظِلّ بيت ، وثَوب يَسْتُره فَضْل» : قال شمر ، قال ابنُ الأعرابيّ : الجِلْفَةُ والْقِرْفَةُ والجِلْفُ من الخُبْز : الغليظُ اليابس الذي ليس بمأْدوم ولا يابسِ لَيِّن كالْخَشب ونحوه. وأنشد :

القَفْرُ خَيْرٌ من مَبِيتٍ بِتُّه

بجُنوب زَخَّةَ عند آلِ مُعارِكِ

جاءوا بِجِلْفٍ من شعير يابس

بَيْني وبين غُلامهم ذي الْحارِكِ

لجف : قال الليث : اللَّجْفُ الحَفْرُ في جَنْب الكِناس ونحوه ، والاسم : اللَّجَف.

قال : واللَّجَفُ أيضاً : مَلْجأُ السَّيْل ، وهو مَحْبِسُه.

قال : واللِّجاف ما أشْرَفَ على الْغار من صَخْرة أو غير ذلك ناتٍ من الْجَبل ، وربما جُعِلَ كذلك فوق الباب.

أبو عُبيد عن الأصمعيّ : التَّلَجُّفُ الْحفْرُ في نواحي البئر.

وقال العجاج :

* إذَا انْتَحى مُعْتَقِماً أو لَجَّفاً*

قال : واللَّجَيفُ من السِّهام الذي نَصْلُه عَريض.

شكّ أبو عُبيد في اللَّجيف. قلت : وحُقَّ له أَن يَشُكَّ فيه ؛ لأنَّ الصواب فيه «النَّجيفُ» بالنُّون ، وهو من السِّهام العريض النّصْل ، وجَمْعه نُجفُ. ومنه قول أبي كبير الهُذَلي :

٥٩

* نُجفٌ بَذَلْتُ لها خَوَافِيَ ناهِضِ*

أبو عُبيد عن الأصمعيّ : اللَّجَفَ سُرَّةُ الْوادي ، قال ويقال : بِئْرُ فلان مُتَلّجِّفة.

وأنشد شمر :

لو أَنَّ سَلْمَى وَرَدَتْ ذَاتَ اللَّجَافْ

لَقَصَّرَتْ ذناذِنَ الثَّوْبِ الضَّافْ

وقال ابن شُميل : أَلْجافُ الرَّكيَّة : ما أَكل الماءُ من نواحي أَصْلها وإن لم يأكلها وكانت مُسْتَوية الأسْفل فليس لها لِجْف.

وقال يونس : لَجَفَ.

ويقال : اللَّجَفُ ما حضر الماءُ من أعلى الرَّكيَّة وأَسْفِلها ، فصار مثل الغار.

فلج : قال الليث : الْفَلَجُ الماءُ الجارِي من العَين.

وقال العجاج :

* تَذكَّرا عَيناً رَوَاءً فَلَجا*

أي جَارية ، يقال : عَيْنٌ فَلَجٌ ، وماءُ فَلَجٌ.

وأنشدهُ أبو نصر :

* تذكرا عينا رِوى وفلجا*

الروى : الكثير.

وقال أبو عبيد : الْفَلَجُ النَّهْر.

وقال الأعشى :

فما فَلَجٌ يسْقى جَداولَ صَعْنَبَى

له مَشْرَعٌ سَهْلٌ إلى كلِّ مَوْرِد

وفي حديث عُمَر : أنَّه بَعثَ حُذَيفَة ، وعُثمان بن جُنيف ، إلى السّواد ، فَفَلجا الْجِزْيَة على أَهْله.

قال أبو عُبيد : قال الأصْمَعيّ قوله : فَلَجا ، يعني قَسَما الجزية عليهم.

قال : وأَصْلُ ذلك من الفِلْج ، وهو المكْيال الذي يُقال له الْفالِج.

قال : وأَصْلُه سُرْيانيُّ ، يقال له بالسُّريانية : فَالغاء ، فعرِّب ، فقيل : فالِجٌ وفلْجٌ.

وقال الْجَعْدِيُّ يَصِفُ الخَمر :

أُلْقِيَ فيها فِلْجانِ من مسْك دا

رِينَ وفِلْجٌ من فُلْفُلٍ ضَرِمِ

قال : وإنَّما سمَّى القِسْمة بالْفِلْج ؛ لأنَّ خراجَهم كان طعاماً.

قال أبو عُبيد : فهذا الْفِلْج ، فأما الفُلْجُ بضَمِّ الفاء ، فهو أن يَفْلُجَ الرَّجلُ أَصْحابَه ، يعلوهم ويفُوقُهُم ، يقال منه : فَلَجَ يَفْلُجُ فَلْجاً وفُلْجاً.

والفَلَجُ : تباعد ما بين الأسْنان ، ورجل أَفْلجَ ، إذا كان في أَسْنانه تَفَرُّق ، وهو التَّفْلِيج أيضاً.

أبو عُبيد ، عن الأصمعي : والأفْلَجُ الذي اعْوِجاجه في يديه فإذا كان في رِجْلَيه ، فهو أَفْجَج ، والفَلِيجَةُ : شُقَّةٌ من شُقَق الْخِباء. قال الأصمعيّ : ولا أَدْري أيْن تكون؟

٦٠