وقال الليث : حِسابُ البُرجان ، هو قولك : ما جُداءُ كذا في كذا ، وما جَذْر كذا في كذا ، فجداؤه : مبلَغهُ ، وجذرُه : أصله الذي يُضرَبُ بعضُه في بعض ، وجملته البُرجان.
يقال : ما جَذْرُ مائة؟
فيقال : عشرة.
ويقال : ما جُداء عشرة في عشرة؟
فيقال : مائة.
وقال شَمَر : بُرْجان : جِنْسٌ من الرُّوم ويُسَمَّوْنَ كذلك.
قال الأعشى :
وهِرَقْلٌ يوم ذِي ساتيدَمَا |
مِنْ بني بُرْجَانَ في البَّأْسِ رُجُحْ |
يقول : هُمْ رُجُحٌ على بني برجان أي هُمْ أَرْجحُ في القِتال ، وشدة البأس مِنْهم.
ثعلب ، عن ابن الأعرابيّ : أبْرَج الرجلُ إذا جاءَ ببنينَ مِلاح.
قال : والْبارِجُ المِلّاحُ الفَارِهُ.
أبو نصْر عن الأصمعي قال : البَوَارِج السُّفُنُ الكبار ، واحدتها بارجةٌ ، وهي القَوادِسُ والخلايا.
وقال الليث : البارجة السَّفينةُ من سُفن البحر تُتَّخَذُ للقتال.
جبر : قال الله جل وعز : «إِنَّ فِيها قَوْماً جَبَّارِينَ».
قال أبو الحسن اللِّحيانيّ : أَرادَ الطُّولَ والقُوَّة والعِظَم ، والله أعلمُ بذلك.
قلت : كأَنه ذَهبَ به إلى الجبَّارِ من النَّخيل ، وهو الطويل الذي فاتَ يد المُتناوِل.
يقال : رجلٌ جبّار إذا كان طويلاً عظيماً قويّاً ، تَشْببها بالجبار من النَّخيل.
وأمل قوله جلّ وعز : (وَإِذا بَطَشْتُمْ بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ (١٣٠)) [الشعراء : ١٣٠].
فإنَ الجبارَ هاهُنا القَتَّالُ في غير حق ، وكذلك قولُ الرجل لموسى : «إِنْ تُرِيدُ إِلَّا أَنْ تَكُونَ جَبَّاراً فِي الْأَرْضِ». أي قَتَّالاً في غيرِ حق.
وقال اللِّحيانيّ : والجبَّار المُتَكبِّرُ عن عبادة الله تعالى ، ومنه قول الله تعالى : (وَلَمْ يَكُنْ جَبَّاراً عَصِيًّا) [مريم : ١٤] ، وكذلك قول عيسى : (وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّاراً شَقِيًّا) [مريم : ٣٢] أي مُتَكبِّراً عن عبادة الله.
والجبار أيضاً : القاهِرُ الْمُسَلَّط. قال الله : (وَما أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ) [ق : ٤٥] ، أي بمُسَلَّط فَتَقْهرهم على الإسلام.
والْجَبَّارُ : الله تبارك وتعالى ، القاهرُ خلْقَه على ما أراد.
وقال ابن الأنباريّ : الْجَبَّارُ في صفةِ الله الذي لا ينال ، ومنه قيل للنخلة إذا فاتت يدَ المتناول : جبارة. مأخوذٌ من جبَّارِ النَّخْل.
وَرَوى سلمةُ عن الفراء أنه قال : لم أسمع فَعَّالاً من أَفْعَل إلَّا في حرفين وهما : جبّار من أَجْبَرْتُ ، وَدَرَّاك من أَدركتُ.
قلت : جعَلَ جبّاراً في صفَةِ العباد من الإجبارِ ، وهو القَهّرُ والأكْراه لا من «جَبَرَ».
أبُو عُبيد ، عن الأَحمرِ : فِيه جَبَرِيَّةٌ وجَبَرُوَّةٌ ، وجَبَروت وجُبُّورَةُ وجَبُّورَةٌ أَيْضاً ، وأَنشَدَنا :
فإنَّك إنْ عادَيْتَني غَضِبَ الْحصا |
عَلَيْكَ ، وذُو الْجَبُّورَةِ الْمتَغَترِفُ |
وفي الحديث : أنَّ امرأةً حَضَرت النَّبيّ صلىاللهعليهوسلم : فأَمَرها بأَمْرٍ فتَأَبَّتْ عليه ، فقال : «دَعُوها فَإِنَّها جَبَّارة» أي عَاتِيَةٌ مُتَكَبِّرة.
وقال اللَّيْت : قَلْبٌ جَبَّار ، ذُو كِبْرٍ لا يَقْبَلُ مَوْعِظَة.
عَمْرو ، عن أبيه قال : يقال للملك جَبْرٌ ، وقال : والجَبْرُ الشُّجاع وإن لَمْ يَكُنْ مَلِكاً.
والْجَبْرُ : تَثْبيتُ وقّوع الْقَضَاءِ والْقَدَر.
أبو عُبَيد عن أَبي عَمْرو : الْجَبْرُ الرَّجلُ.
وقال ابنُ أَحْمر :
* وانْعَمْ صَباحاً أَيُّها الْجَبْرُ*
قيل : أرادَ أيها الرَّجُل ، وقيل : أرادَ أَيُّها المَلْكِ. والْجَبر أَنْ تُغْنِيَ الرَّجُلَ من الْفَقْرِ ، أَوْ تَجْبُرَ عظْمَة من الكَسْر.
قال : والإجْبارُ في الحُكْم ، يقال : أَجْبَرَ الْقاضِي الرَّجُلَ على الحُكْمِ إذا أكْرَهَه عليه.
وأَخْبَرنِي الإياديّ عن أَبِي الّهَيْثَم أَنَّه قال : جَبَرْتُ فَاقَة الرَّجُلِ أَجْبُرُها ، إِذا أَغَنَيْتَه.
قال : والجَبُرُيَّة ، الَّذين يَقُولون : أَجَبَر اللهُ الْعِبَادَ على الذُّنُوب أَيْ أَكْرَهَهُمْ ومَعاذَ اللهِ أَنْ يُكْرِهَهُمْ على مَعْصَية! ولكنَّه قد عَلِمَ ما الْعِبادُ عامِلون ، وما هُمْ إليه صائِرُون.
قلت : وهذا مَعْنى الإيمان بالْقَضاء والْقَدر إنّما هو عِلْمُ الله السَّابق في خَلْقِه ، وقد كَتَبه عليهم ، فهم صائرون إِلى ما عَلِمه ، وكُلُّ مُيَسَّرٌ لما خُلِقَ له.
وروى الأَعْمش عن إسماعيل بن رَجاءِ عن عُمَيْر مَوْلى ابّن عبّاس ، عن ابنِ عبّاس في جِبْريل ومِيكائيل : كقولك عبد الله ، وعبدِ الرحمن ، وكان يحيى بن يعمر يَقرأ.
قال أَبَو عُبيد قال الأصمعيّ : معنى إيل الرُّبُوبِيَّة ، فأُضِيفَ جَبْر وميكا إِليه.
وقال أبو عَمْرو : جَبْر هو الرَّجُل.
قال أبو عُبيد : فَكأَنّ مَعناه عَبْد إيل ، رَجُلُ إيل.
قال : فهذا تأْويل قوله : عبد الله ، وعبد الرحمن ، وكان يحيى بن يَعْمر يَقْرؤها (جَبْرِئلّ) ، ويقول : جَبْرَ : عبْد ، والّ : هُو الله.
قلت : وفي جِبْريل لغاتٌ كثيرة ، قد
حَصَّلْتُها لك في رُباعيِّ الجيم.
وقال اللّحيانيّ : يقال : أَجْبَرْتُ فلاناً على كَذا ، أُجْبِره إجْباراً ، فهو مُجْبَر ، وهو كلام عامَّة العرب أي أَكْرَهْتُه عليه.
وتَمِيمٌ تقول : جَبَرْتُه على الأَمْرِ أَجُبُرُهُ جَبْراً وجُبُوراً بغَير ألف. قلت : وهي لُغَةٌ معروفة وكثير من الحجازين يقولونها.
وكان الشّافعيّ يقول : جَبَرَه السلطان بغير ألفِ ، وهو حِجَازِيٌّ فَصِيحٌ.
وقيل لِلْجَبرِيَّة : جَبْرِيَّةٌ ، لأَنَّهم نُسِبُوا إلى القول بالْجَبْر ، فهما لغتان جَيِّدتان جَبَرتُه وأَجْبَرْتُه ، غير أنَّ النَّحويين اسْتَحبوا أَنْ يَجْعلوا جَبَرْتُ لجَبْرِ الْعَظْم بعد كَسْره وجَبْر الفقير بعد فَاقَته ، وأَن يكون الإجْبارُ مَقَصوراً على الإكْراه ، ولذلك جعل الفَراء الجَبَّار من أَجْبَرْتُ ، لا من جَبَرْت ، وجائز أن يكون الجبَّار في صِفَةِ الله ، من جَبْرِه الْفَقير بالْغِنَى ، وهو تبارك وتعالى جابرُ كُلِّ كَسير وفَقير ، وهو جابر دِينه الَّذي ارْتَضاه كما قال العَجَّاج :
* قَدْ جَبَرَ الدِّينَ الألَهُ فَجَبَرْ*
وقال اللِّحيانيّ : جَبَرْتُ اليتيمَ والفَقير أَجْبُرُه جَبْراً وجُبُوراً ، فَجَبَرَ يَجْبُرُ جُبُوراً ، وانْجَبَرَ انْجِباراً ، واجْتَبَرَ اجْتِباراً ، بمعنًى واحِد.
ويقال أيضاً : جَبَّرْتُ الكسيرَ أُجَبِّرُه تَجْبِيراً ، وجَبَرْتُه جَبْراً ، وأَنْشَد :
لَها رِجْلٌ مُجَبَّرَةٌ تَخُبُ |
وأُخْرى ما يُسَتِّرها وَجَاحُ |
ويقال : تَجَبَّر فلان : إذا عَاد إِليه من مَاله بعضُ ما كان ذَهَب. وتَجَبَّر النَّبتُ والشجر ، إذا نَبَتَ في يابِسة الرَّطْب.
ويقال : قد تَجَبَّر فلان مَالاً ، أي أَصَاب ، وقوله :
* تَجَبَّرَ بَعْدِ الأَكْلِ فهو نَمِيصُ*
فمعناه : أَنَّه عاد نَابتاً مُخَضَرّاً ، بعد ما كان رُعِيَ ، يعني الرَّوض.
وقال النَّبي صلىاللهعليهوسلم : «الْعَجْمَاءُ جُرْحُها جُبَار» ، والْمَعْدِنُ جُبَار ، والبِئْرُ جُبَار وقد مرّ تفسير العجماء في كتاب «العين». والجُبار : الهَدَر ومعناه أَن تَنْفَلِتَ الْبَهِيمَةُ العجماءُ فَتُصيب في انفِلاتها إنساناً أَوْ شَيئاً فجَرْحُها هَدَر ، وكذلك البِئْر العادِيَّة يَسْقط فيها الإنسان فَيَهْلِك ، فدَمُه هَدَر والمعدن إذا انهار على حافره فقتله فدمه هَدَر. قال ابن السكيت : يقال : هذا جابر بن حَبّه : اسم للخبز.
وقال أبو عبيد : الْجَبائِرُ الأسْوِرَة ، واحِدتها جِبَارَة وجَبِيرَة.
قال الأعشى :
فَأَرَتْكَ كَفّاً في الْخِضا |
بِ ومِعْصَماً مِلْءَ الْجِبَارَة |
ويقال للخشباتِ التي تُوضع على مَوْضع الكسر لِيَنْجَبِر على استواء : جَبائِر ، واحدتها جِبَارَة.
سلمة ، عن الفراء قال : قال المُفَضَّل : الجُبَار : يَوم الثلاثاء. قال : والجَبَارَةُ بفتح الجِيم ، فِناء الجَبَّان. والجِبَارُ : الملوك ، واحِدُهم جَبْر.
وفي الحديث : أنَّ النبي صلىاللهعليهوسلم ذكرَ الْكافِر في النار ، فقال : ضِرْسهُ مثلُ أُحُد ، وكَثافَةُ جِلْدِه أربعون ذِراعاً بِذِراع الجبَّار.
قيل : الجَبَّارُ هَاهُنا المِلك. والجبَابِرَةُ : المُلوك. وهذا كما يقال : هو كذا وكذا ذِراعاً بِذراع المَلك ، وأحسِبُه مَلِكاً من مُلوك العَجَم ، نُسِبَ إليه هذا الذِّراع ، والله أعلم.
بجر : ثعلب عن ابن الأعرابيّ : الباجِرُ : المُنْتَفِخُ الجَوْف. الْهِرْدَبَّةُ الْجَبان.
أبو عبيد ، عن الفرّاء : الباحِر الأحمق بالحاء قلت : وهذا غَيْرُ الباجِر ، ولكلِّ مَعْنًى.
أبو عبيد ، عن الأصْمَعيّ ، في باب إسْرارِ الرَّجلِ إِلى أخيه ما يَسْتُرُه عن غيره أخْبَرْتُه بعُجَرِي وبُجَرِي أي أَظْهَرتُه من ثِقَتِي بهِ على مَعايِبي ، وقد فَسَّرتُ العُجَرَ في بابه.
وأمَّا البُجَر : فالعُروقُ المُتَعَقِّدَةُ في الْبَطْن خاصَّة.
ثعلب ، عن ابنْ الأعرابيّ : العُجْرَةُ نَفْخَةٌ في الظَّهْر ، فإذا كانت في السُّرَّة فهي بُجْرَة.
قال : ثم تُنْتَقلان إلى الهُمومِ والأَحْزان.
قال : ومَعْنى قول عليّ رضياللهعنه : إلى الله أَشكو عُجَرِي ، وبُجَري ، أي هُمومي وأَحْزَانِي.
قال : وأَبْجَرَ الرَّجُلُ ، إذا اسْتَغْنَى غِنًى كادَ يُطْغِيه بعد فَقْرٍ كادَ يُكْفِرُه.
وأَخبرني المُنْذِريّ عن السكُدَيْميّ ، قال : سأَلت الأصمعيّ فقلت له : ما عُجَرِي وبُجَرِي؟ فقال : هُمومِي وغُمومِي وأَحْزانِي.
أبو عبيد ، عن أبِي زيد : لَقِيتُ منه البَجَارِيّ ، واحِدها بُجْرِيّ ، وهو السِّرّ والأَمْرُ العظيم. والْبُجْرُ : الْعَجَب. وأنشد أبو عبيد :
أَرْمي عليها وهِي شَيْءٌ بُجْرُ |
والْقَوْسُ فيها وَتَرٌ حِبَجْرُ |
وأمَّا قولُ العَرب : عَيَّر بُجَيْرٌ بَجَرَة ، ونَسِيَ بُجَيْرٌ خَبَره ؛ فقد حُكِيَ عن المْفَضَّل أنه قال : بُجَيْرٌ وبَجَرَة كانا أَخَوين في الدَّهْر القديم ، وذكر قِصَّةً لهما ، والذي رأيت عليه أهْلُ اللُّغة أَنهم قالوا البُجَيْرُ : تصغير الأبْجَر ، وهو النّاتِئ السُّرَّة ، والمَصْدَرُ الْبَجَر ، فالمعنى : أَنَّ ذا بُجْرَةٍ في سُرَّته عَيَّرَ غَيْرَه بما فيه ، كما قيل في امْرَأَةٍ عَيَّرت أخْرى بعيب فيها : رَمَتْنِي بِدَائِها وانْسَلَّت.
وقال أبو عمرو : يقال : إنَّه لَيَجِيءُ بالأَباجِير ، وهي الدَّوَاهي ، قلت : وكأنَّها
جمع بُجْرٍ وأَبْجار ، ثم أباجير جمع الجمع.
وقال الفرّاء : الْبَجَرُ والْبَجْرُ انْتِفَاخُ الْبَطن ، رواه عنه سَلمة.
عمرو ، عن أبيه : الْبَجِيرُ : المال الكَثير.
وفي «نِوادِر الأَعْراب» : ابْجارَرتُ عن هذا الأمر ، وابْتَارَرْتُ ، وابْتَاجَجْتُ أي اسْتَرخَيْتُ وتَثَاقَلت ، وكذلك نَجِرْتُ ومَجِرْتُ.
اللِّحيانيّ : يُقال للرَّجُل إذا أكثر من شُرب الْماء ، ولم يَكَدْ يَرْوَى : قد بَجِرَ بَجَراً ، ومَجَرَ مَجَراً ، وهو بَجِرٌ مَجِر ، وكذلك الممتلىء من اللبن ، ذكَر ذلك في باب الْبَاءِ والميم. ومِثْلُه : نَجِرَ ومَجِرَ في باب النُّون والمِيم.
ربج : ثعلب عن ابن الأعرابيّ : أَبْرَجَ الرَّجلُ ، إذا جاء بِبَنِين مِلَاح ، وأَرْبَجَ ، إذا جاء بِبَنِين قِصار.
قال أبو عمرو : الرَّبْجُ الدِّرهم الصَّغيرُ الْخَفيف.
قلت : وسَمِعْتُ أَعرابياً يُنْشِد ونحن يومئذ بالصَّمّان :
تَرْعَى من الصَّمّانِ رَوْضاً آرجا |
مِنّ صِلِّيَانٍ ونَصِيّاً رابجا |
ورُغْلاً باتت به لَواهِجا
فسألته عن الرَّابج ، فقال : هو المُمتَلِىء الرَّيان.
وأَنْشَدَنيه أَعْرابيٌّ آخر فقال : «ونِصِيًّا رَابِجاً» ، وهو الكَثِيف المُمتَلىء ، وفي هذه الأرْجوزَة :
* وأَظْهَر الماءُ بِها روابجاً*
يصف إبِلاً ورَدت ماءً عِدًّا فَنَفَضَتْ جِرَرَهَا ، فلما رَويت انْتَفَخَت خواصِرها وعَظُمت ، وهي معنى قوله : «رَوابِجَا».
ج ر م
جرم ، جمر ، رمج ، رجم ، مرج ، مجر : مستعملة.
جرم : الحرَّاني ، عن ابْنِ السِّكِّيت : الْجَرْمُ : الْقَطْع ، يقال : جَرَمَه يَجْرِمُه جَرْماً إذا قَطَعه. والْجِرْمُ : الْجَسَد ، والجِرْمُ : الصَّوت.
قال : وحَكَى لنا أَبُو عمرو : جِلَّةٌ جَرِيمٌ ، أي عِظَامُ الأجْرام ، يَعْني الأجْسام.
ثعلبُ عن عَمْرو ، عن أَبيه : الْجِرْمُ : البَدَن ، والْجِرْمُ : اللَّون ، والجِرم : الصَّوْت. ويقال : جَرِمَ لَوْنُه إذا صَفَا ، وجَرِمَ إذا عَظُمَ جِرْمُه ، ونحو ذلك.
قال ابنُ الأعرابيّ : وقال اللّيث : الجَرْمُ نَقيضُ الصَّرْد. ويقال : هذه أرض جَرْمٌ ، وهذه أرضٌ صَرْد ، وهما دَخيلان مستعملان في الحَرّ والْبَرْد.
قال : والْجُرمُ أَلْواحُ الْجَسَد وجُثْمانُه
ورَجلٌ جَرِيم ، وامْرأة جَريمَةٌ : ذاتُ جِرْم وجِسْم.
قال : وجِرْمُ الصَّوت : جَهَارَتُه ، تقول : ما عَرَفتُه إلا بِجِرْم صَوْته.
قال : والجُرْمُ مَصْدَرُ الجارِم الذي يَجْرِمُ نَفسَه وقَوْمَه شَرّاً ، وفلانٌ له جَرِيمَةٌ إليَّ : أي جُرْمُ ، وقد جَرَمَ وأَجْرَمَ جُرْماً وإِجْراماً ، إذا أَذْنَب. والجارم : الْجانِي ، والمجرمُ ، والمذْنِب ، وقال :
* ولا الْجارِمُ الجانِي عليهم بمُسْلَمِ*
وقول الله جلّ وعزَّ : (وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَنْ صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ أَنْ تَعْتَدُوا وَتَعاوَنُوا) [المائدة : ٢].
قال الفَراء : القُرّاء قَرءوا : (وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ) ، وقرأها يَحيى بن وثّاب ، والأعْمَش : ولا يُجرمنّكم ، من أَجْرَمْتُ ، وكلام العرب بفَتْح الْيَاء.
وجاء في التَّفْسير : ولا يَحْمِلَنَّكُم بُغْضُ قَوْمٍ.
قال : وسَمِعْتُ العربَ تقول : فلانٌ جَرِيمَةُ أَهْلِه ، يُريدون كاسِبَهم ، وخَرَجَ يَجْرِمُ قومه ، أي يكسِبهم ، فالمعنى فيها مُتَقارب لا يَكْسِبَنَّكُمْ بُغْضُ قَوْم أَنْ تَعْتَدوا.
وقال أبو إسحاق : يقال : أَجْرَمَني كذا ، وجَرَمني وجَرَمت وأَجْرَمت بمعنًى وَاحَد.
وقد قيل : لا يُجْرِمَنَّكم : لا يُدْخِلَنَّكُم في الجُرْم. كما يقال : أَثَمْتُه ، أي أَدْخَلْتُه في الإثم.
وقال أبو العباس قال الأخفش في قوله : (وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ) [المائدة : ٢] أي لا يُحِقَّنَّ لكم لأن قوله : (لا جَرَمَ أَنَّ لَهُمُ النَّارَ) [النحل : ٦٢] ، إنّما هو حَقٌّ أَنَّ لهم النّار.
وأنشد :
* جَرَمَتْ فَزارَةُ بَعْدَها أَن يَغْضَبُوا*
يقول : حُقَّ لها.
قال أبو العباس : أمّا قوله لا يُحقَّنَّ لكم ، فإنما أَحْقَقْتُ الشَّيْءَ إذَا لم يَكُن حَقّاً ، فجعلته حَقّاً وإِنَّما معنى الآية ـ والله أعلم ـ في التَّفسير : لا يَحْمِلنكم ولا يَكْسِبَنَّكُم.
وأخبرني المُنْذِرِيّ عن الحُسَين بنُ فهم عن مُحمد بن سلام عن يونس في قوله : (وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ) ، قال : لا يَحْمِلَنَّكُمْ ، وأَنْشَد بيتَ أبي أسماء.
وأما قولهم : (لا جَرَمَ) ، فإن الفَرّاء زَعَم أَنها كلمة كانت في الأصْل ـ والله أعلم ـ بمنزلة لا بُدّ ، ولا مَحالة ، فكَثُر اسْتِعمالها حتى صارت بمنزلة حَقّاً.
أَلا تَرى العربَ تقول : لا جَرَمَ لآتِينَّكَ ، لا جَرَمَ لقد أَحْسَنْت ، فتراها بمنزلَةِ اليمين ، وكذلك فَسَّرها المفسرون : حَقّاً (أَنَّهُمْ فِي الْآخِرَةِ هُمُ الْأَخْسَرُونَ). وأصلها من جَرَمْتُ ، أي كَسَبْتُ الذَّنْب.
قال الفراء : ولَيْس قولُ من قال إن جَرَمْتُ كقولك حُقِقْتُ أو حَقَقْت بِشيء ، وإنما
لَبَّسَ عليه قول الشاعر :
* جَرَمت فَزارَةُ بعدها أَنْ تَغْضَبا*
فَرَفَعوا فَزَارة. وقالوا : نَجْعَل العِفل لِفَزَارَة كأَنَّهُ بمنزلة حقَّ لها ، أو حُقَّ لها أَنْ تَغْضَب.
قال : وفَزارة مَنْصوبٌ في البيت ، المعنى : جَرَمَتْهُم الطَّعْنَةُ الغَضَبَ ، أي كَسَبَتْهم.
وقال غير الفرّاء : حقيقة معنى لا جَرم ، أَنَّ «لا» نَفْيٌ هاهُنا لمَّا ظَنُّوا أنَّهُ يَنْفَعُهم ، فَرُدَّ ذلك عَليهم ، فقيل : (لا) يَنْفعُهم ذلك ، ثم ابْتَدأَ وقال : (جَرَمَ أَنَّهُمْ فِي الْآخِرَةِ هُمُ الْأَخْسَرُونَ) ، أي كَسب ذلك العملُ لهم الخُسْران ، وكذلك قوله : (لا جَرَمَ أَنَّ لَهُمُ النَّارَ وَأَنَّهُمْ مُفْرَطُونَ) [النحل : ٦٢] ، المعنى : لا يَنْفَعُهم ذلك ، ثم ابتَدأ فقال : جرَمَ إِفْكُهُمْ وكَذِبُهم لهم عَذاب النَّار ، أي كَسَب لهم عَذابها ، وهذا من أَبْينَ ما قِيلَ فيه.
وقال الكسائيّ : من العَرَب من يقول : لا ذَا جَرَم ، ولا أَنْ ذَا جَرَم ، ولا عن ذا جَرَمَ ، ولا جَرَ ، بلا ميم ، وذلك أنهُ كَثر في كلامهم فَحُذِفَت الميم ، كما قالوا : (حاشَ لِلَّهِ) وهو في الأصل «حاشى». وكما قالوا : أيْش ، وإِنما هو أيّ شيء. وكما قالوا سَوْتَرى ، وإنَّما هو سَوْفَ تَرى.
قلت : وقد قيل لا صِلَةٌ في جَرَمَ ، والمعنى كَسَب لهم عَمَلُهم النَّدم.
وأخبرني المُنذريّ عن أبي العباس أنه أنشده :
يا أُمَّ عَمْرٍو بَيِّنِي لا أَوْ نَعمْ |
إنّ تَصْرِمي فراحةٌ ممَّن صَرَم |
|
أوْ تَصلِي الحَبْلَ فَقد رَثَّ ورَمّ |
قلت لها : بيني ، فقالت : لا جَرَمَ |
إنَّ الفِراقَ اليومَ ، واليومُ ظلمَ
قال : وأخبرَني الطُّوسِيّ عن الخَرَّازِ ، عن ابن الأعرابيّ ، قال : لا جَرَمَ ، لقد كان كذا وكذا ، أي حقّاً ، ولا ذا جَرَ ، ولا ذَا جَرَم.
والعربُ تَصِلُ كلامَها بِذا ، وذِي وذُو ، فيكون حَشْواً ولا يعتد بها وأنشد :
* إنَّ كِلاباً وَالِدِي لا ذَا جَرَم *
أبو عُبيد عن الأصْمَعِيّ : الجُرامَةُ ما الْتُقِطَ من التَّمر بعد ما يُصْرَم ويُلْقَطُ من الكَرَب.
عمرو عن أبيه قال : جَرِمَ الرّجل ، إذا صارَ يأْكل جُرَامةَ النّحْل بين السَّعَف.
وقال اللَّيث : جَرْم قَبيلَةٌ من اليمن ، وأقَمْت عندَه حَوْلاً مُجَرَّماً.
أبو عُبَيد عن أبي زَيد قال : الْعامُ الْمُجَرَّمُ الْماضي المُكَمَّل.
وروى ابنُ هانِي لأبي زيد : سَنَةٌ مُجَرَّمةٌ ، وشَهْرٌ مُجْرَّمٌ ، وكَريتٌ فيهما ، ويَوْمُ مُجْرَّم ، وكَرِيتٌ وهو التَّام.
وقال الليث : جَرَّمنا هذه السَّنَة ، أي خَرَجْنا مِنْها ، وتَجَرَّمت السَّنة.
وقال لَبِيد :
دِمَنٌ تَجرَّمَ بَعْدَ عَهْدِ أَنِيسها |
حِجَجٌ خَلَوْنَ خَلالُها وحَرامُها |
قلت : وهذا كله من الجَرْم ، وهو الْقَطْع ، كأَنَّ السَّنَةَ لما مَضَتْ ، صارَت مَقْطوعة من السَّنَةِ المُسْتَقْبلة.
ويقال : جاء زَمن الْجِرَام والْجَرَام ، أي جاء زمن صرام النَّخل ، والجُرَّامُ الذين يَصْرِمون التَّمر المَجْرُوم ، وفلانٌ جارِمُ أَهْلِهِ وجَرِيمُهم.
وقال الهذليّ :
جَرِيمَةُ ناهِضٍ في رَأَسِ نيقٍ |
ترى لعِظامِ ما جَمَعَتْ صَلِيبا |
يصف عُقَاباً تُطعمُ فَرْخَها النَّاهض ما تَأْكله من صَيْدِ صَادَتْه لتأْكلَ لَحْمه وبَقِيَ عظامُه يسيلُ منها الوَدَك.
والْجَرِمَةُ : الجُرْمُ ، وكذلك الْجَرِيمَة ، وقال الشاعر :
فإنَّ مَولاي ذو يُعَيِّرُني |
لا إِحْنَةٌ عندَه ولا جَرِمَهْ |
والمُدُّ يُدْعى بالحجاز جَرِيماً ، يقال : أَعْطيتُه كَذا وكذا جَرِيماً من الطَّعام.
وقال الشَّماخ :
مُفِجُّ الْحَوامِي عن نسورٍ كأَنَّها |
نَوَّى القَسْبِ تَرَّتْ عن جَرِيمُ مُلَجْلَجِ |
أرادَ بالْجَريم : النَّوى. وقيل : الْجَريم : البُؤْرَةُ الَّتي يُرْضَخُ فيها النَّوى.
أبو عُبيد عن أبي عمرو : الجُرامُ والْجَرِيمْ هما النَّوى وهما أيضاً : التَّمْرُ الْيابِس.
ورُوِيَ عن أوس بن حارثة أنه قال : لا والذي أخرج العَذْقَ من الجريمة ، والنار من الوثيمة ، أراد بالجريمة النواة أخرج منها النخلة ، والوثيمةُ : الحجارة المكسورةُ. أخبرني بذلك المنذريّ عن ثعلب عن ابنُ الأعرابي ، قال : قال أوس بن حارثة ، هكذا رواه الْعَذْق بفتح العين.
قال : وقال أبو عُبيدة جَرَمتُ النَّخْلَ وجَزَمتُه ، إذا خَرَصْتَه وجَزَزْتَه.
ثعلب عن ابن الأَعرابيّ : الجُرْمُ التَّعَدِّي ، والجُرْمُ الذَّنْب ، والجِرْمُ : اللَّوْن ، والْجِرْم الصَّوْت ، والْجِرْمُ الْبَدَن.
رجم : الرَّجْمُ : الرَّمْيُ بالحِجارة ، يقال : رَجَمْتُه فهو مَرْجوم أي رَمَيْتُه ، والرَّجْم : القَتْل ، وقد جاءَ في غير مَوْضع من كتاب الله وإنّما قيل للقتل رجم ، لأنهم كانوا إذا قتلوا رجلاً رَمَوْه بِالْحجارة حتى يَقْتُلوه ، ثم قيل لكل قَتْلٍ رَجْم ، ومنه رجمُ الثَّيِّبَيْن إذَا زَنَيَا ، والرَّجم : السَّبُّ والشَّتْم ، ومنه قوله تعالى حكاية عن أبي إبراهيم لابنه إبراهيم عليهالسلام : (لَأَرْجُمَنَّكَ وَاهْجُرْنِي مَلِيًّا) [مريم : ٤٦]. أي لأَسُبَّنَّكَ وأَشْتُمَنّكَ ، والرَّجْم أيْضاً : اسم لما يُرْجَمُ به الشّيْءُ
المرجُومُ وجمعه رُجُوم ، قال الله في الشُّهُب : (وَجَعَلْناها رُجُوماً لِلشَّياطِينِ) [الملك : ٥]. أي جَعَلْناها مَرامِيَ لهم.
والرَّجْم : اللَّعْن ، والشَّيطانُ الرّجيم ، بمعنى المَرْجُوم ، وهو الملعون المُبْعَد.
والرّجْمُ : القَوْل بالظَّنِّ والحَدْس ، ومنه قول الله : (رَجْماً بِالْغَيْبِ) [الكهف : ٢٢].
قال الهُذَلِيّ :
إنَّ الْبَلاء لَدَى المقَاوِسِ مُخْرِجٌ |
مَا كَانَ من غَيْبٍ ورَجْم ظُنونِ |
وقال زُهَيْر :
* ومَا هو عَنْها بالْحديثِ المُرَجَّمِ *
والرَّجَمُ بفتْح الجيم : القَبْر ، سُمِّي رَجَما لما يُجْمَعُ عليه من الأحْجار والرِّجام ، ومنه قول كَعْب بن زُهير :
أَنا ابنُ الَّذي لم يُخْزُنِي في حَياتِه |
ولم أُخْزِه حتى تَغَيَّبَ في الرَّجَمْ |
قال أبو بكر : معنى قول عبد الله بن مُغَفّل في وصيته بنيه : لا ترجُموا قبْري ، معناه لا تنوحوا عند قبري ، أي لا تقولوا عنده كلاماً سيئاً قبيحاً. قال : والرجيم في نعت الشيطان المرجومُ بالنجوم. فَصُرفَ إلى فعيل من مفعول. قال : ويكون الرجيم بمعنى المشتوم المسبوب ، من قوله : (لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ لَأَرْجُمَنَّكَ) [مريم : ٤٦] أي لأسبّنّك ، قال : ويكون الرجيم بمعنى الملعون ، وهو المطرود. قال : وهو قول أهل التفسير.
وقال اللَّيث : الرُّجْمَةُ : حجارة مجموعة كأَنَّها قُبور عاد ، وتجمع رِجاماً.
وقال شَمِرَ : قال الأَصْمَعِيُ الرُّجْمَةُ دون الرِّضَام. قال : والرِّضام : صُخُورِ عِظَام تُجْمع في مَكان.
قال ، وقال أَبُو عَمْرو : الرِّجامُ : الْهِضاب واحدهما رُجْمَة. وقال لَبِيد :
* بِمنّى تَأَبَّدَ غَوْلُها فَرِجَاحُها*
قال : والرَّجَم والرِّجَام الحِجارة المجموعة على الْقُبور ، ومنه قول عبد الله بن المُغَفَّل المُزَني : لا تَرْجُموا قَبْري ، يقول : لا تَجْعلوا عليه الرَّجَم.
أراد تسوية القبر بالأرض ، وألا يكون مُسَنَّماً مرتفعاً.
ويقال : الرَّجَمُ الْقَبْرَ نَفْسُه. ومنه قوله :
* ولم يُخْزني حتى تغيَّب في الرَّجَمْ *
أبو عبيد ، عن الأصمعي قال : الرِّجام حجر يُشَدُّ في طرف الحَبْل ، ثم يُدَلَّى في الْبِئر ، فَتُخَضْخَضُ به الْحَمأَةُ حتى تَثُور ، ثم يُسْتَقَى ذلك الماءُ فَتُسْتَنْقَى البِئر ، قال : هذا إذا كانت البِئر بعيدةً القَعْر لا يقدرون على أن ينزلوا فيها فَيُنَقُّوها ، وأَنْشَد شَمِر لصخر الغيّ :
كأَنَّهما إذا عَلَوَا وَجيناً |
ومَقْطَعَ حَرَّةٍ بَعَثَا رِجَاما |
يَصِفُ عيراً وأَتَانا ، يقول : كأنَّما بَعثَا حجارةً ، قال ، وقال أبو عَمْرو : الرِّجامُ ما يُبْنَى على الْبِئْر ثم تُعْرَضُ عليه الْخَشَبَةُ للدَّلْو ، قال الشَّماخ :
على رِجَامَيْن من خُطّافِ ماتِحَةٍ |
تَهدِي صُدُورَهُما وُرْقٌ مَراقيل |
قال : والرُّجُماتُ : الْمَنَار ، وهي الحِجارة الَّتي تُجْمَعَ وكان يُطاف حَوْلها تُشَبَّهُ بالْبَيْت ، وأنشد :
* كما طافَ بالرُّجْمَةِ المُرْتَجِمْ
والرُّجْمَةُ هي الرُّجْبَة التي تُرَجَّبُ النَّخْلَةُ الكريمةُ بها ، ولِسانٌ مِرْجَمٌ إذا كان قَوَّالاً.
وقال ابن الأعرابيّ : دَفَعَ رَجُلٌ رَجُلاً فقال : لَتَجِدَنِّي ذا مَنْكِبِ مِزْحَم ، ورُكْنٍ مِدْعَم ، ولسانٍ مِرْجَم. والمِرْجامُ الذي تُرْجَمُ به الحِجَارَة.
اللِّحيانيّ : يقال تَرجُمان وتُرجمان ، وقَهرمان وقُهرُمان.
قال : والرَّجْمُ الْهِجْران ، والرَّجْمُ الطَّرْدُ ، والرَّجْم اللَّعْن ، والرَّجْمُ الظَّنُّ.
وقال أبو سعيد : ارْتَجَمَ الشَّيء وارْتَجَنَ إذا ركب بعضُه بَعْضاً.
مرج : قال الليث : الْمَرْجُ أَرْضٌ واسِعةٌ فيها نَبْتٌ كَثير تَمْرَجُ فيها الدَّواب وجمعُها مُروج.
وأَنْشد :
* رَعَى بها مَرْجَ رَبيعٍ مُمْرَجاً*
وقال الفَراءُ في قول الله جلّ وعزّ : (فَهُمْ فِي أَمْرٍ مَرِيجٍ) [ق : ٥].
يقول : هُمْ في ضَلال.
وقال أبو إسحاق أي في أَمْرٍ مُخْتَلِفٍ مُلْتَبِسٍ عليهم.
يقولون للَّنبيِّ صلىاللهعليهوسلم مَرَّةً شاعِرٌ ، ومَرَّةً ساحِرٌ ومَرَّةً مُعَلِّمٌ مَجْنون ، فهذا الدليلُ أن قوله مَريجٌ مُلْتَبِسٌ عليهم.
ورُوِي عن النبي صلىاللهعليهوسلم أَنه قال : «كَيْف أَنتُم إذا مَرِج الدِّين وظَهرت الرَّغْبَة ، واخْتَلفَ الأخَوَان وحُرِّقَ الْبَيْتُ الْعَتِيقُ؟».
وفي حديثٍ آخر أنه قال لعَبْد الله بن عمرو : «كيف أَنْتَ إذا بَقِيتَ في حُثَالَةٍ من النَّاس ، قد مَرِجَتْ عُهودُهم وأَماناتُهم» ومعنى قوله : مَرِجَ الدّين ، أي اضْطَرَب والْتَبس المخرَجُ فيه وكذلك مَرَجُ العهود : اضْطِرابُها ، وقِلَّةُ الوفاءِ بها.
وأَصْلُ المرَج الْقَلقَ ، يقال : مَرِج الخاتِمُ في يدي مَرَجاً ، إذا قَلِقَ.
قال الفَراء في قوله : (مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيانِ (١٩)) [الرحمن : ١٩] يقول : أرسلهما ثم يَلتقيان بعد.
وأخبرني المنذريّ عن ابن اليزيديّ لأبي زيد في قوله : (مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ) [الرحمن : ١٩] قال : خلَّاهُما ثم جَعَلَهما لا يَلْتَبسُ
ذَا بذَا ، قال : وهو كلامٌ لا يَقُوله إلا أَهْلُ تِهامة.
وأمّا النَّحْويون فيقولون : أَمْرَجْتَه ، وأَمْرَجَ دابَّتَه.
وقال الزَّجَّاج : مَرَجَ خَلَطَ يعني البحر المِلح بالبحر العذب ، ومعنى : (لا يَبْغِيانِ) [الرحمن : ٢٠] : لا يبغي المِلح على العذب ولا العذبُ على الملح.
وقال في قوله : (وَخَلَقَ الْجَانَّ مِنْ مارِجٍ مِنْ نارٍ (١٥)) [الرحمن : ١٥].
قال : المارجُ اللهَبُ المختلِطُ بسوَادِ النَّار.
وقال الفرَّاء : المارجُ هاهنا نارٌ دُون الحجابِ ، منها هذه الصواعق ، ويُرَى جِلْدُ السماءِ منها.
وقال أبو عُبيدة : (مِنْ مارِجٍ) ، من خِلْطٍ (مِنْ نارٍ) ، والْمَرجان : صغارُ اللُّؤلُؤْ في قولهم جميعاً.
قلت : ولا أَدْري أَرُباعيُّ هو أم ثُلاثي.
وقال الليثُ : المارِجُ من النَّار الشُّعْلَةُ الساطعة ذاتُ اللهب الشّديد ، وغُصْنٌ مَريجُ قد الْتَبَسَتْ شناغِيبُه وقال الْهُذَلِيّ :
فجَالَت فالْتَمَستُ بها حَشاها |
فخرَّ كأَنَّه خُوطٌ مَرِيجُ |
أي غصْنٌ له شُعَبٌ قِصار قد الْتَبَستْ.
وقال القُتَيْبِيُّ : مَرَج دابَّتَه إذا خَلَّاها ، وأَمْرجها : رعاها.
قال أبو الهيثمْ : اختلفوا في المِرجانِ ، فقال بعضهم صغار اللؤلؤ ، وقال بعضهم هو الْبَسْتَذ ، وهو جوهر أحمر ، يقال إن الجن تطرحة في البحر.
حدثنا عبد الله بن هاحَك عن حمزة ، عن عبد الرازق ، عن إسرائيل ، عن السُّدِّيّ عن أبي ملك ، عن مسروق عن عبد الله ، قال : المرجان : الخرز الأحمر ، وقول الأخطل حجةُ من قال هو اللؤلؤ :
كأَنّما القَطْرُ مرجانٌ يساقطه |
إذا علا الرَّوْق والمتْنَيْن والكَفَلا |
ثعلب ، عن ابن الأعرابيّ : المرْجُ : الإِجْراءُ ، ومنه وقوله تعالى : (مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ) [الرحمن : ١٩] أي أجْراهُما.
الْمرجُ : الْفِتْنةُ المُشكلة ، والْمَرَجُ الفساد.
وقال غيره : إبلٌ مَرَجٌ ، إذا كانت لا رَاعي لها وهي تَرْعى ، ودَابَّةٌ مَرَجٌ لا يُثَنى ولا يُجْمع ، وأنشد :
* في رَبْرَبٍ مَرَجٍ ذَواتِ صَيَاصي*
أبو عبيد عن الأصمعيّ : أَمْرَجَتِ النَّاقَةُ ، إذا أَلْقَتْ ولدها بعد ما يَصيرُ غِرْساً ، وناقةٌ مِمْرَاج إذا كان ذلك من عادتها.
رمج : قال الليث : الرَّامجُ الْمِلْواحُ الَّذي يُصادُ به الصُّقُورةُ ونحوها من الجَوارِحِ.
والتَّرْميج : إفساد السُّطور بعد كِتْبتها.
يقال : رَمَّج ما كتَب بالتُّراب حتى فَسد.
أبو العباس عن ابن الأعرابيّ : الرَّمْجُ إلْقاءُ الطّائر سَجَّه ، أي ذَرْقَه.
جمر : قال الليث : الجمْرُ النار المتَّقد ، فإذا بَرَدَ فهو فَحْم.
قال : والمِجْمَرُ قد تُؤَنث ، وهي التي تُدَخَّن بها الثِّياب.
قلت : من أَنَّثَه ذَهبَ به إلى النار ، ومن ذكَّره عنى به الموضع وأنشد ابنُ السكِّيت :
لا تَصطلي النارَ إلا مِجْمَراً أرِجاً |
قد كَسَّرتُ من يَلَيْجُوجٍ له وقَصا |
أراد : إلا عوداً أرجاً على النار ، ومنه
قول النبي صلىاللهعليهوسلم في صِفَةِ أهل الجنة : «ومَجَامِرُهم الأَلُوّة».
أراد : وبُخُورهم العُودُ الهندِيّ غير مُطَرُّى.
وقال الليث : ثَوْبٌ مُجَمَّرُ ، إذا دُخِّنَ عليه ، ورجلٌ جامِرٌ للَّذي يَلِي ذلك ، وأَنشد :
* وريحٌ يَلَنْجُوجٌ يُذَكِّيه جَامِرُه *
وفي حديث عمر أنه قال : «لا تُجَمِّروا الجيوشَ فَتَفْتِنوهم».
وقال الأصمعيّ وغيره : جَمَرَ الأميرُ الجيش ، إذا أطالَ حَبْسَهم بالثّغْر ، ولم يأذَنْ لهم في القَفَل إلى أهاليهم ، وهو التّجْمير.
وأخبرني عبد الملك عن ابن الرّبيع عن الشافعي أنّه أنشده :
وجَمّرْتَنا تَجْمَيرَ كسرى جُنودَه |
ومَنيّتنا حتى نسينا الأمانِيَا |
قال الأصمعيّ : أَجْمرَ ثَوْبه إِذا بَخَّرَه ، فهو مُجْمِر وأجمرَ الْبعيرُ إِجْماراً إذا عدا.
وقال لبيد :
وإذا حَرَّكْتُ غَرْزي أَجْمَرت |
أَوْ قِرابى عَدْوَجَوْنٍ قَدْ أبَلْ |
وأجمرت المرأة شعرها ، وجَمَّرته ، إذا ضَفَرتْه جَمائر ، واحدها جَمِيرة ، وهي الضّفائر والضّمائر والجمائر.
وقال الأصمعيّ : جَمَرَ بنو فلان إذا كانوا أَهْل منعةٍ وشِدّة.
وقال الليث : الجَمْرَةُ كلُّ قوم يصبرون بقتال من قاتلهم ، لا يُحَالفون أحداً ، ولا يَنْضَمُّون إلى أحد ، تكون القَبيلةُ نفسُها جَمْرَة ، تَصبِر لقراعِ القبائل كما صبرت عَبْسٌ لقبائل قَيْس.
وبلغنا أن عمرَ بن الخطاب سأل الْحُطيئة عن ذلك ، فقال : يا أميرَ المؤمنين ، كُنَّا ألْفَ فارس ، كأننا ذَهَبَةٌ حمراءُ لا تَسْتَجْمِرُ ولا تُحالف.
قال : وبعض الناس يقول : كانت الْقَبيلةُ إذا اجْتَمع فيها ثلثمائة فارس ، فهي جَمْرَة.
وقال أبو عُبيدة : جَمَرات الْعَربِ ثَلاث ؛ فَعَبْس جَمْرَة ، وبَلْحارث بن كَعْب جَمْرة ، ونُمَيْرٌ جَمْرَة.
والجَمْرَة : اجْتماعُ القبيلة الوَاحدة على من ناوأها من سائِر القبائل ، ومن هذا قيل لمواضع الجِمار التي تُرْمى بمِنًى جمرات ؛ لأنَّ كلَّ مُجْتَمعِ حَصًى منها جَمْرَة ، وهي ثلاثُ جَمَرات.
وتَجْمير الجيوش : حَبْسُهم أجمعين عن أهاليهم ، وتجمير المَرأة شَعْرَها ضَفِيرةً : تَجْمِيعُه.
وقال عمرو بن بحر : يقال لعبْسٍ وضَبَّةَ ونُمَيرِ الْجَمرات ، ويُقال : كان ذلك عند سُقوط الجمرة. وفلانٌ لا يعرف الجمرة من التّمرة ، وأنشد لأبي حيَّةَ النُّميْريّ :
فهم جمرةٌ ما يصطلي الناسُ نارهم |
توقَّدُ لا تَطفأ لرَيْبِ الدَّوابر |
وقال آخر :
لنا جمرات ليس في الأرض مِثْلُها |
كِرامٌ وقد جَرَّبن كل التّجارب |
|
نُمير وعبس يُتَّقَى نَفيانُهَا |
وضَبَّةُ قَوْمٌ بأسهُمْ غير كاذب |
أنشد ابن الأنباري :
وركوبُ الخيل تعدو المَرَطَى |
قد عَلاها نَجَدٌ فيه اجْمِرار |
قال : رواه يعقوب بالحاءِ أي اختلط عرقُها بالدم الذي أصابها في الحرب ، ورواه أبو جعفر «فيه اجمرار» بالجيم ؛ لأنه يصف تَجَعُّد عرقِها وتَجَمُّعه.
وقال الأصْمَعيّ : عَدَّ فلان إبِلَه جَماراً إذا عَدَّها ضَرْبةً واحدة ، والْجَمار : الْجَماعة بفَتح الجيم ، ومنه قول ابن أحمر :
وظَلَّ رِعاؤُها يَلْقَوْنَ منها |
إذا عُدَّتْ نَظائِرَ أو جَمَاراً |
والنَّظائر أن تُعَدّ مَثْنَى ، والجَمار : أن تُعَدَّ جَماعةَ.
وقال اللَّيث : الْجُمَّارُ شَحْمُ النَّخْل الذي في قِمَّة رأسه ، تَقْطَعُ قِمَّتُهُ ثم تُكْشَطُ من جُمَّارَةٍ في جوفها بيضاء كأنها قطعةُ سَنامٍ ضخمَة ، وهي رَخْصَةٌ تؤكَلُ بالعسل.
قال : والكافورَ يَخْرُج من الجُمَّار بَيْنَ مَشَقّ السَّعْفَتَيْن وهي الكُفَرَّى.
وروى أبو العباس عن ابْن الأعْرابيّ أنَّه سأل المفضّل عن قول الشاعر :
ألَم تَر أَنَّني لاقَيْتُ يوماً |
مَعاشِر فيهمُ رَجُلٌ جَماراً |
|
فَقِيرُ اللَّيْل تَلْقاهُ غَنِيّاً |
إذا ما آنَسَ اللَّيْلُ النَّهارا |
فقال : هذا مُقَدَّمٌ أريدَ به التَّأْخِير ، ومعناه : لاقيتُ مَعاشِرَ جَماراً ، أي جماعة فيهم رَجُلٌ فَقيرُ اللَّيل ، إذا لم تكن له إبِلٌ سود ، وفلانٌ غَنِيُّ الليل إذا كانت له إبل سُودٌ تُرَى باللَّيل.
وتَجَمَّرت القَبائلُ إذا تَجَمَّعَت ، وأنشد :
* إذا الجمارُ جَعَلتْ تَجَمَّرُ*
وأخْبرني المُنْذريّ عن أبي العبَّاس أنَّه سُئِلَ عن الْجِمار الَّتي بِمنًى ، فقال : أَصْلها من جَمَرْتُه وذَمَرْتُه إذا نَحَّيْتَه.
قال : وقال ابن الأعرابيَّ : الجَمْرَةُ الظُّلمةُ الشَّديدة ، والْجَمْرَةُ : الخُصْلَةُ من الشَّعر.
وقال ابن الكلبيّ : الجِمارُ طُهَيَّةٌ وبَلَعْدَوِيَّة ، وهم من بني يَرْبوع بن حَنْظَلة.
وفي حديث النَّبي عليهالسلام : إذا تَوَضَّأْتَ فَانْئِر ، وإذا اسْتَجْمَرت فأَوْتِرْ.
قال أبو عُبيد قال عبد الرحمن بن مَهديّ : فسَّر مالك بن أنَس الاسْتِجْمار أنَّه الاسْتِنْجَاء.
قال أبو عُبيد وقال أبو زيد : هو الاسْتِنْجَاءُ بالحِجارة.
وقال أبو عمرو والكِسائي : هو الاسْتِنْجاء أيضاً.
وروى ابن هانىء عن أبي زيد ، يقال : اسْتَجْمَرَ واسْتَنْجى واحِد ، إذا تَمَسَّحَ بالْحجارة.
عمرو عن أبيه الْجَمِيرُ : اللَّيل.
وروى أبو العباس عن ابنُ الأعرابيّ ، أنه قال : ابنُ جَمِير هو الهِلال وقال غيره : ابنُ جَميرٍ أَظْلَمُ لَيْلَةٍ في الشُّهر.
وقال ابنُ الأعرابيّ : يقال لِلَّيلة التي يَسْتَسِرُّ فيها الهلال : قد أَجْمَرِت. قال كعب :
وإنْ أَطافَ فلم يَحلَ بِطائِلَةٍ |
في ليلة ابنْ جُمَيْر سَاوَرَ الْفُطُما |
يصف ذئباً ، يقول : إذا لم يُصب شاة ضَخْمَةً أخذ فَطيماً.
والعرب تقول : لا أَفْعل ذلك ما أجْمَرَ ابنُ جَمِير ، وما سَمَرَ ابنا سمير.
ويقال لِلْخارِص : قد أَجْمَر النَّخْلَ إِجْماراً إذا خَرَصَهَا ثم حَسَبَ فجمع خِرْصَها.
وأَجْمَرْنَا الخَيْلَ إذا ضَمَّرْناها وجَمَّعناها ، وحافِرُ مُجْمَرٌ وقَاحٌ ، والمُفِجُّ : المقَبَّبُ من الْحوافر وهو مَحْمود.
مجر : رُوِيَ عن النبي صلىاللهعليهوسلم أنَّه نَهى عن المَجْر.
قال أبو عُبيد قال أبو زيد : المَجْرُ أنْ يُباع البَعير أو غيره بما في بَطْن النَّاقة. يقال منه : أَمْجَرْتُ في الْبَيع إِمْجاراً. وكان ابنُ قُتَيْبَة جَعَلَ هذا التَّفْسيرَ غَلَطاً ، وذَهَب بالْمجَر إلى الولدَ يَعْظُم في بطن الشَّاة والصَّواب ما فَسَّره أَبُو زيد.
وروى أبو العباس عن الأثْرَم عن أبي عُبَيدَة أنه قال : المَجْرُ ما في بَطْن الشَّاة ، قال : والثَّاني حَبَلُ الْحَبَلَة والثَّالِث الغَمِيس.
قال أبو العباس : وأبو عُبَيْدة ثِقَة.
قال أبو العباس ، وقال ابنُ الأعرابيّ : المَجْرُ الوَلَدُ الذي في بَطْن الحامِل ، قال : والمجْرُ : الرِّبا ، والمجْر الْقِمار. قال :
والمحاقَلَة والمُزَابَنَة ، يقال لهما : مَجْر.
قلت : فهؤلاء الأئمة اجْتَمَعوا في تَفْسِير المَجْرِ ـ بسكون الجيم ـ على شَيْءٍ واحدِ ، إلَّا ما زاد ابن الأعرابيّ على أنَّه وَافَقَهُم على أنَ المجْر ما في بَطْنِ الإبل ، وزاد عليهم أَنْ المجْر الرِّبا.
وأَمَّا المَجَرُ بتحريك الجيم ، فإن المنذِرِيّ أَخْبرني عن أَبي العباس عن ابن الأعرابيّ أنه أنشده :
* أَبْقَي لنا اللهُ وتَقْعيرُ المَجَرْ*
قال : والتَّقْعير أَنْ يَسْقطَ فَيَذْهَب.
قال : والْمَجَرُ انْتِفَاخ البَطْن من حَبَلٍ أو حَبَنٍ. يقال : مَجَرَ بطنُها ، وأَمْجَر ، فهي مَجِرَةٌ ومُمْجِر.
قال : والإمْجار أنْ تَلْقَحَ النَّاقةُ أو الشَّاة فَتَمْرَض ، أو تَحْدَب فلا تقدِرُ أَنْ تَمْشي ، وربما شُقَّ بَطْنُها فأُخْرِجَ ما فيه لِيُرَبُّوه.
وأنشدَ :
تَعْوِي كلابُ الحيِّ من عُوَائها |
وتحمِلُ الممْجِرَ في كِسائِها |
الحرانيّ عن ابن السِّكّيت قال : الْمجَرُ أنْ يَعْظُمَ بَطْنُ الشّاة الحامِل فَتُهْزَل ، يقال : شاة مُمْجِرٌ ، وغَنَم مَمَاجِر.
قلت : فقد صَحَّ أنَ المجْرَ ـ بسكون الجيم ـ شيءٌ على حِدَة ، وأَنَّه يَدْخل في البُيوع الفاسِدَة ، وأَن الْمجَرَ شَيءٌ آخر ، وهو انْتِفاخ بَطْنِ النَّعْجة إذا هُزِلَت.
وقال الأصْمعِيّ : المَجْرُ الجَيْش الْعَظيم المُجتمِع.
ويقال : مَجَرَ ونَجِرَ إِذا عَطش فأَكْثَر من الشُّرب ، ولم يَرْوَ.
وقال ابن شُميل : المُمْجِر الشَّاة التي يُصيبها مَرَضٌ وهُزال ، ويَعْسِر عليها الوِلادة.
قال : وأَما المَجْرُ فهو بَيْع ما فِي بَطْنها.
وقال ابنُ هانىء : ناقَةٌ مُمْجِرٌ إذا جازت وَقْتَها في النِّتاج. وأنشد :
* ونَتَجُوها بعد طُول إِمْجار*
(أبواب) الجيم واللام
ج ل ن
جلن ، نجل ، لجن ، لنج : مستعملة.
جلن : قال اللَّيث : جَلَنَ حِكاية صَوْب بابٍ ذي مصْراعين فَيُرَدُّ أحدهما فيقول : جَلَن ، ويُرَدُّ الآخَر فيقول : بَلَق. وأنشد :
* وتَسْمَعُ في الحاليْن مِنْه جَلَنْ بَلَقْ*
لنج : قال اللَّيث : الألَنْجُوج ، والْيَلَنْجُوج : عُودٌ جَيِّد.
وقال اللِّحْيانيّ : يقال عُودٌ أَلَنْجُوجٌ ويَلَنجُوج ويَلَنجِيج ، وهو عودٌ طَيِّبُ الرِّيح. قال : وعودٌ يَلَنجُوجِيُ مِثْلُه.
وقال ابن السكيت : عود يَلَنْجُوج وأَلَنْجُوج هو الذي يُتَبَخَّرُ به.
لجن : أبو عبيد عن الأصمعيّ : تَلَجَّنَ رَأْسهُ ، إذا اتَّسَخَ وَتَلَزَّجَ ، وهو من تَلجَّنَ وَرَقُ السِّدْرِ إذا لَجَّن مَدْقُوقاً.
قال الشَّمَّاخ :
وماءٍ قد وَرَدْتُ لوصْلِ أرْوَى |
عليه الطَّيْرُ كالوَرَقِ اللَّجِين |
وهو وَرَقُ الْخَطْمِيّ إذا أوخِفَ.
قال : ومنه قيل : ناقة لَجونٌ ، إذا كانت ثَقيلة.
قال أبو عبيد ، وقال أبو عبيدة : لَجَّنْتُ الخَطْمِيّ وأوْخَفْتُه ، إذا ضَرَبْتَه بيَدك.
وقال الليث : اللَّجين ورَقُ الشَّجر يُخْبَطُ ثم يُخْلَط بدقيق أو شعير فَيُعْلَفُ للإبل ، وكلُّ ورَقٍ أو نحوه فهو لَجِينٌ مَلْجون حتى آسُ الغِسْلَة.
ثعلب عن ابن الأعرابي قال : اللُّجون واللِّجان في كلِّ دابة ، والحِرَانُ في الحافِر خاصَّة ، والخِلَاءُ في الإبل. وقد لَجَنَتْ تَلْجُنُ لُجوناً ولِجَاناً.
وقال اللُّجَين : الفِضَّة.
وقال غيره : اللَّجِين : زَبَدُ أفْواه الإبل.
وقال أبو وجْزَة :
كأنَّ النّاصِعات الغُرَّ منها |
إذ صَرَفُتْ وَقَطَّعَت اللَّجِينا |
أرادَ بالناصعات الغر : أنْيابها ، وشَبّه لعابها بلَجِين الخِطْمِيّ.
نجل : سلَمةُ عن الفرّاء قال : الإنجيل هو مثل الإكليل والإخْريط من قولك : هو كريمُ النجْل ، تريدُ : كريم الأصْل والطَّبع ، وهو من الفِعل إفْعيل.
وقال أبو عبيد : النجْلُ الولَد ، وقد نَجَلهُ أبوه ، وأنشد :
أنْجَبَ أيامَ والداه به |
إذْ نَجَلاه فنعْمَ ما نَجلا |
عمرو : عن أبيه : النّاجل : الكريم النّجل ، وهو الولد وأنْشد البيت ، وقال : أرادَ أنْجَبَ والداه به إذ نَجَلاه ، والكلام مُقَدَّمٌ ومُؤَخَّر ، قال : والنَّجْلُ : الماءُ المسْتَنْقَع ، والنّجلُ النّزّ.
أبو عبيد عن الأصمعيّ : النَّجْلُ ماءٌ يُسْتَنْجَلُ من الأرض أي يُسْتَخرج.
وقال أبو عمرو : النّجلُ الجمع الكثير من النّاس ، والنّجل : المحجّة ، والنّجل : سَلْخُ الجِلْدِ من قَفاه.
أبو عبيد عن الفرّاء : المنْجول الجِلْدُ الذي يُشَقُّ من عُرْقُوبَيْه جميعاً ، كما يَسْلُخُ الناس اليوم.
أبو عمرو : النَّجْلُ إثارَةُ أخْفافِ الإبِل الكَمْأةَ وإظْهارُها. والنّجل : السَّير الشَّديد ، ويقال للجَمَّال إذا كان حَاذِقاً : مِنْجل ، وقال لَبِيد :
بِجَسْرَةٍ تَنْجُلُ الظِّرَّانَ نَاجِيَةٍ |
إذا تَوَقَّدَ في الدّيمُومَةِ الظُّررُ |
تَنْجلُ الظِّرَّان : تُثيرُها فَترمي بها. والنَّجْل : مَحْو الصّبِيِّ اللّوْح. يقال : نَجَلَ لوْحَه ، إذا مَحاه.
وقال الليث : فَحْلٌ نَاجِلٌ وهو الكريم الكثيرُ النَّجْلُ ، وأنشد :
فَزَوّجوه مَاجداً أَعْراقُها |
وانْتَجلوا من خير فحْلٍ يُنْتَجلْ |
قال : والنجْل رَمْيُكَ بالشيء.
والمِنْجَلُ : ما يُقْضَبُ به العود من الشَّجر فيُنْجلُ به أي يُرْمى به ، والنَّجَل : سَعَةُ العين مع حُسن. يقال : رَجلٌ أَنْجلَ ، وعَيْن نَجْلاءُ : والأسد أنجل ، وطعنة نجلاء واسعة ، وسنَانٌ مِنْجَلٌ ، إذا كان يُوسِّعُ خَرْقَ الطَّعنة ، وقال أبو النَّجم :
* سِنانُها مِثلُ القُدَامَى مِنْجَلُ *
أبو عُبيد : الطَّعْنةُ النَّجْلاءُ الْوَاسِعة.
وقال ابن الأعرابيّ : النَّجَلُ : نَقَّالُو الجَعْوِ في السَّابل ، وهو مِحْمَلُ الطَّيانين إلى البَنّاء ، قال : والنَّجِيل ضَرْبٌ من الحَمْص مَعْروف.
ابن السكّيت عن أبي عَمرو : النّواجلُ من الإبل : التي تَرْعَى النجيل ، وهو الهَرْمُ من الحمض.
ورُوِيَ عن عائشة أنها قالت : قَدِمَ النبي صلىاللهعليهوسلم المدينةَ ، وهي أَوْبَأُ أرض الله ، وكان واديها نَجْلا يَجْرِي.
أرادت : أنه كان نَزّاً.
واسْتَنْجَلَ الوادي ، إذا ظهر نُزُوزُه.
وقال الأصمعيُ : لَيْلٌ أَنْجَلُ : واسعٌ قد علا كلَّ شيء وأَلبَسه ، وليلةٌ نَجْلاء.
وقال أبو عمرو : التّناجل تنازُع الناس ، وقد تَناجَلَ القومُ بينهم ، إذا تَنازَعوا.
وانْتجل الأمرُ انْتجالاً ، إذا اسْتَبَان ومضى ، ونَجَلْتُ الأرض نجْلاً : شَقَقْتَها للزِّراعة.
اللِّحياني : المَرْجولُ والمَنْجُول الذي يُسْلَخُ من رجليه إلى رأسه.
وقال أبو تُراب : سَمِعْتُ أبا السَّمَيْدَع يقول : المَنْجُولُ الَّذي يُشَقُّ من رِجليه إلى مَذْبَحه ، والمَرْجُول : الذي يُشَقُّ من رجليه ثم يُقْلَبُ إهابه.
ثعلب ، عن ابن الأعرابيّ : المِنْجَلُ : السَّائق الحاذق ، والمِنْجَل : الذي يمحو ألواحَ الصبيان ، والمِنْجَلُ : الزَّرع الملتَفّ المُزْدَجّ والمِنْجَلُ : الرَّجل الكثيرُ الأوْلاد ، والمِنْجَلُ : البَعير الذي ينْجُلُ الكمأة بخُفِّه.
ج ل ف
جلف ، جفل ، لجف ، لفج ، فلج. فجل : مستعْملات.
لفج : سُئِلَ الحَسنُ عن الرَّجلُ يُدالِكُ أهْلَه ، قال : لا بَأْسَ به إذا كان مُلْفَجاً.
أبو عَبيد عن أبي عمرو : أَلْفَجَ الرَّجُلُ ، فهو مُلْفَجٌ ، إذا كان ذَهَبَ مالُه.
وقال أبو عُبيد : المُلْفِجُ المُعْدِمُ الَّذي لا شَيْء له ، وأنشد :
أَحسابُكُم في العُسْرِ والألفاجِ |
شِيَبتْ بَعذْبٍ طَيِّب المِزَاجِ |
وأخبرني الإياديّ عن شمر عن ابن الأعرابيّ والمنذريّ عن ثعلب عنه أنه قال : كلامُ العرب كُلّه على «أَفْعَل» ، وهو «مُفْعِل» إلا في ثلاثةَ أحرف : ألْفَجَ فهو مُلْفَج ، وأَحْصَنَ فهو مُحْصَن ، وأَسْهَبَ فهو مُسْهَبٌ.
وقال أبو زيد : أَلْفَجَنِي إلى ذلك الاضْطِرار إلْفَاجاً ، ورجُلٌ مُلْفَجٌ ، تَضْطَره الحاجَةُ إلى من لَيْس لذلك بأَهْل.
وقال أبو عمرو : اللَّفْج الذُّلّ.
فجل : ثعلب عن ابن الأعْرابيّ : الفاجل الْقَامِر.
وقال اللّيث : الفُجْلُ أَرُومَةُ نباتٍ ، وإياه عَنَى بقوله : وهو مُجَهّز السَّفينة يهجو رَجلاً :
أَشْبَهُ شيءٍ بجُشَاءِ الفُجْلِ |
ثِقْلاً على ثِقْلٍ وأيُّ ثِقْلِ |
جلف : قال اللَّيث : الجَلفُ أَخْفَى من الجَرْف وأَشَدُّ استِئصالاً ، تقول : جَلَفْتُ ظُفْرَه عن إصْبعه.
ورجُل مُجَلَّف ، قد جَلَّفه الدَّهر أي أَتَى على ماله ، وهو أيضاً مُجَرَّف ، والجَلائِف السّنون ، واحدها جَليفة.
ثعلب عن ابن الأعرابيّ : أَجْلَفَ الرّجل إذا نَحَّى الْجُلافَ عن رأْس الْجُنْبُخة ، والجُلاف : الطّين.
الحرَّانِيّ عن ابن السكّيت قال : الْجَلْفُ مصْدر جَلَفْت أي قَشَرْت ، يقال : جَلفْتُ الطِّينَ عن رَأْس الدَّنّ.
قال : والجِلْف : الأعْرابيُّ الْجافي ، والجِلْفُ : بَدَنُ الشَّاة بلا رَأْسٍ ولا قَوَائِم.
أخبرني المنذريّ عن أَبي الهيثمْ ، يقال للسَّنَةِ الشَّدِيدة التي تَضُرُّ بالأموال سَنَةٌ جالِفَة ، وقد جَلَفَتُهُم وزمان جالف وجارف.
قال : والْجِلْفُ في كلام العرب : الدَّنُّ وجمعه : جُلُوف. وأنشد :
بَيْتُ جُلُوفٍ طيِّبٌ ظِلُّهُ |
فيه ظِباءٌ ودَواخِيلُ خُوصْ |
الظّباء : جمع الظَّبْية ، وهي الْجُرَيِّبُ الصَّغير يكون وعاء للمسك والطِّيب.
قال : ويقال للرَّجُل إذا جَفَا : فلانٌ جِلْفٌ جَافٍ.
قال : وإذا كان المالُ لا سِمَنَ له ولا ظَهْر ولا بَطْن يَحْمل ، قيل : هو كالجِلْف.
وقال غيره : الجِلْفُ أَسْفَلُ الدَّنِّ إذا انكَسر.
وقال اللَّيث : الجِلْفُ : فُحَّالُ النَّخْلِ الذي يُلَقَّحُ بطَلَعة.
الأصمعيّ : طَعنَةُ جالفة إذا قشرت الجِلْدَ ولم تَدخُل الْجوف ، وخُبْزٌ مَجْلوف ، وهو الذي أَحْرَقه التَّنُّور فلَزِقَ به قُشُوره.
وأمَّا قول قَيْس بن الْخطيم يَصف امرأة :
كأنَّ لَبَّاتِها تَبَدَّدَها |
هَزْلَى جَرادٍ أَجْوافُه جُلُف |
فإن شبَّه الحُلِيَّ الذي على لبَّيتها ، بجرادٍ لا رُؤوس لها ، ولا قَوائم. وقال : الجُلُفُ جمع جَليف ، وهو الذي قُشِر.
وذهب ابنُ السّكّيت إلى المعنى الأوَّل ، قال : ويقال أصابَتْهُم جَليفَةٌ عظيمة : إذا اجْتَلَفَت أموالَهم ، وهم قوم مُجْتَلِفون.
أبو عُبيد : الْمُجَلَّفُ : الذي قد ذَهب ماله ، والْجَالِفَةُ : السنة التي تَذهَبُ بالمال ، وقال الفَرزدق :
* مِن الْمال إلا مُسْحَتٌ أو مُجَلَّف *
والجِلْف : الخُبز اليابس بلا أُدْم.
أخبرني محمد بن إسحاق السَّعْدِيّ قال : حدثنا يحيى بن أبي طالب قال : حدثنا أبو داود الطيالسيّ قال : أخبرنا حُرَيث بن السَّائب قال : حدثنا الحسَن قال : حدثنا حُمران بنُ أبان ، عن عثمان بن عَفّان قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «كلُّ شَيْءٍ سوى جِلْفِ الطّعام ، وظِلّ بيت ، وثَوب يَسْتُره فَضْل» : قال شمر ، قال ابنُ الأعرابيّ : الجِلْفَةُ والْقِرْفَةُ والجِلْفُ من الخُبْز : الغليظُ اليابس الذي ليس بمأْدوم ولا يابسِ لَيِّن كالْخَشب ونحوه. وأنشد :
القَفْرُ خَيْرٌ من مَبِيتٍ بِتُّه |
بجُنوب زَخَّةَ عند آلِ مُعارِكِ |
|
جاءوا بِجِلْفٍ من شعير يابس |
بَيْني وبين غُلامهم ذي الْحارِكِ |
لجف : قال الليث : اللَّجْفُ الحَفْرُ في جَنْب الكِناس ونحوه ، والاسم : اللَّجَف.
قال : واللَّجَفُ أيضاً : مَلْجأُ السَّيْل ، وهو مَحْبِسُه.
قال : واللِّجاف ما أشْرَفَ على الْغار من صَخْرة أو غير ذلك ناتٍ من الْجَبل ، وربما جُعِلَ كذلك فوق الباب.
أبو عُبيد عن الأصمعيّ : التَّلَجُّفُ الْحفْرُ في نواحي البئر.
وقال العجاج :
* إذَا انْتَحى مُعْتَقِماً أو لَجَّفاً*
قال : واللَّجَيفُ من السِّهام الذي نَصْلُه عَريض.
شكّ أبو عُبيد في اللَّجيف. قلت : وحُقَّ له أَن يَشُكَّ فيه ؛ لأنَّ الصواب فيه «النَّجيفُ» بالنُّون ، وهو من السِّهام العريض النّصْل ، وجَمْعه نُجفُ. ومنه قول أبي كبير الهُذَلي :
* نُجفٌ بَذَلْتُ لها خَوَافِيَ ناهِضِ*
أبو عُبيد عن الأصمعيّ : اللَّجَفَ سُرَّةُ الْوادي ، قال ويقال : بِئْرُ فلان مُتَلّجِّفة.
وأنشد شمر :
لو أَنَّ سَلْمَى وَرَدَتْ ذَاتَ اللَّجَافْ |
لَقَصَّرَتْ ذناذِنَ الثَّوْبِ الضَّافْ |
وقال ابن شُميل : أَلْجافُ الرَّكيَّة : ما أَكل الماءُ من نواحي أَصْلها وإن لم يأكلها وكانت مُسْتَوية الأسْفل فليس لها لِجْف.
وقال يونس : لَجَفَ.
ويقال : اللَّجَفُ ما حضر الماءُ من أعلى الرَّكيَّة وأَسْفِلها ، فصار مثل الغار.
فلج : قال الليث : الْفَلَجُ الماءُ الجارِي من العَين.
وقال العجاج :
* تَذكَّرا عَيناً رَوَاءً فَلَجا*
أي جَارية ، يقال : عَيْنٌ فَلَجٌ ، وماءُ فَلَجٌ.
وأنشدهُ أبو نصر :
* تذكرا عينا رِوى وفلجا*
الروى : الكثير.
وقال أبو عبيد : الْفَلَجُ النَّهْر.
وقال الأعشى :
فما فَلَجٌ يسْقى جَداولَ صَعْنَبَى |
له مَشْرَعٌ سَهْلٌ إلى كلِّ مَوْرِد |
وفي حديث عُمَر : أنَّه بَعثَ حُذَيفَة ، وعُثمان بن جُنيف ، إلى السّواد ، فَفَلجا الْجِزْيَة على أَهْله.
قال أبو عُبيد : قال الأصْمَعيّ قوله : فَلَجا ، يعني قَسَما الجزية عليهم.
قال : وأَصْلُ ذلك من الفِلْج ، وهو المكْيال الذي يُقال له الْفالِج.
قال : وأَصْلُه سُرْيانيُّ ، يقال له بالسُّريانية : فَالغاء ، فعرِّب ، فقيل : فالِجٌ وفلْجٌ.
وقال الْجَعْدِيُّ يَصِفُ الخَمر :
أُلْقِيَ فيها فِلْجانِ من مسْك دا |
رِينَ وفِلْجٌ من فُلْفُلٍ ضَرِمِ |
قال : وإنَّما سمَّى القِسْمة بالْفِلْج ؛ لأنَّ خراجَهم كان طعاماً.
قال أبو عُبيد : فهذا الْفِلْج ، فأما الفُلْجُ بضَمِّ الفاء ، فهو أن يَفْلُجَ الرَّجلُ أَصْحابَه ، يعلوهم ويفُوقُهُم ، يقال منه : فَلَجَ يَفْلُجُ فَلْجاً وفُلْجاً.
والفَلَجُ : تباعد ما بين الأسْنان ، ورجل أَفْلجَ ، إذا كان في أَسْنانه تَفَرُّق ، وهو التَّفْلِيج أيضاً.
أبو عُبيد ، عن الأصمعي : والأفْلَجُ الذي اعْوِجاجه في يديه فإذا كان في رِجْلَيه ، فهو أَفْجَج ، والفَلِيجَةُ : شُقَّةٌ من شُقَق الْخِباء. قال الأصمعيّ : ولا أَدْري أيْن تكون؟