الصِّلَة. قلت : الْجَفاءُ مَمدود عند النحويين ، وما عَلِمْتُ أحداً أجاز فيه الْقَصْرَ.
وقال الليث : والجَفْوَة ألْزمُ في تَرْك الصلّة من الجفاء ، لأنّ الجفاء قد يكون في فَعَلاته إذا لم يكن له مَلَقٌ ولا لَبَق.
حدثنا محمد بن إسحاق ، قال : حدثنا عليّ بن حرب ، قال : حدثنا المحاربيّ عبد الرحمن بن محمد ، قال : حدثنا محمد بن عمر ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة. قال : قال النبي صلىاللهعليهوسلم : «الحياء من الإيمان ، والإيمان في الجنة ، والبذَاء من الجفاء ، والجفاءُ في النار».
قلت : يقال جَفَوْتُه أجْفُوه جَفْوَةً ، أي مَرَّة واحدة ، وجَفَاءً كثيراً ، مصدر عام ، والجفاءُ يكون في الخِلْقَة والخُلُق ، يقال : رجل جافِي الخِلْقَة ، وجافِي الخُلُقِ ، إذا كان كَزّاً غليظَ العِشْرة ، ويكون الْجفاء في سُوء الْعِشْرَة ، والْخُرْق في الْمعاملة ، والتَّحامل عند الْغَضَب ، والثَّوْرَة على الجليس.
ابن السِّكّيت ، يقال : جَفَوْتُه فهو مَجْفُوٌّ ، وجاء في الشِّعْر مَجْفِيّ ، وأنشد :
* مَا أنَا بالجَافِي ولا الْمجْفِيُ *
بُنِيَ على جُفِي فهو : مَجْفِيّ. والأصل مَجْفوّ.
جفأ : قال الله تعالى : (فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفاءً) [الرعد : ١٧].
قال الفراء : أصله الْهَمْز ، يقال : جَفَأَ الْوادِي غُثَاءَه جَفْأً ، وقيل الجُفَاء كما يقال الغُثاء ، وكلُّ مصدر اجتَمع بعضُه إلى بعض ، مثل الْقُماش ، والدُّقَاق ، والحُطام ، مصدرٌ يكونُ في مَذهبِ اسم على هذا المعنى ، كما كانَ العَطاءُ اسماً للإعطاء ، فكذلك القُماش ، لَوْ أرَدْت مصدراً ، قلت : قَمشْتُه قَمْشاً.
الحرّاني ، عن ابن السّكّيت ، قال : الجُفَاء ما جَفَأَةُ الوادِي إذا رَمَى به ، ويقال : جَفَأَتِ القِدْر بزَبَدِها.
وأخبرني أبو العباس ، عن ابن الأعرابيّ ، قال : يقال جَفَأْتُ الغُثاءَ عن الوَادي ، وجَفَأْتُ القِدْرَ ، أي مَسَحْت زَبَدَها الذي فوقَها من غَلْيها ، فإذا أمَرْتَ قلت : اجفَأْهَا ، ويقال : أجفَأَت الْقِدْرُ ، إذا عَلا زَبَدُهَا. وقال غيره : تصغير الجُفَاء جُفَيْءٌ ، وتصغير الغُثاء غُثَيُّ بلا هَمْز.
وقال الزّجاج : مَوضعُ قوله : (فَيَذْهَبُ جُفاءً) نَصْبٌ على الحال. قال : وقال أبو زيد : يقال جَفَأْتُ الرَّجلَ ، إذَا صَرَعْتَه ، قال : وأجفَأَت الْقدْرُ بزَبَدِها ، إذا ألْقَت زَبَدَها ، من هذا اشْتقاقه.
وروى ابن جبلة عن شِمر عن ابن الأعرابيّ : تجَفَّأت الأرضُ : إذا رُعِيَتْ.
وأخبرني المنذري عن ثعلب عن ابن الأعرابي : جفأتُ النَّبْتَ واجتفأته ، إذا قلعته.
وأخبرني عن الطوسي عن أحمد بن الحارث عن ابن الأعرابيّ قال : تَجفَّأت الأرضُ إذا أكل نبتَها الجدْبُ.
قال : وقال في قوله : وتجتفِئوا بَقْلاً.
قال : تصيبوا بقلا ، وأنشد :
* فلما رأت أنَّ البلادَ تجفَّأتْ *
أي أُكل نبتها.
وقال أبو عَوْن الحِرمازِيّ : أجفَأَتُ الْبابَ وجَفَأْتَه ، إذا فتَحْتَه ، ويقال : جَفَأتُ القِدْرَ جَفْأً ، وكَفَأْتَها كَفْأً ، إذا قَلَبْتَها ، فصَبَبْتَ ما فيها ، حكاه النضر. وأنشد :
جَفْؤكَ ذَا قِدْرِكَ للضِّيفانِ |
جَفْؤٌ على الرُّغفَانِ في الجفانِ |
خَيرٌ من العَكِيسِ بالألبان
وفي الحديث : أنَّ النبيّ صلىاللهعليهوسلم حَرَّمَ يَوْم خَيْبر الحُمُرَ الأهلِيَّة فَجفَئوا القدورَ» ويُروى : «فأجفئوا» أي قَلَبُوها وفرَّغُوها.
جوف ـ جيف : أبو عبيد عن الأُمويّ : رجل مَجْؤُوف مثل مَجعُوف : جائع ، وقد جُئِفَ.
قال أبو عبيد ، وقال الكسائي : جُيفَ فلانٌ وجُيثَ ، إذا ذُعر فهو مجؤوف ومجئوث.
وفي حديث المبعَثِ : «فجَثيت فَرَقاً حين رأيت جبريل.
وقال الليث : الجاف ضرب من الخوف والفزع.
وقال العجاج :
* كأن تحتي ناشِطاً مُجافاً*
ثعلب عن ابن الأعرابيّ : انجأفت النخلة وانجأَثَتْ ، إذا تقَعَّرت وسقطت.
قال الليث : الجَوْفُ معروف ، وجمعه أَجْوَاف ، والجَائِفَة الطَّعْنَةُ تدخل الْجَوْف ، والجَوْفُ خَلَاءُ الجَوْفِ ، كالْقَصَبَةِ الجوفاء ، والْجُوفَانُ جَمْعُ الأجْوَف.
أبو عُبيد ، عن الأصمعيّ الجَوْفُ المُطْمَئِنُّ من الأرض.
ثعلب ، عن ابن الأعرابيّ : الْجَوف الوادِي ، يقال : جَوْفٌ لَاخٌّ ، إذا كان عَميقاً ، وجَوْفٌ جِلْوَاخٌ : واسعٌ ، وجوف زَقَبٌ : ضَيِّق ، وباليمين وادٍ يقال له : الْجَوْف ، ومنه قول الراجز :
الْجَوْفُ خيرٌ لك من أَغْوَاطِ |
ومِنْ أَلاءَاتِ وَمِنْ أُرْاطِي |
وقال امرؤ القيس :
* وَوادٍ كَجَوْفِ الْعَيْر قَفْرٍ قَطَعْتُهُ*
أرادَ بِجَوْفِ العَيْرِ وادِياً بعَيْنِه أُضِيف إلى العَيْر ، وعُرِفَ به.
أبو عبيد : رَجُلٌ مُجَوَّفٌ ، جَبَانٌ لا قَلْبَ له ، ومنه قولُ حَسّان :
أَلَا أَبْلِغْ أبا سُفيَانَ عَنِّي |
فَأَنْتَ مُجَوَّفٌ نَخِبٌ هَوَاءُ |
أي خالي الجوفِ من القَلْبِ.
ويقال : جَافت الجيفة ، واجْتَافَت ، إذا انْتَنَتْ وأَرْوَحَتْ ، وجَيَّفَت الجِيفَةُ ، إذا أَصَلَّتْ ، وجمع الجِيفة ، وهي الْجُثَّةُ المَيْتَةُ والمُنْتِنَه : جِيَف.
ويقال : اجْتَافَ الثّوْرُ الكِنَاسَ ، إذا دَخل جَوْفَه ، والْجُوَافُ : ضَرْبٌ من السّمك الواحدةُ جُوَافَة. ويقال : أَجَفْتُ البابَ فهو مُجَافٌ ، إذا رَدَدْتَه.
وفي الحديث : «أَجِيفوا الأبوابَ ، واكْفِتُوا إليكم صِبْيانِكم».
ويقال : طَعَنْتُه فجُفْتُه أجُوفُه. وجافَه الدّواءُ فهو مَجُوفٌ ، إذا دخَل جَوفَه ، وَوِعاءٌ مُسْتَجَافٌ : واسعُ الجَوف ، قال الشاعر :
فهيَ شَوْهاءُ كالْجُوالِقِ فُوها |
مُسْتَجَافٌ يَضِلُّ فيه الشَّكِيمُ |
واسْتَجَفْتُ المكانَ : وجدتُه أجوَف.
عمرو ، عن أبيه : إذا ارتفَع بَلَقُ الفَرِس إلى حِقْوَيْهِ فهو مُجَوَّفٌ بَلَقاً ، وأنشدَ :
ومُجَوَّفٍ بَلَقاً مَلكْتُ عنانه |
يَعْدو على خَمْسٍ قَوائمُه زَكا |
أراد أنّه يعدو على خَمسٍ من الوَحْش ، فيَصِيدُها ، وقوائمه زَكاً ، أي ليْست خَمساً. ولكنها أزوَاج ، ملكْتُ عِنانه : أي اشتريتُه ولم أستعِرْه : وقال أبو عبيدة : فَرَسٌ أجوَف ، وهو الأبيض الْبَطْن إلى منتهَى الجَنبَيْن ، ولوْنُ سائِره ما كان ، وهو المُجوَّف بالبَلَقِ ، ومجوَّفٌ بَلَقاً ، وتَلْعَةٌ جائفةٌ قعيرة ، وتِلَاعٌ جَوائف ، وجوائفُ النّفس : ما تَقَعّرَ من الجوف ، ومقارّ الرُّوح.
وقال الفرزدق :
ألمْ يَكْفِينِي مَرْوَانُ لما أتَيْتُه |
زِياداً ورَدّ النفْسَ بين الجَوائِفِ |
وفي الحديث : «لا يَدخُلُ الجَنَّةَ ديْبوبٌ ولا جَيَّاف».
والجَيَّاف : النَّبَّاش ، سُمِّيَ جَيَّافاً لأنه يَكْشِفُ الثيابَ عن جِيَفِ الموتى. قال وجائز أن يكون سمي به لنتنِ فعله أي لقبح فِعله.
ابن شميل : الجُوفانُ ذَكَرُ الحِمار. وكانت بنو فزارة تُعَيِّر بأَكل الجُوفان. وقال سالم بن دارة يهجو بني فزارة :
أطعمتُمُ الضيفَ جُوفاناً مُخاتَلةً |
فلا سقاكم إلهي الخالقُ الباري |
أوله :
لا تَأْمَنَنَّ فَزارِيّاً خَلَوْتَ به |
على قلوصِكَ واكتُبها بأَسْيار |
|
لا تأمنَنْه ولا تأمَن بَوائقَه |
بعد الذي امتلّ إير العَيْر في النار |
وقال أبو عُبيد في قوله : لا تَنسَوا الجَوفَ وما وَعَى ، فيه قولان ، يقال : أَرادَ بالجَوفِ الْبَطْنَ والفَرْج ، كما قال : إنَّ أَخْوَفَ ما أخافُ عليكم الأجْوفان ،
وقيل : أراد بالجوف القَلْب ، وما وَعَى ، أي حَفِظَ من مَعْرِفَةِ الله.
فجأ : قال الليث : فَجَأَه الأمْرُ يَفْجَؤُه ، وفاجَأَه يُفاجِئُه ، وفَجِئَه يفجؤُه فجأَة ، وكلُّ ما هَجَمَ عليك من أمْرٍ لَمْ تَحتَسِبْه فقد فَجِئَكَ.
ثعلب ، عن ابن الأعرابيّ : أَفْجَأَ ، إذا صادَفَ صديقه على فَضيحة ، وأفْجَى : إذا وَسَّعَ على عياله في النَّفَقة ، قال : والأفْجَى المُتَبَاعِدِ الْفَخذَينِ الشَّديدُ الْفَجَجَ ، وهو الأفْجَجُ.
الأصمعيّ : فَجَا قَوْسَه يفجُوها ، وقَوْسٌ فَجْوَاءُ ، إذا بانَ وَتَرُها عن كَبِدِها ، ومن ثَمَّ قيل : وَسَطُ الدّار فَجْوَة ، ويقال : بفلان فَجاً شديد ، إذا كان في رِجْليه انتِفاخ ، وقد فَجِيَ يَفجَا فجاً.
ابن الأنباريّ : فَجِئَت الناقة ، إذا عظم بطنها. والمصدر الفَجَأ مهموز مقصور.
وقال شمر : فجأ بَابه يفجؤه ، إذا فتحه بلغةِ طَيء ، قالهُ أبو عمرو الشيبانيّ ، وأنشدَ للطرماح :
كجُبَّةِ الساج فَجا بابَها |
صُبْحٌ جَلا خُفْرَةَ أهدامها |
قال : قوله فجا بابها ، يعني الصبح ، وأما أجاف الباب ، فمعناه ردَّه ، وهما ضِدّان ، وانفجى القوم عن فلان : انفرجوا عنه وانكشفوا. وقال :
لما انْفجى الخَيلان عن مُصعَبٍ |
أدى إليه قرضَ صاعٍ بصاع |
فوج : وقول الله تعالى : (يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللهِ أَفْواجاً) [النصر : ٢]. قال أبو إسحاق : أي جماعاتٍ كثيرة بعد أنْ كانوا يدخلون في الدِّين واحداً واحداً ، واثنين اثنين ، صارت القبيلة بأَسرها تدخل في الإسلام.
وقال الليث : الفوْج قطيعٌ من الناس ، وجمعه أَفواج ، قال : والفائجُ من قولك مَرَّ بنا فائجُ وَليمةِ فلان ، أي فَوْجٌ ممن كان في طَعامه ، قال : والْفائج من الفَيْج ، كأنه مشتقٌّ من الفارسية وهو رسول السلطان على رِجْله ، والفُيُوج : جماعة.
ثعلب ، عن ابن الأعرابيّ ، قال : الفَيْج الجماعة من الناس.
قلت : وأصله فَيِّج من فاجَ يَفُوج ، كما يُقال : هَيِّن ، من هَانَ يَهُون ، ثم يُخَفَّف فيقال : هَيْنٌ. ويُجمع الفَوْج أَفاوِيج.
وقول عَدي :
أمْ كَيف جُزْتَ فُيُوجاً حولهم حَرَسٌ |
وَمُتْرَصاً بَابُه بالسَّكِّ صَرَّار |
قيل : الفُيُوج الذين يدخلون السجن ويخرجون يَحرسون.
أبو عُبيد ، عن الأصمعيّ : الفوائج مُتَّسَعُ ما بين كلِّ مُرْتفعين من غِلَظٍ أو رمل ، واحدتها فائجة.
وقال أبو عمرو : الفائج البِساطُ الواسع
من الأرض.
وقال حُميد الأرقط :
إلَيْكَ رَبَّ الناسِ ذا المعارجِ |
يَخْرُجْنَ من نَخْلة ذي مَضَارجِ |
في فائجٍ أفْيَجَ بعد فائجِ
وقال آخر :
باتَتْ تَدَاعَى قَرَباً أَفائجا |
تَدْعو بذَاك الدّحَجانَ الدّارِجا |
أفائج وأفاوج يجمع أفْواج ، أي باتَتْ تَقْرُب الماء فَوْجاً بعد فوج ، قد رَكِبَتْ رؤوسها لقرب الماء ، وقال العجاج يصف القمة :
ويأمر البعّال أن يموجا |
وجبل الأمرار أن يفيجا |
يفيج : يجري.
* في النّفْر حين رِيعَ واستُفيجا*
أي استُجِفَ ففاج يفيج.
أبو عُبيد ، عن الفرّاء : أفاجَ الرجلُ في الأرض ، إذا ذَهبَ فيها.
وأنشد :
* لا تَسْبِق الشَّيْخَ إذا أفَاجَا*
وقال ابن شميل : الْفَائِجة ، كَهَيئَةِ الوادي بين الجبلين ، أو بين الأبْرَقَين ، كَهَيئة الخَليف إلّا أنها أوسع ، وجمعها فوائِج.
وجف : قال الله جلّ وعزّ : (قُلُوبٌ يَوْمَئِذٍ واجِفَةٌ (٨) أَبْصارُها خاشِعَةٌ (٩)) [النازعات : ٨ ، ٩].
قال الزّجاج : واجِفَةٌ ، شديدة الاضْطراب.
وقال قَتادة : وَجَفتْ ممّا عَايَنتْ.
وقال ابن الكلبيّ : واجِفَةٌ ، خائِفَة ، وقول الله جلّ وعزّ : (فَما أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلا رِكابٍ) [الحشر : ٦] ، يعني ما أفَاءَ اللهُ على رسوله من أمْوال بني النَّضِير ، مما لم يُوجف المسلمون عليه خَيْلاً ولا ركاباً ، والرِّكاب : الإبل ، والوَجيف : دُونَ التَّقريب من السَّير.
يقال : وَجَفَ الفَرَسُ وأوْجَفْتُه أنا.
وقال اللّيث : الْوَجْفُ : سُرَعة السَّير.
يقال : وَجَفَ البعيرُ يَجِفُ وجِيفاً ، وأوْجَفَهُ رَاكِبُه.
قال : ويقال : رَاكِبُ البَعيرِ يُوضِع ، وراكبُ الفرس يُوجِف.
قلت : الوَجِيفُ يصلُحُ للبعير والفرس.
ويقال : اسْتوجَفَ الحُبُّ فُؤادَه : إذا ذَهَب به ، وأنشد :
ولكِنَّ هذَا الْقَلبَ قَلْبٌ مُضَلَّلٌ |
هَفَا هَفْوَةً فاسْتَوجَفَتْهُ المقادِرُ |
[باب الجيم والباء]
ج ب (وا يء)
جبا ، جاب ، جأب ، جبأ ، باج ، وجب.
جبأ : أبو عبيد ، عن الأصمعيّ : الْجَبا مَقْصُورٌ ما حَوْلَ البئر ، والجِبا بِكسر الجيم : ما جَمَعت في الحوض من الماء ، ويقال له أيضاً : جُبْوَةٌ وجِباوَةٌ. قلت :
الجِبَى ما جُمع في الحوض من الماء الذي يستقى من البئر. قال ابن الأنباريّ وهو جمع جُبْيَة ، قال : والجَبَى ما حول الحوض يكتب بالياء ، والجَبَا : موضع.
الكِسَائيّ : يقال منه جَبَيْتُ الماءَ في الحوض أجبِيه جَبًى مقصور. وقال شمر : جَبَيتُ أجِبي جَبْياً ، وجَبَوْتُ أجْبُو جَبْواً وجِبَايَةً وجَبَاوةً ، والْجَابِي : الْجَرادُ.
وقال الهُذَليّ :
صَابُوا بِسِتَّةِ أبْيَاتٍ وأَرْبَعةٍ |
حَتَّى كأنّ عَلَيْهم جابياً لُبَدَاً |
وهَمَزَ الأصمعيّ : الْجَابئُ ، الجَرادُ.
ثعلب ، عن ابن الأعرابيّ ، العرب تقول : إذا جَاءَت السّنَةُ جاء معها الْجَابي والْحَابي ؛ فالجابي : الجرادُ ، والحابي : الذِّئب ولم يهمِزْهما قال شمر : أخبرني يزيد بن مُرة عن أبي الخطاب قال : الاجباء : بيع الحرث قبل صَلاحه. قلت : أبو الخطاب هو الأخفش الكبير ، وهو من الثقات.
وقال الفراء في قوله تعالى : (وَإِذا لَمْ تَأْتِهِمْ بِآيَةٍ قالُوا لَوْ لا اجْتَبَيْتَها) [الأعراف : ٢٠٣] معناه : هَلاً اجتَبَيتَها ، هلا اخْتلقتها وافْتَعَلَتها من قِبلَ نفسِك وهو في كلام العرب جائز أنْ تقول : لقد اختارَ لك الشيءَ واجْتبَاهُ وارْتَجَلَه.
وقال الله : (وَكَذلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ) [يوسف : ٦].
قال الزّجّاج : معناه ، وكذلك يَختارُك ويَصْطَفِيكَ ، وهو مشتق من : جَبَيْتُ الشيء ، إذا حَصّلْتَه لنفسِك ، ومنه : جَبَيْتُ الماءَ في الْحَوْض.
قلت : وجِبَايَةُ الخَرَاج جَمْعُه وتحْصِيلُه ، مأخُوذة منه.
وفي حديث وائل بن حجر أنَّ النبي صلىاللهعليهوسلم : كتبَ له في كتابه : «وَمَنْ أَجْبَى فقَدْ أرْبَى».
قال أبو عُبَيد : الإجْبَاءُ بَيْعُ الحَرْثِ قبلَ أن يَبْدُوَ صَلاحُه ، وقيل : «مَنْ أَجْبَى فقَدْ أَرْبَى» ، أي من عَيَّنَ فقد أرْبَى.
أخبرني المنذريُّ ، عن ثعلب أنه سُئِلَ عن قوله : «من أجْبَى فقد أربى».
فقال : لا خِلافَ بيننا ، أنهُ من باع زَرْعاً قبل أن يُدْرِك ، كذا قال أبو عبيد ، فقيل له : قال بعضهم : أخطأ أبو عُبيد في هذا ، من أين كان زَرْعٌ أيام النبي عليهالسلام؟ فقال : هذا أحْمق. أبو عبيد تَكَلّمَ بهذا على رؤوس الخَلْق وتكلم بعده الخلقُ من سنة ثمانَ عشْرَة إلى يومنا هذا لم يُرَدّ عليه.
وأخبرني ابن هاجَك ، عن ابن جَبَلة ، عن ابن الأعرابيّ ، قال : الإجْبَاءُ أن يُغَيِّبَ الرجلُ إبلَه عن المُصَّدِّق ، يقال : جَبَأَ عن الشيء ، إذا تَوَارَى عنه ، وأجبَأْتُه ، إذا
وَارَيْتَه ، وجَبَأَ الضَّبُّ في جُحْره إذا اسْتَخْفَى ، ورَجُلُ جُبَّأٌ جَبَأٌ ، وأنشد :
فما أنا من رَيْبِ الزَّمانِ بِجُّبَّأٍ |
وما أنا مِنْ سَيْبِ الإله بآيِسِ |
وحدثنا السعدي عن علي بن حرب ، عن محمد بن حُجر ، عن عمه سعيد ، عن أبيه ، عن أمه عن وائل بن حُجر ، قال : كتب لي رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «لا جَلَبَ ولا جَنَب ولا شِغار ولا رِواط ، ومن أجْبَى فقد أرْبَى» وفسّر من أجبى فقد أربى ، أي من عيَّن فقد أربى ، وهو حسن.
ثعلب ، عن ابن الأعرابيّ : جَبَأتُ عليه ، خرجتُ عليه ، وجَبأت عنه ، إذا تواريت.
أخبرني المنذرِيّ عنه به.
أبو زيد : يقال : جَبأتُ عن الرَّجل وغيره جُبُوءاً ، إذا خَنَسْتُ عنه.
وأنشد :
وهلْ أنا إلّا مِثلُ سَيِّقَةِ العِدَا |
إن استَقْدَمتْ نحْرٌ وإن جبأَتْ عَقْرُ |
ويقال : جَبَأَتْ عَلَيَّ الضّبُعُ جُبُوءاً ، إذا خَرجتْ عليك مِنْ جُحْرِها.
وقال الأصمعيّ : يقال للمرأة إذا كانت كريهة المَنظرِ لا تُسْتَحلَى : إنْ العيْن لَتُجبَأُ عنها.
وقال حُميد بن ثَوْر الهلالي :
ليستْ إذا سَمِنتْ بجابئةٍ |
عنها العُيونَ كريهةَ المَسِ |
أبو عُبيد ، عن الأصمعيّ : الجُبَّأُ مهموزٌ مقصور : الجَبَان.
أبو عمرو : الجبّأ : الناجي من الأمر الذي انفلت منه ، وأنشد :
* وما أنا من ريب المنون بجُبَّأ*
ويقال : جَبَأَ عليه الأسْوَدُ من جُحْرِه ، إذا خرج عليه ، يَجبَأ جَبْأ وجُبُوءاً ، وجَبَأْتُ عن أمر كذا وكذا إذا هِبتَهُ ، وارْتَدعتَ عنه. والجَبْأَةُ : خَشَبَةُ الحَذّاء.
وقال ابن الأعرابي وقال الجعديّ :
في مِرفَقيْهِ تَقارُبٌ وله |
بِرْكةُ زَوْرٍ كجَبْأَةِ الخزَمِ |
والجَبْأ : حُفْرَةٌ يستنقعُ فيها الماء. ويقال : الجَبْيُ للحفرة ، ويجمع جُبِيّاً.
قال جندل :
* مثل الجُبيّ في الصّفا الصهارج*
أَبو عُبيد ، عن الأصمعيّ : من الكمأَة والجَبَأَة. قال ، وقال أبو زيد : [الجِبَأَة] الحُمُرُ منها ، وواحد الجِبَأَة جَبْء ، وثلاثة أَجْبُؤ.
وأنشد ابن الأعرابيّ :
إنْ أُحَيْحاً ماتَ من غيرِ مَرَضْ |
ووُجْدَ في مَرْمَضهِ حيثُ ارْتمض |
عَسَاقِلٌ وجِبَأٌ فيها فَضَضْ
عَسَاقِل : بِيض ، وجِبَأ : سُود.
أبو زيد : أجبَأَتِ الأرض فهي مُجْبِئةٌ ، إذا كثُرَتِ جِبَأَتُهَا.
وقال أبو عمرو : الجُبّاءُ من النساء بوزن جُبّاع : التي لا تَروعُ إذا نَظرتْ.
وقال الأصمعيّ : هي التي إذا نَظَرت إلى الرّجال انْخَذَلَتْ راجِعَةً لِصِغَرِها.
وقال ابن مقبل :
وطَفْلَةٍ غيرِ جُبّاءٍ ولا نصفٍ |
مِنْ دَلِّ أمثالِها بادٍ ومكتومُ |
كأَنَّه قال : ليست بصغيرة ولا كبيرة.
ويُروَى : غير جُبّاع ، وهي القصيرة ، وقد مر تفسيره شبَّهها بسَهمٍ قصير يَرمِي به الصبيانُ : يقال له : الجُبّاع. ويقال : ناقةٌ بجَاوِيّةٌ ، تُنسبُ إلى بجَاوَة ، وهي أرض النوبة ، بها إبلٌ نجايب.
وقال الطرماح :
بَجَاوِيّةٍ لم تَسْتَدِرْ حولَ مَثْبِرٍ |
ولَم يَتَخَوَّن دَرَّها ضَبُّ آفِن |
وفي الحديث : أن وفد ثقيف اشترطُوا على رسول الله صلىاللهعليهوسلم : ألّا يُعشَروا ولا يُحشَروا ولا يُجَبُّوا. فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «لا خيْرَ في دِينٍ لا رُكُوعَ فيه».
قال شِمر : معنى قوله ألّا يُجَبُّوا ، أي ألا يَركعوا في صلاتهم ولا يسجدوا كما يفعل المسلمون ، والعَربُ تقول : جَبَّى فُلان تَجْبِيَةً ، إذا أكَبَّ على وجهه باركاً ، أي وَضَعَ يديه على ركبتيه مُنْحَنياً ، وهو قائم.
وفي حديث ابن مَسْعود : أنه ذكر القيامة والنْفْخَ في الصُّور ، قال : فيقومون فَيُجَبُّون تَجْبِيَةَ رَجلٍ واحد قياماً لرَبِّ العالمين.
قال أبو عُبيد : قوله يُجَبُّون ، التجْبِيَة تكون في حالين : أحدهما : أن يضع يَديه على رُكبتَيه ، وهو قائم ، وهذا هو المعنى الذي في الحديث ، ألا تراه قال : «قِياماً لرب العالمين»؟
والوجه الآخر : أن يَنْكَبَ على وجهه بارِكاً ، وهذا الوجه المعروف عند الناس وقد حمله بعض الناس على قوله : «فَيَخِرُّون سُجَّداً لربِّ العالمينَ». فجعل السجود هو التّجْبِيَة.
ثعلب ، عن ابن الأعرابيّ : جَبَى المالَ يَجبِيهِ ، وجَباهُ يَجْبَاه ، قال : وهذا ممَّا جاء نادراً ، مثل أبَى يَأبَى.
جوب ـ جيب : قال الله جل وعز : (وَثَمُودَ الَّذِينَ جابُوا الصَّخْرَ بِالْوادِ (٩)) [الفجر : ٩].
قال الفراء : جابُوا : خرقوا الصّخْر ، فاتخذوه بيوتاً فارِهين. ونحو ذلك.
قال الزَّجاج : واعتبره بقوله (وَتَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبالِ بُيُوتاً فارِهِينَ) [الشعراء : ١٤٩].
وقال الليث : الجَوْبُ قطعك الشيءَ كما يُجاب الْجَيبُ ، يقال : جَيْبٌ مَجُوبٌ ومُجَوَّبٌ ، قال : وكل مُجَوَّفٍ وسطُه فهو
مَجُوبُ. وقال الراجز :
* واجتَابَ قَيظاً يَلْتَظِي التظَاؤُها*
اجْتَابَ لَبِسَ.
أبو عُبَيد ، عن اليزيدي : جُبْتُ القميص ، إذا قَوَّرتَ جَيْبَه ، وجَيَّبْتُهُ ، إذا عَمِلْتَ له جَيْباً.
شَمرٌ ، سمعت سلمة يقول : جِبتُ القميصَ وجُبْتُهُ ، وأنشد :
باتتْ تَجِيبُ أدْعَجَ الظلامِ |
جَيْبَ البَيَطْرِ مِدْرعَ الهُمامِ |
ابن بُزُرْج : جَيَّبتُ القميصَ ، وجَوَّبْتُه.
أبو عُبيد : الْجَوبُ التَّرْسُ ، وكذلك قال غيره.
وقال الليث : الجوابُ رَدِيدُ الكلام ، والفعل : أجَابَ يُجِيبُ. ومن أمثال العرب : أساءَ سَمْعاً فأسَاءَ جابةً.
قال أبو الهيثم : جابةٌ اسمٌ يقوم مقام المصدر ، وهو كقولهم : المالُ عارةٌ ، وأطعتُهُ طاعةً ، وما أُطيق هذا الأمر طاقَةً ، فالإجابة مصدرٌ حقيقيّ ، والجابه اسمٌ ، وكذلك الجواب ، وكلاهما يقومان مقَامَ المصدر.
وقال الله تعالى : (وَإِذا سَأَلَكَ عِبادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذا دَعانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي) [البقرة : ١٨٦].
قال الفراء ، يقال : إنها التّلْبِية.
وقال الزَّجاج : أي فَلْيُجِيبوني ، وأنشد :
وداعٍ دعا يا مَنْ يُجِيبُ إلى النَّدى |
فلم يَسْتَجِبْهُ عند ذاك مُجِيب |
أي فلم يُجِبْه أحد.
وجَيْبُ الليل : الصُّبح. قاله شمر.
قال العجاج :
حتى إذا ضوءُ القميص جَوَّبا |
ليلا كأثناء السَّدوس غَيْهبا |
جَوَّبَ : نَوَّر ، وكشف ، وجلى.
وروى خالد الحذَّاء عن أبي قُلابَة عن ابن عمر أن رجلاً نادى : يا رسول الله ، أي الليل أجوَبُ دعوة؟ قال : «جوف الليل الغابر».
قال شمر : قوله أجوَبُه من الإجابة ، أي أسرعه إجابة ، كما يقال أطوعُ من الطاعة. قال : والأصل جاب يجوب ، مثل طاع يطوع.
وقال الفراء : قيل لأعرابي يا مُصاب ، فقال : أنت أصوبُ مني. قال : وأصل الإصابة من صاب يَصُوب إذا قَصَد.
ويقال : جُبْتُ البلدَ أَجُوبُهُ جَوْباً ، إذا قطعْته ، واجْتَبْتُه مثله ، ويقال : اجْتَاب فلانٌ ثوباً ، إذا لبسه. وأنشد :
تحسَّرَتْ عِقَّةٌ عنها فأَنْسَلهَا |
واجتاب أخْرَى جديداً بعد ما ابْتقلا |
واجتاب : احتفر ، ومنه قول لبيد :
تجتابُ أَصْلاً قائماً مُتَنَبِّذاً |
بِعُجُوبِ أنقاءٍ يميلُ هيامُها |
يصفُ بقرة احتفرت كِناساً تكْتَنُّ فيه من المطر في أَصْلِ أرْطاةٍ ، ورجلٌ جَوَّابٌ ، إذا كان قَطَّاعاً للبلاد ، سيَّاراً فيها. ومنه قول لقمان بن عاد في أخيه :
* جوَّاب ليلٍ سَرْمد*
أراد أنَّه يَسْرِي ليله كُلَّه.
والجوْبةُ : شبْهٌ رَهْوَةٍ تكون بين ظَهْرانَيْ دُور قوم يسيل إليها ماء المطر ، وكلُّ مُنْفَتقٍ يتَّسِع فهو جَوْبةٌ.
وقال ابن شُميل : الْجَوْبةُ من الأرض الدَّارةُ من المكان المُنجَاب ، الوطىء القليل الشَّجر ، سُمِّي جَوْبة لانجيَابِ الشَّجرِ عنه ، مثل الغائِط المستدير لا يكونُ إلا في جَلَدِ الأرض ، والجميع جَوْبات وجُوب.
أبو عُبيد ، عن أبي عُبيدة : جَابةُ المِدْرَى من الظِّبا ، غير مهموز حين طلع قرْنُه.
ويقال : الملساءُ اللَّيِّنَة القَرْن.
وقال شمر : جابةُ المِدْرَى أي جائِبَتُه ، أي حين جاب قَرْنُها الجِلْدَ فطلع. وهو غير مهموز. والجوْبُ : التُّرس.
قال لبيد :
فأجازني منهُ بطِرسٍ ناطقٍ |
وبكلِّ أطلسَ جَوْبُه في المِنْكبِ |
يعني بكل حبشيّ جَوْبه في منكبه.
جاب : ثعلب ، عن ابن الأعرابي : جَأَبَ وجَبَأَ ، إذا باعَ الجَأْبَ ، وهو المَغْرَةُ.
قال : والجأبُ : الكَسْب. وقال غيره : الْجَأْبُ أيضاً : السُّرّة.
أبو عُبيد : الجَأبُ الحمارُ الغليظ ، وكاهلٌ جَأبٌ : غليظ ، وخَلْقٌ جَأب : جافٍ غَليظ.
وقال الراعي :
فلمْ أَر إلَّا آل كلِّ نجِيبةٍ |
لها كاهلٌ جَأبٌ وصلْبٌ مُكَدَّح |
ابن بزُرْج : جَأبةُ البَطْنِ ، وجبْأتُهُ مَأنتُه ويقال : هل سمعتَ جَائِبَةَ خبَر. وقال : يتنازعون جَوَائِب الأمثال ، يعني سرائر تَجُوبُ البلاد. وفلان فيه جَوْبان من خُلُق ، أي ضَرْبان ، لا يثبت على خُلُق واحد.
قال ذو الرّمة :
* جُوبَينِ من هماهِمِ الأغْوال*
أي تسمع ضربين من أصوات الغيلان.
وفلان جَوَّاب جَأَّاب يجُوب البلادَ ويكسِب المال.
بوح ـ باج : ثعلب ، عن ابن الأعرابيّ : باجَ الرّجُل يَبُوجُ بَوْجاً ، إذا أَسْفَرَ وَجهه بعد شُجوبِ السّفَر ، وباجَ الْبَرْقُ يَبُوج بَوْجاً
وبَوَجَاناً ، إذا بَرَقَ ، وتَبَوّجَ تَبَوُّجاً : مِثْله.
ابنُ بُزُرْج : بَعِيرٌ بائج ، إذا أعْيَا ، وقد باج ، وبُجْتُ أنا : مَشَيْتُ حتى أَعْيَيْتُ ، وأنشد :
قد كُنت حِيناً تَرْتجِي رِسْلَهَا |
فاطّرَدَ الحائِلُ والبائج |
يُريدُ الْمُخِفُّ والمُثْقَل.
وقال الأصمعيّ : يقال انْبَاجَ البَرْقُ انبِيَاجاً ، إذا تَكَشَّفَ ، وانبَاجَتْ عليهم بَوَائِجُ مُنْكَرَة ، إذا تَفَتّحَت عليهم دوَاهي.
وقال الشَّماخُ يَرثي عمرَ رضياللهعنه :
قَضَيْتَ أُمُوراً ثُمّ غَادَرْتَ بَعدَها |
بِوائِجَ في أكْمَامِها لم تُفَتّقِ |
والبائج عِرق في باطن الفخِذ ، قال الراجز :
* إذا وَجَعْنَ أبْهَراً وبايجا*
وقال جندل :
* بالكاسِ والأَيدي دَمُ البوائج *
يعني العروق المُتَفَتِّقَة.
أبو عُبيد ، عن الأصمعيّ : جاءَ فلان بالبائِجَة والفَلِيقَةِ ، وهي من أسماءِ الدّاهِيَة.
وقال أبو زيد : الباجَةُ الاخْتِلاط.
ثعلب ، عن ابن الأعرابيّ : البَاجُ يُهْمَز ولا يُهْمَز ، وهو الطريقة من المَحَاجّ المُسْتَوِيَة ، ومنه قول عُمر : «لأَجْعَلَنَّ النَّاس بَاجاً واحداً
أي طريقة واحدة في العطاء ، ويجْمع بَأْج على أَبْؤُج.
وقال ابن السّكّيت : يقال : اجْعَلْ هذا الشَّيء بَأْجاً واحداً مهموزاً.
قال : ويُقال أوَّل من تَكَلَّم به عثمان ، أيْ طَريقة واحدة ، ومثله : الْجَأْشُ ، والْفَأْسُ ، والرَّأْس.
وجب : ثعلب ، عن ابن الأعرابيّ : الوَجْبُ والقَرْعُ : الذي يوضع في النِّصال والرِّهان ، فمن سَبَق أخذَه.
وقال أبو إسحاق في قول الله جَلَّ وعَزَّ : (فَإِذا وَجَبَتْ جُنُوبُها فَكُلُوا مِنْها) [الحج : ٣٦].
أي سَقَطَتْ إلى الأرض جُنوبُها ، فَكُلوا منها. قال : ويقال : وَجَبَ الحائط يَجِب وَجْبَةً ، أي سَقَط ، وَوَجَب القَلْب ، يَجِبْ وَجِيباً : إذا تَحَرَّكَ من فَزَع ، وَوَجَب البيعُ وُجوباً وجِبَةً ، والمُسْتَقْبَلُ في كُلِّه يَجِبُ.
وقال الأصمعيّ : وجَبَ القَلْبُ وَجِيباً إذا خفَق ، ووجبت الشمس تَجِبُ وجوباً إذا سَقَطت ، ويقال للبَعير إذا بَرك وضرب بِنَفْسِهِ الأرْض ، قد وَجَّبَ تَوْجِيباً ، وأوْجَب فلانٌ البيعَ إيجاباً ، وفلان يَأكل كل يوم وَجْبَةً ، أي مرّةً واحِدة ، وقد وَجَّبَ لِنَفْسِه تَوْجيباً.
وفي الحديث : «من فَعل كذا وكذا فَقَدْ أَوْجَبَ» ، أي وَجبتَ له الجنَّة أو النار.
والمُوجِباتُ : الكبائِرُ من الذنوب الّتي
أوْجَبَ الله بها النار.
حدَّثنا السعديُّ قال : حدثنا ابن عفان عن ابن نمير ، عن الأعمش ، عن إبراهيم عن أبيه ، قال : قال أبو ذَرٍّ : كنتُ مع رسول الله صلىاللهعليهوسلم حين وَجَبَت الشمس. فقال : يا أبا ذرّ ، هل تدري أين ذَهَبَتْ؟ قلت : الله ورسوله أعلم. قال : فإنها تذهب حتى تسجد بين يدي ربها تستأذن في الرجوع لها مكانها قد قيل لها ارجعي من حيث جئتِ ، فتطلع وذلك مستقر لها.
وفي الحديث : أنَّ أقْوَاماً أتَوا النَّبي صلىاللهعليهوسلم ، فقالوا : يا رسولَ الله ، إنَّ صاحباً لَنَا أوْجَب ، فقال : «مُرُوهُ فَلْيَعْتِقْ رَقَبة».
قال هُدْبَة بن خَشْرَم :
فقلت له لا تَبْكِ عينُك إنّه |
بكَفَّي ما لاقيتُ إذ حانَ مَوْجِبي |
أراد بالموجِبِ موتَه ، يقال : وَجَبَ : إذا مات مَوْجِباً. وأنشد الفراء :
وكأن مُهرِي ظل محتفراً |
بقفا الأسنة مَغْرَةَ الجَأْبِ |
والجأْبُ : ماء لبني الهُجَيم عند مَغْرَة عندهم. وقال الليث فيما قرأت له في بعض النسخ : المُوَجَّبُ من الدواب الذي يفزع من كل شيء ، قلت : ولا أعرفه.
وأخبرني المنذريّ عن ثعلب أن ابن الأعرابيّ أنشده :
ولستُ بدُمَّيْجَةٍ في الفراش |
ووَجَّابةٍ يَحْتَمِي أن يُجيبا |
|
ولا ذي تلازم عند الحِيَاضِ |
إذا ما الشّريبُ أنابَ الشّريبا |
قال : وجّابةٌ : فرق ، دُمَّيجة : يندمج في الفراش.
ابن السكيت ، عن أبي عمرو : الْوَجِيبَة أنْ يُوجِبَ الرجلُ البَيْعَ على أنْ يأخُذَ منه بعضاً في كلِّ يوم ، فإذا فَرَغَ قيل : قَد اسْتَوْفَى وَجِيبَتَه.
أبو زَيد ، يقال : وَجَّبَ فلان عِيَالَه تَوْجِيباً إذَا جَعَلَ قُوْتَهُمْ كُلّ يوم وَجْبَة.
قال شَمِر : وأقرأنا ابنُ الأعرابيّ لِرُؤْبَة :
فَجَاء عَوْدٌ حِنْدِفِيٌّ قَشْعَمُهْ |
مُوَجَّبٌ عَاريّ الضُّلوعِ جِرْضِمُه |
قال : مَوَجَّبٌ أي لا يَأكل في النهار إلا أكْلة واحدة ، جِرْضِمٌ : عَرِيضٌ ضَخْم.
وفي الحديث : «أنّ النبي صلىاللهعليهوسلم جَاء يَعودُ عبدَ اللهِ بن ثَابت فوَجَدَه قد غُلِبَ ، فاستَرْجَعَ ، وقال : غُلِبْنَا عليك يا أبا الرّبيع ، فَصاحَ النِّساءُ وَبَكَيْن ، فَجَعَلَ ابنُ عَتِيكٍ يُسَكِّتُهُنَّ ، فقال : رسول الله صلىاللهعليهوسلم دَعْهُنّ ، فإِذا وَجَبَ فلا تَبْكِيَنَّ باكية ، فقالوا : ومَا الوُجُوب؟ قال : إذا مَاتَ».
وقال بعض الأنصار :
أطاعَت بَنُو عوف أميراً نهاهم |
عن السِّلم حتى كانَ أولَ واجِبِ |
أي أول مَيِّت.
وفي «نوادر الأعراب» : يقال وَجَبتُه عن كَذَا ، ووَكَبتُهُ : إذا رَدَدتَهُ عنه ، حتّى طال وُجُوبُه ووُكُوبُه عنه. قال الدينوريّ في باب العسل : ويُوعَى العَسَلُ في الوِجَاب وهي أسقِيَةٌ عِظام ، وواحد الوِجَاب وَجْبٌ.
[باب الجيم والميم]
ج م (وا يء)
جما ، جيم ، وجم ، مأج ، أمج ، أجم ، موج ، جوم.
جما : سَلَمة ، عن الفرّاء : جُمَاءُ كلِّ شيءٍ حَزْرُه وَمِقدارُه ، مَمدود.
وقالَ ابن دريد : جَمَاءُ كلِّ شيءٍ شَخصه ، وأنشد :
* وقُرْصَةٍ مِثلَ جَمَاءِ التُّرْسِ*
ابن السّكّيت : تَجَمَّى القَومُ ، إذا اجْتَمَع بعضهم إلى بعض ، وقد تَجَمَّوا عليه.
وقال ابن بُزرج : جَمَاءُ كلِّ شيء اجتماعُه وحَركته ، وَأَنشد :
وبَظْرٍ قد تَفَلَّقَ عن شَفِيرٍ |
كأَنَّ جَماءَهُ قَرْناً عَتُودِ |
أبو بكر : يقال جَماءُ الترس وجُماؤه وهو اجتماعه ونتوّه ، قال : وجُماء الشيء قدره. أبو عُبيد عن أبي عمرو الجُماء : شخص الشيء تراه من تحت الثوب.
قال الشاعر :
فيا عجباً للحب داء فلا يُرى |
له تحت أثواب المحبِّ جُماءُ |
أبو عمر : التجمُّؤ : أن ينحِني على الشيء تحت ثوبه. الظليم يتجمَّا على بيضه.
جوم : أبو العباس ، عن ابن الأعرابيّ : الْجَامُ الفَاثُورُ من اللُّجيْن.
قال : ويُجمع على أَجْؤُم. قال : وجامَ يَجُومُ جَوماً ، مثل حام يَحُومُ حَوماً ، إذا طلبَ شيئاً خَيراً أو شرَّاً.
وقال الليث : الجَوْمُ كأَنَّها فارسية ، وهم الرُّعَاةُ ، أمْرُهُمْ وكلامُهُمْ ومَجْلِسُهُم واحِد.
وقال ابن الأعرابي : يقال يُجمع الجامُ جامَات ، ومِنْهم مَنْ يقول ، جُومٌ.
موج ـ مأج : ثعلب ، عن ابن الأعرابي : ماجَ في الأمرِ إذا دارَ فيه.
قال : والْمَيْجُ الاخْتَلاط.
اللّيث : المَوْجُ : ما ارتفَعَ من الماء فوقَ الماء ، والفِعل : ماجَ الْمَوْجُ.
وقال ابن الأعرابيّ : ماجَ يَمُوجُ إذا اضْطرب وتَحيَّر ، وماج البحرُ ، وماجَ النَّاس إذا دَخَلَ بَعضُهم في بعض.
والمُؤوجُ : مُؤوج الدَّاغِصَة ، ومُؤوج السِّلعة تَمَوُّرٌ بين الجِلْدِ والعظم ، ومن مهموزه : أبو عُبيد ، عن أبي زيد : الْمَأْجُ الماءُ
المِلح.
وقال ابن هَرْمَة :
فإنَّكَ كالْقَرِيحَةِ عام تُمْهَى |
شُرُوبُ الماءِ ثم تَعُودُ مأجَا |
وقال الليث : يقال مؤُجَ الماءُ ، يَمْؤُجُ مُؤُوجَةً فهو مَأجُ ، وأنشد :
* بأرْضٍ نَأَتْ عليها الْمُؤُوجَةُ والبَحْر*
وجم : قال الليث : الْوُجُوم السكوتُ على غَيْظ. يقال : رَأيْتُه وَاجماً.
أبو عُبيد : إذا اشتدَّ حُزْنُه حتى يُمْسِكَ عن الكلام ، فهو الواجِم ، وقد وَجَمَ يَجِمُ.
قال شَمِر ، قال أبو عُبيد : الْوَجَمُ جَبَلٌ صغير ، مِثل الإرَمَ.
وقال ابن شُميل : الْوَجَمُ حجارة مَرْكُومةٌ بعضها فوق بعض على رؤوس القُورِ والإكام ، وهي أغلظ وأطول في السماء من الأُرومِ.
قال : وحجارتها عِظامٌ كحجارة الصِّيَرةِ والأمَرَة ، لو اجتمع على حجرٍ ألفُ رجل لم يُحَرِّكوه ، وهي أيضاً من صَنعة عاد ، وأصلُ الوَجَم مُستَدِيرٌ ، وأعلاه مُحدَّد ، والجماعة الوُجُومُ.
وقال رؤبة :
وَهَامَةٌ كالصَّمِدْ بَيْنَ الأصْمَادْ |
أوْ وَجَم العَادِيّ بَيْنَ الأجْمَادْ |
قال شَمِر ، وقال ابنُ الأعرابي : بَيْتٌ وَجْمٌ وَوَجَمٌ ، والأوْجامُ : الْبُيوت ، وهيَ العِظَام منها.
وقال رُؤْبة :
* لَو كَانَ من دون رُكَامِ الْمُرتَكَم* |
* وأرْمُلِ الدهْنَا وَصَمَّانِ الْوَجَم * |
قال : الوَجَمُ الصَّمَّانُ نَفسُه ، ويُجمع أوجاماً. قال رؤبة :
* كَأَنَ أوجاماً وصَخْراً صَاخِراً*
أجم : قال الليث : يُقال أكَلْتُه حَتَّى أْجِمتُه.
أبو عُبيد ، عن الكسائي ، وأبي زيد : إذَا كَرِهَ الطعامَ فهو آجِم ، على فَاعِل ، وقد أجَم يَأْجَمُ.
وقال الأصمعيّ : ماءُ آجِنٌ وآجِمٌ إذا كان مُتَغَيِّراً.
وقال ابنُ الخَرْعِ :
ونَشْرَبُ أسْآرَ الحِياضِ تَسُوفُها |
ولَو وَرَدَتْ مَاءَ المُرَيْرةِ آجِمَا |
أراد آجِنَا.
وقال غيره : آجِمٌ بمعنى مأجومٌ ، أي تَأجِمُهُ وتَكرَهُه.
ويقال : أجَمت الشيء إذا لم يُوافِقكَ فكرِهتَه.
أبو عُبيد ، عن الأحمر : تَأَجَّمَ النّهار تأَجُّما إذا اشتَدّ حَرُّه. والأَجَمةُ : مَنْبِتُ الشجر ، كالْغَيْضة ، والجميع الآجام.
والأُجُم والأُطُم : الْقَصْر بلُغَة أهل
الحجاز ، وهي الآجام والآطام. قال :
* ولا أُجُماً إلَّا مَشيداً بجَنْدَل*
أمج : الأصمعيّ : الأَمَجُ تَوَهُّج الحَرِّ قال العجاج وأنشد :
* حَتَّى إذا ما الصَّيْفُ كان أمَجَا*
وقال الليث : أَمِجَت الإبل تأْمَج ، إذا اشتد بها حَرٌّ أو عطش.
عمرو ، عن أبيه : أَمَج ، إذا سَار سَيْراً شديداً ، بالتخفيف.
جيم : قال الليث والجيم من الحروف تؤنث ، ويجوز تَذْكيرها ، وقد جَيَّمتُ جيماً إذا كَتَبْتَها.
باب اللفيف من حرف الجيم
جو ، جوى ، جأى ، أجا ، جئاوة ، جيأه ، جا ، أجّ ، وجأ ، وجّ ، جؤجؤ ، جأْجاء ، أوجى ، جيّا ، يأجج ، جاجه ، يأجوج ، ويج.
جو : قال الليث : الجَوُّ الهواء ، وكانت اليمامَةُ تُسَمَّى جَوّاً ، وأنشد.
* أخْلَقَ الدّهْرُ بِجَوّ طَلَلَا*
قلت : الجَوُّ ما اتّسع من الأرض واطمأَنَّ وبرز ، وفي بلاد العرب أَجوِيَةٌ كثيرة يُعرف كل جو منها بما نُسِبَ إليه ؛ فمنها جوُّ غِطْرِيف وهو فيما بين السِّتار وبين الجماجم ، ومنها جوّ الخُزَامى ، ومنها جوّ الإحساء ، ومنها جوّ اليمامة ، وقال طرفة :
* خَلَالَكِ الجَوُّ فبيضي واصْفِرِي*
ويقال : هذا جوُّ مُكْلِىءٌ ، أي كَثير الْكَلأ ، وهذا جوٌّ مُمْرعٌ. وجوُّ السماء : الهواءُ بين السماء والأرض.
قال الله : (إِلَى الطَّيْرِ مُسَخَّراتٍ فِي جَوِّ السَّماءِ) [النحل : ٧٩].
ودَخَلتُ مع أعرابي دَخْلاً بالخَلصاءِ ، فلما انتهينا إلى الماء قال : هذا جوٌّ من الماء لا يوقف على أقصاه.
وقال ابن الأعرابي : الْجَوُّ الآخرَة.
وقال الليث : الْجِوَاء مَوضع. قال : والفُرْجَةُ التي بين مَحَلَّةِ القوم وسْط البيوت تُسَمَّى جِوَاءً ، يقال : نَزَلْنا في جِوَاءِ بَني فلان قلت : الجِوَاء جمع الجَوّ ، ومنه قول زهير :
* عَفَا مِنْ آلِ فاطِمَةَ الجِوَاءُ*
ويقال : أراد بالجِوَاءِ موضعاً بعينه.
وقول الليث : الجِوَاءُ الفُرْجةُ وسْط البيوت لا أعرفه ، ويُجمع الجوُّ جواءً وهو عندي تصحيف وصوابه الحِواء وجمعه أحوية وقد يجمع الجوُّ جِواءً ، ومنه قوله :
أيا أُمَّ عَمْرٍو من يَكن عَقْرُ داره |
جِواءَ عَدِيٍّ يأكل الحشرات |
البيت يُروى للنابغة ولأوس بن حجر.
ورُوِي عن سَلمان ، أنه قال : لكل أمرىء جَوّانيّاً وبَرّانيّاً ، فمن أصْلَحَ جوّانيَّهُ أصلَحَ
اللهُ بَرّانيَّة ، ومَنْ أفْسد جوّانيّه أفسد الله بِرانيَّة.
قال شمر ، قال بَعْضهم : عَنَى بِجَوّانِيِّه سِرَّه ، وبِبَرّانيِّه عَلَانِيَّه.
قال : وجوُّ كل شيء بَطْنُه وداخِله ، وهو الجَوّه بالهاء أيضاً ؛ وأنشد قوله :
يَجْرِي بِجَوّتِهِ مَوْجُ الْفُرَاتِ كأَن |
ضَاحِ الخُزَاعِيِّ جازَت رَنْقَه الرِّيحُ |
قال : جَوّتُه : بَطنُ ذلك الموضع.
وقال آخر :
لَيست تَرَى حولها شخصاً وَراكبُها |
نَشْوانُ في جَوّةِ الْباغُوتِ مَخمورُ |
قال شمر ، قال ابن الأعرابيّ : الْباغُوت مَوْضع ، وجوَّتُه : دَاخِلُه ، وقال قَتَادة في قول الله : (فِي جَوِّ السَّماءِ) [النحل : ٧٩] في كَبِدِ السماء ، ويقال كُبَيداء السماء.
جوى : قال الليث : الجَوَى مقصور ، كلُّ داءٍ يَأْخُذُ في الباطن لا يُستَمرَأَ معه الطعام.
يقال : رَجلٌ جَوٍ ، وَامرأةٌ جَوِيَةٌ كما ترى ، وَاستَجْوَينا الطّعامَ واجتَوَينَاه ، وصار الاجتواء أيضاً لما يُكرَهُ ويُبْغَض.
وفي الحديث : «أنَّ وَفْدَ عُرْينَة قَدِمُوا المدينة فاجتَوَوْها».
قال أبو عُبيد : قال أبو زيد : «اجَتَويت البلاد إذا كَرِهْتها ، وَإن كانت مُوافِقَةً لك في بَدَنك ، واسْتَوْبَلَتها إذا لم تُوَافِقك في بدنك وإن كنتَ مُحِبّاً لها.
قلت : قال أبو زيد في «نوادره» : الاجتِوَاء النزاعُ إلى الوَطن ، وكراهَةُ المكان الذي أنت به وإن كنتَ في نِعمة.
قال : وإن لم تكُن نازِعاً إلى وَطنك فأَنت مُجتوٍ أيضاً.
قال أبو زيد : وقد يكونُ الاجتَوَاءُ أيضاً ألا تَسْتمرىءَ الطعامَ بالأرض ولا الشَّراب ، غير أنك إذا أحبَبْتَ المقامَ بها ولم يُوافِقك طعامُها ولا شَرابُها ، فأَنتَ مُسْتوبِل ، ولستَ بمجتَوٍ.
قلت : جعل أبو زيد الاجتَوَاء على وَجْهين.
وقال ابن بُزرْج : يقال للذي يجتَوِي الْبَلَد : به اجتِوَاء ، وجوًى مَنْقوص ، وَجِيةٌ.
قال : وحَقَّرُوا الجِيَةَ جُيَيَّة.
حدَّثنا السعديُّ عن الرماديّ عن يزيد بن هارون عن العوام بن حَوْشَبِ ، عن جَبَلةً بن صُحَيْم ، عن مُؤثر بن عفازة عن عبد الله ، قال : «لما كانت ليلة أسري برسول الله صلىاللهعليهوسلم ، لقي إبراهيم وموسى وعيسى ، فتذاكروا الساعة ، ورَدّوا الحديث إلى عيسى فذكر الدَّجال وقتلَهُ إياه ، وخروج يأجُوج ومأجُوج ، وإفسادهم الأرض ، ودعاءه عليهم فيموتون ، وتَجوى الأرضُ من
ريحهم».
ثم ذكر الحديث بطوله : قال أبو عُبيد : قولُه تجتَبىء الأرضُ منهم ، أي تُنِتن ، وهو جَوٍ من أي مُنْتِن ؛ وأنشد :
ثمَّ كان المِزاجُ ماءَ سحاب |
لا جَوٍ آجنٌ ولا مطروقٌ |
قال : الجَوِي المنْتنُ المتغيّر. وقال :
بَسَأْتَ بَنِيهَا ؛ وجَوِيتَ عنها |
وعندي لو أرَدْتَ لها دواء |
جويت عنها : أي لم تُوافقك فكرهتها.
أبو عبيد : الْجَوى الْهَوى الباطِن.
وقال ابن السِّكِّيت : رَجُلٌ جَوِي الجَوْف : وامْرَأَةٌ جَوِيَة ، أيْ دَوِي الْجَوف.
أبو عُبيد ، عن أبي زيد : جَوِيَتْ نفْسِي جَوًى ، إذا لم توافِقك البِلاد.
قال ، وقال أبو عمرو : الْجِواءُ الواسعُ من الأوْدِية ، وأنشد :
* يمْعَسُ بالماءِ الْجِوَاءُ مَعْساً*
جأى : قال الليث : الجُؤْوَةُ بوزن الجُعْوَة : لَوْنُ الأجْأَى ، وهو سوادٌ في غُبْرَةٍ وحُمْرَة.
أبو عُبيد عن الأصمعيّ : يقال : كَتِيبَةٌ جَأْوَاءُ إذا كانت عليتها صَدَأُ الحديد.
قال : وإذا خَالَطَ كُمْتَةَ البعيرِ مثلُ صَدَأ الحديد ، فهو الجُؤْوَة ، وبَعيرٌ أَجأَى.
قال ، وقال الأُمويّ : الجُوَّةُ غير مهموز : الرُّقعة في السِّقاء.
يقال : جَوَّيتُ السِّقَاءَ : رَقَعْتُه.
وقال شمِر : هي الجُؤْوَةُ ، تَقديرُ الجُعْوَة.
يقال : مِقَاءٌ مُجْئِيٌ ، وهو أنْ يُقَابِلَ بين الرُّقعتين على الوَهْيِ من ظَاهرٍ وباطن.
قال شمر : وكلّ شيءٍ غَطَّيتَه أو كَتَمْته ، فقد جَأَيتَه.
قال : وقال أبو زيد : جَأَيت سِرَّه كَتَمته ، وما يَجأَى سِقاءُك شَيْئاً ، أي لا يَحبِس الماء ، وما يَجأَى الرَّاعي غَنَمه ، إذا لم يَحفَظها.
ثعلب ، عن ابن الأعرابيّ ، يقال : فلان أحْمَق ما يَجأَى مَرْغَه ، أي لا يَسْتُر لُعَابَه.
قال : وجأَى ، إذا مَنَعَ.
وقال شِمر : جَيَّأْتُ الْقِرْبةَ خِطتُها. وأنشد :
تخَرّقَ ثَفْرُها أيام خُلَّتْ |
على عَجَلٍ فَجِيبَ بها أَدِيمُ |
|
فَجيَّأَها النساءُ فخان منها |
كَبَعْثَاةٌ ورَادِعَةٌ رَدُومُ |
أبو عُبيد ، عن الأصمعيّ ، والفراء : الْجِئَاوَةُ مثل فِعالة : الشيءُ الذي يوضع عليه القِدْرُ إن كان جِلداً ، أو خَصَفَةً أو غيرها.
قال ، وقال الأحمر : هي الْجِئَاءُ ، والجِواءُ أيضاً.
وفي حديث عليّ : «لأنْ أَطَّلِيَ بجِواءِ جِلْدٍ أحَبّ إليّ من أن أطَّلِيَ بزعْفَران».
قال : وجمْع الجِئَاء أَجِئيَة ، وجمع الجِوَاءَ أَجْوِية.
وقال شمر : قال الفراء : جأَوْتُ البُرْمَةَ إذا رَقعتها ، وكذلك النّعل ، وقد جأَى على الشيء إذا عَضَّ عليه.
أبو عدنان ، عن أبي عُبيدة : أَجِئْ هذا ، أي غَطّه.
قال لبيد :
* حَوَاسِرُ لا يُجِئنَ عَلَى الْجِذَام*
أي لا يَسْتُرْنَ. ويقال : أحيءْ عليك ثَوْبك.
ابن السّكّيت : امرأَةٌ مُجَيَّأَةٌ ، إذا أُفضِيَتْ ، فإذا جُومعَتْ أَحْدَثت ، ورجل مُجَيَّأ ، إذا جامعَ سلح.
وقال الفرّاء في قول الله : (فَأَجاءَهَا الْمَخاضُ إِلى جِذْعِ النَّخْلَةِ) [مريم : ٢٣] هو من جِئْتُ ، كما تقول : فجاءَ بها المخاض ، فلمَّا أُلقِيَت الباءُ جُعل في الفعل ألف ، كما تقول : آتيْتُكَ زَيْداً ، تريد أتَيْتُكَ بزيْد.
ومن أمثال العرب : شَرٌّ ما أجَاءك في مُخَّةِ عُرْقوب ، ومنهم من يقول : شَرٌّ ما ألجَأَك. والمعنى واحد.
وتميم تقول : شَرٌّ ما أشاءَك ، وأنشد غيره :
وشَدَدْنَا شَدَّةً صادقَة |
فأجاءَتْكم إلى سَفْحِ الجبل |
وقال زهير :
وجارٍ سارَ مُعْتمداً إلينا |
أجاءَتْهُ المخافةُ والرّجاءُ |
أي ألجأتْه معنى قوله : إلى مُخَّةِ عُرقوب ، أن العرقوبَ لا مُخَّ فيه ، فلا يحتاجُ إليه إلا من لا يقدر على شيء.
قال أبو عبيد : ويُضرَبُ هذا لكلِّ مضطر إلى ما لا خير فيه ولا يَسُدُّ مَسَدّاً.
ثعلب ، عن ابن الأعرابيّ ، قال : جَايأَني الرجلُ من قُرْب ، أي قابلني ، ومَرّ بي مُجَايأَةً أي مُقَابَلة.
قلت : هو من جِئْتُهُ مَجيئاً ومَجِيئةً ، فأَنَا جاءٍ وجِيءَ به يُجاء به ، فهو مَجِيءٌ به.
أجأ : قال الليث : أَجَأٌ وسَلْمَى جَبَلا طيِء ، وإذا نُسب إلى أجأ قلت : هؤلاء أَجِئيُّون بوزن أجَعِيُّون.
وقال ابن الأعرابيّ : أَجَأَ ، إذا قَرَّ.
جأي : قال الليث : جِئاوَة اسمُ حَيٍّ من قيس ، قد دَرَجُوا ولا يُعْرفون.
جيأ : والجَيْأة : مُجْتمَعُ ماءٍ في هَبْطةٍ حَوالي الحصون.
أبو عُبيد ، عن الكسائيّ ، وأبي عُبَيدة ، والأمويّ : الجَيْأة الموضعُ الذي يجتمع فيه الماء.
شمر ، عن أبي زيد : الجَيْأَةُ الحُفْرَةُ العظيمة ، يجتمع فيها ماء المطر ، ويَشْرَعُ
الناسُ فيه حُشُوشَهُم.
قال الكميت :
ضفادعُ جَيْأَةٍ حَسِبَتْ أَضَاةً |
مُنَضِّبَةً ستَمْنَعُهَا وطيناً |
وقال الفرّاء : جاء فلانُ جَيْأَةً. قال : وأما الجِيَّةُ بغير همز ، فهو الذي يَسيل إليه المياه.
وقال الهُذَليّ :
من فوقه شَعَفٌ قُرٌّ وأسْفَلُه |
جِيءٌّ تَنَطَّقَ بالظَّيَّانِ والعُتُمِ |
وقال شمر : يقال له جِيَّةٌ وجَيأَةٌ ، وكلٌّ من كلام العرب.
وفي «نوادر الأعراب» يقال : قِيّةٌ من ماء ، وجِيّةٌ من ماء ، أي ماءٌ ناقعٌ خَبيث ، إمَّا مِلْحٌ ، وإما مَخْلوط بِبَول.
وقال الليث : الجائية ما اجتمعَ في الخُراجِ من المِدَّة والقَيْح ، يقال : جاءَتْ جائيَةُ الجِرَاح.
وفي حديث : يَأْجوجَ ومأجُوج «فَتَجْوَى منهم الأرض» قال أبو عُبيد : أيّ تُنْتِنُ ، وأنشد :
ثمّ كانَ المِزَاجُ ماءً سحابٍ |
لا جَوٍ آجِنٌ ولا مطرُوقُ |
قال : والجَوِي المُنْتِن ، والأجِنُ دونَه في التَّغيُّر.
أجج : ثعلب ، عن ابن الأعرابيّ : أَجَ في سيره ، يَؤُجُ أَجّاً ، إذا أسرع وهَرْوَل ، وأنشد :
* يؤُجُ كما أجَ الظَّليمُ المُنَفَّرُ*
وقال الليث : أجَّت النارُ تَؤُجُ أَجيجاً ، وأجَّجْتها تأجِيجاً ، وائتجَ الحَرُّ ائتجاجاً.
والأُجَاجُ : شِدَّةُ الحَرّ.
قال رؤبة :
* وحَرَّقَ الحَرُّ أجاجاً شاعلاً*
قال : والأُجاجُ الماءُ المُرَّ المِلْح ، قال الله تعالى : (وَهذا مِلْحٌ أُجاجٌ) [الفرقان : ٥٣] وهو الشديدُ الملوحة والمرارةَ ، مثل ماء البحر.
ويقال : جاءت أجَّةُ الصَّيف.
أبو عُبيد : الائتجاج : شدّة الحَرّ.
قال ذو الرمة :
* بِأجةٍ نَشَّ عنها الماءُ والرُّطَبُ*.
يأجوج : قال أبو إسحاق في «يأجوج ، ومأجوج» : هما قبيلان من خَلق الله ، جاءت القراءةُ فيهما بهمزٍ وبغير همز.
قال : وجاء في الحديث : «أنَّ الخلقْ من الناس عشرة أجزاء ، تِسْعة منها يأجُوج ومأجُوج» قال : وهما اسمان أعْجَميان واشتقاق مثلهما من كلام العرب يخرج من أَجَّتِ النار ، ومن الماءِ الأُجاج ، وهو الشّديد الملوحة والمرارة ، مثل ماء البحر ، المُحْرِق من مُلوحته ، ويكون التقدير في يأجوج يَفْعُول ، وفي مأجوج
مفعول.
قال : ويجوز أن يكون يَأْجوج فاعُولاً ، وكذلك مأجوج.
قال : وهذا لو كان الاسمان عَرَبِيَّين لكان هذا اشتقاقُهما ، فأما الأعجميَّة فلا تُشْتَقُّ من العربية.
عمرو عن أبيه : أَجَّجَ ، إذا حمل على العدوّ ، وجَأَجَ ، إذا وقف جُنْباً.
ويج : قال الليث : الوَيْجُ خَشبةُ الفَدَّان بلُغةِ عُمَان.
وجأ : في الحديث المرفوع : «من استطاع منكم الباءَة فَليَتَزَوَّج ، ومنْ لم يستطِعْ فعليه بالصَّوْم فإنه له وِجاء».
وقال أبو عُبيد : قال أبو زيد يقال للفحل إذَا رُضَّت أُنثيَاه : قد وُجِئَ وِجاءً ممدود ، فهو مَوجوءٌ ، وقد وَجَأتُه ، فأراد أنَّه يَقْطَعُ النِّكاح لأنَ المَوْجوءَ لا يَضْرِب.
وقال الليث : الوَجْءُ باليد ، والسِّكين.
يقال : أَجَأتُه أَجَؤُهُ وَجْأ مقصور.
وجا : وأما الوَجا فهو شدَّة الحَفَا. يقال : وَجِيَت الدّابةُ تَوْجَى ، وَجاً ، مقصور ، وإنّهُ لَيَتَوَجَّى في مِشْيته ، وهو وَجٍ.
وقال ابن السكِّيت : أَنْ يشتكِي البعيرُ باطنَ خفِّه ، والفرسُ باطن حافرِه.
قال : وقال أبو عُبيدة : الوَجَا : قبل الحَفا ، والحفا قبل النَّقَب.
ثعلب ، عن ابن الأعرابيّ : الوَجِئَة البقَرة.
ابن نَجدة ، عن أبي زيد : الوَجِيءُ : الخَصِيّ.
سَلَمةُ عن الفرّاء : يقال وَجَأْتَه وَوَجَيْتُه وِجاءً.
قال : والوِجاءُ في غيرِ هذا وِعاءٌ يُعمَلُ من جران الإبل ، تَجعلُ فيه المرأةُ غِسْلَتَها ، وقُماشَها ، وجمعه أَوجيَة.
عمرو عن أبيه : جاءَ فلانٌ مْوجًى ، أي مرْدُوداً عن حاجَته وقد أوْجَيْتُه.
وقال الليث : الإيجاءُ أنْ تَزْجرَ الرجلَ عن الأمر ، تقول : أوْجَيتُه فَرَجع.
قال : والإيجاءُ إن يَسأَلَ فلا يُعْطِي السائِلَ شَيئاً.
وقال رَبيعةُ بنُ مَقروم :
أَوْجَيْتُه عَنِّي فأَبْصَر قَصْدَه |
وكَوَيتُهُ فَوقَ النَّواظِر مِنْ عَلِ |
وقال :
فإنْ تَكُ لا تَصيدُ اليوم شيئاً |
فآب قميصُها أوجى وخابا |
أبو عُبيد ، عن الكسائيّ : أوْجيتُه أعطيتُه.
قال شمِر : لا أعْرِفه بهذا المعنى ، وأوْجيتُه : رَدَدتُه.
وقال غيره : حَفَر فَأَوْجَى ، إذا انتَهى إلى صَلابَة ولم يُنْبِط. قال : وأوْجى الصَّائِدُ إذَا أخْفَقَ ولم يَصِدْ ، وأوْجأَتِ الكَرِبَّةُ