تهذيب اللغة - ج ١١

محمّد بن أحمد الأزهري

تهذيب اللغة - ج ١١

المؤلف:

محمّد بن أحمد الأزهري


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار إحياء التراث العربي للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٣٤٧

الصِّلَة. قلت : الْجَفاءُ مَمدود عند النحويين ، وما عَلِمْتُ أحداً أجاز فيه الْقَصْرَ.

وقال الليث : والجَفْوَة ألْزمُ في تَرْك الصلّة من الجفاء ، لأنّ الجفاء قد يكون في فَعَلاته إذا لم يكن له مَلَقٌ ولا لَبَق.

حدثنا محمد بن إسحاق ، قال : حدثنا عليّ بن حرب ، قال : حدثنا المحاربيّ عبد الرحمن بن محمد ، قال : حدثنا محمد بن عمر ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة. قال : قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «الحياء من الإيمان ، والإيمان في الجنة ، والبذَاء من الجفاء ، والجفاءُ في النار».

قلت : يقال جَفَوْتُه أجْفُوه جَفْوَةً ، أي مَرَّة واحدة ، وجَفَاءً كثيراً ، مصدر عام ، والجفاءُ يكون في الخِلْقَة والخُلُق ، يقال : رجل جافِي الخِلْقَة ، وجافِي الخُلُقِ ، إذا كان كَزّاً غليظَ العِشْرة ، ويكون الْجفاء في سُوء الْعِشْرَة ، والْخُرْق في الْمعاملة ، والتَّحامل عند الْغَضَب ، والثَّوْرَة على الجليس.

ابن السِّكّيت ، يقال : جَفَوْتُه فهو مَجْفُوٌّ ، وجاء في الشِّعْر مَجْفِيّ ، وأنشد :

* مَا أنَا بالجَافِي ولا الْمجْفِيُ *

بُنِيَ على جُفِي فهو : مَجْفِيّ. والأصل مَجْفوّ.

جفأ : قال الله تعالى : (فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفاءً) [الرعد : ١٧].

قال الفراء : أصله الْهَمْز ، يقال : جَفَأَ الْوادِي غُثَاءَه جَفْأً ، وقيل الجُفَاء كما يقال الغُثاء ، وكلُّ مصدر اجتَمع بعضُه إلى بعض ، مثل الْقُماش ، والدُّقَاق ، والحُطام ، مصدرٌ يكونُ في مَذهبِ اسم على هذا المعنى ، كما كانَ العَطاءُ اسماً للإعطاء ، فكذلك القُماش ، لَوْ أرَدْت مصدراً ، قلت : قَمشْتُه قَمْشاً.

الحرّاني ، عن ابن السّكّيت ، قال : الجُفَاء ما جَفَأَةُ الوادِي إذا رَمَى به ، ويقال : جَفَأَتِ القِدْر بزَبَدِها.

وأخبرني أبو العباس ، عن ابن الأعرابيّ ، قال : يقال جَفَأْتُ الغُثاءَ عن الوَادي ، وجَفَأْتُ القِدْرَ ، أي مَسَحْت زَبَدَها الذي فوقَها من غَلْيها ، فإذا أمَرْتَ قلت : اجفَأْهَا ، ويقال : أجفَأَت الْقِدْرُ ، إذا عَلا زَبَدُهَا. وقال غيره : تصغير الجُفَاء جُفَيْءٌ ، وتصغير الغُثاء غُثَيُّ بلا هَمْز.

وقال الزّجاج : مَوضعُ قوله : (فَيَذْهَبُ جُفاءً) نَصْبٌ على الحال. قال : وقال أبو زيد : يقال جَفَأْتُ الرَّجلَ ، إذَا صَرَعْتَه ، قال : وأجفَأَت الْقدْرُ بزَبَدِها ، إذا ألْقَت زَبَدَها ، من هذا اشْتقاقه.

وروى ابن جبلة عن شِمر عن ابن الأعرابيّ : تجَفَّأت الأرضُ : إذا رُعِيَتْ.

١٤١

وأخبرني المنذري عن ثعلب عن ابن الأعرابي : جفأتُ النَّبْتَ واجتفأته ، إذا قلعته.

وأخبرني عن الطوسي عن أحمد بن الحارث عن ابن الأعرابيّ قال : تَجفَّأت الأرضُ إذا أكل نبتَها الجدْبُ.

قال : وقال في قوله : وتجتفِئوا بَقْلاً.

قال : تصيبوا بقلا ، وأنشد :

* فلما رأت أنَّ البلادَ تجفَّأتْ *

أي أُكل نبتها.

وقال أبو عَوْن الحِرمازِيّ : أجفَأَتُ الْبابَ وجَفَأْتَه ، إذا فتَحْتَه ، ويقال : جَفَأتُ القِدْرَ جَفْأً ، وكَفَأْتَها كَفْأً ، إذا قَلَبْتَها ، فصَبَبْتَ ما فيها ، حكاه النضر. وأنشد :

جَفْؤكَ ذَا قِدْرِكَ للضِّيفانِ

جَفْؤٌ على الرُّغفَانِ في الجفانِ

خَيرٌ من العَكِيسِ بالألبان

وفي الحديث : أنَّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم حَرَّمَ يَوْم خَيْبر الحُمُرَ الأهلِيَّة فَجفَئوا القدورَ» ويُروى : «فأجفئوا» أي قَلَبُوها وفرَّغُوها.

جوف ـ جيف : أبو عبيد عن الأُمويّ : رجل مَجْؤُوف مثل مَجعُوف : جائع ، وقد جُئِفَ.

قال أبو عبيد ، وقال الكسائي : جُيفَ فلانٌ وجُيثَ ، إذا ذُعر فهو مجؤوف ومجئوث.

وفي حديث المبعَثِ : «فجَثيت فَرَقاً حين رأيت جبريل.

وقال الليث : الجاف ضرب من الخوف والفزع.

وقال العجاج :

* كأن تحتي ناشِطاً مُجافاً*

ثعلب عن ابن الأعرابيّ : انجأفت النخلة وانجأَثَتْ ، إذا تقَعَّرت وسقطت.

قال الليث : الجَوْفُ معروف ، وجمعه أَجْوَاف ، والجَائِفَة الطَّعْنَةُ تدخل الْجَوْف ، والجَوْفُ خَلَاءُ الجَوْفِ ، كالْقَصَبَةِ الجوفاء ، والْجُوفَانُ جَمْعُ الأجْوَف.

أبو عُبيد ، عن الأصمعيّ الجَوْفُ المُطْمَئِنُّ من الأرض.

ثعلب ، عن ابن الأعرابيّ : الْجَوف الوادِي ، يقال : جَوْفٌ لَاخٌّ ، إذا كان عَميقاً ، وجَوْفٌ جِلْوَاخٌ : واسعٌ ، وجوف زَقَبٌ : ضَيِّق ، وباليمين وادٍ يقال له : الْجَوْف ، ومنه قول الراجز :

الْجَوْفُ خيرٌ لك من أَغْوَاطِ

ومِنْ أَلاءَاتِ وَمِنْ أُرْاطِي

وقال امرؤ القيس :

* وَوادٍ كَجَوْفِ الْعَيْر قَفْرٍ قَطَعْتُهُ*

أرادَ بِجَوْفِ العَيْرِ وادِياً بعَيْنِه أُضِيف إلى العَيْر ، وعُرِفَ به.

أبو عبيد : رَجُلٌ مُجَوَّفٌ ، جَبَانٌ لا قَلْبَ له ، ومنه قولُ حَسّان :

أَلَا أَبْلِغْ أبا سُفيَانَ عَنِّي

فَأَنْتَ مُجَوَّفٌ نَخِبٌ هَوَاءُ

١٤٢

أي خالي الجوفِ من القَلْبِ.

ويقال : جَافت الجيفة ، واجْتَافَت ، إذا انْتَنَتْ وأَرْوَحَتْ ، وجَيَّفَت الجِيفَةُ ، إذا أَصَلَّتْ ، وجمع الجِيفة ، وهي الْجُثَّةُ المَيْتَةُ والمُنْتِنَه : جِيَف.

ويقال : اجْتَافَ الثّوْرُ الكِنَاسَ ، إذا دَخل جَوْفَه ، والْجُوَافُ : ضَرْبٌ من السّمك الواحدةُ جُوَافَة. ويقال : أَجَفْتُ البابَ فهو مُجَافٌ ، إذا رَدَدْتَه.

وفي الحديث : «أَجِيفوا الأبوابَ ، واكْفِتُوا إليكم صِبْيانِكم».

ويقال : طَعَنْتُه فجُفْتُه أجُوفُه. وجافَه الدّواءُ فهو مَجُوفٌ ، إذا دخَل جَوفَه ، وَوِعاءٌ مُسْتَجَافٌ : واسعُ الجَوف ، قال الشاعر :

فهيَ شَوْهاءُ كالْجُوالِقِ فُوها

مُسْتَجَافٌ يَضِلُّ فيه الشَّكِيمُ

واسْتَجَفْتُ المكانَ : وجدتُه أجوَف.

عمرو ، عن أبيه : إذا ارتفَع بَلَقُ الفَرِس إلى حِقْوَيْهِ فهو مُجَوَّفٌ بَلَقاً ، وأنشدَ :

ومُجَوَّفٍ بَلَقاً مَلكْتُ عنانه

يَعْدو على خَمْسٍ قَوائمُه زَكا

أراد أنّه يعدو على خَمسٍ من الوَحْش ، فيَصِيدُها ، وقوائمه زَكاً ، أي ليْست خَمساً. ولكنها أزوَاج ، ملكْتُ عِنانه : أي اشتريتُه ولم أستعِرْه : وقال أبو عبيدة : فَرَسٌ أجوَف ، وهو الأبيض الْبَطْن إلى منتهَى الجَنبَيْن ، ولوْنُ سائِره ما كان ، وهو المُجوَّف بالبَلَقِ ، ومجوَّفٌ بَلَقاً ، وتَلْعَةٌ جائفةٌ قعيرة ، وتِلَاعٌ جَوائف ، وجوائفُ النّفس : ما تَقَعّرَ من الجوف ، ومقارّ الرُّوح.

وقال الفرزدق :

ألمْ يَكْفِينِي مَرْوَانُ لما أتَيْتُه

زِياداً ورَدّ النفْسَ بين الجَوائِفِ

وفي الحديث : «لا يَدخُلُ الجَنَّةَ ديْبوبٌ ولا جَيَّاف».

والجَيَّاف : النَّبَّاش ، سُمِّيَ جَيَّافاً لأنه يَكْشِفُ الثيابَ عن جِيَفِ الموتى. قال وجائز أن يكون سمي به لنتنِ فعله أي لقبح فِعله.

ابن شميل : الجُوفانُ ذَكَرُ الحِمار. وكانت بنو فزارة تُعَيِّر بأَكل الجُوفان. وقال سالم بن دارة يهجو بني فزارة :

أطعمتُمُ الضيفَ جُوفاناً مُخاتَلةً

فلا سقاكم إلهي الخالقُ الباري

أوله :

لا تَأْمَنَنَّ فَزارِيّاً خَلَوْتَ به

على قلوصِكَ واكتُبها بأَسْيار

لا تأمنَنْه ولا تأمَن بَوائقَه

بعد الذي امتلّ إير العَيْر في النار

وقال أبو عُبيد في قوله : لا تَنسَوا الجَوفَ وما وَعَى ، فيه قولان ، يقال : أَرادَ بالجَوفِ الْبَطْنَ والفَرْج ، كما قال : إنَّ أَخْوَفَ ما أخافُ عليكم الأجْوفان ،

١٤٣

وقيل : أراد بالجوف القَلْب ، وما وَعَى ، أي حَفِظَ من مَعْرِفَةِ الله.

فجأ : قال الليث : فَجَأَه الأمْرُ يَفْجَؤُه ، وفاجَأَه يُفاجِئُه ، وفَجِئَه يفجؤُه فجأَة ، وكلُّ ما هَجَمَ عليك من أمْرٍ لَمْ تَحتَسِبْه فقد فَجِئَكَ.

ثعلب ، عن ابن الأعرابيّ : أَفْجَأَ ، إذا صادَفَ صديقه على فَضيحة ، وأفْجَى : إذا وَسَّعَ على عياله في النَّفَقة ، قال : والأفْجَى المُتَبَاعِدِ الْفَخذَينِ الشَّديدُ الْفَجَجَ ، وهو الأفْجَجُ.

الأصمعيّ : فَجَا قَوْسَه يفجُوها ، وقَوْسٌ فَجْوَاءُ ، إذا بانَ وَتَرُها عن كَبِدِها ، ومن ثَمَّ قيل : وَسَطُ الدّار فَجْوَة ، ويقال : بفلان فَجاً شديد ، إذا كان في رِجْليه انتِفاخ ، وقد فَجِيَ يَفجَا فجاً.

ابن الأنباريّ : فَجِئَت الناقة ، إذا عظم بطنها. والمصدر الفَجَأ مهموز مقصور.

وقال شمر : فجأ بَابه يفجؤه ، إذا فتحه بلغةِ طَيء ، قالهُ أبو عمرو الشيبانيّ ، وأنشدَ للطرماح :

كجُبَّةِ الساج فَجا بابَها

صُبْحٌ جَلا خُفْرَةَ أهدامها

قال : قوله فجا بابها ، يعني الصبح ، وأما أجاف الباب ، فمعناه ردَّه ، وهما ضِدّان ، وانفجى القوم عن فلان : انفرجوا عنه وانكشفوا. وقال :

لما انْفجى الخَيلان عن مُصعَبٍ

أدى إليه قرضَ صاعٍ بصاع

فوج : وقول الله تعالى : (يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللهِ أَفْواجاً) [النصر : ٢]. قال أبو إسحاق : أي جماعاتٍ كثيرة بعد أنْ كانوا يدخلون في الدِّين واحداً واحداً ، واثنين اثنين ، صارت القبيلة بأَسرها تدخل في الإسلام.

وقال الليث : الفوْج قطيعٌ من الناس ، وجمعه أَفواج ، قال : والفائجُ من قولك مَرَّ بنا فائجُ وَليمةِ فلان ، أي فَوْجٌ ممن كان في طَعامه ، قال : والْفائج من الفَيْج ، كأنه مشتقٌّ من الفارسية وهو رسول السلطان على رِجْله ، والفُيُوج : جماعة.

ثعلب ، عن ابن الأعرابيّ ، قال : الفَيْج الجماعة من الناس.

قلت : وأصله فَيِّج من فاجَ يَفُوج ، كما يُقال : هَيِّن ، من هَانَ يَهُون ، ثم يُخَفَّف فيقال : هَيْنٌ. ويُجمع الفَوْج أَفاوِيج.

وقول عَدي :

أمْ كَيف جُزْتَ فُيُوجاً حولهم حَرَسٌ

وَمُتْرَصاً بَابُه بالسَّكِّ صَرَّار

قيل : الفُيُوج الذين يدخلون السجن ويخرجون يَحرسون.

أبو عُبيد ، عن الأصمعيّ : الفوائج مُتَّسَعُ ما بين كلِّ مُرْتفعين من غِلَظٍ أو رمل ، واحدتها فائجة.

وقال أبو عمرو : الفائج البِساطُ الواسع

١٤٤

من الأرض.

وقال حُميد الأرقط :

إلَيْكَ رَبَّ الناسِ ذا المعارجِ

يَخْرُجْنَ من نَخْلة ذي مَضَارجِ

في فائجٍ أفْيَجَ بعد فائجِ

وقال آخر :

باتَتْ تَدَاعَى قَرَباً أَفائجا

تَدْعو بذَاك الدّحَجانَ الدّارِجا

أفائج وأفاوج يجمع أفْواج ، أي باتَتْ تَقْرُب الماء فَوْجاً بعد فوج ، قد رَكِبَتْ رؤوسها لقرب الماء ، وقال العجاج يصف القمة :

ويأمر البعّال أن يموجا

وجبل الأمرار أن يفيجا

يفيج : يجري.

* في النّفْر حين رِيعَ واستُفيجا*

أي استُجِفَ ففاج يفيج.

أبو عُبيد ، عن الفرّاء : أفاجَ الرجلُ في الأرض ، إذا ذَهبَ فيها.

وأنشد :

* لا تَسْبِق الشَّيْخَ إذا أفَاجَا*

وقال ابن شميل : الْفَائِجة ، كَهَيئَةِ الوادي بين الجبلين ، أو بين الأبْرَقَين ، كَهَيئة الخَليف إلّا أنها أوسع ، وجمعها فوائِج.

وجف : قال الله جلّ وعزّ : (قُلُوبٌ يَوْمَئِذٍ واجِفَةٌ (٨) أَبْصارُها خاشِعَةٌ (٩)) [النازعات : ٨ ، ٩].

قال الزّجاج : واجِفَةٌ ، شديدة الاضْطراب.

وقال قَتادة : وَجَفتْ ممّا عَايَنتْ.

وقال ابن الكلبيّ : واجِفَةٌ ، خائِفَة ، وقول الله جلّ وعزّ : (فَما أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلا رِكابٍ) [الحشر : ٦] ، يعني ما أفَاءَ اللهُ على رسوله من أمْوال بني النَّضِير ، مما لم يُوجف المسلمون عليه خَيْلاً ولا ركاباً ، والرِّكاب : الإبل ، والوَجيف : دُونَ التَّقريب من السَّير.

يقال : وَجَفَ الفَرَسُ وأوْجَفْتُه أنا.

وقال اللّيث : الْوَجْفُ : سُرَعة السَّير.

يقال : وَجَفَ البعيرُ يَجِفُ وجِيفاً ، وأوْجَفَهُ رَاكِبُه.

قال : ويقال : رَاكِبُ البَعيرِ يُوضِع ، وراكبُ الفرس يُوجِف.

قلت : الوَجِيفُ يصلُحُ للبعير والفرس.

ويقال : اسْتوجَفَ الحُبُّ فُؤادَه : إذا ذَهَب به ، وأنشد :

ولكِنَّ هذَا الْقَلبَ قَلْبٌ مُضَلَّلٌ

هَفَا هَفْوَةً فاسْتَوجَفَتْهُ المقادِرُ

[باب الجيم والباء]

ج ب (وا يء)

جبا ، جاب ، جأب ، جبأ ، باج ، وجب.

جبأ : أبو عبيد ، عن الأصمعيّ : الْجَبا مَقْصُورٌ ما حَوْلَ البئر ، والجِبا بِكسر الجيم : ما جَمَعت في الحوض من الماء ، ويقال له أيضاً : جُبْوَةٌ وجِباوَةٌ. قلت :

١٤٥

الجِبَى ما جُمع في الحوض من الماء الذي يستقى من البئر. قال ابن الأنباريّ وهو جمع جُبْيَة ، قال : والجَبَى ما حول الحوض يكتب بالياء ، والجَبَا : موضع.

الكِسَائيّ : يقال منه جَبَيْتُ الماءَ في الحوض أجبِيه جَبًى مقصور. وقال شمر : جَبَيتُ أجِبي جَبْياً ، وجَبَوْتُ أجْبُو جَبْواً وجِبَايَةً وجَبَاوةً ، والْجَابِي : الْجَرادُ.

وقال الهُذَليّ :

صَابُوا بِسِتَّةِ أبْيَاتٍ وأَرْبَعةٍ

حَتَّى كأنّ عَلَيْهم جابياً لُبَدَاً

وهَمَزَ الأصمعيّ : الْجَابئُ ، الجَرادُ.

ثعلب ، عن ابن الأعرابيّ ، العرب تقول : إذا جَاءَت السّنَةُ جاء معها الْجَابي والْحَابي ؛ فالجابي : الجرادُ ، والحابي : الذِّئب ولم يهمِزْهما قال شمر : أخبرني يزيد بن مُرة عن أبي الخطاب قال : الاجباء : بيع الحرث قبل صَلاحه. قلت : أبو الخطاب هو الأخفش الكبير ، وهو من الثقات.

وقال الفراء في قوله تعالى : (وَإِذا لَمْ تَأْتِهِمْ بِآيَةٍ قالُوا لَوْ لا اجْتَبَيْتَها) [الأعراف : ٢٠٣] معناه : هَلاً اجتَبَيتَها ، هلا اخْتلقتها وافْتَعَلَتها من قِبلَ نفسِك وهو في كلام العرب جائز أنْ تقول : لقد اختارَ لك الشيءَ واجْتبَاهُ وارْتَجَلَه.

وقال الله : (وَكَذلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ) [يوسف : ٦].

قال الزّجّاج : معناه ، وكذلك يَختارُك ويَصْطَفِيكَ ، وهو مشتق من : جَبَيْتُ الشيء ، إذا حَصّلْتَه لنفسِك ، ومنه : جَبَيْتُ الماءَ في الْحَوْض.

قلت : وجِبَايَةُ الخَرَاج جَمْعُه وتحْصِيلُه ، مأخُوذة منه.

وفي حديث وائل بن حجر أنَّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : كتبَ له في كتابه : «وَمَنْ أَجْبَى فقَدْ أرْبَى».

قال أبو عُبَيد : الإجْبَاءُ بَيْعُ الحَرْثِ قبلَ أن يَبْدُوَ صَلاحُه ، وقيل : «مَنْ أَجْبَى فقَدْ أَرْبَى» ، أي من عَيَّنَ فقد أرْبَى.

أخبرني المنذريُّ ، عن ثعلب أنه سُئِلَ عن قوله : «من أجْبَى فقد أربى».

فقال : لا خِلافَ بيننا ، أنهُ من باع زَرْعاً قبل أن يُدْرِك ، كذا قال أبو عبيد ، فقيل له : قال بعضهم : أخطأ أبو عُبيد في هذا ، من أين كان زَرْعٌ أيام النبي عليه‌السلام؟ فقال : هذا أحْمق. أبو عبيد تَكَلّمَ بهذا على رؤوس الخَلْق وتكلم بعده الخلقُ من سنة ثمانَ عشْرَة إلى يومنا هذا لم يُرَدّ عليه.

وأخبرني ابن هاجَك ، عن ابن جَبَلة ، عن ابن الأعرابيّ ، قال : الإجْبَاءُ أن يُغَيِّبَ الرجلُ إبلَه عن المُصَّدِّق ، يقال : جَبَأَ عن الشيء ، إذا تَوَارَى عنه ، وأجبَأْتُه ، إذا

١٤٦

وَارَيْتَه ، وجَبَأَ الضَّبُّ في جُحْره إذا اسْتَخْفَى ، ورَجُلُ جُبَّأٌ جَبَأٌ ، وأنشد :

فما أنا من رَيْبِ الزَّمانِ بِجُّبَّأٍ

وما أنا مِنْ سَيْبِ الإله بآيِسِ

وحدثنا السعدي عن علي بن حرب ، عن محمد بن حُجر ، عن عمه سعيد ، عن أبيه ، عن أمه عن وائل بن حُجر ، قال : كتب لي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «لا جَلَبَ ولا جَنَب ولا شِغار ولا رِواط ، ومن أجْبَى فقد أرْبَى» وفسّر من أجبى فقد أربى ، أي من عيَّن فقد أربى ، وهو حسن.

ثعلب ، عن ابن الأعرابيّ : جَبَأتُ عليه ، خرجتُ عليه ، وجَبأت عنه ، إذا تواريت.

أخبرني المنذرِيّ عنه به.

أبو زيد : يقال : جَبأتُ عن الرَّجل وغيره جُبُوءاً ، إذا خَنَسْتُ عنه.

وأنشد :

وهلْ أنا إلّا مِثلُ سَيِّقَةِ العِدَا

إن استَقْدَمتْ نحْرٌ وإن جبأَتْ عَقْرُ

ويقال : جَبَأَتْ عَلَيَّ الضّبُعُ جُبُوءاً ، إذا خَرجتْ عليك مِنْ جُحْرِها.

وقال الأصمعيّ : يقال للمرأة إذا كانت كريهة المَنظرِ لا تُسْتَحلَى : إنْ العيْن لَتُجبَأُ عنها.

وقال حُميد بن ثَوْر الهلالي :

ليستْ إذا سَمِنتْ بجابئةٍ

عنها العُيونَ كريهةَ المَسِ

أبو عُبيد ، عن الأصمعيّ : الجُبَّأُ مهموزٌ مقصور : الجَبَان.

أبو عمرو : الجبّأ : الناجي من الأمر الذي انفلت منه ، وأنشد :

* وما أنا من ريب المنون بجُبَّأ*

ويقال : جَبَأَ عليه الأسْوَدُ من جُحْرِه ، إذا خرج عليه ، يَجبَأ جَبْأ وجُبُوءاً ، وجَبَأْتُ عن أمر كذا وكذا إذا هِبتَهُ ، وارْتَدعتَ عنه. والجَبْأَةُ : خَشَبَةُ الحَذّاء.

وقال ابن الأعرابي وقال الجعديّ :

في مِرفَقيْهِ تَقارُبٌ وله

بِرْكةُ زَوْرٍ كجَبْأَةِ الخزَمِ

والجَبْأ : حُفْرَةٌ يستنقعُ فيها الماء. ويقال : الجَبْيُ للحفرة ، ويجمع جُبِيّاً.

قال جندل :

* مثل الجُبيّ في الصّفا الصهارج*

أَبو عُبيد ، عن الأصمعيّ : من الكمأَة والجَبَأَة. قال ، وقال أبو زيد : [الجِبَأَة] الحُمُرُ منها ، وواحد الجِبَأَة جَبْء ، وثلاثة أَجْبُؤ.

وأنشد ابن الأعرابيّ :

إنْ أُحَيْحاً ماتَ من غيرِ مَرَضْ

ووُجْدَ في مَرْمَضهِ حيثُ ارْتمض

عَسَاقِلٌ وجِبَأٌ فيها فَضَضْ

عَسَاقِل : بِيض ، وجِبَأ : سُود.

١٤٧

أبو زيد : أجبَأَتِ الأرض فهي مُجْبِئةٌ ، إذا كثُرَتِ جِبَأَتُهَا.

وقال أبو عمرو : الجُبّاءُ من النساء بوزن جُبّاع : التي لا تَروعُ إذا نَظرتْ.

وقال الأصمعيّ : هي التي إذا نَظَرت إلى الرّجال انْخَذَلَتْ راجِعَةً لِصِغَرِها.

وقال ابن مقبل :

وطَفْلَةٍ غيرِ جُبّاءٍ ولا نصفٍ

مِنْ دَلِّ أمثالِها بادٍ ومكتومُ

كأَنَّه قال : ليست بصغيرة ولا كبيرة.

ويُروَى : غير جُبّاع ، وهي القصيرة ، وقد مر تفسيره شبَّهها بسَهمٍ قصير يَرمِي به الصبيانُ : يقال له : الجُبّاع. ويقال : ناقةٌ بجَاوِيّةٌ ، تُنسبُ إلى بجَاوَة ، وهي أرض النوبة ، بها إبلٌ نجايب.

وقال الطرماح :

بَجَاوِيّةٍ لم تَسْتَدِرْ حولَ مَثْبِرٍ

ولَم يَتَخَوَّن دَرَّها ضَبُّ آفِن

وفي الحديث : أن وفد ثقيف اشترطُوا على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : ألّا يُعشَروا ولا يُحشَروا ولا يُجَبُّوا. فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «لا خيْرَ في دِينٍ لا رُكُوعَ فيه».

قال شِمر : معنى قوله ألّا يُجَبُّوا ، أي ألا يَركعوا في صلاتهم ولا يسجدوا كما يفعل المسلمون ، والعَربُ تقول : جَبَّى فُلان تَجْبِيَةً ، إذا أكَبَّ على وجهه باركاً ، أي وَضَعَ يديه على ركبتيه مُنْحَنياً ، وهو قائم.

وفي حديث ابن مَسْعود : أنه ذكر القيامة والنْفْخَ في الصُّور ، قال : فيقومون فَيُجَبُّون تَجْبِيَةَ رَجلٍ واحد قياماً لرَبِّ العالمين.

قال أبو عُبيد : قوله يُجَبُّون ، التجْبِيَة تكون في حالين : أحدهما : أن يضع يَديه على رُكبتَيه ، وهو قائم ، وهذا هو المعنى الذي في الحديث ، ألا تراه قال : «قِياماً لرب العالمين»؟

والوجه الآخر : أن يَنْكَبَ على وجهه بارِكاً ، وهذا الوجه المعروف عند الناس وقد حمله بعض الناس على قوله : «فَيَخِرُّون سُجَّداً لربِّ العالمينَ». فجعل السجود هو التّجْبِيَة.

ثعلب ، عن ابن الأعرابيّ : جَبَى المالَ يَجبِيهِ ، وجَباهُ يَجْبَاه ، قال : وهذا ممَّا جاء نادراً ، مثل أبَى يَأبَى.

جوب ـ جيب : قال الله جل وعز : (وَثَمُودَ الَّذِينَ جابُوا الصَّخْرَ بِالْوادِ (٩)) [الفجر : ٩].

قال الفراء : جابُوا : خرقوا الصّخْر ، فاتخذوه بيوتاً فارِهين. ونحو ذلك.

قال الزَّجاج : واعتبره بقوله (وَتَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبالِ بُيُوتاً فارِهِينَ) [الشعراء : ١٤٩].

وقال الليث : الجَوْبُ قطعك الشيءَ كما يُجاب الْجَيبُ ، يقال : جَيْبٌ مَجُوبٌ ومُجَوَّبٌ ، قال : وكل مُجَوَّفٍ وسطُه فهو

١٤٨

مَجُوبُ. وقال الراجز :

* واجتَابَ قَيظاً يَلْتَظِي التظَاؤُها*

اجْتَابَ لَبِسَ.

أبو عُبَيد ، عن اليزيدي : جُبْتُ القميص ، إذا قَوَّرتَ جَيْبَه ، وجَيَّبْتُهُ ، إذا عَمِلْتَ له جَيْباً.

شَمرٌ ، سمعت سلمة يقول : جِبتُ القميصَ وجُبْتُهُ ، وأنشد :

باتتْ تَجِيبُ أدْعَجَ الظلامِ

جَيْبَ البَيَطْرِ مِدْرعَ الهُمامِ

ابن بُزُرْج : جَيَّبتُ القميصَ ، وجَوَّبْتُه.

أبو عُبيد : الْجَوبُ التَّرْسُ ، وكذلك قال غيره.

وقال الليث : الجوابُ رَدِيدُ الكلام ، والفعل : أجَابَ يُجِيبُ. ومن أمثال العرب : أساءَ سَمْعاً فأسَاءَ جابةً.

قال أبو الهيثم : جابةٌ اسمٌ يقوم مقام المصدر ، وهو كقولهم : المالُ عارةٌ ، وأطعتُهُ طاعةً ، وما أُطيق هذا الأمر طاقَةً ، فالإجابة مصدرٌ حقيقيّ ، والجابه اسمٌ ، وكذلك الجواب ، وكلاهما يقومان مقَامَ المصدر.

وقال الله تعالى : (وَإِذا سَأَلَكَ عِبادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذا دَعانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي) [البقرة : ١٨٦].

قال الفراء ، يقال : إنها التّلْبِية.

وقال الزَّجاج : أي فَلْيُجِيبوني ، وأنشد :

وداعٍ دعا يا مَنْ يُجِيبُ إلى النَّدى

فلم يَسْتَجِبْهُ عند ذاك مُجِيب

أي فلم يُجِبْه أحد.

وجَيْبُ الليل : الصُّبح. قاله شمر.

قال العجاج :

حتى إذا ضوءُ القميص جَوَّبا

ليلا كأثناء السَّدوس غَيْهبا

جَوَّبَ : نَوَّر ، وكشف ، وجلى.

وروى خالد الحذَّاء عن أبي قُلابَة عن ابن عمر أن رجلاً نادى : يا رسول الله ، أي الليل أجوَبُ دعوة؟ قال : «جوف الليل الغابر».

قال شمر : قوله أجوَبُه من الإجابة ، أي أسرعه إجابة ، كما يقال أطوعُ من الطاعة. قال : والأصل جاب يجوب ، مثل طاع يطوع.

وقال الفراء : قيل لأعرابي يا مُصاب ، فقال : أنت أصوبُ مني. قال : وأصل الإصابة من صاب يَصُوب إذا قَصَد.

ويقال : جُبْتُ البلدَ أَجُوبُهُ جَوْباً ، إذا قطعْته ، واجْتَبْتُه مثله ، ويقال : اجْتَاب فلانٌ ثوباً ، إذا لبسه. وأنشد :

تحسَّرَتْ عِقَّةٌ عنها فأَنْسَلهَا

واجتاب أخْرَى جديداً بعد ما ابْتقلا

واجتاب : احتفر ، ومنه قول لبيد :

١٤٩

تجتابُ أَصْلاً قائماً مُتَنَبِّذاً

بِعُجُوبِ أنقاءٍ يميلُ هيامُها

يصفُ بقرة احتفرت كِناساً تكْتَنُّ فيه من المطر في أَصْلِ أرْطاةٍ ، ورجلٌ جَوَّابٌ ، إذا كان قَطَّاعاً للبلاد ، سيَّاراً فيها. ومنه قول لقمان بن عاد في أخيه :

* جوَّاب ليلٍ سَرْمد*

أراد أنَّه يَسْرِي ليله كُلَّه.

والجوْبةُ : شبْهٌ رَهْوَةٍ تكون بين ظَهْرانَيْ دُور قوم يسيل إليها ماء المطر ، وكلُّ مُنْفَتقٍ يتَّسِع فهو جَوْبةٌ.

وقال ابن شُميل : الْجَوْبةُ من الأرض الدَّارةُ من المكان المُنجَاب ، الوطىء القليل الشَّجر ، سُمِّي جَوْبة لانجيَابِ الشَّجرِ عنه ، مثل الغائِط المستدير لا يكونُ إلا في جَلَدِ الأرض ، والجميع جَوْبات وجُوب.

أبو عُبيد ، عن أبي عُبيدة : جَابةُ المِدْرَى من الظِّبا ، غير مهموز حين طلع قرْنُه.

ويقال : الملساءُ اللَّيِّنَة القَرْن.

وقال شمر : جابةُ المِدْرَى أي جائِبَتُه ، أي حين جاب قَرْنُها الجِلْدَ فطلع. وهو غير مهموز. والجوْبُ : التُّرس.

قال لبيد :

فأجازني منهُ بطِرسٍ ناطقٍ

وبكلِّ أطلسَ جَوْبُه في المِنْكبِ

يعني بكل حبشيّ جَوْبه في منكبه.

جاب : ثعلب ، عن ابن الأعرابي : جَأَبَ وجَبَأَ ، إذا باعَ الجَأْبَ ، وهو المَغْرَةُ.

قال : والجأبُ : الكَسْب. وقال غيره : الْجَأْبُ أيضاً : السُّرّة.

أبو عُبيد : الجَأبُ الحمارُ الغليظ ، وكاهلٌ جَأبٌ : غليظ ، وخَلْقٌ جَأب : جافٍ غَليظ.

وقال الراعي :

فلمْ أَر إلَّا آل كلِّ نجِيبةٍ

لها كاهلٌ جَأبٌ وصلْبٌ مُكَدَّح

ابن بزُرْج : جَأبةُ البَطْنِ ، وجبْأتُهُ مَأنتُه ويقال : هل سمعتَ جَائِبَةَ خبَر. وقال : يتنازعون جَوَائِب الأمثال ، يعني سرائر تَجُوبُ البلاد. وفلان فيه جَوْبان من خُلُق ، أي ضَرْبان ، لا يثبت على خُلُق واحد.

قال ذو الرّمة :

* جُوبَينِ من هماهِمِ الأغْوال*

أي تسمع ضربين من أصوات الغيلان.

وفلان جَوَّاب جَأَّاب يجُوب البلادَ ويكسِب المال.

بوح ـ باج : ثعلب ، عن ابن الأعرابيّ : باجَ الرّجُل يَبُوجُ بَوْجاً ، إذا أَسْفَرَ وَجهه بعد شُجوبِ السّفَر ، وباجَ الْبَرْقُ يَبُوج بَوْجاً

١٥٠

وبَوَجَاناً ، إذا بَرَقَ ، وتَبَوّجَ تَبَوُّجاً : مِثْله.

ابنُ بُزُرْج : بَعِيرٌ بائج ، إذا أعْيَا ، وقد باج ، وبُجْتُ أنا : مَشَيْتُ حتى أَعْيَيْتُ ، وأنشد :

قد كُنت حِيناً تَرْتجِي رِسْلَهَا

فاطّرَدَ الحائِلُ والبائج

يُريدُ الْمُخِفُّ والمُثْقَل.

وقال الأصمعيّ : يقال انْبَاجَ البَرْقُ انبِيَاجاً ، إذا تَكَشَّفَ ، وانبَاجَتْ عليهم بَوَائِجُ مُنْكَرَة ، إذا تَفَتّحَت عليهم دوَاهي.

وقال الشَّماخُ يَرثي عمرَ رضي‌الله‌عنه :

قَضَيْتَ أُمُوراً ثُمّ غَادَرْتَ بَعدَها

بِوائِجَ في أكْمَامِها لم تُفَتّقِ

والبائج عِرق في باطن الفخِذ ، قال الراجز :

* إذا وَجَعْنَ أبْهَراً وبايجا*

وقال جندل :

* بالكاسِ والأَيدي دَمُ البوائج *

يعني العروق المُتَفَتِّقَة.

أبو عُبيد ، عن الأصمعيّ : جاءَ فلان بالبائِجَة والفَلِيقَةِ ، وهي من أسماءِ الدّاهِيَة.

وقال أبو زيد : الباجَةُ الاخْتِلاط.

ثعلب ، عن ابن الأعرابيّ : البَاجُ يُهْمَز ولا يُهْمَز ، وهو الطريقة من المَحَاجّ المُسْتَوِيَة ، ومنه قول عُمر : «لأَجْعَلَنَّ النَّاس بَاجاً واحداً

أي طريقة واحدة في العطاء ، ويجْمع بَأْج على أَبْؤُج.

وقال ابن السّكّيت : يقال : اجْعَلْ هذا الشَّيء بَأْجاً واحداً مهموزاً.

قال : ويُقال أوَّل من تَكَلَّم به عثمان ، أيْ طَريقة واحدة ، ومثله : الْجَأْشُ ، والْفَأْسُ ، والرَّأْس.

وجب : ثعلب ، عن ابن الأعرابيّ : الوَجْبُ والقَرْعُ : الذي يوضع في النِّصال والرِّهان ، فمن سَبَق أخذَه.

وقال أبو إسحاق في قول الله جَلَّ وعَزَّ : (فَإِذا وَجَبَتْ جُنُوبُها فَكُلُوا مِنْها) [الحج : ٣٦].

أي سَقَطَتْ إلى الأرض جُنوبُها ، فَكُلوا منها. قال : ويقال : وَجَبَ الحائط يَجِب وَجْبَةً ، أي سَقَط ، وَوَجَب القَلْب ، يَجِبْ وَجِيباً : إذا تَحَرَّكَ من فَزَع ، وَوَجَب البيعُ وُجوباً وجِبَةً ، والمُسْتَقْبَلُ في كُلِّه يَجِبُ.

وقال الأصمعيّ : وجَبَ القَلْبُ وَجِيباً إذا خفَق ، ووجبت الشمس تَجِبُ وجوباً إذا سَقَطت ، ويقال للبَعير إذا بَرك وضرب بِنَفْسِهِ الأرْض ، قد وَجَّبَ تَوْجِيباً ، وأوْجَب فلانٌ البيعَ إيجاباً ، وفلان يَأكل كل يوم وَجْبَةً ، أي مرّةً واحِدة ، وقد وَجَّبَ لِنَفْسِه تَوْجيباً.

وفي الحديث : «من فَعل كذا وكذا فَقَدْ أَوْجَبَ» ، أي وَجبتَ له الجنَّة أو النار.

والمُوجِباتُ : الكبائِرُ من الذنوب الّتي

١٥١

أوْجَبَ الله بها النار.

حدَّثنا السعديُّ قال : حدثنا ابن عفان عن ابن نمير ، عن الأعمش ، عن إبراهيم عن أبيه ، قال : قال أبو ذَرٍّ : كنتُ مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم حين وَجَبَت الشمس. فقال : يا أبا ذرّ ، هل تدري أين ذَهَبَتْ؟ قلت : الله ورسوله أعلم. قال : فإنها تذهب حتى تسجد بين يدي ربها تستأذن في الرجوع لها مكانها قد قيل لها ارجعي من حيث جئتِ ، فتطلع وذلك مستقر لها.

وفي الحديث : أنَّ أقْوَاماً أتَوا النَّبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فقالوا : يا رسولَ الله ، إنَّ صاحباً لَنَا أوْجَب ، فقال : «مُرُوهُ فَلْيَعْتِقْ رَقَبة».

قال هُدْبَة بن خَشْرَم :

فقلت له لا تَبْكِ عينُك إنّه

بكَفَّي ما لاقيتُ إذ حانَ مَوْجِبي

أراد بالموجِبِ موتَه ، يقال : وَجَبَ : إذا مات مَوْجِباً. وأنشد الفراء :

وكأن مُهرِي ظل محتفراً

بقفا الأسنة مَغْرَةَ الجَأْبِ

والجأْبُ : ماء لبني الهُجَيم عند مَغْرَة عندهم. وقال الليث فيما قرأت له في بعض النسخ : المُوَجَّبُ من الدواب الذي يفزع من كل شيء ، قلت : ولا أعرفه.

وأخبرني المنذريّ عن ثعلب أن ابن الأعرابيّ أنشده :

ولستُ بدُمَّيْجَةٍ في الفراش

ووَجَّابةٍ يَحْتَمِي أن يُجيبا

ولا ذي تلازم عند الحِيَاضِ

إذا ما الشّريبُ أنابَ الشّريبا

قال : وجّابةٌ : فرق ، دُمَّيجة : يندمج في الفراش.

ابن السكيت ، عن أبي عمرو : الْوَجِيبَة أنْ يُوجِبَ الرجلُ البَيْعَ على أنْ يأخُذَ منه بعضاً في كلِّ يوم ، فإذا فَرَغَ قيل : قَد اسْتَوْفَى وَجِيبَتَه.

أبو زَيد ، يقال : وَجَّبَ فلان عِيَالَه تَوْجِيباً إذَا جَعَلَ قُوْتَهُمْ كُلّ يوم وَجْبَة.

قال شَمِر : وأقرأنا ابنُ الأعرابيّ لِرُؤْبَة :

فَجَاء عَوْدٌ حِنْدِفِيٌّ قَشْعَمُهْ

مُوَجَّبٌ عَاريّ الضُّلوعِ جِرْضِمُه

قال : مَوَجَّبٌ أي لا يَأكل في النهار إلا أكْلة واحدة ، جِرْضِمٌ : عَرِيضٌ ضَخْم.

وفي الحديث : «أنّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم جَاء يَعودُ عبدَ اللهِ بن ثَابت فوَجَدَه قد غُلِبَ ، فاستَرْجَعَ ، وقال : غُلِبْنَا عليك يا أبا الرّبيع ، فَصاحَ النِّساءُ وَبَكَيْن ، فَجَعَلَ ابنُ عَتِيكٍ يُسَكِّتُهُنَّ ، فقال : رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم دَعْهُنّ ، فإِذا وَجَبَ فلا تَبْكِيَنَّ باكية ، فقالوا : ومَا الوُجُوب؟ قال : إذا مَاتَ».

وقال بعض الأنصار :

أطاعَت بَنُو عوف أميراً نهاهم

عن السِّلم حتى كانَ أولَ واجِبِ

١٥٢

أي أول مَيِّت.

وفي «نوادر الأعراب» : يقال وَجَبتُه عن كَذَا ، ووَكَبتُهُ : إذا رَدَدتَهُ عنه ، حتّى طال وُجُوبُه ووُكُوبُه عنه. قال الدينوريّ في باب العسل : ويُوعَى العَسَلُ في الوِجَاب وهي أسقِيَةٌ عِظام ، وواحد الوِجَاب وَجْبٌ.

[باب الجيم والميم]

ج م (وا يء)

جما ، جيم ، وجم ، مأج ، أمج ، أجم ، موج ، جوم.

جما : سَلَمة ، عن الفرّاء : جُمَاءُ كلِّ شيءٍ حَزْرُه وَمِقدارُه ، مَمدود.

وقالَ ابن دريد : جَمَاءُ كلِّ شيءٍ شَخصه ، وأنشد :

* وقُرْصَةٍ مِثلَ جَمَاءِ التُّرْسِ*

ابن السّكّيت : تَجَمَّى القَومُ ، إذا اجْتَمَع بعضهم إلى بعض ، وقد تَجَمَّوا عليه.

وقال ابن بُزرج : جَمَاءُ كلِّ شيء اجتماعُه وحَركته ، وَأَنشد :

وبَظْرٍ قد تَفَلَّقَ عن شَفِيرٍ

كأَنَّ جَماءَهُ قَرْناً عَتُودِ

أبو بكر : يقال جَماءُ الترس وجُماؤه وهو اجتماعه ونتوّه ، قال : وجُماء الشيء قدره. أبو عُبيد عن أبي عمرو الجُماء : شخص الشيء تراه من تحت الثوب.

قال الشاعر :

فيا عجباً للحب داء فلا يُرى

له تحت أثواب المحبِّ جُماءُ

أبو عمر : التجمُّؤ : أن ينحِني على الشيء تحت ثوبه. الظليم يتجمَّا على بيضه.

جوم : أبو العباس ، عن ابن الأعرابيّ : الْجَامُ الفَاثُورُ من اللُّجيْن.

قال : ويُجمع على أَجْؤُم. قال : وجامَ يَجُومُ جَوماً ، مثل حام يَحُومُ حَوماً ، إذا طلبَ شيئاً خَيراً أو شرَّاً.

وقال الليث : الجَوْمُ كأَنَّها فارسية ، وهم الرُّعَاةُ ، أمْرُهُمْ وكلامُهُمْ ومَجْلِسُهُم واحِد.

وقال ابن الأعرابي : يقال يُجمع الجامُ جامَات ، ومِنْهم مَنْ يقول ، جُومٌ.

موج ـ مأج : ثعلب ، عن ابن الأعرابي : ماجَ في الأمرِ إذا دارَ فيه.

قال : والْمَيْجُ الاخْتَلاط.

اللّيث : المَوْجُ : ما ارتفَعَ من الماء فوقَ الماء ، والفِعل : ماجَ الْمَوْجُ.

وقال ابن الأعرابيّ : ماجَ يَمُوجُ إذا اضْطرب وتَحيَّر ، وماج البحرُ ، وماجَ النَّاس إذا دَخَلَ بَعضُهم في بعض.

والمُؤوجُ : مُؤوج الدَّاغِصَة ، ومُؤوج السِّلعة تَمَوُّرٌ بين الجِلْدِ والعظم ، ومن مهموزه : أبو عُبيد ، عن أبي زيد : الْمَأْجُ الماءُ

١٥٣

المِلح.

وقال ابن هَرْمَة :

فإنَّكَ كالْقَرِيحَةِ عام تُمْهَى

شُرُوبُ الماءِ ثم تَعُودُ مأجَا

وقال الليث : يقال مؤُجَ الماءُ ، يَمْؤُجُ مُؤُوجَةً فهو مَأجُ ، وأنشد :

* بأرْضٍ نَأَتْ عليها الْمُؤُوجَةُ والبَحْر*

وجم : قال الليث : الْوُجُوم السكوتُ على غَيْظ. يقال : رَأيْتُه وَاجماً.

أبو عُبيد : إذا اشتدَّ حُزْنُه حتى يُمْسِكَ عن الكلام ، فهو الواجِم ، وقد وَجَمَ يَجِمُ.

قال شَمِر ، قال أبو عُبيد : الْوَجَمُ جَبَلٌ صغير ، مِثل الإرَمَ.

وقال ابن شُميل : الْوَجَمُ حجارة مَرْكُومةٌ بعضها فوق بعض على رؤوس القُورِ والإكام ، وهي أغلظ وأطول في السماء من الأُرومِ.

قال : وحجارتها عِظامٌ كحجارة الصِّيَرةِ والأمَرَة ، لو اجتمع على حجرٍ ألفُ رجل لم يُحَرِّكوه ، وهي أيضاً من صَنعة عاد ، وأصلُ الوَجَم مُستَدِيرٌ ، وأعلاه مُحدَّد ، والجماعة الوُجُومُ.

وقال رؤبة :

وَهَامَةٌ كالصَّمِدْ بَيْنَ الأصْمَادْ

أوْ وَجَم العَادِيّ بَيْنَ الأجْمَادْ

قال شَمِر ، وقال ابنُ الأعرابي : بَيْتٌ وَجْمٌ وَوَجَمٌ ، والأوْجامُ : الْبُيوت ، وهيَ العِظَام منها.

وقال رُؤْبة :

* لَو كَانَ من دون رُكَامِ الْمُرتَكَم*

* وأرْمُلِ الدهْنَا وَصَمَّانِ الْوَجَم *

قال : الوَجَمُ الصَّمَّانُ نَفسُه ، ويُجمع أوجاماً. قال رؤبة :

* كَأَنَ أوجاماً وصَخْراً صَاخِراً*

أجم : قال الليث : يُقال أكَلْتُه حَتَّى أْجِمتُه.

أبو عُبيد ، عن الكسائي ، وأبي زيد : إذَا كَرِهَ الطعامَ فهو آجِم ، على فَاعِل ، وقد أجَم يَأْجَمُ.

وقال الأصمعيّ : ماءُ آجِنٌ وآجِمٌ إذا كان مُتَغَيِّراً.

وقال ابنُ الخَرْعِ :

ونَشْرَبُ أسْآرَ الحِياضِ تَسُوفُها

ولَو وَرَدَتْ مَاءَ المُرَيْرةِ آجِمَا

أراد آجِنَا.

وقال غيره : آجِمٌ بمعنى مأجومٌ ، أي تَأجِمُهُ وتَكرَهُه.

ويقال : أجَمت الشيء إذا لم يُوافِقكَ فكرِهتَه.

أبو عُبيد ، عن الأحمر : تَأَجَّمَ النّهار تأَجُّما إذا اشتَدّ حَرُّه. والأَجَمةُ : مَنْبِتُ الشجر ، كالْغَيْضة ، والجميع الآجام.

والأُجُم والأُطُم : الْقَصْر بلُغَة أهل

١٥٤

الحجاز ، وهي الآجام والآطام. قال :

* ولا أُجُماً إلَّا مَشيداً بجَنْدَل*

أمج : الأصمعيّ : الأَمَجُ تَوَهُّج الحَرِّ قال العجاج وأنشد :

* حَتَّى إذا ما الصَّيْفُ كان أمَجَا*

وقال الليث : أَمِجَت الإبل تأْمَج ، إذا اشتد بها حَرٌّ أو عطش.

عمرو ، عن أبيه : أَمَج ، إذا سَار سَيْراً شديداً ، بالتخفيف.

جيم : قال الليث والجيم من الحروف تؤنث ، ويجوز تَذْكيرها ، وقد جَيَّمتُ جيماً إذا كَتَبْتَها.

باب اللفيف من حرف الجيم

جو ، جوى ، جأى ، أجا ، جئاوة ، جيأه ، جا ، أجّ ، وجأ ، وجّ ، جؤجؤ ، جأْجاء ، أوجى ، جيّا ، يأجج ، جاجه ، يأجوج ، ويج.

جو : قال الليث : الجَوُّ الهواء ، وكانت اليمامَةُ تُسَمَّى جَوّاً ، وأنشد.

* أخْلَقَ الدّهْرُ بِجَوّ طَلَلَا*

قلت : الجَوُّ ما اتّسع من الأرض واطمأَنَّ وبرز ، وفي بلاد العرب أَجوِيَةٌ كثيرة يُعرف كل جو منها بما نُسِبَ إليه ؛ فمنها جوُّ غِطْرِيف وهو فيما بين السِّتار وبين الجماجم ، ومنها جوّ الخُزَامى ، ومنها جوّ الإحساء ، ومنها جوّ اليمامة ، وقال طرفة :

* خَلَالَكِ الجَوُّ فبيضي واصْفِرِي*

ويقال : هذا جوُّ مُكْلِىءٌ ، أي كَثير الْكَلأ ، وهذا جوٌّ مُمْرعٌ. وجوُّ السماء : الهواءُ بين السماء والأرض.

قال الله : (إِلَى الطَّيْرِ مُسَخَّراتٍ فِي جَوِّ السَّماءِ) [النحل : ٧٩].

ودَخَلتُ مع أعرابي دَخْلاً بالخَلصاءِ ، فلما انتهينا إلى الماء قال : هذا جوٌّ من الماء لا يوقف على أقصاه.

وقال ابن الأعرابي : الْجَوُّ الآخرَة.

وقال الليث : الْجِوَاء مَوضع. قال : والفُرْجَةُ التي بين مَحَلَّةِ القوم وسْط البيوت تُسَمَّى جِوَاءً ، يقال : نَزَلْنا في جِوَاءِ بَني فلان قلت : الجِوَاء جمع الجَوّ ، ومنه قول زهير :

* عَفَا مِنْ آلِ فاطِمَةَ الجِوَاءُ*

ويقال : أراد بالجِوَاءِ موضعاً بعينه.

وقول الليث : الجِوَاءُ الفُرْجةُ وسْط البيوت لا أعرفه ، ويُجمع الجوُّ جواءً وهو عندي تصحيف وصوابه الحِواء وجمعه أحوية وقد يجمع الجوُّ جِواءً ، ومنه قوله :

أيا أُمَّ عَمْرٍو من يَكن عَقْرُ داره

جِواءَ عَدِيٍّ يأكل الحشرات

البيت يُروى للنابغة ولأوس بن حجر.

ورُوِي عن سَلمان ، أنه قال : لكل أمرىء جَوّانيّاً وبَرّانيّاً ، فمن أصْلَحَ جوّانيَّهُ أصلَحَ

١٥٥

اللهُ بَرّانيَّة ، ومَنْ أفْسد جوّانيّه أفسد الله بِرانيَّة.

قال شمر ، قال بَعْضهم : عَنَى بِجَوّانِيِّه سِرَّه ، وبِبَرّانيِّه عَلَانِيَّه.

قال : وجوُّ كل شيء بَطْنُه وداخِله ، وهو الجَوّه بالهاء أيضاً ؛ وأنشد قوله :

يَجْرِي بِجَوّتِهِ مَوْجُ الْفُرَاتِ كأَن

ضَاحِ الخُزَاعِيِّ جازَت رَنْقَه الرِّيحُ

قال : جَوّتُه : بَطنُ ذلك الموضع.

وقال آخر :

لَيست تَرَى حولها شخصاً وَراكبُها

نَشْوانُ في جَوّةِ الْباغُوتِ مَخمورُ

قال شمر ، قال ابن الأعرابيّ : الْباغُوت مَوْضع ، وجوَّتُه : دَاخِلُه ، وقال قَتَادة في قول الله : (فِي جَوِّ السَّماءِ) [النحل : ٧٩] في كَبِدِ السماء ، ويقال كُبَيداء السماء.

جوى : قال الليث : الجَوَى مقصور ، كلُّ داءٍ يَأْخُذُ في الباطن لا يُستَمرَأَ معه الطعام.

يقال : رَجلٌ جَوٍ ، وَامرأةٌ جَوِيَةٌ كما ترى ، وَاستَجْوَينا الطّعامَ واجتَوَينَاه ، وصار الاجتواء أيضاً لما يُكرَهُ ويُبْغَض.

وفي الحديث : «أنَّ وَفْدَ عُرْينَة قَدِمُوا المدينة فاجتَوَوْها».

قال أبو عُبيد : قال أبو زيد : «اجَتَويت البلاد إذا كَرِهْتها ، وَإن كانت مُوافِقَةً لك في بَدَنك ، واسْتَوْبَلَتها إذا لم تُوَافِقك في بدنك وإن كنتَ مُحِبّاً لها.

قلت : قال أبو زيد في «نوادره» : الاجتِوَاء النزاعُ إلى الوَطن ، وكراهَةُ المكان الذي أنت به وإن كنتَ في نِعمة.

قال : وإن لم تكُن نازِعاً إلى وَطنك فأَنت مُجتوٍ أيضاً.

قال أبو زيد : وقد يكونُ الاجتَوَاءُ أيضاً ألا تَسْتمرىءَ الطعامَ بالأرض ولا الشَّراب ، غير أنك إذا أحبَبْتَ المقامَ بها ولم يُوافِقك طعامُها ولا شَرابُها ، فأَنتَ مُسْتوبِل ، ولستَ بمجتَوٍ.

قلت : جعل أبو زيد الاجتَوَاء على وَجْهين.

وقال ابن بُزرْج : يقال للذي يجتَوِي الْبَلَد : به اجتِوَاء ، وجوًى مَنْقوص ، وَجِيةٌ.

قال : وحَقَّرُوا الجِيَةَ جُيَيَّة.

حدَّثنا السعديُّ عن الرماديّ عن يزيد بن هارون عن العوام بن حَوْشَبِ ، عن جَبَلةً بن صُحَيْم ، عن مُؤثر بن عفازة عن عبد الله ، قال : «لما كانت ليلة أسري برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، لقي إبراهيم وموسى وعيسى ، فتذاكروا الساعة ، ورَدّوا الحديث إلى عيسى فذكر الدَّجال وقتلَهُ إياه ، وخروج يأجُوج ومأجُوج ، وإفسادهم الأرض ، ودعاءه عليهم فيموتون ، وتَجوى الأرضُ من

١٥٦

ريحهم».

ثم ذكر الحديث بطوله : قال أبو عُبيد : قولُه تجتَبىء الأرضُ منهم ، أي تُنِتن ، وهو جَوٍ من أي مُنْتِن ؛ وأنشد :

ثمَّ كان المِزاجُ ماءَ سحاب

لا جَوٍ آجنٌ ولا مطروقٌ

قال : الجَوِي المنْتنُ المتغيّر. وقال :

بَسَأْتَ بَنِيهَا ؛ وجَوِيتَ عنها

وعندي لو أرَدْتَ لها دواء

جويت عنها : أي لم تُوافقك فكرهتها.

أبو عبيد : الْجَوى الْهَوى الباطِن.

وقال ابن السِّكِّيت : رَجُلٌ جَوِي الجَوْف : وامْرَأَةٌ جَوِيَة ، أيْ دَوِي الْجَوف.

أبو عُبيد ، عن أبي زيد : جَوِيَتْ نفْسِي جَوًى ، إذا لم توافِقك البِلاد.

قال ، وقال أبو عمرو : الْجِواءُ الواسعُ من الأوْدِية ، وأنشد :

* يمْعَسُ بالماءِ الْجِوَاءُ مَعْساً*

جأى : قال الليث : الجُؤْوَةُ بوزن الجُعْوَة : لَوْنُ الأجْأَى ، وهو سوادٌ في غُبْرَةٍ وحُمْرَة.

أبو عُبيد عن الأصمعيّ : يقال : كَتِيبَةٌ جَأْوَاءُ إذا كانت عليتها صَدَأُ الحديد.

قال : وإذا خَالَطَ كُمْتَةَ البعيرِ مثلُ صَدَأ الحديد ، فهو الجُؤْوَة ، وبَعيرٌ أَجأَى.

قال ، وقال الأُمويّ : الجُوَّةُ غير مهموز : الرُّقعة في السِّقاء.

يقال : جَوَّيتُ السِّقَاءَ : رَقَعْتُه.

وقال شمِر : هي الجُؤْوَةُ ، تَقديرُ الجُعْوَة.

يقال : مِقَاءٌ مُجْئِيٌ ، وهو أنْ يُقَابِلَ بين الرُّقعتين على الوَهْيِ من ظَاهرٍ وباطن.

قال شمر : وكلّ شيءٍ غَطَّيتَه أو كَتَمْته ، فقد جَأَيتَه.

قال : وقال أبو زيد : جَأَيت سِرَّه كَتَمته ، وما يَجأَى سِقاءُك شَيْئاً ، أي لا يَحبِس الماء ، وما يَجأَى الرَّاعي غَنَمه ، إذا لم يَحفَظها.

ثعلب ، عن ابن الأعرابيّ ، يقال : فلان أحْمَق ما يَجأَى مَرْغَه ، أي لا يَسْتُر لُعَابَه.

قال : وجأَى ، إذا مَنَعَ.

وقال شِمر : جَيَّأْتُ الْقِرْبةَ خِطتُها. وأنشد :

تخَرّقَ ثَفْرُها أيام خُلَّتْ

على عَجَلٍ فَجِيبَ بها أَدِيمُ

فَجيَّأَها النساءُ فخان منها

كَبَعْثَاةٌ ورَادِعَةٌ رَدُومُ

أبو عُبيد ، عن الأصمعيّ ، والفراء : الْجِئَاوَةُ مثل فِعالة : الشيءُ الذي يوضع عليه القِدْرُ إن كان جِلداً ، أو خَصَفَةً أو غيرها.

قال ، وقال الأحمر : هي الْجِئَاءُ ، والجِواءُ أيضاً.

وفي حديث عليّ : «لأنْ أَطَّلِيَ بجِواءِ جِلْدٍ أحَبّ إليّ من أن أطَّلِيَ بزعْفَران».

١٥٧

قال : وجمْع الجِئَاء أَجِئيَة ، وجمع الجِوَاءَ أَجْوِية.

وقال شمر : قال الفراء : جأَوْتُ البُرْمَةَ إذا رَقعتها ، وكذلك النّعل ، وقد جأَى على الشيء إذا عَضَّ عليه.

أبو عدنان ، عن أبي عُبيدة : أَجِئْ هذا ، أي غَطّه.

قال لبيد :

* حَوَاسِرُ لا يُجِئنَ عَلَى الْجِذَام*

أي لا يَسْتُرْنَ. ويقال : أحيءْ عليك ثَوْبك.

ابن السّكّيت : امرأَةٌ مُجَيَّأَةٌ ، إذا أُفضِيَتْ ، فإذا جُومعَتْ أَحْدَثت ، ورجل مُجَيَّأ ، إذا جامعَ سلح.

وقال الفرّاء في قول الله : (فَأَجاءَهَا الْمَخاضُ إِلى جِذْعِ النَّخْلَةِ) [مريم : ٢٣] هو من جِئْتُ ، كما تقول : فجاءَ بها المخاض ، فلمَّا أُلقِيَت الباءُ جُعل في الفعل ألف ، كما تقول : آتيْتُكَ زَيْداً ، تريد أتَيْتُكَ بزيْد.

ومن أمثال العرب : شَرٌّ ما أجَاءك في مُخَّةِ عُرْقوب ، ومنهم من يقول : شَرٌّ ما ألجَأَك. والمعنى واحد.

وتميم تقول : شَرٌّ ما أشاءَك ، وأنشد غيره :

وشَدَدْنَا شَدَّةً صادقَة

فأجاءَتْكم إلى سَفْحِ الجبل

وقال زهير :

وجارٍ سارَ مُعْتمداً إلينا

أجاءَتْهُ المخافةُ والرّجاءُ

أي ألجأتْه معنى قوله : إلى مُخَّةِ عُرقوب ، أن العرقوبَ لا مُخَّ فيه ، فلا يحتاجُ إليه إلا من لا يقدر على شيء.

قال أبو عبيد : ويُضرَبُ هذا لكلِّ مضطر إلى ما لا خير فيه ولا يَسُدُّ مَسَدّاً.

ثعلب ، عن ابن الأعرابيّ ، قال : جَايأَني الرجلُ من قُرْب ، أي قابلني ، ومَرّ بي مُجَايأَةً أي مُقَابَلة.

قلت : هو من جِئْتُهُ مَجيئاً ومَجِيئةً ، فأَنَا جاءٍ وجِيءَ به يُجاء به ، فهو مَجِيءٌ به.

أجأ : قال الليث : أَجَأٌ وسَلْمَى جَبَلا طيِء ، وإذا نُسب إلى أجأ قلت : هؤلاء أَجِئيُّون بوزن أجَعِيُّون.

وقال ابن الأعرابيّ : أَجَأَ ، إذا قَرَّ.

جأي : قال الليث : جِئاوَة اسمُ حَيٍّ من قيس ، قد دَرَجُوا ولا يُعْرفون.

جيأ : والجَيْأة : مُجْتمَعُ ماءٍ في هَبْطةٍ حَوالي الحصون.

أبو عُبيد ، عن الكسائيّ ، وأبي عُبَيدة ، والأمويّ : الجَيْأة الموضعُ الذي يجتمع فيه الماء.

شمر ، عن أبي زيد : الجَيْأَةُ الحُفْرَةُ العظيمة ، يجتمع فيها ماء المطر ، ويَشْرَعُ

١٥٨

الناسُ فيه حُشُوشَهُم.

قال الكميت :

ضفادعُ جَيْأَةٍ حَسِبَتْ أَضَاةً

مُنَضِّبَةً ستَمْنَعُهَا وطيناً

وقال الفرّاء : جاء فلانُ جَيْأَةً. قال : وأما الجِيَّةُ بغير همز ، فهو الذي يَسيل إليه المياه.

وقال الهُذَليّ :

من فوقه شَعَفٌ قُرٌّ وأسْفَلُه

جِيءٌّ تَنَطَّقَ بالظَّيَّانِ والعُتُمِ

وقال شمر : يقال له جِيَّةٌ وجَيأَةٌ ، وكلٌّ من كلام العرب.

وفي «نوادر الأعراب» يقال : قِيّةٌ من ماء ، وجِيّةٌ من ماء ، أي ماءٌ ناقعٌ خَبيث ، إمَّا مِلْحٌ ، وإما مَخْلوط بِبَول.

وقال الليث : الجائية ما اجتمعَ في الخُراجِ من المِدَّة والقَيْح ، يقال : جاءَتْ جائيَةُ الجِرَاح.

وفي حديث : يَأْجوجَ ومأجُوج «فَتَجْوَى منهم الأرض» قال أبو عُبيد : أيّ تُنْتِنُ ، وأنشد :

ثمّ كانَ المِزَاجُ ماءً سحابٍ

لا جَوٍ آجِنٌ ولا مطرُوقُ

قال : والجَوِي المُنْتِن ، والأجِنُ دونَه في التَّغيُّر.

أجج : ثعلب ، عن ابن الأعرابيّ : أَجَ في سيره ، يَؤُجُ أَجّاً ، إذا أسرع وهَرْوَل ، وأنشد :

* يؤُجُ كما أجَ الظَّليمُ المُنَفَّرُ*

وقال الليث : أجَّت النارُ تَؤُجُ أَجيجاً ، وأجَّجْتها تأجِيجاً ، وائتجَ الحَرُّ ائتجاجاً.

والأُجَاجُ : شِدَّةُ الحَرّ.

قال رؤبة :

* وحَرَّقَ الحَرُّ أجاجاً شاعلاً*

قال : والأُجاجُ الماءُ المُرَّ المِلْح ، قال الله تعالى : (وَهذا مِلْحٌ أُجاجٌ) [الفرقان : ٥٣] وهو الشديدُ الملوحة والمرارةَ ، مثل ماء البحر.

ويقال : جاءت أجَّةُ الصَّيف.

أبو عُبيد : الائتجاج : شدّة الحَرّ.

قال ذو الرمة :

* بِأجةٍ نَشَّ عنها الماءُ والرُّطَبُ*.

يأجوج : قال أبو إسحاق في «يأجوج ، ومأجوج» : هما قبيلان من خَلق الله ، جاءت القراءةُ فيهما بهمزٍ وبغير همز.

قال : وجاء في الحديث : «أنَّ الخلقْ من الناس عشرة أجزاء ، تِسْعة منها يأجُوج ومأجُوج» قال : وهما اسمان أعْجَميان واشتقاق مثلهما من كلام العرب يخرج من أَجَّتِ النار ، ومن الماءِ الأُجاج ، وهو الشّديد الملوحة والمرارة ، مثل ماء البحر ، المُحْرِق من مُلوحته ، ويكون التقدير في يأجوج يَفْعُول ، وفي مأجوج

١٥٩

مفعول.

قال : ويجوز أن يكون يَأْجوج فاعُولاً ، وكذلك مأجوج.

قال : وهذا لو كان الاسمان عَرَبِيَّين لكان هذا اشتقاقُهما ، فأما الأعجميَّة فلا تُشْتَقُّ من العربية.

عمرو عن أبيه : أَجَّجَ ، إذا حمل على العدوّ ، وجَأَجَ ، إذا وقف جُنْباً.

ويج : قال الليث : الوَيْجُ خَشبةُ الفَدَّان بلُغةِ عُمَان.

وجأ : في الحديث المرفوع : «من استطاع منكم الباءَة فَليَتَزَوَّج ، ومنْ لم يستطِعْ فعليه بالصَّوْم فإنه له وِجاء».

وقال أبو عُبيد : قال أبو زيد يقال للفحل إذَا رُضَّت أُنثيَاه : قد وُجِئَ وِجاءً ممدود ، فهو مَوجوءٌ ، وقد وَجَأتُه ، فأراد أنَّه يَقْطَعُ النِّكاح لأنَ المَوْجوءَ لا يَضْرِب.

وقال الليث : الوَجْءُ باليد ، والسِّكين.

يقال : أَجَأتُه أَجَؤُهُ وَجْأ مقصور.

وجا : وأما الوَجا فهو شدَّة الحَفَا. يقال : وَجِيَت الدّابةُ تَوْجَى ، وَجاً ، مقصور ، وإنّهُ لَيَتَوَجَّى في مِشْيته ، وهو وَجٍ.

وقال ابن السكِّيت : أَنْ يشتكِي البعيرُ باطنَ خفِّه ، والفرسُ باطن حافرِه.

قال : وقال أبو عُبيدة : الوَجَا : قبل الحَفا ، والحفا قبل النَّقَب.

ثعلب ، عن ابن الأعرابيّ : الوَجِئَة البقَرة.

ابن نَجدة ، عن أبي زيد : الوَجِيءُ : الخَصِيّ.

سَلَمةُ عن الفرّاء : يقال وَجَأْتَه وَوَجَيْتُه وِجاءً.

قال : والوِجاءُ في غيرِ هذا وِعاءٌ يُعمَلُ من جران الإبل ، تَجعلُ فيه المرأةُ غِسْلَتَها ، وقُماشَها ، وجمعه أَوجيَة.

عمرو عن أبيه : جاءَ فلانٌ مْوجًى ، أي مرْدُوداً عن حاجَته وقد أوْجَيْتُه.

وقال الليث : الإيجاءُ أنْ تَزْجرَ الرجلَ عن الأمر ، تقول : أوْجَيتُه فَرَجع.

قال : والإيجاءُ إن يَسأَلَ فلا يُعْطِي السائِلَ شَيئاً.

وقال رَبيعةُ بنُ مَقروم :

أَوْجَيْتُه عَنِّي فأَبْصَر قَصْدَه

وكَوَيتُهُ فَوقَ النَّواظِر مِنْ عَلِ

وقال :

فإنْ تَكُ لا تَصيدُ اليوم شيئاً

فآب قميصُها أوجى وخابا

أبو عُبيد ، عن الكسائيّ : أوْجيتُه أعطيتُه.

قال شمِر : لا أعْرِفه بهذا المعنى ، وأوْجيتُه : رَدَدتُه.

وقال غيره : حَفَر فَأَوْجَى ، إذا انتَهى إلى صَلابَة ولم يُنْبِط. قال : وأوْجى الصَّائِدُ إذَا أخْفَقَ ولم يَصِدْ ، وأوْجأَتِ الكَرِبَّةُ

١٦٠