تهذيب اللغة - ج ١١

محمّد بن أحمد الأزهري

تهذيب اللغة - ج ١١

المؤلف:

محمّد بن أحمد الأزهري


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار إحياء التراث العربي للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٣٤٧

قال : الجارُ والمجِير والمعيذ واحد. ومَن عاذَ بالله ، أي اسْتجار به أجاره ، ومن أجارهُ الله لم يُوصَلْ إليه ، (وَهُوَ يُجِيرُ وَلا يُجارُ عَلَيْهِ) أي يُعيذ.

وقال اللهُ لنَبِيِّهِ : (قُلْ إِنِّي لَنْ يُجِيرَنِي مِنَ اللهِ أَحَدٌ) [الجن : ٢٢]. أي لن يَمْنَعَني من الله أحَدٌ. والجارُ والمجيرُ هو الذِي يَمنعُك ويُجِيرُك.

قال : وقول الله حكاية عن إبليس (وَإِنِّي جارٌ لَكُمْ) [الأنفال : ٤٨] أي إني مُجِيركُم ومعيذُكم من قومي بَني كنانة.

قال : وكان سَيِّدُ العشِيرة إذَا أجارَ عليها إنساناً لم يَخْفِرُوه.

وقول اللهِ جلّ وعزّ : (وَالْجارِ ذِي الْقُرْبى وَالْجارِ الْجُنُبِ) [النساء : ٣٦]. فالجار ذو القربَى هو نسيبُك النازِلُ معك في الْجِواءِ ، أو يكون نازِلاً في بَلْدَةٍ وأنتَ في أُخْرَى فلهُ حُرْمَةُ جِوار الْقَرابة. والجار الجُنبِ : أَلا يكون له مناسباً فَيَجِيءُ إليه فيسأله أنْ يُجيرَه ، أي يَمنعَه ، فينزل معه ، فهذا الجار الجنب له حُرْمَة نزوله في جِوَارِه ومَنَعَتهِ وركونه إلى أمانة وعَهْده ، والمرأة جَارة زوجها ؛ لأنه مُؤْتَمَنٌ عليها وأُمِرَ بأن يُحسنَ إليها ، وأن لا يَتَعَدَّى عليها ؛ لأنها تمسكت بعَقْد حُرْمَة قَرابة الصِّهْر ، وصار زَوْجُها جَارَها ؛ لأنه يُجيرُها ويَمنعها ولا يَعتدِي عليها ، وقد سَمَّى الأعشى امرَأَته في الجاهليةِ جارَة ، فقال :

أيَا جَارتا بِينِي فَإِنَّكِ طالِقَهْ

ومَوْمُوقَةٌ ما دُمْتِ فينا وَوَامِقَهْ

يقال : أجار فُلانٌ مَتاعة فِي وِعائهِ وقد أجاروه في أوعيتهم. وقال أبو المثلّم الهذلي :

كلوا هنيئاً فإن أنفقتُمُ بكلا

مما تُجير بني الرّمداء فابْتَكلوا

تجير : تجعله في الأوعية. وصُرِعَ رجل فأراد صارعُه قتْله فقال : إِجْرِ عليّ إزاري فإني لم أسْتعن ، أراد دَفْعَ الناس من سلبي وتعزيتي.

وقالَ أبو زيد : يُقالُ جاوَرْتُ في بني فلان ، إِذَا جاوَرْتَهم.

ثعلب عن ابن الأعرابيّ : يقال جُرْجُرْ إذا أَمَرْته بالاستعداد لِلْعَدُوِّ ، ويقال : تجاوَرْنا واجتوَرْنا بمعنًى واحد.

جار ـ جير ـ جور : قال قَتادة في قول الله تعالى : (إِذا هُمْ يَجْأَرُونَ) [المؤمنين : ٦٤] قال : يَجْزَعون. وقال السُّدِّي : يَصِيحون.

وقال مُجاهد : يَضْرَعُون دعاء.

الأصمعيّ : جَأَرَ الثَّوْرُ جُؤَاراً ، وخَارَ خُوَاراً ، بمعنى واحد.

وقال اللّيث : يقال جأرت الْبَقرةُ جُؤَاراً ، وهو رَفْعُ صَوْتها ، وجأر القَوْمُ إلى اللهِ

١٢١

جُؤاراً ، وهو أن يَرْفعوا أَصْواتهم إلى الله مُتَضَرِّعِين.

أبو عُبيد ، عن أبي زِيادٍ الكِلابي والأصمعيّ : الجائِرُ حَزٌّ في الحَلْق هكذا رواه أبو عُبيد ، وقال شمر : إنما هو حزّ في الحلق.

وأخبرني المنذريّ عن السَّبَخِيّ عن الرّياشي ، قال : الجَيّارُ الذي يجِدُ حَرّاً شديداً في جوْفه وأنشد :

كَأَنَّما بَيْنَ لَحْيَيْهِ ولَبَّتِهِ

من جُلْبَةِ الجُوعِ جَيارٌ وَإرْزِيزُ

قال : الإرْزيز الطَّعن ، والصَّاروجُ أيضاً يقال : له جَيَّار.

وقال أبو عَمْرو : جيَّرْتُ الحَوْضَ وأَنشد :

إذا ما شَتَتْ لمْ يَسْتَرِبْها ، وإنْ تَقِظْ

تُباشِرْ بِصُبْحِ الْمَازِنِيِّ الْمُجَيَّرَا

وقال ابن الأعرابيّ : إذا خُلِطَ الرَّمَادُ بالنُّورَةِ والجِصّ فهو الجَيّار.

أبو عُبيد ، عن أبي زَيد : يقال جَيْرِ لا أَفْعَلُ ذاكَ ، وبعضهم يقول : جَيْرَ بالنَّصْب معناها نَعَمْ وأَجَل ، وهي خَفْضٌ بغير تَنوين. وقال الكسائي مثله : في الخَفْضِ بلا تَنْوِين.

وقال شَمِر : في قولهم لا جَيْرِ لا حَقّاً ، وتقول : جَيْرِ لا أَفْعَلُ ذاك ، ولا جَيْرِ لا أَفُعَلُ ذاك ، وهي كَسْرَة لا تَنْتَقل ، وأنشد :

جَامِعُ قد أَسْمَعتَ مَنْ تَدْعُو جَيْرِ

وليْسَ يَدْعُو جَامِعٌ إلى جَيْرِ

وقال ابنُ الأنباريّ : جَيْرِ يُوضَعُ مَوْضِعَ الْيَمين.

ابن السكيت : يقال : غَيْثٌ جِوَارٌّ ، إذا كان غَزِيراً كَثيرَ المَطر. ورواها الأصمعيّ : غَيْثٌ جُؤَرٌّ بالهَمْز على فُعَلّ ، أي له صَوْت. وأنشد :

* لا تَسْقِهِ صَيِّبَ عَزَّافٍ جُؤَرْ*

قال : وَجَأَرَ بالدُّعاءِ إذا رَفَع صَوْتَه.

وقال الليث : الجَوْرُ : نَقِيضُ العَدْل ، والجور : تَرْكُ القَصْد في السَّيْر. قال : والفِعْل منهما جَارَ يَجُورُ ، وقَومٌ جَارَةٌ وَجَوَرَةٌ ، أي ظَلَمة ، قال : والجَوّارُ الذي يَعْمَلُ لك في كَرْمٍ أو بُسْتَان أَكَّارا.

قلت : لَمْ أَسْمَع الجَوَّار بهذا المعنى لغير اللّيث.

وقال : الْجِوَارُ بالكسرِ : المُجاوَرَة ، والْجُوَار : الاسْم ، ويجمع الجار أَجْوَاراً وجِيرةً وجيراناً ، وأنشد :

* وَرَسْمِ دارٍ دارِسِ الأجوارِ*

ابن الأعرابيّ : بَعِيرٌ جوَرٌّ : أي ضَخْم ، وأنشدَ :

* بَيْنَ خَشَاشَي بَازِلٍ جِوَرِّ*

والخِشَاشان : الْجُوَالِقان.

أبو عُبيد ، عن أصحابه : طَعَنَه فَجَوَّرَهُ ، وقد تَجَوَّرَ إذا سَقَط. ومنه المثل السائر :

١٢٢

* يَوْمٌ بِيَوْمِ الخَفَضِ المُجَوَّرِ*

وقد مر تفسيره.

وقال غيره : عُشْبٌ جَأْرٌ وغَمْرٌ ، أي كثير ، وأنشد :

أَبْشِرْ فهذِي خُوصَةٌ وجَدْرُ

وعُشُبٌ إذا أكَلْتَ جَأْرُ

وقال آخر :

* وكُلِّلَتْ بالأُقحُوَانِ الْجَأْرِ*

وهو الذي طالَ واكْتَهَل.

أجر : قال الله عزوجل : (عَلى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمانِيَ حِجَجٍ) [القصص : ٢٧].

قال الفرّاء : يقول أَن تَجْعَلَ ثَوَابِي أَنْ تَرْعَى عَلَيَّ غنمي ثمانِيَ حِجج.

وأخبرني المنذريّ ، عن حسين بن فَهْم ، عن محمد بن سلّام ، عن يونس ، قال : معناها على أَنْ تُثِيبَنِي على الإجَارَة.

ومن هذا قول الناس : آجرَكَ اللهُ أَي أَثَابَكَ الله.

وقال الزَّجَّاجُ في قوله : (قالَتْ إِحْداهُما يا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ) أي اتَّخِذْهُ أَجيراً ، (إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ) أي خَيْرَ من استَعْمَلْتَ مَنْ قَوِيَ على عَمَلِكَ ، وأَدَّى الامانةَ فيه.

قال : وقوله (عَلى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمانِيَ حِجَجٍ) أي تكون أَجيراً لي ثَمانِيَ حِجَج.

وقال أبو زيد ، يقال : آجَرهُ الله يَأْجُرُه أَجْراً ، وأَجرْتُ المملوك ، فهو مَأْجُورٌ أَجراً ، وأَجرْتُه أُوجرهُ إيجاراً ، فهو مُؤْجَرٌ ، وكُلٌّ حَسَنٌ من كلام العرب.

قال الله تعالى : (عَلى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمانِيَ حِجَجٍ) [القصص : ٢٧] ويقال : أَجَرَتْ يَدُ الرجل تَأجُرُ أَجْراً وأُجوراً ، وذلك إذا جُبِرَتْ فَبَقِيَ لها عَثْمٌ ؛ وهو مَشَشٌ كَهَيْئَةِ الْوَرَم فيه أَوَدٌ.

أبو عُبيد عن الأصمعيّ : أَجَرَ الْكَسْرُ يَأْجُرُ أُجوراً ، إذا بَرَأَ على اعْوِجَاج ، وآجرْتُهَا أَنَا إيجاراً.

وقال أبو عُبيد ، قال الكسائيّ : الإجَارَةُ في قَول الخَليل أن تكُون القافية طَاءً ، والأخرى دَالاً ، ونحو ذلك.

قلت : وهذا من أُجور الكسر إذا جبِرَ عَلَى غير اسْتِواء ، وهو فِعالَه. مَنْ أَجَرَ يَأْجُرُ ، وهو ما أعْطَيْتَ من أَجرٍ في عَمَل.

قال : والأجر جزَاءُ الْعَمَل ، والأَجَّار : سَطْحٌ ليْسَ حَوالَيْه سُتْرَة. وجمعه أَجَاجِير.

وفي الحديث : «مَنْ باتَ على إجَّار ليس له ما يَرُدُّ قَدَمَيْهِ فقد بَرِيَتْ منه الذِّمَّة» أي على سطح. قاله أبو عُبيد.

قال : والإنْجارُ لُغة. والصَّواب : الإجَّار.

قال ابن السِّكِّيت : يقال ما زالَ ذَاك هِجِّيراه وإجِّيرَاه ، أي دَأْبَهُ وعادَتَه.

الأصمعيّ : قال أبو عمرو : هو الأَجُرُ مُخَفَّفُ الراء ، وهي الآجُرَةُ.

وقال غيره : يقال آجُورٌ وآجُرٌّ ، ويقال لأم

١٢٣

إسماعيلَ النَّبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : هاجَرَ وآجَر.

وقال الكسائيّ : العرب تقول : آجُرَّةٌ وآجُرٌّ للجميع ، وآجِرَة وجمعها آجُرٌ ، وآجُرَةٌ وجمعها آجُرٌ ، وأَجُورَةٌ وجمعها آجُورٌ.

وجر : قال الليث : الْوَجْرُ أن تُوجِرَ ماءً أَوْ دَواءً في وَسَطِ حَلق صَبيّ ، والْميجَر : شِبْه مُسْعُطٍ يُوجَرُ به الصَّبيَّ الدَّواءُ في الحلق ، واسم ذلك الدَّواء : الوَجُور.

ابن السِّكّيت وغيره : اللَّدودُ ما كان في أَحَد شِقَّي الْفَم ، والوَجُورُ في أَيِّ الْفَم كانَ ، والنَّشُوقُ في الأنْف.

وقال الليث : أَوْجَرْتُ فلاناً الرُّمحَ ، إذا طَعَنْتَه في صَدْره ، وأنشد :

أَوْجَرتهُ الرُّمْحَ شَرْياً ثم قلتُ له :

هَذي المرُوءةُ لا لِعْبُ الزَّحَاليق

قال : والْوَجرُ الخوفُ ، يقال : إنِّي منه لأَوْجر ، وأَوْجل ، وَوَجِرٌ وَوَجِلٌ ، أَيْ خائِف.

والْوِجارُ : سَرَبُ الضَّبُع ونَحوهِ إذا حَفَر فأَمعن ، والجميع أَوْجِرَة.

ويقال : تَوَجَّرْتُ الدَّواء ، إذا ابتلعْته شَيئاً بعدَ شيء.

أبو خيرة : إذا شَرِب الرَّجل الماء كارِهاً فهو التَّوَجُّر ، والتَّكارُهُ ، وَوَجرة : مَوضعٌ مَعروف.

وقال أبو عُبيد : الْوَجُورُ وَسَطِ الْفَم ، وقد وَجرْتُه الوَجُورَ ، وأَوُجرتُه ، قال : وأَوْجرتُه الرَّمحَ ، لا غير.

قال : وقال أبو عبيدة : أَوْجَرْتُه الماءَ ، وأَوْجَرْتُه الرُّمح ، وأَوْجرتُه غَيْظاً أَفْعَلْتُه في هذا كُلِّه.

قال : وقال أبو زيد : وجرَته الدَّوَاء أَجرِهُ وَجْراً ، إذا جعَلْتَه في فيه.

أبو عبيد ، عن أبي زيد : يقال لجُحْرِ الضَّبَع والذئب. وِجَار وَوَجار.

رجا : قال الليث : الرَّجاءُ ممدود وهو نقيض الْيَأْس ، والفعل منه ، رَجَا يَرْجُو ، ورَجِيَ يَرْجَا ، وارْتَجَى يَرْتَجِي ، وتَرَجَّى وَيَتَرَجَّى.

قال : ومَنْ قال فعلتُ ذَاكَ رَجاةَ كذا وكذا ، فهو خَطأ ، إنما يقال رَجاءً كذا وكذا.

قال : والرَّجْوُ المُبالاةُ ، يقال : ما أرجو ، أي ما أُبالي.

قلت : أَما قوله : رَجِيَ يَرجَى ، بمعنى رَجَا. فما سمعته لغير الليث. ولكن يقال : رَجِيَ الرَّجُل يَرجَى إذا دُهِشَ.

وأَخْبرني المنذريّ ، عن ثعلب عن سلمة عن الفراء ، قال : يقال بَعِلَ ، وبَقِرَ ، ورَتِج ، ورَجِيَ ، وعَقِرَ ، إذا أرادَ الْكلامَ فأُرْتِجَ عليه.

وأما قوله : الرَّجْوُ الْمَبالاة ، فهو مُنْكَر ، إنما يُسْتعمل الرَّجاءُ في موضع الخوف إذا كان معه حَرْفُ نَفْي.

١٢٤

ومنه قولُ الله جلَّ وعزَّ : (ما لَكُمْ لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقاراً (١٣)) [نوح : ١٣] المعنى : ما لكُمْ لا تَخافون لله عَظَمة ، ومنه قول الرَّاجز.

أنشده الفراء :

لا تَرْتَجِي حين تُلاقِي الذَّائدَا

أَسَبْعَةٌ لاقَتْ مَعاً أَوْ وَاحداً

قال الفراء : وقد قال بعضُ المفَسِّرين في قول الله : (وَتَرْجُونَ مِنَ اللهِ ما لا يَرْجُونَ) [النساء : ١٠٤]. إنَّ معناه تخَافُون.

قال الفراء : ولم نَجدْ مَعْنَى الْخوف يكونُ رَجاءً إلا ومعه جَحْد. فإذا كان كذلك كان الخوفُ على جهةِ الرَّجا والْخوف ، وكان الرَّجَا كَذلِكَ ، كقول الله جلَّ وعزَّ : (قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللهِ) [الجاثية : ١٤] هذه للَّذين لا يَخافونَ أيامَ الله.

وكذلك قوله : (ما لَكُمْ لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقاراً (١٣)) [نوح : ١٣].

وقال أبو ذؤيب :

إذا لسَعَتْهُ النحْل لم يَرْجُ لَسْعَتَها

وحَالَفها في بَيْتِ نُوبٍ عَوامِل

قال : ولا يَجوزُ رَجوْتك وأنْتَ تُريدُ خِفتُكَ ، ولا خِفتُكَ وأنت تريدُ رَجوْتُك.

وقال الليث : الرَّجا مَقصور : ناحيَةُ كلِّ شيء ، والجميع : الأرْجاء. والاثنان : الرَّجَوَان ، ومنه قول الله تعالى : (وَالْمَلَكُ عَلى أَرْجائِها) [الحاقة : ١٧] أي نواحِيها.

وقال ذو الرمة :

بَيْنَ الرَّجا والرَّجا من جَيْبِ وَاصِيةٍ

يَهْماء خَابِطُها بالْخَوفِ مكعوم

والأرْجاءُ يُهْمزُ ولا يُهمز.

قال ابن السكيت : يقال أَرْجَأْتُ الأمر وأَرْجيته ، إذا أخَّرتَهُ.

قال الله جلَّ وعزَّ : وآخرون مرجؤن لأمر الله [التوبة : ١٠٦]. وقرئ : (مُرْجَوْنَ لِأَمْرِ اللهِ). وقرىء : (أَرْجِهْ وَأَخاهُ). وقرىء :

(أَرْجِئْهُ وأَخَاه).

قال : ويقال هذا رجلٌ مُرْجِيٌ ، وهم المُرْجِئَةُ ، وإن شئت قلت : مُرْجٍ ، وهُم الْمرجيَة.

قال : وينسبون إليه في قول مَنْ لا يَهمِز مُرْجِيٌ ، ومن قال بالهمز قال : مُرْجَائيَّ.

وقال غيره : إنما قيلَ لهذه العِصَابة مُرْجئة ، لأنَّهم قَدَّموا القولَ. وأَرجئوا الْعَمل. أي أَخَّرُوه.

وقال أبو عمرو : أَرْجَأَت الْحامِلُ إذا دَنَا أن يَخْرُجَ وَلَدُهَا ، فهي مُرْجئٌ ومُرْجئةٌ.

وقال ذو الرمة :

* إذا أرْجَأَتْ ماتَتْ وَحَىَ سَلِيلُها*

ويقال : أرْجَتْ بغير همزٍ أيضاً.

روج : أبو العباس عن ابن الأعرابيّ : الرَّوْجةُ الْعَجَلَة.

وقال الليث : تقول رَوَّجتُ له الدراهم.

١٢٥

قال : والأوَارِجةُ من كُتب أصحاب الدَّواوين في الْخَراج وغيره.

يقال : هذا كتاب التّأْرِيج.

وقال غيره : رَوَّجتُ الأمرَ فراجَ يَرُوجُ رَوْجاً إذا أرَّجتَه.

أرج : قال الليث : الأَرْجُ نَفحةُ الرِّيح الطَّيِّبَة.

تقول : أرِجَ البيتُ يأْرَجُ أَرَجاً ، فهو أَرجٌ بريحٍ طَيِّبَة ، والتَّأْرِيجُ شِبْهُ التّأْرِيشِ في الْحَرب. وقال العجاج :

* إنا إِذَا مُذْكِي الحُرُوبِ أَرَّجا*

والأرِيجَةُ : الرائِحةُ الطَّيِّبة ، وجمعها الأرَايِيج.

وقال غيره : أَرَّثْتُ النارَ وأَرَّجتُها ، إذا شَعْلَتها.

وقال الليث : اليارجان كأنه فارِسيَّة ، وهو من حُلِيِّ اليدين.

وقال غيره : الأيَارِجة دَواء. وهو معرَّب.

[باب الجيم واللام]

ج ل (وا يء)

جلا ، (جلى) ، جال ، لجأ ، ولج ، وجل ، أجل ، جلأ ، جيل.

جلا : قال اللّيث : يقال جَلا الصيْقَلُ السَّيفَ جِلاءً ، واجتَلاه لِنَفسه.

قال لَبِيد :

جُنوحُ الهالِكيِّ على يَدَيْه

مُكِبّاً يجتَلِي نُقَبَ النِّصَالِ

قال : والماشِطَة تَجلُو العروس جَلْوةً وجِلْوَة. وقد جُلِيَتْ على زواجها.

واجتلَاها زوْجُها ، أي نَظَر إليها. وأمْرٌ جَلِيٌ : واضِحٌ.

وتقول : أَجْلِ لي هذا الأمرَ ، أي أَوْضِحْهُ.

وقال زهير :

وإنَّ الْحَقَّ مَقطعُه ثَلاثٌ

يمينٌ أوْ نِفَارٌ أَوْ جِلَاءُ

قال : يريد بالجِلاء الْبَيان ، والنِّفار الْمحاكَمة ، وأراد بالجِلاء البينَة والشُّهود.

وقال اللّيث : يقال ما أقَمتُ عندهم إلَّا جِلاءً يومٍ واحد ، أي بَياضَ يَوْمٍ واحد.

وقال الراجز :

مَا ليَ إنْ أَقْصَيْتَنِي من مَقْعَدِ

ولا بِهَذِي الأرْض من تَجلُّدِ

* إلَّا جلاءَ اليوم أو ضُحَى الْغَدِ*

ويقال للمريض : جَلَا اللهُ عنه المرض ، أي كَشَفَه ، والله يُجَلِّي السَّاعَة ، أي يُظْهِرُها.

قال الله : (لا يُجَلِّيها لِوَقْتِها إِلَّا هُوَ) [الأعراف : ١٨٧].

والْبَازِي يُجَلِّي إذا آنس الصَّيْد ، فرفع طَرْفَه ورأْسه ، وتَجَلَّيْتُ الشَّيءَ ، إذا نَظَرْتَ إليه.

وقول الله جلَّ وعَزَّ : (فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ) [الأعراف : ١٤٣].

حَدَّثني المنذريّ ، عن أبي بكر الخطّابيّ

١٢٦

عن هُدْبَة ، عن حَمَّاد ، عن ثابت ، عن أَنسَ ، قال : قرأ رسولُ الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : (فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا) [الأعراف : ١٤٣] قال : وَضَعَ إبْهامَهُ على قَريبٍ من طَرَفِ أَنْمُلَةِ خِنْصَرِه ، فَساخَ الجبَل.

قال حمّاد : قلت لثابِت : تَقول هذا؟

فقال : يقوله : رسولُ الله ، ويقوله أَنَس ، وأَنا أكتُمْه.

وقال الزّجاج في قوله : (فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ) أيْ ظَهَرَ وَبَانَ ، وهو قول أَهْلِ السُّنّة والجماعة.

وقال اللّيْث : قال الحسن : تَجَلَّى بَدَا لِلْجَبَلِ نُور العَرْش.

ثعلب ، عن ابن الأعرابيّ : جَلاهُ عن وطَنِه ، فَجَلا ، أي طَرَدَهُ فَهَرَبَ ، قال : وجَلَا أيضاً ، إذا عَلا ، وجَلَا ، إذا اكتَحَل ، قال : والجَلَا. مَقصور ، والجِلَاءُ مَمدود ، والجِلَا مَقصور : الأثمِد ، وأنشد :

أَكحُلْكَ بالصّابِ أو بالجِلا

فَفَتِّحْ لذلك أو غَمِّضِ

ويقال : جَلَا القَومُ عن أَوْطَانِهم ، يَجْلُون ، وأَجْلَوْا ويُجلُون ، وجَلّوا يُجِلُّون ، إذا خَرجوا من بَلَدٍ إلى بَلد ، ومنه يقال : استُعمِلَ فلانٌ على الجَالِيةَ ؛ والجَالّةِ لُغَتان.

والجَلاءُ ممدود مَصدَرُ جَلا عَن وَطَنه ، ويقال : أَجلاهم السُّلطان فأَجْلَوْا وجَلَوْا ، أي أخرَجَهم فَخَرجوا.

وقيل لأهلِ الذِّمّة : الجالِيَة ؛ لأنّ عمر بن الخطاب أَجلَاهُم عن جزيرة العرب لِما تَقَدّمَ من أمر النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم فيهم ؛ فسُمُّو جالِيَة. ولزمهم هذا الاسم أيْنَ حَلُّوا ثُمّ لَزِمَ كُلّ من لَزِمتْه الجِزية من أهلِ الكتاب بكُلِّ بَلَد ، وإن لم يُجلَوا عن أَوطانهم.

وقال الأصمعيّ : يقال : جَلّى فلانٌ امرَأَتَه وَصيفاً حين اجتَلاها ، أي أعطاها وصيفاً عِندَ جَلْوَتِها. ويقال : ما جِلْوَتُها بالكسر.

فيُقال : كَذَا وكَذَا.

وقال أبو زيد : يُقال : جَلَوْتُ بَصَرِي بالْكُحْلِ جَلْواً. وَانجَلى الْفَمُ انجلاءً.

وجَلَوتُ عَنِّي هَمِّي جَلواً ، إذا أَذهَبتَه.

وأَجْلَيتُ العمامَةَ عن رَأْسي ، إذا رَفَعتها مع طَيِّها عن جَبِينك.

وقال أبو عبيد : إذا انحسر الشّعرُ عن جانِبي جَبْهَة الرّجُل ، فهو أَنزَع ، وإذا زاد قليلاً فهو أَجْلَح ، فإذا بَلَغَ النِّصفَ ونحوه فهو أَجلَى ، ثم هو أَجْلَهُ ، وأَنشد :

* مَعَ الجَلَا ولائِحِ القَتِيرِ*

وقد جَلَى يَجْلِي جَلًى ، فهو أَجْلَى ، وانْجَلى الظّلامُ انْجِلاءً ، إذا انكَشَفَ ، ويقال للرجل إذا كان عَالي الشّرف ، لا يَخْفَى مكانُه : هو ابْنُ جَلَا.

وقال القُلاخ :

١٢٧

أنا الْقُلَاخُ بنُ قُلاخِ بنِ جلَا

ابنُ جَتَاثِيْر أَقُودُ الْجَمَلا

وقال سُحَيْم بن وَثيل الرّياحي :

أَنا ابْنُ جَلا وطَلّاعُ الثّنايا

مَتَى أَضَعِ الْعِمامَةَ تَعْرِفوني

ويقال : تَجلّى فلانٌ مكانَ كَذا ، إذا علاه ، والأَصْل : تَجَلّله.

قال ذو الرمة :

فَلَمّا تَجَلّى قَرْعُها الْقاعَ سَمْعَه

وبَانَ له وَسْطَ الأَشاءِ انْغِلالُها

قال أبو نصر : التّجَلِّي النّظَر بالأشراف.

وقال غيره : التّجَلِّي التّجَلُّل ، أي تَجَلّلَ فَرْعُها سَمْعَه في الْقاع.

رواه ابن الأعرابيّ :

* تَجَلّى فَرْعُها الْقاعَ سَمْعَه*

وقال الله جَلّ وعَزّ : (وَالنَّهارِ إِذا جَلَّاها (٣)) [الشمس : ٣].

قال الفراء : إذا جَلّى الظُّلْمة ، فجازت الكِنَايَة عن الظّلْمة ، ولم تُذْكَر في أوّله : لأنّ معناها مَعْروف ، أَلا تَرى أنك تقول : أصْبَحت بارِدَةً ، وأَمْسَتْ عَرِيّةِ ؛ وهَبّتْ شَمالاً ، فكَنّى عن مُؤَنّثات لم يَجْرِ لَهُنّ ذِكْر لأن مَعناهُن مَعْروف.

وقال الزّجّاج : إذا جَلّاها إذا بَيّنَ الشّمس ؛ لأنّها تَتَبين إذا انْبسط النهار.

وقال الليث : أَجْلَيْتُ عنه الْهَمّ إذا فَرّجت عنه ، وانْجلت عنه الهموم ، كما تَنْجَلِي الظُّلمة.

ويقال : أَخْبرني عن جَلِيّةِ الأمْر ، أي حَقِيقَتِه.

وقال النابغة :

وآبَ مُضِلُّوه بِعَيْنٍ جَلِيّةٍ

وغُودِرَ بالجوْلَانِ حَزْمٌ وناثِلُ

يقول : كذّبُوا بخَبره أَول ما جاء. فجاء دافِنوه بخبر ما عايَنُوه.

ابن السِّكِّيت : قال الكِسَائيّ : فعلت ذاك من إجلَاك ، وأَجلَاك ، ومن جلالِكَ ، أي فعلته من جَرّاكَ.

جول ـ جيل : قال الليث : يُقال جالُوا في الحرب جَوْلَةً ، وجالوا في الطّوفان جَوَلاناً وجوّلتُ البِلادَ تَجْويلاً ، أي جلْت فيها كثيراً.

والْجَوْلَانُ : التّراب الذي تَجُولُ به الريح على وجه الأرض.

قال : والْجَوْلُ والْجُولُ ، كُلٌّ لغاتٌ في الْجَوَلَان. قال : ويقال جَال التُّراب وانْجال. قال : وانْجِياله انكِشاطُه. قال : ويقال للقوم إذا تركوا الْقَصْدَ والهُدى : اجتالهم الشيطان أي جالوا معه في الضّلالة.

وفي الحديث : «إنّ الله جلّ وعزّ قال : إنِّي خَلَقْتُ عِبَادِي حُنفَاءَ فاجتالتهم الشّياطين»

١٢٨

أي اسْتَخَفّتْهُم ، فجالوا معها.

وقال الليث : وِشَاحٌ جَايِلُ ، وبطانٌ جَايِلُ وهو السّلِس.

ويقال : وِشَاحٌ جالٌ ، كما يُقال : كَبْشٌ صائِفٌ ، وصَافٌ ، ورجل شائِكُ السِّلاح ، وشَاكٌ. ويقال : أَجَلْتُ السِّلاح بين القوم إذا حَرّكْتَها ثم أَفَضْتَ بها في القِسْمة ، ويقال : أَجالوا الرّأيَ فيما بينهم.

أبو عُبيد ، عن الفرّاء : اجْتَلْتُ منهم جَوْلاً ، وانتضَلْتُ منهم نَضْلَةً معناهما الاختيار.

أبو عبيد : الْجَالُ والْجولُ نواحي البِئر من أَسفلها إلى أعلاها.

وقال أبو الهيثَم : يقال للرّجل الذي له رأي ومُسْكَة : رجلٌ له زَبْرٌ وجَولٌ ، أي تَماسُك لا ينهدِمُ جُولُه ، وهو مَزبُورٌ ما فوق الجُولِ منه ، وصُلْبٌ ما تحت الزّبْرِ من الجُول.

ويقال للرجل الذي لا تماسُك له ولا حزْم : ليس لفلان جُولٌ أي ينهدِم جُولُه ، فلا يُؤْمَنُ أن يكون الزّبْرُ يسقُط أيضاً.

وقال الرّاعي يمدح عبد الملك :

فأَبوكَ أَحْزَمُهم ، وأنت أميرهم

وأشَدُّهمْ عند العزائم جُولاً

ويقال في مَثَل : ليس لفلان جُولٌ ولا جالٌ ، أي ليس له حزم.

شَمر ، عن ابن الأعرابيّ ، قال : الجولُ الصخرة التي في الماء ، يكون عليها الطّيُّ ، فإنْ زالت تلك الصّخْرة ، تهوّر البئر ، فهذا أصل الجُول ، وأنشد :

أَوْفَى على رُكْنين فوق مَثَابةٍ

عن جُولِ نازحةِ الرِّشاءِ شَطُونِ

وقال الليث : جالا الوادي جَانبا مائه ، وجالا البحر شطّاه ، والجميع الأجوال ، وأنشد :

* إِذا تنازعَ جالا مَجْهَلٍ قذَفٍ*

أبو عبيدة ، عن الفرّاء ، قال : جَوَلانُ المالِ : صغارُه ورديئُه ، وجَوْلان : قريةٌ بالشام.

وقال اللحيانيّ : يومٌ جولانيُ ، وجَيْلانيّ : كثيرُ التراب ، والرِّيج.

ورُوِي عن عائشة ، أنّها قالت : كان النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم إذا دخل إليها ، لبس مِجْوَلا.

قال أبو العَبّاس ، قال ابن الأعرابيّ : المجْوَلُ الصُّدْرةُ ، وهو الصِّدار ، قال : والمجوَلُ الدرهمُ الصحيح ، والمجوَلُ العُوذَةُ ، والمجولُ : الحمار الوحشيُّ ، والمجوَلُ هلالٌ من فِضّةِ يكون وسطَ القلادة ، والأجوليُ من الخيل : الجَوّالُ السريع.

جلأ : أبو زيد : جَلأْتُ بالرجلِ أَجَلأُ به جَلأً إذا صَرَعَته ، وجلأ بثوبه : رمى به.

أبو عُبيد : الاجئِلال بوزن الافعِلال :

١٢٩

الفزَعُ والوَجل.

وأنشد :

* للقَلْبِ من خوْفِهِ اجْئِلَالُ*

شَمر ، عن ابن الأعرابيّ : اجئلال أصله من الوجل ؛ قلت : لا يَسْتَقيم هذا القول إلا أن يكون مقلوباً كأنه في الأصل إيجْلال ، فأُخِّرت الياءُ والهمزة بعد الجيم. وفيه وجهٌ آخر.

قال أبو عبيد ، قال أبو زيد : من أسماء الضِّباع. والجَيْأَل.

قال : وقال الكسائي : هي الجَيْأَلة.

وقال أبو الهيثم ، قال ابن بُزُرْج ، قالوا : في الجيأَل ، وهي الضبُع ، جأَلَت تجأَلُ ، إذا أجمعت.

قال :

وكان لها جاران لا يُخفرانها

أبو جَعْدَةَ العادي وعَرفاءُ جَيْأَل

أبو جَعْدَة : الذئب ، وعَرفاء : الضبع. وإذا اجتمع الضبع في غنم منع كلُّ واحدٍ منهما صاحبَه ، وقال سيبويه في قولهم : اللهُمّ ضبُعاً وذئباً أي اجمعهما ، وإذا اجتمعا سلمت الغنم.

قال : والجَأَثانُ مثلُ مَشي الظليم وما أشبهه من مَشي الناس ، وقد جأثت جأَثاناً.

قلت : وجائز أن يكون اجْئِلال افعِلالاً من جَأَلَ يجأَلُ إذا ذهب وجاء ، كما يقال : وجَف القلبُ إذا اضْطَرَبَ.

وجل : قال الليث : الوجَل ، الخوْف ، وأنا وَجلٌ من هذا الأمر ، وقد وجِلْتَ ، فأنت تَوجلَ ، ولُغةٌ أخرى تَيْجلُ ، ويقال تأجل ، وهو وَجِلٌ وأوْجل ، وأنشد :

لَعَمْرَكَ ما أَدْرِي وإني لأَوْجلُ

عَلَى أَيِّنا تَعْدو المنيّة أَوّلُ

جيل : أخبرنا ابنُ رزين ، عن محمد بن عمرو ، عن الشاه ، عن المؤرج في قول الله جل وعز : (إِنَّهُ يَراكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ) [الأعراف : ٢٧] أي جِيلُه ومعناه جِنسه.

وقال عمرو بن بجر : جَيْلانُ فَعَلَةُ الملوك.

وكانوا من أهل الجيل : وأنشد :

أتيح لهُ جَيلانُ عند جِدَاره

وردّد فيه الطرفَ حتى تحيّرا

وأنشد الأصمعيّ :

أرسل جَيلانَ ينحِتون له

ساتيدَ ما بالحديد فانصدَعا

وقال الليث : الجيلُ كلُّ صنف من الناس ، التُّرك جيل ؛ والصِّين جيل ، والجميع أجيال ، وجَيْلانُ : جيلٌ من المشركين خلف الدّيلم ، يقال لهم : جيلُ جيلان.

ولج : في «نوادر الأعراب» : وَلّجَ فلانٌ ماله توْليجاً ، إذا جعله في حياته لبعض ولَدِه

١٣٠

فتسامَع الناسُ بذلك ، فانَقَدَعُو عن سُؤاله.

وقال الليث : الولُوج الدُّخول ، قال الله جلّ وعزّ : (وَلَمْ يَتَّخِذُوا مِنْ دُونِ اللهِ وَلا رَسُولِهِ وَلَا الْمُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً) [التوبة : ١٦].

وقال أبو عبيدة : الوليجةُ البطانَة ، وهي مأخوذة من وَلَج يَلِجُ وُلوجاً ، إذا دخل ، أي يَتّخذوا بينهم وبين الكافرين دخيلةَ مَوَدّة.

وأخبرني المنذريّ عن الغسّانيّ ، عن أبي عبيدة ، أنه قال : وَلِيجَةُ ، كلّ شيءٍ أدخلته في شيءٍ ليس منه فهو وليجة ، والرجل يكون في القوم وليس منهم فهو وليجةٌ فيهم. يقول : فلا تتخذوا أولياء ليسوا من المسلمين دون الله ورسوله. ومنه قوله :

فإنّ القوافي يَتّلجْنَ مَوَالجاً

تضايَقَ عنه أن تَولّجهُ الأمرْ

وقال الفراء : الوليجةُ البِطانةُ من المشركين.

والتّوْلَجُ : كِنَاسُ الظِّباء وبَقَر الوحش ، وأصله «وَوْلَج» فَقُلِبَتْ إحدى الواوين تاء ، وقد اتّلَجَ في تَوْلَجِه ، وأَتْلَجُهُ الْحَرُّ فيه ، أي أَوْلَجه.

وقال الليث : جَاءَ في بعض الرُّقَى : أَعُوذُ باللهِ من كُلِّ نَافِثٍ ورَافثٍ ، وشَرِّ كُلِّ تَالِجٍ وَوَالِج.

وقال ابنُ الأعرابيّ : أَوْلَاجُ الْوَادِي : مَعاطِفُه وزواياه ، وَاحِدَتها وَلَجَة ، وتُجْمَعُ : الْوُلُج ، وأنشد ابن الأعرابي :

أَنْتَ ابنُ مُسْلَنْطِحِ الْبِطاحِ ولَمْ

تَعْطِفْ عليك الحُنِيُّ والْوُلُجُ

قال : الْحُنِيُّ : الأَزِقّةِ والوُلُجُ مثله ، والْوُلُجُ : النّواحي ، والْوُلُج أيضاً : مَغَارِف الْعَسَل. وقال ابن السكيت : الوَلَجَةُ مكانٌ من الوادي دايعه فيها شجر ، وأنشد :

* ولم تُطرّق عليك الحنِيُّ والوَلَجُ *

قال : والوَلَج : جمع وَلَجةٍ.

لجأ : أبو زيد : لَجأَتُ إلى المكان ، فأَنا أَلْجأُ إليه لُجوءًا وَلَجْأً. وأَلْجَأْتُ فُلاناً إلى الشّيء إِلْجاءً إذا اضْطَرَرْتَه ، ولَجَأ : اسم رجل.

يقال : أَلْجَأْتُ الشّيء ، إذا حَصّنْتَه في مَلْجأ ولجاء والْتَجأْتُ إليه الْتِجاءً.

وقال أبو الهيثم : التّلجِئَةُ أَنْ يُلجئَكَ أن تَأتِيَ أمراً باطنُه خلافُ ظاهره ، وذلك مثلُ إشْهادٍ على أَمْرٍ ظاهرٍ ، وباطنه خلاف ذلك.

وقال ابن شُميل : أَلْجأتُه إلى كذا ، أي اضْطَررته ، قال ولجّأ فلان ماله ، والتّلجئَةُ أن يَجْعَلَهُ لبَعْضِ وَرَثَتِه دونَ بَعْض ، كأَنّه يَتَصَدّق به عليه ، وهو وارثهُ ، قال : ولا تَلجِئَةَ إلّا إلى وارِث. قال ابن الأنباريّ : اللّجَأُ مهموز مقصور : ما لجأتَ إليه ، واللجا مقصور غير مهموز : جمع لجاةٍ.

وهي الضِّفْدَعَةُ الأنثى ، يقال لذكرها : لَجأَ.

١٣١

قال ابن شميل : ويقال : أَلَكَ لَجَأٌ يا فلان؟ واللّجَأُ : الزّوجة. وقال اللِّحيانيّ : يقال : ما لي فيه حَوْجَاءُ وَلا لَوْجَاء ، وما لي فيه حُوَيجاء ، ولا لُوَيجاء كلاهما بالمَدّ ، أي ما لي فيه حَاجَة.

وقال غيره : يقال ما لِيَ عليه عِوَجٌ ولا لِوَج.

أجل : قال الليث : الأجَلُ غايةُ الوقْت في المَوت ، ومَحَلُّ الدّيْن ونحوه.

أبو عُبَيْد عن أبي زيد : أَجَلْتُ عليهم آجَلُ أَجْلاً : أي جَرَرْتُ جَريرةً.

وقال أبو عمرو ، ويقال : جَلَبْتُ عليهم ، وجَرَرْتُ ، وأَجَلتُ ، بمعنًى واحد ، أي جَنَيْت. الكسائي : فعلت ذَاك من أَجْلَاك وإجْلاكَ ومن جَلَالِكَ بمعنًى واحد.

الحرانيّ عن ابن السكّيت : فعلتُ ذاك من أجْلكَ ، وإذا اسْقَطْتَ «مِنْ» قلتَ : فعلتُ ذاك أَجْلَكَ. هذا كلامُ العرب ، ومن أجل جَرّاك ، وإذا جِئْتَ بـ «من» قلت : من أجلِكَ. وتقول أجَلَ هذا الشيء يأجِلُ فهو آجِل ، وهو نَقيض الْعَاجل ، قال : والأجيلُ والْمُؤَجّلُ إلى وَقْت ، وأنشد :

* وغَايَةُ الأَجِيلِ مَهْوَاةُ الرّدَى*

الحَرانيّ عن ابن السكيت : الأجْلُ : مَصْدَر أَجَلَ عليهم شَرّاً يَأجِلَهُ أَجْلاً إذا جَنَاه عليه.

وقال خَوّاتُ بن جُبَيْر :

وأهْلِ خِبَاءٍ صَالحٍ ذاتُ بينهم

قد احْتَرَبوا في عاجِلٍ أنا آجِلُه

أي جَانيه.

قال : والأَجْلُ الْقَطيعُ من بَقَر الوحش ، وجمعه الآجَال.

قال : وحَكَى لنا الفَرّاء : والإجْلُ وَجَعٌ في الْعُنق.

وحكي عن أبي الجرّاحِ ، أنه قال : بي إجْلٌ فَأَجِّلوني ، أي دَاوُوني.

ثعلب ، عن ابن الأعرابيّ ، قال : هو الأَجَلُ والأَدَل ، وهو وَجَعُ العُنُق من تَعادِي الْوِسَاد.

وقال الأصمعيّ : هو الْبَدَلُ أيضاً ، وقول الله جلّ وعزّ : (مِنْ أَجْلِ ذلِكَ كَتَبْنا عَلى بَنِي إِسْرائِيلَ) [المائدة : ٣٢]. الأَلفُ مقطوعةٌ من جَرّى ذلك وربّما حَذَفَت العرب مِنْ فقالت : فَعَلْتُ ذاكَ أجْلَ كذا.

قال عدِيّ :

أجْلَ أنّ اللهَ قد فَضّلَكُمْ

فوق ما أحكي بصُلْب وإزارِ (١)

رواه شَمِر : إجْلَ أَنّ اللهَ قد فضّلكم.

وقال الليث : الآجِلَة الآخِرة ، والعاجِلَةُ الدُّنيا.

قلت : والأُصل في قولهم فَعَلْتُه من أجلِكَ ، من قولهم أجَلَ عليه أجْلاً ، أيْ

__________________

(١) كذا في المطبوع ، وفي «اللسان» بإزار.

١٣٢

جَنَى وَجَرَّ. والمَأجَل : شِبْهُ حَوْضٍ واسعٍ يُؤْجَلُ فيه ماءُ القَناة إذا كان قليلاً ، أي يجْمَعُ ، ثم يُفجَّر إلى المزرعة ، وهو بالفارسية طَرخَا.

وقال غير الليث : المأْجَلُ : الجِبَأةُ التي يجتمع فيها مياه الأمطار من الدّور قلت : وأصلُ قولهم : من أجلك ، مأخوذ من قولك : أجَلْتُ ، أي جَنيت ، وهو كقولك : فعلت من جرَّاك.

وبعضهم لا يهمِزُ المأْجَل ، وبكسر الجيم ، فيقول الماجل ، ويجعله من المَجْل ، وهو الماء يجتمع في النُّقطة تمتلىء ماء من عَمَل أو حَرَق.

وأَجَلْ : تَصْديقٌ لخبرٍ يُخْبِرُك به صاحِبُك ، فنقول : فَعل فلان كذا وكذا ، فَتُصَدِّقه بقَولك له : أجَلْ ، وأَمَّا نعم ، فإنَّه جواب المستَفْهِم بكلام لا جحَدْ فيه ، يقول لك هل صَلَّيْت ، فتقول : نعم.

[باب الجيم والنون]

ج ن (وا يء)

جنى ، جنأ ، وجن ، نجا ، نجأ ، جون ، ونج ، نأج ، أجن ، نوج : [مستعملة].

جنى : رُوِيَ عن عليّ بنِ أبي طالب رضي‌الله‌عنه أنَّهُ دَخَلَ بَيتَ المال ، فقال : يا حَمْراءُ ، ويَا بَيْضَاءُ احْمَرِّي وابْيَضِّي.

وغُرِّي غَيْري.

هذا جَنَايَ وخِيَارُه فيه

إذْ كلُ جانٍ يَدُه إلى فيه

قال أَبو عبيد : يُضرَبُ هذا مثلاً للرجل يُؤثِرُ صاحبه بخيار ما عنده.

وذكر ابن الكلبي أنَّ المثل لعمرو بن عَدِيِّ اللّخْمِيّ ابن أخت جَذِيمَة ، وأن جذيمة نزل منزلاً وأمَرَ الناسَ أن يَجتنُوا له الْكَمْأَةَ ، فكان بعضهم يَستأثر بخير ما يجد ، فعندها قال عمرو :

هذا جَنَايَ وخِيارُه فِيه

إذْ كُلُ جانٍ يَدهُ إلى فيه

وقال الليث : يقال : جنى الرجل جناية ، إذ جرّ جريرةً على نفسه أَوْ على قَوْمه يجني ، وتجنَّى فلانٌ على فلان ذنباً لم يَجْنِه ، إذا تَقَوَّله عليه وهو برئ.

والجَنَى : الرُّطَبُ.

وأنشد الفراء فيه :

* هُزِّي إليْك الجِذعَ يَجنِيك الجَنَى *

ويُقال للعسل إذا اشْتِير : جَنًى ، وكلُّ ثَمَرٍ يُجتَنَى ، فهو جَنًى مقصور.

والاجتِناء : أَخْذُكَ إيَّاه ، وهو جنًى ما دام طَرِيّاً ، ويُقال لكل شيء أُخِذَ من شَجره قد جُنِيَ واجتُنِيَ.

وقال الراجز يذكر الكَمْأَة :

* جنَيْتُهُ من مُجْتَنى عَويص*

وقال آخر :

* إنكَ لا تَجْنِي من الشّوْكِ العِنَبْ*

ويقال للثّمر إذا صُرِمَ : جَنِيّ.

١٣٣

وقال أبو عُبيد : يقال جنَيتُ فلاناً جَنًى أي جنَيْتُه له ، وأنشد :

ولَقَدْ جَنَيْتُكَ أَكْمُؤاً وعَساقِلاً

وَلَقَد نَهَيْتُكَ عن بَناتِ الأوْبَرِ

وقال شمِر : جنيتُك جنَيْتُ لَكَ وَعَلَيْك ، ومنه قولك :

جانِيكَ مَنْ يَجني عليك وقَدْ

تُعْدِي الصِّحاحَ فتَجْرَبُ الجُرْبُ

قال أبو عبيد في قولهم : جانيكَ مَنْ يَجنِي عليك ، يُضْرَب مَثلاً للرّجل يُعاقَب بجنايته ، ولا يُؤخَذُ غيره بذَنبه.

وقيل معناه : إنما يَجنِكَ مَنْ جنايَتُه راجعة إليك ، وذلك أنَّ الإخوة يجنون على الرجل ، يدل على ذلك قوله :

* وقد تُعْدِي الصِّحاحَ مَباركُ الجُرْبِ*

وقال أبو عبيد : ومن أَمْثالهم «أَجنَاؤُها أَبْنَاؤها».

قال أبو عُبيد : الأَجناء ، جَمْع الجاني ، والأبناء جمع الباني ، مثل : شَاهِد وأشْهاد ، ونَاصِر وأَنصار ، والمعنى أنَّ الذي جنى فَهَدم هو الذي بَنَى بغَيْر تَدْبير فاحتاج إلى نقص ما عَمل وإفساده.

وقال أبو الهيثم : في قوله : «جانيك مَن يجنى عليك» يراد به الجاني لك الخير مَن يجني عليك الشرّ. وأنشد :

* وقد تُعدي الصحاح مبارك الجُرْب*

وقال شمر : قال ابن الأعرابيّ جنأ في عَدْوِه إذا أَلَحَّ وأَكبّ وأنشد :

وكأنه فَوْتَ الجوالب جانئاً

رِئمٌ يضايفه كلابٌ أخْضَعُ

يُضايفه : يُلحِيه رِئمٌ أخضع.

ثعلب ، عن ابن الأعرابيّ : الجاني اللَّقّاح.

قلت والجاني : الكاسب.

ويقال : أَجنتِ الشجرة ، إذا صار لها جَنًى يُجنيَ فَيؤكل.

وقال الشاعر :

* أَجنَى له باللِّوَى شَرْيٌ وتَنُّومُ*

جنأ : أبو زيد جَنَأَ الرَّجُل يَجْنأُ جُنُوءًا على الشيء ، إذا أكَبَّ عليه ، وأنشد :

أغَاضِرَ لو شَهِدْتِ غَدَاةَ بِنْتُمْ

جُنُوءَ الْعَائِدَاتِ على وِسَادِي

قال : وجَنئَ الرجلُ يَجْنَأُ جَنَأً ، إذا كانت فيه خِلْقَةً.

وقال الأصمعيّ : يقال للرجل إذَا انْكَبَّ على فَرَسه ، يَتَّقي الطَّعْن : قد جَنَأَ يَجْنَأ جُنُوءًا.

وقال مالك بن نويرة :

ونَجَّاكَ مِنَّا بعد ما مِلْتَ جَانئاً

ورُمْتَ حِياضَ الموتِ كلَّ مَرامِ

قال فإذا كان مُسْتَقيم الظَّهر ، ثم أَصَابَهُ جَنَأ ، قيل : جَنِئَ يَجنَأ جَنأ ، فهو أَجنَأَ ، قال : وإذا أكَبَّ الرجلُ على الرَّجلَ يَقِيه

١٣٤

شيئاً ، قيل : أَجنَأَ عليه إجناء.

وفي الحديث : أَنَّ يهوديّاً زَنَى بامرأة ، فأَمَرَ النبيُّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم بِرْجِمهما ، فَعَلِقَ الرَّجلُ يجانئُ عليها يَقِيها الحِجَارَة» ، أي يُكِبُّ عليها.

أبو عبيد ، عن الأصمعيّ : المُجْنَأ التُّرْس.

قاله أبو قيس :

* وَمُجْنَإٍ اسْمَرَ قَرَّاعِ*

قال : والمُجْنَأ حُفْرَةُ القبر.

قال الْهُذَلِيْ :

إِذَا ما زَارَ مُجْنأةً عليها

ثِقال الصَّخْرِ والخشَبُ الْقَطِيلُ

وقال الليث : الأَجنأ الذي في كاهله انْحنَاءٌ على صدره ، وليس بالأحْدَب.

أبو عبيد ، عن أبي عمرو : رَجلٌ أَجنَأ وأَدْنأ مهموزان ، بمعنى الأقْعَس ، وهو الذي في صدره انْكبابٌ إلى ظَهْره.

وقال الليث : ظَليم أَجنَأ ، ونَعَامَةٌ جَنْآء ، ومن حذف الهمز قال : جَنْواء ، والمصدر : الجنَأ ، وأنشد :

* أَصَكُّ مُصَلَّمُ الأذْنَيْن أَجنَا*

قُلت : وقال غيره في قوله : أجنَى ، صَار له التّنُّومُ والآءُ جَنًى يأكله ، وهو أصَحّ.

نجا : قال الليث : يقال نَجَا الرَّجل من الشّر يَنْجو نَجْواً أَوْ نَجاةً ، وهو يَنْجُو في السُّرعة نَجاءً ممدود ، فهو نَاجٍ سريعٌ ، وناقةٌ ناجيَة ونجاةٌ ، إذا كانت سريعة.

سَلَمة ، عن الفراء : العرب تقول : النّجاءَ النّجاءَ. والنَّجا النَّجاءَ. (والنَّجاءَكَ النَّجاءَكَ). والنجاكَ النَّجاكَ ، وأنشد غيره :

* إنّا أَخَذْتَ النَّهْبَ فالنّجا النَّجا*

وقال الله جلَّ وعَزَّ : (لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْواهُمْ) [النساء : ١١٤].

قال أبو إسحاق : مَعْنى النَّجوى في الكلام ما يَتَفَرَّدُ به الجَماعَة والاثنان سِرّاً كان أَو ظاهراً. قال : وقوله جلَّ وَعزَّ : (وَإِذْ هُمْ نَجْوى) [الإسراء : ٤٧]. قال : هذا في معنى المصدر. وإذْ هم ذُوو نجوى.

والنَّجْوى : اسمٌ للصْدَر ، قال : ومعنى نَجَوْتُ الشيء في اللغة : خَلُّصْتُه وأَلقَيتَه ، ويقال : نَجَوْتُ الشيء أَنجوه إذا ناجَيْتَه.

سَلَمة ، عن الفرّاء : نجوْتُ الدَّوَاءَ ، إذا شَرِبْتَه ، وقال : إنما كنت أسْمَع من الدواء ما أَنْجَيتُه ، ونجوْتُ الجلد وأَنْجَيْتُه.

ثعلب ، عن ابن الأعرابيّ : أَنجاني الدَّواء ، أي أقعَدَنِي.

أبو عُبيد ، عن الأصمعيّ : أَنجَى فلانٌ إنْجاءاً إذا جلس على الْغائِطِ فَتَغَوَّطَ ، وقد نجَا الغائِطُ نَفْسُه يَنْجُو.

قال : وقال بعض العرب : اللَّحْمُ أَقَلُّ الطعام نَجْواً ، والنَّجْوُ : الْعَذِرَةُ نَفْسُها.

قال : واسْتَنْجَيْتُ اسْتِنجاءً ، إذا لَقَطْتَها ،

١٣٥

والنَّجو : السَّحابُ الذَّي هَراق ماءَه ، وناقة نجاةٌ ، أي سَرِيعَةٌ ، واسْتَنْجَيْتُ بالماء الحجارة ، أي تَطَهّرْتُ بها.

وقال الكسائيّ : جَلَسْتُ عن الغائِط فما أَنْجَيْتُ.

أبو عُبيد : قال أبو زيد : أَنجَيْتُ قَضِيباً من الشَّجرةِ ، إذا قَطَعْتَه ، واسْتَنْجَيْتُ الشَّجرةَ إذا قَطَعْتَها من أَصْلِهَا.

وقال شَمِر : نَجَيْتُ غُصنَ الشَّجرة ، واسْتَنْجَيْتُه ، إذا قَطَعْتَه.

قال : وأَرَى الاسْتنجاءَ في الوضُوء من هذه القَطِعة القَذِرَة بالماء.

وقال الزّجاج : يقال : أَنجَى فلان شيئاً وما نَجا شيئاً منذُ أيام ، أي لم يأت الغائط.

وقال الليث : نَجا فلان يَنْجو ، إذا أَحْدَثَ ذَنْباً ، أَوْ غير ذلك ثم يَنْجو. قال : واسْتَنْجى اسْتَفْعل من النجاة ، والاسْتِنجاء هو التَّنظيف بماءٍ أَوْ مَدَر ، والنَّجاة : هي النَّجوَةُ من الأرض لا يعلوها السَّيْل ، وأنشد :

فَأَصُونُ عِرضِي أَنْ ينَال بنَجْوَةٍ

إنَّ البَرىءَ من الْهَنَاتِ سَعِيدُ

وفلانٌ نَجِيُ فلان ، أي يُناجيه دون مَنْ سِواه.

وقال الله : (خَلَصُوا نَجِيًّا) [يوسف : ٨٠] معناه : اعْتَزلوا الناس مُتَناجِين ، تقول : قَوْمٌ نَجِيُ وأنجِيَة ، وأنشد :

إنِّي إذا ما القَوْمُ كانوا أنْجِيَهْ

واضْطَرَبْت أعْناقُهم كالأَرْشِيَهْ

وقال أبو إسحاق : نَجِيٌ لفظٌ واحد في معنى جَميع ، وكذلك قوله : (وَإِذْ هُمْ نَجْوى) [الإسراء : ٤٧] ، ويجوز : قَوْمٌ نَجِيٌ ، وقَوْمٌ أنْجِيَةٌ ، وقَوْمٌ نَجْوَى.

ثعلب ، عن ابن الأعرابيّ : أَنجَى ، إذا عَرِق ، وأنْجَى ، إذا سَلَحَ ، وأنجَى ، وإذا كشف الجُلَّ عن ظَهْرِ فَرسه.

وقال أبو العباس في قوله : (إِنَّا مُنَجُّوكَ وَأَهْلَكَ) [العنكبوت : ٣٣] أي نُخَلِّصَكَ من العذاب وأهلك.

الحرانيّ ، عن ابن السِّكّيت ، قال : أنشد الفراء ، وذكر أن الكسائيّ أنشده :

أقولُ لِصَاحِبَيَّ وقَدْ بَدَا لِي

مَعالِمُ منْهما وهما نَجِيّاً

قال الكسائيّ : أراد نَجِيّان ، فحذف النون. وقال الفراء : أي هما بموضع نَجْوَى ، فنَصب نَجِيّاً على مَذْهب الصِّفة.

وفي حديث النَّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «إذا سافرتم في الجَدْبِ فاسْتَنْجو» ، معناه : أسْرِعوا السّير وانجُوا.

ويقال للقوم إذا انهزَموا : اسْتَنْجُوا ، ومنه قول لقمان بن عاد : أوَّلُنا إذا غَدَوْنا وآخِرُنا إذا اسْتَنْجيْنا» أي هو حامِيَتُنا ، إذا انهزمنا يَدْفع عَنَّا.

١٣٦

وقول الله جلَّ وعَزَّ : (فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ) [يونس : ٩٢].

قال أبو إسحاق : معناه نُلْقيكَ عُرياناً لتكون لمن خَلْفك عِبْرة ، وقيل : نُلْقيكَ على نَجْوَةٍ من الأرْض.

وقال أبو زيد : النَّجْوَةُ المكان المرتفع الذي تَظُنُّ أنه نَجاؤك.

وقال ابن شُميل : يُقال للوادي نَجْوَة ، وللجَبْلِ نَجْوَة ، وللجَبَلِ نجوة ، فأمَّا نَجْوَةُ الوادي فَسَنَداه جميعاً مُستقيماً ؛ ومُسْتَلْقِيا ، كُلُّ سَنَدٍ نَجْوة وكذلك هو من الجبل ومن الأكمة ، وكُلُّ سند مُشْرِفٍ لا يَعْلوه السَّيل فهو نَجوَةٌ من الأرض. وهي النجوَات.

والرّمل كله زعم نجوة ؛ لأنَّه لا يكون فيه سَيْلٌ أبداً ؛ ونَجْوَةُ الْجَبَل : مَنْبِتٌ للبقل ، ويقال : نَجَوْتُ الْجِلْدَ إذا أَلْقَيْتَه عن البعير وغيره. وأنشد :

فَقُلْتُ : انْجُوَا عَنْها نَجَا الْجِلْدِ إنَّه

سَيُرْضِيكُما منها سَنَامٌ وغارِبُهْ

وقد نَجَوْتُ فلاناً ، إذا اسْتَنْكَهْتَه ، قال الشاعر :

نَجَوْتُ مُجَالِداً فوجدْتُ منه

كَريحِ الكلْبِ ماتَ حديثَ عَهْدِ

وَنَجَوْتُ الْوَتَر واسْتَنْجَيْتُه ؛ إذا خَلَّصْتَه وأنشد :

فَتَبازَتْ فتبازَخْتُ لها

جِلْسَةَ الْجَازِرِ يَسْتَنْجِي الْوَتَر

وقيل : أصل هذا كله من النَّجْوَة ، وهو ما ارتفع من الأرض ؛ وقيل : إن الاسْتَنجاء من الحَدَثَ مأخوذٌ من هذا ؛ لأنه إذا أراد قَضاء الْحاجَة اسْتَتَر بنجْوَةٍ من الأرض.

وقال عَبِيد :

فمن بِنَجْوَتِه كمنْ بعَقْوَتِهِ

والْمُستَكِنُّ كَمَنْ يَمْشِي بِفرْوَاحِ

نجأ : قال اللّحيانيّ : يقال للرَّجل الشَّديد الإصَابَة بالعين : إنَّهُ لَنَجُؤُ الْعين ، على فَعُل ونَجُوء الْعَين على فَعُول ، ونَجِيءُ العين على فَعِلَ ، ونَجِيءُ العين على فعيل. وقد نَجأْتَه وتَنَجأْته ، أي أصَبْتَهُ.

ويقال ادْفع عنك نَجْأَةَ السَّائل ، أي أعطه شيئاً مما تأَكل لتدفع به عنك شِدَّةَ نَطَره ، وأنشده :

* ألا بِكِ النَّجْأَةُ يا ردَّادُ*

أبو عُبيد ، عن الكسائيّ ، والأمَوِيّ : نَجَأْتُ الدَّابَّةَ وغيرها ، أي أصَبْتُها بعيني ، والاسم : النّجأَة.

ونج : قال الليث : الْوَنَج ضَرْبٌ من الصَّنْجِ ذي الأوْتار ، وقال غيره : الْوَنْجُ : مُعَرّب ، وأصله : وَنَهْ ، والعربُ قالت : الْوَنُّ بتَشْديد النُّون.

نأج : قال الليث : نأَجَ الْبُومُ ، يَنْأَجُ نَأْجاً ، والإِنسانُ إذا تَضَرّع في دعائه نَأَجَ إلى الله ، بَنْأَجُ ، وهو أَضْرعُ ما يكون وأحْزَنُه ، وأنشد :

١٣٧

فلا يَغرَّنَّكَ قولُ النُّؤَّجِ

الْخَالجِين القولَ كلُّ مَخْلَجِ

وقال العجاج في الهام :

* واتَّخَذَتْهُ النَّائجاتُ مَنْأَجَا*

وقال غيره : النَّائِجاتُ الرِّياحُ الشَّديدةُ الْهُبوب ، ونَأَجَت الإبِلُ في سَيرها ، وأنشد ابن السِّكّيت :

قَدْ عَلِمَ الأحْماءُ والأزَاوِيجْ

أنْ لَيْس عَنْهُنَّ حديثٌ مَنْؤوج

قال : والْمَنْؤوجُ الْمَعْطُوفُ.

أبو عُبيد ، عن الأصمعيّ : النَّؤوج الريحُ الشَّديد المرّ.

وقال ابن بُزُرْج : نَأَج الخبرُ : ذَهَب في الأرْض.

أجن : أبو عُبيد ، عن أبي زيد : أجِنَ الماء يَأْجِنُ أُجُوناً ، إذا تَغير غير أنه شَرُوب.

وأسِنَ يأسَنْ أسَناً وأسُوناً ، وهو الذي لا يَشْربه أحد من نَتْنِه.

وقال الليث : أجُونُ الماء ، وهو أنْ يَغشاه الْعِرمِضُ والْوَرَقُ.

وقال العجاج :

عَلَيهِ من سَافِي الرِّياحِ الْخُلَّطِ

أَجْنٌ كِنِّي اللّحْم لم يُشَيَّطِ

قال : ولغة أخرى : أجِنَ يأجَنُ أجَناً.

سلمة ، عن الفراء : يقال : إجَّانة وإنجانه وإلْجانَة ، بمعنى واحد وأفصحُها إجَّانَة.

وجن : قال الليث : الوَجْنَةُ ما ارتفعَ من الخدَّين ، الشِّدْق والمَحْجِر ، والأَوْجَنُ من الجِمال ، والْوَجْنَاءُ من النُّوق : ذات الوَجْنَةِ الضَّخْمَة ، وقَلَّما يقال : جَمَلٌ أَوْجَن ، ويقال : الوَجْنَةُ : الضخمة ، شُبِّهَت بالوَجِين من الأرض ، وهو مَتْنٌ ذو حِجَارةٍ صغيرة.

أبُو عُبيد ، عن الأصمعيّ : الوَجِينُ : العارِضُ من الأرض يَنْقَادُ ويرتفعُ ، وهو غَليظ.

شَمِر ، عن ابن الأعرابي : قال : الأوْجَنُ : الأفْعَلُ من الوَجِين ، في قول رُؤْبة :

* أَعْيَسَ نَهَّاضٍ كَحَيْدِ الأَوْجَن *

قال : والأَوْجَن الجَبَلُ الغَليظ.

وقال ابن شميل : الوَجِينُ قُبُلُ الجَبَلِ وسَنَدُه ، ولا يكون الوَجِينُ إلَّا لِوَادٍ وَطِىء ، يُعَارِضُ فيه الوادِي الداخل في الأرض الذي له أَجْرافٌ كأَنَّها جُدُر ، فتلك الوُجُنُ والأسناد ، قال : والناقةُ الوَجْناء تُشَبَّهُ بالوَجِين ، وهي العظيمة.

وقال ابن الأعرابيّ : إنما سُمِّيت الوَجْنَةُ وجْنَةً لِنُتُوئها وغِلَظِها.

ابن السكيت ، عن الفراء : حكى الكسائي : وُجْنَةٌ وأجْنَةٌ وَوَجْنةٌ ، قال : وسمعت بعض العرب يقول : وِجْنَة.

وقال ابن السكيت : يقال : ما أَدْرِي أيُّ مَنْ وَجَّنَ الجِلدَ هو؟ أيْ أيُّ الناس هو؟

١٣٨

وقال اللِّحيانيّ : المِيَجَنة التي يُوجَّن بها الأدِيم ، أي يُدَقُّ لِيَلِين عند دِباغِه ، وَوَجَنَت الدَّابِغَةُ أدِيمَها ، إذا دَقَّته.

وقال النابغة الجعدي :

ولم أرَ فيمَنْ وَجَّنَ الجِلدَ نِسْوَةً

أسَبَّ لأضْيافٍ وأقْبَحَ مَحْجِرا

أبو عُبيد ، عن أبي زيد : المِيجَنة المِدَقَّة ، وجمعها : مَوَاجِن ، وأنشدنا عن المفَضّل لعامر بن عُقيل السَّعديّ :

رِقابٌ كالمَوَاجِنِ خَاطِئاتٌ

وأسْتَاهٌ على الأكْوارِ كُومُ

أبو عُبيد ، عن الفراء : وَجَّنْتُ به الأرضَ ، وعَدَّنْتُ ومَرَّنْتُ ، إذا ضَربتَ به الأرض.

أبو العباس ، عن ابن الأعرابيّ : التَّوَجُّن : الذُّلُّ والخُضوع ، وامرأة مَوْجُونَة ، وهي الخَجِلَةُ من كثْرةِ الذُّنوب.

ابن السِّكيت : رَجُلٌ مُوَجَّن إذا كان عَظِيمَ الوَجَنَات.

جون : قال الليث : الجَوْنُ الأسْوَدُ اليَحْمُومِيُّ ، والأنثى جَوْنَة ، والجميع جُون ، ويقال : كلُّ بعيرٍ جَوْنٌ من بَعِيد ، وكلّ حمارِ وَحْشٍ جَوْنٌ من بعيد ، وعينُ الشمس تُسَمّى جَوْنَة ، وكلُّ لونِ سوادٍ مُشْربٍ حُمْرَة جَوْن ، أو سوادٍ مُخالِطُه حُمْرة كلَوْنِ القَطا.

ابن السِّكيت : القطا ضربان : جُونيُ وكُدْرِيُّ ، أخرجوه على فعْلِيّ ؛ فالجُونيُ والكُدْرِيُّ واحد ، والضَّربُ الثاني : القَطاط.

قال : والكُدْرِيُّ والجُونيُ ما كان أكْدَر الظهر أسْود باطِنَ الجناح مُصْفَرَّ الحَلْق قصير الرِّجْلين ، في ذَنَبه رِيشَتان أطولْ من سائر الذَّنب.

قال : والقَطاطُ منه ما كان أسود باطن أجنحته ، وطالت أرْجُله ، واغْبَرَّتْ ظهوره ، غُبرة ليست بالشديدة ، وعظمت عُيونه.

وقال الليث : الجُونَةُ سُلَيْلَةٌ مستديرة مُغَشَّاةُ أَدَماً ، تكون مع العطَّارين ، وجمعها جُوَنٌ ومنهم من يهمز الجُؤَن. وقال الأعشى :

إذَا هُنَّ نَازَلْنَ أَقْرانَهُنَ

وكان المِصاعُ بما في الجُوَنْ

يصف نساءً تَصَدَّيْن للرجال حاليات.

ثعلب ، عن ابن الأعرابي : التَّجوُّنُ تَبْيِيض باب العَروس ، والتَّجوُّنُ تَسْوِيدُ باب الميّت.

أبو عُبيد ، عن الأصمعيّ : الجَوْنُ الأسْودَ ، والجَونُ الأبْيض. قال وأتِيَ الحجاجُ بِدِرْعٍ وكانت صافِية ، فجعل لا يَرى صَفاءها ، فقال له فلان ، وكان فَصيحاً : إن الشمس جَوْنَة ، يعني أنها شديدة البَرِيق ، والصفاء فقد قَهَرَتْ لونَ الدِّرع ، وأنشد الأصمعيّ :

غَيَّر يا بِنْتَ الجُنَيْدِ لَوْنِي

طولُ اللَّيالي واختلافَ الجَوْنِ

يريدُ النَّهار. وقال آخر :

١٣٩

* يُبَادِرُ الجَوْنَة أن تَغِيبا*

وقال الفرزدق :

وجَوْنٍ عليه الجِصُّ فيه مَرِيضةٌ

تَطَلَّعُ منها النَّفْسُ والمَوْتُ حاضِرُهُ

قال : والجَوْن هاهنا : الأبيض ، يصف قصراً أبيض.

ثعلب ، عن ابن الأعرابيّ ، قال : الجَوْنَةُ الْعَجَمَة ، قال : ويقال لِلْخابِية جَوَنة ، وللدّلْو إذا اسْوَدَّتْ جَوْنة ، ولِلْعَرَق جَوْنٌ.

وأنشد ابن الأعرابي لماتِحٍ ، قال لماتِحٍ في البئر :

إنْ كانَتِ أُمّاً امَّصَرت فَصُرَّها

إنَّ امِّصَارَ الدَّلو لا يَضُرُّها

أَهيَ جُوَيْنٌ لَاقِها فبِرَّها

أَنْتَ بِخيْرٍ إن وُقيتَ شَرَّها

فأجابه :

* وُدِّي أُوَقَّيَ خَيْرَها وشَرّهَا*

قال : معناه : على وُدِّي فأضْمر الصّفة ، وأَعملها.

وقوله : أَهِيَ جُوَيْن ، أَرادَ أَخِي كان اسمُه جُوَيْنا ، وكل أخ يقال له : جُوَيْنٌ ، وجَوْنٌ.

سلمة ، عن الفراء ، قال : الجَوْنَان : طَرَفا القَوْس.

نوج : ثعلب ، عن ابن الأعرابيّ : ناجَ يَنُوجُ ، إذا راءى بعَمَله ، قال : والنَّوْجَةُ ، الزَّوْبَعَةُ من الرِّياح.

باب الجيم والفاء

ج ف (وا يء)

جفا ، جفأ ، جاف ، فجأ ، وجف ، فوج ، (فاج).

جفا : عمرو ، عن أبيه : الْجُفايةُ السَّفِينَةُ الْفَارِغَة ، فإذا كانت مَشْحونَةً فهي غامِدُ وآمِد ، ويقال أيضاً : غامِدَةٌ وآمِدَةٌ ، والْخِنُّ : الْفَارِغَةُ أيْضاً.

وقال الليث : يقال : جَفَا الشيْءُ يَجْفو جَفَاءً ، ممدودٌ كالسَّرج ، يَجْفو عن الظّهر إذا لم يَلْزَم ، وكالْجَنْبِ يَجفو عن الْفِراشِ ، وتَجافَى مثله.

وقال الشاعر :

إنَّ جَنْبِي عن الفِراشِ لَنَابٍ

كتَجافِي الأسَرِّ فوق الظِّرابِ

والحُجةُ في أنَ جفا يكونُ لازِماً مثل تَجافَى قولُ العجاج يَصفُ ثَوراً وَحْشِياً :

* وَشَجَرَ الهُدَّابَ عنه فَجَفَا*

يقول : رفع هُدّاب الأرض بقَرْنه حتى تجَافَى عنه ، ويقال : جَافَيْتُ جَنبي عن الفراش فتجافَي ، وأجْفَيْتُ الْقَتَبَ عن ظَهْرِ البعير فَجفا.

أبو عُبَيد ، عن أبي زيد : أجْفَيْتُ الماشيةَ فهي مُجْفَاةٌ ، إذا اتْعبْتَها ولم تَدَعْها تَأْكُل ، وذلك إذا ساقها سَوْقاً شديداً.

وقال الليث : الْجَفَاءُ يُقْصَرُ ويمَدّ : نَقِيضُ

١٤٠