تهذيب اللغة - ج ١١

محمّد بن أحمد الأزهري

تهذيب اللغة - ج ١١

المؤلف:

محمّد بن أحمد الأزهري


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار إحياء التراث العربي للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٣٤٧

ومكانه والبيت للفرزدق.

وقال رؤبة :

* واعْطِفْ على بَازٍ تَرَاخَى مَجْثَمُه *

قيل : تَراخى مَجْثَمُه ، أي بَعُدْ وكْرُه.

قال : ويُقال للذي يَقَعُ على الإنسان وهو نائمٌ : جاثُومٌ وجُثَمٌ وجُثَمَة ، ورازِمٌ ، وركَّاب ، وجثّامة.

قال : وهو هذا النّجْثُ الذي يقع على النَّائم.

ثعلب ، عن ابن الأعرابي : الجاثُوم : هو الكابوس ، وهو الدَّيْثان.

وقال الليث : الجاثِمُ : اللَّازمُ مكانَه لا يَبْرح.

ويقال : إن العَسلَ يَحثِمُ على المِعدة ثم يَقْذِفُ بالدَّاء.

وقال غيره : الجَثَّامَةُ : الرجل الذي لا يبْرَحُ بيتَه ، وهو اللُّبَدُ أيضاً.

وقال الليث : الجُثمان بمنزله الجُسْمان ، جامعٌ لِكلِّ شَيء ، تُرِيدُ به جسمه وألْواحَه. والجَثَمةُ ، والحَثَمة كلاهما الأكمة ، وهي الجَثوم.

قال تأبط شراً :

نَهَضْتُ إليها من جَثُومٍ كأنَّها

عجوزٌ عليها هِدْمِلٌ ذاتُ خَيْعَل

الأصمعي : جَثَمْتُ وجَثَوْتُ واحد.

ثجم : قال الليث : الثَّجْمُ مِثْلُ الصَّرف عن الشّيء.

أبو عبيد ، عن الأصمعي : أثجم المطر وأغْضَن ، إذا دام أياماً لا يُقْلِع.

مثج : يقال : مَثَج البِئْرَ ، إذا نَزَحَها.

(أبواب) الجيم والزاء

ج ر ل

استُعْمِلَ منْ وُجُوهِهِ : جرل ، رجل.

جرل : قال شَمِر : قال الأصمعيّ : الجَرَاوِلُ : الحِجَارَةُ. واحِدَتُها جَرْوَلَةٌ.

ويُقالُ : منْهُ أَرْضٌ جَرِلَةٌ ، وجَمْعُها أَجْرَالٌ.

وقالَ جَرير :

مِنْ كلِّ مُشْتَرِفٍ وإنْ بَعُدَ المَدَى

ضَرِم الرِّقَاقِ مُنَاقِلِ الأَجْرَالِ

وقالَ غيرُه : الجَرَلُ : الخَشِنُ من الأرْض ، الكثيرُ الحِجَارَة ، ومكانٌ جَرِلٌ.

قال : ومنهُ الجَرْوَلُ ، وهوَ من الحَجَرِ ما يُقِلُّهُ الرَّجُلُ ودونه ، وفيهِ صَلَابَة ، وأنشد :

لَوْ هَبَطُوهُ جَرِلاً شَرَاساً

لَتَرَكُوهُ دَمِثاً دَهَاساً

وقال ابنُ شُمَيْل : أَمَّا الجَرْوَلُ فَزَعَمَ أَبُو خَيْرَةَ أنَّهُ ما سالَ به الماءُ من الحِجَارَة حَتَّى تراه مُدَلَّكاً من سَيْلِ الماءِ به في بطْنِ الْوَادِي ، وأنشد :

مُتَكَفِّتٌ ضَرِمُ السِّبا

ق إذَا تَعَرَّضَتِ الْجَرَاولْ

٢١

مُتَكَفِّتٌ : سَرِيعٌ ، ضَرِمٌ : مُحْتَرِقٌ.

والسِّياق : طَرْدُهُ إيَّاها إلى الماءِ.

وقال الليث : الجَرْوَلُ اسمٌ لبَعْضِ السِّباع.

قُلْتُ : لا أَعْرِفُ شيئاً من السِّباع يُدْعَى جَرْوَلاً.

واسْمُ الحُطَيْئَةِ جَرْوَل ، سُمِّيَ بالحَجَر.

وقال الليث : الجِرْيالُ لَوْنُ الحُمْرَة.

وقال غيره : الْجِرْيالُ الْبَقَّمُ.

وقال أبو عُبَيْد : هو النَّشَاسْتَج وقال شَمِر : العَربُ تَجْعَلُ الْجِرْيالَ الخَمْر نفسها ، وهي الْجِرْياله.

وقال ذُو الرُّمَّة :

كَأَنِّي أَخُو جِرْيالَةٍ بَابِلِيَّةٍ

كُمَيْتٍ تُمَشَّي في العِظامِ شَمُولَها

فَجَعَلَ الجِرْيالَة الخَمر بِعَيْنِها.

وقيل : هو لَوْنها الأَحْمَرُ أو الأصْفَر.

وسُئِلَ الأعْشَى عن قوله :

* كدَمِ الذَّبِيحِ سَلَبْتُها جِرْيالَها*

فقال : شَرِبْتُها حَمْراء. وبُلْتُها بَيْضاء.

سلَمة ، عن الْفَرَّاءِ ، قال : الجِرْيالُ : البَقَّم.

أبو تُراب عن الكلابِيّ : وادٍ جَرِل ، إذَا كانَ كثيرَ الجِرَفَةِ ، والعَتَبُ والشَّجَر.

قال : وقال حَتْرَشَ : مكانٌ جَرِلُ ، فيه تَعَادٍ واخْتِلاف.

قال : وقال غيْرهُ من أَعراب قَيْس : أَرْضٌ جَرِفَة مُخْتَلِفَةٌ ، وقِدحٌ جَرِفٌ ورَجلٌ جَرِفٌ كذلك.

رجل : قال الليثُ : الرجلُ مَعْرُوف.

وفي معنًى تَقُول : هذا رجلٌ كامِلٌ ، وهذَا رَجُلٌ ، أيْ فَوْقَ الغُلام.

وتَقُولُ : هذَا رَجُلٌ ، أيْ راجِلٌ.

وفي هذا المعنى للمرْأَةِ ، هي رَجُلَةٌ. أَيْ رَاجِلَةٌ ، وأنشد :

وَإنْ يَكُ قَوْلُهُمْ صادِقاً

فَسِيقَتْ نِسائي إليكمْ رِجالاً

أَيْ رَوَاجِل.

ويقالُ : هذا أَرْجَلُ الرَّجُلَيْن ، أيّ فيه رُجْلِيَّةٌ ، لَيْسَتْ في الآخرَ.

والرَّجْلُ : جَماعَةُ الرّاجِل ، وهُم الرَّجَّالة والرُّجَّال. وأنشد :

وظَهْرِ تَنُوفَةٍ حَدْباءَ يمْشي

بها الرُّجَّالُ خَائفَةً سِراعاً

وقدْ جاءَ في الشِّعر الرَّجْلَة.

وقال تميمُ بنُ أُبَيّ بن مُقْبِل :

ورَجْلَةٍ يضْرِبُونَ الّبيضَ عن عُرُضٍ

ضرْباً تَواصَتْ به الأَبْطَالُ سِجِّيناً

قال أَبُو عَمرٍو : الرَّجْلَةُ الرَّجَّالَةُ في هذا البَيْت ؛ وليسَ في كلامِهم فَعْلَةٌ جاءَتْ جَمْعاً غَيرُ رَجْلَةٍ جَمْعُ رَاجل ؛ وكَمأَة جَمْعُ كَمْء.

وقال الله : (فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجالاً أَوْ رُكْباناً)

٢٢

[البقرة : ٢٣٩]. أي فصلُّوا رِجَالاً أو رُكْبَاناً ، جمعُ راجلٍ مثلُ صاحبٍ وصِحَابٍ ، أي إن لم يُمْكِنْكُمْ أن تقوموا قانِتينَ أي عابدينَ مُوَفِّينَ الصلاة حَقَّهَا لخوفٍ ينالكم فصلُّوا رُكْباناً.

وقال شَمِر : الرِّجَل مَسَايِلُ الماء ، واحِدُها رَجْلَة. قال لَبِيد :

يَلْمُجُ البارضَ لَمْجاً في النَّدى

منْ مَرَابيعِ رِيَاضٍ ورِجَل

وقال الليثُ : الرِّجْلَةُ مَبِيتُ العَرْفَج الكثير في رَوْضةٍ واحدة.

قال : والتَّرَاجِيلُ : الكَرَفْسُ بلغة الْعَجمِ ، وهو اسمٌ سَوادي من بُقُول الْبَساتين.

والرِّجْل خِلافُ الْيَد ، وكذلك رِجْلُ الْقَوْسِ وهي سِيَتُهَا السُّفْلَى ، ويدُها سِيتُها الْعُلْيا.

ويقال : فلانٌ قائمٌ على رِجل ، إذا أخَذَ في أمْرٍ حَزَبَه.

ثعلبُ عن ابن الأعرابي : يُقالُ : لي في مالكَ رِجْل أي سَهْم.

والرِّجْل : الْقَدَم ، والرِّجل : الْقطعةُ من الجَراد ، والرِّجْلُ : السَّراويل الطاقُ ، ومنه الخبر أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم اشْتَرى رِجْل سراويل ، ثمّ قال لِلْوَزَّانُ : «زِنْ وأرْجِحْ».

والرِّجْل : الخَوْفُ والفزعُ من فَوْتِ الشيءِ ، أَنَا من أمْرِي على رِجْلٍ أي على خوْفٍ من فَوْته.

والرِّجْل ، قال أبو المكارمِ : تَجْتَمعُ الْقُطُر ، فيقول الجمَّال : لي الرِّجْل ، أي أنَا أتَقَدّم.

ويقولُ الآخر : لا ، بل الرِّجل لي.

ويشَاحُّون على ذلك أي يتضَايقُون.

والرِّجْلُ : الزَّمان ، يقال : كل ذلك على رِجْل فلان أي في حياته وزمانه.

وقال الليث : الرُّجْلَة نجَابة الرَّجيل من الدَّواب والإبلِ ، وهو الصَّبور على طول السَّير ، ولم أسْمَع منه فِعلاً إلا في النُّعوت ، ناقةٌ رجيلةٌ ، وحمارٌ رجيل ، ورجلٌ رجيل : مَشَّاء.

شَمِر : الرُّجْلة : القُوَّة على المشي ، يقال : رَجِلَ الرَّجُلُ يَرجَلُ رَجَلاً ورُجلَةً ، إذا كان يمشي في السَّفر وحده ، ولا دابَّة له يَرْكبهَا.

ورجلٌ رُجْليّ ، للذي يغزو على رِجلَيْهِ ، منْسُوبٌ إلى الرُّجلة ، والرَّجيلُ : القويُّ على المشي ، الصَّبُور عليه ، وأنشد :

حتى أُشِبَّ لها وطالَ أيابُهَا

ذو رُجلَةٍ شَثْنُ البراثِنِ جَحْنَبُ

وامرأة رجيلة : صبورٌ على المشي. وناقَةٌ رَجيلة.

أبو عُبَيد عن الكِسائي : رَجلٌ بيِّنُ الرُّجولةِ ، ورَاجلٌ بيِّنُ الرُّجْلَة.

٢٣

ثعلب عن ابن الأعرابي : رجلٌ بيِّنُ الرُّجولة والرُّجوليَّة.

قال : وقومٌ رجَّالةٌ ، ورجَّالٌ ورجالَي ورُجلة ورُجَّال.

وسمعتُ بعض العرب يقول للرَّاجل رَجَّالٌ ، ويجْمع رجاجيل. والرَّجيل من الخَيْلِ الذي لا يَعرق. والرَّجيلُ من الناس : المشَّاءُ الجَيِّد المشي.

وقال الليث : ارْتَجَلَ الرَّجل إذا ركب رِجلَيه في حاجته ومضى.

ويُقال : ارتَجِلْ ما ارْتَجَلْتَ من الأمر ، أي ارْكَب ما ركبْتَ من الأمر. وَارْتَجَلَ الرَّجل الزَّنْدَ ، إذا أخذها تحت رجله وتَرَجَّل القوم ، أي نزلوا عن دوابِّهم في الحرب للقتال.

ويُقَال : حَمَلَكَ اللهُ عن الرُّجْلَةِ وَمِنَ الرُّجْلَة.

والرُّجْلَةُ هاهنا : فِعْلُ الرَّجُلِ الَّذي لا دَابَّةَ لَه. والرُّجْلَة أَيْضاً مَصْدَرُ الأَرْجَلِ من الدَّواب ، وهُوَ الَّذي بإحْدَى رِجْلَيْه بياضٌ لا بَيَاضَ به في مَوْضِعٍ غَير ذلَكَ.

قال : وتَصْغِيرُ رَجُلٍ رُجَيْل ، وعامَّتَهُمْ يَقُولون : رُوَيْجِلُ صِدْقٍ ، ورُويْجِلُ سُوء ، يَرْجِعُون إلَى الرَّاجِل ، لأنَّ اشْتِقَاقَه مِنه.

كما أَنَّ العَجِلَ من الْعَاجِل ، والحَذِرَ من الْحاذِر.

ويُقال : ارْتَجَلَ النَّهار وتَرَجَّلَ النَّهار أَي ارْتَفَعَ. وشَعْرٌ رَجِلٌ بَيِّنُ الرَّجَل ، وحَرَّةٌ رَجْلَاء ، وهي الْمُسْتَوِيَةُ بالأَرض الْكَثيرَةُ الحِجَارَة.

وقالَ أَبُو الهَيْثَم في قوله : وحَرَّةٌ رَجْلاء ؛ الحرَّةُ أرْضٌ حِجارتُها سُود ، والرَّجْلاءُ الصُّلْبَة الخشْنة ، لا يَعْمَلُ فيها خَيْلٌ ولا إبل ، ولا يَسْلُكُها إلَّا رَاجِل.

أَبُو عُبَيْد عن الأَصْمَعِيّ : الأرْجَلُ من الرِّجال ، الْعظيمُ الرِّجْل قال : والأَرْكَبُ ، الْعظِيمُ الرُّكُبَة ، والأَرأَس ، الْعظيمُ الرَّأْس ، والْعَرَبُ تَقول : تَرَجَّلْتُ الْبِئْرَ تَرَجُّلاً ، إذ أنَزَلْتَها مِنْ غَيْرِ أَنْ تُدَلَّى.

وفي الحديث : «الْعَجْماءُ جَرْحُها جُبَار».

ورَوَى بَعْضُهم : الرِّجْلُ جُبَار ، وفَسَّرَهُ مَن ذَهَبَ إليه أَنَّ رَاكِبَ الدَّابَّة إذَا أَصَابَتْ ـ وهُو راكِبُها ـ إنساناً ، أو وَطِئَتْ شَيئاً ، فضَمانُه على رَاكبها ، وإِنْ أصابَتْه بِرِجْلها فَهُو جُبَار ، أَي هَدَر ، وهذا إذا أَصابَتْهُ وهِيَ تَسِير.

فَأَما أَنْ تُصيبَه وهِي واقِفَةٌ في الطَّريق فالرَّاكب ضامنٌ مَا أَصابَتْ بِيَدٍ أَوْ رِجْل.

وكان الشَّافعيّ يَرَى الضَّمانَ واجِباً على راكبها على كُلِّ حَال ، نَفَحَتْ (الدَّابةُ) بِرِجْلها ، أو خَبَطَتْ بِيَدها ، سائِرَةً كانَتْ أوْ وَاقِفَة. والحديثُ الَّذي رَوَاهُ الكُوفيَّون أنَ الرِّجْل جُبَار غَيرُ صَحيح عند الحُفّاظ.

أَبُو عُبَيْد عن الأَصْمَعِيّ : إذا خَلَطَ الْفَرَسَ

٢٤

الْعَنَقَ بالْهَمْلَجَة ، قيل : ارْتَجَلَ ارْتِجالاً.

قال : وقالَ أَبُو عُبَيْدة : ارْتَجلْتُ الكَلامَ ارْتِجالاً ، واقْتَضَبتُهُ اقْتِضَاباً ، معناهما : ألَّا يكونَ هَيَّأَه قَبْلَ ذلك.

وقال غيره في بيت الرَّاعي :

كَدُخانِ مُرْتَجِلٍ بأَعْلَى تَلْعَةٍ

غَرْثانَ ضَرَّمَ عَرْفَجاً مَبْلُولاً

المُرْتَجِلُ : الَّذي أَخَذَ رِجْلاً مِن جَرَادٍ فَشَواها.

وقيل : المُرتَجِلُ ، الَّذي اقْتَدَحَ النَّارَ بِزَنْدَةٍ جَعَلَها بَيْن رِجْلَيْه وفَتَلَ في فُرْضَتِها بِيَده حَتَّى يُورِي.

وقيل : المُرْتَجِلُ. الَّذي نصَبَ مِرْجَلاً يَطْبُخ فيه طعاماً. قال المتنخل :

إن يُمْسِ نشوان بمصْروفَةٍ

منها بِريٍّ وعَلى مِرْجَلِ

لا تَقِهِ الموتَ وقَيَّاتُه

خُطَّ له ذلك في المَحْبَلِ

نشوان : سكران ، بمصروفةٍ ، أي بخمر صِرْفٍ ، وعلى مِرْجَلٍ ، أي على لحمٍ في قِدرٍ أي وإن كان هذا فليس يقيه من الموت ، في المَحْبَل أي حين حَبَلَت به أمه ، ويُروى المَحْبِل ، أي في الكتاب ، وكلٌّ رواية.

أَبُو عُبَيْد ، عن أَبِي زَيْد : نَعْجَةٌ رَجْلَاء ، وهي الْبَيْضَاءُ ، إِحْدى الرِّجْلَين إلى الْخَاصِرَة وسائِرُها أَسْوَد.

وقَالَ الأُمَوِيّ : إذَا وَلَدَت الْغَنَمُ بَعْضُها بَعْد بَعْض قيل : وَلَّدْتُها الرُّجَيْلَاء ، ووَلَّدْتُها طَبَقاً وطَبَقَةً.

الْحَرَّانِيُّ ، عن ابن السِّكِّيت : الرَّجَلُ ، أَنْ تُرْسَلُ الْبَهْمةُ مع أُمِّها تَرْضَعُها مَتى شاءت.

يقال : بَهْمَةٌ رَجَلُ ، وبَهْمٌ رَجَلٌ ، وقد رَجَلَ أُمَّهُ يَرْجُلُها رَجْلاً إذَا رَضَعَها ، وقد أَرْجَلَها الرَّاعي مع أمهاتها.

وأَنْشَدَ شمر :

* مُسَرْهَدٌ أُرْجِلَ حَتَّى فُطِمَا*

وفي «النَّوادِر» : الرَّجْلُ النَّزْوُ ؛ يقال : بَاتَ الحِصَانُ يَرْجُلُ الْخيْلَ ، وأَرْجَلْتُ الحِصانَ في الخيل إذا أرسلت فيها فَحْلاً. وطَرِيقٌ رَجِيلٌ إذَا كانَ غَلِيظاً وَعْراً في الجبل.

والْعَربُ تَقُول : أَمْرُكَ ما ارْتَجلْتَ ، معناه ما اسْتَبْدَدْتَ بِرَأْيِكَ فِيه.

قال الْجَعْدِيّ :

وَما عَصَيْتُ أَمِيراً غَيْرَ مُتَّهتم

عِنْدي ، ولكنَّ أَمْرَ الْمرْءِ ما ارْتجلَا

أبو عُبَيْد عن الفراء الجُلْدُ الْمُرَجَّلُ الَّذي سُلِخَ مِنْ رِجْلٍ واحِدَة.

قال : والمنجُولُ الَّذي يُشَقُّ عُرْقوباه جميعاً كما يَسْلُخُ النَّاسُ اليوم ، والمُزَقَّقُ الَّذي يُسْلَخُ مِنْ قِبَلِ رَأْسِه.

٢٥

وقال الأصمعيّ في قوله :

أَيَّامَ أَلْحَفُ مِئْزَرِي عَفَر الثَّرى

وأَغُضُّ كُلَ مُرَجَّلٍ رَيّان

أَراد بالمُرْجَّل الزِّقَّ الْمَلآنَ مِنَ الخمر ، وغَضُّه : شُرْبُه.

قال : والمُرَجَّلُ الَّذي سُلِخَ مِنْ قِبَلِ رِجْلَيْه.

وقال ابن الأعرابيَّ : قال المُفَضَّلُ يَصِفُ شَعْره وحُسْنَه. وقوله : أَغُضُّن أَيْ أنْقُضُ منه بالْمِقْراض لِيَسْتَوِي شَعثُه.

قال : والمرَجَّلُ الشَّعْرُ المُسَرَّح ، ويُقالُ للمُشْط مِرْجَل ، ومِسْرَحٌ. رَيَّان : مَدْهُون.

والْعَفَرُ : التُّراب.

وقال أَبُو العَبّاس : حَدَّثْتُ ابْنَ الأَعْرابيِّ بِقَوْل الأَصمَعيّ فاسْتَحسنه.

أخبرني المنذريّ عن ثعلب عن ابن الأعرابيّ ، قال : أرجُلُ القِسيّ إذا وُترتْ أعاليها ، قال : وأيديها أسافلُها ، قال : وأرجلها أشدُّ من أيديها.

وأنشد :

* ليت القسيَّ كلَّها من أرجُل *

قال : وطرفا القويس ظُفراها ، وحزَّاها : فُرْضتاها ، وعِطفاها ، سِيتاهَا ؛ وبعد السِّيتين الطِّائِفان ، وبعد الطّائِفيْن الأَبْهَران وما بين الأَبْهَريْن كَبدُها وهو ما بَين عَقْدي الحمالة ، وعَقداها يسميان الكُليتين ؛ وأوتارُها التي تُشد في يَدِها ورجلها تسمى الوُقوفَ وهي المضَائِغ.

وفي الحديث أَنَّ النَّبيَّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم نهى عن التَّرَجُّل إلَّا غِيَّاً ، ومعناه أنَّهُ كَرِه كَثْرَةَ الادّهان ، ومَشْط الشَّعر وتَسويته كلَّ يَوْم.

أبو عُبيد : رَجَلْتُ الشَّاةَ وارَتَجَلْتُها إذا عَلَقْتَها برِجْلِها.

ورَوى عليُّ بنُ الخَليل عن أبِيه أَنَّه قال : يقال جاءَتْ رِجْلٌ دَفّاع ، أي جَيشٌ كَثِير ، شُبِّهَ بِرِجْلِ الْجَرَاد.

والرِّجْلُ : القِرطَاسُ الخَالي ، والرِّجْلُ : البُؤْسُ والفَقْر ، والرِّجْلُ القاذُورَةُ من الرِّجال ، والرِّجْل : الرَّجُلُ النَّؤُوم ، والرِّجْلَةُ : المَرْأَةُ النَّؤُومُ ، كل هذا بِكَسْر الرّاء.

وقال : الرَّجُلُ في كلامِ أَهْلِ اليَمن : الكَثِيرُ المجامَعة ، حكاه عَنْ خالٍ للفَرَزْدَق قال : سَمِعْتُ الْفَرَزْدَقَ يقولُ ذلك. وزَعَمَ أَنَّ من العرب من يُسَمِّيهِ العُصْفُورِيّ ، وأَنشد :

رَجُلاً كُنْتُ في زَمان غُرُورِي

وأَنا اليومَ جافرٌ مَلْهُودُ

والمَراجِلُ : ضَرْبٌ من بُرُودِ اليَمن.

ويُقال لِلْبَقْلَةِ الْحَمْقَاءِ رِجْلَة. يقال : فلانٌ أَحْمَقُ من رِجْلة ، يعنون هذهِ الْبَقْلَة ، لأنها أكثر ما تَنْبُتُ في المسايل ، فَيَقْطَعُها ماءُ السَّيْل.

٢٦

وقال أبُو عَمْرو : الرَّاجِلَةُ : كَبْشُ الرَّاعي الَّذي يَحْمِلُ عليه مَتَاعَه. وأَنْشَدَ :

فَظَلَّ يَعْمِدُ في قَوْلٍ وَرَاجِلَةٍ

يُكَفِّتُ الدَّهْرَ إلا رَيْثَ يَهْتَبِدُ

يُكَفِّتُ : يَجْمَعُ ، ويَهْتَبِدُ : يَطْبُخُ الْهَبِيدِ.

ج ر ن

جَرَنَ ، رجن ، رَنَجَ ، نَجَرَ ، نَرَجَ : مستعملة.

جرن : قالَ اللَّيْث : الْجِرانُ : مُقَدَّمُ العُنُق مِنْ مَذْبَح الْبَعِيرِ إلَى مَنْحَرِه ، فإذا بَرَكَ الْبَعِيرِ ومَدَّ عُنُقَهُ عَلَى الأرْض ، قيل : أَلْقَى جِرانه بالأرض.

وقال غَيْرُه : سُمِّيَ جِرَانُ الْعَوْدِ جِرانَ الْعَوْدِ ، بقَوْلِهِ يُخاطِبُ ضَرَّتَيْه :

خُذَا حَذَراً يا جارَتَيّ فإنَّني

رَأَيْتُ جِرَان الْعَوْدِ قد كادَ يَصْلُحُ

أراد بِجِرَانِ الْعَوْدِ سوطاً قَدَّهُ مِنْ جِرَانِ عَوْدٍ نَحَرَه ، وهو أَصْلَبُ ما يَكُون.

ورَأَيْتُ الْعَرَب تُسَوِّي سِيَاطَهَا من جُرُنِ الجِمال البُزْل لِصَلابَتِها ، وإنَّما حَذَّرَ امْرَأَتَيْهِ سَوْطَه وكانتا نشزتا عَلَيْه.

والجَرِينُ : المَوْضِعُ الَّذي يُجْمَعُ فيه التَّمْرُ إذا صُرِمَ ، وهو الْفَدَاءُ عِنْدَ أَهْلِ هَجَر.

وقال اللّيْثُ : الجَرِينُ مَوْضِعُ الْبَيْدَرِ بِلُغَةِ أَهْلِ اليَمن ، قال : وعامَّتُهُمْ بِكَسْرِ الجِيمِ ، وجَمْعُه جُرُن.

والجَرْنُ : الطّحْنُ ، بلُغَةِ هُذَيْل ، وقال شاعِرُهم :

ولصوته زَجَلٌ ، إذا آنَسْتَه

جَرَّ الرَّحَا بِجَرِينِها الْمَطْحُون

الْجَرين : ما طَحَنْتَه ، وقَدْ جُرِنَ الحَبُ جَرْناً شَديداً.

وقالَ اللّيْث : الْجَارِنُ : ما لَانَ مِنْ أَوْلَادِ الأفَاعِي. وأَدِيمٌ جَارِنٌ ، وقَدْ جَرَنَ جُرُوناً ، إذا لانَ.

وقال لَبِيد يَصِفُ غَرْبَ السَّانية :

بِمُقَابِلٍ سرِبِ الْمَخارِزِ عِدْلُه

قَلِقُ الْمَحَالَةِ جارِنٌ مَسْلُومُ

قلت : وكُلُّ سِقاءٍ قَدْ أَخْلَقَ أَوْ ثَوْبٍ فقد جَرَنَ جُروناً فهو جارِن.

ويُقال : جَرَنَ فلان على العَذْلِ ، ومَرَنَ ومَرَدَ بمَعْنًى واحِد ، قالَه الفَرَّاءُ وغيرُه.

وقال شَمِر : الجارِنَةُ اللَّيِّنَةُ من الدُّرُوع.

وقال أبو عَمْرُو : الْجَارِنَةُ الْمَارِنَة ، وكلّ ما مَرَنَ فقد جَرَن. وقال لَبِيدٌ يذْكُر الدُّروع :

وجَوَارِن بِيضٌ وكُلُّ طِمِرَّةٍ

يَعْدو عَلَيْها القَرَّتَيْنِ غُلام

وقالت عائِشَةُ في حَديثٍ رُوِيَ عنها أنَّها قالت : «حَتَّى ضَرَبَ الحَقُ بِجِرَانِه» ، أَرَادَتْ أَنَّ الحَقَّ اسْتقامَ وقَرّ في قَرارِه ، كما أنَّ الْبَعيرَ إذا بَرَكَ وَاسْتَرَاحَ مَدَّ جِرانَه عَلَى الأرْض.

اللحياني : أَلْقَى فلانٌ على فُلانٍ أَجْرامَه

٢٧

وأَجْرانَه ، وشَرَاشرَه ، الواحِدُ جِرْمٌ وجِرْنٌ.

وقال ابن دُرَيْدْ : الْجُرْنُ : المِهْرَاسُ الَّذي يُتَطَهَّرُ مِنه.

وقال الأصمَعيّ : إنَّمَا سَمِعْتُ في الْكلامِ أَلْقَى عليه جِرَانَه والجميعُ جُرُنٌ ، وهو باطِنُ العُنُق.

رنج : الرَّانِجُ هو الجَوْزُ الهِنْدِي ، وما أَرَاه عربيّاً ، لأنه لا ينبت في بلاد العرب.

وقيل : إنه ينبت بعُمَانَ ونواحِيها.

رجن : أبو عُبَيد عن الْكِسَائيّ : رَجَنَ الرَّجلُ بالمكانِ يَرْجُنُ رُجُوناً إذا أَقامَ.

وقال اللِّحْيَانِيُّ : رَجَنَ الرّجُلُ في الطَّعام وَرَمَكَ ، إذا لَمْ يَعَفْ منه شيئاً.

وقال اللَّيْث : الرَّاجِنُ : الآلِفُ مِنَ الطَّيْرِ وغيرِه. قال : ورَجَنَ فلانٌ دَابَّتَه رَجْناً فهيَ رَاجِنٌ ومَرْجُونَةٌ ، إذا أَسَاءَ عَلَفَها حَتى هُزِلَتْ.

أبو عبَيد عن الأصمعيّ : ارْتَجَنَ عليهم أمْرُهُم ، أي اخْتَلَطَ ، أُخِذَ من ارْتِجَان الزُّبْد إذا طُبِخَ فلم يَصْفُ.

وقال بِشْر :

وكُنْتُم كَذاتِ القِدْرِ لمْ تَدر إِذْ غَلَتْ

أَتُنْزِلُها مذمومةً أَمْ تُذِيبُها

وقال أَبُو زَيد : رَجَّنْتُ الشَّاةَ في الْعَلَف تَرْجِيناً إذَا حَبسْتَها في المنزل على الْعَلَف ؛ قال وإذا حَبَسْتَها على المَرْعَى من غَيرِ عَلَف ، قلت : رَجَّنْتُها رَجْناً ؛ فهي مَرْجُونَة.

قال : وَرَجِنْتُ الرَّجلَ أَرْجنَةُ رَجَناً ، إذا اسْتَحْيَيْتَ منه ، وهذا من «نَوادِرِ أَبي أَبي زَيْد».

وقال ابنُ شُميْل : رَجَن القومُ رِكَابَهم ورَجَنَ فلانٌ راجِلتَه رَجْناً شديداً في الدَّار ، وهو أَنْ يحْبِسَها مُنَاخَةً لا يَعْلِفُها.

ورَجَنَ البعيرُ في النَّوى والبَزْرِ رُجوناً ورُجُونَة : اعتلافُه.

نرج : اللَّيثُ النَّيْرَجُ ، والنَّوْرَجُ لُغَتَان. وأَهْلُ اليمن يقولون : نُورَج ، وهو الَّذي يُدَاسُ به الطَّعام من حَدِيدٍ كان أو من خَشَب.

قال : ويقال : أَقْبَلَت الوَحْشُ والدَّوَابُ نَيْرَجاً ؛ وعَدَتْ عَدْواً نَيْرَجاً ، وهو سُرْعةٌ في تَرَدُّد.

وقال العجّاج :

* ظَلَّ يُبارِيها وظَلَّتْ نَيْرَجَا*

في «نَوادِر الأَعْراب» : النَّوْرَجُ السّراب ؛ والنَّوْرَجُ سِكَّةُ الحرّاث.

وقال ابنُ دُرَيد : النَّوْجَرُ : الْخَشَبَةُ التي يُكْرَبُ بها الأَرْض.

وقال اللَّيث : النِّيَرجُ أُخَدٌ كالسِّحْر ، ولَيْسَ بِسِحْر ، إنّما هو تَشْبِيهٌ وتَلْبِيس.

نجر : قال اللَّيثُ : النَّجْرُ : عَملُ النَّجار ونَحْتُه. والنَّجرانُ خَشبةٌ يَدُورُ عليها رِجْلُ الْباب ، وأنشد :

صَبَبْتُ البابَ في النَّجْرانِ حتّى

تَركْتُ البابَ لَيْسَ له صَرِيرُ

٢٨

ثعلب عن ابْنُ الأعْرابيّ : يُقالُ لأَنْفِ الباب : الرِّنَاج ولدَرَوَنْدِه : النّجاف والنَّجران ، ولمتْرسِه الْقُنّاح.

وقال ابْنُ دُرَيْد : نَجْرانُ الْبابِ : الْخَشَبَةُ الّتي يَدُورُ فيها.

وقال اللّيث : النَّجيرة سَقِيفَةٌ من خَشَبٍ لا يُخالِطُها الْقَصب ولا غَيْرُه.

وقال الرِّياشيّ فيما أفادَنِي المُنْذِرِيّ عن الصَّيْدَاوي عنه : النَّجِيرَةُ بَيْنَ الْحسُوِّ وبَيْنَ الْعَصِيدَة (١).

قال : ويقال : انْجرِي لِصبْيانِكِ ورعائِك.

ويقال : ماءٌ مَنْجورٌ أَيْ مُسَخَّن.

وقال : ويقال : شَهْرَا نَاجِرِ وآجِر ، يَشْتَدُّ فِيهما الْحرّ ، وأَنْشَدَ عُركُز الأَسَدِي :

تُبَرِّدُ ماءُ الشَّنِّ في لَيْلَةِ الصَّبا

وتَسْقِينِيَ الكُرْكُورَ في حَرِّ آجِرِه

أَبُو العباس عن ابْن الأَعْرابِيّ ، قال : هِيَ الْعَصِيدَةُ ثم النَّجِيرَةُ ثم الحرِيرَةُ ثم الْحَسُوّ.

أبو الْحسن اللِّحْيانِي : نَجَرَ يَنْجُرُ نَجْراً ، ومَجَرَ يَمْجُر مَجْراً ، إذَا أَكْثَر من شُرْبِ الماءِ فلم يَكَدْ يَرْوى.

وقال أبو عمرو : في النَّجَرِ مِثْلُه.

وقال اللَّيث : نَجَرْتُ فُلاناً بيدي ، وهو أنْ تَضُمَّ من كَفِّكَ بِرُجْمَةِ الأصْبُعِ الوُسْطَى ثم تَضْرِب بها رَأْسَه ، فَضَرْبُكَه النَّجْرُ.

قلت : لم أسمَعَ نَجَرتُ بهذا المعنى لِغَيْر اللَّيث ، والَّذي سَمِعْنَاه : نَحَزْتُه ـ [بالحاء والزاي] ـ إذا دَفَعْتَه ضَرْباً.

قال ذُو الرُّمَّة :

يُنْحَزْنَ في جانِبَيْها وهي تَنْسَلِبُ*

وأَصَلُ النَّحْزِ : الدَّقّ ، ومِنْه قِيلَ للهاوُنِ مِنْحاز.

ابنُ السِّكِّيت عَن أَبِي عَمْرو : النَّجِيرَةُ : اللَّبَن الْحلِيبُ يُجْعَلُ عليه سَمْن.

قال : وقالَ الطَّائِيّ : النَّجِيرَةُ ماءٌ وطحِين يُطْبَخ.

سَلَمَةُ عن الْفَراء ، قال المفضَّل : كانت الْعربُ تقول في الجاهليّةِ للمحَرَّمِ مُؤتَمِر ، ولِصَفَر ناجِر ، ولِرَبيع الأَوَّل خَوَّان.

وقالَ اللَّيْثُ في «كتابه» : شَهْرٌ نَاجِرِ هُو رَجَب ، قال : وكلُّ شَهرٍ في صَميمِ الْحرِّ فاسْمهُ ناجِر ، لأَنَّ الإِبلَ تَنْجُرُ فيه ، أيْ يَشْتَدُّ عَطَشُها حتى تَيْبَسَ جُلودُها.

وقالَ غَيْرُه : شَهْرا نَاجِر ، هما تَمُّوز وحَزِيرَان ، وكان يُقالُ لصفَرَ في الْجاهِلِيّة : نَاجِر.

وقال اللَّيْث : الأنْجَر : مِرْساةُ السَّفينة ، وهو اسمٌ عِراقيّ ، ومن أمثالهم : فُلانٌ أَثْقَلُ من أَنْجَر ، وهو أن تُؤْخَذَ خَشَبَاتٌ

__________________

(١) زيادة من «التاج» (نجر ـ ١٤ / ١٧٧).

٢٩

فيُخالَفُ بين رُؤوسِها ، وتُشَدُّ أَوْساطُها في مَوْضعٍ واحد ، ثم يُفْرَغُ بينها الرَّصاص المُذَاب ، فيصيرُ كأَنّه صَخْرَةَ ، ورُؤُوسُ الْخَشَب نائِيَةٌ يُشَدُّ بها الحِبال ، ثم تُرْسَلُ في الماء ، فإذا رَسَتْ ، أَرْسَتْ السفينة فأَقَامَتْ.

قال : والإنْجَارُ لغةٌ يمانيَّة في الإجِّار ، وهو السَّطْح. أبو عُبَيْدٍ عن الأُمَويّ : النِّجار الأصل ، ويقال : اللَّون. وقال غيره : النَّجْر : اللَّوْن ، وأنْشَدَ :

نِجارُ كلِّ إبِلٍ نِجارُها

ونارُ إِبِلِ العالمينَ نارُها

هذه إبلٌ مَسروقةٌ من آبال شَتَّى ، ففيها من كلِّ ضَرْبٍ وَلَوْن وسِمَة ضَرْبٌ.

أبو عُبَيد عن أبي عَمْرُو : النّجْرُ : السَّوْقُ الشَّديد ، وقد نَجَر إبِلَه ، وأنشد :

* جَوَّاب لَيْلٍ مِنْجَرُ الْعَشِيّاتْ*

وقال ابنُ الأعْرابي : النَّجْرُ شَكلُ الأسْنان ، وهَيْئَتُه. وقال الأخطل :

وَبَيضَاءَ لَا نَجْرُ النّجاشِيِ نَجْرُها

إذَا الْتَهَبت منها الْقَلَائِدُ والنّجْرُ

والنَّجْرُ : الْقَطْعُ ، وَمِنْه نَجْرُ النَّجار ، وقد نَجَرَ الْعُودَ نَجْراً ، ومنه قوله :

* رَكبْتُ من قَصْدِ الطَّرِيقِ مَنْجَرَه *

فهو الْمَقصَدُ الذي لا يَعْدِلُ وَلا يُجُورُ عَن الطَّريق.

ج ر ف

جرف ، جفر ، رجف ، رفج ، فجر ، فرج : مستعملات.

جرف : قال اللَّيْثُ : الجَرْفُ ، اجْتِرَافُك الشَّيءَ عن وَجْهِ الأرض ، حتى يقال : كانت الْمرْأَةُ ذات لِثَةٍ فاجْتَرَفَها الطَّبيب ، أي اسْتَحاها عن الأسْنَانِ قَطْعاً.

قال : والطَّاعون الجارِفُ نزل بأَهْلِ العِراق ذَرِيعاً ، فَسُمِّيَ جَارِفاً.

قال : والجارِفُ شُؤْمٌ أو بَلِيَّةٌ يجتَرِفُ مَالَ الْقَوْم ، ورَجُلٌ مُجَرَّفٌ قد جَرَّفَهُ الدَّهرُ أي اجْتاح ماله وأَفْقَره.

وَرَجُلٌ جَرَّافٌ : وهو الأكُولُ لا يُبْقِي شَيْئاً.

وجُرْف الْوادي ونحوه من أَسْنادِ المسايِل إذَا نَجَخَ الماءُ في أَصْلِه فاحْتَفَره فصار كالدَّحْل وَأَشرَفَ أَعْلاه ، فإذا انْصَدَعَ أَعْلاه ، فهو هارٍ ، وقد جَرَّف السيلُ أَسنادَه. وقال الله : (أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيانَهُ عَلى شَفا جُرُفٍ هارٍ) [التوبة : ١٠٩].

وقال أبو خَيْرَة : الجُرْفُ عُرْضُ الْجَبَلِ الأمْلَس.

وقال شَمِر. يقال : جُرْفٌ وَأَجْرَافٌ وَجُرْفَة وهي الْمَهَواه.

ثعلب ، عن ابن الأعْرابيّ : أَجْرَفَ الرَّجل إذا رَعَى إبِلَه في الجَرْفِ ، وهو الخِصْبُ والْكَلأُ المزْدَجُّ المُلتَفّ ؛ وأَنشد :

٣٠

* في حِبّةٍ جَرْفٍ وَحِمْضٍ هَيْكَل*

والإبِل تَسْمَنُ سِمَناً مُكْتَنِزاً ؛ يعني على الحِبّة ، وهو ما تَناثَر من حُبوب البقول واجْتمعَ معها وَرَقُ يَبِيسِ البقل فَتَسْمَن الإبِلُ عليها.

وأَجْرَفَ الرجلُ ، إذا أَصَابه سَيْلٌ جُرافٌ.

أبو عبيد : الجُرفَةُ من سِماتِ الإبل ، أَنْ تُقْطَع جِلدةٌ من فَخِذِ البعير من غير بَيْنونَةٍ ثم تُجْمَع ، ومِثلُها في الأنْفِ القُرْمَة.

وقال بعضهم : الجَوْرَفُ : الظَّلِيمُ ؛ وأنشد لكعب بن زهير الْمُزَنيّ :

كَأَنَّ رَحْلِي ، وقد لانَت عريكَتُها

كَسَوْتُهُ جَوْرَفاً أَقْرَابُه خَصِفَا

قلت : هذا تَصْحيف. والصواب ما رواه أَبو العباس عن ابن الأعرابيّ أَنه قال : الجَوْرَق بالْقافِ : الظليم.

قال : ومن قاله بالفاء فقد صَحَّف.

أبو تراب عن اللِّحيانيّ : رجل مُجَارَفٌ : وَمُحَارَفٌ ، وهو الذي لا يَكْسِبُ خيراً.

ثعلب عن الأعرابيّ قال : الْجَرْف : المالُ الكثيرِ من الصَّامِت والنَّاطق.

قال ابنُ السِّكّيت : الْجُرافُ : مِكْيال ضَخْم ، قال : وقوله ، الْجُرافُ الأكْبَرُ ، يقول : كانِ لهم من الهوان مِكْيالٌ وَافٍ.

وَسَيْلٌ جُرافٌ : يَجْرُف كلَّ شَيء.

رجف : قال اللَّيث : رَجَفَ الشيءُ يَرْجُفُ رَجْفاً وَرَجَفَاناً ، كَرَجَفَانِ البَعير تحت الرَّحْل ، وكما ترجُفُ الشَّجرة إذا رَجَّفَتْهَا الريح ، وكما يَرْجُف السِّنُّ إذا نَفَضَ أَصْلُهَا ، ونحو ذلك رَجْفٌ كلّه. وَرَجَفَت الأرْضُ إذا تَزَلْزَلَت ، وَرَجَفَ الْقَوْم ، إذا تَهَيَّئُوا للحرب.

وقال الله : (يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ (٦) تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ (٧)) [النازعات : ٦ ، ٧].

قال الفرّاء : هِيَ النَّفْخَةُ الأولى ، (تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ) ، وهي النَّفْخة الثانية.

وقال أبو إسحاق : الرَّاجِفَةُ الأرْض تَرْجُفُ تَتَحَرك حركةً شديدة.

وقال مجاهد : الرَّاجِفَةُ : الزَّلْزَلة.

وقال اللَّيث : الرَّجْفَةُ في القرآن : كلُّ عَذَابٍ أَخَذَ قوماً فهو رَجْفَةٌ وَصَيْحَةٌ.

وصَاعِقَة.

والرّجْف : يرجُف رَجْفاً وَرَجِيفاً ، وذلك تَرَدُّدُ هَدْهَدَتِهِ في السحاب.

وقال غيره : الرَّجْفَةُ الزَّلزَلَة معها الخَسْف.

ثعلب عن ابن الأعْرابيّ : أَرْجَفَ الْبَلَدُ : إِذا تَزَلْزَل ، وقد رَجَفَت الأرْض وأَرْجَفت وأُرْجِفَتْ.

وقال غيره : الرَّجَّافُ : البحر اسمٌ له ، ومنه قوله :

المُطعِمون الشَّحْمَ كُلَّ عَشِيَّةٍ

حتى تَغيبَ الشمسُ في الرّجّاف

٣١

الليث : أَرْجَفَ القومُ ، إذا خاضوا في الأخْبار السَّيئة ، وذِكْرِ الفِتَن.

قال الله جلّ وعَزَّ : (وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ) [الأحزاب : ٦٠] وهم الذين يُولِّدون الأخْبارَ الكاذِبة ، التي يكونُ معها اضْطرابٌ في النّاس.

وقال ابنُ الأعْرابي : رَجَفَت الأرْض ، إذا تَزَلْزَلَتْ.

فرج : رُوِيَ في الحديث : «ولا يُتْرَكُ في الإسْلام مُفْرَج».

قال أبو عُبيد : قال جابِرٌ الجُعْفيّ : الْمُفْرَجُ الرجل يكون في الْقوم من غَيْرهم ، فحقٌّ عليهم أن يَعْقِلُوا عنه.

قال : وَسَمِعْت مُحمد بنَ الحسن يقول : هُوَ يُرْوَى بالْحاءِ والْجيم ، فمن قال مُفرَجٌ فهو الْقَتِيلُ بأَرْضٍ فَلاةٍ ، ولا يكون عِنْد قَرْية يقول : فهو يُودَى من بَيْتِ المال ولا يُبْطَلُ دمه.

ومن قال : مُفْرَح : فهو الذي أَثْقَلة الدَّين.

وقال أَبو عُبيد : قال أَبو عُبيدة : المُفْرَجُ أن يُسْلِمَ الرجل ولا يُوالِي أَحداً ، فإِذا جَنى جِنايَةً ، كانت جِنايَتُهُ على بيت المال ؛ لأنه لا عاقِلَة له ، فهو مُفْرَجٌ بالجيم.

وقال بعضهم : هو الَّذي لا دِيوَانَ له.

وأَخْبرني المُنْذِرِيّ عن ثعلب أنّه قال : المُفرَحُ : المُثْقَلُ بالدين. والمُفْرَجُ : الذي لا عَشيرةَ له. قال : وقال ابنُ الأعْرابيّ : المُفْرَحُ : الذي لا مَالَ له. والمُفْرَجُ : الَّذي لا عَشِيرَةَ له.

وقال الليث : الْفَرَجُ : ذَهَابُ الْغَمّ ، وانكِشاف الكَرْب ، يقال : فَرَجَه الله فانْفَرج ، وفَرَّجَهُ تَفْرِيجاً.

وأَنْشد :

* يا فارجَ الهَمِّ وكَشَّاف الكُرَبْ*

قال : والْفَرْجُ اسم يَجْمع سَوْءات الرّجال والنساءِ والقُبْلانِ وما حَواليهما ، كُلُّه فَرْج ، وكذلك من الدّواب ونحوها من الخَلْق.

وكُلُ فُرْجَةً بين شَيْئين فهو فَرْج ؛ كقوله :

إلَّا كُمَيْتاً بالْقَناةِ وضَابِئاً

بالفَرْج بَيْن لبانِه ويَدهِ

جعل ما بين يديه فَرْجاً. وكذلك قول امرئ القَيس :

لَها ذَنَبٌ مثل ذَيلِ العروس

تَسُدُّ به فَرْجَها من دُبُرْ

أراد ما بين فَخِذيها ورِجْليها.

والفَرْجُ : الثَّغْرُ المخُوف ، وجمعه فُروج ، سُمِّي فرْجاً ؛ لأنَّه غيرُ مَسْدود.

وفَرُّوجَةُ الدَّجاجة تُجمع فَراريج.

وفي الحديث أن النّبيَّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، صَلَّى وَعَلَيْه فَرُّوجٌ من حَرير.

قال أبو عُبَيد : هو الْقَباءُ الذي فيه شَقٌّ من خَلْفِه.

٣٢

أبو عُبَيد عن الفراء : رَجُلٌ أَفْرَجٌ ، وامْرأة فَرْجاء : العظيمة الأليتين لا يَلْتقيان ، وهذا من الحبش.

قال : وقال الكسائيّ : الفُرُجُ بضم الفاء والراءِ : الذي لا يَكْتُمُ السِّرّ ، والْفِرْجُ مِثْله.

قال : والْفِرَجُ : الذي لا يزال يَنْكَشِف فَرْجُه.

وقال الهُذَلِيّ يصف دُرَّة :

بكَفَّى رَقاحِيٍّ يُريدُ نَماءَها

فَيُتْرِزُها للبيع وهي فَرِيجُ

معناه : أنه كُشِفَ عن الدُّرة غطاؤُها لِيَراها النّاس.

ثعلب ، عن ابن الأعرابيّ قال : فَتحاتُ الأصابع يُقال لها التَّفاريجُ والحُلْفُقْ.

وقال النَّضْر : فَرْجُ الوادي : ما بَين عُدْوَتَيْه ، وهو بَطْنه. وفَرْجُ الطَّريق : مَتْنُه وفُوَّهَتُه. وفَرْج الجَبل : فَجُّه.

وقال القَطاميّ :

مُتَوَسِّدين زِمام كُلِّ نَجِيبَةٍ

ومُفَرَّجٍ عِرْقَ الْمَقَذِّ مُنَوَّقِ

أراد وزِمامُ كُلِ مُفَرَّج وهو الوَسَاع.

ويقال : المُفَرَّجُ : الذي بان مِرْفقُهُ عن إِبطِهِ.

ويُقال : أَفْرجَ القومُ عن قَتيل ، إذا انْكَشفوا ، وأَفْرَجَ فلانٌ عن مكان كذا وكذا ، إِذا أخَلَّ به وتَركه.

ويُقال : ما لهذا الْغمّ من فُرْجَة ولا فَرْجَةٍ ولا فِرْجَة ، وأَخْبرني المُنذريّ. عن ابن اليَزيديّ ، عن أبي ناجِية ، عن ابن الأَعْرابيّ أَنَّه أَنْشد :

رُبّما تكْرَهُ النُّفوس من الأمْ

رِ له فَرْجَةٌ كَحَلِّ العقَالِ

قال : يقال فُرْجَة وفَرْجَةٌ فُرْجَةٌ اسم ، وفَرْجَةٌ مصدر ، وفُروجُ الأرض نَواحيها.

اللِّحيانيّ : قَوْسٌ فَرِيجٌ ، إذا بانَ وَتَرُها عن كَبِدِها ، وهي الفارِجُ أيضاً.

وقال الأَصْمَعِيّ : هي الفارجُ والفُرُج ، ورواه أبو عُبيدِ عنه.

ويقال : رَجُل أَفْرَجُ الثَّنايا ، وأَفْلَجُ الثَّنايا ، بمعنًى واحد.

ابن السِّكّيت : قال الأصمعيّ : الفَرَجانُ : خُراسانُ وسِجِسْتَان ، وأَنْشد قول الغُدانِيّ :

* على أَحَدِ الفَرْجَيْن كان مُؤَمَّري*

أبو زيد : يقال للمُشْط : النَّحِيتُ ، والمُضَرِّجُ والمِرْجَلُ ، وأنشد أحمد بن يحيى لبعضهم :

فاتَه المَجْدُ والعلاءُ فأَضْحَى

يَنْفُضُ الْخِيسَ بالنَّخِيتِ المُفَرِّج

أراد بالْخِيس لَحْيَتَه ، يَصِفُ رجلاً كان شاهِدَ زُور.

وقال أحمدُ بن عُبَيد : قال أبو زيد :

٣٣

العرب تقول : جرت الدابةُ مَلأى فُروجُها ، وفُرُوجُها : ما بين قَوائِمها ، فالفروج : رَفْعٌ بمَلأَى.

ويقال في المذَكَّر : جَرَى الفَرسُ بملأَى فُروجه وهي ما بين قَوائمه ، أي من شِدَّة إِسْراعه في الجري امْتَلأ ما بين قوائمه بالغُبار والتُّراب.

والعرب تُسَمِّي ما بين القوائم خَوَاء ، وكذلك كل فُرْجَةٍ بين شَيئين.

وقال أحمد بن يحيى : الفَارِج : النَّاقَة التي انْفَرَجت عن الولادة ، فهي تُبْغِضُ الفَحْلَ وتَكْرَه قُرْبَه.

جفر : في حَديثِ عُمرَ أنَّه قَضَى في اليَرْبوع إذا قَتَله المحْرِمُ بجِفْرَة.

أبو عبيد عن أَبي زَيْد قال : إذا بَلغت أولادُ المِعْزَى أربعةَ أَشهر ، وفُصِلَت عن أُمهاتها فهي الجفار ، واحِدها جَفْر ، والأنْثى جَفْرَة.

وقال ابن الأعرابيّ : الجَفْرُ : الحَمَلُ الصغير ، والجَدْيُ بعد ما يُفْطَم ابن سِتّة أَشْهر. قال : والغُلام جَفْر.

وقال ابن شُمَيل : الجَفْرة : العَناقُ التي شَبِعت من الْبَقل والشَّجر ، واسْتَغْنت عن أمها ، وقد تجفَّرَت واسْتَجْفَرت : أي عَظُمت وسَمِنَت.

ويقال : قد تَراغَب هذا واستَجْفَر.

قال : ويقال : أُجفِرَ بَطْنُه ، واستَجْفَرَ بطنُه ، أي عَظُم.

حكى ذلك كلّه عنهم شِمرٌ في كِتابه ، وقال :

* جُفْرَةُ البَطْنِ باطن الْمُجْرئِشّ*

وقال غيره : جُفْرَة كلِّ شيء وَسَطه ومُعْظمه.

أبو عبيد ، عن أَبي زيد : الجَفْرُ : البِئْر ليست بمَطْوِيَّة.

وقال غيره : الجُفْرةُ : حُفْرةٌ واسِعة من الأرض مُستديرة.

أبو عبيد ، عن الأَحْمر : الجَفيرُ والْجَشِيرُ معاً : الكِنانة وهي الجَعْبة.

وقال الليث : الجَفير شِبْه الكِنانة إلّا أنَّه أَوْسع ، يُجْعَلُ فيه نُشَّابٌ كَثير.

ورُوِي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنه قال : «صُوموا ووفِّروا أَشْعَارَكم ، فإنها مَجفَرَةٌ».

أبو عبيد : يَعْني مَقْطَعَةٌ للنكاح ، ونَقْصٌ للماء.

ويقال للبعير إذا أكْثَر الضِّرابَ حتى يَنْقَطع قد جَفَرَ يجْفُر جفوراً ، فهو جافر.

وقال ذو الرّمة في ذلك :

وقد عارضَ الشِّعْري سُهَيلاً كأنّه

قريعُ هِجانٍ عارَضَ الشوك جافرُ

وقال الليث : رجل مُجْفِر.

وقد أَجفَرَ إذا تَغَيَّرت رائحةُ جَسَدِه.

أبو عبيد ، عن الفَراء : كُنْتُ آتِيكم ، فقد

٣٤

أجْفَرْتكم ، أي تركتُ زِيارتكم وقَطَعتها.

وقال غيره : يقال للرَّجل الذي لا عَقْل له : إنَّهُ لَمُنْهدِمُ الجال ، ومُنْهدِم الجَفْر.

وقال ابن الأعرابيّ : الْجُفَرِيُ والكُفَرِي : وِعاءُ الطَّلْع. وإبلٌ جِفارٌ ، إذا كانت غِزَاراً ، شُبِّهت بِجِفَار الرَّكايا.

ثعلب عن ابن الأعرابيّ : أجْفَرَ الرجل ، وجَفَر وجَفَّر : إذا انْقَطع عن الجِماع ، وكذلك اجتَفَرَ ، وإذا ذَلَّ قيل : اجْتَفَر.

رفج : قال الليث : الرُّفوجُ : أصْلُ كَرَبِ النَّخل ؛ ولا أدري : أَعربِيٌ أمْ دَخيل.

فجر : قال الليث : الفَجْرُ : ضَوْءُ الصُّبح ، وقد انْفَجر الصُّبح.

ويقال للصُّبْح المُستطير فَجْرٌ ، وهو الصَّادق. والمستطيل الكاذِب يقال له : فجر أيضاً.

وأما الصبح فلا يكونُ إلا الصَّادق.

والفَجْرُ : تفجيرُك الماء. والمَفْجَرُ : الْموْضعُ الذي يَفْجَرُ مِنه.

ويقال : انْفجَرت عليهم الدّواهي ، إذا جاءهم الكثيرُ منها بَغْتَه ، وأيّام الفِجار : أَيّام وقائع كانت بعُكاظ ، تفاخروا فيها فاجْتَربوا واستَحَلُّوا الحُرُمات.

والفجور : الرِّيبة والكَذِب من الفُجور.

وقد رَكِبَ فلانٌ فَجْرةً وفَجار لا يَجْرِيان إذا فَجَرَ وكَذب ، وقال النّابغة :

إنّا اقْتَسَمْنا خُطَّتَيْنَا بَيْننا

فَرحَلْتُ بَرّةَ ، وارْتحلْتَ فجارِ

أبو عبيد : الفَجَرُ الجُودُ الْواسعُ ، والكرم.

ثعلب عن ابن الأعْرابيّ : أفْجر الرجل ، إذا جاء بالْفَجَرِ ، وهو المال الكثير ، وأَفْجرَ إذا كَذَب ، وأفجر إذا عَصَى بِفَرْجِه ، وأُفجر إذا كَفَر ، ومثلُه فَجَرَ وفَجَّرَ.

قال وقوله : ونَتْرُك من يَفْجُرُك ، أي من يَعْصيك ، ومَنْ يُخَالفك.

وقال رجلٌ لعمر وقد اسْتأذَنه في الجِهاد فمنَعَه لضَعْف بَدَنه ، فقال : إن أطْلَقْتَني وإلّا فَجَرْتُك ، أي عَصَيْتُك.

وأفْجَرَ : مال مِنْ حَقٍّ إلى بَاطِل. وأفجَرَ يَنْبوعاً من ماء ، أي أخْرجه.

وقال شَمِر : قال ابن الأعرابيّ : الفَجور والفَاجِر : المخطِىء ، والفُجورُ خِلاف البِرّ ، والفاجِرُ المائِلُ ، والسَّاقطُ على الطَّريق. وفَجَر أي كَذَب ، وأنشد :

قَتَلْتُمْ فَتًى لا يَفْجُر الله عامِداً

ولا يَجْتَوِيه جارُهُ حين يُمْحِلُ

أي لا يَفْجُرُ أمْر الله ، أي لا يَميلُ عنه ولا يَتْركه.

وقال شِمر : قال الْهوازِنيّ : الافْتِجارُ في الكلام اخْتِراقُه من غير أن يَسْمَعه من أحد ، أو يَتَعَلَّمه ، وأنشد :

٣٥

نَازعِ القَومَ إذا نازَعْتَهم

بأريبٍ أو بَحَلَّافٍ أبَلْ

يَفْتَجِرُ القولَ ولم يَسْمَعْ به

وهُو إنْ قيلَ : اتّق الله ، احْتَفَل

وقال الفراء في قول الله جَلَّ وعَز : (بَلْ يُرِيدُ الْإِنْسانُ لِيَفْجُرَ أَمامَهُ (٥)) [القيامة : ٥].

حدَّثني قيسٌ ، عن ابن حُصَيْن ، عن سعيد بن جُبَيْر قال : تقول : سوف أَتُوبُ ، سوف أتوب.

قال : وقال الكَلْبِيّ : يُكْثِرُ الذُّنوبَ ، ويُؤَخِّرُ التَّوْبة.

وقال أبو إسحاق : معناه أنه يُسَوِّفُ بالتَّوبة ، ويُقَدِّمُ الأعمالَ السَّيِّئة. قال : ويجوزُ ـ والله أعلم ـ أنَّه يكْفُر بما قُدَّامَه من البعث.

وقال المؤرَّج : فَجر إذا رَكِبَ رَأْسَه ، فمضَى غيرَ مُكْتَرثٍ. قال : وقوله : (لِيَفْجُرَ أَمامَهُ) ، ليمْضيَ راكباً رأسه. قال : وفَجرَ أخْطأَ في الجواب. وفجر من مرضه ، إذا بَرَأَ. وفَجرَ ، إذا كلَّ بَصَرُه.

وقال ابن شُميْل : الفُجورُ رُكوب ما لا يَحِلّ. وحَلَفَ فلان على فَجْرة ، واشْتَمَلَ على فجرة ، أي رَكِبَ أمْراً قبيحاً من يمين كاذِبة ، أوْ زِنًى ، أو كَذِب.

قلت : والفَجْرُ أصلهُ الشَّقّ ، ومنه أُخِذَ فجرُ السِّكْر ، وهو بَثْقُه. وسُمِّيَ الفَجْر فجراً لانفِجَارِه ، وهو انْصِداعُ الظُّلمة عن نور الصُّبْح.

والفجورُ أصْلُه الميْلُ عن القَصْد.

قال لَبيد :

* وإنْ أَخَّرتَ فالْكِفْلُ فاجِر*

والكاذبُ فاجِر ، والمكَذَّبُ بالحق فاجِر ، والكافِرُ فاجِر ، لميْلِهم عن الصِّدْق والقَصْد.

وقول الأعرابيّ لعُمَر :

* اغْفِرِ اللهمَّ إنْ كانَ فَجَرْ*

أي مالَ عن الحق.

وقيل في قول الله : (بَلْ يُرِيدُ الْإِنْسانُ لِيَفْجُرَ أَمامَهُ (٥)) [القيامة : ٥]. أي : ليُكَذِّب بما أَمامه من البعْث ، والحِساب والجَزاء ، والله أعْلم.

ج ر ب

جرب ، جبر ، رجب ، ربج ، برج ، بجر : مستعملات.

جرب : قال اللَّيث : الجَربُ مَعْروف.

والجَرْباءُ من السَّماء : النّاحِيَة التي لا يَدور فيها فَلَكُ الشَّمس والقمر.

وأَخْبَرني المُنْذِرِيّ ، عن أَبي الهَيْثِمِ أَنه قال : الْجَرْبَاءُ : السَّماءُ الدُّنيا ، وهي الملْسَاء.

وقال اللَّيْث : أَرْضٌ جَرْباءُ : إذا كانَت مُمْحِلَةً لا شيءَ فيها.

٣٦

وقيل سُمِّيت السَّماء الدُّنيا جَرْباء ، لما فيها من الكواكب. أَبو عُبيد ، عن الأصمعيّ ، قال : الْجِربياءُ من الرِّياح الشَّمالُ.

قال : وقال أبو زيد : الْجِربِياءُ الرِّيحُ التي تَهُبُّ بين الْجَنوبِ والصَّبا.

وقال اللَّيث : الْجِرْبياءُ شَمالٌ بارِدَة.

قال : وقال أبو الدُّقَيْش : إِنَّما جِرْبِياؤُها بَرْدُها ، فَهَمَزَ.

ثعْلب ، عن ابن الأَعْرابيّ : الجَرْباءُ الْجَارِيَةُ المَلِيحَة ، سُمِّيتْ جَرْباء لأنَّ النِّساء يَنْفِرْنَ عَنْها لتَقْبِيحِها بمَحاسِنها محاسِنَهُنّ.

وكان لعَقِيل بن عُلَّفَة المُرِّي بِنْتٌ يُقال لها الجَرْباء ، وكانت من أَحْسَن النِّساء.

وجَرِبَ البعيرُ يَجْرَبُ جَرَباً فهو جَرِب وأَجْرَب.

وقال : والجريبُ من الأرض نِصْفُ الفِنْجان ، والجريب مِكْيالٌ ، وهو أَرْبَعَةُ أَقْفِزَة.

قلت : الْجَريبُ من الأرْض مِقدارٌ مَعْلوم الذرع والمساحة ، وهو عَشَرةُ أَقْفِزَة ، كلّ قِفيزٍ منها عَشَرةُ أَعْشِراء ، فالعَشِيرُ جُزْةٌ من مائة جُزْءٍ من الْجَرِيب.

وقال اللَّيث : الْجَرِيبُ الْوادي وجَمْعُه أَجْرِبة ، قال : وجَريبُ الأرض جمعه جُرْبان ، والعدد أَجْرِبة.

ثعلب ، عن ابن الأعرابيّ : الجِرْبُ : القَرَاح ، وجَمعه جِرَبَه ، والجِربة : البُقْعَةُ الحَسَنَةُ النَّبات ، وجمعها جِرَب.

قال أبو عُبَيْد : قال أبُو عُبَيْدة الجِرْبَةُ المَزْرَعَة.

وقال بشر :

* على جِرْبَةٍ يَعْلو الدِّيارَ غُرُوبها*

وقال ابنُ الأعْرابيّ : الْجَرَبُ العَيْب.

وقال غيره : الجَرَبُ الصَّدَأُ يرْكَبُ السَّيف.

أبو عُبيدٍ عن الأصْمعيّ : رَجُلٌ مُجَرِّبٌ ومُجَرَّبٌ ، وهو الذي قد جَرَّبَ الأمُورَ وعَرفها. والمُجَرَّبُ أيضاً : الَّذي جُرِّب في الأمور وعُرِف ما عِنْده.

أبو عُبيد ، عن الأَحْمر : جِرابُ البِئْر اتِّسَاعُها.

وقال غيره : جِرابها ما حَوْلَها. ويُقال :اطْوِ جِرَابَها بالحِجارة.

وقال اللَّيث : جِرابُ البِئْر جَوْفُها من أَوَّلِها إلى آخِرِها.

قال : والجِرابُ وِعاءٌ من إِهابِ الشّاءِ ، لا يُوعَي فيه إِلَّا يَابِس ، والجميع : الْجُرُب.

ثعلب ، عن ابْن الأعرابيّ : عِيالٌ جَرَبَّةٌ : يَأكلون أَكْلاً شَديداً ولا ينْفعون. قال : والجرَبَّةُ الحُمرُ الشِّداد الغِلاظ. والجرَبَّةُ من أَهْلِ الحاجَة ، يَكونون مُسْتَوِين.

وقال ابنُ بُزُرْج : الجَرَبَّةُ : الصّلامَةَ من الرِّجال الذين لا يُساء لهم ، وهم مع أمِّهم.

٣٧

وقال الطِّرِمّاح :

وحَيٍّ كِرامٍ قد هَنَأْنا جَرَبَّةٍ

ومَرَّتْ بهم نَعْماؤُنا بالأَيامِنِ

قال : جَرَبَّةٌ صِغارُهم وكِبارُهم. يقول : عَمَمْناهُمْ ولَم نخُصَّ كبارَهم دون صِغَارِهم.

وقال أبو عمرو : الجَربُ من الرِّجال القَصيرُ الخَبُّ ، وأنشد :

إنَّكَ قد زَوَّجْتَها جَرَبا

تَحْسِبُه ، وهو مُخَنْذٍ ، صَبَّا

أبو عُبيد ، عن الفَرّاء ، قال : جُرُبَّانُ السَّيْفِ حَدُّه أو غِمْدهُ. وعلى لَفْظِه جُرُبَّانُ القَمِيص.

شَمِر ، عن ابن الأعْرابيّ : الجُرُبَّان قِرابُ السَّيْفِ الضَّخْم ، يكون فيه قَوْسُ الرَّجُل وسَوْطُه ، وما يَحْتاجُ إليه.

وقال الرَّاعي :

وعَلى الشَّمائِلِ أن يُهاجَ بنا

جُرْبان كلِّ مُهَنَّد عَضْبِ

وقيل : جُرُبَّان الْقَمِيص هو بالْفارِسيَّة كَرِيبان ، وهو الجَيْب.

وقال اللَّيث : الجَوْربُ لِفَافةٌ الرِّجْل.

ابنُ السِّكّيت : الأجرَبان عَبْسٌ وذُبْيان.

وأنشد :

وفي عِضَادَته اليُمنى بَنو أَسَدٍ

والأجْرَبان : بنو عبس وذُبْيانُ

والجريبُ : وادٍ مَعْروفٌ في بِلاد قَيْس ، وحَرَّةُ النَّار بِحِذَائِهِ. أبو زيد : من أَمْثالهم : أَنت على المُجَرَّب ، قالتها امرأَةٌ لِرَجُل سَأَلَهَا بعد ما قَعَدَ بين رِجْليها ، أَعَذْراءٌ أَمْ ثَيِّب؟ فعند ذلك قالت : أَنْتَ على المُجَرَّب.

يُقالُ : عِنْد جواب السَّائل عما أَشْفَى على عِلْمِه.

رجب : قال اللَّيث : رَجَبُ شَهْر ، تقول : هذا رَجَبٌ ، فإذا ضَمُّوا إليه شَعْبان فهما الرَّجَبان.

وكانت العرب تُرَجِّبُ ، وكان ذلك لهم نُسُكاً أو ذَبائِح في رَجَب.

أبو عُبيد ، عن الأصمعيّ والفراء : رَجَبْتُ الرَّجُلَ رَجَباً ، إذا هِبْتَهُ وعَظَّمْتَه وقال شَمِر : رَجَبْتُ الشَّيءَ : هِبْتُه ورَجِبْتُه : عَظَّمتُه وأنشد :

* أَحْمَدُ رَبِّي فَرَقاً وأَرْجبَه *

قال : أرْجَبَهُ ، أي أُعَظِّمهُ. ومِنه سُمِّي شهر رَجَبَ.

وأَنْشَدَ أبو عمرو :

إِذَا العجوزُ اسْتَنْخَبَتْ فانْخَبها

ولا تَهَيَّبْها ولا تَرْجَبْها

وقال شَمِر : رَجَبْتُه عَظَّمْتُه.

أبو عَمْروٌ ، عن أَبيه : الرَّاجِبُ المُعظِّمُ لسَيِّده. ويقال : رَجِبَه يَرْجَبُه رَجَباً ، ورَجَبَهُ

٣٨

يَرْجبُه رَجْباً ورُجُوباً ، ورَجَّبَه تَرجِيباً ، وأَرْجَبَه إِرْجَاباً.

ومِنه قَول الحُباب بن المُنْذر : أَنا جُذَيْلُها المُحَكَّك ، وعُذَيقُها المرجَّب.

قلت : وأما أَبو عُبَيْدة والأصْمَعيّ ، فإنَّهما جَعَلا المُرَجَّبَ ها هنا من الرُّجْبَة ، لا من التَّرْجِيب الذي هو من التَّعظيم.

قالا : والرُّجْبَة والرُّجْمَة بالْبَاء والميم : أَن تُعْمَدَ النَّخْلَةُ الكريمة إذا خِيفَ عليها أَنْ تقعَ لِطولها وكثْرَةِ حَمْلها بِبِناءٍ من حِجارَةٍ تُرَجَّبُ به أي تُعْمَدُ به ، ويكونُ تَرجيبُها أن يجعل حولها شوك إذا وقرت ، لئلا يَرْقأ فيها راقٍ ، فيجْنى ثمرها.

وقال الأصمعي : الرُّجْمَة بالميم البِناءُ من الصّخر تُعْمَدُ به النّخْلة ، والرُّجْبَةُ أنْ تُعْمَدَ النَّخلةُ بخشَبَة ذاتِ شُعْبَتين.

أبو عبيدة : رَجبتُ فلاناً بقَوْلٍ سِّيء ، ورجَمْتُه بمعنى صَككْتُه.

قال أبو تراب : وقال أبو العَميثل مِثْلَه.

أبو عبيد ، عن الأصمعيّ : الأرْجَابُ الأمْعاءِ ، ولم يَعْرِفْ واحِدَها.

ورَوى ثعلب عن ابن الأعْرابيّ ، قال : الرَّجْبُ المِعَى : قال : والرَّاجِبَةُ البُقْعَةُ الملساءُ بين البَراجِم. قال : والبراجمُ المُشَنَّجاتُ في مَفَاصِل الأصَابع ، وفي كلِّ إصْبَع ثلاثُ بُرْجُمات ، إلّا الإبْهام فلها بُرْجُمَتان.

وقال الليث : بُرْجُمَة الطَّائر. الإصْبَع التي تلي الدّائرة من الجانِبين الوحْشِيّيْن من الرِّجلين.

قال : ورجَّبتُ النّخْل تَرْجِيباً ، وهو أن تُوضَع عُذُوقُها على سَعفِها ، ثم تُنْضَدُ وتُشَدُّ بالخوص ، لئلا يَنْفُضُها الريح ، وقد يقال أيضاً : هو أن يُوضَعَ الشَّوك حَوْل العُذُوق لِئَلَّا تُقْطَف. وأنشد أبو عبيد :

والعادِياتُ أسابِيُّ الدِّماء بها

كأَنَّ أعْناقَها أنْصابُ ترْجِيبِ

وهذا البيت يَدُلُّ على صِحَّةِ قول من جَعلَ الترجِيبَ دعْماً للنّخلة.

برج : قال الليث : البُرْجُ واحِدٌ من بُرُوج الفَلَك ، وهي اثنا عَشَر بُرْجاً ، كلّ بُرْج منها مَنزِلان ، وثُلُثٌ مَنْزِلٌ للقمر ، وثلاثون دَرجةً للشمس إذا غاب منها سِتّة ولكلّ بُرْج اسمٌ على حدة فَأَوَّلها الحَمَلُ ، وأول الحَمل الشَّرَطان ، وهما قَرْنا الحَمَل كَوْكَبان أَبيضان إِلى جَنْب السَمكة ، وخَلْفَ الشَّرَطَيْن البُطَيْن ، وهي ثَلاثةُ كَواكب ، فهذان مَنْزِلان ، وثُلثُ الثريا من بُرْج الحمل.

وقال أَبو إسْحاق في قول الله : (وَالسَّماءِ ذاتِ الْبُرُوجِ (١)) [البروج : ١] قيل : ذات البُروج ، ذاتِ الكواكب ، وقيل : ذاتِ القصُور ، لِقُصُورٍ في السَّماء.

٣٩

سَلَمة ، عن الفراء : اخْتَلفوا في البُروج ، فقالوا : هي النُّجوم ، وقالوا : هي البُروجُ المعرُوفَة ، اثْنا عَشَر بُرجاً ، وقالوا : هي قُصورٌ في السماء.

والله أعلمُ بما أراد.

وقوله جَلَّ وعَزَّ : (وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ) [النساء : ٧٨]. البروج هاهنا الحُصُون ، واحدُها بُرْج.

وقال اللَّيث : بُرُوج سُورِ المدينة والحصن : بُيوتٌ تُبْنَى على السّور ، وقد تُسمّي بيوت تُبْنَى على نَواحِي أَركان الْقَصْر بُروجاً.

قال : وثَوْبٌ مُبَرَّج ، قَدْ صُوِّرَت فيه تَصاوِيرُ كَبُروج السُّور.

قال العجّاج :

* وقد لَبِسنَا وَشْيَه المبَرَّجا*

وقال أيضاً :

* كأَنَ بُرْجاً فَوْقَها مُبَرَّجا*

شَبَّه سَنامها ببُرْج السُّور.

قال : والبَرَجُ : سَعَةُ بَياضِ العين مع حُسْن الْحَدَقَة. وإذَا أَبْدَت المرأةُ محاسِنَ جِيدها ووَجْهَها ، قيل : تَبَرَّجَتْ وتُرِي مع ذلك من عَيْنَيها حُسْنَ نَظر ، كقول ابن عِرس في الجُنَيْد بن عبد الرحمن يهجوه :

يُبْغَضُ من عَينيكَ تَبْرِيجُها

وصُورةٌ في جَسَدٍ فاسدٍ

قال الزّجاج في قوله : (جَعَلَ فِي السَّماءِ بُرُوجاً) [الفرقان : ٦١] قال : البروج الكواكب العظام ، قال : والْبَرَجُ ، تَباعُد ما بين الحاجبين. قال : وكل ظاهر مرتفع فقد بَرَج ، وإنما قيل لها البروج لظهورها وبيانها وارتفاعها.

أبو عُبيد ، عن أَبي عَمْرو : البَرَجُ ، أن يكونَ بَياضُ العين مُحْدِقاً بالسَّواد كُلِّه ، لا يغيبُ من سَوادِها شيء.

قال أبو زيد : البَرَجُ ، نَجَلُ العين ، وهو سَعَتها.

وقيل : الَبَرجُ ، سَعَةُ العين في شِدَّة بياض بَياضِها.

ثعلب ، عن ابن الأَعْرابيّ : بَرِجَ الرَّجُل إذا اتَّسَعَ أَمْره في الأَكْل والشُّرب.

وقال أبو إسحاق في قول الله جلَّ وعزَّ : (غَيْرَ مُتَبَرِّجاتٍ بِزِينَةٍ) [النور : ٦٠] ، التَّبرُّجُ إظهارُ الزِّينة ، وما يُسْتَدْعَى به شهوَةُ الرَّجل.

وقيل : إنَّهن كُنَّ يتكَسَّرْن في مَشْيِهِنَّ ويَتَبَخْتَرْن.

وقال الفراء في قوله : (وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجاهِلِيَّةِ الْأُولى) [الأحزاب : ٣٣] ذلك في زمن وُلِدَ فيه إبراهيمُ النبيُّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم كانت المرأةُ إذْ ذاك تلْبسُ الدِّرع من اللُّؤْلؤ غير مَخيط من الجانبين ، ويقال : كانت تَلبسُ الثياب تَبلغُ المالَ لا تُواري جسدَها ، فأُمِرْنَ أَلَّا يفعلْنَ ذلك.

٤٠