تهذيب اللغة - ج ١١

محمّد بن أحمد الأزهري

تهذيب اللغة - ج ١١

المؤلف:

محمّد بن أحمد الأزهري


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار إحياء التراث العربي للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٣٤٧

نعشه بريشه. وإنه لحسن الريش ، أي الثياب ، والرّياش القِشَرِ.

الليث ، يقال : ارتاش فَلان ، إذا حَسُنَت حالتُه ، قال : ورِشتُ فلاناً ؛ إذا قوّيتَه وأَعنْتَه على مَعَاشه.

وقال غيره : الرَّاشي الذي يرشو الحاكم ليحكم له على خَصْمِه ، إمّا أن يحيفَ فيحكُمَ بخلاف الحقّ ، وإمّا أن يؤخر الحاكم إمضاء الحكم حتى يرشوَه صاحبُ الحق شيئاً ، فيحكم له حينئذ بحقّه ، والحاكم جائر في كلا الوجهين ، والرَّاشي في أحد الوجهين معذور. وإذا أخذ الحاكم الرِّشوة فهو مرتشٍ ، وقد ارتشى.

والرائش الذي يتردّد بينهما في المصانعة فيريش المرتشَى من مال الراشي. وكل من أنلْتَه خيراً فقد رِشتَه. والرائِش الحميريّ مَلك من ملوك حِمْير ، كان غزا قوماً فغنِم غنائم كثيرة ، وراش أهل بيته حتى أغناهم.

ثعلب ، عن ابن الأعرابيّ : راش فلان صَدِيقه يَريشه رَيشاً إذا جمع الرِّيشَ ، وهو المالُ والأثاث. ويقال : كلاء رَيْشٌ ورَيّش ، وله رِيش ؛ وذلك إذا كثر ورَقَّ ، وكان عليه زَغبة من زِفِّ ، وتلك الزَّغَبة يقال لها : النَّسَال.

ويقال : رمح راشٌ خَوَّار ضَعِيف ، وجملٌ راش الظَّهر : ضعيف. ورجل راشٌ : ضعيف.

وشر ـ أشر : روي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، أنّه لعن الواشرة والمؤتشِرة.

قال أبو عُبَيد : الوَاشِرة : المرأة التي تَشِر أسنانها ، وذلك أنها تفلِّجُها وتُحَدِّدها حتى يكون لها أُشُر ؛ والأُشر تحدُّد ورقّة في أطراف الأسنان ، ومنه قيل : «ثَغْرٌ مُؤَشّر» ، وإنما يكون ذلك في أسنان الأحداث ، تفعله المرأة الكبيرة ، تتشبّه بأولئك ، ومنه المثل السائر : «أَعْيَيْتِنِي بأُشُر ، فكيف أرجوك بِدُرْدُر» ، وذلك أنّ رجلاً كان له ابن من امرأةٍ كَبِرت ، فأخَذ ابنه يوماً منها يُرَقِّصُه ، ويقول : يا حبذا دُرْدُرك! فعمِدت أمّه الحمقاء إلى حجر فهتَمتْ أسنَانها ، ثم تعرَّضت لزوجها ، فقال لها حينئذ : «أَعْيَيْتِنِي بأُشر فكيف بِدَرْدُر»!

وقال ابن السّكِّيت : يقال للمنشار الذي يُقطع به الخشب : ميشار وجمعه مواشير ، من وَشَرْت أشر ، ومئشار وجمعه مآشير من أشرْتُ آشِرُ ، وأنشد :

* أناشرَ لا زالَت يمينك آشِرَهْ*

قالوا : أرادت لا زالت يمينك مأشورة كما قال الله جل وعز : (خُلِقَ مِنْ ماءٍ دافِقٍ (٦)) [الطارق : ٦] ، أي مدفوق.

والأَشَر المَرح والبَطَر ، ورجل أَشِر وأشْرَان ، وقوم أَشَارَى وأُشارَى ، وامرأة مِئْشير بغير هاء ، مثل الرجل ، وحَرَّة شَوْرَانِ معروفة في بلاد العرب.

٢٨١

[باب الشين واللام]

ش ل (وا يء)

شال ، شلى ، وشل ، لشا ، أشل.

شول : يقال لبقيّة الماء في المَزَادة أو القِرْبة : شوْل ، وجمعه أشوال. وقد شَوَّلت المزادةُ وَجَزَّعَتْ ، إذا بقي فيها جِزْعَةٌ من الماء ، ولا يقال : شالت المزادَةُ ، كما يقال : درهم وازن ، أي ذو وَزْن ، ولا يقال : وزن الدرهم. والشوْل أيضاً من النُّوق : التي قد أتى عليها سبعة أشهر من يوم نَتَاجها ، فلم يَبْقَ في ضروعها إلا شَوْلٌ من اللبن ، أي بقيّة مقدار ثلث ما كانَتْ تحلبُ في حِدْثَان نَتَاجها ، واحِدَتُها شائِلة. وقد شوَّلتِ الإبلُ ، أي صارب ذات شَوْل من اللّبن ، كما يقال : شَوَّلَتِ المزادةُ إذا بقي فيها نُطَيْفة ، وأما الناقة الشائِلِ بغير هاء. فهي التي ضربَها الفَحْلُ فشالت بذَنَبها ، أي رفعته. تُرِي الفحلَ أنّها لاقح ؛ وذلك آية لِقَاحها ، وتشمخ حينئذٍ بأنفها ، وهي حينئذٍ شامِذٌ ، وقد شَمَذت شِمَاذاً. وجمع الشائِل من النُّوق والشامِذُ شُوَّل وشُمَّذ ، وهي عاسِرٌ أيضاً ، وقد عَسَرَت عِسَاراً.

قلت : وجَميع ما ذكرتُ في هذا الباب من العرب مسموع ومرويّ.

وقد روى أبو عُبيد ، عن الأصمعيّ أكثره ، إلا أنَّه قال : إذا أَتَى على الناقة مِنْ يَوْم حَمْلها سبعة أشهر خفَّ لبنها. وهو غَلَط لا أدري أهو من أبي عبيد أو الأصمعي والصواب : إذا أتى عليها من يوم نَتاجها سبعة أشهر ، كما ذكرته لا من يوم حملها ، اللهم إلا أن تَحمل الناقة كِشافاً ، وهو أن يضربَها الفحلُ بعد نَتَاجها بأيَّام قلائل. وهي كَشُوفٌ حينئذٍ ، وهو أرداً نَتَاجٍ عند العرب.

وقال الليث : يقال : شال الميزان ، إذا ارتفعت إحدى كَفَّتَيْه لِخِفَّتها ، ويقال للقَوْم إذا خَفُّوا ومضَوْا : شَالَتْ نَعَامتُهم ، والعقرب تشول بذنبها ، وأنشد :

* كَذَنَبِ العَقْرَبِ شوَّالٍ عَلِقْ*

أبو عُبيد عن اليزيديّ : شَالَتْ الناقةُ بذنبها ، وأشالَتْ ذَنَبَها.

قال : وقال أبو عَمْرو : أشلْتُ الحجرَ وشلتُ به.

وقال غيرُه : شال السَّائلُ يديه ، إذا رفعهما يَسألُ بهما ، وأنشد :

* وأعسرَ الكف سَأَلَّا بها شَوِلاً*

وقول الأعشى :

* شاوٍ مِشَلٌّ شِليلٌ شُلْشُلٌ شوِلُ *

فإنّ ابن الأعرابي قال : الشوِل الذي يَشُول بالشيء الذي يشتريه صاحِبُه ، أي يرفعه.

وقال شَمِر : وقال ابن الأعرابيّ : شولَةُ العقرب التي تضربُ بها ، تسمى الشوكة والشَّبَاة والشَّوْكة والإبرة.

٢٨٢

قلت : وبها سمّيت إحدى منزل بُرْج العقرب : شولَةُ تشبيهاً بها ، لأنّ البرج كلَّه على صورة العقرب.

والشهر الذي يلي رمضان يقال له شوَّال ، وكانت العرب تَطَّير من عَقْد المناكح فيه ، وتقول : إن المنكوحة تمتنع مِنْ ناكحها ، كما تمتنع طَرُوقة الفحل إذا لُقِحَتْ ، وشالت بذَنَبَها ، فأبطل النبيَّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم طِيَرَتُهمْ.

وقالت عائشة : تزوجني رسولُ الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم في شوَّال ، وبنى عليَّ في شوَّال ، فأيُّ نسائه كان أحظى عنده مَنّى؟

وقال ابن السِّكِّيت : من أمثالهم في الذي ينصح للقَوْم وهو مَلُوم : «أنت شولَةُ الناصِحَة» ، قال : وكانت أَمَةٌ لعَدْوَان رَعْنَاء ، تَنْصَح لمواليها ، فتعود نصيحتُها وَبَالاً عليها لحمْقِهَا.

قال : وقال ابن الأعرابيّ : الشوْلَةُ الحمقاء.

قال : ويقال : شال ميزانُ فلان يَشول شَوَلاناً ، وهو مَثَل في المفاخرة. يقال : فاخَرته فشال ميزانُه ، أي فخرتُه بآبائي وغلبْتُه.

وقال : شالت نعامتُهم ؛ إذا تفرقَّت كلمتُهم ، وشالت نعامتُهم ؛ إذا ذهب عِزُّهم.

أبو عُبيد ، عن أبي زَيد : تشاوَل القومُ تشاوُلاً ؛ إذا تناول بعضُهم بعضاً عند القتال.

شلى : أبو عُبيد ، عن أبي زيد : أَشلَيتُ الكلب وقَرْقَسْتُ به ، إذا دَعَوْتَه.

وروي عن مطرّف بن عبد الله ، أنه قال : «وجدتُ الْعَبْد بين الله وبين الشيطان ، فإن اسْتَشْلَاهُ ربُّه نجّاه ، وإن خَلَّاه والشيطانَ هَلكَ».

قال أبو عُبيد : قوله : «استشلاه» ، أي استنقذه ، وأصل الاستشلاء الدّعاء ، ومنه قيل : أشليت الكلب وغيره ، إذا دعوتهُ.

قال حاتم طيىء يذكر ناقة دعاها فأقبلت إليه :

أشلَيْتُها باسم المرَاح فأقبلتْ

رَتَكاً وكانت قبل ذلك تَرْسُفُ

قال : فأراد مطرّف أنّ الله تعالى إنْ أغاث عَبْدَه ودعاه ، فأنْقَذَه من الهلكة فقد نجا ، وذلك الاستشلاء.

وقال القُطامي يمدح رجلاً :

قَتَلْتَ كلباً وبكراً واشتَليتَ بنا

فقد أَرَدْتَ بأن تَسْتَجْمعَ الْوَادِي

وقوله : «اشتليت» واستشليت» سواء في المعنى ، وكّل مَنْ دَعَوْته فقد أشليتَه.

الليث : الشِّلْو : الجسد والجِلْد من كلّ شيء ، وقال الرّاعي :

فَادفَعْ مظالِمَ عَيَّلَتْ أبناءَنَا

عَنَّا وَأَنْقِذْ شِلْوَنَا الْمأكُولَا

قال : واشتلى الرجُلُ فلاناً ، أي أنقذ

٢٨٣

شِلوَه ، وأنشد :

* إنَّ سُلَيْمَانَ اشتَلَانَا ابْنَ عَلِي*

أي أنقذ شِلْوَنا.

ابن السكِّيت ، عن أبي زَيْد : يقال : ذهبت ماشيَة فلان وبقيت له شَلِيَّة ، وجَمعها شَلايا ، ولا يقال إلا في المال.

وقال أبو عُبيد : الشِّلْو : العضو. وقيل : الشِّلْو : البَقِية. وقالت بنو عامر لما قَتَلُوا بنِي تميم يوم جَبَلة : لم يبق منهم إلّا شِلْو ، أي بَقيّة ، فغَزَوْهم يوم ذي نَجَب ، فقتلتْهم تميم. وفي ذلك يقول أوْس بن حَجَر :

فَقُلْتُمْ : ذَاكَ شِلُوٌ سَوْفُ نَأْكُله

فكيف أَكْلكُمُ الشِّلْوَ الَّذِي تَرَكُوا

وروى عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنه قال لأبيّ بن كعب في القَوْس التي أهداها له الطُّفَيل ابن عمر الدَّوْسِي بإقْرَائِه إياه القرآن : «تقلَّدْ بها شِلْواً من جهنم»

أي قطعة منها ، ومنه قيل للعضو : شلْو ؛ لأنه طائفة من الجسَد.

وسُئل بعضُ النسَّابين من قريش عن النعمان بن المنذر ونسبه ، فقال : كان من أشلاء قُنَص بن مَعَدّ ، أراد أنه كان من بقايا ولده.

ثعلب ، عن ابن الأعرابيّ ، قال : الشّلا : بقيَّة المال ، والشَّلِيّ : بقايا كل شيء ، وشلَا ، إذا سار ، وشلَا ، إذا رَفَع شيئاً.

لشا : أهمله الليث في كتابه ، ورَوَى أبو العباس ، عن ابن الأعرابي أنه قال : لشا ، إذا خَسَّ بعد رِفعة. قال : واللّشِيّ : الكثير الحَلَب.

وشل : قال الليث : الوَشَل : الماء القليل يُتَحَلَّب. وجبَلَ واشل : يقطرُ منه الماء ، وماء واشل : يَشِلُ منه وَشْلاً.

وقال ابن السِّكّيت : سمعتُ أبا عَمْرو يقول : الوُشُول قلة الغَنَاء ، والضعف ، والنقصان ، وأنشد :

إذا ضَمَّ قَوْمَكُمُ مَأْزِقٌ

وَشلْتُمْ وُشولَ يَدِ الأجْذَمِ

وناقة وَشُولٌ : يَشِلُ لبنُها من كثرته ، أي يسيل ويقطرُ من الوَشَلان ، ويقال : وَشلَ فلان إلى فلان ، إذا ضَرَع إليه ، فهو واشل إليه. ورأْيٌ واشل ، ورجل واشلُ الرَّأْيِ ، أي ضعيفه. وفلان واشلُ الْحَظّ : لا جَدّ له. وأوشلت حَظَّ فلان ، أي أقللتَه.

أبو عُبيد : الوَشَل ما قَطَر من الماء ، وقد وشَل ويشِل ، ورأيت في البادية جَبَلاً يقطر في لِحَفٍ منه من سَقفِه ماء ، فيجتمع في أسفله ، ويقال له الوَشَل.

ثعلب ، عن ابن الأعرابيّ ، عن الدُّبَيْرِية : يُسَمَّى الماء ، الذي يقطر من الجبل المَذَع ، والفَزيزُ والوَشل.

أشل : قال الليث : الأشْل من الذَّرْع بلغة أهل البصرة ، يقولون : كذا وكذا أَشلا

٢٨٤

لمقدارٍ معلوم عندهم.

قلت : وما أراه عربياً صحيحاً.

[باب الشين واللام]

ش ن (وا يء)

شان ، شنأ ، ناش ، نشأ ، نشي ، أشن.

شين : قال الليث : الشَّيْن معروف ، وقد شَانَه يَشِينُه شَيناً.

قلت : والشَّيْن ضد الزَّيْن ، والعرب تقول : وجه فلان زَيْن ، أي حَسَنٌ ذو زَين ، ووجه الآخر شَين ، أي قبيح ذو شيْن.

سَلمة ، عن الفراء ، قال : العَيْنُ والشَّيْن ، والشنار : العَيْب.

والشِّين حرف هجاء ، وقد شَيَّنْتُ شِيناً حَسَناً.

وقول الله جلّ وعزّ : (كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ) [الرحمن : ٢٩] ، قال المفسِّرون : من شأنه أن يعزّ ذليلاً ، ويذلّ عزيزاً ، ويغني فقيراً ، ويُفقر غنِيّاً ، ولا يشغَلُه شأن عن شأن.

والشأن الخطْب ، وجمعه شئُون.

ويقال : أتاني فلان وما شَأَنتُ شأْنَه ، ولا مَأنْتُ مأنَه ، ولا انتبلْتُ نَبْلَه ، أي لم أعبأ به ولم أكثرتْ له.

وقال الليث : الشئُون : عروق الدَّمْع من الرأس إلى العَيْن الواحد شَأْن. قال : والشُّئون نمانم في الجمجمة بين القبائل.

وقال أحمد بن يحيى : الشئون عُروق فوق القبائل ، فكلّما أَسَنَّ الرجلُ قَوِيت واشتدَّت.

وأخبرني المنذريّ ، عن إبراهيم الحربي ، عن أبي نصر ، عن الأصمعي ، قال : الشئون مواصل القبائل ، بين كلّ قبيلتين شأن ، والدموعُ تخرج من الشئون ، وهي أربَعٌ بعضُها إلى بعض.

قال إبراهيم ، وقال ابن الأعرابيّ : للنّساء ثلاث قبائل.

وروي عن عمرو ، عن أبيه ، أنه قال : الشُّأْنَانِ عِرقان من الرأَس إلى العَيْن.

وقالَ عَبِيد بن الأبرص :

عَيْنَاكَ دَمْعُهما سَرُوب

كأَنَّ شأْنيهما شعِيبُ

قال : وحجة الأصمعي قوله :

لا تُحْزِنيني بالفِراق فإنَّني

لا تَسْتَهِلُّ من الفِراقِ شئُوني

وقال غيره : الشئون : عروق في الجبل ينبت فيها النَّبْع ، واحدها شَأْن. ويقال : رأيت نخيلاً نابتةً في شأن من شئون الجبل. وقيل : عروق من التراب في شقوق الجِبَال يُغرَسُ فيها النخل. وشئون الخمر ما دبَّ منها في عُروق الجَسَد.

قال البَعِيث :

بأطيبَ مِنْ فيها ولا طعمَ قَرْقَفٍ

عُقارٍ تمشِّي في العظام شئونُها

٢٨٥

أشن : قال الليث : الأشْنَة شيء من العِطْر أبيض دقيق ، كأنه مبشور من عِرق.

قلت : ما أراه عربيّاً.

نوش : قال الله جلَّ وعزَّ : (وَأَنَّى لَهُمُ التَّناوُشُ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ) [سبأ : ٥٢].

قال أبو عبيد : التَنَاوش التناول ، والنَّوْش مثله.

نُشتُ أنُوش نَوْشاً.

سلمة ، عن الفرّاء : أهل الحجاز تركوا همز التَّناوش ، وجعلوه من نُشتُ الشيء ، إذا تناولتَه ، وأنشدنا :

فهيَ تَنُوشُ الحوضَ نَوْشاً من عَلَا

نَوْشاً به تقطع أجوازَ الْفَلَا

وقد تناوَشَ القومُ في القِتَال ، إذا تناول بعضُهم بَعْضاً بالرِّمَاح ، ولم يتَدانَوْا كلَّ التَّدَانِي.

قال الفرَّاء : وقرأ الأعمش وحمزة والكسائيّ : التناؤش بالهمز يجعلونه من نَأشْتُ ، وهو البطء. وأنشد :

* وجئتَ نئيشاً بَعْدَ ما فاتك الخبَرْ*

وقال الآخر :

تَمَنِّي نَئِيشاً أن يكون أطاعَنِي

وَقَدْ حَدَثَتْ بَعْدَ الأمُورِ أمورُ

قال : وقد يجوز همز التناوُش ، وهو من نُشْت ، لانضمام الواو. ومثل قوله : (وَإِذَا الرُّسُلُ أُقِّتَتْ (١١)) [المرسلات : ١١].

قال الزّجاج : التَّناوُشُ بغير همز : التناول. المعنى : وكيف لهم أن يتناوَلُوا ما كان مبذولاً لهم ، وكان قريباً منهم ؛ فكيف يتناوَلُونه حين بَعُدَ عنهم؟

قال : ومَنْ همز فهو من النّئِيش ، وهو الحركة في إبطاء ، والمعنى مِنْ أين لهم أن يتحركوا فيما لا حيلة لهم فيه!

أبو عُبَيد عن الأصمعيّ : انْتَأَش الشيء ، أي تأخَّر بالهمز.

وأخبرني المنذريّ عن الحربيّ عن عمرو عن أبيه : ناقة مَنُوشَةُ اللحم ؛ إذا كانت رقيقة اللحم.

وانْتَأَشه ، أي انتزعَهُ.

وأمّا قولهم : انتاشني فلان من الهَلكة ، أي أنْقَذَني ، فهو بغير همزٍ بمعنى تناولني.

نشأ : قال الليث : النَّشَأُ : أحداث النّاس.

يقال للواحدِ أيضاً : هو نَشَأُ سَوْءٍ.

والناشِئُ الشابّ ، يقال : فتًى ناشئ ، ولم أسمع هذا النّعْتَ في الجاريَة.

والفعل نَشَأ ينشَأ نشْأً ونَشْأَةً ونشاءَة.

ورَوى سَلَمة عن الفراء : العرب تقول هؤلاء نَشْءُ صِدْق ، فإذا طَرَحُوا الهمزة قالوا : هؤلاء نَشُو صِدْقٍ ، ورأيت نشَا صِدْق ، ومررت بنَشِي صدق ، وأجوَد من ذلك حَذفُ الواو والألف والياء ، لأن قولهم : «يَسَل» أكثر من قولهم يَسْأَل و «مَسَلَةٌ» أكثر من «مَسألة».

٢٨٦

وأخبرني المنذريّ عن أبي الهيثم ، أنه قال : الناَّشئ الشابّ حين نشأ ، أي بلغ قامَةَ الرجل ، ويقال للشابّ والشابَّة إذا كانوا كذلك : هم النَّشَأ يا هذا والنّائون ، وأنشد لنُصَيب :

وَلَوْلَا أَنْ يُقَالَ صَبَا نُصَيْبٌ

لَقُلْتُ بنفسيَ النَّشَأُ الصِّغَارُ

فالنَّشَأ قد ارتفعْن عن حدّ الصِّبا إلى الإدراك ، أو قربْنَ منه.

نشأَتْ تنشَأ نَشْأ ، وأنشأ الله إنشاء ، قال وناشيء ونَشَأ جماعة ، مثل خادم وخَدَمَ ، وطالب ، وطَلَب.

الحرانيّ ، عن ابن السِّكِّيت ، قال : النَّشَأ : الجواري الصّغار في بيت نُصَيب.

وقال الفراءِ في قول الله جلّ وعزّ : (ثُمَّ اللهُ يُنْشِئُ النَّشْأَةَ الْآخِرَةَ) [العنكبوت : ٢٠].

قال : القُرّاء مجتمعون على جزم الشين ، وقَصْرها إلا الحسن البَصْرِي ، فإِنه مَدَّها في كلّ القرآن ، فقال : النَّشاءة ، وهو مثل الرّأفة والرآفة ، والكَأبة والكآبة.

وقوله تعالى : (أَوَمَنْ يُنَشَّؤُا فِي الْحِلْيَةِ) [الزخرف : ١٨] ، قال الفرّاء : قرأ أصحابُ عبد الله : (يُنَشَّؤُا) ، وقرأ عاصم وأهل الحجاز : (يَنشَأُ). قال : معناه أن المشركين قالوا : الملائكة بَنَات الله ، تعالى الله عما افتروا ، فقال الله جلّ وعزّ : أَخَصَصْتُم الرحمنَ بالبَنَات ، وأحدكم إذا وُلد له بنتٌ يَسودُّ وجهه!. قال : وكأنه قال : أوَمَنْ لا يُنشَّأ إلا في الحِلية ، ولا بَيَان له عند الخِصَام ـ يعني البنات ـ تجعلونَهُنّ لِلَّهِ وتستأثرون بالبنين!

قال الزّجاج في قوله تعالى : (وَلَهُ الْجَوارِ الْمُنْشَآتُ) [الرحمن : ٢٤] وقرئ (الْمُنشِئَات) ، قال : ومعنى الْمُنْشَآتُ : السفُن المرفوعات الشُّرُع ، قال : والمنشِئَات : الرّافعات الشرع.

وقال الفرّاء : مَن قرأ (المنشِآت) فهن اللّائي يُقْبِلن ويُدْبِرْن ، و (الْمُنْشَآتُ) أُقْبِلَ بهنَّ وأُدْبِر.

وقال الشماخ :

عَلَيْهَا الدُّجَى المستنشَآت كأنها

هَوادجُ مشدودٌ عليها الجزاجزُ

يعني الزُّبَى المرفوعات. وقال الله جلّ وعزّ : (إِنَ ناشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئاً) [المزمل : ٦].

أخبرني المنذريّ ، عن الحربيّ ، عن الأثْرم ، عن أبي عُبَيدة ، قال : ناشئة الليل : ساعاته ، وهي آناءُ الليل ، ناشئةً بعد ناشئة.

وقال الزَّجّاجُّ : ناشئة الليل ساعات الليل كلّها ، ما نشأ مِنْهُ ، أي ما حَدَث ، فهو ناشئة.

وأخبرني المنذريّ عن إبراهيم الحربيّ ، أنه قال : كان أنس والحسَن وعليّ بن

٢٨٧

الحسَيْن والضحاك والحكَم ومجاهِد يقولون : ناشئة الليل : أوله ، وإليه ذهب الكسائيّ.

وقال ابن عباس : النّاشئة : ما كان بَعْدَ نَوْمه.

قال : وقال ابن مسعود وابن عمر وابن الزبيرَ وأبو مالك ومُعَاوية بن قُرّة وعِكْرمة وأبو مَجْلَز والسُّدِّيّ : الليل كلّه ناشئَة ، متى قمتَ فَقَدْ نَشأْتَ.

قال : وأخبرني أبو نصر ، عن الأصمعيّ : خرج السَّحاب له نشء حَسَن ، وخرج له خروج حسن ، وذلك أوّل ما ينشأ ، وأنشد :

إذَا هَمَّ بالإقْلَاعِ هَبَّتْ له الصَّبَا

فَعَاقَبَ نشءٌ بعدها وخَرُوجُ

قال : وأخبرنا عمرو عن أبيه : أنشأت الناقة فهي مُبْشِىءٌ (١) إذا لَقِحَت ، ونشأ الليل ارتفع ، والنشأ : أحداث الناس ، غلام ناشيء وجارية ناشئة ، والجميع نشأ.

وقال شمِر : نشأَ : ارتفع ، ونشأت السحابةُ ، ارتفَعَت ، وأنشأها الله ، ويقال : من أين أنشأْتَ؟ أي من أين جئتَ؟

وقال أبو عمرو : أنشأ يقول كذا وكذا ، أي أقبل ، وأنشأ فلان : أقبل. وأنشد قولَ الراجز :

* مَكَانَ مَنْ أَنشا عَلَى الرَّكَائِبِ*

وقال ابن الأعرابيّ : أنشأ ، إذا أنشد شِعْراً أو خطب خُطبة فأَحسَنَ فيهما.

ابن السّكّيت عن أبي عمرو : تنشّأْتُ إلى حاجتي ، نهضت إليها ومَشيْتُ ، وأنشد :

فَلمَّا أَنْ تَنَشَّأَ قَامَ خِرْقٌ

من الفِتْيانِ مختلَقٌ هضُومُ

قال وسمعتُ غيرَ واحد من الأعراب يقول : تَنشَّأَ فلان غادِياً ، إذا ذهب لحاجته.

أبو عُبيد : النشيئَة : الحجر الذي يُجعَل أسفل الحوض ، والنَّصَائِب : ما نَصِب حوله ، وأنشد :

هَرَقْنَاهُ في بادي النَّشيئَةِ دائِرٍ

قديمٍ بعهد الماء بُقْعٍ نَصَائِبُهْ

وقال الليث : أنشأ فلان حديثاً ، أي ابتدأ حديثاً ورفعه.

نشي : ابن السكِّيت عن الكسائيّ : رجل نَشيان للخبر ونشْوَان ، وهو الكلام المعتَمَدُ.

ويقال : من أين نشِيتَ هذا الخبر؟ وفي السُّكْر : رجل نَشوان ، واستبانت نَشوتُه.

قال : وزعم يونس أنه سمع «نشوته».

أبو عُبيد عن أبي زيد : نشيتُ منه أنشَى

__________________

(١) في المطبوعة (يُبشىء) ، والمثبت من «اللسان».

٢٨٨

نشوَةً ، وهي الريح يجدها.

وقال شمِر : يقال : من الريح نِشوة ، ومن السُّكر نَشوة.

ثعلب عن ابن الأعرابيّ : النّشوة : ريح الخمر.

الأصمعيّ : انظر لنا الخبَرَ ، واسْتَنْشق واسْتَوْشِ ، أي تعرَّفْه.

وقال شمِر : يقال : رجل نشيان للخبر ، ونشوان من السُّكْر ، وأصلهما الواو ففرّقوا بينهما ، قال : وقوله :

* منَ النّشوات والنِّساء الحسان*

أراد جمع النّشوة.

وقال الليث : يقال : نَشِيَ فلان وانْتَشى ، فهو نَشوان ، وامرأة نَشوَى ، أي سَكْرَى.

واستنْشيت نَشَا ريح طيبة ، أي نسَمْتُها ، وأنشد :

ويَنشى نَشا المِسْكِ في فارةٍ

وريحَ الْخُزامى عَلَى الأجرَع

وقال ابن الأعرابيّ : النَّاشِئ الغلام الحسَن الشباب.

شنأ : قال الله جلّ وعزّ : (إِنَ شانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ (٣)) [الكوثر : ٣].

قال الفرَّاء : قال الله تعالى لنبيه صلى‌الله‌عليه‌وسلم : (إِنَ شانِئَكَ) ، أي مُبْغِضُك وعدوّك (هُوَ الْأَبْتَرُ).

الحرّانيّ عن ابن السِّكيت ، قال : سمعْتُ أبا عمرٍو يقول : الشانئ : المبغض ، والشِّنْء والشَّنْء : البِغْضَة.

قال : وقال أبو عُبيدة في قوله : (وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ) [المائدة : ٢] يقال : الشنآن ، بتحريك النون والهمزة ، والشنْآن بإسكان النون : البغْضة ، وبعضُهم يقول : الشَّنآن ، وأنشد :

* وإنْ لَامَ فيه ذُو الشّنَانِ وفَنَّدَا*

سَلَمة عن الفراء : من قرأ : (شَنَان قوم) فمعناه بُغْضُ قوم ، شِنئتُهُ شنَآنا وشَنانا ، ومن قرأ : (شَنَآنُ قَوْمٍ) فهو الاسم لا يحملنكم بَغِيضُ قَوْم.

وقال أبو عُبيد : يقال : شَنِئتُ حقّك ، أي أقررتُ به وأخرجتُه من عندي.

قال العجّاج :

زَلَّ بنُو الْعَوّام عَنْ آل الحكَمْ

وشَنِئُوا المُلْك لمَلْكِ ذِي قَدَمْ

أي أخرجوه من عندهم ، وقَدَم : منزلةٌ ورفعة.

وقال الفرزدق :

وَلَوْ كَانَ فِي دَيْنٍ سوَى ذا شنِئتُم

لَنَا حَقَّنَا أو غَصَّ بالماء شَارِبُهْ

وقال أبو الهيثم : يقال : شَنِئْتُ الرجل شَنْأَ وشنْأةً وشنآنا وَمَشْنَئاً ، أي أبْغضته ، ولغةٌ رديئة شَنَأْتُ بالفتح.

الحرّانِيّ عن ابن السكيت : أزد شَنُؤَة ،

٢٨٩

بالهمز على «فَعُولَة» ، ولا يقال : شَنُوَّة.

أبو عُبيد ، عن أبي عُبيدة : الرجل الشَّنُوءة : الذي يتقزّز من الشيء ، قال : وأَحْسِب أن أزْدَ شَنوءة سُمِّي بهذا.

قال : والمِشْناء ، ممدود الهمزة مكسور الميم : الذي يُبْغضه الناس ، وهو على «مفْعَال».

وقال ابن السِّكِّيت : رجلٌ مشنوء ، إذا كان مُبَغَّضاً ؛ وإن كان جميلاً ، ورجل مَشْنَاء ، إذا كان قبيح المنظر ، ورجُلان مَشْناء ، ورجال مَشْنَاء.

وروِي عن عائِشة أنها قالت : «عليكم بالمشنْيئة النَافِعَة التلبين» تعني الحَسُوّ.

وقال الرّياشيّ : سألت الأصمعيْ عن المَشنيئة ، فقال : البغيضة.

وقال الليث : رجل شَناءَة وشنَائِية ، بوزن «فِعَالة» و «فَعَالِية» ، مُبَغَّض سيْىء الخُلُق.

وشن : أبو العباس ، عن ابن الأعرابيّ ، قال : التَّوشّن : قِلَّة الماء. قال : والتشوُّن خفّة العقل ، قال : والشَّوْنة : المرأة الحمقاءِ.

وقال ابن بُزُرْج : قال الكِلابيّ : كان فينا رجل يَشون الرؤوس يُريد يَفْرِج شئون الرؤوس ، ويخرج منها دابّة تكون على الدِّماغ ، فترك الهمز وأخرجه إلى حدّ «يقول» كقوله :

* قُلْتُ لرجليَّ اعملا ودُوبَا*

فأخرجها من دأبْتُ إلى دُبْتُ ، كذلك أراد الآخر «شنْتُ».

[باب الشين والفاء]

ش ف

(وا يء) شفى ، شاف ، شأف ، فشا ، فاش.

شفى : قال الليث : الشفاء معروف ، وهو ما يبرِىء من السَّقَم ، والفِعل : شفاه الله يشفيه شفاء ، واستشفى فلان ، إذا طلبَ الشفاء ، وأشفيت فلاناً ، إذا وهبْتَ له شفاء من الدواء.

ويقال : شِفاء العِيّ السؤال.

ثعلب ، عن ابن الأعرابيّ : أَشفَى ، إذا سار في شفَا القمر ، وهو آخر الليل ، وأشفَى ، إذا أشرف على وصيْةٍ أو وَدِيعة.

عَمْرو عن أبيه : أشفى زيدٌ عمراً ، إذا وَصفَ له دواء يكون شفَاؤه فيه ، وأشفَى ، إذا أعطَى شيئاً ما ، وأنشد :

وَلَا تُشفِي أبَاهَا لَوْ أَتَاهَا

فقيراً فِي مَبَاءتها صِمَامَا

وشَفَا كلّ شيء جَرْفُه. قال الله تعالى : (عَلى شَفا جُرُفٍ هارٍ) [التوبة : ١٠٩] ، والجميع الأشفاء.

وأخبرني المنذريّ ، عن الحرّانيّ ، عن ابن السِّكّيت ، قال : الشَّفا ، مقصور : بقيَّة الهلال ، وبقيَّة البَصر ، وبقيّة النهار ، وما أشبههه.

٢٩٠

وقال العَجّاج :

وَمَرْبإِ عالٍ لمن تَشَرَّفَا

أشْرَفْتُه بلا شَفَا أو بِشفَا

وَأشفَى فلان على الهلكة ، أي أشرَف عليها.

وحدثنا محمد بن إسحاق ، قال : حدَّثنا الحسن بن الربيع ، عن عَبد الرزَّاق ، عن ابن جُريج ، عن عطاء ، سمعت ابن عباس يقول : ما كانت المُتْعة إلا رحمةً رحم الله بها أمَّة محمد ، فلو لا نهيُه عنها ما احتاج إلى الزنا أحَدٌ إلا شفاً» ، والله لكأني أسمع قوله : «إلا شَفا».

عطاء القائل : قلت : هذا الحديث يدلّ على أنَّ ابن عباس علم أن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم نهى عن المُتعة ، فرجع إلى تحريمها بعد ما كان باح بإحلالها ، وقوله : «إلا شفاً» ، أي إلا خطيئة من الناس لا يجدون شيئاً قليلاً يستحلون به الفرْج.

وقال الليث : الشَّفَةُ نقصانها واو ، تقول : شَفَة وثلاث شفَوات ، ومنهم من يقول : نقصانها هاء ، وتجمع شفاهاً ، والمشافهة : مُفاعلة منه.

وقال الخليل : الباء والميم شفويتان نسبهما إلى الشفة : وسمعتُ بعضَ العرب يقول : أخبرني فلان خبراً اشتفَيْت به ، أي نَقَعَت بصحّته وصدقه. ويقول القائلُ منهم : تشفَّيْتُ من فلان ، إذا أنْكَى في عدوّه نِكَايَةً تسرُّه.

وقال الأصمعيّ : يقال : شفَت الشمس إذا غابت إلا قليلاً ، وأتيته بشَفًا من ضَوْء الشمس ، وأنشد :

وما نِيلُ مِصْرٍ قُبَيْلَ الشَّفَا

إذَا نفحتْ ريحُه النّافِحَهْ

أي قُبَيل غروب الشمس.

وشَفِيّة : رِكيّة عَادِيّة ، عَذْبة الماء في ديار بني سَعْد. والإشفَى : السِّراد ، وجمعه الأشافِي.

قال ابن السِّكيت : الإشفى ما كان للأساقي ، والقِرَب ، وهو مقصور ، والمِخْصَف للنِّعَال.

شوف ـ شيف : قال الليث : الشوْف الجلَوْ.

والمشوفُ : والمجلوّ. وقال عنترة :

وَلَقَدْ شرِبْتُ مِنَ المدَامَةِ بعدَما

رَكَدَ الهواجرُ بالْمشُوفِ المُعْلَم

قال أبو العباس : قال ابنُ الأعرابيّ : المشوفُ المُعْلَم : الدينار الّذي شافَهُ ضارِبُه ، وقيل : أراد بالمشوف قَدَحاً صافياً مُنَقّشاً.

ابن السِّكّيت : أشاف على الشيء وأشفى عليه ، إذا أشرَف عليه. وهذا من باب المقلوب. ويقال : شِيفَتِ الجاريةُ. تُشاف شوْفاً ، إذا زُيِّنَتْ. واشتَاف فلان يشتاف

٢٩١

اشتيافاً ، إذا تطاول ونظر. ورأيت نساء يتشوَّفْنَ من السطوح ، أي ينظرن ويتطاوَلْنَ.

وقال الليث : تشوَّفت الأوْعَال ، إذا ارتفعت على معَاقِل الجبال فأشرفَتْ.

أبو عُبيد عن أبي عَمْرو : المشُوف : الجمل الهائج في قول لَبيد :

بخطيرةٍ تُوفي الجديل سريحَةٍ

مثلِ المشوفِ هَنَأْتَهُ بعَصيم

وقيل : المشوف المزيّن بالعهون وغيرها ، وأنشد ابن الأعرابيّ :

يشْتِقْنَ للنَّظر البعيدِ كأنّما

إرْنَانُها ببواءِنِ الأشْطانِ

يصِفُ خيلاً نشيطة إذا رأت شخصاً نائِياً طمَحتْ إليه ، ثم صهلت ، وكان صهيلها في أبآرِ بعيدة لسعة أجوافها.

وقال ابنُ الأعرابيّ : بَعَثَ القومُ شِيفَةً ، أي طلِيعةً.

قال : والشَّيِّفانُ : الدَّيْدَبان.

وقال أعرابيّ : تَبَصَّرُوا الشَّيِّفان فإنهُ يصوك على شَعَفَةِ المصَادِ ، أي يلزمها.

شاف : أبو زيد : شئفت أصابعه شأَفاً ، إِذا تشقَّقَتْ.

ثعلب ، عن ابن الأعرابيّ : شَئفَتْ أصابعه ، وسَئِفت وشَعِفتْ ؛ بمعنى واحد.

أبو عُبيد عن الكسائيّ : شَئفَتْ ، وسَعِفت ، وهو التشعّث حول الأظفار ، والشُّقاق.

وقال أبو زَيْد : شَئِفْتُ له شَأَفاً ، إذا أبغضتَه.

قال وشَئف الرجل ، إذا خفْتَ حينَ تراه أن تصيبه بعين ، أو تدلّ عليه من يكره.

قال : واستشاف الجرح ، فهو مُسْتَشِيف بغير همز ، إذا غَلظُ.

واستأصل الله شأفتَهُ ـ وهو قَرْح يخرج بالقدم ـ إذا حسم الأمر من أصله.

أبو عُبيد ، عن الأصمعيّ ، يقال : استأصَل الله شأفته ، وهو قَرْح يخرج بالقدم ، يقال منه : شَئِفَتْ رجله شَأَفاً ، والاسمُ منه الشأفة ، فيُكوَى ذلك الداء فيذهب ، فيقال في الدعاء : أذهبك الله ، كما أذهب ذلك الداء.

شَمِر ، عن الهُجيميّ : الشأفة : الأصل ، واستأصل الله شأفته ، أي أصله.

قال : والشأفة : العداوة.

وقال الكُميت :

وَلَمْ نَفتأ كَذَلِكَ كلَّ يَوْمٍ

لشأفة واغرٍ مُسْتَأْصِلينا

أبو عُبيد : شُئِفَ فلانٌ شأفاً ، فهو مشئوف ، مثل جُئِث وزُئِد ، إذا فَزع وذعر.

وفي الحديث : «خرجت بآدَم شأْفَةٌ في رجله».

قال : والشأفة قد جاءت بالهمز وغير

٢٩٢

الهمز ؛ وهي قَرْحة.

فشا : روي عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنه قال : «ضُمّوا فواشيكُم بالليل» والفواشي كلّ شيء ينتشر من المال ، مثل الغنم السائمة ، والإبل وغيرها.

وقال غيره : أفْشى الرَّجل ، إذا كثرت فواشيه.

أبو العباس ، عن ابن الأعرابيّ : أفشى الرجل وأمشى وأوْشَى ، إذا كثر ماله ، وهو الفِشاء والمِشاء ، ممدود ، ونحو ذلك.

قال الفرّاء : قال الليث : فَشَا الشيءُ يفشُو فُشُوّاً إذا ظهر ، وهو عامٌّ في كل شيء.

ومنه إفشاء السرّ ، وقد تفشَّى الخبرُ إذا كُتِبَ على كاغد رقيق فتمشَّى فيه.

ويقال : تفشّى بهم المرض وتفشّاهم المرض ، إذا عمَّهم. وأنشد :

تَفَشَّى بإخوان الثِّقاتِ فعمَّهُم

فأَسْكَتُّ عَنْهُ المعْوِلاتِ البواكيا

وقال أبو زيد في كتاب «الهمز» : تَفَشَّأَ بالقوم المرض تفشؤا ، إذا انتشر فيهم.

وأنشد :

وأمرٌ عظيم الشأن يُرْهَب هَوْلُهُ

وَيَعْيَا به مَنْ كانَ يُحْسَبُ رَاقِياً

تَفَشَّأ إخْوَانُ الثَّقاتِ فعمّهمْ

فأسْكَتُّ عنّي المعْوِلَات الْبَواكِيَا

وقال ابن بُزُرْج : الفَشء من الفخر ، من أفُشأتُ ، ويقال : نَشَأْت.

وقال الليث : يقال : فَشَتْ عليه أمورُه ، إذا انتشرت ، فلم يدر بأيّ ذلك يأخذ ، وأفشيته أنأ.

والفَشَيَان : الغَثْيَةُ التي تعتري الإنسان ، وهو الذي يقال له بالفارسية : «تاسا».

فيش : قال الليث : الفَيْش : الفيشلَة الضعيف. والفَيْش النفْج يرِي الرّجل أنّ عنده شيئاً ، وليس على ما يُرى.

وفلان صاحبُ فِيَاش ومُفَايشة وفُلَان فَيّاش ، إذا كان نفّاجاً بالباطل ، وليس عنده طائل. ويقال أيضاً : رجل فَيُوش.

قال رؤبة :

* عَنْ مُسْمَهِرِّ لَيْسَ بالْفَيُوش *

والفيشوشة : الضّعْف والرّخاوة. وقال جرير :

أدْرَى بحلمهمُ الفياشُ فَحِملْهُمْ

حِلْمُ الْفَراشِ غَشِين نَارَ المْطَلَى

شمِر : يقال : جاءوا يتفايشُون ، أي يتفاخرون ويتكاثَرون ، وقد فايَشني فِيَاشاً ، قال : يقال : فاش يفيشُ وفَشَّ يَفُشُّ بمعنًى ، كما يقال : ذَام يَذِيمُ ، وَذَمَّ يذُمّ.

[باب الشين والباء]

ش ب (وا يء)

شاب ، شبا ، بشا ، وبش ، باش.

أشب ، أبش.

٢٩٣

شبا : قال الليث : حدّ كلّ شيء شَباتُه ، والجميع شَبَوَات.

وقال أبو عُبَيد : شَبْوَة هي العقرب غير مجراةٍ ، وأنشد :

قَدْ جَعَلَتْ شَبْوَةُ تَزْبَئِرُّ

تكْسُواسْتَهَا لحْماً وتَقْمَطِرُّ

يقول : إذا لَدَغت صار اسْتُها في لحم الناس ، فذلك اللحم كسوة لها.

وقال الليث : الشَّبْوة : العقرب الصفراء ، وجمعها شَبَوات.

قلت : والنحوَّيون يقولون : شَبْوةُ ، معرفة لا تنصرف ولا تدخلها الألف واللام.

أبو عبيد عن اليزيديّ : المُشبِيُ : الّذي يولد له ولد ذكيٌّ. وأشْبَى ، وأنشد شَمِر قول ذي الإصبع العَدوانيّ :

وهم من ولُدُوا وأَشْبَوْا

بسرِّ الْحَسبِ المحضِ

قال : وأشبى ، إذا جاء بولدٍ مثل شَبَا الحديد.

ثعلب ، عن ابن الأعرابيّ : رجل مُشببٍ يلد الكرام ، ورجل مَشْبِيّ : مُكْرَم. قال : والمُشبيّ : المُشْفِق ، وهو المُشْبِل.

قال : ويقال : أَشْبَى زيدٌ عمراً ، إذا ألقاه في بئر ، أو فيما يكره.

وأنشد :

اعْلَوَّطَا عَمْراً ليُشْبِيَاهُ

في كلِّ سُوءٍ ويُدَرْبِيَاهُ

ثعلب ، عن ابن الأعرابيّ : من أسماء العقرب الشَّوْشَب ، والفِرْضخ ، وتَمَرةُ ، لا تنصرف. قال : وشَبَاة العقرب : إبرتها.

والشَّبْو : الأذى.

الفرَّاء : شبا وجهُه ، إذا أضاء بعد تغيّر.

وبش : قال الليث : الوَبْش والوَبش النِّمنِم الأبيض يكُون على الظّفر.

ثعلب ، عن ابن الأعرابيّ : هو الْوَبْش والكَدَب والنِّمنم.

قال الليث : ويقال : ما بهذه الأرض إلا أوْبَاشٌ من شجر أو نبات ، إذا كان قليلاً مُتَفَرقاً.

أبو عبيد عن الأصمعيّ : يقال : بها أوباشٌ من الناس وأوشابٌ من الناس ، وهم الضُّروب المتفرّقون.

قال : والأشائب : الأخلاط. الواحدة أشابة. وفي الحديث : «إنّ قريشاً وَبَّشَتْ لحرب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم أوباشاً» أي جمَعتْ له جموعاً من قبائلَ شتى.

وقال ابن شُميل : الوَبْش الرَّقْط من الجرَب يتفشى في جلد البعير ، يقال : جمل وَبِش ، وبه وَبَشٌ ، وقد وبِشَ جلده وبشاً.

بوش : قال الليث : البَوْش : الجماعة الكثيرة.

وقال أبو زيد : بَيَّش الله وجهه وسرّجه.

٢٩٤

أي حَسنّه. وأنشد :

لَمّا رأيتُ الأزْرَقَيْنَ أرَّشَا

لا حَسَنَ الوجْه ولا مُبَيّشا

قال : «أزْرَقَيْن» ، ثم قال : «لا حَسَن».

ثعلب ، عن ابن الأعرابي : باش يَبُوش بَوْشاً ، إذا صَحِبَ البَوْش ، وهم الغوغاء.

شيب : قال الليث : الشَّيب معروف قليله وكثيره.

يقال : علاه الشيبُ.

ويقال : شاب يشيب شَيْباً وَشَيْبَةً ، ورجل أشيب وقوم شِيب. والشِّيب حكاية ترشّف مشافر الإبل الماء إذا شربت. وأنشد ابن السكيت قول ذي الرُّمة يصف الإبل :

تداعَيْن باسم الشِّيب في مُتَثَلّمٍ

جوانِبُه من بَصْرةٍ وَسَلَامِ

وأما قول عديّ بن زيد :

أرِقْتُ لمكفِّهرِّبَاتَ فَيه

بَوَارِقُ يَرْتَقِين رُؤوسَ شِيبِ

فإن بعضهم : قال : الشِّيب هاهنا سحائب بيض ؛ واحدها أشيب.

وقيل : هي جبال مبيضّة الرؤوس من الثلج ، أو من الغبار. وقيل شِيبُ اسم جَبل ذكره الكُمَيت : فقال :

فما فُدرٌ عَواقلُ أَحْرزَتْها

عَمايةُ أو تَضَمّنَهنَ شيبُ

ويقال : رجل أشْيَب ، ولا يقال : امرأة شيباء ، لا تنعت به المرأة ، وقد يقال : شاب رأسُها ، وكانت العرب تقول للبكر إذا زفّت إلى زوجها فدخل بها ولم يَقْتَرِعْها ليلة زفافها : باتت بليلةٍ حُرَّة ، وإن اقترعها تلك ، قالوا : باتت بليلةِ شَيْبَاء.

وقال عُرْوة بن الوَرْدِ :

كَلَيْلَةِ شَيْباءَ الّتي لَسْتُ نَاسِياً

ولَيْلَتِنا إذ مَنَّ مَا منَّ قَرْمَلُ

وقال أبو العباس : يقال للكانونين : هما شَيْبان ومَلْحان.

ويقال : شِيبان.

ثعلب ، عن ابن الأعرابيّ : شاب يَشُوب شَوْباً ، إذا غشّ ، قال : ومنه الخبر : «لا شَوْب ولا رَوْب» ، أي لا غِشّ ولا تخليط في شراءٍ أو بيع.

وروي عنه أنه قال : معنى قولهم : «لا شَوْبَ ولا روْب» في البيع والشراء في السّلعة يبيعها ، أي أنك برىء من عَيْبها.

قال : ويقال : ما عنده شَوْبٌ ولا رَوْب ، فالشَّوْب العسل والمشُوب والرَّوْب : الرائِب.

وقال : يقال : في فلان شَوْبَة ، أي خَدِيعَةٌ ، وفي فلان ذَوْبَة ، أي حمقة ظاهرة.

سلمة ، عن الفرّاء : شابَ إذا خان ، وباش إذا خَلّط.

أبو عُبيد عن الأصمعيّ في باب إصابة

٢٩٥

الرجل في منطقه مَرّة وإخطائه أخرى : هو يَشُوب وَيَرُوبُ.

وقال أبو سَعِيد : يقال للرجل إذا نضح عن الرجل : قد شوَّب عنه وراب ، إذا كسِل.

قال : والتَّشويب أن تَنضح نَضْحاً غير مبالَغ فيه فمعنى قولهم : هو يَشُوب ويَرُوب ، أي يدافِع مُدافعة غيرَ مبالَغ فيها ، ومرة يكسَل فلا يدافع البتّة.

وقال غيره : يَشُوب ، من شَوْب اللبن ، وهو خَلْطُه بالماء ومذْقُه. ويَرُوب ، أراد أن يقول : يُرَوِّب ، أي يجعله رائباً خاثِراً لا شَوْب فيه ، فأتبع «يَرُوب» «يَشُوب» لازدواج الكلام ، كما قالوا : هو يأتيه الغَدَايا والعَشايا ، والغدايا ليس بجمع للغداة ، فجاء بها على وزن «العشايا».

وشابَة : اسم جبل بناحية الحجاز.

أبو عُبيد عن الأصمعيّ : الشآبيبُ من المطر الدُّفَعَات.

وقال غيره : شُؤبُوب العَدْوِ دُفَعُهُ.

ويقال للجارية : إنها لحسنةُ شَآبيبِ الوَجْه ، وهو أوّل ما يظهر من حُسْنها في عين الناظر إليها.

أبو زَيد : الشُّؤبوب : المطر يُصِيبُ المكان ويخطىء الآخر ، وجمعه الشآبيب ، ومثله : النَّجْو والنَّجَاء.

وقال أبو حاتم : سألتُ الأصمعيّ عن المشَاوب ، وهي الغُلُف ، فقال : يقال لغلاف القارورة : مُشَاوب ، على «مُفَاعِل» ، لأنه مَشُوب بحُمْرة وصفرة وخضرة.

وقال أبو حاتم : يجوز أن يجمع المُشَاوَب على «مَشَاوِب».

أشب : أبو عُبيد : أَشَبْتُه ، أشِبُه : لُمْتُه.

وقال أبو ذُؤَيْب :

ويأشِبُنِي فيها الَّذِين يَلُونَهَا

وَلَوْ عَلِمُوا لَمْ يأْشِبُونِي بِطائِلِ

وقال غيره : أشَبْتُه ، أي عبتَه ووقعتَ فيه.

أبو عُبيد عن الأصمعيّ : الأشَب كَثْرة الشجر.

يقال منه ، موضع أشِب ، أي كثيرُ الشجر.

الليث : أشَّبْتُ الشرَّ بينهم تأشيباً. قال : والتأشيب التجمّع من هاهنا وها هنا ، يقال : هؤلاء أُشابةٌ ليسوا من مكانٍ واحد ، والجميع الأشائِب ، وكذلك الأُشابَة في الكسب مما يخلطه من الحرام الذي لا خير فيه.

وقال ذو الرُّمَّة :

نَجائِبُ ليست من مهورِ أشابةٍ

ولا دِيَةٍ كانت ولا كسْبُ مَأْثَمِ

وقال النابغة :

* قبائل من غَسّانَ غير أشائب *

أبش : يقال : تأبَّش القوم وتهبَّشوا وتَحبّشُوا ، وتأشَّبُوا ، إذا تجمعوا.

٢٩٦

بشا : ابن الأعرابيّ : بشا ، إذا حَسُن خُلُقه.

باب الشين والميم

ش م

(وا يء) شأم ، شام ، (شيام) ، وشم ، ومش ، ماش ، مشى ، شما.

شما : أهمله الليث. وروى أبو العباس ، عن ابن الأعرابيّ : شما ، إذا علا أمرُه ، قال : والشَّمَا : الشمَع.

ومش : أهمله الليث. وروى أبو العباس عن ابن الأعرابيّ قال : الوَمْشَة : الخالُ الأبيض.

وشم : روي عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنه لَعَن الواشِمة والمسْتَوشِمة ، وبعضهم يرويه : «المُؤتشِمة».

قال أبو عُبيد : الوَشْمُ في اليد ، ذلك أنّ المرأة كانت تَغْرِزُ ظهر كفّها ومِعْصمها بإبرة أو بمِسلّة حتى تؤثر فيه ، ثم تحشوه بالكحل ، أو بالنَّؤُر فيخضرّ ، تفعل ذلك بدَاراتٍ ونقوش.

يقال : وَشَمَتْ تَشِمُ وشْماً ، فهي واشِمَةٌ ، والأخرى موشومة ومُسْتَوشِمة ، وأنشد :

* كما وُشِمَ الرَّوَاهِشُ بالنَّؤُورِ*

والنَّؤُور : دُخَان الشّحْم.

ابن شُمَيل : يقال : فلان أعظم في نَفْسه من المتَّشِمة ، وهذا مَثَل ، والمتّشمة امرأة وشمت اسْتَها ، ليكون أحسنَ لها.

وقال الباهليّ : من أمثالهم : لَهُوَ أَخْيَلُ في نفسه من الواشمة.

قلت : والمتّشمة في الأصل مُوتشمة ، وهو مثل المتّصل ، أصله (موتصل) ، فأدغمت الواو أو الهمزة في التاء وشدّدت.

أبو عُبيد عن الأصمعيّ : أوْشَمَت السماء ، إذا بَدَا منها بَرق ، وأنشدنا :

* حَتى إذا ما أوشمَ الرواعدُ*

ومنه قيل : أوشَم النَّبْت ، إذا أبصَرْتَ أولَه.

وقال الليث : أوشمت الأرض ، إذا ظهر شيء من نَبَاتها.

أبو عُبيد ، عن الفرّاء : ما عصيتُك وَشْمة ، أي طرفَة عَيْن.

وقال غيره : أوشم فلان في ذلك الأمر إيشاماً ، إذا نظر فيه ، وأوشمت الأعناب ، إذا لانتْ وطابَتْ.

وقال ابن شُميل : الوُشُوم والوُسُوم : العلامات.

شيم : أبو عُبيد ، عن أبي عُبيدة : شِمتُ السيفَ ، أغمدته ، وشِمْتُه سَلَلْته.

قال شَمر : أبو عبيد في شِمْتُه ، بمعنى سَللْتُه. قال شَمر : ولا أعرفه أنا.

وقال أبو حاتم في الأضداد : يقال : شامَ سَيفه ، إذا سلّه ، وشامه إذا أغمَدَه ، وأنشد قول الفرزدق في الشَّيْم بمعنى السلّ :

٢٩٧

إذا هي شِيمَتْ فالقوائم تحتها

وإن لم تُشَمْ يوماً عَلَتْها القوائم

قال : أراد سُلَّت ، والقوائم مَقَابضُ السيوف.

ثعلب ، عن ابن الأعرابي : شام السيف : غَمَدَه ، وشامه ، جَرّدَه ، وشام البرقَ : نظر إليه ، وشام الرّجل يَشِيم شَيْماً وشُيُوماً ، إذا حَقَّقَ الحمْلَة في الحرب ، وشَامَ أبا عُمَير ، إذا نال من البِكْر مرادَه ، وشام يَشِيمُ ، إذا ظهرت بجلدته الرّقمة السوداء ، وشام يَشِيم إذا غبّر رجليه بالشِّيام ، وهو التراب ، وشام إذا دَخَلَ.

وقال الليث : شِمْتُ البرق والسَّحاب ، إذا نظرت أين يَقْصِد وأين يمطر.

وقال أبو زيد : شِمْ في الفرس ساقَك ، أي أركُلْها بساقك وأَمِرَّها.

وقال أبو مالك : شِمْ ، أَدخِلْ ، وذلك إذا أَدخَلَ رجلَهُ في بطنها يضربُها وأشام في الشيء ، دخل فيه.

أبو عبيد ، عن الكسائيّ : رجل مَشِيم ومَشْيُوم ومَشُوم ، من الشامَة. وقال الطِّرِمّاح :

كم بها من مَكْوِ وَحْشِيةٍ

قِيضَ من مُنْتَثِلٍ أو شِيَامِ

قال أبو سعيد : سمعت أبا عمرو ينشده أو شَيَام يفتح الشين ، وقال : هي الأرض السهلة.

قال أبو سعيد : وهو عندي «شِيام» بالكسر ، وهو الكِناس ، سُمِّي «شِياماً» لأن الوَحْش تنشام فيه ، أي تدخل.

قال : والمُنْتَثِلُ : الذي كان اندَفَنَ ، فاحتاج الثَّورُ إلى انتثاله ، أي استخراج تُرابه ، والشِّيام ، الذي لم يندَفن ولا يحتاج إلى انتثاله ، فهو يَتْشام فيه ، كما يقال : لِباسٌ لا يُلْبس.

قال : ويقال حَفَرَ فَشَيم ، وقال : الشَّيْم : كلّ أرض لم يُحْفَرْ فيها قبل ، فالحفْر على الحافر فيها أشَدُّ.

وقال الطِّرِمّاح أيضاً ، يصف ثَوْراً :

غَاصَ حَتَّى اشتباث من شَيَمِ الأرْ

ض سَفَاةً من دوتها ثَأَدُهْ

والمَشِيمَة هي للمرأة التي فيها الوَلَد ، والجميع مَشِم ومَشائم.

قاله التَّوزيّ ، وأنشد لجرير :

وذاك الفحلُ جاء بشرِّ نَجْلٍ

خبيثاتِ المثَابِرِ والمَشِيم

ثعلب ، عن ابن الأعْرابي ، يقال : لما يكون فيه الولد : المَشِيمة والكِيسُ والْحَوْرَان والقميص.

وقال الليث : الأشْيَمُ من الدواب ومن كلُّ شيءَ : الذي به شامَة ، والشامَة علامة مخالِفَة لسائر اللَّون ، والأنثى شَيْمَاء.

وقال أبو عُبَيدة : ممّا لا يقال له بَهِيم ولا شِيَةَ له : الأبرش ، والأشْيَم. قال :

٢٩٨

والأشْيَم أن تكون به شامَةٌ ، أو شامٌ في جَسَده.

وقال ابنُ شُمَيْل : الشَّامة : شامةٌ تخالف لونَ الفرس على مكان يُكْرَه ، ربّما كانت في دَوَابِرها.

أبو زيد : رجل أشيم بيِّن الشَّيَم ، للّذي به شامة ، ولم يعرف له فِعل.

قال ابن الأعرابيّ : الشَّامة : النّاقة السوداء ، وجمعها شام ، والشِّيمُ : الإبل السُّود ، والحِضار البيض.

وقال أبو ذؤيب :

* بنات المخاضِ شِيمُها وحِضَارُها*

ويُرْوَى : «شُومها» أي سُودُها وبيضها ، قال ذلك أبو عَمْرو.

ابن الأعرابيّ : الشِّيام بالكسر : الفأر.

والشِّيَام : التّراب.

شأم : قال الليث : الشَّأم : أرض : سمِّيَتْ بها لأنها عن مَشْأمَة القبلة. ويقال : شأمْتُ القومَ ، أي يَسَرْتُهم. والمشْأَمَةُ من الشُّؤْم ، يقال : رجل مشئوم ، وقد شُئِمَ. ويقال : شَأَمَ فلانٌ أصحابَه ؛ إذا أصابَهُم شُئُوم من قِبلَه. ويقال : هذا طائر أشأم ، وطير أشأَم ، والجميع الأَشائم.

وأنشد أبو عُبيدة :

فإذا الأشائم كالأيا

مِنِ والأيامِنُ كالأشَائمْ

وأخبرني المنذري عن أبي الهيثم أنَّه قال : العَرَبُ تقول : أَشأَمُ كُلِّ امرىء بين لحْيَيْه.

قال : أشأَم ، في مَعْنى الشؤم ، يعني اللسان ، وأَنشد :

فَتُنْتِجْ لكُمْ غِلْمَانَ أشْأَمَ كُلُّهُمْ

كأحْمَرِ عادٍ ثم تُرْضِعْ فَتَفْطِم

قال : «غلمان أشأمَ» ، أي غلمان شؤم.

وقال ابن السِّكِّيت : يقال : يامِنْ بأصحابك أي خذْبهم يَمْنَةً ، وشائِمْ بهم ، أي خُذْ بهم شَأْمَة ، أي ذات الشمال ، ولا يقال : تيامنْ بهم.

ويقال : قعد فلان يَمْنَةً ، وقعد فلان شَأْمَةً.

وتقول : قد يُمِن فلانٌ على قومه ، فهو ميمونٌ عليهم. وقد شُئِمَ عليهم فهو مَشْئوم عليهم ، بهمزة بعدها واو. وقوم مشائيم ، وقوم مَيَامِين ، وقد أشأم القوم ، إذا أتوا الشأم ، ورجل شآمٍ وتَهامٍ ، إذا نُسب إلى تهامة والشأم ، وكذلك رجل يمانٍ ، زادوا ألفاً وخفّفوا ياء النّسْبَة.

وفي الحديث : «إذا نشأَتْ بَحْرِيةً ثم تشاءَمتْ فتلك عينٌ عَذِيقة» ، تشاءمتْ : أخذت نحو الشأم. قال : تشاءم الرجل ، إذا أخذ نحو الشأم ، وأشأم ، إذا أتى الشأم ، ويامَنَ القوم وأيمنوا ، إذا أتوا اليَمَن.

ميش : قال اللّيث : الميْش : أن تمَيش المرأة القطنَ بيدها ، إذا أزبدته بعد الحلْج ،

٢٩٩

وأنشد :

* إليَّ سِرّاً فاطْرُفِي وَمِيشي *

قلت : المَيْش : خَلْط الشَّعر بالصوف ، كذلك فَسَّره الأصمعيّ وابن الأعرابيّ وغيرهما.

ويقال : مَاشَ فلانٌ ، إذا خَلَطَ الصدق بالكذب.

أبو عبيد عن الكسائيّ ، قال : إذَا أخْبر الرَّجُل ببعض الخبر ، وكتم بعضه قيل : مَذَع ، وماش يَمِيش.

وقال النابغة :

* وَمَاشَ مِنْ رَهْطِ رِبِعِيّ وَحَجَّارِ*

ورَوَى ثعلب ، عن ابن الأعرابيّ : يقال : ماش يميش مَيْشاً ، إذا خَلَطَ اللّبن الحلو بالحامض ، أو خَلَطَ الصُّوف بالوبرَ ، أو خَلَط الجِدَّ بالهزْل.

قال : وماش كَرْمَه يَمُوشُه مَوْشاً ، إذا طلب باقي قُطُوفه.

قال : والماش قماش البيت ، وهي الأوقَابُ والأوغابَ والثَّوى.

قلت : ومِنْ هذا قولهم : «الماش خير من لَاش» ، أي ما كان في البيت من قماش خير لا قيمةَ له ، خيرٌ من بيت فارغ لا شيء فيه ، مخفف «لا شيء» ؛ لازدواجه مع «ماش».

أبو عُبَيد عن أبي عمرو : مِشْتُ الناقة أَمِيشُها ، وهو أن تحلبَ نصفَ ما في ضَرْعِها ، فإذا جُزْتَ النِّصْف فليس بميْش.

وقال اللّيث : ماش المطر الأرض ، إذا سحاها. وأنشد :

وقلتُ يوم المطر الميشِ

أقاتلي جبيلة أم مُعيشي

مشى : قال اللّيث : المِشْيَةُ : ضرب من المَشْي إذا مشى. قال : والمَشَاء ممدود ، وهو المَشُوْ والمَشِيُ. يقال : شربت مَشُوّاً ومَشِيّاً وَمَشَاءً ، وهو استطلاق البُطْن ، والفعل استَمشى إذا شرب المَشيَ ، والدواء يُمْشِيهِ.

وقال ابن السكِّيت : يقال : شربت مَشُوّاً ومَشاءً ، وهو الدّواء الذي يسهل ، مثل : الحَسُوّ والحَسَاء ، قاله بفتح الميم ، وذكر المشيَ أيضاً ، وهو صحيح.

ثعلب ، عن ابن الأعرابيّ : مَشى الرجل يمشي ، إذا أنْجى ، داواؤه ، قال : ومشى يمشي بالنَّمائم.

وقال الليث : المَشَاء ، ممدود : فِعل الماشية ، تقول : إنَّ فلاناً لذو مَشاءٍ وماشية. وأمشى فلان ، كثرت ماشِيتُه ، وأنشد :

وكلُّ فتىً وإن أمْشى فأثرَى

ستخِلجُه عن الدّنيا المنونُ

وقال الحُطيئة :

٣٠٠