موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين - ج ٦

عباس العزاوي المحامي

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين - ج ٦

المؤلف:

عباس العزاوي المحامي


الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: الدار العربيّة للموسوعات
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤٣٢

ثم إن الشهزاده قبل أن يتحرك من دلى عباس اشتد مرضه ولذا أبدى تساهلا في الصلح بغتة وبين رغبته فيه. فتحرك حالا ورجع مسارعا في الانصراف فعبر جيشه من ديالى إلى الجانب الآخر وفارقه أكثر عسكره. وإن خان گلهر حينما رجع كان معه نحو خمسمائة من أتباعه فصادفه بعض العشائر قرب قزانية فانتهزوا الفرصة فقتلوا منهم نحو مائتين وسلبوا الباقين واغتنموا خيولهم وأسلحتهم ...

أما الشهزاده فإنه تزايد عليه المرض واشتد كثيرا فتوفي في المحل المسمى (مرجانية) قرب قزلرباط وحينئذ ذهبوا بجنازته إلى كرمانشاه وجاء في ناسخ التواريخ أنه توفي قرب (طاق گران) (١) ليلة السبت ٢٦ صفر سنة ١٢٣٧ ه‍ ـ ١٨٢١ م وقت الفجر ووصل خبر وفاته إلى والده الشاه في ٦ ربيع الأول ، فنصب ابنه محمد حسين ميرزا مكانه.

ثم إن الحكومة بعد ذهاب الشهزاده مكنت الأهلين من الزراعة وراعت أحوال المنكوبين وأعفتهم من الرسوم الأميرية كما أنه انتهب بعض العشائر أموالا من جهة الدجيل وما والاها فأرسل الوزير عليهم السرايا لمرة أو لمرتين فاستعاد المنهوبات إلى أصحابها ...

وفي هذه الأثناء ورد الفرمان إجابة لمعروضات الوزير بخصوص هجوم إيران على العراق كما إن حاكم تبريز الشهزاده عباس ميرزا هاجم البلاد العثمانية من ناحية الاناضول فتقدم نحو أرضروم بغتة فوصل خبر ذلك إلى استنبول أيضا. وحينئذ فوضت الدولة الصدر الأسبق محمد أمين رؤوف باشا أمين المعدن الهمايوني آنئذ وأضيفت إليه ولاية ديار بكر فجعل قائد جيش الجبهة الشرقية كما أنها جعلت الوزير داود باشا

__________________

(١) في ناسخ التواريخ طاق كرا ومثله في سياحتنامه حدود وفي تقرير درويش باشا والصواب (طاق كران) كما جاء في رحلة المنشي البغدادي ص ٤٦ و ٤٧ وهناك الكورانيون فسمي باسمهم. وهو الإيوان المعروف.

٣٢١

قائد العسكر في جبهته وجهزت الجيوش معه وعين والي الموصل بمعيته وأرسلت الخلعة وصدر الفرمان بلزوم معاقبة الكتخدا واهتمت بأمر الحرب مع إيران وسيرت العساكر لمحاربتهم من كل صوب وكان صدور الفرمان إليه بتاريخ ٢ ربيع الآخر يوم الخميس.

قرىء الفرمان على ملأ من الناس وأعلن أمره وأطلقت المدافع واحتفل احتفالا كبيرا وأرسلت صور منه إلى الأنحاء ...

ومن ذلك الحين استقر الأمن وسكنت الخطة العراقية واستراح الأهلون ...

وصف دوحة الوزراء :

إلى هنا انتهى ما جاء في دوحة الوزراء وهي من تأليف رسول حاوي. قال في خاتمة كتابه هذا : «أنه منعته الاسفار والغارات المتوالية من البحث الكافي ... ثم انتسب إلى صنعة الكتابة في ديوان الوزير فلم ير راحة أو أوقات فراغ فاستوعبت أوقاته واستنفدت قواه عدا أن أربعين ، أو خمسين سنة من الحوادث بقيت في الخفاء ولذا اقتحم المصاعب في التقاطها فكان يختلس الفرص للعثور عليها فلم يترك طريقا للوصول إلا ولجه. فذكر وقائع ٩٩ عاما مع بيان تراجم نحو عشرين وزيرا. وأضاف تاريخ وقائع ست سنوات من أيام الوزير فكان تاريخه يبتدىء من ١١٣٢ ه‍ ويستمر إلى وقائع سنة ١٢٣٧ ه‍. كتبه بأمر من الوزير ليكون ذيلا لگلشن خلفا.

أكمله غير موسع ولا قصد أن يكون لائقا بالملوك بل بالنظر لقدرته. وأن وقائع الوزير دونت مجملة وإلا فأيامه تحتاج إلى مجلدات عديدة.

قدمه إلى الوزير ، وسيلحقه بالمجلد الثاني الخاص به وهو جديد

٣٢٢

يدعو للذة. أوضح في المجلد الأول أوصاف الوزراء الاسلاف ورجا أن يكون مقبولا لدى الوزير ملحوظا بعنايته ...

وتم في أواخر ربيع الثاني «سنة ١٢٣٧» اه. ولم يظهر المجلد الثاني. ولا أشار أحد إلى مسوداته أو تتمة وقائعه.

قال لي الأستاذ هجري دده : أن رسول حاوي من عصبته ولم يستطع أن يبين وجه القربى. وجاء ذكره وذكر أخيه في كتاب شعراء بغداد وأدبائها أيام داود باشا.

طبع الكتاب في طباعة دار السلام في أوائل جمادى الأولى سنة ١٢٤٦ من الهجرة على يد محمد باقر التفليسي. وإن نسختي الخطية منقولة من النسخة المطبوعة والملحوظ أنه ظهر نقص في أرقام الدوحة المطبوعة بسبب استلال بعض أوراقها. ومراجعة السنين سهلة. وهي الأصل في المراجعة.

تتمة واقعة صفوق :

«إن صفوق بن فارس الجرباء غزا ابن الشاه. عبر ديالى بفوارس من عشيرته إلى أن كان من عسكره بمرأى فركب فرسان العسكر لما رأوه وكروا عليه فاستطردهم حتى عبروا ديالى وبعدوا فعطف عليهم هو ومن معه من عشيرته ومن الروم فأدبرت فرسان العجم وقفاهم فوارس شمر وقتلوا منهم من أدركوا وأتوا بخيلهم وسلبهم ... هذه غير الأولى التي ذكرها المؤرخ التركي (صاحب الدوحة). وصفوق هذا عديم النظير في كرمه ... ولما نصر صفوق أقطعه الوزير عانة وما يتبعها من القرى ... فعادى أعداءه ووالى أولياءه (١).

__________________

(١) مطالع السعود ص ٢١٥.

٣٢٣

حوادث سنة ١٢٣٨ ه‍ ـ ١٨٢٢ م

وقعة الزبير :

كانت الزبير آمنة مطمئنة وكان أهلوها يدا واحدة فحافظوا على كيانهم حتى حصل بينهم الخلاف وسببه أن محمد بن ثاقب كان يحسد ابن زهير على ماله ، واستعباده الناس بسماحته ونواله ، فانقاد له أهل البلد لما طوقهم به من رفد ...

فادعى ابن ثاقب أن ابن زهير أمر بسمّ راشد بن ثامر وصدقه في دعواه بعض المغرضين الأوباش فسعى ابن ثاقب إلى حاكم البصرة فوافقه على ما طلب. فلما شاع أمر السم ركب ابن زهير متن الحذر وتترس بماله وتحيز لمن يغضب لغضبه ويعيش بسببه وبنشبه ...

وحينئذ ولما لم ينجح تدبيره أمر زمرته أن تخرج بأسلحتها إلى تلك البلدة ليكونوا على ابن زهير عدة وعونا. فلما دخلوها مدوا يد بغيهم وائتمروا بأمر من أوقعهم في غيهم. وعند الظلام تقلدوا سيوفهم ونظموا صفوفهم قاصدين دار ابن زهير غير ملتفتين إلى الغير. فعلم بهم قبل أن يصلوا الباب فقابلهم خدام ابن زهير فضاربوهم فجرح من جرح وانهزم من انهزم. فتزايد الشر وحاصروا الهاجمين إلى أن ساعد جماعة ابن زهير في الإفراج عنهم فرجعوا إلى البصرة ودخلوها بأمر من له الأمر حذرا من تفاقم الفتنة ، فنزل ابن ثاقب وأتباعه قريبا من نهر معقل وأمير البصرة محمد كاظم يأمره أن يستقر في ذلك المنزل.

وما زال ابن ثاقب في منزله حتى نزل عليه من عاداه فتقاتل الفريقان فلم يلبث إلا قليلا حتى ترك المقاتلة وكان قد قتل جماعة من الطرفين. ثم لما انهزم ابن ثاقب عبر الفرات ولم يقف عند هذا الحد بل كاتب من يساعده من الأصحاب.

وأكبر من ساعده محمد كاظم أمير البصرة فإنه بذل في سبيل تأييده

٣٢٤

ما استطاعه من قدرة وحسن عند الوزير أمره ...

ولما ورد حمود بن ثامر من البادية خدع ابن زهير في مودته. وعند ما ورد إليه وصار في قبضته منعه من الانصراف وركب معه متن الاعتساف وبقي عنده مدة حتى مرض من شدة القهر. فلما اشتد به المرض أذن له بالانصراف فدخل البصرة ومات. وكان رحمه الله ذا صدقات وافرة وأعمال بر نافعة وعفة عن الحرمات وسيرة حسنة منذ شبّ إلى أن مات (١).

يوم بصالة :

في هذه السنة حدث يوم بصالة. وهو لشمر على آل هذال وكبيرهم عبد الله بن هذال وكبير شمر صفوق. وكانت الغلبة لشمر واستولى الشمريون على هودج بنت ابن هذال. ونهبوا أموالهم.

ولما عبر ابن هذال الفرات ندب قبائل عنزة لأخذ الثار وغسل العار فاجتمع العنزيون وعبروا الفرات على الجزيرة ثم ساروا قاصدين شمر وذلك في سنة ١٢٣٩ ه‍ ، وبقوا في مطاردة ومطاعنة ، ثم في آخر الأيام التي التقوا فيها أدبرت شمر وصارت النصرة لعنزة عليهم. وغنم العنزيون من شمر أموالا كثيرة وقتلوا منهم فرسانا عديدين.

ولما انكسرت شمر شد الوزير عضد كبيرهم صفوق وأفاض عليه من كرمه ما تضيق عنه ساحة عطاء الملوك ومن كرمه أنه أعطاه ثلاثين ألفا دفعة واحدة ... ولكنه أعطاها للشيخ خالد النقشبندي لقضاء ديونه.

منصب كتخدا :

اختير الحاج طالب كهية لمنصب كتخدا. وهذا هو والد الأستاذ

__________________

(١) المطالع ص ٢١٧.

٣٢٥

سليمان فائق بك وجدّ فخامة الأستاذ حكمت سليمان.

حوادث سنة ١٢٣٩ ه‍ ـ ١٨٢٣ م

لم يحدث من الوقائع ما يستحق الذكر سوى وقعة عنزة وشمر وهي وقعة بصالة فانتهت في هذه السنة.

وفي هذه السنة :

١ ـ صار أوزون موسى آغا وكيل كتخدا وبقي في الوكالة بضعة أشهر.

٢ ـ عهد إلى أحمد باشا أخي الوزير بمنصب كتخدا أصالة فتوفي بعد بضعة أشهر. ورد بغداد بعد أن بلغ الثلاثين من عمره. ودخل في الدين الإسلامي. وعين لتربيته لالاوات ومعلمين. ثم نال إمارة إربل فحصل على رتبة ميرميران وبعدها حصل على متسلمية البصرة ...

وبعد عزل الحاج طالب الكهية صار كتخدا وبعد بضعة أشهر وافاه الأجل. ولم تكن له مقدرة على ادارة الأمور ، فكان عبد الغني آغا من المماليك بمقام (لالا) (١) لتدريبه فجعل في معيته. ويصدق عليهما المثل (أعمى يقود عميانا). ومع هذا لا مثيل له في السخاء ، بشوش وأخلاقه جيدة إلا أنه في حسن إسلامه نظر وتنقل له غباوات عديدة (٢).

نصب كتخدا البوابين ـ كربلاء :

في أوائل هذه السنة نصب سليمان آغا كتخدا البوابين. وبعد خمسة أشهر أنفذ نقيب كربلاء هدية إليه وهنأه بمنصبه فكتب إليه جوابا في ١٠ شوال يخبره بوصول الهدية وشكره عليها إلا أنه ذكره بأن الوزير

__________________

(١) لالا ويقال (لاله) أي مربّ.

(٢) مرآة الزوراء ص ١٢.

٣٢٦

قد عفا عما سلف على أن ينهج خير المناهج ، وأن يترك ما يؤدي إلى المهالك وأن تصفو البقعة المباركة من الكدورات إلا أنه خاب المأمول بما وقع ، فحذره ممن ارتكبوا الرذائل ، وأوصى أن يخرجوهم من بينهم وإلا فالعاقبة وخيمة. والمأمول ان يراعى رضا الوزير ، وأن يمتثل أمره ...

وفي سنة ١٢٤١ ، حدثت وقعة مع الوزير.

وفي هذا ما يوضح أوضاع كربلاء في تلك الأيام وإن كان مجملا ، نظرا لقلة المصادر عن ادارة الألوية في الخارج. وهذا ما قاله مؤرخ (١) عراقي عن أيام داود باشا ومن تلاه :

«إن كربلاء كانت عاصية على وزراء بغداد فسير العساكر إليها ـ نجيب باشا ـ وكان بها السيد إبراهيم الزعفراني رجل أصله عجمي وترأس على أوباشها وسفهائها وأطاعه أراذل البلد المفسدون وهم يتولون الحرب وعامتهم من أيام داود باشا كانوا عاصين إلا أنهم يؤدون شيئا قليلا عوض خراجها (نحو خمسة وثلاثين ألف قران) ، وكل من يعمل مفسدة في العراق ، أو يأكل أموال الناس يذهب إلى كربلاء ويستجير بهؤلاء الأراذل حتى اجتمع عندهم مقدار عشرة آلاف مقاتل من أجلاف الناس وعصت أيام داود باشا وعلي باشا. هم عصاة ، بغاة ، يؤذون السكان الذين في كربلاء حتى أنهم مرة أمسكوا على أحد مجتهديهم السيد إبراهيم القزويني ليلا ولم يطلقوه حتى أدى لهم أربعة آلاف قران من سكة محمد شاه فأطلقوه فهم مفسدون ذوو جرأة على أعراض الناس. وأهل البلد يؤوونهم ويخافون على أنفسهم. لأنهم متى أرادوا هجموا على بيت أحدهم ونهبوه والحاكم الذي هو من أهل البلد

__________________

(١) هذا المؤرخ لم يعرف اسمه وإنما عثرت على بعض أوراق من تاريخه تعين الأوضاع في أيام داود باشا ومن يليه من الوزراء.

٣٢٧

طوع أيديهم ولا يعارض بما يفعل هؤلاء الباغون الفجرة ...» اه.

وهذا المؤرخ تحامل على الولاة كثيرا ولا يخلو قوله هذا من مبالغة ... وإن كان يتفق كلامه وما لخص من كتاب الكتخدا. وهنا نشير إلى أن محرر هذا الكتاب السيد عبد الفتاح الأدهمي (الواعظ) ونقل من مجموعته. كتبه للكتخدا. وللتفصيل محل آخر.

وهذه الوقعة لم نجد لها ذكرا إلا في كتاب (نزهة الإخوان) ، وفيه جرت مع الوزير داود باشا ، فقد ضيق على البلد وحاصره سنة ١٢٤١ ه‍ ، فتوسط السادة بأداء المعين الذي أشار إليه صاحب التاريخ المجهول فكان لما كتبه كتخدا البوابين أثره.

الخازن :

هو عناية الله وكان في هذه السنة خازنا كما فهم من وقفية كتاب تفسير الجلالين وهو من آل الروزنامه جى ومن أحفاده عبد الله أفندي ابن عارف أفندي ابن عناية الله المذكور. وبيتهم قديم معروف (١).

حوادث سنة ١٢٤٠ ه‍ ـ ١٨٢٤ م

الحلة ـ محمد الكهية :

في أواخر هذه السنة مضى محمد الكهية وعاضده أناس من أعداء الوزير إلى الحلة فدخلها بمن ناوأه ونازعه الرئاسة فشوشوا الحالة وأطاعهم بعض العشائر فادعى الوزارة لنفسه دخلها باستدعاء من أهليها ...

قال لطفي في تاريخه : إنها كانت بإيعاز من دولة إيران وذكرها في

__________________

(١) عنوان المجد للحيدري والوقفية المذكورة رأيتها لدى الصديق الفاضل إسماعيل الجوربه جي.

٣٢٨

حوادث سنة ١٢٤١ ه‍. وابن سند عين أنها حدثت في أواخر هذه السنة ...

فلما بلغ الوزير ذلك جهز جنوده وحشد عساكره بعد أن تفاقم الخطب ومنت الكهية نفسه دخول بغداد اليوم أو غدا وحينئذ جند الوزير جيشا تحت قيادة أحمد باشا الكتخدا فوصل قريبا من الحلة فقامت الحرب بين الطرفين وكرت الخيل وتساقطت الأعناق.

وممن أبلى في هذه المعركة قبيلة عقيل وكانت في جهة الوزير. وما زالوا في كر وفر حتى أدبرت الفئة الأخرى فعبر المنهزمون الجسر ثم قطعوه ليمنعوا اللحاق بهم فعبر العقيليون النهر وعقبوهم فدخلوا الحلة وسقوا محاربيهم صاب الحتوف وانهزم منهم من انهزم.

وفر الكتخدا إلى حمود بن ثامر فاعتذر منه. قال ابن سند : والله المطلع على الضمائر ، يشير إلى أنه كان ذلك بتدبير منه فذهب إلى الحويزة وبقي فيها فانتابته صروف الدهر. وكانت هزيمته في أوائل سنة ١٢٤١ ه‍.

ويقال إن الذي أرسل وراء محمد الكتخدا حمود بن ثامر فقدم العراق لإثارة الفساد وأمر حمود خفية آل قشعم وآل حميد وآل رفيع ليساعدوه فأعانوه على دخول الحلة. فلما انهزم انهزموا ...

حوادث سنة ١٢٤١ ه‍ ـ ١٨٢٥ م

المنتفق :

١ ـ ورد إلى الوزير من رجال المنتفق محمد بن عبد العزيز بن مغامس فأكرمه بوافر الإنعام وهذا من أجواد العرب وشجعانهم ومن المثابرين على الدين. كان عند ثويني بن عبد الله بن محمد بن مانع له أبهة وصدارة ، وكذلك عند حمود بن ثامر بن سعدون بن محمد بن مانع

٣٢٩

أولا ثم تغير خاطره على حمود فقصد الوزير ورشح نفسه لرئاسة المنتفق فما وافقه الوزير على ما أراده لأنه كان وعدها ابن ثويني لأن أباه كان شيخا على المنتفق وكذلك جده عبد الله وجد أبيه محمد وجد جده مانع لا سيما وابن ثويني متصل بالوزير في حله ومرتحله ومعتصم به.

٢ ـ قدم حنيان بن مهنا بن فضل بن صقر أحد أكابر آل شبيب فأكرمه الوزير وأجزل عطاءه ...

ولما اجتمع هو ومحمد بن عبد العزيز عزم الوزير على عزل حمود ونصب براك بن ثويني على بني المنتفق ثم عرضت أحوال أخرت ذلك.

٣ ـ قدم جماعة من آل صالح وهم شبيبيون لمناصرة براك بن ثويني.

٤ ـ قدم محمد بن مناع الأجودي العقيلي أحد مشايخ بني المنتفق وفرسانهم ...

وقوي براك بن ثويني بهم وتوجهت إليه أنظار الوزير وكاد يوليه رئاسة المنتفق إلا أنه أخر أمره لمصلحة.

حمود بن ثامر ـ ومحمد الكتخدا :

لم يقف حمود تجاه هذه الحوادث مكتوف اليدين وإنما شاع على الألسنة أن حمودا أرسل إلى محمد الكتخدا وهو في الحويزة أن يوافيه فقدم إلى العراق لإثارة الفتنة وأمر حمود خفية آل قشعم وآل حميد وآل رفيع أن يساعدوه فدخل الحلة فلما انهزم انهزموا!

وعلى كل إن الفتنة اشتعلت في الخفاء ولكل حزب مناصر وإن الوزير في كل هذه الأحوال لم يقدم على حرب ثويني ولكنه حاول تكثير حزبه ...

٣٣٠

براك ـ عفك والشاوي :

إن الوزير أراد أن يجرب مقدرة براك فجعله يغزو بمن معه من آل شبيب عفكا وقاسم بن شاوي ومن معه فتحصنوا بالأهوار فخاضها المنتفقيون وقتل من أكابرهم وفرسانهم دويحس بن مغامس بن عبد الله بن محمد بن مانع الشبيب. وقتل أيضا ابن لثامر بن مهنا بن فضل بن صقر وهو شبيبي أيضا.

وكان مع براك بن ثويني شيخ زبيد فلم تكن منه مساعدة ولم يخلص في الخدمة فخذلوا وقل أمل الوزير في السيطرة على الوضع ...

القضاء على الينگچرية :

أمر السلطان بالقضاء على الينگچرية وقتل منهم ألوفا ونسخهم من ديوان الجند وكتب إلى الارجاء أن يعزلوهم وأن يمحوا هذا الاسم ... وفي وادي العوسج بقرب صقال طوتان إلى جهة خانقين لا تزال قبورهم باقية. وهي مواطن قتلهم وللترك مؤلفات خاصة في تحبيذ إلغائهم والقضاء عليهم مثل كتاب (أس ظفر) ... وكانوا واسطة تقدم الترك ونجاحهم في بادىء أمرهم ، ويعد تجديدا في (أمر الجندية) .. فطرأ على هذا النظام ما طرأ فقدوا الطاعة والتنظيم ، وأمنوا السلطة فتحكموا بل جرّوا الويل على هذه الدولة. و (ينگچري) مخفف من (ينگى چرى) أي العسكر الجديد.

وما أفسد الأمم أو قضى عليها إلا فساد الجندية وأنظمتها ، وعدم القدرة على الاصلاح .. وكان الغرب والشرق يخشون سطوة هذا الجيش إلا أنه بعد أن فقد مزاياه طمع فيه كل طامع ونالوا منه ما نالوا فتوالت هزائمه وكثرت مصائبه وكاد يقضي على الدولة لو لا أن تداركها السلطان بنظامه الجديد ، ملت الأمة تحكم هذه الفئة ، فلم يهدأ لها أمر حتى

٣٣١

قضت عليها ، وجرت ما جرت عليه تجارب الأمم ، فعادت إلى نشاطها ، واستعادت حياتها ..

أسست الدولة العساكر المنصورة المحمدية فثار الينگچرية فنكلوا بهم وتم تأليفهم وأصدر قانون بشأنهم وجرى العمل به فكان طبعه في آخر ذي القعدة سنة ١٢٤٤ ه‍. وعندي نسخة مطبوعة منه في هذا التاريخ. وكانت محاولة السلطان سليم الثالث في الإصلاح جلبت عليه الهلاك فنجح السلطان محمود وظهرت فوائد النظام الجديد وتطور حتى اكتسب شكلا مرغوبا فيه.

تكية البكتاشية :

غضب السلطان على البكتاشية في العاصمة وفي سائر الأرجاء وأمر أن يطردوا من تكياتهم. ويسمون (الددوات). فلما ورد الأمر السلطاني على الوزير أخلى التكيات منهم وولى عليها خليل أفندي وهذا عين إمامه السيد طه الحديثي للقيام بإدارة التكية الكائنة في بغداد (في محلة الجعيفر) فأقام فيها يومين أو ثلاثة ثم عزله (١).

الداسنية اليزيدية :

وبعد ثمانية أشهر من وقعة الكتخدا في الحلة عاثت عشيرة الداسنية من عشائر ماردين التابعة إلى بغداد فأرسلت إليها قوة عسكرية فشتت شمل فسادها ، ولم يبق أحد من رؤسائها ومزق جمعهم (٢).

فتح جادة الجسر :

شكا العلماء والأعيان إلى قاضي بغداد محمد راشد بن فخر الدين

__________________

(١) مطالع السعود ص ٢٢٦ وفيه تفصيل.

(٢) تاريخ لطفي ج ١ ص ١١٦ و ١١٧ وتاريخ اليزيدية.

٣٣٢

بأن طريق الجسر ضيق بالمارة وألحوا عليه في فتح طريق آخر متصل بالجسر من الجهة الغربية. أما الطريق القديم فهو المار من مسناة الجسر إلى قهوة زنبور (قهوة المميز) فأصدر القاضي حكمه بضرورة فتحه (١) وهو شارع المأمون.

حوادث سنة ١٢٤٢ ه‍ ـ ١٨٢٦ م

المنتفق :

قدم بغداد الشيخ عقيل (عجيل) بن محمد بن ثامر في ١٢ صفر فألبسه الوزير خلعة رئاسة المنتفق في ١٤ منه وأعطاه الاسلحة الكافية وكتب إلى متسلم البصرة أن يعلن ذلك في أرجائه وأن يحافظ على البصرة ، فأظهر المتسلم للعشائر عزل حمود ونصب عقيل.

فلما تبين حمود عزله أمر ابنيه (ماجدا وفيصلا) أن يقصدا البصرة فزحفا بالعشائر. فأما ماجد فنزل قريبا من نهر معقل ، وأما فيصل فنزل أبا سلال ومعه الاباضية أتباع امام مسقط وعشائر كعب ...

فلما اشتد الأمر وكاد ينكسر المتسلم برز النجادة للمعاونة فكسروا ودخلوا البصرة ... بعد خوضهم حومات المهالك. وبعد هذه الوقعة اشتدت أعضادهم وقوي اعتمادهم ... وإن إمام مسقط ملأ بالسفن الشط ... وساعد ماجدا وفيصلا وحمل بأجناده كما حملا ومع ذلك لم يلن النجديون فبقوا في مجالدة شهرين.

هذا ولما رأى متسلم البصرة كثرة الأعداء وضيق الحال ... صالح إمام مسقط بمقتضى رأيه فانتظم الصلح فسافر وبقي فيصل وماجد ولم يبق من قرى البصرة إلا من كان لهما مساعد. وفي أول ربيع الأول خرج عقيل من بغداد.

__________________

(١) ج ٢ من هذا الكتاب وكتاب المعاهد الخيرية.

٣٣٣

وفي أثناء ارتحاله ورد سليمان المناخور فوجده محاصرا للأقرع فحشدوا عليه ومعهم ابن قشعم ومحمد الكهية ورستم وغيرهم. والذين كانوا مع سليمان زبيد القبيلة المعروفة ومن عقيل شيخهم جعفر ، ومن رجال الوزير محمد المصرف.

ولما ظهر الأقرع بمن معهم وعاين الروم الكماة جمعهم زحفوا عليهم ... مع أنهم من الأعداء بمنزلة واحد من مائة ... فما كان إلا ريثما التقوا رد الروم على الاعقاب فندبهم سليمان فكروا ثانيا كرة أسد الغاب. فمذ ثارت أطواب العسكر كر مع الدخان من الروم كل غضنفر فأدبروا إدبار الرئال وتركوا البنادق والنصال ... وقتلوهم قتلا ذريعا ... فأخبرني من أثق بخبره أن قتلاهم يزيدون على ألف في نظره ومنهم من قال يزيدون على ألفين ولم يحضر الحرب الشيخ عقيل ولا صفوق ولكن حضرها شخير ...

ثم إن الشيخ عقيلا أقام في أرض عفك زمانا آملا أن يأتيه أناس من أكابر قبيلته وفرسان عمارته والوزير ينهاه عن العجلة ويأمره بالأناة والتؤدة فلم يسمع نصحه ...

وفي هذه الأثناء نصب الوزير سليمان الميراخور (المناخور) أميرا فبقي الشيخ عقيل في تلك الناحية ومعه من شيوخ أهل البادية صفوق بن فارس الشمري ومعه من بني عمه جماعة قال ابن سند : وقد ذكر لي الثقات عنه أنه صنع من الضيافات ونحر من الكوم السمان ما لا يحصره لسان.

أحوال البصرة :

أما البصرة فإنها في تلك الأيام قد بذل متسلمها جهده لمحافظتها وحراستها وساعده النجادة من أهل الزبير فاعتز بهم. أما فيصل فإنه نزل أبا سلال وأكثر على البصرة بالغارات في البكور والآصال. فلما سافرت

٣٣٤

سفن (إمام مسقط) وطال عليه المقام رحل من ذلك المنزل ونزل على أخيه في نهر معقل وأشار عليه أن يذهبا إلى والدهما ويستشيراه في مقاصدهما فلم يقبل وقال : لا أرحل حتى أملك البصرة وأجعل عاليها سافلها ...

وعند قدوم فيصل إلى والده ورد محمد الكهية.

ثم إن ماجدا منته نفسه ... أن يملك البصرة وتأهب للأمر فخرج عليه سكان الزبير فلما رآهم ماجد وجنده تلقاهم بخيله ورجله وترك خيامه في منزله فما كان إلا اليسير حتى ولى الدبر فخرج عسكر المتسلم على خيامه فغنموها عند ما لاحت أمارات انهزامه وأقبل النجديون إلى البصرة وأكرمهم المتسلم على هذه النصرة.

عود إلى وقائع المنتفق :

جاء ماجد فوجد والده قد فارق عزه وذلك أن عقيلا لما نزل البغيلة (١) ورد عليه أعمامه فبسط لهم موائد الإكرام. وأما حمود عمه فإنه لما ارتحل عنه إخوانه علم أن لا مقام له وركب خيله وفر إلى البادية. فورد عقيل إلى وطنه بعسكر الوزير فولي الرئاسة مكرما لبني عمه وعمومته خصوصا أنه أشجعهم وأرفعهم.

ولما استقر عقيل رجع المناخور بالعسكر وانتظمت له الأمور وصار عونا للوزير في الخطوب ...

وفي هذه المرة أيضا أحبط مسعى محمد الكهية ...

شيخ زبيد :

وفي ١٣ صفر ورد شفلح شيخ زبيد إلى بغداد طالبا من الوزير أن يعفو عنه.

__________________

(١) الآن تسمى النعمانية.

٣٣٥

قال ابن سند : إن زبيدا قبيلة معروفة في العراق وشفلح هذا من أدهى أهل البادية. وكان شيوخ هذه القبيلة من أهل السنة. وأما الآن فالظاهر أنهم روافض (١) ...

مطالع السعود :

إلى هنا وقف كتاب مطالع السعود لعثمان بن سند وتاريخه مسلسل الحوادث السياسية. يأخذ الكثير من الدوحة إلا أنه لا يخلو من الالتفات إلى القطر وعلاقته الأدبية والعلمية والمحادثات والمجالسات ممزوجة بمشاهداته ومروياته. ويتوسع في حوادث البصرة وأحوالها مما لا يكاد يوجد في غيره ولا يخلو من ملحوظة أدبية أو نادرة تاريخية ... عولنا عليه في السنين التالية للدوحة وفي الغالب لا نراعي سجعه ، ولا نلتفت إلى أبياته ومدحياته مما لا علاقة له بالموضوع التاريخي ...

وقف تاريخه عند حوادث سنة ١٢٤٢ ه‍ ويناقش صاحب الدوحة أحيانا بقوله : قال المؤرخ التركي ... وفي تاريخه نوادر لم توجد في الدوحة إذ لا تحلل الشخصيات العربية ولا تتوسع في وقائعها.

والمهم فيه ذكر مشاهير العلماء المعاصرين لداود باشا أو قبله أو من لهم علاقة بنفس المؤلف أو بالبصرة أو من اشتهر في بغداد ... فكتابه نافع للتاريخ العلمي والأدبي ويعد خير وثيقة. ويتعرض لوقائع آل سعود أيضا إلا أنه يتحامل ويماشي الحكومة في رغبتها ولم يكتم ما يعلمه بل أعطى كلّا حقه.

ويعاب :

١ ـ من جهة أنه رسمي. يمدح الوزير ويطري كل عمل من أعماله.

__________________

(١) مطالع السعود ص ٢٣٢.

٣٣٦

٢ ـ من جهة السجع :

٣ ـ لم يذكر لغيره من أقوال أو أشعار إلا قليلا جدا. لم يدرك نفعها من الناحية الأدبية ، ولا يعول على النصوص التاريخية وإيرادها ... لا يزال مخطوطا ونسخته التي بخطه في خزانة السيد نعمان خير الدين الآلوسي. ومنها انتشرت نسخها وعندي مخطوطة منها. وتوفي ابن سند في بغداد. والظاهر أنه توفي في سنة تاريخ كتابه أو بعدها بقليل. ومنهم من ذكر أنه توفي في الطاعون سنة ١٢٤٦ ه‍ في بغداد.

ومختصر مطالع السعود لأمين بن حسن الحلواني المدرس بالروضة النبوية في المدينة وفيه من الحوادث ما يصل به إلى سنة ١٢٥٠ ه‍. طبع في بمبي سنة ١٣٠٤ ه‍ على الحجر. وطبع في مصر في المطبعة السلفية بتحقيق صديقنا الأستاذ محب الدين الخطيب سنة ١٣٧١ ه‍ وقدم له مقدمة مهمة وتوفي الحلواني على ما جاء في معجم المطبوعات سنة ١٨٩٨ م. قال الأستاذ المرحوم السيد نعمان خير الدين الآلوسي : وفيه لين. قال ذلك في آخر المختصر وبين أنه في سنة ١٣١٥ ه‍ حصل له التاريخ الأصلي. فعلمنا تاريخ اقتنائه. والمختصر موجود في خزانة كتبه بخطه.

تعليم المدفعية في بغداد :

أرسلت الدولة أستاذا وخمس مدفعيين لتعليم عساكر بغداد المدفعية بناء على طلب الوزير. وخصص للأستاذ ألفا قرش ولكل واحد من الأفراد خمسمائة قرش لمصارف الطريق (١) ...

عشائر العراق في سورية :

في هذه السنة قلت الأمطار فبدت علائم الغلاء فظعن العربان إلى أنحاء الشام فأزعجوا الأهلين هناك ، وأن الميرة لم تعد تكفي الأهلين

__________________

(١) تاريخ لطفي ج ١ ص ٢٠٤.

٣٣٧

فحصلت الضرورة ففسر ذلك بعجز الوالي فعزل والي الشام ولي الدين باشا لعجزه عن القيام بأعباء الولاية. ووجهت إدارة الشام إلى متصرف قيصري الصدر الأسبق مير الحاج صالح باشا (١).

غوائل الموصل :

نال الجوع من الأهلين مناله فظهر الاضطراب واختلت الإدارة. فلم يتخذ تدبير.

والعداوة كانت كامنة بين (الجليليين) والأعيان الآخرين. فسرت إلى بيت الوزير يحيى باشا آل نعمان باشا والي الموصل فاضطر إلى الفرار إلى بغداد فعلمت الدولة بذلك. فكتبت إلى داود باشا ويحيى باشا بما يقتضي لإجراء التدابير اللازمة فعاد الوالي إلى الموصل وسكن الاختلال.

ولما حدث الاضطراب انتهب من سراي يحيى باشا ومتعلقاته ما يزيد على ستة أحمال من القروش. وعلى هذا طالب يحيى باشا باستردادها وأرسل محضرا إلى استنبول مبينا فيه خدمات هذه الأسرة ورضا الأهلين عنها.

ويقال إن المروّج لهذه الفتنة وزير بغداد فعلمت الدولة بذلك ولكن أغمضت العين مراعاة للمصلحة (٢) ...

وفيات

١ ـ في ١٣ ذي القعدة سنة ١٢٤٢ ه‍ ـ ١٨٢٧ م توفي الشيخ خالد صاحب الطريقة النقشبندية المشهورة ... وكانت طريقته أحدثت أثرا

__________________

(١) تاريخ لطفي ج ١ ص ٢٠٩.

(٢) تاريخ لطفي ج ١ ص ٢٣٤.

٣٣٨

مهما ومعارضة شديدة وخافتها الدولة ونكلت بأتباعه. وسألت الوزير عن وضعها فأخبرها بأن هذا الشيخ ليس من أهل الدنيا وهو رجل صالح لا خوف منه.

توفي بدمشق (١).

٢ ـ الشيخ أحمد الأحسائي. توفي سنة ١٢٤٢ ه‍ ومنهم من قال سنة ١٢٤١ ه‍ أو سنة ١٢٤٣ ه‍. وكان يعد من علماء الشيعة الأصولية إلا أنه ظهر من دعوته أنه من الغلاة وانتشرت مؤلفاته في الخفاء بين أتباعه ، فعثر عليها ومن ثم ثار عليه علماء الشيعة. وفرقة الشيخية تنسب إليه. وإن نحلته شاعت على يد أكبر الآخذين عنه وهو السيد محمد كاظم الرشتي. وفي أيامه عرفوا بالكشفية.

ومن مشتقات الشيخية :

١ ـ الركنية.

٢ ـ الكشفية.

٣ ـ البابية. ومن هذه تفرعت (البهائية) ، و (أتباع صبح أزل).

ولا يزال بعض الشيخية متمسكا بآراء الأحسائي دون غيره والركنية نالت مكانة ولا يزال بعض رجالها في البصرة وايران وغالب كتبهم مطبوعة ، وأما البابية فقد غطت البهائية عليها وهي تطور في البابية.

وانتشار الشيخية في العراق بين الشيعة كان بهمة زعيمها السيد محمد كاظم الرشتي ، وتوفي سنة ١٢٥٩ ه‍ ولا يزال عقبه في كربلاء ، وكتبت في هذه النحلة (كتاب تاريخ الشيخية).

__________________

(١) كتاب عشائر العراق الكردية ج ٢ ص ٢٠٣. وفصلت أحواله وطريقته في كتاب (التكايا والطرق).

٣٣٩

حوادث سنة ١٢٤٣ ه‍ ـ ١٨٢٧ م

إمارة أسعد باشا :

وجهت رتبة باشا إلى أسعد على أن يبقى كما كان كتخدا الموصل وهو أخو والي الموصل يحيى باشا ثم وجهت إيالة الموصل إلى عبد الرحمن باشا آل محمود باشا من وجوه الموصل وهو المعروف بـ (رئيس الحجاب).

وفي هذه الأثناء ورد كتاب من الوزير ينبىء أن الشهزاده في نيته التسلط على أنحاء بغداد فنبه بلزوم اتخاذ التدابير والتحكيمات ، وأن لا تؤمل المساعدة مع وجود الغوائل الحاضرة المحيقة بالدولة ...

وذكر أن عشائر الشامية عصوا فقام بمحاربتهم وأرسل ٢٨ رأسا مقطوعا ممن قتل منهم.

واقعة شمر :

جرت واقعة مع شمر في نهر عيسى ذكرها الشيخ صالح التميمي في قصيدة شطرها السيد عمر رمضان وفيها انتصار باهر للوزير.

أوقاف الوزير :

١ ـ وقف موقوفات كثيرة على جامع الآصفية المعروف سابقا بالمولاخانة فجعل فيه مدرسين اثنين ... وحدد رواتبهم وسجلها في غرة رجب سنة ١٢٤٣ ه‍.

٢ ـ جامع الداودية : هو جامع الحيدر خانة عمره سنة ١٢٣٤ ه‍ وجعل فيه مدرسة وخزانة كتب وجعل لنفسه حق التغيير في الشروط وفي هذه المرة وقفه بشروط جديدة والتفصيل عن هذين الجامعين في كتاب المعاهد الخيرية.

٣٤٠