موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين - ج ٦

عباس العزاوي المحامي

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين - ج ٦

المؤلف:

عباس العزاوي المحامي


الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: الدار العربيّة للموسوعات
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤٣٢

مراد چلبي ودققت حسابات علي چلبي فاستوفيت البقايا المترتبة بذمته. وعلي چلبي من أمراء الحلة أسرة عبد الجليل بك (١).

قشعم :

ثم إن الكتخدا لم يكتف بما أخذه وما انتهبه بل أعاد الكرة على قشعم وأبدى أن شيخها (ناصر الحبيب) تراخى في الخدمة أثناء سفره إلى الاحساء فطلب منهم خمسمائة بعير وألفي شاة فلم يستطيعوا والتمسوا العفو فعفا عن النصف وأخذ النصف الباقي وتوجه إلى بغداد.

فكانت مدة سفره شهرا واحدا وسبعة أيام ، وأن هذه العشيرة بعد أن عزل شيخها عبد العزيز مال فريق منها إلى عبد العزيز وآخر بقي مع أخيه شبيب الحبيب أقامت العشيرة في المحل المسمى (صخيري) وشرعت بأعمال غير لائقة ، ولذا أمر الوزير كتخداه علي باشا بالذهاب إليها وعبر جسر المسيب فعلموا بذلك فتفرقوا وتشتت شملهم واقتفى الباشا أثرهم إلى أن وصل إلى قرب شفاثا (٢).

الدليم :

تمرد هؤلاء عن أداء الميري فاقتضى تأديبهم ، فحول وجهته نحوهم. وقبل أن يصل إليهم الباشا علموا بالأمر وفروا فذهب معقبا طريق هزيمتهم إلى أن وصل إلى جبة ، وهناك عثر على أغنامهم ومواشيهم وتبلغ نحو عشرين ألفا فانتهبها وعاد بغنيمة باردة إلى الفلوجة. وحينئذ أعطاهم الرأي والأمان وعاد إلى بغداد (٣).

__________________

(١) دوحة الوزراء ص ٢١٢.

(٢) دوحة الوزراء ص ٢١٣ ومطالع السعود ص ١٥٦.

(٣) مطالع السعود ص ١٥٦ ودوحة الوزراء ص ٢١٣.

١٦١

الوهابية :

وفي هذه الأثناء وردت (حدرة) من الوهابية (سايلة) ، فصادفها الخزاعل فقتلوا منها نحو ثلاثمائة رجل. جاء الخزاعل إلى النجف للزيارة فحدثت هذه الوقعة على خلاف الشروط المعطاة إلى سعود ابن الأمير عبد العزيز السعود ، ولذا لم ترق هذه الحادثة للوزير وتأسف كثيرا لوقوعها ، وكانت السبب في الوقائع الأخيرة (١).

حوادث سنة ١٢١٥ ه‍ ـ ١٨٠٠ م

قبيلة الخزاعل :

كان آل السلمان من الخزاعل ارتكبوا تلك الوقعة وأعمال نهب أخرى فاقتضى تأديبهم إذ لم يفد معهم اغماض العين. وعلى هذا أمر الوزير كتخداه أن يغزوهم فتحرك من بغداد في ٢١ جمادى الثانية. ولما وصل إلى گرمة (قرمة) ليوه اجتمع الخزاعل في قلعة السلمان معتمدين على رصانتها وتحصنوا بها.

أما القرمة المزبورة فلم يتيسر عبورها إلا بواسطة جسر وكذا صادف الجيش قرمات أخرى فاجتازوها ولم يبالوا بالمصاعب وأعملوا السدود فاتخذوا كل الوسائل اللازمة للوصول فتقرب الجيش نحو القلعة وكانوا مستعدين للمقاومة إلا أنهم حينما رأوا الجيش استولى عليهم الخوف فلم يأمنوا البقاء في القلعة فتركوها وألقوا بأنفسهم إلى قرمة (الفريات) الواقعة بين ثلاثة شطوط بالقرب من محل يقال له (لملوم). اتخذوا هناك متاريس انضووا إليها لمناعتها.

أما الباشا فإنه اجتاز قرمات ومجاري مياه عديدة باتخاذ السدود

__________________

(١) دوحة الوزراء ص ٢١٣.

١٦٢

والجسور لقطعها وعبورها حتى وصل إلى المحل الذي وصلوا إليه فأحاط به ، واستخدم المشاة كما أنه أنزل الخيالة من ظهور خيولهم وجعلهم مشاة أيضا واستخدمهم لعين الغرض ، فهاجموهم من جميع جهاتهم واقتحموا كل الموانع ، وحينما تقارب الجمعان اشتد القتال ودام إلى المغرب ثم إلى نصف الليل بلا فاصلة ولا استراحة وضيق الجيش عليهم تضييقا مرا ، فلم يبق لهم صبر ، وحينئذ حرقوا بيوتهم بأيديهم ، وفي ليلتهم اتخذوا ظلام الليل ستارا لهم وهربوا متفرقين شذر مذر ، فالتجأوا إلى الهور الذي لا يدرك غوره ولا يمكن الوصول إلى ساحله.

وفي اليوم التالي ضبط الكتخدا ديارهم المسماة (لملوم) فاغتنم الجيش ومن معه من العشائر نحو عشرة آلاف تغار من الشلب وأموالا أخرى لا تكاد تحصى ، والشلب الذي أرسل إلى الوزير بلغ ألفين وخمسمائة تغار شحن في سفن وأرسل إلى بغداد. ولم يكتف الباشا بذلك وإنما اتخذ قطع المياه عن الهور الذي التجأوا إليه فباشر في قطع القرمة الكبيرة المسماة (قرمة عباة). وهناك أقام مدة شهر للاستراحة وبذل المجهود في أمر السدّ واهتم به كثيرا فكان سدها خارج الطاقة ومع هذا زاول الأمر واشتغل به.

وفي هذه الأثناء حذروا من قطعها فركنوا إلى الكتخدا وطلبوا العفو منه وتعهدوا بأداء الرسوم حسب المطلوب في كل سنة. وبعد استيفاء الميري تركهم في ديارهم وتوجه من ذلك المكان. وقام ببعض الأعمال الأخرى فأظهر سطوته. عاد إلى بغداد فدخلها في ١٧ شوال. ودامت سفرته ثلاثة أشهر و ٢٧ يوما.

توجيه إيالة الرها إلى تيمور الملي :

ثار تيمور باشا الملي على الحكومة ثم ذهب الوزير إليه ونكل بأتباعه ، ثم التجأ إليه فاستحصل له العفو من السلطان كما تقدم ذلك

١٦٣

كله ، أما الوزير فإنه راقب أحواله طول إقامته في بغداد فرضي عنه ، وكان يميل إلى أن يكون واليا على الرقة ، لذا كان يصرح بذلك تارة ويلمح أخرى ويلتمس. وأن الدولة من القديم لم ترد ملتمسا لوزراء بغداد ، فالوزير طلب أن تسمح لتيمور باشا بإيالة الرقة برتبة وزارة فوافقت على ذلك.

وحينئذ احتفل الوزير له بأبهة في باب الإمام الأعظم. ولما أن حصل على الوزارة بالغ في احترامه وزاره في محله مرتين توقيرا له فأرسله إلى منصبه مكرما مبجلا (١).

حوادث سنة ١٢١٦ ه‍ ـ ١٨٠١ م

العلاقة بالوهابية (٢) :

مر في حوادث سنة ١٢١٤ ه‍ واقعة الخزاعل فلما سمع الأمير عبد العزيز السعود بما جرى طلب من الحكومة العراقية دية المقتولين وإلا نقض عهده أما الوزير فأراد أن يجدد الصلح بينه وبين الأمير سعود فأرسل عبد العزيز بك الشاوي بمناسبة الذهاب إلى الحج ليصل إليه ويفاوضه في ديات من قتلهم الخزاعل وسكان النجف. فورد وتفاوض معه وألح عليه كثيرا فلم يفد معه القول. وإنما أراد أن يكون له غربي الفرات من عانة إلى البصرة وإلا نقض العهد. وتبين ذلك من كتابه الوارد إلى بغداد بواسطة الساعي.

قال صاحب مطالع السعود : «فانقلب ابن شاوي بغير ما أمله ، ولأجله الوزير أرسله إلا أنه لما شرب من مائهم وجلس بين دعاتهم

__________________

(١) دوحة الوزراء ص ٢١٥.

(٢) الوهابية نبز وعقيدتهم عقيدة السلف لا يختلفون عن المحدثين. أوضحت ذلك في كتاب تاريخ العقيدة الإسلامية في العراق.

١٦٤

وعلمائهم مازجه من بدعتهم شبهة ونزعة جذب إليها شبهة من علماء وعوام ، وهلك بها خاص وعام ، وخاض في بحرها من لا يؤبه له وعام» اه (١) .. وفي عبارته هذه تحامل.

وكذا علمت الحكومة أن الأمير سعودا توجه إلى أنحاء العراق بقصد غزوها ، فاتخذ الوزير الحيطة وأرسل كتخداه علي باشا بعسكر عظيم لجهة الهندية في ٣ صفر فأقام هناك مدة ثم ذهب إلى نهر الشاه فأخبر أن ركبا عظيما جاء إلى جهة شفاثا. فسارع الباشا للأمر وأرسل محمد بك الشاوي وفارس الجرباء والعبيد والبيات والأربليين فبلغوا نحو ألفي محارب فذهبوا إلى ذلك المحل. ولما وصلوا قرب شفاثا علموا أن الركب يبعد عنهم نحو أربع ساعات فأغاروا عليه من مكانهم بسرعة. وعند ما وصلوهم وجدوهم نحو ألف بندقي ورأوهم اتخذوا إبلهم متاريس لهم وتناوخوا مع الجيش إلى وقت الظهر فلم يبدأوا بحرب ولكن الجيش العراقي أثر فيه العطش كثيرا فلم يجد فائدة من هذه (المناوخة) ورجعوا إلى شفاثا ورجع أولئك أيضا إلى مواطنهم. ولم يتعرض الواحد للآخر.

ثم إنه بعد عودة العسكر إلى جانب الكتخدا وجدوا عبد العزيز بك عاد من الحج وبين أن الأمير عبد العزيز لم تكن له رغبة في الصلح بل له نوايا سيئة. أفاد ذلك مفصلا ثم جاء إلى الباشا وبقي عنده بضعة أيام.

أما الباشا فقد جعل رئيس الكتيبة على جميع الخيالة وعلى مقدار من الموصليين وخيالة عقيل لمحافظة الديار وترصد الأخبار وعينه في الهندية ثم عاد بباقي الجيش ودخل بغداد في ٥ جمادى الأولى. وكانت هذه السفرة ثلاثة أشهر ويومين (٢).

__________________

(١) مطالع السعود ص ١٦١.

(٢) دوحة الوزراء ص ٢١٦ ومطالع السعود ص ١٦٢.

١٦٥

جليحة وعفك :

إن عشائر جليحة وعفك تمردت ولم تعط الرسوم الأميرية فأراد الوزير تأديبها فسير كتخداه بقوة كافية. خرج من بغداد في ٢٥ جمادى الثانية وذهب من طريق الجزيرة. ولما وصل نهر اليوسفية جاءه شيوخهم ومتميزوهم فألبسهم الخلع وقطع الميري على الطائفتين بمبلغ مائة وخمسين ألف قرش وأمر الرؤساء باستحصال المبالغ. وعلى هذا أذن لهم الكتخدا بالعودة ولكنه بقي في أطراف اليوسفية مدة فلم يرد إليه خبر ولا ظهرت علائم عن مجيئهم فعزم أن يهاجم عفكا وصار يضيق عليهم من أجل الميري فتيقن أن الحصول عليه غير ممكن ، وأن أراضيهم من كثرة المياه والأطيان والقرمات صعبة المرور. لذا ترك هؤلاء وتوجه نحو جليحة.

وهذه واقعة في جانب آخر من القرمات والأنهار وفيها من الموانع ما يصعب الوصول إليه وأنهم معتزون في أكبر الأهوار وأعمقها. تحصنوا بأماكن خاصة واتخذوا لهم (سيبايات) منيعة تمكنوا فيها ، فلم يلتفت الكتخدا لكل هذه المصاعب فسد بعض الأنهار واتخذ جسورا على القسم الآخر فاجتاز كل هذه الموانع وعبرها.

ولما قرب من مكانهم صال عليهم بمن معه من كل صوب وضيق عليهم ، أما هم فتأهبوا للقتال واشتعلت نيران الحرب وطال أمدها ، والعساكر لم تبق لهم تحملا للتنقل من مكان إلى آخر ولا وجدوا صبرا على المطاردات المتوالية والهجومات العديدة. ولذا أرسلوا ساداتهم للدخالة وطلبوا الأمان وتعهدوا بأداء الميري وعرضوا الطاعة.

وفي خلال بضعة أيام تمكنوا من جمع نصف الميري المطلوب منهم ، وأعطوا رهائن عن القسم الآخر فعفا عنهم الكتخدا وعاد الجيش. ولما وصل إلى منزل (حورية) أرسل رهائن جليحة إلى بغداد.

١٦٦

ومن هناك توجه الكتخدا إلى جهة (شط الحي) فأغار على السعيد من قبائل زبيد فانتهبها. ثم قفل راجعا من طريق العمارة والكوت إلى بغداد فدخلها في ١٠ شهر رمضان. ومدة سفره شهران وستة عشر يوما (١).

بابان :

كان عبد الرحمن باشا مشمولا بألطاف الوزير ولكنه انحرف فظهرت منه بعض الأطوار التي لم ترق كما تبين من حاله وقاله ومن القرائن.

وأيضا تحرك أخوه سليم بك بما يخالف الاستقامة المطلوبة فاغتاظ الوزير عليهما لذلك ألقى الوزير القبض على الباشا الموما إليه وحبسه وعزل أخاه من لواء كوى وحرير ووجهت إيالة بابان إلى محمد بك ابن محمود باشا آل تيمور برتبة (باشا) وخلع عليه وسير لمحل وظيفته.

وكذا جلب سليم بك وعهد بإيالته إلى إبراهيم باشا ونفي سليم بك مع عبد الرحمن باشا إلى الحلة وحبسا فيها (٢).

الطاعون في بغداد :

في ذي القعدة ظهرت آثار الطاعون في بغداد ، فعزم الوزير أن يقضي الربيع في أنحاء الخالص فذهب بأهله وأتباعه وحشمه فنصب خيامه في ميدان السلق. وكان من أمد بعيد معتلا (بوجع المفاصل). وفي هذه الأيام اشتد مرضه أكثر واختلت راحته لكنه مع كل هذا ذهب إلى جهة الخالص فكان مشغولا بنفسه.

__________________

(١) مطالع السعود ص ١٦٢ ودوحة الوزراء ص ٢١٦.

(٢) دوحة الوزراء ص ٢١٧ ومطالع السعود ص ١٦٣.

١٦٧

غارة الوهابية على كربلاء :

وفي هذه الأثناء ورد الخبر من شيخ المنتفق حمود الثامر أن سعود ابن الأمير عبد العزيز توجه إلى هذه الأنحاء بجموع كثيرة العدد والعديد. ولذا وجه الوزير كتخداه علي باشا إلى جهة الهندية ونزل في منزل الدورة مع جمع قليل. وكان في انتظار بعض القبائل لتوافيه. وبينما هم في هذه الحالة إذ فاجأ سعود كربلاء وتمكن من الدخول في المدينة فاغتنم الفرصة دون حيطة من أهل البلدة. فغنم منها أموالا كثيرة وانتهب أمتعة لا تحصى (١).

وفي عنوان المجد لابن بشر الحنبلي :

«إن سعودا سار ـ في سنة ١٢١٦ ه‍ ـ بالجيوش ... من حاضر نجد وباديها والجنوب والحجاز وتهامة وغير ذلك وقصد أرض كربلاء ونازل أهل بلد الحسين في ذي القعدة فحشد عليها قومه ، تسوروا جدرانها ودخلوها عنوة وقتلوا غالب أهلها في الأسواق والبيوت وهدموا القبة الموضوعة بزعم من اعتقد فيها على قبر الحسين. وأخذوا ما في القبة وما حولها وأخذوا النصيبة التي وضعوها على القبر وكانت مرصوفة بالزمرد والياقوت وأخذوا جميع ما وجدوا في البلد من أنواع الأموال والسلاح واللباس والفرش والذهب والفضة والمصاحف الثمينة وغير ذلك مما يعجز عنه الحصر ، ولم يلبثوا فيها إلا ضحوة وخرجوا منها قرب الظهر بجميع تلك الأموال وقتل من أهلها نحو ألفي رجل.

ثم إن سعودا ارتحل منها على الماء المعروف بالأبيض فجمع الغنائم وعزل أخماسها وقسم باقيها بين جيشه غنيمة للراجل سهم وللفارس سهمان. ثم ارتحل قافلا إلى وطنه» اه (٢).

__________________

(١) دوحة الوزراء ص ٢١٧.

(٢) عنوان المجد ج ١ ص ١٢٢.

١٦٨

وفي مطالع السعود : «صبّح أرض كربلاء تسوّر سور البلدة التي فيها مدفن الحسين (رض) ... فقتل عددا جمّا ، وجمع من المال جمعا لمّا ، وأجرى دم القتلى في الزقاق ... ثم ثنى عنان العود إلى نجد» اه ....

ولما وصل خبر ذلك إلى علي باشا توجه نحوهم بقصد الانتقام ولكنهم بعد أن حصلوا على الغنائم تركوا البلد وذهبوا إلى الأخيضر. وأن الباشا لبعض المقصد توقف في الحلة بضعة أيام. وعندئذ وصل سليم بك (صهر الوزير) متسلم البصرة المعزول بصحبة (عثمان طوبال أسير) فورد المنزل المذكور وتحرك من هناك فنزل الهندية وصار يراقب جميع الأنحاء.

ولما عرض محمد بك هذا الخبر على الوزير تأثر ، وأن الطاعون تحقق أثره وصار يتوفى كل يوم من ٦٠ إلى ٧٠ من المصابين وعرض القضية على الدولة كما وقعت وأخبر الشاه بما جرى. أما هو فبعد أن رتب الأمور ذهب إلى الخالص ونصب خيامه في أطراف الجديدة (ينگيچة). وأمر إبراهيم باشا متصرف بابان أن يذهب إلى علي باشا ليكون بصحبته. ومكث مدة في الخالص للاستراحة وكان الوزير يخشى من الوهابيين أن ينصرفوا إلى النجف فيقعوا فيه ما أوقعوا في كربلاء. ولذا راعى الحيطة في نقل الخزانة التي في النجف إلى الإمام موسى الكاظم (رض) وعهد بأمر ذلك إلى الحاج محمد سعيد بك الدفتري. فقام بما يجب وعاد إلى بغداد.

ولبث علي باشا في الهندية شهرين ونصف شهر. وبناء على أمر الوزير أبقى بيارق الخيالة في ذي الكفل (ع) والعقيليين في كربلاء وأبقى في النجف عسكر الموصل مع مقدار من العقيليين وبنى لكربلاء سورا منيعا واتخذ للحلة خندقا صعب الاجتياز. أمر بحفره ولزوم إنجازه وقفل

١٦٩

راجعا بمن بقي معه من الجيش إلى بغداد (١).

حوادث سنة ١٢١٧ ه‍ ـ ١٨٠٢ م

وفاة الوزير سليمان باشا :

كان الوزير مصابا بوجع المفاصل فلازمه نحو خمسين يوما فاشتد وانحطت قوته. ولما قارب درجة الاحتضار دعا إليه صهره الأكبر علي باشا الكتخدا وخازنه (داود آغا) وأصهاره الآخرين سليم آغا وكتخدا البوابين نصيف آغا فجعل علي باشا خلفا له ونصحه ببعض النصائح ونبه الباقين بلزوم الانقياد له ، وأن يعاضد الواحد الآخر.

وفي ٨ ربيع الآخر توفي وكان بقربه داود آغا ، وسليم بك ، ونصيف آغا. أما علي باشا فإنه خشي من تشوش الحالة فاتخذ ما يجب من الحيطة وتوقع الطوارىء فلم ير من المناسب أن يترك منصب الحكومة.

أما هؤلاء الثلاثة فإنهم حدث بينهم اختلاف في دفنه فمنهم من رأى أن يدفن في مدرسته ، ومنهم من أبدى لزوم دفنه في جوار الإمام الأعظم وأخيرا دعوا علي باشا فقر الرأي أن يدفن في مقبرة الإمام الأعظم. فدفن فيها.

مناقبه :

أطرى صاحب الدوحة أخلاقه ومزاياه وشاد بفضله إلى أن قال : «عامر الديار والأقطار ، وقامع الأشرار والفجار ، وماحي الظلم والفساد ، وحامي البلاد والعباد ، منبع الخير والحسنات ، ومعدن البر

__________________

(١) دوحة الوزراء ص ٢١٨ ومطالع السعود ص ١٦٣.

١٧٠

والصدقات ، العدل البر بالرعايا والرؤوف بهم ، الشجيع المهيب ، ذو الهمة والرأي السديد ، الحكم الخبير ، خلاصة كرائم الأخلاق والسجايا ، جامع محاسن الأوصاف والمزايا ... (إلى أن قال) :

إن حادثة وفاته ولدت ضجة أسى وحزن في كافة أنحاء العراق فكانت الفاجعة العظمى ، والمصاب الجلل ... فبكاه الكل وأسفوا لفقده ...» اه (١).

وهو من عتقاء محمد بك الدفتري الربيعي (٢). وأولاده الذكور : سعيد بك وصالح بك وصادق بك. وبناته إحداهن زوجة علي باشا الكتخدا والأخرى زوجة سليم بك تزوجت في حياة الوزير والاثنتان الباقيتان عقد عليهما في حياته إحداهما على داود آغا الخازن والأخرى على نصيف آغا كتخدا البوابين. وبعد وفاته تزوجا بهما.

وهذا الوزير من حين ولي بغداد مكن السلطة وحصرها بالمماليك وأزال التغلب. ولم يدع مجالا لتحكم إيران في العراق. وكان لأدنى سبب أو لمجرد تمكين السلطة للمماليك يسفك الدماء (٣).

كان يؤدي للدولة ألف كيس (٤) من النقود سنويا عدا الهدايا. ومع هذا كانت خزانة العراق مترعة من الذهب والفضة وأنواع الأمتعة والتحف والنوادر. وفي هذا العهد استولى على الدولة الضعف والفتور في أعمالها ، وصار التغلب بالغا حده. سيطر الينگچرية على المملكة

__________________

(١) دوحة الوزراء ص ٢١٩ ومثله في مطالع السعود ١٦٦.

(٢) مرآة الزوراء. ورأيت إعلاما لدى المرحوم مدحت الربيعي من شهوده الأستاذ أبو الثناء الآلوسي أثبت فيه آل الربيعي أن سليمان باشا من معتقيهم ، وأن داود باشا من معتقي سليمان باشا فأثبتوا أنهم موالي عتاقته.

(٣) تاريخ الكولات ص ٢١.

(٤) قال الأستاذ سليمان فائق. إن الكيس المذكور يساوي عشرة أكياس بالنظر لأيامه.

١٧١

وتحكموا. ولم يكن يؤمل أن تنال بغداد راحة مع بعدها عن العاصمة. وعاد هذا الوزير مجددا للحكومة في العراق.

وزاد صاحب المرآة أن الوزير في السنين الست الأخيرة من أيامه أخلد للراحة وركن إلى العمارة وسلك طريق الاعتدال. وجمع خزائن عظيمة ، وحصلت الطمأنينة الكاملة في جميع الجهات وعاش الأهلون برفاه ورغد عيش فبلغت الدرجة المطلوبة (١).

ومما قام به :

١ ـ عمّر سور بغداد الذي تضعضع بمرور الأيام وتهدم أكثره فرمم البعض وعمّر الباقي فأكمله جميعه.

٢ ـ اتخذ لجانب الكرخ سورا وخندقا.

٣ ـ بنى دار الحكومة (السراي) من جديد.

٤ ـ بنى المدرسة (السليمانية) واتخذ لها خزانة كتب.

٥ ـ عمّر جامع القبلانية. وجامع محمد الفضل واتخذ في كل منهما مدرسة.

٦ ـ عمّر جامع الخلفاء.

٧ ـ طلى رأس منارة الإمام الأعظم بالذهب.

٨ ـ اتخذ قصرا فخما باتصال بستان إيواز (العيوازية). وتسمى العيواضية أيضا.

٩ ـ بنى قناطر (دلي عباس) و (چمن) و (نارين) في سنة ١٢١٢ ه‍ و ١٢١٤ ه‍ (٢).

__________________

(١) دوحة الوزراء ص ٢١٨ ـ ٢٢٠ ومرآة الزوراء وتاريخ الكولات ص ٢١٩ ـ ٢١.

(٢) مجموعة السيد علي البندنيجي.

١٧٢

١٠ ـ بنى قلعة في كوت العمارة ومخازن للغلال في أنحاء بدرة وجسّان.

١١ ـ بنى سورا لمندلي.

١٢ ـ عمّر سور البصرة.

١٣ ـ عمّر سور الحلّة.

١٤ ـ أحدث سورا لماردين وبنى فيها أبنية عامرة محكمة.

١٥ ـ بنى قلعة قرب الموصل العتيقة (أسكى موصل) لتكون ملجأ للمارين والعابرين.

١٦ ـ عمّر في الصحراء من جهة ماردين في دمير قپو في المحل المسمى (چلاغة) عمارات مهمة ونافعة (١).

إن المؤرخين قصوا ذلك إلا أن المهم معرفة الخطة التي سلكها لإدارة هذا القطر وهذه كانت قاهرة قاسية ، فقضى على العناصر المناوئة له من المتغلبة ، ومحا السلطة العشائرية العربية والكردية ، وقوّى سلطة المماليك ، وجعل الإدارة خالصة لهم. وكان من أهم ما ركن إليه نهب العشائر والإمارات وسلبها ... وأعماله الخيرية كانت من أموال السلب لإرضاء الأهلين. والعراق لم ير سلطة قاهرة مثل هذه.

__________________

(١) الدوحة ص ٢٢٠.

١٧٣
١٧٤

علي باشا الكتخدا

قائممقاميته :

لما توفي سليمان باشا أجمعت الآراء على اختيار الكتخدا علي باشا (قائممقاما). اختاره أمراء الجيش والأعيان وآغا الينگچرية أحمد آغا وسائر متميزي الصنوف العسكرية. وكتبوا محضرا بذلك أرسلوه إلى استنبول ترشيحا له وطلبوا أن يعهد إليه بالوزارة ... وقام هو أيضا بشؤون المملكة داخلا وخارجا ، وصار يرقب الأمور ويراعي الحالة. وبذل كل ما استطاع.

شغب وتنافس :

وبينما هو يتوقع ورود الفرمان بوزارته صباح مساء إذ سولت لآغا الينگچرية أحمد آغا (١) نفسه أن يشوش الحالة توصلا لما كان يضمره ، وعلم أيضا من بعض القرائن أن سليم بك تتوق نفسه أن يكون صاحب الأمر. فاستطلع رأيه سرّا فوجد منه موافقة.

ولا يخلو الأمر من ركون آخرين إليهما. فالينگچرية توسلوا بفنون الحيل لإعداد ما يجب لإشعال نار الفتنة.

__________________

(١) هو جد بكر أفندي الكاتب والخطاط المعروف.

١٧٥

وأول ما قاموا به أن حذر أحمد آغا القائممقام من النتائج الوخيمة فيما لو أهمل التدبير. فأذن له أن يتولى ذلك وكان أمينا منه ، بل رأى ذلك حسن تدبير منه. ولذا جمّع هذا جمعا كبيرا من أعوانه ورجاله من الصنوف العسكرية الذين اعتمد عليهم وشحن بهم القلعة وأحكم ضبطها وغلق أبواب السور وقطع الجسر وشاغب بجماعته في الميدان فأفشى مكنون سره وأوعز إلى جماعة أن يقوموا بما يلزم لتوليد الاضطراب فقاموا وضجوا في البلد.

وتحقيقا لإيقاد نار الفتنة ضرب السراي بالقنابل فكان دويّ المدافع أحدث ولولة في الناس أكثر فاحتشدت الجموع في الطرق والأزقة والشوارع وصارت الحالة منذرة بالخطر ، فلا تسمع سوى نداء الناس (النفير! النفير! ، والبدار! البدار).

ولما اطلّع الباشا على حقيقة الوقعة وأن القائم بها أحمد آغا أرسل إليه من هو بمثابة وكيل الكتخدا أعني خالد آغا فتكلم معه وسأله عن سبب قيامه بعد العهد فحاول إرجاعه عن رأيه فكان ذلك عبثا.

وحينئذ اتخذ الباشا المتاريس للمقاومة والدفاع إذ لم ير أملا في المفاوضة وانقطع حبل رجائه. وفي كل هذا لم تظهر نوايا سليم بك. ولهذا اتخذ متاريس قرب مرقد (گنج عثمان) وقرب جامع الوزير وقرب مرقد الشيخ أبي النجيب السهروردي بواسطة أخيه أحمد آغا. وكلها حول دار الحكومة وبقرب منها ، وزاولوا مقتضيات الحصار وحصلت المناوشات من الجانبين ، فلا تسمع غير أصوات الطلقات ودويّ المدافع. دام القتال بشدة وهول من الصبح إلى وقت العصر ، فاضطرب الأهلون كثيرا وجرى سلب ونهب وكسر دكاكين وغارة على بيوت.

كثر القتل وسفك الدماء وزاد البغي ، وحينئذ رأى الباشا أنه المقصود بالذات ، وأن الخطر سيتفاقم على الأهلين أكثر وأن الفتنة

١٧٦

سوف لا ينقضي أمدها بدوام الحالة وأن كانت الهجومات المتوالية على المتاريس تصد ببسالة وشجاعة. والصحيح أنه شعر بالضعف فلم يشأ أن يستمر فكف يده وتنحى عن الأمر وقال : إذا كنت أنا المقصود فإني انفض يدي ولا لزوم للنضال ، وأرسل خبرا بذلك إلى آغا الينگچرية ليأمن على حياته. وعلى هذا بعث الآغا من جانبه حسين آغا الكوسة ومن على شاكلته من الثوار فأقسموا له وأمنوه فاعتمد على ذلك وأقام في منزله منسحبا عن الإدارة.

ثم إن الثوار اختاروا سليم بك صهر الوزير السابق بدلا من سعيد بك ابن سليمان باشا وقرّ الرأي على هذا فأجلس على منصة الإدارة بصفة (قائممقام). وحينئذ أمر هذا بإطلاق سراح عبد الرحمن باشا متصرف بابان السابق وأخيه سليم بك من الحلة وجلبهما إلى بغداد وأشركهما في أموره فصارا عونا له.

أما الآغا المرقوم فقد كانت له آمال خفية ولم يكن رأيه في حقيقة الأمر مصروفا إلى سليم بك الصهر وأن ينال المنصب فحسب وإنما كان عمله هذا تأمينا لغرض آخر يدور في ذهنه ، وذلك أنه حين ورود عبد الرحمن باشا مع أخيه سليم بك إلى بغداد لم يكتف أن يقيم علي باشا في داره بل تسهيلا لنواياه بيّن أن علي باشا ما دام في داره لا يستريح الخلق ولا ينالون أمنا ، وأبدى أن الأولى أن يخرج ويسكن في دار عبد الله باشا وأرسل إليه نصيف آغا وألح في الطلب. ونادى المنادون أيضا أن لا يبقى عثمانيون في دار الحكومة ومن خالف فسوف يعرض نفسه للخطر والعقوبة الصارمة.

أما علي باشا فإنه بقي في داره إلى ما بعد المغرب ثم خرج وعبر في زورق إلى جانب الكرخ وحينئذ علم الناس طوية الآغا وما يكتمه في مكنون سره فحصل هيجان وثار الناس مع سائر الصنوف العسكرية إلى

١٧٧

جانب الرصافة إلا أن الجسر قطع ومع هذا عبروا بالسفن والقفف ليلا وهاجموا الميدان.

أما أعوان علي باشا من العثمانيين فإنهم اختفوا في منازلهم فلما رأوا الحالة أبدوا ميولهم نحو علي باشا ورجعوا إليه. وفي تلك الليلة بادروا إلى الميدان فضبطوا السراي والميدان. وحينئذ تشتت المجتمعون في القلعة حتى أنه لم يبق فيها سوى عبد الرحمن باشا وأخيه سليم بك مع بعض أعوانهم فحاصروا فيها وثبتوا إلى الصباح. وفي الفجر رموا بأنفسهم من باب الحديد إلى الخارج وذهب عبد الرحمن باشا وأخوه سليم إلى الأعظمية واختفيا وأما سليم الصهر فإنه توجه إلى الموصل وآغا الينگچرية فرّ إلى محل مجهول.

وبهذه الصورة استولى أتباع علي باشا على القلعة الداخلية. وعندئذ أحضر علي باشا راكبا زورقا وجاء ضحى إلى منصبه ، وعين آغا للينگچرية سعد آغا الذي هو رئيس عسس وأحيل إليه أمر إلقاء القبض على من ركن إلى الآغا الفار ، وأن يتحرى عنه ، وأمر بعض رجاله أن يلقي القبض على عبد الرحمن باشا وأخيه فجيء بهما من الأعظمية.

وكان علي باشا أمر بقتل عبد الرحمن باشا وإبقاء سليم بك ولكن أبدى كل من خالد بك وكيل الكتخدا ومحمد بك الشاوي المحاذير من قتله ، وأن بقاءه نافع أكثر. ولذا عفا عنه وأعطي لسليم بك مقاطعة تكريت وأرسل إليها. وعلى الأثر أعيد ونفي إلى البصرة وعقب ذلك أوعز أن يقتل فقتل.

وقبض على أحمد آغا رئيس الينگچرية سابقا وعلى كل من حسين آغا الكوسة وباش أسكي إبراهيم وصالح آغا ابن القيومچي وچاوش أوسطة وأعوان القصبه جي وغيرهم. فأحضروا بذل وهوان ونالوا جزاء

١٧٨

أعمالهم أي قتلوا (١). وبعد ذلك نادى المنادون بالعفو عن عامة الأهلين إزالة لآثار النفرة والوحشة وأن تسكن الحالة وتهدأ.

وزارة علي باشا

توجيه إيالة بغداد والبصرة وشهرزور :

إن الدولة لم تشأ أن توجه هذا المنصب إلى أحد المماليك إلا قسرا ونظرا لظروف خاصة ، ولكنها في كل أحوالها لم تجد مجالا للتسلط على الإدارة رأسا ، وأن أحوال علي باشا لم ترض لا سيما وقد ألحق ماردين بالعراق مع أنها داخلة في ديار بكر ، وتمكن أن يجعل ولاة الموصل تابعين له ، وأكسب ولاة بغداد شكلا ثابتا ، فكانت متذمرة من سيرته مذ كان كتخدا بغداد.

وفي عزمها أن تحول إدارة العراق إلى الشكل المرغوب فيه ولكن الحوادث لم تمهلها ، وأن روسية كانت عازمة على الاستيلاء على ممالكها فكانت تظهر تعندا بين آونة وأخرى لقهرها ولا تزال إلى أيام قائممقامية علي باشا تظهر الخصام وتفتح أبواب الجدال استفادة من سنوح الفرصة كما إن حكومة النمسة لم تخل في وقت من اكتساح قسم من الممالك العثمانية بالاتفاق مع روسية. ومما زاد الطين بلة ظهور نابليون بونابارت وقيامه بما قام به بحيث بدل خارطة أوروبا وحول في النظامات الملكية والعسكرية في الدولة.

هذه الأحوال دعت إلى أن يطرأ في الدولة خلل فصرفت نواياها عن تطبيق فكرتها في العراق. وعلى هذا ولما توفي سليمان باشا قدم الأهلون المحضر للدولة في طلب التوجيه إلى الكتخدا السابق علي باشا

__________________

(١) مطالع السعود ص ١٦٧. ودوحة الوزراء ص ٢٢٣.

١٧٩

فعزم. رجال الدولة أن يوجهوا الإيالة إلى علي باشا حذرا من وقوع ما لا تحمد عقباه ، إذ إن العراق مجاور للحدود الإيرانية ، وأنه موطن العشائر ، ففي حدوث تبدل كهذا يتخذ أرباب الشغب الوسيلة. وإثر ذلك ورد خبر الاضطراب في بغداد بالوجه المبسوط فاضطرت الدولة إلى تأخير إصدار المنشور حتى تتوضح النتائج بأن تعلم ما يصل إليه النزاع وحاذرت من التسرع فاكتفت بتوجيه (القائممقامية) إلى علي باشا فحسب.

ولما ورد الأمر كانت تحسنت الأوضاع وعاد النظام وقويت يد علي باشا وبعد ذلك ورد أمر بالتحري عن مخلفات سليمان باشا. وبهذه الوسيلة تراخت الدولة في قضية التوجيه مدة ثلاثة أشهر أو أربعة بصورة لا تحس.

وفي هذه الحالة تابع علي باشا أوامر الدولة وأرضى أمناءها في تنفيذ أوامر السلطان وأتباع المرسوم ، ومن ثم أسند إليه منصب الوزارة وجاءه المنشور فحصل على مرامه في ١٧ شهر رمضان هذه السنة وقرىء الفرمان باحتفال ، وحينئذ تمكن على سرير الوزارة وشرع في إدارة شؤونها.

سفر الوزير إلى بلباس :

إن عشائر بلباس من الأكراد المقيمين في شنو ولاهجان زادت شرورها وتمادى عتوها خصوصا أن قسما منها سلب راحة تلك الجهات من حدود إيران في أطراف صاوق بولاق ومراغة وأورمية ، فقطعوا السبل وأوقعوا خسارات وأضرارا كبيرة.

ولذا كان الشاه يكاتب الحكومة متواليا يتضجر من سوء عملها. ولو بقيت هذه الحالة لأدت إلى انهدام صرح الصداقة بين إيران والعراق ، كما أن العشائر المذكورة في موسم الربيع تنزل ناحية كوى

١٨٠