عمدة عيون صحاح الأخبار في مناقب إمام الأبرار

شمس الدين يحيى بن الحسن الأسدي الربعي الحلّي [ الحافظ ابن البطريق ]

عمدة عيون صحاح الأخبار في مناقب إمام الأبرار

المؤلف:

شمس الدين يحيى بن الحسن الأسدي الربعي الحلّي [ الحافظ ابن البطريق ]


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤٨٣

ذلك ، ففتح الله عليه (١).

٥٠٦ ـ ومن كتاب الفردوس لابن شيروية الديلمى في قافية الواو ، باسناده قال : عن ابى سعيد الخدرى ، عن النبي صلى الله عليه وآله : (وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ) (٢) عن ولاية علي بن أبي طالب عليه السلام (٣).

قال يحيى بن الحسن : اعلم ان هذا الفصل قد جمع اشياء في فنون شتى من مناقبه ، كلها يوجب لامير المؤمنين عليه السلام السيادة واتباع الامة والاقتداء به ، منها : قوله صلى الله عليه وآله انا مدينة العلم وعلى بابها ، فمن اراد المدينة فليأت الباب ، وكذلك قوله صلى الله عليه وآله : انا دار الحكمة ، وكذلك قوله صلى الله عليه وآله انا مدينة الجنة ، وقد قدمنا فضل العالم على من ليس بعالم ، وان الله قد ميز العالم على من ليس بعالم ، وان الله تعالى قد اوجب اتباع من يهدى إلى الحق وهو احق بالاتباع من غيره ، وليس ذلك الا لتفضيل العالم على من ليس كذلك فقد وجبت له السيادة ووجب اتباعه ، وقد استوفينا ذلك فيما مضى ، فلا وجه لاعادته.

ومنها قوله صلى الله عليه وآله : «مثل على في هذه الامة مثل قل هو الله احد في القرآن» ، وهذا ايضا مما يوجب تعظيم امره لان قل هو الله احد ثلث القرآن بما قد وردت به الاخبار فباى سورة عارضتها فضلت عليها قل هو الله احد باضعاف كثيرة.

وكذلك امير المؤمنين عليه السلام فمن عارضه من خلق الله تعالى من الامة فضل عليه بما لا يحصى ، وإذا ثبت له ذلك كثبوته في هذه السورة ، وجب الاقتداء به دون غيره.

ومنها قوله صلى الله عليه وآله : لولاك ما عرف المؤمنون من بعدى ، فقد جعل ولائه في هذا الخبر مقام كل عمل يعمله الانسان ، ولو كان قد اتى احد بجميع ما يأتي به المؤمن ، من الافعال الصالحة ، ولم يأت بولاية على عليه السلام لما كان مؤمنا ، ولا ثبت له قدم في

__________________

(١) وجدنا هذا الحديث في كنز العمال الجزء العاشر ص ٣٩٩ ـ المطبوع في حلب سنة ١٣٩١ ه‍.

(٢) الصافات : ٢٤.

(٣) غاية المرام ص ٢٥٩ نقلا عن كتاب الفردوس للديلمي.

٣٠١

الايمان ، وقد تقدم له نظائر ، وهذا مما لا يماثل فيه ولا يشابه وهو من خصائص الائمة ، وبه وجب اقتداء الامة لان من لا تثبت الاعمال الا بولائه كان الاتباع له الزم ، والاقتداء به اسلم.

ومنها قوله صلى الله عليه وآله : مثل على في هذه الامة كمثل الكعبة ، النظر إليها عبادة والحج إليها فريضة ، وهذا ايضا مما اوجب فرض ولائه كما وجب فرض الحج ، وولائه الزم لان الحج في العمر مرة وهو من افعال الجوارح ، وهذا من افعال القلوب وهو واجب مضيق لا يسع الاخلال به في حال من الاحوال.

ويدل على صحة هذا التأويل ما قدمناه في الفصل الذي قبله من قول ابن عباس عند موته : اللهم انى اتقرب اليك بولاية علي بن أبي طالب عليه السلام ، واهملنا الكلام سهوا ، وهذا القول من ابن عباس من ادل دليل على ان الميت يسئل عن معرفة الله تعالى ومعرفة النبي صلى الله عليه وآله وولاء امير المؤمنين على عليه السلام ، لانه قد ثبت عند من يعلم ومن لا يعلم ان منكرا ونكيرا ومبشرا وبشيرا ليسألان الميت عند نزول قبره : عن ربه ونبيه وامامه ، وهذا من ادل دليل على سؤال الملائكة عن ولاية امير المؤمنين عليه السلام ، ولولا ذلك لما جعل ابن عباس خاتمة عمله ، لانه كان اعلم اصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله بعد امير المؤمنين على عليه السلام بلا خلاف (١).

وقد كان يقول له امير المؤمنين عليه السلام دائما : انت كنيف (٢) مملو علما ، ولو لم يتحقق في ذلك حالا (٣) من النبي صلى الله عليه وآله لما كان قد جعل غاية تقربه إلى الله ـ وهو اخر كلام يكتب له : ولاية علي بن أبي طالب عليه السلام.

ولو لم يعلم ان فيها النجاة لما جعلها آخر عمله ، وهذا مما يوجب على كافة

__________________

(١) راجع الطبقات الكبرى لابن سعد الجزء الثاني ص ٣٦٥ ـ ٣٧٢.

(٢) الكنف : الوعا «الذي يضع الرجل فيه اداته» ، وتصغيره على جهة المدح له ـ لسان العرب.

(٣) والظاهر ان يكون هكذا : ولو لم يتحقق في ذلك ، مقال من النبي «ص» ....

٣٠٢

خلق الله تعالى ان يأتوا بمثل ما اتى به ابن عم رسول الله صلى الله عليه وآله واعلمهم.

ومنها قوله صلى الله عليه وآله : لا يدخل الجنة الا من جاء بجواز من علي بن أبي طالب عليه السلام وهذا ايضا من اعظم الواجبات قدرا ، لان من لا يقدر احد يدخل الجنة الا بجوازه ولا يقدر احد على شرب ماء الحوض الا به فقد صارت الحاجة إلى ولايته ادعى والاعتماد على النجاة به ارعى ، وشاهد الحال في ذلك ابين من شاهد الاستدلال.

ومنها قوله صلى الله عليه وآله : اللهم ادر الحق مع على حيث دار ، وسؤال رسول الله صلى الله عليه وآله مجاب ، ومع اجابة هذا السؤال وجب الاقتداء به دون غيره لان الواجب على الامة كافة ، اتباع من كان على الحق ولو من طريق واحد ، فكيف بمن دار الحق معه حيث دار ، فهذا غاية الامر والتنبيه على اتباعه.

ومنها قوله صلى الله عليه وآله : انه حبل الله تعالى ، وهذا انما اخرنا الكلام فيه ليكون مصدقا لما تقدم من الاخبار ، وإذا جعله الله تعالى حبله ، ثم أمر أمرا واجبا بالاعتصام به ونهى عن التفرق عنه فهذا مفلج كل حجة ومنهج كل محجة ، وكيف لا يكون ذلك كذلك وخالق الخلق عرفه ان ولاءه طريق الحق ، فمن اعتصم بحبل الله نجا ومن لم يعتصم بحبل الله تعالى ، فقد ايقن انه على غير النجاة.

ومنها قوله تعالى : (وَصالِحُ الْمُؤْمِنِينَ) والصالح احق ان يقتدى به لموضع الامن بالنجاة لمتبعه لموضع قول الله تعالى : (أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لا يَهِدِّي إِلاَّ أَنْ يُهْدى فَما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ) (١) فقد جعل سبحانه وتعالى حكمه ذلك إليه ، ووبخ من لم يحكم بذلك بقوله تعالى : (فَما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ) وهذا غاية في التنويه بذكره والاقتداء به.

ومنها قوله تعالى : (فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) (٢) وهذا ايضا غاية في الامر باتباعه لموضع الامر بسؤاله وبجعله تعالى اهل الذكر والذكر هو القرآن وهو اهله بنص كتاب الله تعالى فوجب اتباعه واتباع ذريته لموضع الامر بسؤالهم.

__________________

(١) يونس : ٣٥.

(٢) النحل : ٤٣.

٣٠٣

ومن جعل الله سبحانه مرجع الامة إليه في سؤاله ، فقد جعل مرجعها إليه في اتباعه.

ومنها قوله تعالى : (وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ) (١) ومن قال الله تعالى : ان عنده علم الكتاب ، وعلم الكتاب : هو البيان للحلال والحرام ، وإذا كان اعلم بما حل وحرم فقد صارت حاجة الامة إليه امس في الاتباع واخص في الانتجاع لموضع طريق النجاة من الضلال ، وسلوك المحجة بغير اعتدال (٢).

وهذا ايضا من اوجب الامر بطاعته والزم في القول بوجوب رئاسته وقد تقدم لهذا الكلام نظائر فلا حاجة إلى الاطالة فيه اكثر من هذا.

[قال :] مهيار الديلمى :

بالقرب منك يهون عندي منهم

من كان بي برا فأصبح جافيا

وبزعمهم لأسيرنها شردا

ولأتبعن منها بديا تاليا

غرا قدمن الجبال معانيا

فيها والتقط النجوم قوافيا (٣)

الفصل السادس والثلاثون

في فنون شتى من مناقبة عليه‌السلام

منها : قوله سبحانه وتعالى : (إِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً) (٤).

ومنها قوله تعالى : (هَلْ أَتى عَلَى الْإِنْسانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ) (٥).

ومنها قوله تعالى : (الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ سِرًّا وَعَلانِيَةً) (٦).

__________________

(١) الرعد : ٤٣.

(٢) وفى نسخة : بغير اعتلال.

(٣) لاحظ ديوان مهيار الديلمى ج ٢ ص ٢٠٢.

(٤) الاحزاب ٥٦.

(٥) الانسان : ١.

(٦) البقره : ٢٧٤.

٣٠٤

ومنها : قوله تعالى : (طُوبى لَهُمْ وَحُسْنُ مَآبٍ) (١).

ومنها قوله تعالى : (يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ) (٢).

ومنها قوله تعالى : (وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَلْقَوْهُ) (٣).

ومنها قوله تعالى : (أَفَمَنْ كانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كانَ فاسِقاً لا يَسْتَوُونَ) (٤).

ومنها قوله تعالى : (وَالَّذِي جاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ) (٥).

ومنها قوله تعالى : (أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلى ما آتاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ) (٦).

ومنها قوله تعالى : (وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ) (٧).

ومنها قوله تعالى : (فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ فَإِنَّا مِنْهُمْ مُنْتَقِمُونَ) (٨).

ومنها قوله تعالى : (هذانِ خَصْمانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ) (٩).

ومنها قوله تعالى : (وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيها حُسْناً) (١٠).

ومنها قوله تعالى : (مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكاةٍ فِيها مِصْباحٌ) (١١).

ومنها قوله تعالى : (إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً) (١٢). ومنها : من الاخبار قوله صلى الله عليه وآله لعلى عليه السلام : هذا وليى ، وانا وليه. ومنها : قوله صلى الله عليه وآله : اتانى جبرئيل عليه السلام فقال : تختموا بالعقيق (١٣). ومنها : قوله صلى الله عليه وآله : قسمت الحكمة عشرة اجزاء ، واعطى على تسعة اجزاء. ومنها : قوله صلى الله عليه وآله وسلم : يدخل الجنة من امتى سبعون الفا لا حساب عليهم.

__________________

(١) الرعد : ٢٩.

(٢) الاسراء : ٧١.

(٣) آل عمران : ١٤٣.

(٤) السجدة : ١٨.

(٥) الزمر : ٣٣.

(٦) النساء : ٥٤.

(٧) الاعراف : ١٧٢.

(٨) الزخرف : ٤١.

(٩) الحج : ١٩.

(١٠) الشورى : ٢٣.

(١١) النور : ٣٥.

(١٢) البقره : ١٢٤.

(١٣) سيأتي ما يناسبه.

٣٠٥

ومنها : قوله صلى الله عليه وآله : من صلى على محمد وآل محمد مائة مرة.

ومنها : قوله صلى الله عليه وآله : يا علي ان شيعتنا يخرجون من قبورهم يوم القيامة ، الخبر بتمامه.

ومنها : قوله : يا على لوان امتى صاموا حتى يكونوا كالحنايا (١) ، وصلوا حتى يكونوا كالاوتار.

ومنها : قوله صلى الله عليه وآله : احب اخواني إلى علي بن أبي طالب (ع).

ومنها : قوله صلى الله عليه وآله : من يغسل جرح رسول الله صلى الله عليه وآله يوم احد.

منها : قوله صلى الله عليه وآله : اللهم لا تمتنى حتى ترينى عليا.

ومنها : قوله صلى الله عليه وآله : انتجاء (٢) النبي صلى الله عليه وآله لعلى (ع) يوم الطائف.

ومنها : قوله صلى الله عليه وآله : ان ملكى علي بن أبي طالب ليفتخران.

ومنها : قوله صلى الله عليه وآله : مثل اهل بتى فيكم مثل سفينة نوح.

ومنها : قوله صلى الله عليه وآله : ان عليا يزهر في الجنة.

ومنها : قوله صلى الله عليه وآله : لعن الله من من انتمى إلى غير ابيه أو توالى غير مواليه.

ومنها : قوله صلى الله عليه وآله : خيركم خيركم لاهلي بعدى.

ومنها : قوله صلى الله عليه وآله : سلام عليك يا ابا الريحانتين.

ومنها : قوله : ان امير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام كان كاتب المقاضاة بين رسول الله واهل مكة يوم الحديبية.

ومنها : قوله صلى الله عليه وآله امان لاهل السماء واهل بيتى امان لاهل الارض.

ومنها : رسالة امير المؤمنين عليه السلام إلى طلحة والزبير يوم الجمل.

ومنها : قوله تعالى : (إِخْواناً عَلى سُرُرٍ مُتَقابِلِينَ) (٣).

__________________

(١) الحنايا جمع حنية أو «حنى» وهما القوس. لسان العرب.

(٢) من النجوى وسياتى بيانه.

(٣) الحجر : ٤٧.

٣٠٦

ومنها : خطبة الحسن عليه السلام.

ومنها : قوله تعالى : (تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ) (١).

ومنها : صلى الله عليه وآله : مثل على في هذه الامة مثل الوالد.

ومنها : ذكر اهل العقبة والمنافقين وحديث البساط وفنون شتى لم نذكرها في عقد الفصل.

٥٠٧ ـ من مسند ابن حنبل وبالاسناد المقدم قال : حدثنا عبد الله بن احمد بن حنبل ، قال : حدثنى ابى ، قال : حدثنى وكيع ، عن سفيان ، عن جعفر بن محمد ، عن ابيه ، عن على بن الحسين قال : حدثنى ابن عباس قال : ارسلني على عليه السلام إلى طلحة والزبير يوم الجمل قال : فقلت لهما : ان اخاكما يقرئكما السلام ويقول لكما : هل وجدتما على حيفا في حكم أو في استئثار فيئ ، أو في كذا؟ قال : فقال الزبير : لا ، ولا في واحدة منها ولكن مع الخوف شدة المطامع (٢).

٥٠٨ ـ وبالاسناد المقدم قال : حدثنا عبد الله بن احمد بن حنبل ، قال : حدثنى ابى ، قال : حدثنى سفيان ، عن ابى موسى الجهنى ، عن الحسن ، عن على عليه السلام قال : فينا والله نزلت : (وَنَزَعْنا ما فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْواناً عَلى سُرُرٍ مُتَقابِلِينَ) (٣) (٤).

٥٠٩ ـ وبالاسناد المقدم قال : حدثنا عبد الله بن احمد بن حنبل ، قال : حدثنى ابى ، قال : حدثنا وكيع ، قال : حدثنا شريك ، عن عاصم ، عن ابى رزين قال : خطبنا الحسن بن على عليه السلام بعد وفاة على عليهما السلام وعليه عمامة سوداء فقال : لقد فارقكم بالامس رجل لم يسبقه الاولون بعلم ، ولا يدركه الاخرون (٥).

__________________

(١) القصص : ٨٣.

(٢) فضائل الصحابة لاحمد بن حنبل ج ٢ ص ٥٩٦ ـ ح ١٠١٥.

(٣) الحجر : ٤٧.

(٤) فضائل الصحابة لاحمد بن حنبل ج ٢ ص ٥٩٧ ـ ح ١٠١٨.

(٥) فضائل الصحابة لاحمد بن حنبل ج ٢ ص ٦٠٠ ـ ح ١٠٢٦.

٣٠٧

٥١٠ ـ وبالاسناد المقدم قال : حدثنا عبد الله بن احمد بن حنبل ، عن ابيه قال : وفيما كتب الينا محمد بن عبد الله الحضرمي : يذكر ان يوسف بن نفيس حدثهم قال : حدثنا عبد الملك بن هارون ، عن ابن عنترة ، عن ابيه ، عن جده ، عن علي بن أبي طالب عليه السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : النجوم امان لاهل السماء إذا ذهبت النجوم ذهبوا ، وأهل بيتى امان لاهل الارض فإذا ذهب اهل بيتى ذهب اهل الارض (١).

٥١١ ـ وبالاسناد المقدم قال : حدثنا عبد الله بن احمد بن حنبل ، قال : حدثنا أبو اسحاق : ابراهيم بن عبد الله بن ايوب المخرمى املاء من كتابه قال : : حدثنا صالح بن مالك ، قال : حدثنا عبد الغفور ، قال : حدثنا أبو هاشم الرماني ، عن زاذان قال : رأيت عليا عليه السلام يمسك الشسوع بيده ثم يمر في الاسواق ، فيناول الرجل الشسع ويرشد الضال ويعين الحمال على الحمولة وهو يقرأ هذه الاية : (تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُها لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلا فَساداً وَالْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ) (٢).

ثم يقول : هذه الاية انزلت في الولاة وذوى القدرة من الناس (٣).

٥١٢ ـ وبالاسناد المقدم قال : حدثنا عبد الله بن احمد بن حنبل ، قال : حدثنا محمد بن يونس ، قال : حدثنا حماد بن عيسى الجهنى ، قال : حدثنا جعفر بن محمد عن ابيه ، عن جابر بن عبد الله الانصاري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله لعلى بن ابى طالب عليه السلام : سلام عليك يا ابا الريحانتين من الدنيا ، فعن قليل يذهب ركناك ، والله خليفتي عليك ، فلما قبض رسول الله صلى الله عليه وآله قال على عليه السلام : هذا احد الركنين الذي قال رسول الله صلى الله عليه وآله ، فلما ماتت فاطمة عليها السلام قال هذا الركن الاخر الذي قال رسول الله صلى الله عليه وآله (٤).

__________________

(١) فضائل الصحابة لاحمد بن حنبل ج ٢ ص ٦٧١ ـ ح ١١٤٥.

(٢) القصص : ٨٣.

(٣) فضائل الصحابة لاحمد بن حنبل ج ٢ ص ٦٢٢ ـ ح ١٠٦٤.

(٤) فضائل الصحابة لاحمد بن حنبل ج ٢ ص ٦٢٣ ـ ح ١٠٦٧.

٣٠٨

٥١٣ ـ ومن صحيح البخاري في الجزء الرابع منه في الكراس الرابع منه وكان الجزء تسعة كراريس ، فهى اوفى من ثلثه ، وبالاسناد المقدم قال : حدثنا قيس بن حفص وموسى بن اسماعيل قالا : حدثنا عبد الواحد بن زياد ، قال : حدثنا أبو فروة : مسلم بن سالم الهمداني ، حدثنى عبد الله بن عيسى انه سمع عبد الرحمان بن ابى ليلى قال : لقيني كعب بن عجرة فقال : الا اهدى لك هدية سمعتها من النبي صلى الله عليه وآله؟ فقلت : بلى ، فاهدها لى ، فقال : سالنا رسول الله صلى الله عليه وآله فقلنا : يا رسول الله ، كيف الصلاة عليكم اهل البيت؟ فان الله قد علمنا كيف نسلم عليكم.

قال : قولوا : اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على ابراهيم وعلى آل ابراهيم ، انك حميد مجيد ، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على ابراهيم وعلى آل ابراهيم ، انك حميد مجيد (١).

٥١٤ ـ ومن صحيح البخاري ايضا في الجزء السادس في اول كراس من اوله وبالاسناد المقدم قال : حدثنى سعد بن يحيى ، قال : حدثنا ابى ، قال : حدثنا مسعر ، عن الحكم ، عن ابى ليلى ، عن كعب بن عجرة : قيل : يا رسول الله اما السلام عليك فقد عرفناه فكيف الصلاة؟ قال : قولوا : اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على آل ابراهيم ، انك حميد مجيد ، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على آل ابراهيم ، انك حميد مجيد (٢).

٥١٥ ـ وبالاسناد المقدم قال : حدثنا عبد الله بن يوسف ، قال : حدثنا الليث ، قال : حدثنا ابن الهاد ، عن عبد الله بن خباب ، عن ابى سعيد الخدرى (رض) قال : قلنا : يا رسول الله هذا التسليم ، فكيف نصلى عليك؟ قال : قولوا : اللهم صل على محمد عبدك ورسولك ، كما صليت على آل ابراهيم ، وبارك على محمد وعلى آل محمد ، كما باركت على ابراهيم (٣).

__________________

(١) صحيح البخاري الجزء الرابع كتاب بدء الخلق ص ١٤٦.

(٢) صحيح البخاري الجزء السادس كتاب التفسير ص ١٢٠.

(٣) صحيح البخاري الجزء السادس كتاب التفسير ص ١٢١.

٣٠٩

٥١٦ ـ وبالاسناد المقدم قال : حدثنا ابراهيم بن حمزة ، قال : حدثنا ابن ابى حازم والدراوردى ، عن يزيد وقال : كما صليت على ابراهيم (١).

وقال أبو صالح ، عن الليث : على محمد وعلى آل محمد كما باركت على آل ابراهيم (٢).

٥١٧ ـ ومن صحيح مسلم في الجزء الرابع في اوسطه ، وبالاسناد المقدم قال بالطريق المقدم للخبر المقدم من صحيح البخاري قال : قلنا : يا رسول الله اما السلاك عليك فقد عرفناه ، فكيف الصلاة عليك؟ فقال صلى الله عليه وآله : قولوا : اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على ابراهيم وآل ابراهيم (٣).

٥١٨ ـ ومن تفسير الثعلبي في قوله تعالى : (إِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِ) (٤) وبالاسناد المقدم قال : اخبرنا عبد الله بن حامد ، اخبرنا المظفرى ، حدثنا على بن حرب ، حدثنا ابن فضيل ، حدثنا يزيد بن ابى زياد ، قال : حدثنا أبو الحسن بن ابى الفضل العبدرى ، حدثنا اسماعيل بن محمد الصفار ، حدثنا الحسن بن عرفة ، حدثنا هشيم بن بشير ، عن يزيد بن ابى زياد ، عن عبد الرحمان بن ابى ليلى ، حدثنى كعب بن عجرة قال : لما نزلت : (إِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِ) الاية.

فقلنا : يا رسول الله قد علمنا السلام عليك ، فكيف الصلاة عليك؟ قال : قولوا : اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على ابراهيم وعلى آل ابراهيم ، انك حميد مجيد ، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على ابراهيم ، وعلى آل ابراهيم ، انك حميد مجيد (٥).

__________________

(١) صحيح البخاري الجزء السادس كتاب التفسير ص ١٢١.

(٢) صحيح البخاري الجزء السادس كتاب التفسير ص ١٢١.

(٣) صحيح المسلم الجزء الثاني ص ١٦ كتاب الصلاة ـ باب الصلاة على النبي بعد التشهد.

(٤) الاحزاب : ٥٦.

(٥) غاية المرام ص ٣١٠ نقلا عن الثعلبي في تفسيره.

٣١٠

٥١٩ ـ ومن صحيح البخاري من الجزء الخامس في آخر كراسة منه في قوله تعالى : (هذانِ خَصْمانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ) (١) وبالاسناد المقدم قال : حدثنا حجاج بن منهال ، قال : حدثنا معمر بن سليمان قال : سمعت ابى يقول : حدثنا أبو مجلز ، عن قيس بن عباد ، عن علي بن أبي طالب عليه السلام قال : انا اول من يجبثو بين يدى الرحمان للخصومة يوم القيامة (٢).

قال قيس : وفيهم نزلت (هذانِ خَصْمانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ) قال : هم الذين بارزوا يوم بدر : على عليه السلام وحمزة وعبيدة وشيبة بن ربيعة وعتبة بن ربيعة والوليد بن عتبة (٣).

٥٢٠ ـ ومن تفسير الثعلبي قوله تعالى : (هذانِ خَصْمانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ) وبالاسناد المقدم قال الثعلبي : اختلف المفسرون في هذين الخصمين من هما؟ فروى قيس بن عباد : ان اباذر الغفاري «رضى الله عنه» كان يقسم بالله تعالى : نزلت هذه الاية في ستة نفر من قريش تبارزوا يوم بدر : علي بن أبي طالب عليه السلام وحمزة بن عبد المطلب وعبيدة بن الحرث وعتبة وشيبة : ابني ربيعة ، والوليد بن عتبة ، قال : وقال على عليه السلام : انى لاول من يجثو للخصومة يوم القيامة بين يدى الله عزوجل ، والى هذا القول ذهب هلال بن بشار وعطاء بن بشار (٤).

__________________

(١) الحج : ١٩.

(٢) (٣) صحيح البخاري الجزء السادس كتاب التفسير ص ٩٨.

(٤) غاية المرام ص ٤٢١ وفى صحيح البخاري ج ٦ ص ٩٨ في تفسير سورة الحج ينقل الرواية هكذا : حدثنا حجاج بن منهال ، حدثنا هشيم ، اخبرنا أبو هاشم ، عن ابى مجلز ، عن قيس بن عباد ، عن ابى ذر الغفاري (رضى الله عنه) انه كان يقسم : ان هذه الاية «هذان خصمان اختصموا في ربهم» نزلت في حمزة وصاحبيه وعتبة وصاحبيه يوم برزوا في يوم بدر ، وقال : ايضا : رواه سفيان ، عن ابى هاشم ، وقال عثمان : عن جرير ، عن منصور ، عن ابى هاشم عن ابى مجلز قوله.

٣١١

٥٢١ ـ ومن صحيح مسلم في الجزء الثالث على حد ثلاث عشرة قائمة من اخره وبالاسناد المقدم قال : حدثنا أبو كريب : محمد بن العلاء ومحمد بن عبد الله بن نميرة قالا : حدثنا أبو معاوية ، عن الاعمش ، عن شقيق قال : سمعت سهل بن حنيف يقول بصفين : ايها الناس اتهموا رأيكم على دينكم ، والله لقد رأيتنى يوم ابى جندل ولو اننى استطيع ان ارد امر رسول الله صلى الله عليه وآله لرددته والله ما وضعنا سيوفنا على عواتقنا إلى امر قط الا اسهلن بنا إلى امر نعرفه ، الا امركم هذا (١).

٥٢٢ ـ ومن تفسير الثعلبي قوله تعالى : (ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ) (٢) وبالاسناد المقدم قال : روى خلف بن خليفة ، عن ابى هاشم ، عن ابى سعيد الخدرى قال : كنا نقول : ربنا واحد ونبينا واحد وديننا واحد ، فما هذه الخصومة؟ فلما كان يوم صفين وشد بعضنا على بعض بالسيوف ، قلنا : نعم هو هذا (٣).

٥٢٣ ـ ومن صحيح البخاري في الجزء الرابع في الكراسة الثانية من اوله في باب ذمة المسلمين وجوارهم واحدة يسعى بها ادناهم وبالاسناد المقدم قال : حدثنا محمد قال : حدثنا وكيع ، عن الاعمش ، عن ابراهيم التيمى ، عن ابيه قال : خطبنا على عليه السلام فقال : ما عندنا كتاب نقرأه الا كتاب الله تعالى ، قلنا : وما في هذه الصحيفة؟ قال : فيها الجراحات وأسنان الابل ، والمدينة حرم ما بين عير إلى كذا ، فمن احدث فيها حدثا أو آوى فيها محدثا فعليه لعنة الله والملائكة والناس اجمعين ، لا يقبل الله منه صرفا ولا عدلا ، ومن تولى غير مواليه فعليه مثل ذلك ، وذمة المسلمين واحدة فمن افخر (٤) مسلما فعليه مثل ذلك (٥).

٥٢٤ ـ ومن صحيح مسلم في الجزء الثالث في ثالث كراسة من اوله وبالاسناد

__________________

(١) صحيح مسلم الجزء الخامس كتاب الجهاد ص ١٧٦.

(٢) الزمر : ٣١.

(٣) غاية المرام ص ٤٢١.

(٤) واخفره : نقض عهده وغدره. واخفر الذمة : لم يف ـ بها لسان العرب.

(٥) صحيح البخاري الجزء الرابع ص ١٠٠.

٣١٢

المقدم قال : حدثنا أبو بكر بن ابى شيبة وزهير بن حرب وابو كريب جميعا عن ابى معاوية ، قال أبو كريب : حدثنا أبو معاوية ، حدثنا الاعمش ، عن ابراهيم التيمى ، عن ابيه قال : خطبنا علي بن أبي طالب عليه السلام فقال : من زعم ان عندنا شيئا نقرأه الا كتاب الله وهذه الصحيفة ، (قال : صحيفة معلقة في قراب سيفه) فقد كذب ، فيها أسنان الابل واشياءا من الجراحات ، وفيها قال النبي صلى الله عليه وآله : المدينة حرم ما بين عير إلى ثور ، فمن احدث فيها حدثا أو آوى محدثا فعليه لعنة الله والملائكة والناس اجمعين ، لا يقبل الله منه يوم القيامة صرفا ولا عدلا ، وذمة المسلمين واحدة يسعى بها ادناهم ومن ادعى إلى غير ابيه أو انتمى إلى غير مواليه فعليه لعنة الله والملائكة والناس اجمعين ، لا يقبل الله منه يوم القيامة صرفا ولا عدلا (١).

٥٢٥ ـ ويليه من الجزء المذكور في الكراس المذكورة وبالاسناد المقدم قال : حدثنا اسحاق بن ابراهيم الحنظلي ، اخبرنا جرير ، عن منصور ، عن مجاهد ، عن طاووس ، عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله يوم الفتح ـ فتح مكة ـ : لا هجرة ولكن جهاد ونية وإذا استنفرتم فانفروا ، وقال يوم الفتح ـ فتح مكة ـ : ان هذا البلد حرمه الله يوم خلق السموات والارض فهو حرام بحرمة الله تعالى وانه لم يحل القتال فيه لاحد قبلى ولم يحل لى الا ساعة من نهار فهو حرام بحرمة الله إلى يوم القيامة لا يعضد شوكه ولا ينفر صيده ولا يلتقط الا من عرفها ولا يختلى خلاها ، فقال العباس : يا رسول الله الا الاذخر (٢) فانه لقينهم (٣) ولبيوتهم ، فقال : الا الاذخر (٤).

٥٢٦ ـ ومن الجمع بين الصحيحين للحميدي الحديث الثامن عشر من مسند

__________________

(١) صحيح مسلم الجزء الرابع ص ١١٥.

(٢) الاذخر بكسر الهمزة : حشيشة طيبة الرائحة يسقف بها البيوت فوق الخشب ـ لسان العرب.

(٣) وفى نسخة : فانه لقبورهم واما «القين» فهو الحداد.

(٤) صحيح مسلم الجزء الرابع ص ١٠٩.

٣١٣

امير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام من المتفق عليه وبالاسناد المقدم قال : عن يزيد بن شريك بن طارق التيمى ، قال : رأيت عليا عليه السلام على المنبر يخطب فسمعته يقول : الا ، والله ما عندنا من كتاب نقرأه الا كتاب الله وما في هذه الصحيفة فنشرها فإذا فيها أسنان الابل واشياء من الجراحات ، وفيها ما قال رسول الله صلى الله عليه وآله : المدينة حرم ما بين عير إلى ثور ، فمن أحدث فيها حدثا وآوى فيها محدثا فعليه لعنة الله والملائكة والناس اجمعين ، لا يقبل الله منه يوم القيامة صرفا ولا عدلا [ذمة المسلمين واحدة ، يسعى بها ادناهم فمن اخفر مسلما فعليه لعنة الله والملائكة والناس اجمعين لا يقبل الله منه صرفا ولا عدلا] ومن والى قوما بغير اذن مواليه ، وفى رواية : من ادعى إلى غير ابيه أو انتمى إلى غير مواليه فعليه لعنة الله والملائكة والناس اجمعين لا يقبل الله منه يوم القيامة صرفا ولا عدلا (١).

٥٢٧ ـ قال : وفى افراد البخاري مختصرا عن ابى جحيفة : وهب بن عبد الله السوائى قال : قلت لعلى بن ابى طالب عليه السلام : هل عندكم شئى من الوحى الا ما في كتاب الله؟ فقال : لا ، والذى فلق الحبة وبرئ النسمة ما اعلمه الا فهما يعطيه الله رجلا في القرآن ، وما في هذه الصحيفة ، قلت : وما في هذه الصحيفة؟ قال : العقل وفكاك الاسير وأن لا يقتل مسلم بكافر (٢).

٥٢٨ ـ ومن الجمع بين الصحيحين للحميدي ايضا الحديث الثامن والاربعون من افراد مسلم في الصحيح من مسند ابى هريرة بالاسناد المقدم عن ابى صالح ، عن ابى هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وآله قال : المدينة حرم ، فمن احدث فيها حدثا أو آوى محدثا فعليه لعنة الله والملائكة والناس اجمعين ، لا يقبل الله منه يوم القيامة عدلا ولا صرفا (٣).

زاد في حديث سفيان : وذمة المسلمين واحدة ، يسعى بها ادناهم ، فمن اخفر

__________________

(١) صحيح البخاري الجزء الرابع ص ١٠٠ وما بين المعقوفتين من النسخة اليمانية.

(٢) صحيح البخاري الجزء الرابع ص ٦٩.

(٣) صحيح مسلم الجزء الرابع ص ١١٤ ـ ١١٥.

٣١٤

مسلما فعليه لعنة الله والملائكة والناس اجمعين ، لا يقبل منه يوم القيامة عدل ولا صرف (١) قال : وفى رواية شيبان ، عن الاعمش نحوه قال : ومن والى غير مواليه بغير اذنه (٢).

قال : واخرج مسلم ايضا هذا الطرف الاخر من حديث يعقوب بن عبد الرحمان القارى ، عن سهل ، عن ابيه ، عن ابى هريرة : ان رسول الله صلى الله عليه وآله قال : من تولى قوما بغير اذن مواليه فعليه لعنة الله والملائكة والناس اجمعين ، لا يقبل منه صرف ولا عدل (٣).

٥٢٩ ـ وهذا الحديث بعينه بالاسناد المقدم عن عبد الله بن احمد بن حنبل ، عن ابيه ، ـ رفعه إلى الحارث بن سويد ـ إلى على عليه السلام وبمثله (٤).

حديث حريق الكعبة

٥٣٠ ـ ومن صحيح مسلم في الجزء الثالث على حد نصفه وبالاسناد المقدم قال : حدثنا هناد بن السرى ، حدثنا ابن ابى زائدة ، اخبرنا ابن ابى سليمان ، عن عطاء قال : لما احترق البيت (٥) زمن يزيد بن معاوية ، حين غزا اهل الشام ، فكان من امره ما كان وذلك كان في اليوم الثالث من صفر ، سنة اربع وستين ، احرقه مسلم بن عقبة وكان يقاتل ابن الزبير من قبل يزيد بن معاوية ، تركه ابن الزبير حتى قدم الناس الموسم يريد أن يجربهم أو يحولهم (٦) على اهل الشام ، فلما صدر الناس قال : يا ايها الناس ، اشيروا على في الكعبة انقضها ، ثم ابني بنائها أو أصلح ما وهى (٧) منها؟

فقال ابن عباس رضى الله عنه : فانى قد فرق لى رأس فيها ، ارى ان تصلح ما وهى منها وتدع بيتا اسلم الناس عليه واحجارا اسلم الناس عليها وبعث عليها النبي صلى الله عليه وآله :

__________________

(١) و (٢) و (٣) صحيح مسلم الجزء الرابع ص ١١٤ ـ ١١٥.

(٤) مسند احمد بن حنبل الجزء الاول ص ٨١ و ١٢٦.

(٥) راجع تاريخ الطبري وقايع سنة ٦٤ من الهجرة الجزء الرابع من ص ٣٨١ ـ ٣٨٤.

(٦) وفى صحيح مسلم : يريد ان يجرئهم أو يحرمهم على اهل الشام.

(٧) وهى : شق.

٣١٥

فقال ابن الزبير : لو كان احدكم احترق بيته ما رضى حتى يجدده فكيف بيت ربكم ، انى مستخير ربى ثلاثا ، ثم عازم على امرى ، فلما مضى الثلاث ، اجمع رأيه على ان ينقضها ، فتحاماه الناس ان ينزل باول الناس يصعد فيه امر من السماء حتى صعده رجل فالقى منه حجارة ، فلما لم يره الناس اصابه شيء تتابعوا فنقضوه حتى بلغوا به الارض ، فجعل ابن الزبير اعمدة فستر عليها الستور حتى ارتفع بنائه.

وقال ابن الزبير : انى سمعت عائشة تقول : ان النبي صلى الله عليه وآله قال : لولا ان الناس حديث عهد بكفر وليس عندي من النفقة ما يقوى على بنائه لكنت ادخلت فيه من الحجر خمسة اذرع ولجعلت لها بابا يدخل الناس منه وبابا يخرجون منه ، قال : فأنا اليوم اجد ما انفق ولست اخاف الناس ، قال : فزاد فيه خمس اذرع ، من الحجر حتى ابدى اسأنظر الناس إليه فبنى عليه البناء وكان طول الكعبة ثمانى عشرة ذراعا ، فلما زاد فيه استقصره فزاد في طوله عشر اذرع وجعل له بابين : احدهما يدخل الناس منه والاخر يخرج الناس منه.

قال : فلما قتل ابن الزبير كتب الحجاج إلى عبد الملك بن مروان يخبره بذلك ويخبره : ان ابن الزبير قد وضع البناء على اس نظر إليه العدول من اهل مكة ، فكتب إليه عبد الملك : انا لسنا من تلطيخ (١) ابن الزبير في شئ : اما ما زاد في طوله فاقره واما ما زاد فيه من الحجر فرده إلى بنائه وسد الباب الذي فتحه ، فنقضه واعاده إلى بنائه (٢).

٥٣١ ـ وبالاسناد المقدم قال : وحدثني محمد بن خاتم ، حدثنا عبد الله بن بكير السهمى ، حدثنا حاتم ابن ابى صغيرة ، عن ابى قرعة : ان عبد الملك بن مروان بينما هو يطوف بالبيت إذ قال : قاتل الله ابن الزبير حيث يكذب على أم المؤمنين يقول : سمعتها تقول : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : يا عائشة لولا حدثان قومك بالكفر لنقضت البيت حتى

__________________

(١) تلطخ فلان بامر قبيح : تدنس ـ لسان العرب.

(٢) صحيح مسلم الجزء الرابع ص ٩٨.

٣١٦

ازيد فيه من الحجر فان قومك قصروا في البناء.

فقال الحارث بن عبد الله بن ابى ربيعة : لا تقل هذا يا امير المؤمنين فأنا سمعت ام المؤمنين تحدث هذا قال : لو كنت سمعته قبل ان اهدمه لتركته على ما بنى ابن الزبير (١).

وفى خبر لم نذكره كراهية التطويل ان عبد الملك قال للحارث حين قال سمعتها تقول هذا قال : نعم ، فنكت ساعة بعصاه ثم قال : وددت انى تركته وما تحمل (٢).

٥٣٢ ـ ومن هذا الجزء ايضا ـ اعني الثالث من صحيح مسلم ـ في اوله على حد ثلاث كراريس منه ما يشهد بصحة خبر ابن الزبير عن عائشة ، وبالاسناد المقدم قال : حدثنا محمد بن خاتم ، حدثنا ابن مهدى ، حدثنا سليم بن حيان ، عن سعيد ـ يعنى ابن ميناء ـ قال : سمعت عبد الله بن الزبير يقول : حدثنى خالتي ـ يعنى عائشة ـ قالت : قال النبي صلى الله عليه وآله : يا عائشة لولا ان قومك حديثوا عهد بشرك لهدمت الكعبة فالزقتها بالارض وجعلت لها بابين : بابا شرقيا وبابا غربيا ، وزدت فيها ستة اذرع من الحجر ، فان قريشا اقتصرتها حيث بنت الكعبة (٣).

٥٣٣ ـ ومن الجزء الرابع من صحيح مسلم في ثانى كراسة منه وبالاسناد المقدم قال : حدثنى وهب بن بقية ، حدثنا خالد بن عبد الله ، عن الجريرى ، عن ابى نضرة ، عن ابى سعيد الخدرى قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : إذا بويع لخليفتين فاقتلوا الاخر منهما (٤).

٥٣٤ ـ وبالاسناد المقدم قال : وحدثنا زهير بن حرب واسحاق بن ابراهيم قال اسحاق : اخبرنا ، وقال زهير : حدثنا جرير ، عن الاعمش ، عن زيد بن وهب ، عن عبد الرحمان بن عبد رب الكعبة قال : دخلت المسجد فإذا عبد الله بن عمرو بن العاص

__________________

(١) و (٢) صحيح مسلم الجزء الرابع ص ٩٨ ـ ١٠٠.

(٣) صحيح مسلم الجزء الرابع ص ٩٨.

(٤) صحيح مسلم الجزء السادس ص ٢٣.

٣١٧

جالس في ظل الكعبة والناس مجتمعون عليه فأتيتهم فجلست إليه فقال : كنا مع رسول الله صلى الله عليه وآله في سفر فنزلنا منزلا ، فمنا من يصلح خبائه (١) ، ومنا من يتظلل ومنا من هو في خبائه (٢) إذ نادى منادى رسول الله صلى الله عليه وآله : الصلاة جامعة ، فاجتمعنا إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فقال : انه لم يكن نبى قبلى الا كان حقا عليه ان يدل امته على خير ما يعلمه لهم ، وينذرهم شر ما يعلمه لهم وان امتكم هذه جعل عافيتها في اولها وسيصيب آخرها بلاء وامور تنكرونها وتجئ فتنة فيرفق (٣) بعضها بعضا وتجئى الفتنه فيقول المؤمن : هذه مهلكتي ، ثم تنكشف وتجئى الفتنة فيقول المؤمن : هذه ، هذه ، فمن احب ان يزحزح عن النار ويدخل الجنة فلتأته منيته وهو يؤمن بالله واليوم الاخر وليأت إلى الناس الذي يحب الله ان يؤتى إليه ، ومن بايع اماما فاعطاه صفقة يده وثمرة قلبه فليطعه ان استطاع فان جاء آخر ينازعه فاضربوا عنق الاخر فدنوت منه فقلت له : انشدك الله أأنت سمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه وآله؟ فاهوى إلى اذنيه وقلبه بيده وقال : سمعته اذناى ووعاه قلبى ، فقلت له : هذا ابن عمك معاوية يأمرنا ان نأكل اموالنا بيننا بالباطل ونقتل انفسنا والله يقول : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ إِلاَّ أَنْ تَكُونَ تِجارَةً عَنْ تَراضٍ مِنْكُمْ وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللهَ كانَ بِكُمْ رَحِيماً) (٤) قال : فسكت ساعة ثم قال : اطعه في طاعة الله واعصه في معصية الله (٥).

٥٣٥ ـ ويليه من الجزء المذكورة اعني الجزء الرابع من صحيح مسلم وبالاسناد المقدم قال : اخبرنا هريم بن عبد الاعلى ، قال : حدثنا المعتمر قال : سمعت ابى يحدث عن ابى مجلز ، عن جندب بن عبد الله البجلى قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله من قتل تحت راية عمية تدعوا عصبية أو ينصر عصبية فقتلته جاهلية (٦).

__________________

(١) الخباء من الابنية ـ لسان العرب.

(٢) وفى المصدر : ومنا من ينتضل ومنا من هو في جشره.

(٣) وفى المصدر : فيرقق.

(٤) النساء : ٢٩.

(٥ ـ ٦) صحيح مسلم الجزء السادس ص ١٨ و ٢٢ وفى المصدر : فقتلة جاهلية.

٣١٨

٥٣٦ ـ ويليه من الجزء المذكور وبالاسناد المقدم قال : حدثنا عبيدالله بن معاذ العنبري ، حدثنا ابى ، حدثنا عاصم (وهو ابن محمد بن زيد) ، عن زيد بن محمد عن نافع قال : جاء عبد الله بن عمر إلى عبد الله بن مطيع حين كان من امر الحرة ما كان زمن يزيد بن معاوية ، فقال : اطرحوا لابي عبد الرحمان وسادة ، فقال : انى لم آتك لاجلس ، اتيتك لاحدثك حديثا سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله بقوله سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول : من خلع يدا من طاعة لقى الله يوم القيامة لا حجة له ، ومن مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية (١).

قال يحيى بن الحسن : وهذه الحرة : هي حرة واقم التي قتل فيها يزيد سبعة آلاف من اولاد المهاجرين والانصار وسنذكر ذلك في ما بعد ان شاء الله تعالى بحيث تتفق عليه الصحاح والحسان.

ومن تأمل هذه الاخبار عرف ان محاربة امير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام خروج عن الاسلام لان من مات ميتة جاهلية فقد خرج عن دائرة الاسلام ولان المعاوية ، هو الآخر الذي طلب الامامة بعد صحة البيعة لامير المؤمنين عليه السلام ونازعه الامر ، وقد ورد هذا الخبر : فان جاء آخر ينازعه فاضربوا عنق الاخر ، يدل على صحة هذا التأويل ما هو مذكور في لفظ الخبر عن الراوى ، وهو عبد الرحمان من انه قال : فدنوت منه فقلت له : انشدك الله أنت سمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه وآله فأهوى إلى اذنيه وقلبه بيده وقال : سمعته اذناى ووعاه قلبى ، فقلت له : هذا ابن عمك معاوية يأمرنا أن نأكل اموالنا بيننا بالباطل ونقتل انفسنا وذكر الاية (٢) استشهادا على ذلك ، وتعيينه لمعاوية في نفس الخبر من ادل دليل على انه هو المراد بالخبر فقال له بعد سكوته ساعة : اطعه في طاعة الله واعصه في معصية الله ولا طاعة لله تعالى في محاربة أمير المؤمنين عليه السلام بل معصية الله تعالى وورود النار.

__________________

(١) صحيح مسلم الجزء السادس ص ٢٢.

(٢) النساء : ٢٩.

٣١٩

ويدل على صحة هذا التأويل ايضا قول النبي صلى الله عليه وآله لعلى عليه السلام : سلمك سلمى وحربك حربى ، وقوله عليه السلام : من حاربك فقد حاربنى ، والخبر الاخير يشهد ايضا بان محاربي أمير المؤمنين عليه السلام في النار ، لان محاربه محارب رسول الله صلى الله عليه وآله.

ويدل على ذلك ما قدمناه من قول النبي صلى الله عليه وآله : من حاربك يا على فقد حاربنى ، وحربك حربى ، وسلمك سلمى.

وقد تقدم في الصحاح كثير من ذلك وهذا الخبر الاخير من هذه الاخبار وهو قوله صلى الله عليه وآله : من خلع يدا من طاعة الله لقى الله تعالى يوم القيامة لا حجه له ، ومن مات وليس في عنقه بيعة ، مات ميتة جاهلية.

ومن ذكرناه من محاربي أمير المؤمنين عليه السلام خلعوا يدهم من طاعته وماتوا وليس في عنقهم بيعة لامام ، لا له ولا لغيره ، ولو كان في عنقهم بيعة لغيره لكانوا ايضا ضلالا ، لانه عليه السلام هو الامام لهم ولمن انتموا إليه لما بيناه من النصوص اولا وباجماع الامة علية ثانيا.

وما تقدم من الاخبار من صحيح البخاري وصحيح مسلم ومن الجمع بينهما للحميدي من قول النبي صلى الله عليه وآله : المدينة حرم ما بين عبر إلى ثور ، فمن احدث فيها حدثا أو آوى فيها محدثا فعليه لعنة الله والملائكة والناس اجمعين ، لا يقبل الله منه صرفا ولا عدلا ، شاهد على استحقاق يزيد بن معاوية ما شرطه النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، لانه احرق المدينة ونهبها مرتين.

وهذا اعظم الاحداث ، ان ينهب اهل بيت رسول الله صلى الله عليه وآله في حرمه ، وقد اوجب اللعنة على من احدث فيها حدثا ، وذلك مضاف إلى قتل الحسين عليه السلام ، وهذه الصحاح شاهدة بذلك فليس لاحد المنازعة في ذلك.

واحرق ايضا مكة بما قد تقدم في الصحاح من حديث الكعبة ومن احرق مكة ايضا اضافة إلى المدينة ونهبها وسبى بنات رسول الله صلى الله عليه وآله وقتل ابن رسول الله صلى الله عليه وآله وقد قال فيه رسول الله صلى الله عليه وآله وفى اخيه : الحسن والحسين سيدا شباب اهل الجنة وقال صلى الله عليه وآله : هما ريحانتاى من الدنيا ، وقال : من احبني واحب هذين واباهما وامهما

٣٢٠