عمدة عيون صحاح الأخبار في مناقب إمام الأبرار

شمس الدين يحيى بن الحسن الأسدي الربعي الحلّي [ الحافظ ابن البطريق ]

عمدة عيون صحاح الأخبار في مناقب إمام الأبرار

المؤلف:

شمس الدين يحيى بن الحسن الأسدي الربعي الحلّي [ الحافظ ابن البطريق ]


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤٨٣

في باب مناقب علي بن أبي طالب عليه السلام ، وبالاسناد المقدم ، قال البخاري : وقال عمر : توفى رسول الله صلى الله عليه وآله وهو عنه راض ، وقال النبي صلى الله عليه وآله لعلى عليه السلام : انت منى وانا منك (١).

٣٠٦ ـ ومن الجزء الخامس من صحيح البخاري في رابع كراس من اوله وبالاسناد المقدم ، قال : حدثنا عبيدالله بن موسى ، عن اسرائيل ، عن ابي اسحاق عن البراء ، قال : لما اعتمر النبي صلى الله عليه وآله في ذي القعدة ، فابى اهل مكة ان يدعوه يدخل مكة حتى قاضاهم على ان يقيم بها ثلاثة ايام فلما كتبوا الكتاب ، كتبوا : هذا ما قاضانا عليه محمد رسول الله صلى الله عليه وآله قالوا : لا نقر بهذا ، لو نعلم انك رسول الله ما منعناك شيئا ولكن انت محمد بن عبد الله فقال : انا رسول الله وانا محمد بن عبد الله ، ثم قال لعلي بن ابي طالب عليه السلام : امح «رسول الله» ، قال : علي (ع) لا ، والله ، لا امحوك ابدا ، فاخذ رسول الله صلى الله عليه وآله الكتاب وليس يحسن يكتب ، فكتب : هذا ما قاضي عليه محمد بن عبد الله : لا يدخل مكة مع السلاح الا السيف في القراب ، وان لا يخرج من اهلها باحد ان اراد ان يتبعه ، وان لا يمنع من اصحابه احدا ان اراد ان يقيم بها ، فلما دخلها ومضى الاجل ، اتوا عليا (ع) فقالوا قل لصاحبك : اخرج عنا فقد مضى الاجل ، فخرج النبي صلى الله عليه وآله فتبعته ابنة عمه : حمزة ننادى : يا عم ، يا عم ، فتناولها علي (ع) فاخذ بيدها وقال لفاطمة عليها السلام : دونك ابنة عمك ، فحملتا ، فاختصم فيها علي وزيد وجعفر.

فقال علي عليه السلام : انا اخذتها وهي ابنة عمى ، وقال جعفر : ابنة عمي وخالتها تحتي ، وقال زيد : بنت اخى (٢) فقضى بها النبي صلى الله عليه وآله لخالتها وقال : الخالة بمنزلة الام.

وقال لعلي (ع) : انت مني وانا منك. وقال لجعفر : اشبهت خلقي وخلقي.

__________________

(١) صحيح البخاري الجزء الخامس ص ١٨ باب مناقب علي بن ابي طالب (ع).

(٢) هما صارا اخوين يوم المواخاة.

٢٠١

وقال لزيد : انت اخونا ومولانا ، قال علي (ع) : الا تتزوج بنت حمزة؟ قال : انها بنت اخى من الرضاعة ، (١).

٣٠٧ ـ ومن مناقب الفقيه ابن المغازلى الشافعي ، وبالاسناد قال : اخبرنا أبو الحسن : محمد بن محمد بن مخلد الببزاز (٢) ، بقرائتي عليه ، فاقربه ، قلت له : حدثكم أبو بكر : احمد بن عبيد بن فضل بن سهل بن بيرى ، سنة اربع وتسعين وثلاث مائة قال حدثنا علي بن عبد الله بن مبشر ، قال : حدثنا احمد بن سنان ، قال : حدثنا يزيد بن هارون ، قال : حدثنا شريك ، عن ابي اسحاق ، عن حبشي بن جنادة ، قال : سمعت النبي صلى الله عليه وآله يقول : علي مني وانا منه ولا يؤدى عني الا انا أو علي (٣).

٣٠٨ ـ وبالاسناد المقدم ، قال : اخبرنا علي بن عمر بن عبد الله بن شوذب ، قال : حدثنا ابي ، قال : حدثنا محمد بن الحسين الزعفراني ، قال : حدثنى اسماعيل بن اسحاق القاضى ، قال : حدثنا يحيى بن عبد الحميد ، قال : حدثنا شريك وقيس عن ابي اسحاق ، عن حبشي بن جنادة ، قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول : علي مني وانا منه (٤).

٣٠٩ ـ وبالاسناد المقدم ، قال : اخبرنا علي بن عمر ، قال حدثنى ابي ، قال : حدثنا محمد بن الحسين الزعفراني العدل ، قال : حدثنا أحمد بن محمد (٥) بن البراء : ان معافى بن سليمان حدثهم ، قال : حدثنا محمد بن سلمة ، عن محمد بن اسحاق ، عن يزيد بن عبد الله بن قسيط ، عن محمد بن اسامة بن زيد ، عن ابيه ، ان رسول الله صلى الله عليه وآله قال : اما انت

__________________

(١) صحيح البخاري الجزء الخامس ص ١٤١ باب عمرة القضاء.

(٢) في المصدر : البزار.

(٣) مناقب ابن المغازلى ص ٢٢١ وفيه : سنة اربع وسبعين وثلاثمائة.

(٤) مناقب ابن المغازلى ص ٢٢٢.

(٥) في المصدر : ان محمد بن احمد.

٢٠٢

يا علي فختنى وابو ولدي وانت مني وانا منك (١).

٣١٠ ـ وبالاسناد المقدم ، قال : وحدثنا محمد بن الحسين الزعفراني ، قال : حدثنا جعفر بن محمد : أبو يحيى ، حدثنا علي بن الحسين البزار ، وموسى بن محمد البجلى ، قالا : حدثنا جعفر بن سليمان ، عن يزيد الرشك ، عن مطرف بن عبد الله ، عن عمران بن حصين : ان رسول الله صلى الله عليه وآله قال : ما تريدون من علي؟ ما تريدون من علي ان عليا مني وانا منه وهو ولي كل مؤمن بعدي (٢).

٣١١ ـ وبالاسناد المقدم قال : اخبرنا أبو طالب : محمد بن احمد بن عثمان ، قال : حدثنا أبو الحسين : محمد بن المظفر بن موسى بن عيسى الحافظ ، اذنا ، قال : اخبرنا احمد بن الحسين الصوفى ، قال : حدثنا عثمان بن ابي شيبة ، قال : حدثنا ابي ، قال حدثنا الاجلح ، عن ابن بريدة ، عن ابيه : ان النبي صلى الله عليه وآله قال : يا بريدة ، لا تبغض عليا ، فان عليا مني وانا منه (٣).

٣١٢ ـ وبالاسناد المقدم قال : اخبرنا محمد بن احمد بن عثمان الازهرى ، قال : اخبرنا أبو حفص : عمر بن شاهين ، اذنا قال : حدثنا جعفر بن محمد بن العباس قال : حدثنا اسماعيل ـ ابن موسى ابن بنت السدى ـ قال : حدثنا شريك ، عن ابي اسحاق ، عن حبشي بن جنادة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله علي مني وانا من علي ، قال : وقال صلى الله عليه وآله لا يؤدى عني الا انا أو علي (٤).

٣١٣ ـ وبالاسناد المقدم ، قال : اخبرنا محمد بن احمد بن عثمان ، قال : اخبرنا محمد بن المظفر بن موسى الحافظ ، اذنا ، قال : حدثنا يوسف بن الضحاك ، قال : حدثنا اسماعيل بن موسى ـ ابن بنت السدى ـ قال : حدثنا اسرائيل ، عن ابي اسحاق ،

__________________

(١) مناقب ابن المغازلى ص ٢٢٤.

(٢) مناقب ابن المغازلى ص ٢٢٤ وفيه : ما تريدون منى ، ثلاث مرات.

(٣) مناقب ابن المغازلى ص ٢٢٥ وفيه : قال له : يا بريد لا تسب عليا.

(٤) مناقب ابن المغازلى ص ٢٢٦.

٢٠٣

عن حبشي بن جنادة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله علي مني وانا من علي ولا يؤدى عني الا علي (١).

٣١٤ ـ وبالاسناد المقدم ، قال : اخبرنا محمد بن احمد بن عثمان ، قال : اخبرنا محمد بن المظفر بن الحافظ ، اجازة ، قال : حدثنا محمد بن سليمان الباغندى ، قال : حدثنا سويد بن سعيد ، قال : حدثنا شريك ، عن ابي اسحاق ، عن حبشي بن جنادة ، قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول لعلي عليه السلام انت مني وانا منك ولا يؤدى عني الا انا أو أنت (٢).

٣١٥ ـ وبالاسناد المقدم ، : اخبرنا محمد بن احمد بن عثمان ، قال : اخبرنا أبو الحسين : [احمد بن محمد بن المظفر الحافظ اجازة] (٣) قال : حدثنا محمد بن سليمان الباغندى ، قال : حدثنا يوسف بن موسى القطان ، قال : حدثنا عبيدالله بن موسى ، عن اسرائيل ، عن ابي اسحاق ، عن البراء بن عازب ، ان النبي صلى الله عليه وآله قال لعلي عليه السلام : انت مني وانا منك (٤).

٣١٦ ـ قال : وكتب إلى محمد بن علي بن الحسن العلوى يخبرني ان ابا الحسن : احمد بن محمد بن عمران اخبرهم ، حدثنا عبد الله بن محمد بن عبد العزيز ، حدثنا أبو الربيع الزهراني ، حدثنا يزيد الرشك ، عن مطرف بن عبد الله ، عن عمران بن الحصين ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : علي مني وانا منه وهو ولي كل مؤمن بعدي (٥).

٣١٧ ـ ومن الجمع بين الصحاح الستة لرزين العبدرى من الجزء الثاني في

__________________

(١) مناقب ابن المغازلى ص ٢٢٧.

(٢) مناقب ابن المغازلى ص ٢٢٧.

(٣) ما بين المعقوفتين ليس في المصدر.

(٤) مناقب ابن المغازلى ص ٢٢٨.

(٥) مناقب ابن المغازلى ص ٢٢٩ ـ وفيه باسقاط ـ محمد ـ في احمد بن محمد بن عمران.

٢٠٤

باب مناقب علي بن ابي طالب عليه السلام ، وبالاسناد المقدم ، قال : قال عمر بن الخطاب : توفى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهو عنه راض ، وقال له رسول الله صلى الله عليه وآله : انت مني وانا منك (١).

٣١٨ ـ ومن الباب ايضا وبالاسناد المقدم من سنن ابي داود وصحيح الترمذي قال : عن عمران بن الحصين ، قال : بعث رسول الله صلى الله عليه وآله جيشا واستعمل عليهم عليا عليه السلام ، فلما غنموا ، اصاب علي عليه السلام من السبى جارية ، فتعاقدوا ان يخبروا رسول الله صلى الله عليه وآله ، فلما اخبروا ، اعرض عنهم ، ثم اقبل عليهم ، والغضب يعرف في وجهه ، فقال : ما تريدون من علي؟ ان عليا مني وانا منه (٢).

٣١٩ ـ ويليه من الباب ايضا ، وبالاسناد المقدم ، من سنن ابي داود ، وصحيح الترمذي ، قال : عن ابي جنادة : ان رسول الله صلى الله عليه وآله قال : علي مني وانا من علي ، ولا يؤدى عني الا انا أو علي (٣).

قال يحيى بن الحسن : اعلم ، ان «من» فيها اربعة اوجه : تكون لابتداء الغاية ، وتكون للتبعيض ، وتكون زائدة وتكون لتبيين الجنس.

فاما كونها لابتداء الغاية : فمثل قوله سبحانه وتعالى : (سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى) (٤) يريد سبحانه وتعالى : ان ابتداء سيره من المسجد الحرام وانتهاء غاية سيره إلى المسجد الاقصى.

واما كونها للتعيض : فمثل قوله سبحانه وتعالى : (خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِها) (٥). يريد تعالى : اخذ البعض من اموالهم ما يطهر به الباقي ويزكيه ، أي يزيده لان الزكاة في لغة العرب : هي عبارة عن النماء.

__________________

(١) صحيح البخاري الجزء الخامس ص ١٨ باب مناقب علي بن ابي طالب (ع).

(٢) صحيح الترمذي الجزء الخامس ص ٦٢٢ كتاب المناقب.

(٣) صحيح الترمذي الجزء الخامس ص ٦٣٦ كتاب المناقب.

(٤) الاسرى : ١.

(٥) التوبه : ١٠٣.

٢٠٥

واما كونها زائدة : فمثل قوله سبحانه وتعالى : (ما عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرِي) (١) أي ما لكم إله غيره لأن معنى الزائد أنه إذا حذف لم يتغير الكلام ومع حذف هذه من صح إخلاص التوحيد.

وأما كونها لتبيين الجنس فمثل قوله سبحانه وتعالى : (فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثانِ) (٢) فنهى في لفظ الآية بفحوى الخطاب عن الرجس كافة ثم قال تعالى مبينا لما ورد النهي عنه فقال (مِنَ الْأَوْثانِ) فبين الجنس المنهى عنه من دون غيره في تلك الحال ، فإذا ثبت ذلك فقول النبي صلى الله عليه وآله : على منى وانا منه ، لا يخلو ان يراد بلفظة «من» احد هذه الاقسام الاربعة ، فنقول : اما ابتداء الاية : وهو الوجه الاول فلا يجوز ان يكون مراده صلى الله عليه وآله ، لانه إذا كان ابتداء غاية علي عليه السلام من ابتداء غاية النبي صلى الله عليه وآله ، فكيف يجوز العكس في الكلام بعد الطرد بقوله صلى الله عليه وآله : وانا من على ، لانه يجب ان يكون ابتداء غاية النبي صلى الله عليه وآله من ابتداء غاية علي عليه السلام وهذا متناقض.

واما الوجه الثاني ـ وهو كونها للتبعيض ، فلا يجوز ان يكون مراده صلى الله عليه وآله لانه ليس بجزء من علي ، ولا علي عليه السلام جزء منه ، وهذا معلوم ضرورة ، ولا يحتاج إلى دليل.

واما الوجه الثالث ـ وهو كونها زائدة ، فلا يجوز ان يكون مراده صلى الله عليه وآله لان معنى الزائدة إذا حذفتها لم يتغير الكلام ، وهذه «من» إذا حذفت من احدهما تغير الكلام والمعنى ، لانها إذا حذفت صار الكلام تقديره : على انا وانا على وهذا ما لا يقوله عاقل.

واما الوجه الرابع ـ وهو كونها لتبيين الجنس ، فهو المراد بقوله صلى الله عليه وآله ، من دون سائر الاقسام فيكون قوله صلى الله عليه وآله : «مني» : من جنسي في التبليغ والاداء ووجوب فرض الطاعة ، لان النبي صلى الله عليه وآله نبي وامام ، كما قال تعالى لابراهيم عليه السلام (إِنِّي

__________________

(١) القصص : ٣٩.

(٢) الحج : ٣٠.

٢٠٦

جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً) (١) مع كونه نبيا من أولي العزم فصار استحقاق الإمامة له كاستحقاق النبوة للنبي صلى الله عليه وآله لأن جنس طريق الاستحقاق واحدة وهو سؤال إبراهيم (ع) (٢) لأنه سأل الإمامة لذريته فقال له تعالى : (لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ) (٣) فقال ومن الظالم فقال من عبد الأصنام بدليل قوله تعالى : (إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ) (٤) فسأل عند ذلك الإعفاء له ولذريته من ذلك فقال : (وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنامَ) (٥) وقد تقدم الكلام على ذلك مستوفى فلا وجه لإعادته.

ويزيده إعظاما في تفخيم أمره عليه السلام قوله صلى الله عليه وآله : وأنا منه لأنه لو أطلق اللفظ بقوله علي مني واقتصر على ذلك لاحتمل وجوها من التأويل وإنما لما قال له وأنا منه دل على تعظيم القصة وأنه ما أراد إلا الجنس المستحق به الإمامة.

ومما يوضح ذلك ويزيده بيانا وأنه الوجه المقصود به دون ما عداه أن له قرينتين في لفظ الخبر تدلان على صحة هذا التأويل وهما قَوْلُهُ صلى الله عليه وآله : وَلَا يُؤَدِّي عَنِّي إِلاَّ أَنَا أَوْ عَلِيٌ وقَوْلُهُ صلى الله عليه وآله : عَلِيٌّ مِنِّي وَأَنَا مِنْهُ وَهُوَ وَلِيُّ كُلِّ مُؤْمِنٍ بَعْدِي، وهاتان القرينتان من أدل دليل على أن مراده صلى الله عليه وآله بقوله : مني وأنا منه استحقاق الإمامة بعده لأنه لا يؤدي عن النبي صلى الله عليه وآله إلا الإمام المفروض الطاعة فلا يكون ولي المؤمنين بعده إلا الإمام المنصوب لاستحقاق الولاء من الأمة وهاتان الرتبتان (٦) قد تقدم ذكر اختصاصه بهما من قول الله سبحانه وتعالى الذي هو أصل كل دليل واعتماد كل تأويل وهو قوله سبحانه وتعالى : (إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا) الاية إلى آخرها (٧). واختصاصها به دون غيره ، بما قد تقدم ذكره من الصحاح ، فهذا

__________________

(١) البقرة ١٢٤.

(٢) وفي نسخه : وهو سؤال ابراهيم (ع) لهما.

(٣) البقرة : ١٢٤.

(٤) لقمان : ١٣.

(٥) ابراهيم : ٣٥.

(٦) في نسخة : المرتبتان.

(٧) المائدة : ٥٥.

٢٠٧

في ذكر الولاء من الخبر.

واما ذكر الاداء في الخبر ، فقوله سبحانه وتعالى في استرجاع سورة «برائة» لا يؤديها الا انت أو من هو منك ، فخصصه بذلك ، واسترجعها منه ، وسلمها إليه ، فأداها على المواسم ، وقد تقدم ذكر ذلك واختصاصه به مستوفى ، فدل على ان الجنسية في الخبر : هي جنسية الاداء والولاء وهما لا يكونا الا لمستحق الامامة دون غيره ، وقول النبي صلى الله عليه وآله على مني ، لم يكن من قبل نفسه ، وانما هو بوحى سابق لذلك وهو قوله سبحانه وتعالى : (أَفَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَيَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ) (١) والذي على بينة من ربه : هو النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، والشاهد الذي يتلوه منه : علي بن ابي طالب عليه السلام.

٣٢٠ ـ يدل على ذلك ما ذكره الثعلبي بالاسناد المقدم في تفسير هذه الاية ، قال : اخبرني أبو عبد الله القارى ، اخبرنا القاضى : أبو القاسم النصيبى ، حدثنا أبو بكر السبيعى ، حدثنا علي بن محمد الدهان والحسن ، عن حيان ، (٢) عن الكلبى ، عن ابي صالح ، عن ابن عباس رضي الله عنه : (أَفَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَيَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ) قال علي خاصة (٣).

٣٢١ ـ وبه عن الشعبى (٤) ، قال : اخبرنا علي بن ابراهيم بن محمد العلوى عن الحسين بن الحكم ، حدثنا اسماعيل بن صبيح ، حدثنا أبو الجارود : حبيب بن يسار ، عن زاذان ، قال : سمعت عليا عليه السلام يقول : والذي فلق الحبة وبرأ النسمة ، لو كسرت لي الوسادة ، يقول : لو ثنيت لي وسادة ، فاجلست عليها ، لحكمت بين اهل

__________________

(١) هود : ١٧.

(٢) وفي نسخة : والحسن بن حيان وفي غاية المرام : والحسين عن حيان.

(٣) غاية المرام ص ٣٦٠ نقلا عن الثعلبي في تفسيره.

(٤) في غاية المرام : الثعلبي عن السبيعى.

٢٠٨

التوراة بتوراتهم ، وبين اهل الانجيل بانجيلهم ، وبين اهل الزبور بزبورهم ، وبين اهل الفرقان بفرقانهم ، فوالذي فلق الحبة ، وبرأ النسمة ، ما من رجل من قريش ، الا وقد نزلت فيه الاية والايتان.

فقال له رجل : فانت ايش ، نزل فيك؟ فقال علي (ع) : اما تقرأ الاية التي في «هود»؟ (وَيَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ) (١).

فان قيل : فما المانع ان يكون المراد بها الوجه؟ وهو ابتداء الغاية ، لان اصل علي من اصل النبي عليهما صلوات الله وسلامه فقد انتظم اللفظ والمعنى جميعا قلنا : الجواب عن ذلك ، انه لو كان المراد به الاصل من دون قرينة اخرى لوجب ان يشاركه في ذلك جميع بني عبد المطلب من كان منهم عابدا للاصنام ومن لم يكن كذلك ، فكان اختصاصه بذلك دونهم غير صحيح ، فثبت انه لا بد من قرينة اخرى مضافة إلى ممازجة الاصل مما يدل على اختصاصه بالامامة دون غيره.

يشهد بصحة هذا التأويل ما قدمناه في باب ذكر الوصية وباب ذكر الخلافة ، وهو ما ذكرناه من مسند ابن حنبل بطريقه ورجاله ، يرفعه إلى سلمان الفارسى رضي الله عنه قال : سمعت حبيبي رسول الله صلى الله عليه وآله يقول : كنت انا وعلي نورا بين يدى الله عزوجل قبل ان يخلق الله عزوجل آدم عليه السلام باربعة عشر الف عام ، فلما خلق الله آدم عليه السلام قسم ذلك النور جزئين : فجزء انا وجزء علي (٢).

وذكرناه من طريق ابن المغازلى ، رفعه إلى سلمان الفارسى وزاد فيه : حتى افترقنا من صلب عبد المطلب ففي النبوة ، وفي علي الخلافة (٣) وذكرناه ايضا من كتاب الفردوس لابن شيرويه الديلمى في باب الخاء عن سلمان ايضا بمثله على السواء.

__________________

(١) هود : ١٧ لاحظ غاية المرام : ص ٣٦٠ نقلا عن الثعلبي في تفسيره.

(٢) فضائل الصحابة لاحمد بن حنبل ج ٢ ص ٦٦٢ ح ١١٣٠.

(٣) مناقب ابن المغازلى ص ٨٧.

٢٠٩

وذكره ايضا الفقيه المغازلى من طريق آخر وقال : حتى قسمه جزئين ، فجعل جزءا في صلب عبد الله وجزءا في صلب ابي طالب فاخرجني نبيا واخرج عليا وصيا (١) وقد تقدم ذكر الاولين في باب ما كنى عنه عليه السلام بلفظ الخلافة ، والخبر الاخير ذكرناه في باب الوصية بطرقها الا انه قال : قبل ان يخلق آدم بالف عام اعني ابن المغازلى فان اراد ب‍ «من» ابتداء الغاية فهذا هو المراد باصلهما وهو راجع إلى تبيين الجنس دون الاقتصار على صريح النسب وهو الذي قصدناه وبينا انه وجه الاختصاص فثبت بذلك ما اردناه ولله المنة.

[قال] الكميت :

ونعم ولي الأمر بعد وليه

ومنتجع التقوى ونعم المؤدب

ونعم طبيب الداء من أمر أمة

تواكلها ذو الطب والمطبب

الفصل الخامس والعشرون

في قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لعلي عليه‌السلام :

ان فيك مثلا من عيسى بن مريم عليهما‌السلام

٣٢٢ ـ من مسند ابن حنبل وبالاسناد المقدم قال : حدثنا عبد الله بن احمد بن حنبل ، قال حدثنى ابي ، قال : حدثنى يحيى بن آدم قال : حدثنا مالك بن مغول ، عن اكيل ، عن الشعبى ، قال : لقيت علقمة فقال : اتدرى ما مثل على في هذه الامة؟ قال قلت وما مثله قال : مثل عيسى بن مريم عليهما السلام احبه قوم حتى هلكوا في حبه وابغضه قوم حتى هلكوا في بغضه (٢).

٣٢٣ ـ وبالاسناد المقدم قال : حدثنا شريح عبد الله بن احمد بن حنبل ، قال حدثنا شريح (٣) بن يونس والحسن (٤) بن عرفة قالا : حدثنا أبو حفص الابار ، عن

__________________

(١) مناقب ابن المغازلى ص ٨٩.

(٢) فضائل الصحابة لاحمد بن حنبل ج ٢ ص ٥٧٥ ح ٩٧٤.

(٣) في المصدر : شريج ـ وكذا فيما يأتي.

(٤) وفي نسخة : والحسين بن عرفة.

٢١٠

الحكم بن عبد الملك ، عن الحارث بن خصيرة عن ابي صادق ، عن ربيعة بن ناجذ ، عن علي عليه السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله يا علي ان فيك مثلا من عيسى ، ابغضته اليهود حتى بهتوا امه واحبته النصارى حتى انزلوه المنزل الذي ليس له ، قال : وقال علي عليه السلام يهلك في رجلان محب يقرظنى (١) بما ليس في ومبغض يحمله شنئآنى على ان يبهتني ، «لفظ شريح بن يونس» (٢).

٣٢٤ ـ وبالاسناد المقدم قال : حدثنا عبد الله بن احمد بن حنبل قال : حدثنى أبو محمد سفيان بن وكيع بن الجراح بن مليح ، قال : حدثنا خالد بن مخلد ، قال : أبو غيلان الشيباني ، عن الحكم بن عبد الملك ، عن الحارث بن خصيرة عن ابي صادق ، عن ربيعة بن ناجذ ، عن علي (ع) قال : دعاني رسول الله صلى الله عليه وآله فقال ان فيك مثلا من عيسى ابغضته يهود خيبر حتى بهتوا امه واحبته النصارى حتى انزلوه بالمنزل الذي ليس له ، ألا وانه يهلك في اثنان : محب يقرظنى بما ليس في ومبغض يحمله شنئآنى على ان يبهتني ، الا وانى لست بنبي ولا يوحى إلى ولكني اعمل بكتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وآله ما استطعت فما امرتكم من طاعة الله فحق عليكم طاعتي فيما احببتم أو كرهتم (٣).

٣٢٥ ـ وبالاسناد المقدم ، قال : حدثنا عبد الله بن احمد بن حنبل ، قال : وجدت في كتاب ابي بخط يده واظننى قد سمعته منه ، حدثنا وكيع ، عن شريك ، عن عثمان بن اليقظان ، عن زاذان ، عن علي عليه السلام قال : مثلى في هذه الامة كمثل عيسى بن مريم عليهما السلام ، احبته طائفة. فافرطت في حبه فهلكت وابغضته طائفة. فافرطت في بغضه فهلكت ، واحبته طائفة فاقتصدت في حبه فنجت (٤).

٣٢٦ ـ وبالاسناد المقدم قال : حدثنا عبد الله بن احمد بن حنبل ، قال : حدثنا

__________________

(١) التقريظ : مدح الانسان وهو حى ـ لسان العرب.

(٢) فضائل الصحابة لاحمد بن حنبل ج ٢ ص ٦٣٩ ـ ح ١٠٨٧.

(٣) مسند احمد بن حنبل الجزء الاول ص ١٦٠.

(٤) فضائل الصحابة لاحمد بن حنبل ج ٢ ص ٦٠٠ ح ١٠٢٥.

٢١١

حدثنا هيثم قال حدثنا الحسن بن حماد سجادة ، قال : حدثنا يحيى بن ابي يعلى ، عن الحسن بن صالح بن حى وجعفر بن زياد بن الاحمر ، عن عطاء بن السائب ، عن ابي البخترى ، عن علي عليه السلام قال : يهلك في رجلان محب مفرط ومبغض مفرط (١).

٣٢٧ ـ وبالاسناد المقدم قال : حدثنا عبد الله بن احمد بن حنبل ، قال : حدثنى ابي ، قال : حدثنا وكيع ، عن نعيم بن حكيم ، عن ابي مريم ، قال سمعت عليا عليه السلام يقول : يهلك في رجلان محب مفرط غال ، ومبغض قال (٢).

٣٢٨ ـ وبالاسناد المقدم قال : حدثنا عبد الله بن احمد بن حنبل ، قال : حدثنا الحسن بن الحرانى (٣) قال : حدثنا أبو جعفر النفيلى ، قال : حدثنا ابن زياد الثقفى ، عن السدى قال : قال على عليه السلام اللهم العن كل محب لنا غال وكل مبغض لنا قال (٤).

٣٢٩ ـ وبالاسناد المقدم قال : حدثنا عبد الله بن احمد بن حنبل ، قال : حدثنا ابي ، قال : حدثنا وكيع ، قال : حدثنا الاعمش ، عن عمرو بن مرة ، عن ابي البخترى أو عن عبد الله بن سلمة ـ شك الاعمش ـ قال : قال علي عليه السلام يهلك في رجلان محب مفرط ، ومبغض مفتر (٥).

٣٣٠ ـ وبالاسناد المقدم قال : حدثنا عبد الله بن احمد بن حنبل ، قال : حدثنى ابى قال : حدثنا وكيع ، عن شعبة ، عن ابي الصباح (٦) عن ابي السوار ، قال : قال علي عليه السلام ليحبني قوم حتى يدخل النار في حبي ، وليبغضني قوم حتى يدخل النار في بغضى (٧).

__________________

(١) فضائل الصحابة لاحمد بن حنبل ج ٢ ص ٦٧٢ ـ ح ١١٤٧ وفيه في آخر الحديث ومبغض مفتر.

(٢) قليته قلى وقلاء ومقلية ابغضته وكرهته غاية الكراهة فتركته ـ لسان العرب. فضائل الصحابة لابن حنبل ج ٢ ص ٥٧١ ح ٩٦٤.

(٣) وفي المصدر : حدثنا عبد الله بن الحسن الحرانى.

(٤) فضائل الصحابة لاحمد بن حنبل ج ٢ ص ٦٦٦ ـ ح ١١٣٦.

(٥) فضائل الصحابة لاحمد بن حنبل ج ٢ ص ٥٦٥ ـ ح ٩٥١.

(٦) في المصدر : عن ابي التياح.

(٧) فضائل الصحابة لاحمد بن حنبل ج ٢ ص ٥٦٥ ـ ح ٩٥٢.

٢١٢

٣٣١ ـ ومن مناقب الفقيه ابن المغازلى الشافعي ، بالاسناد المقدم قال : حدثنا محمد بن القاسم (١) قال : حدثنا احمد بن الهيثم ، قال : حدثنا أبو غسان : مالك بن اسماعيل ، قال : حدثنا الحكم بن عبد الملك ، عن الحارث بن الخصيرة ، عن ابي صادق عن ابي ربيعة بن ناجذ ، عن علي عليه السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله قال : يا على ، ان الله جعل فيك مثلا من عيسى بن مريم عليه السلام ، ابغضته اليهود حتى بهتوا امه ، واحبته النصارى حتى ادعوا فيه ما ليس له بحق ، الا وانه يهلك في محبب مفرط مطر (٢) يقرظنى بما ليس في ، ومبغض مفتر يحمله شنئآنى ان يبهتني ، ألا وانى لست بنبى ولا يوحى إلى ولكن اعمل بكتاب الله ما استطعت ، فما امرتكم به من طاعة الله عزوجل فواجب عليكم وعلى غيركم طاعتي فيه فيما احببتم أو كرهتم (٣).

قال يحيى بن الحسن : اعلم انه قد جعل الناس في امره ثلاث مراتب.

قوما افرطوا في حبه ، فهلكوا ، وقوما افرطوا في بغضه فهلكوا ودخلوا النار ، وقوما اقتصدوا في حبه فنجوا.

اما الطائفة التي افرطت في حبه ، فهم النصيرية : وهم الذين يعتقدون انه اله الخلق الذي يحيى ويميت ويرزق ، وما ذلك الا لشئ عاينوه من افعاله الباهرة التي يريد الله تعالى بها (٤) تصديق الانبياء عليهم السلام ، ثم الاوصياء عليهم السلام ، ليصح بها صدق الانبياء في ادعاء النبوة ، وصدق الاوصياء في ادعاء الخلافة ، فلما اهملوا وظيفة النظر في الدليل ، كان ذلك سببا لهلاكهم ، فضلوا وهلكوا حيث شبهوا الصانع بالمصنوع والرب بالمربوب.

واما الطائفة الذين ابغضوه ، فهلكوا وادخلوا النار فهم الذين نصبوا له العداوة

__________________

(١) وفي نسخة : روى هذا الحديث مسندا عن مسند احدم بن حنبل.

(٢) اطرى فلان فلانا إذا مدحه بما ليس فيه ـ لسان العرب.

(٣) مناقب ابن المغازلى ص ٧١ مع اختلاف في المتن ومسند احمد الجزء الاول ص ١٦٠ ، مع اختلاف قليل سندا ومتنا.

(٤) وفي نسخة : التي يؤيد الله تعالى بها الانبياء.

٢١٣

وحاربوه ودفعوه عن مقامه الذي جعل الله له وجعله له رسول الله صلى الله عليه وآله ، فمن ذلك قوله تعالى : (إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ) الآية (١).

وقد تقدم اختصاصها به عليه السلام ، وقوله تعالى : (فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ وَنِساءَنا وَنِساءَكُمْ وَأَنْفُسَنا وَأَنْفُسَكُمْ) (٢).

فجعله نفس نبيه صلى الله عليه وآله ، فمن حاربه أو سبه أو دفعه عن مقام الولاء ، فقد فعل ذلك برسول الله صلى الله عليه وآله من حيث كان الولاء لهما على حد واحد ، وكانا نفسا واحدة بما قد نطق به الكتاب العزيز ، ومن قول النبي صلى الله عليه وآله من كنت مولاه فعلي مولاه.

وقوله صلى الله عليه وآله انت مني بمنزلة هارون من موسى.

وبقوله صلى الله عليه وآله انت ولي كل مؤمن بعدى ومؤمنة.

وبقوله صلى الله عليه وآله علي مني وأنا من علي ، ولا يؤدى عني الا انا أو علي.

وغير ذلك في الكتاب العزيز وفي الصحاح من الاخبار.

وقد تقدم بيان ذلك وطرقه ، فلا معنى لاعادته ، فلذلك اورد الله سبحانه وتعالى : النار من حاده وحاربه ودفعه عن مقامه ، ولقوله صلى الله عليه وآله لعلي عليه السلام حربك حربي ، وسلمك سلمي ، وقوله سبحانه وتعالى : (إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللهَ وَرَسُولَهُ أُولئِكَ فِي الْأَذَلِّينَ) (٣) فلمجموع هذه الامور قال له رسول الله صلى الله عليه وآله ان فيك مثلا من عيسى بن مريم ، ثم فسره تفسيرا بجعل العين واحدة ، فقال : احبته النصارى حتى اتخذوه الها ، وهو معنى قوله صلى الله عليه وآله حتى انزلوه المنزل الذي ليس له ، وابغضته اليهود حتى بهتوا امه.

فقوم ادعوه الها (٤) ، وقوم جعلوه ولدربه (٥) وهذا اعظم الافتراء واقبح القذف ، وهذه حالة لم تجر لاحد من البشر الا لعيسى وعلي عليهما السلام ، ولم يكن

__________________

(١) المائدة ـ ٥٥.

(٢) آل عمران ـ ٦١.

(٣) المجادلة ـ ٢٠.

(٤) وفي نسخة : اتخذوه الها.

(٥) وفي نسخة : جعلوه ولد زنوة وفي اخرى : ولد زنية.

٢١٤

ذلك الا لما اتيا به من الايات الموجبة للنبوة والامامة ولاهمال النصارى والنصيرية لعنهما الله. ما وجب عليهما من حقيقة النظر في امر النبوة والامامة.

ومنه ايضا قوله تعالى : (وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلاً إِذا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ وَقالُوا أَآلِهَتُنا خَيْرٌ أَمْ هُوَ) (١) لأنه صلى الله عليه وآله لما قال هذه المقالة في علي عليه السلام عظم على قومه وقالوا عيسى خير بالأمس كنا نتخذه إلها فذكر الله تعالى القصة وقال : (وَلَوْ نَشاءُ لَجَعَلْنا مِنْكُمْ مَلائِكَةً فِي الْأَرْضِ يَخْلُفُونَ) (٢) فذكر تعالى أن لفظ الاستخلاف لعلي عليه السلام بدليل قوله تعالى (مِنْكُمْ).

واما المقتصدة من الفرق فهي التي جعلت عيسى عليه السلام نبيا ، وجعلت عليا عليه السلام اماما ، ولم تتعد بهما ما جعله الله تعالى لهما.

[قال] مهيار :

وأحق بالتمييز عند محمد

من كان سامى منكبيه راقيا

وأبرهم من كان عنه موقيا

حوباءه (٣) من فوق الفراش وفاديا (٤)

الفصل السادس والعشرون

في قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله لعلي (ع) : لا يحبك الا مؤمن ولا يبغضك الا منافق

٣٣٢ ـ من مسند ابن حنبل ، بالاسناد المقدم قال : حدثنا عبد الله بن احمد بن حنبل عن ابيه ، قال : حدثنا وكيع حدثنا الاعمش ، عن عدى بن ثابت ، عن زربن حبيش ، عن علي عليه السلام قال : عهد النبي صلى الله عليه وآله الي : انه لا يحبك الا مؤمن : ولا يبغضك الا منافق (٥).

٣٣٣ ـ وبالاسناد المقدم قال : حدثنا عبد الله بن احمد بن حنبل ، قال : حدثنى

__________________

(١) الزخرف ـ ٥٧ ـ ٥٨.

(٢) الزخرف ـ ٦٠.

(٣) الحوب : النفس ـ لسان العرب.

(٤) ديوان مهيار الديلمى ج ٢ ص ٢٠١.

(٥) مسند احمد الجزء الاول ص ١٢٧ وفضائل الصحابة ج ٢ ص ٥٦٣ ـ ح ٩٤٨.

٢١٥

ابى ، قال : حدثنا اسود بن عامر ، قال : حدثنا اسرائيل ، عن الاعمش عن ابى صالح عن ابى سعيد الخدرى ، قال : انما كنا نعرف منافقي الانصار ببغضهم عليا عليه السلام (١).

٣٣٤ ـ وبالاسناد المقدم قال : حدثنا عبد الله بن احمد بن حنبل ، قال : حدثنا على بن مسلم ، قال : اخبرنا عبيدالله بن موسى ، قال : اخبرنا محمد بن على السلمى عن عبد الله بن محمد بن عقيل ، عن جابر بن عبد الله ، قال : ما كنا نعرف منافقينا معشر الانصار الا ببغضهم عليا عليه السلام (٢).

٣٣٥ ـ وبالاسناد المقدم قال : حدثنا عبد الله بن احمد بن حنبل ، قال : حدثنا احمد بن عبد الجبار ، قال : حدثنا محمد بن عباد ، قال حدثنا محمد بن فضيل ، عن ابى نصر : عبد الله بن عبد الرحمان ، عن مساور الحميرى ، عن امه قالت : دخلت على ام سلمة فسمعتها تقول : قال رسول الله صلى الله عليه وآله لعلى عليه السلام لا يبغضك مؤمن ، ولا يحبك منافق (٣).

٣٣٦ ـ وبالاسناد المقدم قال : حدثنا عبد الله بن احمد بن حنبل ، قال : حدثنا الهيثم بن خلف ، قال قال : حدثنا عبد الملك بن عبد ربه أبو اسحاق الطائى ، قال : حدثنا معاوية بن عمار ، عن ابى الزبير قال : قلت لجابر كيف كان على فيكم؟ قال ذلك من خير البشر ، ما كنا نعرف المنافقين الا ببغضهم اياه (٤).

٣٣٧ ـ وبالاسناد المقدم قال : حدثنا عبد الله بن احمد بن حنبل ، عن ابيه ، قال : حدثنا عثمان بن محمد بن ابى شيبة وسمعته انا من عثمان بن محمد ، قال : حدثنا محمد بن فضيل ، عن عبد الله بن عبد الرحمان ابى نصر ، قال : حدثنا مساور الحميرى ، عن امه قالت : سمعت ام سلمة تقول : سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول لعلى عليه السلام لا يبغضك مؤمن ولا يحبك منافق (٥).

__________________

(١) فضائل الصحابة ج ٢ ص ٥٧٩ ـ ح ٩٧٩.

(٢) فضائل الصحابة ج ٢ ص ٦٣٩ ح ـ ١٠٨٦.

(٣) فضائل الصحابة ج ٢ ص ٦١٩ ـ ح ١٠٥٩.

(٤) فضائل الصحابة ج ٢ ص ٦٧١ ـ ح ١١٤٦.

(٥) مسند احمد الجزء السادس ص ٢٩٢.

٢١٦

٢٣٨ ـ وبالاسناد المقدم قال : حدثنا عبد الله بن احمد بن حنبل ، قال : حدثنى ابى ، قال : حدثنا سعيد بن محمد الوراق ، عن على بن حيرون (١) قال : سمعت ابا مريم الثقفى ، يقول : سمعت عمار بن ياسر يقول : سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول لعلى (ع) يا على ، طوبى لمن احبك وصدق فيك ، وويل لمن ابغضك وكذب فيك (٢).

٣٣٩ ـ وبالاسناد المقدم قال : حدثنا عبد الله بن احمد بن حنبل ، قال : حدثنا احمد بن زنجوية القطان ، حدثنا هشام بن عمار الدمشقي ، قال : حدثنا اسد ، عن الحجاج بن ارطاة ، عن عطية العوفى قال : حدثنا أبو سعيد الخدرى قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله من ابغضنا اهل البيت فهو منافق (٣).

٣٤٠ ـ وبالاسناد المقدم قال : حدثنا عبد الله بن احمد بن حنبل ، قال : حدثنا الفضل بن الحباب البصري بالبصرة ، قال : حدثنا القعنبى : عبد الله بن مسلمة ، قال : حدثنا ابن لهيعة عن ابى الاسود ، عن عروة ، ـ وهو ابن الزبير ـ : ان رجلا وقع في علي بن أبي طالب عليه السلام بمحضر من عمر ، فقال له عمر : تعرف صاحب هذا القبر؟ هو محمد بن عبد الله بن عبد المطلب وعلى بن ابى طالب بن عبد المطلب ، فلا تذكر عليا الا بخير فانك ابغضته آذيت هذا في قبره (٤).

٣٤١ ـ وبالاسناد المقدم قال : حدثنا عبد الله بن احمد بن حنبل ، قال : حدثنى ابى ، قال : حدثنا ابن نمير ، قال : حدثنا الاعمش ، عن عدى بن ثابت الانصاري عن زربن حبيش ، قال : قال على عليه السلام والله انه لمما عهد إلى النبي الامي صلى الله عليه وآله انه لا يبغضني الا منافق ، ولا يحبنى الا مؤمن (٥).

__________________

(١) في المصدر : حذور. وفى نسخة خيرون.

(٢) فضائل الصحابة ج ٢ ص ٦٨٠ ـ ح ١١٦٢.

(٣) فضائل الصحابة ج ٢ ص ٦٦١ ـ ح ١١٢٦.

(٤) فضائل الصحابة لاحمد بن حنبل ج ٢ ص ٦٤١ ـ ح ١٠٨٩.

(٥) مسند احمد الجزء الاول ص ٨٤ وفضائل الصحابة لاحمد بن حنبل ج ٢ ص ٥٧٠ ح ٩٦١.

٢١٧

٣٤٢ ـ ومن الجمع بين الصحيحين للحميدي ، الحديث التاسع من مسند امير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام من افراد مسلم بالاسناد المقدم قال : عن زربن حبيش قال : قال على عليه السلام والذى فلق الحبة وبرئ النسمة انه لعهد النبي الامي صلى الله عليه وآله إلى : لا يحبنى الا مؤمن ، ولا يبغضني الا منافق (١).

٣٤٣ ـ ومن الجمع بين الصحاح الستة لرزين العبدرى من الجزء الثاني على حد ثلثيه في باب مناقب امير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام من سنن ابى داود السجستاني ، وبالاسناد المقدم قال عن ابى سعيد الخدرى ـ رحمة الله عليه ـ قال : انا كنا لنعرف المنافقين ببغضهم علي بن أبي طالب عليه السلام (٢).

٣٤٤ ـ ومن الباب ايضا من صحيح البخاري عن ام سلمة رضى الله عنها بالاسناد المقدم قال : قالت ام سلمة قال النبي صلى الله عليه وآله لا يحب عليا منافق ، ولا يبغضه مؤمن (٣).

٣٤٥ ـ ويليه من الباب ايضا من صحيح ابى داود وهو كتاب السنن عن زربن بن حبيش قال : سمعت عليا عليه السلام يقول : والذى فلق الحبة وبرئ النسمة انه لعهد النبي الامي صلى الله عليه وآله إلى انه لا يحبنى الا مؤمن ، ولا يبغضني الا منافق (٤).

قال يحيى بن الحسن : اعلم ان المنافق قد اخبر الله سبحانه بحاله في الاخرة وجعله اكثر اهل النار عذابا فقال سبحانه وتعالى (إِنَّ الْمُنافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ) (٥) وإذا كان حب علي عليه السلام علامة على كون محبه مؤمنا وبغضه علامة على كون مبغضه منافقا فقد اتضح لنا طريق الجنة بدليل صحيح من قبل النبي صلى الله عليه وآله الذي قال الله تعالى في حقه : (وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحى) (٦).

وطريق النار ايضا من قبل الله سبحانه وتعالى من حيث جعل ما اتى به رسول

__________________

(١) صحيح مسلم الجزء الاول كتاب الايمان ص ٦٠.

(٢) غاية المرام ص ٦١٠.

(٣) غاية المرام ص ٦١٠.

(٤) غاية المرام ص ٦١١.

(٥) النساء ـ ١٤٥.

(٦) النجم ٤ ـ ٣.

٢١٨

الله صلى الله عليه وآله ونطق به بوحيه تعالى وقال تعالى له صلى الله عليه وآله (إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ ما يُوحى إِلَيَ) (١). فلما أثبت سبحانه وتعالى أن قول رسول الله صلى الله عليه وآله بوحي منه تعالى قال تعالى عز وجل (وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا) (٢) يدل على أن حبه يدخل الجنة لأن علامة الإيمان حبه على ما قد بيناه من هذه الأحاديث كما دل بغضه على أن مبغضه يكون منافقا ومع كونه منافقا فهو (فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ). فقد ثبت أن أحدنا يعلم في حال الدنيا أهو من أهل الجنة أو هو من أهل النار بدليل صادق لا يحتمله التوسع ولا المجاز فصار ذلك حقيقة في طريق الهداية والضلال بما قد تضمنه القرآن المجيد الصريح والخبر المتواتر الصحيح.

وهذا غاية في وجوب الاقتداء ونهاية في خلوص الاصطفاء ثم لم تكن محبته طريق الهداية إلا عن أصل صحيح وهو أن الله تعالى يحبه ورسوله صلى الله عليه وآله يحبه أيضا فلذلك أمرنا بمحبته (ع) فمحبة الله له اجتباء ومحبة الرسول صلى الله عليه وآله له اصطفاء ومحبة الأمة له اقتداء ولذلك صار المحجة الواضحة في نجاة التابع والحجة الموضحة عن ضلال الزائغ.

يدل على صحة ما قلناه قوله تعالى (فَسَوْفَ يَأْتِي اللهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ) (٣) وهى خاصة فيه فيما يأتي بعد ان شاء الله تعالى ، وقول النبي صلى الله عليه وآله : لاعطين الراية غدا رجلا ، يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله ، من غير طريق انها خاصة به ، وقد تقدم ذكر خبر الراية مستوفى فلا معنى باعادته.

[قال] الكميت :

إلى أي عدل أم إلى أي رأفة

سواهم يؤم الظاعن (٤) المتحمل

لأهل العمى فيهم شفاء من العمى

مع النصح لو أن النصيحة تقبل (٥)

__________________

(١) الانعام ـ ٥٠.

(٢) الحشر ـ ٧.

(٣) المائدة ـ ٥٤.

(٤) ظعن : سار وارتحل. مجمع البحرين.

(٥) تنبيه : لا يخفى ان احاديث هذا الفصل مذكورة في الكتب العامة والخاصة. =

٢١٩

الفصل السابع والعشرون

في قوله عليه‌السلام : الصديقون ثلاثة

٣٤٦ ـ من مسند ابن حنبل وبالاسناد المقدم قال : حدثنا عبد الله بن احمد بن حنبل ، قال حدثنى ابى ، قال : حدثنا ابن نمير وابو أحمد الزبيري قالا : حدثنا العلاء بن صالح ، عن المنهال بن عمرو ، عن عباد بن عبد الله قال : سمعت عليا عليه السلام ، يقول : انا عبد الله واخو رسوله صلى الله عليه وآله.

قال ابن نمير في حديثه : وانا الصديق الاكبر لا يقولها بعدى.

قال أبو احمد : لا يقولها بعدى الا كاذب مفتر ، ولقد صليت قبل الناس بسبع سنين قال أبو احمد : ولقد اسلمت قبل الناس بسبع سنين (١).

٣٤٧ ـ وبالاسناد المقدم قال : حدثنا عبد الله بن احمد بن حنبل ، قال : حدثنا محمد ، قال : حدثنا الحسن بن عبد الرحمان الانصاري ، قال : حدثنا عمرو بن جميع عن ابن ابى ليلى ، عن اخيه : عيسى ، عن عبد الرحمان بن ابى ليلى ، عن ابيه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله الصديقون ثلاثة : حبيب بن موسى النجار وهو مؤمن آل ياسين ،

__________________

= ويكفى في ذلك ما ذكره ابن ابى الحديد الجزء الاول من شرحه على النهج البلاغة من الطبعة المصرية ص ٣٦٤ القديمة في اربعة اجزاء وفى الجزء الرابع من الطبعة المحقة لمحمد ابى الفضل ابراهيم في عشر ين جزء ص ٨٣ حيث يقول : وقد اتفقت الاخبار الصحيحة التي لا ريب فيها عند المحدثين : على ان النبي صلى الله عليه وآله قال : «لا يبغضك الا منافق ولا يحبك الا مؤمن». وفى الجزء السادس ايضا من هذه الطبعة ص ٢١٧ في قصة الجمل رواية ام سلمة تذكر عائشة بهذا الحديث «والله لا يبغضه احد من اهل بيتى ولا من غيرهم من الناس الا وهو خارج من الايمان» فرجعت نادمة ساقطة! قالت عائشة : نعم اذكر ذلك. راجع تفصيل ذلك من كتاب الغدير الجزء الثالث من ص ١٨١ ـ ١٨٧.

(١) فضائل الصحابة لاحمد بن حنبل ج ٢ ص ٥٨٦ ـ ح ٩٩٣.

٢٢٠