عمدة عيون صحاح الأخبار في مناقب إمام الأبرار

شمس الدين يحيى بن الحسن الأسدي الربعي الحلّي [ الحافظ ابن البطريق ]

عمدة عيون صحاح الأخبار في مناقب إمام الأبرار

المؤلف:

شمس الدين يحيى بن الحسن الأسدي الربعي الحلّي [ الحافظ ابن البطريق ]


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤٨٣

الله تعالى من البشر والملائكة ، ولما ميزه على ولد آدم بما تقدم له من المناقب ، اراد الله تعالى ابانة فضله على الامئكة ليعلم الانبياء والاوصياء والملائكة عليهم السلام ومن عداهم من ولد آدم : انه قد تفرد بما لم تثبت نفس احد عليه وذلك يدل على تحقيق الوعد الصادق عنده من قوله تعالى : (إِنَّ اللهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ) الآية. (١)

فلقوه بصيرة لم تحصل لغيره بذل مهجته ابتغاء مرضاة الله سبحانه وتعالى وما امتحن الله سبحانه وتعالى الملائكة بهذا الامتحان إلا وقد علم من حالهم أنهم لا يصبرون على أن يكون الواحد منهم باذلا نفسه دون أخيه ومؤثره بعمره على نفسه ولما علم سبحانه وتعالى ذلك من حالهم كلفهم مع علمه أنه غير واقع منهم ليتبين فضل لأمير المؤمنين عليه السلام عليهم وبذله نفسه في ما لم يبذل أحدهم نفسه فيه فإذا علم بنو آدم أن الملائكة المقربين لم يقدروا على مماثلته في فعله أقروا حينئذ أنه لا مثل له فيهم فتبين فضله على البشر والملائكة جميعا بما يقرب من مرضاة الله تعالى وما تحصل به محبة الله تعالى من بذل نفسه له لأنه تعالى قال (إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيانٌ مَرْصُوصٌ) (٢) ولم تحصل محبة الله تعالى لهم في ذلك الا من حيث اقدموا على بذل نفوسهم في سبيله وهم وان كانوا بذلوا نفوسهم في الجهاد في سبيله [لكن ا] مير المؤمنين (ع) كان في الجهاد اقدم على مبارزة الخصوم وبين الحالين فرق ، لان المحارب مجوز «له» (٣) التجارة لنفسه (٤) حال الحرب ومجوز له ضد ذلك : فحاله مترجحة بين الخوف والرجاء ، ومبيت امير المؤمنين عليه السلام لم تترجح فيه الظنون بين السلامة والعطب ، وانما عقدت عليه الضماير بالعطب لكثرة العدو وانهزام النبي صلى الله عليه وآله في ذلك المقام ، فصار الظن في جواز الهلاك اقوى فكذلك كان ظن الملائكة في العطب اقوى ، فلذلك لم يقدموا على فعله ، فبان له (ع) بذلك

__________________

(١) التوبة : ١١١.

(٢) الصف : ٤.

(٣) «له» من اضافتنا لتستقيم العبارة.

(٤) وفى نسخة : النجاة.

٢٤١

الفضل على الملائكة وعلى غيرهم من اولاد آدم ووجبت محبة الله سبحانه وتعالى له اكثر من غيره ممن لم يقدم على مثل اقدامه ، وفى ذلك فقد النظير له عليه السلام.

وقيل :

أفرطت بك كلما قصدت ولو

عنفني القائلون أو ثلبوا (١)

الفصل الحادى والثلاثون

في ذكر خبر الطائر

٣٦٨ ـ من مسند ابن حنبل وبالاسناد المقدم قال : حدثنا عبد الله بن احمد بن حنبل ، قال : حدثنى ابى ، قال : اخبرنا ابن مالك ، قال : حدثنا عبيدالله بن عمر (٢) قال : حدثنا يونس بن ارقم ، قال : حدثنا مطير بن ابى خالد ، عن ثابت البجلى ، عن سفينة ـ مولى رسول الله صلى الله عليه وآله ـ قال : اهدت امرأة من الانصار إلى رسول الله صلى الله عليه وآله طيرين بين رغيفين.

فقدمت إليه الطيرين ، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : اللهم ايتنى باحب خلقك اليك والى رسولك ، فجاء على عليه السلام فرفع صوته ، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : من هذا؟ قلت : على ، قال : فافتح له ففتحت له ، فأكل من الطيرين مع النبي صلى الله عليه وآله حتى فنيا (٣).

٣٦٩ ـ ومن مناقب الفقيه ابن المغازلى الشافعي وبالاسناد المقدم قال : اخبرنا أبو الحسن : احمد بن المظفر بن احمد العطار الفقيه الشافعي بقرائتي عليه فاقر به في سنة اربع وثلاثين واربع مائة ، قلت له : اخبركم أبو محمد : عبد الله بن محمد بن عثمان المزني الملقب بابن السقاء الحافظ الواسطي ، قال : حدثنا أبو الحسن : على بن محمد بن

__________________

(١) العنف : الشدة والمشقة ، والثلب : شدة اللوم والاخذ باللسان ـ ثلبه : لامه وعابه ـ لسان العرب.

(٢) وفى المصدر : حدثنا عبد الله بن محمد.

(٣) فضائل الصحابة لاحمد بن حنبل ج ٢ ص ٥٦٠ ـ ح ٩٤٥.

٢٤٢

صدقة الجوهرى الواسطي سنة ثلاث وثلاث مائة ، قال : حدثنى محمد بن زكريا بن دويد العبدى ، قال : حدثنا حميد الطويل ، عن انس بن مالك ، قال : اهدى إلى النبي صلى الله عليه وآله نحامة (١) فقال النبي صلى الله عليه وآله ، اللهم ابعث إلى احب خلقك اليك والى نبيك يأكل معى من هذه المائدة ، قال : فاتى على ، فقال : يا انس استاذن لى على رسول الله صلى الله عليه وآله ، قال : فقلت : النبي عنك مشغول ، فرجع على ، ولم يلبث الا قليلا ان رجع فقال : يا انس استاذن لى على النبي صلى الله عليه وآله ، فقلت : النبي عنك مشغول ، فرجع فلم يلبث الا قليلا ان رجع فقال : يا انس استأذن لى على رسول الله ، فهممت ان اقول مثل قولى الاول والثانى ، فسمع النبي صلى الله عليه وآله من داخل الحجرة كلام على فقال : ادخل يا ابا الحسن ، ما ابطأ بك عنى؟ قال : قد جئت يا رسول الله صلى الله عليه وآله مرتين وهذه الثالثة ، كل ذلك يردنى انس يقول : النبي صلى الله عليه وآله عنك مشغول فقال : يا انس ما حملك على هذا؟ فقلت : يا رسول الله سمعت الدعوة فاحببت ان يكون رجلا من قومي ، فقال النبي صلى الله عليه وآله : كل يحب قومه يا انس (٢).

٣٧٠ ـ وبالاسناد المقدم قال : اخبرنا أبو بكر : احمد بن محمد بن عبد الوهاب بن طاوان السمسار ـ بقرائتي عليه فاقر به ـ سنة تسع واربعين واربع مائة ، قلت له : حدثكم القاضى أبو الفرج : احمد بن على بن جعفر بن محمد بن المعلى الخيوطى الحافظ الواسطي ، قال : واخبرنا القاضى أبو على : اسماعيل بن محمد بن الطيب الفقيه العراقى الواسطي ـ بقرائتي عليه فاقر به ـ قلت له : اخبركم أبو بكر : احمد بن عبيد بن الفضل بن سهل بن بيرى الواسطي واخبرنا أبو غالب : محمد بن احمد بن سهل النحوي سنة اربع وخمسين واربع مائة ، قال : حدثنا ـ أبو الحسن على بن الحسن الجاذرى الطحان ، قالوا : حدثنا محمد بن عثمان بن سمعان ـ المعدل

__________________

(١) النحام : طائر على خلقة الاوز ـ والاوز البط ـ واحدته نحامة ـ لسان العرب ج ١٢ ص ٥٧٢.

(٢) مناقب ابن المغازلى ص ١٥٦.

٢٤٣

الحافظ الواسطي ، قال : حدثنا أبو الحسن : اسلم بن سهل بن اسلم الرزاز المعروف ببحشل الواسطي ، قال : حدثنا وهب بن بقية : أبو محمد الواسطي ، قال : حدثنا اسحاق بن يوسف الازرق ـ وهو واسطى ـ عن عبد الملك بن ابى سليمان ، عن انس بن مالك قال : دخلت على محمد ابن الحجاج فقال : يا ابا حمزة حدثنا عن رسول الله صلى الله عليه وآله حديثا ليس بينك وبينه فيه احد ، فقلت : تحدثوا فان الحديث ذوشجون يجر بعضه بعضا فذكر أنس حديثا عن علي بن أبي طالب عليه السلام فقال له محمد بن الحجاج : اعن ابى تراب تحدثنا؟ دعنا من ابى تراب ، فغضب انس وقال : العلى تقول هذا؟ اما والله إذ ذلت هذا فلا حدثتك بحديث فيه سمعته من رسول الله صلى الله عليه وآله [ليس بينى وبينه احد] (١) اهدى إلى رسول الله يعاقيب (٢) اللهم ايتنى باحب خلقك اليك يأكل معى من هذا الطائر ، فجاء رجل فضرب الباب فرجوت ان يكون من الانصار ، فإذا انا بعلى عليه السلام (٣) فقلت : اليس انما جئت الساعة؟ فرجع ، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وآله : اللهم ايتنى باحب خلقك اليك ، يأكل معى من هذا الطائر ، فجاء رجل فضرب الباب ، فقال رسول الله : ائذن له ، فإذا انا بعلى (ع) ، فلما رآه رسول الله قال : اللهم والى ، اللهم والى (٤).

قال ابن المغازلى : قال «اسلم» روى هذا الحديث عن انس بن مالك يوسف بن ابراهيم الواسطي واسماعيل بن ابى سليمان الازرق والزهرى واسماعيل السدى واسحاق بن عبد الله بن ابى طلحة وثمامة بن عبد الله بن انس وسعيد ابن زربى وقال

__________________

(١) ما بين المعقوفتين كان في المصدر.

(٢) اليعقوب : الذكر من الحجل والقطا ـ لسان العرب.

(٣ ـ ٤) مناقب ابن المغازلى ص ١٥٧ وفيه : فقلت : النبي عنك مشغول ، فرجع فقال رسول الله صلى الله عليه وآله اللهم ايتنى باحب خلقك اليك ، يأكل معى من هذا الطائر ، فجاء رجل ، فضرب الباب فإذا انا بعلى فقلت : ...

٢٤٤

ابن سمعان : سعيد بن زربى انما حدث به [عن ثابت] (١) عن انس وقد روى جماعة عن انس منهم سعيد بن المسيب وعبد الملك بن عمير ومسلم الملائى وسليمان بن الحجاج الطائفي وابى الرجا الكوفى (٢) أبو الهندي واسماعيل بن عبد الله بن جعفر ويغنم بن سالم بن قنبر وغيرهم ، قال ابن سمعان : وهم اسلم في قوله : سعيد بن زربى ، لان سعيد بن زربى انما حدث به عن ثابت البنانى ، عن انس (٣).

٣٧١ ـ وبالاسناد المقدم قال : اخبرنا أبو طالب : محمد بن احمد بن عثمان ، قلت له : اخبركم أبو بكر : احمد بن ابراهيم بن حسن بن شاذان البزار البغدادي اذنا : ان محمد بن الحسين بن حميد بن الربيع حدثهم ، قال : حدثنا جدى قال : حدثنا عبيدالله بن موسى ، قال : حدثنا اسماعيل بن ابى المغيرة ، عن انس بن مالك قال : اهدى إلى رسول الله صلى الله عليه وآله اطيار ، فقسمها بين نسائه فاصاب كل امرأة منهن ثلاثة ، فاصبح عند بعض نسائه طيران ، فبعث بهما إلى النبي صلى الله عليه وآله ، فقال : اللهم ايتنى باحب خلقك اليك والى رسولك ، يأكل معى من هذا الطائر ، فقلت : اللهم اجعله رجلا من الانصار ، فجاء على عليه السلام فقال رسول الله صلى الله عليه وآله أنظر من على الباب؟ فنظرت فإذا على عليه السلام فقلت له : رسول الله صلى الله عليه وآله على حاجة ، ثم جئت فقمت بين يدى رسول الله صلى الله عليه وآله فجاء على عليه السلام فقال : يا انس ، انظر من على الباب؟ فنظرت فإذا على [حتى فعل ذلك ثلاثا] (٤) ففتحت له الباب ، فدخل يمشى وانا خلفه ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله : ما حبسك عنى؟ فقال : هذا آخر

ثلاث مرات يردنى انس يزعم انك على حاجة ، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : ما حملك على ما صنعت؟ فقلت : يا رسول الله صلى الله عليه وآله سمعت دعائك فاحببت ان يكون الرجل من قومي ، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : ان الرجل قد يحب قومه ، ان الرجل

__________________

(١) ما بين المعقوفتين ، من المصدر.

(٢) في المصدر : وابن ابى الرجال المدنى وابو الهندي.

(٣) مناقب ابن المغازلى ص ١٥٩ ـ ١٦٠.

(٤) ما بين المعقوفتين كان في المصدر.

٢٤٥

قد يحب قومه ، ان الرجل قد يحب قومه (١).

٣٧٢ ـ وبالاسناد قال : اخبرنا محمد بن احمد بن عثمان : ان ابا الحسين : محمد بن المظفر بن موسى بن عيسى (٢) الحافظ البغدادي اخبرهم اذنا ، قال : حدثنا محمد بن موسى الحضرمي بمصر ، قال : حدثنا محمد بن سليمان ، قال : حدثنا احمد بن يزيد ، قال : حدثنا زهير ، قال : حدثنا عثمان الطويل ، عن انس ابن مالك قال : اهدى إلى النبي صلى الله عليه وآله طير كان يعجبه اكله ، فقال : اللهم ايتنى باحب خلقك اليك يأكل من هذا الطائر معى فجاء على عليه السلام فاستأذن على النبي صلى الله عليه وآله فقلت : ما عليه اذن وكنت احب ان يكون رجلا من الانصار فذهب ثم رجع ، فقال : استأذن لى على النبي صلى الله عليه وآله فسمع النبي صلى الله عليه وآله صوته فقال : ادخل يا على ، ثم قال : والى (٣).

٣٧٣ ـ وبالاسناد المقدم. قال : اخبرنا محمد بن احمد بن عثمان ، قال : اخبرنا أبو عمر : محمد بن العباس بن حيوية الخزاز وابو بكر : احمد بن ابراهيم بن الحسن بن شاذان البزار البغدادي اذنا ، قال : ابن الحسين بن محمد حدثهم ، قال : حدثنا الحجاج بن يوسف بن قتيبة الاصفهانى ، قال : حدثنا بشر بن الحسين ، قال : حدثنا الزبير بن عدى ، عن انس قال : اهدى إلى رسول الله صلى الله عليه وآله طير مشوى ، فلما وضع بين يديه قال : اللهم ايتنى باحب خلقك اليك ، يأكل معى من هذا الطائر ، قال : فقلت في نفسي : اللهم اجعله رجلا من الانصار ، قال : فجاء على عليه السلام فقرع الباب قرعا خفيا ، فقلت : من هذا؟ فقال : على ، فقلت : ان رسول الله صلى الله عليه وآله على حاجة فانصرف ، قال : فرجعت إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وهو يقول الثانية : اللهم ايتنى باحب خلقك اليك ، يأكل معى من هذا الطير ، فقلت في نفسي : اللهم اجعله رجلا من الانصار ، قال : فجاء على عليه السلام فقرع الباب ، فقلت : الم اخبرك :

__________________

(١) مناقب ابن المغازلى ص ١٦١.

(٢) وفى نسخة : ان ابا الحسن بن موسى بن عيسى.

(٣) مناقب ابن المغازلى ص ١٦٢.

٢٤٦

ان رسول الله صلى الله عليه وآله وهو يقول الثالثة : اللهم ايتنى باحب خلقك اليك ، يأكل معى من هذا الطير ، فجاء على عليه السلام ، فضرب الباب ضربا شديدا فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : افتح ، افتح ، افتح ، قال : فلما نظر إليه رسول الله صلى الله عليه وآله ، قال : اللهم والى ، اللهم ، والى ، اللهم والى ، قال : فجلس مع رسول الله صلى الله عليه وآله فأكل معه من الطير (١).

٣٧٤ ـ وبالاسناد المقدم قال : اخبرنا محمد بن على اجازة ، ان ابا حفص : عمر بن احمد بن شاهين الواعظ حدثهم قال : حدثنا الحنيفى الجواربى (٢) حدثنا ابراهيم بن صدقة قال : حدثنا يغنم بن سالم ، حدثنا انس قال : اهدى لرسول الله صلى الله عليه وآله طائر ... وذكر الحديث (٣).

٣٧٥ ـ وبالاسناد المقدم قال : حدثنا أبو طالب : محمد بن احمد بن عثمان البغدادي قدم علينا واسطأ ـ بقرائتي عليه واقربه ـ قلت له : اخبركم عمر بن احمد بن شاهين : أبو حفص اذنا ، قال : حدثنى يحيى بن محمد بن صاعد ، قال : حدثنا ابراهيم بن سعيد الجوهرى قال : حدثنا حسين بن محمد قال : حدثنا سليمان بن قرم ، عن محمد بن شعيب ، عن داوود بن على بن عبد الله بن عباس ، عن ابيه ، عن جده : ابن عباس (رضى الله عنه) قال : اتى النبي صلى الله عليه وآله بطائر فقال : اللهم ايتنى برجل يحبه الله ورسوله ، فجاء على عليه السلام ، فقال صلى الله عليه وآله : اللهم والى.

قال : وهذا حديث غريب تفرد به الحسين الرازي المروزى عن سليمان بن قرم ولم يحدث به الا ابراهيم بن سعيد (٤).

__________________

(١) مناقب ابن المغازلى ص ١٦٣.

(٢) وفى نسخة اخرى : محمد بن الحنيفى الخوارزمي وفى المصدر : محمد بن الحسين الجواربى.

(٣) مناقب ابن المغازلى ص ١٦٤.

(٤) مناقب ابن المغازلى ص ١٦٤.

٢٤٧

٣٧٦ ـ وبالاسناد المقدم قال : اخبرنا أبو القاسم : عبد الواحد بن على بن العباس البزار الواسطي قال : اخبرنا أبو القاسم : عبد الله بن محمد (١) بن احمد بن اسد البزار ، قال : حدثنا محمد بن العباس بن احمد أبو مقاتل قال حدثنا : العباس ، قال : حدثنا أبو عاصم ، عن ابى الهندي ، عن انس : ان النبي صلى الله عليه وآله اتى بطير فقال : اللهم ايتنى باحب خلقك اليك ، يأكل معى من هذا الطير ، قال : فجاء علي بن أبي طالب عليه السلام فقال : اللهم والى اللهم والى (٢).

٣٧٧ ـ وبالاسناد المقدم قال : اخبرنا أبو طالب : محمد بن على بن الفتح الحربى البغدادي فيما كتب به إلى : ان ابا حفص : عمر بن احمد بن شاهين حدثهم ، قال : حدثنا نصر بن القاسم الفرضى ، حدثنا عيسى بن مساور الجوهرى ، قال : قال لى يغنم بن سالم بن قنبر ـ ولقيته سنة تسعين ومائة ـ وقال يغنم بن سالم : لى اثنا عشر ومائة سنة ، قال لى انس بن مالك : اهدى إلى رسول الله صلى الله عليه وآله طير مشوى ، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : اللهم ايتنى باحب خلقك اليك ـ أو بمن تحبه ـ الشك من عيسى بن مساور الجوهرى ـ فجاء على عليه السلام فرددته ، ثم جاء ، فرددته ، فدخل في الثالثة أو في الرابعة فقال له النبي صلى الله عليه وآله : ما حبسك عنى ـ اوما ابطاء بك عنى ـ يا على؟ قال : جئت فردني انس ثم جئت فردني انس ، ثم جئت فردني انس ، قال لى : يا انس ما حملك على ما صنعت؟ قال : رجوت ان يكون رجلا من الانصار (٣) ، فقال : يا انس ، أوفى الانصار خير من على؟ أوفى الانصار افضل من على؟ (٤).

٣٧٨ ـ وبالاسناد المقدم قال : اخبرنا محمد بن احمد بن سهل النحوي اذنا :

__________________

(١) في المصدر : عبيدالله بن محمد.

(٢) مناقب ابن المغازلى ص ١٦٦.

(٣) في المناقب ، يا انس ما حملك على ما صنعت؟ ارجوت ان يكون رجلا من الانصار؟ فقلت : نعم ...

(٤) مناقب ابن المغازلى ص ١٦٥.

٢٤٨

ان ابا نصر : احمد بن محمد بن سهل بن مردويه البزار حدثهم املاء في صفر من سنة اربع مائة ، قال : حدثنا احمد بن عيسى الناقد ، قال حدثنا صالح بن مسمار ، حدثنا ابن ابى فديك ، قال : حدثنا الحسن بن عبد الله ، عن نافع ، عن انس بن مالك : ان رسول الله صلى الله عليه وآله قرب إليه طير ، فقال : اللهم ايتنى باحب خلقك اليك ، يأكل معى من هذا الطير ، قال : فجاء علي بن أبي طالب عليه السلام فأكل معه (١).

٣٧٩ ـ وبالاسناد المقدم قال : حدثنى أبو غالب محمد بن الحسين بن ابى صالح المقرى العدل ، قال حدثنا أبو نصر : احمد بن محمد بن سهل بن مردويه البزار ، قال : حدثنا أبو بكر بن عيسى الناقد ، حدثنا ابراهيم بن محمد بن الهيثم ، حدثنا عبيدالله بن عمر القواريرى ، حدثنا يونس بن ارقم ، حدثنا مسلم بن كيسان ، عن انس بن مالك قال : اتى النبي صلى الله عليه وآله باطيار فوضعهن بين يديه ، فقال : اللهم ايتنى باحب خلقك اليك ، فقلت : اللهم ان شئت جعلته امرءا من الانصار ، فقال ـ يعنى النبي صلى الله عليه وآله ـ : انك لست باول من احب قومه ، فجاء على عليه السلام فضرب الباب فاذنت له ، فلما دخل قال : اللهم والى (٢).

٣٨٠ ـ وبالاسناد المقدم قال : اخبرنا الحسن بن احمد بن موسى ، قال : اخبرنا هلال بن محمد بن جعفر بن سعدان : أبو الفتح ، يرفعه إلى ابى جعفر السباك ، عن انس بن مالك بمثله (٣).

٣٨١ ـ وبالاسناد المقدم قال : اخبرنا أبو الحسن : على بن الحسين بن الطيب الصوفى الواسطي ـ بقرائتي عليه ـ في المحرم سنة خمس وثلثين واربع مائة ، يرفعه إلى قتادة ، عن انس بن مالك بمثله (٤).

٣٨٢ ـ وبالاسناد المقدم قال : اخبرنا أبو بكر : احمد بن محمد بن عبد الوهاب

__________________

(١) مناقب ابن المغازلى ص ١٦٧.

(٢) مناقب ابن المغازلى ص ١٦٨.

(٣) (٤) مناقب ابن المغازلى ص ١٦٨ و ١٦٩.

٢٤٩

بن طاوان السمسار اجازة ان ابا احمد بن عمر بن عبد الله بن احمد بن عمر بن احمد بن على بن شوذب المقرى الواسطي ، يرفعه إلى عمران بن هارون ، عن يغنم عن انس بن مالك بمثله (١).

٣٨٣ ـ وبالاسناد المقدم قال : اخبرنا عمر بن عبد الله بن عمر بن شوذب ، قال حدثنا احمد بن عيسى ، قال : حدثنا ابراهيم بن محمد بن الهيثم ، قال : حدثنا عبيدالله بن عمر القواريرى ، قال : حدثنا يونس بن ارقم ، قال : حدثنا مسلم بن كيسان ، عن انس بن مالك بمثله (٢).

٣٨٤ ـ وبالاسناد المقدم قال : اخبرنا عمر بن عبد الله ، قال : حدثنى عيسى بن محمد بن احمد بن جريح ـ يعنى الطومارى ـ يرفعه إلى السدى بمثله (٣).

٣٨٥ ـ وبالاسناد المقدم ، قال : اخبرنا عمر بن عبد الله ، قال : حدثنا احمد بن محمد بن عبد الله بن زياد يرفعه إلى عيسى بن عمر ، عن اسماعيل السدى بمثله (٤).

٣٨٦ ـ وبالاسناد المقدم قال : اخبرنا عمر بن عبد الله ، قال : حدثنا ابى ، قال حدثنا احمد بن عمار يرفعه إلى عبد الله بن محمد بن عبد الله بن انس عن انس بمثله (٥).

٣٨٧ ـ وبالاسناد المقدم قال اخبرنا عبد الله بن عمر ، قال : حدثنا محمد بن اسحاق السوسى ، يرفعه إلى عبد الله بن سليمان ، عن انس بن مالك بمثله (٦).

٣٨٨ ـ وبالاسناد المقدم قال : اخبرنا عمر بن عبد الله ، قال : حدثنا احمد بن

__________________

(١) وسند الحديث الاخير ملفق من سندين في المناقب.

(٢) مناقب ابن المغازلى ص ١٧١.

(٣) مناقب ابن المغازلى ص ١٧١.

(٤) مناقب ابن المغازلى ص ١٧٢.

(٥) مناقب ابن المغازلى ص ١٧٢ وفيه يرفعه إلى عبد الله بن المثنى ، عن عبد الله بن انس ، عن انس ...

(٦) مناقب ابن المغازلى ص ١٧٣ وفيه : اخبرنا «ابى» يرفعه إلى جعفر بن سليمان ، عن عبد الله بن المثنى بن عبد الله ، عن عبد الله بن انس قال : قال انس :.

٢٥٠

عيسى بن الهيثم يرفعه إلى نافع ، عن انس بن مالك بمثل (١).

٣٨٩ ـ وبالاسناد المقدم قال : اخبرنا عمر بن عبد الله ، قال : حدثنا محمد بن الحسن بن زياد ، قال : حدثنا احمد بن روح المروزى بمرو ، قال : حدثنا العلاء بن عمران ، قال : حدثنا خالد بن عبيد قال : قال انس بن مالك : بينا انا ذات يوم بباب النبي صلى الله عليه وآله إذ جائه رجل بطبق مغطى ، فقال : هل من اذن؟ فقلت : نعم. فوضع الطبق بين يدى رسول الله صلى الله صلى الله عليه وآله وعليه طائر مشوى ، فقال : احب ان تملاء بطنك من هذا يا رسول الله صلى الله عليه وآله ، فقال : غط عليه ، ثم شال يديه (٢) فقال : اللهم ادخل على احب خلقك اليك ينازعني هذا الطعام.

قال انس : فلما سمعت هذا قلت : اللهم اجعل هذه الدعوة في رجل من الانصار فخرجت اتشرف هل من انصاري ، ثلاثا ، (٣) فبينا انا كذلك ، إذ دخل على عليه السلام فقال : هل من اذن؟ فقلت : لا ، ولم يحملنى على ذلك الا الحسد ، فانصرف ، فجعلت انظر يمينا وشمالا هل من انصاري ، فلم اجد ، ثم عاد على عليه السلام فقال : هل من اذن؟ فقلت : لا. ثم انصرف ، فنظرت يمينا وشمالا ولا انصاري ، إذ عاد على (ع) فقال : هل من اذن؟ إذ نادى النبي صلى الله عليه وآله : ان ائذن له ، قال : فدخل على عليه السلام فجعل ينازع النبي صلى الله عليه وآله ، فيومئذ ثبتت مودة على في قلبى (٤).

٣٩٠ ـ وبالاسناد المقدم قال : قال عمر بن عبد الله : هذا لفظ النقاش في حديث المروزى وفى حديث محمد بن يونس : قال انس : اهدى لرسول الله صلى الله عليه وآله طير مشوى

__________________

(١) مناقب ابن المغازلى ص ١٣٧ وفيه مع اختلاف في الرواة : عن الحسن بن عبد الله ، عن نافع.

(٢) شال السائل يديه إذا رفعهما يسأل بهما ـ لسان العرب.

(٣) هكذا في النسخ التي بايدينا ولكن في المناقب : فخرجت اشوف رجلا من الانصار.

(٤) مناقب ابن المغازلى ص ١٧٣.

٢٥١

فوضع بين يديه فقال : اللهم ادخل على من تحبه فدخل على عليه السلام وذكر الحديث (١).

٣٩١ ـ ومن الجمع بين الصحاح الستة لرزين العبدرى من الجزء الثالث في باب مناقب امير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام من صحيح ابى داوود السجستاني وهو كتاب السنن ، وبالاسناد المقدم قال : عن انس بن مالك ، قال : كان عند النبي صلى الله عليه وآله طائر قد طبخ له ، فقال : اللهم ايتنى باحب خلقك اليك يأكل معى ، فجاء على عليه السلام فاكل معه منه (٢).

قال يحيى بن الحسن : اعلم ان المحبة تشتمل على معنى وعبارة فاما المعنى : فهو عبارة عن الارادة ، واما العبارة : فهى ان يقال : انها حقيقة في الشهوة ، والشهوة إذا كثرت وزادت وقويت ، سميت عشقا ، فهذا تلخيص حقيقة المحبة ، فإذا وصف الانسان منا بانه يحب الله تعالى ، فالمراد به انه يريد به تعظيمه والقيام بطاعته ، وما جرى مجرى ذلك ، وإذا وصف القديم تعالى بانه يحب احدا من الناس فالمراد بذلك انه يريد تعظيمه بقربه من طاعته وانعامه تعالى عليه بزيادة درجاته وزيادة منافعه ، فهى من القديم تعالى حقيقة في الارادة لذلك ، ولا دخول للعبارة في ذلك لان الشهوة لا تجوز الا على الاجساد ، فإذا كان النبي صلى الله عليه وآله قد سأل الله تعالى : ان يأتيه باحب خلقه إليه والى رسوله وتردد السؤال من النبي صلى الله عليه وآله في ذلك ، وفى الجميع لم يأت الا امير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام فثبت انه دعوة الرسول صلى الله عليه وآله وإذا كانت المحبة من الله تعالى له ، هي ارادة تعظيمه ورفعته ودنوه منه وقربه من طاعته ، وقد سألها النبي صلى الله عليه وآله بلفظة «افعل» وهى مما يبالغ به في المدح لانه صلى الله عليه وآله ، قال : اللهم ايتنى باحب خلقك اليك ، و «احب» على وزن «افعل» لان تشديده تقوم مقام حرف تقدير احب :

__________________

(١) مناقب ابن المغازلى ص ١٧٣. وفيه في آخر الحديث : اللهم ادخل على من تحبه واحبه.

(٢) غاية المرام ص ٤٧٣ نقلا من الجمع بين الصحاح الستة من صحيح ابى داود وذكره الترمذي في صحيحه الجزء الخامس ص ٦٣٦ مع اختلاف قليل.

٢٥٢

احبب : على وزن افعل ، فصارت هذه هي غاية المدحة له ، وإذا كان الله تعالى يريد قربه ورفعته وتعظيمه زيادة على كافة خلقه تعالى ، فقد ثبتت مزيته على ساير الخلق بدليل ثابت وهو سؤال النبي صلى الله عليه وآله لذلك ، وإذا كان احب خلق الله تعالى إليه ، وجب الاقتداء به دون غيره وهو غايه التنويه بذكره ودعاء الخلق إلى اتباعه ، وفى هذه المدحة ايضا ، قطع النظارة له ، لانه إذا كان احب خلق الله تعالى إليه ، فلا مماثل له في ذلك الا النبي صلى الله عليه وآله لان النبي صلى الله عليه وآله خارج من هذه الدعوة ، يدل على ذلك قوله صلى الله عليه وآله حين رآه : اللهم والى.

وفى الخبر الاخر يقول صلى الله عليه وآله : «اليك والى رسولك» فثبت ان السؤال لمن عداه لان لا يعترض معترض على هذا الكلام : ومن كان احب خلق الله تعالى إليه واحب خلق الله تعالى إلى رسوله ، فقد عدم نظيره ، ووجب تفرده بعلو المنزلة عند الله تعالى وعند رسوله صلى الله عليه وآله.

[قال] الفرزدق أبو فراس.

إن عد أهل التقى كانوا أئمتهم

أو قيل من خير خلق الله قيل هم

لا يستطيع جواد بعد غايتهم

ولا يدانيهم خلق وإن كرموا (١)

الفصل الثاني والثلاثون

في ذكر قضاياه في زمن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وبعده

٣٩٢ ـ من مسند ابن حنبل وبالاسناد المقدم قال : حدثنا عبد الله بن احمد بن حنبل ، قال : حدثنا عبد الله بن الحسن ، قال : حدثنا مالك بن سليمان : أبو انس الانصاري ، قال : حدثنا اسماعيل بن عياش حدثنى صفوان بن عمرو ، عن حميد بن

__________________

(١) الفرزدق : هو الشاعر همام بن غالب بن صعصعة بن ناجية ... التميمي المعروف بالفرزدق ويكنى أبو فراس وهذان البيتان من قصيدته المعروفة التي يمدح بها الامام السجاد (عليه السلام) أمام هشام بن عبد الملك مطلعة :

هذا الذي تعرف البطحاء وطأته

والبيت يعرفه والحل والحرم

٢٥٣

عبد الله بن يزيد المدنى : انه ذكر عند النبي صلى الله عليه وآله قضاء قضى به علي بن أبي طالب عليه السلام ، فاعجب النبي صلى الله عليه وآله ، فقال : الحمد لله الذي جعل فينا الحكمة اهل البيت (١).

٣٩٣ ـ وبالاسناد المقدم قال : حدثنا عبد الله بن احمد بن حنبل ، قال : حدثنا الفضل بن الحباب ، قال : حدثنا ابراهيم بن يسار الرمادي (٢) ، قال : حدثنا سفيان ، قال : حدثنا الاجلح ، عن عبد الله الكندى ، (٣) عن الشعبى ، عن عبد الله بن الخليل ، عن زيد بن ارقم ، قال : انى على عليه السلام باليمن بثلاثة نفر وقعوا على جارية في طهر واحد فولدت ولدا ، فادعوه فقال على عليه السلام لاحدهم : اتطيب به نفسا لهذا؟ قال : لا وقال للاخر : اتطيب به نفسا لهذا؟ قال : لا وقال للاخر : اتطيب به نفسا لهذا؟ قال : لا ، فقال : اراكم شركاء متشاكسين ، انى مقرع بينكم فايكم اصابته القرعة اغرمته ثلثى القيمة والزمته الولد ، فذكروا ذلك للنبى صلى الله عليه وآله فقال ما اجد فيه الا ما قال على عليه السلام (٤).

٣٩٤ ـ وبالاسناد المقدم ، قال : حدثنا عبد الله بن احمد بن حنبل ، حدثنى ابى ، قال : حدثنا سعيد ـ مولى بنى هاشم ـ قال : حدثنا اسرائيل ، قال : حدثنا سماك ، عن حنش عن على عليه السلام : قال : بعثنى رسول الله صلى الله عليه وآله إلى اليمن فانتهينا إلى قوم قد اتو إلى زبية الاسد (٥) فبينا هم كذلك يتدافعون ، إذ سقط بينهم رجل فتعلق باخر ، ثم تعلق الرجل بآخر حتى صار فيها اربعة فجرحهم الاسد ، فانتدب له رجل بحرية فقتله وماتوا من جراحتهم كلهم فقاموا اولياء الاول إلى اولياء الاخر فاخرجوا السلاح

__________________

(١) فضائل الصحابة لاحمد بن حنبل ج ٢ ص ٦٥٤ ح ١١١٣.

(٢) في المصدر : ابراهيم بن بشار الرمادي.

(٣) وفى المصدر : حدثنا الاجلح بن عبد الله الكندى.

(٤) فضائل الصحابة لاحمد بن حنبل ج ٢ ص ٦٤٥ ح ١٠٩٥ ومسند احمد بن حنبل ج ٤ ص ٣٧٣.

(٥) في المصدر : قد بنوازبية للاسد : والزبية : حفيرة تحفر للاسد والصيد ويغطى رأسها بما يسترها ليقع فيها ـ النهاية لابن الاثير.

٢٥٤

ليقتتلوا ، فأتاهم على عليه السلام على تفيئة ذلك (١) ، فقال : تريدون ان تقاتلوا ورسول الله صلى الله عليه وآله حى انا اقضي بينكم قضاء ان رضيتم فهو القضاء والا حجز (٢) بعضكم عن بعض حتى تأتوا رسول الله صلى الله عليه وآله ، فيكون هو الذي يقضى بينكم ، فمن عدا بعد ذلك فلا حق له ، اجمعوا من قبائل الذين حضروا البئر ، ربع الدية وثلث الدية ونصف الدية والدية كاملة ، فللاول الربع لانه اهلك من فوقه ، وللثاني ثلث الدية وللثالث نصف الدية ، فابوا ان يرضوا فاتوا النبي صلى الله عليه وآله وهو عند مقام ابراهيم عليه السلام : فقصوا عليه القصة فقال : انا اقضي بينكم ، فقال رجل من القوم : ان عليا (ع) قضى فينا ، فقصوا عليه صلى الله عليه وآله القصة ، فاجازه رسول الله صلى الله عليه وآله (٣).

٣٩٥ ـ وبالاسناد المقدم ، قال : حدثنا عبد الله بن احمد بن حنبل ، قال : حدثنى ابى ، قال : حدثنا ابن نمير ، قال : حدثنا حماد ، قال : اخبرنا سماك عن حنش : ان عليا (ع) قال ، وللرابع الدية كاملة (٤).

٣٩٦ ـ وبالاسناد المقدم قال : حدثنا عبد الله بن احمد بن حنبل ، قال : حدثنا أبو الربيع الزهراني ، قال : حدثنا على بن حكم الاودى ، قال : حدثنا محمد بن جعفر الوركانى وحدثنا زكريا بن يحيى بن حموية (٥) وحدثنا عبد الله بن عامر بن زرارة الحضرمي وحدثنا داود بن عمر الضبى ، قال : حدثنا شريك ، عن سماك ، عن حنش ، عن على عليه السلام ، قال : بعثنى النبي صلى الله عليه وآله إلى اليمن قاضيا فقلت : تبعثني إلى قوم ذوى اسنان وانا حديث السن ولا علم لى بالفضاء؟ فوضع يده على صدري فقال : ثبتك الله وسددك الله

__________________

(١) تفيئة ذلك أي على اثر ذلك. لسان العرب.

(٢) حجزه أي منعه ـ مجمع البحرين.

(٣) مسند احمد بن حنبل الجزء الاول ص ٧٧.

وفيه في رواه الحديث : حدثنا أبو سعيد مولى بنى هاشم.

(٤) مسند احمد بن حنبل الجزء الاول ص ٧٧.

(٥) وفى المصدر : وحدثنا زكريا بن يحيى زحمويه.

٢٥٥

إذا جائك الخصمان فلا تقضى للاول حتى تسمع من الاحر ، فانه اجدر ان يتبين لك القضاء قال : فما زلت قاضيا وهذا لفظ حديث داود بن عمر بعضهم اتم كلاما من بعض (١).

٣٩٧ ـ وبالاسناد المقدم قال : حدثنا عبد الله بن احمد بن حنبل ، قال : حدثنا عبد الله بن محمد الخراساني ، قال : حدثنا داود بن عمر الضبى وابو الربيع الزهراني ، قالا : حدثنا شريك ، عن سماك ، عن حنش بن المعتمر ، عن علي بن أبي طالب عليه السلام قال : بعثنى رسول الله صلى الله عليه وآله إلى اليمن قاضيا فقلت : يا رسول الله صلى الله عليه وآله انى شاب وتبعثنى إلى اقوام ذوى اسنان ، فدعى لى بدعوات : هذا لفظ ابى الزهراني ، وزاد داود في حديثه : فوضع يده على صدري وقال : ثبتك الله وسددك الله ، وفى حديث ابى الربيع : فما اختلف على عليه السلام بعد ذلك القضاء (٢).

٣٩٨ ـ وبالاسناد المقدم قال : حدثنا عبد الله بن احمد بن احمد بن حنبل ، عن ابيه ، قال : حدثنى ابى ، قال : حدثنى يحيى بن آدم ، قال : حدثنا اسرائيل ، عن ابى اسحاق ، عن حارثة بن مضرب ، عن على (ع) قال : بعثنى رسول الله صلى الله عليه وآله إلى اليمن قاضيا فقلت : انك تبعثني إلى قوم هم اسن منى لاقضى بينهم فقال : اذهب ، فان الله عزوجل سيهدي قلبك ويثبت لسانك (٣).

٣٩٩ ـ وبالاسناد المقدم قال : حدثنا عبد الله بن احمد بن حنبل ، عن ابيه ، قال : حدثنا اسود بن عامر ، قال : حدثنا شريك عن سماك ، عن حنش ، عن علي بن أبي طالب (ع) قال : بعثنى رسول الله صلى الله عليه وآله إلى اليمن ، فقلت : يا رسول الله تبعثني إلى قوم اسن منى وانا حديث لا ابصر القضاء قال : فوضع يده على صدري وقال : اللهم ثبت لسانه واهد قلبه ، يا على إذا جلس اليك الخصمان فلا تقض بينهما حتى تسمع من الاخر كما سمعت من الاول فانك إذا فعلت ذلك تبين لك ـ القضاء قال : فما اختلف على قضاء بعد ـ اوما اشكل على قضاء بعد ـ (٤).

__________________

(١) مسند احمد بن حنبل الجزء الاول ص ١٤٩.

(٢) فضائل الصحابة لاحمد بن حنبل ج ٢ ص ٦٤٥ ـ ح ١٠٩٦.

(٣) (٤) مسند احمد بن حنبل الجزء الاول ص ٨٨ ـ ١١١.

٢٥٦

٤٠٠ ـ وبالاسناد المقدم قال : حدثنا عبد الله بن احمد بن حنبل ، قال : حدثنى ابى ، قال : حدثنا ابن نمير ، عن الاعمش ، عن عمرو بن مرة ، عن ابى البخترى ، عن على عليه السلام قال : بعثنى رسول الله صلى الله عليه وآله إلى اليمن وانا شاب ، فقلت : يا رسول الله تبعثني إلى قوم اقضي بينهم ولا علم لى بالقضاء فقال : ادن منى فدنوت منه ، فضرب يده على صدري وقال : اللهم اهد قلبه وثبت لسانه ، قال : فما شككت في قضاء بين اثنين (١).

٤٠١ ـ وبالاسناد المقدم قال : حدثنا عبد الله بن احمد بن حنبل ، قال : حدثنا عبيدالله القواريرى ، قال : حدثنا مؤمل ، قال : حدثنا ابن عيينة ، عن يحيى بن سعيد ، عن سعيد بن المسيب قال : كان عمر يتعوذ بالله من معضلة ليس لها أبو الحسن عليه السلام (٢).

٤٠٢ ـ وبالاسناد المقدم قال : حدثنا عبد الله بن احمد بن حنبل ، قال : حدثنا عبد الله بن سليمان ، قال (٣) : حدثنا أبو طابق ، عن جعفر بن محمد ، عن ابيه ، عن جابر بن عبد الله الانصاري : ان النبي صلى الله عليه وآله قضى بالشاهد مع اليمين بالحجاز وقضى به على عليه السلام بالكوفة (٤).

٤٠٣ ـ وبالاسناد المقدم قال : حدثنا عبد الله بن احمد بن حنبل ، عن ابيه ، قال : حدثنا محمد بن جعفر ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، عن الحسن : ان عمر بن الخطاب اراد ان يرجم مجنونة ، فقال على عليه السلام : مالك ذلك ، سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول : رفع القلم عن ثلاثة : عن النائم حتى يستيقظ ، وعن المجنون حتى يبرء

__________________

(١) فضائل الصحابة لاحمد بن حنبل ج ٢ ص ٥٨٠ ـ ح ٩٨٤.

(٢) فضائل الصحابة لاحمد بن حنبل ج ٢ ص ٦٤٧ ـ ح ١١٠٠.

(٣) وفى المصدر : حدثنا عبد الله بن سليمان ، حدثنا احمد بن يوسف بن سالم ، قال : حدثنا محمد بن سليمان ، قال حدثنا ...

(٤) فضائل الصحابة لاحمد بن حنبل ج ٢ ص ٦٧٣ ـ ح ١١٥٠.

٢٥٧

أو يعقل ، وعن الطفل حتى يحتلم : فادرأ عنها عمر (١).

٤٠٤ ـ وبالاسناد المقدم قال : حدثنا عبد الله بن احمد بن حنبل ، قال : حدثنا محمد بن يونس ، قال : حدثنا زيد بن عمر بن عثمان (٢) النميري البصري ، قال : حدثنى ابى ، عن اسماعيل بن ابى خالد ، عن قيس ، عن ابى حازم قال : جاء رجل إلى معاوية فسأله عن مسألة فقال : سل عنها علي بن أبي طالب عليه السلام ، فهو اعلم بها فقال : يا امير المؤمنين جوابك فيها احب إلى من جواب على ، فقال : بئسما قلت ولؤم ما جئت به ، ولقد كرهت رجلا كان رسول الله صلى الله عليه وآله يغره العلم غرا ، ولقد قال له رسول الله صلى الله عليه وآله : انت منى بمنزلة هارون من موسى غير انه لا نبى بعدى ، وكان عمر إذا اشكل عليه شيء يأخذ منه ولقد شهدت عمر وقد اشكل عليه شيء فقال : عمر : هاهنا على؟ قم ، لا اقام الله رجليك [والفضل ما شهدت به الاعداء] (٣).

٤٠٥ ـ ومن صحيح مسلم في الجزء الخامس منه في اوله على حد كراسين في تفسير سورة الزخرف وبالاسناد المقدم قال وذكر : ان امرأة دخلت على زوجها فولدت في ستة اشتهر ، فذكر ذلك زوجها لعثمان بن عفان فامر بها ان ترجم ، فدخل عليه على عليه السلام فقال له : ان الله عزوجل يقول : (وَحَمْلُهُ وَفِصالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً) (٤) وَقَالَ تَعَالَى : (وَفِصالُهُ فِي عامَيْنِ) (٥) قال : فوالله ما عبد عثمان ان بعث إليها فردت.

وقال الراوى : عبد : أي استنكف وانشد ابن قتيبة مصراع : واعبد ان تهجى تميم بدارم : أي انف (٦).

__________________

(١) مسند احمد بن حنبل الجزء الاول ص ١٤٠.

(٢) وفى المصدر : حدثنا وهب بن عمرو بن عثمان.

(٣) فضائل الصحابة لاحمد بن حنبل ج ٢ ص ٦٧٥ ـ ح ١١٥٣ وما بين المعقوفتين ليس في المصدر.

(٤) الاحقاف : ١٥.

(٥) لقمان : ١٤.

(٦) غاية المرام ص ٥٣١ نقلا عن صحيح مسلم

٢٥٨

٤٠٦ ـ ومن الجميع بين الصحيحين للحميدي الحديث الاول من افراد البخاري ومسلم من مسند ابى بن كعب الانصاري.

وبالاسناد المقدم قال : عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال : قال عمر : اقرؤنا ابى واقضانا على ، وانا لندع كثيرا من قول ابى فان ابيا كان يقول : لا ادع شيئا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وقد قال الله تعالى : (ما نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِها) (١).

وفى حديث صدقة بن الفضل : وابى يقول : اخذته من في رسول الله صلى الله عليه وآله ، فلا اتركه لشيئ. (٢)

قال يحيى بن الحسن المصنف : اعلم ان القضاء والحكومة انما هي منازل الانبياء وبعد الانبياء عليهم السلام الائمة ، ولا يجوز لاحد ان يحكم في قضية في زمن نبى من الانبياء عليهم السلام الا احد رجلين : اما ان يكون نائبا عن النبي (٣) فيكون قد ابان النبي فضله بذلك ، ونوه باسمه (٤) عند الامة ليكون مرجع الامة إليه بعد وفاة النبي ، فيكون ذلك دليلا على قيامه مقام النبي صلى الله عليه وآله بعد مضيه ، لانه بالحكومة بين الناس تستخرج الحقوق وتحفظ الاموال وتحقن الدماء بها ، وتوضع الاشياء مواضعها وتقام بها الحدود ، وهذا هو غاية ما يراد من الانبياء عليهم السلام فلا يمكن ان يتولى ذلك في زمن النبي من الانبياء ، الا من قام مقامه بعد موته ، ومن كان اعلم امته ومن كان اقضي الامة كان بنيابة النبي اولى من غيره لموضع استخراج الحقوق بعلمه واجتهاده واخباره للامة بما جهلته ، ووضعه الحقوق مواضعها ، واقامته لحدود الله تعالى على ما فرض واوجب ، وهذا غاية ما يدل به النبي صلى الله عليه وآله الامة على ما يستحق به الولاء بعده

__________________

(١) البقرة : ١٠٦.

(٢) صحيح البخاري الجزء السادس ص ١٩.

(٣) وفى نسخة : نائبا في زمن النبي.

(٤) نوه باسمه : رفع ذكره ... نوه به على أي شهره وعرفه ـ لسان العرب.

٢٥٩

وهذا قد حصل لامير المؤمنين عليه السلام في حال حياة النبي صلى الله عليه وآله واقره النبي صلى الله عليه وآله عليه ولم يعب عليه شيئا مما حكم به ، ثم انها سنة استمرت بعد مضى النبي صلى الله عليه وآله ورجع إلى حكمه من تولى الامر دونه وشهد له بانه اقضي الامة بما قد ثبت في الصحاح بما قدمناه من قول عمر : اقضانا على عليه السلام ، وبما رجع عمر في حكمه إليه ، وبما رجع عثمان في حكمه إليه ولم يشهد هو لاحد : انه اقضي منه ، ولا انه اعلم منه ، ولا رجع إلى حكم احد بما قد تقدم مما ذكرنا ومما لم نذكره كثيرا في غير هذه الكتب المشار إليها ، وانما لم نأت الا بما لا يمكن النزاع فيه لكونه من الصحاح ، فثبت له استحقاق الولاء للامة في حال كون النبي صلى الله عليه وآله حيا وفى ما بعد ، بدليل الميزة له فيما تجب الميزة فيه ، وبدليل قوله تعالى : (إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ) (١) وكون هذه الاية آية الاستحقاق لولاء الامة خاصة به ، وقد تقدم ذكرها من الصحاح فلا يمكن دفع ذلك ، وما نبه النبي صلى الله عليه وآله برد الحكومة إليه في حال حياته الا لموضع ما جعل الله له من استحقاق ولاء الامة في هذه الاية ، فليتأمل ذلك ففيه بيان لمن تأمله.

والثانى ـ من احد الرجلين الذين عقدنا الباب عليهما : ان يكون من يؤتى الحكمة في حال وجود النبي صلى الله عليه وآله ولا يكون المراد به ان يكون للنيابة بعده وانما يكون ذلك تنبيها ودليلا على استحقاق نبوة الحاكم في ذلك المقام ، فمن ذلك قوله سبحانه وتعالى (وَداوُدَ وَسُلَيْمانَ إِذْ يَحْكُمانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شاهِدِينَ فَفَهَّمْناها سُلَيْمانَ) (٢) فكان تفهيم سليمان عليه السلام لهذه الحكومة دليلا على نبوته واستحقاق الامر في حياة ابيه وبعد وفاته ، فقد صارت الحكومة دليلا لاستحقاق النبوة والامامة ، فالتنويه بذكر امير المؤمنين عليه السلام للامامة دون التنويه بالنبوة بدليل قوله صلى الله عليه وآله وسلم : الا انه لا نبى بعدى.

__________________

(١) المائدة : ٥٥.

(٢) الانبياء : ٧٩.

٢٦٠