عمدة عيون صحاح الأخبار في مناقب إمام الأبرار

شمس الدين يحيى بن الحسن الأسدي الربعي الحلّي [ الحافظ ابن البطريق ]

عمدة عيون صحاح الأخبار في مناقب إمام الأبرار

المؤلف:

شمس الدين يحيى بن الحسن الأسدي الربعي الحلّي [ الحافظ ابن البطريق ]


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤٨٣

قال اخبرنا عبد الرزاق ، قال : حدثنا معمر ، عن قتادة ، عن الحسن وغيره : ان عليا اول من اسلم بعد خديجة (١).

٦٦ ـ وبالاسناد حدثنا عبد الله بن احمد بن حنبل ، عن ابيه ، قال : حدثنى ابى ، قال : حدثنا محمد بن جعفر ، قال : حدثنا شعبة ، عن سلمة بن كهيل ، قال : سمعت حبة العرنى ، قال : سمعت عليا عليه السلام يقول : انا اول من صلى مع رسول الله صلى الله عليه وآله (٢).

٦٧ ـ وبالاسناد قال : حدثنا عبد الله بن احمد ، عن ابيه ، قال : حدثنى ابى ، قال : حدثنا محمد بن جعفر ، قال : حدثنا شعبة عن عمرو بن مرة ، عن ابى حمزة ، عن زيد بن ارقم ، قال : اول من اسلم مع رسول الله على عليه السلام (٣).

٦٨ ـ وبالاسناد قال : حدثنا عبد الله بن احمد بن حنبل ، عن ابيه ، قال حدثنى ابى ، قال : حدثنا يزيد بن هارون ، قال : اخبرنا شعبة ، عن سلمه بن كهيل ، قال : سمعت حبة العرنى يقول : سمعت عليا عليه السلام يقول : أنا اول رجل صلى مع رسول الله صلى الله عليه وآله (٤).

٦٩ ـ وبالاسناد المقدم قال : حدثنا عبد الله بن احمد بن حنبل ، قال : حدثنى ابى قال : اخبرنا يزيد بن هارون ، قال : اخبرنا شعبة ، عن عمرو بن مرة ، قال : سمعت ابا حمزة يحدث عن زيد بن ارقم ، قال : اول من صلى مع رسول الله صلى الله عليه وآله على عليه السلام (٥).

٧٠ ـ وبالاسناد المقدم قال : حدثنا عبد الله بن احمد بن حنبل ، قال : حدثنا ابراهيم قال : حدثنا أبو الوليد ، قال : حدثنا شعبة ، عن عمر يعنى ابن مرة ، قال : سمعت ابا حمزة يقول : سمعت زيد بن ارقم يقول : اول من صلى مع النبي صلى الله عليه وآله علي بن أبي طالب عليه السلام (٦).

__________________

(١) فضائل الصحابة لاحمد بن حنبل ج ٢ ص ٥٨٩ ح ٩٩٨.

(٢) فضائل الصحابة لاحمد بن حنبل ج ٢ ص ٥٩٠ ح ٩٩٩.

(٣) فضائل الصحابة لاحمد بن حنبل ج ٢ ص ٥٩٠ ح ١٠٠٠.

(٤) فضائل الصحابة لاحمد بن حنبل ج ٢ ص ٥٩١ ـ ح ١٠٠٣.

(٥) فضائل الصحابة لاحمد بن حنبل ج ٢ ص ٥٩١ ـ ح ١٠٠٤.

(٦) فضائل الصحابة لاحمد بن حنبل ج ٢ ص ٦٠٩ ـ ح ١٠٤٠.

٦١

٧١ ـ وبالاسناد المقدم قال : حدثنا عبد الله بن احمد بن حنبل ، قال : حدثنا أبو الفضل الخراساني ، قال : حدثنا أبو غسان ، عن اسرائيل ، عن جابر ، عن عبد الله بن نجى ، عن على عليه السلام قال : صليت مع النبي صلى الله عليه وآله ثلاث سنين قبل ان يصلى معه احد (١).

٧٢ ـ وبالاسناد المقدم ، قال حدثنا عبد الله بن احمد بن حنبل ، قال : سمعت محمد (٢) بن على بن الحسن بن سفيان قال : سمعت ابى ، قال : حدثنا أبو حمزة عن جابر الجعفي ، عن عبد الله بن نجئ ، قال : سمعت عليا عليه السلام يقول : لقد صليت مع رسول الله صلى الله عليه وآله ثلاث سنين قبل ان يصلى معه احد من الناس (٣).

٧٣ ـ وبالاسناد المقدم ، قال : حدثنا عبد الله بن احمد بن حنبل ، قال : حدثنا أبو الجهم الازرق بن على ، وداود بن عمرو قالا : حدثنا حسان بن ابراهيم ، حدثنا محمد بن سلمة ، عن ابيه ، عن حبة العرنى قال : رأيت عليا (ع) ضحك يوما ضحكا لم أره ضحك اكثر منه ، حتى بدت نواجذه قال : بينما انا مع رسول الله (ص) وذكر الحديث ، ثم قال : «اللهم انى لا اعترف ان عبدا لك من هذه الامة ، عبدك قبلى غير نبيك قال فقال : ذلك ثلاث مرات ، ثم قال : لقد صليت قبل ان يصلى احد سبعا (٤).

٧٤ ـ ومن تفسير الثعلبي ، من سورة برائة قوله سبحانه وتعالى : (وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ) (٥) وبالاسناد المقدم ، قال : اختلف اهل العلم في اول من آمن برسول الله

__________________

(١) فضائل الصحابة لاحمد بن حنبل ج ٢ ص ٦٨٢ ـ ح ١١٦٥.

(٢) وفى نسخة : باسقاط محمد.

(٣) فضائل الصحابة لاحمد بن حنبل ج ٢ ص ٦٨٢ ـ ح ١١٦٦ وفيه : قال : سمعت محمد بن على بن الحسن بن شقيق.

(٤) مسند احمد بن حنبل الجزء الاول ص ٩٩ ـ فضائل الصحابة له ج ٢ ص ٦٨١ ح ١١٦٤.

(٥) البرائة : ١٠٠.

٦٢

صلى الله عليه وآله بعد امرأته خديجة بنت خويلد ، مع اتفاقهم على انها اول من آمن بالنبي صلى الله عليه وآله وصدقه ، فقال بعضهم : اول ذكر آمن بالنبي (ص) وصدقه علي بن أبي طالب عليه السلام وهو قول ابن عباس ، وجابر ، وزيد بن ارقم ، ومحمد بن منكدر ، وربيعة الرأى وابى حيان المزني ، قال الكلبى :

اسلم على وهو ابن تسع سنين ، وقال مجاهد وابن اسحاق : اسلم على وهو ابن عشر سنين ، قال ابن اسحاق : حدثنى عبد الله بن ابى نجيح ، عن مجاهد قال : كان من نعمة الله على علي بن أبي طالب (ع) وما صنع الله له ، واراده من الخير ، ان قريشا اصابته ازمة (١) شديدة ، وكان أبو طالب ذا عيال ، كثيرة ، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله للعباس عمه ، وكان من ايسر بنى هاشم ، يا عباس ، اخوك أبو طالب كثير العيال ، وقد اصاب الناس ما ترى من هذه الازمة ، فانطلق بنا فلنخفف عنه من عياله آخذ انا من بنيه رجلا ، وتأخذ من بنيه رجلا ، فنكفلهما عنه ، فقال العباس : نعم.

فانطلقا حتى أتيا ابا طالب ، فقالا : انا نريد ان نخفف عنك من عيالك حتى ينكشف عن الناس ما هم فيه ، فقال لهما أبو طالب : ان تركتما لى عقيلا فاصنعا ما شئتما.

فاخذ رسول الله صلى الله عليه وآله عليا وضمه إليه ، واخذ العباس جعفرا فضمه إليه ، فلم يزل على مع رسول الله (ص) حتى بعثه الله نبيا فاتبعه على فآمن به وصدقه ، ولم يزل جعفر مع العباس حتى اسلم وأستغنى عنه (٢).

٧٥ ـ قال : وروى اسماعيل بن اياس بن عفيف ، عن ابيه ، عن جده عفيف ، قال : كنت امرءا تاجرا فقدمت مكة ايام الحج ، فنزلت على العباس بن عبد المطلب ، وكان العباس لى صديقا ، وكان يختلف الى اليمن ، يشترى العطر ، فيبيعه ايام الموسم فبينا أنا والعباس بمنى ، إذ جاء رجل شاب حين حلقت الشمس في السماء ، فرمى ببصره الى السماء ، ثم استقبل الكعبة ، فقام مستقبلها ، فلم يلبث حتى جاء غلام ، فقام

__________________

(١) الازمة : القحط.

(٢) تفسير الثعلبي المخطوط ص ٢١٠.

٦٣

عن يمينه ، فلم يلبث أن جائت امرأة ، فقامت خلفه ، فركع الشاب وركع الغلام والمرأة ، فخر الشاب ساجدا ، فسجدا معه ، فرفع الشاب ، فرفع الغلام والمرأة ، فقلت يا عباس : امر عظيم! فقال : امر عظيم! فقلت ويحك ماهذا؟ فقال : هذا بن اخى محمد بن عبد الله بن عبد المطلب ، يزعم ان الله بعثه رسولا وان كنوز كسرى وقيصر ستفتح على يديه ، وهذا الغلام ابن اخى علي بن أبي طالب وهذه خديجة بنت خويلد زوجته ، تابعاه على دينه ، وايم الله ما على ظهر الارض كلها احد على هذا الدين غير هؤلاء.

قال عفيف الكندى : ما اسلم ، ورسخ الاسلام في قلبه غيرهم ، يا ليتنى كنت لهم رابعا.

ويروى ان ابا طالب (ع) ، قال لعلى (ع) : أي بنى ، ما هذا الدين ، الذي انت عليه؟ قال : يا ابه ، آمنت بالله وبرسوله ، وصدقته فيما جاء به ، وصليت معه لله فقال له : اما ان محمدا لا يدعو الا الى خير ، فالزمه ، (١).

٧٦ ـ قال : وروى عبيدالله بن محمد ، عن العلا بن المنهال بن عمرو ، عن عبادة بن عبد الله ، قال : سمعت عليا عليه السلام يقول : انا عبد الله واخو رسوله ، وانا الصديق الاكبر ، لا يقولها بعدى الا كذاب مفترى ، صليت قبل الناس بسبع سنين (٢).

قال يحيى بن الحسن : وفى هذا الخبر دليل على ايمان ابى طالب رضى الله عنه لانه امر ولده عليا (ع) بلزومه ، واقراره بانه لا يدعو الا الى خير تسليم واعتراف بصحة دعواه.

وحقيقه الايمان هو التسليم والتصديق لما اتى به النبي ، صلى الله عليه وآله.

٧٧ ـ ومن «مناقب الفقيه» ابن المغازلى الواسطي ، في قوله سبحانه : (وَالسَّابِقُونَ

__________________

(١) تفسير الثعلبي المخطوط ص ٢١٠.

(٢) تفسير الثعلبي المخطوط ص ٢١٠.

٦٤

السَّابِقُونَ) (١) وبالاسناد المقدم ، قال : اخبرنا احمد بن محمد بن عبد الوهاب ، اجازة ، اخبرنا عمر بن عبد الله بن شوزب ، قال : حدثنا محمد بن احمد بن منصور قال : حدثنا احمد بن الحسين ، قال : حدثنا زكريا ، قال : حدثنا أبو صالح بن الضحاك ، قال : حدثنا سفيان بن عيينة ، عن ابن ابى نجيح ، عن مجاهد ، عن ابن عباس (رضى الله عنه).

في قوله تعالى : (وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ) قال : سبق يوشع بن نون الى موسى ، وسبق صاحب يس الى عيسى ، وسبق على الى محمد صلى الله عليه وآله (٢).

٧٨ ـ وبالاسناد المقدم ، قال اخبرنا أبو طالب : محمد بن احمد بن عثمان بن الفرج بن الازهر البغدادي ، قدم علينا واسطا ، قال اخبرني أبو الحسن : على بن محمد بن عرفة بن لؤلؤ ، قال : حدثنى عمر بن احمد الباقلانى ، قال : حدثنى محمد بن خلف الحدادى ، قال : حدثنى عبد الرحمان بن قيس أبو معاوية ، قال : حدثنى عمر بن ثابت ، عن يزيد بن ابى زياد ، عن عبد الرحمان بن ابى سعيد مولى ابى ايوب ، عن ابى ايوب الانصاري ، قال : قال رسول الله (ص) : صلت الملائكة على وعلى على ، سبع سنين ، وذلك انه لم يصل معى احد غيره (٣).

٧٩ ـ وبالاسناد المقدم ، قال : اخبرني أبو القاسم : عبد الواحد بن على بن العباس البزاز ، قال : حدثنى أبو القاسم : عبيدالله بن محمد بن احمد بن الاسد البزار ، املاء ، قال : حدثنى محمد أبو مقاتل ، حدثنى الحسن بن احمد بن منصور ، قال : حدثنى سهل بن صالح المروزى ، قال : سمعت ابا معمر عباد بن عبد الصمد ، يقول : سمعت انس بن مالك يقول :

__________________

(١) الواقعة : ١٠.

(٢) مناقب ابن المغازلى ص ٣٢٠.

(٣) مناقب ابن المغازلى ص ١٣.

٦٥

قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : صلت الملائكة على وعلى على ، سبعا وذلك انه لم يرفع الى السماء شهادة ان لا اله الا الله ، وان محمدا عبده ورسوله الامني ومنه (١).

٨٠ ـ وبالاسناد المقدم ، قال : اخبرنا ، أبو نصر : احمد بن موسى بن الطحان اجازة عن القاضى ابى الفرج الخيوطى (٢) حدثنى ابن عبادة ، حدثنى جعفر بن محمد الخلدى ، حدثنى عبد السلام بن صالح ، حدثنى عبد الرزاق ، عن الثوري ، عن سلمة بن كهيل ، عن ابى صادق ، عن عليم بن قعين ، (٣) الكندى ، عن سلمان قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : اول الناس ورودا على الحوض ، اولهم اسلاما ، علي بن أبي طالب عليه السلام (٤).

قال يحيى بن الحسن : معنى اسلام مولانا امير المؤمنين علي بن أبي طالب صلوات عليه وآله في لفظ الخبر ، هو ان ذلك يكون تبجيلا له واعظاما لمحله ، والحاقا له بانبياء الله صلى الله عليهم ، لا انه كان يعتقد ملة غير ملة الاسلام ، ثم صار فيما بعده الى ملة الاسلام ، وانما ذلك مثل قوله سبحانه وتعالى فيما ذكر عن ابراهيم الخليل (ع) حيث قال : (وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ) (٥) وفيما قال عنه سبحانه وتعالى : (إِذْ قالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعالَمِينَ وَوَصَّى بِها إِبْراهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ) (٦) وفيما قال سبحانه وتعالى عن موسى عليه السلام (وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ) (٧) ، وعن نبيه سيد البشر

__________________

(١) مناقب ابن المغازلى ص ١٤.

(٢) وفى نسخة : الحنوطى.

(٣) وفى نسخة : عليم بن قيس الكندى.

(٤) مناقب ابن المغازلى ص ١٥.

(٥) الانعام : ١٦٣.

(٦) البقرة : ١٣١ ـ ١٣٢.

(٧) الاعراف : ١٤٣.

٦٦

محمد صلى الله عليه وآله : (آمَنَ الرَّسُولُ بِما أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ) (١) معناه صدق وكذلك صدق المؤمنون وفيما قال تعالى لنبيه صلى الله عليه وآله : (قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيايَ وَمَماتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ) (٢). ومثل ذلك ما أمر الله سبحانه وتعالى به نبيه محمدا (ص) حيث قال له : (فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلَّهِ وَمَنِ اتَّبَعَنِ) (٣).

ومعنى أسلمت وجهي أي أخلصت قصدي في العبادة إلى الله سبحانه وتعالى مأخوذ من قول الرجل إذا قصد رجلا فرآه في طريقه هذا وجهي إليك أي قصدي وقيل معنى أسلمت وجهي لله أسلمت نفسي لله ومعنى أسلمت أي أيقنت لأمره في إخلاص التوحيد له وإذا كان هذا معنى الإسلام في لغة العرب وهو المعنى المراد به من الأنبياء عليهم السلام فكذلك معناه والمراد منه (ع) (٤) فيكون معنى إخلاصه في توحيد الله تعالى تصديقا لما أخبر به رسول الله (ص) فإذا كان ذلك تصديقا كان إيمانا لأن الإيمان في لغة العرب هو التصديق قال الله سبحانه وتعالى :

(قُولُوا آمَنَّا بِاللهِ وَما أُنْزِلَ إِلَيْنا) (٥) معناه قولوا صدقنا وقوله تعالى (وَما أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنا وَلَوْ كُنَّا صادِقِينَ) (٦) ، أي بمصدق لنا ، ومنه قول الشاعر :

ومن قبل آمنا وقد كان قومنا

يصلون للأوثان قبل محمد

اراد : من قبل صدقنا محمدا ، وقد كان قومنا يصلون للاوثان قبل.

فيكون قوله في الخبر : «اسلم» بمعنى آمن ، والايمان هو اعتقاد بالقلب ،

__________________

(١) البقرة : ٢٨٥.

(٢) الانعام : ١٦٣.

(٣) آل عمران : ٢٠.

(٤) بين المعقوفتين من زيادة النسخة الرضوية.

(٥) البقرة : ١٣٦.

(٦) يوسف : ١٧.

٦٧

وقول باللسان وعمل بالجوارح.

فاما الاعتقاد بالقلب : فيعتقد معرفة ربه ونبيه وامامه.

واما القول باللسان : فاظهار الشهادتين ، والاقرار بالامامة.

واما العمل بالجوارح : فالصلاة ، والزكاة ، والصوم ، والحج ، والجهاد ، فهذا هو حقيقة الايمان.

أما وحقك وهو غاية مقسم

للحق أنت وما سواك الباطل

الفصل الحادى عشر

في قوله صلى الله عليه وآله «خلفت فيكم الثقلين» ، وقوله صلى الله عليه وآله «خلفت فيكم خليفتين»

٨١ ـ من مسند احمد بن حنبل ، وبالاسناد المقدم ، قال : حدثنا عبد الله بن احمد بن حنبل ، قال : حدثنى ابى ، قال : حدثنا اسود بن عامر ، قال : حدثنا اسرائيل ، عن عثمان بن المغيرة ، عن على بن ربيعة ، قال : لقيت زيد بن ارقم ، وهو داخل على المختار ، أو خارج من عنده ، فقلت له : أسمعت رسول (ص) يقول : «انى تارك فيكم الثقلين»؟.

قال : نعم (١).

٨٢ ـ وبالاسناد ، قال : حدثنا عبد الله بن احمد بن حنبل ، قال : حدثنى ابى ، قال : حدثنا ابن نمير ، قال : حدثنا عبد الملك يعنى ـ بن ابى سليمان عن عطية العوفى ، عن ابى سعيد الخدرى ، قال : قال رسول الله (ص) : «انى قد تركت فيكم ما ان اخذتم به لن تضلوا بعدى : الثقلين ، واحد منهما اكبر من الاخر ، كتاب الله حبل ممدود من السماء الى الارض ، وعترتي اهل بيتي الا وانهما لن يفترقا حتى يردا على الحوض».

قال ابن نمير : قال بعض اصحابنا : عن الاعمش ، قال : انظروا كيف تخلفوني فيهما (٢).

__________________

(١) مسند احمد الجزء الرابع ص ٣٧١.

(٢) مسند احمد الجزء الثالث ص ٢٦ وفضائل الصحابة لاحمد بن حنبل ج ٢ ص ٥٨٥ ـ ح ٩٩٠.

٦٨

٨٣ ـ وبالاسناد المقدم قال : حدثنا عبد الله بن احمد بن حنبل ، عن ابيه ، قال : حدثنى ابى ، قال : حدثنا اسود بن عامر ، قال : حدثنا شريك ، عن الركين ، عن القاسم بن حسان ، عن زيد بن ثابت ، قال : قال رسول الله (ص) : انى تارك فيكم خليفتين : كتاب الله حبل ممدود ما بين السماء والارض ـ أو ما بين السماء الى الارض ـ وعترتي اهل بيتى ، وانهما لن يفترقا حتى يردا على الحوض ، (١).

٨٤ ـ ومن «صحيح مسلم» في الجزء الرابع منه من اجزاء ستة ، في آخر الكراس الثانية من اوله ، بالاسناد المقدم ، قال : حدثنى زهير بن حرب وشجاع بن مخلد ، جميعا عن ابن علية ، قال زهير : حدثنا اسماعيل بن ابراهيم ، حدثنى أبو حيان حدثنى يزيد بن حيان ، قال : انطلقت انا وحصين بن سبرة وعمر بن مسلم الى زيد بن ارقم ، فلما جلسنا إليه قال له حصين : لقد لقيت يا زيد خيرا كثيرا : رأيت رسول الله (ص) ، وسمعت حديثه ، وغزوت معه ، وصليت خلفه ، لقد لقيت يا زيد خيرا كثيرا ، حدثنا يا زيد ما سمعت من رسول الله (ص) ، قال : يابن اخى والله لقد كبرت سنى ، وقدم عهدي ونسيت بعض الذي كنت اعى من رسول الله (ص) فما حدثتكم فاقبلوه ، ومالا ، فلا تكلفونيه.

ثم قال : قام رسول الله (ص) يوما فينا خطيبا بماء يدعى خما ، بين مكة والمدينة : فحمد الله واثنى عليه ووعظ وذكر ، ثم قال : «اما بعد ، الا ايها الناس ، فانما انا بشر يوشك ان يأتيني رسول ربى ، فاجيب ، وانا تارك فيكم الثقلين : اولهما كتاب الله فيه الهدى والنور ، فخذوا بكتاب الله ، واستمسكوا به» ،.

فحث على كتاب الله ، ورغب فيه ، ثم قال : «واهل بيتى ، اذكركم الله في اهل بيتى ، اذكركم الله في اهل بيتى ، اذكركم الله في اهل بيتى».

فقال له حصين : ومن اهل بيته يا زيد؟ اليس نسائه من اهل بيته؟ فقال : نسائه من اهل بيته ، ولكن اهل بيته من حرم الصدقة عليه بعده (٢).

__________________

(١) مسند احمد الجزء الخامس ص ١٨١.

(٢) صحيح مسلم الجزء السابع باب فضائل على (ع) ١٢٢.

٦٩

قال يحيى بن الحسن : وقد تقدم تفسير اهل بيته منهم من مسند احمد بن حنبل وصحيحي مسلم والبخاري ، ومن كتاب الحميدى ، وصحاح الستة للعبدرى ومن تفسير الثعلبي في باب تفسير قوله تعالى : (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) (١) من غير طريق ، وذكر عددهم ، وهم : على وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام.

وتفسير رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم اولى من تفسير زيد وغيره من تفسير خلق الله جميعا.

ثم يزيده بيانا ، استفهام ام سلمة له ، من اهل بيته (ص) ، ويقول : انك من ازواج النبي ، وانك الى خير ، فلم يذكرها في الجملة ، ولفظة الاهل : اين وردت فالمراد بها الاربعة نفر ، الذين فسرهم رسول الله (ص) ، ونطق بهم لفظ القرآن العزيز انهم اهل البيت.

ويزيد ذلك بيانا ، ما ذكره الثعلبي في تفسيره وهم الذين لم يفترقوا في الجاهلية والاسلام ، ولا يوجد من لم يفترق قديما ولا حديثا ، سواهم.

ويزيده بيانا ، ان زيدا الراوى ، قد رجع ، فسر اهل البيت ، «ب‍» من هم في الخبر الذي نذكره بعد هذا الخبر.

٨٥ ـ وبالاسناد قال : حدثنا أبو بكر بن ابى شيبة ، حدثنا محمد بن فضيل ، (ح) وحدثنا اسحاق بن ابراهيم ، حدثنا ، جرير ، كلاهما عن ابى حيان بهذا الاسناد نحو حديث اسماعيل.

وزاد في حديث جرير : كتاب الله فيه الهدى والنور من استمسك به واخذ به كان على الهدى ومن اخطأه ضل (٢).

٨٦ ـ وبالاسناد قال. حدثنا محمد بن بكار بن الريان ، حدثنا حسان ـ يعنى

__________________

(١) الاحزاب : ٣٣.

(٢) صحيح مسلم الجزء السابع ص ١٢٣.

٧٠

ابن ابراهيم ـ عن سعيد ، وهو ابن مسروق ، عن يزيد بن حيان ، عن زيد بن ارقم ، قال : دخلنا عليه ، فقلنا له ، لقد رأيت خيرا ، لقد صاحبت رسول الله صلى الله عليه وآله ، وصليت خلفه ، وساق الحديث بنحو حديث ابى حيان غير انه قال : الاواني تارك فيكم الثقلين : احدهما كتاب الله ، هو حبل الله ، ومن اتبعه كان على الهدى ، ومن تركه كان على ضلالة.

وفيه فقلنا من اهل بيته نسائه؟ قال : لا ، وايم الله ، ان المرأة تكون مع الرجل العصر من الدهر ، ثم يطلقها ، فترجع الى ابيها وقومها.

اهل بيته ، اصله وعصبته ، الذين حرموا الصدقة بعده (١).

٨٧ ـ ومن تفسير الثعلبي من الجزء الثاني في تفسير سورة آل عمران في قوله تعالى : (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا) (٢).

وبالاسناد المقدم قال : حدثنا حسن بن محمد بن حبيب ، قال : وجدت من كتاب جدى بخطه ، قال : حدثنا احمد بن اعجم ، القاضى المروزى ، حدثنا الفضل بن موسى الشيباني ، اخبرنا عبد الملك بن ابى سليمان ، عن عطية العوفى ، عن ابى سعيد الخدرى ، قال : سمعت رسول الله (ص) يقول : ايها الناس انى قد تركت فيكم الثقلين : خليفتين ، ان اخذتم بهما لن تضلوا بعدى ، احدهما اكبر من الاخر ، كتاب الله حبل ممدود من السماء الى الارض ـ أو قال : الى الارض ـ وعترتي اهل بيتى ، الا وانهما لن يفترقا حتى يردا على الحوض (٣).

٨٨ ـ ومن «مناقب المغازلى» وبالاسناد المقدم قال : اخبرنا أبو طالب : محمد بن احمد بن سهل النحوي ، قال : حدثنا محمد بن على السقطى ،

__________________

(١) صحيح مسلم الجزء السابع ص ١٢٣.

(٢) آل عمران : ١٠٣.

(٣) غاية المرام ص ٢١٢.

٧١

قال : حدثنا أبو محمد : عبد الله بن شوذب ، قال : حدثنا محمد بن ابى العوام الدياحى (١) قال : حدثنا أبو عامر العقدى (٢) عبد الملك بن عمرو ، قال : حدثنا محمد بن طلحة ، عن الاعمش ، عن عطية بن سعيد ، عن ابن سعيد الخدرى ، ان رسول الله صلى الله عليه وآله قال : انى اوشك ان ادعى ، فاجيب وانى قد تركت فيكم الثقلين : كتاب الله حبل ممدود من السماء الى الارض ، وعترتي اهل بيتى ، وان اللطيف الخبير اخبرني : انهما لن يفترقا حتى يردا على الحوض ، فانظروا ماذا تخلفوني فيهما (٣).

واما الخبر الاول الذي ذكرناه عن زيد بن ارقم ، من مسند احمد بن حنبل ، فان ابن المغازلى يرويه عن ابى طالب : محمد بن احمد بن عثمان الازهرى ، يرفعه الى زيد.

والخبر الذي رويناه من صحيح مسلم ، يرويه ابن المغازلى ايضا ، عن ابى طالب : محمد بن احمد بن عثمان الازهرى ، يرفعه الى زيد الراوى ايضا.

واما الخبر الذي يرويه عطية العوفى ، عن ابى سعيد الخدرى ، فانه يرويه عن الحسن بن احمد بن موسى الغندجانى ، يرفعه إلى ابى سعيد الخدرى.

٨٩ ـ «ومن الجمع بين الصحاح الستة» لرزين من الجزء الثالث من اجزاء اربعة ، من صحيح ابى داود السجستاني وهو كتاب «السنن» ، ومن صحيح الترمذي عن زيد بن ارقم بالاسناد المقدم قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله.

«انى تارك فيكم ، ما ان تمسكتم به لن تضلوا بعدى ، احدهما اعظم امن الاخر ، وهو كتاب الله ، حبل ممدود من السماء الى الارض ، وعترتي اهل بيتى ولن يتفرقها ، حتى يردا على الحوض ، فانظروا كيف تخلفوني فيهما» (٤).

قال سفيان : اهل بيته ، هم ورثة علمه ، لانه لا يورث من الانبياء الا العلم ،

__________________

(١) في النسخة الرضوية : الرباعي ، وفى المصدر ، الرياحي.

(٢) وفى نسخة : أبو عامر العبدرى.

(٣) مناقب ابن المغازلى ص ٢٣٥.

(٤) صحيح الترمذي الجزء الخامس ص ٦٦٣.

٧٢

فهو كقول نوح عليه السلام : (رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِناً) (١). يريد دينى ، والعلماء من اهل بيته ، المقتدون به ، والعاملون بما جاء به (٢) لهم فضلان (٣).

قال يحيى بن الحسن : فهذه الفاظ هذه الاخبار الصحاح تنطق بصحة الاستخلاف وفيها ما ينطق بخليفتين ، وإذا كان النبي صلى الله عليه وآله قد خلف على الامة ما ان تمسكوا به ، لن تضلوا ، فقد صار نص الاستخلاف على اهل البيت عليهم السلام.

وكذلك ترويه الشيعة على السواء ايضا. وإذا حصل عليه الاجماع من الخاص والعام ، صح التمسك به والاستدلال ، فهذا نص صريح يأمر به النبي صلى الله عليه وآله كل من شمله لفظ الاسلام.

فمن كان من المسلمين ، لزمه الاقتداء بالثقلين : الكتاب والعترة.

ولا يلزم اهل بيته الاقتداء باحد ، لان الوصية بالتمسك باهل بيته والامر بذلك لامته ، وهو ايضا امر بالاقتداء بهما الى آخر انقطاع التكليف ، لانه قيد التمسك بهما بالابد ، وجعل مدة اجتماعهما الى ورود الحوض عليه (ص).

ومطلق الامر ، قد اختلف فيه المتكلمون ، فذهب جميع الفقهاء وطائفة من المتكلمين الى ان الامر ، يقتضى ايجاب الفعل على المأمور به ، وربما قالوا : في وجوبه.

وقال آخرون : مطلق الامر ، إذا كان من حكيم اقتضى كون المأمور به مندوبا إليه ، وانما يعلم الوجوب بدلالة زائدة.

وذهب آخرون الى وجوب الوقف ، في مطلق الامر ، بين الايجاب والندب والرجوع في كل واحد من الامرين الى دلالة غير الظاهر اما على ان تركه قبيح ، فيعلم انه واجب ، أو انه ليس بقبيح ، فيعلم انه ندب.

__________________

(١) نوح : ٢٨.

(٢) وفى نسخة : والعاملون لاجابته لهم فضلان.

(٣) غاية المرام ص ٢١٢ ذكر الحديث بطوله.

٧٣

وهذا الامر منه (ص) بالتمسك باهل بيته عليهم السلام عام لكل اهل الاسلام وهو ايضا واجب ، يدل على وجوبه قبح تركه ، لانه (ع) قال : «ما ان تمسكتم بهما لن تضلوا» فجعل ترك التمسك بهما ، هو الضلال ، فصار ترك هذا الامر قبيحا ، فعلم وجوبه لقبح تركه.

ثم جعل ذلك مستمرا ممتدا بذكر الابد في لفظ الخبر ، وضرب له غاية ينتهى إليها ، وهو قوله صلى الله عليه وآله : «حتى يردا على الحوض».

فصار ذلك دليلا على الاقتداء بهما الى آخر الابد ، فقد صار الخبر الوارد باجماع كافة اهل الاسلام من قول النبي (ص) : افترقت امة اخى موسى ، الى احدى وسبعين فرقة : منها فرقة ناجية ، والباقون في النار.

وافترقت امة اخى عيسى ، اثنين وسبعين فرقة : منها فرقة ناجية والباقون في النار وستفترق امتى ثلاثا وسبعين فرقة ، منها فرقة : ناجية ، والباقون في النار (١)» بيانا عن الفرقة الناجية من امته ، وهى التي تمسكت بالثقلين ، وهما كتاب الله وعترة رسوله ، بدليل قوله صلى الله عليه وآله : «ما ان تمسكتم بهما لن تضلوا» ، فصار التمسك بهما ، هو طريق النجاة ، وترك التمسك بهما هو طريق الضلال ، (٢).

٩٠ ـ ويدل على صحة ما قلناه ، ما ذكره الثعلبي ، بالاسناد المقدم ، في تفسير قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكانُوا شِيَعاً) (٣) قال الثعلبي : قال ذازان ، أبو عمر : قال لى على (ع) : ابا عمر اتدرى كم افترقت اليهود؟ قلت : الله ورسوله اعلم ، قال : قد افترقت على احدى وسبعين فرقة : كلها في الهاوية ، الا فرقة واحدة ، هي الناجية ،

__________________

(١) ذكره ابن ماجه في سننه ج ٢ باب افتراق الامم ص ٤٧٩ ـ صحيح ابى داود ج ٤ ص ١٩٧ و ١٩٨ ـ مسند احمد ج ٣ ص ١٤٥.

(٢) وفى نسخة : «الهلاك» بدل الضلال.

(٣) الانعام : ١٥٩.

٧٤

اتدرى على كم افترقت النصارى؟ قلت : الله ورسوله اعلم ، قال : قد افترقت على اثنين وسبعين فرقة : كلها في الهاوية ، الا واحدة ، هي الناجية : ثم قال : اتدرى على كم تفترق هذه الامة؟ قلت : الله ورسوله اعلم ، قال : تفترق على ثلاثة وسبعين فرقة ، كلها في الهاوية. الا واحدة ، هي الناجية.

[ثم قال : اتدرى على كم تفترق «في»؟ قلت : وانه ليفترق فيك؟ قال : نعم ، تفترق في ، اثنى عشر فرقة ، كلها في الهاوية ، الا واحدة وهى الناجية] (١) وانت منهم يا ابا عمر (٢).

٩١ ـ ومما يؤيد ذلك ويزيده بيانا ، ما ذكره الثعلبي ايضا بالاسناد المقدم في تفسير قوله تعالى : (مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْها) (٣) وبالاسناد قال : واخبرني أبو عبد الله : محمد بن عبد الله بن محمد القائنى ، اخبرنا القاضى : أبو الحسن محمد بن عثمان النصيبى ، «ببغداد» ، اخبرنا أبو بكر محمد بن الحسين السبيعى «بحلب» حدثنا الحسين بن ابراهيم الجصاص ، اخبرنا الحسين بن الحكم ، اخبرنا اسماعيل بن ابان ، عن فضيل بن الزبير ، (٤) عن ابى اسحاق السبيعى ، (٥) عن ابى عبد الله الجدلي ، قال : دخلت على علي بن أبي طالب (ع) فقال : يا ابا عبد الله ، ألا انبئك بالحسنة التي من جاء بها ادخله الله الجنة؟ والسيئة التي من جاء بها ، اكبه الله في النار ، ولم يقبل منه عملا؟ قلت : بلى.

قال : الحسنة حبنا ، والسيئة بغضنا (٦) : لكميت زيد الاسدي :

__________________

(١) ما بين المعقوفتين موجود في النسخة اليمانية.

(٢) رواه الزمخشري في تفسيره الكشاف الجزء الاول ص ٥٣٧ مرفوعا مع اختلاف.

(٣) القصص : ٨٤.

(٤) وفى نسخة : «عن فضل» بدل فضيل.

(٥) وفى نسخة : «عن» أبى داود.

(٦) غاية المرام ص ٣٢٩ ـ نقلا عن الحموينى في فرائد السمطين عن تفسير الثعلبي.

٧٥

فلا رغبتي فيهم تغيض لرهبة (١)

ولا عقدتي من حبهم تتحلل

ولا أنا عنهم محدث أجنبية

ولا أنا معتاض بهم متبدل (٢)

الفصل الثاني عشر

في ان عليا عليه‌السلام وصي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم

٩٢ ـ ومن «مسند احمد بن حنبل ، وبالاسناد المقدم قال : حدثنا عبد الله بن احمد بن حنبل ، حدثنا هيثم بن خلف ، قال : حدثنا محمد بن ابى عمر الدوري ، قال : حدثنا شاذان ، قال : حدثنا جعفر بن زياد ، عن مطر ، عن انس ـ يعنى ابن مالك ـ قال : قلنا لسلمان : اسئل النبي صلى الله عليه وآله من وصيه؟ فقال له سلمان : يا رسول الله من وصيك؟

فقال : يا سلمان ، من كان وصى موسى؟ فقال : يوشع بن نون ، قال : قال. فان وصيى ووارثى ، يقضى دينى وينجز موعدى ، علي بن أبي طالب عليه السلام (٣).

٩٣ ـ ومن تفسير الثعلبي في تفسير قوله تعالى : (وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ) (٤) وبالاسناد المقدم قال : اخبرني الحسين بن محمد بن الحسين ، حدثنى موسى بن محمد ، حدثنا الحسن بن على بن شعيب المغربي ، (٥) حدثنا عباد بن يعقوب حدثنا على بن هاشم ، عن صباح بن يحيى المزني ، عن زكريا بن ميسرة ، عن ابى اسحاق ، عن البراء ، قال : لما انزلت (وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ) جمع رسول الله صلى الله عليه وآله بنى عبد المطلب وهم يومئذ اربعون رجلا ، الرجل منهم يأكل المسنة ، ويشرب

__________________

(١) وفى نسخة : بدل «لرهبة» لرمية.

(٢) وفى نسخة : «متبذل» بدل متبدل.

(٣) فضائل الصحابة لاحمد بن حنبل ج ٢ ص ٦١٥ ح ١٠٥٢.

(٤) الشعراء : ٢١٤.

(٥) وفى غاية المرام : العمرى.

٧٦

العس (١). فامر عليا ان يدخل شاة ، فادمها ، ثم قال : ادنوا بسم الله ، فدنى القوم عشرة عشرة ، فاكلوا حتى صدورا ، ثم دعا بقعب من لبن ، فجرع منه جرعة ، ثم قال لهم : اشربوا بسم الله ، فشربوا حتى رووا ، فبدرهم أبو لهب فقال : هذا ما سحركم به الرجل ، فسكت النبي صلى الله عليه وآله يومئذ ، فلم يتكلم.

ثم دعاهم من الغد على مثل ذلك الطعام والشراب ، ثم انذرهم رسول الله صلى الله عليه وآله فقال : يا بنى عبد المطلب ، انى انا النذير اليكم من الله عزوجل ، والبشربما لم يجئ به احد ، جئتكم بالدنيا والاخرة : فاسلموا واطيعوني ، تهتدوا.

ومن يواخيني ويوازرني ، يكون وليى ووصيي بعدى وخليفتي في اهلي ، ويقضى دينى.

فاسكت القوم ، واعاد ذلك ثلاثا ، كل ذلك يسكت القوم ، ويقول على (ع) : انا ، فقال : انت.

فقام القوم وهم يقولون لابي طالب : اطع ابنك فقد امر عليك (٢).

قال يحيى بن الحسن : ويزيده تأكيدا في الامر بوجوب الوصية.

ما ذكره الثعلبي ايضا في تفسير قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهادَةُ بَيْنِكُمْ إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنانِ) (٣).

٩٤ ـ وبالإسناد المقدم قال اختلفوا في صفة الاثنين فقال قوم هما الشاهدان اللذان يشهدان على وصية الموصي.

وقال آخرون هما الوصيان أراد الله تعالى تأكيدا لأمر فجعل الوصي اثنين.

ودليل هذا التأويل أنه عقبه بقوله : (تَحْبِسُونَهُما مِنْ بَعْدِ الصَّلاةِ فَيُقْسِمانِ) (٤)

__________________

(١) العس : القدح الضخم ـ لسان العرب.

(٢) غاية المرام ص ٣٢٠.

(٣) المائدة : ١٠٦.

(٤) المائدة : ١٠٦.

٧٧

ولا يلزم الشاهد يمين ، ولان الاية نزلت في الوصيين ، وعلى هذا القول تكون الشهادة بمعنى الحضور ، كقولك : شهدت وصية فلان ، أي حضرت ، قال الله تعالى : (أَمْ كُنْتُمْ شُهَداءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ) (١) وقد قال تعالى: (وَلْيَشْهَدْ عَذابَهُما طائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) (٢).

٩٥ ـ ومن «مناقب» الفقيه ابن المغازلى الشافعي ، الواسطي ، في تفسير قوله تعالى : (وَالنَّجْمِ إِذا هَوى) (٣) وَبِالْإِسْنَادِ الْمُقَدَّمِ قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو طَالِبٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عُثْمَانَ قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو عُمَرَ مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ بْنِ حَيَّوَيْهِ الْخَزَّازُ إِذْناً قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ الدَّهَّانُ الْمَعْرُوفُ بِأَخِي حَمَّادٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْخَلِيلِ بْنِ هَارُونَ الْبَصْرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْخَلِيلِ الْجُهَنِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا هَيْثَمٌ ، عَنْ أَبِي بَشِيرٍ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ كُنْتُ جَالِساً مَعَ فِئَةٍ (٤) مِنْ بَنِي هَاشِمٍ عِنْدَ النَّبِيِّ (ص) إِذِ انْقَضَّ كَوْكَبٌ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم : مَنِ انْقَضَّ هَذَا النَّجْمُ فِي مَنْزِلِهِ فَهُوَ الْوَصِيُّ مِنْ بَعْدِي فَقَامَ فِئَةٌ (٥) مِنْ بَنِي هَاشِمٍ فَنَظَرُوا فَإِذَا الْكَوْكَبُ قَدِ انْقَضَّ فِي مَنْزِلِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عليه السلام.

قَالُوا يَا رَسُولَ اللهِ قَدْ غَوِيتَ فِي حُبِّ عَلِيٍّ (ع) فَأَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى : (وَالنَّجْمِ إِذا هَوى ما ضَلَّ صاحِبُكُمْ وَما غَوى إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى بِالْأُفُقِ الْأَعْلى) (٦) (٧).

٩٦ ـ ومن «الجمع بين الصحيحين» للحميدي ، الحديث التاسع من المتفق

__________________

(١) البقرة : ١٣٣.

(٢) النور : ٢.

(٣) النجم : ١.

(٤) وفى نسخة : مع فتية.

(٥) وفى نسخة : مع فتية.

(٦) النجم : ١ ـ ٨.

(٧) مناقب ابن المغازلى ص ٣١٠.

٧٨

عليه من مسلم ، والبخاري ، من مسند عبد الله بن ابى عوفي ، بالاسناد المقدم عن طلحة بن مصرف ، قال : سئلت عبد الله بن ابى عوفي ، هل كان النبي صلى الله عليه وآله اوصى؟ فقال : لا. فقلت : فكيف كتب على الناس الوصية؟ أو امر بالوصية؟ فقال : اوصى بكتاب الله (١).

قال الحميدى : وفى حديث ابن مهدى ، زيادة ذكرها أبو مسعود (٢) وابو بكر البرقانى ، ولم يخرجها البخاري ولا مسلم فيما عندنا من كتابيهما ، وهى قال : قال هزيل بن شرجيل : أبو بكر كان يتأمر على وصى رسول الله صلى الله عليه وآله.

وفى حديث وكيع ، قلت : فكيف امر الناس بالوصية؟ وفى حديث ابن نمير : كيف كتب على المسلمين الوصية؟ وليس لطلحة بن مصرف عن ابن ابى عوفي ، في الصحيحين غير هذا الحديث الواحد قال يحيى بن الحسن : ومما يدل على وجوب الوصية ، ما هو مذكور في صحيح مسلم ، في الجزء الثالث منه من اجزاء ستة ، في ثلثه الاخير منه في كتاب الفرائض.

٩٧ ـ بالاسناد المقدم قال : حدثنا هارون بن معروف ، حدثنا عبد الله بن وهب ، اخبرني ـ عمرو وهو ابن الحارث ـ عن ابن شهاب ، عن سالم ، عن ابيه : انه سمع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال : «ما حق امرئ مسلم له شيء يوصى فيه يبيت ثلاث ليال ، الا ووصيته عنده مكتوبة» قال عبد الله بن عمر : ما مرت على ليلة منذ سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله ، قال : ذلك ، الا وعندي وصيتى (٣).

قال وحدثني أبو خيثمة ، زهير بن حرب ، ومحمد بن مثنى الغنوى (٤) واللفظ لابن مثنى ، قالا : حدثنا يحيى ـ وهو ابن سعيد القطان ـ عن عبيدالله ، قال : اخبرني نافع

__________________

(١) صحيح البخاري الجزء الرابع ص ٣.

(٢) وفى نسخة : ابن مسعود.

(٣) صحيح مسلم الجزء الخامس ص ٧٠.

(٤) وفي نسخة : العنزي. وكذلك ، في المصدر.

٧٩

عن ابن عمر : ان رسول الله صلى الله عليه وآله قال :

«ما حق امرئ مسلم له شيئ ، يريد ان يوصى فيه ، يبيت ليلتين الاووصيته مكتوبة عنده» (١).

٩٨ ـ وحدثنا أبو كامل الجحدرى ، حدثنا حماد ـ يعنى ابن زيد ـ (ح) وحدثني زهير بن حرب ، حدثنا اسماعيل ـ يعنى ابن عليه ـ كلاهما عن ايوب ، (ح) وحدثني أبو الطاهر ، اخبرنا ابن وهب ، اخبرني يونس ، (ح) وحدثني هارون بن سعيد الايلى ، حدثنا ابن وهب ، اخبرني اسامة بن زيد الليثى ، (ح) وحدثنا محمد بن رافع ، حدثنا ابن ابى فديك ، اخبرني هشام ـ يعنى ابن سعيد ـ كلهم عن نافع ، عن ابن عمر ، عن النبي صلى الله عليه وآله بمثل حديث عبيدالله ، وقالوا جميعا : له شيء يوصى فيه ، الا في حديث ايوب ، فانه قال : «يريد أن يوصى فيه» كرواية يحيى عن عبيدالله (٢).

٩٩ ـ ومن «الجمع بين الصحيحين» للحميدي ، في وجوب الوصية ، الحديث الثامن والستون ، بعد المأة ، من المتفق عليه ، في صحيحين : من مسلم والبخاري ، من مسند عبد الله بن عمر بالاسناد المقدم عن نافع ، عن ابن عمر : ان رسول الله صلى الله عليه وآله قال : ما حق امرئ مسلم له شيء يريد ان يوصى فيه ، يبيت ليلتين الا ووصيته مكتوبة عنده (٣).

١٠٠ ـ واخرجه البخاري من هذا الطريق هكذا ، واخرجه تعليقا ، فقال : تابعه محمد بن مسلم عن عمرو ، عن ابن عمر ، عن النبي صلى الله عليه وآله (٤).

__________________

(١) صحيح مسلم الجزء الخامس ص ٧٠.

(٢) صحيح مسلم الجزء الخامس ص ٧٠.

(٣) صحيح مسلم الجزء الخامس ص ٧٠.

(٤) صحيح البخاري الجزء الرابع ص ٢.

٨٠