عمدة عيون صحاح الأخبار في مناقب إمام الأبرار

شمس الدين يحيى بن الحسن الأسدي الربعي الحلّي [ الحافظ ابن البطريق ]

عمدة عيون صحاح الأخبار في مناقب إمام الأبرار

المؤلف:

شمس الدين يحيى بن الحسن الأسدي الربعي الحلّي [ الحافظ ابن البطريق ]


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤٨٣

حماد بن مسلمة ، عن سماك بن حرب ، عن انس بن مالك : ان رسول الله صلى الله عليه وآله بعث ببرائة مع ابى بكر إلى اهل مكة ، فلما بلغ ذا الحليفة ، بعث إليه فرده ، وقال : لا يذهب بها الا رجل من اهل بيتى ، فبعث عليا عليه السلام (١).

٢٤٧ ـ وبالاسناد المقدم ، قال : حدثنا عبد الله بن احمد بن حنبل ، قال : حدثنا أبو الجهم : العلاء بن موسى الباهلى ، سنة سبع وعشرين ومائة (٢) قال : حدثنا سوار بن مصعب ، عن عطية العوفى ، عن ابى سعيد الخدرى ، قال : بعث رسول الله صلى الله عليه وآله ابا بكر بسورة برائة على الموسم ، واربع كلمات إلى الناس ، فلحقه على عليه السلام في الطريق ، فاخذ السورة والكلمات ، فكان على عليه السلام يبلغ وابو بكر على الموسم ، فإذا قرأ السورة ، نادى : الا لا يدخل الجنة الا نفس مسلمة ، ولا يقرب المسجد مشرك بعد عامه هذه ، ولا يطوف بالبيت عريان ، ومن كان بينه وبين رسول الله صلى الله عليه وآله عقد ، فاجله مدته ، حتى قال رجل : لولا ان نقطع الذي بيننا وبين ابن عمك من الحلف ، لبدأنا بك ، فقال على عليه السلام : لولا ان رسول الله امرني ان لا احدث شيئا حتى آتيه لقتلتك (٣).

٣٤٨ ـ وبالاسناد المقدم ، قال : حدثنا عبد الله بن احمد بن حنبل ، قال : حدثنا أبو بكر بن ابى شيبة ، ، قال : حدثنا عمرو بن حماد ، عن اسباط بن نصر ، عن سماك ، عن حنش ، عن على عليه السلام : ان النبي صلى الله عليه وآله حين بعثه ببرائة ، قال : يا نبى الله ، انى لست باللسن ، ولا بالخطيب ، قال : فما بد ان اذهب بها انا أو تذهب بها انت ، قال : فان كان ولا بد فسأذهب بها انا ، قال : فانطلق ، فان الله يثبت لسانك ويهدى قلبك ، قال : ثم وضع يده على فمه (٤).

٢٤٩ ـ وبالاسناد المقدم ، قال : حدثنا عبد الله بن احمد بن حنبل ، قال : حدثنا

__________________

(١) فضائل الصحابة لاحمد بن حنبل ص ٥٦٢ ح ٩٤٦.

(٢) وفي المصدر : ومأتين.

(٣) فضائل الصحابة لابن حنبل ج ٢ ص ٤٦٠ ـ ح ١٠٨٨ وفيه : ولا يطوفن بدل يطوف.

(٤) مسند احمد الجزء الاول ص ١٥٠.

١٦١

الفضل بن الحباب ، قال : حدثنا محمد بن عبد الله الخزاعى ، قال : حدثنا حماد بن سلمة ، عن سماك بن حرب ، عن انس بن مالك : ان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بعث ببرائة مع ابى بكر إلى اهل مكة ، فلما بلغ ذا الحليفة ، بعث إليه فرده ، قال : لا يذهب بها الا رجل من اهل بيتى ، فبعث عليا عليه السلام (١).

٢٥٠ ـ ومن صحيح البخاري» في الجزء الاول منه على حد ثلثه الاول ، في باب ما يستر من العورة ، وبالاسناد المقدم ، قال : حدثنا اسحاق ، حدثنا يعقوب بن ابراهيم ، قال : حدثنا ابن شهاب (٢) عن عمه ، قال : اخبرني حميد بن عبد الرحمان بن عوف : ان ابا هريرة قال : بعثنى أبو بكر في تلك الحجة في مؤذنين يوم النحر نؤذن «بمنى» ألا لا يحج ، بعد العام مشرك ، ولا يطوف بالبيت عريان.

قال حميد بن عبد الرحمان : ثم اردف رسول الله صلى الله عليه وآله عليا عليه السلام فأمره ان يؤذن ببرائة قال أبو هريرة.

فاذن معنا على عليه السلام في اهل «منى» يوم النحر : ان لا يحج بعد العام مشرك ، ولا يطوف بالبيت عريان (٣).

٢٥١ ـ ومن الجزء الخامس من صحيح البخاري ايضا ، في باب قوله تعالى «واذان من الله ورسوله إلى الناس يوم الحج الاكبر ان الله برئ ، من المشركين ورسوله.

(٤) وبالاسناد المقدم ، قال : حدثنا عبد الله بن يوسف ، قال : حدثنا الليث ، قال : حدثنى عقيل ، قال ابن شهاب : واخبرني حميد بن عبد الرحمان : ان ابا هريرة قال : بعثنى أبو بكر في تلك الحجة في المؤذنين ، بعثهم يوم النحر ، يؤذنون «بمنى» : ان لا يحج بعد العام مشرك ، ولا يطوف بالبيت عريان.

قال حميد بن عبد الرحمان ثم اردف النبي صلى الله عليه وآله بعلى عليه السلام وامره ان يؤذن ببرائة

__________________

(١) فضائل الصحابة لاحمد بن حنبل ج ٢ ص ٥٦٢ ح ٩٤٦.

(٢) في المصدر : حدثنا ابن اخى ، ابن شهاب.

(٣) صحيح البخاري الجزء الاول ص ٧٨ (٤) التوبة ـ ٣.

١٦٢

قال أبو هريرة : فاذن معنا على في اهل «منى» يوم النحر ببرائة : وان لا يحج بعد هذا العام مشرك ، ولا يطوف بالبيت عريان (١).

٢٥٢ ـ ومن «تفسير الثعلبي» في تفسير سورة برائة قوله تعالى : (بَراءَةٌ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ) (٢).

وبالاسناد المقدم ، قال : حدثنا محمد بن اسحاق ومجاهد وغيرهما : نزلت في اهل مكة ، وذلك ان رسول الله صلى الله عليه وآله : عاهد قريشا يوم الحديبية ، على ان يضعوا الحرب عشر سنين ، يأمن فيها الناس ، ويكف بعضهم عن بعض ، فدخلت خزاعة في عهد رسول الله ، ودخلت بنو بكر في عهد قريش (٣) وكان مع هذا عهود بين رسول الله صلى الله عليه وآله وبين قبائل من العرب خصائص ، فعدت (٤) بنو بكر على خزاعة ، فقتلت منها ، ورفدتهم قريش بالسلاح.

فلما تظاهر بنو بكر وقريش على خزاعة ونقضا عهدهم خرج عمر بن سالم الخزاعى.

حتى وقف على رسول الله صلى الله عليه وآله فقال شعرا :

يَا رَبِّ إِنِّي نَاشِدٌ مُحَمَّداً

حِلْفَ أَبِينَا وَأَبِيهِ الْأَتْلَدَا (٥)

قَدْ كُنْتُمُ وُلْداً وَكُنَّا وَالِداً

ثَمَّتَ أَسْلَمْنَا فَلَمْ نَنْزِعْ يَداً

فَانْصُرِ هَدَاكَ اللهُ نَصْراً أَعْتَدَا (٦)

وَادْعُ عِبَادَ اللهِ يَأْتُوا مَدَداً

فِيهِمْ رَسُولُ اللهِ قَدْ تَجَرَّدَا (٧)

إِنْ سِيمَ خَسْفاً وَجْهُهُ تَرَبَّدَا (٨)

فِي فَيْلَقٍ كَالْبَحْرِ يَجْرِي فَرْبَداً (٩)

إِنَّ قُرَيْشاً أَخْلَفُوكَ الْمَوْعِدَا

__________________

(١) صحيح البخاري الجزء السادس ص ٦٤.

(٢) التوبة ـ ١.

(٣) وفى نسخة : ودخلت بنو بكر على خزاعة في عهد قريش.

(٤) وفى نسخة : فغدت بنو بكر على خزاعة.

(٥) التلاد : الصاحب القديم ـ مجمع البحرين.

(٦) العتيد : الحاضر المهيا ـ مجمع البحرين.

(٧) تجرد : تهيأ للحرب ـ هامش السيرة لابن هشام.

(٨) تربد : تغير إلى السواد ـ هامش السيرة لابن هشام.

(٩) الفيلق : العسكر الكثير ـ هامش السيرة لابن هشام.

١٦٣

وَنَقَضُوا مِيثَاقَكَ الْمُؤَكَّدَا

وَجَعَلُوا لِي فِي كُدَاءَ رَصَداً

وَزَعَمُوا أَنْ لَسْتَ تَدْعُو أَحَداً

وَهُمْ أَذَلُّ وَأَقَلُّ عَدَداً

هُمْ بَيَّتُونَا بِالْحَطِيمِ هُجَّداً (١)

وَقَتَلُونَا رُكَّعاً وَسُجَّداً (٢)

فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : لانصرت ان لم انصركم ، وخرج وتجهز إلى مكة ، ففتح مكة وهى سنة ثمان من الهجرة ، ولما خرج إلى غزوة تبوك ، وتخلف من تخلف من المنافقين ، وارجفوا الاراجيف ، جعل المشركون ينقضون عهودهم وامرهم الله بالقاء عهودهم إليهم ، ليأذنوا بالحرب ، وذلك قوله عزوجل : (وَإِمَّا تَخافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلى سَواءٍ) (٣).

فلما كانت سنة تسع ، اراد رسول الله صلى الله عليه وآله الحج ، ثم قال : اكره ان يحضر المشركون فيطوفون عراة ولا احب ان احج حتى لا يكون ذلك.

فبعث رسول الله صلى الله عليه وآله ابا بكر تلك السنة على الموسم ، ليقيم للناس الحج ، وبعث معه اربعين آية من صدر «برائة» ، ليقرأها على اهل الموسم ، فلما سار ، دعا رسول الله صلى الله عليه وآله عليا ، عليه السلام فقال : اخرج بهذه القصة ، من صدر برائة ، واذن بذلك في الناس إذا اجتمعوا ، فخرج على عليه السلام على ناقة رسول الله «العضباء» ، حتى ادرك ابا بكر بذى الحليفة ، واخذها منه. فرجع أبو بكر إلى النبي صلى الله عليه وآله ، فقال يا رسول الله : بابى انت وامى ، أنزل في شأني شيء؟ قال : لا ، ولكن لا يبلغ عنى غيرى.

أو رجل منى (٤).

٢٥٣ ـ قال الثعلبي : قال الشافعي : حدثنى محرز بن ابى هريرة ، عن ابيه

__________________

(١) وفى سيرة ابن هشام : بيتونا بالوتير هجدا. وفى هامشه : الوتير : اسم ماء باسفل مكة لخزاعة. والهجد : النيام ، وقد يكون الهجد ايضا المستيقظين وهو من الاضداد.

(٢) طوبقت هذه الابيات مع ما في سيرة ابن هشام ج ٢ ص ٣٩٤ ـ ٣٩٥.

(٣) الانفال : ٥٨.

(٤) غاية المرام ص ٤٦١ نقلا عن الثعلبي.

١٦٤

قال : كنت مع على عليه السلام حين بعثه النبي صلى الله عليه وآله ينادى ، فكان إذا ضحل صوته (١) ناديت فقلت : باى شيء كنتم تنادون؟ قال : باربع : لا يطوف بالكعبة عريان ، ومن كان له عند رسول الله عهد فعهده إلى مدته ، ولا يدخل الجنة (٢) الا نفس مؤمنة ولا يحج بعد عامنا مشرك ، قالوا : فقال المشركون : نحن نبرء من عهدك ، وعهد ابن عمك ، الا من الطعن والضرب ، وطفقوا يقولون : اللهم انا قد منعنا ان نتبرك ، ثم لما كانت سنة عشر حج النبي صلى الله عليه وآله حجة الوداع ، ونقل إلى المدينة ، ومكث بقية ذى الحجة والمحرم وصفر وليالي من شهر ربيع الاول حتى لحق بالله عزوجل (٣).

٢٥٤ ـ ومن الجمع بين الصحاح الستة لرزين في الجزء الثاني في تفسير سورة «برائة» من صحيح ابى داود وهو السنن وصحيح الترمذي وبالاسناد المقدم ، قال : عن ابن عباس ، قال بعث رسول الله صلى الله عليه وآله ابا بكر وامره ان ينادى في الموسم ببرائة (٤) ثم اتبعه عليا عليه السلام فبينا أبو بكر في بعض الطريق ، إذ سمع رغاء (٥) ناقة رسول الله العضباء (٦) فقام (٧) أبو بكر فزعا ، فظن انه قد حدث امر (٨) ـ فدفع إليه على عليه السلام كتابا من رسول الله صلى الله عليه وآله ، فيه : ان عليا ينادى بهؤلاء الكلمات [فانه لا ينبغى ان يبلغ (٩) عنى الارجل من اهل بيتى] (١٠) فانطلقا ، فحجا فقام على عليه السلام ايام التشريق ،

__________________

(١) وفى غاية المرام : اضمحل.

الضحل : الماء الرقيق على وجه الارض ليس له عمق ، وضحلت الغدر : قل ماءها ويقال : ان خيرك لضحل أي قليل.

وما اضحل خيرك أي ما اقله واضمحل الشئ أي ذهب ـ لسان العرب.

(٢) وفى غاية المرام : ولا يدخل الكعبة الا نفس مؤمنة.

(٣) غاية المرام ص ٤٦٢ ـ وذكره الفخر الرازي في تفسيره الكبير ج ٤ ص ٤٠٨.

(٤) وفى المصدر : ان ينادى بهؤلاء الكلمات.

(٥) الرغاء كغراب : صوت ذوات الخف : رغا البعير إذا ضج ـ مجمع البحرين.

(٦) في المصدر : القصوى.

(٧) في المصدر : فخرج.

(٨) فظن انه رسول الله فإذا هو على.

(٩) وفى نسخة : لا ينبغى ان يؤدى عنى.

(١٠) ما بين المعقوفتين ليس في المصدر.

١٦٥

فنادى : ذمة الله ورسوله بريئة من كل مشرك فسيحوا في الارض اربعة اشهر ولا يحجن بعد العام مشرك ، ولا يطوفن بالبيت [بعد اليوم] عريان ، ولا يدخل الجنة الا نفس مسلمة ، (١) قال : وكان على ينادى بها فإذا عيى (٢) امر غيره فنادى بها (٣).

قال يحيى بن الحسن : فتلك ولاية من رسول الله بحسن اختياره ، وهذه ولاية من الله سبحانه ، بحسن اختياره والله تعالى يقول : (وَرَبُّكَ يَخْلُقُ ما يَشاءُ وَيَخْتارُ ما كانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ) (٤)

قال المتنبي :

وهبني قلت هذا الصبح ليل

أيعمي العالمون عن الضياء!

الفصل التاسع عشر

في ذكر المواخاة له (ع)

٢٥٥ ـ من مسند ابن حنبل ، وبالاسناد المقدم قال : حدثنا عبد الله بن احمد بن حنبل قال : حدثنى ابى ، قال : حدثنا زيد بن الحباب ، قال حدثنى الحسين بن واقد ، حدثنى مطر الوراق ، عن قتادة عن سعيد بن المسيب : ان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم آخا بين الصحابة ، فبقى رسول الله صلى الله عليه وآله وابو بكر وعمر وعلى عليه السلام فاخى بين ابى بكر وعمر ، وقال لعلى عليه السلام : انت اخى (٥).

٢٥٦ ـ وبالاسناد المقدم ، قال : حدثنا عبد الله بن احمد بن حنبل ، قال : حدثنا احمد بن الحسن بن عبد الجبار ، قال : حدثنا أبو عمر : سهل بن زنجلة الرازي ، قال : حدثنا الصباح بن محارب ، عن عمر بن عبد الله ، عن ابيه ، عن جده : ان

__________________

(١) وفى المصدر : ولا يدخل الجنة الا مؤمن.

(٢) عيى : أي عجز ـ النهاية لابن الاثير.

(٣) صحيح الترمذي الجزء الخامس ص ٢٧٥.

(٤) القصص : ٦٨.

(٥) فضائل الصحابة لابن حنبل ج ٢ ص ٥٩٧ ـ ح ١٠١٩ وفى آخر الحديث. وانا اخوك.

١٦٦

النبي صلى الله عليه وآله آخا بين الناس وترك عليا عليه السلام ، حتى بقى آخرهم لا يرى له اخا ، فقال : يا رسول الله آخيت بين الناس وتركتني؟ قال : ولم تراني تركتك؟ ، وانما تركتك لنفسي ، انت اخى وانا اخوك ، فان ذاكرك احد فقل : انا عبد الله واخو رسول الله لا يدعيها بعدك الا كذاب (١).

٢٥٧ ـ وبالاسناد المقدم ، قال : حدثنا عبد الله بن احمد بن حنبل ، قال : حدثنا حسين بن محمد الزارع ، قال : حدثنى عبد المؤمن بن عباد ، حدثنى يزيد بن معن ، عن عبد الله بن شرجيل.

عن زيد بن ابى اوفى ، قال : دخلت على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في مسجده ، فذكر قصة مواخاة رسول الله صلى الله عليه وآله بين اصحابة فقال على يعنى للنبى صلى الله عليه وآله ـ : لقد ذهبت روحي وانقطع ظهرى حين رأيتك فعلت باصحابك ما فعلت غيرى فان كان هذا من سخط على ، فلك العتبى والكرامة فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : والذى بعثنى بالحق ، ما اخرتك الا لنفسي فانت منى بمنزلة هارون من موسى الا انه لا نبى بعدى ، وانت اخى ووارثى ، قال فقال : وما ارث منك يا رسول الله صلى الله عليه وآله؟ : قال : ما ورث الانبياء من قبلى ، قال : وما ورث الانبياء قبلك؟ قال : كتاب الله وسنة نبيهم ، وانت معى في قصرى في الجنة ، مع ابنتى فاطمة عليها السلام ، وانت اخى ورفيقي ، ثم تلا رسول الله صلى الله عليه وآله : «اخوانا على سرر متقابلين» (٢) المتحابون في الله ينظر بعضهم إلى بعض (٣).

٢٥٨ ـ وبالاسناد المقدم ، قال : حدثنا عبد الله بن احمد بن حنبل ، قال : (٤) حدثنا احمد بن منصور وعلى بن مسلم وغيرهما ، قالوا : حدثنا عمرو بن طلحة القناد قال : حدثنا اسباط ، عن سماك ، عن عكرمة ، عن ابن عباس رضى الله عنه : ان عليا عليه السلام

__________________

(١) فضائل الصحابة لابن حنبل ج ٢ ص ٦١٦ ح ١٠٥٥.

(٢) الحجر ـ ٤٧.

(٣) فضائل الصحابة لابن حنبل ج ٢ ص ٦٣٨ ـ ١٠٨٥.

(٤) وفى المصدر : حدثنا عبد الله بن محمد بن عبد العزيز.

١٦٧

كان يقول في حياة رسول الله صلى الله عليه وآله : ان الله عزوجل يقول : «افان مات أو قتل انقلبتم على اعقابكم» (١) (٢) لاقاتلن على ما قاتل عليه حتى اموت والله ، انى لاخوه ووليه وابن عمه ، ووارثه ، ومن احق به منى؟ (٣).

٢٥٩ ـ وبالاسناد المقدم ، قال : حدثنا عبد الله بن احمد بن حنبل ، قال : حدثنى من سمع من ابن ابى عوف قال : حدثنا سويد بن سعيد ، قال : حدثنا زكريا بن عبد الله الصهبانى عن عبد المؤمن ، عن ابى المغيرة ، عن علي بن أبي طالب عليه السلام ، قال : طلبني رسول الله صلى الله عليه وآله ، فوجدني في حائط نائما ، فضربني برجله ، قال : قم فوالله لا رضينك انت اخى وابو ولدي ، تقاتل على سنتى ، من مات على عهدي فهو في كنز الله ، ومن مات على عهدك ، فقد قضى نحبه ، ومن مات يحبك.

بعد موتك ، يختم الله له بالامن والايمان ، ما طلعت شمس أو غربت (٤).

٢٦٠ ـ وبالاسناد المقدم ، قال : حدثنا عبد الله بن احمد بن حنبل ، قال : حدثنا أبو يعلى : حمزة ، قال حدثنا سليمان بن الربيع ، قال : حدثنا كادح بن رحمة ، قال : حدثنا الحسن بن ابى جعفر ، عن ابى الزبير ، عن جابر ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله فذكر الحديث ، وقال في آخره : على اخى ، وصاحب لوائى (٥).

٢٦١ ـ وبالاسناد المقدم ، قال : حدثنا عبد الله بن احمد بن حنبل ، عن ابيه ، قال : حدثنا عفان ، قال : حدثنا أبو عوانة ، قال : حدثنا عثمان بن المغيرة ، عن ابى صادق ، عن ربيعة بن ناجذ ، عن على عليه السلام قال : جمع رسول الله صلى الله عليه وآله أو دعا بنى عبد المطلب ، فيهم رهط ، كلهم يأكل الجذعة ، ويشرب الفرق ، (٦)

__________________

(١) آل عمران ـ ١٤٤.

(٢) في المصدر : والله لا تنقلب على اعقابنا بعد إذ هدانا الله ولئن مات أو قتل.

(٣) فضائل الصحابة لاحمد بن حنبل ج ٢ ص ٦٥٢ ح ١١١٠.

(٤) فضائل الصحابة لاحمد بن حنبل ج ٢ ب ص ٦٥٦ ح ١١١٨.

(٥) فضائل الصحابة لاحمد بن حنبل ج ٢ ص ٦٦٦ ح ١١٣٥.

(٦) والفرق : مكيال ضخم ـ لسان العرب.

١٦٨

قال : فصنع لهم مدا من طعام ، فاكلوا حتى شبعوا قال : وبقى الطعام كما هو ، كأنه لم يمس ، ثم دعا بغمر (١) فشربوا ، حتى رووا ، وبقى الشراب كأنه لم يمس ، أو لم يشرب منه ، فقال : يا بنى عبد المطلب ، انى بعثت اليكم خاصة وإلى الناس بعامة ، وقد رأيتم من هذه الاية ما رأيتم ، فايكم يبايعني على ان يكون اخى وصاحبى قال : فلم يقم إليه احد. [قال : فقمت إليه وكنت اصغر القوم ، قال : فقال : اجلس قال ثلاث مرات كل ذلك اقوم إليه] فيقول لى اجلس (٢).

حتى كان في الثالثة ضرب بيده على يدى (٣).

٢٦٢ ـ ومن مناقب الفقيه ابى الحسن المغازلى وبالاسناد المقدم ، قال : اخبرنا أبو الحسن بن احمد بن المظفر العطار ، قال : اخبرنا أبو محمد بن السقاء ، واخبرنا أبو الحسن بن على بن عبيدالله بن القصبات البيع ، الواسطي ، فيما اذن لى في روايته عنه ، قال : حدثنى أبو بكر : محمد بن زكريا بن دويد العبدى ، قال : حدثنى حميد الطويل ، عن انس ، قال : لما كان يوم المباهلة ، وآخى النبي صلى الله عليه وآله بين المهاجرين والانصار.

وعلى واقف يراه ويعرف مكانه ، لم يواخ بينه وبين احد ، فانصرف على باكى العين ، فافتقده النبي صلى الله عليه وآله ، فقال : ما فعل أبو الحسن؟ فقالوا : انصرف باكى العين يا رسول الله ، قال : يا بلال اذهب ، فاتني به ، فمضى بلال إلى على عليه السلام ، وقد دخل منزله باكى العين ، فقالت فاطمة : ما يبكيك؟! لا ابكى الله عينيك ، قال : يا فاطمة ، آخى النبي صلى الله عليه وآله وسلم بين المهاجرين والانصار ، وانا واقف يرانى ، ويعرف مكاني ولم يواخ بينى وبين احد ، قالت لا يحزنك الله لعله انما ادخرك لنفسه ، فقال بلال : يا على ، اجب النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، فاتى على النبي صلى الله عليه وآله ، فقال النبي صلى الله عليه وآله : ما يبكيك يا ابا الحسن؟!

__________________

(١) الغمر : الماء الكثير ـ لسان العرب.

(٢) ما بين المعقوفتين كان في المصدر.

(٣) مسند احمد بن حنبل الجزء الاول ص ١٥٩.

١٦٩

قال : وآخيت بين المهاجرين والانصار يا رسول الله ، وانا واقف تراني وتعرف مكاني لم تواخ بينى وبين احد قال : انما ادخرتك لنفسي ، اما يسرك ان تكون اخا نبيك قال : بلى يا رسول الله ، انى لى بذلك؟ فاخذه بيد ، وارقاه المنبر ، فقال : اللهم ، ان هذا منى وأنا منه ، ألا وانه منى بمنزلة هارون من موسى ، ألا ، من كنت مولاه فهذا على مولاه ، قال : فانصرف على قرير العين ، فاتبعه عمر بن الخطاب ، فقال : بخ بخ يا ابا الحسن ، اصبحت مولاى ومولى كل مسلم (١).

٢٦٣ ـ وبالاسناد المقدم ، قال : اخبرنا أبو الحسن : على بن عمر بن عبد الله بن شوذب ، قال : حدثنى ابى ، قال : حدثنى محمد بن الحسين الزعفراني قال : حدثنى احمد بن ابى خيثمة ، حدثنى نصر بن على ، حدثنى عبد المؤمن بن عبادة ، عن عمار بن عمر ، قال : حدثنى يزيد بن معن ، حدثنى عبد الله بن شرجيل ، عن رجل من قريش عن زيد بن ارقم قال : دخلت على رسول الله صلى الله عليه وآله فقال : انى مواخ بينكم ، كما آخى الله بين الملائكة ، ثم قال لعلى عليه السلام انت اخى ورفيقي ، ثم تلا هذه الاية : (إِخْواناً عَلى سُرُرٍ مُتَقابِلِينَ) (٢) الاخلاء في الله ينظر بعضهم إلى بعض ، (٣).

٢٦٤ ـ وبالاسناد المقدم ، قال : اخبرنا أبو طالب : محمد بن احمد بن عثمان عن الدار قطني الحافظ ، يرفعه إلى ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله لعلى عليه السلام : انت اخى في الدنيا والاخرة (٤).

٢٦٥ ـ وبالاسناد المقدم ، قال : اخبرنا محمد بن احمد بن عثمان بن دبثائى الصيرفى

__________________

(١) غاية المرام ص ١١٢ نقلا عن مناقب ابن المغازلى.

(٢) الحجر ـ ٤٧.

(٣) وفى غاية المرام نقلا عن ابن المغازلى في المناقب ولكن المناقب المطبوع لدينا ليس فيه هذه الرواية ولا التي قبلها.

(٤) مناقب ابن المغازلى ص ٣٧.

١٧٠

البغدادي ، يرفعه إلى ابن عباس ، رضى الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : خير اخواني على (١).

٢٦٦ ـ وبالاسناد المقدم ، قال : حدثنى أبو الحسن : على بن احمد بن المظفر العدل يرفعه إلى جميع بن عمير عن ابن عمر قال : قال النبي صلى الله عليه وآله يوم المواخاة : انت اخى في الدنيا والاخرة (٢).

٢٦٧ ـ وبالاسناد المقدم ، قال : اخبرنا أبو غالب : محمد بن احمد بن سهل النحوي يرفعه إلى سعد بن حذيفة ، عن ابيه حذيفة بن اليمان ، قال : آخى رسول الله صلى الله عليه وآله بين اصحابه : بين المهاجرين والانصار ، فكان يواخى بين الرجل ونظيره ، ثم اخذ بيد علي بن أبي طالب عليه السلام ، فقال : هذا اخى ، قال حذيفة فرسول الله صلى الله عليه وآله سيد المرسلين وامام المتقين ورسول رب العالمين ، الذي ليس له في الانام شبيه ولا نظير وعلى بن ابى طالب اخوه (٣).

٢٦٨ ـ وبالاسناد المقدم ، قال : اخبرنا محمد بن احمد بن سهل النحوي ، اذنا قال : اخبرنا أبو على : الحسين بن محمد بن احمد بن الطيب (٤) بن كمارى الفقيه ، قال : حدثنى العباد ، قال : حدثنى محمد بن اسحاق ، قال : حدثنى أبو بكر العوفى (٥) قال : حدثنى اسماعيل بن علية يرفعه إلى ابى الحمراء قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول : لما اسرى بى إلى السماء ، رأيت على ساق العرش الايمن : انا الله ، وحدي لا اله غيرى ، غرست جنة عدن بيدى ، محمد صفوتي ، ايدته بعلى (٦).

__________________

(١) مناقب ابن المغازلى ص ٣٧ وفيه : يرفعه إلى عبد الرحمان بن عابس ، عن ابيه قال : قال ...

(٢) مناقب ابن المغازلى ص ٣٨.

(٣) مناقب ابن المغازلى ص ٣٨ ـ وفيه في آخر الحديث قال حذيفة : رسول الله صلى الله عليه وآله وعلى بن ابى طالب (ع) اخوان.

(٤) وعن المصدر قال : اخبرنا أبو الحسين محمد بن احمد بن الطيب.

(٥) في المصدر : أبو بكر الغرافى.

(٦) مناقب ابن المغازلى ص ٣٩.

١٧١

٢٦٩ ـ من «الجمع بين الصحاح الستة» لرزين العبدرى ، من الجزء الثالث في مناقب امير المؤمنين على ابي طالب عليه السلام ، وبالاسناد المقدم ، من سنن ابى داود ، وصحيح الترمذي ، قال : عن ابن عمر ، قال : لما آخى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بين اصحابه جاءه على عليه السلام تدمع عيناه ، فقال : يا رسول الله آخيت بين اصحابك ولم تواخ بينى وبنى احد ، قال : فسمعت النبي صلى الله عليه وآله يقول : انت اخى في الدنيا والاخرة (١).

قال يحيى بن الحسن : قوله صلى الله عليه وآله لعلى : انت اخى في الدنيا والاخرة : اراد به غاية المدحة ونهاية المبالغة في علو المنزلة ، لانه صلى الله عليه وآله لما اخى بين الرجل ونظيره لم يجد لعلى نظيرا غير نفسه ، فهو نظيره من وجوه : نظيره في الاصل ، بدليل شاهد النسب الصريح بينهما بلا ارتياب.

ونظيره في العصمة ، بدليل قوله تعالى : (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) (٢).

ونظيره في كونه ولي الأمة بدليل قوله سبحانه وتعالى : (إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ) (٣). واختصاص هذه الاية بامير المؤمنين عليه السلام ، قد تقدم من الصحاح.

ونظيره في الاداء والتبليغ ، بدليل الوحى الوارد عليه يوم اعطى سورة برائة لغيره ، فنزل عليه جبرئيل صلى الله عليه وآله ، وقال : انه لا يؤديها الا انت أو من هو منك ، فاستعادها منه ، فاداها على عليه السلام بوحى الله تعالى إلى الموسم ، بما قد تقدم ثبوت طرقه وبما يأتي ذكره : انه لا يؤدى عنه الا هو أو على ، في باب ذكر خاصف النعل.

ونظيره في كونه عليه السلام مولى الامة ، بدليل قوله عليه السلام : من كنت مولاه فعلى مولاه ، بما قد تقدم ذكره من عدة طرق.

__________________

(١) صحيح الترمذي الجزء الخامس كتاب المناقب ص ٣٣٦.

(٢) الاحزاب ـ ٣٣.

(٣) المائدة ـ ٥٥.

١٧٢

ونظيره في مماثلة نفسيهما ، وان نفسه مقام نفسه عليهما السلام ، وان الله تعالى جعله نفس رسول الله صلى الله عليه وآله ، بدليل قوله سبحانه وتعالى : (فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ وَنِساءَنا وَنِساءَكُمْ وَأَنْفُسَنا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللهِ عَلَى الْكاذِبِينَ) (١).

فجعل نفس علي نفسه عليهما السلام لأنه تعالى قال : (فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ) والداعي لا يدعو نفسه وإنما يدعو غيره بدليل قوله تعالى : (قُلِ ادْعُوا اللهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمنَ أَيًّا ما تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى) (٢).

فثبت أن المراد بنفسه في الدعاء نفس علي عليه السلام ، وبذلك قد ورد تفسير هذه الآية.

ونظيره في فتح بابه في المسجد كفتح باب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وجوازه في المسجد كجوازه ودخوله في المسجد جنبا كحال رسول الله صلى الله عليه وآله على السواء. وسيرد عليك بيان طرقه إن شاء الله تعالى.

ونظيره في استحقاق الإمامة لأنه يستحقها على طريق استحقاق النبي (ص) للنبوة سواء بدليل قوله سبحانه وتعالى لإبراهيم عليه السلام (إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً قالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قالَ لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ) (٣) والظلم هاهنا هو الشرك ، وحد الظلم هو وضع الشيءى في غير موضعه ، والمشرك قد وجه عبادته إلى غير مستحقها ، وهو عبادة الاصنام ، وهى غير مستحقة للعبادة.

والدليل على ان الظلم هاهنا هو الشرك ، ما ذكر (٤) بالاسناد المقدم ، في الجزء الثاني من صحيح البخاري في ثالث كراس من اوله في باب ما جاء في المتولين قال حدثنا اسحاق بن ابراهيم ، قال : اخبرنا وكيع ، ح حدثنا يحيى قال حدثنا وكيع ، عن الاعمش عن ابراهيم بن علقمة ، عن عبد الله قال : لما نزلت هذه الاية : (الَّذِينَ آمَنُوا

__________________

(١) آل عمران ـ ٦١.

(٢) الاسراء ـ ١١٠.

(٣) البقره ـ ١٢٤.

(٤) وفى نسخة : ما ذكرناه.

١٧٣

وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمانَهُمْ بِظُلْمٍ) (١) شق ذلك على اصحاب النبي صلى الله عليه وآله وقالوا : اينا لم يظلم نفسه ، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : ليس كما تظنون وانما هو كما قال «لقمان» لابنه : (يا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ) (٢) ، وهذا التأويل بعينه في تفسير سورة لقمان في تأويل قوله تعالى : (إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ) (٣).

ذكره رزين العبدري في الجزء الثالث من الجمع بين الصحاح الستة من صحيح أبي داود السجستاني وصحيح الترمذي فصارت الإمامة مستحقة له بطريق لا ينبغي أن يستحق إلا منها كما أن النبوة مستحقة للنبي صلى الله عليه وآله بطريق لا ينبغي أن تستحق إلا منها.

ويزيده بيانا أن إبراهيم عليه السلام لما طلب الإمامة لبنيه قال الله سبحانه وتعالى مجيبا له : (لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ) (٤) قال إبراهيم عليه السلام : (وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنامَ رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (٥). فجعل المستحق لهذه الدعوة من بنيه هو الذي اتبعه وهو الذي لم يعبد الأصنام جعله منه دون من عبدها وإن كان من ولده أيضا لأن الله سبحانه وتعالى لما منعه الدعوة إلا مع التقييد وهو ترك عبادة الأصنام سأل ذلك لبنيه الذين يستحقون هذه المنزلة ومثل ذلك قوله سبحانه وتعالى حاكيا عن نوح : (وَنادى نُوحٌ رَبَّهُ فَقالَ رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُ) (٦) فقال الله سبحانه وتعالى مجيبا له : (يا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صالِحٍ) (٧) وقرئ عمل غير صالح فبين له تعالى من أي طريق نفى عنه لفظة الأهلية ولم ينف عنه صحة النسب فقال تعالى : (إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صالِحٍ) ـ أو عمل غير صالح ـ فلذلك خرج من ان يكون من

__________________

(١) الانعام ـ ٨٢.

(٢) لقمان ـ ١٣.

(٣) صحيح البخاري الجزء السادس ص ١١٤ مع اختلاف قليل.

(٤) البقرة ـ ١٢٤.

(٥) ابراهيم ـ ٣٦.

(٦) هود ـ ٤٥.

(٧) هود ـ ٤٦.

١٧٤

أهلك لا يطعن في نسبه.

فثبتت المناظرة والمشابهة والمشاكلة له بالنبي ، الا فيما استثناه النبي ، من الامر الذي لا نظير له فيه وهو النبوة بقوله : الا انه لا نبى بعدى.

فلذلك صح من النبي صلى الله عليه وآله ان يجعله أخاه في الدنيا والاخرة ، بما ثبت له من المشابهة والمشاكلة في هذه المنازل وبمشاركته له في بيان منزلته في الجنة بما قد تضمنته الفاظ هذه الاخبار المذكورة المتقدمة ، اما هذا الكلام :

وما فاتني نصركم باللسان

إذا فاتني نصركم باليد (١)

 الفصل العشرون

(في سد الابواب من المسجد الا باب على عليه‌السلام)

٢٧٠ ـ من مسند ابن حنبل ، بالاسناد المقدم ، قال : حدثنا عبد الله بن احمد بن حنبل ، قال : حدثنى ابى ، قال : حدثنا محمد بن جعفر قال : حدثنا عوف ، عن ميمون بن عبد الله ، عن زيد بن ارقم ، قال : كان لنفر من اصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، ابواب شارعة في المسجد ، فقال يوما : سدوا هذه الابواب الا باب على ، قال : فتكلم في ذلك اناس ، قال : فقام رسول الله (ص) ، فحمد الله ، واثنى عليه ، ثم قال : اما بعد : فانى امرت بسد هذه الابواب الابواب الا باب على وقال فيه قائلكم ، وانى والله ما سددت شيئا ولا فتحته ، ولكني امرت بشيئ ، فاتبعته (٢).

٢٧١ ـ وبالاسناد المقدم ، قال : حدثنا عبد الله بن احمد بن حنبل ، قال : حدثنا على بن طيفور ، قال حدثنا قتيبة ، قال : حدثنا يعقوب ، عن سهيل بن ابى صالح عن ابيه ان عمر بن الخطاب قال : لقد اوتى علي بن أبي طالب ثلاثا لئن اكون

__________________

(١) هذا البيت لمهيار الديلمى.

(٢) فضائل الصحابة لا بن حنبل ج ٢ ص ٥٨١ ـ ٩٨٥

١٧٥

اوتيتها ، احب الى من ان اعطى حمر النعم : جوار رسول الله في المسجد ، والراية يوم خيبر ، والثالة نسيها سهيل (١).

٢٧٢ ـ وبا لاسناد المقدم ، قال : حدثنا عبد الله بن احمد بن حنبل ، قال حدثنى ابى ، قال : حدثنا وكيع ، عن هاشم بن سعد (٢) عن عمر بن سيد ، ان ابن عمر قال : كنا نقول [في زمن النبي صلى الله عليه واله : رسول الله صلى الله عليه وآله] (٣) خير الناس ، ثم أبو بكر ثم عمر ، ولقد اوتى ابن ابى طالب ، ثلاث خصال ، لئن تكون لى واحدة منهن احب الى من حمر النعم ، زوجه رسول الله صلى الله عليه وآله ابنته وولدت له ، وسد الابواب الا بابه في المسجد ، واعطاه الراية يوم خيبر (٤).

٢٧٣ ـ ومن كتاب مناقب العباس رضى الله عنه تأليف ابى زكريا بن مندة الاصفهانى الحافط ، في مسانيد المأمون ، ما رواه ابراهيم بن سعيد الجوهرى ، قال : حدثنى أمير المؤمنين : المأمون ، قال : حدثنى أمير المؤمنين : الرشيد ، حدثنى أمير المؤمنين : المهدى.

حدثنى امير المؤمنين : المنصور ، حدثنى ابى قال حدثنى ابى : عبد الله بن العباس رضى الله عنه ، قال : قال النبي صلى الله عليه وآله لعلى : انت وارثي ، وقال : ان موسى سأل الله تعالى ، ان يطهر مسجده وانى سألت الله ان يطهر مسجدي لك ، ولذريتي من بعدى.

ثم ارسل إلى ابى بكر : ان سد بابك ، فاسترجع ، وقال : فعل هذا بغيرى؟ فقيل : لا ، فقال : سمعا وطاعة ، فسد بابه ، ثم ارسل إلى عمر ، فقال : سد بابك فاسترجع ، وقال : فعل هذا بغيرى؟ فقيل : بابى بكر ، فقال : ان في في ابى بكر اسوة حسنة ، فسد بابه.

ثم ارسل إلى العباس سد بابك ، فلما سمعت فاطمة خرجت

__________________

(١) فضائل الصحابة لابن حنبل ج ٢ ص ٦٥٩ ـ ح ١١٢٣.

(٢) في المصدر : عن هشام.

(٣) ما بين المعقوفتين كان في المصدر.

(٤) مسند احمد بن حنبل الجزء الثاني ص ٢٦.

١٧٦

فجلست على بابها ، ومعها الحسن والحسين ، كأنهما شبلان ، فخاض الناس في ذلك فصعد رسول الله صلى الله عليه وآله المنبر ، فقال : ما انا سددت ابوابكم ، ولا انا فتحت باب على ولكن الله سد ابوابكم ، وفتح باب علي (١).

٢٧٤ ـ ومن «مناقب» الفقيه المغازلى وبالاسناد المقدم ، قال : اخبرنا احمد بن محمد ، اجازة قال : اخبرنا عمر بن شوذب ، قال : حدثنا احمد بن عيسى بن الهيثم ، قال : حدثنا محمد بن عثمان بن ابى شيبة ، قال : حدثنا ابراهيم بن محمد بن ميمون ، قال : حدثنا على بن عابس ، عن الحرث بن حصين (٢) عن عدى بن ثابت قال : خرج رسول الله صلى الله عليه وآله إلى المسجد ، فقال : ان الله عزوجل اوحى إلى نبيه موسى عليه السلام : ان ابن لى مسجدا طاهرا ، لا يسكنه الا موسى وهارون ، وابنا هارون ، وان الله اوحى إلى : ان ابن مسجدا طاهرا ، لا يسكنه الا انا وعلى وابنا على (٣).

٢٧٥ ـ وبالاسناد المقدم قال : اخبرنا محمد بن احمد بن عثمان ، قال : حدثنا أبو الحسين : محمد بن المظفر بن موسى بن عيسى الحافظ ، قال : حدثنا محمد بن بن الحسين بن حميد بن الربيع ، قال : حدثنا جعفر بن عبد الله بن محمد : أبو عبد الله قال : حدثنا اسماعيل بن ابان ، قال : حدثنا سلام بن ابى عمر عن معروف بن الخربوذ عن ابى الطفيل ، عن حذيفة بن اسيد الغفاري ، قال : لما قدم اصحاب النبي صلى الله عليه وآله المدينة ، لم تكن لهم بيوت يبيتون فيها ، فكانوا يبيتون في المسجد ، فقال لهم النبي صلى الله عليه وآله : لا تبيتوا في المسجد ، فتحتلموا ، ثم ان القوم بنوا بيوتا حول المسجد وجعلوا ابوابها إلى المسجد ، وان النبي صلى الله عليه وآله بعث إليهم معاذ بن جبل ، فنادى : ابا بكر ،

__________________

(١) غاية المرام ص ٦٤٠ نقلا عن كتاب مناقب العباس تأليف الحافظ ابى زكريا ابن مندة الاصفهانى.

(٢) وفى المصدر : حدثنا على بن عياش عن الحارث بن حصيرة.

(٣) مناقب الفقيه ابن المغازلى ص ٢٥٢.

١٧٧

فقال : ان رسول الله يأمرك ان تخرج من المسجد ، وتسد بابك الذي فيه ، فقال : سمعا وطاعة ، فسد بابه وخرج من المسجد. ثم ارسل إلى عمر ، فقال : ان رسول الله صلى الله عليه وآله يأمرك ان تسد بابك الذي في المسجد ، وتخرج منه ، فقال : سمعا وطاعة لله ورسوله ، غير انى ارغب إلى الله في خوخة (١) في المسجد ، فأبلغه معاذ ، ما قال عمر ، ثم ارسل إلى عثمان وعنده رقية ، فقال : سمعا وطاعة ، فسد بابه وخرج من المسجد. ثم ارسل إلى حمزة فسد بابه وقال : سمعا وطاعة لله ولرسوله ، وعلى عليه السلام على ذلك يتردد ، ولا يدرى اهو فيمن يقيم أو فيمن يخرج ، وكان النبي صلى الله عليه وآله قد بنى له بيتا في المسجد بين ابياته. فقال له النبي صلى الله عليه وآله اسكن ، طاهرا مطهرا ، فبلغ حمزة قول النبي صلى الله عليه وآله لعلى ، فقال : يا محمد تخرجنا وتمسك غلمان بنى عبد المطلب ، فقال نبى الله صلى الله عليه وآله : لا ، لو كان الامر إلى ما جعلت من دونكم من احد ، والله ما اعطاه اياه الا الله وانك لعلى خير من الله ورسوله ابشر فبشره النبي ، فقتل يوم احد شهيدا.

ونفس (٢) ذلك رجال على على (ع) ، فوجدوا (٣) في انفسهم وتبين فضله عليهم وعلى غيرهم من اصحاب النبي صلى الله عليه وآله فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وآله ، فقام خطيبا فقال ان رجالا يجدون في انفسهم في ان اسكن عليا في المسجد والله ما اخرجتهم ولا اسكنته ان الله عزوجل اوحى إلى موسى واخيه : (أَنْ تَبَوَّءا لِقَوْمِكُما بِمِصْرَ بُيُوتاً وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ) (٤).

وامر موسى ان لا يسكن مسجده ولا ينكح فيه ولا يدخله الا هارون وذريته ، وان عليا منى بمنزلة هارون من موسى وهو اخى دون اهلي ، ولا يحل مسجدي لاحد

__________________

(١) الخوخه : باب صغير كالنافذة الكبيرة تكون بين بيتين ينصب عليها باب ـ لسان العرب.

(٢) نفس عليه الشئ : إذا لم يحب ان يصل الشئ عليه.

(٣) وجد عليه : غضب عليه ـ لسان العرب.

(٤) يونس ٨٧.

١٧٨

ينكح فيه النساء الا على وذريته ، فمن ساءه فهاهنا واومى بيده إلى نحو الشام (١).

٢٧٦ ـ وبالاسناد المقدم ، قال : اخبرنا محمد بن احمد بن عثمان بن الفرج الازهرى ، قال : حدثنا أبو الحسين : محمد بن المظفر بن موسى بن عيسى الحافظ ، قال : اخبرنا أبو القاسم : عمر بن عمرو بن عثمان بن حيان بن ابى حيان قال : حدثنا احمد بن محمد بن عمر بن يونس اليمامى ، قال : حدثنا النضر بن محمد ، قال : حدثنا أبو انس (٢) حدثنا الحسن بن زيد بن الحسن بن علي بن أبي طالب (ع) قال : حدثنى خارجة بن سعد ، قال : حدثنى سعد بن ابى وقاص ، قال : كانت لعلى (ع) مناقب لم تكن لاحد : كان يبيت في المسجد واعطاه الراية يوم خيبر ، وسد الابواب الا باب على (٣).

٢٧٧ ـ وبالاسناد المقدم ، قال : اخبرنا احمد بن محمد بن عبد الوهاب ، قال ، اخبرنا أبو عبد الله : الحسين بن محمد بن الحسين العلوى العدل ، قال : حدثنا على بن عبد الله بن مبشر ، قال : حدثنا ابراهيم بن عبد الرحمان بن دنوقا ، قال : حدثنا هوذة بن خليفة عن ميمون ابن عبد الله ، عن البراء بن عازب قال : كان لنفر من اصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ابواب شارعة في المسجد ، وان رسول الله صلى الله عليه وآله قال : سدوا هذه الابواب غير باب على (ع) قال : فتكلم في ذلك ناس قال : فقام رسول الله صلى الله عليه وآله فحمد الله واثنى عليه ، ثم قال : اما بعد : فانى امرت بسد هذه الابواب غير باب على فقال : فيه قائلكم وانى والله ، ما سددت شيئا ولا فتحت ، ولكني امرت بشئ ، فاتبعته (٤).

٢٧٨ ـ وبالاسناد المقدم ، قال : اخبرنا احمد بن محمد قال : اخبرنا الحسين بن محمد العدل ، قال : حدثنا محمد بن محمود ، قال : حدثنا الحسين بن سلام السواق

__________________

(١) مناقب ابن المغازلى ص ٢٥٣ ـ ٢٥٥.

(٢) في المصدر : حدثنا أبو اويس.

(٣) مناقب ابن المغازلى ص ٢٥٥ ـ ٢٥٦.

(٤) مناقب ابن المغازلى ص ٢٥٧.

١٧٩

قال : حدثنا عبد الله بن موسى ، قال : حدثنا قطر بن خليفة ، عن عبد الله بن شريك عن عبد الله بن الرقيم ، عن سعد : ان النبي صلى الله عليه وآله ، امر بسد الابواب ، فسدت وترك باب على ، فاتاه العباس ، فقال يا رسول الله ، سددت ابوابنا وتركت باب على؟ فقال : ما انا فتحتها ولا انا سددتها (١).

٢٧٩ ـ وبالاسناد المقدم ، قال : اخبرنا احمد بن محمد بن عبد الوهاب ، قال اخبرنا الحسين بن محمد العدل ، قال : حدثنا احمد بن عيسى بن السكين البلدى حدثنا الرمادي قال : حدثنا يحيى بن حماد ، قال : حدثنا أبو عوانة ، اخبرنا ابوبلج ، قال ، حدثنا عمرو بن ميمون ، عن ابن عباس رضى الله عنه : ان النبي صلى الله عليه وآله سد ابواب المسجد غير باب على (ع) (٢).

٢٨٠ ـ وبالاسناد المقدم ، قال : اخبرنا احمد بن محمد بن عبد الوهاب ، يرفعه إلى ابن عباس : ان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم امر بسد الابواب كلها فسدت الابواب الا باب على (٣).

٢٨١ ـ وبالاسناد المقدم ، قال : اخبرنا أبو الحسن : احمد بن المظفر بن احمد العطار ، الفقيه الشافعي ، قال : اخبرنا أبو محمد : عبد الله بن محمد بن عثمان المزني الملقب بابن السقاء الحافظ قال : حدثنا على بن العباس البجلى بالكوفة قال : حدثنى حسين بن نصر بن مزاحم ، قال : حدثنى خالد بن عيسى العكلى ، قال ، حدثنا حصين بن مخارق قال : حدثنى جعفر بن محمد ، عن ابيه ، عن نافع ـ مولى ابن عمر ـ قال : قلت لابن عمر : من خير الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وآله؟ قال : ما انت وذاك ، لا ام لك ، ثم قال : استغفر الله ، خيرهم بعده من كان يحل له ، ما كان يحل له ويحرم عليه ما كان

__________________

(١) مناقب ابن المغازلى ص ٢٥٧.

(٢) مناقب ابن المغازلى ص ٢٥٨.

(٣) مناقب ابن المغازلى ص ٢٥٩.

١٨٠