عمدة عيون صحاح الأخبار في مناقب إمام الأبرار

شمس الدين يحيى بن الحسن الأسدي الربعي الحلّي [ الحافظ ابن البطريق ]

عمدة عيون صحاح الأخبار في مناقب إمام الأبرار

المؤلف:

شمس الدين يحيى بن الحسن الأسدي الربعي الحلّي [ الحافظ ابن البطريق ]


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤٨٣

يحرم عليه ، قلت : من هو؟ قال : على. سد ابواب المسجد وترك باب على ، وقال له : لك في هذا المسجد مالى ، وعليك فيه ما على ، وانت وارثي ووصيي تقضى دينى وتنجز عداتي ، وتقتل على سنتى ، كذب من زعم انه يبغضك ويحبنى (١).

قال يحيى بن الحسن : فقد ابان الله سبحانه وتعالى الفرق بين امير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام وبين غيره فيما حل له وحرم على غيره ، وإذا كان الحرام على غيره حلالا له ، وجبت مرتبته (٢) وثبتت عصمته ، لموضع الامن (٣) منه لوقوع ما يكره الله سبحانه من غيره وقوعه.

وهذا محمول على ما تقدم من شواهد الكتاب العزيز له ولولديه وزوجته عليهم السلام ، وهو قوله تعالى : (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) (٤) والنبى صلى الله عليه وآله ، فعل فتح ابواب الجميع على ظاهر الحال ، لان ظاهر الحال كانت صالحة ، ولا يعلم النبي من حال الامة غير الظاهر ، الا ما يطلعه عليه القديم تعالى ، الذي يعلم الغيوب والبواطن ، ففتح الابواب للجميع ولم يفرق بين القريب والصاحب لظاهر الاحوال الصالحة ، فمنع القديم تعالى للقوم الجواز ، وسد ابوابهم لا يخلوا من قسمين.

اما ان يكون على ظاهر الحال ، أو على باطن الحال فظاهر الحال قد بينا انها كانت صالحة ، وهى التي بنى نبى الله صلى الله عليه وآله فعله في الاباحة ، فلم يبق الا ان يكون منع الله تعالى لهم على باطن الحال لا على ظاهره ، لانه سبحانه وتعالى هو المتولي للبواطن ، فعلم سبحانه وتعالى من حاله وصلاحها ما لم يحط به النبي صلى الله عليه وآله علما ، الا بعد وحى الله تعالى إليه ، لان علم الغيب إليه ، لا إلى غيره تعالى ، ولا يحيط بعلم الغيب ولا يظهر عليه من البشر ، الا من ارتضى الله تعالى عليه من رسله ، بدليل قوله تعالى (عالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلى غَيْبِهِ أَحَداً إِلاَّ مَنِ ارْتَضى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ

__________________

(١) مناقب ابن المغازلى ص ٢٦١.

(٢) وفى نسخة : مزينه.

(٣) وفى نسخة : لموضع الامر منه.

(٤) الاحزاب : ٣٣.

١٨١

يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَداً) (١).

وإذا كان عليه السلام قد انفرد بصلاح الباطن دون غيره ، وظاهره صالحة كظاهر غيره ، فقد اتفق له صلاح الظاهر والباطن معادون الناس جميعا ، وحصل غيره بصلاح الظاهر دون الباطن ، فقد حصلت الميزة بينه وبين غيره بحال ادركها هو من غيره وحال لا يدركها غيره منه ، بل هي خاصة له ، والفرق والابانة ايضا بوحى الله سبحانه وتعالى لانه لو علم تعالى من صلاح باطن غيره كما علم من صلاح باطنه لشركه معه في سكنى المسجد.

ثم لا يخلو منعه سبحانه وتعالى القوم من الجواز في المسجد من قسمين : اما ان يكون لسبب موجب ، أو لغير سبب موجب ، فان كان لغير سبب ، فقد منع الله سبحانه وتعالى اقارب رسوله صلى الله عليه وآله واصحابه جواز المسجد والاستقرار فيه لغير سبب موجب ، وذلك لا يجوز على الله تعالى ، لان مالا يكون عن سبب ، خارج عن وجه حكمة ، وما خرج عن وجه حكمة ، كان عبثا ، وما كان عبثا كان قبيحا ، والله سبحانه وتعالى لا يفعله لان القبيح ، لا يفعله الا جاهل بقبحه أو محتاج إليه ، والقديم تعالى عالم بقبح القبيح ومستغن عنه ، فلا يجوز ان يفعله ، وقد نزه الله سبحانه وتعالى نفسه عن فعل العبث وتمدح بذلك بقوله تعالى : (أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّما خَلَقْناكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنا لا تُرْجَعُونَ فَتَعالَى اللهُ الْمَلِكُ الْحَقُ) (٢).

فثبت ان منعهم من جواز المسجد ، لا يكون عبثا وما لا يكون عبثا ، لا بد له من سبب موجب ، وهو وجه الحكمة فيه ، وإذا ثبت وجه الحكمة في منع غيره ، واباحته هو عليه السلام ، ثبتت له الميزة بصلاح باطنه ، وإذا ثبت له صلاح الباطن عند الله تعالى ولا مشارك له في ذلك ، وجب له الفضل على غيره ، ووجب اتباعه والاقتداء به لموضع فضله بهذه المنزلة ، وإذا ثبت التمييز بينه وبين غيره في الباطن بوحى الله تعالى ، اعتبرنا ذلك ايضا من افعال الرسول به واقواله فيه ، فوجدنا الفاظ الصحاح

__________________

(١) الجن : ٢٦ ـ ٢٧.

(٢) المؤمنون ـ ١١٥ ، ١١٦.

١٨٢

ما تقدم منها وما يأتي فيما بعد ، منها شاهدة له عليه السلام بامور ، تدل على صلاح باطنه عنده وهو قوله صلى الله عليه وآله : على منى وانا منه من غير طريق ، وسيرد عليك بيانه فيما بعد وبما تقدم من قوله عليه السلام له انت منى بمنزلة هارون من موسى ، وبقوله صلى الله عليه وآله : انت اخى في الدنيا والاخرة ، وبقوله صلى الله عليه وآله له : من كنت مولاه فعلى مولاه وبقوله صلى الله عليه وآله صلت الملائكة على وعلى على سبع سنين قبل الناس ، وقوله : في تفسير قوله تعالى : (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) (١) : ان اهل البيت على وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام وبقول الله سبحانه وتعالى له : ان يجعل ابنيه ، ابنيه ، وزوجته نساءه ويجعل نفس على نفسه ، وهو قوله تعالى : (فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ وَنِساءَنا وَنِساءَكُمْ وَأَنْفُسَنا وَأَنْفُسَكُمْ) (٢) وغير ذلك ، من قول الله سبحانه وتعالى ومن قول النبي صلى الله عليه وآله مما قد تقدم ذكره ، ومما سيأتي بمشيئة الله تعالى بعد ، ولم ينزله النبي صلى الله عليه وآله منه بهذه المنازل ، الا وقد علم صلاح باطنه بوحى الله سبحانه وتعالى ولو لم يعلم ذلك منه لما اقامه بمقام نفسه في شيء من ذلك ، ولم ياذن الله تعالى له فيه في لفظ الكتاب العزيز ، فقد ثبت له سلامة الباطن عند الله تعالى وعند رسوله صلى الله عليه وآله ، فهذا ما قد انفرد به دون غيره من الناس ، وما صح لغيره المماثلة له فيه من صلاح الظاهر ، وقلنا : ان النبي صلى الله عليه وآله فعل ذلك به وبغيره من فتح ابواب الجميع ، فله ايضا الميزة على الناس في صلاح الظاهر ، وهو ان صلاح الظاهر في الامة يعتبر باشياء.

اولها ـ «العلم» ويدل على كون العلم درجة للفضل ، قوله سبحانه وتعالى : (قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ) (٣) وقوله سبحانه وتعالى (إِنَّما يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ) (٤) وقوله تعالى (وَما يَعْقِلُها إِلاَّ الْعالِمُونَ) (٥) وامير المؤمنين

__________________

(١) الاحزاب ـ ٣٣.

(٢) آل عمران ـ ٦١.

(٣) الزمر ـ ٩.

(٤) الفاطر ـ ٢٨.

(٥) العنكبوت ـ ٤٣.

١٨٣

على بن ابى طالب عليه السلام اعلم الامة بعد رسول الله صلى الله عليه وآله بدليل ما نذكره فيما بعد من الصحاح ، لان اصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله رجعوا إلى حكمه في قضاياهم وسألوه ، ولم يسأل هو احدا منهم ، ولا رجع إلى حكمه بما لا ريب في اثباته في الصحاح ، وفى تفسير قوله صلى الله عليه وآله : انت اخى ووارثى وقوله صلى الله عليه وآله : ترث منى ما ورث الانبياء من قبلك ، وهو كتاب الله تعالى وسنة نبيهم ، ومن ورث الكتاب والسنة فلا شك انه اعلم الناس ، لان العلم لا يخرج عن الكتاب والسنة. وإذا كان وارثهما ، كان اعلم بهما من سائر الناس ، وإذا كان اعلم بهما كان افضل الامة ، بدليل ما تقدم من الايات الدالة على تفضيل العالم على من هو دونه في العلم.

والثانى ـ مما يعلم به صلاح الظاهر ايضا «الجهاد» والدليل على ان الجهاد درجة الفضل ، قوله تعالى : (لا يَسْتَوِي الْقاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فَضَّلَ اللهُ الْمُجاهِدِينَ بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُلًّا وَعَدَ اللهُ الْحُسْنى وَفَضَّلَ اللهُ الْمُجاهِدِينَ عَلَى الْقاعِدِينَ أَجْراً عَظِيماً) (١).

والثالث ـ «ثبوت الولاية» للامة كثبوتها لله تعالى ولرسوله صلى الله عليه وآله بدليل قوله تعالى (إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ) الاية (٢) فقد تقدم ثبوت اختصاص هذه الاية به من الصحاح وبقول النبي صلى الله عليه وآله : انت ولى كل مؤمن بعدى ومؤمنة.

والرابع ـ كونه «مولى الامة» بدليل قوله صلى الله عليه وآله من كنت مولاه فعلى مولاه ، وقد تقدم ثبوت ذلك من الصحاح من غير طريق.

والخامس ـ «ثبوت الاخوة لرسول الله صلى الله عليه وآله» بدليل قوله صلى الله عليه وآله انت اخى في الدنيا والاخرة وقد تقدم بيانه ، وغير ذلك مما يكثر عدده وإذا ثبت له سلامة الباطن والظاهر ، وجب ان يكون اولى بالامة ، ومن كان كذلك ، كان احق بالاتباع بدليل

__________________

(١) النساء ـ ٩٥.

(٢) المائدة ـ ٥٥.

١٨٤

ان ليس لاحد ظاهر ان يضاهى ظاهره ، ولا باطن يضاهى باطنه ، فثبت اختصاصه بهما دون غيره بما لا يدفع لثبوته ظاهرا في محكم آيات الكتاب العزيز ، وفى الصحاح من اخبار الرسول.

وكيف لا يحسد امرئ علم

له على كل هامة (١) قدم

الفصل الحادي والعشرون

في تفسير قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا ناجَيْتُمُ الرَّسُولَ) (٢)

٢٨٢ ـ من تفسير الثعلبي ، في سورة المجادلة وبالاسناد المقدم ، قال الثعلبي قال مجاهد : نهى عن مناجاة النبي صلى الله عليه وآله حتى يتصدقوا ، فلم يناجه الا علي بن أبي طالب عليه السلام ، قدم دينارا فتصدق به ، ثم نزلت الرخصة ، وقال على صلوات الله عليه وآله : ان في كتاب الله لاية ، ما عمل بها احد قبلى ، ولا يعمل بها احدى بعدى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا ناجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقَةً) (٣).

٢٨٣ ـ وقال على صلوات الله عليه : بى ، خفف الله عزوجل عن هذه الامة امر هذه الاية ، فلم تنزل في احد قبلى ، ولم تنزل في احدى بعدى (٤).

٢٨٤ ـ قال : وقال ابن عمر كان لعلى بن ابى طالب عليه السلام ثلاث ، لو كانت لى واحدة منهن كانت احب إلى من حمر النعم : تزويجه فاطمة عليها السلام ، واعطائه الراية يوم خيبر وآية النجوى (٥).

٢٨٥ ـ ومن مناقب الفقيه بن المغازلى الواسطي ، وبالاسناد المقدم ، قال : اخبرنا أبو طالب : محمد بن احمد بن عثمان ، قال : اخبرنا أبو عمر : محمد بن عباس بن حيوية الخزاز ، اذنا ، قال : حدثنا أبو عبيد بن حربويه قال : حدثنا الحسين بن محمد الزعفراني ، قال : حدثنا على بن عبيدالله ، قال : حدثنا يحيى بن آدم ، قال : حدثنا

__________________

(١) الهامة : الرأس ـ مجمع البحرين.

(٢) المجادلة ـ ١٢.

(٣) و (٤) و (٥) غاية المرام ص ٣٤٩ وفيه : قال أبو عمر. نقلا عن الثعلبي.

١٨٥

عبيدالله بن عبد الرحمان الاشجعى ، عن سفيان بن سعيد ، عن عثمان بن المغيرة الثقفى ، عن سالم بن ابى الجعد ، عن على بن علقمة عن علي بن أبي طالب عليه السلام قال لما نزلت : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا ناجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقَةً) (١).

قال لى رسول الله صلى الله عليه وآله : كم ترى دينارا؟ قلت : لا يطيقونه ، قال : فكم ترى؟ قلت : شعيرة ، قال انك لزهيد ، قال : فنزلت : (أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقاتٍ) الاية (٢) قال : فبى خفف الله عن الامة (٣).

٢٨٦ ـ وبالاسناد المقدم قال : اخبرنا احمد بن محمد ، اذنا ، قال : اخبرنا عمر بن عبد الله بن شوذب ، قال : حدثنا احمد بن اسحاق الطيبى ، قال : حدثنا محمد بن ابى العوام ، قال : حدثنا سعد بن سليمان ، قال : حدثنا أبو شهاب ، عن ليث ، عن مجاهد ، قال : قال علي بن أبي طالب عليه السلام آية في كتاب الله عزوجل ، ما عمل بها احد من الناس غيرى ، آية النجوى ، كان لى دينار ، بعته بعشرة دراهم ، فكلما اردت ان اناجي النبي صلى الله عليه وآله تصدقت بدرهم ، ما عمل بها قبلى ، ولا بعدى (٤).

٢٨٧ ـ ومن الجمع بين الصحاح الستة لرزين ، من الجزء الثالث ، من اجزاء ثلاثة ، في تفسير سورة المجادلة ، وبالاسناد المقدم ، قال رزين في تفسير سورة المجادلة : قال أبو عبد الله البخاري : قوله تعالى : (إِذا ناجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقَةً) (٥) نسختها (فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتابَ اللهُ عَلَيْكُمْ) (٦).

قال امير المؤمنين علي بن ابي طالب عليه السلام : ما عمل بهذه الاية غيرى وبي ، خفف الله تعالى عن هذه الامة ، امر هذه الاية (٧)

__________________

(١) المجا دله ـ ١٢.

(٢) المجادلة : ١٣.

(٣) مناقب ابن المغازلى ص ٣٢٥.

(٤) مناقب ابن المغازلى ص ٣٢٦.

(٥) المجادلة ـ ١٢.

(٦) المجادلة ـ ١٣.

(٧) صحيح الترمذي الجزء الخامس ص ٤٠٦ مع اختلاف ، والروايات في هذا الباب كثيرة ذكرها السيوطي في الدر المنثور بعدة طرق ج ٦ ص ١٨٦ وغاية المرام ص ٣٤٨ نقلا عن نفس المصدر.

١٨٦

قال يحيى بن الحسن : اعلم ان في هذه الاية تنويها بذكر أمير المؤمنين عليه السلام واثباتا لكونها منقبة له خاصة ، لان الله سبحانه وتعالى قد جعل لكل مؤمن طريقا إلى العمل بهذه الاية الا الاقل ، لانه سبحانه وتعالى ما جعل للصدقة التي تقدم بين يدى نجوى الرسول صلى الله عليه وآله حدا مقدرا ، فيقال : انه يعجز عنه الفقير ، ويتأتى ذلك من الموسر ، وانما جعل ذلك بحسب الامكان (عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ) بحيث لو اراد اكثر اقارب رسول الله صلى الله عليه وآله واصحابه ، العمل بذلك ، لقدروا عليه ، ولم يكن ذلك عليهم متعذر ، فترك الكل لاستعمال هذه الاية دليل على ان الله سبحانه وتعالى جعلها منقبة له خاصة ليتميز بها من غيره.

والدليل على كونها منقبة ، انه عليه السلام تمدح بها وبفعلها وبان غيره لم يفعلها بدليل قوله عليه السلام هذه الاية ، ما عمل بها احد قبلى ، ولا يعمل بها احدى بعدى ، وبى خفف الله تعالى عن هذه الامة ، امر هذه الاية.

ويزيده بيانا وايضاحا : ان النسخ لحكم هذه الاية انما حصل عقيب فعل امير المؤمنين عليه السلام ، فحصوله عقيب فعله ، يدل على انها انما كانت لاظهار منقبته من قبل الله تعالى.

ويزيده ايضا بيانا ، ان احدا لا يدعيها لغيره عليه السلام من كافة اهل الاسلام ، وحصول الاجماع عليها من ادل دليل ايضا.

ذي المعالي فليعلون من تعالى

هكذا هكذا وإلا فلا لا (١)

__________________

(١) الشعر للمتنبي لاحظ شرح البرقوقى ج ٣ ص ٣١٦.

١٨٧

الفصل الثاني والعشرون

في قوله تعالى : فقل تعالوا ندع ابنائنا وابنائكم (١) الاية

٢٨٨ ـ من صحيح مسلم ، في الجزء الرابع في ثالث كراس من اوله ، في باب فضائل على عليه السلام وبالاسناد المقدم ، قال : حدثنا قتيبة بن سعيد ومحمد بن عباد ـ وتقاربا في اللفظ ـ قالا : حدثنا حاتم ـ وهو ابن اسماعيل ـ عن بكير بن مسمار ، عن عامر بن سعد بن ابى وقاص ، عن ابيه ، قال : امر معاوية بن ابى سفيان سعدا ، فقال ما يمنعك ان تسب ابا تراب؟ فقال : اما ، ما ذكرت ثلاثا قالهن له رسول الله ، فلن اسبه لان تكون لى واحدة منهن احب إلى من حمر النعم : سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول له ، وقد خلفه في بعض مغازيه ، فقال له على : يا رسول الله ، خلفتني مع النساء والصبيان؟ فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله : اما ترضى ان تكون منى بمنزلة هارون من موسى الا انه لا نبوة بعدى.

وسمعته يوم خيبر ، يقول : لاعطين الراية رجلا ، يحب الله ورسوله ، ويحبه الله ورسوله ، قال : فتطاولنا لها ، فقال : ادعوا لى عليا ، فاتى به ارمد العين ، فبصق في عينيه ، ودفع الراية إليه ، ففتح الله على يديه ، ولما نزلت هذه الاية : «فقل تعالوا ندع ابنائنا وابنائكم ونسائنا ونسائكم وانفسنا وانفسكم» دعا رسول الله صلى الله عليه وآله عليا وفاطمة وحسنا وحسينا عليهم السلام ، وقال : اللهم هؤلاء اهل بيتى (٢).

٢٨٩ ـ ومن الجزء المذكور من صحيح مسلم ، في آخره على قدر كراسين وبالاسناد المقدم ، قال : حدثنا قتيبة بن سعيد ومحمد بن عباد ، ـ وتقاربا في اللفظ ـ قَالا: حَدَّثَنَا حَاتِمٌ ـ وَهُوَ ابْنُ إِسْمَاعِيلَ ـ عَنْ بُكَيْرِ بْنِ مِسْمَارٍ ، عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ أَمَرَ مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ سَعْداً فَقَالَ مَا مَنَعَكَ أَنْ

__________________

(١) آل عمران ـ ٦١.

(٢) صحيح مسلم الجزء السابع ص ١٢٠ باب فضائل علي بن أبي طالب (ع) وفى المصدر باسقاط : «بيتى» في آخر الحديث.

١٨٨

تسب ابا تراب؟ فقال : اما ما ذكرت ثلاثا ، قالهن له رسول الله صلى الله عليه وآله ، فلن اسبه ، لئن تكون لى واحدة منهن احب إلى من حمر النعم.

سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول : حين خلفه في بعض مغازيه ، فقال له على عليه السلام يا رسول الله ، خلفتني مع النساء والصبيان؟ فقال له اما ترضى ان تكون منى بمنزلة هارون من موسى الا أنه لا نبوة بعدى.

وسمعته يقول يوم خيبر : لاعطين الراية رجلا : يحب الله ورسوله ، ويحبه الله ورسوله ، قال : فتطاولنا لها ، فقال : ادعوا لى عليا ، فاتى به ارمد ، فبصق في عينيه ، ودفع الراية إليه ، ففتح الله عليه.

ولما نزلت هذه الاية : «ندع ابنائنا وابنائكم» دعا رسول الله صلى الله عليه وآله عليا وفاطمة وحسنا وحسينا ، فقال اللهم هؤلاء اهل بيتى (١).

٢٩٠ ـ ومن تفسير الثعلبي ، وبالاسناد المقمد ، قال : قال مقاتل والكلبي : لما قرأ رسول الله صلى الله عليه وآله هذه الاية على وفد نجران ودعاهم إلى المباهلة ، فقالوا له : حتى نرجع وننظر في امرنا ونأتيكم غدا ، فخلى بعضهم إلى بعض ، فقالوا ، للعاقب ـ وكان ديانهم وذا رأيهم ـ : يا عبدالمسيح ، ما ترى؟ فقال : والله لقد عرفتم يا معشر النصارى ان محمدا صلى الله عليه وآله نبى مرسل ، ولقد جائكم بالفضل ، من امر صاحبكم ، والله ما لا عن قوم قط نبيا ، فعاش كبيرهم ولا نبت صغيرهم ، ولئن فعلتم ذلك ، لتهلكن ، وان ابيتم الا تلف دينكم ، والاقامة على ما انتم عليه من القول في صاحبكم ، فوادعوا الرجل وانصرفوا إلى بلادكم فاتوا رسول الله صلى الله عليه وآله ، وقد غدا رسول الله صلى الله عليه وآله ، متحضنا الحسن ، وآخذا بيد الحسين عليهما السلام ، وفاطمة عليها السلام ، تمشى خلفه ، وعلى خلفها ، وهو يقول لهم : إذا انا دعوت ، فامنوا.

فقال اسقف نجران : يا معشر النصارى ، انى لارى وجوها لو سئلوا الله ان يزيل

__________________

(١) ما نقله هنا موجود في جميع النسخ التي بايدينا وهو نفس ما نقله آنفا سندا ومتنا ولم يعلم وجه التكرار ولعله ورد في صحيح مسلم في موضعين اشار إليه في المتن.

١٨٩

جبلا من مكانه لازاله ، فلا تبتهلوا. فتهلكوا ، ولا يبقى على وجه الارض نصراني إلى يوم القيامة.

قالوا : يا ابا القاسم ، قد رأينا ان لا نلاعنك ، وان نترك على دينك ، ونثبت على ديننا ، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله فان ابيتم المباهلة فاسلموا ، يكن لكم ، ما للمسلمين ، وعليكم ما عليهم ، فابوا ، فقال : فانى انابذكم ، فقالوا : ما لنا بحرب العرب طاقة ، ولكنا نصالحك على ان لا تغزونا ولا تخيفنا ولا تردنا عن ديننا ، على ان نؤدى اليك في كل عام الفى حلة : الف في صفر ، والف في رجب.

فصالحهم النبي صلى الله عليه وآله على ذلك ، وقال : والذى نفسي بيده ، ان العذاب قد تدلى على اهل نجران ولو لاعنوا لمسخوا قردة وخنازير ، ولاضطرم عليهم الوادي نارا ، ولاستأصل الله نجران واهله حتى الطير على الشجر ، ولما حال الحول على النصارى كلهم حتى هلكوا ، فقال الله تعالى : (إِنَّ هذا لَهُوَ الْقَصَصُ الْحَقُّ وَما مِنْ إِلهٍ إِلاَّ اللهُ وَإِنَّ اللهَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ فَإِنْ تَوَلَّوْا (اعرضوا عن الايمان) فَإِنَّ اللهَ عَلِيمٌ بِالْمُفْسِدِينَ) (١) (٢).

٢٩١ ـ ومن مناقب ابن المغازلى ، الواسطي وبالاسناد المقدم قال : اخبرنا محمد بن احمد بن عثمان ، قال : اخبرنا محمد بن اسماعيل الوراق ، قال : حدثنا أبو بكر بن ابى داود ، قال : حدثنا يحيى بن حاتم العسكري ، قال : حدثنا بشر بن مهران قال. حدثنا محمد بن دينار ، عن داود بن ابى سعيد (٣) ، عن الشعبى ، عن جابر بن عبد الله ، قال : قدم وفد نجران على النبي صلى الله عليه وآله : العاقب والطيب ، فدعاهما إلى الاسلام ، فقالا. اسلمنا يا محمد قبلك ، قال : كذبتما ان شئتما أخبرتكما ما يمنعكما من الاسلام ، قالا: فهات أنبئنا ، قال : حب الصليب وشرب الخمر ، واكل لحم الخنزير ، فدعاهما إلى الملاعنة ، فوعداه ان يغادياه بالغداة ، فغدا رسول الله صلى الله عليه وآله واخذ

__________________

(١) آل عمران : ٦٢ ـ ٦٣.

(٢) غاية المرام ص ٣٠٠ نقلا عن الثعلبي في تفسيره.

(٣) في المصدر : عن داود بن ابى هند.

١٩٠

بيد على وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام ، ثم ارسل اليهما فابيا ان يجيباه واقراله بالخراج ، فقال النبي صلى الله عليه وآله : والذى بعثنى بالحق نبيا ، لو فعلا ، لامطر الله عليهما الوادي نارا.

قال جابر : فيهم نزلت هذه الاية. (فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ) الاية (١) قال الشعبى ، «ابنائنا» : الحسن والحسين عليهما السلام و «نسائنا» : فاطمة و «انفسنا» : علي بن أبي طالب عليهما السلام.

(٢).

قال يحيى بن الحسن : اعلم ان القرآن العزيز هو مصدق لما تقدم من الكتب ولولاه ، لما كان يلزمنا التصديق بشئ من ذلك ، والدليل على انه هو المصدق للكتب المتقدمة ، قوله سبحانه وتعالى : (مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنْزَلَ التَّوْراةَ وَالْإِنْجِيلَ) (٣). قوله تعالى : (مُصَدِّقاً لِما مَعَكُمْ) (٤).

ومثله في لفظ الكتاب العزيز ، كثير ، وبصدق الكتب ، صحت دعوى الانبياء عليهم السلام ، فثبتت نبوتهم ، وطريق ذلك كله انباء الكتاب العزيز ، وإذا كان الكتاب العزيز المصدق لما تقدم من الرسل والكتب ، موقوفا تصديقه على القسم على الله تعالى بعلى وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام بدليل قوله سبحانه وتعالى (فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ وَنِساءَنا وَنِساءَكُمْ وَأَنْفُسَنا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللهِ عَلَى الْكاذِبِينَ) (٥).

وقد قيل : ان «الهاء» في قوله تعالى : «فيه» راجعة إلى عيسى عليه السلام وعلى كلا الوحهين ، المباهلة بهم تصدق دعوى النبي صلى الله عليه وآله فقد صار ابطال حجاج اهل نجران في القرآن الكريم بالقسم على الله بهم.

وقد تقدم في الصحاح من الاخبار : انهم هم الذين ذكرهم الله تعالى ، وان قوله تعالى : «ابنائنا» : الحسن والحسين عليهما السلام

__________________

(١) آل عمران : ٦١.

(٢) مناقب ابن المغازلى ص ٢٦٣.

(٣) آل عمران ـ ٣.

(٤) البقرة : ٤١.

(٥) آل عمران : ٦١.

١٩١

«ونسائنا» : فاطمة عليها السلام ، «وانفسنا» : علي بن أبي طالب عليهم السلام اجمعين لان الداعي ، لا يدعو نفسه ، وانما يدعو غيره.

وإذا كان الله تعالى قد جعلهم دليلا على تصديق النبي صلى الله عليه وآله في دعواه ، وعلامة على صدق القرآن العزيز ، والقرآن المجيد ، هو المصدق لسائر الكتب والانبياء عليهم السلام فقد صار القسم بهم عليهم السلام عديلا لكل نبى وكتاب ولو علم الله سبحانه وتعالى ان احدنى المعجزات الباقية للرسول يقوم مقامهم في تصديقه ، وتصديق كتاب الله تعالى عندهم ، لكان قداتى به ، وترك اهل البيت عليهم السلام ، لان النبي صلى الله عليه وآله ما يلقى الجاحدين الا بابلغ الاعجاز لهم ، وارهب الايات في قلوبهم.

وإذا كان التحدي لنصارى نجران بالمباهلة بهم عليهم السملا عند جحدهم الكتاب والنبوة ، وذلك بوحى من الله تعالى لان يكون في مقابلة ذلك ، تصديق النبي صلى الله عليه وآله وتصديق الكتاب العزيز كان ذلك ابلغ في التعبد للامة في الاتباع لهم والاقتداء بهم وما كان ابلغ في التعبد ، كان اوجب في لزوم الحجة وما كان اوجب في لزوم الحجة ، كان واجبا مضيقا.

لا يسع الاخلال به ، وما تضيق وجوبه ، ولم يسع الاخلال به ، وجب كوجوب (١) معرفة الله تعالى ، ومعرفة النبي صلى الله عليه وآله بدليل ما تقدم من نظايره من الكتاب العزيز ، مما ذكر في الصحاح من وجوب الولاية لامير المؤمنين عليه السلام كوجوب ولاية الله سبحانه وتعالى ، وولاية رسول الله صلى الله عليه وآله في قوله تعالى : (إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ) (٢).

وقد تقدم ذكر اختصاصها به عليه السلام من الصحاح بما لا ريب فيه ، وليتأمل ذلك ففيه كفاية لمتأمل.

[قال] مهيار :

فمن باهل الله أعداءه

فكان الرسول بهم أبهلا

وهذا الكتاب وإعجازه

على من وفى بيت من أنزلا

__________________

(١) وفى نسخة : لوجوب معرفة الله.

(٢) المائدة : ٥٥.

١٩٢

الفصل الثالث والعشرون

في قوله تعالى : (أَجَعَلْتُمْ سِقايَةَ الْحاجِّ وَعِمارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ) الاية (١)

٢٩٢ ـ من تفسير الثعلبي : قوله تعالى : (أَجَعَلْتُمْ سِقايَةَ الْحاجِّ وَعِمارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَجاهَدَ فِي سَبِيلِ اللهِ لا يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللهِ).

وبالاسناد المقدم ، قال الثعلبي : قال الحسن والشعبى ومحمد بن كعب القرضى : نزلت هذه الاية في علي بن أبي طالب عليه السلام وعباس بن عبد المطلب رضى الله عنه وطلحة بن شيبة ، وذلك انهم افتخروا ، فقال طلحة : انا صاحب البيت ، بيدى مفتاحه ، ولو أشاء بت في المسجد ، وقال العباس : انا صاحب السقاية والقائم عليها ، ولو أشاء بت في المسجد ، وقال على عليه السلام ما ادرى ما تقولان ، لقد صليت ستة اشهر قبل الناس ، وانا صاحب الجهاد ، فانزل الله تعالى هذه الاية : (أَجَعَلْتُمْ سِقايَةَ الْحاجِّ وَعِمارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَجاهَدَ فِي سَبِيلِ اللهِ لا يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللهِ وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) (٢).

٢٩٣ ـ ومن مناقب الفقيه ، ابن المغازلى الشافعي ، بالاسناد المقدم ، قال : اخبرنا أبو طالب : محمد بن احمد بن عثمان ، قال : اخبرنا أبو عمر : محمد بن العباس بن حيوية الخزاز ، اذنا قال : حدثنا محمد بن حمدويه المروزى ، قال : اخبرنا أبو الموجه ، قال : حدثنا عبدان ، عن ابى حمزة ، عن اسماعيل عن عامر ، (٣) قال : نزلت هذه الاية : (أَجَعَلْتُمْ سِقايَةَ الْحاجِّ وَعِمارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ) في على والعباس عليهما السلام (٤).

__________________

(١) التوبة : ١٩.

(٢) غاية المرام ص ٣٦٢ نقلا عن الثعلبي في تفسيره.

(٣) وفى نسخة : عن اسماعيل بن عامر.

(٤) مناقب ابن المغازلى ص ٣٢١.

١٩٣

٢٩٤ ـ وبالاسناد المقدم ، قال : اخبرنا أبو غالب : محمد بن احمد بن سهل النحوي ، قال : اخبرنا أبو عبد الله : محمد بن على السقطى ، قال : حدثنا أبو محمد : يوسف بن سهل بن الحسين القاضى ، قال : اخبرنا الحضرمي ، قال : حدثنا هناد بن ابى زياد ، قال : اخبرنا موسى بن عبيدة الربزى ، عن عبد الله بن عبيدة الربزى ، قال : قال على عليه السلام للعباس رضى الله عنه : يا عم ، لوهاجرت إلى المدينة ، قال : اولست في افضل من الهجرة؟ الست اسقى حاج بيت الله؟ واعمر المسجد الحرام؟ فانزل الله تبارك وتعالى : «اجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام الاية» (١).

٢٩٥ ـ ومن الجمع بين الصحاح الستة لرزين العبدرى ، في الجزء الثاني من صحيح النسائي بالاسناد المقدم ، قال : حدثنا محمد بن كعب القرضى ، قال : افتخر طلحة من بنى شيبة ، من بنى عبدالدار ، وعباس بن عبد المطلب رضى الله عنه ، وعلى بن ابى طالب صلوات الله وسلامه عليه وآله : فقال طلحة بن شيبة : معى مفتاح البيت ، ولو اشاء بت فيه : وقال العباس : انا صاحب السقاية والقائم عليها ، ولو أشاء بت في المسجد ، وقال على عليه السلام : ما ادرى ما تقولان ، لقد صليت إلى القبلة ستة اشهر قبل الناس ، وانا صاحب الجهاد ، فانزل الله تعالى : (أَجَعَلْتُمْ سِقايَةَ الْحاجِّ وَعِمارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَجاهَدَ فِي سَبِيلِ اللهِ لا يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللهِ وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) (٢).

قال يحيى بن الحسن : انما ذكر الله سبحانه وتعالى هذه الاية لموضع التنويه بذكر امير المؤمنين عليه السلام ، وقطع النظارة له ، وان من رام مشابهته لا يقدر ولم يكن

__________________

(١) مناقب ابن المغازلى ص ٣٢٢.

(٢) غاية المرام ص ٣٦٢ نقلا عن جمع رزين في الجمع بين الصحاح الستة ناقلا من صحيح النسائي وذكره السيوطي ايضا في الدر المنثور ج ٣ ص ٢١٨.

١٩٤

ذلك لغيره ، على حد كونه له ، لانه لا يقدر احد ممن آمن بالله واليوم الاخر ، وجاهد في سبيل الله تعالى ممن عداه ان يفتخر على العباس لموضع نسبه العريق (١) ، وقربه اللصيق ، وان كان اسبق منه إلى الايمان ، واكثر جهادا ، وانما اتى القديم تعالى بتفضيله في هذه الاية عقيب افتخاره لموضع ما جعل الله تعالى له من ولاية الامة ، وشركه في ذلك بما وجب له تعالى من ذلك ، وما وجب لرسوله صلى الله عليه وآله بقول : (إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ) (٢) ولموضع ما جعل النبي صلى الله عليه وآله بقوله : من كنت مولاه فعلى مولاه ، وشهادة عمر عند ذلك ، بقول : بخ بخ لك يابن ابى طالب وقال : يا على اصبحت مولاى ومولى كل مؤمن ومؤمنة ، وفى الصحاح : مولى كل مؤمن ومؤمنة.

وعلى كلا الروايتين فكل من كان مؤمنا كان على عليه السلام مولاه ، فمن ثبت له الايمان ، ثبتت له السيادة عليه ، ومن لم يثبت له الايمان ، فلا حاجة إلى ذكره لموضع احتقاره.

ويزيده تأكيدا قوله صلى الله عليه وآله : انت ولى كل مؤمن بعدى ومؤمنة.

وقوله ايضا : لا يؤدى عنى الا انا أو على.

وقوله صلى الله عليه وآله : على منى وانا من على ، بذلك كله وبامثاله ، لا بنفس الايمان والجهاد ، بل باضافة الايمان والجهاد إلى هذه المراتب المستحقة العلية الشريفة ، بطلت المناظرة والمشابهة ، لا بنفس الايمان والجهاد ، وان كان في الايمان ، فهو الاسبق وفى الجهاد فهو الاقوم ، الذي لا ينكل ولا يفر ، ولا تأخذه في الله تعالى لومة لائم.

ويزيده ايضاحا وبيانا : ان الله سبحانه وتعالى تمدح بنفى الرؤية عن نفسه ،

__________________

(١) العرق : اهل الشرف واهل السلامة في الدين ـ لسان العرب.

(٢) المائدة : ٥٥.

١٩٥

وبنفى السنة والنوم عن نفسه ، ولم تكن كل واحدة من الصفتين بمفردها مدحة الا باضافة صفة اخرى إليها ، ألا ترى انه سبحانه وتعالى قال : (لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصارَ) (١) فباضافة ادراكه هو تعالى للابصار إلى كونها لا تدركه ، صار مدحة لان الضماير والاكوان والظنون والاعتقادات لا تدركها الابصار ، وليس ذلك بمدحة لها ، لانها مع كونها مدركة ، لا تقدر هي ان تدرك غيرها ، فلو كانت تدرك هي شيئا مع كونها لا تدركها الابصار لكانت ممدوحة ، وانما مع كونها هي غير قادرة على الادراك ، لم يكن الادراك لها مما تمدح هي به لعدم ادراكها هي لغيرها.

وكذلك كما تمدح تعالى بنفى السنة والنوم عن نفسه ، ففى مخلوقاته ومصنوعاته من لا تأخذه سنة ولا نوم ، وهم الملائكة ، لقوله تعالى : (يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ لا يَفْتُرُونَ) (٢) فلم يكن نفى السنة والنوم بمفرده مدحة بل قال تعالى : (اللهُ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ) (٣) فبقوله سبحانه وتعالى : (اللهُ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ) تكملت المدة له ، ولم تحصل المدحة للملائكة بانفرادهم بترك السنة ، وتكلمة المدحة للقديم سبحانه وتعالى باجتماع نفى السنة والنوم إلى كونه لا اله الا هو الحى القيوم.

وكذلك حال امير المؤمنين عليه السلام وعمه العباس لانه قد اكتمل لأمير المؤمنين عليه السلام مع السبق في الايمان والصدق في الجهاد وبذل الوسع فيه ، ما ذكرناه من المناقب الموجبة للامامة وماله في غير ما ذكرناه مما قدمناه ومما يأتي له فيما بعد ان شاء الله تعالى فبذلك كملت له درجة الفضل لا بمجرد الايمان والجهاد ، وما ذكره الله سبحانه وتعالى في الاية مع العباس رضى الله عنه الا لتبيين فضله لمحل العباس لانه لو ذكر مع العباس في قرينة الافتخار من غير ذكر على عليه السلام فضل العباس عليه لمحله من رسول الله صلى الله عليه وآله ولموضع قول النبي صلى الله عليه وآله فيه : من الثناء والتبجيل ، فهو

__________________

(١) الانعام : ١٠٣.

(٢) الانبياء : ٢٠.

(٣) البقرة : ٢٥٥.

١٩٦

معه كما قال الشاعر :

أما إنه لو كان غيرك أرقلت

إليه القنا بالزاغفات اللهاذم (١)

الفصل الرابع والعشرون

في قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : «على منى وانا منه»

٢٩٦ ـ وبالاسناد المقدم ، قال : حدثنا عبد الله بن احمد بن حنبل ، عن ابيه ، قال : حدثنى ابى ، قال : حدثنا عبد الرزاق ، قال : حدثنا معمر ، عن ابن طاوس ، ـ عن ابيه ـ ، عن المطلب بن عبد الله بن حنطب ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لوفد ثقيف حين جاؤه : والله لتسلمن ، أو لابعثن اليكم رجلا منى ، ـ أو قال : مثل نفسي ـ فليضربن اعنقاكم ، وليستبين ذراريكم ، وليأخذن اموالكم ، قال عمر : فوالله ما اشتهيت الامارة الا يومئذ ، جعلت انصب صدري له رجاء ان يقول : هذا ، فالتفت إلى على عليه السلام فاخذ بيده ثم قال : هو هذا ، هو هذا ، مرتين (٢).

٢٩٧ ـ وبالاسناد المقدم ، قال : حدثنا عبد الله بن احمد بن حنبل ، قال : حدثنا ابى ، حدثنا ابن نمير ، حدثنا اجلح الكندى ، عن عبد الله بن بريدة ، عن ابيه ، قال : بعث رسول الله صلى الله عليه وآله بعثين اليمن : على احدهما علي بن أبي طالب عليه السلام وعلى الاخر خالد بن الوليد ، فقال : إذا التقيتم فعلى على الناس. وان افترقتم فكل واحد

__________________

(١) الارقال : ضرب من السير ، ناقة مرقال أي مسرعة ـ مجمع البحرين

القنا : الرمح ـ مجمع البحرين

الزغفة : الدرع المحكمة ـ لسان العرب

اللهذم : القاطع الماضي من الاسنة ـ مجمع البحرين

وفى نسخة :

اما انه لو قال في غيرك ارفلت

إليه القنا بالراغبات اللهاذم

(٢) فضائل الصحابة لابن حنبل ج ٢ ص ٥٩٣ ـ ح ١٠٠٨.

١٩٧

منكما على جنده ، قال فلقينا بنى زيد من اهل اليمن ، فاقتتلنا ، فظهر المسلمون على المشركين ، وقتلنا المقاتلة ، وسبينا الذرية واصطفى على عليه السلام امرأة من السبى لنفسه.

قال بريده : وكتب يعنى ـ خالد بن الوليد ـ إلى رسول الله صلى الله عليه وآله يخبره بذلك فلما اتيت النبي صلى الله عليه وآله ، وفتحت الكتاب إليه ، فقرأ عليه فرأيت الغضب في وجه رسول الله صلى الله عليه وآله ، فقلت : يا رسول الله ، هذا مكان العائذ بك بعثتني مع رجل وامرتني ان اطيعه ، ففعلت ما ارسلت به ، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : لا تقع في على ، فانه منى وانا منه ، وهو وليكم بعدى (١).

٢٩٨ ـ وبالاسناد المقدم ، قال : حدثنا عبد الله بن احمد بن حنبل ، عن ابيه ، قال : حدثنى ابى ، قال : حدثنا عبد الرزاق وعفان المعنى ـ وهذا حديث عبد الرزاق ـ قالا : حدثنا جعفر بن سليمان ، قال : حدثنى يزيد الرشك ، عن مطرف بن عبد الله ، عن عمران بن حصين ، قال : بعث رسول الله صلى الله عليه وآله سرية ، وامر عليهم عليا عليه السلام ، فاحدث شيئا في سفره ، فتعاقدوا ، قال عمران : (٢) فتعاقد اربعة من اصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله ان يذكروا امره لرسول الله ، صلى الله عليه وآله ، قال عمران : وكنا إذا قدمنا من سفر بدأنا برسول الله صلى الله عليه وآله ، فسلمنا عليه ، قال : فدخلوا عليه ، فقام رجل منهم ، فقال : يا رسول الله ، ان عليا فعل كذا وكذا فاعرض عنه ، ثم قام الثاني فقال : يا رسول الله ، ان عليا فعل كذا وكذا ، فاعرض عنه.

ثم قام الثالث ، فقال : يا رسول الله ، ان عليا فعل كذا وكذا فاعرض عنه.

ثم قام الرابع فقال : يا رسول الله ان عليا فعل كذا وكذا ، فاعرض عنه ، قال : واقبل رسول الله صلى الله عليه وآله على الرابع وقد تغير وجهه فقال : دعوا عليا ، دعوا عليا ان عليا منى وانا منه ، وهو ولى كل مؤمن ومؤمنة بعدى (٣)

__________________

(١) مسند احمد بن حنبل الجزء الخامس ص ٣٥٦.

(٢) في المصدر : عفان.

(٣) مسند احمد الجزء الرابع ص ٤٣٧.

١٩٨

٢٩٩ ـ وبالاسناد المقدم ، قال : حدثنا عبد الله بن احمد بن احمد بن حنبل ، قال : حدثنى ابى ، قال يحيى بن آدم ، قال : حدثنا شريك ، عن ابى اسحاق ، عن حبش بن جنادة السلولى ، قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول : على منى وانا منه ولا يؤدى عنى الا انا أو على.

قال شريك : فقلت لابي اسحاق : اين سمعته منه؟ قال : موضع كذا وكذا لا احفظه (١).

٣٠٠ ـ وبالاسناد المقدم ، قال : حدثنا عبد الله بن احمد بن احمد بن حنبل ، قال : حدثنى ابى ، قال : حدثنى يحيى بن ابى بكر وابن آدم ، يعنى ـ يحيى ـ قالا : حدثنا اسرائيل عن ابى اسحاق ، عن حبشي بن جنادة ، قال : حدثنا ابن آدم السلولى وكان قد شهد حجة الوداع ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : على منى وانا منه ولا يقضى عنى دينى الا انا أو على ، قال ابن آدم : ولا يؤدى عنى الا انا أو على (٢).

٣٠١ ـ وبالاسناد المقدم ، قال : حدثنا عبد الله بن احمد بن حنبل ، قال : حدثنى من سمع من ابى عوف ، قال : حدثنا سويد بن سعيد ، قال : حدثنا زكريا بن عبد الله الصهبانى ، عن عبد المؤمن (٣) ، عن ابى المغيرة عن علي بن أبي طالب عليه السلام ، قال : طلبني رسول الله صلى الله عليه وآله فوجدني في حائط نائما ، فضربني برجله ، وقال : قم فوالله لارضينك.

انت اخى وابو ولدي ، تقاتل على سنتى ، من مات على عهدي فهو في كنز الله ومن مات على عهدك ، فقد قضى نحبه ومن مات يحبك بعد موتك يختم الله له بالامن والايمان ، ما طلعت شمس أو غربت (٤).

٣٠٢ ـ قال : وفيما كتب الينا محمد بن عبد الله بن سليمان مطير (٥) ، يذكر :

__________________

(١) مسند احمد بن حنبل الجزء الرابع ص ١٦٥.

(٢) فضائل الصحابة لابن حنبل ج ٢ ص ٥٩٤ ح ١٠١٠.

(٣) وفى نسخة : عن عبد الله المؤمن.

(٤) فضائل الصحابة لابن حنبل ج ٢ ص ٦٥٦ ح ١١١٨.

(٥) وفى المصدر : مطين.

١٩٩

ان على بن الحكيم الاودى ، حدثهم ، قال : حدثنا حيان بن على (١) ، عن محمد بن عبيدالله بن ابى رافع ، عن ابيه ، عن جده ، قال : لما قتل على عليه السلام اصحاب الالوية يوم احد ، قال جبرئيل عليه السلام : يا رسول الله ، ان هذه لهى المواساة ، فقال له النبي صلى الله عليه وآله وسلم : انه منى وانا منه ، قال جبرئيل عليه السلام : وانا منكما يا رسول الله (٢).

٣٠٣ ـ قال : وكتب الينا محمد بن عبد الله ، يذكر : ان سويد بن سعيد حدثهم قال : حدثنا عمرو بن ثابت ، ـ عن محمد بن عبيد ـ ، عن عبيدالله بن ابى رافع ، عن ابيه ، عن على عليه السلام قال : لما كان يوم احد ، وفر الناس فقلت : ما كان النبي صلى الله عليه وآله ليفر فحملت على القوم فإذا انا برسول الله صلى الله عليه وآله فقال جبرئيل عليه السلام : ان هذه لهى المواساة ، فقال النبي صلى الله عليه وآله : انه منى وانا منه ، فقال جبرئيل عليه السلام وانا منكما (٣).

٣٠٤ ـ قال : وكتب الينا أبو جعفر الحضرمي ، قال : حدثنا جندب بن والق (٤) قال حدثنا محمد بن عمر ، عن عباد الكلبى ، عن جعفر بن محمد ، عن ابيه ، عن على بن الحسين ، عن فاطمة الصغرى ، عن حسين بن على عليه السلام ، عن امه فاطمة بنت رسول الله عليهم السلام ، قالت : خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وآله عشية عرفة فقال : ان الله عزوجل باهى بكم وغفر لكم عامة ، لعلى خاصة وانى رسول الله الله اليكم جميعا ، غير محاب لقرابتي ، ان السعيد كل السعيد حق السعيد ، من احب عليا في حياته وبعد موته. (٥).

٣٠٥ ـ ومن الجزء الرابع من صحيح البخاري من اجزاء ثمانية في ثلثه الاخير

__________________

(١) في المصدر : جنان بن على.

(٢) فضائل الصحابة لابن جنبل ج ٢ ص ٦٥٦ ـ ح ١١١٩.

(٣) فضائل الصحابة لابن حنبل ج ٢ ص ٦٥٧ ـ ح ١١٢٠.

(٤) في المصدر : جندل بن والق.

(٥) فضائل الصحابة لابن حنبل ج ٢ ص ٦٥٨ ح ١١٢١.

٢٠٠