معالم الدين في فقه آل ياسين - ج ١

شمس الدين محمد بن شجاع القطان الحلّي

معالم الدين في فقه آل ياسين - ج ١

المؤلف:

شمس الدين محمد بن شجاع القطان الحلّي


المحقق: الشيخ ابراهيم البهادري
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة الإمام الصادق عليه السلام
المطبعة: مؤسسة الإمام الصادق عليه السلام
الطبعة: ١
ISBN: 964-357-049-5
الصفحات: ٦٢٤
الجزء ١ الجزء ٢

الخامس : غسل الميّت وأحكامه

وفيه فصول :

[ الفصل ] الأوّل : من لطفه تعالى ترغيب العبد في ذكر الموت وتقديم المرض عليه ، ليفيق الجاهل وينبّه الغافل ، وأكّد ذلك بالحجر عليه في ثلثي ماله ، وأوجب الوصيّة لما فيها من حضور فراق الدّنيا بالبال ، ومرور لقاء الله بالخيال ، ليصير ادعى إلى استدراك ما أغفله وأوعى إلى فعل ما غفله وحثّ على عيادته تذكرة للنّاسين وتبصرة للمفرطين ، وتجب التوبة.

ويستحبّ له ترك الشكوى ، وحسن الظنّ بربّه ، والإذن في عيادته إلّا في العين ، وتخفيفها إلّا أن يريد المريض الإطالة.

وإذا طال مرضه ترك وعياله.

فإذا احتضر وجب توجيهه إلى القبلة ، ويستحبّ تلقينه الشّهادة ، والإقرار بالأئمّة عليهم‌السلام ، وكلمات الفرج ، ونقله إلى مصلّاه ، فإذا قضى نحبه استحبّ تغميض عينيه ، وإطباق فيه ، ومدّ يديه إلى جنبيه ، وتغطيته بثوب ، والإسراج ليلا ، وقراءة القرآن ، والاسترجاع ، وإعلام المؤمنين ، وتعجيل تجهيزه إلّا مع الاشتباه ، فيعتبر بالأمارات ، أو يصبر عليه ثلاثة أيام.

ولا يترك المصلوب أكثر منها ، ويكره طرح الحديد على بطنه ، وحضور الجنب والحائض.

٦١

[ الفصل ] الثاني : الغسل وفيه مباحث :

[ المبحث ] الأوّل : [ في ] المحلّ ، وهو المسلم ومن بحكمه وإن خالف الحقّ على الأقوى إلّا الخوارج ، والغلاة ، والنّواصب ، والشهيد بين يدي الإمام ، بل يصلّى عليه ويدفن بثيابه ، وينزع الخفّان والفرو والابريسم وإن أصابها الدّم ، ولو جرّد كفن ، ولو شكّ في قتله فهو كغيره.

ولا فرق بين الصغير والكبير ، والذكر والأنثى ، ومن قتل بحديد وغيره.

ومن وجب قتله يؤمر بالاغتسال ثلاثا ، ثمّ لا يعاد بعد القتل ، إلّا أن يحدث.

ويغسل السّقط لأربعة أشهر ، فلو لم يبلغها لفّ في خرقة ودفن ، والصدر كالميّت حتّى في الحنوط ، ويكفي الثوب الواحد ، ويمتنع فيه التيمّم ، والقطعة ذات العظم تغسل وتدفن ، والخالية تلفّ في خرقة وتدفن ، والعظم كالأولى ، والقلب كالثانية ، على توقّف فيهما.

ويكره تغسيل المخالف فإن اضطرّ غسّله غسلهم.

[ المبحث ] الثاني : [ في ] الفاعل ، تجب المماثلة في الذكورة والأنوثة إلّا الزّوجين ، فيغسل كلّ واحد منهما الآخر اختيارا ، والمملوكة كالزوجة إن خلت من زوج ، وفي المعتدّة رجعيّة توقّف.

ولا يغسل المسلم إلّا مثله ، ولو فقد فذات الرّحم من وراء الثياب ، ثمّ الكافر ، والمسلمة لا يغسلها إلّا مثلها ، ولو فقدت فذو الرّحم من وراء الثياب ثمّ الكافرة.

٦٢

ولو وجد المسلم بعده قبل الوضع في القبر أعيد ، ولو لم يوجد للرجل إلّا الكافرة وللمرأة إلّا الكافر دفنا بغير غسل ، وتسقط المماثلة في بنت ثلاث سنين ، وكذا الابن.

ويغسل الخنثى المشكل محارمه من وراء الثياب وبالعكس لو فقدت المماثلة.

ويقرع على القطعة المجهولة ثمّ يغسلها المماثل.

[ المبحث ] الثالث : في الكيفيّة ، ويبدأ الغاسل بإزالة النجاسة وستر العورة ، ثمّ النيّة ، وتغسيله بماء السدر ، ثمّ بماء الكافور ، ثمّ بالقراح مرتّبا كغسل الجنابة ، ويسقط بغمسه في الكثير مع الخليط ، ولا يجب الدلك ، ولو تعذّر الخليط غسله بالقراح ثلاثا ، ولو قصر الماء عن الثلاث بدأ (١) بالأوّل فالأوّل ، ويمّم عن الباقي ، ولو فقد الماء يمّم عن الجميع.

ولو خاف الغاسل على نفسه أو على الميّت يمّمه ثلاثا ، ولا ينقضه خروج الحدث ، بل يجب غسله ، والغريق كغيره ، وكذا المقتول ، ويبدأ بغسل الدم ، ويربط جراحه بالقطن والتعصيب.

ولو بان الرأس غسله ثمّ البدن مرتّبا ، ويضمّ الرأس ، ثمّ يوضع القطن ويعصب.

ويستحبّ فتق قميصه ونزعه (٢) من تحته ووضعه على ساجة ، واستقباله بالقبلة تحت الظّلال ، وحفر حفيرة للماء ، وغسل رأسه أوّلا برغوة السّدر ،

__________________

(١) في « أ » : « نوى » بدل « بدأ ».

(٢) في « ب » و « ج » : وينزعه.

٦٣

وفرجه بماء السّدر والحرض ، (١) وغسل يديه ، وتوضئته (٢) ، والبدأة بشقّ رأسه الأيمن ، وغسل كلّ عضو ثلاثا في كلّ غسلة ، وتليين أصابعه برفق ، وغمز بطنه في الأولتين إلّا الحامل ، ووقوف الغاسل على يمينه ، وغسل يديه مع كلّ غسلة.

ويكره وضعه بين رجليه وإقعاده ، وقصّ أظفاره ، وترجيل شعره وحلقه ، وإرسال الماء في الكنيف ، ولا بأس بالبالوعة.

[ الفصل ] الثالث : [ في ] التكفين

وفيه بحثان :

[ البحث ] الأوّل : في جنسه وقدره

وهو ما تجوز الصّلاة فيه للرّجال ، ويستحبّ القطن الأبيض المحض والمغالاة ، ويكره الكتّان والأسود والممتزج بالابريسم ، ويجب للرّجل مئزر ، وقميص ، وإزار ، ومع الضّرورة واحد ، ويستحبّ حبرة (٣) عبريّة غير مطرزة بالذهب أو الابريسم ، ومع التعذر لفّافة أخرى والخامسة (٤) وطولها ثلاثة أذرع ونصف ، والعرض شبر تقريبا ، وعمامة وليست من الكفن ، لأنّه ما يلفّ به الميت.

__________________

(١) في مجمع البحرين : الحرض ـ بضمّتين وإسكان الرّاء أيضا ـ وهو الأشنان بضمّ الهمزة ، سمّي بذلك ، لأنّه يهلك الوسخ.

(٢) في « أ » : وتوضّيه.

(٣) في مجمع البحرين : حبرة كعنبة : ثوب يصنع باليمن قطن أو كتّان مخطّط.

(٤) والمراد بها خرقة يشدّ بها الفخذين. لاحظ الدروس : ١ / ١٠٨.

٦٤

والمرأة كالرّجل لكن تعوّض عن العمامة قناعا ، وعن الحبرة نمطا ، وتزاد لفّافة أخرى لثدييها ، ويحرم غير ذلك ، كالبرقع والعصابة.

ويجب من الكافور مسمّاه حقيقة وقدرا ، وأفضله ثلاثة عشر درهما وثلث ، ثمّ أربعة دراهم ، ثمّ درهم.

ويستحبّ الذّريرة والجريدتان حتّى للصّبي ، لأنّهما يونسان المحسن ويدرءان العذاب عن المسي‌ء ، وهي بقدر الزند من النخل ، ولو تعذّر فالسدر ، فالخلاف ، فشجر رطب ، ويلفّ عليهما القطن ، والكتابة على الحبرة والإزار والقميص والجريدتين فلان يشهد أن لا إله إلّا الله ، وأنّ محمّدا رسول الله ، وأنّ الأئمّة أمير المؤمنين إلى آخرهم ، بتربة الحسين عليه‌السلام ، فإن تعذّر فبإصبعه.

ويكره بالسّواد ، وخياطته من غيره ، وبلّ الخيوط بالريق ، وابتداء الأكمام ، وقطعه بالحديد وتجميره.

[ البحث ] الثاني : في كيفيته

يستحبّ اغتسال الغاسل قبله أو الوضوء ، وتنشيف الميّت بثوب ، وسحق الكافور باليد ، ويكره بغيرها ، ثمّ يمسح به مساجده ، ويكره [ جعل الكافور ] في سمعه وبصره وفيه ، ويضع الفاضل على صدره ، ويحشى القطن فيما يخشى خروج النجاسة منه ، ثمّ يشدّ فخذيه بالخامسة ، ثمّ يؤزره ، ثمّ يفرش الحبرة وفوقها الإزار ، ثمّ القميص ، وينثر الذريرة (١) على الجميع ،

__________________

(١) « الذريرة » نوع من الطيب ، والمقصود نثرها على جميع قطع الكفن لا وضعها في مواضع معيّنة.

٦٥

لم يضعه (١) على ذلك ، ويلبسه القميص ، ثمّ يثني الجانب الأيسر على الأيمن وبالعكس ، ويلصق إحدى الجريدتين بجلده الأيمن من ترقوته ، والأخرى من جانبه الأيسر بين الإزار والقميص ويعمّمه محنكا ، ويعقد الطرفين.

مسائل : يغسل الكفن من نجاسة الميّت قبل الوضع في القبر ، ويقرض بعده ، ومن غيره يغسل مطلقا ، ويطرح في الكفن ما يسقط منه ، ويحرم غير الكافور والذرية ، ولا يقربان من المحرم.

والواجب من الكفن مقدّم على الدّين ، وغيره من الثلث إن أوصى به ، وللغرماء المنع منه ، لو ضاقت.

ويجب على الزوج بذله وإن كانت موسرة ، والمعسر ييسر بموتها إن قلنا بانتقال التركة إلى الوارث.

ولا يجب بذله إلّا من بيت المال ، وكذا الأعيان كالماء ، ويستحب للمسلمين بذله ، أمّا الأعمال فعلى الكفاية.

[ الفصل الرّابع : ] في نقله إلى المصلّى والدفن

يستحبّ إعلام المؤمنين ، وتربيع الجنازة وتشييعها ، والمشي خلفها أو إلى جانبها ، وقول المشاهد : الحمد لله الّذي لم يجعلني من السّواد المخترم ، فإذا صلّى عليها دفعت إلى القبر ، فيقول من عاينه : اللهمّ اجعله روضة من رياض الجنّة ولا تجعله حفرة من حفر النّار.

__________________

(١) كذا في « ب » و « ج » ولكن في « أ » : « ثمّ يضعه ».

٦٦

وتجب إباحته وكونه حارسا للميّت ، ساترا رائحته ، ويستحبّ [ تعميق القبر ] قامة أو إلى الترقوة ، واللّحد من جهة القبلة بقدر الجلسة ، ونقلها ثلاثا ، (١) وإنزال الرّجل من قبل رجلي القبر سابقا برأسه ، وإنزال المرأة ممّا يلي القبلة عرضا ، وأن يتولّاه الأجنبيّ إلا في المرأة ، ويتحفّى النازل ، ويكشف رأسه ، ويحلّ أزراره (٢) ويقول عند تناوله :

بسم الله وبالله وفي سبيل الله وعلى ملّة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم اللهمّ إيمانا بك وتصديقا بكتابك ، هذا ما وعدنا الله ورسوله وصدق الله ورسوله ، اللهمّ زدنا إيمانا وتسليما.

ويجب أن يضجعه على جانبه الأيمن مستقبل القبلة ويستحبّ حلّ عقدتي الكفن ووضع خدّه على التراب وجعل شي‌ء من التربة معه ، وتلقينه.

فإذا شرج اللّبن قال :

اللهمّ صل وحدته ، وآنس وحشته ، وارحم غربته ، واسكن إليه من رحمتك رحمة يستغني بها عن رحمة من سواك ، واحشره مع من كان يتولّاه.

ثمّ يخرج من قبل رجليه ، ويهيل الحاضرون التراب بظهور الأكفّ مسترجعين ، وتكره إهالة الرّحم ومن غير ترابه ، ثمّ يرفع القبر أربع أصابع ،

__________________

(١) كذا في « أ » ولكن في « ب » و « ج » : « ونقل الرجل ثلاثا » وفي الدروس : « ووضع الميّت أوّلا عند رجلي القبر ثم نقله ثلاثا وإنزاله في الثالثة ... ».

(٢) في مجمع البحرين : الزّرّ ـ بالكسر وشدّة الراء ـ واحد أزرار : القميص.

٦٧

ويصبّ الماء عليه من رأسه دورا ، والفاضل على صدره ، ثمّ يضع يديه عليه مستقبل القبلة ، ويفرّق أصابعه ، ويغمزها في التراب ، ويترحّم عليه ، ويقرأ فاتحة الكتاب مرّة ، وإنّا أنزلناه سبع مرّات.

وتستحبّ التّعزية قبل الدفن وبعده للرّجال والنّساء ، وأقلّها الرؤية ؛ وتلقين الوليّ بعد الانصراف بأعلى صوته مستقبل القبلة والقبر.

خاتمة

يثقّل راكب البحر أو يجعل في وعاء ويرسل فيه مستقبل القبلة ، والكافر لا يغسّل ولا يكفّن ولا يصلّى عليه ، ولا يدفن في مقبرة المسلمين إلّا الحامل من مسلم ، ويستدبر بها القبلة.

وإذا ماتت الحامل دون الولد شقّ جوفها وأخرج ، وخيطت بطنها ، وبالعكس يقطّع ويخرج.

ويحرم نبش القبر بعد الدفن المشروع ، وشقّ الرجل على غير الأب والأخ ، وحمل ميّتين على نعش ، ويكره دفنهما في قبر دفعة ، ونقل الميّت إلّا إلى مشاهد الأئمّة عليهم‌السلام ، وفرش القبر (١) بالساج إلّا مع الحاجة وتجديده وتجصيصه وتظليله ، والمقام عنده ، والمشي عليه ، والاستناد به.

وتستحبّ زيارة القبور ، وإهداء القرآن ، والاستغفار ، والدعاء ، ووجوه القرب إليهم.

ويجوز البكاء والنوح بالحقّ.

__________________

(١) في « أ » : وفراش القبر.

٦٨

السادس : غسل مسّ الميّت

كلّ من يجب تغسيله يجب الغسل بمسّه بعد برده وقبل تطهيره ، حتّى ذات العظم وإن أبينت من حيّ ، وفي العظم وحده توقّف ، ويستوي المسلم والكافر ، ولا يجب بمسّ الشهيد والمقتول شرعا ، ولا بمسّه قبل البرد ، ولا يجب غسل اليد ، ولا بمسّ السّن والظّفر وإن أبينتا من حيّ ، ولا بمسّ الخالية من عظم أو ميّت غير النّاس ، وتغسل اليد ، ويتعدّى الرّطب دون اليابس.

ويجب الغسل بمسّ المتيمّم ومن مات قبل قتله ، أو قتل بسبب آخر ، ومن غسله كافر.

ولو كمل غسل البعض ، لم يجب الغسل بمسّه بل بمسّ الباقي.

وهو كالجنابة ويجب معه الوضوء.

الفصل الثّاني (١) : [ في ] الأغسال المسنونة

فالمشهور منها : غسل الجمعة ، ووقته من طلوع الفجر الثاني إلى الزّوال ، ويقضى إلى آخر السّبت ، وكلّما قرب من الزّوال في الأداء والقضاء أفضل ، ويقدّمه المعذور يوم الخميس ، ويعيده لو وجده ، وأوّل ليلة من شهر رمضان ، ونصفه ، وسبع عشرة وتسع عشرة (٢) ، وإحدى وعشرين ، وثلاث وعشرين منه ، وليلة الفطر ويومه ، ويوم عرفة ، والأضحى ، ويوم الغدير ، والمباهلة ، وليلة نصف

__________________

(١) وهو عدل للفصل الأوّل الّذي مرّ في ص ٥٢.

(٢) في « ب » و « ج » : وسبعة عشر وتسعة عشر.

٦٩

رجب ، ويوم المبعث ، وليلة النّصف من شعبان ، وغسل الإحرام ، والطواف ، وزيارة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، والأئمّة عليهم‌السلام ، ولقضاء صلاة الكسوف إذا تعمّد الترك واحترق جميع القرص ، وغسل المولود ، والتوبة عن فسق أو كفر ، ولرؤية المصلوب بعد ثلاثة ، ولصلاة الحاجة ، والاستخارة ، ولدخول الحرم ، ومكّة ، والمسجد ، والكعبة ، والمدينة ، ومسجد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وما للزمان فيه ، وما للفعل والمكان قبله. (١)

وهذه الأغسال تجامع الحدث ، ولا ينقضها ولا يبطلها في الأثناء ، ولا تجزئ عن الواجب ، وبالعكس ، ولا تتداخل ، والمستعمل فيها يرفع الحدث إجماعا. (٢)

القسم الثالث :

في التيمّم

ويجب لما وجب له المبدل ، ولخروج الجنب من المسجدين ، وقد تجب الثلاثة بنذر وشبهه ، أو عهد أو يمين ، ويصحّ نذر الوضوء مطلقا وغيره عند سببه ، ويجب في النيّة رفع الحدث أو الاستباحة ، إلّا أن يكون على طهارة.

وفيه مباحث :

[ المبحث ] الأوّل : في شرطه وهو اثنان :

[ الشرط ] الأوّل : ضيق الوقت إن رجي زوال العذر ، وإلّا جاز في أوّله ،

__________________

(١) وفي التنقيح في هذا الموضع : « ثم انّها إمّا للزمان فلا يجوز قبله ، وإمّا للفعل أو للمكان فيكون قبلهما » التّنقيح : ١ / ١٢٩.

(٢) ذكر قدس‌سره للأغسال المندوبة خواصّا فلاحظ.

٧٠

واعتبار الضّيق شرط في صحّة التيمّم لا في صحّة الصّلاة ، فلو ظنّ الضّيق فتيمّم فظهر خلافه أجزأ.

ولو تيمّم لفائتة قبل الوقت ، جاز أن يؤدّي الحاضرة في أوّل وقتها.

ولو تيمّم لحاضرة في آخر الوقت ثمّ خرج ، جاز أن يؤدّي أخرى في أوّل وقتها ، ووقت الفائتة ذكرها ، ووقت الآتية حصول سببها ، و [ وقت ] الاستسقاء الاجتماع في الصحراء.

[ الشرط ] الثاني : العجز عن استعمال الماء :

إمّا لعدمه فيجب الطّلب في الوقت ، وهو في السهلة غلوة سهمين ، وفي الحزنة (١) غلوة سهم في الجهات الأربع ، ولو اختلفت الجهات اختلف الضرب.

ولا تجب إعادته لصلاة أخرى ، ويجب وان علم عدم الماء لإطلاق النصّ (٢) ، ولعلّه جبر لفوات فضيلة الماء ، ولو أخلّ به ثمّ تيمّم وصلّى ، عصى ولا قضاء.

ولو وجد الماء في موضع الطلب ، أو في رحله ، أو مع أصحابه الباذلين ، تطهّر وأعاد ، ولو خرج الوقت قضى ، ولو وجده مع غيرهم فلا قضاء ، وما لا يكفي فكالمعدوم.

وإزالة النجاسة ، وشرب الحيوان المحترم ، أولى من الطهارة.

ويجب شراء الماء وإن كثر الثمن ما لم يضرّ به في الحال ، وشراؤه في

__________________

(١) الحزن : ما غلظ من الأرض. الصحاح.

(٢) الوسائل : ٢ / ٩٦٣ ، الباب ١ من أبواب التيمّم ، الحديث ١ و ٢.

٧١

الذمّة إذا كان له قضاء ، وقبول هبته لا هبة ثمنه ، ولو أهرقه في الوقت وتيمّم وصلّى قضى ، ولو أهرقه قبل الوقت لم يقض.

وإمّا (١) لخوف على النفس أو المال أو البضع ، أو لخوف المرض أو الشين ، أو العطش في الحال أو بعده على نفسه ، أو على حيوان محترم ، أو خاف الفوات لو سعى إلى الماء لا خوف الالم.

وإمّا لعدم الآلة ، فيجب شراؤها مع التمكّن وإن زاد على ثمن المثل ما لم يضرّه في الحال ، وغير الواجد فاقد ، ولو بيعت (٢) بثمن في الذمة وجب الشراء إذا قدر على القضاء.

ولو وهب آلة أو ثمنها لم يجب القبول ، ولو أعير وجب القبول.

المبحث الثاني : فيما يفعل به ، وهو الصّعيد وما يطلق عليه اسم الأرض ، كالحجر ، والمدر ، والمطبوخ ، فلا يصحّ بالمعدن والمنسحقات ، (٣) ويصح بأرض النورة والجص والملوّن والبطحاء والمستعمل وتراب القبر.

ويستحب من العوالي.

ويكره بالسّبخة والرّمل.

ويشترط فيه الملك ، والطهارة ، والإباحة ، وخلوصه ، إلّا أن يصدق الاسم.

ومع فقد التراب تيمّم بغبار الثوب ، أو لبد السّرج ، أو عرف الدابّة ، فإن تعذّر فبالوحل.

__________________

(١) عطف على قوله « إمّا لعدمه ».

(٢) في « ب » و « ج » : « ولو بذلت » بدل « بيعت » ولعلّه مصحّف.

(٣) في القواعد : ١ / ٢٣٧ : فلا يجوز التيمّم بالمعادن ... ولا النبات المنسحق كالأشنان.

٧٢

المبحث الثالث : في كيفيته : تجب نيّة البدل (١) والاستباحة ، والوجوب أو الندب ، والقربة ، مقارنة لضرب الأرض بكلتا يديه ، مستدامة ، فلا يجزئ الرفع ولا التعرّض لمهبّ الرياح ، ثمّ يمسح بهما وجهه من القصاص إلى طرف الأنف الأعلى ، ثمّ ظاهر الكف اليمنى ببطن اليسرى من الزّند إلى طرف الأصابع ، ثمّ ظاهر اليسرى ببطن اليمين كذلك ، فلو نكس بطل.

وتجب الموالاة وإن كان بدلا من الغسل ، ونزع الحائل دون تخليل الأصابع ، والترتيب فلو أخلّ به أعاد على ما يحصل معه من غير ضرب مستأنف ، والمباشرة إلّا مع العذر ، واستيعاب الممسوح لا الماسح ، وطهارتهما إلّا مع التعذّر بشرط عدم الرطوبة.

ولا يشترط طهارة غيرهما ، ولا علوق التراب ، ولا يجزئ تمعيك (٢) الأعضاء ولا تردّد (٣) ما على وجهه بالمسح ، ولو أخلّ بالبعض أتى به من غير ضرب.

ويضرب ضربة للوضوء وضربتين للغسل ، ولو اجتمع الموجب تعدّد بحسبه.

ويمسح المقطوع ما بقي ، والعاجز يستنيب إلّا في النية.

[ المبحث ] الرابع : في حكمه : يستباح به كلّما يستباح بالمائيّة ، ولا يتعدّد بتعدّد الصلاة ، ولا يرفع الحدث ، فلو تيمّم المجنب ، ثمّ أحدث حدثا أصغر ، أعاد

__________________

(١) في « أ » : نيّة المبدل.

(٢) معك الدّابّة : مرّغها في التراب. المعجم الوسيط.

(٣) في « أ » : ولا يردّد.

٧٣

بدلا من الغسل ، ولو وجد الماء اغتسل ولم يجزئ الوضوء ، ولا يعيد ما صلّى به مطلقا.

وينقضه الحدثان ، والتمكّن (١) من استعمال الماء قبل الدخول في الصلاة (٢) فإن عدمه استأنف ، ولو وجده في الأثناء استمرّ مطلقا ، ولا يجب العدول إلى النفل.

ولو فقده قبل الفراغ أو بعده قبل التمكّن من استعماله لم ينتقض.

ولو وجده بعد الصلاة على الميّت ، وجب تغسيله وإعادة الصلاة إن كان قبل الدفن ، وإلّا فلا إلّا ان يقلع.

ولو تعذّر نزع الجبيرة مسح عليها ، ولو زال العذر أعاد.

ويختصّ الجنب بالماء المباح والمبذول دون الميّت والمحدث.

ويجوز التيمم مع وجود الماء لصلاة الجنازة ندبا.

__________________

(١) في « أ » : وإن تمكّن.

(٢) وفي القواعد : ١ / ٢٤٠ : والتمكّن من استعمال الماء ، فلو وجده قبل الشروع بطل.

٧٤

البحث الثالث (١) : في توابعها

وهي أربعة :

الأوّل : النجاسات عشرة : البول والغائط من ذي النفس السائلة غير المأكول ، وإن عرض التحريم كالوطء أو الجلل ، ويكره بول البغال ، والحمير ، والدّوابّ ، وأرواثها وذرق الدّجاج ، وما كره لحمه.

والمنيّ من ذي النفس وإن أكل لحمه.

والدم منه إلّا المتخلّف في الذبيحة ، (٢) والعلقة نجسة ، والمجهول والمشتبه بالطاهر طاهر.

والميتة من ذي النفس مطلقا وأجزاؤها إلّا ما لا تحلّه الحياة إلّا من نجس العين.

ومنها ما أبين من حيّ ممّا تحلّه الحياة إلّا المسك والفأرة.

والكلب والخنزير وأجزاؤها إلّا كلب الماء ، والمتولّد من المحلّل وأحدهما يتبع الاسم.

__________________

(١) تقدم البحث الثاني في ص ٤٣.

(٢) في « ب » و « ج » : لا المتخلف في الذّبيحة.

٧٥

والكافر أصليّا ومرتدّا وإن انتهى إلى الإسلام ، كالخوارج ، والغلاة ، والنواصب.

وفي القدريّة ، والمجسّمة ، قولان.

والخمر ، والمسكر والفقّاع ، وفي حكمه العصير إذا غلا واشتدّ ، ومنه المستحيل في العنب.

وما عدا ذلك طاهر حتّى تعرض له النّجاسة.

ويكره عرق الجنب من الحرام ، وعرق الإبل الجلّالة ، والمسوخ ، والفأرة ، والوزغة ، والثعلب ، والأرنب.

والرّواية (١) بنجاسة لبن البنت متروكة.

الثاني : يجب إزالتها عن الثوب والبدن للصّلاة ، والطّواف ، ودخول المساجد ، وعن المساجد ، والمصحف ، واسم الله ، واسم أنبيائه ، والأئمّة عليهم‌السلام ، وعن قبورهم ، وعن المأكول ، والمشروب ، فيعيد من صلّى مع نجاسة ثوبه أو بدنه عالما عامدا مختارا في الوقت وخارجه ، وكذا جاهل الحكم والناسي على الأقوى.

وجاهل النجاسة لا يعيد مطلقا ، ولو علم في الأثناء أزالها وأتمّ إلّا أن يفتقر

__________________

(١) ورد في شواذّ الأخبار نجاسة لبن الجارية لأنّ لبنها يخرج من مثانة أمّها ولبن الغلام يخرج من المنكبين والعضدين. لاحظ الوسائل : ٢ / ١٠٠٣ ، الباب ٣ من أبواب النجاسات ، الحديث ٤ ؛ ومستدرك الوسائل : ٢ / ٥٥٤ ، الباب ٢ من أبواب النجاسات ، الحديث ١ و ٢ ، وقال المحقّق في المعتبر : ١ / ٤٣٧ : لبن الآدميات طاهر لبن ابن كان أو لبن بنت ، قال بعض فقهائنا : لبن البنت نجس ، لأنّه يخرج من مثانة أمّها ، ومستنده حديث السكوني عن جعفر والسكوني ضعيف ، والطهارة هي الأصل. ولاحظ السرائر : ٣ / ١٢٥.

٧٦

إلى فعل كثير واستدبار ، فتبطل ، ولا يعيد الشاكّ في سبقها على الصّلاة ، ولو لم يجد غير النجس ، صلّى عاريا ، فإن اضطرّ صلّى فيه ، ولا إعادة.

ولو اشتبه بطاهر وفقد غيرهما ، صلّى فيهما مرّتين ، ولا يشترط ضيق الوقت ولا تعذّر غسله ، ولو عدم أحدهما صلّى في الباقي وعاريا.

ولو تعدّد النجس فإن علم عدده زاد عليه واحدا ، وإلّا صلّى في الجميع ، ولو ضاق الوقت صلّى عاريا ، وقيل : ما يحتمله [ الوقت ] (١).

ويعيدها حامل النجاسة وإن ضبط وعاها (٢) لا حامل الحيوان المحرّم ، ولا الحبل المتّصل بالكلب وإن تحرّك بحركته.

ولو احتبس تحت جلده دم وجب نزعه ما لم يتضرّر ، وكذا لو جبّر بعظم نجس ، لكن لا يصلي في المسجد ، ولا يلحق بالبواطن ، لأنّه غريب ، ولا كذا لو شرب نجسا أو مغصوبا.

وعفي عمّا نقص عن سعة الدّرهم البغليّ (٣) من الدّم ، إلّا الدماء الثلاثة ، فإن مازجه مائع زال العفو وإن استهلكه الدّم ، ولو لاقاه نجاسة زال العفو ، لأنّ المحلّ النجس يقبل النجاسة ، ولهذا لو لاقى الخمر نجاسة لم يطهر بالانقلاب.

__________________

(١) ذهب إليه الشهيد الأوّل في الدروس : ١ / ١٢٧.

(٢) كذا في « أ » : ولكن في « ب » : « ويعيد حامل النجاسة ويعيدها وان ضبط وعاها » وفي « ج » : « ويعيدها حامل النجاسة ويعيدها وإن ضبط وعاها ».

(٣) قال ابن إدريس : وهو منسوب إلى مدينة قديمة يقال لها « بغل » قريبة من « بابل » بينها وبينها قريب من فرسخ ، متّصلة ببلدة الجامعين تجد فيها الحفرة ( جمع الحافر أريد منه من يحفر الأرض ويطلق على الدابّة أيضا ، لأنّها تحفر بقدمها الأرض ) والغسالون دراهم واسعة ، شاهدت درهما من تلك الدراهم ، وهذا الدرهم أوسع من الدينار المضروب بمدينة السلام ، المعتاد ، تقرب سعته من سعة أخمص الرّاحة. السرائر : ١ / ١٧٧.

٧٧

ولا فرق بين نجس العين وغيره ، وبجمع المتفرّق في الثياب وما في الثوب والبدن ، وعن دم القروح والجروح الجارية ، وعن نجاسة ما لا تتمّ الصلاة فيه منفردا من الملابس وإن غلظت ، إذا كانت في محالّها ولم تتعدد في غير المسجد ، وعن نجاسة ثوب المربّية للصّبي إذا غسلته في اليوم والليلة مرّة ، وكذا المربي للصّبية ، وعمّا يتعذّر طهارته ، ومنه ثوب المربية في الشّتاء.

الثالث :

في المطهرات

وهي اثنا عشر :

الماء ، وتطهّر الشمس الأرض والبواري والحصر والأبنية ممّا لا ينقل إذا جفّ.

والأرض باطن النّعل والقدم إذا زالت العين ولو بالمعك.

ومنه التراب في الولوغ ، والأحجار في الاستنجاء.

والنار ما أحالته رمادا أو دخانا أو خزفا أو آجرا.

والاستحالة في العذرة تصير ترابا ، والنطفة والعلقة حيوانا ، والكلب ملحا ، والميتة دودا ، والغذاء النجس سرجينا ، والانتقال في الدم إلى القراد (١) وشبهه.

والنقص في البئر والعصير.

واستبراء الحيوان ، وغيبته مع زوال العين.

__________________

(١) القراد ـ كغراب ـ : هو ما يتعلّق بالبعير ونحوه ، وهو كالقمّل للإنسان. مجمع البحرين. وفي المعجم الوسيط : القراد : دويبة متطفّلة ذات أرجل كثيرة ، تعيش على الدواب والطيور.

٧٨

وانقلاب الخمر والعصير خلًّا.

وإسلام الكافر.

وزوال العين في البواطن ، ولا تطهّر الذّنوب (١) الأرض ولا المسح الصّقيل (٢) ولا الدباغ الميّت ولا الفرك.

الرابع :

في كيفية التطهير

يجب إزالة العين في العينيّة لا اللون العسر [ الإزالة ] ولا عبرة بالرائحة ، ويستحبّ صبغ الثوب من الحيض بالمشق ، (٣) ويغسل من غيرها مرّة ، ومن البول مرّتين ، وإن كان يابسا.

ويجب عصر الثوب في غير الجاري والكرّ (٤) ويكفي في بول الرّضيع صبّ الماء وان تغذّى بالطعام ، وكذا الحشايا والبسط والجلود والقرطاس إذا غمرها. (٥)

ولو جهل موضع النجاسة غسل المشتبه بها ، ولو لاقت النجاسة الرطبة

__________________

(١) في مجمع البحرين : الذّنوب : الدلو العظيم لا يقال لها ذنوب إلّا وفيها ماء. وفي القواعد : ١ / ١٩٤ : وتطهر الأرض بإجراء الماء الجاري أو الزائد على الكرّ عليها لا بالذّنوب وشبهه.

(٢) في الدروس : ١ / ١٢٦ : ولا يطهر الجسم الصّقيل كالسيف بالمسح ، خلافا للمرتضى.

(٣) قال العلّامة في القواعد : ١ / ١٩٥ : « ويكفي إزالة العين والأثر وإن بقيت الرائحة واللون العسر الإزالة كدم الحيض ، ويستحب صبغه بالمشق وشبهه » وفي مجمع البحرين : المشق ـ بالكسر ـ : المغرة وهو طين أحمر.

(٤) كذا في « ب » و « ج » : ولكن في « أ » : « في غير الجاري والكثير ».

(٥) قال في الدروس : ١ / ١٢٤ : ولا يجب العصر في الحشايا والجلود ويكفي التغمير.

٧٩

شيئا وجب غسله ، بخلاف اليابسة إلّا الميت.

ويستحبّ رشّ الثوب بالماء ومسح اليدين بالأرض إذا لاقاهما الكلب.

ويشترط في التطهير ورود الماء على المحل دفعة أو دفعات ، وانفصاله عنه ، فلا يطهر شي‌ء من المائعات إلّا الماء النجس بالكرّ.

ويجب غسل الآنية لاستعمالها من ولوغ الكلب ثلاثا ، أولاهنّ بتراب طاهر وإن تكرّر ، فلا يجزئ الممزوج بالماء وغيره إذا خرج عن الاسم ولا التراب النجس وإن كان بالكلب ، ولو فقد التراب فبالأشنان وشبهه ، ولو فقد ففي إجزاء الماء توقّف ، ومن ولوغ الخنزير سبعا بالماء ، ومن الخمر والجرذ ثلاثا ، ويستحبّ سبعا ومن باقي النجاسات مرّة ، ويستحبّ ثلاثا.

ويطهر إناء الخمر وإن كان خشبا أو قرعا أو خزفا غير مغضور (١) فيصبّ الماء في الإناء ويديره ثمّ يهرقه ، ولا يجب إملاؤه ولا يجزئ فيضانه.

وتسقط الغسلات المائيّة في الجاري والكرّ.

وأواني المشركين طاهرة وإن كانت مستعملة ما لم يعلم نجاستها.

تتمة

يحرم اتّخاذ أواني الذّهب والفضّة واستعمالها في أكل أو شرب وغيره حتّى المكحلة ومفرقة الاذن دون الميل ، ويكره المفضّض والمذهّب ، ويجب اجتناب موضعهما إن أمكن.

__________________

(١) المغضور : المدهون بشي‌ء يقويه ويمنع نفوذ المائع في مسامّه ، كالدهن الأخضر الّذي تدهن به الأواني غالبا. لاحظ جامع المقاصد : ١ / ١٩٥.

٨٠