معالم الدين في فقه آل ياسين - ج ١

شمس الدين محمد بن شجاع القطان الحلّي

معالم الدين في فقه آل ياسين - ج ١

المؤلف:

شمس الدين محمد بن شجاع القطان الحلّي


المحقق: الشيخ ابراهيم البهادري
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة الإمام الصادق عليه السلام
المطبعة: مؤسسة الإمام الصادق عليه السلام
الطبعة: ١
ISBN: 964-357-049-5
الصفحات: ٦٢٤
الجزء ١ الجزء ٢

قوله في التلف ، وعدم التفريط والخيانة ، فإن ثبتت [ الخيانة ] فللمالك رفع يده عن حصّته لا عن حصّة العامل ، وله أن يضمّ إليه حافظا وأجرته على [ المالك ] خاصّة (١) فإن لم ينفع (٢) الحافظ جاز رفع يده ، ويكلّف عاملا وعليه أجرته.

الثانية : ليس للعامل أن يساقي غيره.

الثالثة : الخراج على المالك إلّا أن يشترطه على العامل أو عليهما.

الرابعة : إذا فسدت المساقاة فالثمرة للمالك ، وعليه أجرة العامل.

الخامسة : لو بانت الأصول مستحقّة بطلت المساقاة ، فإن كان قبل التلف أخذ المالك الثمرة ، وعلى الغاصب أجرة العامل ، ولو كان بعده فللمالك الرجوع على الغاصب بالجميع ، ويرجع الغاصب على العامل بما أخذ ، وعليه الأجرة ، وله الرجوع على العامل ، ويرجع على الغاصب بما أخذه وبالأجرة ، وله الرجوع عليهما ، ويرجع العامل على الغاصب بالأجرة ، كلّ ذلك مع الجهل ، وإلّا فلا أجرة للعامل.

السادسة : إذا هرب العامل ، فإن تبرّع عنه بالعمل أحد أو بذلت الأجرة من بيت المال فلا خيار ، وإلّا كان له الفسخ ، فإن فسخ فعليه أجرة المثل لما مضى ، وإلّا استأذن الحاكم في الإجارة عنه ، فإن تعذّر استأجر ورجع إن أشهد وإلّا فلا.

السابعة : إذا مات العامل لم يجب على الوارث العمل ، فإن لم تظهر الثمرة استأجر الحاكم من التركة من يتمّ العمل ، فإن لم تكن تركة أو تعذّر الاستئجار فللمالك الفسخ وعليه الأجرة إلى حين الموت ، وإن ظهرت باع الحاكم من

__________________

(١) هذا ما أثبتناه ، وفي النسخ الّتي بأيدينا : « وأجرته على خاصّه ».

(٢) في « أ » : فإن لم يبلغ.

٥٠١

نصيبه ما يستأجر به من يتمّ العمل ولو احتيج إلى بيع الجميع باعه.

الثامنة : لو اختلفا في قدر الحصّة أو فيما عليه المساقاة ، فالقول قول المالك مع يمينه ، ولو أقاما بيّنة قدّمت بيّنة العامل.

تتمّة

لو دفع إليه أرضا ليغرسها على أنّ الغرس بينهما لم يصحّ ، ولصاحب الأرض الإزالة والأجرة ، وعليه أرش النقص بالقلع.

ولو دفع المالك قيمة الغرس أو الغارس قيمة الأرض ، لم يجبر الممتنع ، وكذا لا يجبر صاحب الأرض على أخذ أجرة بقاء الغرس.

الفصل الرابع (١)

في تقدير العوض دون المنفعة

وهو أحد أقسام الجعالة ، مثل من ردّ عبدي فله دينار ، وقد يجتمع في الجعالة الأقسام الأربعة (٢) :

مثال العلم بالعوض والمنفعة : من ردّ عبدي من الكوفة فله دينار.

مثال الجهل بهما : من ردّ عبدي فله شي‌ء أو ثوب.

__________________

(١) من الفصول الأربعة الّتي أشرنا إليها في أوّل كتاب الإجارة.

(٢) يريد أنّه قد يجتمع في الجعالة الأمور الأربعة ، أعني : الإجارة والمضاربة والمزارعة والمساقاة ، ويكون العقد بظاهره جعالة ولكنّه في الواقع إجارة أو مضاربة أو مزارعة ومساقاة أو جعالة كما تقدّمت الإشارة إليها في أوّل كتاب الإجارات فراجع.

٥٠٢

ومثال العلم بالعوض دون المنفعة : من ردّ عبدي فله دينار.

ومثال العكس : من ردّ عبدي من الكوفة فله شي‌ء أو ثوب ، لكن إذا كان العوض مجهولا ثبت بالردّ أجرة المثل.

وهنا مطالب :

[ المطلب ] الأوّل : في الصّيغة

وهي كلّ لفظ دلّ على طلب الفعل بعوض كما تقدّم ، ولا يشترط القبول نطقا.

وهي جائزة من الطرفين ، فيصحّ فسخ الجاعل قبل العمل وبعده ، وعليه أجرة ما عمل ، وفسخ العامل قبل العمل ولا أجرة له.

ويجوز جمع الزمان والعمل مثل : من خاط ثوبي في يوم فله درهم ، بخلاف الإجارة ، وإذا عقّب الجعالة بأخرى عمل بالأخيرة.

المطلب الثاني : في الشرائط

يشترط في الجاعل أهليّة الاستئجار لا كونه مالكا ، فلو قال : من ردّ عبد فلان فله درهم ، لزمه الجعل ، ولو كذب المخبر في قوله : إنّ فلانا جعل كذا ، فردّه لم يستحقّ على المخبر والمالك شيئا.

و [ يشترط ] في العمل إمكانه وإباحته وكونه مقصودا لا تقديره ، فلو أبهمه جاز.

٥٠٣

و [ يشترط ] في العامل إمكان العمل ، فلو جعل للمقعد لم يستحقّ وإن استعان في الردّ ، ولا يشترط تكليفه ، فلو ردّه الصبيّ استحقّ ، ولا تعيينه لكن لو عيّنه فردّ غيره لم يستحقّ شيئا.

و [ يشترط ] في الجعل تقديره بالكيل أو الوزن أو العدد ، فلو جهله ثبت بالردّ أجرة المثل إلّا في الآبق أو البعير ، فانّه في ردّ أحدهما من المصر دينار ، ومن غيره أربعة دنانير وإن نقصت القيمة.

ولو لم تمنع الجهالة من التسليم جاز مثل : من ردّ عبدي فله نصفه.

ولو استدعى الردّ بغير جعل فالرادّ متبرّع ، وكذا لو ردّ ابتداء وإن عرف بردّ الإباق ، أو ردّ قبل سمعه الجعالة وإن لم يقصد التبرّع.

المطلب الثالث : في الأحكام

إذا سعى العامل في تحصيل الضّالة وسلّمها استحقّ الجعل ، فلو حصلت في يده قبل الجعالة لم يستحقّ شيئا ، وكذا لو هربت منه قبل التسليم وإن بلغ [ بها ] باب منزله ، أمّا لو ماتت استحقّ بالنسبة.

ولو جعل على فعل لم يتكرّر ، مثل : من ردّ عبدي فله درهم ، فردّه جماعة تشاركوا فيه ، ولو كان يتكرّر مثل من : دخل داري فله درهم ، فدخل جماعة ، فلكلّ واحد درهم.

ولو جعل لكلّ من ثلاثة جعلا متساويا أو متفاوتا ، فردّه أحدهم ، فله جعله ، ولو ردّه اثنان فلكلّ نصف جعله ، ولو ردّه الثلاثة فلكلّ واحد ثلث

٥٠٤

جعله ، وهكذا لو عيّن (١) لواحد وأبهم لآخر فللأوّل نصف المسمّى وللثاني نصف أجرة المثل.

ولو عيّن لواحد فتبرّع الآخر ، فللمعيّن النّصف ولا شي‌ء للآخر.

ولو عيّن المسافة فردّه من غيرها لم يستحقّ شيئا ، ولو ردّه من بعضها فله من الجعل بالنسبة ، ولو ردّه من أزيد لم يستحقّ غير المسمّى.

ولو جعل على ردّ شيئين متساويين جعلا فردّ أحدهما ، استحقّ نصفه ، وإن تفاوتا استحقّ بالنسبة.

ولو جعل على ردّ شي‌ء فردّ بعضه استحقّ بالنسبة.

ولو مات الجاعل قبل العمل بطلت ، وله بعد التلبّس (٢) من التركة بنسبة عمله ، وبعد الردّ الجميع.

ولو اختلفا في ذكر الجعل ، أو في المجعول عليه ، أو في الجهة ، أو في سعي العامل ، أو في الردّ ، قدّم قول الجاعل مع يمينه.

ولو اختلفا في قدر الجعل ، أو في جنسه ، تحالفا ، ويثبت للعامل أقلّ الأمرين من الأجرة والمدّعى ، ولو زاد ما ادّعاه المالك عن أجرة المثل وجبت الزيادة.

ومن هذا الباب السبق والرماية على قول (٣).

__________________

(١) كذا في « ب » ولكن في « أ » و « ج » : ولو عيّن.

(٢) في « أ » : بعد العمل.

(٣) القائل هو الشيخ في المبسوط : ٦ / ٣٠٠.

٥٠٥

[ السبق ]

أمّا السّبق ففيه مباحث :

الأوّل : في ألفاظه

فالسّبق ـ بسكون الباء ـ : المصدر ، وبالتحريك : العوض ، ويقال له : الخطر ، ويقال : سبّق بالتشديد إذا أخرج السبق أو أحرزه.

والسابق : ما تقدم بالعنق والكتد (١) ، وهو المجلّى ، ثمّ المصلي ، ثمّ التالي ، ثمّ البارع ، ثمّ المرتاح ، ثمّ الحظيّ ، ثمّ العاطف ، ثمّ المؤمل ، ثمّ اللطيم ، ثمّ السّكيت ، والفسكل : الأخير ، والمحلّل (٢) : هو الداخل بين المتراهنين يأخذ إن سبق ، ولا يغرم إذا سبق.

__________________

(١) في القاموس : الكتد ـ محرّكة ـ : مجتمع الكتفين من الإنسان والفرس كالكتد ، أو هما الكاهل ، أو ما بين الكاهل إلى الظهر.

(٢) قال في جامع المقاصد : ٨ / ٣٢٣ :

هذه أسماء خيل الحلبة ، وهي ـ بالحاء المهملة وإسكان اللام ـ خيل تجمع للسباق من كل أوب لا تخرج من إسطبل واحد.

فالمجلّي : هو السابق كأنّه جلى عن نفسه ، أي عبّر عنها وأظهرها بسبقه ، أو جلى عن صاحبه وأظهر فروسيته ، أو جلى همه بأنه سبق. والتالي للمصلّي هو الثالث ، ويليه البارع ، وسمّي بذلك لأنه برع المتأخر عنه أي فاته ، ثم المرتاح وسمّي بذلك لأنّ الارتياح النشاط ، فكأنّه نشط فلحق بالسوابق ، ويليه الحظيّ ، لأنّه حظا عند صاحبه حيث لحق بالسوابق ، أي صار ذا حظوة عنده ، أي نصيب أو في مال الرهان ، ثم العاطف ؛ لأنّه عطف إليها أي مال إليها ، أو كرّ عليها فلحقها ، ثم المؤمل مؤمل سبقه أو كونه إحدى السوابق ، ثم اللطيم كأمير ، ثم السكيت مصغّرا ، قال في الجمهرة في باب ما تكلم به العرب مصغرا : والسكيت آخر فرس يجي‌ء في الرهان وهو الفسكل. والمحلّل سمّي محلّلا لتحريم العقد المذكور بدونه.

٥٠٦

الثاني : [ في ] الصيغة

وهي أن يقول باذل الخطر : من سبق فهو له ، ويكون أحد المتراهنين أو هما أو أجنبيّ أو الإمام من بيت المال ، ولا يفتقر إلى قبول ، وهي جائزة كالجعالة ، فلكلّ منهما فسخه قبل الشروع ، ويبطل بالموت.

الثالث : في ما يسابق عليه

وهو ما له خفّ كالإبل والفيلة ، أو ماله حافر : كالخيل والبغال والحمير ، فلا يصحّ بغير ذلك ، كالبقر ، والطير ، والمصارع ، والسفن ، والقدم.

الرابع : في شروطه

وهي ستة :

الأوّل : تقدير المسافة ابتداء وانتهاء ، فلو جعل الرهن لمن سبق في الميدان لم يصحّ.

الثاني : تعيين ما يسابق عليه بالاسم أو المشاهدة وإن تقدّمت إلّا أن يحتمل التعيين ، وإذا عيّن لم يجز إبداله.

الثالث : تساوي ما به السّباق في احتمال السّبق وعدمه ، فلو علم قصور أحدهما لم يصحّ.

الرابع : تساويهما في الجنس ، فلا يصحّ بالفرس والحمار ، ويجوز اختلاف الصنف كالعربي والبرذون.

٥٠٧

الخامس : تقدير الخطر ، ويصحّ أن يكون عينا ، أو دينا ، حالّا أو مؤجّلا.

السادس : جعل الرهن للسابق منهما وللمحلّل (١) ، فلا يصحّ جعله للمسبوق ، ولا لغيرهما ، ولا للمصلّي خاصّة ، ولو جعله له وللسّابق لم يجز ، ويجوز مع التفاوت مثل من سبق فله عشرة ، ومن صلّى فله خمسة.

ولا يشترط المحلّل ، ولا التساوي في الموقف.

الخامس : في الأحكام

إذا تمّ العمل استحقّ الرهن ، فلو ظهر استحقاقه طالب بالمثل أو القيمة ، ولو ظهر الفساد ففي وجوب الأجرة توقّف.

ولو جعل لجماعة جعلا فهو للسابق ، فإن تساووا فلا شي‌ء لهم ، ولو سبق اثنان مثلا فإن كان الجعل معيّنا مثل : من سبق فله هذا الدرهم ، تساويا فيه ، وإلّا ضمن لكلّ واحد درهما.

ولو قال : من سبق فله هذه العشرة ، ومن صلّى فله هذه الخمسة ، فسبق عشرة وصلّى واحد ، كان لكلّ سابق واحد وللمصلّي خمسة.

ويجوز لكلّ من المتسابقين أن يجعل مثل جعل الآخر أو أزيد أو أنقص ، فيقول أحدهما : إن سبقتني فلك عليّ درهم ، ويقول الآخر : إن سبقتني فلك عليّ درهمان أو نصف.

__________________

(١) كذا في « أ » ولكن في « ب » و « ج » : « أو للمحلّل ». وفي القواعد : ٢ / ٣٧٤ مكان العبارة : « جعل العوض للسابق منهما ، أو منهما ومن المحلّل ».

٥٠٨

ويجوز التساوي في الجنس وعدمه ، وأن يتولّاهما أحدهما مثل إن سبقتني فلك عليّ كذا ، وإن سبقتك فلي عليك كذا.

ولو أخرجا سبقين وقالا : من سبق فله السبقان ، فإن تساويا فلكلّ سبقه ، وإن سبق أحدهما فهما له.

ولو أدخلا المحلّل فإن تساووا أو سبقاه فلكلّ سبقه ، ولا شي‌ء له ، ولو سبق أحدهم أحرزهما ، ولو سبق أحدهما والمحلّل فللسابق ماله ، ويقتسمان مال المسبوق.

ولو اختلفا في قدر الرهن فالقول قول الجاعل مع يمينه.

[ الرماية ]

وأمّا الرماية ، فمباحثها أربعة :

الأوّل : في معرفة الألفاظ

فالرّشق بالفتح : الرّمي ، وبالكسر : عددها ، ويقال : رشق وجه ويد ، معناه : الرّمي ولاء حتّى يفرغ. (١)

__________________

(١) قال في الحدائق : ٢٢ / ٣٦٩ : « يقال : رشق وجه ويد بكسر الراء ويراد به الرمي ولاء حتّى يفرغ الرّشق » ثم نقل عن الجوهري : انّ الرشق : الاسم وهو الوجه من الرّمي ، فإذا رمى القوم بأجمعهم في جهة واحدة قالوا : رمينا رشقا.

ثم قال : والمراد برشق اليد هذا المعنى أيضا ، وإضافته إلى اليد كإضافته إلى الوجه ، فيقال : رشق يد ورشق وجه إذا كانت جهة الرّمي واحدة ، ويمكن مع ذلك إضافته إليهما.

٥٠٩

ويوصف السهم بالحابي (١) والخاصر ، والخاسق ، والمارق ، والخارم والمزدلف. (٢)

والغرض : ما يقصد إصابته.

والهدف : ما يجعل فيه الغرض من تراب وغيره.

والمبادرة : أن يبادر أحدهما إلى الإصابة مع التساوي في الرشق.

والمحاطّة : إسقاط ما تساويا فيه من الإصابة.

والمناضلة : المسابقة والمراماة.

الثاني : في شروطها

وهي تعيين الرشق ، وعدد الإصابة ، وصفتها ، وقدر المسافة ، والغرض ، والخطر ، وتماثل جنس الآلة ، وتساويهما في عدد الرشق ،

__________________

(١) قال العلّامة في « التذكرة » : وقد اختلف في الحابي. فقيل : انّ أبا حامد الأسفرائيني وهم هنا حيث جعل الحوابي صفة من صفات السهم ، وسمّاه حوابي ـ بإثبات الياء ـ وفسّره بأنّه السهم الواقع دون الهدف ، ثم يحبو إليه حتّى يصل إليه ، مأخوذا من حبو الصبيّ ، ونوع من الرمي المزدلف ، يفترقان في الاسم ، لأنّ المزدلف أحدّ والحابي أضعف ، ويستويان في الحكم.

وقال قوم : إنّ الحواب ـ بإسقاط الياء ـ : نوع من الرّمي ... والمشهور انّ الحابي ما وقع بين يدي الغرض ثمّ وثب إليه فأصابه ، وهو المزدلف. تذكرة الفقهاء : ٢ / ٣٦٠ ـ الطبعة الحجريّة ـ.

(٢) الخاصر : هو ما أصاب أحد جانبي الغرض ، ومنه الخاصرة.

والخاسق : هو ما فتح الغرض وثبت فيه.

والمارق : هو ما نفذ [ من ] الغرض ووقع من ورائه.

والخارم : هو الّذي يخرم حاشيته.

والمزدلف : هو الّذي يضرب الأرض ثم يثب إلى الغرض.

لاحظ القواعد : ٢ / ٣٧٧ ؛ والتحرير : ٣ / ١٦٧.

٥١٠

وجعل الخطر للسابق ، وإمكان الإصابة ، فلو امتنعت كشرط الإصابة من ألف ذراع ، أو وجبت كشرطها من ذراع بطلت ولا بدّ من اشتراط أحد أقسامها.

ولا يشترط تعيين المبتدئ بالرمي ، فيقرع مع المشاحّة ، ولا ذكر المبادرة والمحاطّة.

الثالث : في أقسامها

وهي ثلاثة :

الأوّل : المفاضلة ،وهي : أن يشترط الزيادة في الإصابة مثل : من زاد في الإصابة واحدا أو اثنتين من عشرين مثلا ، فهو السابق.

ولو رميا عشرا فأصابها أحدهما وأخطأ الآخر ، وجب الإكمال.

ولو رميا اثنى عشر فأصابها أحدهما وأخطأها الآخر ، لم يجب الإكمال ، ولو أصاب عشرا (١) رميا الثالث عشر ، فإن أصابا أو أخطئا أو أصاب الأوّل ، فقد سبق ، ولا يجب الإكمال ، وإن أصاب الثاني رميا الرابع عشر وهكذا.

الثاني : المبادرة ، وهي : أن يشترطا السبق إلى الإصابة مثل : من سبق إلى إصابة خمس من عشرين فهو السابق ، فلو رميا عشرة فأصاب كلّ واحد خمسة فلا سبق ، لتساويهما في الرشق (٢) والإصابة ، ولا يجب الإكمال ، لخروجه عن المبادرة.

__________________

(١) وفي القواعد : « ولو أصاب عشرا ، لزمهما رمي الثالثة عشر » وفي جامع المقاصد في شرح العبارة : أي لو أصاب أحدهما عشرا وأخطأ الآخر الجميع وقد رميا اثنتا عشرة. جامع المقاصد : ٨ / ٣٦٢.

(٢) في « أ » : في الرمي.

٥١١

ولو أصاب أحدهما خمسة والآخر أربعة ، فالأوّل سابق ، ولا يجب الإكمال ، لحصول المبادرة.

الثالث : المحاطّة ، وهي : أن يشترط إسقاط ما يتساويان فيه من الإصابة ، مثل : من أصاب خمسة من عشرين بعد إسقاط المساوي فهو السابق ، فإذا أكملا الرشق وتحاطّا وفضل لأحدهما العدد المشترط ، فقد فضل صاحبه ، ولو فضل أقلّ لم يفضله.

ولو لم يكملاه فأراد صاحب الأقل الإكمال ، فإن ظهر له فائدة من رجحان أو مساواة أو منع صاحبه بعد المحاطّة من التفرّد بالإصابة أجيب وإلّا فلا ، فلو رمى أحدهما عشرة فأصاب ستّة ، وأصاب الآخر واحدا ، فإذا أكمل أمكن أن يصيب العشرة الباقية دون صاحبه ، فيحصل له بعد المحاطّة الرجحان.

ولو رميا خمسة عشر فأصاب أحدهما عشرة والآخر خمسة ، فإذا أكمل وأصاب الخمسة الباقية ساواه بعد المحاطّة.

ولو أصاب الأوّل أربعة عشر والثاني خمسة ، فلو أكمل وأصاب الخمسة الباقية ، منعه من التفرد بالإصابة ، ولو أصاب خمسة عشر لم يجب الإكمال.

الرابع : في الأحكام

إذا تمّ النضال ملك الناضل العوض ، وله التصرّف فيه كيف شاء ، والاختصاص به ، وإطعام أصحابه ، ويجوز أن يشترط إطعامه لحزبه.

وإذا فسدت المناضلة سقط المسمّى لا إلى بدل.

ولو ظهر العوض مستحقّا فعلى الباذل مثله أو قيمته.

ولو قيل للناضل : اطرح الفضل بكذا لم يجز ، وعليه ردّه لو أخذه.

٥١٢

كتاب الأمانات

وفيه مطالب :

٥١٣
٥١٤

[ المطلب ] الأوّل : [ في ] الوديعة

وفيها مباحث :

الأوّل : [ في ] العقد

وهو الإيجاب والقبول الدالّين على الاستنابة في الحفظ ، فالإيجاب : أودعتك ، أو هو وديعة عندك ، وما في معناه ، والقبول كلّ قول أو فعل يدلّ على الرضا ، فلو أكره على قبضها أو طرحت عنده لم يلزمه حفظها.

وهو عقد جائز من الطرفين يبطل بالموت والجنون والإغماء ، ولكلّ منهما فسخه ، فيصير أمانة شرعيّة ، فلا يقبل قوله في الردّ ، ومثله الثوب يلقيه الريح في غير دار صاحبه ، ويجب إعلامه به ، فإن لم يفعل ضمن.

ويشترط في المودع والمستودع البلوغ والعقل وجواز التصرّف ، فلو أودع الصّبيّ أو المجنون لم يصحّ ، ويضمن المستودع منهما إلّا مع خوف التلف ، ولا يبرأ إلّا بالردّ إلى الوليّ ولو أودعا لم يضمنا بالإهمال ، ولو أكلها الصّبي أو أتلفها ضمن إن كان له مال وإلّا فلا.

٥١٥

ولو أودع المجنون لم يضمن بالإتلاف،ولوأودع العبد فأتلف تبع (١) بها [ بعد العتق ].

الثاني : في لازمها

ويجب جعل الوديعة في حرز مثلها ، وحفظها بما جرت العادة به ، كالثوب في الصّندوق ، والدابّة في الاصطبل ، والشاة في المراح ، والدفع هنا بحسب المكنة ، فلو أهمل ضمن.

ولو افتقر إلى المداواة (٢) عنها ، وجب ويرجع به ، ويجوز بيع بعضها في ذلك.

ولو عيّن له موضعا ضمن بالنقل إلى مثله أو أحرز ، ولو خاف عليها فيه وجب النقل ولو إلى أدون ، فإن أهمل ضمن وإن تلف بغير الأمر المخوف.

ولو أنكر المالك سبب الخوف قدّم قول المستودع مع يمينه.

ولو لم يعيّن جاز النقل من حرز إلى آخر وإن كان أدون من الأوّل ، ولو نهاه عن النقل عن المعيّن لم يجز نقلها ولو إلى الأحرز إلّا مع خوف التلف فيه وإن قال : وإن (٣) تلفت.

ولو قال : لا تنقلها وإن خفت التلف جاز مع الخوف النقل وعدمه ، ولو نقلها لا معه ضمن.

__________________

(١) في « أ » : اتبع.

(٢) في النسخ التي بأيدينا : « المداراة » والصحيح ما في المتن بقرينة قوله : « ويرجع به [ على المالك ] ».

(٣) في « أ » : ولو.

٥١٦

ولو وضعها المالك في صندوق له أو للمستودع بالعارية ضمن بالنقل إلى غيره ، ولو نهاه عن القفل فقفل لم يضمن.

ولو قال له : ضعها في المنزل ، فوضعها في ثوبه ، أو : في جيبيك ، فوضعها في كمّه أو يده ضمن بخلاف العكس.

ولو قال : ضع الخاتم في الخنصر ، فوضعه في البنصر لم يضمن ، ولو عكس ضمن.

وتجب المبادرة إلى الإحراز بمجرى العادة ، قريبا كان الحرز أو بعيدا ، فإن أخّر مع القدرة ضمن.

ويجب نشر الثوب المحتاج إليه ، وتعريضه للريح مع الحاجة ، ولبسه كذلك إلّا أن ينهى المالك ، وعدم جعله في موضع يعفّنه.

ولا يجوز إغراء الطرّار بها كربط الخيط من خارج. (١)

ويجب سقي الدابة وعلفها وإن لم يأمره المالك ، ويرجع به عليه وإن نهاه ، ما لم يتبرّع ، وإن امتثل نهيه أثم ولا ضمان ، ويجوز أن يتولّاهما بنفسه أو بغلامه ، ولا يجوز إخراجها لهما إلّا لعذر.

ويجب على من حضره الموت دفعها إلى المالك ، ثمّ وكيله ، ثمّ الحاكم ، ثمّ الثقة ، فإن تعذّر وجب الإيصاء بها مع القدرة ، فلو أهمل أو أجمل ضمن ولو مات فجأة لم يضمن.

__________________

(١) مثلا إذا قال المالك للودعي : اربطها في ثوبك فربطها ولكن جعل الخيط الرابط في خارج الكمّ لا تحته ضمن ، لأنّه إغراء للطرّار.

٥١٧

ولا يبرأ بالوصيّة إلى الفاسق إلّا أن يتعذّر العدل.

ولو لم توجد في تركته فإن ثبت أنّه مات وهي عنده ضمنها كالدين ، وإن ثبت أنّ عنده وديعة لم يضمن على توقّف.

الثالث : [ في ] الضمان

الوداعة مشتقّة من الودع ، وهو السكون ، فلا يجوز التصرّف فيها بوجه ، فإن تصرّف بما ينافي غرض الشارع فهو التفريط ، وبما ينافي غرض المالك ، فهو التعدّي ، وقد يجتمعان.

مثال التفريط : أن يضعها في المواضع الّتي تضرّ بها ، أو في غير حرز ، أو في حرز لا يناسبها ، أو إيداعها لغير ضرورة ولا إذن ، وإن كان لزوجته أو ولده أو عبده ، وترك علف الدابّة وسقيها مدّة لا تصبر عليها ، والسّفر بها وإن أودع في السّفر مع أمن الطريق وخوفه ، إلّا أن يخاف تلفها مع الإقامة.

ولو أراد السفر وتعذّر المالك دفعها إلى الحاكم ، فإن فقد فإلى الثقة ، فإن تعذّر فإشكال ، وكذا لو أراد ردّها وتعذّر المالك أو وكيله ، ويضمن لو خالف هذا الترتيب ، ويجب على الحاكم القبض ، ولو دفنها ضمن إلّا أن يخاف المعاجلة. (١)

__________________

(١) قال في جامع المقاصد : ٦ / ٢٢ : فسّر شيخنا الشهيد المعاجلة بتفسيرين :

أحدهما : معاجلة السّراق ، وهو المتبادر من عبارة التذكرة ، فانّه قال : ولو خاف المعاجلة عليها فدفنها فلا ضمان ، وهو صحيح ، لأنّ حفظها حينئذ لا يكون الّا بالدفن ، لكن يعتبر الدفن في موضع يعدّ حرزا ، وشأنه أن يخفى على السّراق.

الثاني : معاجلة الرفقة إذا أراد السفر وكان ضروريّا ، وكان التخلّف عن تلك الرفقة مضرّا.

٥١٨

ومثال التعدّي : الانتفاع بها كلبس الثوب ، وركوب الدابّة ، والنوم على الفراش ، والنظر في الكتاب.

ولا يضمن بنيّة الانتفاع إلّا أن يخرجها من حرزها له وإن كان الحرز له ، وكذا لو نوى بالأخذ من المالك الانتفاع ، أو جدّد نيّة الإمساك لنفسه.

ولو حلّ الكيس أو فتح ختمه ضمن وإن لم يأخذ شيئا ، ولو كان الشدّ والختم من المستودع لم يضمن بهما بل بالأخذ ، فإن أخذ بعضها ضمنه خاصّة وإن أعاده بعينه ، وكذا لو أعاد بدله ومزجه مزجا يتميّز ، ولو لم يتميّز ضمن الجميع ، وكذا لو تميّز بعضه.

ولو أذن المالك في الأخذ فردّ بدله بغير إذنه ، ومزجه ولم يتميّز ضمن الجميع ، وإن تميّز ضمن المأخوذ خاصّة إلّا أن يأذن له في الردّ والمزج.

ولو خلطها بماله أو بوديعة أخرى وإن اتّحد المالك ضمن.

ولو أذن في المزج أحد المودعين ضمن للآخر.

ولو مزج أجنبيّ ضمن خاصّة.

ومع التفريط أو التعدّي لا يعود الاستئمان (١) بردّها إلى الحرز ما لم يجدّده (٢) المالك ، أو يبرئه (٣) من الضّمان أو يردّها إليه.

ومثال الاجتماع : تضييعها وإتلافها ، أو إتلاف بعضها ، كقطع يد العبد ودلّة السارق (٤) وإغرائه ، والإقرار بها لظالم ، أو السعي بها إليه ، ولا يضمن بتسليمها كرها ،

__________________

(١) في « ب » : لا يعود الاستئجار.

(٢) في « أ » : ما لم يتجدّده.

(٣) في « أ » : أو يبرأ به.

(٤) قال الأزهري في تهذيب اللغة : ١٤ / ٦٦ : الدّلّة : الإدلال.

٥١٩

ويجب الاختفاء عنه ، والحلف له مع التورية ، ولو خيّره بين التسليم واليمين فسلّم ضمن.

ولا يجب تحمّل الضرر الكثير ، كالجراح ، وذهاب المال.

ولو طلبها المالك ، أو سأله عنها فجحدها ، ثمّ ادّعى التلف لم يقبل ، وضمن وإن أقام بيّنة.

ولو جحدها فأقيم عليه بيّنة ، فإن كانت صيغة الجحود إنكار الإيداع لم يقبل قوله في الردّ والتلف ، مع البيّنة وعدمها ، وإن كانت إنكار اللّزوم قبل منه وإن لم يقم بيّنة.

الرابع : في الأحكام

يجب ردّ الوديعة على المالك أو وكيله مع طلبها وإن كان كافرا ، فلو أخّر لا لعذر ضمن ، وليس من العذر استيفاء الغرض من الأكل والحمّام والجماع وأمثاله.

وتجب المبادرة بمجرى العادة ، ولو ردّها على الوكيل ولم يشهد فأنكر لم يضمن ، ولو ترك الإشهاد على قضاء دينه ضمن.

ومئونة الردّ على المالك.

ولو أودعه الغاصب ردّها على المالك ، فإن جهله عرّفها سنة ، ثمّ يختار الصدقة بها عن المالك ويضمن ، أو إبقاءها أمانة ولا ضمان ، ولا يجوز تملّكها.

والممتزجة بمال الغاصب يردّها على المالك إن تميّزت ، وإلّا ردّ الجميع على الغاصب.

٥٢٠