معالم الدين في فقه آل ياسين - ج ١

شمس الدين محمد بن شجاع القطان الحلّي

معالم الدين في فقه آل ياسين - ج ١

المؤلف:

شمس الدين محمد بن شجاع القطان الحلّي


المحقق: الشيخ ابراهيم البهادري
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة الإمام الصادق عليه السلام
المطبعة: مؤسسة الإمام الصادق عليه السلام
الطبعة: ١
ISBN: 964-357-049-5
الصفحات: ٦٢٤
الجزء ١ الجزء ٢

القبض فهو من مال البائع ، وللمشتري تغريمه المثل أو الفسخ ، ولو أصيب البعض فله أخذ الباقي بحصّته والفسخ.

ولو أتلفها أجنبيّ تخيّر المشتري في الفسخ ومطالبة المتلف ، وإتلاف المشتري قبض ، ولو كان بعد القبض ـ وهو التخلية ـ فمن المشتري.

ويجوز لمشتري الثمرة أن يبيعها قبل القبض بزيادة ونقصان ، وأن يتقبل (١) أحد الشريكين بحصّة صاحبه بشي‌ء معلوم ، وهو من باب الصلح ، ولزومه مشروط بالسلامة.

ولو باع الصّبرة من الثمرة (٢) أو الغلّة بمثلها صحّ إن علما قدرهما وإلّا فلا ، وإن تساويا عند الاعتبار ، سواء اتّحد الجنس أو اختلف.

ولا يجوز بيع الثمرة بالثمرة ولو من غيرها ، وهي المزابنة (٣) ورخّص بيع ثمرة العريّة بخرصها تمرا ، والعريّة : النخلة تكون في دار إنسان أو بستانه وقيل : أو مستعيرهما أو مستأجرهما (٤).

ويشترط وحدتها مع اتّحاد الدار والبستان ، وكون الثمن من غيرهما ، ولا يجوز إسلاف أحدهما بالآخر ، وتقديره بالكيل أو الوزن ، فلا تكفي المشاهدة ، ولا يشترط التقابض قبل التفرق بل الحلول ، ولا التماثل بين ثمنها وثمرتها عند

__________________

(١) في « أ » : يقبل.

(٢) في « أ » : من التّمر.

(٣) في مجمع البحرين : وفي الخبر « نهى عن بيع المزابنة » وهي بيع الرّطب في رءوس النخل بالتمر ، وأصله من الزّبن وهو الدّفع ، كأنّ كلّ واحد من المتبايعين يدفع صاحبه عن حقّه بما يزداد منه ، والنّهي عن ذلك لما فيه من الغبن والجهالة.

(٤) القائل هو الشهيد في الدروس : ٣ / ٢٣٨.

٤٠١

الجفاف ، بل عدم التفاضل عند العقد ، ولا عدم الزيادة على خمسة أوسق ولا عريّة في غير النخل.

وأمّا الخضر فيجوز بيعها بعد ظهورها وانعقادها ، مع أصولها ومنفردة ، لقطة ولقطات ، فإن تجدّدت أخرى قبل القبض ولم تتميّز ، فللمشتري الفسخ وإن بذل له الجميع ، وبعد القبض يصطلحان.

ولو كان المقصود الأصل كالجزر والثوم ، فلا بدّ من قلعه ليشاهد ، وإن كان الجميع كالبصل والفجل كفى رؤية الظاهر.

ويجوز بيع ما يجز كالكراث جزة وجزات ، ويرجع في الخرطة واللقطة والجزة إلى العرف ، ويجوز بيع الزرع قائما وحصيدا قبل انعقاد الحبّ وبعده ، سواء كان بارزا أو غيره ، وبيع السنبل منفردا ومع أصوله ، ولو نبت الزرع بعد قطعه فهو للمشتري إن شرط الأصل ، وإلّا فهو للبائع.

ولا يجوز بيع البذر الكامن ، ولو صولح عليه جاز على توقّف.

ولو سقط من الحصيد حبّ فنبت في القابل ، فهو لصاحب البذر ، ولصاحب الأرض قلعه وتركه بالأجرة.

ولو باع الزرع بشرط القصل وجبت إزالته ، فإن امتنع تخيّر البائع في قطعه وتركه بالأجرة.

ولا يجوز بيع السنبل من الحنطة والشعير بحبّ منه أو من غيره ، وهي المحاقلة ، ويجوز بيع جنسه كالأرز.

ورخّص لمن مرّ بالنخل أن يأكل من الثمرة إذا لم يقصد ولا يفسد ولا يحمل ، وفي شجر الفواكه والزرع قولان.

٤٠٢

الثالث :

في الصرف

وهو بيع الأثمان (١) بمثلها متّفقين ومختلفين ، وفيه بحثان :

[ البحث ] الأوّل : في شروطه

وهو التقابض في المجلس وإن كانا غير معيّنين ، فلو افترقا قبله بطل ، ولو فارقا المجلس مصطحبين ثمّ تقابضا قبل التفرّق صحّ ، ولو قبض الوكيل قبل تفرّقهما صحّ ويبطل بعده ، ولو قبض البعض صحّ فيه وفي مقابله ، ولو [ أ ] قبضه نصف الثمن ثمّ اقترضه ودفعه عن الباقي صحّ الصّرف.

ولو اشترى دراهم ثمّ ابتاع بها دنانير قبل قبض الدراهم لم يصحّ الثاني ، فإن تفرّقا بطلا.

ولو كان له في ذمّته دراهم فاشترى بها دنانير قبل قبض الدراهم صحّ ، وكذا لو كان له دراهم فساعره ثمّ أمره أن يحوّلها دنانير أو بالعكس وإن تفرقا ، لأنّ النقدين من واحد.

ولا يشترط في بيع النقد الّذي في الذّمّة تشخيص ثمنه بل قبضه قبل التفرّق ، ولو باعه على غيره وجب تقابضهما ، وكذا لو تصادقا بما في ذمّتهما ، ولا

__________________

(١) قال المحقق الكركي في جامع المقاصد : ٤ / ١٨١ : الأثمان هي الذهب والفضّة كما نصّ عليه في التذكرة ، وفي حواشي شيخنا الشهيد عن قطب الدين : انّ الذهب والفضّة ثمنان وإن باعهما بعرض ، ولهذا لو باع دينارا بحيوان ثبت للبائع الخيار بالاتّفاق ، قال : وإن كانا عوضين فكلّ منهما بائع ومشتر ، فلو باع حيوانا بحيوان ، ثبت لكلّ منهما الخيار.

٤٠٣

في القبض معرفة النقد والوزن بل اشتماله على الحقّ ، فلو دفع إليه أكثر ليكون وكيلا في الزائد ، أو ليزن حقّه منه ، فالزيادة أمانة.

ولو دفع إليه الحقّ فبان زائدا ، فإن كانا معيّنين كقوله : بعتك هذا الدينار بهذا الدينار بطل ، وإلّا صحّ ، كقوله : بعتك دينارا بدينار (١) وتكون الزيادة أمانة على الأصحّ ، وله الإبدال قبل التفرّق والفسخ بعده للشركة.

أمّا لو كانت الزيادة لاختلاف الموازين ، فإنّها للمشتري ، ولو بان ناقصا فمع التعيين ، له الردّ وأخذه بحصّته من الثمن مع اختلاف الجنس ، ويبطل مع اتّحاده.

ولو اشترى ما يظنّ وجوده كالوديعة ، وقبض الثمن في المجلس ، ثمّ ظهر تلفها ، بطل الصرف.

البحث الثاني : في حكمه

وفيه مسائل :

الأولى : يتعيّن الثمن والمثمن بالتعيين في الصرف وغيره ، فلو وجد أحدهما ما قبضه من غير الجنس بطل ، وليس له بدله ، ولو وجد البعض بطل فيه ، ويتخيّر في الباقي بين الفسخ وأخذه بحصّته من الثمن.

ولو وجده من الجنس معيبا كخشونة الجوهر ، فليس له الإبدال ، وله الردّ أو الأرش ان اختلف الجنس مع عدم التفرّق ، ومعه إن كانا من غير الأثمان ، ولو اتّحد فله الرّدّ لا غير.

__________________

(١) في « أ » : بعتك هذا الدينار بدينار.

٤٠٤

ولو لم يعيّنا وظهر من غير الجنس فله الإبدال قبل التفرّق ، ويبطل بعده.

ولو كان البعض اختصّ بالحكم ، وله الفسخ.

ولو وجده من الجنس معيبا فله الرّدّ دون الأرش مع اتّحاد الجنس ، ويجوز [ الأرش ] مع الاختلاف [ ما داما ] في المجلس ومع التفرّق إن كانا من غير الأثمان لا منها.

ولو ظهر بعضه معيبا اختصّ بالحكم ، وليس له ردّه خاصّة إلّا مع التراضي.

ولو تقابضا وتلف أحدهما ، ثمّ ظهر في التالف عيب من الجنس أو من غيره فالحكم ما تقدّم.

الثانية : يجب التساوي مع اتّحاد الجنس لا مع اختلافه ، ويتّحد المكسور والمصوغ ، والجيّد والرّدي ، ويجوز بيع المغشوش إذا علم الغشّ بجنسه مع زيادة تقابل الغشّ أو بغيره ، وإن جهل بيع بغير الجنس أو بغيرهما.

وليس من المغشوش جوهر الصّفر والرصاص وإن كان فيهما ذهب أو فضّة ، لأنّه غير مقصود ، ولا تنفق الدراهم المغشوشة مع جهالة الغشّ إلّا بعد إبانتها أو تكون معلومة الصرف ، ولو قبض دراهم مغشوشة جاهلا بها ، لم يجز إخراجها على الجاهل بحالها.

الثالثة : المصاغ من النقدين إن علم قدرهما بيع بهما أو بأحدهما مع زيادة من جنسه أو ضميمة من غيره ، وإن جهل بيع بغيرهما مع التساوي وبالأقلّ مع التفاوت.

الرابعة : المحلّى بأحد النقدين إن علم قدره بيع بالآخر ، أو بجنسه مع زيادة في الثمن ، أو اتّهاب المحلّى ، أو بغيرهما ، وإن جهل بيع

٤٠٥

بالآخر أو بجنسه مع الضميمة ، أو بهما ، أو بغيرهما.

الخامسة : يجوز صرف عين بعين وصرف عين بما في الذمّة قطعا ، وكذا لو تصارفا بما في ذمّتهما على توقّف ، ولو باعه خمسة دراهم بنصف دينار لزمه شقّ دينار إلّا أن يشترط الصحيح أو يقتضيه العرف.

السادسة : يباع تراب الصّياغة بالجوهرين أو بغيرهما ، ويتصدّق به إذا جهل أربابه ، ويباع تراب أحد النقدين بالآخر أو بغيرهما ، ولو اجتمعا بيعا بهما أو بغيرهما.

ورخّص بيع درهم بدرهم ، ويشترط صياغة خاتم ، ولا يتعدّى ، ولو باعه بدينار إلّا درهما صحّ مع علم النسبة ، وبطل مع الجهل.

الرابع :

[ في ] الرّبا

وهو لغة الزيادة ، وفي الشرع بيع المكيل أو الموزون بمثله ، مع اتّحاد الجنس والتّفاضل ، تحقيقا أو تقديرا ، فلا يجوز بيع قفيز بقفيزين نقدا ولا قفيز بقفيز نسيئة ، وفيه بحثان :

[ البحث ] الأوّل : في شرطه (١)

وهو اثنان :

الأوّل : تماثل جنس الثمن والمثمن ، فيحرم التّفاضل مع اتّفاقهما ،

__________________

(١) في « ج » : في شروطه.

٤٠٦

ويجوز مع اختلافهما نقدا ، ويكره نسيئة ، ويحرم في الصرف.

ولا يشترط التقابض قبل التفرّق.

وضابط الجنس تناولهما اسم خاصّ (١) كالحنطة بخلاف الطعام ، فالجيّد والرديّ جنس ، وكذا الصحيح والمكسور ، والحنطة والشعير هنا جنس على توقّف.

والأصل وما يتفرّع منه جنس كالحنطة ، والدقيق ، والسويق ، والخبز ، وكذا الرّطب ، والعنب ، وما يعمل منهما ، حتّى الخلّ.

واللحوم مختلفة باختلاف الحيوان ، فلحم المعز والضأن جنس ، وكذا البقر والجاموس ، وعراب الإبل والبخاتيّ.

والطيور أجناس ، والحمام مختلف باختلاف أسمائه ، وكذا السموك.

واللحم مخالف للشحم ، وفي اتّحاد الألية والشحم خلاف ، ولبن كلّ جنس مخالف للآخر.

واللبن وما يستخرج منه جنس حتّى المخيض.

والأدهان تابعة لأصولها ، فالسمسم وما يعمل منه أو يضاف إليه كدهن البنفسج جنس ، وكذا بزر الكتّان.

والمعمول من جنسين يباع بهما أو بأحدهما مع زيادة من جنسه أو ضميمة من غيره ، أو بغيرهما.

الثاني : الكيل والوزن ، فلا ربا في غيرهما وإن كان معدودا ، فيجوز بيع

__________________

(١) أي شمول اللّفظ الخاصّ لهما.

٤٠٧

الثوب بالثوبين ، والبيضة بالبيضتين ، ويكره نسيئة ، وبيع دجاجة فيها بيضة بمثلها ، وبدجاجة أو بيضة ، (١) وشاة في ضرعها لبن بمثلها أو بخالية أو بلبن.

ويكره بيع اللحم بالحيوان وإن تماثلا.

والاعتبار بما كان مكيلا أو موزونا في عصره صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ولا اعتبار بالعرف الطارئ ، نعم لو جهل حاله اعتبر العرف ، فإن اختلف فلكلّ بلد عرفه.

ولا ربا في الماء ، والحجارة ، والتراب إلّا الطين الأرمني ، ولا يخرج عن المكيل والموزون بالقلّة والكثرة كحبة حنطة وزبرة من حديد ، ويخرج بالصنعة إذا لم يتعدّ وزنه كالآلة والأبنية من الحديد أو الصّفر.

ولا يجوز بيع المكيل بجنسه وزنا أو جزافا ، ولا الموزون بجنسه كيلا أو جزافا.

وإذا اتّحد الجنس واختلف التقدير ، كالحنطة المقدّرة بالكيل ، والدقيق المقدّر بالوزن ، جاز بيع أحدهما بالآخر وزنا لا كيلا (٢).

ويشترط اعتبار التساوي في الرطوبة واليبوسة ، فيباع الرّطب بمثله والتمر كذلك ، ولا يباع الرطب بالتمر متساويا ومتفاضلا ، وكذا العنب بالزبيب ، وكلّ يابس برطب ، ورخّص بيع الخلّ (٣) بمثله ، وكذا الخبز ، وإن احتمل اختلاف الرطوبة فيهما.

__________________

(١) في « ج » : أو ببيضة.

(٢) في « أ » : « وكيلا » قال العلّامة في القواعد : ٢ / ٦٢ : لو كانا في حكم الجنس الواحد واختلفا في التقدير كالحنطة المقدّرة بالكيل والدقيق المقدّر بالوزن احتمل تحريم البيع بالكيل أو بالوزن للاختلاف قدرا ، وتسويغه بالوزن.

(٣) في « أ » : « بيع الخيار » ولعلّه مصحّف.

٤٠٨

البحث الثاني : في حكمه

لا يقدح في المساواة ممازجة ما جرت العادة بمثله كقفيز حنطة فيه تراب أو زوان (١) بقفيز خال ، ويجوز بيع جنسين ربويّين بأحدهما مع زيادة تقابل الآخر ، كبيع مدّ ودرهم بمدّين ، أو بدرهمين ، أو بمدّين ودرهمين ، أو بمدّ ودرهمين أو بمدّين ودرهم ، ولا يشترط قصد المخالفة.

وقد يتخلّص من الربا بأن يبيع كلّ واحد سلعته من صاحبه بثمن ويتقاصّان ، أو يبيعه بالمساوي ويهبه الزائد ، أو يهب كلّ واحد سلعته من الآخر ، أو يتقارضان ويتبارءان (٢) ، كلّ ذلك من غير شرط ، وكذا إذا ضمّ إلى الناقص شيئا.

ولا يشترط في الضّميمة أن تكون ذات وقع فلو ضم فلسا إلى مائة درهم ثمنا لمائتين جاز.

ورخّص الربا بين الوالد وولده دون الجدّ والأمّ ، وبين الزّوجين دون المتعة ، وبين المولى وعبده المختصّ دون المشترك ، وبين المسلم والحربيّ دون الذميّ ، وينعكس الجميع إلّا الأخير.

ويجب ردّ الرّبا على مالكه أو وارثه مع العلم بالتحريم لا مع الجهل ، ويحتمل ردّه مع بقائه ، ولو جهل المالك دون القدر تصدّق به ، وبالعكس يصالحه ، ولو جهلهما أخرج خمسه.

والقسمة تمييز فتصحّ في الرّبوي وإن تفاضلا ، ويجوز أن يأخذ أحدهما الرطب والآخر التمر.

__________________

(١) الزّوان والزّوان : ما يخرج من الطعام فيرمى به ، وهو الرّدي‌ء منه ، وخصّ بعضهم به الدوسر.

لاحظ لسان العرب.

(٢) يبرئ كلّ ذمّة الآخر.

٤٠٩
٤١٠

كتاب الديون

وتوابعه

وفيه مطالب :

٤١١
٤١٢

[ المطلب ] الأوّل : في الدّين

وفيه فصول :

الأوّل : يكره الدين اختيارا ، وتخفّ الكراهية إذا كان له مال بإزائه ، وتزول مع الضرورة ، لكن يقتصر على حاجته.

وقبول الصدقة للمستحقّ أولى من التعرض له.

ويجب فيه القضاء والسعي له ، والاقتصاد في النفقة لا التقتير ، ويحرم التبذير.

ويكره نزول صاحب الدّين على الغريم ، والإقامة عنده أكثر من ثلاثة أيّام.

ويستحبّ احتساب هديته من الدّين ، ولا سيّما إذا لم تجر عادته بها.

وتحتسب العروض بقيمتها يوم القبض.

ويجب دفع ما يفضل عن دار سكناه ، وثياب البدن والخادم ، وفرس الركوب ، وقوت يوم وليلة له ولعياله الواجبي النفقة مع الحلول.

ولو باع أحدها جاز أخذ ثمنه ، ويتضيّق الوجوب مع المطالبة.

وتصحّ معها العبادة الموسّعة المنافية في أوّل وقتها ، وكذا الحقوق الواجبة كالزّكاة والخمس.

٤١٣

وإذا غاب المدين غيبة منقطعة وجبت نيّة القضاء والعزل عند الوفاة ، والوصية بإيصاله إليه أو إلى وارثه ، وإذا جهله اجتهد في طلبه ، ومع اليأس يتصدّق به عنه ويضمن.

وتحرم مطالبة من التجأ إلى الحرم ، إلّا أن يكون استدان فيه ، ومطالبة المعسر وحبسه مع ثبوت إعساره ، أو علم المدين به.

ولو خشى الحبس باعترافه جاز الإنكار ، ويحلف مورّيا ، ويجب القضاء مع اليسر.

ولا يتعين الدّين ملكا لصاحبه إلّا بقبضه ، فلا تصحّ المضاربة به قبله لا للمديون ولا لغيره ، فالربح كلّه للمديون إن كان هو العامل ، وإلّا فللمدين وعليه الأجرة.

ولو باع الذمّيّ ما لا يملكه المسلم جاز له أخذ ثمنه عن حقّه ، ولو باعه المسلم أو الحربيّ لم يجز.

ولا يجب دفع المؤجّل قبل حلوله ولا قبضه لو دفعه وإن انتفى الضرر ، ويجب عند حلوله ، فإن امتنع صاحبه دفعه إلى الحاكم ، وبرئ ، ولو تعذّر فهلك فهو من صاحبه ، وكذا إذا حلّ السّلم فامتنع المشتري من أخذه ، وكذا كلّ حقّ حالّ أو حلّ وامتنع صاحبه من قبضه.

ولصاحب الدين الحالّ منع المديون من السفر ، وليس له ذلك في المؤجّل وإن حلّ قبل الرجوع ، ولا المطالبة بكفيل ، وكذا السّفر معه ليطالبه عند الأجل إلّا أنّه لا يلازمه.

٤١٤

ويبرأ المديون بقضاء المتبرّع ، ويجب قبضه.

وتحلّ الدّيون المؤجّلة بموت المديون لا بموت المدين.

ولا يبطل الحقّ بتأخير المطالبة وإن طالت المدّة.

ولا تجوز قسمة ما في الذّمم بل الحاصل لهما والتاوي (١) منهما ، ولو اصطلحا على ذلك جاز.

الفصل الثاني

[ في ] بيع الدين

لا يجوز بيع الدين بدين آخر ، ويصحّ بيع الدين الحالّ والمؤجّل بعد حلوله على المديون وغيره ، بحاضر أو مضمون لا بالمؤجّل ، ولا يجوز بيع المؤجّل قبل حلوله مطلقا ، وقيل (٢) : يباع على من هو عليه بالحالّ لا بالمؤجّل.

ويشترط في الربويّ إذا بيع بجنسه تساويهما والحلول.

وإذا بيع الدين بأقلّ منه لم يلزم الغريم أكثر من الثمن إلّا أن يكون بعقد صلح فيجب الجميع ، وهل يكون مضمونا على البائع قال الشيخ : نعم. (٣)

ولا يجوز بيع أرزاق السلطان والسهم من الزكاة والخمس قبل قبضها.

__________________

(١) التّوى ـ مقصور ويمدّ ـ : هلاك المال ، يقال : توي المال ـ بالكسر ـ : هلك. مجمع البحرين.

(٢) القائل هو العلّامة في التذكرة : ٢ / ٣ الطبعة القديمة ، والقواعد : ٢ / ١٠٦.

(٣) لاحظ النهاية : ٣١٠ ـ ٣١١.

٤١٥

الفصل الثالث

في دين المملوك

لا يملك العبد شيئا وإن ملّكه مولاه ، ولا يشتري ولا يقترض بغير إذنه ، فإن بادر وقف على الإجازة ، ومع عدمها يرجع صاحب العين فيها ، فإن تلفت في يد العبد أتبع بالمثل أو القيمة ، ولو تلفت في يد المولى تخيّر المالك في مطالبة المولى وإتباع المملوك إذا عتق.

وإذا أذن له في التجارة جاز ولا يتعدّى الإذن إلى عبده ، وله أن يفعل كلّما يتعلّق بالتجارة أو يستلزمها ، (١) ويقتصر على ما حدّ له من النوع والمدّة ، ولا يصير مأذونا بسكوته عند التصرّف ولا بدعواه ، بل بتصديق السّيد ، أو البيّنة ، أو بالشياع على توقّف.

ولا يبيع ولا يشتري إلّا بالنقد ، فإن أذن له في النسيئة كان الثمن في ذمّة المولى ، فلو تلف ضمن المولى عوضه ، وإذا اشترى تعلّق الثمن بما في يده من مال التجارة ، ويقبل إقراره بما يتعلّق بها ، فإن كان بقدر ما في يده قضي منه وإلّا أتبع بالزائد.

ولا يتعدّى الإذن إلى ما يكتسبه بالاحتطاب وشبهه ، وينعزل بالبيع لا بالإباق ، ولا يتبع على سيّده ، ولا يشتري منه بخلاف المكاتب ولا يتصدّق ولا ينفق على نفسه إلّا بإذنه.

ولو استدان لأجل التجارة صحّ ولزم المولى ، ولو استدان لغيرها فإن أذن

__________________

(١) في « ب » : أو أن يستلزمها.

٤١٦

المولى لزمه أيضا وإن أعتقه أو باعه ، ولو مات كان كديونه ، وإن لم يأذن لزم ذمّة العبد ، ويتبع به إن أعتق وإلّا ضاع ولا يستسعى إن كان (١) المدين جاهلا بالرقية ، وكذا قيمة المتلفات.

الفصل الرابع

في القرض

وفيه أجر كثير ، (٢) حتّى أنّ ثوابه ضعف الصدقة ، وفيه مباحث :

الأوّل : لا بدّ فيه من إيجاب من أهله مثل أقرضتك ، أو ملّكتك وعليك ردّ عوضه ، أو خذه أو تصرّف فيه ، أو انتفع به وعليك ردّ مثله ، ومن قبول وهو ما يدلّ على الرّضا قولا أو فعلا.

ويجوز للوليّ إقراض مال الطفل للمصلحة ، ويجب الرهن إن وجد.

ولا يجوز اشتراط الزّيادة في العين أو الصفة وإن لم يكن ربويّا ، وفي حكم الزيادة أن يشترط فيه رهنا على دين آخر أو كفيلا كذلك.

ومنها أن يشترط عليه بيعا أو إجارة بدون عوض المثل.

ومنها اشتراط الصحاح بدل المكسّرة ، (٣) واشتراط النقد بدل المصوغ وبالعكس ، واشتراط الخالص بدل المغشوش ، واشتراط المرغوب فيه دون غيره.

__________________

(١) في « ب » و « ج » : وإن كان.

(٢) في « أ » : أجر كبير.

(٣) في « ب » و « ج » : المكسورة.

٤١٧

وإذا شرط الزيادة بطل ولم يفد الملك ، ولو تبرّع بها المقترض جاز.

وليس من الزيادة اشتراط الرهن أو الضّمين ، أو ردّه بأرض أخرى ، أو قرض أو إجارة أو بيع.

ولا محاباة فيها ، ويجوز اشتراط النّقيصة في القدر والوصف ، ولا يلزم اشتراط الأجل ، ولا تأجيل الدّين الحالّ ، مهرا كان أو غيره إلّا أن يشترطه في عقد لازم ، أو بعقد صلح أو بنذر وشبهه.

ولو شرط تعجيل المؤجّل بوضع بعضه ، أو أداء القرض في مكان معيّن جاز وإن كان في حمله مئونة.

ولو أطلق انصرف إلى مكان القرض ، ثمّ إن طالب المقرض أو دفع المقترض في غيره لم يجبر الممتنع ( وكذا كلّ دين حالّ أو حلّ ). (١)

الثاني : في المحلّ : وهو كلّ عين مقدّرة بالكيل أو الوزن أو العدّ ، ويجوز اقتراض الخبز وزنا وعددا مع عدم التفاوت الكثير ، ولو أقرضه المكيل أو الموزون أو المعدود جزافا أو بمكيال غير عامّ لم يصحّ ، ويضمن القابض.

ويجوز اقتراض المثليّ وغيره كالجواري ، ويثبت في الذمّة المثل في المثليّ ، فإن تعذّر وجبت القيمة يوم المطالبة ، والقيمة في القيمي وقت القرض.

الثالث : في حكمه : يملك المقترض بالقبض ، ولا يتوقّف على التصرّف ، فيعتق عليه من ينعتق بالملك ، وله وطء الأمة ، وتصير أمّ ولد بالحمل.

وله دفع المثل أو القيمة مع وجود العين ، ودفعها في المثلي وإن نقصت

__________________

(١) ما بين القوسين يوجد في « أ ».

٤١٨

السّعر ، والمطالبة بالجميع وإن فرق القرض وبالعكس.

وللمقترض التفريق وإن اقترض دفعة ، ويجب قبول البعض ثمّ يطالب بالباقي.

ولو دفع ما يشتمل على الحقّ وزيادة ، وجعل الزيادة أمانة لم يجب القبول ، ولو جعلها عن دين آخر وجب.

ولو سقطت المعاملة بالنقد المقترض فليس على المقترض إلّا مثله ، (١) فإن تعذّر فالقيمة عند التعذّر من غير الجنس.

ولو سقطت بعد البيع فليس على المشتري إلّا النقد الأوّل.

__________________

(١) في الدروس : ٣ / ٣٢٣ : لو سقطت المعاملة بالدراهم المقرضة فليس على المقترض إلّا مثلها.

٤١٩

المطلب الثاني : في الرهن

وفيه فصول :

[ الفصل ] الأوّل :

في حقيقته

وهو وثيقة لدين المرتهن ، ويجوز سفرا وحضرا.

ولا بدّ فيه من إيجاب مثل رهنت ، أو هذا رهن أو وثيقة لدينك ، وقبول وهو ما دلّ على الرّضا بالإيجاب ، وتكفي إشارة الأخرس فيهما ، ولا يقوم شرط الرهن في عقد البيع مقام القبول وإن قلنا بجواز تقديمه على الإيجاب.

وهو عقد لازم من جهة الراهن خاصّة ، فلو أدّى ، أو أبرأه المرتهن أو أسقط حقّه بطل ، وصار الرّهن أمانة محضة يقبل قوله في الردّ ، ولا يجب دفعه إلّا مع المطالبة.

ولو شرط ما يقتضيه العقد جاز مثل اشتراط بيعه في الدين والتقدّم به ومنع الراهن من التصرّف لا ما ينافيه كمنع المرتهن من بيعه في حقّه ، أو لا يبيعه إلّا بقدر معيّن.

٤٢٠