معالم الدين في فقه آل ياسين - ج ١

شمس الدين محمد بن شجاع القطان الحلّي

معالم الدين في فقه آل ياسين - ج ١

المؤلف:

شمس الدين محمد بن شجاع القطان الحلّي


المحقق: الشيخ ابراهيم البهادري
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة الإمام الصادق عليه السلام
المطبعة: مؤسسة الإمام الصادق عليه السلام
الطبعة: ١
ISBN: 964-357-049-5
الصفحات: ٦٢٤
الجزء ١ الجزء ٢

الثالث : استلامه ببدنه ، فإن تعذّر فبيده ، فان منع أشار بها ، ومع فقدها يشير إليه.

ويستلم الأقطع بموضع القطع.

الرابع : المشي.

الخامس : الاقتصاد فيه ، وقيل : يرمل الثلاثة (١) الأول في طواف القدوم.

السادس : استلام الأركان كلّها ، وآكدها العراقي واليماني ، وتقبيلهما.

السابع : التداني من البيت.

الثامن : الدّعاء بالمرسوم (٢) وتلاوة القرآن.

التاسع : التزام المستجار في السابع ، وبسط يديه على حائطه ، وإلصاق خدّه وبطنه به ، وذكر ذنوبه ، والدعاء بالمأثور ، والاستغفار ، ولو تجاوزه رجع والتزم.

العاشر : الطواف ثلاثمائة وستّين طوافا ، فإن عجز فثلاثمائة وستّون شوطا ، ويجعل الأخير عشرة أو يزيد أربعة.

ويكره الكلام في خلاله بغير القرآن والدعاء.

__________________

(١) القائل هو العلّامة في القواعد : ١ / ٤٢٨ ، قال : « يرمل ثلاثا ويمشي أربعا في طواف القدوم ».

وقال المحقّق الكركي : الرّمل محرّكا : هو الإسراع في المشي مع تقارب الخطى ، دون الوثوب والعدو ويسمّى الخبب ، والمراد بطواف القدوم : أوّل طواف يأتي به القادم إلى مكّة. جامع المقاصد : ٣ / ١٩٩.

(٢) في « أ » : بالمرقوم.

٢٤١

المبحث الثالث : في أحكامه

الطواف ركن يبطل النسك بتركه عمدا ، ولو نسيه قضاه ، ولو تعذّر عوده استناب ، ويجب تقديمه على السّعي في الحجّ والعمرة ، ولو أخّره أعاد ثمّ يسعى ، ولو ذكر في السعي أنّه لم يطف طاف ثمّ استأنف السّعي ، وكذا لو ذكر في السّعي نقصانه ولم يتجاوز النصف ، ولو تجاوز رجع فأتمّه ، ثمّ أتمّ السعي ، وإن كان شوطا.

ويحرم لبس البرطلة (١) في الطواف مطلقا ، والقران في الفريضة ، ولو طيف بالمعذور ثمّ برئ لم يعده.

ولو نذره على أربع لم ينعقد ، وإن كان امرأة ، ويحتمل انعقاد الطواف دون القيد.

المطلب الثالث : [ في ] السّعي

وفيه مباحث :

الأوّل : في مقدّماته

وكلّها مستحبّة ، وهي الطهارة ، واستلام الحجر ، والشرب من زمزم ، والصبّ على جسده من الدلو المقابل للحجر ، والخروج من باب الصفا ، والصّعود عليه ، وإطالة الوقوف عليه ، والتكبير سبعا ، وكذا التهليل ، والدعاء

__________________

(١) قال في جامع المقاصد : ٣ / ٢٠٥ : البرطلة ـ بضمّ الباء والطاء المهملة وإسكان الراء وتشديد اللّام مع الفتح ـ : هي قلنسوة طويلة كانت تلبس قديما ، وروي أنّها من زيّ اليهود.

٢٤٢

بالمأثور ، وأن يقول ثلاثا : « لا إله إلّا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد ، يحيي ويميت ، وهو حيّ لا يموت ، بيده الخير وهو على كلّ شي‌ء قدير ».

الثاني : في الكيفيّة

والواجب تسعة :

الأوّل : النيّة : ويجب أن يقصد به عمرة التمتّع لوجوبه قربة إلى الله تعالى ، مقارنة لأوّله ، مستدامة الحكم.

الثاني : البدأة بالصّفا بأن يصعد عليه أو يلصق عقبه (١) به.

الثالث : الختم بالمروة بأن يصعد عليها أو يلصق أصابع قدميه بها.

الرابع : سعيه في الطريق المعهود ، فلو انتهى إلى المروة أو إلى الصفا بغيره لم يجزئ.

الخامس : استقبال المقصد (٢) بوجهه ، فلو مشى القهقرى لم يصحّ.

السادس : إكمال سبعة أشواط ، من الصّفا إليه شوطان ، فلو زاد على السبعة عمدا أعاد ، ولو كان سهوا قطع أو أكمل اسبوعين ، ولا يستحبّ السعي إلّا هنا ، فلو نقص شوطا أو بعضه أتى به ، فإن رجع إلى أهله وجب العود ، فإن تعذّر استناب.

السابع : إيقاعه بعد الطواف ، فلو قدّمه أعاده.

الثامن : تأخيره عن الركعتين ، فيعيد لو قدّمه.

__________________

(١) في « أ » و « ج » : عقبيه.

(٢) في « ب » و « ج » : المقصود.

٢٤٣

التاسع : إيقاعه في يوم الطواف مع القدرة ، فلو أخّره أثم وأجزأ ، ويستحبّ المشي معه مع القدرة ، والهرولة للرجل ما بين المنارة وزقاق العطّارين ، ماشيا كان أو راكبا ، ولو نسيها رجع القهقرى فتداركها ، والدّعاء في أثنائه.

الثالث : في أحكامه

السّعي ركن يبطل النسك بتركه عمدا ، ولو نسيه أتى به ، فإن تعذّر استناب ولو لم يحصّل عدده بطل ، وكذا لو حصّله وشكّ فيما بدأ به وكان في الفرد على الصّفا وفي الزوج على المروة ، وبالعكس يصحّ (١) والشكّ فيه كالطواف.

ولو ظنّ الكمال في عمرة التمتّع فأحلّ وواقع ، ثمّ ذكر النقص أتمّه ، وكفّر ببقرة ، وكذا لو قلّم ظفره أو قصّ شعره.

ويجوز قطعه لصلاة فريضة أو لحاجة له ولغيره ، ثمّ يعود فيتمّ ، ولا يشترط مجاوزة النّصف ، (٢) والجلوس خلاله للراحة ، والركوب.

الرابع : [ في ] التقصير

وهو نسك ، ومحلّه مكة ، ويستحبّ على المروة ، وزمانه بعد السّعي فيقصّر شيئا من شعر رأسه أو بدنه ، ويجزئ القرض والنتف ، وقصّ بعض الأظفار ، ويجب مسمّاه ، ولا يجزئ الحلق بل يحرم ، ويجب به شاة إن تعمّد

__________________

(١) في « أ » : صحّ.

(٢) في « ج » : تجاوز النّصف.

٢٤٤

ويمرّ الموسى على رأسه يوم النحر ، وينوي به (١) التحلّل لوجوبه قربة إلى الله تعالى ، ويحلّ به ما حرّم عليه.

ويستحبّ له التشبّه بالمحرمين في ترك المخيط.

ولو أحرم بالحجّ قبله عامدا بطلت متعته ، وصارت حجّة مفردة ، ولو كان ناسيا لم يبطل وعليه دم استحبابا.

ولو جامع قبله عامدا ، وجب على الموسر بدنة ، والمتوسّط بقرة ، والمعسر شاة.

ويكره له الخروج من مكّة قبل أن يحرم بالحجّ إلّا لضرورة.

__________________

(١) في « أ » : « فيه ».

٢٤٥

القول في حجّ التمتع

وفيه مطالب :

الأوّل : [ في ] الإحرام

وهو ركن يبطل الحجّ بتركه عمدا ، ولو نسيه حتّى أكمل مناسكه فقد تمّ حجّه ، ومحلّه مكّة ، وأفضلها المسجد ، وأفضله المقام أو تحت الميزاب ، فلو أحرم من غيرها عمدا بطل ، واستأنفه بها ، وناسيا يعيده فيها. وإن دخلها بإحرامه ، فإن تعذّر فحيث يمكن ولو بعرفة ، ولا يسقط الدم.

ووقته يوم التروية استحبابا ، وأفضله عند الزوال عقيب الظهرين ، ومقدّماته وكيفيّته وأحكامه وتروكه كما مرّ ، إلّا أنّه ينوى به حجّ التمتّع.

ويستحبّ للماشي التلبية في موضع الإحرام ، وللراكب إذا ثار به بعيره ، ورفع الصوت بها إذا أشرف على الأبطح ، وتكرارها إلى زوال شمس عرفة.

المطلب الثاني : في نزول منى

وحدّها من العقبة إلى وادي محسّر ، ويستحبّ الخروج إليها يوم التروية إلّا لمن يضعف عن الزّحام ، فالإمام قبل الزوال يصلّي الظهرين بها وغيره بعد الصلاة في المسجد ، والدعاء عند التوجّه وعند دخولها وخروجه منها والمبيت بها إلى الفجر ، وليس بنسك ، ولا يقطع وادي محسّر حتّى تطلع الشمس.

ويكره الخروج منها قبل الفجر إلّا للمضطرّ.

٢٤٦

ويستحبّ للإمام الإقامة بها إلى طلوع الشمس ، وأن يخطب يوم السابع ، ويوم عرفة ويوم النحر بمنى ويوم النفر الأوّل ، ويعلّم النّاس مناسكهم.

المطلب الثالث : في الوقوف بعرفة

وفيه مباحث :

الأوّل : في حدّ عرفة ، وهو من بطن عرنة وثويّة ونمرة إلى ذي المجاز ، فلو وقف بهذه الحدود أو بغيرها كتحت الأراك بطل حجّه ، وأفضل عرفة السّفح في ميسرة الجبل ، ويكره الوقوف عليه إلّا عند الضرورة.

ويستحبّ أن يضرب خباءه بنمرة.

الثاني : في كيفيّة ،والواجب النيّة ، وهي أن يقصد به ما أحرم له لوجوبه قربة إلى الله تعالى ، مستدامة الحكم إلى الغروب ، والكون بعرفة من زوال الشمس إلى الغروب ، والركن منه مسمّاه وإن كان سائرا ، فلو أفاض قبله عامدا عالما جبره ببدنة ، فإن عجز صام ثمانية عشر يوما ، ولو كان جاهلا أو ناسيا لم يلزمه شي‌ء.

ولا يجب (١) الكون بها كلّ الوقت بل لا ينفر حتّى الغروب ، فلو أدرك عرفة قبل الغروب بلحظة أجزأه ، ولو تعذّر الوقوف نهارا ، وقف ليلا في أيّ وقت شاء.

ولا يجب الكون إلى الفجر بل مسمّى الحضور وإن كان مختارا ، ولا يصحّ مع الجنون والإغماء والسكر والنوم ، ولا يضرّ تجدّده في الوقت.

__________________

(١) في « أ » : ولا يلزم.

٢٤٧

والندب أن يغتسل ويجمع رحله ، ويسدّ الخلل به وبنفسه ويقف في السّهل ، ويدعو بالمرسوم وبغيره له ولوالديه وللمؤمنين ، ويكون قائما ، ويكره قاعدا وراكبا.

الثالث : في أحكامه : الوقوف ركن يبطل الحجّ بتركه عمدا ، فلو تركه ناسيا أو لعذر تداركه ليلا ، ولو ترك الاضطراريّ عامدا بطل حجّه ، ولو تركه لعذر أو نسيه اجتزأ بالمشعر ، وكذا لو خاف فوات المشعر به.

ويدرك الحجّ بإدراك الاختياريين وبأحدهما وبالاضطراريين ، لا بأحدهما وباضطراريّ واختياريّ.

المطلب الرابع : في الوقوف بالمشعر

وفيه مباحث :

الأوّل : في حدّه

وهو ما بين المأزمين إلى الحياض إلى وادي محسّر ، (١) ومع الزحام يجوز الوقوف على الجبل.

ويستحبّ الاقتصاد في سيره ، والدّعاء إذا بلغ الكثيب الأحمر عن يمين الطريق ، وتأخير العشاءين إلى المزدلفة ولو بربع الليل ، والجمع بينهما بأذان وإقامتين ، ولو منع صلّى في الطريق.

__________________

(١) في « أ » : « إلى حياض وادي محسّر ». قال العلّامة في القواعد : ١ / ٤٣٦ : « وحدّه ما بين المأزمين إلى الحياض إلى وادي محسّر ».

٢٤٨

الثاني : في كيفيّته

وفيه مسائل :

الأولى : النيّة واستدامتها حكما ، ويجب أن يقصد بها ما أحرم له (١) لوجوبه قربة إلى الله تعالى.

الثانية : المبيت به إلى طلوع الفجر ، فلو أفاض قبله عامدا جبره بشاة وصحّ حجّه إن كان وقف بعرفات نهارا ، ولا شي‌ء على المرأة والناسي والخائف.

الثالثة : الوقوف بعد الفجر إلى طلوع الشمس ويجب استدامة النية ، (٢) فلو أفاض قبله أثم وصحّ حجّه إن كان وقف بعرفة ، ولو فاته ناسيا أو لعذر تداركه قبل الزوال.

وتشترط السلامة من الجنون والإغماء والنوم والسكر في بعض الوقت ، فلو استوعب بطل.

الثالث : في أحكامه

الوقوف بالمشعر ركن ، فلو تركه عامدا بطل حجّه ، ولو تركه ناسيا صحّ إن كان وقف بعرفات اختيارا ، ولو نسيهما معا بطل حجّه ، والركن فيه مسمّاه ، وكذا في الاضطراريّ وإن كان سائرا.

__________________

(١) في « ب » و « ج » : أن يقصد بها إلى ما أحرم له.

(٢) في « ب » و « ج » : ويجب استئناف النيّة.

٢٤٩

ويستحبّ الوقوف بعد صلاة الفجر ، والدّعاء بالمرسوم ، والصلاة على النّبيّ وآله ، ووطء الصرورة المشعر برجله ، والصعود على قزح ، وذكر الله عليه ، والإفاضة قبل طلوع الشمس ، ولا يجاوز وادي محسّر حتّى تطلع ، ولا يفيض الإمام إلّا بعد طلوعها ، والهرولة في وادي محسّر وهو يقول : « اللهمّ سلّم لي عهدي ، وأقبل توبتي ، وأجب دعوتي ، واخلفني فيمن تركت بعدي » ، ولو ترك الهرولة رجع فتداركها.

المطلب الخامس : في مناسك منى يوم النحر

وهي ثلاثة :

[ النّسك ] الأوّل : [ في ] الرّمي

وفيه مسائل :

الأولى : المرمى :وهو جمرة العقبة ، فلو رمى غيرها لم يجزئ.

الثانية : الرّامي وهو الحاج مطلقا دون المعتمر ويستحبّ له الطهارة ، والدعاء ، والتباعد عشرة أذرع إلى خمسة عشر ذراعا ، وكونه راجلا ، والدعاء ، والتكبير مع كلّ حصاة ، واستقبال الجمرة ، واستدبار القبلة.

الثالثة : المرمي به ، وهو الحصى ، ويجب أن يكون أبكارا من الحرم عدا المساجد ، ويستحب التقاطه من جمع ، وأن يكون برشا ، رخوة ، بقدر الأنملة ، كحيلة ، منقطة.

ويكره الصّلبة ، والمكسّرة ، والسود ، والبيض ، والحمر.

٢٥٠

الرابعة : الرّمي ، ويشترط فيه أمور :

الأوّل : النيّة ، ويجب أن يتعرّض للأداء والعدد.

الثاني : إصابة الجمرة بفعله ، فلو شاركه غيره في الابتداء أو الأثناء لم يجزئ.

الثالث : إصابتها بما يسمّى رميا ، فلو وضع الحصاة على الجمرة من غير رمي ، أو وضعها على شي‌ء فانحدرت على الجمرة لم يجزئ ، أمّا لو رمى فأصابت شيئا ثمّ أصابت الجمرة أجزأ ، ولو شك في الإصابة أعاد.

الرابع : تفريق الرّمي لا الإصابة ، فلو رمى اثنتين دفعة حسبت واحدة وإن تتابعت الإصابة ، ولو تتابع الرّمي فهما اثنتان وإن اتّفقت الإصابة.

الخامس : المباشرة ، فلو استناب لم يجزئ إلّا لعذر كالمرض والغيبة.

السادس : إكمال سبع حصيات يقينا ، فلو شكّ فيه بنى على الأقلّ ، ويستحبّ الرّمي خذفا. (١)

__________________

(١) قال في جامع المقاصد : ٣ / ٢٣٥ : « فسّره المعظم : بأن يضع الحصاة على بطن إبهام يده اليمنى ، ويدفعها بظفر السبّابة ، وفسّره السيّد : بأن يضعها على إبهام يده اليمنى ويدفعها بظفر الوسطى ، وفي الصحاح أنّه الرّمي بأطراف الأصابع ».

٢٥١

[ النّسك ] الثّاني : [ في ] الذبح

وفيه فصول :

الأوّل : في هدي التمتّع

وفيه مباحث :

الأوّل : في وجوبه

ويجب على المتمتّع دون غيره مفترضا كان أو متنفّلا مكيا أو لا ، وعلى المملوك المأذون ، ولمولاه أن يأمره بالصوم ، فإن أعتق قبله تعيّن الهدي ، والمعتق قبل أحد الموقفين يلزمه الهدي ، ومع العجز الصوم.

ولا يجزئ الواحد إلّا عن واحد ، ويجزئ في المندوب عن سبعة ذوي خوان واحد.

ولا تباع ثياب التجمّل فيه ، ولو تكلّفه جاز.

الثاني : في صفاته

وهي أربعة :

الأوّل : كونه من النّعم ، وأفضله الإبل ، ثمّ البقر ، ثمّ الغنم.

الثاني : كونه ثنيّا ، وهو من الإبل ما دخل في السادسة ، ومن البقر والغنم ما دخل في الثانية ، ويجزئ الجذع من الضأن ، ويستحبّ من الإبل والبقر الإناث ومن الغنم الذكران.

٢٥٢

الثالث : الكمال فلا تجزئ العوراء ، والجرباء ، والعضباء (١) والعرجاء البيّن عرجها ، والمريضة ، ومقطوعة الأذن ، ومكسورة القرن الداخل ، ولا الخصيّ ، ويكره الموجوء (٢) والجمّاء خلقة ، والصمعاء وهي فاقدة الأذن خلقة.

الرابع : السمن ، وهو أن يكون على كليتها شحم ، ويكفي الظنّ ، فلو اشتراها على أنّها سمينة فبانت مهزولة أجزأت وكذا بالعكس ، ولو ظنّ التمام فبانت ناقصة لم تجزئ بخلاف العكس.

ويستحبّ كونها تنظر في سواد وتمشى في سواد ، وتبرك في مثله ، أي لها ظلّ ، وهو كناية عن السّمن ، وأن تكون ممّا عرّف به. (٣)

الثالث : في ماهيّة الذبح

وتجب النيّة في النّحر والذبح ، وتجزئ الاستنابة ، والمباشرة أفضل ، ودونه جعل يده مع يد الذابح ، ومكانه منى ، وزمانه يوم النحر ، فلو أخّره لا لعذر أجزأ في ذي الحجّة وأتم ، ومع العذر لا إثم ، ولو ضلّ فذبح غيره (٤) لم يجزئ.

ويستحبّ نحر الإبل قائمة قد ربطت بين الخف والركبة ، وطعنها من الجانب الأيمن ، والدّعاء ، وقسمته أثلاثا ، ويجب الأكل منه.

__________________

(١) العضباء بالمدّ : مكسورة القرن الداخل أو مشقوقة الأذن. مجمع البحرين.

(٢) قال العلّامة في التذكرة : ٨ / ٢٦٤ : ويكره الموجوء ، وهو مرضوض الخصيتين.

(٣) قال العلّامة في التذكرة : ٨ / ٢٦٧ : ويستحبّ أن يكون الهدي ممّا عرّف به ، وهو الّذي أحضر عرفة عشيّة عرفة إجماعا لقول الصادق عليه‌السلام : لا يضحى إلّا بما قد عرّف به ....

(٤) في « أ » : فذبح عنه.

٢٥٣

الرابع : في البدل

لو فقد الهدي ووجد الثمن ، خلّفه عند من يشتريه ويذبحه عنه في ذي الحجّة ، ولو تعذّر ففي القابل فيه ، ولو فقدهما صام ثلاثة أيام في الحجّ وسبعة إذا رجع إلى أهله ، ولو جاور بمكّة انتظر الأقلّ من مضيّ شهر ووصوله إلى بلده.

ويجوز صوم الثلاثة من أوّل ذي الحجّة ( بعد التلبّس بالمتعة وإن أحلّ من العمرة ، ويجوز في باقي ذي الحجّة ) (١) ، فإن خرج ولم يصم تعيّن الهدي في القابل بمنى.

ولو وجد الهدي بعد التلبية لم يجب الهدي بل يستحبّ ، ولو مات قبل الصوم صام الوليّ العشرة ، ولو لم يصل إلى بلده.

ويجب تتابع الثلاثة إلّا أن يكون الثالث العيد ، فيأتي به بعد النفر ، ولو كان الثاني صام الجميع بعد النفر ، ويجوز تفريق السبعة.

ولو مات بعد وجوب الهدي أخرج من أصل تركته.

الفصل الثاني : في هدي القران

وهو ما يسوقه المحرم في إحرام الحجّ أو العمرة ، وهو مستحبّ بأصل الشرع ، ولا يخرج عن ملكه ، لكن إذا ساقه فلا بدّ من ذبحه أو نحره بمنى للحاجّ ، وبمكّة للمعتمر بالحزورة ، (٢) وزمانه يوم النحر ، فلو أخّره أثم وأجزأ ، ولا تجب

__________________

(١) ما بين القوسين يوجد في « ب » و « ج ».

(٢) بفتح الحاء المهملة ، وإسكان الزاي وتخفيف الواو المفتوحة ، والراء بعدها ، وزان « قسورة » :

موضع كان به سوق مكّة بين الصفا والمروة. مجمع البحرين.

٢٥٤

الصدقة به ، ولو عجز ذبحه أو نحره مكانه ، وأعلمه ، ويجوز إبداله ما لم يشعره أو يقلّده ، والتصرف فيه وإن أشعره أو قلّده ، وشرب لبنه ما لم يضرّ (١) به أو بولده.

ولو انكسر جاز بيعه ، وتستحبّ الصدقة بثمنه أو إقامة بدله ، ولو هلك لم يجب بدله إلّا إذا كان مضمونا.

ولو ضلّ فأقام بدله ثمّ وجده ، ذبحه دون بدله ، ولو وجده بعد (٢) ذبح البدل استحبّ ذبحه.

ولو ضلّ فذبح عن صاحبه أجزأ إن ذبح في محلّه.

ويستحبّ الأكل منه ، وهديّة ثلثه ، والصدقة بثلثه.

الفصل الثالث : في الأضحية

وهي سنّة مؤكّدة ، ويجزئ عنها الهدي الواجب ، والجمع أفضل ، ويختصّ بالنّعم ، ولا يجزئ إلّا الثنيّ من الإبل والبقر والغنم ، ويجزئ الجذع من الضأن.

ويستحبّ الإناث من الإبل والبقر والذكران من الغنم.

وتكره التضحية بالثور ، والجاموس ، والخصيّ ، والموجوء.

ويستحبّ فيها صفات الهدي ، فإن لم يجدها تصدّق بثمنها.

ولو اختلف جمع الأعلى والأوسط والأدون ، وتصدّق بثلث الجميع.

ووقتها بمنى يوم النحر وثلاثة بعده ، وفي الأمصار يوم النحر ويومان بعده ، ولو خرج وقتها فاتت ، ولا تختصّ بمكان.

__________________

(١) في « أ » : ما لم يتضرّر.

(٢) في « أ » : « وقد ».

٢٥٥

ويستحبّ الأكل منها ويهدي ثلثا ويتصدّق بثلث ، والتضحية بما عرّف به وبما يشتريه ، ويكره بما يربّيه ، وبيع جلودها وإعطاؤها الجزّار ، بل يتصدّق بها ، وإخراج شي‌ء من أضحيته عن منى لا من أضحية غيره.

ويجوز إخراج السنام ، ولا يلحق به ألية الغنم ، ولا يجوز بيع لحمها ، ويجوز ادّخاره.

الفصل الرابع : في بقيّة الدماء

وفيه بحثان :

الأوّل : في أقسامها

وهي المنذورات والكفّارات ودم التحلّل.

أمّا المنذور فإن عيّنه تعلّق به الوجوب ، فلا يجزئ غيره ، ولو تلف لم يجب بدله ، ويزول ملكه عنه ، وهو أمانة في يده لا يضمنه إلّا مع التفريط ، ولا يجوز الأكل منه ، فيضمن قيمة ما أكل.

ولو ضلّ فذبحه واجده عن صاحبه أجزأ ، وإن أطلق النذر ولم يتعلّق الوجوب بما ساقه فله إبداله والتصرّف فيه ، ولا يزول ملكه عنه إلّا بذبحه ، ولو تلف ضمن بدله.

ولو ضلّ فأقام بدله ، ثمّ وجده تخيّر إلّا أن يعيّن أحدهما ، ولو وجد الأوّل بعد ذبح الأخير لم يجب ذبحه إلّا مع تعيينه.

وأمّا الكفّارات ودم التحلّل فسيأتي.

٢٥٦

ويستحبّ أن يبعث المحل هديا ، ويواعد أصحابه وقتا لسياقه ، ووقتا لذبحه ، فإذا كان (١) وقت السّياق اجتنب ما يجتنبه المحرم إلى يوم النحر ، ولا يلبّي ، وإذا كان وقت الذبح أحلّ ، ولو أخطأ ظنّه لم يضمن.

ولو أتى بما يحرم على المحرم كفّر استحبابا.

الثاني : في وقتها ومكانها

أمّا المنذور فبحسب النذر ، فالمطلق لا يختصّ بزمان ، ومكانه مكّة ، ولو عيّن مكّة أو منى تعيّن ، ولو عيّن غيرهما لم ينعقد.

وأمّا الكفّارات فلا تختصّ بزمان ، نعم تجب عند حصول سببها ، ومكانها مكّة إن كان معتمرا ، ومنى إن كان حاجا.

وأمّا دم التحلّل فزمان دم الصدّ منه إلى الفوات ، فيتحلّل بعمرة ، ولا يجب دم للفوات عندنا ، ومكانه موضع الصدّ ، وزمان دم الحصر يوم النحر وأيّام التشريق ، ومكانه مكّة للمعتمر ومنى للحاجّ ، وزمان دم التحلّل من عمرة الفوات وقت الصدّ ، ومكانه عنده ، وللحصر مكّة.

فائدة

الدم الواجب منه مضيّق اختيارا ، وهو دم المتعة وجزاء الصيد ، ومنه مضيّق مطلقا ، وهو دم الإحصار وكذا دم الصدّ ، لكن يسقط بالفوات ، ومنه مخيّر وهو دم أذى الحلق.

__________________

(١) في « أ » : فإن كان.

٢٥٧

النسك الثالث : [ في ] الحلق أو التقصير

والحاجّ مخيّر فيهما ، والحلق أفضل خصوصا الصّرورة والملبّد ، (١) ويحرم على النساء ، وفي إجزائه توقّف.

وتجب النيّة ، وحصول مسمّاه ، وأن يكون من الرأس ، ويمرّ الموسى عادم الشعر على رأسه ، وأن يكون بمنى ، فلو رحل قبله رجع وأتى به ، فإن تعذّر حلق أو قصّر مكانه ، وبعث شعره ليدفن بها استحبابا ، وأن يقدّمه على طواف الحجّ وسعيه ، فلو أخّره عامدا أجزأ ، وجبره بشاة ، ولا شي‌ء على الناسي.

ويستحبّ الدعاء عند الحلق ، والبدأة بالنّاصية من القرن الأيمن إلى العظمين خلف الأذنين ، ودفن الشعر بمنى.

ويحلّ بأحدهما من كلّ شي‌ء إلّا الطيب والنساء والصّيد ، وهو التحلّل الأوّل.

ويجب ترتيب مناسك منى ، وليس شرطا في الصحّة.

ويستحبّ لمن حلق قبل الذبح إمرار الموسى على رأسه بعده.

المطلب السادس : في زيارة البيت

ويجب بعد الحلق أو التقصير المضيّ إلى مكة ، ويستحبّ ليومه خصوصا المتمتّع ، ويجوز تأخيره إلى غده ، ويحرم بعده ، ويجزئ طول ذي الحجّة ،

__________________

(١) تلبيد الشّعر : أن يأخذ عسلا أو صمغا ويجعله في رأسه لئلّا يقمل أو يتّسخ. تذكرة الفقهاء : ٨ / ٣٣٥.

٢٥٨

ويجوز للقارن والمفرد التأخير على كراهية ، ولا يجوز بعده مطلقا.

ويستحبّ قبل دخول مكّة ما تقدّم ، وتقليم الأظفار ، والأخذ من الشارب ، والدعاء على باب المسجد ، ثمّ يطوف الحجّ فيحلّ له الطيب ، وهو التحلل الثاني ، ولو نسيه وواقع أهله بعد الذكر فعليه بدنة ، ولا شي‌ء على الناسي ، ثمّ يسعى للحجّ.

ولا يجوز للمتمتّع تقديم الطّواف والسّعي على الموقفين ، ومناسك منى يوم النحر إلّا لعذر ، كالمرض (١) وخوف الحيض ، والزحام للعاجز ، ويكره للقارن والمفرد ، ثمّ يطوف للنساء وهو التحلّل الثالث.

ولا يجوز تقديمه للمتمتّع وغيره إلّا لضرورة أو خوف الحيض ، ولا تقديمه على السّعي عامدا إلّا لضرورة أو خوف الحيض ، ولو قدّمه ساهيا أجزأه.

وهو واجب في الحجّ والعمرة المبتولة دون عمرة التمتع على الرجال والنساء والخناثي والصبيان والمملوك ، فيحرم بتركه الوطء والعقد والشهادة عليه وأنواع الاستمتاع ، ويلزم به الصّبيّ المميّز ويطوف الوليّ بغير المميّز ، فلو أخلّا به منعا من الاستمتاع بهنّ قبل البلوغ وبعده حتّى يقضياه.

ولو طاف للنساء في إحرام آخر لم يسقط القضاء.

وليس بركن ، فلو تركه عامدا لم يبطل حجّه بل يجب الرّجوع له ، ولو تعذّر استناب.

ولو تركه سهوا أجزأته النيابة مطلقا.

__________________

(١) في « ب » و « ج » : كالمريض.

٢٥٩

ويحلّ له النّساء بطواف النائب ، فلو واعده في وقت لم يحللن له عنده على توقّف ، ولو قلنا بالحلّ فظهر عدمه اجتنبهنّ.

ولو مات قضاه الوليّ.

وكيفية الطواف والسعي كما تقدّم إلّا في النيّة.

تنبيه

قد علم من هذا الاستقراء الشرعي أنّ مواطن التحلّل ثلاثة : عند الحلق أو التقصير ، وعند طواف الزيارة ، وعند طواف النساء ، وتحريم الصّيد لمكان الحرم ، فلو أكل من صيد غيره جاز.

ويستحبّ ترك المخيط حتّى يطوف للحجّ ، وترك الطيب حتّى يطوف للنّساء.

المطلب السابع : [ في ] العود إلى منى

ويجب المبيت بمنى ليلة الحادي عشر والثاني عشر ، ولو لم يتّق الصّيد والنساء ، أو غربت شمس الثاني عشر وجب المبيت ليلة الثالث عشر ، فإن أخلّ بالمبيت لزمه عن كلّ ليلة شاة إلّا أن يبيت بمكة مشتغلا بالعبادة ، أو يخرج من منى بعد نصف الليل.

ويجب رمي الجمار الثلاث في كلّ يوم من أيّام التشريق ، كلّ جمرة بسبع حصيات كما تقدّم ، ووقته من طلوع الشمس إلى غروبها ، ويجوز ليلا للمعذور ، كالخائف ، والراعي ، والعبد ، والمريض.

٢٦٠