معالم الدين في فقه آل ياسين - ج ١

شمس الدين محمد بن شجاع القطان الحلّي

معالم الدين في فقه آل ياسين - ج ١

المؤلف:

شمس الدين محمد بن شجاع القطان الحلّي


المحقق: الشيخ ابراهيم البهادري
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة الإمام الصادق عليه السلام
المطبعة: مؤسسة الإمام الصادق عليه السلام
الطبعة: ١
ISBN: 964-357-049-5
الصفحات: ٦٢٤
الجزء ١ الجزء ٢

ولو باعه نقدا بما أذن فيه نسيئة ، أو اشترى نسيئة بما أذن فيه نقدا صحّ إلّا مع الغرض.

ولو وكّله في بيع عبد بمائة فباعه بأزيد ، أو باع نصفه بها صحّ وله بيع الباقي.

ولو وكّله في بيع عبدين بمائة فباع واحدا بها صحّ ، وله بيع الآخر.

ولو وكّله في شراء عبد معيّن بمائة فاشتراه بخمسين أو في شراء نصفه بمائة فاشتراه بها صحّ.

ولو أمره بابتياع شاة بدرهم فاشترى شاتين به ، ثمّ باع إحداهما بدرهم ، صحّ الشراء ، ووقف البيع على الإجازة.

ولو وكّله في قبض حقّه من فلان ، فله مطالبة وكيله والقبض منه دون وارثه ، ولو قال : في قبض حقّي الّذي على فلان ، فله مطالبة الوارث والقبض منه.

ولو وكّل عبده في عتق عبيده ، أو زوجته في طلاق نسائه ، أو غريمه في إبراء غرمائه ، دخل الوكلاء.

وإذا باع الوكيل ، ملك الموكّل الثمن ، ولو كان في الذمّة ، فلكلّ منهما مطالبة المشتري ، ولو اشترى انتقل المبيع إلى الموكل ، فلو اشترى الوكيل أباه لم يعتق عليه ، ولو اشترى في الذمّة فالثمن في ذمّة الموكّل ، فليس للبائع مطالبة الوكيل مع علمه بالوكالة ، ولو أبرأه لم يبرأ الموكّل ، ولو جهل الوكالة فله مطالبته.

ولو ظهر في المبيع عيب ردّه على الموكّل.

٥٤١

البحث الثاني : في المخالفة

إذا خالف الوكيل الموكّل كان حكمه حكم الأجنبيّ ، فلو أذن في البيع نقدا فباع نسيئة ، أو بالعكس ، أو في الشراء بالعين فاشترى في الذمّة ، أو بالعكس ، وقف على الإجازة ، وكذا لو باع بدون ثمن المثل ، أو اشترى بأكثر منه.

فإذا فسخ الموكّل الشراء ، فإن كان أضافه (١) إليه لفظا لم يلزمه الثمن ، وإلّا قضي به عليه ظاهرا ، وكذا كلّ موضع يبطل فيه الشراء للموكّل.

ولو ادّعى علم البائع ، فإن صدّقه ردّ ما أخذه ، وإلّا حلف وضمن الوكيل الثمن.

وإذا أضافه إلى نفسه وقع له ، ولم يكن للموكّل الإجازة ، نعم له إحلافه أنّه لم يضفه إليه.

ولو زوّجه بغير المعيّنة وقف على الإجازة.

البحث الثالث : في الضمان

الوكيل أمين لا يضمن ما يتلف في يده إلّا بتعدّ أو تفريط ، فلو باع ما تعدّى فيه زال ضمانه بتسليمه إلى المشتري.

ولو وكّله في البيع وقبض الثمن فقبضه ، ثمّ تلف قبل طلبه لم يضمنه ، ولو كان بعده فإن تمكّن من الدفع ضمن وإلّا فلا ، وإن زال العذر ضمن بالتأخير.

ولو باع الوكيل فخرج المبيع مستحقّا ، أخذه المستحقّ ورجع المشتري

__________________

(١) في « أ » : أضاف.

٥٤٢

على الوكيل ، ويستقرّ الضمان على الموكّل ، هذا مع جهل الغصب وإلّا فلا رجوع له على أحد.

ولو اشترى فتلف المبيع بعد قبضه ، ثمّ خرج مستحقّا ، رجع المستحقّ على البائع ، أو على الوكيل ، أو الموكّل ، ولا رجوع لأحدهم مع العلم ، ولو كانا جاهلين استقرّ الضمان على البائع.

ولو وكّله في الإيداع فأودع ولم يشهد لم يضمن الوكيل إذا أنكر المودع.

ولو وكّله في قضاء الدين فلم يشهد بالإقباض ضمن بالإنكار.

البحث الرابع : في النزاع

وفيه مسائل :

الأولى : من أنكر الوكالة قدّم قوله مع اليمين ، فلو زوّجه امرأة بالوكالة ، فأنكر الزوج ولا بيّنة ، حلف ، وألزم الوكيل بنصف المهر ، وقيل : بالجميع (١) ثمّ إن كان الوكيل صادقا وجب على الزوج الدخول أو الطلاق ، وله مقاصّته بما دفع إلى الزوجة.

ولو صدّقت الوكيل لم تتزوّج حتّى يطلّقها الزّوج أو يموت ، ولا يجبر عليه ، فيطلّق الحاكم ، أو تفسخ المرأة على توقّف.

ولو كذّبته فلا مهر لها.

الثانية : لو اعترفا بالوكالة واختلفا في صفتها مثل : أن يقول : وكّلتك في بيع العبد ، فيقول : بل في بيع الأمة ، أو نقدا فيقول : بل نسيئة ، أو في الشراء ، فيقول : في

__________________

(١) ذهب إليه العلّامة في القواعد : ٢ / ٣٦٧.

٥٤٣

البيع ، قدّم قول الموكّل مع يمينه ، وكذا لو قال : اشتريته بمائة ، فيقول الموكّل : بخمسين ، وقيل : يقدّم قول الوكيل ، ويحتمل تقديم قوله إن اشترى بالعين ، وقول الموكّل إن اشترى في الذمّة ، لأنّ غارم الزائد في الأولى الوكيل وفي الثانية الموكّل.

الثالثة : لو ادّعى الوكيل ردّ العين أو الثمن قدّم قول الموكّل مع اليمين وإن لم يكن بجعل.

ولا يقبل قول الوصيّ في تسليم المال إلى الموصى له ، وكذا حكم الأب والجدّ والحاكم وأمينه والشريك والمضارب والملتقط إذا ادّعوا الإقباض.

الرابعة : لو ادّعى الوكيل التصرّف أو الشراء لنفسه أو للموكّل ، أو القبض من الغريم أو من المشتري ، أو عدم التفريط ، أو التلف ، قدّم قوله مع اليمين ، سواء كان سبب التلف ظاهرا أو لا ، وكذا الوصيّ والأب والجدّ له والحاكم وأمينه.

الخامسة : لو أنكر الوكيل القبض ثمّ اعترف به ، أو قامت به بيّنة فادّعى الردّ أو التلف لم يقبل قوله ولا بيّنته.

السادسة : لو طالب الوكيل الغريم ، فادّعى [ الغريم ] العزل أو الإبراء ، لم يكن له إحلافه إلّا أن يدّعي عليه العلم ، ولو قال [ الغريم ] : لا يستحقّ [ الوكيل ] المطالبة لم تسمع دعواه.

٥٤٤

كتاب العطايا

٥٤٥
٥٤٦

العطيّة إمّا عين أو منفعة ، وكلّ منهما إمّا منجّزة أو معلّقة بالموت ، فالمطالب أربعة (١) :

[ المطلب ] الأوّل : [ في ] الصدقة والهبة ومنها الهدية

والهبة تمليك عين منجّزا بغير عوض ولا قربة ، وترادف النحلة والعطية.

وفيها بحثان :

[ البحث ] الأوّل : في أركانها

وهي خمسة :

الأوّل : العقد ، وهو الإيجاب والقبول ، فالإيجاب كلّ لفظ دلّ على معناها ، مثل : وهبتك ، وأعطيتك ، وملّكتك ، ولا تكفي الأفعال الدالّة عليه ، نعم تفيد الإباحة ، وتكفي الإشارة مع العذر.

والقبول كلّ لفظ دلّ على الرّضا بالإيجاب ، مثل : قبلت ورضيت ، ويشترط مقارنته للإيجاب.

__________________

(١) المطلب الأوّل في الصدقة ، والمطلب الثاني في الوقف ، والمطلب الثالث والرابع في الوصية بعين أو منفعة.

٥٤٧

الثاني : الواهب ، وهو كلّ مالك مكلّف جائز التصرّف ، فلا تصحّ هبة غير المالك ، ولا الصبيّ ، والمجنون ، والمحجور عليه.

وتقف هبة الفضولي على الإجازة.

الثالث : المتّهب ، ويشترط فيه التكليف وجواز التصرّف ، فلا يصحّ قبول الصّبيّ والمجنون ، ويصحّ قبول الوليّ عنهما ، ولو وهب العبد أو اتّهب لم يصحّ.

الرابع : الموهوب ، وهو كلّ ما يصحّ بيعه ، فلا تصحّ هبة الحمل ، واللّبن في الضرع ، والطير في الهواء ، والسّمك في الماء ، ويصحّ في الصوف على الظهر ، وفي الكلب المملوك والمشترك قبل القسمة للشريك وغيره.

ويشترط وجوده وتعيينه لا تقديره ، فلا تصحّ هبة شاة من قطيع ، ولا أحد العبدين ، وتصحّ هبة الصبرة المشاهدة ، والمغصوب من الغاصب وغيره مع إمكان القبض ، والمرهون بإذن المرتهن.

وهبة الدين لمن هو عليه إبراء ولا تصحّ لغيره ، ولا يشترط القبول بل علمهما بما في الذمّة ، أو جهلهما ، أو علم المبرئ ، فلو علم المدين خاصّة لم يبرأ وإن بالغ المبرئ في الكثرة.

الخامس : القبض ، وهو شرط في صحّة العقد لا في لزومه ، فيحكم بالملك عنده ، فلو مات الواهب قبله بطلت وإن كان بعد الإذن فيه.

ويشترط إذن الواهب وكونه للهبة ، فلو قبض بغير إذنه ، أو قبض لغيرها لم يملك ، ويصدّق في قصده.

٥٤٨

ويصحّ الرجوع في الإذن قبل القبض لا بعده ، ولا يشترط فوريّته ولا ابتداؤه ، فلو وهبه ما في يده لم يجب تجديده ، ولا مضيّ زمان يمكن فيه [ القبض ] ، وكذا لو وهب وليّ الطفل ما في يده ، أو الموكّل ما في يد وكيله أو مستودعه.

ولو كان في يد الغاصب أو المستأجر أو المستعير افتقر إلى تجديده ، ولو وهبه غير الوليّ افتقر إلى قبضه أو قبض الحاكم.

ويحكم على المقرّ بالإقباض وإن كان في يد الواهب ما لم يعلم كذبه ، ولا يقبل إنكاره بعده ، ولا تقبل دعوى المواطأة ، ولا إحلافه على عدمها (١).

وهو كقبض المبيع ، وقبض المشاع (٢) بتسليم الجميع إلى المتّهب بإذن الشريك ، أو إلى الشريك بإذن المتّهب ، (٣) فإن امتنعا نصب الحاكم من يسلّمه لهما.

ولو قبضه بغير إذن الشريك أخطأ وأجزأ.

ولو أقرّ بالهبة وأنكر القبض ، صدّق مع اليمين ، وكذا لو قال : وهبته وملكته ثمّ أنكره وكان مالكيّا (٤).

__________________

(١) كذا في « أ » ولكن في « ب » و « ج » : وتقبل دعوى المواطأة ، وله إحلافه على عدمها.

(٢) في « أ » : « قبض المتاع » وفي « ب » و « ج » : « وقبض المبتاع » والصحيح ما في المتن.

(٣) وفي القواعد : ٢ / ٤٠٧ : والقبض في المشاع بتسليم الكلّ إليه ، فإن امتنع الشريك قيل للمتّهب : وكّل الشريك في القبض لك ونقله.

(٤) أي معتقدا برأي « مالك » حيث يرى حصول الملك في الهبة بمجرّد العقد من دون قبض.

لاحظ بداية المجتهد : ٢ / ٣٢٩.

٥٤٩

البحث الثاني : في الأحكام

وفيه فصلان

[ الفصل ] الأوّل : الهبة لا تستلزم العوض وإن كان الواهب أدنى ، فإن عوّض لم يجب القبول ، ولو شرطه وأطلق عوضه بما شاء ، فإن رضي به الواهب وقبضه لزمت وإلّا تخيّر المتّهب بين دفع الموهوب وعوض مثله ، ولو عيّنه تعيّن ، ويجوز أن يرضى بدونه.

ولا يجبر المتّهب على دفع العوض ، نعم للواهب الرجوع ، فلو تلف الموهوب حينئذ أو عاب لم يضمنه.

ولو تلف العوض قبل قبضه ضمن بدله ، ولو خرج مستحقّا وكانت مطلقة لم يجب البدل بل للواهب الرجوع ، ولو كانت مشروطة به وجب البدل مع الإطلاق ، ومثله أو قيمته مع التعيين ، وله ردّ العين.

ولو خرج معيبا ألزم بالأرش أو دفع العين إن كان معيّنا لا مع الإطلاق.

ولا يشترط في لزوم الهبة بالعوض قبضه ، نعم لو تلف قبله صحّ الرّجوع.

[ الفصل ] الثاني : لا يصحّ الرجوع للواهب إلّا في صورة واحدة وهي : أن يهب الأجنبيّ ولم يعوّض والعين باقية ، ولا يقصد الثواب ، ولا يتصرّف تصرّفا متلفا أو ناقلا ، لازما كان أو جائزا ، فلو وهب الأقارب ، أو عوّض ، أو تلفت العين ، أو قصد الثواب ، أو باع أو وهب ولم يقبض ، لم يكن له الرجوع وإن عاد الملك أو انقضت مدّة الإجارة أو فسخت الكتابة.

وحكم الزّوجين حكم الأقارب.

٥٥٠

وموت المتّهب أو جناية الموهوب يمنع من الرجوع ، ولا يمنع جنون الواهب ، فللوليّ الرجوع مع الغبطة ، ولا إفلاس المتّهب وإن حجر عليه.

والرجوع إمّا باللفظ مثل : رجعت ، وارتجعت ، وفسخت ، أو بالفعل كالبيع ، والعتق ، ويقع صحيحا على الأقوى ، لأنّ الفسخ به يستلزم صحّته.

ولو كانت الهبة فاسدة صحّ إجماعا ، كما لو باع مال مورّثه فصادف ملكه ، ولو رجع بعد النقص فلا أرش ، وإن كان بفعل المتّهب ، وله الزيادة المتّصلة دون المنفصلة.

ولو صبغ الثوب شاركه بقيمة الصبغ ، ولا ينتقل حقّ الرجوع إلى الوارث.

وتستحبّ العطيّة لذي الرحم ، وتتأكّد في الوالد والولد ، والتسوية بين الأولاد ، ويكره التفضيل.

وتملك الهديّة بالقبض إلّا أن يريد الجزاء عليها ، ولا تفتقر إلى الإيجاب والقبول.

٥٥١

المطلب الثاني : [ في ] الوقف والسكنى والحبس

وفيه مقصدان :

[ المقصد ] الأوّل : في الوقف

وهو تحبيس الأصل وإطلاق المنفعة ، والنظر في أركانه وشرائطه وأحكامه.

[ النّظر ] الأوّل : في الأركان

وهي أربعة :

الأوّل : العقد

ولفظه الصريح : « وقفت » وغيره يفتقر إلى القرينة ، كحبست ، وسبّلت ، وحرّمت ، فإن تجرّد عنها لم يحمل على الوقف ، ولو ادّعى أنّه نواه حكم عليه بإقراره.

ولا يكفي الفعل كبناء المسجد وإن صلّى فيه (١) ، أو أذن في الصلاة.

__________________

(١) سيوافيك من المصنّف ما يخالف ما ذكره في الشرط الرابع من شرائط الوقف. لاحظ ص ٥٥٧.

٥٥٢

ولا بدّ من قبول البطن الأوّل ، فيبطل بردّه ، ولا يشترط القبول في باقي البطون ، فلا يبطل بردّهم ، ولا في الوقف على الفقراء والمصالح ، ولا يجب قبول الحاكم أو الناظر ، ويقبل الوليّ عن المولّى عليه.

الثاني : الواقف

ويعتبر فيه البلوغ ، وكمال العقل ، وجواز التصرّف ، والملك ، والقصد ، فلا يصحّ وقف الصّبيّ مطلقا ، والمجنون والمحجور عليه لسفه أو فلس ، ولا من الغافل ، والنائم ، والسكران ، ووقف المريض من الثلث ما لم يجز الوارث ، وكذا الوصية به ، ووقف الفضولي يقف على الإجازة ، ولو وقف المشتري في مدّة خياره لزم وفي خيار البائع يقع مراعى.

الثالث : الموقوف عليه

وشروطه خمسة :

الأوّل : ذكره ، فلو قال : هذا وقف أو صدقة محرّمة ، ولم يذكر مصرفها بطل.

الثاني : وجوده ، فلا يصحّ الوقف على معدوم ابتداء ، ولا على حمل كذلك ، ولو شرك بين الموجود والمعدوم ، فللموجود النّصف.

الثالث : تعيينه ، فلا يصحّ على مبهم كرجل ، أو على أحد الرجلين.

الرابع : صحّة تملّكه ، فلا يصحّ على الدابّة ، والمملوك القنّ ، ولا ينصرف [ الوقف ] إلى مولاه ، ولا على المدبّر ، وأمّ الولد ، والمكاتب ، إلّا أن

٥٥٣

يتحرّر بعضه ، فيصحّ في قدره ، ولا على الملك ، والجنّ ، والميّت.

ويصحّ على المساجد ، لأنّه على بعض مصالح المسلمين.

الخامس : إباحة الوقف عليه ، فلا يقف المسلم على البيع ، والكنائس ، وكتابة التوراة والإنجيل ، ويصحّ من الذمّي.

ولا يصحّ الوقف على بيت النار ، والصنم مطلقا ، ولا على الزناة وشاربي الخمر ، إذا قصد معونتهم.

ولا يصحّ وقف المسلم على الحربيّ مطلقا ، وعلى الذمّيّ الأجنبيّ.

ويصحّ على الفاسق والغنيّ.

فرع :

إذا وقف على من لا يصحّ الوقف عليه ، ثمّ على من يصحّ ، فهو منقطع الأوّل ، ولو عكس فهو منقطع الأخير ، ويصحّ الثاني حبسا دون الأوّل ، ولو كان منقطع الأوسط صحّ حبسا على الأوّل ، ويبطل على الأخير.

ولو كان منقطع الطرفين فيهما بطل فيهما.

والوقف على المسلمين ينصرف إلى معتقد الصلاة إلى القبلة وإن لم يصلّ إلّا الخوارج والغلاة والنواصب ، والصّبي والمجنون تابعان.

والمؤمنون : هم الاثنا عشريّة وكذا الإماميّة.

والشيعة : من قدّم عليا عليه‌السلام ، وهم الإماميّة ، والجارودية والكيسانيّة ، والإسماعيليّة.

٥٥٤

والزّيدية : من قال بإمامة زيد.

والمنتسب إلى أب يشترط انتسابه إليه بالأب ، فالهاشمية من ولده هاشم وهم : أولاد أبي طالب والعباس والحارث وأبي لهب.

والطالبيّة : من ولده أبو طالب ، وهم أولاد عليّ وجعفر وعقيل.

والعلويّة : من ولده عليّ ، وهم أولاد الحسن والحسين عليهما‌السلام ، وابن الحنفيّة والعباس وعمر.

ولو وقف على من دان بمقالة كالشافعية فهو لمن اعتقدها (١) ولو وصفه بصفة كالفقهاء ، فهم المجتهدون.

والعشيرة القبيلة.

وعترة الرجل : الأدنون منه ، وذريّته ولده ، وقومه أهل لغته الذكور ، والجار يرجع إلى العرف ، والأقارب من يعرف بقرابته ، سواء القريب والبعيد ، ويدخل من يتجدّد بعد الوقف ، وأهل بيته كأقاربه ، والأقرب كمراتب الإرث ، ويساوي (٢) الذكر والأنثى في ذلك كلّه إلّا أن يفضّل ، وكذا لو وقف على الأعمام والأخوال.

والبرّ كلّ قربة ، وكذا سبيل الله ، وسبيل الخير ، وسبيل الثواب.

ولو وقف المسلم على الفقراء انصرف إلى فقراء المسلمين ، والكافر إلى فقراء نحلته ، ويعطى فقراء البلد ومن حضره ، ولا يجب الاستيعاب ، ولا يتبع

__________________

(١) في القواعد : ٢ / ٣٩١ ـ ٣٩٢. مكان العبارة : « ولو وقف على من اتصف بصفة أو دان بمقالة اشترك فيه كلّ من يصدق عليه النسبة ، كالشافعية ، يندرج فيهم كل من اعتقد مذهب الشافعيّ من الذكور والإناث »

(٢) في « ب » و « ج » : ويتساوى.

٥٥٥

غيرهم ، ولا يعطى أقلّ من ثلاثة وكذا القبيل المنتشر ، أمّا المنحصر فيجب الاستيعاب والتتبّع.

ولو وقف على مصلحة فبطل رسمها صرف في البرّ.

ويجوز استعمال ما يفضل من آلة المسجد في مسجد آخر بخلاف المشهد.

الرّابع : الموقوف

وشرطه : أن يكون عينا معيّنة ، مملوكة ، ينتفع بها مع بقائها انتفاعا محلّلا ، وإمكان قبضها : كالدار ، والبستان ، والثياب ، والأثاث ، والآلات ، فلا يصحّ وقف المنفعة والدّين والمبهم ، كدار وفرس وأحد الدارين ، ولا الحرّ وملك غيره إلّا مع الإجازة ، ولا الدف والشطرنج ، ولا المأكول ، ولا الشمع المعلّق ، والدنانير والدراهم إلّا أن يفرض لها منفعة مع بقائها ، ولا الآبق والضالّ.

ويصحّ وقف من ينعتق على الموقوف عليه ولا ينعتق عليه ، والمشاع ، وقبضه كالبيع.

النظر الثاني : في شرائطه

وهي خمسة :

الأوّل : نيّة القربة على قول ، فلا يصحّ وقف الكافر.

الثاني : التنجيز ، فلو علّقه بشرط أو صفة بطل.

٥٥٦

الثالث : الدوام ، فلو قرنه بمدّة كان حبسا ، فيبطل بانقضائها إلّا أن يطلقه بعدها ، كالوقف على ولده سنة ثمّ على الفقراء ، ولو وقف على من ينقرض قطعا ، كالوقف على زيد ، أو غالبا كأولاده ، أو يسوقه في بطون تنقرض غالبا كعقبه ، ولم يذكر المصرف بعدهم ، كان حبسا يرجع بعد الانقراض إلى الواقف أو إلى ورثته.

الرابع : القبض فلو مات أو ارتدّ قبله بطل ، ولا يقبل الفسخ بعده وإن اتّفقا عليه ، ولا تشترط فوريّته ولا تجديده ، فلو وقف على أصاغر ولده كفى القبض السابق ، وكذا الجدّ للأب والوصيّ.

وإذا وقف على الفقراء نصب من يقبض لهم ، ولا يشترط إذن الحاكم.

ولو كان على مصلحة قبض الناظر فيها.

ولو وقف مسجدا أو مقبرة فالصلاة الصحيحة ودفن المسلم كالإقباض ، فلا يكفي الإيجاب من دونهما ، فلو مات قبلهما بطل.

وللواقف الرّجوع قبل الإقباض ، ويجوز اشتراط النظر لنفسه وللموقوف عليهم وللأجنبيّ ، ولو بطل نظره فالحاكم.

ولو أطلق الوقف ، فالنظر للموقوف عليهم ، وفي الجهات العامّة للحاكم.

الخامس : إخراجه عن نفسه ، فلو وقف على نفسه أو عليه ثمّ على غيره بطل ، وكذا لو شرط الانتفاع به أو قضاء ديونه أو إدرار مئونته منه.

ولو وقف على الفقهاء وهو فقيه أو صار منهم ، أو على الفقراء فصار فقيرا ، شارك.

٥٥٧

ولو شرط عوده إليه عند الحاجة بطل الوقف ، وصار حبسا يعود إليه عند الحاجة ويورث.

وكلّ شرط ينافي الوقف يبطله ، فلو شرط إخراج من يريد ، أو نقله إلى من سيوجد ، أو بيعه متى شاء ، أو الرجوع فيه ، أو الخيار بطل.

ولو شرط دخول ولده المتجدّد (١) أو أكل أهله منه ، أو لا يؤجر من متغلّب أو مماطل ، أو أكثر من سنة مثلا ، أو لا يوقع عليه عقدا حتّى تنقضي مدّة الأوّل صحّ ، وليس له إدخال غيرهم معهم وإن كانوا أطفاله.

ويجب إجراء الوقف على سبيله المشترط ، فلو شرط سهام الأيّم فتزوّجت منعت ، فإن طلّقت بائنا أو خرجت عدّة الرجعية استحقّت.

ولو شرط الواقف في الموقوف عليه وصف كمال كالفقه فلم يوجد في أحد البطون منع ، وكان للّذي بعده إن وجد فيه الوصف (٢).

النظر الثالث : في الأحكام

وفيه مسائل :

الأولى : الوقف إن كان على مصلحة كالمساجد انتقل إلى الله تعالى ، وإلّا فإلى الموقوف عليه ، فيثبت بالشاهد واليمين ، ويجب عليه نفقة المملوك وإن كان مكتسبا ، ويستحقّ الشفعة ، ويزوّج الأمة ، ويقسم مع صاحب الطلق ، ولا يجوز بيعه كأمّ الولد.

__________________

(١) في « أ » : متجدّدا.

(٢) في « أ » : إن وجد الوصف دخل في الوقف.

٥٥٨

ولو انهدمت الدار لم يجز بيع العرصة ، وكذا لو انقلعت النخلة إذا أمكن الانتفاع بأجرة الجذع.

ولو وقع بين الموقوف عليهم خلف يخشى معه خرابه جاز بيعه ، ويختصّ بالثمن الموجودون ، وإلّا لم يجز البيع وإن كان أعود.

ولو خرب المسجد لم يعد إلى ملك الواقف ، ولم يجز بيعه.

ولو أخذ السّيل ميّتا ، فالكفن للوارث مع اليأس منه.

ولا يجوز عتق العبد لتعلّق حقّ باقي البطون به ، ومن ثمّ لو أعتق الشريك [ حصّته ] صحّ ولم يقوّم عليه ، نعم لو أقعد أو عمي أو جذم عتق وسقطت نفقته.

الثانية : المنافع المتجدّدة : كالصوف ، واللبن ، والنتاج ، والشجرة ، وعوض البضع ، والأجرة يملكها الموقوف عليه ملكا تامّا ، وكذا الصوف والشعر واللبن الموجودة حال الوقف ، بخلاف الحمل والثمرة على الشجر وإن كان نخلا لم يؤبّر.

ولو شرط دخول النتاج في الوقف دخل.

الثالثة : يجوز تزويج الأمة ، والمهر للموجودين ، وكذا الولد إن كان من مملوك أو من حرّ شرطت رقيّته ، وإلّا فالولد حرّ ، ولا قيمة عليه.

ولو وطئها حرّ لشبهة فالولد حرّ ، وعليه قيمته للموجودين.

ولو حملت من زنا فالولد لهم ، والواقف كالأجنبي.

٥٥٩

ولو وطئها الموقوف عليه أثم ، والولد حرّ ، ولا قيمة عليه ولا مهر إن اختصّ به ، وإلّا غرم نصيب الشريك من العقر والولد.

وفي نفوذ عتق الاستيلاد توقّف ، فإن قلنا به أخذ قيمتها من تركته ، واشترى بها ما يكون وقفا.

الرابعة : لو جنى الموقوف عمدا ، فليس للمجنيّ عليه استرقاقه ، فإن اقتصّ منه بطل الوقف ، ولو كان طرفا فالباقي وقف ، ولو كانت خطأ تعلّقت بكسبه ، وإن جنى عليه حرّ عمدا أقيم بما قابل الدية ، أو الأرش بدله ، ويحتمل انّه للموجودين ، ولو كان الجاني عبدا فلهم استرقاقه والقصاص والعفو على مال ، وفي الخطأ الدية أو الأرش.

وفي مصرف المال الوجهان ، ولو استرقّوا الجاني ففيه الوجهان أيضا.

الخامسة : إذا وقف على أولاده اشترك الذكور والإناث والخناثى المنفصلين ، ولو عيّن أحد الأصناف اختصّ ، ولا يتناول الأولاد الحفدة إلّا مع القرينة ، كقوله الأعلى فالأعلى أو لم يكن له ولد الصّلب.

ولو قال : على أولاد أولادي اشترك أولاد البنين والبنات بالسوية.

ولو قال : من انتسب (١) إليّ أو على عقبي لم يدخل أولاد البنات.

ولو قال : على أولادي وأولاد أولادي اختصّ بالبطنين.

ولو قال : ما تعاقبوا وتناسلوا عمّ جميع البطون.

ولو قال : على أولادي فإن انقرضوا وانقرض أولاد أولادي فعلى الفقراء ،

__________________

(١) في « أ » : نسب.

٥٦٠