معالم الدين في فقه آل ياسين - ج ١

شمس الدين محمد بن شجاع القطان الحلّي

معالم الدين في فقه آل ياسين - ج ١

المؤلف:

شمس الدين محمد بن شجاع القطان الحلّي


المحقق: الشيخ ابراهيم البهادري
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة الإمام الصادق عليه السلام
المطبعة: مؤسسة الإمام الصادق عليه السلام
الطبعة: ١
ISBN: 964-357-049-5
الصفحات: ٦٢٤
الجزء ١ الجزء ٢

الأوّل : الصحّة من المرض ، فلو تضرّر بالركوب سقط وإلّا وجب.

الثاني : الاستمساك على الراحلة ، فلو كان معضوبا (١) لا يستمسك أصلا سقط ، ولو أمكنه بمحمل أو مزامل وجب ، فان تعذّر سقط ، والعاجز عن الحركة العنيفة مع احتياجه إليها يتوقّع زوالها والقدرة عليها ، فلو مات قبل ذلك لم يقض عنه.

والأولى انّ المريض والمعضوب إن استطاعا قبل العذر ، فإن رجي زواله توقّعاه ، ولو ماتا قضي عنهما ، وإلّا وجبت الاستنابة ، وإن استطاعا فيه لم يجب بل يستحبّ.

الثالث : سعة الوقت لقطع الطريق وأداء المناسك ، ويجب المسير مع أوّل قافلة إلّا أن يثق بغيرها ، فإن أخّر وبقيت الاستطاعة إلى انقضاء الحجّ استقرّ الحجّ في ذمّته وإلّا فلا.

ولو ضاق الوقت ، أو افتقر إلى طيّ المنازل وعجز ، سقط في عامه.

الرابع : تخلية السرب ، فلو خاف على النفس أو المال أو البضع سقط ، ويكفي الظّنّ ، ولو تعدّدت الطرق وتساوت في الأمن تخيّر ، ولو اختصّ به أحدها تعيّن وإن بعد مع سعة الوقت والنفقة ، والبحر كالبرّ.

ولو طلب العدوّ مالا وجب مع المكنة ، ولو بذله باذل فقد استطاع ، ولو وهبه إيّاه ليدفعه إلى العدوّ لم يجب القبول ، وكذا أجرة البدرقة (٢).

__________________

(١) في مجمع البحرين : الأعضب من الرّجال : الزّمن الّذي لا حراك فيه ، كأنّ الزمانة عضبه ومنعه الحركة.

(٢) في مجمع البحرين : البدرقة : هي الجماعة الّتي تتقدّم القافلة وتكون معها ، تحرسها وتمنعها العدوّ ، وهي مولّدة قاله في المغرب.

٢٢١

ولو احتاج إلى القتال لم يجب وإن ظنّ السّلامة.

والأعمى كالبصير ، ولو احتاج إلى قائد اعتبر هو ونفقته في الاستطاعة.

والمرأة كالرجل ، ويزيد اشتراط الأمن على البضع ، فلو خافت المكابرة سقط ، ولو أمنت بالمحرم وجب ، ولو تعذّر سقط ، ويعتبر نفقته وأجرته في الاستطاعة.

والمحرم من تحرم عليه مؤبّدا.

ولا يشترط إذن الزّوج في الواجب ، ويشترط في الندب ، والمطلّقة رجعيّة كالزوجة دون البائن ، ولا الإسلام فيجب على الكافر ، ولا يصحّ منه ، ويسقط بالإسلام إلّا أن تبقى الاستطاعة ، فيحرم من الميقات ، فإن تعذّر فمن موضعه ، وعلى المرتدّ ولا يصحّ منه.

ولو ارتدّ بعد الحجّ لم يعده ، ولو ارتدّ بعد إحرامه ثمّ تاب ، بنى ، ولا يسقط بالتوبة بل يأتي به بعدها ، فإن مات قضي عنه من أصل تركته ، ولو مات مرتدّا لم يجب القضاء.

وحجّ المخالف صحيح ، فلا تجب إعادته لو استبصر إلّا أن يخلّ بركن ولو حجّ مفردا أو قارنا ، إلّا أن يكون قرانه ضمّ النّسكين في نية (١) ، ويستحبّ له الإعادة.

__________________

(١) أي أتى بفريضة الحجّ والعمرة بنيّة واحدة.

٢٢٢

خاتمة

إذا اجتمعت الشرائط فحجّ متسكّعا أو في نفقة غيره أجزأ ، ولو أهمل أثم ووجب القضاء على الفور ولو مشيا مع المكنة ، ولو مات قضي عنه من أقرب الأماكن من أصل تركته ، فلو ضاقت عن الدين وأجرة الحجّ قسّطت بالنسبة ، فإن قصر قسط الحجّ صرف في الدين.

ولو مات في الطريق ، فإن كان بعد الإحرام ودخول الحرم برئ ، وإن كان قبل ذلك ، فإن كان في سنة الاستطاعة لم يجب القضاء ، وإلّا وجب.

الفصل الثاني :

في شرائط حجّ النذر وشبهه

وهي خمسة :

الأوّل : كمال العقل ، فلا يصحّ نذر الصّبي والمجنون والمغمى عليه والسكران.

الثاني : القصد ، فلا يصحّ من النائم والساهي.

الثالث : الحرية ، فلا يصحّ نذر العبد بدون إذن مولاه ومعه لا يملك منعه.

الرابع : إذن الزوج في الجميع وإذن الأب في اليمين.

الخامس : الإسلام ، فلا يصحّ من الكافر ، ولا تشترط الاستطاعة ، بل إذا تمّت الشروط وجب الوفاء به ولو ماشيا ، فلو نذر الحجّ ثمّ استطاع وجب تقديم حجّ الإسلام ، وإذا أطلق تخيّر في الأنواع.

٢٢٣

وإذا قيّده بزمان أو صفة تعيّن ، فلو قيّده بعام فأخلّ به مع القدرة قضى وكفّر ، ويقضى عنه لو مات ، ولو عجز سقط.

ولو أطلق جاز التأخير حتّى يظنّ الموت فيتضيّق ، ولو مات قبل التمكّن سقط ، وإلّا قضي عنه من أصل تركته.

ولو كان عليه حجّة الإسلام أخرجتا من الأصل ، ولو وفي بأحدهما صرف في حجّة الإسلام ، ولا يجب على الولي حجّة النذر بل تستحبّ.

ولو قيّده بالمشي وجب من بلده ، ويقوم في موضع العبور ، ولا تجرئ السياحة ، ويسقط بعد طواف النّساء ، فلو ركب في المطلق أعاد ماشيا ، ولو ركب البعض فقولان ، وفي المعيّن يكفّر ولا قضاء.

ولو عجز في المعيّن ركب وساق بدنة ندبا ، وفي المطلق يتوقّع المكنة.

ولو قيّده بطريق تعيّن إن كان له مزيّة (١) وإلّا فلا.

ولو نذر حجّة الإسلام تداخلا ، ولو نذر غيرها أو أطلق لم يتداخلا.

ولو نذر وهو معضوب ، فإن رجا زواله توقّعه ، وإلّا استناب.

الفصل الثالث

في شرائط النيابة

وفيه بحثان :

الأوّل : في المنوب عنه.ويشترط فيه الإسلام والإيمان والموت أو حكمه ، فلا تصحّ النيابة عن الكافر والمخالف فيه إلّا أن يكون أبا للنائب ، ولا

__________________

(١) في « أ » : « مئونة » وهو مصحّف.

٢٢٤

يلحق به الجدّ للأب ، ولا عن الحيّ في الواجب إلّا على التفصيل ، ويجوز في المندوب مطلقا.

ولو أوصى بحج واجب ولم يعيّن الأجرة ، أخرج من الأصل ما يستأجر به من أقرب الأماكن ، ولو عيّنها فزادت عن أجرة المثل ، أخرج الزائد من الثلث مع عدم الإجارة إن احتمله وإلّا المحتمل.

ولو عيّن النائب تعيّن واستؤجر بأجرة المثل ، ولو امتنع استؤجر غيره بها.

ولو عيّنهما تعيّنا ، فإن رضي بالقدر ، وإلّا استوجر غيره بأجرة المثل إن تعلّق غرضه بالمعيّن ، وإن تعلّق بالحجّ استوجر غيره بذلك القدر.

ولو كان مندوبا أخرج القدر من الثلث ، فإن اتّسع له من بلده وجب ، وإلّا فمن حيث يحتمل ، ولو لم يرغب فيه صرف في البرّ.

ولو أوصى بالحجّ فإن علم الوجوب حمل (١) عليه وإلّا على الندب.

ولو عدّده فإن قصد التكرار وجب ، وإلّا كفت المرّة ، ولو أراد التكرار وعيّن ما يؤخذ منه فقصر ، جمع ما لسنتين أو أكثر لسنة.

ولو أوصى بحجّ وغيره ، فإن وجبا أخرجا من الأصل ، فإن قصرت التركة قسّطت ، وإن استحبّا فكذلك من الثلث ، ولو وجب أحدهما أخرج من الأصل ، والآخر من الثلث.

ويخرج عمّن وجب عليه الحجّ وإن لم يوص ، ويبرأ بالتبرّع عنه وإن ترك مالا.

__________________

(١) في « ب » و « ج » : حمله.

٢٢٥

ولو خلّف ما لا يفي بالحجّ من أقرب الأماكن ، كان ميراثا ، إلّا أن يسع أحد النسكين فيجب.

ويجوز التبرّع عن الميّت مطلقا وعن المعضوب بإذنه.

وإذا حصل بيد إنسان مال لميّت وعلم بأنّ عليه حجّة الإسلام ، وأنّ الوارث لا يؤدّي ، وجب أن يحجّ عنه ، ولو لم يفعل ضمن ، ولا يشترط إذن الحاكم ، ولو علم أنّ البعض يؤدّي وجب إذنه ، إلّا أن يخاف الإشاعة.

وهل يتعدّى ذلك إلى غير حجّة الإسلام ، أو إلى العمرة ، أو إلى الزكاة ، أو إلى الخمس ، أو الدّين؟ فيه احتمال قويّ.

البحث الثاني : في النائب

ويشترط فيه البلوغ والعقل ، والإسلام (١) ، ومعرفة فقه الحجّ ، والقدرة على أفعاله ، والخلوّ من حجّ واجب ، فلا تصحّ نيابة الصّبيّ وإن كان مميّزا ، ولا المجنون ، والكافر ، والجاهل إلّا أن يحجّ مع مرشد ، ولا العاجز ، ولا من في ذمّته (٢) حجّ إلّا مع العجز ولو مشيا.

ويجوز لمن عليه حجّ أن يعتمر عن غيره وبالعكس.

ولا تنفسخ الإجارة بتجدّد الاستطاعة.

وتشترط العدالة في الاستنابة لا في صحّة النيابة ، فلو استأجر فاسقا لم

__________________

(١) وفي « أ » : « والحريّة » الظاهر أنّها زيادة من النساخ لما سيأتي من المصنّف من صحّة نيابة المملوك.

(٢) في « أ » : بذمّته.

٢٢٦

يصحّ وإن عدل ، ولو حجّ الفاسق عن غيره صحّ ، وتعلم الصحّة بمصاحبة الوليّ أو إخبار العدل ، وفي قبول إخباره توقّف.

ولا تشترط الحريّة والذكورة ، فتصحّ نيابة المملوك بإذن مولاه ، والمرأة عن الرجل والمرأة ، ويكره الصرورة ، دون الرجل الصرورة.

ولو اشترط التعجيل فأخّر انفسخت ، ولو أطلق وجبت المبادرة ، ولا تنفسخ بالإهمال ، ويجوز اشتراط التأخير أكثر من عام ، ولا يجوز ذلك للوصيّ إلّا لعذر.

وتجب نيّة النيابة واستدامتها ، فلو نوى عنه وعن المنوب لم تنعقد عن أحدهما ، وكذا لو نقل نيّته إليه ، ولا أجرة له ، وتعيين المنوب قصدا ، ويستحبّ لفظا عند كلّ فعل.

ويجب أن يأتي بالنوع المشترط ، فلا يجوز العدول ، ولو إلى الأفضل ، ولو كان الحجّ ندبا ، أو نذرا مطلقا ، أو مخيّرا فيه كذي المنزلين المتساويين ، جاز العدول إلى الأفضل.

ولو شرط الطريق تعيّن مع الغرض ، فإن خالف صحّ الحجّ ، ورجع عليه بالتفاوت ، ومع إطلاق الإجارة لا يؤجر نفسه لآخر ، ومع التقييد بسنة يصحّ قبل أو بعد.

ولو استأجره اثنان فإن اقترن العقدان وزمان الإيقاع بطلا ، ولو اختلف زمان الإيقاع صحّا ، ولو انعكس صحّ السابق.

ويجوز أن يستأجره اثنان في سنة لعمرتين أو لعمرة مفردة ، وله أن يستأجر اثنين عن واحد لحجّ الإسلام والنذر في عام واحد.

٢٢٧

ويستحقّ النائب الأجرة بنفس العقد ، ولا يستنيب غيره إلّا بإذن المستأجر ، ويلزمه الهدي وكفّارات الإحرام في ماله.

ولو فوّت الحجّ تحلّل بعمرة عن نفسه ، ولا أجرة له ، ولو فاته تحلّل بعمرة وله من الأجرة بنسبة ما فعل ، ولو كان مطلقا لزمه الحجّ في المسألتين ، وله الأجرة.

ولو صدّ أو أحصر تحلّل بالهدي ، ثمّ إن تعيّن الزمان انفسخت الإجارة ، واستعيد أجرة المتخلّف ، ولا يجاب لو ضمن الحجّ ، وإن كان مطلقا لم تنفسخ ، وله الحجّ في القابل.

ولو أفسد قضى الحجّ وأجزأ عنه وعن المنوب ، معيّنة كانت أو مطلقة ، وله الأجرة.

ولو مات بعد الإحرام ودخول الحرم أجزأ عنهما وقبله يردّ ما قابل الباقي من الأجرة ، وتستحبّ إعادة فاضل الأجرة والإتمام لو أعوز.

وتجوز النيابة في أفعال الحجّ مع العجز.

٢٢٨

النّظر الثالث : في أفعال الحجّ

وفيه فصلان :

[ الفصل ] الأوّل :

في حجّ التمتع (١)

وهو أن يعتمر ثمّ يحجّ.

القول في عمرة التمتع

وفيه مطالب :

الأوّل : الإحرام

وفيه مباحث :

[ المبحث ] الأوّل : في المواقيت

وهي ستّة : « العقيق » لأهل العراق ، وأفضله المسلخ ، ثمّ « نمرة » ، ثمّ « ذات عرق » ؛ و « مسجد الشجرة » لأهل المدينة اختيارا ، و « الجحفة » اضطرارا ، وهي ميقات أهل الشام اختيارا ، و « يلملم » لأهل اليمن ، و « قرن المنازل » لأهل الطائف ،

__________________

(١) والفصل الثاني في حجّ الإفراد والقران يأتي في ص ٢٦٣.

٢٢٩

وميقات من منزله أقرب من الميقات منزله ، ومكّة لحجّ التمتع ، وخارج الحرم للعمرة المفردة ، وموضع العذر للمعذور.

ومن حجّ على ميقات غيره أحرم منه ، ولو خلا الطريق من ميقات أحرم عند ظنّ محاذاة أحدها ، فإن ظهر تقدّمه أعاد وإلّا أجزأ ، ولو تعدّدت المحاذاة أحرم من أدنى الحلّ.

وهذه المواقيت للحجّ والعمرة ، ولا يجوز الإحرام قبلها وإن مرّ بها ما لم يجدّده فيها.

ويجوز للناذر أن يوقعه في أشهره ، وهل يلحق به اليمين والعهد؟ توقّف ، ولمريد العمرة في رجب إذا خشى تقضّيه ، ولا يجوز تأخيره عنها ، ولو تعمّده عاد إلى الميقات ، فإن تعذّر بطل ولو كان لمانع أو ناسيا أو جاهلا رجع إلى الميقات ، فإن دخل مكّة خرج إليه ، فإن تعذّر فمن أدنى الحلّ ، ولو تعذّر فمن مكّة ، وكذا لو لم يرد النّسك ، أو كان مقيما بمكّة ووجب عليه التمتع ، أو أراده.

ويحرم الصبيان من موضع الإحرام ، ويجرّدون من « فخّ » (١) على طريق المدينة (٢).

المبحث الثاني : في المقدّمات

يستحبّ قطع العلائق ، والوصيّة ، وجمع أهله ، وصلاة ركعتين ، والدعاء بالمأثور ، والوقوف على باب داره ، والتوجّه إلى طريقه ، ثمّ يقرأ « الحمد » أمامه وعن يمينه وشماله ، وكذا « آية الكرسي » ويدعو بكلمات الفرج ، وبالدعاء

__________________

(١) « فخّ » بفتح أوّله وتشديد ثانيه : بئر قريبة من مكّة على نحو من فرسخ. مجمع البحرين.

(٢) قال في الدروس : ١ / ٣٤٢ : وإحرام الصبيان من فخّ ، وقيل : من الميقات ويجرّدون من فخّ.

٢٣٠

المأثور ، والصدقة أمام التوجّه ، وتوفير شعر الرأس من أوّل ذي القعدة ، ويتأكّد إذا أهلّ ذو الحجّة ، وقصّ أظفاره ، وتنظيف جسده ، والإطلاء ، ولو كان مطليا أجزأه ما لم تمض خمسة عشر يوما ، والغسل ، والتيمّم لو تعذّر الماء ، وإعادة الغسل لو أكل أو لبس ما لا يجوز للمحرم ، ويجوز تقديمه على الميقات للمعوز ، ويعاد لو وجد الماء.

ويجزئ غسل النهار ليومه والليل لليلته إلّا أن ينام فيعاد معه لا مع الحدث.

ونافلة الإحرام ركعتان يقرأ في الأولى الحمد والجحد ، وفي الثانية الحمد والتوحيد ، ويستحبّ ايقاعها عقيب الغسل ما لم تتضيّق فريضة ، ثمّ يصلّي الظهر ويحرم عقيبها ، وإن لم يتّفق فعقيب فريضة ، فإن لم يتّفق فعقيب ستّ ركعات أو ركعتين.

ولو نسي الغسل أو الصلاة أعاد الإحرام بعدهما ، والمعتبر الأوّل ، فيترتّب عليه أحكامه.

المبحث الثالث : في الكيفية

والواجب ثلاثة :

الأولى : لبس ثوبي الإحرام ، يأتزر بأحدهما ويرتدي بالآخر ، ولو ائتزر ببعض الثوب الطّويل وارتدى بالباقي أجزأ ، ويحتمل العدم.

ويشترط فيهما الإباحة وجنسيّة ما يصلّى فيه ، وكونه غير حاك ولا مخيط ، وكذا ما اشتبه كالدرع ، ويجوز بالممتزج من الحرير ، ولبس أكثر من ثوبين ، وإبدالهما لكن الأفضل الطواف فيهما.

٢٣١

ولو فقدهما جاز لبس السّراويل والقبا مقلوبا ، يجعل ذيله على كتفيه.

واللبس شرط في صحّة الإحرام ، فلو أحرم عاريا أو في مخيط لم ينعقد على توقّف.

ويجوز للنساء لبس الحرير والمخيط.

ويستحبّ القطن ، وأفضله الأبيض.

ويكره السّود ، والمعصفرة ، والمعلمة ، والوسخة ، والنوم على المصبوغة خصوصا السود.

الثاني : النيّة ، وهي ركن يبطل الإحرام بتركها عمدا وسهوا ، وصورتها : أن يقصد ما يحرم به من حجّ أو عمرة ، وما يحرم له من حجّ الإسلام أو غيره ، ونوعه من تمتّع وغيره ، وصفته من وجوب أو ندب ، والتقرب إلى الله تعالى ، ولا يعتبر النطق بل لو اقتصر عليه بطل ، ويجوز ضمّه.

ولو نوى نوعا ونطق بغيره ، فالمعتبر المنويّ ، ولو نوى الحجّ والعمرة بطلا وإن كان في أشهر الحجّ ، ولو أطلق الإحرام بطل ، وقال الشيخ : إن كان في أشهر الحجّ تخيّر بين الحجّ والعمرة ، وإلّا اعتمر (١).

ولو نسي المنويّ تخيّر فيهما ، ولو لزمه أحدهما تعيّن ، ولو نوى كإحرام فلان صحّ إن علم.

الثالث : التلبيات الأربع ، وهي : « لبيك اللهمّ لبّيك ، لبّيك إنّ الحمد والنّعمة لك ، والملك لك ، لا شريك لك لبّيك ».

__________________

(١) المبسوط : ١ / ٣١٦.

٢٣٢

ولا يجوز ترجمتها اختيارا ، ولا ينعقد إحرام المتمتّع والمفرد إلّا بها ، وللقارن أن يعقد بها ، أو بالاشعار ، أو بالتقليد ، (١) وبأيّها بدأ استحبّ الآخر.

والأخرس يحرّك بها لسانه ، ويعقد بها قلبه ، ويشير بيده ، ولو نوى الإحرام وفعل قبلها ما يحرم عليه لم يلزمه كفّارة وإن لبس ثوبيه.

ويستحبّ رفع الصوت بها للرجال ، وللمحرم لحجّ التمتّع إذا أشرف على « الأبطح » وللراكب على طريق المدينة إذا علت راحلته « البيداء » وللراجل حيث يحرم ، وتكرارها عند صعود الاكام (٢) وهبوط الأهضاب ، وعند النوم واليقظة ، وعند تجدّد الأحوال ، إلى زوال شمس عرفة للحاج ، وإلى مشاهدة بيوت مكّة للمعتمر بالمتعة ، وإلى دخول الحرم للمعتمر مفردا ، وإلى مشاهدة الكعبة لمن خرج من مكّة للإحرام.

ويستحبّ أن يشترط على ربّه أن يحلّه حيث حبسه ، وإن لم يكن حجّة فعمرة لفظا ، فلو نواه لم يعتدّ به ، وفائدته جواز تعجيل التحلّل للمحصور ، ولا يفيد سقوط الحجّ في القابل ولا سقوط الهدي.

المبحث الرابع : في أحكامه

الإحرام ركن يبطل النسك بتركه عمدا ، ولو نسيه حتّى أكمل مناسكه صحّ ، ويحرم إنشاء إحرام آخر قبل الإكمال ، فلو أحرم بالحجّ قبل التقصير عامدا بطلت متعته ، وصارت حجّة مبتولة ، والناسي يمضي في حجّه ، ويستحبّ الدّم.

__________________

(١) في « ب » و « ج » : أو التّقليد.

(٢) الأكمة كقصبة : تلّ صغير. مجمع البحرين.

٢٣٣

ويجوز للمفرد إذا دخل مكّة أن يجعل حجّه عمرة التمتع إلّا أن يلبّي فينعقد إحرامه مفردا ، وإذا تمتّع بالعمرة ندبا ، وجب الحجّ.

وإحرام المرأة كإحرام الرجل إلّا ما استثني ، ويصحّ من الحائض والنفساء لكن لا تصلّي له ، فلو تركته لظنّ فساده رجعت إلى الميقات ، فأحرمت منه ، ولو تعذّر فمن أدنى الحلّ ، فإن تعذّر فمن موضعها ولو بمكّة.

ويجب الإحرام على كلّ مريد الدخول إلى مكّة إلّا المتكرر ومن دخل لقتال أو قبل مضيّ شهر من إحرامه الأوّل.

وكلّ ما يجب ويستحبّ في إحرام العمرة ، فهو كذلك في إحرام الحجّ.

المبحث الخامس : فيما يحرم به

وهو اثنان وعشرون شيئا :

الأوّل : صيد البرّ ، وهو الحيوان الممتنع بالأصالة ، فيحرم الفرخ والبيض ، ولا يحرم الإنسيّ بالتوحّش ، كما لا يحلّ الوحشي بالاستيناس ، والمتولّد منهما يلحق بالاسم ، فإن انتفيا اعتبر جنسه.

ولا فرق بين المباح والمملوك ، فيحرم اصطيادا وذبحا وأكلا وإن ذبحه محلّ ، وإشارة ، ودلالة وإغلاقا ، إلّا السباع والحيّة والعقرب والفأرة والدجاج الحبشي.

ويجوز رمي الحدأة والغراب ، وشراء القماري والدّباسي (١) وإخراجها من مكة لا قتلها.

__________________

(١) في مجمع البحرين : في الحديث ذكر القمري والدّباسي ، هو بفتح الدال المهملة ، ويقال له : الدبسي أيضا بضمّ الدال : طائر صغير منسوب إلى دبس الرطب لأنّهم يغيّرون في النسب.

٢٣٤

ويجوز صيد البحر ، وهو ما يبيض ويفرخ في الماء.

الثاني : النساء وطيا ، ولمسا ، وتقبيلا ، ونظرا بشهوة ، وعقدا له ولغيره ، وشهادة عليه ، وإقامة وإن تحمّلها محلّا ، ولو تحمّلها محرما جاز الأداء بعد الإحلال.

ولو عقد المحرم لنفسه أو لغيره ، محلّا كان أو محرما بطل ، وكذا لو عقد له غيره.

ولو وكّله محرما فعقد بعد الإحلال صحّ ، ولو انعكس بطل.

ويجوز توكيل الأب المحرم محلّا عن ولده المحلّ ، ويقدّم قول مدّعي إيقاع العقد في الإحلال مع اليمين وعدم البيّنة ، فإن كان المرأة فلها المهر ويلزمها حقوق الزوجية ، وبالعكس يلزمه المهر وتوابع العقد كتحريم الأخت والخامسة ، ولا يرجع عليها بما قبضت من المهر ، ولا تطالبه به مع عدم الدخول ، ومعه تطالب بأقلّ الأمرين من المسمّى ومهر المثل.

ولو شكّا في وقوعه في الاحلال والإحرام ، فالأصل الصحّة ، ويجوز الرجعة وشراء الإماء وإن كان للتسري ، والطلاق وشبهه ، ويكره الخطبة له ولغيره.

ويحرم على المرأة ما يحرم على الرّجل.

الثالث : الطيب على العموم أكلا ولمسا وشمّا ، ويجوز ابتداء واستدامة ، إلّا خلوق الكعبة ، فإن اضطرّ قبض على أنفه ، ولا يقبض عليه من الكريهة (١) ، ولو

__________________

(١) في « ب » و « ج » : الكراهة.

٢٣٥

مات المحرم منع من الكافور في الغسل والحنوط ، ويحرم في الكحل والدّهن وقبل الإحرام إذا بقيت رائحته بعده.

ويجوز شراء الطّيب ومسّه ما لم يتعلّق به أو بثوبه رائحته ، ولا تحرم الفاكهة والرياحين ولا الشيح والخزامي (١) وشبهه.

الرابع : الادهان إلّا لضرورة ، ويجوز أكله.

الخامس : إزالة الشعر عن رأسه أو بدنه اختيارا ، فيجوز للأذى.

السادس : قلم الأظفار.

السابع : إخراج الدّم اختيارا ولو بالسّواك والحكّ.

الثامن : الحنّاء للزينة لا للسّنة ، وفي حكمه ما يبقى بعده.

التاسع : لبس الخاتم للزينة ، ويجوز للسّنة.

العاشر : النظر إلى المرآة.

الحادي عشر : قتل هوامّ الجسد ، ويجوز نقله وإلقاء القراد والحلم. (٢)

الثاني عشر : لبس السلاح لغير ضرورة ، ولا تحرم المنطقة. (٣)

الثالث عشر : الفسوق ، وهو الكذب.

الرابع عشر : الجدال ، وهو الحلف.

__________________

(١) في مجمع البحرين : الشيح والخزامى : نبتان من نبات البادية.

(٢) في مجمع البحرين : القراد ـ كغراب ـ : هو ما يتعلّق بالبعير ونحوه وهو كالقمّل للإنسان.

والحلم ـ بالتحريك : القراد الضّخم.

(٣) في مجمع البحرين : المنطق كمنبر : ما يشدّ به الوسط.

٢٣٦

الخامس عشر : قطع الشجر والحشيش إلّا المملوك والإذخر (١) وشجر الفواكه والنخل وعودي المحالة. (٢)

السادس عشر : الاكتحال بالسواد.

السابع عشر : ويختصّ الرجل بتحريم تغطية الرأس ولو بالماء والحمل ، فإن غطّاه ناسيا ألقاه واجبا ، وجدّد التلبية استحبابا.

الثامن عشر : ولبس ما يستر ظهر القدم كالخفّ والشمشك ، ولو اضطرّ جاز ، والنعل أولى من الخفّ ، ولا يجب شقّه ، ولا قطع الشراك.

التاسع عشر : ولبس المخيط وإن لم يضمّ البدن (٣) ، ويحتمل اشتراطه ، لأنّه المتبادر إلى الفهم ، فعلى الأوّل يحرم المرقّع (٤) لا على الثاني ، ويجوز لبس الطيلسان لكن لا يزرّه.

العشرون : والتظليل سائرا اختيارا فلو زامل المضطرّ أو المرأة اختصا به ، ويجوز المشي تحت الظّلال.

الحادي والعشرون : وتختص المرأة بتحريم لبس الحليّ إلّا المعتاد ، فيحرم إظهاره للزوج.

__________________

(١) في مجمع البحرين : الإذخر ـ بكسر الهمزة والخاء ـ : نبات معروف ، عريض الأوراق ، طيب الرائحة ، يسقّف به البيوت ، يحرقه الحداد بدل الحطب والفحم.

(٢) المحالة : هي البكرة العظيمة الّتي يستقى بها. مجمع البحرين.

(٣) وفي الدروس : ١ / ٣٧٦ مكان « الضمّ بالبدن » : الإحاطة به.

(٤) الرّقعة بالضم : الخرقة الّتي يرقع فيها الثوب. مجمع البحرين.

٢٣٧

الثاني والعشرون : وتغطية الوجه ، ويجوز النقاب وسدل القناع إلى أنفها ، ولا تلصق به وجهها. (١)

المطلب الثاني : [ في ] الطواف

وفيه مباحث :

[ المبحث ] الأوّل : في مقدّماته ، وهي واجبة ومندوبة ، فالواجب :

إزالة النجاسة عن الثوب والبدن ، ولا يعفى عمّا عفي عنه في الصلاة ، فلو طاف مع علم النجاسة أعاد ، وفي الناسي توقّف ، ولو علم في الأثناء أزالها وأكمله ، ولو علم بعده أجزأ.

والطهارة من الحدث في الواجب ، فلو أخلّ بها أعاد الطواف والصلاة ، وتستحبّ الإعادة في النفل.

والختان في الرجل مع التمكّن.

وستر العورة ، ولا يشترط المشي فيجوز الركوب فيه.

والمندوب : الغسل لدخول الحرم ولدخول مكّة ، والأفضل من بئر « ميمون » أو من « فخّ » ومع التعذّر بعد دخوله ، ومضغ الإذخر ، ودخول مكّة من أعلاها حافيا على سكينة ووقار ، ثمّ الغسل لدخول المسجد الحرام ، ثمّ يقف على باب « بني شيبة » ويسلّم على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ويدعو بالمأثور ، ويدخل منه.

المبحث الثاني : في الكيفيّة

وفيها واجب وندب.فالواجب اثنا عشر :

__________________

(١) في « ج » : فلا تلصق به وجهها.

٢٣٨

الأوّل : النيّة ، ويجب أن يقصد به عمرة التمتع لوجوبه قربة إلى الله تعالى ، والمقارنة لأوّله والاستدامة.

الثاني : البدأة بالحجر ، وهو أن يحاذي بأوّل جزء من بدنه من الحجر (١) ممّا يلي الركن اليماني ، ويكفي الظنّ ، فلو بدأ بغيره أعاد عنده.

الثالث : الختم بما بدأ.

الرابع : جعل البيت على اليسار ، فلو خالف بطل وإن استقبله.

الخامس : خروجه بجميع بدنه عن البيت ، فلو مشى على أساسه أو مسّه بيده لم يصحّ. (٢)

السادس : إدخال الحجر ، فلو أخرجه ، أو مشى على حائطه أو مسّ خارجه ، بطل.

السابع : إخراج المقام.

الثامن : مراعاة بعده في الجوانب.

التاسع : الموالاة ، فلو قطعه لحدث ، أو لحاجة ، أو لغيره ، أو لدخول البيت ، فإن تجاوز النصف بنى وإلّا أعاد ، وكذا لو قطعه لصلاة فريضة حاضرة أو للوتر ، أو لإزالة النجاسة ، وفي النافلة بنى مطلقا.

العاشر : إكمال سبعة أشواط ، من الحجر إليه شوط ، فإن زاد في فريضة عمدا بطل ، ولو كان سهوا فإن ذكر قبل بلوغ الحجر قطع ، وصحّ طوافه ، وبعده يكمل اسبوعين ندبا ، ويصلّي للفرض قبل السّعي ، وللنفل بعده.

__________________

(١) كذا في « أ » ولكن في « ب » و « ج » : أن يحاذى بأوّل جزء من بدنه أو جزء من الحجر.

(٢) في « أ » : لم يقع.

٢٣٩

ولو نقضه (١) فإن جاوز النصف رجع وأكمله ، وإلّا استأنفه ، ولو رجع إلى أهله استناب.

وتكره الزيادة في النافلة ، وينصرف على الوتر استحبابا.

الحادي عشر : حفظ العدد ، فلو شكّ في عدده بعد انصرافه لم يلتفت (٢) مطلقا ، ولو شك في الأثناء بطل في النقيصة ، ولو كان في الزيادة ، فإن تعلّق الشك بالسابع ولم يبلغ الحجر بطل ، وإن بلغ أو خرج السابع من الشكّ صحّ.

ويجوز التعويل على غيره في العدد ، فإن شكّا وتساويا فكما تقدّم ، وإن اختلفا ألحق الحكم بشكّ الطائف ، ولو شكّ في النافلة بنى على الأقلّ.

الثاني عشر : صلاة ركعتين كالصّبح بعده ، ومحلّها مقام إبراهيم عليه‌السلام ، حيث هو الآن ، فإن منعه زحام صلّى خلفه أو إلى أحد جانبيه ، ويصلّي ركعتي طواف النافلة في المسجد حيث شاء.

ولو نسيهما رجع ، ولو شقّ قضاهما حيث ذكر ، ولو مات قضاهما الوليّ.

ويستحبّ أن يقرأ في الأولى الحمد والتوحيد ، وفي الثانية الحمد والجحد.

والندب عشرة :

الأوّل : استقبال الحجر بجميع بدنه.

الثاني : حمد الله تعالى والثناء عليه ، والصّلاة على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والدّعاء.

__________________

(١) في « أ » : نقصه.

(٢) في « أ » « لم يثبت » ولعلّه مصحّف.

٢٤٠