معالم الدين في فقه آل ياسين - ج ١

شمس الدين محمد بن شجاع القطان الحلّي

معالم الدين في فقه آل ياسين - ج ١

المؤلف:

شمس الدين محمد بن شجاع القطان الحلّي


المحقق: الشيخ ابراهيم البهادري
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة الإمام الصادق عليه السلام
المطبعة: مؤسسة الإمام الصادق عليه السلام
الطبعة: ١
ISBN: 964-357-049-5
الصفحات: ٦٢٤
الجزء ١ الجزء ٢

ولا يشترط فيه القبض ، نعم يجوز اشتراطه واشتراط وضعه على يد عدل فيلزم ، ويشترط فيه ما يشترط في الوكيل.

فروع

الأوّل : ليس للحاكم أو لأحدهما نقله عنه (١) ما لم يتّفقا عليه ، فإن تغيّرت حاله أجيب طالب النقل ، فإن اتّفقا على غيره ، وإلّا دفعه الحاكم إلى الثقة.

الثاني : للعدل دفعه إليهما لا إلى أحدهما إلّا برضاء الآخر ، فإذا دفعه إليهما وجب القبول ، فإن امتنعا جبرهما الحاكم ، فإن استترا سلّمه إلى الحاكم ، فإن تعذّر فإلى الثقة ولو لم يمتنعا لم يجز تسليمه إلى الحاكم ولا إلى غيره (٢) إلّا بإذنهما ومع عدمه يضمن هو والقابض ، ويستقرّ الضمان على من تلف في يده.

ولو غابا أو أحدهما لم يجز دفعه إلى الحاكم إلّا لضرورة ، ولا إلى غيره إلّا بإذنه ، إلّا أن يتعذّر.

وكلّ موضع لا يجوز الدفع يضمن ، ولا ضمان مع الجواز.

الثالث : لو اضطر العدل إلى السّفر ، أو عجز عن الحفظ ، وتعذّر المالك ، سلّمه إلى الحاكم أو إلى من يقبض عنه ، فإن تعذّر فإلى الثقة ولا ضمان.

الرابع : يجوز وضعه على يد عدلين ، وليس لأحدهما التفرّد به (٣) وإن أذن الآخر ، فيضمن النّصف. (٤)

__________________

(١) الضمير يرجع إلى العدل.

(٢) في « أ » : ولا إلى غيرهما.

(٣) في « أ » : التفرد به فيه.

(٤) قال العلّامة في القواعد : ٢ / ١١٩ : لو جعلاه على يد عدلين جاز وليس لأحدهما التفرّد به ولا ببعضه ، ولو سلّمه أحدهما إلى الآخر ضمن النّصف ، ويحتمل أن يضمن كلّ منهما الجميع.

٤٢١

الفصل الثاني

[ في ] الحقّ

ويشترط ثبوته أو آئل إليه (١) وإمكان استيفائه من الرّهن ، فلا يصحّ على ثمن ما يشتريه ، أو ما يستدينه ، ولا على ما حصل سبب ثبوته كمال الجعالة قبل الردّ ، والدّية قبل استقرار الجناية.

ويجوز على كلّ قسط بعد حلوله على العاقلة في الخطأ ، ومطلقا في غيره ، لأنّ الدية تثبت في ذمّة الجاني بنفس الجناية ، بخلاف العاقلة ولا على الإجارة المتعلّقة بعين المؤجر ، لعدم إمكان استيفاء المنفعة من الرّهن ، بخلاف ما لو استأجره على عمل مطلق ، لإمكان الاستيفاء.

ويجوز على الدّين المؤجّل ، وعلى مال الجعالة بعد الردّ ، ومال السبق والرماية ، وعلى النفقة الماضية أو الحاضرة ، دون المستقبلة ، وعلى الثمن في مدّة الخيار ، وعلى مال الكتابة وإن كانت مشروطة ، فإن فسخ فيهما بطل الرّهن.

وفي جوازه على الأعيان المضمونة كالمغصوب والمقبوض بالسّوم والعارية المضمونة ، قولان ، ومعنى الجواز الاستيفاء من الرهن إن تعذّر الرّدّ ، أو تلفت أو نقصت ، وإلّا فلا.

ويجوز زيادة الرهن بالدين الواحد وبالعكس ، ولا يشترط فسخ الرهن

__________________

(١) في القواعد : ٢ / ١١٤ في عداد شروط الحقّ : « أن يكون دينا لازما أو آئلا إليه ». قال في جامع المقاصد : ٤ / ٨٧ : والمراد بكونه آئلا إلى اللزوم : أن يكون ثبوته في الذمّة بالقوّة القريبة من الفعل كما في مسألة التشريك بين الرّهن وسبب الدّين.

٤٢٢

الأوّل ثمّ يرهنه على الدينين ، ولا إرادة كونه رهنا عليهما ، فلو أطلقا لم يبطل الأوّل ، وكذا لو رهنه عند آخر وأجاز الأوّل.

ويجوز جمع سبب الدين والرهن في عقد واحد بشرط تقديم السبب ، فيقول : بعتك الدار بمائة أو أقرضتك مائة وارتهنت العبد بها ، فيقول : قبلتهما أو اشتريت ورهنت.

الفصل الثالث

[ في ] المرهون

وشرطه أن يكون عينا ، مملوكا ، يمكن قبضه ، ويصحّ بيعه ، معيّنا كان أو مشاعا ، فلا يصحّ رهن الدين ، ولا المنفعة ، ولا ما لا يملكه مالك ، كالحشرات ، ولا ما لا يملك المسلم ، كالخمر إذا كان أحدهما مسلما ، وإن رهنها الذمي عند المسلم على يد ذمّي ، ولو رهن ما لا يملك وقف على الإجازة ، وكذا لو ضمّه إلى ملكه.

ولا أرض الخراج ، ويصحّ رهن ما فيها من البناء والشجر ، ولا الطير في الهواء إلّا أن يعتاد عوده ، ولا السمك في الماء إلّا أن يكون محصورا مشاهدا ، ولا [ العبد ] المسلم والمصحف عند الكافر ، إلّا أن يوضعا على يد مسلم ، ولا الوقف وإن اتّحد الموقوف عليه ، ولا المكاتب مطلقا ، ولا أمّ الولد ولو في ثمن رقبتها.

ويصحّ رهن المدبّر فيبطل التدبير ، ورهن ذي الخيار ، وهو من البائع فسخ ومن المشتري إجازة ، ورهن المرتدّ مطلقا ، وكذا الجاني ، ولا يجبر السيد على افتدائه ، فإن فداه أو المرتهن فالرهن باق ، وإلّا قدّم حقّ الجناية ، فإن

٤٢٣

استغرق الأرش قيمته بطل ، وإلّا ففي المقابل ، ورهن اللّقطة من الخضر إذا حلّ الحقّ قبل تجدّد الثانية وبعدها إن تميّزت وإلّا فتوقّف ، ورهن الغلام الحسن والجارية الحسناء عند الفاسق ، ورهن ذات الولد الصغير فيباعان معا ، ويختصّ المرتهن بقيمة الأمّ ، فتقوّم مع الولد وبدونه ، ويؤخذ من الثمن بالنسبة ، ويحتمل تقويم الولد منفردا ، ورهن ما يسرع إليه الفساد قبل الأجل إن شرط بيعه وجعل الثمن رهنا ، وإن شرط عدمه بطل ، وإن أطلق صحّ ، ويباع ويجعل ثمنه رهنا على رأي ، ولو طرأ الفساد استأذن الراهن في بيعه ، فإن تعذّر فالحاكم.

فروع

الأوّل : لو رهن ما لا يملك فصادف الملك بميراث وشبهه صحّ ، ولو رهن ما يملك فيه الرجوع قبل الرّجوع كالموهوب لم يصحّ.

الثاني : لو رهن الوارث التركة وهناك دين بني على انتقال التركة وعدمه ، فعلى الأوّل إن قضى الدّين صحّ الرهن وإلّا بطل ، وعلى الثاني يبطل من رأس.

الثالث : لو رهن عصيرا فصار دبسا أو خلًّا فالرهن باق ، ولو صار خمرا زال ملك الراهن ، وبطل الرهن ، ولو عاد خلًّا عاد الملك والرهن.

الرابع : لا يبطل الرهن بتغيّر الصفة ، فلو أحضن البيضة ، أو زرع الحبّ ، أو نسج الثوب ، فالرهن باق.

الخامس : لو استعار للرهن جاز ، وللمالك الرجوع قبل العقد لا بعده وإن لم يقبض ، ولا يجب ذكر قدر الدّين وجنسه ووصفه وتأجيله وحلوله ، فإن عيّن شيئا من ذلك لم يتعدّه ، فإن رهن على أنقص صحّ ، وإن رهن على أزيد فإن

٤٢٤

قال : وعلى كلّ جزء منه ، بطل في الجميع وإلّا في الزائد ، ولو كانت الزيادة في الأجل بطل فيما زاد ، وإن لم يعيّن رهنه كيف شاء ، وللمالك أن يطالبه بالفكّ متى شاء إن لم يعيّن أجلا ، وإلّا عند الحلول لا قبله.

وإذا باعه الغريم رجع المالك على الراهن بالأكثر من قيمته وما بيع به ، ولو أتلف أو تعذّرت إعادته ضمنه الراهن بقيمته وإن لم يفرّط ، وكذا لو لم يرهنه ، ولا شي‌ء على المرتهن لو تلف في يده.

السّادس : لا تدخل زوائد الرهن فيه ، متّصلة كانت أو منفصلة ، ولو شرط الدخول دخلت.

الفصل الرابع

في الراهن

وفيه بحثان :

الأوّل : يشترط فيه كمال العقل ، وجواز التصرّف ، والاختيار ، والملك أو حكمه كالمستعير ، فلا ينعقد رهن الصّبي والمجنون وإن أجاز الوليّ.

ويجوز للوليّ رهن ماله مع الحاجة والمصلحة كالاستدانة لنفقته ، أو لإصلاح ماله.

ولا يجوز رهن المحجور عليه لسفه أو فلس ، ولو تجدّد لزم وإن لم يقبض ، ولا رهن المكره ، نعم لو أجاز بعد زواله صحّ.

ولو تعدد الرّاهن فقضى واحد ، فإن شرط المرتهن الرهن على كلّ جزء من الدّين لم تنفك حصّته ، وإلّا انفكّت ، ولو أراد قسمته مع المرتهن توقّف على إذن الشريك ، سواء كان متساوي الأجزاء أو لا.

٤٢٥

البحث الثاني : في أحكامه

لا يجوز للراهن التصرّف في الرهن إلّا بإذن المرتهن ، فلو بادر وقف على الإجازة وإن كان عتقا ، ولا يغرم له رهنا بدله ، ولا تقع العقود باطلة ، بل يلزم من جهة الراهن ، فلا يقبل رجوعه قبل الفكّ ، ولو وهب بإذنه فرجع قبل القبض صحّ.

ولو باع بإذنه صحّ ، وبطل الرهن ، ولا يجب رهن الثمن إلّا مع الشرط ، ولو اختلفا في الاشتراط حلف الراهن ، وله الرجوع في الإذن قبل البيع لا بعده.

ولو باع بغير إذن فطلب المرتهن الشفعة لم يصحّ ، ولم يكن إجازة.

ولو وطئ المرهونة بإذنه لم يبطل الرّهن ، ولو أحبلها صارت أمّ ولد ، والرهن مقدّم ، فتباع في الدين ، وكذا لو لم يأذن.

ولو ماتت في الطلق ضمن قيمتها يومه.

الفصل الخامس

في المرتهن

وفيه بحثان :

الأوّل : يشترط فيه كمال العقل ، وجواز التصرّف ، والاختيار ، ولوليّ الطفل والمجنون الارتهان على إسلاف مالهما مع الغبطة ، دون إقراضه إلّا أن يخشى تلفه ، فيأخذ عليه رهنا ، فإن تعذّر أقرضه من الثقة الملي‌ء.

ويجوز للمكاتب والمأذون في التّجارة الارتهان إيجابا وقبولا ، ولو

٤٢٦

تعدّد المرتهن كان بمنزلة عقدين ، فكلّ منهما مرتهن للنصف (١) فإذا قضى أحدهما أو أبرأ انفكّت حصّته ، وله مطالبة المرتهن الآخر بالقسمة إن لم يكن ضرر ، وإلّا فنصفه في يده رهن والنصف الآخر أمانة.

البحث الثاني : في أحكامه

لا يجوز للمرتهن التصرّف في الرهن ، ولو تصرّف وقف على الإجازة إلّا العتق ، ومع التصرّف يلزمه الأجرة ويحسبها من النفقة ، ويضمن العين بالمثل أو القيمة يوم تلفه.

ولو باع بإذن الراهن قبل الأجل لم يجز له التصرّف في الثمن.

والرهن أمانة في يده لا يضمنه إلّا بتفريط ، ولا يسقط بتلفه شي‌ء من الحقّ ، ولو لم يوجد في تركته فهو كسبيل ماله.

ولو أكره المرهونة على الوطء فعليه العشر أو نصفه ، ولا شي‌ء لو طاوعت.

ويجوز للمرتهن أن يشترط وضعه على يد عدل ، (٢) والوكالة لنفسه أو لوارثه أو لأجنبي في العقد فيلزم ، ولا يملك الراهن فسخها ، وتبطل بموته دون الرهانة ، وبموت المرتهن ، ولا تنتقل إلى وارثه إلّا بالشرط.

وتنتقل الرهانة كباقي الحقوق ، ويجوز اشتراط الوصيّة أيضا ، وتبطل بموت المرتهن دون الرهانة ، إلّا أن يشترطها لوارثه.

__________________

(١) في « ب » و « ج » : مرتهن النصف.

(٢) في « أ » : عادل.

٤٢٧

ولو أقرّ بالدّين انتقلت الرهانة دون الوكالة والوصيّة ، ولو لم يكن وكيلا ولا وصيّا وحلّ الدّين ، أو كان حالّا وامتنع الراهن من الإيفاء باع الحاكم عن الراهن أو حبسه حتّى يبيع.

ولا يجوز اشتراط الرهن مبيعا عند الحلول وعدم الأداء ، بل يبطل البيع ، ويضمنه بعد الحلول لا قبله ، لأنّه قبل الحلول مقبوض بالرّهن الفاسد وبعده بالبيع الفاسد ، وإذا أمر المالك المرتهن بالبيع والقبض والاقتضاء صحّ الجميع ، ولا يكفي القبض عن الاقتضاء بل لا بدّ من تجديد الكيل أو الوزن.

ولو قال : بعه لي واقبضه لنفسك صحّ البيع وفسد القبض ، وضمن.

ولو قال : بعه لنفسك ، بطل ، ولو أطلق صحّ ، ولم يقبض الثمن إلّا بإذنه.

فروع

الأوّل : لو (١) شرط الوكالة لأجنبيّ صحّ ولزمت من جهة الراهن خاصّة ، ولا يبيع إلّا بإذن المرتهن ، ولا يفتقر إلى إذن الراهن ، ولو أتلفه أجنبيّ ضمن مثله أو قيمته ، ويكون رهنا ، ولم يكف الإذن الأوّل.

الثاني : إذا عيّنا له قدرا فباعه بأقلّ ممّا يتغابن به صحّ ، وإلّا بطل ويضمن قيمته.

ولو أطلقا باعه بثمن المثل نقدا بنقد البلد ، فإن تعدّد فبالأغلب ، ومع التساوي فبمثابة الحقّ ، ولو (٢) خالفهما (٣) عيّن الحاكم ، ولو اختلفا في التعيين باعه بأمر الحاكم.

__________________

(١) في « أ » : إذا.

(٢) في « أ » : فلو.

(٣) الضمير المرفوع في « خالفهما » يرجع إلى الحقّ والضمير المثنّى يعود إلى النقدين المستفاد من سياق الكلام ، ولمزيد التوضيح لاحظ جامع المقاصد : ٥ / ١١٧.

٤٢٨

الثالث : لو ادّعى (١) قبض الثمن من المشتري فكذّباه ، فالقول قوله مع يمينه على الأقوى.

الرابع : لو ادّعى تلف الرهن أو تلف الثمن ، قبل قوله مع اليمين ولا يضمن ، ولو تلف في يده بغير تفريط فهو من الراهن.

الخامس : لو ادّعى دفع الثمن إلى المرتهن ولم يقم بيّنة ولا صدّقه الراهن ، فالقول قول المرتهن مع يمينه ، ويرجع على الوكيل بأقلّ الأمرين من القيمة والدّين ، ولا يرجع الوكيل على الراهن ، وللمرتهن الرجوع على الراهن ، فيرجع على الوكيل إلّا أن يكون الدّفع بحضرته أو ببيّنة غابت أو ماتت.

السادس : لو خرج الرهن مستحقّا بعد بيعه ، رجع المشتري بالثمن مع بقائه ، ومع تلفه يرجع على الراهن إن علم بالوكالة ، وإلّا رجع على الوكيل ، ولو كان بعد دفع الثمن إلى المرتهن رجع المشتري عليه ، ولو ردّه بعيب رجع على الراهن إن علم بالوكالة ، وإلّا على الوكيل إن أقرّ بالعيب ، ويرجع على الراهن إن أقرّ به (٢) وإلّا حلّفه.

السابع : إذا باع الوكيل وقبض الثمن ، فالعهدة على الرّاهن حتّى يقبضه المرتهن.

__________________

(١) في « ب » و « ج » : ولو ادّعى.

(٢) في « ب » و « ج » : إن أقرّا به.

٤٢٩

الفصل السادس

في أحكامه

وفيه مسائل :

الأولى : إذا تمّ الرهن استحقّ المرتهن دوام يده ، وصار أولى من الغرماء ، سواء الحيّ والميّت ، ولو أعوز ضرب معهم.

ولا يشترط الأجل في دين الرهن ولا في الارتهان.

الثانية : لو خاف جحود الوارث استوفى دينه من الرهن ، فإن أقرّ به كلّف البيّنة ، وله إحلاف الوارث على نفي العلم.

ولو كان بالدينين رهنان فأدّى أحدهما لم يجز إمساكه بالآخر ، ولو كان بأحدهما رهن فأدّى ما عليه لم يجز إمساكه بالآخر.

الثالثة : يجب على الراهن علف الدابة ، وسقيها ، وسقي الشجر ، وأجرة الجذاذ والمسكن ، وجميع المؤن ، وله الفصد والحجامة والختن ، لا ما هو بخطر كقطع السّلع.

وفوائد الرهن له ، فلا يدخل الحمل ولا الثمرة وإن تجدّدت ، ولا ثمرة النخل وإن لم تؤبّر وفي إجباره على الإزالة توقّف ، ولا الزرع والشجر في رهن الأرض وإن قال : « بحقوقها » ولا ما ينبت فيها إلّا أن يكون من الرهن.

ويدخل الجميع مع الشرط ، والنّماء المتّصل مطلقا ، ومنه اللّبن في الضرع ، والصوف وشبهه على الظّهر.

الرابعة : لو جنى العبد المرهون قدّم حقّ المجنيّ عليه ، فيقتصّ في

٤٣٠

العمد أو يسترقّ الجميع إن استوعبت وإلّا المقابل ، فالباقي رهن ، وفي الخطأ إن فكّه المولى فالرّهن بحاله ، وإن سلّمه فللمجنيّ عليه بيعه أو استرقاقه إن استغرقت الجناية ، وإلّا المقابل ، فالباقي رهن.

ولو جنى عليه قدّم حقّ المولى ، فيقتصّ في العمد أو يعفو ، ولا يجب عليه أخذ القيمة ، وفي الخطأ تؤخذ القيمة من الجاني ، ويتعلّق الرّهن بها دون الوكالة والوصيّة ، والخصم الراهن فإن امتنع فالمرتهن ، ومع نكول الغريم يحلف الرّاهن دون المرتهن ، ولو عفا الرّاهن أخذ المال من الجاني ، ثمّ إن فكّه صحّ العفو ، وإلّا فلا.

ولو أبراه المرتهن لم يصحّ ، ولم يسقط حقّه من الارتهان.

الخامسة : لو رهن الغاصب أو المستعير أو المودع أو المستأجر ، تخيّر المالك في الرجوع عليهم أو على المرتهن ، ويرجع عليهم مع الجهل لا مع العلم.

السادسة : يبطل الرّهن بالأداء أو الإبراء أو الضمان أو الاعتياض ، وبإسقاط حقّ الرّهانة ، فلو أدّى البعض فإن شرط الرهن على كلّ جزء منه لم ينفكّ إلّا بأداء الجميع ، وإلّا انفكّ بنسبة ما أدّى.

ولو رهن شيئين صفقة لم ينفكّ أحدهما إلّا بأداء الجميع ، ولو تعدّدت انفكّ بأداء ما يخصّه.

ولو كانت التركة مرهونة فأدّى أحد الورّاث من الدين ما يخص نصيبه منها لم ينفكّ.

السابعة : لو أقرّ الراهن بغصب العبد أو جنايته أو عتقه قبل رهنه ،

٤٣١

فإن صدّقه المرتهن بطل الرهن ، وحكم بموجب الإقرار ، وإن كذّبه حلف على نفي العلم ، وبقي الرّهن ، وغرم المقرّ للمقرّ له [ للحيلولة ] ، وإن نكل [ المرتهن ] حلف المقرّ له ، وبطل الرّهن ، وعمل بما يقتضيه الإقرار.

فإن نكل المقرّ له بقي الرّهن ، ويغرم المقرّ للمغصوب منه قيمة العبد ، وللمجنيّ [ عليه ] أرش الجناية أو أقلّ الأمرين ، وللعبد فكّه إن كان الدّين حالّا أو عند الحلول.

فروع

الأوّل : لو تعذّر فكّه وبيع في الدّين ، وجب على المقرّ ابتياعه بقيمته مع البذل ، وبالأزيد على توقّف ، ويحكم بعتقه ، ويغرم له المقرّ أجرة ما استوفاه المشتري من منافعه دون غيرها.

الثاني : لو أعتقه المشتري طالب العبد المقرّ بأجرة ما استوفاه المشتري من المنافع ، ولو لم يعتقه ضمنها المقرّ لما يتبع به بعد العتق (١).

ولو مات العبد ولم يكن عليه شي‌ء ، رجع بها الوارث إن كان ، وإلّا الإمام إن لم يكن للمقرّ ولاء.

الثالث : لو أعتقه المشتري تبرّعا ثمّ مات ولا وارث له ، ورثه المشتري ، وضمن المقرّ للإمام إن لم يكن له ولاء وإلّا فلا.

الرابع : لو أعتقه المشتري في كفّارة أو نذر غير معيّن ثمّ مات ، فورثه المقرّ ، أخرج الكفّارة والنذر من خاصّته ، ولو نذر عتقه لم يضمن المقرّ شيئا.

__________________

(١) لاحظ في توضيح العبارة جامع المقاصد : ٥ / ١٦٩ ـ ١٧١.

٤٣٢

الخامس : لو كاتبه المشتري وجب على المقرّ أداء ما عليه ، فإن أدّى من سعيه ضمنه له ، وإن أعتقه من الزكاة أو أبرأه المولى لم يضمن له شيئا ، ولو كانت مشروطة فاسترقّ لعجزه رجع المقرّ بما دفعه.

السادس : لو استولدها المشتري ثمّ مات ، فورثه المقرّ والولد ، لم يحسب على الولد نصيب المقرّ.

الفصل السابع

في التنازع (١)

لو اختلفا في وقوع الارتهان ، أو في الردّ ، أو في دخول الثمرة ، أو في أنّ الرهن على بعض الدّين ، أو على المؤجّل ، أو في كون المدفوع وديعة أو رهنا ، أو في قدر الرهن أو الدين ، قدّم قول الراهن مع اليمين.

ولو اختلفا في التفريط ، أو في قيمة الرّهن ، أو القضاء ، أو الإبراء ، أو في أنّه رجع على الإذن في البيع قبله ، قدّم قول المرتهن.

ولو اختلفا في رهن العبد أو الجارية حلف الراهن على ما أنكره وانتفى الرّهن ، أمّا لو اختلف البائع والمشتري في رهن العبد أو الجارية على الثمن قدّم قول الراهن ، ولو كان بأحد الدّينين رهن فادّعى أنّه دفع من ذي الرّهن قدّم قوله مع اليمين ، ولو لم ينو وزّع.

ولو ادّعى رهن عبدهما فصدّقه أحدهما قبلت شهادته على الآخر ، إلّا أن يكون الرّهن على كلّ جزء من الدّين.

__________________

(١) في « أ » : في النزاع.

٤٣٣

أمّا لو كذّباه لم تقبل شهادة أحدهما على الآخر ، لزعم كذبهما.

ولو ادّعيا رهن عبده عندهما فصدّق أحدهما ثبت رهن نصفه ، وفي الشركة وجهان ، فإن قلنا بها لم تقبل شهادته للآخر وإلّا قبلت.

ولو اختلفا فيما يباع به الرهن بيع بالنقد الغالب ، فإن تعدّد بيع بمثابة الحقّ ولو طلبا غير الغالب ردّهما الحاكم إليه.

ولو ادّعى على العبد المرهون أنّه جنى ، لم يقبل تصديق الرّاهن ولا المرتهن ، لكن إذا صدّقه الرّاهن فإن بيع في الدّين سقط حقّ المجنيّ عليه ، ولا ضمان على الرّاهن ، وإن فكّ تعلّقت به الجناية.

ولو أقرّ واحد بالجناية عليه فكذّبه المرتهن ، فللرّاهن أخذ الأرش ، ولم يتعلّق به الرّهن ، ولو كذّبه الرّاهن فللمرتهن أخذ الأرش ، ويتعلّق به الرهن ، ثمّ إن قضى الدّين من غيره صار مالا ضائعا.

٤٣٤

المطلب الثالث : في الضّمان

وهو التّعهد بمال أو نفس ، فإن كان بمال وليس عليه مثله ، فهو الضمان ، وإلّا فهو الحوالة ، وإن كان بنفس فهو الكفالة ، فهنا مقاصد :

[ المقصد ] الأوّل :

في الضمان

وفيه مباحث :

الأوّل : الصيغة : وهي « ضمنت » وما بمعناه كـ « تحمّلت » وعليّ له ما على فلان.

ويشترط تنجيزه فلو علّقه بشرط أو صفة ، أو قرنه بخيار بطل ، وتجزئ الكتابة والإشارة مع العجز والقرينة.

ويصحّ ضمان الحالّ والمؤجّل بأجله ، وبأزيد وأنقص ، وضمان المؤجّل حالّا وبالعكس ، فلا يطالبه الضامن حتّى يؤدّي.

ويحلّ بموت الضامن ، فإن كان الأصل حالّا طالب وارثه وإلّا صبر حتّى يحلّ.

٤٣٥

ولو مات المضمون عنه حجر الحاكم على قدر الدّين من التركة ، وتلفه من الوارث ، والنماء له ، ولو أذن في ضمان المؤجّل حالّا فللضّامن المطالبة حالّا ، وإلّا عند الأجل.

ويجوز ترامي الضمان (١) ودوره (٢) ، واشتراطه من مال معيّن وإن لم يف بالدّين ، فإن علم بذلك عند الضمان لم يجب الإتمام وإلّا وجب ، ولو تلف بطل الضمان إلّا أن يكون بتفريط الضامن.

الثاني : الضامن : ويشترط كماله ، وجواز تصرّفه ، فلا يصحّ ضمان الصّبي وإن أذن له الوليّ ، ولو ادّعى وقوعه في الصّبا قدّم قوله مع اليمين ، ولو ادّعى وقوعه في الجنون ، فإن عرف سبقه فكذلك وإلّا فلا.

ويصحّ ضمان السّفيه بعد الحجر ، ولا المفلّس بالنسبة إلى الغرماء ، ولا ضمان المملوك إلّا بإذن مولاه ، فيتبع به ، ولو اشترطه في كسبه جاز ، كما لو شرط من مال معيّن ، والمكاتب كالمملوك.

ويشترط أيضا الملاءة وقت الضمان ، أو العلم بالإعسار ، ولو جهل الغريم حاله كان له الفسخ بخلاف ما لو تجدّد.

الثالث : المضمون له : وهو ذو الدّين ، ويشترط رضاه لا العلم به ولا القبول ، بل عدم الردّ.

الرابع : المضمون عنه : وهو المديون ، ولا يشترط معرفته بل امتيازه ،

__________________

(١) بأن يضمن الضامن ضامن آخر ، والضامن الثاني ثالث وهكذا.

(٢) أي دور الضمان ، بأن يضمن الضامن الأخير المضمون عنه الأوّل ، لاحظ جامع المقاصد : ٥ / ٣٣١.

٤٣٦

ولا رضاه فيصحّ من المتبرّع ، ولا حياته فيصحّ من الميّت ، ولو أنكر الدين لم يبطل الضّمان.

الخامس : في المضمون [ به ] : وهو كلّ مال ثابت في الذمّة وإن تزلزل كالثمن في مدّة الخيار ، ويشترط اللزوم أو المآل إليه : كمال الجعالة قبل العمل ، ويصحّ ضمان مال الكتابة والسبق والرماية والأعيان المضمونة : كالغصب ، والمقبوض بالسوم والبيع الفاسد ، دون الأمانات إلّا العارية المضمونة ، وضمان عهدة الثمن للبائع ، فيرجع على الضامن إذا بطل البيع من رأس ، وعلى البائع إن تجدّد الفسخ : كالتقايل وتلف المبيع قبل القبض ، أو بعيب سابق ، وضمان عهدة المبيع للمشتري ، فيرجع على الضامن لو خرج المبيع مستحقّا ، ولا يصحّ أن يضمن له درك ما يحدثه من غرس أو بناء ، ولو ضمنه البائع صحّ.

ولا يشترط العلم بالكميّة إذا أمكن معرفته كالّذي في ذمّته ، ويلزم ما تقوم به البيّنة في تاريخ سابق على الضمان ، أو أقرّ به المضمون عنه كذلك ، لا ما يقرّ به بعده ، ولا يثبت بالنكول أو بردّ اليمين ، ولا ما يوجد في دفتر وكتاب ، وإن لم يمكن معرفته لم يجز كبعض ما عليه.

ولو قال : ضمنت من واحد إلى عشرة لزمته عشرة ويحتمل ثمانية.

السادس : في الحكم : الضّمان ناقل وإن لم يرض المديون ، فليس للمضمون له مطالبة المضمون عنه ، ولو أبرأه لم يبرأ الضامن ، ولو أبرأ الضامن برئا معا.

وضمان عهدة الثمن للبائع ضمّ ذمّة إلى ذمّة إجماعا ، فللمضمون له مطالبة من شاء ، ثمّ إن كان الضمان بإذنه يرجع بما أدّاه وإن أدّى بغير إذنه ، ولو ضمن

٤٣٧

بغير إذنه لم يرجع عليه وإن أدّى بإذنه ، ويطالب الضامن بما يغرمه ، فلو أبرأ من البعض طالب بالباقي خاصّة.

ولو صولح عن الدين بالأقلّ قدرا أو وصفا رجع بالأقلّ ، ولو صولح بالأزيد رجع بالدين ، ولا يطالب قبل الأداء.

ولو تعدّد الضمان صحّ الأوّل ، ولو اقترنا بطلا.

ولو ضمن كلّ من المديونين صاحبه بإذن المضمون له انتقل ما على كلّ واحد إلى ذمّة الآخر ، ويبرأ كلّ واحد منهما بأداء ما ضمنه.

ولو أبرأ الغريم أحدهما برئ ممّا ضمنه دون الآخر.

ولو كان بغير إذنه فإن أجازهما طالب كلّا بما ضمنه ، وإلّا طالب من أجاز ضمانه بالجميع.

ولو أنكر الضامن الضمان ، فالقول قوله مع يمينه ، فلو استوفى الغريم بالبيّنة فإن أنكر الأصيل الدّين أو الإذن لم يرجع عليه ، وإلّا رجع.

ولو أنكر الغريم القبض ، فالقول قوله مع يمينه ، فإن شهد الأصيل قبل إن لم تكن تهمة ، وإلّا حلف الغريم ، وغرم الضامن ثانيا ، ويرجع (١) عليه بالأوّل ، ولو لم يشهد رجع عليه بالثاني إن لم يزد على الأوّل.

تتمّة

لو خاف أحد ركّاب السّفينة الغرق ، فألقى متاعه ، لم يرجع على أحد وإن

__________________

(١) في « أ » : ورجع.

٤٣٨

نوى الرجوع ، وكذا لو قال أحدهم : ألقه فألقاه ، ولو قال : وعليّ ضمانه ضمنه خاصّة.

ولو قال : عليّ وعلى الركبان ضمانه ، وقصد الاشتراك لزمه ما قصد ، ولم يضمن الباقون شيئا ، ولو أطلق كان كأحدهم ، ويحتمل النّصف.

ولو ادّعى إذنهم فأنكروا ، وحلفوا وضمن الجميع.

ولا يصحّ الضمان مع عدم الخوف ، ولا في مثل : مزّق ثوبك أو اجرح نفسك وعليّ ضمانه.

ويجوز في المباح مثل : طلّق زوجتك وعليّ كذا.

المقصد الثاني

في الحوالة

وفيها بحثان :

[ البحث ] الأوّل : في الشروط

يشترط رضا المحيل والمحتال والمحال عليه ، والعلم بقدر الدّين ، ولزومه أو ما آل إليه ، وملاءة المحال عليه أو العلم بإعساره ، فيصحّ بالثمن في مدّة الخيار ، وبمال الكتابة وإن لم تحلّ النجوم ، وأن يحيل مولاه بثمن ما باعه ، وبالدّين الذي له.

ولو جهل إعساره كان له الفسخ وإن تجدّد إيساره.

ولا يجب قبولها على الملي‌ء ، ويلزم لو قبل ، فليس له الفسخ وإن تجدّد إعساره.

٤٣٩

ولا يشترط الحلول ، فيصحّ تأجيل القبض وإن كان الدين حالّا ، ولا مساواة الحقّين جنسا ونوعا وصفة ، ولا شغل ذمّة المحال عليه.

فلو طالب المحال عليه المحيل بما قبض المحتال ، فادّعى شغل ذمّته بمثله ، قدّم قول المحال عليه مع اليمين ، ويرجع على المحيل بما أدّاه.

فروع

الأوّل : لو أحال مشغول الذمة على برئ ، فإن لم يشترط الشغل فهو بالضمان أشبه ، فإذا أدّى رجع على المحيل ، ولو أبرأ المحتال برئ هو والمحيل ، وإن شرطناه فهو اقتراض ، فإذا قبض المحتال رجع المحال عليه على المحيل ، ولو أبرأه المحتال لم يصحّ ، لأنّه لا دين له عليه ، نعم لو قبض منه ثمّ وهبه برئ ورجع المحال على المحيل.

[ الثاني ] ولو أحال البري‌ء على مشغول الذمّة فهو وكالة ، ولو أحال البري‌ء على البري‌ء فهو وكالة في اقتراض.

البحث الثاني : في الأحكام

وفيه مسائل :

الأولى : الحوالة ناقلة ، فيبرأ المحال عليه من المحيل ، والمحيل من المحتال وإن لم يبرئه ، ولا يرجع المحتال على المحيل وإن افتقر المحال عليه ، ولو أدّى المحيل بعد الحوالة بإذن المحال عليه برئ ورجع عليه ، وإلّا برئ ولم يرجع.

٤٤٠