معالم الدين في فقه آل ياسين - ج ١

شمس الدين محمد بن شجاع القطان الحلّي

معالم الدين في فقه آل ياسين - ج ١

المؤلف:

شمس الدين محمد بن شجاع القطان الحلّي


المحقق: الشيخ ابراهيم البهادري
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة الإمام الصادق عليه السلام
المطبعة: مؤسسة الإمام الصادق عليه السلام
الطبعة: ١
ISBN: 964-357-049-5
الصفحات: ٦٢٤
الجزء ١ الجزء ٢

كتاب الخمس

١٨١
١٨٢

وفيه بحثان :

الأوّل : في محلّه

وهو سبعة :

الأوّل : غنائم دار الحرب : ما حواه العسكر ـ كالأمتعة ـ أولا ـ كالأرض ـ ومنها ما يغنم من أموال البغاة.

الثاني : الكنز ، وهو المال المذخور تحت الأرض ، ومنه ما وجد في ملك أو دابّة مبتاعين ، ولم يعرفه (١) المالك ، فإن عرفه فهو له من غير بيّنة ويمين. ولا يعرّف ما يوجد في جوف السّمكة.

والموجود في دار الإسلام ولا أثر له عليه كنز ، وإلّا فلقطة وإن كانت مواتا.

والموجود في دار الحرب مطلقا كنز وإن كانت عامرة.

والقول قول المؤجر مع يمينه في ملكيّة الكنز ، وقول المستأجر في قدره.

الثالث : المعدن منطبعا كالذهب ، أو مائعا كالقير ، أو غيرهما كالياقوت ، والنّصاب فيه وفي الكنز عشرون دينارا بعد المئونة.

__________________

(١) في « ب » : ولم يعرف.

١٨٣

الرابع : ما يخرج بالغوص كالدرّ والجوهر ، لا ما أخذه بغير غوص ، (١) إذا بلغت قيمته دينارا فصاعدا دفعة أو دفعات ، ومنه العنبر إن أخذ بالغوص ، وإلّا فمعدن.

ويجب على الواجد ، سواء الحرّ والعبد ، والصغير والكبير ، والمسلم والكافر ، وكذا في الكنز والمعدن ، ولا نصاب لغير هذه الثلاثة.

الخامس : ما يفضل عن مئونة السّنة له ولعياله ( مطلقا ) (٢) من أرباح التجارة والصناعة والزراعة والغرس لا غير ، ويحسب عليه الإسراف ، وله التّقتير ، وله تأخيره حولا ، ولا يتوقّف الوجوب عليه.

ويجبر الخسران في الحول بالرّبح فيه ، ولو كسب دفعة اعتبر الحول ، ولو كان تدريجا اعتبر من حين الشروع في التكسب ، ثمّ يخمّس عند انتهائه.

وتؤخذ المئونة من طارف المال لا من تلاده. (٣)

السادس : الحلال الممتزج بالحرام ، مع اشتباه المالك والقدر ، فلو عرفهما أدّاه ، ولو عرف مالكه صالحه ، أو المقدار تصدّق به ، ولو علم الزيادة على الخمس تصدّق بالزائد مع الخمس.

ولو وجب قبل المزج الخمس قدم ما أوجبه المزج.

السابع : الأرض الّتي اشتراها الذّمي من مسلم ، سواء وجب فيها الخمس كالمفتوحة عنوة ، أو لا كالّتي اسلم أهلها طوعا.

__________________

(١) في « أ » : ولا ما أخذه بغير غوص.

(٢) ما بين القوسين يوجد في « ب » و « ج ».

(٣) في مجمع البحرين : الطارف والطريف من المال : المستحدث ، وهو خلاف التالد والتليد.

١٨٤

البحث الثاني : في مستحقه

وهو الله سبحانه وتعالى ، والنبيّ ، والإمام وهو ذو القربى ، واليتامى ، والمساكين ، وابن السبيل ، فنصيب الثلاثة الأولى للنّبي ، وبعده للإمام عليه‌السلام.

ويشترط في الباقين انتسابهم إلى عبد المطّلب بالأبوّة ، وهم أولاد أبي طالب والعباس والحارث وأبي لهب ، الذكر والأنثى ، والإيمان أو حكمه لا العدالة ، وفقر اليتيم وحاجة ابن السبيل في بلد التسليم.

ولا يجب استيعاب الأصناف ولا التعميم ، ويجوز المقاصة للحي والميت.

ويحرم حمله مع وجود المستحقّ ، فيضمن معه لا مع عدمه.

وينتقل ما قبض النبيّ والإمام إلى وارثه.

وله ما يفضل عن كفاية الطوائف بالاقتصاد ، وعليه التمام.

ويجب دفعه إليه ، ومع الغيبة يصرف النصف إلى أربابه ، ويحفظ حقّه بالوصاة أو الدفن ، إلّا أن يعوز الأصناف فيتمّ لهم ، ولا يتولّى ذلك إلّا ( الإمام ) (١) الحاكم.

__________________

(١) ما بين القوسين يوجد في « ج ».

١٨٥

فصل

الأنفال بعد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم للإمام ، وهي الأرض المملوكة بغير قتال انجلى أهلها ، أو سلّموها طوعا ، والموات الّتي باد أهلها ، أو لم تملك ، ورءوس الجبال ، وبطون الأودية وما بها ، والآجام ، وغنيمة من قاتل بغير إذنه ، وميراث من لا وارث له ، وصوافي الملوك وقطائعهم غير المغصوبة من مسلم أو معاهد.

وله أن يصطفي من الغنيمة الأمة الحسنة ، والفرس الجواد ، والثوب الفاخر ، وغير ذلك من غير إجحاف.

وإذا قاطع على شي‌ء من حقوقه ، وجب عليه الوفاء ، وحلّ الفاضل.

والمتصرّف في حقّه بغير إذنه غاصب ، والفائدة له.

وأبيح لنا خاصّة في الغيبة المناكح والمساكن والمتاجر ، سواء كان كلّه للإمام أو بعضه ، ولا يجب إخراج حصّة الطوائف.

١٨٦

كتاب الصّوم

١٨٧
١٨٨

وهو لغة الإمساك ،وشرعا الإمساك عن المفطرات نهارا مع النيّة ، والنظر في مقاصد :

الأوّل : في ركنه

وهو اثنان :

الأوّل : النيّة

ويكفي في المتعيّن الواجب والمندوب القصد إلى الصّوم لوجوبه أو ندبه قربة إلى الله تعالى ، ويجب التعيين (١) في غيره ، وهو القصد إلى صوم خاصّ كالكفّارة ، وتبطل لو ذهل عنه.

ووقتها ليلا ، وتتضيّق عند أوّل جزء من الصّوم (٢) ، وتبطل بتركها عمدا ، ولا تجب الكفّارة ، ويمتدّ وقتها للناسي وجاهل الوجوب ومن تجدّد عزمه إلى الزّوال ، ولا تمتدّ نيّة النّفل بامتداد النهار ، ولا يجب تجديدها بعد المنافي.

ويشترط الجزم فلو ردّد نيّته بين الواجب والندب ، أو نوى ليلة الشك

__________________

(١) في « ب » و « ج » : ويجب التعيّن.

(٢) في « أ » : جزء منه.

١٨٩

الوجوب إن كان من رمضان وإلّا ندبا ، أو الوجوب لظنّ انّه منه لم يجزئ.

ويجب استمرارها حكما ، فلو نوى الإفطار ليلا ثمّ جدّد النيّة قبل الزوال لم ينعقد ، وكذا لو نوى بعد الصوم الإفطار ثمّ نوى الصّوم.

وتتعدّد النيّة بتعدّد الأيّام في غير رمضان وفي بعضه إجماعا ، فلا تجزئ فيه نيّة واحدة عن الشهر على الأقوى.

ولو نوى ليلة الشكّ الندب ، فبان أنّه من رمضان أجزأ عنه ، وكذا لو بان في الأثناء إن جدّد النيّة ، ولو بعد الزّوال ولو نواه عن القضاء أجزأ عن رمضان ، وإن أفطر بعد الزّوال فلا كفّارة مطلقا.

ولو نوى الإفطار ثمّ ثبت قبل الزوال ، جدّد النيّة وأجزأه ، وبعده يمسك واجبا ويقضي ، ولو كان تناول أمسك وقضى مطلقا ، ولا يجزئ الناسي تقديم النيّة.

ولو نوى في رمضان غيره لم يجزئ عن أحدهما.

الركن الثاني : الإمساك ، وهو أقسام :

الأوّل : الإمساك عمّا يوجب القضاء والكفّارة ، وهو تعمّد الجماع قبلا أو دبرا ، وكذا المفعول به ، لا بوطء الدابّة ، والاستمناء والإمناء بالملاعبة والملامسة لا بالنظر ، والاستمتاع على توقّف ، والبقاء على الجنابة (١) حتّى يطلع الفجر ، والنوم على الجنابة غير ناو للغسل والنوم بعد انتباهتين حتّى يطلع الفجر ، والأكل والشرب وإن لم يكن معتادا ، وفي معناه الغبار ، وابتلاع بقايا الغذاء في الأسنان ،

__________________

(١) في « أ » : على جنابة.

١٩٠

والنخامة إذا صارت في فضاء الفم لا بالمنحدرة من الدماغ وإن قدر على قطعها.

ويجب مع القضاء والكفّارة التعزير ، فإن تكرّر مرّتين قتل في الثالثة ، ويعذر الناسي مطلقا ، والمكره ومن وجر في حلقه ، ومن خوّف على توقّف ، لا الجاهل ، فلو أكل بعد إفطاره ناسيا توهّما إباحة الإفطار وجبت عليه.

ويجوز الجماع إذا بقي لطلوع الفجر قدر الوقاع والغسل ، فلو علم التضيّق كفّر ، ولو ظنّ السّعة فلا شي‌ء إن راعى (١) وإلّا فالقضاء.

ويجوز الأكل والشرب إلى أن يطلع الفجر فيلفظ ما في فيه ، فإن ابتلعه كفّر.

ولو تركت الحائض أو المستحاضة الغسل ليلا ، وجب القضاء دون الكفّارة.

القسم الثاني : الإمساك عمّا يوجب القضاء ، ويجب بفعل المفطر والفجر طالع ظانّا بقاء اللّيل ، وبتقليد المخبر ببقائه ، وبترك تقليده في طلوع الفجر ، وبتقليد المخبر بدخول اللّيل ولم يدخل ، مع القدرة على المراعاة في ذلك كلّه ، وبالإفطار للظّلمة الموهمة دخول اللّيل لا مع غلبة الظنّ ، وبتعمّد القي‌ء دون ذرعه (٢) ، وبسبق الماء إلى الحلق إذا تمضمض واستنشق عبثا أو للتبرّد لا للطهارة ، وبسبق ما وضعه في فيه لغير غرض صحيح ، والحقنة بالمائع.

والسّعوط بما يتعدّى إلى الحلق لا إلى الدماغ ، وبصبّ الدواء في الإحليل إذا وصل إلى الجوف ، وبنوم الجنب ثانيا مع نيّة الغسل وطلوع

__________________

(١) في « أ » : إن رعى.

(٢) ذرع القي‌ء فلانا : غلبه وسبق إلى فيه. المعجم الوسيط.

١٩١

الفجر ، ولا شي‌ء في النومة الأولى ، وبالارتماس لا بغمس رأسه في الماء.

ويقضي ناسي غسل الجنابة الصّوم والصلاة ، ولا يقضي المتمكّن من الغسل إذا أهمل وفقد الماء.

ولا يفطر بابتلاع الريق إلّا أن ينفصل عن الفم ، ولا بمضغ العلك (١) إلّا أن يتعيّن طعمه به ، ولا بتبقية الغذاء في الأسنان ، ولا بالاكتحال وإن صبغ الريق ، ولا بالفصد والحجامة ، ولا بالتقطير في الأذن إلّا أن يصل إلى الجوف ، ولا بابتلاع الذبابة إلّا أن يقصد ، ولا بدخول ماء الاستنشاق دماغه ، ولا بشرب الدماغ الدهن ، ولا بمصّ الخاتم وذوق الطّعام ومضغه للصبي وزقّ الطائر.

ويستحبّ السّواك بالرطب واليابس.

القسم الثالث : الإمساك عن أشياء وإن حرمت بغير الصوم ، وهي الكذب على الله ورسوله والأئمّة عليهم‌السلام ، والكذب مطلقا ، والغيبة ، والهذيان ، وأنواع المعاصي.

وتكره مباشرة النساء تقبيلا ولمسا وملاعبة ، والاكتحال بما فيه مسك أو صبر (٢) ، وإخراج الدم ، والحمام المضعفين ، وشمّ الرياحين ، ويتأكّد النّرجس ، والسعوط بغير المتعدي ، والحقنة بالجامد ، وبلّ الثوب على الجسد ، واستنقاع الرجل في الماء ، وجلوس المرأة فيه ومضغ العلك والتقطير في الأذن.

ويستحبّ الإمساك للمريض والمسافر عند القدوم والبرء على تفصيل يأتي ، وللحائض والنفساء إذا طهرتا بعد الفجر ، والكافر إذا أسلم بعده ، والصبيّ والمجنون والمغمى عليه إذا كلّفوا في أثناء النّهار.

__________________

(١) في مجمع البحرين : العلك ـ كحمل ـ : كلّما يمضغ في الفم من لبان وغيره.

(٢) في مجمع البحرين : الصبر ـ بكسر الباء في المشهور ـ : الدواء المرّ.

١٩٢

المقصد الثاني : في شرطه

وهو اثنان :

الأوّل : قبول الزمان ، فلا يصحّ صوم العيدين وأيّام التشريق للناسك ، ولا صوم اللّيل وإن ضمّه إلى النّهار ، ولو نذر الأيّام الخمسة أو الليل لم ينعقد ( وهي العيدان وأيّام التشريق ) (١) ولو وافقت نذره أفطر ولا قضاء.

واليوم من طلوع الفجر الثاني إلى ذهاب الحمرة.

الثاني : قبول المحلّ له ، فلا يجب على الصّبي ، والمجنون ، والمغمى عليه ، ولا يصحّ منه وإن سبقت منه النيّة ، ويصحّ من النائم مع سبقها أو تجديدها قبل الزوال ، ولا من السكران وإن وجب عليه ، ولا من المسافر مع وجوب القصر ، ولا يصحّ منه الواجب إلّا ما يستثنى ، ويكره المندوب ، وشرائط القصر والحكم هنا كالصلاة ، ويزيد الخروج قبل الزّوال.

ولا يفطر حتّى يتوارى الجدران أو يخفى الأذان ، وهو نهاية السّفر.

ولو خرج قبل الزّوال وزالت الشّمس قبل خفاء الجدران لم يقصّر وإن خفيت.

__________________

(١) ما بين القوسين يوجد في « ب » و « ج ».

١٩٣

ولو قدم قبل الزوال ولم يتناول أمسك واجبا ، ولو انتفى الأمران أو أحدهما أمسك ندبا.

ولو علم قدومه قبل الزوال جاز الإفطار ، والإمساك أفضل. ويقضي العالم بوجوب القصر دون الجاهل والناسي.

ولا على المريض المتضرر به ويعلم بالوجدان أو بقول عارف ولو تكلّفه قضاه ، وبرؤه كقدوم المسافر.

ولا على الحائض والنفساء ولو في أثناء النهار ، ويصحّ من المستحاضة مع غسلي (١) النّهار ، فلو أخلّت بأحدهما قضت ولا كفّارة.

ولا يصحّ من الكافر وإن وجب عليه ، ولو ارتدّ المسلم في الأثناء فسد صومه وإن تاب ، ولا من متعمّد البقاء على الجنابة حتّى يصبح ، فلو لم يعلم بها في رمضان والمعيّن أو استيقظ جنبا فيهما أو لم يتمكّن من الغسل ، أو احتلم بالنّهار ، لم يفسد.

ولو استيقظ جنبا في غيرهما فسد ، بخلاف ما لو احتلم في الأثناء.

ويستحبّ تمرين الصّبي والصّبية لسبع مع الطاقة ، وهو شرعي فيثاب عليه ، ويجب عند البلوغ.

ويتحقق بالاحتلام أو الإنبات أو بلوغ خمس عشرة في الذكر وتسع في الأنثى.

__________________

(١) في « ب » و « ج » : مع غسل.

١٩٤

المقصد الثالث : في أقسامه

وهو واجب ، وندب ، ومحرّم ، ومكروه. فالواجب ستّة : شهر رمضان ، والكفّارات ، وبدل الهدي ، والنذر وشبهه ، وقضاء الواجب ، وصوم الاعتكاف الواجب.

أمّا شهر رمضان ففيه بحثان :

الأوّل : في علامته

وهي رؤية هلاله (١) وإن انفرد وردت شهادته ، ويعلم بالشياع وبمضيّ ثلاثين من شعبان ، ويثبت بشهادة عدلين مطلقا ، ولو تغاير وقت الرؤية مع اتّحاد اللّيلة ، فلو شهد أحدهما برؤية شعبان ليلة الخميس والآخر برؤية رمضان ليلة السّبت لم يقبل ، ولو اسندها أحدهما إلى مضيّ ثلاثين من شعبان ، والآخر إلى الرؤية لم يثبت.

ولو شهدا بالأوّليّة وجب الاستفسار ، وهل يستفسر الحاكم (٢) لو أخبر بها ، فيه احتمالات.

__________________

(١) في « ب » و « ج » : رؤية الهلال.

(٢) في « أ » « وهل يستقيم الحكم » ولعلّه مصحّف ، وفي الدروس : ١ / ٢٨٦ مكان العبارة : ولو قال [ الحاكم ] : اليوم الصوم أو الفطر ففي استفساره على السامع ثلاثة أوجه ، ثالثها إن كان السامع مجتهدا.

١٩٥

ولو ثبت بشهادتهما أوّل شهر رمضان ولم ير ليلة إحدى وثلاثين مع الصحو ، لزم الإفطار على توقّف.

وحكم البلاد المتقاربة متّحد بخلاف المتباعدة ، فلو رأى هلال رمضان في بلده ثمّ لم ير في البعيدة صام معهم الحادي وثلاثين ، وبالعكس يفطر التاسع والعشرين.

ولو أصبح معيّدا (١) ثمّ انتقل إلى موضع لم ير فيه صام.

ولو أصبح صائما ثمّ انتقل إلى موضع رئي فيه أفطر.

ولا يثبت بشهادة الواحد ولا بالنساء منفردات ولا منضمّات ، ولا بالجدول ، والعدد ، ولا بعدّ خمسة من الماضية ، والتطوّق ، والغيبوبة بعد الشّفق ، ورؤيته قبل الزّوال.

ولو اشتبه هلال شعبان عدّ ما قبله ثلاثين وهكذا باقي الشهور.

والمحبوس يصوم شهرا متتابعا ويجزئ إن استمرّ الاشتباه ، أو تأخّر عن رمضان ، ولو تقدّم لم يجزئ ، ولو نقص وكمل رمضان أتمّ.

وناذر الدهر سفرا وحضرا لو سافر سنة واشتبه العيدان لم يفطر عنهما بل يقضي رمضان.

البحث الثاني : [ في ] ما يجب بإفطاره ، وهو ثلاثة :

الأوّل : القضاء ، ويجب على من ترك الصوم لسفر ، أو مرض ، أو نوم ، أو حيض ، أو نفاس ، أو ردّة مطلقا ، لا لصغر أو جنون أو إغماء أو كفر أصليّ.

__________________

(١) في مجمع البحرين : عيّدوا : شهدوا عيدا.

١٩٦

ويستحبّ فيه التتابع ، ويجوز فيه الإفطار قبل الزوال ، ويحرم بعده.

ولا يجوز تأخيره من عام الفوات ، ويستحبّ تعجيله.

الثاني : الكفّارة ، ويجب بتعمّد الإفطار في رمضان ، والنذر المعيّن والاعتكاف الواجب ، عتق رقبة أو صيام شهرين متتابعين أو إطعام ستين مسكينا ، وفي القضاء بعد الزّوال إطعام عشرة مساكين ، لكلّ مسكين مدّ ، فإن عجز صام ثلاثة أيّام.

وتتكرّر بتكرّر الموجب في يومين لا في يوم مطلقا وإن وجب الإمساك.

ولو أكره زوجته تحمّل عنها الكفّارة لا القضاء ، ولو طاوعته كفّر كلّ واحد عن نفسه وعزّر بخمسة وعشرين سوطا.

وفي التحمّل عن الأمة والأجنبيّة والغلام وتحمّل المرأة لو أكرهته توقّف ، ولا يتحمّل من أكره غيره على الجماع ، ولا المجنون ، ولا المسافر ، إذا أكرها زوجتهما.

ولو أفسد الصوم ثمّ سقط فرضه بسبب اختياريّ كسفر المختار ، لم تسقط الكفّارة ، وإلّا سقطت.

ولو كفّرت بالعتق ثمّ حاضت بطل.

ويجوز التكفير عن الميّت وعن الحيّ إلّا في الصوم.

ويجب بالمحرّم كفّارة الجمع.

الثالث : الفدية ، وهي مدّ من طعام عن كلّ يوم ، وله أسباب :

الأوّل : تأخير قضاء المريض حتّى يلحقه رمضان آخر متهاونا أي

١٩٧

غير عازم على القضاء أو عازم على تركه ، ولو كان عازما عليه قضى ولا فدية ، وإن استمر مرضه فدا ولا قضاء.

ولو مات في مرضه فلا قضاء ولا فدية ، ويستحبّ لوليّه القضاء ، ولو بقي من السنة ما يسع الفائت تعيّن القضاء ، فإن أخلّ به وجب القضاء والفدية ، وإن وسع البعض صامه ، وحكم الباقي ما تقدّم من التهاون وعدمه.

فرع

لا يلحق بالمريض غيره من ذوي الأعذار على توقّف.

ويجب على الوليّ قضاء كلّ صوم واجب تمكّن الميّت من قضائه وأهمله ، ويقضى ما فات في السفر مطلقا ، والوليّ أكبر أولاده الذكور ، فلو تعدّد قسّط ويجوز اتّحاد الزمان وتغايره ، فلو بقي يوم وجب على الكفاية.

ولو تبرّع بعض سقط عن الباقين ، ولو تبرّع الغير أو استأجره الوليّ أجزأ مطلقا.

ولو كان عليه شهران صام الوليّ شهرا ، وتصدّق من التركة عن شهر.

ولا يقضى عن المرأة.

ومع عدم الوليّ يتصدّق من تركته عن كلّ يوم بمدّ.

الثاني : خوف الحامل المقرب والمرضع القليلة اللبن على الولد ، فيجوز لهما الإفطار ويجب القضاء والفدية ، ولا يلحق بذلك الخوف على أنفسهما ولا الخوف على الغير من الهلاك. (١)

__________________

(١) قال العلّامة في القواعد : ١ / ٣٧٩ : وهل يلحق بهما منقذ الغير من الهلاك مع افتقاره إلى الإفطار؟ الأقرب العدم.

١٩٨

الثالث : عجز الشيخ والشيخة وذي العطاش ، فيجوز لهم الإفطار ، وتجب الفدية والقضاء مع المكنة.

وأمّا باقي الصوم الواجب فسيأتي في مواضعه إن شاء الله.

ثمّ إنّ الواجب منه معيّن ، وهو رمضان ، وقضاؤه ، والنذر ، والاعتكاف ، وقد يجب مع المعيّن غيره كصوم كفّارة الجمع.

ومنه مخيّر وهو صوم كفّارة رمضان ، وخلف النذر والعهد وكفّارة حلق الرأس والاعتكاف الواجب.

ومنه مرتّب وهو صوم كفّارة قتل الخطأ ، والظهار ، واليمين ، وقضاء رمضان ، وبدل الهدي ، وجزاء الصّيد ، والإفاضة من عرفات قبل الغروب عامدا عالما.

ومنه مخيّر مرتّب ، وهو صوم كفّارة الواطئ أمته المحرمة بإذنه.

ثمّ الواجب قد يجب فيه التتابع ، وهو أقسام :

الأوّل : صوم رمضان ، والنذر المعيّن ، فلو أخلّ به بنى وكفّر.

الثاني : صوم كفّارة اليمين وكفّارة قضاء رمضان ، وصوم الاعتكاف وبدل الهدي ، فلو أخلّ به استأنف إلّا في بدل الهدي إذا صام يومين وكان الثالث العيد.

الثالث : صوم كفّارة قتل الخطأ والظهار ( وكفّارة رمضان والنذر المعيّن ). (١) ونذر شهرين متتابعين ، وكفّارة المملوك في الظهار ، وقتل الخطأ ، ونذر شهر متتابع ، فإن أخلّ به لعذر بنى وتجب المبادرة ، وإلّا استأنف ، إلّا أن يصوم من

__________________

(١) ما بين القوسين يوجد في « ب » و « ج ».

١٩٩

الشهرين شهرا ويوما ، ومن الشهر خمسة عشر يوما ، ويباح التفريق ، ولا يصوم المتتابع إلّا في زمان يسلم فيه.

وقد لا يجب ، وهو السبعة في بدل الهدي ، وجزاء الصّيد ، وقضاء رمضان ، والنّذر المطلق.

وروي أنّ القاتل في أشهر الحرم يصوم شهرين منها وإن دخل العيد وأيّام التشريق (١) ويمكن أن يقال : يصوم شهرين منها إلّا العيد وأيّام التشريق.

والمندوب : جميع أيّام السنة إلّا المستثنى ، والمؤكّد أوّل خميس ، وآخر خميس ، وأوّل أربعاء من العشر الثاني ، وتقضى لو فاتت ، ويجوز تأخيرها إلى الشتاء مع المشقّة ، ولو عجز تصدّق عن كلّ يوم بدرهم أو مدّ ، وصوم أيّام البيض ، وكلّ خميس وجمعة ، ويوم دحو الأرض ، وأوّل ذي الحجّة ، وعرفة مع تحقّق الهلال لمن لا يضعف عن الدعاء ، ويوم الغدير ، والمباهلة ، وعاشوراء حزنا ، ويوم مولد النبيّ ، ومبعثه ، ورجب ، وشعبان ، ولا يجب بالشروع فيه ، ويكره بعد الزّوال ، ويصحّ ممّن عليه صوم واجب.

والمحرّم : صوم العيدين ، وأيّام التشريق للناسك ، ويوم الشك بنيّة رمضان ، ونذر المعصية ، والصّمت ، والوصال ، وصوم المملوك ندبا بغير إذن مولاه ، والمرأة بدون إذن الزّوج ، أو مع النهي ، وصوم المسافر واجبا إلّا ثلاثة أيّام لدم المتعة ، وبدل البدنة للمفيض من عرفات قبل الغروب عامدا ، والمنذور سفرا وحضرا ، فلو نذر الدّهر كذلك لم يتناول رمضان في السّفر ، ويجوز سفره فيه اختيارا ، ثمّ يجب الإفطار والقضاء إذا حضر ، لأنّ رمضان وقضاءه مستثنيان.

__________________

(١) الوسائل : ٧ / ٢٧٨ ، الباب ٨ من أبواب بقيّة الصوم الواجب ، الحديث ١ و ٢.

٢٠٠