معالم الدين في فقه آل ياسين - ج ١

شمس الدين محمد بن شجاع القطان الحلّي

معالم الدين في فقه آل ياسين - ج ١

المؤلف:

شمس الدين محمد بن شجاع القطان الحلّي


المحقق: الشيخ ابراهيم البهادري
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة الإمام الصادق عليه السلام
المطبعة: مؤسسة الإمام الصادق عليه السلام
الطبعة: ١
ISBN: 964-357-049-5
الصفحات: ٦٢٤
الجزء ١ الجزء ٢

للمشتري عن مدّة النقل وإن كان جاهلا ، ولو تعيّبت تخيّر مع الجهل.

ولو تركها فإن أضرّت تخيّر المشتري وإلّا فلا ، ولا يملكها بالإعراض عنها.

ولا يدخل فيها البناء ، والشجر ، والبذر ، والزرع وإن كان كامنا وإن قال : بحقوقها.

وتجب تبقية البناء والغرس حتّى يهلك ، والزرع حتّى يحصد ، والّذي يجزّ مرّة بعد أخرى حتّى يستقلع.

وعلى البائع قلع ما يضر من العروق وتسوية الحفر.

ولو اشترط المشتري دخول ذلك جاز ، وكذا لو قال : ما أغلق عليه بابها.

ولو لم يعلم المشتري بالبذر تخيّر في الفسخ والإمضاء مجّانا ، وتدخل الأرض في ضمان المشتري بالتّسليم.

الثاني : الدار ويدخل فيها الأرض ، والبناء ، والأخشاب المستدخلة ، والأسفل ، والأعلى ، إلّا أن تشهد العادة باستقلاله (١) ، وجميع المرافق ، كالبئر ، والحوض ، ومائهما ، والحمام المعروف بها ، والأبواب ، والأغلاق ، والرفوف ، والأوتاد ، والسلّم المثبّتات ، والمفاتيح ، والدراريب والمجاز ، فإن تعدّد وجب التعيين وإن قال : بحقوقها.

ولا يدخل الرحى والدّنان (٢) والخوابي (٣) وإن كانت مثبّتات ، ولا

__________________

(١) الضمير يرجع إلى « الأعلى ». وفي « أ » : بالاستقلال.

(٢) في المعجم الوسيط : الدّنّ : وعاء ضخم للخمر ونحوها.

(٣) جمع خابية ، وهي : فارسية معرّبة ، وهي الحبّ الّذي يجعل فيه الماء ، لسان العرب.

٣٦١

الشجر ، والنخل إلّا مع الشرط ، أو يقول : ما أغلق عليه بابها.

الثالث : القرية ، وفي معناها الضيعة والدّسكرة ، (١) ويدخل فيها الأبنية ، والعرصات ، والطرق ، دون المزارع والشجر وإن كان في وسطها ، إلّا مع القرينة أو العرف.

الرابع : البستان ، وفي معناه الحائط والباغ ، ويدخل فيه الأرض ، والشجر ، والنخل ، والحيطان ، والدولاب والشرب ، والمجاز (٢) دون البناء إلّا مع العرف ، ولو استثنى نخلة أو شجرة معيّنة فله المدخل والمخرج إليها ، والانتفاع بمدى جرائدها من الأرض ، ولو ماتت بطل حقّه ، ولم يكن له غرس بدلها.

الخامس : الشجر ، ويدخل فيه الأغصان الرطبة ، والورق ، والعروق ، ويستحقّ الإبقاء مغروسا لا المغرس ، فلو انقلعت شجرة أو ماتت بطل حقّه ، ولم يكن له استخلاف أخرى وإن كان من فروخها.

ولا تدخل الأرض إلّا مع الشرط ولو قال : بحقوقها ، ولا الثمرة ، وللبائع التبقية حتّى يبلغ أوان أخذها ، وكذا لو كان المقصود (٣) الورد أو الورق.

السادس : النخل ، ويدخل فيه السّعف الأخضر ، والجذع ، والليف ، والعروق ، والفراخ والطلع غير المؤبّر ، وللمشتري الإبقاء مغروسا.

ولا تدخل الأرض ولا الثمرة الموجودة عند العقد إلّا الطلع المؤبّر وللبائع تبقيتها إلى بلوغها مجّانا ، ويرجع فيه إلى العادة.

__________________

(١) في القاموس : الدسكرة : القرية والصومعة ، والأرض المستوية ، وبيوت الأعاجم يكون فيها الشراب والملاهي ، أو بناء كالقصر حوله بيوت ، وجمعه دساكر.

(٢) في « أ » : والمجاري.

(٣) في « أ » : المقصد.

٣٦٢

ولو تضرّرت الأصول بالتبقية ضررا يسيرا لم يجب القطع ، وإلّا وجب ، وفي الأرش توقّف.

ولو باع المؤبّر وغيره دخل غير المؤبّر ، ولو اشتبه وجب الصلح.

ويعتبر التأبير في الإناث ، ولا فرق بين تأبير البائع وغيره وما أبّرته اللواقح.

ولو انتقل النخل بغير البيع لم يدخل غير المؤبّر ، سواء كان بعقد معاوضة أو لا.

السابع : الحمّام ، ويدخل فيه بيوته ، وخزانة مائه ، وقدره (١) المثبّتة ، وجدرانه ، وموقده ، ومطرح موقده ، (٢) ومحقن غسالته ، ومسلخه ، وبئر مائه ، ولا يدخل أزره وأقداحه.

الثامن : المملوك ، فلا يدخل الحمل ولا ما يضاف إليه ، ولا ما في يده ، وإن قلنا يملك ، وفي ثيابه توقّف.

ولو بيع مع ماله ، صحّ بشرط العلم وعدم الربا.

التاسع : السّفينة ، ويدخل المخداف (٣) المشدود وإن تعدّد ، والسّكان والظلال الثابت دون المردي ، (٤) وفي الحبال والشراع توقّف.

العاشر : الدابّة ، ولا يدخل السرج واللجام والبرذعة ، ويدخل النعل.

__________________

(١) في « أ » : قدوره.

(٢) في « ب » و « ج » : ومطرح وقده.

(٣) في المعجم الوسيط : الخدف : سكّان السفينة : ذنبها الّذي به تعدّل وتقوّم.

(٤) في المعجم الوسيط : المردي : خشبة طويلة ينحّي بها الملّاح السفينة عن الأرض أو يدفعها بها.

٣٦٣

الحادي عشر : الكتاب ، ويدخل أجزاؤه ، والجلد والخيوط ، والأوراق المثبّتة فيه (١) دون الغلاف.

وكلّ ما لا يدخل إذا شرط دخل ، إلّا أن يلزم منه فساد العقد.

المبحث الثاني : في الشرط

وفيه مطلبان :

الأوّل : العقد قابل للشرط لا للتعليق عليه ، ويشترط كونه سائغا مقدورا معلوما ، فلو شرط البائع أو المشتري خياطة ، أو عتقا ، أو كتابة ، أو تدبيرا ، أو قرضا ، أو إجارة ، أو رهنا ، أو بيعا ، أو هبة ، أو تزويجا ، أو سلفا ، أو ضمينا على الثمن ، أو على المبيع في السلم ، أو كفيلا ، أو شاهدا ، صحّ.

ويجوز اشتراط حمل الأمة والدابّة ، فيفسخ لو ظهرت حائلا.

ولو شرط البائع عدم التصرّف بالبيع ، أو الهبة ، أو الوطء ، أو العتق ، أو الاستخدام ، أو بيعه على نفسه أو على غيره ، أو أنّ الولاء له ، أو تأخير تسليم المبيع إلى مدّة مجهولة ، أو شرط المشتري تأخير الثمن كذلك أو ابتياع الثمرة ، أو صيرورة الزرع سنبلا ، أو كون الأمة ولودا ، أو لا خسارة ، (٢) أو كون الثمن على أجنبيّ أو أنّ التلف بعد القبض من البائع ، لم يصحّ.

وكلّما فسد الشرط بطل العقد.

وشرط ما يقتضيه العقد يؤكّده كخيار المجلس.

__________________

(١) في « ب » و « ج » : المتثبتة فيه.

(٢) في « أ » : أن لا خسارة.

٣٦٤

المطلب الثاني : في أحكامه

لو باع عبدا بشرط العتق عنه بطل ، ولو أطلق أو شرطه عن المشتري صحّ ، فإن أعتق وقع عن المشتري ، وله الولاء وكسبه قبل عتقه ، ولو لم يعتقه تخيّر البائع في الفسخ والإمضاء ، وليس له إجبار المشتري.

ولو أعتقه بعد أن عاب بما لا يوجب العتق ، أو أعتق الأمة بعد حبلها منه أجزأ ، ولو نكّل به عتق ولم يجزئه ، وللبائع الفسخ والرجوع بالقيمة يوم التلف ، وكذا لو تعيّب بما يوجب العتق ، أو مات ، أو أتلفه المشتري ، وله الرجوع بما نقّصه شرط العتق.

ولو أتلفه غيره رجع البائع عليه بما قابل شرط العتق ، والمشتري بالباقي ، وليس للبائع إسقاطه لتعلّق حقّ الله تعالى والعبد به.

ويجب تعيين الرهن المشترط بالمشاهدة أو الوصف ، وفي جواز اشتراط رهن المبيع على ثمنه توقّف.

ولا يكفي عقد البيع عن عقد الرهن ولو جمعهما في عقد ، ولو قدّم الرهن بطل قطعا ، ولو قدّم البيع كقوله : بعتك الدار بمائة وارتهنت العبد بها ، فيقول : اشتريت ورهنت ، بطل على الأقوى.

ولو امتنع من الرهن تخير البائع ، فلو أجاز فلا خيار للمشتري.

ولو هلك الرهن المعيّن تخيّر البائع وليس له بدله ، ولو تعيّب لم يجب إتمامه.

ويجب تعيين الكفيل وضامن الدرك بالمشاهدة أو الوصف كرجل ثقة ،

٣٦٥

أو النسب كفلان بن فلان ، ولو أخلّ به تخيّر صاحبه.

ولا يجب تعيين الشهود ، لأنّ الضابط العدالة ، ولو عيّنهم تعيّنوا ، فلو امتنعوا من التحمّل تخيّر البائع.

ولو أسقط البائع الشرط صحّ إلّا في العتق.

المبحث الثالث : في القبض

وفيه مطلبان :

[ المطلب ] الأوّل : في حقيقته

وهو التخلية فيما لا ينقل كالأرض والشجر ، والنقل في المنقول كالثياب ، والكيل أو الوزن في المكيل والموزون ، والعدّ في المعدود ، فلو باع بعد الكيل أو الوزن لم يكف عن اعتبار القبض ولو من المولّى عليه أو اشترى منه كفى استمرار القبض الأوّل ، وليس الرضا ببقائه في يد البائع قبضا.

ويصحّ من غير البائع كالوكيل ، وقبل استيفاء الثمن وبعده ، ولا يشترط إذن البائع ولا اختياره.

وإطلاق العقد يقتضي تقابض العوضين ، فإن تعاسرا أجبرا وتقابضا معا ، وإلّا أجبر الممتنع.

ولو شرطا أحدهما التأخير أجبر الآخر.

ولو شرط التأخير وكانا غنيّين أو أحدهما صحّ ولو كانا في الذمّة بطل ، لأنّه بيع الكالئ بالكالئ.

٣٦٦

ويجب تفريغ المبيع من المتاع والزّرع والعروق المضرّة والحجارة المدفونة ، وتجب تسوية الحفر ، ولو احتاج إلى هدمه جاز ، وعلى البائع الأرش.

المطلب الثاني : في أحكامه

وفيه مسائل :

الأولى : القبض يزيل ضمان البائع ويمنعه من الفسخ بتأخير الثمن ، ويبيح التصرّف للمشتري.

ويكره بيع ما لم يقبض إن كان مكيلا أو موزونا ، ويتأكّد في الطعام خصوصا إذا بيع بربح ، ومنه لو ورث ما لم يقبضه مورّثه ، ثمّ باع قبل قبضه ، وكذا لو أصدقها ما لم يقبضه ثمّ باعته (١).

ولو كان له طعام من سلم وعليه مثله ، فأحال غريمه به ، فهو كالبيع قبل القبض ، ولا كذا لو قال : اقبضه لي ثمّ لنفسك ، لكن منع الشيخ من تولّي طرفي القبض (٢).

ولو دفع إليه مالا وقال : اشتر لي به طعاما ثمّ اقبضه لنفسك ، فهي كالأولى ولو قال : اشتر لي به طعاما ، ثمّ اقبضه لي ، ثمّ لنفسك ، فهي كالثانية.

ولو قال : اشتر لك به طعاما بطل ، ولو كان الطعامان أو المحال به قرضا صحّ إجماعا.

__________________

(١) والمراد : قد اشترى شيئا ولم يقبضه ومع ذلك جعله صداقا لمرأة وباعته المرأة. لاحظ جامع المقاصد : ٤ / ٤٠١.

(٢) لاحظ المبسوط : ٢ / ١٢١.

٣٦٧

ولو ملك بغير البيع (١) كالصداق والميراث والخلع ، جاز قطعا ، وكذا لو باع مال القراض والشركة والأمانات قبل القبض.

الثانية : كلّ مبيع تلف قبل قبضه فهو من مال بائعه ، وينفسخ العقد ، ولو أتلفه البائع أو الأجنبيّ فللمشتري الفسخ والمطالبة بقيمته ، وإتلاف المشتري قبض وكذا جنايته ، ولو عاب من قبل البائع أو من قبله تعالى ، فللمشتري الفسخ أو الأرش.

ولو عيّبه أجنبيّ فعليه الأرش للمشتري إن التزم ، وللبائع ان فسخ.

ولو تلف بعد قبض المشتري ، فهو من ماله ، إلّا أن يتلف في مدّة خياره ، فيكون من البائع.

والنماء المتجدّد قبل القبض وفي مدّة الخيار للمشتري وإن تلف الأصل ، فيضمنه البائع مع التفريط.

الثالثة : لو تلف بعض المبيع وله قسط من الثمن ، كقفيز من كرّ ، وعبد من عبدين ، فللمشتري الفسخ للتبعيض ، وأخذه بحصّته من الثمن ، وإن لم يكن له قسط فله الردّ والإمساك مع الأرش.

ولو قبض البعض وتلف الباقي ، فللمشتري الفسخ بالتبعيض ، وأخذه بحصّته من الثمن.

ولو باع أحد المتبايعين ما قبض ثمّ تلف غير المقبوض ، بطل العقد الأوّل دون الثاني ، ورجع من لم يقبض بعوض سلعته مثلا أو قيمته يوم التلف.

__________________

(١) في « أ » : « بغير القبض البيع » والصحيح ما في المتن.

٣٦٨

الرابعة : لو غصب المبيع قبل قبضه ، فإن استعيد بسرعة فلا خيار للمشتري ، وإلّا تخيّر في الفسخ واتّباع الغاصب ، وعلى الغاصب الأجرة عن مدّة الغصب للبائع مع الفسخ وللمشتري مع عدمه ، ولو منعه البائع من التسليم لزمه أجرة مدّة المنع.

ولو امتزج المبيع قبل قبضه فللمشتري الفسخ وإن بذل له البائع الممزوج ، وله الشركة ، ومئونة القسمة على البائع ، وكذا لو امتزجت اللقطة من الخيار وشبهه ، ولا ينفسخ البيع مع عدم التمييز.

الخامسة : لو أسلف في طعام بالعراق مثلا لم يكن له المطالبة به في غيره ، ويكره الاعتياض عنه قبل قبضه ، وقيل : يحرم (١) ولو كان قرضا لم يجب المثل في غير العراق بل القيمة بسعره.

والغاصب يطالب بالمثل حيث كان ، وبالقيمة يوم الإعواز.

المبحث الرابع : في الاختلاف

إذا عيّن المتبايعان نقدا أو كيلا أو وزنا تعيّن ، وإذا أطلقا انصرف إلى نقد البلد وكيله ووزنه ، ولو تعدّد فإن غلب أحدها انصرف إليه وإلّا بطل.

ولو اتّفقا على ذكر الثّمن واختلفا في قدره أو وصفه ، قدّم قول البائع إن كانت السّلعة قائمة ، وقول المشتري إن كانت تالفة.

ولو ادّعى البائع نقص الثمن أو المشتري نقص المبيع ، قدّم قول من لم يحضر الاعتبار (٢).

__________________

(١) لاحظ المبسوط : ٢ / ١٢٣ ـ ١٢٤.

(٢) أي وقت استيفاء الثمن والمثمن ، وفي حاشية الروضة في توضيح قول الشهيد « إن لم يكن

٣٦٩

ولو اختلفا في تعجيل الثمن أو تأجيله ، أو قدر الأجل ، أو في قدر المبيع ، فقال : « بعتك ثوبا » فقال : « بل ثوبين » قدّم قول البائع.

ولو اختلفا في عينه فقال : « بعتك هذا الثوب » فقال : « بل هذا » تحالفا وبطل البيع ، ولو قال : « بعتكه » فقال : « بل وهبتنيه » تحالفا وردّ إلى المالك.

ولو اختلفا في اشتراط شرط أو رهن أو ضمين من البائع أو من المشتري ، فالقول قول المنكر.

ولو اختلفا فيما يفسد البيع قدّم قول مدّعي الصّحّة ، فلو قال : « بعتك بعبد » فقال : « بل بحرّ » فالقول قول البائع.

ولو ادّعى الإكراه أو الصّبا أو الجنون حال البيع قدّم قول المشتري وإن ثبت ( له ) (١) حالة جنون ، وكذا يقدّم قول مدّعي اللّزوم ، فلو قال : « فسخت قبل التفرّق » قدّم قول المنكر.

وكلّ من قدّم قوله لا بدّ من اليمين ، والوارث كمورّثه في تقديم قوله وعدمه.

فرع

لو تحالفا بعد تلف العين ، ضمن مثلها أو قيمتها يوم التلف ، ولو عابت فالأرش ، ولو أبق فالقيمة للحيلولة ، فإن عاد ردّت.

__________________

حضر الاعتبار » : أي في وقت اعتبار المبيع بما يخصّه من الأمور المذكورة. لاحظ الروضة البهيّة طبعة عبد الرحيم : ٢ / ٣٩٣.

(١) ما بين القوسين يوجد في « ب » و « ج ».

٣٧٠

الفصل الرابع

في اللواحق

وفيه مباحث :

[ المبحث ] الأوّل : كلّ ما يجب على البائع فعله كوزن المتاع وكيله وبيعه فأجرته عليه ، وكلّ ما يجب على المشتري كنقد الثمن ووزنه والشراء فأجرته عليه ، ولا أجرة للمتبرّع وإن أجاز المالك.

وأجرة الدلّال على الآمر بالبيع أو الشراء إن باع أو اشترى ، وإلّا فلا أجرة ، إلّا أن يريد البائع معرفة السّعر فتجب الأجرة ، ولا يتولّى البيع والشّراء في سلعة واحدة ، ولا يضمن الدلّال إلّا مع التفريط ، والقول قوله في عدمه وفي التلف والقيمة مع التفريط ، وقول المالك في عدم الردّ.

المبحث الثاني : في الإقالة ، وليست بيعا بل فسخا في حقّ المتعاقدين قبل القبض وبعده ، ولا يثبت فيها خيار ولا شفعة ، ويصحّ في عقد السلم وغيره وفي البعض ، ويبطل باشتراط زيادة في الثمن ونقصه.

وتفتقر إلى الإيجاب والقبول بالقول كقوله : « أقلتك » فيقول : « استقلت » أو « قبلت » ولو التمسها أحدهما فأقاله ففي الاحتياج إلى القبول توقّف.

وإذا تمّت رجع كلّ عوض إلى مالكه ، فإن فقده ضمن المثلي بمثله والقيمي بقيمته يوم التلف ، فإن اختلفا قدّم قول منكر الزيادة مع اليمين.

ولا تسقط أجرة الدلّال والكيّال والوزّان والناقد بالتقايل.

٣٧١

المبحث الثالث : في الشفعة (١)

وفيه مطالب :

[ المطلب ] الأوّل :

الشفعة استحقاق أحد الشريكين حصّة شريكه المنقولة بالبيع.

المطلب الثاني : في شرائطها

وهي خمسة :

الأوّل : الشركة ، فلا تثبت بالجوار.

الثاني : الشياع (٢) ، فلا تثبت فيما قسّم وميّز إلّا مع بقاء الشركة في النّهر أو الطريق.

الثالث : عدم الزّيادة على اثنين ، فلا تثبت مع الزيادة عليهما.

الرابع : انتقال الشقص بالبيع ، فلو انتقل بالهبة أو الصلح ، أو جعله صداقا ، أو صدقة ، أو جعلا لم تثبت.

ولا يشترط اللّزوم ، فلو باع بخيار لم يمنع الخيار من الأخذ بالشفعة ، كما لا يمنع (٣) الأخذ بها من الخيار ، ولو أخذ بالشفعة ، ففسخ البائع أو المشتري

__________________

(١) طرح الشفعة في أثناء البحث عن أحكام البيع مع أنّ الرائج هو جعلها بحثا مستقلّا ، ولعلّه بملاحظة اختصاص الشفعة بالبيع.

(٢) والمراد بالشياع كون الملك مشاعا غير مقسوم. وفي « أ » « التبايع » ولعلّه مصحّف.

(٣) في « ب » و « ج » : لا يمنعه.

٣٧٢

بالخيار بطلت ، ولو فسخ أحدهما بالخيار منع من الأخذ بالشفعة.

ولو باع بخيار ثمّ باع شريكه ، فللمشتري الأوّل الشّفعة قبل فسخ البائع ، فإن فسخ بطلت ، ولو فسخ قبل الأخذ بالشفعة ، لم يكن للبائع ولا للمشتري شفعة.

الخامس : قبول القسمة ، وضابطه بقاء المنفعة المقصودة منه ، فلا تثبت في الأماكن الضيّقة كالحمّام الصغير والعضائد الضيّقة والنهر والطريق الضيّقين والبئر ، نعم لو كان معها أرض تسلم لأحدهما ثبتت الشفعة.

ولا يشترط كون الثمن مثليا ، ولا كون حصّة الشريك طلقا ، فلو بيع الطلق استحقّ صاحب الوقف الشفعة إن كان واحدا ، ولو بيع الوقف في صورة الجواز استحقّ الشريك الشفعة.

[ المطلب ] الثالث : [ في ] المحلّ

وهو العقار كالأرض والبساتين والمساكن دون البناء والغرس والدولاب ، وتثبت فيها منضمّات إلى الأرض.

ولا تثبت في المنقول وإن كان حيوانا أو رقيقا أو ثمرة وإن انضمّ إلى الأرض.

ويشترط الثبات ، فلا تثبت في الغرفة إذا كان السقف لصاحب السّفل.

[ المطلب ] الرابع : في المستحقّ

وهو الشريك الواحد بحصّة مشاعة بشرط القدرة على الثمن وبذله ،

٣٧٣

وإسلامه إذا كان المشتري مسلما ، فلا تثبت للعاجز والمماطل والهارب والكافر على مسلم ، وتثبت له على مثله وإن كان البائع مسلما وللمسلم مطلقا.

ولو ادّعى تعذّر الثمن أجلّ بثلاثة أيّام ، فإن انقضت ولم يحضره بطلت.

ولو ادّعى غيبته ، أجلّ قدر ذهابه وإيابه وثلاثة أيّام ، إلّا أن يتضرّر المشتري ، ولا يجب على المشتري قبول رهن أو ضمين.

وتثبت للغائب وإن طال الزّمان ، ويجب عليه السّعي أو التوكيل مع القدرة لا الإشهاد ، فلو أهمل بطلت وإن قصد بالترك المطالبة في بلد البيع ، وكذا حكم المريض والمحبوس ظلما أو بحقّ يعجز عنه.

وتثبت للصبي والمجنون والمغمى عليه والسفيه ، فيأخذ الوليّ مع الغبطة ، فلو ترك فلهم المطالبة بعد الكمال ، ولهم نقضها لا معها لا الأخذ ، ولو كان الترك للعسر لم يكن له المطالبة ولا للصبيّ الأخذ عند اليسر.

وتثبت للمفلّس ، وليس للغرماء خيرة عليها ولا منعه منها ، بل من دفع الثّمن ، فلو أذنوا له أو صبر المشتري تعلّق به حقّ الغرماء ، وللمكاتب مطلقا وإن لم يرض المولى ، وللعبد المأذون وللمولى منعه.

ولو اشترى عامل المضاربة شقصا لها ، ثمّ باع الشريك ، فللعامل الأخذ إن لم يكن في الشقص ربح ، فإن ترك فللمالك الأخذ.

ولو اشترى شقصا في شركة ربّ المال ، فليس للمالك أخذه بالشفعة ، بل إن فسخ المضاربة فيه ملكه بالشراء ، وللعامل الأجرة ، وإن كان فيه ربح ملك العامل نصيبه.

٣٧٤

[ المطلب ] الخامس : [ في ] المأخوذ منه

وهو المشتري ، ويشترط سبق ملك الشريك ، فلو تأخّر أو اشتريا فلا شفعة ، ولوليّ الطّفل والمجنون أن يأخذ لهما من نفسه ما اشتراه منهما أو من الغير ، وأن يأخذ لنفسه منهما ما اشتراه (١) لهما من الغير أو منه ، وأن يأخذ ما باعه عنهما ، وللوصيّ والوكيل الأخذ.

ولا تبطل الشفعة على المكاتب بفسخ سيّده.

[ المطلب ] السادس : في كيفيّة الأخذ

يستحقّ الشفعة بالعقد وإن لم ينقض الخيار ، ويأخذ بمثل الثمن المثلي وبقيمة القيمي يوم البيع ، ولا يلزم المؤن كالدلّال ، ولا ما يزيده المشتري في الثمن وإن كان في مدّة الخيار ، ويسقط ما أخذ المشتري من أرش المعيب لا ما يحطّه البائع عنه.

ولو كان الثمن مؤجّلا أخذ به في الحال ، ويؤدّيه في الأجل ، ويلزم بكفيل إن لم يكن مليّا.

ولو مات المشتري حلّ الثمن عليه لا على الشفيع ، ولو مات الشفيع لم يحلّ ، ولا يملك إلّا بدفع الثمن والتلفظ بالأخذ (٢) ، فلا يكفي أحدهما.

__________________

(١) في « أ » : « ما اشترى به » وفي الدروس : ٣ / ٣٦١ : « ولو باع الوليّ نصيب المشترك بينه وبين المولّى عليه فله الأخذ لنفسه ، ولو باع نصيب المولّى عليه فله الأخذ لنفسه ».

(٢) في « أ » و « ب » : « أو التلفظ بالأخذ » والصحيح ما في المتن.

٣٧٥

ولا يشترط تجديد عقد من المشتري ، ولا رضاه ، ولا القبض ، فلو تصرّف قبله صحّ.

ويشترط العلم بالثمن والشقص ، فلو جهل أحدهما لم يصحّ ، والفور فلو أهمل مع القدرة بطلت إلّا مع العذر ، كالعجز عن مباشرة الطلب والتوكيل ، ومنه النسيان وجهل الفورية والبيع.

ولا يجب تغيير عادته في مشيه ولا قطع عبادته وإن كانت مندوبة.

وله التأخير إلى الصّبح ، وشهادة الجماعة ، والصلاة في أوّل وقتها ، وفعل مسنوناتها ، وقضاء غرضه من الحمّام والأكل والشرب ، والتأنّي في المشي ، والبدأة بالسلام ، والدعاء المعتاد ، والسؤال عن كميّة الثمن والشقص.

وليس له أخذ البعض ، نعم لو اشترى شقصين من دارين كان له أخذ أحدهما.

ولو اشترى شقصا وعرضا صفقة أخذ الشقص بحصّته من الثمن ولا خيار للمشتري ، لأنّ التبعيض لحق البيع بعد انعقاده ، وللمشتري الامتناع من دفع الشقص حتّى يقبض جميع الثمن ، وعليه أن يمكّنه من رؤية الشقص.

وليس عليه أخذ الشقص من البائع وتسليمه إلى الشفيع ، بل يخلّي بينهما ، ويكفي قبضه عن المشتري والدرك حينئذ على المشتري.

وليس للشفيع فسخ البيع والأخذ من البائع ، ولا الإقالة منه.

ولو انهدم الشقص أو عاب بغير فعل المشتري أو بفعله قبل المطالبة ،

٣٧٦

تخيّر الشفيع بين الأخذ بكلّ الثمن أو الترك ، والانقاض (١) للشفيع ، ولو كان بعد المطالبة ضمن.

والنماء المتّصل كالوديّ (٢) يصير نخلة للشفيع ، والمنفصل للمشتري ، فلو كان قبل العقد سقط من الثمن ما قابله.

ولو ثبت استحقاق الثمن المعيّن بطلت الشفعة ، بخلاف غير المعيّن ، وما دفعه الشفيع.

ولو تلف الثمن المعيّن قبل قبضه وبعد الأخذ ، رجع البائع بقيمة الشقص ، ولو تلف قبل الأخذ بطلت.

ولو ظهر فيه عيب فللبائع ردّه إن لم يحدث فيه حدث ، وطالب بقيمة الشقص ، وإلّا طالب بالأرش ، ولا يرجع المشتري به على الشفيع إن أخذه بالصحيح.

ولو تلف الشقص في يد المشتري سقطت ، ولو أتلفه بعد المطالبة لم تسقط ، وطالب بقيمته.

ولو تلف بعضه فله أخذ الباقي بحصّته من الثمن.

ولو ظهر فيه عيب بعد الأخذ ، فللشفيع ردّه دون الأرش إلّا أن يكون المشتري أخذه من البائع.

ولو اشتراه بالتبرّي من العيوب ، فللشفيع الفسخ مع عدم العلم.

__________________

(١) في جامع المقاصد : ٦ / ٤١٩ : الأنقاض ـ بفتح الهمزة ثمّ النون والقاف بعدها والضاد المعجمة آخرا ـ جمع نقض ـ بكسر النون ـ : وهي الآلات الّتي تبقى من البناء بعد نقضه.

(٢) في مجمع البحرين : الوديّ بالياء المشدّدة : هو صغار النخل قبل أن يحمل.

٣٧٧

وتشفع الأرض المشغولة بالزرع عاجلا ، وعليه التبقية إلى الحصاد بغير أجرة ، وليس له الأخذ عند الحصاد.

ولو غرس أو بنى تخيّر الشفيع من إزالته ودفع الأرش ، وفي دفع قيمته مع رضا المشتري ، وفي ترك الشفعة ، وللمشتري القلع ولا يجب عليه إصلاح الأرض ، ولا أرش النقص ، وحينئذ يأخذ الشفيع بالثمن أو يترك.

ولا تبطل الشفعة الإقالة ولا الردّ بالعيب ولا التصرّف ، فإن تصرّف المشتري بالبيع (١) فللشفيع الأخذ ، فإن تعدّد فأخذ بأحدها صحّ ما قبله ، وبطل ما بعده ، والدرك على المأخوذ منه ، وإن كان بغير البيع فللشفيع إبطاله وإن كان وقفا.

ولو أبطل الهبة فالثمن للمشتري ، ويرجع المتّهب بما دفعه عوضا.

[ المطلب ] السابع : [ في ] المسقط

فإذا حضر البيع ولم يأخذ سقطت الشفعة ، وإن غاب فعلم بالتواتر أو بخبر المعصوم أو أخبره عدلان ، بادر أو وكّل ، فإن أخّر بطلت ، ولو أخبره واحد فأخّر لم تسقط وإن كان عدلا ، إلّا أن يصدّقه.

ولو اعترف الشفيع بغصب الثمن أو بتلفه قبل القبض ، أو قال للمشتري : « بعني » أو « هبني » أو « قاسمني » أو « صالحني » أو صالحه على تركها ، أو بارك لأحدهما ، أو عفا بطلت.

__________________

(١) في « أ » : « بالمبيع » بدل « بالبيع ».

٣٧٨

ولو أقرّ المتبايعان باستحقاق الثمن وأنكر الشفيع ، لم تبطل ، وعليه اليمين إن ادّعى عليه العلم.

ولو باع الشفيع نصيبه بعد العلم بالشفعة بطلت ، وللمشتري الأوّل الشفعة على الثاني ، ولو لم يعلم لم تبطل.

ولو قال : « بكم اشتريت » أو نزل عنها (١) قبل العقد ، أو توكّل لأحدهما قبل البيع ، أو شهد [ على البيع ] ، أو أذنه فيه ، أو ترك لتوهّم زيادة الثمن ، أو أنّه من جنس فبان من غيره ، أو بلغه أنّه اشتراه لنفسه ، فبان لغيره أو بالعكس ، لم تسقط (٢).

وتجوز الحيلة على الإسقاط بزيادة الثمن والإبراء من الزيادة ، أو تعويضه بالقليل عنه ، أو بيعه سلعة بثمن كثير ، ثمّ يشتري الشقص به ، أو يهبه الشقص ويشترط عليه عوضا.

والشفعة موروثة كالمال ، ولو عفا البعض أخذ الباقي الجميع وإن كان واحدا ، ولا تمنعها الكثرة ، لأنّ مستحقّها واحد ، وتقسم على السّهام لا على الرءوس.

ويرثها وارث المفلّس.

ولو بيع بعض عقار الميّت في الدّين ، لم يستحقّ الوراث الشفعة ، وكذا لو كان شريكا للميّت بالباقي.

__________________

(١) أي عن الشفعة.

(٢) جواب الشرط الوارد في قوله : « ولو قال : بكم اشتريت ... ».

٣٧٩

[ المطلب ] الثامن : في التنازع

لو اختلف الشفيع والمشتري في الثمن ، قدّم قول المشتري مع يمينه ، ولو أقاما بيّنتين حكم ببيّنة المشتري على الأقوى.

ولو كان الخلاف بين المتبايعين فالقول قول البائع ، ويأخذ الشفيع بما ادّعاه المشتري.

ولو أقاما بيّنة حكم ببيّنة المشتري ، ولو اختلفا في قيمة الثمن رجع إلى أهل الخبرة ، فإن تعذّر قدّم قول المشتري.

ولو ادّعى تأخّر شراء شريكه قدّم قول الشريك ، وله أن يحلف أنّه لا يستحقّ عليه شفعة.

ولو ادّعى السبق كلّ منهما تحالفا ، وبقى الملك على ما كان عليه ، وكذا لو أقاما بيّنة بالسّبق.

ولو شهدت البيّنة لأحدهما بالتقدّم قضي بها.

ولو ادّعى على أجنبيّ الشراء منه فأنكر ، قضي للشريك بالشفعة.

ولو ادّعى على شريكه الابتياع ، فادّعى الإرث ، قدّم قول الشريك.

ولو أقاما بيّنة حكم ببيّنة الشفيع ، وكذا لو ادّعى الشريك الإيداع.

المبحث الرابع : في البيع الفاسد

لا يملك البائع الثمن به ولا المشتري السّلعة ويجب ردّها مع النماء

٣٨٠