معالم الدين في فقه آل ياسين - ج ١

شمس الدين محمد بن شجاع القطان الحلّي

معالم الدين في فقه آل ياسين - ج ١

المؤلف:

شمس الدين محمد بن شجاع القطان الحلّي


المحقق: الشيخ ابراهيم البهادري
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة الإمام الصادق عليه السلام
المطبعة: مؤسسة الإمام الصادق عليه السلام
الطبعة: ١
ISBN: 964-357-049-5
الصفحات: ٦٢٤
الجزء ١ الجزء ٢

المتّصل والمنفصل ، وأجرة مدّة إمساكه ، وأرش نقصه ، وقيمته يوم تلفه ، ولا تنفذ تصرّفاته.

ولو باعه وجب ردّه على مالكه ، ويرجع على بائعه بما دفعه إليه مع جهله ، فإن تلف في يده تخيّر المالك في الرجوع على من شاء بقيمته ، فإن رجع على الأوّل فله الرجوع على الثاني ، وإن رجع على الثاني لم يرجع على الأوّل مع علمه.

ولو أعتق العبد لم ينفذ ، ولو وطئ الأمة جاهلا لم يحدّ ، والولد حرّ ، وعليه المهر ، وأرش البكارة ، والنقص بالولادة ، وقيمة الولد يوم سقوطه حيّا ، ولا يضمنه لو سقط ميّتا ، ولا تجبر قيمة الولد النقص بالولادة ، ويضمن قيمتها لو ماتت بها.

ولو أتلف البائع الثمن ردّ مثله أو قيمته ، فإن أفلس فللمشتري أسوة الغرماء.

٣٨١

القطب الثاني (١) : في أنواع البيع

وفيه فصول :

[ الفصل ] الأوّل : في قسمته بالنّسبة إلى تعجيل الثمن والمثمن ، وتأجيلهما ، أو تعجيل أحدهما وتأجيل الآخر ، وهو أربعة (٢) :

الأوّل : بيع النقد ، وهو أن يشتري مطلقا أو بشرط حلول الثمن ، وفائدته تسلّط البائع على الفسخ إذا ماطل المشتري.

الثاني : بيع الكالئ بالكالئ ، وهو أن يشترط تأجيل الثمن والمثمن ، وهو باطل إجماعا.

الثالث : بيع النسيئة وهو أن يشترط تأجيل الثمن ، ولا بدّ من ضبط الأجل ، فلو وقّته بقدوم الحاجّ وشبهه ، أو باعه بثمن حالّا وبأزيد مؤجّلا ، أو بثمن إلى أجل أو بأكثر إلى آخر بطل.

أمّا لو باعه سلعتين في عقد وأجلّ ثمن إحداهما ، أو سلعة بثمن واحد وشرط تأجيل بعضه ، أو أجّله نجوما معلومة جاز.

__________________

(١) مضى القطب الأوّل في ص ٣٣٨.

(٢) قال العلّامة في القواعد : ٢ / ٤٢ : العوضان إن كانا حالّين فهو النّقد وإن كانا مؤجّلين فهو بيع الكالئ بالكالئ ، وهو منهيّ عنه. وإن كان المعوّض حالّا خاصّة فهو النسيئة وبالعكس السّلف.

٣٨٢

ولا حدّ للأجل إلّا أن يكون أجلا لا يبلغانه كألف سنة.

ومبدأه من حين العقد لا من التفريق.

ولا يجب دفع الثمن قبل حلوله ، ولا قبضه ، ويجب بعده ، فإن امتنع فهلك بغير تفريط فهو من البائع ، وللمشتري التصرّف فيه فيصير في ذمّته ، وكذا لو دفع البائع المسلم فيه بعد حلوله فامتنع المشتري ، وكذا كلّ حقّ امتنع صاحبه من قبضه.

ويجوز أن يشتري ما باعه قبل الأجل بزيادة أو نقيصة حالّا ومؤجّلا إذا لم يشترطه في العقد ، وكذا بعد الحلول بغير الجنس ، وبه مع التساوي ، ويكره مع الزيادة والنقصان.

ولا يجوز تأخير الثمن الحالّ ولا شي‌ء من الحقوق الماليّة بزيادة ، ويجوز تعجيلها بنقيصة.

ولا حرج في بيع المتاع بأزيد من قيمته حالّا ومؤجّلا مع المعرفة.

ولو شرط خيار الفسخ في مدّة معيّنة إن لم ينقده الثمن فيها صحّ ، ولو شرط أن لا بيع [ إن لم يأت به فيها ] بطل البيع والشرط.

الرابع : السّلم

وفيه مباحث :

[ المبحث ] الأوّل : في حقيقته

وهو ابتياع عين مضمونة إلى أجل معلوم بمال حاضر أو في حكمه

٣٨٣

بشروط ستأتي ، ولا بدّ فيه من إيجاب مثل « سلفت » و « أسلمت » و « بعت » و « ملّكت » ومن قبول مثل « قبلت » و « رضيت ».

ولا ينعقد البيع بلفظ السلم كقوله : أسلمت إليك هذا الثوب في هذا الدينار ، ولا الهبة بلفظ البيع كقوله : بعتك هذا بلا ثمن ، فإن قبضه ضمنه.

ويجوز إسلاف الأثمان في الأعواض ، وإسلاف الأعواض في الأثمان ، وفي الأعواض إن اختلفا ، ولا يجوز إسلاف الأثمان في الأثمان وإن اختلفا.

ويجوز اشتراط الرهن والضمين ، وكلّ سائغ مقدور وأصواف نعجات معيّنة.

المبحث الثاني : في المحلّ

وهو كلّ ما ينضبط (١) وصفه كأنواع الحيوان ، والفواكه ، والحبوب ، والثياب ، والطيب ، واللبن ، والسّمن ، والشحم ، والبيض ، والجوز ، واللوز ، والخضر ، وما تنبت الأرض ، والرصاص ، والنحاس ، والحديد ، والصفر ، والذهب ، والفضّة ، والزئبق ، والكحل ، والكبريت ، والطين الأرمني ، وعيدان النبل قبل عمله ، والأشربة والأدوية البسيطة والمركّبة إذا علمت بسائطها ، وكذا المختلطة كالعتابيّ (٢) إذا قصدت أجزاؤها ، ولو لم يقصد الخليط جاز مطلقا ، كالجبن وفيه الأنفحة ، والخلّ وفيه الماء.

وكلّ ما لا يمكن ضبطه أو يعزّ (٣) وجوده لا يصحّ السلم فيه ، كالجلود ،

__________________

(١) في « أ » : يضبط.

(٢) في جامع المقاصد : ٤ / ٢١٥ : هو قماش معروف منسوب إلى « عين تاب » بلد بالشام أدغمت النون في التّاء.

(٣) في « ب » و « ج » : « أو يفرق » ولعلّه مصحّف.

٣٨٤

والخبز ، واللحم نيّه ومشويه ، والنبل المعمول ، والعقار ، والأرض ، وجوز القزّ ، والجواهر ، واللآلي الكبار ، ويجوز في الصّغار.

المبحث الثالث : في شروطه زيادة على شروط البيع

وهي ستّة :

الأوّل : ذكر الجنس الدالّ على الحقيقة ، كالحنطة ، والوصف الفارق بين أنواعها ، كالصّرابة (١).

ويشترط في اللفظ أن يكون ظاهر الدلالة في اللغة ، معلومة للمتعاقدين وغيرهما ، ولا يجب الاستقصاء لعسره ، بل يقتصر على ما يختلف الثمن لأجله ، فيذكر في الآدمي النوع كالهندي ، والصّنف إن اختلف النوع ، والذكورة أو الأنوثة ، والقدر كخماسي ، والسّن ، ويرجع فيه إلى البيّنة ، فإن فقدت فإلى السّيد مع صغره ، وإلى الغلام مع بلوغه ، وإلى أهل الخبرة مع اشتباهه.

ولا يشترط ذكر الملاحة لعدم ضبطها.

ويذكر في الخيل النوع كهجين (٢) والسنّ ، والذكورة والأنوثة ، واللّون ، لا الشيات كالأغرّ والمحجّل (٣) ، ولو نسبه إلى أب جاز مع الكثرة وإلّا فلا.

__________________

) في جامع المقاصد : ٤ / ٢٢١ : « المراد بالصرابة : كونها خالصة من خليط آخر كتراب ونحوه ، ولم أظفر له بمعنى في اللغة ، وكأنّه خطأ ». ولكن في المنجد : اصرأبّ الشي‌ء : صفا واملاسّ. ( مادّة صرب ).

(٢) في جامع المقاصد : ٤ / ٢٢٠ : الهجين كريم الأب خاصّة :

(٣) قال المحقّق الكركي : الشيات جمع شية ، وهي في الأصل مصدر وشاه وشيا وشية : إذا خلط

٣٨٥

وفي الإبل النوع ، كالعربيّ ، واللّون ، والذكورة ، والأنوثة ، والسنّ ، ولو نسبه إلى نتاج قوم صحّ مع الكثرة وإلّا فلا.

ويذكر في باقي الحيوان مثل ذلك إلّا اللون في الجاموس لاتّحاده وإلّا النتاج في البغال لعدمه ، بل يذكر النسبة إلى البلد ، وإلّا السّن في الطير.

ويذكر في السمك النّوع ، كالبني ، والمكان ، والكبر ، والصغر ، والذكر والأنثى.

ويذكر في التمر النوع ، كالبرنيّ ، والكبر ، والحداثة أو العتق.

وفي الرّمّان النوع ، كالتركي ، والحلاوة أو ضدّها ، والبلد.

وفي العنب النوع والبلد.

وفي الزبيب البلد ، والنوع ، والكبر ، والصغر.

وفي الجوز واللوز الصّنف ، والحداثة ، والعتق ، والكبر ، والصغر ، والنوع من القشر وعدمه.

وفي التفّاح النوع ، كالمركّب ، والقدر والبلد (١) وفي باقي الفواكه والخضر صفاتها الّتي تمتاز بها بعضها عن بعض.

وفي اللبن النوع ، كالبقريّ ، والمرعى ، والحداثة وضدّها ، وكذا في الزبد ، والسّمن.

__________________

بلونه لونا آخر.

و « الأغرّ » هو : ذو البياض في وجهه.

و « المحجّل » : ذو البياض في قوائمه أو في رجليه أو إحداهما مع اليدين ، أو إحداهما.

(١) في « ب » و « ج » : القدري والبلدي.

٣٨٦

وفي العسل البلد ، كالمكّيّ ، والزمان كالرّبيعيّ ، واللّون ، وينصرف الإطلاق إلى المصفّى من الشمع.

وفي الصوف والشعر والوبر النوع ، والبلد ، والجزّ أو القلع ، والزمان ، والطّول والقصر ، والذكورة والأنوثة ، واللون ، والنعومة ، والخشونة.

وفي القطن البلد ، والمنزوع من الحبّ وغيره ، واللّون ، والنظافة من التقاه (١) إلّا المعتاد.

وفي الغزل النوع كالقطن ، واللّون ، والبلد ، والرفع أو الغلظ ، (٢) ويضبط بالعدّ.

وفي الثياب النوع ، والبلد ، والطول والعرض ، والصفاقة ، والرقة ، والنعومة وضدّها ، ويلزمه الخام ، ويجوز اشتراط القصير أو الصّبغ ، ويذكر لونه وشدّته وعدمها ، ولا يجب ذكر الوزن ، ولا يجوز اشتراطه من غزل امرأة معيّنة ، ولا الثمرة من بستان معيّن.

ويجوز في ذلك كلّه اشتراط الجيّد والرديّ والأردإ دون الأجود.

الثاني : تقدير الثمن بالكيل أو الوزن أو العدّ ، فلا تكفي المشاهدة ، والقبض قبل التفرق ، فلو افترقا قبله بطل ، ولو قبض البعض صحّ فيه ، ولا يجبر على قبضه ، ولو أحال البائع بالثمن ، أو أحاله به المشتري صحّ مع القبض قبل التفرق ، وإلّا بطل ، وحضوره أو حكمه ، فلا يجوز تأجيله ، ولو أجّل بعضه بطل في الجميع.

__________________

(١) في « أ » : من اللّقاطة.

(٢) قال في الدروس : ٣ / ٢٥١ : ولو أسلف في الغزل وجب ذكر ما سلف واشتراط الغلظ أو الدّقة.

٣٨٧

ويكره أن يجعله من دين له عليه ، ولو أطلق جازت المقاصّة به.

ويصحّ (١) أن يكون منفعة كسكنى الدار ، ولو بان الثمن المعيّن من غير الجنس بطل ، وكذا المضمون إن تفرّقا وإلّا وجب البدل (٢) ، ولو بان من الجنس معيبا ، فله في المعيّن الرّدّ أو الأرش لا الإبدال ، وفي المضمون الأرش أو الإبدال وإن تفرّقا.

ولو بان مستحقّا ، فإن كان معيّنا بطل مطلقا ، وإلّا بطل إن تفرّقا قبل إبداله.

الثالث : تقدير المسلم فيه بالكيل أو الوزن أو الذّرع ، ويشترط العموميّة ، فلو عوّلا على مكيال أو صخرة مجهولين بطل ، ولا يكفي العدّ في المعدود ، بل يجب الوزن دون الكيل.

ويجوز تقدير المكيل بالوزن دون العكس ، وله مل‌ء المكيال وما يحتمله بغير هزّ ولا دقّ.

ولا يجوز في القصب أطنانا ، ولا في الحطب حزما ، ولا في الماء قربا ، ولا في المجزوز جزّأ (٣).

الرابع : تقدير الأجل بما لا يؤدي إلى الجهالة وإن قلّ ، كنصف يوم ، فلو قال : متى شئت أو أيسرت أو إلى قدوم الحاجّ بطل.

وتحمل الشهور على الأهلّة مع الإطلاق ، ويجوز التقييد بالشمسيّة.

وإذا عقد في أوّله اعتبرت الأهلّة ، وفي أثنائه يكمل المنكسر ثلاثين ، والباقي بالأهلّة ، ويلفّق اليوم.

__________________

(١) في « أ » : « ويجوز ».

(٢) في « ب » و « ج » : « وجب البذل » ولعلّه مصحّف.

(٣) في « أ » : جززا.

٣٨٨

ولا يعتبر الطول والقصر.

ولو قال إلى شهر رمضان أو الجمعة حمل على الأقرب ، ويحلّ بأوّل جزء منهما ، ولو تعدّد كـ « ربيع » حمل على الأوّل.

ولو قال : إلى شهر كذا حلّ بأوّله (١).

ولو قال : إلى شهر حلّ بآخره.

ولو قال : في شهر كذا بطل ، ولو أخلّ بالأجل ففي انعقاده بيعا وجهان.

الخامس : ذكر موضع التسليم إذا كان العقد في مكان لا تجري العادة بالتسليم فيه ، كالبادية أو بلد يفارقانه قبل الحلول ، وإلّا انصرف التسليم إلى موضع العقد وإن كان في حمله مئونة ، ولو عيّناه تعيّن ، ويجوز التسليم في غيره مع الرّضا.

السادس : وجود المسلم فيه وقت الحلول في موضع التسليم ، فلا يكفي وجوده في غيره إلّا أن يعتاد نقله ، ولا يضرّ عدمه وقت العقد ، ولو لم يوجد لحاجة أو علم ذلك قبل الحلول ، تخيّر المشتري بين الصّبر والفسخ ، وكذا لو وجد ولم يسلّم حتّى انقطع.

ولو قبض البعض وتعذّر الباقي ، تخيّر في الصّبر بالمتخلّف وفي الفسخ فيه وفي الجميع.

وليس الخيار على الفور ، ويسقط بالإبطال لا بالإهمال ، ومع الفسخ يرجع بالثمن لا بالقيمة.

__________________

(١) في « ب » و « ج » : « أجّل بأوّله ».

٣٨٩

المبحث الرّابع : في الأحكام

لا ريب في صحّة المؤجّل وفي الحالّ قولان ، ويجب دفع المشترط ، ويلزم أقلّ ما يتناوله الوصف وقت الحلول ، ويجب قبضه أو الإبراء منه ، وقبض الأجود دون الزائد ، ولو امتنع قبضه الحاكم ، ولو رضي بغير الجنس جاز.

ولو دفع قبل الحلول لم يجب القبول إن انتفى الضرر عن المسلم ، أو كان هناك غرض للمسلم إليه ، كفكّ الرّهن أو الضمين أو خوف الانقطاع في المحلّ.

ولو وجد به عيبا فردّه زال ملكه عنه ، وعاد حقّه إلى الذمّة صحيحا.

ويجب خلوّ الحبوب من التراب غير المعتاد ، ويجوز دفع البعض والأردإ للتعجيل ، واشتراط الأداء في نجوم إذا عيّن قسط كلّ نجم.

ولو أسلم جارية صغيرة في كبيرة موصوفة ، فصارت الصغيرة بالصفات ، وجب قبضها إذا دفعها ، وإن وطئها فلا شي‌ء عليه.

ولو أسلم الذميّ إلى مثله في الخمر فأسلم المشتري بطل ورجع بالثمن ، ولو أسلم البائع فللمشتري القيمة عند مستحلّيه.

ولا يجوز بيع المسلم قبل حلوله ، ويكره بعده قبل القبض على الغريم وغيره ، وكذا بيع بعضه وتوليته وتولية بعضه.

ويصحّ السّلم (١) في شيئين بثمن واحد صفقة مع التماثل وعدمه.

__________________

(١) في « أ » : « المسلم » وهو مصحّف.

٣٩٠

ولو اختلفا في قبض الثمن أو أداء المسلم فيه ، قدّم قول المنكر ، ولو اعترفا بالقبض واختلفا في كونه قبل التفرق أو بعده ، قدّم قول مدّعي الصحّة ، وكذا لو قال البائع : قبضته ثمّ رددته إليك قبل التفرّق ، وأنكر المشتري.

ولو اختلفا في اشتراط الأجل ، فإن قلنا بوجوبه ، قدّم قول مدّعيه ، ترجيحا لجانب الصحّة ، وإلّا قدّم قول نافيه.

ولو اختلفا في المسلم فيه ، تحالفا وبطل ، ولو اختلفا في قدره ، فالقول قول منكر الزّيادة.

الفصل الثاني

في قسمته بالنسبة إلى ذكر رأس المال وعدمه

وهو أربعة ، لأنّه إن لم يذكر في العقد رأس المال فهو مساومة ، وهو أفضل أقسامه ، وإن ذكره مع زيادة فهو مرابحة ، ومع النقيصة مواضعة ، ومع المساواة تولية.

وأمّا المرابحة ، فيجب فيها الصّدق في الإخبار برأس المال ، وذكر الصرف والأجل ، وطريان العيب ، وتقدير الربح ، فيقول : رأس مالي كذا وبعتكه به وبربح كذا ، بخلاف بعتكه بما اشتريت وربح كذا أو برأس مالي وهو كذا وبربح ما نشاء.

وينبغي أن ينسب الرّبح إلى السّلعة كما عرفت ، ويكره إلى المال ، مثل ربح عشرة دراهم.

ثمّ البائع إن لم يعمل فيه شيئا فالعبارة : اشتريته بكذا ، أو : رأس مالي

٣٩١

كذا ، أو : هو عليّ ، وإن عمل فيه بنفسه قال : وعملت فيه بكذا ، ولو استأجر عليه قال : يقوم عليّ (١).

ولو قال : بعتكه بما قام عليّ ، استحقّ مع الثمن مؤن التجارة ، كأجرة الدلّال والحمّال والحمل والحافظ والبيت إن لم يكن له ، لا مؤن الملك كالنفقة ، والكسوة ، والدواء ، وعلف الدّابّة إلّا أن يخبر بالحال.

ولو زادت القيمة بتجدد النماء كالنتاج والثمر أخبر بالثمن خاصّة ، ولا يضع ما استوفاه منه ، ولا ما حطّه البائع عنه في زمن الخيار ، ولا يلحق ما زاده فيه.

ولو نقصت العين بتلف بعضها ، أو القيمة بمرض وغيره أخبر بالحال ، وكذا لو باع الدابّة بعد وضعها.

ولو اشتريا ثوبا بعشرة ، ثمّ اشترى أحدهما نصيب الآخر بستّة صحّ أن يخبر بأحد عشر.

ويجب أن يسقط من الثمن ما أخذه من أرش العيب لا ما أخذ من أرش الجناية ، ولا يضمّ (٢) ما فداه به.

ولا يجب الإعلام بالعين ولا بالبائع وإن كان ولده أو غلامه الحرّ.

ولو اشترى شيئا بثمن ، ثمّ باعه بربح ، ثمّ اشتراها بالثمن الأوّل ، أخبر به ، ولا يجب حطّ الربح.

__________________

(١) في « أ » : « تقوّم عليّ ».

(٢) في « أ » : « ولا يضمن » ولعلّه مصحّف.

٣٩٢

فروع

الأوّل : إذا أخبر البائع بشي‌ء فبان خلافه لم يفسد البيع ، فلو أهمل ذكر الأجل (١) أو بعضه ، تخيّر المشتري بين الفسخ والأخذ بالثمن ، وليس له مثل الأجل ، ولا يبطل الخيار بالتصرّف.

الثاني : لو ظهر كذبه في قدر الثمن أو جنسه أو وصفه تخيّر المشتري في الرّدّ وأخذه بالمسمّى ، ولا يسقط الخيار بالتلف.

ولو ادّعى البائع الغلط [ في الإخبار ] لم تسمع دعواه ولا بيّنته ، (٢) وله إحلاف المشتري على عدم العلم ، ولو صدّقه المشتري تخيّر البائع في الفسخ والإمضاء.

الثالث : يجوز أن يبيع سلعته (٣) على غيره ثمّ يشتريها منه بزيادة ليخبر بالثمن الثاني ، ولو اشترط في العقد بطل ، ويكره قصده.

الرابع : لو اشترى أمتعة صفقة لم يجز بيع بعضها ، بل يخبر بالحال.

الخامس : لو قوّم (٤) على الدلّال متاعا ولم يواجبه البيع [ وجعل الزائد على ما قوّم له ] ، لم يجز بيعه مرابحة ، ولا يملك الربح وإن استدعاه التاجر ، بل له الأجرة.

وأمّا المواضعة فهي البيع بوضيعة عن رأس المال فيقول : رأس مالي

__________________

(١) فيما إذا اشترى بالأجل وباعه من الآخر مرابحة من دون ذكر الأجل. لاحظ الدروس : ٣ / ٢١٩.

(٢) في « أ » و « ب » : بيّنة.

(٣) في « أ » : سلعة.

(٤) في « أ » : « لو قدّم » ولعلّه مصحّف.

٣٩٣

كذا وبعتكه به ووضيعة كذا ، فإذا قال : بعتك بمائة ووضيعة درهم من كلّ عشرة لزمه تسعون.

ولو قال : من كلّ أحد عشر ، فالثمن أحد وتسعون إلّا جزءا من أحد عشر جزءا من درهم.

وأمّا التولية فهي البيع برأس المال فيقول : ولّيتك البيع ، أو بعتك هذا الثوب بما هو عليّ ، وشبهه ، فيقول : قبلت.

ويشترط العلم برأس المال لا ذكره ، وتولية البعض تشريك كقوله : ولّيتك نصفه مثلا بنصف رأس ماله ، أو بعتك.

ولو قال : شرّكتك من هذا الثوب نصفه بنصف ثمنه احتمل الجواز.

الفصل الثالث

في ذكر بعض المبيعات

وإنّما اختصّت بالذكر لاشتمالها على وصف زائد على مطلق البيع ، وهي أربعة :

بيع الحيوان

وفيه فصلان :

[ الفصل ] الأوّل : فيما يقبل الملك

وهو ما عدا الإنسان المسلم ومن بحكمه ، فالكافر الأصليّ يملك

٣٩٤

بالسّبي ، ثمّ يسري الرّقّ في أعقابه وإن أسلموا إلّا أن يتحرّروا.

ويملك الرّجل كلّ أحد سوى الآباء وإن علوا ، والأولاد وإن نزلوا ، والأخت وبنتها ، وبنت الأخ وإن نزلتا ، والعمّة والخالة وإن علتا.

وتملك المرأة كلّ أحد إلّا العمودين. والرضاع كالنّسب ، ويكره تملّك باقي الأقارب.

ويملك أحد الزّوجين صاحبه ويبطل النكاح.

ولو قهر حربيّ مثله فباعه صحّ وإن كان ممّن ينعتق عليه ، ويكون استنقاذا ، فلا تثبت أحكام البيع كخيار المجلس ، والحيوان ، والرّدّ بالعيب ، وطلب الأرش ، ويحتمل ثبوته بالنسبة إلى المشتري.

ويملك اللقيط من دار الحرب إلّا أن يكون فيها مسلم ، ولا يملك من دار الإسلام ، ثمّ إن بلغ فأقرّ بالرّقّ حكم عليه به ، وكذا لو أقرّ بالغ رشيد مجهول النّسب ، ثمّ لا يقبل رجوعه.

ولو اشترى عبدا فادّعى الحرّية لم يقبل إلّا بالبيّنة.

ولو أسلم عبد الكافر أجبر على بيعه من مسلم ، وله ثمنه.

ويجوز للشيعة خاصّة ابتياع ما يسبيه الظّالم في حال الغيبة ، ووطء الأمة وإن كان كلّه للإمام أو بعضه.

الفصل الثاني : في الأحكام

وفيه مسائل :

الأولى : يستحبّ بيع المملوك إذا كره سيّده ، ويجب على بائع الأمة

٣٩٥

الموطوءة الاستبراء قبل بيعها بحيضة إن كانت متحيّضة ، وإلّا فبخمسة وأربعين يوما ، فإن جهله المشتري وجب عليه قبل وطئها ، ويسقط بإخبار الثقة أو كانت لامرأة أو صغيرة ، أو آيسة ، أو حائضا ، أو حاملا.

ويحرم وطء الحامل ، ويكره إذا كان عن زنا بعد أربعة أشهر وعشرة أيّام ، فلو وطئ استحبّ العزل ، فإن أنزل كره له بيع ولدها ، واستحبّ أن يعزل له قسطا من ميراثه.

ويكره وطء المولودة من الزنا بالملك والعقد.

الثانية : يجوز النظر إلى وجه من يريد شراءها ومحاسنها ، ويستحبّ تغيير اسمه ، وإطعامه حلوا ، والصدقة عنه بشي‌ء ، ويكره أن يريه ثمنه في الميزان.

الثالثة : لا يدخل الحمل في بيع أمّه إلّا أن يشترطه المشتري ، ومعه لو سقط قبل القبض أو في الثلاثة رجع المشتري بما بين الحمل والإجهاض.

ويصحّ استثناء الخدمة مدّة معلومة لا الوطء.

الرابعة : العبد لا يملك شيئا ، وقيل (١) : يملك فاضل الضريبة وأرش الجناية وما يملّكه مولاه ، ولا يدخل ما له في بيعه (٢) وإن علم به البائع ، ولو باعه وماله صحّ إن كان بغير الجنس ، أو به مع زيادة في الثمن إن كان ربويّا وإلّا صحّ مطلقا.

ولو قال [ العبد ] : اشترني ولك عليّ كذا لم يلزم.

__________________

(١) القائل هو الشيخ في النهاية : ٥٤٣.

(٢) في « أ » : ويدخل ماله في بيعه.

٣٩٦

الخامسة : تحرم التفرقة بين الطفل وأمّه قبل استغنائه عنها ، وتكره بعده ، ويحصل ببلوغ سبع سنين ذكرا كان أو أنثى.

السادسة : يجوز بيع بعض الحيوان بشرط الإشاعة وعلم النّسبة ، كنصفه وثلثه دون يده وجزء منه ، ولو عيّن النصف أو الثلث بطل ، ولو أطلق حمل على الصحيح.

ولو باعه واستثنى الرأس أو الجلد بطل إلّا أن يكون مذبوحا ، أو باعه بشرط الذّبح.

ولو شرط أحد الشريكين الرأس أو الجلد لم يصحّ ، وكان شريكا بما نقد.

السابعة : لو دفع إلى مشتري العبد في الذّمّة عبدين ليختار أحدهما فأبق واحد ضمنه بقيمته ، وطالب بما اشتراه ، ولو اشترى عبدا من عبدين لم يصحّ.

الثامنة : لو ظهرت المستولدة مستحقّة ، فالولد حرّ ، ويرجع المالك على الواطئ بعشر قيمتها مع البكارة ، وبنصفه مع الثيبوبة ، وبقيمة الولد يوم سقوطه حيّا ، وبأجرة الخدمة ، ويرجع على البائع بجميع ذلك مع جهله.

ولو علم الاستحقاق والتحريم فهو زان ، عليه المهر إن أكرهها ، والولد رقّ.

التاسعة : لو قال : اشتر حيوانا بشركتي ، فهو لهما بالسّويّة ، وعلى كلّ واحد نصف الثمن ، فإن نقد أحدهما عن الآخر بإذنه رجع عليه ، وإن تلف الحيوان ، وإلّا فلا رجوع.

ولو قال : الربح لنا ولا خسران عليك ، لم يلزم.

٣٩٧

العاشرة : لو وطئ أحد الشريكين الأمة لم يحدّ مع الشبهة ، وإلّا حدّ بقدر نصيب الشريك ، ولو حملت صارت أمّ ولد ، وانعقد الولد حرّا ، وقوّمت عليه حصّة الشريك منها يوم الوطء ومن الولد يوم وضع حيّا ، ولا تقوّم بمجرّد الوطء.

الحادية عشرة : لو حدث في الحيوان عيب بعد العقد وقبل القبض ، تخيّر المشتري بين الرّدّ والأرش ، وكذا لو عاب بعد القبض في الثلاثة ، إلّا أن يحدث المشتري فيه حدثا فلا ردّ ، ولو تلف فيها فهو من البائع ما لم يكن من جهة المشتري ، أو يحدث فيه حدثا ، ولو عاب بعد الثلاثة منع الرّدّ بالعيب السّابق وله الأرش.

الثانية عشرة : لو اشترى أمة سرقت من أرض الصلح دفعها إلى الحاكم ، واستعاد الثمن من البائع أو من وارثه ، ولا يستسعها لو فقدهما.

الثالثة عشرة : لو اشترى كلّ من المأذونين صاحبه من مولاه حكم للسابق ، فإن اقترنا أو جهل السّبق بطل العقدان ، ولو جهل السّابق أقرع.

الرابعة عشرة : لو دفع إلى مأذون مالا ليشتري نسمة ويعتقها ويحجّ بباقي المال ، فاشترى أباه وأعتقه وحجّ ، ثمّ تحاقّ (١) مولاه ومولى الأب وورثة الدافع ، حكم لذي البيّنة ، ومع عدمها لمولى المأذون مع اليمين.

__________________

(١) التّحاقّ : التخاصم. مجمع البحرين.

٣٩٨

الثاني :

بيع الثمار والخضر

أمّا الثمار

ففيه بحثان :

[ البحث ] الأوّل : يجوز بيع ثمرة النخل مع أصولها ، ولا يجوز بيعها منفردة قبل ظهورها عاما إجماعا ، ولا عامين على الأشهر وإن ضمّها إلى غيرها ، ولو ظهر بعض الثمرة جاز بيع الجميع ، اختلف الجنس أو اتّحد.

ويجوز بعد ظهورها وبدوّ صلاحها عاما أو عامين بغير شرط إجماعا ، وكذا قبل البدوّ على الأقوى ، وقيل : بشرط القطع أو الضميمة أو الزيادة على عام (١).

ولو باع الأصل واستثنى الثمرة أو باعها على مالك الأصل ، فلا شرط إجماعا.

وإذا بدا صلاح بعض البستان جاز بيع الجميع وإن اختلفت أنواعه ، وكذا البستانان.

وبدوّ الصّلاح : أن تحمر أو تصفر الثمرة ، والعام زمان الثمرة.

ويجوز استثناء ثمرة نخلة معيّنة ، فلو أبهم بطل البيع ، واستثناء حصّة

__________________

(١) ذهب إليه الشيخ في المبسوط : ٢ / ١١٣ ، وأبو الصلاح في الكافي في الفقه : ٣٥٦ ، وابن البرّاج في المهذّب : ١ / ٣٨٠ ، والشهيد في الدروس : ٣ / ٢٣٤.

٣٩٩

مشاعة أو أرطال معلومة ، فإن خاست (١) الثمرة سقط من المستثنى بحسابه.

والشجر كالنخل إلّا أنّ بدوّ صلاحه انعقاد الحبّ ، فلا يصلح قبله ، ولا يشترط الزيادة عليه.

ولا فرق بين البارز وغيره كالمشمش ، والجوز (٢).

والمقصود ورقه كالحنّاء والتوت والآس يجوز (٣) بيعه خرطة وخرطات بشرط ظهوره ، ويجوز بيعه مع أصوله.

البحث الثاني : في الأحكام

يجب على البائع تبقية الثمرة إلى أوان أخذها ، إلّا أن يشترط القطع بسرا أو رطبا أو عنبا ، ومع الإطلاق يرجع إلى العادة ، وما اعتبر فيه الأمران يحمل على الأغلب ، وكذا لو بيعت الأصول دون الثمرة.

ولو بيعت الثمرة بشرط القطع وجب على المشتري ، فإن امتنع تخيّر البائع في قطعه وتركه بالأجرة.

ولا يجب السقي على البائع بل تمكين المشتري منه ، ولكلّ منهما السقي ما لم يتضرّر ، فإن تضرّر أحدهما رجّحنا مصلحة المشتري ، ويقتصر على قدر الحاجة ، ويرجع إلى أهل الخبرة.

ولو تعذّر السّقي لم يجب القطع وإن تضرّر الأصل ، فإذا أصيبت الثمرة قبل

__________________

(١) في مجمع البحرين : خاس اللحم خيسا : فسد وتغيّر ومنه « خاست الثّمرة » : إذا تغيّرت وفسدت.

(٢) في القواعد : ٢ / ٣٣ : ولا فرق بين البارز كالمشمش ، والخفيّ كاللّوز.

(٣) في « أ » : « ويجوز » ولعلّ الواو زائدة.

٤٠٠