معالم الدين في فقه آل ياسين - ج ١

شمس الدين محمد بن شجاع القطان الحلّي

معالم الدين في فقه آل ياسين - ج ١

المؤلف:

شمس الدين محمد بن شجاع القطان الحلّي


المحقق: الشيخ ابراهيم البهادري
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة الإمام الصادق عليه السلام
المطبعة: مؤسسة الإمام الصادق عليه السلام
الطبعة: ١
ISBN: 964-357-049-5
الصفحات: ٦٢٤
الجزء ١ الجزء ٢

تصرّف الأب والجدّ له على الصبيّ والمجنون حتّى يكملا ، ولهما تولّي طرفي العقد ، فيبيع عن ولده من نفسه وبالعكس ، وتصرّف الحاكم وأمينه على الصغير والمجنون والمفلّس والسّفيه والغائب ، وتصرّف الوصيّ بعد الموت على الصغير والمجنون ، وله أن يقوّم على نفسه أو يقترض إن كان مليّا والوكيل على الموكّل مع حياته وجواز تصرّفه ، فيبطل بموته أو جنونه أو إغمائه ، وله أن يتولّى طرفي العقد مع الإذن لا بدونه.

ولو باع الوكيلان على اثنين ، فإن اقترنا بطلا وإلّا بطل الأخير ، ولو باعا على شخص ووكيله واقترنا ، فإن اتّفق جنس الثمن وقدره صحّ وإلّا بطل ، ويحتمل التخيير ، ولو تقدّم أحدهما صحّ خاصّة.

ويشترط في المشتري الإسلام إذا اشترى مصحفا أو مسلما ، إلّا أن يستعقب الشراء العتق ، وكذا في المستأجر والمرتهن دون المستعير والمودع.

ولو أسلم عبد الكافر أجبر على إخراجه عن ملكه ببيع أو غيره ، ولا يكفي رهنه أو إجارته أو كتابته ولا الحيلولة ، ولو امتنع باعه الحاكم بثمن المثل ، فإن لم يتّفق راغب ، وجبت الحيلولة ، (١) ويملك ثمنه وكسبه قبل بيعه ، وعليه نفقته.

ولو ردّ بالعيب فيه أو في ثمنه المعيّن أجبر على الإخراج ثانيا.

ولو مات المالك قبل البيع بيع على وارثه الكافر.

ولو أسلمت أمّ ولده لم يجبر على البيع أو العتق ، بل تجب الحيلولة.

ولا يباع الطفل بإسلام أبيه أو جدّه.

__________________

(١) في « ج » : راغب به وجبت الحيلولة.

٣٤١

الركن الثالث : المبيع

وشروطه ثمانية

الأوّل : الطهارة أو قبولها ، والإباحة ، والمغايرة للمشتري ، فلا يصحّ بيع عبده في نفسه ، وتصحّ كتابته.

الثاني : قبول الملك ، فلا يصحّ بيع الحرّ وما لا منفعة فيه ، كالخنافس والفضلات عدا اللبن ، ولا ما لم تجر العادة بتملّكه كحبّة حنطة وإن حرم غصبها ، ولا المباحات قبل الحيازة ، ولا الأرض المفتوحة عنوة وقيل (١) : يجوز تبعا لآثار التصرّف. (٢)

ويجوز بيع بيوت مكّة.

ولو باع ما يملك وغيره كالعبد والحرّ ، صحّ فيما يملك وبطل ، في الآخر فيقوّم الحرّ لو كان رقّا ، ويقسّط (٣) الثمن عليه وعلى قيمة المملوك.

ولو حفر البئر أو النهر في المباح ملك الماء ، وكذا ما يظهر فيها من المعادن.

الثالث : تمام الملك ، فلا يصحّ بيع الوقف إلّا أن يؤدّي اختلاف أربابه إلى خرابه ، ولا بيع أمّ الولد إلّا أن يموت ولدها أو في ثمن رقبتها مع إعسار مولاها ، ولا بيع الرهن إلّا مع الإذن.

__________________

(١) القائل هو العلّامة في القواعد : ٢ / ٢٣.

(٢) في « أ » : المتصرّف.

(٣) في « ب » و « ج » : ويبسط.

٣٤٢

ويصحّ بيع الجاني ، فإن كانت خطأ ، ألزم بأقلّ الأمرين من قيمته وأرش الجناية ، فإن أدّى لزم البيع ، ولو امتنع أو كان معسرا فانتزعه المجنيّ عليه أو وليّه بطل ، وللمشتري الفسخ مع جهله قبل الافتداء.

ولو كانت [ الجناية ] عمدا صحّ مراعى ، فإن قتل أو استرقّ بطل.

الرابع : القدرة على تسليمه ، فلا يصحّ بيع الطير في الهواء إلّا مع اعتياده ، ولا السمك في الماء إلّا مع مشاهدته وانحصاره ، ولا الآبق منفردا وإن قدر المشتري على تحصيله إلّا على من هو في يده أو منضمّا ، فإن لم يظفر به كان الثمن بإزاء الضميمة ، ولا يرجع على البائع بشي‌ء ، ويشترط فيها ما يشترط في المبيع ، وتكفي الواحدة وإن تعدّد الآبق.

وليس الآبق جزءا من المبيع بل تابع ، فلو تلف قبل قبضه لم ينقص من الثمن شي‌ء ، ولو ظهر فيه عيب فلا ردّ ولا أرش.

ولو ردّت الضميمة بعيب أو بخيار تبعها الآبق ، ولا يلحق به الضالّ ، فيصحّ بيعه بغير ضميمة ويضمنه البائع حتّى يسلّمه ما لم يسقطه المشتري.

ويصحّ بيع المغصوب على غاصبه وعلى من يقدر على قبضه ، فإن عجز تخيّر ، وبيع ما لا يمكن تسليمه إلّا بعد مدّة ، فإن تعذّر تخيّر المشتري.

الخامس : تقديره بالكيل أو الوزن العامين ، أو العدّ أو الذرع ، فلا يصحّ جزافا ، ولا بمكيال مجهول ، ولو تعسّر الوزن أو العدّ اعتبر مكيال ، وأخذ بحسابه.

وتكفي المشاهدة في الأرض والثوب ، ولو أخبره بالقدر فزاد ، فالزيادة للبائع في متساوي الأجزاء ومختلفها ، ويتخيّر المشتري للشركة ، وإن نقص تخيّر أيضا بين الفسخ والإمضاء بحصّته من الثمن.

٣٤٣

ولا يجب في الأرض التوفية من المجاورة لها ، وقيل : للبائع الخيار إذا زاد بين الفسخ والإمضاء بالجميع ، وللمشتري الخيار إن نقص بين الفسخ والإمضاء بالجميع.

ويجوز ابتياع جزء مشاع من معلوم بالنسبة ، تساوت أجزاؤه أو اختلفت ، وابتياع جزء مقدّر من متساوي الأجزاء وإن كان من أصل مجهول إذا علم وجوده فيه كصاع من هذه الصّبرة ولا ينزل على الإشاعة فيتعيّن ما يبقى مبيعا ويجوز بيع جزء مقدر من مختلف الأجزاء مع علم الأصل وقصد الإشاعة ، كذراع من عشرة ، ولو لم يقصد الإشاعة فإن عيّن المبدأ والمنتهى صحّ وإلّا فلا ، فلو باعه عشرة أذرع من هنا إلى هناك صحّ بخلاف من هنا إلى حيث ينتهي الذرع.

ولو قال : بعتك هذه الصبرة كلّ قفيز بدرهم صحّ مع العلم بقدرها ، وكذا [ لو قال : ] بعتك هذه الأرض كلّ ذراع بدرهم.

السادس : العلم بجنسه وصفته ، فلا يباع الحاضر إلّا مع المشاهدة أو الوصف ، فلو باع الحنطة الّتي في البيت لم يصحّ ، وتكفي مشاهدة بعضه إن دلّ على الباطن ، كصبرة الحنطة ، لأنّ الظاهر استواء ظاهرها وباطنها ، فإن تغيّر تخيّر بخلاف صبرة البطّيخ ، لاختلاف ظاهرها وباطنها غالبا وسلّة (١) الفاكهة.

ولو أراه أنموذجا فإن أدخله في العقد صحّ وإلّا فلا.

__________________

(١) في مجمع البحرين : السلّة : وعاء يحمل فيه الفاكهة.

٣٤٤

ولو غاب المشاهد وقت الابتياع ، فإن مضت مدّة يقطع فيها بتغيّره لم يصحّ وإن احتمل صحّ ، ثمّ إن ثبت التغيّر تخيّر المشتري ، والقول قوله لو ادّعى حدوثه.

ويفتقر الغائب إلى ذكر الوصف والجنس وإن كان من ثالث ، فلو وصف لأحدهما أو لهما ، فإن وافق لزم وإلّا تخيّر الجاهل به ، فالبائع مع الزيادة والمشتري في النقيصة.

ولو زاد في الكيف ونقص في الكمّ أو بالعكس تخيّر.

ولو رأى بعض ضيعة ووصف له باقيها فخرجت على الخلاف تخيّر في الجميع ، ولو جهل البعض تجهّل الكلّ إلّا أن يكون غير مقصود ، فيصحّ بيع الأمّ مع الحمل ، بخلاف بيع سمك الأجمّة مع القصب ، واللبن في الضرع مع المحلوب منه.

ويصحّ بيع الصوف والشعر والوبر على الظهر مع إرادة جزّه أو مع شرط إبقائه (١) إلى أوانه.

ولا يجوز بيع الجلد على الظهر ، ولا اللبن في الضرع.

ويوضع للظروف ما يحتمل الزيادة والنقصان أو ما هو معتاد لا ما يزيد إلّا مع الشرط.

السابع : اختبار المذوق والمشموم إذا لم يفسده.

__________________

(١) في « أ » : مع شرط بقائه.

٣٤٥

ويجوز بيع المسك في فأره ، ويستحبّ فتقه ، ويجزئ الوصف على الأقوى ، فيتخيّر مع العيب بين الردّ والأرش.

وما يفسد باختباره كالبيض والبطّيخ ، فإن كان لمكسوره قيمة فالأرش ، وإلّا رجع بالثمن ، وهل يبطل البيع من أصله أو من حين التصرّف؟ فعلى الأوّل مئونة النقل على البائع ، وعلى الثاني على المشتري.

ولو تبرأ البائع من العيب فلم يخرج لمكسوره قيمة ، فيه توقّف ، من حيث إنّه أكل مال بالباطل.

ولا فرق بين المبصر والأعمى في ذلك.

الثامن : عدم إبهامه فلو باعه شاة من قطيع أو قطيعا إلّا شاة أو عبدا من عبدين بطل ، وكذا ما يضرب الصياد بشبكته ، وكذا إبهام البعض ، فلو باعه الثوب وأحد العبدين بطل.

وإبهام الطريق كإبهام المبيع ، فلو أطلق وتعدّد بطل ، ولو فقد تخيّر المشتري.

ولو باعه أرضا محتفّة بملكه ، فإن عيّن (١) الطريق صحّ وإلّا بطل.

ولو قال : بحقوقها استحقّ الممرّ من كلّ جهة ، ويحتمل البطلان ، ولو اتّصلت بشارع أو بملك المشتري وباعها بحقوقها فكالأوّل ، ويحتمل الاجتزاء بذلك.

__________________

(١) في « أ » : « تحقّق ».

٣٤٦

الركن الرابع : الثمن

ويشترط العلم بقدره وجنسه ووصفه ، فلو باع بحكم أحدهما أو ثالث ، أو بسعر ما بعت وجهل المشتري فسد ، ولا تكفي المشاهدة.

ولو عيّن النقد لزم ، ولو أطلق انصرف إلى نقد البلد ، ولو أبهم بطل ، كما لو باعه بعشرين درهما من صرف العشرين بالدينار ، وكان الصرف متعدّدا أو مجهولا ، وكذا لو باعه بدينار إلّا درهما نقدا مع جهل النسبة ، أو نسبه بنقد وقت الحلول ، أو بما يتجدّد.

ومتى فسد ضمن القابض المثليّ بالمثليّ والقيميّ بالقيمة يوم التلف ، وأرش نقصه ومنافعه مع التفويت والفوات لا تفاوت السّعر (١).

ولو زاد بفعل المشتري فهو له ، عينا كان أو منفعة ، وإلّا فللبائع.

ولو باعه بنصف دينار لزمه شق دينار إلّا أن يشترط الصحيح أو يراد عرفا.

ويجوز استثناء جزء معلوم من الثمن أو المثمن ، مثال الأوّل : بعتك هذه السلعة بعشرة إلّا خمسة ، ومثال الثاني : بعتكها إلّا نصفها بعشرة ، وكذا بعتكها بعشرة إلّا ما يساوي واحدا بسعر اليوم إن علما به ، ولم يستغرق المبيع.

ولو كان المستثنى مجهولا بطل إلّا أن يعلم بالجبر وغيره ، (٢) مثال الثمن :

__________________

(١) كذا في « أ » « ولكن في « ب » و « ج » : « لا بفوات السّعر » والمراد أنّه لا يضمن ارتفاع قيمة السّلعة لا قبل التلف ولا بعده ، بل يضمن قيمة يوم التلف مطلقا.

(٢) كالمقابلة والخطأين والأربعة المتناسبة. لاحظ جامع المقاصد : ٤ / ١٢٠.

٣٤٧

لو باعه بعشرة إلّا نصف الثمن ، فالثمن ستة وثلثان ، لأنّ الثمن شي‌ء يعادل عشرة إلّا نصف شي‌ء ، فإذا جبرت العشرة بنصف شي‌ء وزدت مثله على مقابله صارت العشرة تعدل شيئا ونصفا ، فالشي‌ء ستة وثلثان.

ولو باعه بعشرة إلّا ثلث الثمن ، فالثمن سبعة ونصف ، لأنّ الثمن شي‌ء يعدل عشرة إلّا ثلث شي‌ء ، فاجبر العشرة بثلث شي‌ء وزد مثله على مقابله يبقى عشرة يعدل شيئا وثلثا ، فالشي‌ء سبعة ونصف.

ومثال المثمن : بعتك هذا العبد إلّا ما يخصّ واحدا بكذا ، فانظر إلى ما تقرّر عليه العقد ، فيكون هو المبيع ، فإذا كان الثمن أربعة صحّ البيع في أربعة أخماسه بجميع الثمن الّذي يخصّ الواحد شي‌ء ، فالعبد إلّا شيئا في مقابلة الأربعة ودراهم ، فيجبر العبد بشي‌ء ويزاد على مقابله مثله ، وهو درهم ، فيصير العبد في مقابلة خمسة دراهم ، فالّذي يخصّ الواحد خمسة.

ولو عطف على المبيع شيئا مجهولا ، مثل : بعتك هذا الثوب والصبرة بكذا بطل ، وكذا الثمن إلّا أن يعلم بالجبر.

فلو باعه العبد بعشرة ونصف الثمن ، فالثمن عشرون ، لأنّ الثمن شي‌ء يعدل عشرة ونصف شي‌ء ، فإذا أسقطت نصف شي‌ء بمثله ، بقى عشرة تعدل نصف شي‌ء ، فالشي‌ء عشرون.

ولو باعه بعشرة وثلث الثمن ، فهو خمسة عشر ، لأنّ الثمن شي‌ء ، يعدل عشرة وثلث شي‌ء فيسقط الثلث ومقابله من الثمن ، فالعشرة تعدل ثلثي الثمن ، فالثمن خمسة عشر.

٣٤٨

الفصل الثاني

في لزوم العقد وجوازه

ويلزم بالأصل ويعرض له الجواز بالخيار أو العيب فهنا بحثان (١) :

[ البحث ] الأوّل

في الخيار

وفيه فصلان :

الأوّل : في أنواعه

وهي سبعة :

الأوّل : خيار المجلس ، ويختصّ بالبيع ، ويثبت للمتبايعين ما داما في المجلس أو فارقاه مصطحبين ، ولا عبرة بالحائل ، ولا يسقط بالإكراه على المفارقة إلّا أن يتمكّن من الاختيار ، ولو أمره بالاختيار فسكت فخيارهما باق.

ويسقط بمفارقة أحدهما ولو بخطوة ، عالما كان أو جاهلا ، وبشرط السقوط ، وبإيجابهما وإيجاب أحدهما ورضى الآخر ، ومع عدمه يسقط خيار الموجب خاصّة ، وبابتياع من ينعتق عليه ، وبموت أحدهما ، ويحتمل انتقاله إلى الوارث.

ولا يعتبر مجلس الوارث لأنّه غير عاقد ، ولو جنّ أو أغمي عليه تخيّر

__________________

(١) وسيوافيك أنّ البحوث ثلاثة لاحظ ص ٣٥٥ و ٣٥٩.

٣٤٩

الوليّ مع المصلحة ، ولو خرس كفت الإشارة المفهمة ، ثمّ الكتابة ، فإن تعذّر الاستعلام ففي خيار الحاكم مع المصلحة توقّف.

ويثبت خيار العاقد عن اثنين دائما ما لم يسقطه أو يلتزم ، ولو التزم به من طرف سقط دون الآخر ، وكذا لو باع أو اشترى من ولده الصغير.

ولو ادّعى أحدهما التفرّق وأنكر الآخر ، قدّم قوله مع اليمين.

ولو اتّفقا على التفرّق وادّعى أحدهما الفسخ قبله حلف الآخر.

الثاني : خيار الحيوان ، ويختصّ بالمشتري وإن كان الثمن حيوانا ، وزمانه ثلاثة أيّام من حين العقد ، ويسقط باشتراط سقوطه ، وبالتزام العقد ، وبالتصرّف الناقل ، لازما كان كالبيع أو لا ، كالهبة قبل القبض ، وبغير الناقل كالركوب ، فلو تلف في الثلاثة كان من المشتري ، وبدون التصرّف من البائع.

الثالث : خيار الغبن ، ويثبت للبائع والمشتري في كلّ معاوضة مالية عدا الصلح ، بشرط أن لا يتغابن بمثله وقت العقد ، وجهله بالقيمة عنده ، فيتخيّر بين الفسخ والإمضاء بالمسمّى ، ولا يثبت به أرش بل الردّ.

ولا يسقط بدفع التفاوت ولا بحدوث عيب بل يضمن أرشه.

ويسقط بالتصرّف الناقل أو المانع من الردّ كالاستيلاد والعتق ، ويحتمل أنّه إن كان للبائع لم يسقط بتصرّف المشتري مطلقا ، وإن كان للمشتري سقط بتصرّفه الناقل أو المانع من الردّ.

وتجب فوريّته مع العلم به ، ويعذر جاهل الحكم.

٣٥٠

الرابع : خيار الرؤية ، ويثبت في كلّ مبيع شخصيّ موصوف غير مطابق للوصف ، فيتخيّر البائع إن زاد والمشتري إن نقص ، ولو زاد ونقص باعتبارين تخيّرا.

وفي فوريّته خلاف ، ولو شرط سقوطه بطل العقد للغرر.

وإذا فسخ لم يجب البدل أمّا غير الشخصي الموصوف بصفات السلم فله المطالبة بالبدل.

الخامس : خيار من باع ولم يقبض الثمن ولا سلّم المبيع ولا شرط تأخير الثمن ومضى ثلاثة أيّام ، فيتخيّر بين الفسخ والصبر ، ويسقط ببذل الثمن قبل الفسخ لا بطلب البائع ، فلو تلف المبيع فهو من البائع في الثلاثة وبعدها.

ولو قبض بعض المبيع أو بعض ثمنه ، أو أجّل بعض الثمن (١) ولم ينقد الحالّ ، أو كان الثمن مؤجّلا وأخّره عن أجله فلا خيار.

ولو كان يفسد ليومه ، فله الفسخ عند انقضائه إلّا أن يشرف على التلف قبله.

السادس : خيار الشرط ، وهو اتّفاق لزوم العقد على رأي البائع أو المشتري أو هما مدّة مضبوطة.

ويجوز اشتراطه لأجنبيّ منفردا أو منضما إلى أحدهما أو إليهما ، وليس لازما بالأصل.

__________________

(١) في « ج » : بعض المثمن.

٣٥١

ويشترط ذكره في نفس العقد دون ما قبله أو بعده.

ويثبت في كلّ عقد عدا النكاح والوقف وشراء القريب ، ولا يثبت في العتق والطلاق والإبراء ، وفي الصّرف توقّف.

ولا بدّ من تعيين المدّة وتقديرها بحسب الشرط ، ويجوز اختلافها إذا تعدّد المشروط له.

ومبدأها من حين العقد مع الإطلاق ، ولا يجب اتّصاله بها ، فلو شرط بعد مدّة لم يتخيّر قبل انقضائها.

ولا يجوز إبهامه ، فلو شرط لأحد المتبايعين ، أو في أحد المبيعين بطل.

ويجوز اشتراط المؤامرة ، وفي اشتراط المدّة توقّف ، ولو مات المستأمر لم ينقل إلى وارثه.

ويجوز للبائع أن يشترط ارتجاع المبيع في مدّة مضبوطة إذا ردّ فيها الثمن أو مثله ، فليس له الفسخ بدون ردّه ، والنماء للمشتري قبله ، والتلف منه.

ولو شرط ارتجاع بعضه ببعض الثمن جاز.

ويجوز للمشتري أيضا أن يشترط ارتجاع الثمن إذا ردّ المبيع ، فلو فسخ قبل ردّه لم يصحّ.

ولو شرط كلّ واحد الارتجاع ، فإن اتّحد الوقت صحّا قطعا ، وكذا إن تغاير على الأقوى ، فإن ارتجع السابق صحّ ، وإلّا ارتجع الآخر.

السابع : خيار العيب : وسيأتي.

٣٥٢

الفصل الثاني : في أحكامه

أنواع الخيار موروثة كالمال إلّا المشروط للأجنبيّ ، ويرثه كلّ وارث حتّى الزوجة الممنوعة من الأرض المبتاعة بخياره ، فإن أجازت العقد لم ترث من الأرض شيئا ، وإن فسخت ورثت من الثمن ، وبالعكس لو كان بائع الأرض الزّوج فإن أجازت ، ورثت من الثمن ، وإن فسخت لم ترث من الأرض.

وليس للورثة تفريقه بخلاف المشتريين.

ولو مات العبد المأذون فخياره لمولاه ، ولو جنّ مشترطه لم ينقض تصرّف الوليّ بعد إفاقته.

ويملك المبيع بالعقد ، والنماء في مدّة الخيار للمشتري ، فإن فسخ البائع لم يستردّه.

ولا يشترط في الفسخ مطلقا حضور الغريم ، ولا الحضور عند الحاكم ، ولا الإشهاد.

ويحصل الفسخ والإجازة بالقول أو الفعل ، سواء كان بتلف العين ، أو بفعل آثار الملك ، كالاستخدام ، والوطء ، والنظر إلى ما يحرم على غير المالك ، واللمس ، والقبلة بشهوة ، وكذا لو قبّلت الجارية المشتري بإذنه (١) أو رضي به ، أو كان بالعتق ، أو البيع وشبهه ، لا بالعرض عليه ، وتنفذ (٢) العقود.

__________________

(١) قال العلّامة في القواعد : ٢ / ٧١ : لو قبّلت الجارية المشتري ، فالأقرب أنّه ليس بتصرّف وإن كان مع شهوة إذا لم يأمرها ، ولو انعكس الفرض فهو تصرّف وإن لم يكن عن شهوة.

(٢) في « ب » : وينفذ.

٣٥٣

ولو باع من لا خيار له وقف على رضا الآخر ، ولو كان الخيار لهما أو للبائع توقّف (١) بيع المشتري على رضا البائع دون العكس.

وليس السكوت إجازة.

والتصرّف في مدّة الخيار من البائع فسخ ومن المشتري إجازة ولو تعارضا قدم الفسخ ولا يجوز للبائع التصرف في مدّة الخيار للمشتري ، ويجوز تصرّف المشتري في المختصّ بالبائع والمشترك ، فلو وطأ في أحدهما لم يمنع البائع من الفسخ ، فإن حملت صارت أمّ ولد فيرجع على المشتري بقيمتها لا بقيمة الولد والعقر ، ويسقط بالتصرّف أو الإذن فيه ، فلو اشترك فتصرّف أحدهما بإذن الآخر سقط الخياران (٢).

والعين في يد المشتري بعد فسخه مضمونة ، وبعد فسخ البائع أمانة.

ويملك الأجنبيّ الفسخ دون الشرط.

ولو تلف المبيع قبل قبض المشتري بطل البيع والخيار ، وكان من مال بائعه ، وإن تلف بعد القبض وانقضاء الخيار ، فهو من المشتري ، وفي مدّة الخيار بغير تفريط ممّن لا خيار له ، ولو كان لهما أو لأجنبيّ فمن المشتري.

ولا يبطل الخيار بالتلف ، فلو فسخ البائع رجع بالمثل أو القيمة ، ولو فسخ المشتري رجع بالثمن ، وقيل : انّ الاختيار بالذوق والركوب والطحن والحلب غير مسقط للخيار ، إذ به يعرف حاله (٣).

__________________

(١) في « ج » : يتوقّف.

(٢) في « ب » و « ج » : سقط الخيار.

(٣) قال في الدروس : ٣ / ٢٧٢ : استثنى بعضهم من التصرّف ركوب الدابّة والطحن عليها وحلبها ، إذ بها يعرف حالها للمختبر ، وليس ببعيد.

٣٥٤

البحث الثاني

في العيب

وفيه مطلبان :

[ المطلب ] الأوّل : في ضابطه

وهو ثلاثة :

الأوّل : ما زاد أو نقص عن الخلقة الأصليّة كفوات عضو ، أو حدب في الظهر أو الصدر ، أو سبل (١) في الأجفان ، أو بخر ، أو صنان (٢) لا يقبلان العلاج ، وبول الكبير في الفراش ، والعمى ، والعور ، والجبّ والخصيّ ، وعدم الحيض ممّن شأنها الحيض والحبل ، واستمرار المرض كالممراض ، أو عروضه كحمّى يوم ، والسّلعة (٣) والثّفل (٤) غير المعتاد في الزيت وشبهه.

الثاني : ما قضى العرف بكونه عيبا ، كالإباق القديم ، والزنا ، والخيانة ، واستحقاق القتل والحدّ والتعزير المخوف ، والقطع ، وعدم الختان في الكبير ، وكون الضيعة منزل الجند ، أو ثقيلة الخراج ، أو كونه نجسا لا يقبل الطهارة ، وليس العسر (٥) عيبا ، وكذا الكفر ، والغناء ، والجهل بالصنائع ووجوه الخدمة ، وكونه ولد

__________________

(١) قال العلّامة في القواعد : ٢ / ٧٢ : السّبل : وهو زيادة في الأجفان.

(٢) « البخر » : النّتن يكون في الفم والرائحة المتغيّرة فيه. والصّنان : ذفر الإبط. لسان العرب.

(٣) في مجمع البحرين : السّلعة ـ بكسر السين ـ : زيادة في الجسد كالغدّة ، وتتحرّك ، إذا حركت.

(٤) في القاموس : ٣ / ٣٤٢ : الثفل ـ بالضمّ ـ : ما استقرّ تحت الشي‌ء من كدرة.

(٥) قال في جامع المقاصد : ٤ / ٣٢٨ : العسر [ هنا ] هو قوة اليد اليسرى على ما تقوى عليه اليمنى مع ضعف اليمنى.

٣٥٥

زنا ، أو أمة تحرم عليه مؤبّدا ، وإن نقص بعض انتفاعه لبقاء القيمة ، أو متزوّجة ، أو معتدّة ولا الثيبوبة إلّا مع شرط البكارة وثبوت عدمها.

الثالث : عدم ما يشترطه من الصفات المحمودة ، ولا يعدّ فقده عيبا ، كالبكارة وجعودة الشعر ، وزجج (١) الحواجب ، والإسلام ، ومعرفة الطبخ ، والصّنعة ، والكتابة ، وكون الحيوان حاملا ، والفهد صائدا ، وغير ذلك ممّا يتعلّق به غرض أو ماليّة إلّا أن يتعذّر ، كالطحن ، والحلب قدرا معيّنا.

ولو شرط غير المحمودة كسبط الشّعر ، فبان بخلافه فلا خيار.

المطلب الثاني : في أحكامه

وفيه مسائل :

الأولى : إطلاق العقد يقتضي السلامة من العيوب ، فلو وجد بالمبيع عيبا سابقا ، تخيّر بين الردّ والأرش.

ويسقطان بالتبرّي من العيوب في نفس العقد ولو إجمالا ، وبعلم المشتري به قبله وبالرّضا به بعده.

ويسقط الردّ خاصّة بإسقاطه ، وبابتياع من ينعتق عليه وإن لم يعلم ، وبالحمل في الأمة وغيرها ، وبذهاب صفة كاملة عند المشتري كالكتابة ، وبتلف المبيع أو عتقه ، وبالتصرّف فيه وإن لم يعلم بالعيب ، سواء كان ناقلا أو لا ، إلّا أن يكون التصرّف وطأ والعيب حبلا ، فيردّها مع نصف عشر قيمتها ، وبحدوث

__________________

(١) في لسان العرب : زجّجت المرأة حاجبها بالمزجّ : دقّقته وطوّلته ، وقيل : أطالته بالإثمد.

٣٥٦

عيب عنده وإن لم يكن من جهته ، إلّا أن يكون حيوانا ، فله ردّه في الثلاثة ، إلّا أن يتصرّف.

ويسقط الأرش خاصّة في المعيب بالحبل ، وفي المصرّاة ، وفيما لو اشترى ربويّا بجنسه فظهر فيه عيب.

وقد يتعذّر الردّ والأرش ، كما لو اشترى ربويّا بمساويه جنسا ، فوجد فيه عيبا ، وتجدّد (١) عنده آخر ، فلو ردّه مع الأرش ، واستردّ جزءا من الثمن لزم الربا ، وردّه مجّانا والصّبر عليه كذلك ظلم ، فيحتمل الفسخ ، ولا يردّ المبيع ، بل يغرم قيمته من غير الجنس معيبا بالأوّل سليما من الثاني كالتالف ، ويحتمل ردّه مع الأرش كالمقبوض بالسّوم.

الثانية : لو حدث (٢) عيب قبل القبض فكالأوّل ، ولو أحدث في البعض ، فله الأرش أو ردّ الجميع ، لا المعيب خاصّة ، ولو حدث (٣) عيب في مدّة الخيار فله الردّ فيها خاصّة ، إلّا أن يتصرّف فله الأرش.

ولو حدث الجنون ، أو الجذام ، أو البرص في الرّقّ بين العقد وسنة فله الردّ ، إلّا أن يتصرّف ، فيثبت الأرش.

الثالثة : لو اشترى شيئين صفقة ووجد في أحدهما عيبا ، تخيّر في ردّ الجميع والأرش ، لا ردّ المعيب خاصّة ، ويسقط الردّ بالتصرّف في أحدهما دون الأرش.

__________________

(١) في « أ » : « أو تجدّد » والصحيح ما في المتن.

(٢) في « أ » : أحدث.

(٣) في « أ » : أحدث.

٣٥٧

ولو اشترى اثنان من أحد شيئا صفقة فلهما الاجتماع على الرّدّ أو الأرش لا التفريق ، وكذا لو ورثا خيارا ، ولو تعدّدت الصفقة جاز التفريق.

ولو اشتراه من اثنين صفقة جاز له الردّ على أحدهما وأخذ الأرش من الآخر.

والأرش جزء من الثمن ، نسبته إليه كنسبة قيمة المعيب إلى الصحيح ، بأن يقوّم صحيحا ومعيبا يوم العقد ، ويؤخذ من الثمن بنسبة التفاوت.

ولو اختلف المقوّمون عمل بالأوسط.

ويشترط في المقوّم العدالة والمعرفة والتعدّد.

الرابعة : لا يجب في الفسخ حضور البائع ، ولا كونه عند الحاكم ، ولا الفوريّة وإن علم وطال الزمان ، ولو زاد ردّ معه الزيادة ، ويجوز الفسخ قبل القبض وبعده.

الخامسة : لو اشترى من الوكيل ، ردّه بالعيب على الموكّل ، والقول قوله مع يمينه في عدم تقدّمه ، فلو أقرّ الوكيل بتقدّمه لم ينفذ في حقّ الموكّل.

السادسة : لو باع الجاني عمدا وقف على إجازة المجنيّ عليه ، فإن لم يجز بطل ، وإن أجاز ضمن البائع الأقلّ من الأرش والقيمة ، وللمشتري الفسخ إن جهل ، فيرجع بالثمن ، أو الإمضاء فيرجع بالأرش ، فإن استوعبت [ الجناية ] القيمة فالأرش ثمنه.

ولو كانت الجناية طرفا ، فإن علم المشتري فلا شي‌ء له ، وإلّا تخيّر بين الردّ والأرش.

٣٥٨

ولو كان خطأ صحّ البيع إن كان موسرا ، وإلّا فإن ضمن المولى (١) أقلّ الأمرين صحّ أيضا ، وإلّا تخيّر المجنيّ عليه في الإجازة والفسخ.

السابعة : لو ادّعى عدم البكارة المشترطة ، حكم بشهادة أربع ، ولو ردّ السّلعة بالعيب فأنكرها البائع قدّم قوله مع اليمين ، وكذا لو ردّها بأحد أنواع الخيار على توقّف.

ولو ادّعى سبق العيب ولا بيّنة ولا شاهد حال قدّم قول البائع مع اليمين.

ولو ادّعى التبرّي أو علم المشتري قدّم قول المشتري مع اليمين ، وكذا لو تنازعا في تصرّف المشتري أو حدوث عيب عنده.

البحث الثالث (٢)

في التدليس

وهو إحداث صفة في الخلقة كالتحمير للوجه وتبيضه ، ووصل الشعر وتسويده ، بخلاف تسويد يد العبد أو ثوبه بالحبر ، ليظنّ أنّه كاتب.

والتصرية تدليس ، وهي جمع اللبن في الضرع ليظنّ المشتري أنّه قدر حلبها في كلّ يوم بخلاف ما لو ظنّه لعظم ضرعها.

وتثبت في الشاة إجماعا وفي الناقة والبقرة على الأقوى إلّا في الأتان والأمة ، إلّا أن يشترط كثرة اللبن فيظهر خلافه.

__________________

(١) في « أ » : « فإن ضمن الوليّ » والصحيح ما في المتن.

(٢) في « أ » : « البحث الثاني » وقد مرّ البحث الأوّل في ص ٣٤٩. والثاني في ص ٣٥٥. وهذا هو البحث الثالث.

٣٥٩

وتختبر بثلاثة أيّام ، فإن صارت التصرية عادة قبل انقضائها سقط الخيار لا بعدها.

ويثبت الرّدّ دون الأرش ، ولا يمنع منه التصرّف بالحلب ، ويردّ معها لبنها وأرشه إن عاب ، فإن تعذّر فالمثل أو القيمة السوقيّة ، وفي وجوب الردّ المتجدّد في الثلاثة أو قيمته توقّف.

والخيار على الفور ، فلو علم بالتصرية في الثلاثة وأهمل سقط ، وكذا لو علم بها قبل العقد أو بعده قبل الحلب ، أو رضى بعده ، أو ماتت المصرّاة ، أو تجدّد عيب وإن لم يعلم بالتدليس ، والأرش في الجميع.

ولو رضي بالتصرية فظهر عيب ردّ به إن لم يحلب ، وإلّا فله الأرش خاصّة.

الفصل الثالث

في أحكام العقد

وفيه مباحث :

[ المبحث ] الأوّل : [ في ] ما يدخل في المبيع

والضابط ما يتناوله اللفظ لغة أو عرفا أو شرعا ، وعند الإطلاق يعتبر الشرعي ، ثمّ العرفي ثمّ اللغوي ، ولنذكر من الألفاظ أحد عشر :

الأوّل : الأرض ، ويدخل فيها البئر ، والعين ، وماؤهما ، والمعادن ، فإن جهل البائع تخيّر ، والأحجار المخلوقة ، ولو أضرّت فللمشتري الخيار إلّا أن يعلم ، ولا يدخل المدفونة (١) وعلى البائع نقلها ، وتسوية الحفر ، ولا أجرة

__________________

(١) في « أ » « المدفون » والصحيح ما في المتن.

٣٦٠