عين الحياة - ج ٢

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

عين الحياة - ج ٢

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


المحقق: السيد هاشم الميلاني
الموضوع : الأخلاق
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ١
الصفحات: ٤٧١

واعلم انّ المشهور بين العلماء عدم استغناء أحدهما عن الأُخرى في الفريضة بل لابد من قراءتهما معاً ، وكذلك الأمر في سورتي الضحى وألم نشرح.

« سورة الماعون » :

روي عن أبي جعفر الباقر عليه‌السلام انّه قال : من قرأ سورة ( أرأيت الذي يكذب بالدين ) في فرائضه ونوافله كان فيمن قبل الله عزّوجلّ صلاته وصيامه ، ولم يحاسبه بما كان منه في الحياة الدنيا (١).

« سورة الكوثر » :

روي عن أبي عبدالله عليه‌السلام انّه قال : من كان قراءته ( انّا أعطيناك الوثر ) في فرائضه ونوافله سقاه الله من الكوثر يوم القيامة ، وكان محدّثة (٢) عند رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في أصل طوبى (٣).

« سورة الكافرين » :

روي عن أبي عبدالله عليه‌السلام انّه قال : من قرأ ( قل يا أيها الكافرن وقل هو الله أحد ) في فريضة من الفرائض ، غفر الله له ولوالديه وما ولداً ، وان كان شقياً محي من ديوان الأشقياء وأثبت في ديوان السعداء ، وأحياه الله سعيداً ، وأماته شهيداً ، وبعثه شهيداً (٤).

وروي بسند صحيح عن أبي عبدالله عليه‌السلام انّه قال : كان أبي صلوات الله عليه يقول : قل هو الله أحد ثلث القرآن ، وقل يا أيها الكافرون ربع القرآن (٥).

__________________

١ ـ البحار ٩٢ : ٣٣٨ ح ١ باب ١١٩ ـ عن ثواب الأعمال.

٢ ـ أي مجلسه.

٣ ـ البحار ٩٢ : ٣٣٨ ح ١ باب ١٢٠ ـ عن ثواب الأعمال.

٤ ـ البحار ٩٢ : ٣٤٠ ح ٥ باب ١٢١ ـ عن ثواب الأعمال.

٥ ـ الكافي ٢ : ٦٢١ ح ٧ باب فضل القرآن ـ الوسائل ٤ : ٨٦٧ ح ٣ باب ٣١.

٢٤١

وروي بسند معتبر عنه عليه‌السلام قال : من قرأ إذا أوى إلى فراشه ( قل يا أيها الكافرون وقل هو الله أحد ) كتب الله عزّوجلّ له براءة من الشرك (١).

وروي بسند معتبر عن أمير المؤمنين عليه‌السلام انّه قال : صلّى بنا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم صلاة السفر ، فقرأ في الأولى ( قل يا أيها الكافرون ) وفي الأخرى ( قل هو الله أحد ) ثم قال : قرأت لكم ثلث القرآن وربعه (٢).

وروي بسند صحيح عن أبي عبدالله عليه‌السلام انّه قال : لا تدع أن تقرأ بقل هو الله أحد ، وقل يا أيها الكافرون في سبع مواطن : في الركعتين قبل الفجر ، وركعتي الزوال ، وركعتين بعد المغرب ، وركعتين من أوّل صلاة الليل ، وركعتي الاحرام ، والفجر إذا أصبحت بها ، وركعتي الطواف.

وفي رواية أخرى انّه يبدأ في هذا كله بقل هو الله أحد [ وفي الركعة الثانية بقل يا أيها الكافرون ] الاّ في الركعتين قبل الفجر ، فانّه يبدأ بقل يا أيها الكافرون [ ثم يقرأ في الركعة الثانية بقل هو الله أحد ] (٣).

« سورة النصر » :

روي عن أبي عبدالله عليه‌السلام انّه قال : من قرا ( إذا جاء نصر الله والفتح ) في نافلة أو فريضة نصره الله على جميع أعدائه ، وجاء يوم القيامة ومعه كتاب ينطق ، قد أخرجه الله من جوف قبره ، فيه أمان من جسر جهنّم ومن النار ، ومن زفير جهنّم.

فلا يمرّ على شيء يوم القيامة الاّ بشّره وأخبره بكلّ خير حتى يدخل الجنة ،

____________

١ ـ الكافي ٢ : ٦٢٦ ح ٢٣ باب فضل القرآن ـ الوسائل ٤ : ٨٧١ ح ٢ باب ٣٤.

٢ ـ البحار ٩٢ : ٣٣٩ ح ٢ باب ١٢١ ـ عن عيون أخبار الرضا عليه‌السلام.

٣ ـ الكافي ٣ : ٣١٦ ح ٢٢ باب قراءة القرآن ـ الوسائل ٤ : ٧٥١ ح ١ و ٢ باب ١٥.

٢٤٢

ويفتح له في الدنيا من أسباب الخير ما لم يتمنّ ، ولم يخطر على قلبه (١).

« سورة اللهب » :

روي عن أبي عبدالله عليه‌السلام انّه قال : قال إذا قرأتم ( تبت يدا أبي لهب وتب ) فادعوا على أبي لهب فانّه كان من المكذّبين الذين يكذّبون بالنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وبما جاء به من عند الله عزّوجلّ (٢).

« سورة الاخلاص » :

روي عن أبي جعفر عليه‌السلام (٣) انّه قال : من قرأ قل هو الله أحد مرّة بورك عليه ، ومن قرأها مرّتين بورك عليه وعلى أهله ، ومن قرأها ثلاث مرّات بورك عليه وعلى أهله وعلى جيرانه ، ومن قرأها اثني عشر مرّة بنى الله له اثني عشر قصراً في الجنّة ، فيقول الحفظة : اذهبوا بنا إلى قصور أخينا فلان فننظر إليها.

ومن قرأها مائة مرة غفرت له ذنوب خمسة وعشرين سنة ما خلا الدماء والأموال ، ومن قرأها أربعمائة مرة كان له أجر أربعمائة شهيد كلّهم قد عقر جواده وأُريق دمه ، ومن قرأها ألف مرّة في يوم وليلة لم يمت حتى يرى مقعده في الجنّة أو يُرى له (٤).

وروي بسند معتبر آخر عنه عليه‌السلام انّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم صلّى على سعد بن معاذ ، فقال : لقد وافى من الملائكة سبعون ألفاً وفيهم جبرئيل يصلّون عليه ، فقلت له : يا جبرئيل بما يستحقّ صلاتكم عليه؟ فقال : بقراءته قل هو أحد قائماً

__________________

١ ـ البحار ٩٢ : ٣٤٣ ح ١ باب ١٢٢ ـ عن ثواب الأعمال.

٢ ـ البحار ٩٢ : ٣٤٣ ح ١ باب ١٢٣ ـ عن ثواب الأعمال.

٣ ـ لقد رواها المؤلّف رحمه‌الله عن أبي عبدالله عليه‌السلام ولم نجدها الاّ بالاسناد المذكور في المتن.

٤ ـ الكافي ٢ : ٦١٩ ح ١ باب فضل القرآن ـ الوسائل ٤ : ٨٦٦ ح ١ باب ٣١.

٢٤٣

وقاعداً وراكباً وماشياً وذاهباً وجائياً (١).

وروي بسند معتبر عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم انّه قال : من قرأ ( قل هو الله أحد ) مائة مرّة حين يأخذ مضجعه غفر الله له ذنوب خمسين سنة (٢).

وروي بسند معتبر عن أبي عبدالله عليه‌السلام انّه قال : ... احتجز من الناس كلّهم ... بقل هو الله أحد ، اقرأها عن يمينك وعن شمالك ، ومن بين يديك ، ومن خلفك ، ومن فوقك ، ومن تحتك ، فاذا دخلت على سلطان جائر فاقرأها حين تنظر إليه ثلاث مرّات ، واعقد بيدك اليسرى ، ثم لا تفارقها حتى تخرج من عنده (٣).

وروي عن أبي عبدالله عليه‌السلام انّه قال : من مضى به يوم واحد فصلّى فيه خمس صلوات ولم يقرأ فيها بقل هو الله أحد ، قيل له : يا عبدالله لست من المصلّين (٤).

وروي عنه عليه‌السلام أيضاً بسند آخر انّه قال : من مضت له جمعة ولم يقرأ فيها بقل هو الله أحد ثم مات ، مات على دين أبي لهب (٥).

وقال عليه‌السلام : من أصابه مرض أو شدّة فلم يقرأ في مرضه أو في شدّته بقل هو الله أحد ، ثم مات في مرضه أو في تلك الشدة التي نزلت به ، فهو من أهل النار (٦).

__________________

١ ـ الكافي ٢ : ٦٢٢ ح ١٣ باب فضل القرآن ـ الوسائل ٤ : ٨٧٦ ح ٢ باب ٣١.

٢ ـ الكافي ٢ : ٦٢٠ ح ٤ باب فضل القرآن ـ الوسائل ٤ : ٨٧٠ ح ٢ باب ٣٣.

٣ ـ الكافي ٢ : ٦٢٤ ح ٢٠ باب فضل القرآن ـ الوسائل ٤ : ٨٦٧ ح ٤ باب ٣١.

٤ ـ البحار ٩٢ : ٣٤٤ ح ١ باب ١٢٤ ـ عن ثواب الأعمال.

٥ ـ البحار ٩٢ : ٣٤٤ ح ٢ باب ١٢٤ ـ عن ثوب الأعمال ـ الوسائل ٤ : ٨٦٨ ح ٦ باب ٣١.

٦ ـ البحار ٩٢ : ٣٤٥ ح ٣ باب ١٢٤ ـ عن ثواب الأعمال ـ الوسائل ٤ : ٨٦٨ ح ٧ باب ٣١.

٢٤٤

وقال عليه‌السلام : من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يدع أن يقرأ في دبر الفريضة بقل هو الله أحد ، فانّه من قرأها جمع الله له خير الدنيا والآخرة ، وغفر الله له ولوالديه وما ولدا (١).

وروي بسند معتبر عن أبي عبدالله عليه‌السلام انّه قال : من قرأ ( قل هو الله أحد ) إحدى عشر مرّة في دبر الفجر ، لم يتبعه في ذلك اليوم ذنب ، وان رغم أنف الشيطان (٢).

وروي بسند معتبر عن أبي عبدالله عليه‌السلام انّه قال : [ من أوى إلى فراشه فقرأ ( قل هو الله أحد ) إحدى عشر مرّة ] حفظه الله في داره ودويرات حوله (٣).

وروي بسند معتبر عن أمير المؤمنين عليه‌السلام انّه قال : من قرأ ( قل هو الله أحد ) حين يأخذ مضجعه وكلّ الله به خمسين ألف ملك يحرسونه ليلته (٤).

وروي عن أمير المؤمنين عليه‌السلام انّه قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من قرأ ( قل هو الله أحد ) حين يأخذ مضجعه غفر الله له ذنوب خمسين سنة(٥).

وروي بسند معتبر عن أبي عبدالله عليه‌السلام انّه قال : من قرأ ( قل هو الله أحد ) مرّة واحدة ، فكأنّما قرأ ثلث القرآن ، وثلث التوراة ، وثلث الانجيل ، وثلث الزبور(٦).

وروي عن الصادق عليه‌السلام انّ الله عزّوجلّ عوّض فاطمة عليها‌السلام من فدك

__________________

١ ـ البحار ٩٢ : ٣٤٥ ح ٤ باب ١٢٤ ـ عن ثواب الأعمال.

٢ ـ البحار ٩٢ : ٣٤٩ ح ١٥ باب ١٢٤ ـ عن ثواب الأعمال.

٣ ـ البحار ٩٢ : ٣٤٩ ح ١٤ باب ١٢٤ ـ عن ثواب الأعمال ـ الوسائل ٤ : ٨٧١ ح ٣ باب ٣٣.

٤ ـ البحار ٩٢ : ٣٥١ ضمن حديث ٢٢ ـ عن عدة الداعي.

٥ ـ أمالي الصدوق : ٢١ ح ٣ مجلس ٤ ـ عنه البحار ٩٢ : ٣٤٨ ح ١٣ باب ١٢٤.

٦ ـ التوحيد للصدوق : ٩٥ ح ١٥ باب ٤ في تفسير قل هو الله أحد ـ عنه البحار ٩٢ : ٣٤٨ ح ١١ باب ١٢٤.

٢٤٥

طاعة الحمّى لها ، فأيّما رجل أحبّها وأحبّ ولدها فأصابته الحمى فقرأ ألف مرّة ( قل هو الله أحد ) ثم سأل بحق فاطمة عليها‌السلام زالت عنه الحمى باذن الله تعالى (١).

وقال علي الرضا عليه‌السلام : ... إذا أصاب أحدكم الصداع أو غير ذلك ، فبسط يديه وقرأ فاتحة الكتاب ، وقل هو الله أحد ، والمعوذتين ، ومسح بهما وجهه يذهب عنه ما يجده (٢).

« سورة المعوذتين » :

روى بسند معتبر عن أبي عبدالله عليه‌السلام انّه قال : كان سبب نزول المعوذتين انّه وعك رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فنزل عليه جبرئيل بهاتين السورتين ، فعوّذه بهما (٣).

وروي بسنتد معتبر عن صابر [ مولى بسّام ] قال : أمّنا أبو عبدالله عليه‌السلام في صلاة المغرب ، فقرأ المعوذتين ثم قال : هما من القرآن (٤).

وروي بسند معتبر عن أبي الحسن الرضا عليه‌السلام انّه قال : ما من أحد في حدّ الصبى يتعهّد في كلّ ليلة قراءة قل أعوذ برب الفلق ، وقل أعوذ برب الناس ، كلّ واحدة ثلاث مرّات ، وقل هو الله أحد مائة مرّة ، فإن لم يقدر فخمسين الاّ صرف الله عزّوجلّ عنه كلّ لمم أو عرض من أعراض الصبيان والعطاش ، وفساد المعدة ، وبدور الدم أبداً ما تعوهد بهذا حتى يبلغه الشيب ... (٥).

__________________

١ ـ مكارم الاخلاق : ٣٦٦.

٢ ـ مكارم الاخلاق : ٣٦٥.

٣ ـ البحار ٩٢ : ٣٦٣ ح ١ باب ١٢٥ ـ عن تفسير القمي.

٤ ـ الوسائل ٤ : ٧٨٦ ح ٢ باب ٤٧.

٥ ـ الكافي ٢ : ٦٢٣ ح ١٧ باب فضل القرآن.

٢٤٦

وروي عن أبي جعفر الباقر عليه‌السلام انّه قال : من أوتر بالمعوذتين وقل هو الله أحد قيل له : يا عبدالله أبشر فقد قبل الله وترك (١).

وروي بسند صحيح عن أبي عبدالله عليه‌السلام انّه قال : من قال بعد الجمعة ... الحمد مرّة ، وقل هو الله أحد سبعاً ، وقل أعوذ برب الفلق سبعاً ، وقل أعود برب الناس سبعاً ، وآية الكرسي وآية السخرة ، وآخر قوله ( لَقَد جَاءَكُم رَسُولٌ مِن اَنفُسِكُم ... ) (٢) إلى آخرها ، كانت كفّارة ما بين الجمعة إلى الجمعة (٣).

وروي عن معمر بن خلاّد انّه قال : كنت مع الرضا عليه‌السلام بخراسان على نفقاته ، فأمرني ان أتخذ له غالية ، فلمّا اتخذتها فأعجب بها فنظر إليها فقال لي : يا معمر انّ العين حق ، فاكتب في رقعة « الحمد لله ، وقل هو الله أحد ، والمعوذتين ، وآية الكرسي » واجعلها في غلاف القارورة.

وروي عن أبي عبدالله عليه‌السلام انّه قال : العين حق وليس تأمنها منك على نفسك ، ولا منك على غيرك ، فاذا خفت شيئاً من ذلك فقل : « ما شاء الله لا قوّة الاّ بالله العلي العظيم » ثلاثاً.

وقال عليه‌السلام : إذا تهيّأ أحدكم تهيئة تعجبه فليقرأ حين يخرج من منزله المعوذتين ، فانّه لا يضرّه شيء باذن الله تعالى (٤).

وروي عن أبي جعفر الباقر عليه‌السلام انّه قال : ... من أصابه فزع عند منامه فليقرأ إذا اوى إلى فراشه المعوذتين وآية الكرسي (٥).

__________________

١ ـ البحار ٩٢ : ٣٦٤ ح ٣ باب ١٢٥ ـ عن ثواب الأعمال.

٢ ـ التوبة : ١٢٨.

٣ ـ الوسائل ٥ : ٧٩ ح ١ باب ٤٨.

٤ ـ البحار ٩٥ : ١٢٨ ح ٩ باب ٩٦ ـ عن مكارم الاخلاق : ٣٨٦.

٥ ـ البحار ٧٦ : ١٩٥ ضمن حديث ١٢.

٢٤٧

( الينبوع الثالث )

في بيان مجمل من أحوال السلاطين والأُمراء ومعاشرتهم

وذكر عدلهم وجورهم

وفيه جداول :

( الجدول الأوّل )

في عدلهم وجورهم

اعلم انّ عدل الملوك والأمراء من أعظم مصالح الناس ، وانّ عدلهم وصلاحهم يوجب صلاح جميع العباد وعمارة البلاد ، وانّ فسقهم وفجورهم يورث اختلاف النظام وميل أكثر الناس إلى أفعالهم ، كما روي بسند معتبر عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم انّه قال : صنفان من أمتي إذا صلحا صلحت أمتي ، وإذا فسدا فسدت أمتي ، قيل : يا رسول الله ومن هما؟ قال : الفقهاء والأمراء (١).

وروي بسند أخر عنه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنه قال : رجلان لا تنالهما ، صاحب سلطان عسوف خشوم وغال في الدين مارق (٢).

وروي عن أبي عبدالله عليه‌السلام انّه قال : انّي لأرجو النجاة لهذه الامة لمن عرف حقّنا منهم الاّ لأحد ثلاثة ، صاحب سلطان جائر ، وصاحب هوى ، والفاسق المعلن (٣).

__________________

١ ـ الخصال : ٣٦ ح ١٢ باب ٢ ـ عنه البحار ٧٥ : ٣٣٦ ح ١ باب ٨١.

٢ ـ الخصال : ٦٣ ح ٩٣ باب ٢ ـ عنه البحار ٧٥ : ٣٣٦ ح ٣ باب ٨١.

٣ ـ الخصال : ١١٩ ح ١٠٧ باب ٣ ـ عنه البحار ٧٥ : ٣٣٧ ح ٦ باب ٨١.

٢٤٨

وروي بسند معتبر عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم انّه قال : تكلّم النار يوم القيامة ثلاثة ، أميراً وقارئاً وذا ثروة من المال ، فتقول للأمير : يا من وهب الله له سلطاناً فلم يعدل ، فتزدرده كما يزدرد الطير حبّ السمسم.

وتقول للقارىء : يا من تزيّن للناس وبارز الله بالمعاصي فتزدرده ، وتقول للغني :
يا من وهب الله له دنيا كثيرة واسعة فيضاً وسأله الفقير اليسير قرضا فأبى الاّ بخلاً ، فتزدرده(١).

وروي عن أمير المؤمنين عليه‌السلام انّه قال : احذروا على دينكم ... رجلاً آتاه الله عزّوجلّ سلطاناً فزعم انّ طاعته طاعة الله ، ومعصيته معصية الله ، وكذب لأنّه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق ، لا ينبغي للمخلوق أن يكون حبّه لمعصية الله ، فلا طاعة في معصية ، ولا طاعة لمن عصى الله.

انّما الطاعة لله ولرسوله ولولاة الأمر ، وانّما أمر الله عزّوجلّ بطاعة الرسول لأنّه معصوم مطهّر لا يأمر بمعصيته ، وانّما أمر بطاعة أولي الأمر لأنّهم معصومون مطهّرون لا يأمرون بمعصيته (٢).

وروي عنه عليه‌السلام قال : انّ في جهنّم رحى تطحن ، أفلا تسألوني ما طحنها؟ فقيل له : فما طحنها يا أمير المؤمنين؟ قال : العلماء الفجرة ، والقرّاء الفسقة ، والجبابرة الظلمة ، والوزراء الخونة ، والعرفاء الكذبة ... (٣).

وقال عليه‌السلام : انّ الله يعذّب ستة بستة ، العرب بالعصبية ، والدّهاقنة بالكبر ،

__________________

١ ـ الخصال : ١١١ ح ٨٤ باب ٣ ـ عنه البحار ٧٥ : ٣٣٧ ح ٧ باب ٨١.

٢ ـ الخصال : ١٣٩ ح ١٥٨ باب ٣ ـ عنه البحار ٧٥ : ٣٣٧ ح ٨ باب ٨١.

٣ ـ الخصال : ٢٩٦ ح ٦٥ باب ٥ ـ عنه البحار ٧٥ : ٣٣٨ ح ١٤ باب ٨١.

٢٤٩

والأمراء بالجور ، والفقهاء بالحسد ، والتجار بالخيانة ، وأهل الرستاق بالجهل (١).

وروي بأسانيد معتبرة انّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : انّي لعنت سبعة لعنهم الله وكلّ نبيّ مجاب قبلي ، فقيل : ومن هم؟

فقال : الزائد في كتاب الله ، والمكذّب بقدر الله ، والمخالف لسنّتي ، والمستحلّ من عترتي ما حرّم الله ، والمتسلّط بالجبريّة ليعزّ من أذل الله ، ويذلّ من أعزّ الله ، والمستأثر على المسلمين بفيئهم مستحلاً له ، والمحرّم ما أحلّ الله عزّوجلّ (٢).

وروي بسند معتبر عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أنه قال : أول من يدخل النار أمير متسلط لم يعدل ، وذو ثروة من المال لم يعطي المال حقه ، وفقير فخور(٣).

وروي بسند معتبر عن أبي الحسن الرضا عليه‌السلام انّه قال : إذا كذب الولاة حُبس المطر ، وإذا جار السلطان هانت الدولة ، واذا حُبست الزكاة ماتت المواشي (٤).

وروي عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم انّه قال : لا يؤمّر رجل على عشرة فما فوقهم الاّ جيء به يوم القيامة مغلولة يده إلى عنقه ، فإن كان محسناً فكّ عنه ، وان كان مسيئاً زيد غلاًّ إلى غلّه (٥).

وروي عنه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : ألا ومن تولّى عرافة قوم حبسه الله عزّوجلّ على شفير جهنّم بكلّ يوم ألف سنة (٦).

__________________

١ ـ الخصال : ٣٢٥ ح ١٤ باب ٦ ـ عنه البحار ٧٥ : ٣٣٩ ح ١٥ باب ٨١.

٢ ـ الخصال : ٣٤٩ ح ٢٤ باب ٧ ـ عنه البحار ٧٥ : ٣٣٩ ح ١٧ باب ٨١.

٣ ـ البحار ٧٥ : ٣٤١ ح ٢٢ باب ٨١ ـ عن عيون أخبار الرضا عليه‌السلام.

٤ ـ أمالي الطوسي : ٧٩ ح ٢٦ مجلس ٣ ـ عنه البحار ٧٥ : ٣٤١ ح ٢٣ باب ٨١.

٥ ـ أمالي الطوسي : ٢٦٤ ح ٢٣ مجلس ١٠ ـ عنه البحار ٧٥ : ٣٤١ ح ٢٤ باب ٨١.

٦ ـ البحار ٧٥ : ٣٤٣ ح ٣٤ باب ٨١ ـ عن أمالي الصدوق.

٢٥٠

وروي بسند معتبر عن [ أبي قتادة ، قال : كنت عند أبي عبدالله عليه‌السلام ] فدخل عليه زياد القندي ، فقال له : يا زياد وليت لهؤلاء؟ قال : نعم يا ابن رسول الله ، لي مروءة وليس وراء ظهري مال ، وانّما اُواسي اخواني من عمل السلطان.

فقال : يا زياد اما إذا كنت فاعلاً ذلك ، فاذا دعتك نفسك إلى ظلم الناس عند القدرة على ذلك فاذكر قدرة الله عزّوجلّ على عقوبتك ، وذهاب ما أتيت إليهم عنهم ، وبقاء ما أتيت إلى نفسك عليك (١).

وروي بسند معتبر عن أبي عبدالله عليه‌السلام انّه قال : انّ الله عزّوجلّ جعل لمن جعل له سلطاناً مدّة من ليالي وأيّام وسنين وشهور ، فإن عدلوا في الناس أمر الله عزّوجلّ صاحب الفلك أن يبطي بادارته ، فطالت أيامهم ولياليهم وسنوهم وشهورهم.

وان هم جاروا في الناس ولم يعدلوا أمر الله عزّوجلّ صاحب الفلك فأسرع ادارته ، وأسرع فناء لياليهم وأيامهم وسنيهم وشهورهم ، وقد وفى تبارك وتعالى لهم بعدد الليالي والأيّام والشهور (٢).

وروي بسند معتبر انّ أمير المؤمنين عليه‌السلام قال لنوف البكالي : يا نوف اقبل وصيّتي ، لا تكوننّ نقيباً ، ولا عريفاً ، ولا عشّاراً ، ولا بريداً (٣).

وروي بسند معتبر عن علي بن موسى الرضا عليه‌السلام انّه قال : انّ العدالة والإحسان علامة دوام النعمة (٤).

__________________

١ ـ أمالي الطوسي : ٣٠٣ ح ٤٩ مجلس ١١ ـ عنه البحار ٧٥ : ٣٤١ ح ٢٦ باب ٨١.

٢ ـ البحار ٧٥ : ٣٤٢ ح ٢٩ باب ٨١ ـ عن علل الشرائع.

٣ ـ البحار ٧٥ : ٣٤٣ ح ٣٣ باب ٨١ ـ عن أمالي الصدوق.

٤ ـ مضمون النص.

٢٥١

وروي بسند معتبر عن أبي عبدالله عليه‌السلام انّه قال : ثلاثة هم أقرب الخلق إلى الله عزّوجلّ يوم القيامة حتى يفرغ الله من الحساب ، رجل لم تدعه قدرة في حال غضبه إلى أن يحيف على من تحت يده ، ورجل مشى بين اثنين فلم يمل مع أحدهما على الآخر بشعيرة ، ورجل قال بالحقّ فيما له وعليه (١).

وروي بسند معتبر عنه عليه‌السلام قال : العدل أحلى من الماء يصيبه الظمآن ، ما أوسع العدل إذا عدل فيه وان قل (٢).

وقال عليه‌السلام : العدل أحلى من الشهد ، وألين من الزبد ، وأطيب ريحاً من المسك (٣).

وروي عن أبي جعفر الباقر عليه‌السلام انّه قال : [ لمّا حضرت علي بن الحسين عليهما‌السلام الوفاة ضمّني إلى صدره ثم قال : يا بنيّ أوصيك بما أوصاني به أبي عليه‌السلام حين حضرته الوفاة ، وبما ذكر انّ أباه أوصاه به ] ، فقال : يا بنيّ اياك وظلم من لا يجد عليك ناصراً الاّ الله (٤).

وروي عن أبي عبدالله عليه‌السلام انّه قال : من أصبح لا ينوي ظلم أحد غفر الله له ما أذنب ذلك اليوم ما لم يسفك دماً ، أو يأكل مال يتيم حراماً (٥).

وروي بأسانيد صحيحة عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم انّه قال : اتقوا الظلم فانّه ظلمات يوم القيامة (٦).

____________

١ ـ الكافي ٢ : ١٤٥ ح ٥ باب الانصاف والعدل ـ عنه البحار ٧٥ : ٣٣ ح ٢٦ باب ٣٥.

٢ ـ الكافي ٢ : ١٤٦ ح ١١ باب الانصاف والعدل ـ عنه البحار ٧٥ : ٣٦ ح ٣٢ باب ٣٥.

٣ ـ الكافي ٢ : ١٤٧ ح ١٥ باب الانصاف والعدل ـ عنه البحار ٧٥ : ٣٩ ح ٣٧ باب ٣٥.

٤ ـ أمالي الصدوق : ١٥٤ ح ١٠ مجلس ٣٤ ـ عنه البحار ٧٥ : ٣٠٨ ح ١ باب ٧٩.

٥ ـ الكافي ٢ : ٣٣١ ح ٧ باب الظلم ـ عنه البحار ٧٥ : ٣٢٣ ح ٥٥ باب ٧٩.

٦ ـ الكافي ٢ : ٣٣٢ ح ١٠ باب الظلم ـ عنه البحار ٧٥ : ٣٣٠ ح ٦٣ باب ٧٩.

٢٥٢

وروي بسند معتبر عن أبي عبدالله عليه‌السلام انّه قال : من ارتكب أحداً بظلم بعث الله عزّوجلّ عليه من يظلمه بمثله ، أو على ولده ، أو على عقبه من بعده (١).

وقال عليه‌السلام : انّ الله عزّوجلّ أوحى إلى نبيّ من أنبيائه في مملكة جبّار من الجبارين أن أئت هذا الجبار فقل له : انني لم أستعملك على سفك الدماء واتخاذ الأموال ، وانّما استعملتك لتكفّ عنّي أصوات المظلومين ، فانّي لم أدع ظلامتهم وان كانوا كفاراً(٢).

وقال عليه‌السلام : ... أما انّ المظلوم يأخذ من دين الظالم أكثر مما يأخذ الظالم من مال المظلوم ، ثم قال : من يفعل الشر بالناس فلا ينكر الشر إذا فُعل به ، اما انه انّما يحصد ابن آم ما يزرع ، وليس يحصد أحد من المرّ حلواً ولا من الحلو مرّاً ... (٣).

وقال أمير المؤمنين عليه‌السلام : بئس الزاد إلى المعاد العدوان على العباد (٤).

وروي بسند معتبر انّ رجلاً قال لأبي جعفر الباقر عليه‌السلام : انّي لم أزل والياً منذ زمن الحجاح إلى يومي هذا ، فهل لي من توبة؟ قال : فسكت ، ثم أعدت عليه ، فقال ، لا حتى تؤدّي إلى كلّ ذي حقّ حقّه (٥).

وروي عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم انّه قال : من ظلم أحداً ففاته فليستغفر الله عزّوجلّ له ، فانّه كفّارة له (٦).

__________________

١ ـ البحار ٧٥ : ٣١٣ ح ٢٣ باب ٧٩ ـ عن ثواب الأعمال.

٢ ـ الكافي ٢ : ٣٣٣ ح ١٤ باب الظلم ـ عنه البحار ٧٥ : ٣٣١ ح ٦٥ باب ٧٩.

٣ ـ الكافي ٢ : ٣٣٤ ح ٢٢ باب الظلم ـ عنه البحار ٧٥ : ٣٢٨ ح ٥٨ باب ٧٩.

٤ ـ البحار ٧٥ : ٣٠٩ ح ٤ باب ٧٩ ـ عن أمالي الصدوق.

٥ ـ الكافي ٢ : ٣٣١ ح ٣ باب الظلم ـ عنه البحار ٧٥ : ٣٢٩ ح ٥٩ باب ٧٩.

٦ ـ البحار : ٧٥ : ٣١٣ ح ٢٧ باب ٧٩ ـ عن ثواب الأعمال.

٢٥٣

( الجدول الثاني )

في كيفية معاشرة الحكام مع الرعايا وبيان

حقوق الرعايا عليهم

روي بسند معتبر عن علي بن الحسين عليهما‌السلام انّه قال : ... وأمّا حقّ رعيّتك بالسلطان فأن تعلم انّهم صاروا رعيتك لضعفهم وقوتك ، فيجب أن تعدل فيهم ، وتكون لهم كالوالد الرحيم ، وتغفر لهم جهلهم ، ولا تعاجلهم بالعقوبة ، وتشكر الله عزّوجلّ على ما آتاك من القوّة عليهم (١).

وروي بسند معتبر عن أبي عبدالله عليه‌السلام انّه قال : من تولّى أمراً من أمور الناس ، فعدل ، وفتح بابه ، ورفع ستره ، ونظر في أمور الناس كان حقّاً على الله عزّوجلّ أن يؤمن روعته يوم القيامة ، ويدخله الجنّة (٢). وروي بسند معتبر انّه : دخل الباقر عليه‌السلام على عمر بن عبدالعزيز فوعظه ، وكان فيما وعظه : « يا عمر افتح الأبواب وسهّل الحجاب ، وانصر المظلوم ، وردّ المظالم » (٣).

وروي بسند معتبر عن أمير المؤمينن عليه‌السلام انّه قال : أيّما وال احتجب عن حوائج الناس احتجب الله يوم القيامة عن حوائجه ، وإن أخذ هديّة كان غلولاً ، وإن أخذ رشوة فهو مشترك (٤).

__________________

١ ـ البحار ٧٤ : ٥ ضمن حديث ١ باب ١ ـ عن الخصال. ٢ ـ أمالي الصدوق : ٢٠٣ ح ٢ مجلس ٤٣ ـ عنه البحار ٧٥ : ٣٤٠ ح ١٨ باب ٨١.

٣ ـ البحار ٧٥ : ٣٤٤ ح ٣٦ باب ٨١ ـ عن الخصال : ١٠٥ ضمن حديث ٦٤ باب ٣.

٤ ـ البحار ٧٥ : ٣٤٥ ح ٤٢ باب ٨١ ـ عن ثواب الأعمال.

٢٥٤

وروي عن أبي عبدالله عليه‌السلام انّه قال : من ولي شيئاً من أمور المسلمين فضيّعهم ضيّعه الله عزّوجلّ (١).

الأحاديث هنا كثيرة وبما انّها لا تفيد عامّة الخلق لذا نكتفي في هذا الباب بما ذكر ، ومن أراد الاطلاع على آداب الأُمراء والحكّام فليرجع إلى رسائل وكتب أمير المؤمنين عليه‌السلام الشافية حيث كتبها إلى عمّاله وأمرائه سيّما كتابه إلى مالك الأشتر ، وسهل بن حنيف ، ومحمد بن أبي بكر.

واعلم انّ الله تعالى أعطى لكلّ أحد سلطنة كما نقل ( كلّكم راع وكلّكم مسؤول عن رعيته ) ، فيسأل يوم القيامة عن سلوكه مع رعيته ، كما سلّط الملوك على الرعايا وسلّط الأُمراء والوزراء على بعض الرعايا ، وأرباب المزارع والأموال على العمّال ، وأصحاب البيوتات والأزواج والأولاد على الغلمان والجواري والخدم.

وجعل ربّ البيت واسطة رزقهم ، وأيضاً جعل العلماء رعاة طلبة العلم ، وجعل طلبة العلم رعيتهم ، وسلّط كلّ شخص على بعض الحيوانات ، وولى كلّ شخص على قواه وأعضائه وجوارحه حيث يأمرهم بما لا يوجب العقاب يوم القيامة.

وجعل الأعمال والأخلاق والعبادات محكومة لكلّ أحد وأمر برعايتها ، اذاً لا يوجد في العالم من لم يكن له حظّ من الولاية والحكومة ... وفي معاشرة كلّ صنف من الأصناف عدل وجور ، وأعطي لكلّ شخص نعمة حسب ما استولى عليه ، وطلب منه الشكر على قدر تلك النعمة.

وشكر كلّ نعمة توجب المزيد والفوز ، وانّما شكرها يكون بمعاشرتها طبقاً

__________________

١ ـ البحار ٧٥ : ٣٤٥ ح ٤١ باب ٨١ ـ عن ثواب الأعمال.

٢٥٥

لما أمر الله تعالى ، ورعاية الحقوق التي جعلت لها ، فاذا ائتمر بذلك زادها الله تعالى ، وان كفر ولم يشكر سلبها الله منه ، كما انّ الملوك إذا شكر وما في قدرتهم واستيلائهم وراعوا أحوال رعيتهم وحقوقهم دام ملكهم والاّ فسرعان ما يزول ، كما قيل أنّ الملك يبقى مع الكفر ولا يبقى مع الظلم.

وكذلك الأمر فيمن له خدم وغلمان ، فإن ظلمهم ولم يرع حقّهم فسرعان ما تزول سلطته عنهم ، وان سلك العالم مع رعيته بسوء فسرعان ما يسلب علمه ، وإن أقسط زيد في علمه ، وإن صرف الانسان أعضاءه وجوارحه في المعاصي فسرعان ما تبتلي تلك الأعضاء بالبلاء ولم ينتفع منها.

فعقاب الآخرة وثوابها انّما هما لرعاية هذه الحقوق وعدمها ، وإذا أردت تفصيل هذه الحقوق فارجع إلى الحديث الطويل المرويّ عن علي بن الحسين عليهم‌السلام في الحقوق ، والى ما ترجمه والدي عليه الرحمة والغفران منها في شرح ( من لا يحضره الفقيه ) فهو يشتمل على جميع الحقوق ، ولا يسع هذا الكتاب أكثر من هذا.

( الجدول الثالث )

في ثواب اعانة المؤمنين ، وادخال السرور في قلوبهم

ودفع الظلم عنهم ، وذمّ من يقدر على نفعهم ولم يفعل

روي بسند معتبر عن أبي جعفر الباقر عليه‌السلام انّه قال : تبسّم الرجل في وجه أخيه حسنة ، وصرفه القذى عنه حسنة ، وما عبد الله بشيء أحبّ إلى الله من إدخال السرور على المؤمن (١).

__________________

١ ـ الوسائل ١١ : ٥٦٩ ح ٢ باب ٢٤ ـ الكافي ٢ : ١٨٨ ح ٢ باب ادخال السرور على المؤمنين.

٢٥٦

وقال عليه‌السلام : انّ فيما ناجى الله عزّوجلّ به عبده موسى عليه‌السلام قال : انّ لي عباداً أُبيحهم جنّتي ، واحكّمهم فيها ، قال : يا رب ومن هؤلاء الذين تبيحهم جنتّك وتحكّمهم فيها؟ قال : من أدخل على مؤمن سروراً.

ثم قال : انّ مؤمناً كان في مملكة جبّار ، فولع به فهرب منه إلى دار الشرك ، فنزل برجل من أهل الشرك ، فأظلّه (١) وأرفقه وأضافه ، فلمّا حضره الموت أوحى الله عزّوجلّ إليه : وعزّتي وجلالي لو كان لك في جنّتي مسكن لأسكنتك فيها ، ولكنّها محرّمة على من مات بي مشركاً ، ولكن يا نار هيديه ولا تؤذيه (٢) ، ويؤتى برزقه طرفي النهار ، قلت : من الجنّة؟ قال : من حيث شاء الله (٣).

وروي بأسانيد معتبرة عن أبي عبدالله عليه‌السلام انّه قال : أوحى الله عزّوجلّ إلى داود عليه‌السلام انّ العبد من عبادي ليأتيني بالحسنة فابيحه جنّتي ، فقال داود : يا ربّ وما تلك الحسنة؟ قال : يدخل على عبدي المؤمن سروراً ولو بتمرة ، قال داود : يا ربّ حقّ لمن عرفك أن لا يقطع رجاءه منك (٤).

وروي بسند معتبر آخر عنه عليه‌السلام انّه قال : من أدخل السرور على المؤمن فقد أدخله على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ومن أدخله على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقد وصل ذلك إلى الله ، وكذلك من أدخل عليه كرباً (٥).

وقال عليه‌السلام : من أحبّ الأعمال إلى الله عزّوجلّ ادخال السرور على

__________________

١ ـ فأظلّه أي أسكنه منزلاً يظلّه من الشمس.

٢ ـ هيديه أي خوّفيه وأزعجيه ، ولا تؤذيه أي لا تحرقيه.

٣ ـ الكافي ٢ : ١٨٨ ح ٣ باب ادخال السرور على المؤمنين ـ عنه البحار ٧٤ : ٢٨٨ ح ١٦ باب ٢٠.

٤ ـ الكافي ٢ : ١٨٩ ح ٥ باب ادخال السرور على المؤمنين ـ عنه البحار ٧٤ : ٢٨٩ ح ١٨ باب ٢٠.

٥ ـ الكافي ٢ : ١٨٩ ح ١٤ باب ادخال السرور على المؤمنين ـ عنه البحار ٧٤ : ٢٩٧ ح ٢٧ باب ٢٠.

٢٥٧

المؤمن ، اشباع جوعته ، أو تنفيس كربته ، أو قضاء دينه (١).

وروي عن سدير الصراف انّه قال : كنت عند أبي عبدالله عليه‌السلام فذكر عنده المؤمن وما يجب من حقّه ، فالتفت إليّ أبو عبدالله عليه‌السلام ، فقال لي : يا أبا الفضل ألا أحدّثك بحال المؤمن عند الله؟ فقلت : بلى ، فحدّثني جعلت فداك.

فقال : إذا قبض الله روح المؤمن صعد ملكاه إلى السماء فقالا : يا ربّ عبدك ونعم العبد ، كان سريعاً إلى طاعتك ، بطيئاً عن معصيتك ، وقد قبضته إليك ، فما تأمرنا من بعده؟ فيقول الجليل الجبّار : اهبطا إلى الدنيا وكونا عند قبر عبدي ومجّداني وسبّحاني وهلّلاني وكبّراني ، واكتبا ذلك لعبدي حتّى أبعثه من قبره.

ثم قال لي : ألا أزيدك؟ قلت : بلى ، فقال : إذا بعث الله المؤمن من قبره خرج معه مثال يقدمه أمامه ، فكلّما رأى المؤمن هولاً من أهوال يوم القيامة قال له المثال : لا تجزع ولا تحزن ، وأبشر بالسرور والكرامة من الله عزّوجلّ ، فما يزال يبشره بالسرور والكرامة من الله سبحانه حتى يقف بين يدي الله عز وجل ، ويحاسبه حساباً يسيراً ، ويأمر به إلى الجنّة والمثال أمامه.

فيقول له المؤمن : رحمك الله نعم الخارج معي من قبري ، مازلت تبشّرني بالسرور والكرامة من الله عزّوجلّ حتى كان ، فمن أنت؟ فيقول له المثال : أنا السرور الذي أدخلته على أخيك المؤمن في الدنيا ، خلقني الله لاُبشّرك (٢).

وروي بسند معتبر عن المشمعل [ الأسدي ] انّه قال : خرجت ذات سنة حاجّاً ، فانصرفت إلى أبي عبدالله الصادق جعفر بن محمد عليهما‌السلام ، فقال : من أين

__________________

١ ـ الكافي ٢ : ١٩٢ ح ١٦ باب ادخال السرور على المؤمنين ـ عنه البحار ٧٤ : ٢٩٧ ح ٢٩ باب ٢٠.

٢ ـ البحار ٧٤ : ٢٨٣ ح ٣ باب ٢٠ ـ عن أمالي الطوسي.

٢٥٨

بك يا مشمعل؟ فقلت : جعلت فداك كنت حاجّاً ، فقال : أو تدري ما للحاجّ من الثواب؟ فقلت : ما أدري حتى تعلمني.

فقال : انّ العبد إذا طاف بهذا البيت أُسبوعاً ، وصلّى ركعتيه ، وسعى بين الصفا والمروة ، كتب الله له ستة آلاف حسنة ، وحطّ عنه ستة آلاف سيّئة ، ورفع له ستة آلاف درجة ، وقضى له ستة آلاف حاجة للدنيا كذا ، وادخر له للآخرة كذا.

فقلت له : جعلت فداك انّ هذا لكثير ، فقال : أفلا أخبرك بما هو أكثر من ذلك؟ قال : قلت : بلى ، فقال عليه‌السلام : لقضاء حاجة امرىء مؤمن أفضل من حجة وحجّة وحجّة حتى عدّ عشر حجج (١).

وقال عليه‌السلام : ما قضى مسلم لمسلم حاجة الاّ ناداه الله تبارك وتعالى : عليّ ثوابك ، ولا أرضى لك بدون الجنّة (٢).

وروي بسند معتبرعن المفضل ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : قال لي : يا مفضل اسمع ما أقول لك واعلم انّه الحق وافعله وأخبر به علية اخوانك (٣) ، قلت : جعلت فداك وما علية اخواني؟ قال : الراغبون في قضاء حوائج اخوانهم.

قال : ثم قال : ومن قضى لأخيه المؤمن حاجة قضى الله له يوم القيامة مائة ألف حاجة من ذلك ، أوّلها الجنة ، ومن ذلك أن يدخل قرابته ومعارفه واخوانه الجنّة بعد أن لا يكونوا نصّاباً ... (٤).

وروي أيضاً عن المفضل بن عمر ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام انّه قال : انّ الله عزّ

__________________

١ ـ البحار ٧٤ : ٢٨٤ ح ٤ باب ٢٠ ـ عن أمالي الصدوق.

٢ ـ قرب الأسناد : ٣٩ ح ١٢٤ ـ عنه البحار ٧٤ : ٢٨٥ ح ٨ باب ٢٠.

٣ ـ علية أخوانك ـ بالكسر ـ : أي شريفهم ورفيعهم وجمعه ( عليّ ).

٤ ـ الكافي ٢ : ١٩٢ ح ١ باب قضاء حاجة المؤمن ـ عنه البحار ٧٤ : ٣٢٢ ح ٩٠ باب ٢٠.

٢٥٩

وجلّ خلق خلقاً من خلقه انتجبهم لقضاء حوائج فقراء شيعتنا ليثيبهم على ذلك الجنة ، فإن استطعت أن تكون منهم فكن ... (١).

وقال عليه‌السلام : لقضاء حاجة امرء مؤمن أحبّ إليّ من عشرين حجّة كلّ حجّة ينفق فيها صاحبها مائة ألف (٢).

وروي بسند معتبر عن أبي الحسن موسى عليه‌السلام انّه قال : من أتاه أخوه المؤمن في حاجة فانّما هي رحمة من الله تبارك وتعالى ساقها إليه ، فإن قبل ذلك فقد وصله بولايتنا وهو موصول بولاية الله ، وإن ردّه عن حاجته وهو يقدر على قضائها سلّط الله عليه شجاعاً من نار ينهشه في قبره إلى يوم القيامة ، مغفوراً له أو معذّباً ، فإن عذره الطالب كان أسوء حالاً (٣).

وروي عن أبي جعفر الباقر عليه‌السلام انّه قال : انّ المؤمن لترد عليه الحاجة لأخيه فلا تكون عنده فيهتمّ بها قلبه ، فيدخله الله تبارك وتعالى بهمّه الجنّة (٤).

وروي عن أبي الحسن موسى عليه‌السلام انّه قال : انّ لله عباداً في الأرض يسعون في حوائج الناس ، هم الآمنون يوم القيامة ، ومن أدخل على مؤمن سروراً فرّح الله قلبه يوم القيامة (٥).

وروي عن أبي جعفر الباقر عليه‌السلام انّه قال : من مشى في حاجة أخيه المسلم أظلّه الله بخمسة وسبعين ألف ملك ، ولم يرفع قدماً الاّ كتب الله له حسنة ، وحطّ عنه بها سيئة ، ويرفع له بها درجة ، فاذا فرغ من حاجته كتب الله عزّوجلّ له

__________________

١ ـ الكافي ٢ : ١٩٣ ح ٢ باب قضاء حاجة المؤمن ـ عنه البحار ٧٤ : ٣٢٣ ح ٩١ باب ٢٠.

٢ ـ الكافي ٢ : ١٩٣ ح ٤ باب قضاء حاجة المؤمن ـ عنه البحار ٧٤ : ٣٢٤ ح ٩٣ باب ٢٠ وفي المتن عشرين ألف.

٣ ـ الكافي ٢ : ١٩٦ ح ١٣ باب قضاء حاجة المؤمن ـ عنه البحار ٧٤ : ٣٣٠ ح ١٠٢ باب ٢٠.

٤ ـ الكافي ٢ : ١٩٦ ح ١٤ باب قضاء حاجة المؤمن ـ عنه البحار ٧٤ : ٣٣١ ح ١٠٤ باب ٢٠.

٥ ـ الكافي ٢ : ١٩٧ ح ٢ باب السعي في حاجة المؤمن ـ عنه البحار ٧٤ : ٣٣٢ ح ١٠٦ باب ٢٠.

٢٦٠