عين الحياة - ج ٢

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

عين الحياة - ج ٢

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


المحقق: السيد هاشم الميلاني
الموضوع : الأخلاق
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ١
الصفحات: ٤٧١

في الدنيا روح وجسم ، فجسمها هو الأفعال المخصوصة ، وروحها ولاية علي بن أبي طالب وأولاده الكرام عليهم‌السلام.

وانّما عمل الروح تقويم الجسد وتكون منشأ لحركات بدن المؤمن ، فالصلاة من دونه ولاية لا توجب كمالاً ولا قرباً ، ولا تنجى من العذاب كالجسم الميّت.

فالولاية روح الصلاة ، وبما انّ الصلاة الكاملة تصدر منهم وان صدرت من غيرهم فانّما هو ببركتهم ، فبقاء الصلاة اذاً بهم ولذلك فهم روح الصلاة ، وبما انّ وصف الصلاة قد كمل فيهم وأصبح خلقهم فكأنّما اتحدوا بالصلاة ، فكما انّ لفظ الانسان يطلق على الجسم أو الروح أو الجسم والروح معاً فكذلك الصلاة تطلق على هذه الأفعال وعلى تلك الذوات المقدسة ، وعليها حال كونها متصفة بهذه الصفات ، فالمراد بظاهر الصلاة في القرآن هذه الأفعال ، ويراد من باطنها الولاية ، ولا منافات بينهما.

ولقد أنكر جمع من الملاحدة الاسماعيلية العبادة لكونهم لم يفهموا هذه الأحاديث ، فكفروا لذلك ، ويقولون : انّ الصلاة كناية عن شخص ، والصوم كناية عن شخص آخر ولا عمل ، ووقع جمع من الحشوية في التفريط فانكروا هذه الأحاديث وردّوها.

وكذلك الإيمان ، بما أنّه كمل بأمير المؤمنين عليه‌السلام فهو عليه‌السلام متصف به بشكل كامل وبقاء الايمان بوجوده ، وانّ ولايته الركن الاعظم للايمان ، والايمان سرى في جيمع أعضائه وجوارحه ، ويُرى أنوار الايمان من أفعاله دائماً ، ولا يبعد اطلاق الايمان على الامام عليّ صلوات الله عليه في بطن القرآن ، وكذلك أعداءهم

١٨١

في باب الكفر والمعاصي.

فالروح والمحل والمعنى الحقيقي للصلاة والايمان والزكاة وغيرها من العبادات انّما هو علي بن أبي طالب وأولاده الكرام عليهم‌السلام ، وانّ المحل الحقيقي للفحشاء والمنكر والكفر والفسوق والعصيان خلفاء الجور وسائر أعداء أهل البيت عليهم‌السلام ، فإنّ بقاء الكفر والمعاصي بسببهم.

وفضّلت الكعبة كذلك بهم عليهم‌السلام لأنّهما محلّ نزول الفيض اللهي ومعبد محبّي الله ، وانّ قلوب الأئمة المعصومين عليهم‌السلام ومحبيهم التي هي محال معرفة الله وحبّه أشرف من الكعبة ، وفي الحقيقة أنهم الكعبة الواقعية ، لكن لا ينبغي لأحد انكار حرمة هذه الكعبة الظاهرية أو انكار الحج فيكفر ، بل لابدّ أن يذهب أولاً إلى الكعبة الظاهرية ثم إلى الباطنية فيستفيد من أنوار كليهما.

روي بأسانيد معتبرة عن أبي عبدالله وأبي جعفر الباقر عليهما‌السلام قال : انّما امر الناس أن يأتوا هذه الأحجار ، فيطوفوا بها ثم يأتونا فيخبرونا بولايتهم ويعرضوا علينا نصرهم (١).

ولا يمكننا بسط الكلام أكثر من هذا لكن لو أدركت هذا المعنى جيّداً لاتضح عندك ما غمض عليك من الأخبار ، ولفهمت معنى نهي الصلاة [ عن الفحشاء ] بانّها توجب القرب للكمّل ونهيهم عن المعاصي ومتابعة العاصين ، وانّ الأئمة عليهم‌السلام الذين هم روح الصلاة ينهون كذلك.

بل انّ نفس تلك الصلاة التي كملت فيهم عليهم‌السلام وأوجبت رقيّهم إلى أعلى درجات القرب تتكلّم بلسناهم وتمنعك ، هذا ولعلّ الكلام أكثر من هذا المقدار

__________________

١ ـ الوسائل ١٠ : ٢٥٢ ح ١ باب ٢ ـ البحار ٩٩ : ٣٧٤ ح ٣ باب ٦٦.

١٨٢

يوهم معاني الكفر فلنرجع إلى نقل الأخبار في وصف حاملي القرآن.

روي بسند معتبر عن أبي جعفر الباقر عليه‌السلام انّه قال : قرّاء القرآن ثلاثة : رجل قرأ القرآن فاتخذه بضاعة ، واستدرّ به الملوك ، واستطال به على الناس ، ورجل قرأ القرآن فحفظ حروفه ، وضيّع حدوده ، وأقامه اقامة القدح ، فلا كثّر الله هؤلاء من حملة القرآن.

ورجل قرأ القرآن فوضع دواء القرآن على داء قلبه ، فأسهر به ليله ، وأظمأ به نهار ، وقام به في مساجده ، وتجافى به عن فراشه ، فباولئك يدفع الله العزيز الجبار البلاء ، وباولئك يديل الله عزّوجلّ من الأعداء ، وباولئك ينزّل الله عزّوجلّ الغيث من السماء ، فوالله لهؤلاء في قرّاء القرآن أعزّ من الكبريت الأحمر (١).

وروي بسند معتبر عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم انّه قال : انّ أحق الناس بالتخشّع في السر والعلانية لحامل القرآن ، وانّ أحقّ الناس في السر والعلانية بالصلاة والصوم لحامل القرآن ، ثم نادى بأعلى صوته : يا حامل القرآن تواضع به يرفعك الله ، ولا تعزّز به فيذلّك الله ، يا حامل القرآن تزيّن به لله يزيّنك الله به ولا تزيّن به ، للناس فيشينك الله به.

من ختم القرآن فكأنّما أدرجت النبوة بين جنبيه ولكنّه لا يوحي إليه ، ومن جمع القرآن فنوله لا يجهل مع من يجهل عليه ، ولا يغصب فيمن يغضب عليه ، ولا يحدّ فيمن يحدّ ، ولكنّه يعفو ويصفح ويغفر ويحلم لتعظيم القرآن ، ومن أوتي القرآن فظنّ أنّ أحداً من الناس أوتي أفضل ممّأ أوتي فقد عظّم ما حقّر الله ، وحقّر ما عظّم الله (٢).

__________________

١ ـ الكافي ٢ : ٦٢٧ ح ١ باب النوادر ـ الوسائل ٤ : ٨٣٦ ح ٣ باب ٨.

٢ ـ الكافي ٢ : ٦٠٤ ح ٥ باب فضل حامل القرآن ـ الوسائل ٤ : ٨٣٥ ح ١ باب ٨.

١٨٣

وعنه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : من قرأ القرآن ثم شرب عليه حراماً أو أثر عليه حبّ الدنيا وزينتها استوجب عليه سخط الله ألا أن يتوب ، ألا وانّه ان مات على غير توبة حاجّه يوم القيامة فلا يزايله الاّ مدحوضاً (١).

( الساقية الرابعة )

في آداب قراءة القرآن

وتشتمل على شرائط كثيرة :

أوّلاً : الترتيل ، كما قال تعالى : ( وَرَتِّلِ القُرآنَ تَرتِيلاً ) (٢) ومن الترتيل ما هو واجب ومنه ما هو مستحب ، فالواجب منه على المشهور أداء الحروف من المخارج ، وحفظ أحكامه والوقف والوصل ، كما في كلمتين متلاحقتين فلا ينبغي الفصل بينهما بسكوت طويل أو قطع النفس ... بل لابدّ أن يلحق آخر الكلمة ألاولى بأول الكلمة اللاحقة ، وان اراد الرقف فلايقف على الحركة كما سئل أمير المؤمنين عليه‌السلام عن معنى الترتيل فأجاب عليه‌السلام بأنّه حفظ الوقف وأداء الحروف عن المخارج (٣).

والترتيل المستحب قراءته بألتأني بحيث لا تدخل الحروف في الأُخرى وتسبب عدم التمييز بينها ، ولا يقرأ بالتأني الكثير فتتناثر الحروف وينفصل الكلام.

وقال علي عليه‌السلام أيضاً وقد سئل عن الترتيل : بيّنة تبياناً ، ولا تهذّه هذّ

__________________

١ ـ الوسائل ٤ : ٨٣٦ ح ٤ باب ٨.

٢ ـ المزمل : ٤.

٣ ـ مضمون النص.

١٨٤

الشعر ، ولا تنثره نثر الرمل ، ولكن افزعوا قلوبكم القاسية ، ولا يكن همّ أحدكم آخر السورة (١).

ثانياً : القراءة بالتدبر والتفكر والتوجه إلى المعاني والخشوع ، والتدبر بمواعظ القرآن ، والعبرة بأحوال الماضين ، وأن يطلب الرحمة إذا وصل إلى آية فيها رحمة ، وأن يستعيذ إذا وصل إلى آية فيها عذاب ، كما روي بأسانيد كثيرة عن أمير المؤمنين وسائر الأئمة صلوات الله عليهم بأنّه لا فائدة في قراءة ليس فيها تدبّر.

وروي عن أبي عبدالله عليه‌السلام انّه قال : انّ القرآن نزل بالحزن فاقرؤوه بالحزن (٢).

وروي عن حفص قال : سمعت موسى بن جعفر عليهما‌السلام يقول لرجل : أتحبّ البقاء في الدنيا؟ فقال : نعم ، فقال : ولم؟ قال : لقراءة قل هو الله أحد.

فسكت عنه ، فقال له بعد ساعة : يا حفص من مات من أوليائنا وشيعتنا ولم يحسن القرآن علّم في قبره ليرفع الله به درجته فإنّ درجات الجنّة على قدر آيات القرآن ، يقال له : اقرأ وارق ، فيقرأ ثم يرقى.

قال حفص : فما رأيت أحداً أشدّ خوفاً على نفسه من موسى بن جعفر عليهما‌السلام ولا أرجأ الناس منه ، وكانت قراءته حزناً ، فاذا قرأ فكأنّه يخاطب انساناً (٣).

ونقل عن رجاء بن أبي الضحاك الذي صاحب الامام علي بن موسى الرضا عليه‌السلام في سفره نحو خراسان قال : ... كان يكثر بالليل في فراشه من تلاوة القرآن ، فاذا مرّ بآية فيها ذكر جنّة أو نار بكى ، وسأل الله الجنّة وتعوّذ من النار ، وكان عليه‌السلام

__________________

١ ـ الكافي ٢ : ٦١٤ ح ١ باب ترتيل القرآن.

٢ ـ الكافي ٢ : ٦١٤ ح ٢ باب ترتيل القرآن ـ الوسائل ٤ : ٨٥٧ ح ١ باب ٢٢.

٣ ـ الكافي ٢ : ٦٠٦ ح ١٠ باب فضل حامل القرآن.

١٨٥

يجهر ببسم الله الرحمن الرحيم في جميع صلواته بالليل والنهار ، وكان إذا قرأ « قل هو الله أحد » قال سرّاً : « الله أحد » فاذا فرغ منها قال : « كذلك الله ربنا » ثلاثاً.

وكان إذا قرأ سورة الجحد قال في نفسه سرّاً : « يا أيها الكافرون » فاذا فرغ منها قال : « ربي الله وديني الإسلام » ثلاثاً ، وكان إذا قرأ « والتين والزيتون » قال عند الفراغ منها : « بلى وأنا على ذلك من الشاهدين » وكان إذا قرأ « لا أُقسم بيوم القيامة » قال عند الفراغ منها : « سبحان اللهم بلى ».

وكان يقرأ في سورة الجمعة « قل ما عند الله خير من اللهو ومن التجارة للذين اتقوا والله خير الرازقين » ، وكان إذا فرغ من الفاتحة قال : « الحمد لله رب العالمين » وإذا قرأ « سبّح اسم ربك الأعلى » قال سرّاً : « سبحان ربي الأعلى » وإذا قرأ « يا أيها الذين آمنوا » ، قال : « لبيك اللهم لبيك » سرّاً ... (١).

وروي بسند معتبر عن أمير المؤمنين عليه‌السلام انّه قال : إذا قرأتم من المسبّحات (٢) الأخيرة فقولوا : « سبحان الله الأعلى » وإذا قرأتم « أن الله وملائكته يصلون على النبي » فصلوا عليه فالصلاة كنتم أو في غيرها ، وإذا قرأتم والتين ، فقولوا في آخرها : « ونحن على ذلك من الشاهدين » ، وإذا قرأتم « قولوا آمنّا بالله » فقولوا : « آمنّا بالله » حتى تبلغوا إلى قوله : « مسلمين » (٣).

وروي بسند معتبر آخر انّ عليّ بن موسى الرضا عليهما‌السلام كان يختم القرآن في كلّ ثلاث ، ويقول : لو أردت أن أختمه في أقرب من ثلاث لختمت ، ولكنّي ما مررت بآية قط الاّ فكّرت فيها ، وفي أيّ شيء أُنزلت ، وفي أيّ وقت ، فلذلك

__________________

١ ـ البحار ٤٩ : ٩٤ ضمن حديث ٧ باب ٧ ـ عن عيون أخبار الرضا عليه‌السلام.

٢ ـ المسبحات كلّ سورة ابتدأت بسبّح أو يسبّح ( منه رحمه الله ).

٣ ـ البحار ٩٢ : ٢١٧ ح ١ باب ٢٧ ـ عن الخصال.

١٨٦

صرت أختم في كلّ يوم (١).

وروي بسند معتبر عن أبي عبدالله عليه‌السلام في « قل يا أيها الكافرون لا أعبد ما تعبدون » : « أعبد ربي » ، وفي « ولي الدين » : « ديني الإسلام عليه أُحيي وعليه أموت ان شاء الله » (٢).

وروي عن عليّ بن الحسين عليهما‌السلام انّه قال : آيات القرآن خزائن العلم ، فكلّما فتحت خزانة فينبغي لك أن تنظر ما فيها (٣).

وعنه عليه‌السلام : لو مات مَن بين المشرق والمغرب لما استوحشت بعد أن يكون القرآن معي.

وعنه عليه‌السلام إذا قرأ « مالك يوم الدين » يكررها حتى كاد أن يموت (٤).

ولعمري كيف يستوحش من كان الله أنيسه ، فاذا أراد أن يتكلّم تكلّم مع الله وناجاه ، وإن أراد أن يتكلّم معه قرأ القرآن فإنّ الله تعالى قد يخاطبه وهو يجيب عالماً بذلك الخطاب قائلاً : لبيك ، وقد يتكلم الأنبياء معه كأنّه يسمع منهم مشافهة ، بل انّ الأنبياء كانوا يتكلّمون في عهدهم مع جمع من العميان ومن في آذانهم صمم فالخبير الواعي يستجيب أكثر منهم لأنّ خطاباتهم تعمّ جميع العالمين.

وقد يقصّ الله تعالى له القصص وينقل له أحوال الماضين ، وهو يكاد يموت فرحاً من هذه الكرامة ، وقد يضع له مائدة فيها ألوان النعم ، والعارف يلتذ بنعم الجنّة بما انّها من الحبيب ، فكذلك يلتذ بوعده أيضاً بل يكون أكثر لذّة ، وانّ

__________________

١ ـ الوسائل ٤ : ٨٦٣ ح ٦ باب ٢٧.

٢ ـ قرب الاسناد : ٤٤ ح ١٤٤ ـ عنه البحار ٩٢ : ٣٣٩ ح ١ باب ١٢١.

٣ ـ مستدرك الوسائل ٤ : ٢٣٨ ح ٣ باب ٣.

٤ ـ الكافي ٢ : ٦٠٢ ح ١٣ ، كتاب فضل القرآن.

١٨٧

المحبين يلتذّون بشراب طهورِ الجنّة في هذه النشأة أكثر منها في تلك النشأة.

وقد يذكر الله أوصافه للقارىء ، ويسيّره في بساتين صفاته الكماليّة ، فتارة في بستان الرحمانية ويريه ما هيّأ من الموائد وألوان النعم للكافر والمسلم ، وماله من النعم الخفيّة على العصاة والمذنبين ، وقد يسيّره في بستان الرحيمية ويريه ما أكرم به محبيه من الألطاف الخاصة.

وقد يسيّره في بستان الرازقية فيرى انّه ما من ورقة ولا شجرة ولا نبات الاّ ولها حظّ من رازقيته تعالى حتى تلك الورقة الضعيفة التي نبتت في آخر الشجرة ، فيصل رزقها من الجذر المستقر في الأرض بقدر مقسوم لا يزيد ولا ينقص.

وقد يسيّره في بستان قدرته اللامتناهية ، وقد يفتح له كنوز العلم والمعارف اللامتناهية ، ويعرض عليه من أنواع جواهر الحقائق ما يطيقه ، وكذلك في صفات الجلال والجمال والرفعة والكمال.

وربما نقل له أحوال محبيه وذكر كمالاتهم ، ويُظهر له لطفه بعباده حيث يذكر محبيه قبل آلاف السنين بغاية اللطف والشفقة ، ويمدحهم على النعم التي وهبها لهم ، ويذكر صبرهم وتحملهم للمشاق لأجله.

فإنّه تعالى يريد انماء رجاء العباد بذكر وسعة حلمه وكرمه بالنسبة إلى الماضين ، فما أكرمه ربّاً حيث يرغّب عباده في غاية اللطف والمداراة بالحور والقصور والأطعمة والأشربة ـ كالأب الشفيق والمعلّم العطوف ـ وذلك لأجل إيصالهم إلى درجة الكمال.

وربّما هدّدهم بأنواع العذاب ، فالتالي للقرآن بتدبر وتفكر ، والذي فتحت أبواب بساتين فيض الله اللامتناهي على عقله ، وأدركت عين قلبه أنوار المعارف

١٨٨

فانّه يرى ما رتّب له في كلّ صفحة من صفحاته من بساتين الحقائق ، وأنواع أنوار المعارف والهداية ، وما أحضر لأُنّسه في محفل مملوّ من صفوة الله ومحبّيه.

وما أعد له من أنواع النعم الروحانية وأصناف اللذائذ العقلانية ، وما هيأ له من أقداح مملوّة بشراب لطف الله الطهور ومحبته ، فالله تعالى مضيّفه والأنبياء والأوصياء والصديقون أصحابه ، فلا لوم على من مات فرحاً وسروراً.

ثالثاً : الطهارة عند التلاوة ، كما روي عن محمد بن الفضيل ، عن أبي الحسن الرضا عليه‌السلام قال : سألته أقرأ المصحف ثم يأخذني البول فأقوم فأبول واستنجي ، وأغسل يدي وأعود إلى المصحف فأقرأ فيه؟ قال : لا ، حتى تتوضّأ للصلاة (١).

ويحمل هذا الشرط على الاستحباب بل انّ ظاهر الأحاديث المعتبرة استحباب قراءة الجنب والحائض غير سور السجدة ، وحكم البعض بكراهة قراءة أكثر من سبع آيات ، وقيل انّ قراءة أكثر من سبعين آية أشدّ كراهة ، لكن الأحاديث الصحيحة تدلّ على جواز قراءتهما للقرآن مهما أراد الاّ سور السجدة فهي محرّمة عليهما.

رابعاً : الاستعاذة ، ولا خلاف في استحبابها إذا شرع في القراءة والتلاوة ، وهناك خلاف بين القرّاء في كيفيتها ، والمشهور عند علماء الشيعة أحد الوجهين ، الأول : « أعوذ بالله من الشيطان الرجيم » وهذا أشهر بين الشيعة والسنة ، الثاني : « أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم ».

وجاء في بعض روايات الشيعة بعده « وأعوذ بالله أن يحضرون » وجاء في بعضها الآخر « انّ الله هو السميع العليم » وفي بعضها « أعوذ بالله من الشيطان

__________________

١ ـ قرب الاسناد : ٣٩٥ ح ١٣٨٦ ـ عنه البحار ٩٢ : ٢١٠ ح ٢ باب ٢٦ ـ الوسائل ٤ : ٨٤٧ ح ١ باب ١٣.

١٨٩

الرجيم انّ الله هو الفتاح العليم » والوجهان الأولان أشهر وأولى.

خامساً : استقبال القبلة عند القراءة ، في المجالس وغيرها كما روي من انّه أشرف المجالس ما استقبل به القبلة (١).

وقد ذكرت بعض الآداب في كتب التفسير والقراءة وذكرها هنا يوجب التطويل.

( الساقية الخامسة )

في كيفية ختم القرآن

روي بسند معتبر عن رجل قال لأبي عبدالله عليه‌السلام : أقرأ القرآن في ليلة ، قال : لا يعجبني أن تقرأه في أقلّ من شهر (٢).

وروي بسند معتبر انّه : سأل أبو بصير أبا عبدالله عليه‌السلام ... فقال له : جعلت فداك أقرأ القرآن في ليلة؟ فقال : لا ، فقال : في ليلتين؟ فقال : لا ، حتى بلغ ستّ ليال فأشار بيده فقال : ها.

ثم قال أبو عبدالله عليه‌السلام : يا أبا محمد انّ من كان قبلكم من أصحاب محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان يقرأ القرآن في شهر وأقلّ ، انّ القرآن لا يقرأ هذرمة ولكن يرتل ترتيلاً ، إذا مررت بآية فيها ذكر النار وقفت عندها وتعوّذت بالله من النار.

فقال أبو بصير : أقرأ القرآن في رمضان في ليلة؟ فقال : لا ، فقال : في ليلتين؟ فقال : لا ، فقال : في ثلاث؟ فقال : ها ـ وأومأ بيده ـ نعم شهر رمضان لا يشبهه شيء

__________________

١ ـ البحار ٧٥ : ٤٦٩ ح ٤ باب ٩٦ ـ عن كتاب الغايات.

٢ ـ الكافي ٢ : ٦١٧ ح ١ باب في كم يقرأ القرآن ويختم ـ الوسائل ٤ : ٨٦٢ ح ١ باب ٢٧.

١٩٠

من الشهور ، له حق وحرمة ، أكثر من الصلاة ما استطعت (١).

وروي بسند معتبر آخر انّ أبا عبدالله عليه‌السلام سئل : في كم يختم القرآن؟ فقال : اقرأه أخماساً ، اقرأه أسباعاً ، أما انّ عندي مصحفاً مجزي أربعة عشر جزءاً (٢).

وروي عن علي بن المغيرة ، عن أبي الحسن (٣) عليه‌السلام7 قال : قلت له : انّ أبي سأل جدّك عن ختم القرآن في كلّ ليلة ، فقال له جدّك : كلّ ليلة ، فقال له : في شهر رمضان ، فقال له جدّك : في شهر رمضان ، فقال له أبي : نعم ما استطعت.

فكان أبي يختمه أربعين ختمة في شهر رمضان ، ثم ختمته بعد أبي ، فربما زدت وربما نقصت على قدر فراغي وشغلي ونشاطي وكسلي ، فاذا كان في يوم الفطر جعلت لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ختمة ، ولعليّ عليه‌السلام اخرى ، ولفاطمة عليها‌السلام أخرى ، ثم للأئمة عليهم‌السلام حتى انتهيت إليك فصيّرت لك واحدة منذ صرت في هذا الحال ، فأيّ شيء لي بذلك؟

قال : لك بذلك أن تكون معهم يوم القيامة ، قلت : الله أكبر فلي بذلك؟ قال : نعم ، ثلاث مرات (٤).

( الساقية السادسة )

في ثواب تعليم القرآن وتعلّمه وحفظه

روي بسند معتبر عن أبي عبدالله عليه‌السلام انّه قال : انّ الذي يعالج القرآن

__________________

١ ـ الكافي ٢ : ٦١٨ ح ٥ باب في كم يقرأ القرآن ويختم ـ الوسائل ٤ : ٨٦٢ ح ٣ باب ٢٧.

٢ ـ الكافي ٢ : ٦١٧ ح ٣ باب في كم يقرأ القرآن ويختم ـ الوسائل ٤ : ٨٦٢ ح ٢ باب ٢٧.

٣ ـ في المتن الفارسي أبي عبدالله عليه‌السلام.

٤ ـ الكافي ٢ : ٦١٨ ح ٤ باب في كم يقرأ القرآن ويختم ـ الوسائل ٤ : ٨٦٤ ح ١ باب ٢٨.

١٩١

ليحفظه بمشقّة منه وقلّة حفظ له أجران (١).

وقال عليه‌السلام : ينبغي للمؤمن أن لا يموت حتى يتعلّم القرآن ، أو يكون في تعليمه (٢).

وقال عليه‌السلام : من شدد عليه القرآن كان له أجران ... (٣).

وروي بسند معتبر عن يعقوب الأحمر انّه قال : قلت لأبي عبدالله عليه‌السلام : جعلت فداك انّه قد أصابني هموم وأشياء لم يبق شيء من الخير الاّ وقد تفلّت منّي منه طائفة حتى القرآن لقد تفلّت منّي طائفة منه.

قال : ففزع عند ذلك حين ذكرت القرآن ، ثم قال : انّ الرجل لينسي السورة من القرآن فتأتيه يوم القيامة حتى تشرف عليه من درجة من بعض الدرجات ، فيقول : السلام عليك ، فيقول : وعليك السلام من أنت؟ فيقول : أنا سورة كذا وكذا ، ضيعتني وتركتني أما لو تمسّكت بي بلغت بك هذه الدرجة ، ثم أشار بإصبعه ، ثم قال :

« عليكم بالقرآن فتعلّموه ، فإنّ من الناس من يتعلّم ليقال : فلان قارىء ، ومنهم من يتعلّمه ويطلب به الصوت ليقال : فلان حسن الصوت ، وليس في ذلك خير ، ومنهم من يتعلّمه فيقوم به في ليله ونهاره ولا يبالي من علم ذلك ومن لم يعلمه » (٤).

ووردت أحاديث كثيرة في ذم نسيان القرآن توافق هذا الخبر ، وظاهر

____________

١ ـ البحار ٩٢ : ١٨٧ ح ٧ باب ٢٠ ـ الوسائل ٤ : ٨٣٢ ح ٢ باب ٥.

٢ ـ الكافي ٢ : ٦٠٧ ح ٣ باب من يتعلم القرآن بمشقة ـ الوسائل ٤ : ٨٢٤ ح ٤ باب ١.

٣ ـ الكافي ٢ : ٦٠٦ ح ٢ باب من يتعلم القرآن بمشقة ـ الوسائل ٤ : ٨٣٢ ح ٣ باب ٥.

٤ ـ البحار ٩٢ : ١٨٩ ح ١٣ باب ٢٠ ـ عن عدة الداعي ـ مثله الكافي ٢ : ٦٠٧ ح ١.

١٩٢

بعضها الآخر ترك العمل بمعانيه ، ومن الواضح قبح المعنى الثاني ، وكذلك الأول إن كان ناتجاً من عدم اعتناء ، وان كان النسيان بسبب ضعف الحافظة ومن دون اختيار لا يكون قصوراً في حقّه ، وما ورد من الأخبار بنفي القصور عنه تحمل على هذا المعنى.

روي عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم انّه قال : ... ألا ومن تعلّم القرآن ثم نسيه متعمّداً لقى الله يوم القيامة مغلولاً ، يسلّط الله عليه بكل آية نسيها حيّة تكون قرينته الى النار الاّ أن يغفر له (١).

وقال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : خياركم من تعلّم القرآن وعلّمه (٢).

وروي عن أمير المؤمنين عليه‌السلام انّه قال : انّ الله عزّوجلّ ليهمّ بعذاب أهل الأرض جميعاً حتى لا يريد أن يحاشي منهم أحداً اذا عملوا بالمعاصي ، واجترحوا السيئات ، فاذا نظر إلى الشيب ناقلي أقدامهم إلى الصلوات ، والولدان يتعلّمون القرآن رحمهم وأخّر ذلك عنهم (٣).

( الساقية السابعة )

في ثواب قراءة القرآن

روي بسند معتبر عن أبي عبدالله عليه‌السلام انّه قال : القرآن عهد الله إلى خلقه ، فقد ينبغي للمرء المسلم أن ينظر في عهده ، وأن يقرأ منه في كلّ يوم خمسين

__________________

١ ـ البحار ٩٢ : ١٨٧ ح ٥ باب ٢٠ ـ عن أمالي الصدوق.

٢ ـ البحار ٩٢ : ١٨٧ ح ٢ باب ٢٠ ـ عن أمالي الطوسي.

٣ ـ البحار ٩٢ : ١٨٥ ح ١ باب ٢٠ ـ عن علل الشرائع.

١٩٣

آية (١).

وروي عن أمير المؤمنين عليه‌السلام انّه قال : البيت الذي يقرأ فيه القرآن ، ويذكر الله عزّوجلّ فيه تكثر بركته ، وتحضره الملائكة ، وتهجره الشياطين ، ويضيء لأهل السماء كما تضيء الكواكب لأهل الأرض ، وانّ البيت الذي لا يقرأ فيه القرآن ولا يذكر الله عزّوجلّ فيه تقلّ بركته ، وتهجره الملائكة ، وتحضره الشياطين (٢).

وقال أبو عبدالله عليه‌السلام : انّ البيت إذا كان فيه المرء المسلم يتلو القرآن يتراءاه أهل السماء كما يتراأى أهل الدنيا الكواكب الدريّ في السماء (٢).

وروي بسند معتبر عن أبي جعفر الباقر عليه‌السلام انّه قال : من قرأ القرآن قائماً في صلاته كتب الله له بكلّ حرف مائة حسنة ، ومن قرأه في صلاته جالساً كتب الله له بكلّ حرف خمسين حسنة ، ومن قرأ في غير صلاته كتب الله له بكلّ حرف عشر حسنات (٤).

وروى بسند صحيح عنه عليه‌السلام انّه قال : ما يمنع التاجر منكم المشغول في سوقه إذا رجع إلى منزله أن لا ينام حتى يقرأ سورة من القرآن ، فتكتب له مكان كل آية يقرؤها عشر حسنات ، ويمحى عشر سيئات (٥).

وروي عن بشر بن غالب [ الاسدي ] عن الحسين بن عليّ عليه‌السلام قال : من قرأ آية من كتاب الله عزّوجلّ في صلاته قائماً يكتب له بكلّ حرف مائة حسنة ،

__________________

١ ـ الكافي ٢ : ٦٠٩ ح ١ باب في قراءة القرآن.

٢ ـ الكافي ٢ : ٦١٠ ح ٣ باب البيوت التي يقرأ فيها القرآن.

٣ ـ الكافي ٢ : ٦١٠ ح ٢ باب البيوت التي يقرأ فيها القرآن.

٤ ـ الكافي ٢ : ٦١١ ح ١ باب ثواب قراءة القرآن.

٥ ـ الكافي ٢ : ٦١١ ح ٢ باب ثواب قراءة القرآن.

١٩٤

فاذا قرأها في غير صلاة كتب الله له بكلّ حرف عشر حسنات ، وإن استمع القرآن كتب الله له بكلّ حرف حسنة.

وإن ختم القرآن ليلاً صلّت عليه الملائكة حتى يصبح ، وإن ختمه نهاراً صلّت عليه الحفظة حتى يمسي ، وكانت له دعوة مجابة ، وكان خيراً له مما بين السماء إلى الأرض ، قلت : هذا لمن قرأ القرآن فمن لم يقرأ؟ قال : يا أخا بني أسد انّ الله جواد ماجد كريم ، إذا قرأ ما معه أعطاه الله ذلك (١).

وروي عن أبي جعفر الباقر عليه‌السلام انّه قال : من ختم القرآن [ بمكة ] من جمعة إلى جمعة أو أقلّ من ذلك أو أكثر ، وختمه في يوم الجمعة كتب له من الأجر والحسنات من أوّل جمعة كانت في الدنيا إلى آخر جمعة تكون فيها ، وان ختمه في سائر الأيام فكذلك (٢).

وروي بسند معتبر عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم انّه قال : من قرأ عشر آيات في ليلة لم يكتب من الغافلين ، ومن قرا خمسين آية كتب من الذاكرين ، ومن قرأ مائة آية كتب من القانتين ، ومن قرأ مائتي آية كتب من الخاشعين ، ومن قرأ ثلاثمائة آية كتب من الفائزين.

ومن قرأ خمسمائة آية كتب من المجتهدين ، ومن قرأ الف آية كتب له قنطار من تبر ـ القنطار خمسة عشر ألف مثقال من ذهب ، والمثقال أربعة وعشرون قيراطاً ـ أصغرها مثل جبل أحد ، وأكبرها ما بين السماء إلى الأرض (٣).

وروي عن علي بن الحسين عليهما‌السلام انّه قال : من استمع حرفاً من كتاب الله

__________________

١ ـ الكافي ٢ : ٦١١ ح ٣ باب ثواب قراءة القرآن.

٢ ـ الكافي ٢ : ٦١٢ ح ٤ باب ثواب قراءة القرآن.

٣ ـ الكافي ٢ : ٦١٢ ح ٥ باب ثواب قراءة القرآن.

١٩٥

عزّوجلَّ من غير قراءة كتب الله له حسنة ، ومحا عنه سيئة ، ورفع له درجة ، ومن قرأ نظراً من غير صوت كتب الله له بكلّ حرف حسنة ، ومحا عنه سيئة ، ورفع له درجة ، من تعلّم منه حرفاً ظاهراً كتب الله له عشر حسنات ، ومحا عنه عشر سيئات ، ورفع له عشر درجات.

قال : لا أقول بكلّ آية ، ولكن بكلّ حرف باء أو تاء أو شبههما ، قال : ومن قرأ حرفاً ظاهراً وهو جالس في صلاته كتب الله له به خمسين حسنة ، ومحا عنه خمسين سيئة ، ورفع له خمسين درجة ، ومن قرأ حرفاً وهو قائم في صلاته كتب الله له بكلّ حرف مائة حسنة ، ومحا عنه مائة سيئة ، ورفع له مائة درجة ، ومن ختمه كانت له دعوة مستجابة مؤخرّة أو معجّلة ... (١).

وقال موسى الكاظم عليه‌السلام : من استكفى بآية من القرآن من الشرق إلى الغرب كفى إذا كان بيقين (٢).

وروي بسند معتبر عن أبي عبدالله عليه‌السلام انّه قال : شكا رجل إلى النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وجعاً في صدره ، فقال : استشف بالقرآن ، فإن الله عزّوجلّ يقول : ( وَشَفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ ) (٣).

وروي بسند معتبر عن أمير المؤمين عليه‌السلام انّه قال : من قرأ مائة آية من القرآن من أيّ القرآن شاء ، ثم قال : يا الله سبع مرات ، فلو دعا على صخرة لفلقها الله (٤).

__________________

١ ـ الكافي ٢ : ٦١٢ ح ٦ باب ثواب قراءة القرآن.

٢ ـ الكافي ٢ : ٦٢٣ ح ١٨ باب فضل القرآن.

٣ ـ الكافي ٢ : ٦٠٠ ح ٧ كتاب فضل القرآن ـ والآية في سورة يونس رقم ٥٧.

٤ ـ أعلام الدين : ٣٦٨.

١٩٦

وروي بسند معتبر عن أبي الحسن موسى عليه‌السلام انّه قال : إذا خفت أمراً فاقرأ مائة آية من القرآن من حيث شئت ، ثم قل : اللهم اكشف عني البلاء ثلاث مرّات (١).

وروي عن أبي جعفر الباقر عليه‌السلام انّه قال : لكلّ شيء ربيع وربيع القرآن شهر رمضان (٢).

( الساقية الثامنة )

في فضل القراءة في المصحف ، وفي حفظه

روي عن أبي عبدالله عليه‌السلام انّه قال : من قرأ القرآن في المصحف متّع ببصره ، وخفّف عن والديه وان كانا كافرين (٣).

وقال عليه‌السلام : انّه ليعجبني أن يكون في البيت مصحف يطرد الله عزّوجلّ به الشياطين (٤).

وقال عليه‌السلام : ثلاثة يشكون إلى الله عزّوجلّ : مسجد خراب لا يصلّى فيه أهله ، وعالم بين جهّال ، ومصحف معلّق قد وقع عليه الغبار لا يقرأ فيه (٥).

وروي عن إسحاق [ بن عمار ] ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : قلت له : جعلت فداك انّي أحفظ القرآن على ظهر قلبي فأقراه على ظهر قلبي أفضل أو أنظر في

__________________

١ ـ البحار ٩٢ : ١٧٦ ح ١ باب ١٨ ـ عن مكارم الاخلاق : ٣٦٣.

٢ ـ الكافي ٢ : ٦٣٠ ح ١٠ باب النوادر.

٣ ـ الكافي ٢ : ٦١٣ ح ١ باب قراءة القرآن في المصحف.

٤ ـ الكافي ٢ : ٦١٣ ح ٢ باب قراءة القرآن في المصحف.

٥ ـ الكافي ٢ : ٦١٣ ح ٣ باب قراءة القرآن في المصحف.

١٩٧

المصحف؟ قال : فقال لي : بل اقرأه وانظر في المصحف فهو أفضل ، أما علمت انّ النظر في المصحف عبادة (١).

وقال عليه‌السلام : ست خصال ينتفع بها المؤمن بعد موته : ولد صالحٌ يستغفر له ، ومصحفٌ يقرأ فيه ، وقليب يحفره ، وغرس يغرسه ، وصدقة ماء يجريه ، وسنّة حسنّة يؤخذ بها بعده (٢).

وجاء في مناهي النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم انّه نهى أن يمحى شيء من كتاب الله عزّوجلّ بالبزاق أو يكتب منه (٣).

وروي عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنّه قال : النظر إلى عليّ بن أبي طالب عبادة ، والنظر إلى الوالدين برأفة ورحمة عبادة ، والنظر في الصحيفة ـ يعني صحيفة القرآن ـ عبادة ، والنظر إلى الكعبة عبادة (٤).

( الساقية التاسعة )

في فضائل وفوائد بعض السور والآيات القرآنية

« سورة الفاتحة » :

روي بسند معتبر عن علي بن موسى الرضا عليهما‌السلام أنّه قال : أنّ بسم الله الرحمن الرحيم أقرب إلى اسم الله الأعظم من سواد العين إلى بياضها (٥).

__________________

١ ـ الكافي ٢ : ٦١٣ ح ٥ باب قراءة القرآن في المصحف.

٢ ـ الخصال : ٣٢٣ ح ٩ باب ٦ ـ عنه البحار ٩٢ : ٣٤ ح ١ باب ٢.

٣ ـ البحار ٩٢ : ٣٤ ح ٣ باب ٢ ـ عن أمالي الصدوق.

٤ ـ أمالي الطوسي : ٤٥٤ ح ٢٢ مجلس ١٦ ـ عنه الوسائل ٤ : ٨٥٤ ح ٥ باب ١٩.

٥ ـ البحار ٩٢ : ٢٣٣ ح ١٥ باب ٢٩ ـ عن عيون أخبار الرضا عليه‌السلام.

١٩٨

وروي بسند معتبرعن أبي عبدالله عليه‌السلام انّه قال : من نالته علّة فليقرأ في جيبه الحمد سبع مرّات ، فإن ذهبت العلّة والاّ فليقرأ سبعين مرّة ، وأنا الضامن له العافية (١).

وروي بسند معتبر عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم انّه قال : ... من قرأ فاتحة الكتاب أعطاه الله بعدد كلّ آية انزلت من السماء فيجزى بها ثوابها (٢).

وروي عن الامام الحسن العسكري عليه‌السلام انّه قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : قال الله عزَّوجلَّ : قسمت الفاتحة بيني وبين عبدي ، فنصفها لي ، ونصفها لعبدي ، ولعبدي ما سأل.

إذ قال العبد : ( بِسمِ اللهِ الرَّحمَنِ الرَّحِيم ) قال الله عزّوجلّ : بدأ عبدي باسمي ، وحقٌّ عليّ أن أتمم له أُموره ، وأُبارك له في أحواله.

فاذا قال : ( اَلحَمدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ ) قال الله جلّ جلاله : حمدني عبدي ، وعلم انّ النعم التي له من عندي ، وانّ البلايا التي دفعت عنه فبتطويلي ، أشهدكم أنّي أضيف له نعم الدنيا إلى نعم الآخرة ، وادفع عنه بلايا الآخرة ، كما دفعت عنه بلايا الدنيا.

فاذا قال : ( اَلرَّحمَنِ الرَّحِيم ) قال الله عزّوجلّ : شهد لي بأنّي الرحمن الرحيم ، أشهدكم لأُوفّرنّ من رحمتي حظّه ، ولاُجزلنّ من عطائي نصيبه.

فاذا قال : ( مَالِكِ يَومِ الدِّينِ ) قال الله جلّ جلاله : أشهدكم كما اعترفت بأنّي أنا المالك ليوم الدين ، لاُسهلنّ يوم الحساب حسابه ، ولاُقبلنّ حسناته ، ولأتجاوزنّ

__________________

١ ـ أمالي الطوسي : ٢٨٤ ح ٩١ مجلس ١٠ ـ عنه البحار ٩٢ : ٢٣١ ح ١٣ باب ٢٩.

٢ ـ البحار ٩٢ : ٢٢٨ ضمن حديث ٧ باب ٢٩ ـ عن أمالي الصدوق.

١٩٩

عن سيئاته.

فاذا قال العبد : ( اِيَّاكَ نَعبُدُ ) قال الله عزّوجلّ : صدق عبدي ، اياي يعبد ، لاثيبنّه عن عبادته ثواباً يغبطه كلّ من خالفه في عبادته لي.

فاذا قال العبد : ( وَاِيَّاكَ نَستَعِينُ ) قال الله عزّوجلّ : بي استعان واليّ التجأ ، اشهدكم لاعينّنه على أمره ، ولاغيثنّه في شدائده ، ولآخذنّ بيده يوم القيامة عند نوائبه.

فاذا قال : ( اِهدِنَا الصِّرَاط المُستَقِيمَ ) إلى آخر السورة ، قال الله عزّوجلّ : هذا لعبدي ولعبدي ما سأل ، فقد استجبت لعبدي ، وأعطيته ما أمل ، وآمنته مما منه وجل(١).

وروي بسند آخر انّه : ما قرئت الحمد على وجع سبعين مرّة الاّ سكن (٢).

وروي بسند معتبر عن أبي عبدالله عليه‌السلام انّه قال : لو قرئت الحمد على ميّت سبعين مرّة ثم ردّت فيه الروح ما كان ذلك عجباً (٣).

وروي بسند معتبر عن أبي جعفر الباقر عليه‌السلام انّه قال : من لم يبرأه الحمد لم يبرأه شيء (٤).

وروي أيضا أنّ أبا عبدالله عليه‌السلام قال لبعض أصحابه وقد شكا إليه الحمى : حلّ أزرار قميصك ، وأدخل رأسك في قميصك ، وأذّن وأقم ، واقرأ سورة الحمد سبع مرّات ، قال : ففعلت ذلك فكأنّما نشطت عن عقال (٥).

__________________

١ ـ مستدرك الوسائل ٤ : ٣٢٧ ح ١ باب ٤٤ ـ البحار ٩٢ : ٢٢٦ ح ٣ باب ٢٩.

٢ ـ الكافي ٢ : ٦٢٣ ح ١٥ باب فضل القرآن ـ الوسائل ٤ : ٨٧٣ ح ٢ باب ٣٧.

٣ ـ الكافي ٢ : ٦٢٣ ح ١٦ باب فضل القرآن ـ الوسائل ٤ : ٨٧٣ ح ١ باب ٣٧.

٤ ـ الكافي ٢ : ٦٢٦ ح ٢٢ باب فضل القرآن ـ الوسائل ٤ : ٨٧٤ ح ٣ باب ٣٧.

٥ ـ البحار ٩٢ : ٢٣٥ ضمن حديث ٢٠ باب ٢٩ ـ عن طب الأئمة.

٢٠٠