عين الحياة - ج ٢

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

عين الحياة - ج ٢

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


المحقق: السيد هاشم الميلاني
الموضوع : الأخلاق
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ١
الصفحات: ٤٧١

ولم يكن غرضك ذكر الله والتوسل إليه ، والاّ فقد مضى حسن ذكر الله في كلّ حال.

وجاء الحث في الأحاديث بالتوسل إلى الله في الصغير والكبير من الأمور ، والاستعانة به ، وطلب جميع الحاجات صغيرة وكبيرة منه ، وهذا المعنى عين تعظيم الله تعالى بأن يرى نفسه وقدرته كلا شيء ، وانّه محتاج إلى الله في جميع الأمور ، وليعلم انّ الحوائج كلّها صغيرة وكبيرة سواء عند قدرته ، وتفصيل هذا المعنى سيأتي بعد هذا إن شاء الله.

٤١

[ قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لأبي ذر رحمه‌الله ] :

يا أباذر انّ لله ملائكة قياماً من خيفته ما رفعوا رؤوسهم حتى ينفخ في الصور النفخة الآخرة ، فيقولون جميعاً : سبحانك وبحمدك ما عبدناك كما ينبغي لك أن تعبد ، ولو كان لرجل عمل سبعين نبياً لاستقلّ علمه من شدّة ما يرى يؤمئذٍ.

ولو انّ دلواً صب من غسلين في مطلع الشمس لغلت منه جماجم من في مغربها ، ولو زفرت جهنم زفرة لم يبق ملك مقرّب ، ولا نبيّ مرسل الاّ خر جاثياً لركبتيه ، يقول : ربّ نفسي نفسي حتى ينسى إبراهيم إسحاق ، يقول : يا ربّ خليلك إبراهيم فلا تنسي.

اعلم انّ الاقرار بالجنة والنار من العقائد التي تدل على كفر منكرها ، وانّ الاقرار بهما من ضروريات المذهب وواجب الدين ، ولابدّ من الاذعان بوجودهما الآن.

روي بسند معتبر عن أبي الصلت الهروي انّه قال : قلت للرضا عليه‌السلام : يا ابن رسول الله أخبرني عن الجنة والنار أهما اليوم مخلوقتان؟ فقال : نعم ، انّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قد دخل الجنة ، ورأى النار لما عرج به إلى السماء.

قال : فقلت له : فإنّ قوماً يقولون : انهما اليوم مقدّرتان غير مخلوقتين ، فقال عليه‌السلام : ما اولئك منّا ولا نحن منهم ، من أنكر خلق الجنة والنار فقد كذّب النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وكذبنا ، وليس من ولايتنا على شيء ، وخلّد في نار جهنّم ....

٤٢

ثم يستدلّ الامام عليه‌السلام بآيات وأحاديث تدلّ على خلقهما (١).

وروي بسند معتبر عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر الباقر عليه‌السلام قال : والله ما خلت الجنة من أرواح المؤمنين منذ خلقها ... (٢).

والآيات والأخبار الدالة على هذا المطلب كثيرة ، ولابدّ من الاعتقاد بخلود الكفار في النار وانّ العذاب ولن يرتفع عنهم أبداً ، وكذلك غير الشيعة الاثني عشرية من أصحاب الفرق المتعصبين والكاملين عقلاً بحيث تمت عليهم الحجة ، ولكن لو كانوا ضعيفي العقل ولم يرسخوا في المذهب الباطل ، ولهم محبّة بأهل البيت عليهم‌السلام كالنساء وجمع آخر من ضعفة العقول الذين لا يميزون بين الحق والباطل جيداً فحالهم موقوف لأمر الله تعالى ، يمكن أن ينجيهم من النار بفضله.

والفساق وذووا الذنوب الكبيرة من شيعة آل العصمة يستحقون الشفاعة والرحمة ، ويمكن أن يعفو الله عنهم بفضله الواسع ولا يدخلهم النار ، وان دخلوها فلا يخلدون فيها البتة بل ينجون منها ويدخلون الجنة.

ومن أنكر ضرورياً من ضروريات الدين الذي انتحله كوجوب الصلاة والصوم والحج والزكاة والنار والمعاد الجسماني وغيرها مما هو ضروري في الدين فهو كافر مرتد مخلّد في نار جهنم وإن تظاهر بالاسلام بحسب الظاهر ، ولا يسع المقام التفصيل في الكلام.

روي بسند صحيح عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : قلت له : يا ابن رسول الله خوفني فإنّ قلبي قد قسا.

__________________

١ ـ البحار ٨ : ١١٩ ح ٦ باب ٢٣ ـ التوحيد للصدوق : ١١٨ ضمن حديث ٢١.

٢ ـ الخصال : ٣٥٩ ضمن حديث ٤٥ باب السبعة ، عنه البحار ٨ : ١٣٣ ح ٣٧ باب ٢٣.

٤٣

فقال : يا أبا محمد استعدّ للحياة الطويلة فإنّ جبرئيل جاء إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهو قاطب ، وقد كان قبل ذلك يجيء وهو متبسّم ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : يا جبرئيل جئتني اليوم قاطباً ، فقال : يا محمد قد وضعت منافخ النار ، فقال : وما منافخ النار يا جبرئيل؟

فقال : يا محمد انّ الله عزّوجلّ أمر بالنار فنخ عليها ألف عام حتى استودّت ، فهي سوداء مظلمة ، لو انّ قطرة من الضريع قطرت في شراب أهل الدنيا لمات أهلها من نتنها.

ولو أنّ حلقة واحدة من السلسلة التي طولها سبعون ذراعاً وضعت على الدنيا لذابت الدنيا من حرّها ، ولو أنّ سربالاً من سرابيل أهل النار علّق بين السماء والأرض لمات أهل الدنيا من ريحه.

قال : فبكى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وبكى جبرئيل ، فبعث الله اليهما ملكاً ، فقال لهما : انّ ربكما يقرؤكما السلام ويقول : قد أمنتكما أن تذنبا ذنباً اُعذبّكما عليه ، فقال أبو عبدالله عليه‌السلام : فما رأى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم جبرئيل متبسّماً بعد ذلك.

ثم قال : انّ أهل النار يعظّمون النار ، وانّ أهل الجنة يعظّمون الجنة والنعيم ، وانّ جهنّم إذا دخلوها هووا فيها مسيرة سبعين عاماً ، فاذا بلغوا أعلاها قمعوا بمقامع الحديد واُعيدوا في دركها فهذه حالهم ، وهو قول الله عزّوجلّ :

( كُلَّمَا أَرَادُوا أَن يَخرُجُرا مِنهَا مِن غَمٍّ اُعِيدُوا فِيهَا وَذُوقُوا عَذَابَ الحَرِيقِ ) (١).

ثم تبدلّ جلودهم غير الجلود التي كانت عليهم ، قال أبو عبدالله عليه‌السلام :

__________________

١ ـ الحج : ٢٢.

٤٤

حسبك؟ قلت : حسبي حسبي (١).

روي بسند معتبر عن عمرو بن ثابت ، عن أبي جعفر الباقر عليه‌السلام قال : انّ أهل النار يتعاوون فيها كما يتعاوى الكلاب والذئاب مما يلقون من أليم العذاب ، فما ظنّك يا عمرو بقوم لا يقضى عليهم فيموتوا ، ولا يخفف عنهم من عذابها؟

عطاش فيها ، جياع ، كليلة أبصارهم ، صمّ بكم عمي مسودة وجوههم ، خاسئين فيها نادمين ، مغضوب عليهم ، فلا يرحمون من العذاب ، ولا يخفف عنهم وفي النار يسجرون ، ومن الحميم يشربون ، ومن الزقوم يأكلون ، وبكلاليب (٢) النار يحطمون ، وبالمقامع يضربون ، والملائكة الغلاظ الشداد لا يرحمون.

فهم في النار يسحبون على وجوههم ، مع الشياطين يقرنون ، وفي الأنكال والأغلال يصفّدون ، إن دعوا لم يستجب لهم ، وان سألوا حاجة لم تقض لهم ، هذه حال من دخل النار (٣).

وروي في تفسير قوله تعالى : ( من وَرَائِهِ جَهَنَّمُ وَيُسقَى مِن مَاءٍ صَدِيدٍ ) قال : ما يخرج من فروج الزواني ، قوله : ( يَتَجَرَّعُهُ وَلاَ يَكَادُ يُسِيغه وَيَأتِيهِ المَوتُ مَن كُلٍّ مَكَانٍ وَمَا هُوَ بِمَيِّتٍ ) (٤) قال : يقرّب إليه فيكرهه ، وإذا اُدني منه شوى وجهه ، ووقعت فروة رأسه ، فاذا شرب قطعت أمعاؤه ، ومزّقت تحت قدميه ، وانّه ليخرج من أحدهم مثل الوادي صديداً وقيحاً.

ثم قال : وانّهم ليبكون حتى تسيل دموعهم على وجوههم جداول ، ثم

__________________

١ ـ البحار ٨ : ٢٨٠ ح ١ باب ٢٤ ـ عن تفسير القمي.

٢ ـ الكلاليب جمع الكلاب والكلوب : حديدة معطوفة الرأس يجرّ بها الجمر.

٣ ـ البحار ٨ : ٢٨١ ح ٣ باب ٢٤ ـ عن أمالي الصدوق.

٤ ـ إبراهيم ١٦ ـ ١٧.

٤٥

ينقطع الدموع فيسيل الدماء حتى لو انّ السفن اُجريت فيها لجرت (١).

وروي عن أبي عبدالله عليه‌السلام انّه قال : للنار سبعة أبواب ، باب يدخل منه فرعون وهامان وقارون ، وباب يدخل منه المشركون والكفار ممن لم يؤمن بالله طرفة عين.

وباب يدخل منه بنو أمية هو لهم خاصة لا يزاحمهم فيه أحد ، وهو باب لظى ، وهو باب سقر ، وهو باب الهاوية تهوى بهم سبعين خريفاً ، وكلّما هوى بهم سبعين خريفاً فار بهم فورة قذف بهم في أعلاها سبعين خريفاً ، ثم تهوى بهم كذلك سبعين خريفاً ، فلا يزالون هكذا أبداً خالدين مخلدين.

وباب يدخل منه مبغضونا ومحاربونا وخاذلونا وانّه لأعظم الأبواب وأشدّها حرّاً(٢).

ونقل عن ابن عباس انّه قال : قدم يهوديّان فسألا أمير المؤمنين عليه‌السلام فقالا : أين تكون الجنّة ، وأين تكون النار؟ قال : أما الجنة ففي السماء ، واما النار ففي الأرض ... (٣).

ونقل بسند معتبر انّه سئل أبو عبدالله عليه‌السلام عن معنى الفلق ، قال : صدع (٤) في النار فيه سبعون ألف دار ، في كلّ دار سبعون ألف بيت ، في كلّ بيت سبعون ألف أسود ، في جوف كلّ أسود سبعون ألف جثّ سمّ ، لابدّ لأهل النار أن يمرّوا عليها (٥).

__________________

١ ـ البحار ٨ : ٢٨٨ ح ٢٥ باب ٢٤ عن تفسير القمي.

٢ ـ الخصال : ٣٦١ ح ٥١ باب ٧ ـ عنه البحار ٨ : ٢٨٥ ح ١١ باب ٢٤.

٣ ـ البحار ٨ : ٢٨٦ ح ١٣ باب ٢٤ ـ عن الخصال : ٥٩٧ ضمن حديث ١ باب الواحد إلى المائة.

٤ ـ الصدع : الشق في شيء صلب ( القاموس المحيط ).

٥ ـ البحار ٨ : ٢٨٧ ح ١٧ باب ٢٤ ـ عن معاني الأخبار.

٤٦

وقال عليه‌السلام في حديث آخر : انّ ناركم هذه جزء من سبعين جزءاً من نار جهنم ، وقد اطفأت سبعين مرّة بالماء ثم التهبت ، ولولا ذلك ما استطاع آدميّ أن يطيقها ، وانه ليؤتى بها يوم القيامة حتى توضع على النار فتصرخ صرخة لا يبقى ملك مقرّب ولا نبيّ مرسل الاّ جثا على ركبتيه فزعاً من صرختها (١).

وجاء في حديث آخر [ عن أبي جعفر الباقر عليه‌السلام انّه قال : ] انّ في جهنّم لواد يقال له غسّاق ، فيه ثلاثون وثلاثمائة قصر ، في كلّ قصر ثلاثون وثلاثمائة بيت ، في كلّ بيت ثلاثون وثلاثمائة عقرب ، في حمة (٢) كلّ عقرب ثلاثون وثلاثمائة قلّة سمّ ، لو انّ عقرباً منها نضحت سمّها على أهل جهنّم لوسعتهم سمّاً (٣).

وجاء في حديث آخر : ... انّ الله جعلها [ أي جعل جهنّم ] سبع دركات أعلاها الجحيم يقوم أهلها على الصفا منها ، تغلي أدمغتهم فيها كغلي القدور بما فيها.

والثانية لظى ، نزّاعة للشوى ، تدعو من أدبر وتولّى ، وجمع فأوعى.

والثالثة سقر ، لا تبقي ولا تذر ، لوّاحة للبشر ، عليها تسعة عشر.

والرابعة الحطمة ، ومنها يثور شرر كالقصر ، كأنّها جمالات صفر ، تدقّ كلّ من صار إليها مثل الكحل ، فلا يموت الروح ، كلما صاروا مثل الكحل عادوا.

والخامسة الهاوية ، فيها ملأ يدعون : يا مالك أغثنا ، فاذا أغاثهم جعل لهم آنية من صفر من نار فيه صديد ماء يسيل من جلودهم كأنّه مهل ، فاذا رفعوه ليشربوا منه تساقط لحم وجوههم فيها من شدّة حرّها ، وهو قول الله تعالى :

__________________

١ ـ البحار ٨ : ٢٨٨ ح ٢١ باب ٢٤ ـ عن تفسير القمي.

٢ ـ حُمَةُ العقرب ـ مخففة الميم ـ : سمّها ( لسان العرب ).

٣ ـ البحار ٨ : ٣١٤ ح ٨٩ باب ٢٤.

٤٧

( وَاِن يَستَغِثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالمُهلِ يَشوِي الوُجُوهَ بِئسَ الشَّرَابُ وَسَآءَت مُرتَفَقَاً )(١).

والسادسة هي السعير ، فيها ثلاثمائة سرادق من نار ، في كلّ سرادق ثلاثمائة قصر من نار ، في كلّ قصر ثلاثمائة بيت من نار ، في كلّ بيت ثلاثمائة لون من عذاب النار ، فيها حيات من نار ، وعقارب من نار ، وجوامع من نار ، وسلاسل من نار ، وأغلال من نار ، وهو الذي يقول الله :

( اِنَّا أَعتَدنَا لِلكَافِرينَ سَلاَسِلاً وَأَغلاَلاً وَسَعِيراً ) (٢).

والسابعة جهنم ، وفيها الفلق وهو جبّ في جهنم إذا فتح أسعر النار سعراً ، وهو أشدّ النار عذاباً ، وأمّا صعوداً فجبل من صفر من نار وسط جهنّم ، وأمّا أثاماً فهو واد من صفر مذاب يجري حول الجبل ، فهو أشدّ النار عذاباً (٣).

وروي عن أبي الحسن موسى بن جعفر عليه‌السلام أنّه قال : ... انّ في النار لوادياً يقال له سقر ، لم يتنفّس منذ خلقه الله ، لو أذن الله عزّوجلّ له في التنفس بقدر مخيط لأحرق ما على وجه الأرض ، وانّ أهل النار ليتعوّذون من حرّ ذلك الوادي ، ونتنه وقذره وما أعد الله فيه لأهله.

وانّ في ذلك الوادي لجبلاً يتعوّذ جميع أهل ذلك الوادي من حرّ ذلك الجبل ونتنه وقذره وما أعدّ الله فيه لأهله ، وانّ في ذلك الجبل لشعباً يتعوّذ جميع أهل ذلك الجبل من حرّ ذلك الشعب ونتنه وقذره وما أعد الله فيه لاهله ، وانّ في

__________________

١ ـ الكهف : ٢٩.

٢ ـ الانسان : ٤.

٣ ـ البحار ٨ : ٢٨٩ ح ٢٧ باب ٢٤ ـ عن تفسير القمي.

٤٨

ذلك الشعب لقليباً (١) يتعوّذ أهل ذلك الشعب من حرّ ذلك القليب ونتنه وقذره وما أعدّ الله فيه لأهله.

وانّ في ذلك القليب لحيّة يتعوّذ جميع أهل ذلك القليب من خبث تلك الحية ونتنها وقذرها وما أعدّ الله في أنيابها من السمّ لأهلها ، وانّ في جوف تلك الحية لسبعة صناديق فيها خمسة من الأُمم السالفة واثنان من هذه الأُمة.

قال [ الراوي : ] قلت : جعلت فداك ومن الخمسة ، ومن الاثنان؟ قال : وأمّا الخمسة فقابيل الذي قتل هابيل ، ونمرود الذي حاجّ إبراهيم في ربّه ، فقال : أنا اُحيي واُميت ، وفرعون الذي قال : أنا ربكم الأعلى ، ويهود الذي هوّد اليهود ، ويونس الذي نصّر النصارى ، ومن هذه الأُمة أعرابيان (٢).

وروي بسند صحيح عن أبي عبدالله عليه‌السلام في خبر المعراجّ انّه قال : قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : سمعت صوتاً أفزعني ، فقال لي جبرئيل : أتسمع يا محمد؟ قلت : نعم ، قال : هذه صخرة قذفتها عن شفير جهنم منذ سبعين عاماً فهذا حين استقرّت ، قالوا : فما ضحك رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حتى قبض.

قال : فصعد جبرئيل وصعدت حتى دخلت سماء الدنيا ، فما لقيني ملك الاّ وهو ضاحك مستبشر حتى لقيني ملك من الملائكة لم أر أعظم خلقاً منه ، كريه المنظر ، ظاهر الغضب ، فقال لي مثل ما قالوا من الدعاء الاّ أنّه لم يضحك ، ولم أر فيه من الاستبشار ما رأيت ممن ضحك من الملائكة.

فقلت : من هذا يا جبرئيل؟ فانّي قد فزعت منه ، فقال : يجوز أن تفزع منه

__________________

١ ـ القليب : البئر.

٢ ـ الخصال : ٣٩٨ ح ١٠٦ باب ٧ ـ عنه البحار ٨ : ٣١٠ ح ٧٧ باب ٢٤ ـ وللمجلسي رحمه‌الله في البحار ذيل الحديث كلام حول ( أعرابيان ) فلاحظ.

٤٩

فكلّنا يفزع منه ، انّ هذا مالك خازن النار لم يضحك قط ، ولم يزل منذ ولاّه الله جهنم يزداد كلّ يوم غضباً وغيظاً على أعداء الله وأهل معصيته ، فينتقم الله به منهم ، ولو ضحك إلى أحد كان قبلك أو كان ضاحكاً إلى أحد بعدك لضحك إليك ، ولكنّه لا يضحك.

فسلّمت عليه ، فردّ السلام عليّ وبشّرني بالجنة ، فقلت لجبرئيل ـ وجبرئيل بالمكان الذي وصفه الله مطاع ثم أمين ـ : ألا تأمره أن يريني النار؟ فقال له جبرئيل : يا مالك أر محمداً النار.

فكشف عنها غطاءها ، وفتح باباً منها ، فخرج منها لهب ساطع في السماء ، وفارت وارتفعت حتى ظننت ليتناولني مما رأيت ، فقلت : يا جبرئيل قل له : فليردّ عليها غطاءها ، فأمرها فقال لها : ارجعي ، فرجعت إلى مكانها الذي خرجت منه (١).

وروي في تفسير قوله تعالى : ( فَالَّذِينَ كَفَرُوا ) يعني بني اُميّة ( قُطِّعَت لَهُم ثِيَابٌ مِن نَّارٍ ) إلى قوله : ( حَدِيد ) (٢) قال : يغشاهم النار كالثوب للانسان ، فتسترخي شفته السفلى حتى تبلغ سرّته ، وتقلص شفته العلياء حتى تبلغ راسه ، ( وَلَهُم مَّقَامِعُ مِن حَدِيدٍ ).

قال : الأعمدة التي يضربون بها ، وقوله : ( كُلَّمَا أَرَادُوا أَن يَخرُجُوا مِنهَا مِن غَمٍّ اُعِيدُوا فِيهَا ) (٣) أي ضرباً بتلك الأعمدة (٤).

وجاء في حديث : لو انّ مقمعاً من حديد وضع في الأرض فاجتمع له

__________________

١ ـ البحار ٨ : ٢٩١ ح ٣٠ باب ٢٤ عن تفسير القمي.

٢ ـ الحج : ١٩.

٣ ـ الحج : ٢٢.

٤ ـ البحار ٨ : ٢٩٢ ح ٣٢ باب ٢٤ ـ عن تفسير القمي.

٥٠

الثقلان ما أقلوه من الأرض ... (١).

وروي عن أمير المؤمنين عليه‌السلام انّه قال : وأمّا أهل المعصية فخذلهم في النار ، وأوثق منهم الأقدام ، وغلّ منهم الأيدي إلى الأعناق ، وألبس أجسادهم سرابيل القطران ، وقطّعت لهم منها مقطّعات من النار ، هم في عذاب قد اشتدّ حرّه ، ونار قد اُطبق على أهلها فلا يفتح عنهم أبداً ، ولا يدخل عليهم ريحاً أبداً ، ولا ينقضي منهم عمر أبداً.

العذاب أبداً شديد ، والعقاب أبداً جديد ، لا الدار زائلة فتفنى ، ولا آجال القوم تقضى ، ثم حكى نداء أهل النار ، فقال : ( وَنَادَوا يَا مَالِكُ لِيَقضِ عَلَينَا رَبُّكَ ) قال : أي نموت ، فيقول مالك : ( اِنَّكُم مَّاكِثُونَ ) (٢).

وروي بسند معتبر عن أبي عبدالله عليه‌السلام انّه قال : انّ في النار لناراً تتعوّذ منها أهل النار ، ما خلقت الاّ لكلّ متكبر جبّار عنيد ، ولكلّ شيطان مريد ، ولكلّ متكبر لا يؤمن بيوم الحساب ، وكلّ ناصب لآل محمد.

وقال : انّ أهون الناس عذاباً يوم القيامة لرجل في ضحضاح من نار ، عليه نعلان من نار ، وشراكان من نار ، يغلي منها دماغه كما يغلي المرجل ، ما يرى انّ في النار أحداً أشدّ عذاباً منه ، وما في النار أحد أهون عذاباً منه (٣).

وجاء في حديث آخر : الفلق جبّ في جهنّم يتعوّذ منه أهل النار من شدّة حرّه ، سأل الله أن يأذن له أن يتنفّس ، فأذن له ، فتنفس فأحرق جهنّم.

قال : وفي ذلك الجبّ صندوق من نار يتعوّذ أهل تلك الجبّ من حرّ ذلك

__________________

١ ـ كنز العمال ١٤ : ٥٢٣ ح ٣٩٤٩٠.

٢ ـ البحار ٨ : ٢٩٢ ح ٣٤ باب ٢٤ ـ عن تفسير القمي.

٣ ـ البحار ٨ : ٢٩٥ ح ٤٤ باب ٢٤ ـ عن تفسير القمي.

٥١

الصندوق وهو التابوت ، وفي ذلك التابوت ستة من الاوّلين وستة من الآخرين ، فأمّا الستة من الأولين فابن آدم الذي قتل أخاه ، ونمرود إبراهيم الذي ألقى إبراهيم في النار ، وفرعون موسى ، والسامري الذي اتخذ العجل ، والذي هوّد اليهود ، والذي نصّر النصارى.

وأما الستة من الآخرين فهو الأول والثاني والثالث والرابع وصاحب الخوارج وابن ملجم (١).

وروي عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم انّه قال : لو كان في هذا المسجد مائة ألف أو يزيدون ، ثم تنفّس رجل من أهل النار فأصابهم نفسه لاحترق المسجد ومن فيه.

وقال : انّ في النار لحيّات مثل أعناق البخت ، يلسعن أحدهم فيجد حموتها أربعين خريفاً ، وانّ فيها لعقارب كالبغال يلسعن أحدهم فيجد حموتها أربعين خريفاً.

قال ابن عباس : لجهنّم سبعة أبواب ، على كلّ باب سبعون ألف جبل ، في كلّ جبل سبعون ألف شعب ، في كلّ شعب سبعون ألف وادي ، في كلّ واد سبعون ألف شق ، في كلّ شق سبعون ألف بيت.

في كلّ بيت سبعون ألف حية طول كل حية مسيرة ثلاثة أيام ، أنيابها كالنخل الطوال ، تأتي ابن آدم فتأخذه بأشفار عينيه وشفتيه ، فيكشط كلّ لحم على عظمه وهو ينظر ، فيهرب منها فيقع في نهر من أنهار جهنّم يذهب به سبعين خريفاً (٢).

____________

١ ـ البحار ٨ : ٢٩٦ ح ٤٦ باب ٢٤ ـ عن تفسير القمي.

٢ ـ روضة الواعظين : ٥٠٨ و٥٠٩ ، مجلس في ذكر جهنّم وكيفيتها.

٥٢

وروي بسند معتبر عن أبي عبدالله عليه‌السلام انّه قال : ما خلق الله خلقاً الا جعل له في الجنة منزلاً وفي النار منزلاً ، فاذا سكن أهل الجنة الجنة وأهل النار النار نادى مناد : يا أهل الجنة اشرفوا ، فيشرفون على النار وترفع لهم منازلهم فيها ، ثم يقال لهم : هذه منازلكم التي لو عصيتم الله دخلتموها. قال : فلو انّ أحداً مات فرحاً لمات أهل الجنة في ذلك اليوم فرحاً لما صرف عنهم من العذاب.

ثم ينادي مناد : يا أهل النار ارفعوا رؤوسكم ، فيرفعون رؤوسهم ، فينظرون إلى منازلهم في الجنة وما فيها من النعيم ، فيقال لهم : هذه منازلكم التي لو أطعتم ربكم دخلتموها ، قال : فلو انّ أحداً مات حزناً لمات أهل النار حزناً ، فيورث هؤلاء منازل هؤلاء ، ويورث هؤلاء منازل هؤلاء ، وذلك قوله الله :

( اُولَئِكَ هُمُ الوَارِثُونَ * الَّذِينَ يَرِثُونَ الفِردَوسَ هم فِيهَا خَالِدُون (١) ) (٢).

وروي بسند صحيح عن أبي عبدالله عليه‌السلام انّه قال : ... ينادي مناد من عند الله ـ وذلك بعد ما صار أهل الجنة في الجنة وأهل النار في النار ـ : يا أهل الجنة ويا أهل النار هل تعرفون الموت في صورة من الصور؟ فيقولون : لا ، فيؤتى بالموت في صورة كبش أملح ، فيوقف بين الجنة والنار.

ثم ينادون جميعاً : اشرفوا وانظروا إلى الموت ، فيشرفون ، ثم يأمر الله به فيذبح ، ثم يقال : يا أهل الجنة خلود فلا موت أبداً ، ويا أهل النار خلود فلا موت أبداً ، وهو قوله:

( وَأَنذِرهُم يَومَ الحَسرَةِ إِذ قُضِىَ الأَمرُ وَهُم فِي غَفلَةٍ )(٣).

__________________

١ ـ المؤمنون ١٠ و١١.

٢ ـ البحار ٨ : ٢٨٧ ح ١٩ باب ٢٤ ـ عن تفسير القمي.

٣ ـ مريم : ٣٩.

٥٣

أي قضي على أهل الجنة بالخلود فيها ، وقضي على أهل النار بالخلود فيها (١).

__________________

١ ـ البحار ٨ : ٣٤٦ ح ٤ باب ٢٦ ـ عن تفسير القمي.

٥٤

[ قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لأبي ذر رحمه‌الله ] :

يا أباذر لو انّ امرأة من نساء أهل الجنة اطلعت من سماء الدنيا في ليلة ظلماء لأضاءت لها الأرض أفضل مما يضيء بالقمر ليلة البدر ، ولوجد ريح نشرها جميع الأرض.

ولو انّ ثوباً من ثياب أهل الجنة نشر اليوم في الدنيا لصعق من ينظر إليه ، وما حملته أبصارهم.

روي بسند صحيح عن أبي بصير أنه قال : قلت لأبي عبدالله عليه‌السلام : جعلت فداك يا ابن رسول الله شوقني ، فقال : يا أبا محمد انّ الجنة توجد ريحها من مسيرة ألف عام ، وانّ أدنى أهل الجنة منزلاً لو نزل به الثقلان الجن والانس لوسعهم طعاماً وشراباً ولا ينقص مما عنده شيء ، وانّ أيسر أهل الجنة منزلة من يدخل الجنة فيرفع له ثلاث حدائق ، فاذا دخل أدناهنّ رأى فيها من الأزواج والخدم والأنهار والثمار ما شاء الله.

فاذا شكر الله وحمده قيل له : ارفع رأسك إلى الحديقة الثانية ففيها ما ليس في الأولى ، فيقول : يا ربّ أعطني هذه ، فيقول : لعلّي ان أعطيتكها سألتني غيرها ، فيقول : ربّ هذه هذه ، فاذا هو دخلها وعظمت مسرّته شكر الله وحمده.

قال : فيقال : افتحوا له باب الجنة ، ويقال له : ارفع رأسك ، فاذا قد فتح له باب من الخلد ، ويرى أضعاف ما كان فيما قبل ، فيقول عند تضاعف مسرّاته : ربّ لك الحمد الذي لا يحصى إذ مننت عليّ بالجنان ، وأنجيتني من النيران ، فيقول : ربّ

٥٥

أدخلني الجنة ، وأنجني من النار.

قال أبو بصير : فبكيت وقلت له : جعلت فداك زدني ، قال : يا أبا محمد انّ في الجنة نهراً في حافيتها جوار نابتات ، إذا مرّ المؤمن بجارية أعجبته قلعها وأنبت الله مكانها اُخرى ، قلت : جعلت فداك زدني ، قال : المؤمن يزوّج ثمانمائة عذراء ، وأربعة آلاف ثيب ، وزوجتين من الحور العين ، قلت : جعلت فداك ثمانمائة عذراء؟

قال : نعم ، ما يفترش منهنّ شيئاً الاّ وجدها كذلك ، قلت : جعلت فداك من أيّ شيء خلقن الحور العين؟ قال : من الجنّة ، ويرى مخّ ساقيها من وراء سبعين حلّة ، قلت : جعلت فداك ألهنّ كلام يتكلّمن به في الجنّة؟ قال : نعم ، كلام يتكلّمن به لم يسمع الخلائق بمثله ، قلت : ما هو؟

قال : يقلن : نحن الخالدات فلا نموت ، ونحن الناعمات فلا نبأس ، ونحن المقيمات فلا نظعن ، ونحن الراضيات فلا نسخط ، طوبى لمن خلق لنا ، وطوبى لمن خلقنا له ، نحن اللواتي لو انّ قرن إحدانا علّق في جوّ السماء لأغشى نوره الأبصار (١).

وروي بسند معتبر عن أمير المؤمنين عليه‌السلام انّه قال : انّ للجنة ثمانية أبواب ، باب يدخل منه النبيون والصديقون ، وباب يدخل منه الشهداء والصالحون ، وخمسة أبواب يدخل منها شيعتنا ومحبّونا ، فلا أزال واقفاً على الصراط أدعو وأقول : ربّ سلّم شيعتي ومحبّي وأنصاري ومن تولاّني في دار الدنيا.

فاذا النداء من بطنان العرش : قد اُجيبت دعوتك وشفّعت في شيعتك ،

__________________

١ ـ البحار ٨ : ١٢٠ ح ١١ باب ٢٣ ـ عن تفسير القمي.

٥٦

ويشفع كلّ رجل من شيعتي ، ومن تولاّني ، ونصرني ، وحارب من حاربني بفعل أو قول في سبعين ألف من جيرانه وأقربائه ، وباب يدخل منه سائر المسلمين ممن شهد أن لا اله الاّ الله ، ولم يكن في قلبه مقدار ذرّة من بغضنا أهل البيت (١).

وروي بسند صحيح عن أبي عبدالله عليه‌السلام انّه قال : ... انّ لله كرامة في عباده المؤمنين في كلّ يوم جمعة ، فاذا كان يوم الجمعة بعث الله إلى المؤمن ملكاً معه حلّة ، فينتهي إلى باب الجنة ، فيقول : استأذنوا لي على فلان ، فيقال له : هذا رسول ربّك على الباب ، فيقول لأزواجه : أيّ شيء ترين عليّ أحسن؟

فيقلن : يا سيدنا والذي أباحك الجنة ما رأينا عليك شيئاً أحسن من هذا بعث إليك ربّك ، فيتزر بواحدة ويتعطّف بالاخرى ، فلا يمرّ بشيء الاّ أضاء له حتى ينتهي إلى الموعد ، فاذا اجتمعوا تجلّى لهم الربّ تبارك وتعالى ، فاذا نظروا إليه خرّوا سجداً ، فيقول : عبادي ارفعوا رؤوسكم ليس هذا يوم سجود ولا يوم عبادة ، قد رفعت عنكم المؤونة.

فيقولون : يا ربّ وأيّ شيء أفضل مما أعطيتنا؟ أعطيتنا الجنة ، فيقول : لكم مثل ما في أيديكم سبعين ضعفاً ، فيرجع المؤمن في كلّ جمعة بسبعين ضعفاً مثل ما في يديه وهو قوله : ( وَلَدَينَا مَزِيدٌ ) (٢) وهو يوم الجمعة.

انّ ليلها ليلة غرّاء ، ويومها يوم أزهر ، فأكثروا فيها من التسبيح والتكبير والتهليل والثناء على الله ، والصلاة على محمد وآله.

قال : فيمرّ المؤمن فلا يمرّ بشيء الاّ أضاء له حتى ينتهي إلى أزواجه ، فيقلن :

__________________

١ ـ الخصال : ٤٠٧ ح ٦ باب ٨ ـ عنه البحار ٨ : ١٢١ ح ١٢ باب ٢٣.

٢ ـ ق : ٣٥.

٥٧

والذي أباحنا الجنة يا سيدنا ما رأينا قطّ أحسن منك الساعة ، فيقول : اني قد نظرت بنور ربيّ ، ثم قال : أنّ أزواجه لا يغرن ، ولا يحضن ، ولا يصلفن.

قال : قلت : جعلت فداك انّي أردت أن أسألك عن شيء أستحي منه ، قال : سل ، قلت : هل في الجنّة غناء؟ قال : انّ في الجنّة شجراً يأمر الله رياحها فتهبّ ، فتضرب تلك الشجرة بأصوات لم يسمع الخلائق بمثلها حسناً ، ثم قال : هذا عوض لمن ترك السماع في الدنيا من مخافة الله.

قال : قلت : جعلت فداك زدني ، فقال : انّ الله خلق جنّة بيده ولم ترها عين ، ولم يطّلع عليها مخلوق ، يفتحها الرب كلّ صباح فيقول : ازدادي ريحاً ، ازدادي طيباً ، وهو قول الله : ( فَلا تَعلَمُ نَفسٌ مَّا اُخفِىَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعيُنٍ جَزَآءً بِمَا كَانُوا يَعمَلُونَ (١) ) (٢).

وروي عن أمير المؤمين عليه‌السلام انّه قال : طوبى شجرة في الجنة أصلها في دار النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وليس من مؤمن الاّ وفي داره غصن منها ، لا تخطر على قلبه شهوة شيء الاّ أتاه به ذلك الغصن ، ولو انّ راكباً مجدّاً سار في ظلّها مائة عام ما خرج منها ، ولو طار من أسفلها غراب ما بلغ أعلاها حتى يسقط هرماً ، ألا ففي هذا فارغبوا ... (٣).

وروي بسند معتبر آخر عنه عليه‌السلام انّه قال : انّ في الجنة لشجرة يخرج من أعلاها الحلل ، ومن أسفلها خيل عقاق ، مسرجة ملجمة ، ذوات أجنحة ، لا تروث ولا تبول ، فيركبها أولياء الله ، فتطير بهم في الجنة حيث شاؤوا.

__________________

١ ـ السجدة : ١٧.

٢ ـ البحار ٨ : ١٢٦ ح ٢٧ باب ٢٣ عن تفسير القمي.

٣ ـ أمالي الصدوق : ١٨٣ ح ٧ مجلس ٣٩ ـ عنه البحار ٨ : ١١٧ ح ٢ باب ٢٣.

٥٨

فيقول الذين أسفل منهم : يا ربنا ما بلغ بعبادك هذه الكرامة؟ فيقول الله جل جلاله : انّهم كانوا يقومون الليل ولا ينامون ، ويصومون النهار ولا يأكلون ، ويجاهدون العدو ولا يجبنون ، ويتصدقون ولا يبخلون (١).

وروي بسند صحيح عن أبي عبدالله عليه‌السلام انّه قال : طوبى شجرة في الجنة في دار أمير المؤمنين عليه‌السلام ، وليس أحد من شيعته الاّ في داره غصن من أغصانها ، وورقة من ورقها ، يستظلّ تحتها اُمّة من الامم (٢).

وقال عليه‌السلام في حديث آخر : كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يكثر تقبيل فاطمة عليها وعلى أبيها وبعلها وأولادها ألف ألف التحية والسلام ، فأنكرت ذلك عائشة.

فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : يا عائشة اني لما اُسري بي إلى السماء دخلت الجنة ، فأدناني جبرئيل من شجرة طوبى وناولني من ثمارها ، فأكلته فحوّل الله ذلك ماء في ظهري ، فلمّا هبطت إلى الأرض واقعت خديجة ، فحملت بفاطمة ، فما قبّلتها قطّ الاّ وجدت رائحة شجرة طوبى منها (٣).

وعن عبدالله بن عباس ، عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : انّ حلقة باب الجنة من ياقوتة حمراء على صفائح الذهب ، فاذا دقّت الحلقة على الصفحة طنّت وقالت : يا عليّ (٤).

وروي بسند معتبر عن أبي عبدالله عليه‌السلام انّه قال : قال رسول الله صلّى الله عليه

__________________

١ ـ أمالي الصدوق : ٢٣٩ ح ١٤ مجلس ٤٨ ـ عنه البحار ٨ : ١١٨ ح ٤ باب ٢٣.

٢ ـ البحار ٨ : ١٢٠ ح ٩ باب٢٣ ـ عن تفسير القمي.

٣ ـ البحار ٨ : ١٢٠ ح ١٠ باب ٢٣ ـ عن تفسير القمي.

٤ ـ البحار ٨ : ١٢٢ ح ١٣ باب ٢٣ ـ عن أمالي الصدوق.

٥٩

وآله وسلّم : لمّا اُسري بي إلى السماء دخلت الجنة ، فرأيت فيها ملائكة يبنون لبنة من ذهب ، ولبنة من فضة ، وربّما أمسكو.

فقلت لهم : ما لكم ربما بنيتم وربما أمسكتم؟ فقالوا : حتى تجيئنا النفقة ، فقلت لهم : وما نفقتكم؟ فقالوا : قول المؤمن في الدنيا : « سبحان الله والحمد لله ولا اله الاّ الله والله أكبر » فاذا قال بنينا ، وإذا أمسك أمسكنا (١).

ونقل عن جابر بن عبدالله الأنصاري انّه قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : مكتوب على باب الجنة لا اله الاّ الله ، محمد رسول الله ، عليّ أخو رسول الله ، قبل أن يخلق الله السماوات والأرض بألفي عام (٢).

ونقل عن أبي عبدالله عليه‌السلام انّه قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ... انّ الله تبارك وتعالى خلق في الجنة عموداً من ياقوتة حمراء عليه سبعون ألف قصر ، في كلّ قصر سبعون ألف غرفة خلقها الله عزّوجلّ للمحتابين والمتزاورين ... (٣).

وروي بسند معتبر عن أبي جعفر الباقر عليه‌السلام انّه قال : ... قال عليّ عليه‌السلام : يا رسول الله أخبرنا عن قول الله عزّوجلّ : ( غُرَفٌ مَبنِيَّةٌ مِن فَوقِهَا غُرَفٌ ) (٤) بماذا بنيت يا رسول الله؟

فقال : يا عليّ تلك غرف بناها الله عزّوجلّ لأوليائه بالدر والياقوت والزبرجد ، سقوفها الذهب ، محبوكة بالفضة ، لكلّ غرفة منها ألف باب من ذهب ، على كلّ باب منها ملك موكل به ، فيها فرش مرفوعة ، بعضها فوق بعض من الحرير

__________________

١ ـ البحار ٨ : ١٢٣ ح ١٩ باب ٢٣ ـ عن تفسير القمي.

٢ ـ الخصال : ٦٣٨ ح ١١ ، عنه البحار ٨ : ١٣١ ح ٣٤ باب ٢٣.

٣ ـ الخصال : ٦٣٨ ح ١٣ ـ عنه البحار ٨ : ١٣٢ ح ٣٥ باب ٢٣.

٤ ـ الزمر : ٢٠. وفيه : « ... غرف من فوقها غرف مبنية ... ».

٦٠