عين الحياة - ج ٢

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

عين الحياة - ج ٢

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


المحقق: السيد هاشم الميلاني
الموضوع : الأخلاق
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ١
الصفحات: ٤٧١

بمدحه ، ووردت أكثر أحاديث الشيعة بذمّه ، وما دلّ منها على مدحه يحمل على التقيّة ، وهذا الحديث الشريف وبعض الأخبار تدلّ على وجه الجمع بينها.

وذلك انّ الصوف لو لبس تارة في العبادة أو غيرها تواضعاً وانكساراً ، أو لبس لدفع البرد ، أو لكونه أرخص فلا بأس به ، لكنّ المداومة عليه والاختصاص به بحيث يرجّح الانسان نفسه على الآخرين ويجعله ميزة له مذموم وقبيح ، كما يظهر هذا من الفقرة الآتية من الحديث الشريف.

وروي بسند معتبر عن أمير المؤمنين عليه‌السلام انّه قال : البسو الثياب من القطن فانّه لباس رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ولباسنا ، ولم يكن يلبس الصوف والشعر الاّ من علّة (١).

وروي عن أبي عبدالله عليه‌السلام انّه قال : لا تلبس الصوف والشعر الاّ من علّة(٢).

وروي عنه عليه‌السلام انّه قال : [ قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ] خمس لا أدعهنّ حتى الممات : الأكل على الحضيض مع العبيد ، وركوبي الحمار مؤكفاً ، وحلب العنز بيدي ، ولبس الصوف ، والتسليم على الصبيان لتكون سنة من بعدي (٣).

وروي عن محمد بن الحسين بن كثير انّه قال : رأيت أبا عبدالله عليه‌السلام وعليه قميص غليظ خشن تحت ثيابه ، وفوقها جبّة صوف ، وفوقها قميص غليظ [ فمسستها ، فقلت : جعلت فداك انّ الناس يكرهون لباس الصوف.

__________________

١ ـ الكافي ٦ : ٤٥٠ ح ٢ باب لبس الصوف والشعر والوبر.

٢ ـ الكافي ٦ : ٤٤٩ ح ١ باب لبس الصوف والشعر والوبر.

٣ ـ الخصال : ٢٧١ ح ١٢ باب ٥.

٤٠١

فقال : كلاّ كان أبي محمد بن عليّ عليهما‌السلام يلبسها ، وكان عليّ بن الحسين عليه‌السلام يلبسها ] وكانوا عليهم‌السلام يلبسون أغلظ ثيابهم إذا قاموا إلى الصلاة ، ونحن نفعل ذلك (١).

ويظهر من أكثر الأحاديث المعتبرة المذكورة في باب زي ولباس رسول الله والأئمة صلوات الله عليهم ـ وقد ذكرنا بعضها في اللمعات ـ انّ لباسهم المعهود والمتعارف لم يكن صوفاً ولا من شعر ، وما دلّ من بعض الأخبار على انّهم عليهم‌السلام كانوا يلبسون الصوف ندرة فمحمول على وجه من الوجوه المذكورة في هذا الباب وفي اللّمع الماضية.

____________

١ ـ الكافي ٦ : ٤٥٠ ح ٤ باب لبس الصوف والشعر والوبر.

٤٠٢

[ قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لأبي ذر رحمه‌الله ] :

يا أباذر يكون في آخر الزمان قوم يلبسون الصوف في صيفهم وشتائهم ، ويرون انّ لهم الفضل بذلك على غيرهم ، أولئك تلعنهم ملائكة السماوات والأرض.

يا أباذر ألا أخبرك بأهل الجنّة؟ قلت : بلى يا رسول الله ، قال : كلّ أشعث أغبر ذي طمرين ، لا يؤبه به ، ولم أقسم على الله لأبرّه.

اعلم انّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بما انّه عالم بجميع العلوم بالوحي الالهي ، ومطلع على جميع الرموز الغيبية ، فلمّا ذكر مدح التواضع والانكسار ولبس الصوف كان يعلم بمجيء جمع من ذوي البدع وأصحاب الضلال بعده يخدعون الناس بهذ اللباس ، فلذا ذكر انّ جمعاً سيأتون هكذا علامتهم وهكذا لباسهم فهم ملعونون ، كي لا ينخدع الناس بهم.

ولم يكن لغير الفرقة الضالة المبتدعة الصوفية هذه العلامة والسمة ، واخبار النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بوجودهم فيما بعد من معاجزه العظيمة ، وقرن كلامه الذام لهم بالاعجاز كي لا تبقى شبهة لأحد فيه ، ومن أنكر مع هذه الآية البيّنة فعليه لعنة الله تعالى وملائكته.

ولم يكن منشأ لعنهم لبس الصوف فحسب ، بل انّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان يعلم بالوحي الالهي انّهم سيبطلون شرعه ويحرفون دينه ، وسيذهبون في عقائدهم إلى الكفر والزندقة ، وسيتركون العبادة ويلجؤون إلى المخترعات والمبتدعات التي عملوها ، فيصدون الناس عن العبادة ، فلذا لعنهم صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ،

٤٠٣

وجعل هذه الهيأة واللباس علامة لهم كي يعرفوا.

عزيزي! لو فتحت عصابة العصبيّة عن عينيك ، ونظرت بعين الانصاف لكفاك في بطلان هذه الطائفة المبتدعة الصوفية هذه الفقرة الشريفة من الحديث مع قطع النظر عن الأحاديث الكثيرة الواردة تصريحاً أو تلويحاً على بطلان أطوارهم وأعمالهم ، وذمّ شيوخهم وكبارهم.

ولقد ذمّهم أكثر القدماء والمتأخرين من علماء الشيعة رضوان الله عليهم ، وألّفوا كتباً في ردّهم كعليّ بن بابويه حيث كان يبغث إلى الامام الحجة عليه‌السلام رسائل وكان يأتيه الجواب ، وابنه السعيد محمد بن بابويه وهو رئيس محدّثني الشيعة حيث ولد بدعاء صاحب الأمر صلوات الله عليه ، ويشتمل دعاؤه عليه‌السلام له على مدحه أيضاً.

وكالشيخ المفيد الذي هو عماد مذهب التشيع وانّ أكثر المحدثين والفضلاء المعروفين من تلامذته ، وخرج التوقيع من صاحب الأمر عليه‌السلام له مشتملاً على مدحه ، وقد ألّف كتاباً مبسوطاً في ردّهم.

وكالشيخ الطوسي وهو شيخ طائفة الشيعة وعظيمها ، وتنسب أكثر أحاديث الشيعة إليه ، وكالعلامة الحلّي رحمه‌الله المشهور في الآفاق بالعلم والفضل ، وكالشيخ علي في كتابه ( مطاعن المجرمية ) وابنه الشيخ حسن في كتابه ( عمدة المقال ) ، والشيخ العالي القدر جعفر بن محمد الدرويستي في كتاب الاعتقاد ، وابن حمزة في كُتب.

والسيد المرتضى الرازي في كتب ، وزبدة العلماء والمتورعين مولانا أحمد الأردبيلي قدس الله أرواحهم وشكر الله مساعيهم ، وغيرهم من علماء الشيعة

٤٠٤

رضوان الله عليهم ، وذكر كلام هؤلاء الفضلاء العظماء شأناً والأخبار التي ذكروها في هذا الأمر يوجب التطويل ، وسأقوم بتأليف كتاب مستقل في هذا المطلب إن شاء الله تعالى.

فان كنت تعتقد بيوم الجزاء فهيىء حجتك اليوم كي تجيب غداً عند الله لو طلب منك الحجة بجواب شاف ، ويكون لك عذر موجه ، ولا أدري كيف تكون معذوراً عند الله تعالى بعد ورود هذه الأحاديث الصحيحة من أهل بيت الرسالة عليهم‌السلام ، وبعد شهادة هؤلاء العظماء من علماء الشيعة رضوان الله عليهم على بطلان هذه الطائفة والطريقة ومتابعتهم.

أتقول : انّي تابعت الحسن البصري الملعون في عدّة أحاديث؟ أو تابعت سفيان الثوري المعادي للامام الصادق عليه‌السلام والمعارض له ، وقد ذكرنا بعض أحواله في أوّل هذا الكتاب؟

أو تعتذر عند الله بمتابعة الغزالي الناصبي يقيناً ، والقائل في كتبه انّه : كما يكون علياً امام فأنا أيضاً امام ، والقائل : انّ من لعن يزيد فهو مذنب ، وألّف كتباً في لعن الشيعة والرد عليهم ككتاب ( المنقذ من الضلال ) وغيرها.

أو تحتج بمتابعة أخيه الملعون أحمد الغزالي القائل بأنّ الشيطان من أكابر أولياء الله ، أو تتشفّع بالمولى الرومي القائل بأنّ أمير المؤمنين عليه‌السلام سيشفع لابن ملجم فيدخل الجنّة ، وانّ أمير المؤمنين عليه‌السلام قال له : لا ذنب عليك ، هكذا قُدّر وكنت مجبوراً في فعلك.

ولم تجد صفحة من ديوان المثنوي لم يذكر في أشعاره الجبر ، أو وحدة الوجود ، أو سقوط العبادة ، أو غيرها من الاعتقادات الفاسدة ، وكما هو المشهور

٤٠٥

منه والذي قبله تابعيه انّ الغناء والمزمار و ... عبادة.

أو تلجأ إلى محي الدين وقد سمعت خزعبلاته في أوّل الكتاب وآخره ، والقائل انّ جمعاً من أولياء الله يرون الرافضة على صور الخنازير ، والقائل انّي لمّا عرجت رأيت رتبة عليّ أقلّ من رتبة أبي بكر وعثمان ، ورأيت أبا بكر في العرش فلمّا رجعت قلت لعليّ : كيف كنت تدّعي في الدنيا أنّك أفضل منهم ورأيتك الآن في أدنى المراتب (١).

__________________

١ ـ لا يخفى على القارىء الكريم انّ جمعاً من العلماء الكبار والعرفاء العظام يعتقدون يتشيّع ابن عربي وغيره من العرفاء ، ويقولون : انّ ما يوجد في كتبه من هذا القبيل إنما صدر تقية وذلك مراعاة للظروف الصعبة التي كان يعيشها الشيعة آنذاك ، والمتتبع لتاريخ حياته يذعن بهذا ، مضافاً إلى وجود مطالب في طيّ كتبه تشعر بتشيّعه واعتقاده بالمذهب الحق.

انّ صدر المتألّهين الذي هو من كبار العرفاء والذي قام الامام الراحل قدس‌سره في رسالته إلى غورباتشف عندما يذكر اسمه : « رضوان الله تعالى عليه وحشره الله مع النبيين والصالحين » فصدر المتألهين هذا كان يخضع ويتواضع كثيراً لابن العربي مع البعد الزمني الذي كان بينهما وكان يعتقد بتشيعه ، وكذلك الشيخ البهائي رحمه‌الله حيث عبّر عنه في كتابه « الأربعين » في ذيل حديث رقم ( ٣٦ ) ب ـ : العارف الكامل ، وعبّر عنه الامام الراحل قدس‌سره في تلك الرسالة : « بالرجل العظيم » وطلب من غورباتشف ارسال بعض علمائهم إلى قم للاطلاع على معتقداته.

ويحتمل قويّاً دسّ أُمور في كتبه وتحريفها ، والشاهد على ما نقول ما نقله الشعراني في مبحث « أشراط الساعة » في ظهور المهدي عليه‌السلام عن فتوحات ابن عربي حيث أنّه نسب الامام عليه‌السلام أباً عن جدٍّ حتى أوصله إلى النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وقال : انّه من عترة الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ومن أبناء فاطمة عليها‌السلام ، لكن لم نجد هذه العبارة في الفتوحات المطبوع ، مع انّ الشعراني كتب هذا المطلب في عام ( ٩٥٨ هـ ).

وما ذكره العلاّمة المجلسي رحمه‌الله من انّ جمعاً يرون الروافض على صور الخنازير ، فنقول فيه : انّ لفظ الرافضة لا يُطلق على الشيعة الاثنى عشرية فحسب بل يشمل فرقاً أُخرى أيضاً ، كما انّ لفظ الشيعة لا يعادل الفرقة الاثنى عشرية المحقة فحسب ، كما يظهر هذا من قول الشعراني في اليواقيت في مبحث سؤال منكر ونكير وعذاب القبر ونعيمه ، فقال : « ... وجميع ما ورد فيه حقّ خلافاً لبعض المعتزلة والروافض » ثمّ قال : « والمراد بالروافض الجهمية ».

ويصرّح ابن عربي نفسه في الفتوحات بأنّ علياً عليه‌السلام كان أقرب الناس برسول الله صلّى الله عليه وآله

٤٠٦

وله ولأمثاله كثير مثل هذه الأمور ، والتوجه إليها يوجب طول الكلام ، فلو انخدعت بدعاويهم ألا تحتمل انّهم فعلوا ذلك لحبّ الدنيا؟ فلو شئت امتحنت هذا القائل بعلمه بجميع أسرار الغيب ، وانكشاف جميع الأشياء له ، وانّه يذهب إلى العرش في كلّ ليلة عشر مرّات ، بسؤال من شكيّات الصلاة ، أو مسألة عويصة من الميراث أو غيره ، أو سألته عن معنى حديث صعب ، فلو كان صادقاً فيما ادعاه لبيّن لك هذا أيضاً.

روي بسند صحيح عن أبي عبدالله عليه‌السلام انّه قال : انّ آية الكذّاب بأن يخبرك خبر السماء والأرض والمشرق والمغرب ، فاذا سألته عن حرام الله وحلاله لم يكن عنده شيء (١).

فلماذا هذا المدعي لفهم مسألة وحدة الوجود الغامضة ، وقصرت عقول جميع الفضلاء عن فهمها ، فلماذا لم يفهم مطلباً سهلاً حتى لو ذكّر به خمسين

__________________

وسلّم ، وقال أيضاً ما معناه : « انّ نار جهنّم سوف تصير برداً وسلاماً على أهلها ببركة أهل البيت عليهم‌السلام » ( اقتبسنا بعض هذه السطور من كتاب نداء التوحيد لمؤلفه الشيخ جوادي آملي ).

ومن العرفاء الذين اتّهموا بالتسنن أيضا ابن الفارض المصري ، لكن يظهر من سيرته وأعماله انّه من الشيعة حيث انّه ردّ صلة الملك ولم يحضر في مجلسه ، ولما أتاه الملك بنفسه لزيارته خرج من الباب الأُخرى ولم يلتق به ورفض في مرضه عطية الملك باتخاذه ضريحاً له عند قبر أُمّه بقبة الشافعي ، فرفض هذه العطيّة ولم يأذن للمك بذلك ، ولم نعهد هذه السيرة من علماء أبناء العامة ، فهذه إن دلّت على شيء فإنّما تدل على تشيعّه.

ويوجد بيتان في ديوان شعره يدلاّن على ولائه الخالص لأهل البيت عليهم‌السلام ، فأنه يقول في آخر قصيدته اليائية الساكنة :

ذهب العمر ضياعاً وانقضى

غير ما أُوليتُ من عِقدي ولا

باطلاً إذ لم أفز منكم بشيء

عترة المبعوث حقّاً من قُصي

وقصي جدّ النبي صلى الله وآله وسلّم الرابع ، فهو محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بن عبدالله بن عبد المطلب ابن عبد مناف بن قصي.

١ ـ الكافي ٢ : ٣٤٠ ح ٨ باب الكذب ـ عنه البحار ٧٢ : ٢٤٨ ح ١١ باب ١١٤.

٤٠٧

مرّة ولم يفهم ما يقوله هؤلاء الذين فهموا دقائق المعاني؟ ومع هذا لو اعترفوا انّ الكشف والانكشاف يجتمع مع الكفر ، وانّ كفار الهند ذو كشف ـ على تقرير انّ كشفهم واقعيّ ولم يريدوا الخدعة ـ فأيّ دلالة له على فضلهم؟

وبما انّ الكلام هنا كثير وذُكر ما يكتفى به لهداية طلاب الحق في أوّل الكتاب ، وفي اللمع السابقة ، وأماكن أخر من الكتاب أختصر في هذا الموضوع ، وأختم هذا الفصل بايراد أحاديث تناسب المقام في الجملة.

روى الشيخ الطبرسي في الاحتجاجات انّه : مرّ [ أمير المؤمنين عليه‌السلام وهو بالبصرة ] بالحسن البصري وهو يتوضأ ، فقال : يا حسن أسبغ الوضوء ، فقال : يا أمير المؤمنين لقد قتلت بالأمس أناساً يشهدون أن لا اله الاّ الله ، وحده لا شريك له ، وانّ محمداً عبده ورسوله ، يصلّون الخمس ، ويسبغون الوضوء.

فقال له أمير المؤمنين عليه‌السلام : قد كان ما رأيت ، فما منعك أن تعين علينا عدوّنا؟ فقال : والله لأُصدّقنّك يا أمير المؤمنين ، لقد خرجت في أوّل يوم فاغتسلت وتحنّطت وصببت عليّ سلاحي ، وأنا لا أشك في أنّ التخلف عن أمّ المؤمنين عائشة هو الكفر ، فلمّا انتهيت إلى موضع من الخريبة نادى مناد : يا حسن إلى أين؟ ارجع فإنّ القاتل والمقتول في النار.

فرجعت ذعراً وجلست في بيتي ، فلما كان في اليوم الثاني لم أشك انّ التخلّف عن أم المؤمنين عائشة هو الكفر ، فتحنّطت وصببت عليّ سلاحي وخرجت أريد القتال ، حتى انتهيت إلى موضع الخريبة ، فنادى مناد من خلفي : يا حسن إلى أين مرّة بعد أخرى فإنّ القاتل والمقتول في النار.

فقال عليّ عليه‌السلام : صدقت ، أفتدري من ذلك المنادي؟ قال : لا ، قال عليّ عليه

٤٠٨

السلام : ذاك أخوك ابليس ، وصدقك انّ القاتل والمقتول منهم في النار ... (١).

وروى أيضاً انّ أمير المؤمنين عليه‌السلام قال الحسن البصري : ... أما انّ لكلّ قوم سامري وهذا سامريّ هذه الامة ، أما انّه لا يقول لا مساس ولكن يقول لا قتال (٢).

ونقل مباحثات طويلة عنه مع الامام زين العابدين ومحمد الباقر عليهما‌السلام تدلّ على شقائه.

وروي بسند معتبر عن أبي جعفر الباقر عليه‌السلام انّه قال : ... فليذهب الحسن يميناً وشمالاً ، فوالله ما يوجد العلم الاّ هاهنا (٣).

واعلم انّ الحسن البصري أحد كبار الصوفية الذين ينسبون أنفسهم إليه ، ويأخذون أكثر الأحاديث عنه ، وقد ذكر مجمل من أحواله ، ومن مشايخهم أيضاً عباد البصري وذكرنا في اللمع السابقة وغيرها بعض من سوء أدبه ومعارضته مع عليّ بن الحسين عليهما‌السلام في باب الجهاد وغيره ، وطعن على الامام وعارضه.

روي في الكافي عن الفضيل انّه قال : كان عباد البصري عند أبي عبدالله عليه‌السلام يأكل ، فوضع أبو عبدالله عليه‌السلام يده على الأرض ، فقال له عباد : أصلحك الله أما تعلم انّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم نهى عن هذا ، فرفع يده فأكل ثمّ أعادها أيضاً ، فقال له أيضاً ، فرفعها ثم أكل فأعادها ، فقال له عباد أيضاً ، فقال له أبو عبدالله عليه‌السلام : لا والله ما نهى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عن هذا قط (٤).

__________________

١ ـ الاحتجاج ١ : ٤٠٢ ضمن حديث ٨٦ ـ عنه البحار ٣٢ : ٢٢٥ ح ١٧٥ باب ٤.

٢ ـ الاحتجاج ١ : ٤٠٤ ح ٨٧ ـ عنه البحار ٤٢ : ١٤١ ح ٢ باب ١٢٣.

٣ ـ الاحتجاج ٢ : ١٩٣ ضمن حديث ٢١٢ ـ عنه البحار ٤٢ : ١٤٢ ح ٣ باب ١٢٣.

٤ ـ الكافي ٦ : ٢٧١ ح ٥ باب الاكل متكئاً ـ عنه البحار ٤٧ : ٣٦٠ ح ٧٠ باب ٣٣.

٤٠٩

وروى أيضا بسند صحيح انّ أبا عبدالله عليه‌السلام قال لعبّاد بن كثير البصري الصوفي : ويحك يا عباد غرّك أن عفّ بطنك وفرجك ، انّ الله عز وجل يقول في كتابه : ( يَا أَيُّها الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا الله وَقُولُوا قَولاً سَدِيداً * يُصلِح لكم أعمَالكُم ) (١) اعلم انّه لا يتقبل الله منك شيئاً حتى تقول قولاً عدلاً (٢).

وروي في كتاب الاحتجاجات عن ثابت البناني انّه قال : كنت حاجّاً وجماعة من عبّاد البصرة مثل أيّوب السجستاني ، وصالح المري ، وعتبة الغلام ، وحبيب الفارسي ، ومالك بن دينار ، فلمّا أن دخلنا مكة رأينا الماء ضيّقاً ، وقد اشتدّ بالناس العطش لقلّة الغيث ، ففزع إلينا أهل مكة والحجاج يسألولننا أن نستسقي لهم ، فأتينا الكعبة وطفنا بها ، ثم سألنا الله خاضعين متضرّعين بها ، فمنعنا الاجابة.

فبينما نحن كذلك إذا نحن بفتى قد أقبل وقد أكربته أحزانه ، وأقلقته أشجانه (٣) ، فطاف بالكعبة أشواطاً ، ثم أقبل علينا فقال : يا مالك بن دينار ، ويا ثابت البناني ، ويا أيوب السجستاني ، ويا صالح المري ، ويا عتبة الغلام ، ويا حبيب الفارسي ، ويا سعد ، ويا عمر ، ويا صالح الأعمى ، ويا رابعة ، ويا سعدانة ، ويا جعفر بن سليمان ، فقلنا : لبيك وسعديك يا فتى.

فقال : أما فيكم أحد يحبّه الرحمن؟ فقلنا : يا فتى علينا الدعاء وعليه الاجابة ، فقال : ابعدوا عن الكعبة فلو كان فيكم أحد يحبّه الرحمن لأجابه ، ثم أتى الكعبة فخرّ ساجداً ، فسمعته يقول في سجوده : سيدي بحبّك لي الاّ سقيتهم الغيث.

قال : فما استتم الكلام حتى أتاهم الغيث كأفواه القرب ، فقلت : يا فتى من

__________________

١ ـ الاحزاب : ٧٠ و٧١.

٢ ـ الكافي ٨ : ١٠٧ ح ٨١ ـ عنه البحار ٤٧ : ٣٥٩ ح ٦٨ باب ٣٣.

٣ ـ الشجن ـ محركة ـ : الهم والحزن.

٤١٠

أين علمت انّه يحبك؟ قال : لو لم يحبّني لم يستزرني ، فلمّا استزارني علمت انّه يحبّني ، فسألته بحبّه لي فأجابني ثم ولّى عنّا ... فقلت : يا أهل مكة من هذا الفتى؟ قالوا : علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب صلوات الله عليهم أجمعين (١).

واعلم انّ هؤلاء القوم عند الصوفية من أكابر أولياء الله وهم لا يعرفون امام زمانهم ، ومناظرات ومنازعات طاووس اليماني مع الامام محمد الباقر عليه‌السلام كثيرة في كتب الحديث.

وروى ابن شهرآشوب انّه [ قدم إبراهيم بن أدهم الكوفة ... وذلك على عهد المنصور ، وقدمها جعفر بن محمد العلوي ] فخرج جعفر يريد الرجوع إلى المدينة ، فشيعّه العلماء وأهل الفضل من أهل الكوفة ، وكان فيمن شيّعه سفيان الثوري وإبراهيم بن أدهم ، فتقدّم المشيّعون له ، فاذا هم بأسد على الطريق.

فقال لهم إبراهيم بن أدهم : قفوا حتى يأتي جعفر فننظر ما يصنع ، فجاء جعفر عليه‌السلام فذكروا له الأسد ، فأقبل حتى دنا من الأسد فأخذ بأُذنه فنحاه عن الطريق ، ثم أقبل عليهم فقال : أما انّ الناس لو أطاعوا الله حقّ طاعته لحملوا عليه أثقالهم (٢).

وروى ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة انّ قوماً من المتصوّفة دخلوا خراسان على عليّ بن موسى الرضا عليه‌السلام فقالوا له : انّ أمير المؤمنين [ أي المأمون الملعون ] فكر فيما ولاّه الله من الأمور فرآكم أهل البيت أولى الناس أن تؤمّوا الناس.

__________________

١ ـ الاحتجاج ٢ : ١٤٩ ح ١٨٦ ـ عنه البحار ٤٦ : ٥٠ ح ١ باب ٤.

٢ ـ مناقب ابن شهرآشوب ٤ : ٢٤١ في خرق العادات له ـ عنه البحار ٤٧ : ١٣٩ ضمن حديث ١٨٨ باب ٢٧.

٤١١

ونظر فيك من أهل البيت ، فرآك أولى الناس بالناس فرأى أن يردّ هذا الأمر اليك ، والامامة تحتاج إلى من يأكل الجشب ، ويلبس الخشن ، ويركب الحمار ، ويعود المريض.

فقال لهم : انّ يوسف كان نبياً يلبس أقبية الديباج المزرّرة بالذهب ، ويجلس على متكآت آل فرعون ويحكم ، انّما يراد من الامام قسطه وعدله ، إذا قال صدق ، وإذا حكم عدل ، وإذا وعد أنجز ، انّ الله لم يحرّم لبوساً ولا مطعماً ، ثم قرأ : ( قُل مَن حَرَّمَ زِينَةَ اللهِ الّتي أََخرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيَّباتِ مِن الرِّزقِ ... ) (١) (٢).

وذكرنا في اللمعات كثيراً من قبيل هذه الأحاديث ، وقال الشيخ الطوسي عليه الرحمة والرضوان في كتاب الغيبة : ادعى جمع النيابة كذباً وافتراء وانفضحوا ، لأنّ النواب الحقيقيين كانت تجري المعاجز على أيديهم من قبل المعصوم ، فكان الناس تعرف نيابتهم بها ، وأوّل الكذابين الشريعي الذي ادعى النيابة كذباً ، وافتضح وورد التوقيع بلعنه ، قال الشيخ : قال هارون بن موسى التلعكبري : ثم ظهر منه القول بالكفر والالحاد.

قال : وكلّ هؤلاء المدعين انّما يكون كذبهم أوّلاً على الامام وانّهم وكلاؤه ، فيدعون الضعفة بهذا القول إلى موالاتهم ، ثم يترقّى الأمر بهم إلى قول الحلاّجيّة كما اشتهر من أبي جعفر الشلمغاني ونظرائهم عليهم جميعاً لعائن الله تترى (٣).

ثم قال : ومن الكذابين الحسين بن منصور الحلاّج ، وروي بسند معتبر عن هبة الله بن محمد الكاتب انّه قال : لما أراد الله تعالى أن يكشف أمر الحلاّج ويظهر

____________

١ ـ الاعراف : ٣٢.

٢ ـ شرح نهج البلاغة ١١ : ٣٤ في ذكر بعض مقامات العارفين والزهاد ـ عنه البحار ٧٠ : ١٢٠ ح ١١ باب ٥١.

٣ ـ كتاب الغيبة : ٣٧٠ ح ٣٦٨ باختلاف.

٤١٢

فضيحته ويخزيه وقع له انّ أبا سهل إسماعيل بن عليّ النوبختي رضي الله عنه ممّن تجوّز عليه مخرقته ، وتتمّ عليه حيلته ، فوجّه إليه يستدعيه ، وظنّ أنّ أبا سهل كغيره من الضعفاء في هذا الأمر بفرط جهله.

وقدّر أن يستجرّه إليه فيتمخرق به ويتسوّف بانقياده على غيره ، فيستتب له ما قصد إليه من الحيلة والبهرجة على الضعفة لقدر أبي سهل في أنفس الناس ، ومحلّه من العلم والأدب أيضاً عندهم ، ويقول له في مراسلته اياه :

انّي وكيل صاحب الزمان عليه‌السلام ـ وبهذا أولاً كان يستجرّ الجهال ثم يعلو منه إلى غيره ـ وقد أمرت بمراسلتك واظهار ما تريده من النصرة لك لتقوى نفسك ولا ترتاب بهذا الأمر.

فأرسل إليه أبو سهل رضي الله عنه يقول له : انّي أسألك أمراً يسيراً يخفّ مثله عليك في جنب ما ظهر على يديك من الدلائل والبراهين ، وهو انّي رجل أحبّ الجواري وأصبو اليهنّ ، ولي منهنّ عدّة أتحظّاهنّ ، والشيب يبعدني عنهنّ ويبغضني اليهنّ ، وأحتاج أن أخضبه في كلّ جمعة ، وأتحّمل منه مشقة شديدة لأستر عنهنّ ذلك والا انكشف أمري عندهنّ.

فصار القرب بعداً والوصال هجراً ، وأريد أن تغنيني عن الخضاب وتكفيني مؤنته ، وتجعل لحيتي سوداء ، فانّي طوع يديك ، وصائر إليك ، وقائل بقولك ، وداع إلى مذهبك مع ما لي في ذلك من البصيرة ولك من المعونة.

فلمّا سمع ذلك الحلاّج من قوله وجوابه علم انّه قد أخطأ في مراسلته ، وجهل في الخروج إليه بمذهبه ، وأمسك عنه ولم يرد إليه جواباً ، ولم يرسل إليه رسولاً ، وصيّره أبو سهل رضي الله عنه أُحدوثة وضحكة ويطنز به عند كلّ أحد ، وشهّر

٤١٣

أمره عند الصغير والكبير ، وكان هذا الفعل سبباً لكشف أمره وتنفير الجماعة عنه (١).

ثم ذكر الشيخ حكاية ضرب عليّ بن بابويه اياه واخراجه من قم بذلّ ولعنه ، ثم قال في ضمن قصة الشلمغاني وهو كذّاب آخر : انّ أمّ أبي جعفر الشلمغاني جاءت إلى أم كلثوم بنت محمد بن عثمان العمري من نواب الامام الحجة عليه‌السلام فانكبت على رجليها تقبلهما.

فقالت لها : لم تفعلين هذا؟ فقالت : كيف لا أفعل وأنت مولاتي فاطمة ، وقد انتقل روح النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى أبيك ، وروح أمير المؤمنين عليه‌السلام إلى بدن الشيخ أبي القاسم الحسين بن روح ، وروح مولاتنا فاطمة عليها‌السلام انتقلت إليك.

فأنكرت أم كلثوم هذا الكلام وجاءت إلى الحسين بن روح من السفراء العظماء شأناً وحكت عليه الخبر ، فقال ابن روح لها : يا بنية اياك أن تمضي إلى هذه المرأة بعد ما جرى منها ، ولا تقبلي لها رقعة إن كاتبتك ... فهذا كفر بالله تعالى والحاد ، قد أحكمه هذا الرجل الملعون [ يعني الشلمغاني ] في قلوب هؤلاء القوم ليجعله طريقاً إلى أن يقول لهم : بأنّ الله تعالى اتحد به وحلّ فيه كما يقول النصارى في المسيح عليه‌السلام ، ويعدو إلى قول الحلاّج لعنه الله (٢).

وذكر الشيخ الطبرسي رضي الله عنه في كتاب الاحتجاجات انّه : خرج التوقيع من صاحب الأمر عليه‌السلام على يد الشيخ أبي القاسم الحسين بن روح بلعن جمع ، منهم الحسين بن منصور الحلاج (٣).

__________________

١ ـ كتاب الغيبة : ٤٠١ ح ٣٧٦.

٢ ـ كتاب الغيبة : ٤٠٤ ضمن حديث ٣٧٨ بتغيير واختلاف.

٣ ـ راجع الاحتجاج ٢ : ٥٥٣ ، وذكرناه بتغيير حسب ما أورده المؤلّف قدس‌سره.

٤١٤

عزيزي! كان الغرض من ذكر هذه الأحاديث التي اكتفينا بالقليل من كثيرها بأنّك لو نظرت بعين الانصاف ، وتأملت بفكر صحيح في هذا القليل المذكور لظهر لك انّ هؤلاء القوم كانوا مخالفين للأئمة عليهم‌السلام دائماً ، وكان اطلاع العلماء الكبار ورواة أخبار الشيعة المعاصرين لهم أو كانوا قريباً من عصرهم أكثر من اطلاعي واطلاعك.

كان علمهم وفهمهم أكثر منهما في هذا العصر ، فأظهروا البراءة منهم وحكموا بكفرهم وإلحادهم ، فلو تركت طريق أهل البيت عالماً ، وسلكت طريق هؤلاء الضالين لم يكتب ذنبك على غيرك ، هدانا الله واياكم إلى الصراط المستقيم.

٤١٥

( خاتمة )

اعلم بما انّه وردت أذكار وأدعية كثيرة عن الأئمة الأطهار صلوات الله عليهم ، وانّ أكثر أهل البدع يرغبون الناس ويدعونهم إلى الأذكار والأوراد الواصلة اليهم من مشايخهم من العامة ، ولم يتمكن كل أحد من الوصول إلى الكتب المبسوطة التي ألّفها علماؤنا في هذا الباب ، لذا أحببت أن أختتم هذا الكتاب بذكر بعض فضائل الأذكار المنقولة كي يكون فيه مزيداً لانتفاع طلاب الحق بهذا الكتاب ، وهو يشتمل على بابين :

( الباب الأول )

في فضل الأذكار التي لم تختص بوقت دون وقت

وفي فصول :

( الفصل الأول )

في فضل التسبيحات الأربع

روي بسند معتبر عن الحسن بن عليّ عليه‌السلام انّه قال : جاء نفر من اليهود إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فسأله أعلمهم عن مسائل ، فكان فيما سأله أن قال له : يا محمد أخبرني عن الكلمات التي اختارهنّ الله لابراهيم عليه‌السلام حيث بنى البيت ، قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : نعم ، سبحان الله والحمد لله ولا اله الاّ الله والله أكبر ....

قال اليهودي : ... فما جزاء قائلها؟ قال : إذا قال العبد سبحان الله ، سبّح معه ما

٤١٦

دون العرش فيعطي قائلها عشر أمثلها ، وإذا قال : الحمد لله ، أنعم الله عليه بنعيم الدنيا موصولاً بنعيم الآخرة ، وهي الكلمة التي يقولها أهل الجنّة إذا دخلوها ، وينقطع الكلام الذي يقولونه في الدنيا ما خلا الحمد لله ....

وأما قوله : لا اله الاّ الله ، فالجنّة جزاؤه ، وذلك قوله عزّ وجلّ : ( هَل جَزَاءُ الاِحسَانٍ الاّ الاِحسَانُ ) (١) يقول : هل جزاء لا اله الاّ الله الاّ الجنّة ، فقال اليهودي : صدقت يا محمد ... (٢).

وروي بسند معتبر آخر عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم انّه قال : من قال : سبحان الله ، غرس الله له بها شجرة في الجنّة ، ومن قال : الحمد لله ، غرس الله له بها شجرة في الجنّة ، ومن قال : لا اله الاّ الله ، غرس الله له بها شجرة في الجنّة ، ومن قال : الله أكبر ، غرس الله له بها شجرة في الجنّة.

فقال رجل من قريش : يا رسول الله انّ شجرنا في الجنّة لكثير ، قال : نعم ، ولكن اياكم أن ترسلوا عليها نيراناً فتحرقوها ، وذلك انّ الله عزّ وجلّ يقول : ( يَا أََيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ ولاَ تُبطِلُوا أَعمَالَكُم ) (٣ ) ( ٤).

وروي بسند معتبر عن أمير المؤمنين عليه‌السلام انّه قال : جاء الفقراء إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقالوا : يا رسول الله انّ للأغنياء ما يعتقون وليس لنا ، ولهم ما يحجّون وليس لنا ، ولهم ما يتصدّقون به وليس لنا ، ولهم ما يجاهدون به وليس لنا.

فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من كبّر الله تبارك وتعالى مائة مرّة كان أفضل من عتق

__________________

١ ـ الرحمن : ٦٠.

٢ ـ البحار ٩٣ : ١٦٦ ح ١ باب ٢ ـ عن أمالي الصدوق.

٣ ـ محمد : ٣٣.

٤ ـ البحار ٩٣ : ١٦٨ ح ٣ باب ٢ ـ عن أمالي الصدوق.

٤١٧

مائة رقبة ، ومن سبّح الله مائة مرة كان أفضل من سياق مائة بدنة ، ومن حمد الله مائة مرّة كان أفضل من حملان مائة فرس في سبيل الله بسرجها ولجمها وركبها ، ومن قال : لا اله الاّ الله مائة مرّة كان أفضل الناس عملاً ذلك اليوم إلاّ من زاد.

قال : فبلغ ذلك الأغنياء فصنعوه ، قال : فعادوا إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقالوا : يا رسول الله قد بلغ الأغنياء ما قلت فصنعوه ، فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء (١).

وروي بسند معتبر عن عليّ الرضا عليه‌السلام انّه قال : انّ الله تبارك وتعالى أوجب على نفسه أن لا يكبّره مؤمن مائة تكبيرة ، ويحمده مائة تحميدة ، ويسبّحه مائة تسبيحة ، ويهلّله مائة تهليلة ، ويصلّي على محمد وآله محمد مائة مرّة ثم يقول : اللهم زوّجني من الحور العين ، الاّ زوّجه الله حوراء من الجنّة ، وجعل ذلك مهرها.

فمن ثمّ أوحى الله عزّ وجلّ إلى نبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن يسنّ مهور المؤمنات خمسمائة درهم ، ففعل ذلك رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (٢).

وروي بسند معتبر انّه : اكثروا من التهليل والتكبير فانّه ليس شيء أحبّ إلى الله عزّ وجلّ من التهليل والتكبير (٣).

وروي بسند معتبر عن أمير المؤمنين عليه‌السلام انّه قال : التسبيح نصف الميزان ، والحمد لله يملأ الميزان ، والله أكبر يملأ ما بين السماء والأرض (٤).

__________________

١ ـ البحار ٩٣ : ١٧٠ ح ١١ باب ٢ ـ عن أمالي الصدوق.

٢ ـ البحار ٩٣ : ١٧٠ ح ١٠ باب ٢ ـ عن علل الشرائع.

٣ ـ الكافي ٢ : ٥٠٦ ح ٢ باب التسبيح والتهليل والتكبير ـ الوسائل ٤ : ١٢٠٩ ح ١ باب ٣٢.

٤ ـ الكافي ٢ : ٥٠٦ ح ٣ باب التسبيح والتهليل والتكبير ـ الوسائل ٤ : ١٢٠٥ ح ١ باب ٣١.

٤١٨

وروي بسند معتبر عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم انّه قال : أكثروا من سبحان الله والحمد لله ولا اله الاّ الله والله أكبر ، فانّهنّ يأتين يوم القيامة لهنّ مقدّمات ومؤخرات ومعقبات ، وهنّ الباقيات الصالحات (١).

وروي بسند معتبر عن أبي عبدالله عليه‌السلام انّه قال : التفت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى أصحابه فقال : اتخذوا جنناً ، فقالوا : يا رسول الله أمن عدوّ قد أظلّنا؟ قال : لا ، ولكن من النار قولوا : سبحان الله والحمد لله ولا اله الاّ الله والله أكبر (٢).

وروي بسند معتبر عن أبي جعفر الباقر عليه‌السلام انّه قال : من قال سبحان الله من غير تعجّب خلق الله منها طائراً له لسان وجناحان يسبّح الله عنه في المسبحين حتى تقوم الساعة ، ومثل ذلك الحمد لله ولا اله الاّ الله والله أكبر (٣).

( الفصل الثاني )

في فضل التهليل ، وفضل أنواعه

روي عن رسول الله صلّى عليه وآله وسلّم انّه قال : قال الله جلّ جلاله لموسى : يا موسى لو انّ السماوات وعامريهنّ عندي والأرضين السبع في كفّة ، ولا اله الاّ الله في كفّة مالت بهنّ لا اله الاّ الله (٤).

وروي بسند معتبر عن أبي جعفر الباقر عليه‌السلام انّه قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : لقنوا موتاكم « لا اله الاّ الله » فانّها تهدم الذنوب ، فقالوا : يا رسول الله فمن

__________________

١ ـ البحار ٩٣ : ١٧١ ح ١٢ باب ٢ ـ الوسائل ٤ : ١٢٠٦ ح ٣ باب ٣١ ـ عن ثواب الأعمال.

٢ ـ البحار ٩٣ : ١٧١ ح ١٣ باب ٢ ـ عن ثواب الأعمال.

٣ ـ البحار ٩٣ : ١٧٢ ح ١٤ باب ٢ ـ عن ثواب الأعمال.

٤ ـ البحار ٩٣ : ١٩٦ ح ١٨ باب ٥ ـ عن ثواب الأعمال.

٤١٩

قال في صحته؟ فقال : فذاك أهدم وأهدم ، انّ لا اله الاّ الله أُنس للمؤمن في حياته ، وعند موته وحين يبعث.

وقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : قال جبرئيل : يا محمد لو تراهم حين يبعثون ، هذا مبيضّ وجهه ينادي : لا اله الاّ الله والله أكبر ، وهذا مسودّ وجهه ينادي : يا ويلاه يا ثبوراه (١).

وروي بسند آخر عنه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم انّه قال : ثمن الجنّة لا اله الاّ الله(٢).

وروي بسند آخر عنه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم انّه قال : من قال لا اله الاّ الله غرست له شجرة في الجنّة من ياقوتة حمراء ، منبتها في مسك أبيض أحلى من العسل ، وأشدّ بياضاً من الثلج ، وأطيب ريحاً من المسك فيها ثمار أمثال أثداء الأبكار ، تفلق عن سبعين حلّة (٣).

وروي بسند معتبر عن أبي جعفر الباقر عليه‌السلام انّه قال : ما من شيء أعظم ثواباً من شهادة أن لا اله الاّ الله (٤).

وروي بسند معتبر عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم انّه قال : خير العبادة قول لا اله الاّ الله (٥).

وروي عن أمير المؤمنين عليه‌السلام انّه قال : ما من عبد مسلم يقول : لا اله الاّ الله الاّ صعدت تخرق كلّ سقف لا تمرّ بشيء من سيئاته الاّ طلستها ، حتى تنتهي إلى

__________________

١ ـ البحار ٩٣ : ٢٠٠ ح ٣٢ باب ٥ ـ عن ثواب الأعمال.

٢ ـ البحار ٩٣ : ٢٠١ ح ٣٣ باب ٥ ـ عن ثواب الأعمال.

٣ ـ البحار ٩٣ : ٢٠١ ح ٣٤ باب ٥ ـ عن ثواب الأعمال.

٤ ـ الكافي ٢ : ٥١٦ ح ١ باب من قال لا اله الاّ الله.

٥ ـ البحار ٩٣ : ١٩٥ ح ١٣ باب ٥ ـ عن التوحيد للصدوق.

٤٢٠