عين الحياة - ج ٢

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

عين الحياة - ج ٢

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


المحقق: السيد هاشم الميلاني
الموضوع : الأخلاق
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ١
الصفحات: ٤٧١

والاستغفار عند الذنب ، والشكر عند النعمة (١).

وقال عليه‌السلام في حديث آخر : انّ الله جعل أرزاق المؤمنين من حيث لم يحتسبوا ، وذلك انّ العبد إذا لم يعرف وجه رزقه كثر دعاؤه (٢).

وقال عليه‌السلام في حديث آخر : من اُعطي أربعاً لم يحرم أربعاً ، من اُعطي الدعاء لم يحرم الاجابة ، ومن اُعطي الاستغفار لم يحرم التوبة ، ومن اُعطي الشكر لم يحرم الزيادة ، ومن اُعطي الصبر لم يحرم الأجر (٣).

( النجم الثاني )

في آداب الدعاء

اعلم انّ الدعاء هو التكلم مع قاضي الحاجات ، وعرض الحوائج عليه فلابدّ أن يفهم الانسان معنى الدعاء ، وأن يدعو مع حضور القلب ، وليراع على الاقلّ الآداب التي يراعيها في طلب الحوائج من مخلوق مثله في العجز وعدم القدرة ، فليراعيها في طلب الحوائج من الله العظيم الخالق والرازق والمالك لجميع الأمور ، وظاهرٌ انّ الذي يريد حاجة من مخلوق يراعي أموراً فيها البتة.

الأول منها : أن يعلم ما يقول ، فلو تكلّم مع شخص عظيم من دون أن يعلم ما يقول وبقلب لاه ، فإن لم يعاقبوه لا يعتنو بكلامه ، فلابدّ أن يكون حاضر القلب عند المناجات مع الله تعالى ، ويعلم ما يقول وبما يجرى على لسانه ، ويطلب بجد

__________________

١ ـ أمالي الطوسي : ٢٠٤ ح ٥١ مجلس ٧ ـ عنه البحار ٩٣ : ٢٨٩ ح ٦ باب ١٦.

٢ ـ أمالي الصدوق : ١٥٣ ح ٦ مجلس ٣٤ ـ عنه البحار ٩٣ : ٢٨٩ ح ٧ باب ١٦.

٣ ـ الخصال : ٢٠٢ ح ١٦ باب ٤ ـ عنه الوسائل ٤ : ١٠٨٧ ح ١٦ باب ٢.

١٠١

وجهد ولا يكون غير مهتمّ بحوائجه.

كما روي عن أمير المؤمنين عليه‌السلام انّه قال : لا يقبل الله عزّوجلّ دعاء قلب لاه ، وكان عليّ عليه‌السلام يقول : إذا دعا أحدكم للميت فلا يدعو له وقلبه لاه عنه ، ولكن ليجتهد له في الدعاء (١).

وقال أبو عبدالله عليه‌السلام : انّ الله عزّوجلّ لا يستجيب دعاء بظهر قلب قاس(٢).

وقال عليه‌السلام في حديث آخر : انّ الله عزّوجل لا يستجيب دعاء بظهر قلب ساه ، فاذا دعوت فأقبل بقلبك ثم استيقن بالاجابة (٣).

الثاني : انّ من يلوذ إلى شخص لدفع الشدائد لابدّ أن يكون ملازماً له دائماً ، ويأتيه في غير الشدائد لكي لا يستحي في اللجوء إليه في الشدائد ، فكذلك لابدّ أن يدعو الانسان في حال النعمة ، ويتضرّع ولا ينس الله تعالى بكثرة النعم ووفورها حتى تقضى حاجاته سريعاً في الشدائد والمحن إذا لجأ إليه ، مع انّ الانسان لا يخلو في كلّ آن من مئات الآلاف من حوائج الدنيا والآخرة.

كما روي بسند صحيح عن أبي عبدالله عليه‌السلام انّه قال : من تقدّم في الدعاء استجيب له إذا نزل به البلاء ، وقالت الملائكة : صوت معروف ، ولم يحجب عن السماء ، ومن لم يتقدّم في الدعاء لم يستجيب له إذا نزل به البلاء ، وقالت الملائكة : انّ ذا صوت لا نعرفه (٤).

____________

١ ـ الكافي ٢ : ٤٧٣ ح ٢ ، باب الاقبال على الدعاء ـ الوسائل ٤ : ١١٠٦ ح ٣ باب ١٦.

٢ ـ الكافي ٢ : ٤٧٤ ح ٤ ، باب الاقبال على الدعاء ـ الوسائل ٤ : ١١٠٦ ح ٤ باب ١٦.

٣ ـ الكافي ٢ : ٤٧٣ ح ١ باب الاقبال على الدعاء ـ الوسائل ٤ : ١١٠٥ ح ٢ باب ١٦.

٤ ـ الكافي ٢ : ٤٧٢ ح ١ باب التقدم في الدعاء ـ الوسائل ٤ : ١٠٩٦ ح ١ باب ٩.

١٠٢

وقال عليه‌السلام في حديث آخر : من سرّه أن يستجاب له في الشدّة فليكثر الدعاء في الرخاء (١).

الثالث : انّ من يحتاج إلى مخلوق يقدّم إليه الخدمات اللائقة حتى يكون مرضيّاً عنده ، ويجتنب عمّا يكرهه لغرض قضاء حاجته إذا حتاج إليه ، فكذلك عند الله ، فكلّ من عبدالله وأطاعه أكثر ، كان دعاؤه أقرب للاجابة ، كما أشار النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في هذا الحديث الشريف إليه حيث قال : « مثل الذي يدعو بغير عمل ، كمثل الذي يرمي بغير وتر ».

وقال أمير المؤمنين عليه‌السلام : ... خير الدعاء ما صَدَرَ عن صَدرٍ تقيّ ، وقلب نقيّ ، وفي المناجات سبب النجاة ، وبالاخلاص يكون الخلاص ، فاذا اشتدّ الفزع فإلى الله المفزع (٢).

وروي بسند معتبر عن أبي عبدالله عليه‌السلام انّه قال له رجل : جعلت فداك انّ الله يقول : ( اُدعُونِي اَستَجِب لَكُم ) (٣) فانّا ندعو فلا يستجاب لنا.

قال : لانكم لا تفون الله بعهده ، وانّ الله يقول : ( أَوفُوا بِعهدِي اُوفِ بِعَهدِكُم ) (٤) والله لو وفيتم لله لوفى الله لكم (٥).

وروي عن نوف البكالي انّه قال : قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : ... انّ الله عزّوجلّ أوحى إلى عيسى بن مريم عليه‌السلام : قل للملأ من بني اسرائيل لا يدخلوا بيتاً من بيوتي الاّ بقلوب طاهرة ، وأبصار خاشعة ، واكفّ نقيّة.

__________________

١ ـ الكافي ٢ : ٤٧٢ ح ٤ باب التقدم في الدعاء ـ الوسائل ٤ : ١٠٩٦ ح ٣ باب ٩.

٢ ـ البحار ٩٣ : ٣٤١ ح ١٢ باب ٢٠.

٣ ـ غافر : ٦.

٤ ـ البقرة : ٤٠.

٥ ـ البحار ٩٣ : ٣٦٨ ح ٣ باب ٢٤ ـ عن تفسير القمي.

١٠٣

وقل لهم : اعلموا انّي غير مستجيب لأحد منكم دعوة ولأحد من خلقي قبله مظلمة ... (١).

ومضى في الأبواب السابقة انّ من سرّه أن يستجاب له دعوته فليطب مكسبه (٢).

والظاهر انّ الانسان كلّما ازداد قرباً كان دعاؤه أقرب للاجابة ، كما في السلاطين فإنّ كلّ من كان أقرب كان قضاء حاجته أسرع ، وكما قلنا أيضاً انّ كلّما ازدادت المناسبة مع الفاعل تزداد قابلية الاستفاضة ، والمانع من الفيض انّما هو من طرف القابل ، فكلّما كمل القابل ازدادت قابلية الرحمة ، وازداد الفيض.

الرابع : من شرائط استجابة الدعاء كمال معرفة الرب الذي يطلب منه الحوائج ، وأشرنا سابقاً إلى مجمل منه بأن الفيض يكون على قدر معرفة الانسان لربّه ، فكلّما كان في القدرة والرحمة والكرم والعظمة والجلال وسائر الصفات الكمالية أعرف يكون تأثيرها أكثر عنده.

وإلى هذا المعنى يشير الحديث القدسي المروي بأسانيد متضافره بـ « انّي عند ظنّ عبدي المؤمن » أي كلّما كان ظنّه أحسن كانت معاملتي معه أفضل.

روي بسند معتبر عن أبي الحسن موسى عليه‌السلام انّه قال : قال قوم للصادق عليه‌السلام : ندعو فلا يستجاب لنا قال : لانكم تدعون من لا تعرفونه (٣).

وروي عن أبي عبدالله عليه‌السلام انّه قال : إذا دعوت فظنّ أنّ حاجتك

__________________

١ ـ الخصال : ٣٣٧ ح ٤٠ باب ٦ ـ عنه البحار ٩٣ : ٣٥٦ ح ٩ باب ٢٢.

٢ ـ الكافي ٢ : ٤٨٦ ح ٩ باب الثناء قبل الدعاء.

٣ ـ التوحيد : ٢٨٨ ح ٧ باب ٤١ ـ عنه البحار ٩٣ : ٣٦٨ ح ٤ باب ٢٤.

١٠٤

بالباب (١).

وقال عليه‌السلام في حديث آخر : إذا أراد أحدكم الاّ يسأل الله شيئاً الاّ اعطاه ، فلييأس من الناس كلّهم ، ولا يكون له رجاء الاّ من عند الله عزّوجلّ ، فاذا علم الله ذلك من قلبه لم يسأل الله شيئاً الاّ أعطاه ... (٢).

ويأتي هذا المعنى في السؤال من المخلوقين أيضاً ، فكلّ من عرف عظمة الملك ووسعة ملكه وخزائنه وكرمه أكثر ، توقّع العطاء منه أكثر ، والملك أيضاً يكرمه حسب توقعه ومعرفته ، والكلام هنا كثير لا تسعه هذه الرسالة.

الخامس : من شرائط الاجابة المبالغة والالحاح في الدعاء ، والالحاح إلى المخلوقين قبيح لقلة كرمهم وتحمّلهم ، لكنّ الله تعالى يحب الالحاح والمبالغة في المسألة لوسعة كرمه ولطفه ورحمته غير المتناهية ، كما روي عن أبي جعفر الباقر عليه‌السلام انّه قال : انّ الله عزّوجلّ كره الحاح الناس بعضهم على بعض في المسألة وأحبّ ذلك لنفسه ، انّ الله عزّوجلّ يحب أن يسأل ويطلب ما عنده (٣).

وقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : رحم الله عبداً طلب من الله عزّوجلّ حاجة ، فألحّ في الدعاء ، استجيب له أو لم يستجب له ... (٤).

وقال أبو عبدالله عليه‌السلام : انّ العبد إذا دعا لم يزل الله تبارك وتعالى في حاجته ما لم يستعجل (٥).

__________________

١ ـ الكافي ٢ : ٤٧٣ ح ١ باب اليقين في الدعاء.

٢ ـ أمالي الطوسي : ٣٦ ح ٧ مجلس ٢ ـ عنه البحار ٩٣ : ٣٥٥ ح ٤ باب ٢٢.

٣ ـ الكافي ٢ : ٤٧٥ ح ٤ باب الالحاح في الدعاء ـ الوسائل ٤ : ١١٠٩ ح ٢ باب ٢٠.

٤ ـ الكافي ٢ : ٤٧٥ ح ٦ باب الالحاح في الدعاء ـ الوسائل ٤ : ١١٠٩ ح ٤ باب ٢٠.

٥ ـ الكافي ٢ : ٤٧٤ ح ١ باب الالحاح في الدعاء ـ الوسائل ٤ : ١١٠٦ ح ٢ باب ١٧.

١٠٥

وقال عليه‌السلام في حديث آخر : انّ الله تبارك وتعالى يعلم ما يريد العبد إذا دعاه ، ولكنّه يحبّ أن تبثّ إليه الحوائج ، فاذا دعوت فسمّ حاجتك ... (١).

السادس : من آداب الدعاء الاخفاء فيه ، لأنّ طلب الحوائج خفية أحبّ عند الكرماء ، والدعاء المخفيّ أقرب للاخلاص وأبعد من الرياء ، كما روي عن عليّ بن موسى الرضا عليه‌السلام انّه قال : دعوة تخفيها أفضل عند الله من سبعين دعوة تظهرها(٢).

وان كانت له حاجة عظيمة فليستعن بدعاء المؤمنين ، ولا بأس بالدعاء في اجتماعاتهم أيضاً ، وان كان منظوره حقارة دعائه ونفسه وأمن من الرياء ، فالدعاء في المجامع أفضل وبركات أنفاس المؤمنين واجتماعاتهم كثيرة ، فيدخل نفسه في البركات والرحمة العامة النازلة عليهم فإنّ ذلك فوز عظيم ، كما روي عن أبي عبدالله عليه‌السلام انّه قال :

« ما من رهط أربعين رجلاً اجتمعوا فدعوا الله عزّوجلّ في أمر الاّ استجاب الله لهم ، فإن لم يكونوا أربعين فأربعة يدعون الله عزّوجلّ عشر مرّات إلاّ استجاب الله لهم ، فإن لم يكونوا أربعة فواحد يدعو الله أربعين مرّة فيستجيب الله العزيز الجبار له » (٣).

وقال عليه‌السلام : ما اجتمع أربعة رهط قطّ على أمر واحد ، فدعوا الله الاّ تفرّقوا عن اجابة (٤).

__________________

١ ـ الكافي ٢ : ٤٧٦ ح ١ باب تسمية الحاجة في الدعاء ـ الوسائل ٤ : ١٠٩١ ح ١ باب ٥.

٢ ـ الكافي ٢ : ٤٧٦ ح ١ باب اخفاء الدعاء ـ الوسائل ٤ : ١١١٣ ح ٢ باب ٢٢.

٣ ـ الكافي ٢ : ٤٨٧ ح ١ باب الاجتماع في الدعاء ـ الوسائل ٤ : ١١٤٣ ح ١ باب ٣٨.

٤ ـ الكافي ٢ : ٤٨٧ ح ٢ باب الاجتماع في الدعاء ـ الوسائل ٤ : ١١٤٣ ح ٢ باب ٣٨.

١٠٦

وقال عليه‌السلام : كان أبي عليه‌السلام إذا حزنه أمر جمع النساء والصبيان ثم دعا وأمّنوا (١).

وقال عليه‌السلام : الداعي والمؤمّن في الأجر شريكان (٢).

السابع : رعاية الأوقات التي تظنّ الاجابة فيها لأنّ الله تعالى جعل لبعض الأماكن والأزمنة دخلاً في استجابة الدعاء ، كما روي عن أبي عبدالله عليه‌السلام انّه قال : اطلبوا الدعاء في أربع ساعات ، عند هبوب الرياح ، وزوال الافياء ، ونزول القطر ، وأوّل قطرة من دم القتيل المؤمن ، فإنّ أبواب السماء تفتح عند هذه الأشياء (٣).

وقال عليه‌السلام : يستجاب الدعاء في أربعة مواطن ، في الوتر ، وبعد الفجر ، وبعد الظهر ، وبعد المغرب (٤).

وقال أمير المؤمنين عليه‌السلام : اغتنموا الدعاء عند أربع ، عند قراءة القرآن ، وعند الأذان ، وعند نزول الغيث ، وعند التقاء الصفّين للشهادة (٥).

وقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : خير وقت دعوتم الله عزّوجلّ فيه الأسحار ... (٦).

وروي [ عن أبي عبدالله عليه‌السلام انّه قال : كان أبي ] إذا طلب الحاجة طلبها عند

__________________

١ ـ الكافي ٢ : ٤٨٧ ح ٣ باب الاجتماع في الدعاء ـ الوسائل ٤ : ١١٤٤ ح ٣ باب ٣٩.

٢ ـ الكافي ٢ : ٤٨٧ ح ٤ باب الاجتماع في الدعاء ـ الوسائل ٤ : ١١٤٤ ح ١ باب ٣٩.

٣ ـ الكافي ٢ : ٤٧٨ ح ١ باب الأوقات والحالات التي ترجى فيها الأجابة ـ الوسائل ٤ : ١١١٤ ح١ باب ٢٣.

٤ ـ الكافي ٢ : ٤٧٧ ح ٢ باب الاوقات والحالات التي ترجى فيها الاجابة.

٥ ـ الكافي ٢ : ٤٧٧ ح ٣ باب الاوقات والحالات التي ترجى فيها الاجابة ـ الوسائل ٤ : ١١١٤ ح ٢ باب ٢٣.

٦ ـ الكافي ٢ : ٤٧٧ ح ٦ باب الاوقات والحالات التي ترجى فيها الاجابة ـ الوسائل ٤ : ١١١٧ ح ٢ باب ٢٥.

١٠٧

زوال الشمس ، فاذا أراد ذلك قدّم شيئاً فتصدّق به ، وشمّ شيئاً من الطيب ، وراح إلى المسجد ، ودعا في حاجته بما شاء الله (١).

وقال أبو جعفر الباقر عليه‌السلام : أنّ الله عزّوجلّ يحبّ من عباده المؤمنين كلّ عبد دعّاءٍ ، فعليكم بالدعاء في السحر إلى طلوع الشمس ، فانّها ساعة تفتح فيها أبواب السماء ، وتقسم فيها الأرزاق ، وتقضى فيها الحوائج العظام (٢).

وقال أبو عبدالله عليه‌السلام : انّ في الليل لساعة ما يوافقها عبدٌ مسلم ثم يصلّي ويدعوا الله عزّوجلّ فيها الاّ استجاب له في كلّ ليلة ، قلت : أصلحك الله وأيّ ساعة هي من الليل؟ قال : إذا مضى نصف الليل ، وهي السدس الأوّل من أوّل النصف (٣).

وقال عليه‌السلام في حديث آخر : ثلاثة أوقات لا يُحجب فيها الدعاء عن الله تعالى : في أثر المكتوبة ، وعند نزول المطر ، وظهور آية معجزة لله في أرضه (٤).

وقال أمير المؤمنين عليه‌السلام : من كانت له إلى ربّه عزّوجلّ حاجة ، فليطلبها في ثلاث ساعات : ساعة في يوم الجمعة ، وساعة تزول الشمس حين تهبّ الرياح وتفتح أبواب السماء ، وتنزل الرحمة ، ويصوّت الطير ، وساعة في آخر الليل عند طلوع الفجر ، فإنّ ملكين يناديان : هل من تائب يتاب عليه؟ هل من سائل يعطى؟ هل من مستغفر فيغفر له؟ هل من طالب حاجه فتقضى له؟

فأجيبوا داعي الله ، واطلبوا الرزق فيما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس ، فانّه أسرع في طلب الرزق من الضرب في الأرض ، وهي الساعة التي يقسم الله

__________________

١ ـ الكافي ٢ : ٤٧٧ ح ٧ باب الاوقات والحالات التي ترجى فيها الاجابة الوسائل ٤ : ١١١٦ ح ١ باب ٢٤.

٢ ـ الكافي ٢ : ٤٧٨ ح ٩ باب الاوقات والحالات التي ترجى فيها الاجابة ـ الوسائل ٤ : ١١١٧ ح ٣ باب ٢٥.

٣ ـ الكافي ٢ : ٤٧٨ ح ١٠ باب الأوقات والحالات التي ترجى فيها الاجابة ـ الوسائل ٤ : ١١١٨ ح ١ و٢ باب ٢٦.

٤ ـ أمالي الطوسي : ٢٨٠ ح ٨٠ مجلس ١٠ ـ عنه البحار ٩٣ : ٣٤٣ ح ٣ باب ٢١.

١٠٨

فيها الرزق بين عباده.

وقال عليه‌السلام : تفتح لكم أبواب السماء في خمس مواقيت : عند نزول الغيث ، وعند الزحف ، وعند الأذان ، وعند قراءة القرآن ، ومع زوال الشمس ، وعند طلوع الفجر (١).

وقال أبو عبدالله عليه‌السلام في الساعة التي يستجاب فيها الدعاء يوم الجمعة : ما بين فراغ الامام من الخطبة إلى أن تستوي الصفوف ، وساعة اُخرى من آخر النهار إلى غروب الشمس ... (٢).

وقال عليه‌السلام : انّ ساعة الاستجابة أوّل الزوال (٣).

وروي عن علي بن الحسين عليه‌السلام عن فاطمة بنت النبي صلوات الله عليها قالت : سمعت النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول : انّ في الجمعة لساعة لا يراقبها رجل مسلم يسأل الله عزّوجلّ فيها خيراً الاّ أعطاه ايّاه.

قالت : فقلت : يا رسول الله أيّ ساعة هي؟ قال : إذا تدلّى نصف عين الشمس للغروب ، قال : وكانت فاطمة عليها‌السلام تقول لغلامها : اصعد على الضراب ، فاذا رأيت نصف عين الشمس قد تدلّى للغروب فأعلمني حتى أدعو (٤).

وروي بسند معتبر عن أبي عبدالله عليه‌السلام انّه قال : ... عليك بالدعاء وأنت ساجد ، فإنّ أقرب ما يكون العبد إلى الله وهو ساجد ... (٥).

__________________

١ ـ البحار ٩٣ : ٣٤٣ ح ٤ باب ٢١ ـ الوسائل ٤ : ١١١٧ ح ١ باب ٢٥ ـ عن الخصال.

٢ ـ البحار ٩٣ : ٣٤٨ ضمن حديث ١٤ باب ٢١ ـ عن دعوات الراوندي.

٣ ـ مضمون النص.

٤ ـ معاني الأخبار : ٣٩٩ ح ٥٩ باب نوادر المعاني ـ عنه البحار ٨٩ : ٢٦٩ ح ٨ باب ٩٥.

٥ ـ الكافي ٣ : ٣٢٤ ضمن حديث ١١ باب السجود والتسبيح والدعاء فيه ...

١٠٩

الثامن : من شرائط الدعاء وآدابه التضرّع والانكسار والابتهال ، كما روي عن أبي عبدالله عليه‌السلام انّه قال : إذا رق أحدكم فليدع ، فإنّ القلب لا يرقّ حتى يخلص(١).

وقال عليه‌السلام : إذا اقشعرّ جلدك ، ودمعت عيناك ، فدونك دونك ، فقد قصدك قصدك (٢).

وقال عليه‌السلام [ لابي بصير : ] ان خفت أمراً يكون ، أو حاجة تريدها فابدأ بالله ومجّده ، وأثن عليه كما هو أهله ، وصلّ على النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وسل حاجتك ، وتباك ولو مثل رأس الذباب ، انّ أبي عليه‌السلام كان يقول : انّ أقرب ما يكون العبد من الرب عزّوجلّ وهو ساجد باك (٣).

والتضرع في الدعاء ـ على ما يوافق الأحاديث المعتبرة ـ هو انّه إذا كان في مقام الرغبة والرجاء يستقبل ببطن كفيه إلى السماء ، كما تصنع فيما لو أردت شيئاً من أحد ، وان كنت في مقام الخوف استقبل بظهر كفيك إلى السماء أي أنّي آيس من أعمالي ولا أقدر على الطلب منك لكثرة سوء أعمالي.

ويحرّك اصبع سبابته اليمنى في حال التضرع يميناً وشمالاً بأنّي لا أعلم أأكون من أصحاب اليمين أم من أصحاب الشمال ، أو انّي من المحسنين أم من المسيئين.

وترفع سبابة يدك اليسرى عند التبتل والانقطاع ، وتضعه كالذي يطلب شيئاً من شخص بابرام ، أو أشارة إلى انّي لا أعلم أترفعني أم تضعني ، وان كثر البكاء

__________________

١ ـ الكافي ٢ : ٤٧٧ ح ٥ ـ الوسائل ٤ : ١١٢٠ ح ١ باب ٢٨.

٢ ـ الكافي ٢ : ٤٧٨ ح ٨ ـ الوسائل ٤ : ١١٢١ ح ٣ باب ٢٨.

٣ ـ الكافي ٢ : ٤٨٣ ح ١٠ ـ الوسائل ٤ : ١١٢٢ ح ٤ باب ٢٩.

١١٠

وظهرت أسباب وعلائم الاجابة ترفع يديك من قبل رأسك أو تقدمها من امامك كأنّه اعطيت حاجتك ، فترفع يدك لتأخذها.

عزيزي انظر إلى الله تعالى من ذلك الجلال والعظمة والاستغناء كيف يعامل سائلي احسانه ، وأيّ جسارات أجاز لهم ، كيف قرّب نفسه إليهم مع رفعة شأنه ، فدعاهم بهذه الوسائل إلى معرفته.

وانظر إلى العباد مع غاية احتياجهم ودناءتهم بأيّ نحو من الاستغناء يتعاملون مع ربّهم ويسلكون معه ، ويولّون عن هكذا ربّ كريم دائم الاحسان للصالحين والطالحين ، ويتوجهون إلى الممكنات العاجزة اللئيمة ، فيحرمون أنفسهم من رحمة الله تعالى.

التاسع : اعلم انّ الذي تكون له حاجة عند عظيم ، يتملق أوّلاً لخدّام وحرس ذلك الشخص كي يسهل الدخول إلى مجلسه وتقضى حاجته سريعاً ، وحجّاب وحرّاس باب ملك الملوك الفقراء والمساكين ، فليتصدّق قبل طلب الحوائج كي تقضى سريعاً.

وكما انّه يعطي الرشوة إلى الحجّاب إذا أراد حاجة من السلطان ، كذلك فليتصدّق إذا طلب حاجة من الله سواء أكانت قليلة أم كثيرة.

العاشرة : انّ من كانت له حاجة قد يجعل عند الكرماء حاجة غيره وسيلة لحاجته ، بأن يقدّم حاجة الغير حتى يستحسنه ذلك الكريم بأنّه يهتمّ بأمور غيره أكثر من امور نفسه ، وهذا يوجب سرعة اجابة حاجته ، أو انّه يطلب لغيره ما يريده لنفسه حتى يعلم الكريم انّه مع احتياجه إلى ذلك الشيء يطلبه لغيره ، فيجيبها لذلك على وجه كامل.

١١١

أو انّه يشرك غيره مع نفسه في طلب الحوائج ، وهذا أيضاً يحسن عند الكرماء بأنّ الانسان لا يفكر دائماً لنفسه ، ولا ينسى الغير حينما يصله احسان ، كما علّم الله تعالى العباد في سورة الفاتحة أن يشكروا غيرهم في عرض العبادة وطلب الاستعانة [ حيث يقولون : اياك نعبد واياك نستعين ].

قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إذ دعا أحدكم فليعمّ ، فانّه أوجب للدعاء (١).

وروي بسند معتبر عن أبي عبدالله عليه‌السلام انّه قال : من قدّم أربعين من المؤمنين ثم دعا استجيب له (٢).

وعن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : ليس شيء أسرع اجابة من دعوة غائب لغائب (٣).

وقال أبو جعفر الباقر عليه‌السلام : أسرع الدعاء نجحاً للاجابة دعاء الأخ لأخيه بظهر الغيب ، يبدء بالدعاء لأخية ، فيقول له ملك موكّل به : آمين ، ولك مثلاه (٤).

وقال أبو عبدالله عليه‌السلام : دعاء المرء لأخيه بظهر الغيب يدرّ الرزق ، ويدفع المكروه (٥).

وروي عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم انّه قال : ما من مؤمن دعا للمؤمنين والمؤمنات الاّ ردّ الله عزّوجلّ عليه مثل الذي دعا لهم به من كلّ مؤمن ومؤمنة مضى من أوّل الدهر أو هو آتٍ إلى يوم القيامة.

__________________

١ ـ الكافي ٢ : ٤٨٧ ح ١ باب العموم في الدعاء ـ الوسائل ٤ : ١١٤٥ ح ١ باب ٤٠.

٢ ـ الكافي ٢ : ٥٠٩ ح ٥ باب من تستجاب دعوته ـ الوسائل ٤ : ١١٥٤ ح ١ باب ٤٥.

٣ ـ الكافي ٢ : ٥١٠ ح ٧ باب من تستجاب دعوته.

٤ ـ الكافي ٢ : ٥٠٧ ح ٤ باب الدعاء للاخوان بظهر الغيب ـ الوسائل ٤ : ١١٤٦ ح ٣ باب ٤١.

٥ ـ الكافي ٢ : ٥٠٧ ح ٢ باب الدعاء للاخوان بظهر الغيب ـ الوسائل ٤ : ١١٤٥ ح ١ باب ٤١.

١١٢

انّ العبد ليؤمر به إلى النار يوم القيامة فيسحب ، فيقول المؤمنون والمؤمنات : يا ربّ هذا الذي كان يدعو لنا فشفّعنا فيه ، فيشفّعهم الله عزّوجلّ فيه ، فينجو (١).

وروي عن إبراهيم بن هاشم قال : رأيت عبدالله بن جندب في الموقف ، فلم أر موقفاً كان أحسن من موقفه ، ما زال مادّاً يديه إلى السماء ودموعه تسيل على خدّيه حتى تبلغ الأرض.

فلمّا صدر الناس قلت له : يا أبا محمد ما رأيت موقفاً قطّ أحسن من موقفك ، قال : والله ما دعوت الاّ لاخواني ، وذلك أنّ ابا الحسن موسى عليه‌السلام أخبرني انّ من دعا لاخيه بظهر الغيب نودي من العرش : ولك مائة ألف ضعف ، فكرهت أن أدع مائة ألف مضمونة لواحدة لا أدري تستجاب أم لا (٢).

وعن عليّ بن الحسين عليه‌السلام قال : انّ الملائكة إذا سمعوا المؤمن يدعو لأخيه المؤمن بظهر الغيب ، أو يذكره بخير قالوا : نعم الأخ لأخيك ، تدعوا له بالخير وهو غائب عنك ، وتذكره بخير ، قد أعطاك الله عزّوجلّ مثلي ما سألت له ، وأثنى عليك مثلي ما أثنيت عليه ، ولك الفضل عليه.

وإذا سمعوه يذكر أخاه بسوء ويدعو عليه ، قالوا له : بئس الأخ أنت لأخيك ، كفّ أيّها المستر على ذنوبه وعورته ، وأربع على نفسك ، واحمد الله الذي ستر عليك ، واعلم انّ الله عزّوجلّ أعلم بعبده منك (٣).

وعن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : إذا ظلم الرجل فظلّ يدعو على صاحبه ، قال

__________________

١ ـ الكافي ٢ : ٥٠٧ ح ٥ باب الدعاء للاخوان بظهر الغيب ـ الوسائل ٤ : ١١٥١ ح ١ باب ٤٣.

٢ ـ الكافي ٢ : ٥٠٨ ح ٦ باب الدعاء للاخوان بظهر الغيب ـ البحار ٩٣ : ٣٨٤ ح ٨ باب ٢٦ ـ عن أمالي الصدوق.

٣ ـ الكافي ٢ : ٥٠٨ ح ٧ باب الدعاء للاخوان بظهر الغيب.

١١٣

الله جلّ جلاله : انّ هاهنا آخر يدعو عليك يزعم انّك ظلمته ، فإن شئت أجبتك وأجبت عليك ، وان شئت أخّرتكما فتوسعكما عفوي (١).

الحادي عشر : من جملة آداب الدعاء تمجيد الله تعالى ومدحه بالعظمة والجود والكرم عند المسألة ، وكذلك ذكر نعم الله على نفسه وعلى غيره وشكره عليها ، كما لو ذهب شخص إلى عظيم لحاجة فانّه لا يبتدىء بها أوّلاً بل انّ الأدب أن يبتدىء قبل المسألة بمدحه بما يليق به.

والله تعالى علّم هذه الآداب في سورة الحمد ، فقد وصف نفسه بالرحمانيّة والرحيميّة وسائر صفات اللطف والرحمة ، ثم جعل العبادة قبل عرض الحاجة [ اياك نعبد ] لأنّه يحسن لذوي الحوائج جعل هديّة على قدر وسعهم [ وهي العبادة ] ، ثم علّمهم سلب الاستعانه والهداية [ عن أنفسهم ].

انّ حمد الله على نعمه التي وهبها ايّاه توجب مزيد النعم ـ كما وعد الله تعالى بذلك ـ حيث يقول : أنت ربّ دائم الاحسان فلا يبعد أن تحسن الآن أيضاً.

وكذلك من حسن الطلب ذكر نعم الله على الغير ، بانّك أحسنت إلى جميع المخلوقين فيجدر أن تحسن إليّ أيضاً ، كما لو ذهب شخص إلى عظيم وقد نظم بحقّه شعراً أو مدحه نثراً حيث يذكر في طيّها كرمه وجوده حتى يكرمه أيضاً ، فلذا ورد أنّ أفضل الدعاء « الحمد لله ».

وبما انّ الذنوب توجب الحرمان من الخيرات والسعادت فلابدّ من الاستغفار بعد الدعاء كي ترفع الموانع ، ويحصل له قرب من الله أيضاً بالحمد والثناء حتى تقضى حاجته سريعاً.

__________________

١ ـ أمالي الصدوق : ٢٦١ ح ٣ مجلس ٥٢ ـ عنه البحار ٩٣ : ٣٢٤ ح ٣ باب ١٨ ـ الوسائل ٤ : ١١٧٦ ح ٢ باب ٦٨.

١١٤

ووردت في هذه المضامين أحاديث كثيرة ، كما روي عن المفضل انّه قال : قلت لأبي عبدالله عليه‌السلام جعلت فداك علّمني دعاء جامعاً ، فقال لي : احمد الله فانّه لا يبقى أحد يصلّي الاّ دعا لك ، يقول : سمع الله لمن حمده (١).

وقال عليه‌السلام : اياكم إذا أراد أحدكم أن يسأل من ربّه شيئاً من حوائج الدنيا والآخرة حتى يبدأ بالثناء على الله عزّوجلّ ، والمدح له ، والصلاة على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ثم يسأل الله حوائجه (٢).

وقال عليه‌السلام : انّما هي المدحة ، ثم الثناء ، ثم الاقرار بالذنب ، ثم المسألة ، انّه والله ما خرج عبد من ذنب الاّ بالاقرار (٣).

وقال عليه‌السلام : إذا طلب أحدكم الحاجة فليثن على ربّه وليمدحه ، فإنّ الرجل إذا طلب الحاجة من السلطان هيّأ له من الكلام أحسن ما يقدر عليه ....

وقال : انّ رجلاً دخل المسجد فصلّى ركعتين ثم سأل الله عزّوجلّ ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : عجّل العبد ربّه ، وجاء آخر فصلّى ركعتين ، ثم أثنى على الله عزّوجلّ ، وصلّى على النبي وآله ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : سل تعط (٤).

انّ من شرائط الدعاء الصلاة على النبي وآله عليهم‌السلام لأنّ من كانت له حاجة عند سلطان فحريّ به أن يأتي بتحفة إلى المقرّبين لدى السلطان كي يشفعوا له ، وحتى لو لم يشفعوا له فإنّ السلطان إذا علم ذلك يكون مورد قبوله ، فيقضي حاجته.

__________________

١ ـ الكافي ٢ : ٥٠٣ ح ١ باب التحميد والتمجيد.

٢ ـ الكافي ٢ : ٤٨٤ ح ١ باب الثناء قبل الدعاء ـ الوسائل ٤ : ١١٢٦ ح ١ باب ٣١.

٣ ـ الكافي ٢ : ٤٨٤ ح ٣ باب الثناء قبل الدعاء ـ الوسائل ٤ : ١١٢٧ ح ٥ باب ٣١.

٤ ـ الكافي ٢ : ٤٨٥ ح ٦ باب الثناء قبل الدعاء ـ الوسائل ٤ : ١١٢٦ ح ٢ باب ٣١.

١١٥

وكذلك لو مدحت شخصاً محبوباً عند رجل شريف عظيم طلباً للرفعة حتى لو لم يحتج ذلك المحبوب إلى هذا الثناء ، فيستحسن ذلك الشريف هذا المدح والثناء ، فلذا كانت الصلوات موجبة لقبول الدعاء ، وقد ذكرنا هنا نكتة لطيفة كاملة حول الشفاعة الكبرى ، وأسهبنا الكلام حولها في شرح الصحيفة الكاملة.

روي بسند معتبر عن أبي عبدالله عليه‌السلام انّه قال : لا يزال الدعاء محجوباً حتى يصلّى على محمد وآل محمد (١).

وقال عليه‌السلام : من دعا ولم يذكر النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، رفرف الدعاء على رأسه ، فاذا ذكر النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم رفع الدعاء (٢).

وقال عليه‌السلام : من كانت له إلى الله عزّوجلّ حاجة ، فليبدأ بالصلاة على محمد وآله ، ثم يسأل حاجته ، ثم يختم بالصلاة على محمد وآل محمد ، فإنّ الله عزّوجلّ أكرم من أن يقبل الطرفين ويدع الوسط ، إذ كانت الصلاة على محمد وآل محمد لا تحجب عنه(٣).

وقال عليه‌السلام : إذا ذكر النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فأكثروا الصلاة عليه ، فانّه من صلّى على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم صلاة واحدة صلّى الله عليه ألف صلاة في ألف صفّ من الملائكة ، ولم يبق شيء مما خلقه الله الاّ صلّى على العبد لصلاة الله عليه وصلاة ملائكته ، فمن لم يرغب في هذا فهو جاهل مغرور ، قد برىء الله منه ورسوله وأهل بيته (٤).

__________________

١ ـ الكافي ٢ : ٤٩١ ح ١ باب الصلاة على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ... ـ الوسائل ٤ : ١١٣٦ ح ٥ باب ٣٦.

٢ ـ الكافي ٢ : ٤٩١ ح ٢ باب الصلاة على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ... ـ الوسائل ٤ : ١١٣٦ ح ٦ باب ٣٦.

٣ ـ الكافي ٢ : ٤٩٤ ح ١٦ باب الصلاة على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ... ـ الوسائل ٤ : ١١٣٧ ح ١١ باب ٣٦.

٤ ـ الكافي ٢ : ٤٩٢ ح ٦ باب الصلاة على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ... ـ الوسائل ٤ : ١٢١١ ح ٤ باب ٣٤.

١١٦

وقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الصلاة عليّ وعلى أهل بيتي تذهب بالنفاق (١).

وروي بسند معتبر عن أبي عبدالله عليه‌السلام انّه قال : من قال « يا ربّ صلّ على محمد وآل محمد » مائة مرّة قضيت له مائة حاجة ، ثلاثون للدنيا [ والباقي للآخرة ] (٢).

وقال عليه‌السلام : ما في الميزان شيء أثقل من الصلاة على محمد وآل محمد ،
وانّ الرجل لتوضع أعماله في الميزان فتميل به ، فيخرج الصلاة عليه فيضعها في ميزانه فيرجح به (٣).

وروي بسند معتبر عن الصباح بن سيابه ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : ألا اعلّمك شيئاً يقي الله به وجهك من حرّ جهنّم؟ قال : قلت : بلى ، قال : قل بعد الفجر : اللهم صلّ على محمد وآل محمد ، مائة مرة يقي الله به وجهك من حرّ جهنّم (٤).

وروي بسند معتبر عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم انّه قال : من صلّى عليّ يوم الجمعة مائة مرة ، قضى الله له ستين حاجة ، منها للدنيا ثلاثون حاجة ، وثلاثون للآخرة (٥).

وروي بسند معتبر عن أبي عبدالله عليه‌السلام انّه قال : ... إذا كان ليلة الجمعة نزل من السماء ملائكة بعدد الذر ، في أيديهم أقلام الذهب ، وقراطيس الفضّة ، لا

__________________

١ ـ الكافي ٢ : ٤٩٢ ح ٨ باب الصلاة على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ... ـ الوسائل ٤ : ١٢١١ ح ٣ باب ٣٤.

٢ ـ الكافي ٢ : ٤٩٣ ح ٩ باب الصلاة على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ... ـ الوسائل ٤ : ١١٣٦ ح ٨ باب ٣٦.

٣ ـ الكافي ٢ : ٤٩٤ ح ١٥ باب الصلاة على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ... ـ الوسائل ٤ : ١٢١٠ ح ١ باب ٣٤.

٤ ـ البحار ٩٤ : ٥٨ ح ٣٦ باب ٢٩ ـ عن ثواب الأعمال : ١٥٥. ٥ ـ البحار ٩٤ : ٦٠ ح ٤٣ باب ٢٩ ـ عن ثواب الأعمال : ١٥٦.

١١٧

تكتبون إلى ليلة السبت الاّ الصلاة على محمد وآل محمد صلّى الله عليه وعليهم...

وقال : انّ من السنّة أن تصلّي على محمد وعلى أهل بيته في كل يوم جمعة ألف مرّة ، وفي سائر الايام مائة مرّة (١).

وقال أبو جعفر الباقر عليه‌السلام : ما من شيء يعبد الله به يوم الجمعة أحبّ إليّ من الصلاة على محمد وآل محمد (٢).

وروي بسند آخر انّه إذا صلّيت يوم الجمعة الجمعة فقل :

« اللهم صلى على محمد وآل محمد ، الأوصياء المرضيين بأفضل صلواتك ، وبارك عليهم بأفضل بركاتك ، والسلام عليه وعليهم ورحمة الله وبركاته ».

فانّه من قالها في دبر العصر كتب الله له مائة ألف حسنة ، ومحى عنه مائة ألف سيئة ، وقضى له بها مائة ألف حاجة ، ورفع له بها مائة ألف درجة (٣).

وروي انّ من قالها سبع مرّات ردّ الله عليه من كلّ عبد حسنة ، وكان عمله في ذلك اليوم مقبولاً ، وجاء يوم القيامة وبين عينيه نور (٤).

وجاء في بعض الأحاديث هذه الزيادة : « والسلام عليه وعليهم وعلى أرواحهم وأجسادهم ورحمة الله وبركاته » ولا بأس بقراءة أيّ منهما.

وقال عليّ بن موسى الرضا عليه‌السلام : من لم يقدر على ما يكفّر به ذنوبه ، فليكثر من الصلوات على محمد وآله ، فانّها تهدم الذنوب هدماً ... (٥).

__________________

١ ـ الكافي ٣ : ٤١٦ ح ١٣ باب فضل يوم الجمعة وليلته.

٢ ـ الكافي ٣ : ٤٢٩ ح ٣ باب نوادر الجمعة.

٣ ـ الكافي ٣ : ٤٢٩ ح ٤ باب نوادر الجمعة.

٤ ـ الكافي ٣ : ٤٢٩ ح ٥ باب نوادر الجمعة.

٥ ـ أمالي الصدوق : ٦٨ ضمن حديث ٤ مجلس ١٧ ـ عنه البحار ٩٤ : ٤٧ ح ٢ باب ٢٩.

١١٨

وقال عليّ النقي عليه‌السلام : انّما اتخذ الله عزّوجلّ إبراهيم خليلاً لكثرة صلاته على محمد وأهل بيته صلوات الله عليهم (١).

وروي بسند معتبر عن أبي عبدالله عليه‌السلام انّ من صلّى على محمد وآله هكذا :

« صلوات الله وصلوات ملائكته وأنبيائه ورسله وجميع خلقه على محمد وآل محمد ، والسلام عليه وعليهم ورحمة الله وبركاته ».

خرج من الذنوب كهيئة يوم ولدته أُمّه (٢).

وروي عن أبي جعفر الباقر عليه‌السلام بأسانيد معتبرة انّه قال : ... إذا عطس أحدكم فليقل : الحمد لله رب العالمين ، وصلّى الله على محمد وأهل بيته ... (٣).

وروي بسند معتبر آخر انّه : من سمع عطسة فحمد الله عزّوجلّ وصلّى على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأهل بيته ، لم يشتك عينيه ولا ضرسه ... (٤).

وروي بأسانيد كثيرة عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم انّه قال : من صلّى عليّ ولم يصلّ على آلي لم يجد ريح الجنّة ، وانّ ريحها لتوجد من مسيرة خمسمائة عام (٥).

وروي بسند معتبر عنه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم انّه قال لأمير المؤمنين عليه‌السلام : ألا ابشّرك؟ ... أخبرني جبرئيل آنفاً بالعجب ... أخبرني انّ الرجل من امتي إذا صلّى

__________________

١ ـ الوسائل ٤ : ١٢١٢ ح ٩ باب ٣٤ ـ البحار ٩٤ : ٥٤ ح ٢٣ باب ٢٩ ـ عن علل الشرائع.

٢ ـ البحار ٩٤ : ٥٥ ح ٢٧ باب ٢٩ ـ عن معاني الأخبار ، بتصرف.

٣ ـ الكافي ٢ : ٦٥٥ ضمن حديث ٩ باب العطاس والتسميت.

٤ ـ الكافي ٢ : ٦٥٦ ح ١٧ باب العطاس والتسميت.

٥ ـ أمالي الصدوق : ١٦٧ ح ٩ باب ٣٦ ـ عنه البحار ٩٤ : ٥٦ ح ٢٩ باب ٢٩.

١١٩

عليّ وأتبع بالصلاة عليّ أهل بيتي فتحت له أبواب السماء ، وصلّت عليه الملائكة سبعين صلاة ، وان كان مذنباً خطّاءً.

ثم تتحات عنه الذنوب كما يتحاتّ الورق من الشجر ، ويقول الله تبارك وتعالى : لبيك يا عبدي وسعديك ، ويقول الله لملائكته : يا ملائكتي أنتم تصلّون عليه سبعين صلاة ، وأنا اصلّي عليه سبعمائة صلاة.

وإذا صلّى عليّ ولم يتبع بالصلاة عليّ أهل بيتي كان بينها وبين السماء سبعون حجاجاً ، ويقول جلّ جلاله : لا لبيك ولا سعديك ، يا ملائكتي لا تصعدوا دعاءه الاّ أن يلحق بنبيي عترته ، فلا يزال محجوباً حتى يلحق بي أهل بيتي (١).

وورد في حديث آخر : ... من ذكرت عنده فلم يصلّ عليّ ، فلم يغفر له ، فأبعده الله (٢).

وقال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : انّ البخيل كلّ البخيل الذي إذا ذكرت عنده لم يصلّ عليّ ... (٣).

وقال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من نسي الصلاة عليّ أخطأ طريق الجنّة (٤).

وروي بسند معتبر عن مالك الجهني انّه قال : ناولت أبا عبدالله الصادق عليه‌السلام شيئاً من الرياحين ، فأخذه فشمّه ووضعه على عينيه ، ثم قال : من تناول ريحانة فشمّها ووضعها على عينيه ثم قال : اللهم صلّى على محمد وآل محمد ، لم تقع على

__________________

١ ـ البحار ٩٤ : ٥٦ ح ٣٠ باب ٢٩ ـ عن أمالي الصدوق ـ الوسائل ٤ : ١٢٢٠ ح ١٠ باب ٤٢.

٢ ـ البحار ٩٤ : ٤٧ ح ١ باب ٢٩.

٣ ـ البحار ٩٤ : ٦١ ح ٤٧ باب ٢٩ ـ الوسائل ٤ : ١٢٢١ ح ١٤ باب ٤٢ عن الارشاد.

٤ ـ أمالي الطوسي : ١٤٤ ح ٤٩ مجلس ٥ ـ عنه البحار ٩٤ : ٥٣ ح ٢٠ باب ٢٩.

١٢٠