مختصر الصواعق المرسلة على الجهميّة والمعطّلة

ابن القيّم الجوزيّة

مختصر الصواعق المرسلة على الجهميّة والمعطّلة

المؤلف:

ابن القيّم الجوزيّة


المحقق: رضوان جامع رضوان
الموضوع : الفرق والمذاهب
الناشر: دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ٠
الصفحات: ٧٨٧

مخصوص. فكان ذكر الخاص أبلغ في العموم وقصده من ذكر العام فتأوله فإنه أسلوب عجيب في القرآن.

والمقصود أن سبب الحسنات كلها هو الحى القيوم الذي لم يزل ولا يزال ، وهو الغاية المقصودة من فعلها فتدوم بدوام سببها ، وأما السيئات فسببها وغايتها منقطع هالك فلا يجب دوامها ، فتأمل هذا الوجه فإنه من ألطف الوجوه ، فإن الأسباب تضمحل باضمحلال غاياتها وتبطل ببطلانها. ولهذا كان كل عمل باطلا إلا ما أريد به وجه الله. فإن جزاءه وثوابه يدوم بدوامه ، ما لم يرد به وجه الله وأريد به ما يضمحل ويفنى فإنه يفنى بفنائه ؛ قال الله تعالى : (وَقَدِمْنا إِلى ما عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْناهُ هَباءً مَنْثُوراً) (الفرقان : ٢٣) وهذه هي الأعمال التي كانت لغيره ، فكما أن ما لا يكون به لا يكون ، فما كان لغيره لا يدوم ، ولهذا كان لبعض حكم الله تعالى في تخريب هذا العالم أن تشهد من عبد شيئا غيره أنه لا يصلح للعبادة والألوهية ويشهد العابد حال معبوده. والمقصود أن النعم تدوم بدوام سببها وغايتها ، وأن الشرور والآلام تبطل وتضمحل باضمحلال سببها.

فهذه الوجوه وغيرها تبين أن الحكمة والمصلحة في خلق النار تقتضى بقاءها ببقاء السبب والحكمة التي خلقت له ؛ فإذا زال السبب وحصلت الحكمة عاد الأمر إلى الرحمة السابقة الغالبة الواسعة.

يزيده وضوحا الوجه الحادي عشر : أن الرب يستحيل أن يكون إلا رحيما ، فرحمته من لوازم ذاته ، ولهذا كتب على نفسه الرحمة ، ولم يكتب على نفسه الغضب ، فهو لم يزل ولا يزال رحيما ، ولا يجوز أن يقال إنه لم يزل ولا يزال غضبان ، ولا أن غضبه من لوازم ذاته ، ولا أنه كتب على نفسه العقوبة والغضب ولا أن غضبه يغلب رحمته ويسبقها (١).

__________________

(١) تقدم الحديث الذي رواه البخاري وفيه : «إن رحمتى سبقت غضبى».

وعنده أيضا بلفظ : «تغلب غضبي».

٣٦١

وتأمل قوله صلى‌الله‌عليه‌وسلم في حديث الشفاعة «إن ربي قد غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله ولن يغضب بعده مثله» (١) ، فإذا كان ذات الغضب الشديد لا يدوم ولا يستمر بل يزول ، وهو الذي سعر النار ؛ فإنها إنما سعرت بغضب الجبار تبارك وتعالى فإذا زال السبب الذي سعرها ، فكيف لا تطفأ ؛ وقد طفئ غضب الرب وزال ، وهذا بخلاف رضاه فإنه من لوازم ذاته دائما بدوامها ؛ ولهذا دام نعيم أهل الجنة والرضى ، كما يقول لهم في الجنة «إني أحل عليكم رضوانى فلا أسخط عليكم أبدا» (٢) فكيف يساوي بين موجب رضاه وموجب سخطه في الدوام ولم يستو الموجبان.

الوجه الثاني عشر : إنه كما قيد الغضب الشديد بذلك اليوم قيد العذاب المرتب عليه به كما في قوله : (فَاخْتَلَفَ الْأَحْزابُ مِنْ بَيْنِهِمْ فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْ عَذابِ يَوْمٍ أَلِيمٍ) (الزخرف : ٦٥) وقوله : (فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ مَشْهَدِ يَوْمٍ عَظِيمٍ) (مريم : ٣٧) فجعل العذاب والمشهد واقعين في ذلك اليوم العظيم ، بل جعل العذاب يوم العذاب أبدا ، ولا يقال في الشيء الأبدى الذي لا يفنى ولا يبيد إنه عمل يوم وطعام يوم وعذاب يوم ، ولم ينتقض هذا بقوله سبحانه : (وَلَقَدْ صَبَّحَهُمْ بُكْرَةً عَذابٌ مُسْتَقِرٌّ) (القمر : ٣٨) ، ولا بقوله : (إِنَّا أَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ) (القمر : ١٩) ، فإن استقراره واستمراره لا يقتضي أبديته لغة ولا عرفا ولا عقلا ، وقد أخبر سبحانه عن بطن الأم أنه مستقر الجنين بقوله (وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحامِ ما نَشاءُ) (الحج : ٥) ، وقال تعالى : (وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ) (الأنعام : ٩٨) سواء كان المستقر صلب الأب والمستودع بطن الأم أو عكس ذلك. أو دار الدنيا ودار البرزخ كما هي أقوال المفسرين في الآية. فالمستقر لا يدل على أنه أبدي ؛ وكذلك المستمر لا يدل على الأبدية ، فاستقرار كل شيء واستمراره

__________________

(١) رواه البخاري (٤٤٧٦).

(٢) أخرجه البخاري (٦٥٤٩) ، ومسلم (٢٨٢٩).

٣٦٢

ودوامه وخلوده وثباته بحسب ما يليق به من البقاء والإقامة قال تعالى : (لابِثِينَ فِيها أَحْقاباً) (النبأ : ٢٣) وهذا لا يقال في لبث لا انتهاء له ، وتأويل الآية عند من تأولها أنهم يلبثون فيها أحقابا لا يذوقون فيها بردا ولا شرابا ، أي لا يذوقون في تلك الأحقاب بردا ولا شرابا : لا يفيدهم شيئا ، فإنه يلزم على تأويله أنهم يذوقون البرد والشراب بعد مضى تلك الأحقاب : ومتى ذاقوا البرد والشراب انقطع عنهم العذاب.

الوجه الثالث عشر : أنه سبحانه وتعالى يذكر نعيم أهل الجنة فيصفه بأنه غير منقطع ، وأنه ما من نفاد. ويذكر عقاب أهل النار ثم يخبر معه أنه فعال لما يريد أن يطلقه فالأول كقوله : (فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيها زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ خالِدِينَ فِيها ما دامَتِ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا ما شاءَ رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِما يُرِيدُ ، وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خالِدِينَ فِيها ما دامَتِ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا ما شاءَ رَبُّكَ عَطاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ) (هود : ١٠٦ ـ ١٠٨) وأما القول الثاني فكقوله : (هذا ذِكْرٌ وَإِنَّ لِلْمُتَّقِينَ لَحُسْنَ مَآبٍ. جَنَّاتِ عَدْنٍ مُفَتَّحَةً لَهُمُ الْأَبْوابُ مُتَّكِئِينَ فِيها يَدْعُونَ فِيها بِفاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ وَشَرابٍ وَعِنْدَهُمْ قاصِراتُ الطَّرْفِ أَتْرابٌ ، هذا ما تُوعَدُونَ لِيَوْمِ الْحِسابِ ، إِنَّ هذا لَرِزْقُنا ما لَهُ مِنْ نَفادٍ ، هذا وَإِنَّ لِلطَّاغِينَ لَشَرَّ مَآبٍ ، جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَها فَبِئْسَ الْمِهادُ) إلى قوله : (إِنَّ ذلِكَ لَحَقٌّ تَخاصُمُ أَهْلِ النَّارِ) (ص : ٤٩ ـ ٥٦) ولم يقل فيه ما قاله في النعيم.

وقريب من هذا سبحانه وتعالى يذكر خلود أهل النعيم فيه ، فيقيده بالتأبيد ويذكر معه خلود أهل العذاب ، فلا يقيده بالتأبيد ؛ بل يطلقه ، وهذا كقوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نارِ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها أُولئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ ، إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ أُولئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ ، جَزاؤُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها أَبَداً رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ) (البينة : ٦ ـ ٨) ولا ينتقض هذا بقوله : (وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نارَ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها أَبَداً) (الجن : ٢٣) فإن تأبيد الخلود فيها لا يستلزم أبديتها ودوام بقائها ؛ بل يدل على أنهم خالدون

٣٦٣

فيها أبدا ما دامت كذلك فالأبد استمرارهم فيها ما دامت موجودة وهو سبحانه لم يقل أنها باقية أبدا. وفرق بين الأمرين فتأمله. على أن التأبيد قد جاء في القرآن فيما هو منقطع كقوله عن اليهود (وَلَنْ يَتَمَنَّوْهُ أَبَداً بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ) (البقرة : ٩٥) وهذا إنما هو أبد مدة حياتهم في الدنيا ؛ وإلا فهم في النار يتمنون الموت حين يقولون (يا مالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنا رَبُّكَ) (الزخرف : ٧٧) وقول العرب : لا أفعل هذا ابدا ، ولا أتزوج أبدا ، أشهر من أن تذكر شواهده وإنما يريدون مدة منقطعة. وهي أبد الحياة ومدة عمرهم فهكذا الأبد في العذاب وهو أبد مدة بقاء النار ودوامها.

الوجه الرابع عشر : أنه لو كانت دار الشقاء دائمة دوام دار النعيم وعذاب أهلها فيها مساويا لنعيم أهل الجنة بدوامه لم تكن الرحمة غالبة للغضب بل يكون الغضب قد غلب الرحمة ، وانتفاء اللازم يدل على انتفاء ملزومه. والشأن في بيان الملازمة ، وأما انتفاء اللازم فظاهر. وقد دل عليه الحديث المتفق علي صحته من حديث أبي هريرة عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «لما قضى الله الخلق كتب في كتاب فهو عنده فوق العرش : إن رحمتي تغلب غضبى» (١) وبيان الملازمة أن المعذبين في دار الشقاء أضعاف أضعاف أهل النعيم ، كما ثبت في «الصحيحين» «إن الله تعالى يقول : يا آدم ، فيقول : لبيك وسعديك والخير في يديك ، فيقول : إن الله يأمرك أن تبعث من ذريتك بعث النار ، فيقول : ربي ، وما بعث النار؟ فيقول : من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعون إلى النار وواحد في الجنة ، فقال الصحابة : يا رسول الله وأينا ذلك الواحد؟ فقال : «إن معكم خليقتين ما كانتا مع شيء إلا كثرتاه : يأجوج ومأجوج» (٢) فعلى هذا أهل الجنة عشر عشر أهل النار وإنما دخلوها بالغضب ؛ فلو دام هذا العذاب دوام النعيم وساواه في وجوده لكانت الغلبة للغضب. وهذا بخلاف ما إذا كانت الرحمة هي الغالبة فإن غلبتها تقتضى نقصان عدد المعذبين أو مدتهم.

__________________

(١) تقدم تخريجه وهو في «الصحيحين».

(٢) رواه البخاري (٣٣٤٨) ، ومسلم (٢٢٢).

٣٦٤

يوضحه الوجه الخامس عشر : إن الله تعالى جعل الدنيا مثالا وأنموذجا وعبرة لما أخبر به في الآخرة ، فجعل آلامها ولذاتها وما فيها من النعيم والعذاب وما فيها من الثمار والحرير ، والذهب والفضة والنار تذكرة ومثالا وعبرة ؛ ليستدل العباد بما شاهدوه على ما أخبروا به ، وقد أنزل في هذه الدار رحمته وغضبه ؛ وأجرى عليهم آثار الرحمة والغضب ، ويسر لأهل الرحمة أسباب الرحمة ، ولأهل الغضب أسباب الغضب ، ثم جعل سبحانه الغلبة والعافية لما كان عن رحمته ، وجعل الاضمحلال والزوال لما كان عن غضبه فلا بد من حين قامت الدنيا إلى أن يرثها الله ومن عليها أن تغلب آثار غضبه ولو في العاقبة فلا بد أن يغلب الرخاء الشدة ؛ والعافية البلاء ؛ والخير وأهله والشر وأهله ، وإن أبدلوا أحيانا فإن الغلبة المستقرة الثابتة للحق وأهله ، وآخر أمر المبطلين الظالمين إلى زوال وهلاك ، فما أقام الشر والباطل جيش إلا أقام الله سبحانه للحق جيشا يظفر به ويكون له العلو والغلبة. قال تعالى : (وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنا لِعِبادِنَا الْمُرْسَلِينَ إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ وَإِنَّ جُنْدَنا لَهُمُ الْغالِبُونَ) (الصافات :

١٧١ ـ ١٧٣) فكما غلبت الرحمة غلبت جنودنا ، وإذا كان هذا مقتضى حمده وحكمته فى هذه الدار ، فهكذا في دار الحق المحض تكون الغلبة لما خلق بالرحمة والبقاء لها. وسر هذا الوجه وما يتصل به أن الخير هو الغالب للشر ، وهو المهيمن عليه الذي لو دخل جحر ضب لدخل خلفه حتى يخرجه ويغيره ، وإذا كانت للشر دولة وصولة لحكمة مقصودة لغيرها قصد الوسائل ، فالخير مقصود مطلوب لنفسه قصد الغايات.

الوجه السادس عشر : إنه قد ثبت في «الصحيح» إن الجنة يبقى فيها فضل ، فينشئ الله لها خلقا يسكنهم إياها بغير عمل كان منهم (١) ، محبة للوجود والإحسان والرحمة ، فإذا كان وجوده ورحمته قد اقتضيا أن يدخل هؤلاء الجنة

__________________

(١) روى البخارى في «صحيحه» (٧٣٨٤) عن أنس عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «لا يزال يلقى فيها وتقول : هل من مزيد حتى يضع فيها رب العالمين قدمه فينزوى بعضها إلى بعض ثم تقول : قد قد ، بعزتك وكرمك ، ولا تزال الجنة تفضل حتى ينشئ الله لها خلقا فيسكنهم فضل الجنة» والحديث رواه مسلم في (الجنة / ٣٨).

٣٦٥

بغير تقدم عمل منهم ولا معرفة ولا إقرار ، فما المانع أن تدرك رحمته من قد أقر (به) في دار الدنيا ، واعترف بالله ربه ومالكه ، واكتسب ما أوجب غضبه عليه ، فعاقبه بما اكتسبه ، وعرفه حقيقة ما اجترحه وأشهده أنه كان كاذبا مبطلا ، وأن رسله هم الصادقون المحقون ؛ فشهد ذلك وأقر على نفسه وتقطعت نفسه حسرة وندما ؛ وأخرجت النار منه خبثه كما يخرج الكير خبث الحديد. ولا يقال الخبث لا يفارقهم والإصرار لا يزول عنهم ؛ كما قال تعالى : (وَلَوْ رُدُّوا لَعادُوا لِما نُهُوا عَنْهُ) (الأنعام : ٢٨) فإن هذا ليس في حكم الطبيعة الحيوانية. ولهذا في الدنيا لما يمسهم العذاب تجد عقدة الإصرار قد انحلت عنهم وانكسرت نخوة الباطل ولكن لم تطهر قلوبهم بذلك وحده.

وأما قوله تعالى : (وَلَوْ رُدُّوا لَعادُوا لِما نُهُوا عَنْهُ) فذلك قبل دخول النار فقالوا (يا لَيْتَنا نُرَدُّ وَلا نُكَذِّبَ بِآياتِ رَبِّنا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ، بَلْ بَدا لَهُمْ ما كانُوا يُخْفُونَ مِنْ قَبْلُ ، وَلَوْ رُدُّوا لَعادُوا لِما نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ) (الأنعام : ٢٧ ـ ٢٨) وهذا إخبار عن حالهم قبل أن يدخلوا النار ، وقبل أن تذيب لحومهم ونفوسهم التي نشأت على الكفر ؛ فالخبث بعد كامن فيها ؛ فلو ردوا والحالة هذه لعادوا لما نهوا عنه ، والحكمة والرحمة تقتضى أن النار تأكل تلك اللحوم التي نشأت من أكل الحرام ، وتنضج تلك الجلود التي باشرت محارم الله تعالى ، وتطلع على الأفئدة التي أشركت به وعبدت معه غيره. فتسليط النار على هذه القلوب والأبدان من غاية الحكمة ؛ حتى إذا أخذت المسألة حقها وأخذت العقوبة منهم مأخذها وعادوا إلى ما فطروا عليه ، وزال ذلك الخبث والشر الطارئ على الفطرة ، والعزيز الحكيم حينئذ حكم هو أعلم به ، وهو الفعال لما يريد.

والوجه السابع عشر : إن أبدية النار كأبدية الجنة ، إما أن يتلقى القول بذلك من القرآن أو من السنة أو من إجماع الأمة ، أو من أدلة العقول أو من القياس على الجنة. والجميع منتف. أما القرآن فإنما يدل على أنهم غير خارجين منها ؛ فمن أين يدل على دوامها وبقاء أبديتها؟ فهذا كتاب الله وسنة رسوله أرونا ذلك منهما

٣٦٦

وهذا بخلاف الجنة ، فإن القرآن والسنة قد دلا على أنها لا تبيد ولا تفنى.

وأما الإجماع فلا إجماع في المسألة وإن كان قد حكاه غير واحد ، وجعلوا القول بفنائها من أقوال أهل البدع ، فقد رأيت بعض ما في هذا الباب عن الصحابة والتابعين ومن بعدهم. وأما من حكى الإجماع فإما أن يكون قد حكاه بموجب علمه كما يحكى الإجماع كثيرا على ما الخلاف فيه مشهور غير خفى وأبلغ من هذه حكاية الإجماع كثير على ما الإجماع القديم على خلافه. وهذا كثير جدا وإنما يعلمه أهل العلم ، ولو تتبعناه لزاد على مائتى موضع. وأما أن يكون من حكى الإجماع أراد أن الأمة اجتمعت على بطلان قول الجهمية بفناء الجنة والنار ؛ وأنهما يشتركان في ذلك ، فنعم اجتمعت الأمة على خلاف هذا القول. فلما قال السلف أن الأمة مجتمعة على خلاف ذلك ظن من تلقى منهم ذلك أن الإجماع على خلافه في الموضعين. وأيضا فإن الأمة مجتمعة على خلاف قولهم في الدارين ؛ فإنهم يقولون إن الله تعالى لا يقدر على إبقائهما أبدا ، إذ يلزم من ذلك وجود حوادث لا نهاية لها قالوا وهذا ممتنع كما أن وجود حوادث لا بداية لها ممتنع ، فيفنيان بأنفسهما من غير أن يفنيهما الله تعالى. وهذا قول لم يقل به أحد من أهل الإسلام سوى هذه الفرقة الضالة : أو يكون حكايتهم الإجماع ، على أن أهل النار لا يخرجوا منها أبدا ، فهو ما أجمع عليه سلف الأمة ، فهذه ثلاث محال للإجماع ، ولكن أين الإجماع على أن النار باقية ببقاء الجنة؟ وأن كليهما في البقاء سواء؟ وأما أدلة العقول فلا مدخل لها في ذلك ، وإن كان لا بد من دخولها فهي في هذا الجانب كما ذكرناه ؛ وأما قياس النار على الجنة فقد تقدم الفرق بينهما من وجوه عديدة وكيف يقاس الغضب على الرحمة ، والعدل على الفضل ، والمقصود لغيره على المقصود لنفسه.

الوجه الثامن عشر : أنه لو لم يكن من الأدلة على عدم أبدية النار إلا استثناؤه سبحانه بمشيئته في موضعين من كتابه ، أحدهما قوله : (قالَ النَّارُ مَثْواكُمْ

٣٦٧

خالِدِينَ فِيها إِلَّا ما شاءَ اللهُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ) (الأنعام : ١٢٨) فما هاهنا مصدرية وقتية ، وهو استثناء ما دل عليه الأول ، وهو كونها مثواهم بوصف الخلود ، فلا بد أن يكون المستثنى مخرجا لما دخل فيه المستثنى منه وهو خلودهم فيها. فلا بد أن يكون المستثنى مخالفا لذلك ، إذ يمتنع تماثلهما وتساويهما ، وغاية ما يقال : إن المستثنى واقع على ما قبل الدخول لا على ما بعده ، وهو مدة لبثهم في البرزخ وفي مواقف القيامة ، وهذا لا يتأتى هاهنا ، فإن هذا قد علم انتفاء الدخول في وقته قطعا ، فليس في الإخبار به فائدة وهو بمنزلة أن يقال : أنتم خالدون فيها أبدا إلا المدة التي كنتم فيها في الدنيا. وهذا ينزه عنه كلام الفصحاء البلغاء ؛ فضلا عن كلام رب العالمين. وهو بمنزلة أن يقال للميت : أنت مقيم في البرزخ إلا مدة بقائك في الدنيا ، وليس هذا مثل قوله : (لا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولى) (الدخان : ٥٦) فإن هذا استثناء منقطع قصد به تقرير المستثنى منه ، وأنه عام محفوظ لا تخصيص فيه ، إذ من الممتنع أن يكون تخصيص باستثناء فيعدل عن ذكره إلى غير جنسه.

ونظيره قولهم : ما زاد إلا نقصا فإنه يفيد القطع بعدم زيادته ، وإنه إن كان ثم تغير فبالنقصان ؛ وليس هذا مخرج قوله : (خالِدِينَ فِيها إِلَّا ما شاءَ اللهُ) ولو أريد هذا لقيل : لا يخرجوا منها أبدا إلا مدة مقامهم في الدنيا فهذا يكون وزان قوله : (لا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولى) وكان يفيد ذلك تقرير عدم خروجهم منها. وأما إذا قيل خالدين فيها إلا ما شاء الله لا يخلدون ، فأن ذلك يفيد أن لهم حالين : فإن قيل هذا ينتقض عليكم بالاستثناء في أهل الجنة ، فإن هذا وارد فيهم بعينه. قيل قد اقترن بالاستثناء في أهل الجنة ما ينافي ذلك وهو قوله : (عَطاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ) ولهذا والله أعلم عقب الاستثناء بهذا رفعا لهذا التوهم وعقب الاستثناء في أهل النار بالإخبار بأنه يفعل ما يريد ، ولا حجر عليه سبحانه فيما يريد بهم من عذاب أو إخراج منه ، فإن الأمر راجع إلى مشيئته وإرادته التي لا تخرج عن علمه وحكمته. كما عقب الاستثناء في سورة الأنعام بقوله : (إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ) فدل ذلك على أنه أدخلهم النار بحكمته وعلمه بأنه لا يصلح لهم سواها وله حكمة وعلم فيهم لا يبلغه العباد ، فإن اقتضت

٣٦٨

حكمته وعلمه فيهم غير ذلك لم تقصر عنه مشيئته النافذة وقدرته التامة.

ومما يوضح الأمر في ذلك أنه في آية الأنعام خاطبهم بذلك ، إما في النار وإما في موقف القيامة ، ولم يقيد مدة الخلود بدوام السماوات والأرض فقال (وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً : يا مَعْشَرَ الْجِنِّ قَدِ اسْتَكْثَرْتُمْ مِنَ الْإِنْسِ ، وَقالَ أَوْلِياؤُهُمْ مِنَ الْإِنْسِ رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنا بِبَعْضٍ وَبَلَغْنا أَجَلَنَا الَّذِي أَجَّلْتَ لَنا ، قالَ النَّارُ مَثْواكُمْ خالِدِينَ فِيها إِلَّا ما شاءَ اللهُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ) (الأنعام : ١٢٨) فأمكن أن يكون هذا الاستثناء هو مدة مقامهم في البرزخ وفي مدة القيامة. وأما أن يقول لهم وهم في النار (النَّارُ مَثْواكُمْ خالِدِينَ فِيها إِلَّا ما شاءَ اللهُ) وهو يريد مدة لبثهم في البرزخ وفي الموقف ؛ فهذا أمر قد علموه وشاهدوه ، فأي فائدة حصلت في الإخبار به؟

الوجه التاسع عشر : قوله : وإذ خلقني فلم كلفني السجود لآدم وقد علم أني أعصيه؟ فيقال له : كفى بك جهلا ولؤما أن سميت أمره وطاعته التي هي قرة العيون وحياة النفوس تكليفا ؛ والتكليف إلزام الغير بما يشق عليه ويكرهه ولا يحبه ؛ كما يقول القائل : لا أفعل هذا إلا تكلفا. ولا ريب أن هذا لما كان كامنا في قلبك ظهر أثره في امتناعك من الطاعة ، ولو علمت أن أمره سبحانه هو غاية مصلحة العبد وسعادته ، وفلاحه وكماله لم تقل إنه كلفك بالسجود ، ولعلمت أنه أراد به مصلحتك ورحمتك وسعادتك الأبدية ، وقد سمى الله تعالى أوامره عهودا ووصايا. ورحمة وشفاء ونورا وهدى وحياة ، قال تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذا دَعاكُمْ لِما يُحْيِيكُمْ) (الأنفال : ٢٤) فتأمل الفرق بين هذا الخطاب وبين قول القائل إنه دعاهم بأمره إلى تكليف ما لا يطيقونه ولا يقدرون عليه لا لحكمة ولا لمصلحة ولا لصفة حسنة في الأمر تقتضى دعاءهم إليه ، ولم يأمرك حاجة منه إليك ، ولا عبثا ولا سدى ؛ وكأنك لم تعرف أن أوامره رحمة ونعمة ومصلحة ، ونواهيه حمية وصيانة وحفظا ، وهل وفق للصوب من أمره سيده بأمر ينفذه فقال له : لم أمرتنى بذلك ، وهلا تركتني ولم تأمرني؟ فمن أضل من هذا العبد سبيلا؟

الوجه العشرون : إنه سبحانه لما كان يعلم منك من الخبث والشر الكامن في

٣٦٩

نفسك ما لا يعلمه غيره. وكان ذلك موجبا لمقته لك ولم يكن يجرى عليك ما تستحقه بمجرد علمه السابق قبل ، من غير أن تظهر الملائكة ما يحمده به ويثنى عليه ويعذر به إذا طردك عن قربه ، وأخرجك من جنته ، فأمرك بأمره ، فخرج منك الداء الدفين بمقابلته بالمعصية ومنازعته سبحانه رداء الكبرياء ؛ فاستخرج أمره منك الكفر الخفي والداء الدوى ، وقام عذره في نفوس أوليائه وملائكته بما أصابك من لعنته وجرى عليك من نكاله وعقوبته. وصرت في ذلك إماما لمن كان حاله حالك ، فهذا من بعض حكمه في أمره لمن علم أنه لا يطيعه فأنه لو عذبه وطرده بما يعلمه منه من غير أن يظهره غيره لوجد هو وغيره للقول سبيلا ؛ لو أمرتني لأطعتك ولكن عذبتني قبل أن تجربنى ولو جربتنى لوجدتنى سامعا مطيعا بل من تمام حكمته ورحمته أنه لا يعذبه بمعصيته حتى يدعوه إلى الرجوع إليه مرة بعد مرة ، حتى إذا استحكم إباؤه ومعصيته ولم يبق للقول فيه مطمع ولا للموعظة فيه تأثير وأيس من حق عليه القول وظهر عذر من عذبه للخليقة ، وحمده وكماله المقدس.

قال مختصره محمد ابن الموصلى عفا الله عنه. وهذا الوجه أحسن من الوجه الأول وأصوب. والله تعالى أعلم.

الوجه الحادى والعشرون : قوله : وإذ أبيت السجود له فلم طردتنى وذنبى أني لم أر السجود لغيره ، فيقال لعدو الله : هذا تلبيس إنما يروج على أشباه الأنعام من أتباعك حيث أوهمتهم أنك تركت السجود لآدم تعظيما لله وتوحيدا له وصيانة لعزته أن تسجد لغيره ، فجازاك على هذا الإجلال والتعظيم بغاية الإهانة والطرد ، وهذا أمر لم يخطر ببالك ولم تعتذر به إلى ربك وإنما كان الحامل لك على ترك السجود الكبر والكفر والنخوة الإبليسية ، ولو كان في نفسك التعظيم والإجلال لله وحفظ جانب التوحيد لحملك على المبادرة إلى طاعته. وهل التعظيم والإجلال إلا في امتثال أمره؟ ولقد قام لك من إخوانك أصحاب يحامون عنك ويخاصمون ربهم فيك ، وينحون عليك اعتذارا عنك وتظليما من ربك كما فعل صاحب «تفليس إبليس» في كتابه فإنه يقول فيه ما ترعد منه قلوب أهل

٣٧٠

الإيمان فرقا وتعظيما لله من الاعتذار عنك ، وأن ما فعلته هو وجه الصواب ، إذ غرت على التوحيد أن يحملك على السجود لغيره ، وإنك لم تزل رأس المحبين قائد المطيعين ولكن :

إذ كان المحب قليل حظ

فما حسناته إلا ذنوب

ويا لله لقد قال هذا الخليفة منك والولى لك ما لم تستحسن أن تقوله لربك ولا تظنه فيه.

الوجه الثاني والعشرون : قوله : وإذ قد أبعدني وطردني فلم سلطنى على آدم حتى دخلت إليه وأغويته فيها؟ فيقال له : هذا تلبيس منك على من لا علم له بكيفية قصتك خلق الله تعالى آدم وقد علم سبحانه أنه خلقه ليجعله خليفة في الأرض ويستخلف أولاده إلى أن يرثها ومن عليها ، ولم يكن سبحانه لينزله إلى الأرض بغير سبب ، فإنه الحكيم في كل ما يأمر به ويقدره ويقضيه. فأباح لآدم جميع ما في الجنة ، وحمى عنه شجرة واحدة. وقد وكل الله تعالى بكل واحد من البشر قرينا من الشياطين لتمام حكمته التي لأجلها خلق الجن والإنس وكنت أنت قرين الأب لتمام الابتلاء ، فاقتضت حكمته وحمده سبحانه أن يبتلى بك الأبوين لسعادتهما وتمام شقوتك ، فخلى بينك وبين الوسوسة لهما لنفذ قضاءه وقدره السابق فيك وفيهما وفي الذرية ، وإذا كان سبحانه قد أجرى ذريتك من ذريته مجرى الدم امتحانا لهم ، فهكذا امتحن بك الأبوين مدة حياتهم فلم تكن لتفارقهما إلا بالموت كحال ذريتك مع ذريتهما.

تم الجزء الأول ويليه الجزء الثاني

وأوله : فصل في كسر الطاغوت الثالث الذي وضعته الجهمية لتعطيل

حقائق الأسماء والصفات ، وهو طاغوت المجاز.

* * *

٣٧١
٣٧٢

فهرس الجزء الأول من الصواعق

مقدمة الناشر................................................................. ٥

الإهداء...................................................................... ٧

مقدمة المحقق.................................................................. ٩

مقدمة الشيخ محمد ابن الموصلى مختصر الكتاب.................................. ٢٥

مفتاح دعوة الرسل معرفة الله................................................... ٢٧

ذم الكلام وأهله ، وانظر (ص ١٥٣).......................................... ٣٣

كسر الطاغوت الأول وهو «التأويل»........................................... ٣٩

فصل : في بيان حقيقة التأويل................................................. ٣٩

معنى التأويل لغة............................................................. ٣٩

معنى التأويل في كلام الله ورسوله............................................... ٤٠

معنى التأويل اصطلاحا........................................................ ٤١

أنواع التأويل الباطل ـ وفيه عشرة أنواع.......................................... ٤٣

فصل : عدم تنازع الصحابة في آيات الصفات................................... ٤٩

فصل : في تعجيز المتأولين عن تحقيق الفرق بين ما يسوغ تأويله من آيات الصفات وأحاديثها وما لا يسوغ ٥٠

فصل : في إلزامهم في المعنى الّذي جعلوه تأويلا نظير ما فروا منه.................... ٥٥

فصل : هل لله يد واحدة أم أياد ، وعين واحدة أم أعين ، وبيان ذلك من أحد عشر وجها ٥٦

فصل : في الوظائف الواجبة على المتأول........................................ ٧٢

أمثلة ما اختلفوا فيه في التأويل................................................. ٧٤

المثال الأول : الاستواء........................................................ ٧٤

تأويل الاستواء بالإقبال....................................................... ٧٤

تأويل الاستواء بالاستيلاء..................................................... ٧٤

فصل في بيان : أن التأويل شر من التعطيل...................................... ٧٧

٣٧٣

فصل : فى أن قصد المتكلم من المخاطب حمل كلامه على خلاف ظاهر وحقيقته ينافى قصد البيان والإرشاد         ٧٩

فصل في بيان : أنه مع كمال علم المتكلم وفصاحته يمتنع عليه أن يريد بكلامه خلاف ظاهره وحقيقته      ٨٢

لمحة عن مناظرة للمصنف لأهل الكتاب......................................... ٨٦

فصل في بيان : أن تيسير القرآن للذكر ينافي حمله على التأويل المخالف لحقيقته وظاهره ٨٧

فصل : اشتمال الكتب الإلهية على الأسماء والصفات أكثر من اشتمالها على ما عداه. ٩٠

تعريف الباطنية (هامش)...................................................... ٩١

فصل : إبليس أول من جاء بالتأويل الفاسد..................................... ٩٣

فصل في بيان : ما يقبل التأويل من الكلام وما لا يقبله........................... ٩٨

قاعدة فيما يجوز تأويله........................................................ ٩٩

فصل : في بيان أنه لا يأتى المعطل للتوحيد العلمى الخبرى بتأويل إلا أمكن المشرك المعطل للتوحيد العلمى أن يأتى بتأويل من جنسه......................................................................... ١٠٤

فصل : في انقسام الناس في نصوص الوحى إلى : أصحاب تأويل ، وأصحاب تخييل ، وأصحاب تمثيل ، وأصحاب تجهيل ، وأصحاب سواء السبيل...................................................... ١١٠

تعريف الصابئين (هامش)................................................... ١١٧

فصل : أسباب قبول التأويل بالباطل.......................................... ١١٨

تعريف الرافضة (هامش).................................................... ١٢٠

فصل في بيان : أن أهل التأويل لا يمكنهم إقامة الدليل السمعى على مبطل أبدا ، وهذا من أعظم آفات التأويل ، وفي هذا كسر الطاغوت الأول............................................................ ١٢٢

حجج القرآن ظاهرة واضحة على إثبات التوحيد................................ ١٢٤

تعريف القدرية (هامش)..................................................... ١٣٧

تعريف معنى اسمه سبحانه «اللطيف» و «الخبير» (هامش)....................... ١٣٧

٣٧٤

موافقة صريح العقل لصحيح النقل ، وأيضا (ص ١٦٥)......................... ١٤١

الرد على من قال : أن الأدلة اللفظية لا تفيد اليقين............................ ١٤٤

تعريف جهم بن صفوان ، وابراهيم النظّام (هامش).............................. ١٥٢

كلام الرازى فى علم الكلام (هامش)......................................... ١٥٣

فصل : كسر الطاغوت الثاني وهو قولهم : إذا تعارض العقل والنقل وجب تقديم العقل وكسر هذا الطاغوت من اثنين وخمسين وجها......................................................................... ١٥٥

العلم النافع هو ما أخبرت به الرسل........................................... ١٧٠

التوسل المشروع والمخالف (هامش)........................................... ١٧٧

الكلام عن آية الكرسى (هامش)............................................. ١٧٨

الكلام عن سورة الإخلاص (هامش).......................................... ١٧٩

في معنى الإلحاد (هامش).................................................... ١٨٥

أنواع التوحيد والتحريف في معناه............................................. ١٩٠

في معنى قولهم : الأعراض ، والأغراض ، والأبعاض.............................. ١٩٤

لفظ «الجسم» لم يأت به الوحى ولا أثبته أهل السنة........................... ١٩٦

فصل فى : تحريف اسمه تعالى «العدل»........................................ ٢٠١

في معنى قوله سبحانه «الله الصمد».......................................... ٢٢٤

تأويل المثل الأعلى.......................................................... ٢٢٥

كيف كان الصحابة يعارضون النصوص....................................... ٢٣٠

الجهمية أول من عارض النصوص بآراء الرجال................................. ٢٣٨

في شرح حديث «إن الله جميل يحب الجمال» (هامش).......................... ٢٤٣

توحيد الملاحدة............................................................ ٢٥١

أقوى الطرق لإثبات الصانع سبحانه.......................................... ٢٦٣

منشأ الضلال الّذي قاد إلى التعطيل.......................................... ٢٦٦

فصل : اتفاق الفلاسفة والحكماء على علو الله عزوجل.......................... ٢٧٢

فصل : الجهمية المعطلة معترفون بوصفه تعالى بعلو القهر وعلو القدر.............. ٢٧٥

فصل : كل من أقر بوجود رب للعالم مدبر له لزمه الإقرار بمباينته لخلقه............ ٢٧٨

نفى التشبيه والتمثيل لا يغنى عن إثبات الصفات اللائقة بالله..................... ٢٨٣

٣٧٥

فصل : في ذكر حجة الجهمى على أنه سبحانه لا يرضى ولا يغضب ، ولا يحب ولا يسخط والجواب عنها ٢٧٨

شبهات إبليسية............................................................ ٢٨٩

النظر فى ملكوت السماوات والأرض يدل على عظمة الصانع.................... ٢٩٨

تنزيه الله سبحانه عن الظلم فى قضاءه......................................... ٣٠٤

تعريف الجبرية (هامش)...................................................... ٣٠٨

فصل : احتجاج الجبرية بقوله تعالى : (لا يُسْئَلُ عَمَّا يَفْعَلُ).................... ٣١١

فصل : قضاء الله كله عدل ، وشرح حديث «عدل في قضاؤك»................. ٣١٢

فصل : ذوو الأرواح الذين يلحقهم اللذة والآلام أربعة أصناف : الإنس ، والجن ، والبهائم ، والملائكة       ٣١٨

قبول القلب للحق ، لا بد من تخليه وفراغه من الباطل (هامش).................. ٣٢١

فصل : العقوبة على الأمور العدمية واختلاف الناس فى ذلك..................... ٣٢٥

خفاء كثير من النعم على العباد وعدم شكرها (هامش).......................... ٣٣٢

فصل : من أعظم حكمة الرب وكمال قدرته : خلق الضدين..................... ٣٣٨

حكمة الابتلاء............................................................. ٣٣٩

فصل : كمال العبودية والمحبة يظهر عند معارضة الشهوات....................... ٣٤٠

من دخل الجنة لا يخرج منها بعكس النار...................................... ٣٥١

فصل : من عدله سبحانه أنه لا يزيد أحدا في العذاب........................... ٣٥٢

الكلام عن أبدية النار...................................................... ٣٦٦

* * *

٣٧٦
٣٧٧
٣٧٨
٣٧٩
٣٨٠