مفتاح الكرامة في شرح قواعد العلّامة - ج ٢

السيّد محمّد جواد الحسيني العاملي

مفتاح الكرامة في شرح قواعد العلّامة - ج ٢

المؤلف:

السيّد محمّد جواد الحسيني العاملي


المحقق: الشيخ محمّد باقر الخالصي
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
المطبعة: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ١
الصفحات: ٦١٥

.................................................................................................

______________________________________________________

أيضاً وفي «المنتهى (١) والمعتبر (٢) والذكرى (٣)» أنّ الجبيرة لو استوعبت محلّ الفرض مسح عليها أجمع وغسل باقي الأعضاء ولو تعذّر المسح على الجبيرة تيمّم ولا يجب غسل باقي الأعضاء.

وهذه العبارة شاملة للصورة الاولى كما في «شرح المفاتيح» قال : وينبغي النظر في الأخبار الواردة في الجبيرة هل تشمل هذه الصورة أم لا؟ وبالنظر إلى إطلاق الأخبار يترجّح شموله ويحتمل الانتقال إلى التيمّم لبعد فهم هذا النوع من الجبيرة من الأخبار ، فتأمّل ، انتهى (٤). قال : وأمّا إذا لم يكن كسر أو ما يجري مجراه في موضع الطهارة لكنّه يتضرّر بسبب غسل أعضاء الطهارة أو مسحها تعيّن حينئذ وجوب التيمّم. وقال : وإذا كانت الجبيرة في موضع التيمّم ولا يمكن مسح البشرة في التيمّم فلا وجه لتوهّم تجويز التيمّم (٥). وقد قال في «التذكرة (٦)» يمسح على الجبيرة في التيمّم مع تعذّر البشرة وبذلك صرّح في «نهاية الإحكام (٧) والذكرى (٨)» وقد يظهر من ذيل كلامه في «التذكرة» دعوى الإجماع على ذلك (٩).

__________________

(١) منتهى المطلب : كتاب الطهارة في أفعال الوضوء وكيفيّته ج ٢ ص ١٣٠.

(٢) المعتبر : كتاب الطهارة في كيفيّة الوضوء ج ١ ص ١٦٢ نحوه.

(٣) ذكرى الشيعة : كتاب الصلاة في أحكام الجبيرة ص ٩٦ السطر الاخير.

(٤) كذا في النسخ ولكنه لا وجه لقوله : انتهى لأّن ما حكاه عنه لم يفصل عمّا يحكيه بعد بل هما متصلان فراجع المصابيح : ج ١ ص ٣٠١.

(٥) مصابيح الظلام : كتاب الطهارة في أحكام الوضوء ج ١ ص ٣٠١ س ١٥ وص ٣٠٢ س ٥ (مخطوط مكتبة الگلپايگاني).

(٦) تذكرة الفقهاء : كتاب الطهارة في أحكام الوضوء ج ١ ص ٢٠٩.

(٧) نهاية الإحكام : كتاب الطهارة في أحكام الوضوء ج ١ ص ٦٥.

(٨) ذكرى الشيعة : كتاب الصلاة في أحكام الجبيرة ص ٩٧ س ٥.

(٩) لم يصرّح في التذكرة بالإجماع على المسح على الجبيرة الواقعة في موضع التيمم وإنّما قال : إنّه عندنا لا إعادة للماسح على الجبيرة المذكورة ولعلّه أراد منه الإجماع وإذا لم يجب الإعادة في المورد المذكور فكان المسح كافياً صحيحاً إلّا أنّا قد ذكرنا في الهوامش غير مرّة أنّ التعبير بعندنا أو اتّفاقاً ونحوهما غير الإجماع حسب الاصطلاح فراجع تذكرة الفقهاء :

٥٤١

.................................................................................................

______________________________________________________

العاشر : قال في «المنتهى» الجبيرة إنّما توضع على طرفي الصحيح ليرجع الكسر ، فلو تجاوز الكسر بما لا بدّ منه جاز المسح ، أمّا لو تجاوز بما منه بدّ فالوجه عدم الجواز ، لأنّه يكون تاركا لغسل ما يمكن غسله فلم يجز (١). وفي «شرح المفاتيح» أنّه لو تيسّر غسل ما تحت الزائد الّذي لا بدّ منه وجب كما لو تيّسر غسل قدر ما تحت المساوي (٢).

الحادي عشر : إنّ العضو إذا كان به مرض كالعين ونحوها من الرمد ونحوه لا يجري فيه حكم الجبيرة والقرح والجرح إذا أمكن غسل ما حوله خاصّة ، بل لا بدّ من التيمّم لفقد ما يدلّ على كونه مثل الجبيرة من النصّ والإجماع ، بل ظاهر الأصحاب التيمّم كما في «شرح المفاتيح» إلّا أنّ الشيخ في «المبسوط والخلاف» جعل الجمع بين التيمّم وغسل الباقي أحوط (٣) ، فتأمّل فيه. ثمّ إنّ الشيخ في «المبسوط (٤) والخلاف (٥)» والمحقّق في «الشرائع (٦)» في مبحث التيمّم قالا إنّ من لم يتمكّن من غسل بعض أعضائه ولا مسحه جاز له التيمم. وهو ظاهر المصنف في الكتاب حيث قال ويتيمم من لم يتمكن من غسل بعض أعضائه ولا مسحه. ولم يصرّح بالجواز ، بل كلامه يحتمل الوجوب كما سيأتي بيانه.

الثاني عشر : إذا وضع الجبيرة أو اللصوق من دون ضرورة فإن أمكنه الرفع وجب وإن لم يمكنه فالظاهر كما في «شرح المفاتيح» صحة الوضوء بالمسح

__________________

كتاب الطهارة في أحكام الوضوء ج ١ ص ٢٠٩.

(١) منتهى المطلب : كتاب الطهارة في أفعال الوضوء وكيفيّته ج ٢ ص ١٣٠.

(٢) مصابيح الظلام : كتاب الطهارة في أحكام الوضوء ج ١ ص ٣٠١ س ٢٠ (مخطوط مكتبة الگلپايگاني).

(٣) مصابيح الظلام : كتاب الطهارة في أحكام الوضوء ج ١ ص ٣٠٣ السطر الاخير (مخطوط مكتبة الگلپايگاني).

(٤) المبسوط : كتاب الطهارة في كيفيّة التيمّم ج ١ ص ٣٥.

(٥) الخلاف : كتاب الطهارة ج ١ ص ١٥٤ مسألة ١٠٥.

(٦) شرائع الإسلام : كتاب الطهارة في أحكام التيمّم ج ١ ص ٥٠.

٥٤٢

.................................................................................................

______________________________________________________

على الجبيرة لما يظهر من أدلّته ، فلا حاجة إلى العدول إلى التيمّم والأحوط الجمع بين الوضوء مع المسح والتيمم (١).

وسيأتي إن شاء الله تعالى لهذه المباحث تتمّة في آخر بحث التيمّم.

تذنيب : قال في «المدارك» إنّ في كلام الأصحاب في المقام إجمالا ، لتصريحهم بإلحاق الجرح والقرح بالجبيرة ، سواء كانت عليها خرقة أم لا ونصّ جماعة منهم على أنّه لا فرق بين أن تكون الجبيرة مختصّة بعضو أو شاملة للجميع. وفي التيمّم جعلوا من أسبابه الخوف من استعمال الماء بسبب الجرح والقرح والشين ولم يشترط أكثرهم في ذلك تعذّر وضع شي‌ء عليها والمسح عليه. وأمّا الأخبار ففي بعضها : أنّ من هذا شأنه يغسل ما حول الجرح وفي كثير منها : ينتقل إلى التيمّم ، ويمكن الجمع إمّا بحمل أخبار التيمّم على ما إذا تضرّر بغسل ما حولها أو بالتخيير بين الأمرين. وكيف كان فينبغي الانتقال إلى التيمّم فيما خرج عن مورد النصّ (٢). وبهذا الجمع جمع في «المفاتيح (٣)» وجمع في «الحدائق (٤)» بحمل أخبار التيمّم على ما إذا كان بدلا عن الغسل.

وفي «شرح المفاتيح» أنّ من تأمّل كلام الأصحاب في مبحث التيمّم ظهر له أنّه طهارة اضطراريّة والوضوء طهارة مائيّة ، فمتى صحّت المائية كيف تصحّ الترابيّة. فأيّ اجمال في كلامهم. فإذا صرّحوا في الوضوء بإلحاق الجرح والقرح بالجبيرة صرّحوا بأنّه طهارة مائيّة صحيحة ، ففي التيمّم إذا جعلوا من أسبابه الخوف من استعمال الماء بسبب القروح أو الجروح فلا شبهة في كون هذا التيمّم بعد العجز عن تلك المائيّة وكيف يمكن تجويز غير هذا عليهم. فمرادهم أن ذلك إذا لم يمكن غسل ما حولها أو لم يمكن المسح على الجبيرة ، إذ ظاهرهم الاتفاق

__________________

(١) مصابيح الظلام : كتاب الطهارة في أحكام الوضوء ج ١ ص ٢٩٩ س ١٤.

(٢) مدارك الأحكام : كتاب الطهارة في أحكام الوضوء ج ١ ص ٢٣٨ ٢٣٩.

(٣) مفاتيح الشرائع : كتاب مفاتيح الصلاة في أحكام الوضوء ج ١ ص ٥٠.

(٤) الحدائق الناضرة : كتاب الطهارة في الوضوء ج ٢ ص ٣٨٦.

٥٤٣

.................................................................................................

______________________________________________________

على وجوب هذا المسح على ما صرّحوا به ، بل ادعى الإجماع غير واحد منهم (١) إلى آخر ما ذكر. ثمّ إنّه أيّده بما نقلناه في المقام التاسع عن «المنتهى (٢)» وغيره (٣).

وقال في «حاشية المدارك (٤)» إنّ الجمع بالتخيير مشكل ، لأنّ شغل الذمّة اليقيني يستدعي الفراغ يقينا أو ظنّا معتبراً اجتهاديّاً ، وشي‌ء من ذلك غير متحقّق بمجرّد الاحتمال. وعلى فرض المساواة ففيه مع إشكال فيه أنّ التيمّم بدل اضطراري ، فحيث ثبت من الأخبار وكلام الأصحاب ووفاقهم صحّة الطهارة المائيّة قطعا ، بل تجب عينا على الظاهر منها يكون ذلك قرينة واضحة على الجمع الأوّل قال : وأشكل مما ذكر الاكتفاء بالتيمّم على الجبيرة مع التمكّن من غسل ما حولها والمسح عليها ، بل مع قطع النظر عما ذكرنا يبعد حمل الأخبار الواردة في التيمّم على التيمّم على الجبيرة ، انتهى.

وقال في «المدارك (٥)» إنّ الأخبار الواردة في الجرح ليس فيها إلّا غسل ما حوله ، انتهى. وفيه : إنّ في حسنة الحلبي «المسح على الخرقة في القرحة» (٦) ولا قائل بالفصل وأمّا الجرح فحسنة الوشاء (٧) تشمله ، إذ الدواء إنّما يكون لآفة وليس الجرح أندر من القرحة إن لم يكن اغلب والمعصوم عليه‌السلام ما استفصل في الجواب مع أنّ انقطاع الظفر نوع من الجرح وقد عرفت انعقاد الاجماع على الحاق القروح والجروح بالجبيرة ، مع أنّ الأخبار المعارضة الدالّة

__________________

(١) مصابيح الظلام : كتاب الطهارة في أحكام الوضوء ج ١ ص ٣٠١ ٣٠٢ س ٢٧.

(٢) منتهى المطلب : كتاب الطهارة في أفعال الوضوء وكيفيّته ج ٢ ص ١٣٠.

(٣) المعتبر : كتاب الطهارة في كيفيّة الوضوء ج ١ ص ١٦٢. نحوه.

(٤) حاشية المدارك : كتاب الطهارة في أحكام الوضوء ص ٤٠ ٤١ س ٢٣ (مخطوط المكتبة الرضويّة الرقم : ١٤٧٩٩).

(٥) مدارك الأحكام : كتاب الطهارة في أحكام الوضوء ج ١ ص ٢٣٩.

(٦) وسائل الشيعة : ب ٣٩ من أبواب الوضوء ح ٢ ج ١ ص ٣٢٦.

(٧) وسائل الشيعة : باب ٣٩ من أبواب الوضوء ح ١٠ ج ١ ص ٣٢٨.

٥٤٤

وفي الاستئناف مع الزوال إشكال

______________________________________________________

على التيمّم غير مختصّة بالجرح ، بل شاملة للقروح بل الكسر كخبر ابن أبي عمير (١) ومرسل الكليني (٢) عن الصادق عليه‌السلام ، كذا قال في «شرح المفاتيح (٣)» أدام الله حراسته.

[في استئناف الطهارة مع زوال العذر]

قوله قدّس الله روحه : (وفي الاستئناف مع الزوال إشكال) وتردّد كما في «الشرائع (٤) والتذكرة (٥) والمنتهى (٦)» واختار في «المبسوط (٧) والإيضاح (٨) وكشف اللثام (٩) وشرح المفاتيح (١٠)» أنّه يستأنف. وفي «المختلف (١١) والذكرى (١٢) والدروس (١٣) والبيان (١٤) والمدارك (١٥)» أنّه لا يستأنف. وقد أجمعوا على

__________________

(١) وسائل الشيعة : باب ٥ من أبواب التيمّم ح ١٠ ج ٢ ص ٩٦٨.

(٢) وسائل الشيعة : باب ٥ من أبواب التيمّم ح ٤ ج ٢ ص ٩٦٧.

(٣) مصابيح الظلام : كتاب الطهارة في أحكام الوضوء ج ١ ص ٣٠٣ س ٨ (مخطوط مكتبة الگلپايگاني).

(٤) شرائع الإسلام : كتاب الطهارة في كيفيّة الوضوء ج ١ ص ٢٣.

(٥) تذكرة الفقهاء : كتاب الطهارة في أحكام الوضوء ج ١ ص ٢٠٩.

(٦) منتهى المطلب : كتاب الطهارة في أفعال الوضوء وكيفيّته ج ٢ ص ١٣١.

(٧) المبسوط : كتاب الطهارة في كيفيّة الوضوء ج ١ ص ٢٣.

(٨) إيضاح الفوائد : كتاب الطهارة في أحكام الوضوء ج ١ ص ٤٢.

(٩) كشف اللثام : كتاب الطهارة في أحكام الوضوء ج ١ ص ٥٧٩.

(١٠) مصابيح الظلام : كتاب الطهارة في أحكام الوضوء ج ١ ص ٣٠٤ س ٢ (مخطوط مكتبة الگلپايگاني).

(١١) مختلف الشيعة : كتاب الطهارة في بقايا أحكام الوضوء ج ١ ص ٣٠٣.

(١٢) ذكرى الشيعة : كتاب الصلاة في أحكام الجبيرة ص ٩٧ س ٢١.

(١٣) الدروس الشرعيّة : كتاب الطهارة في سنن الوضوء ج ١ ص ٩٤ درس ٤.

(١٤) البيان : كتاب الطهارة في بيان أحكام الغسل ص ١٢.

(١٥) مدارك الأحكام : كتاب الطهارة في أفعال الوضوء وكيفيّته ج ١ ص ٢٤٠.

٥٤٥

والخاتم أو السير أو شبههما إن منع وصول الماء حرّك وجوبا وإلّا استحبابا.

______________________________________________________

أنّه لا يعيد ما صلّاه به كما في «المنتهى (١) وشرح المفاتيح (٢)» وفي الأخير : أنّ الأحوط ، بل الأقرب أنّه مع رجاء الزوال لا يجوز إلّا إذا تضيّق الوقت في نظره. قال : فما ذكرنا من عدم إعادة الصلاة إمّا لكونها مع عدم الرجاء أو معه إلّا أنّه عند تضيّق الوقت في نظره ، لكنّه زال واتّفق البقاء (٣) ، انتهى. وأوجب الشافعي إعادة الصلاة (٤).

[في وجوب تحريك ما يمنع وصول الماء إلى البشرة]

قوله قدّس الله تعالى روحه : (والخاتم والسير أو شبههما إن منع وصول الماء حرّك وجوباً وإلّا استحبابا) كما في «التذكرة (٥) والمنتهى (٦) والمدارك (٧)» وغيرها (٨) ونصّ عليه أيضاً العجلي (٩) والمحقق (١٠).

واستدلّوا على الاستحباب بأنّ فيه استظهاراً للعبادة. وقال في «حاشية المدارك» إن لم يحصل العلم بالوصول فلا بدّ من التحريك أو النزع تحصيلا للعلم ، لعدم ثبوت حجّية الظن في هذه المواضع مع تيسّر العلم بلا حرج وإن حصل العلم فكيف يتأتّى الاستظهار إلّا أن يقال مرتبة العلم متفاوتة وحصول الأقوى أولى ،

__________________

(١) منتهى المطلب : كتاب الطهارة في أفعال الوضوء وكيفيّته ج ٢ ص ١٣١.

(٢) مصابيح الظلام : كتاب الطهارة في أحكام الوضوء ج ١ ص ٣٠٤ س ١ (مخطوط مكتبة الگلپايگاني).

(٣) مصابيح الظلام : كتاب الطهارة في أحكام الوضوء ج ١ ص ٣٠٤ س ١ (مخطوط مكتبة الگلپايگاني).

(٤) الامّ : الطهارة باب علة من يجب عليه الغسل والوضوء ج ١ ص ٤٣.

(٥) تذكرة الفقهاء : كتاب الطهارة في الجنابة وغسلها ج ١ ص ٢٣١.

(٦) منتهى المطلب : كتاب الطهارة في أفعال الوضوء وكيفيّته ج ٢ ص ١٢٧.

(٧) مدارك الأحكام : كتاب الطهارة في أحكام الوضوء ج ١ ص ٢٣٦ ٢٣٧.

(٨) الحدائق الناضرة : كتاب الطهارة في غسل الجنابة ج ٣ ص ٩٠ ٩١.

(٩) السرائر : كتاب الطهارة في كيفيّة الوضوء ج ١ ص ١٠٥.

(١٠) شرائع الإسلام : كتاب الطهارة في كيفيّة الوضوء ج ١ ص ٢٣.

٥٤٦

وصاحب السلس والمبطون يتوضّئان لكلّ صلاة عند الشروع فيها وإن تجدّد حدثهما وكذا المستحاضة. وغسل الاذنين ومسحهما بدعة وكذا التطوّق إلّا للتقيّة

______________________________________________________

لكن هذا لا يلائم من لا يجوز التسامح في أدلّة السنن (١).

هذا ، وفي «الذكرى» لو ثقب يده وجب إدخال الماء الثقب ، لأنّه صار ظاهراً (٢). وفي «المدارك» هذا غير جيّد فيما إذا كان ضيّقاً (٣).

[حكم المسلوس والمبطون]

قوله قدّس الله تعالى روحه : (وصاحب السلس والمبطون يتوضّئان لكلّ صلاة) اختلف الأصحاب في صاحب السلس على ثلاثة أقوال :

الأوّل : ما ذكره المصنّف. وهو خيرة «الخلاف (٤) والسرائر (٥) والنافع (٦) والمعتبر (٧) والمنتهى (٨) والتذكرة (٩) والمختلف (١٠) والإرشاد (١١) والدروس (١٢)

__________________

(١) حاشية مدارك الأحكام : كتاب الطهارة في أحكام الوضوء ص ٤٠ س ١٣ (مخطوط مكتبة الرضويّة الرقم : ١٤٧٩٩).

(٢) ذكرى الشيعة : كتاب الصلاة في أحكام الوضوء ص ٨٥ س ٢٧.

(٣) مدارك الأحكام : كتاب الطهارة في أحكام الوضوء ج ١ ص ٢٣٧.

(٤) الخلاف : كتاب الحيض ج ١ ص ٢٤٩ مسألة ٢٢١.

(٥) السرائر : كتاب الصلاة في أحكام صلاة المضطرّين ج ١ ص ٣٥٠.

(٦) المختصر النافع : كتاب الصلاة في الوضوء ص ٦.

(٧) المعتبر : كتاب الطهارة في كيفيّة الوضوء ج ١ ص ١٦٣.

(٨) منتهى المطلب : كتاب الطهارة في أفعال الوضوء وكيفيّته ج ٢ ص ١٣٧.

(٩) تذكرة الفقهاء : كتاب الطهارة في أحكام الوضوء ج ١ ص ٢٠٦.

(١٠) مختلف الشيعة : كتاب الطهارة في بقايا أحكام الوضوء ج ١ ص ٣١٠.

(١١) إرشاد الأذهان : كتاب الطهارة في أسباب الوضوء ج ١ ص ٢٢٣.

(١٢) الدروس الشرعيّة : كتاب الطهارة في سنن الوضوء ج ١ ص ٩٤ درس ٤.

٥٤٧

.................................................................................................

______________________________________________________

والذكرى (١) والبيان (٢) والمقتصر (٣) والتنقيح (٤) وجامع المقاصد (٥) وحاشية الشرائع (٦) والروض (٧) ومجمع البرهان (٨) والكفاية (٩) والذخيرة (١٠)» وغيرها (١١). وهو المشهور كما في «جامع المقاصد (١٢)» والأشهر كما في «الكفاية (١٣) والذخيرة (١٤)» وفي «الخلاف» نقل الإجماع عليه على الظاهر حيث قال : المستحاضة ومن به سلس البول يجب عليه تجديد الوضوء لكلّ صلاة فريضة ولا يجوز لهما أن يجمعا بوضوء واحد بين صلاتي فرض ، ثمّ ادّعى الإجماع على ذلك (١٥). وفي «الذكرى (١٦)» أنّ إجماع الخلاف خاصّ بالمستحاضة ، فتأمّل.

الثاني : ما ذهب إليه الشيخ في «المبسوط (١٧)» ومال إليه أو اختاره اليوسفي في «كشف الرموز (١٨)» وهو أنّه لصاحب السلس أن يصلي بوضوء واحد صلوات

__________________

(١) ذكرى الشيعة : كتاب الصلاة في أحكام الوضوء ص ٩٧ س ٢٢.

(٢) البيان : كتاب الطهارة في بيان أحكام الغسل ص ١٢.

(٣) المقتصر : كتاب الطهارة في الطهارة المائيّة ص ٤٧.

(٤) التنقيح الرائع : كتاب الطهارة في الوضوء ج ١ ص ٨٧.

(٥) جامع المقاصد : كتاب الطهارة في أحكام الوضوء ج ١ ص ٢٣٤.

(٦) فوائد الشرائع : كتاب الطهارة في أحكام الوضوء ص ١٠ س ١٥ (مخطوط مكتبة المرعشي الرقم : ٦٥٨٤).

(٧) روض الجنان : كتاب الطهارة في أحكام الوضوء ص ٣٩ س ٢٢.

(٨) مجمع الفائدة والبرهان : كتاب الطهارة في الوضوء ج ١ ص ١١٢.

(٩) كفاية الأحكام : كتاب الطهارة في الوضوء ص ٣ س ٣.

(١٠) ذخيرة المعاد : كتاب الطهارة في حكم المبطون والسلس في الوضوء ص ٣٩ س ٨.

(١١) الحدائق الناضرة : كتاب الطهارة في الوضوء ج ٢ ص ٣٨٧.

(١٢) جامع المقاصد : كتاب الطهارة في أحكام الوضوء ج ١ ص ٢٣٤.

(١٣) كفاية الأحكام : كتاب الطهارة في الوضوء ص ٣ س ٣.

(١٤) ذخيرة المعاد : كتاب الطهارة في حكم المبطون والسلس في الوضوء ص ٣٩ س ٨.

(١٥) الخلاف : كتاب الحيض ج ١ ص ٢٤٩ مسألة ٢٢١.

(١٦) ذكرى الشيعة : كتاب الصلاة في أحكام الوضوء ص ٩٧ س ٢٥.

(١٧) المبسوط : كتاب الطهارة في ذكر الاستحاضة وأحكامها ج ١ ص ٦٨.

(١٨) كشف الرموز : كتاب الطهارة في الوضوء ج ١ ص ٦٩.

٥٤٨

.................................................................................................

______________________________________________________

كثيرة ، لأنّه لا دليل على وجوب تجديد الوضوء وحمله على المستحاضة قياس ، انتهى. قال في «كشف الرموز» لأنّ الوضوء لاستباحة الصلاة لا لرفع الحدث (١).

قلت : كلام الشيخ رحمه‌الله يحتمل وجهين أيضاً إمّا عدم جعل البول بالنسبة إليه حدثا وحصر أحداثه فيما عداه وإمّا عدم جعل ما يخرج بالتقاطر حدثا وأمّا الذّي يخرج بالطريق المعهود فهو حدث. وكلامه في «المبسوط» يشعر بانتفاء النصّ فيه. وفي «الذكرى (٢)» أنّه يدلّ عليه مضمر عثمان بن عيسى عن سماعة (٣). وفي «كشف اللثام» أنّ الظاهر من المضمر أنّه ليس في السلس ، بل في تقطير الدم والصديد والبلل الّذي لا يعلم كونه بولاً (٤). وفي شرح الأستاذ (٥) (الارشاد خ ل) أنّ مختار «المبسوط» قوّي جداً ، ويدّل عليه حسن منصور (٦) ، لترك الاستفصال فيه ، ويشهد لذلك خبر سماعة وصحيح حريز (٧) حيث تعرّض المعصوم عليه‌السلام فيهما لحكم الحدث وأخذ الخريطة مع حكم الحدث وجمع بينهما في الحكم.

الثالث : ما ذهب إليه المصنّف في «المنتهى (٨)» وهو أنّه يجوز له الجمع بين الظهرين وبين العشاءين. وقوّى هذا القول في «المدارك (٩) والحدائق (١٠)» ونفى عنه

__________________

(١) كشف الرموز : كتاب الطهارة في الوضوء ج ١ ص ٦٩.

(٢) ذكرى الشيعة : كتاب الصلاة في أحكام الوضوء ص ٩٧ س ٢٥ و ٢٩.

(٣) وسائل الشيعة : ب ٧ من أبواب نواقض الوضوء ح ٩ ج ١ ص ١٨٩.

(٤) كشف اللثام : كتاب الطهارة في أحكام الوضوء ج ١ ص ٥٨١.

(٥) مصابيح الظلام : كتاب الطهارة في أحكام الوضوء ج ١ ص ٣٢٦ س ٢٥ (مخطوط مكتبة الگلپايگاني).

(٦) وسائل الشيعة : ب ١٩ من أبواب نواقض الوضوء ح ٢ ج ١ ص ٢١٠.

(٧) وسائل الشيعة : باب ٧ .. ح ٩ ج ١ ص ١٨٩ وب ١٩ من أبواب نواقض الوضوء ح ١ ج ١ ص ٢١٠.

(٨) منتهى المطلب : كتاب الطهارة في أفعال الوضوء وكيفيّته ج ٢ ص ١٣٧.

(٩) مدارك الأحكام : كتاب الطهارة في أحكام الوضوء ج ١ ص ٢٤٣. ليس في المدارك في المقام إلا نفي البعد لا تقوية الحكم فراجع.

(١٠) الحدائق الناضرة : كتاب الطهارة في الوضوء ج ٢ ص ٣٨٨.

٥٤٩

.................................................................................................

______________________________________________________

البعد في «مجمع البرهان (١)» استناداً إلى صحيح حريز. قال في «كشف اللثام» هذا الخبر يحتمل أن يكون فيمن يمكنه التحفّظ مقدار صلاتين (٢).

وفي «نهاية الإحكام» احتمل الوجوه الثلاثة أعني مختاره هنا وما في «المبسوط» وما في «المنتهى» ولم يرجّح شيئاً من ذلك واستشكل في جواز الجمع بين الصلاتين خارج الوقت (٣). وقال في «مجمع الفائدة والبرهان» لا يبعد تجويز المقدار الّذي ذهب إليه في «المنتهى» أو أقلّ منه بوضوء واحد في غير صورة الجمع من باب التساوي (٤).

وقال المحقّق الثاني (٥) والشهيد الثاني (٦) وسبطه (٧) وغيرهم (٨) تبعاً «للتذكرة (٩)» أنّه لو كان له فترة تسع الصلاة وجب المصير إليها. وقال في «مجمع البرهان» يجوز له الصلاة في أوّل الوقت ، لعموم أدلّة الأوقات والصلاة وكون العذر موجباً للتأخير غير متيّقن للحرج والضيق (١٠).

وفي «جامع المقاصد» أنّه والمبطون والمستحاضة يجب عليهم التحفّظ في منع النجاسة بحسب الممكن ، لورود النصّ وتصريح الأصحاب (١١) ، انتهى. وقصّر بعضهم هذا الحكم على الفرائض اليوميّة كما هو الظاهر من «الخلاف (١٢)».

__________________

(١) مجمع الفائدة والبرهان : كتاب الطهارة في الوضوء ج ١ ص ١١٣.

(٢) كشف اللثام : كتاب الطهارة في أحكام الوضوء ج ١ ص ٥٨٠.

(٣) نهاية الأحكام : كتاب الطهارة في أحكام وضوء الجبيرة ج ١ ص ٦٧.

(٤) مجمع الفائدة والبرهان : كتاب الطهارة في الوضوء ج ١ ص ١١٣.

(٥) فوائد الشرائع : كتاب الطهارة في أحكام الوضوء ص ١٠ س ١٧ (مخطوط مكتبة المرعشي الرقم : ٦٥٨٤).

(٦) روض الجنان : كتاب الطهارة في أحكام الوضوء ص ٤٠ س ١١.

(٧) مدارك الأحكام : كتاب الطهارة في أحكام الوضوء ج ١ ص ٢٤٣.

(٨) الحدائق الناضرة : كتاب الطهارة في الوضوء ج ٢ ص ٣٨٩. ومجمع الفائدة : ج ١ ص ١١٢.

(٩) تذكرة الفقهاء : كتاب الطهارة في أحكام الوضوء ج ١ ص ٢٠٦.

(١٠) مجمع الفائدة والبرهان : كتاب الطهارة في الوضوء ج ١ ص ١١٢.

(١١) جامع المقاصد : كتاب الطهارة في أحكام الوضوء ج ١ ص ٢٣٥.

(١٢) الخلاف : كتاب الحيض ج ١ ص ٢٤٩ مسألة ٢٢١.

٥٥٠

.................................................................................................

______________________________________________________

إذا عرفت هذا فاعلم أنّ جماعة (١) من الأصحاب اطلقوا الحكم في ذي السلس حيث قالوا : إنّه يتوضّأ لكلّ صلاة من دون تعرّض لذكر ما إذا تجدّد حدثه في أثناء الصلاة وظاهرهم أنّ سلسه مستمرّ دائماً وأنّ هذا حكمه دائماً والمصنّف تعرّض هنا وفي «التذكرة (٢)» هنا وفي بحث المستحاضة «والمختلف (٣) ونهاية الإحكام (٤)» لذكر ما إذا تجدّد حدثه في أثناء الصلاة وحكم في هذه الكتب بأنّه يمضي في صلاته إن كان حدثه مستمرّاً. وبذلك صرّح جماعة كأبي العباس (٥) والمحقّق الثاني (٦) وغيرهما (٧).

وقال في «السرائر» في كتاب الصلاة : المريض من سلس البول على ضربين : أحدهما : أن يتراخى زمان الحدث منه فليتوضّأ للدخول في الصلاة فإذا بدره الحدث وهو فيها خرج من مكانه من غير استدبار للقبلة ولا تعمّد لكلام ليس من الصلاة فتوضّأ وبنى على صلاته. والضرب الثاني : أن يبادره على التوالي من غير تراخ بين الأحوال فينبغي أن يتوضّأ عند دخوله إلى الصلاة ويستعمل خريطة يجعل فيها إحليله ويمضي في صلاته ولا يلتفت إلى الحادث المستديم على اتصال الأوقات ، فإذا فرغ من صلاته الاولى توضّأ وضوءً آخر للفريضة الثانية ، ولا يجمع بين صلاتين بوضوء واحد (٨) ، انتهى.

وقال عماد الدين أبو جعفر محمّد بن حمزة في «الوسيلة» في كتاب الصلاة

__________________

(١) إرشاد الأذهان : كتاب الطهارة في أسباب الوضوء ج ١ ص ٢٢٣ ، الدروس الشرعيّة : كتاب الطهارة في سنن الوضوء ج ١ ص ٩٤ درس ٤.

(٢) تذكرة الفقهاء : كتاب الطهارة في أحكام الوضوء ج ١ ص ٢٠٦ وأحكام الاستحاضة ج ١ ص ٢٨٧.

(٣) مختلف الشيعة : كتاب الطهارة في بقايا أحكام الوضوء ج ١ ص ٣١٠.

(٤) نهاية الإحكام : كتاب الطهارة في أحكام الوضوء ج ١ ص ٦٨.

(٥) المقتصر : كتاب الطهارة في الطهارة المائية ص ٤٨.

(٦) جامع المقاصد : كتاب الطهارة في أحكام الوضوء ج ١ ص ٢٣٤.

(٧) المعتبر : كتاب الطهارة في كيفيّة الوضوء ج ١ ص ١٦٤.

(٨) السرائر : كتاب الطهارة في أحكام صلاة المضطرّين ج ١ ص ٣٤٩ ٣٥٠.

٥٥١

.................................................................................................

______________________________________________________

أيضا : إذا كان مبطونا وحدث به ما ينقض الصلاة قطع وتطهر وبنى وإن كان به سلس البول فكذلك (١).

وقال الشيخ في «النهاية» والمبطون إذا صلّى ثمّ حدث به ما ينقض صلاته فليعد الوضوء وليبن على صلاته ومن به سلس البول فلا بأس أن يصلّي كذلك بعد الاستبراء (٢). فقوله ذلك يحتمل أن يكون إشارة إلى ما ذكره في المبطون وإلى الحالة الّتي عليها من تجدّد البول أي لا بأس أن يصلي كما هو عليه.

وفي «الذكرى» بعد أن استشعر من أحاديث التحفّظ بالكيس استمرار الحدث في ذي السلس وقد كان اختار في المبطون أنّه يجدّد في الأثناء ويبني كما يأتي قال : والظاهر أنّه لو كان في السلس فترات وفي البطن تواتر أمكن نقل حكم كلّ إلى الآخر (٣). ومثله قال في «البيان (٤)». وقال في «الدروس (٥)» إذا كان لذي السلس فترات ساوى المبطون ، انتهى.

والحاصل أنّ محلّ النزاع في مسألتي المبطون وذي السلس لعلّه غير منقّح في كلامهم. وعباراتهم في السلس قد عرفتها.

وأمّا المبطون والمراد به عليل البطن أعمّ من أن يكون بريح أو غائط كما في «الروضة (٦) وجامع المقاصد (٧)» قال في الأخير : وفي الرواية تنبيه عليه (٨) ، انتهى ، ويأتي تمام الكلام فقد صرّح في «السرائر (٩) والنافع (١٠)

__________________

(١) الوسيلة : كتاب الصلاة فصل في بيان صلاة المريض ص ١١٤.

(٢) النهاية : كتاب الصلاة في صلاة المريض ج ١ ص ٣٦٩.

(٣) ذكرى الشيعة : كتاب الصلاة في أحكام الوضوء ص ٩٨ س ٢.

(٤) البيان : كتاب الطهارة في بيان أحكام الغسل ص ١٢.

(٥) الدروس الشرعيّة : كتاب الطهارة في سنن الوضوء ج ١ ص ٩٤ درس ٤.

(٦) الروضة البهيّة : كتاب الصلاة في قضاء الصلاة ج ١ ص ٧٥٦.

(٧) جامع المقاصد : كتاب الطهارة في أحكام الوضوء ج ١ ص ٢٣٤.

(٨) جامع المقاصد : كتاب الطهارة في أحكام الوضوء ج ١ ص ٢٣٤.

(٩) السرائر : كتاب الطهارة في أحكام صلاة المضطرّين ج ١ ص ٣٥٠.

(١٠) المختصر النافع : كتاب الطهارة في الوضوء ص ٦.

٥٥٢

.................................................................................................

______________________________________________________

والمنتهى (١) والتذكرة (٢) والإرشاد (٣) والدروس (٤) والبيان (٥) والمقتصر (٦) والتنقيح (٧) وجامع المقاصد (٨)» وغيرها (٩) أنّه يتوضّأ لكلّ صلاة. وفي «جامع المقاصد» نسبه إلى المشهور (١٠). وهو يؤذن بوجود الخلاف فيه. والشيخ لم يذكره في «الخلاف» وفي «الوسيلة» ذكره ولم يذكر أنّه يتوضّأ لكلّ صلاة وقد مرّت عبارتها إلّا أنّه يظهر منه ذلك كما قال في «الذكرى» كما يأتي. وكذا يظهر ذلك من الشيخ في «النهاية» ومرّت عبارتها.

وظاهر عبارة «الدروس (١١)» أنّ الشيخ مخالف فيه حيث قال : والسلس والمبطون يتوضّئان لكلّ صلاة ، خلافا «للمبسوط». وقد مرّت عبارة «المبسوط» في السلس ولا تلازم ، لأنّ المصنّف في «المنتهى» صرّح هنا بوجوب الوضوء لكلّ صلاة ومنع من الجمع بين الصلاتين كما اختاره في ذي السلس واستند إلى أنّ الغائط حدث فلا تستباح معه الصلاة إلّا مع الضرورة وهي متحققة في الواحدة دون غيرها (١٢) ، انتهى. وهذا جار في البول وكأنّه جوّزه فيه للخبر (١٣) الوارد فيه.

وقال في «الذكرى» الظاهر أنّ المبطون يجدّد أيضا لكلّ صلاة لمثل ما قلناه

__________________

(١) منتهى المطلب : كتاب الطهارة في أفعال الوضوء وكيفيّته ج ٢ ص ١٣٨.

(٢) تذكرة الفقهاء : كتاب الطهارة في الاستحاضة وأحكامها ج ١ ص ٢٨٧.

(٣) إرشاد الأذهان : كتاب الطهارة في أسباب الوضوء ج ١ ص ٢٢٣.

(٤) الدروس الشرعيّة : كتاب الطهارة في سنن الوضوء ج ١ ص ٩٤ درس ٤.

(٥) البيان : كتاب الطهارة في بيان أحكام الغسل ص ١٢.

(٦) المقتصر : كتاب الطهارة في الطهارة المائيّة ص ٤٨.

(٧) التنقيح الرائع : كتاب الطهارة في الوضوء ج ١ ص ٨٧.

(٨) جامع المقاصد : كتاب الطهارة في أحكام الوضوء ج ١ ص ٢٣٤.

(٩) نهاية الإحكام : كتاب الطهارة في أحكام الوضوء ج ١ ص ٦٨.

(١٠) جامع المقاصد : كتاب الطهارة في أحكام الوضوء ج ١ ص ٢٣٤.

(١١) الدروس الشرعيّة : كتاب الطهارة في سنن الوضوء ج ١ ص ٩٤ درس ٤.

(١٢) منتهى المطلب : كتاب الطهارة في أفعال الوضوء وكيفيّته ج ٢ ص ١٣٨.

(١٣) وسائل الشيعة : ب ١٩ من أبواب نواقض الوضوء ح ١ ج ١ ص ٢١٠.

٥٥٣

.................................................................................................

______________________________________________________

ولم أرهم صرّحوا به إلّا أنّ فتواهم بالوضوء للحدث الطارئ في أثناء الصلاة يشعر به (١) ، انتهى. وقد عرفت من صرّح به ممن تقدّمه ، فتأمّل.

وقد اختلف الأصحاب فيما إذا تجدّد حدثه في أثناء الصلاة على ثلاثة أقوال في الظاهر :

الأوّل : ما اختاره المصنّف هنا من صحّة صلاته من دون حاجة إلى تجديد الوضوء في الصلاة والبناء. وهو خيرة «التذكرة (٢) والمختلف (٣) ونهاية الإحكام (٤) والمقتصر (٥) وجامع المقاصد (٦) وحاشية الشرائع (٧)» وهو الظاهر من «الإرشاد (٨) والكفاية (٩)».

قال في «المختلف» والوجه عندي أنّ عذره إن كان دائما لا ينقطع ، فإنّه يبني على صلاته من غير أن يجدّد وضوءه كصاحب السلس وإن كان يتمكّن من تحفّظ نفسه بمقدار زمان الصلاة فإنّه يتطهر ويستأنف الصلاة. ويدلّ على التفصيل أنّ الحدث المتكّرر إن نقض الطهارة أبطل الصلاة ، لأنّ شرط صحّة الصلاة استمرار الطهارة (١٠) ، انتهى.

قال في «الذكرى» هذا من العلّامة مصادرة وتشبيهه بالسلس ينفي ما أثبته

__________________

(١) ذكرى الشيعة : كتاب الصلاة في أحكام الوضوء ص ٩٧ س ٣١.

(٢) تذكرة الفقهاء : كتاب الطهارة في أحكام الوضوء ج ١ ص ٢٠٦.

(٣) مختلف الشيعة : كتاب الطهارة في بقايا أحكام الوضوء ج ١ ص ٣١١.

(٤) نهاية الإحكام : كتاب الطهارة في أحكام الوضوء ج ١ ص ٦٨.

(٥) المقتصر : كتاب الطهارة في الطهارة المائيّة ص ٤٨.

(٦) جامع المقاصد : كتاب الطهارة في أحكام الوضوء ج ١ ص ٢٣٤.

(٧) فوائد الشرائع : كتاب الطهارة في أحكام الوضوء ص ١٠ س ١٨ (مخطوط مكتبة المرعشي الرقم : ٦٥٨٤).

(٨) إرشاد الأذهان : كتاب الطهارة في أسباب الوضوء وكيفيّته ج ١ ص ٢٢٣.

(٩) كفاية الأحكام : كتاب الطهارة في الوضوء ص ٣ س ٣.

(١٠) مختلف الشيعة : كتاب الطهارة في بقايا أحكام الوضوء ج ١ ص ٣١١.

٥٥٤

.................................................................................................

______________________________________________________

من وجوب إعادة الصلاة للمتمكّن إلّا أن يرتكب مثله في السلس (١) ، انتهى. وتبعه على ذلك صاحب «المدارك (٢)» وجدّه في الروضة (٣).

وأجاب المحقّق الثاني (٤) بأنّ هذه المقدّمة ثبتت بالإجماع ثمّ قال : وليس في هذا مصادرة بوجه من الوجوه.

قال في «المدارك» وفيه نظر ، لمنع الاتّفاق على الشرطيّة بالمعنى الّذي ادّعاه في موضع النزاع وإنّما يتمّ ما ذكره لو أثبت الشرطيّة بالنصّ (٥) انتهى.

قلت : يمكن توجيه المصادرة بأن يقال بأنّها في قضية الشرطيّة الّتي في كلام «المختلف» وأنّ المستثنى فيها نقيض التالي. وذلك لأنّ كلام المستدلّ في استلزام انتقاض الوضوء بطلان الصلاة إمّا أن يكون في الصلاة المتنازع فيها خاصّة أو لا ، والثاني إمّا أن يكون بحيث يشمل محل النزاع أو لا ، وظاهر أنّ الثالث لا ينفعه ، بل مقصوده إنما يتم بالأولين والمصادرة إنما تكون فيهما. أمّا الأوّل فظاهر ، لأنّه غير المتنازع وأمّا الثاني فلأنّه جعل مدّعاه جزء دليله.

وقال الأستاذ أدام الله حراسته في «حاشية المدارك (٦)» ليس في ذلك مصادرة بوجه من الوجوه ، لأنّه ثبت في مقامه اشتراط الاستمرار بالأخبار وغيرها ، وعلى تقدير المناقشة لا يقال أنّه مصادرة. وبالجملة أنّه مبنيّ على مقدّمة مسلّمة عند الأكثر وهو أنّ الطهارة شرط ومع زوال الشرط يزول المشروط وأنّ الإجماع حاصل على أنّ الفعل الكثير مبطل بروايتين استدلّوا بهما ردّا على من قال إنّ الحدث سهواً لا يبطل الصلاة. فلو تمّ الاستدلال عليه لزمهم القول بالبطلان هنا

__________________

(١) ذكرى الشيعة : : كتاب الطهارة في أحكام الوضوء ص ٩٧ السطر الاخير.

(٢) مدارك الاحكام : ج ١ ص ٢٤٣.

(٣) الروضة البهية : ج ١ ص ٧٥٦.

(٤) لم يوجد في جامع مقاصده ولا في فوائد شرايعه ولا في رسائله ولعلّه يكون في مجمع فوائده الذي غير موجود نعم في المدارك : ج ١ ص ٢٤٣ صرّح بانتساب الجواب إليه فراجع.

(٥) مدارك الأحكام : كتاب الطهارة في أحكام الوضوء ج ١ ص ٢٤٣.

(٦) حاشية مدارك الأحكام : كتاب الطهارة في أحكام الوضوء ص ٤١ س ٧ (مخطوط المكتبة الرضويّة رقم ١٤٧٩٩).

٥٥٥

.................................................................................................

______________________________________________________

لو قال بأنّه حدث. فالنقض وارد على المعظم. ثمّ إنّ النزاع لا ينافي الإجماع عندنا مع أنّ ضروري المذهب مثل حرمة القياس وقع فيه النزاع وعدم ثبوت الإجماع عند الشارح يريد صاحب «المدارك» لا يضرّ المستدل انتهى. وفي «شرح المفاتيح» أنّ الظاهر من المختلف عدم نقض حدثه الطهارة كما نقلناه عن الشيخ في المبسوط في السلس (١).

الثاني : ما ذهب إليه الشيخ في «النهاية (٢)» من أنّ المبطون يجدّد ويبني على صلاته. وهو خيرة «الوسيلة (٣) والسرائر (٤) والمعتبر (٥) والنافع (٦) وكشف الرموز (٧) والمنتهى (٨) والذكرى (٩) والدروس (١٠) والبيان (١١) واللمعة (١٢) والتنقيح (١٣) والروضة (١٤) ومجمع البرهان (١٥)» وغيرها (١٦) ، لكن بشرط عدم الكلام والاستدبار. وهو المشهور كما في «البيان (١٧) وحاشية

__________________

(١) مصابيح الظلام : كتاب الطهارة في أحكام الوضوء ج ١ ص ٣٢٧ س ١٠ (مخطوط مكتبة الگلپايگاني).

(٢) النهاية : كتاب الصلاة في صلاة المريض ج ١ ص ٣٦٩.

(٣) الوسيلة : كتاب الصلاة فصل في بيان صلاة المريض ص ١١٤.

(٤) السرائر : كتاب الصلاة في أحكام صلاة المضطرّين ج ١ ص ٣٥٠.

(٥) المعتبر : كتاب الطهارة في كيفيّة الوضوء ج ١ ص ١٦٣.

(٦) المختصر النافع : كتاب الطهارة في الوضوء ص ٦.

(٧) كشف الرموز : كتاب الطهارة في الوضوء ج ١ ص ٦٩ ٧٠.

(٨) منتهى المطلب : كتاب الطهارة في أفعال الوضوء وكيفيّته ج ٢ ص ١٣٨.

(٩) ذكرى الشيعة : كتاب الصلاة في أحكام الوضوء ص ٩٧ س ٣١.

(١٠) الدروس الشرعيّة : كتاب الطهارة في سنن الوضوء ج ١ ص ٩٤ درس ٤.

(١١) البيان : كتاب الطهارة في بيان أحكام الغسل ص ١٢.

(١٢) اللمعة الدمشقيّة : كتاب الصلاة في قضاء الصلاة ص ١٩.

(١٣) التنقيح الرائع : كتاب الطهارة في الوضوء ج ١ ص ٨٨.

(١٤) الروضة البهيّة : كتاب الصلاة في قضاء الصلاة ج ١ ص ٧٥٦.

(١٥) مجمع الفائدة والبرهان : كتاب الطهارة في الوضوء ج ١ ص ١١٣.

(١٦) المهذّب البارع : كتاب الطهارة في الطهارة المائيّة ج ١ ص ١٣٦.

(١٧) البيان : كتاب الطهارة في بيان أحكام الغسل ص ١٢.

٥٥٦

.................................................................................................

______________________________________________________

النافع (١) وجامع المقاصد (٢)» والأشهر كما في «الدروس (٣)» وقول الجماعة كما في «الذكرى (٤)» وقول المعظم كما في «المدارك (٥)» وفي «اللمعة (٦) والروضة (٧)» أنّ الخبر مشهور بين الأصحاب خصوصاً المتقدّمين.

قال في «المعتبر (٨) والمنتهى (٩)» ولو تلبس بالصلاة ثمّ فجأه الحدث مستمرّا تطهّر وبنى. فأخذا في ذلك قيد الاستمرار. وبه قيّد اليوسفي في «كشفه» عبارة شيخه. قال : التقدير لو فجأه الحدث مستمراً (١٠) ، انتهى. فيلحظ هذا القيد وما المراد منه وليلحظ مفهومه أيضا ، لأنّ محلّ النزاع في المسألة مشتبه ، ففي «السرائر (١١) والمدارك (١٢) وكشف اللثام (١٣)» أنّ محلّ النزاع إنّما هو فيما إذا كان له فترات لا إذا استمرّ الحدث متواليا ، وهو الظاهر من الشهيد (١٤) في كتبه وقد سلفت عباراتها وظاهرهم أنّ الفترة معتبرة أيضا بعد حدوث الحدث في أثناء الصلاة كما صرّح به الفاضل المقداد في «التنقيح» حيث فرض المسألة فيمن لا يدوم عذره وينقطع

__________________

(١) حاشية النافع : في وضوء المبطون ص ٢٠٦ (مخطوط مكتبة المرعشي الرقم : ٤٠٧٩).

(٢) جامع المقاصد : كتاب الطهارة في أحكام الوضوء ج ١ ص ٢٣٤.

(٣) الدروس الشرعيّة : كتاب الطهارة في سنن الوضوء ج ١ ص ٩٤ درس ٤.

(٤) ذكرى الشيعة : كتاب الصلاة في أحكام الوضوء ص ٩٧ السطر الأخير.

(٥) مدارك الأحكام : كتاب الطهارة في أحكام الوضوء ج ١ ص ٢٤٣.

(٦) اللمعة الدمشقيّة : كتاب الصلاة في قضاء الصلاة ص ١٩.

(٧) الروضة البهيّة : كتاب الصلاة في قضاء الصلاة ج ١ ص ٧٥٨.

(٨) المعتبر : كتاب الطهارة في كيفيّة الوضوء ج ١ ص ١٦٤.

(٩) منتهى المطلب : كتاب الطهارة في أفعال الوضوء وكيفيّته ج ٢ ص ١٣٨.

(١٠) كشف الرموز : كتاب الطهارة في الوضوء ج ١ ص ٧٠.

(١١) السرائر : كتاب الصلاة في أحكام صلاة المضطّرين ج ١ ص ٣٥٠.

(١٢) مدارك الأحكام : كتاب الطهارة في أحكام الوضوء ج ١ ص ٢٤٤.

(١٣) كشف اللثام : كتاب الطهارة في أحكام الوضوء ج ١ ص ٥٨٣.

(١٤) الدروس الشرعيّة : كتاب الطهارة في سنن الوضوء ج ١ ص ٩٥ درس ٤ ، ذكرى الشيعة : كتاب الصلاة في أحكام الوضوء ص ٩٨ س ٢ ، اللمعة الدمشقيّة : كتاب الصلاة في قضاء الصلاة ص ١٩.

٥٥٧

.................................................................................................

______________________________________________________

زمانا لا يسع الصلاة ، قال : فإنّ تكليفه حينئذ إمّا الوضوء والاستئناف معاً وهو باطل ، لأنّ تكليفه بالكون على طهارة في مجموع الصلاة باطل ، لأنّ المفروض أنّ زمان الانقطاع لا يسع الصلاة ، فلا وجه للاستئناف ، وإمّا أن تكليفه بالاستمرار من غير وضوء وهو باطل أيضا ، لأنّ الطهارة شرط في صحّتها وعدم الشرط مستلزم لعدم المشروط. وسقوط التكليف بالنسبة إلى المجموع لا يقتضي سقوطه بالنسبة إلى بعضها ، لأنّ المجموع أخصّ من البعض وسقوط الخاصّ لا يستلزم سقوط العامّ. وإذا بطل هذان القسمان تعيّن الوضوء والبناء كما هو مدلول الرواية (١) انتهى. وعليه لو كانت الفترة لا تسع إلّا ركعة مثلا ووضوءاً وجب عليه في الرباعيّة التجديد أربعاً ، وكذا إذا كانت لا تسع الفترة إلّا مقدار زمان نصف ركعة وهكذا. وفيه من الحرج ما لا يخفى إلّا أن يستثنوا مثل هذا الحرج كما في «شرح المفاتيح (٢)» وكيف كان فهو يناقض ظاهر ما في «المعتبر (٣) والمنتهى (٤)» إلّا أن يراد بالاستمرار هناك ما قابل الفترة الّتي تسع مقدار الصلاة كما في «الروضة (٥)» أو الفترة الّتي لا يتمكّن معها من الدخول في الصلاة على طهارة وبهذا تلتئم الكلمة ، فليتأمّل جيّداً.

الثالث : ما ذكره جمع من المتأخرين كما في «الحدائق» وهو أنّه لا يخلو إمّا أن يكون له فترة تسع الطهارة والصلاة أم لا ، وعلى الثاني فلا يخلو إمّا أن يستمرّ حدثه بحيث لا يتمكّن من الدخول في الصلاة على طهارة أم لا ، فعلى الأوّل ينتظر الفترة. وعلى الأوّل من الثاني يغتفر حدثه الواقع بعد الوضوء ولو في أثناء الصلاة دفعا للحرج ، فيتوضّأ لكلّ صلاة لا غير. وعلى الثاني من الثاني فالمشهور أنّه

__________________

(١) التنقيح الرائع : كتاب الطهارة في الوضوء ج ١ ص ٨٨.

(٢) مصابيح الظلام : كتاب الطهارة في أحكام الوضوء ج ١ ص ٣٢٨ (مخطوط مكتبة الگلپايگاني).

(٣) المعتبر : كتاب الطهارة في كيفيّة الوضوء ج ١ ص ١٦٤.

(٤) منتهى المطلب : كتاب الطهارة في أفعال الوضوء وكيفيّته ج ٢ ص ١٣٨.

(٥) الروضة البهيّة : كتاب الصلاة في قضاء الصلاة ج ١ ص ٧٥٧.

٥٥٨

.................................................................................................

______________________________________________________

يتوضّأ إذا فجأه في الأثناء ويبني (١) انتهى.

وقد يرجع هذا إلى القول الثاني ، لكنّه في «كشف اللثام» قال : وتصحّ كلّ صلاة صلياها أي السلس والمبطون بوضوء وإن تجدّد حدثهما فيها أو بين الوضوء والصلاة إذا بادرا إلى الصلاة من غير حاجة إلى تجديد الوضوء في الصلاة ، ثمّ نسب الخلاف في ذلك إلى «السرائر والوسيلة والإصباح» إلى آخره (٢). والحاصل أنّه جعل هذا العنوان مورد النزاع بين القولين الأوّلين. قال في «الحدائق» ومحلّ الخلاف في المسألة غير منقّح في كلامهم (٣) ، انتهى. فتذكر ما مرّ.

هذا ، والأخبار الّتي استند إليها المشهور قابلة للتأويل القريب.

فمنها : قول أبي جعفر عليه‌السلام : «صاحب البطن الغالب يتوضّأ ويبني على صلاته» (٤) وهذا يمكن أن يراد منه من غير بعد أنّه يعتدّ بصلاته. وقال في «الروضة» قد أوّلوا الخبر بأنّ المراد بالبناء الاستئناف (٥). قلت : لم أجد من أوّله بذلك ، وكيف يقع منهم ذلك والحال أنّ موضع الخلاف ما إذا لم يتمكّن من حفظ نفسه مقدار صلاته ، وفرض الاستئناف عليه ينجرّ إلى التكليف بغير مقدور ، والاستئناف على المتمكّن مجمع عليه ، نعم لمن جعل البناء بمعنى الاستئناف أن يجعله دليلا على وجوبه في المتمكّن خاصة ، إذ الروايات خالية عن قيد التمكّن وعدمه ، بل قد يدّعى ظهورها في المتمكّن ويبقى موضع النزاع خاليا عن المعارض ، فليتأمّل جيّداً.

ومنها : موثقة محمّد «صاحب البطن الغالب يتوضّأ ، ثمّ يرجع في صلاته فيتمّ ما بقي» (٦) وهذا يحتمل أنّه يجدّد الوضوء بعد ما صلّى صلاة ، ثمّ يرجع في الصلاة

__________________

(١) الحدائق الناضرة : كتاب الطهارة في الوضوء ج ٢ ص ٣٨٩.

(٢) كشف اللثام : كتاب الطهارة في أحكام الوضوء ج ١ ص ٥٨١.

(٣) الحدائق الناضرة : كتاب الطهارة في الوضوء ج ٢ ص ٣٨٩.

(٤) من لا يحضره الفقيه : باب صلاة المريض والمغمى عليه .. ح ١٠٤٣ ج ١ ص ٣٦٣.

(٥) الروضة البهيّة : كتاب الطهارة في قضاء الصلاة ج ١ ص ٧٥٨.

(٦) وسائل الشيعة : ب ١٩ من أبواب نواقض الوضوء ح ٤ ج ١ ص ٢١٠.

٥٥٩

.................................................................................................

______________________________________________________

فيصلّي الصلاة الباقية عليه.

وصحيح الفضيل بن يسار (١) إن قلنا بشموله للمبطون أو فهمه من فحواه ، يحتمل الانصراف عن الصلاة ، بمعنى إتمامها ثمّ الوضوء لغيرها والاعتداد بالصلاة الماضية ما لم يأت بما ينقضها متعمّداً وإن تكلّم فيها ناسيا بالانين ونحوه لما كان به فلا شي‌ء عليه كمن تكلّم ناسيا لغير ذلك في صلاته ويحتمل أن يكون معنى أكون في الصلاة الكون بصددها والعزم عليها فقال عليه‌السلام : انصرف عما بك واذهب فتوضّأ وصلّ ولا تعد ما فعلته من الصلوات قبل هذا السؤال مع ما وجدته بنفسك من الغمز والأذى والضربان مما لم تكن نقضتها متعمّدا ، فالحاصل كراهة الصلاة مع المدافعة. وخبر أبي سعيد (٢) القماط مع ما فيه من الضعف واشتماله على سهو النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله يحتمل مع ما مرّ النوافل المكتوبة.

واعلم أنّ المصنّف في «المنتهى (٣)» ألحق صاحب الريح بالمبطون. وفي «التذكرة» فسّر المبطون بالذرب (٤) كما صنع جماعة (٥) وذكر ذا الريح مع ذي السلس. وبعض الأصحاب ألحق صاحب الريح والنوم وغيرهما من الأحداث بالمبطون من جميع الوجوه (٦).

قال في «شرح المفاتيح» هذا متّجه بالنسبة إلى القاعدة وأمّا بالنسبة إلى صحيح محمّد أو موثّقته فمشكل ، لظهور الدخول في القياس المنهيّ عنه ، لعدم تنقيح المناط إلّا أن يؤول ذلك أيضا إلى القاعدة فيقال : إنّ الصلاة غير ساقطة

__________________

(١) وسائل الشيعة : ب ١ من أبواب قواطع الصلاة ح ٩ ج ٤ ص ١٢٤٢.

(٢) وسائل الشيعة : ب ١ من أبواب قواطع الصلاة ح ١١ ج ٤ ص ١٢٤٣.

(٣) منتهى المطلب : كتاب الطهارة في أفعال الوضوء وكيفيّته ج ٢ ص ١٣٩.

(٤) تذكرة الفقهاء : كتاب الطهارة في أحكام الوضوء ج ١ ص ٢٠٦.

(٥) المعتبر : كتاب الطهارة في كيفيّة الوضوء ج ١ ص ١٦٣ ، والمقتصر : كتاب الطهارة في الطهارة المائيّة ص ٤٨ ، والمهذّب البارع : كتاب الطهارة في الوضوء ج ١ ص ١٣٥.

(٦) هذا المنقول في الشرح عن بعض الأصحاب نقله أيضاً في شرح المفاتيح عن كلام بعضهم ولم يصرّح باسمه بل قال بعد أسطر : وهذا البعض الملحق في جملة المشهور ولكنّ الأخير أقوى. راجع مصابيح الظلام : ج ١ ص ٣٢٨ (مخطوط مكتبة الگلپايگاني).

٥٦٠