مفتاح الكرامة في شرح قواعد العلّامة - ج ٢

السيّد محمّد جواد الحسيني العاملي

مفتاح الكرامة في شرح قواعد العلّامة - ج ٢

المؤلف:

السيّد محمّد جواد الحسيني العاملي


المحقق: الشيخ محمّد باقر الخالصي
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
المطبعة: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ١
الصفحات: ٦١٥

بخلاف الطهارة في الدار المغصوبة

______________________________________________________

ما نصّه : بشرط أن يكون صاحب الآنية غائباً لا يمكن إيصالها إليه أو تطهّر عند ضيق الوقت ، ويبطل أداء الزكاة والخمس ونيّة الصوم في الدار المغصوبة ، أمّا الصوم فلا.

وفي «شرح الفاضل» وعندي في حرمة الاغتراف منها أو صبّ ما فيها تردّد ، لأنّهما من الإفراغ الّذي لا دليل على حرمته ، وقيل قد تبطل الطهارة من المغصوبة ولو بالاغتراف أو الصبّ في اليد لا على أعضاء الطهارة ، لمنافاتها المبادرة إلى الردّ الواجب ، والمنافاة ممنوعة مطلقاً ، وقد لا تجب المبادرة. نعم إن وجبت وتحققت المنافاة وقلنا بالنهي عن الأضداد الخاصّة توجّه البطلان (١) ، انتهى.

وفي «جامع المقاصد» ومثل ذلك لو تطهّر مكشوف العورة اختياراً مع ناظر محترم وإخراج الخمس والزكاة والكفارة في الدار المغصوبة أو نوى الصوم إلى غير ذلك من المسائل الكثيرة (٢).

[الطهارة في الدار المغصوبة]

قوله : (بخلاف الطهارة في الدار المغصوبة) فإنّ الطهارة فيها عين التصرّف فيها المنهيّ عنه كما في «المنتهى (٣)» وفي «الذكرى (٤)» بخلاف الصلاة في الدار المغصوبة.

والبطلان في هذه هو مذهب أكثر المتأخّرين كما في «جامع المقاصد» وقال فيه : إنّ الفرق بين المسألتين غير واضح (٥) إلّا أنّه صار إلى ما عليه الأكثر. وقال الفاضل الهندي : إنّ البطلان ممنوع ، لأنّ التصرّف فيها هو الكون فيها وليس من

__________________

(١) عبارة كشف اللثام خالية عن لفظ قيل وانّما الوارد فيه هكذا : وقد تبطل الخ راجع كشف اللثام : ج ١ ص ٤٩٤.

(٢) جامع المقاصد : كتاب الطهارة أحكام الآنية ج ١ ص ١٩٣.

(٣) المنتهى : كتاب الطهارة في أحكام الأواني ج ١ ص ١٨٦ س ٢٠.

(٤) الذكرى : كتاب الصلاة في الأواني ص ١٨ س ٢٣.

(٥) جامع المقاصد : كتاب الطهارة أحكام الآنية ج ١ ص ١٩٣.

٢٦١

الثاني : لا يمزج التراب بالماء.

______________________________________________________

أجزاء الطهارة في شي‌ء وإنّما الكون في المكان من لوازم الجسم. قال : وهو خيرة المعتبر وتردّد ابن إدريس في بعض مسائله (١).

وأجاب عن ذلك الاستاذ الشريف (٢) بوجهين : الأوّل : إنّ ذلك تصرّف عرفاً والثاني : إنّ البطلان جاء من قبل المسح فإنّه قد أخذ فيه تحريك الماسح والحركة كون. قال : فلو غسل في المغصوب ومسح في خارجه صحّ وضوءه ، لأنّه لم يؤخذ في الغسل المباشرة. وقد ذهب إلى عدم البطلان جملة من متأخّري المتأخّرين وسنتعرّض لذلك في موضعين.

قوله قدّس الله روحه : (لا يمزج التراب بالماء) قد تقدّم الكلام في المسألة وأنّ المزج مذهب الراوندي (٣) والعجلي (٤) وأنه قوّاه في «المنتهى (٥)» وحكم بعدمه في «المختلف (٦) والمهذّب البارع (٧) والمدارك (٨)» وأنّ الشهيد (٩) حكم بإجزاء ٨ المزج وعدمه وقيّده الشهيد الثاني (١٠) بما إذا لم يخرج عن كونه تراباً ، والفاضل الهندي (١١) هنا قوّى مذهب العجلي ، وضعّفه الكركي (١٢) إلّا فيما إذا كان الإناء ضيّق

__________________

(١) كشف اللثام : كتاب الطهارة أحكام الأواني ج ١ ص ٤٩٥.

(٢) لم نعثر على هذه العبارة في كتابه الذي لدينا.

(٣) نقله عنه في الذكرى : كتاب الصلاة حكم النجاسات ص ١٥ س ٨.

(٤) السرائر : كتاب الطهارة أحكام المياه ج ١ ص ٩١.

(٥) المنتهى : كتاب الطهارة أحكام الأواني ج ١ ص ١٨٨ س ٣٣.

(٦) المختلف : كتاب الطهارة أحكام الأواني ج ١ ص ٤٩٦.

(٧) المهذّب البارع : كتاب الطهارة أحكام الأواني ج ١ ص ٢٦٦.

(٨) المدارك : كتاب الطهارة أحكام الأواني ج ٢ ص ٣٩٢.

(٩) الذكرى : كتاب الصلاة حكم النجاسات ص ١٥ س ٨.

(١٠) المسالك : كتاب الطهارة النجاسات ج ١ ص ١٣٣.

(١١) كشف اللثام : كتاب الطهارة أحكام النجاسات ج ١ ص ٤٩٥.

(١٢) جامع المقاصد : كتاب الطهارة أحكام الآنية ج ١ ص ١٩٤ و ١٩٥.

٢٦٢

الثالث : لو فقد التراب أجزأ مشابهه من الأشنان والصابون. ولو فقد الجميع اكتفى بالماء ثلاثا.

______________________________________________________

الرأس لا يمكن تعفيره بدون المزج.

[تغسيل الآنية بالأشنان عند فقد التراب]

قوله قدس‌سره : (ولو فقد التراب) الخ تقدّم الكلام عليه أيضاً مفصّلاً قريباً.

قوله : (ولو فقد الجميع اكتفى بالماء ثلاثاً) قال الكركي : هو فتوى المصنّف والشيخ مع أنّ عبارة الشيخ تقتضي الاكتفاء بالماء عند فقد التراب ، وتحتمل الاجتزاء بغسلتين عند فقده (١) ، انتهى. قلت : وكذا في «المنتهى (٢)» احتمل الأمرين لكنّه قوّى فيه بعد ذلك الاكتفاء بالغسلتين. وقرّبه في «التحرير (٣)» وعبارة الشيخ على ما في «المنتهى» هذه : ولو لم يوجد تراب جاز الماء مرّتين (٤). وفي «المدارك» ذكر الشيخ وجمع من الأصحاب أنّه لو تعذّر التراب سقط اعتباره وطهر الإناء بغسله مرّتين (٥).

وحكم في «جامع المقاصد (٦) والمدارك (٧) وشرح الفاضل (٨)» بعدم طهر المحلّ بدون التراب. قال الفاضل : إلّا أن يعلم أنّ التراب رخصة لا عزيمة. وقال أيضاً : ولا

__________________

(١) جامع المقاصد : كتاب الطهارة أحكام الآنية ج ١ ص ١٩٤ و ١٩٥.

(٢) المنتهى : كتاب الطهارة أحكام الأواني ج ١ ص ١٨٨ س ٢٠.

(٣) الموجود في التحرير تقريب عدم الاكتفاء بالمرّتين لا تقريب الاكتفاء بهما ، راجع التحرير : ج ١ ص ٢٦ س ٥.

(٤) المنتهى : كتاب الطهارة أحكام الأواني ج ١ ص ١٨٨ س ٢٠.

(٥) المدارك : كتاب الطهارة في الأواني ج ٢ ص ٣٩٣.

(٦) جامع المقاصد : كتاب الطهارة في الأواني ج ١ ص ١٩٥.

(٧) المدارك : كتاب الطهارة في الأواني ج ٢ ص ٣٩٣.

(٨) كشف اللثام : كتاب الطهارة في الأواني ج ٢ ص ٤٩٦.

٢٦٣

ولو خيف فساد المحلّ باستعمال التراب فكالفاقد. ولو غسله بالماء عوض التراب لم يطهر على إشكال.

الرابع لو تكرّر الولوغ لم يتكرّر الغسل ، ولو كان في الأثناء استأنف.

الخامس : آنية الخمر من القرع والخشب والخزف غير المغضور كغيره.

______________________________________________________

احتمال للاكتفاء بالغسلتين على اعتبار المزج (١).

قوله : (ولو خيف فساد المحلّ فكالفاقد) وافقه على ذلك الشهيد في البيان (٢).

قوله : (ولو غسله بالماء عوض التراب لم يطهر على إشكال) الأصحّ عدم الطهر كما في «المبسوط (٣) والإيضاح (٤) * وجامع المقاصد (٥)» وغيرها (٦). والمراد أنّه فعل ذلك اختياراً.

]آنية الخمر من القرع والخشب والخزف غير المغضور[

قوله قدّس الله روحه :) آنية الخمر من القرع والخشب والخزف غير المغضور كغيره(قال الفاضل (٧) وغيره (٨) : «المغضور» المطلي بما يسدّ

__________________

(*) في حاشية الإيضاح نقل عن إملائه مشافهة إملاء ولد المصنّف (منه قدس‌سره).

__________________

(١) كشف اللثام : كتاب الطهارة في الأواني ج ٢ ص ٤٩٦.

(٢) البيان : كتاب الطهارة أحكام النجاسات ص ٤٠.

(٣) المذكور في المبسوط ج ١ ص ١٤ هو الحكم بالمطهرية لا بعدم الطهر لأنّه قال فيه : واذا لم يوجد التراب لغسله جاز الاقتصار على الماء.

(٤) الإيضاح : كتاب الطهارة في الآنية ج ١ ص ٣٤ وفيه : انّه هو الأقوى عندي فراجع.

(٥) جامع المقاصد : كتاب الطهارة أحكام الآنية ج ١ ص ١٩٥.

(٦) كالشهيد الثاني في مسالك الأفهام : ج ١ ص ١٣٣ وسبطه في مدارك الأحكام : ج ٢ ص ٣٩٣.

(٧) كشف اللثام : كتاب الطهارة أحكام الآنية ج ١ ص ٤٩٧.

(٨) جامع المقاصد : كتاب الطهارة أحكام الآنية ج ١ ص ١٩٥.

٢٦٤

.................................................................................................

______________________________________________________

المسام ويمنع من نفوذ الماء من قولهم أردت أن آتيك فغضرني أمر أي منعني أو من قولهم قوم مغضورون إذا كانوا في خير ونعمة.

وهذا الحكم مشهور كما في «شرح الفاضل (١)» وبه حكم المصنّف في جملة من كتبه (٢) والشهيد في «الذكرى (٣)» والمحقّق الثاني في «جامع المقاصد (٤)» وأبو العباس في «الموجز (٥)». وهو ظاهر «الشرائع (٦)» وغيرها (٧).

وقال في «المنتهى» ويطهر الصلب والخزف المطلي إجماعاً ، أمّا ما كان من الخشب والخزف غير المغضور والقرع فالأقرب أنّه مكروه. وهو اختيار الشيخ. وقال ابن الجنيد : لا يطهر بالغسل. وهو اختيار أحمد (٨) ، انتهى.

قلت : ما نسبه إلى الشيخ من أنّه مكروه لم أجده وإنّما وجدت في «النهاية (٩)» في باب الأطعمة والأشربة ما نصّه : وأواني الخمر ما كان من الخشب والقرع وما أشبهها لم يجز استعمالها في شي‌ء من المائعات حسب ما قدّمناه ، وما كان من صفر أو زجاج أو جرار خضر أو خزف جاز استعمالها إذا غسلت بالماء ثلاث مرّات. ومثل ذلك قال تلميذه القاضي في «المهذّب (١٠)». وذلك ظاهر بخلاف ما في «المنتهى» ولعلّه عثر على ذلك في موضع آخر من كتبه. وقول الشيخ وتلميذه هو ما نقل عن ابن الجنيد. وضعّفه المحقّق الثاني ، ثمّ قال : نعم طهارته باطناً موقوفة

__________________

(١) كشف اللثام : كتاب الطهارة أحكام الآنية ج ١ ص ٤٩٧.

(٢) التذكرة : كتاب الطهارة أحكام النجاسات ج ١ ص ٨٧ ، التحرير : كتاب الطهارة أحكام النجاسات ج ١ ص ٢٦ س ١٤ ، المختلف : كتاب الطهارة أحكام النجاسات ج ١ ص ٥٠٥.

(٣) الذكرى : كتاب الصلاة أحكام النجاسات ص ١٥ س ١٨.

(٤) جامع المقاصد : كتاب الطهارة أحكام الآنية ج ١ ص ١٩٥.

(٥) الموجز (الرسائل العشر لابن فهد) : كتاب الطهارة في إزالة النجاسات ص ٥٩.

(٦) الشرائع : كتاب الطهارة في الآنية ج ١ ص ٥٦.

(٧) المدارك : كتاب الطهارة في الآنية ج ٢ ص ٣٨٩.

(٨) المنتهى : كتاب الطهارة في الآنية ج ١ ص ١٩٠ س ٢٩.

(٩) النّهاية : الأطعمة والأشربة ج ٣ ص ١١١ ١١٢.

(١٠) المهذّب : الأطعمة والأشربة ج ٢ ص ٤٣٤.

٢٦٥

.................................................................................................

______________________________________________________

على تخلّل الماء بحيث يصل إلى ما وصل إليه أجزاء الخمر ، ومتى طهر ظاهره وعلم ترشّح شي‌ء من أجزاء الخمر المستكنة في البواطن نجس وإلّا فلا (١).

وفي «شرح الفاضل» أنّ الخبرين (٢) خاصّان فليقدّما على العمومات مع أصل بقاء النجاسة. قولكم : إنّ الماء ألطف فينفذ فيما نفذت فيه الخمر ، لهم أن يقولوا إنّما ينفذ إذا لم يكن قد استقرّ جرم الخمر المانع من نفوذه (٣) ، انتهى. وحمل في «المنتهى (٤) والذكرى (٥)» الخبرين على التنزيه.

وقد تمّ الجزء الأوّل من هذا الكتاب بعون الله وتوفيقه ولطفه ومنّه ورحمته وبركة محمّد وآله الطيّبين الطاهرين الّذين أذهب الله عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً صلّى الله عليه وعليهم أجمعين.

__________________

(١) جامع المقاصد : كتاب الطهارة أحكام الآنية ج ١ ص ١٩٥.

(٢) يعني خبر محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما‌السلام قال : نهى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عن الدبا والمزفت. وخبر أبي الربيع الشامي عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : نهى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عن الدبا والمزفت والحنتم والنقير. قلت : وما ذلك؟ قال : الدبا : القرع ، والمزفت : الدنان ، والحنتم : جرار خضر ، والنقير : خشب كان أهل الجاهلية ينقرونها حتّى يصير لها أجواف ينبذون فيها. وسائل الشيعة : باب ٥٢ من أبواب النجاسات ح ١ و ٢ ج ٢ ص ١٠٧٥.

(٣) كشف اللثام : كتاب الطهارة أبواب النجاسات ج ١ ص ٤٩٨.

(٤) منتهى المطلب : كتاب الطهارة ج ١ ص ١٩٠ س ٣٤.

(٥) ذكرى الشيعة : كتاب الصلاة ، في أحكام النجاسات ص ١٥ س ١٨.

٢٦٦

المقصد الرابع في الوضوء وفصوله ثلاثة : الأوّل : في أفعاله

______________________________________________________

بسم الله الرّحمن الرّحيم

وبه نستيعن

الحمد لله كما هو أهله وصلّى الله على خير خلقه أجمعين محمّد وآله المعصومين ورضي الله عن مشايخنا وعلمائنا أجمعين وعن رواتنا المقتفين آثار الأئمّة الطاهرين عليهم أتمّ الصلاة والسلام من الله السلام.

[الوضوء]

[في أنّ النيّة شرط أو جزء؟]

قال العلّامة آية الله في أرضه : (المقصد الرابع في الوضوء. وفصوله ثلاثة : الأوّل : في أفعاله) الوضوء بضمّ الواو اسم للمصدر ، فإنّ توضّأ مصدره التوضّؤ وقد جرى عليه اصطلاح النحاة أنّ ما كان فيه معنى المصدر ولم يجر على قاعدة المصادر أن يسمّوه باسم المصدر كالوضوء ونحوه. وليس منه «وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلاً» (١) ، و «أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَباتاً» (٢) فإنّهم قالوا إنّ ذلك من استعمال مصدر مكان آخر وقد قرّر في محله وأمّا الوضوء بالفتح فهو الماء الّذي يتوضّأ به.

وقال في «جامع المقاصد (٣)» يمكن أن يراد بالأفعال جملة ما يتوقّف عليه

__________________

(١) سورة المزمّل : الآية ٨.

(٢) سورة نوح : الآية ١٧.

(٣) جامع المقاصد : كتاب الطهارة في أفعال الوضوء ج ١ ص ١٩٦.

٢٦٧

.................................................................................................

______________________________________________________

الشي‌ء فلا ينافيه قوله بعد : وهو شرط في كلّ طهارة ، بل هو الأنسب ، لأنّ النيّة بالشرط أشبه لسبقها على باقي الأفعال ومصاحبتها للآخر وهكذا شأن الشرط ، انتهى. وبذلك احتجّ الشهيد في «قواعده (١)» للقول بأنّها شرط. واحتمل فيه الفرق بين نيّة الصوم وباقي العبادات ، لأنّ تقدّم نيّة الصوم على وجه لا يشتبه بالمقارن.

والشرطيّة خيرة «المعتبر (٢) والمنتهى (٣)» في بحث الوضوء والصلاة و «النافع (٤)» في بحث الصلاة على ما فهمه منه صاحب «المدارك (٥) والتنقيح (٦)» ويأتي ما فهمه الميسي (٧) و «كشف الرموز (٨) والروض (٩) والمسالك (١٠) والمدارك (١١)».

وفي «الجعفريّة (١٢) وشرحها (١٣)» في بحث الصلاة : وشبهها بالشرط أكثر من شبهها بالجزء.

والشرطيّة خيرة «الإيضاح (١٤)» أيضاً في المقام ، بل قال فيه : إنّ النيّة شرط في الوضوء بإجماع علمائنا. ومثله قال في «المنتهى (١٥)» ويأتي تمام نقل الإجماعات

__________________

(١) القواعد والفوائد : الفائدة الثانية عشرة ج ١ ص ٩١.

(٢) المعتبر : كتاب الطهارة في الوضوء ج ١ ص ١٣٨ وج ٢ ص ١٤٩.

(٣) منتهى المطلب : كتاب الطهارة في أفعال الوضوء ج ١ ص ٥٤ س ١٥ وص ٢٦٦ س ٢٥.

(٤) المختصر النافع : كتاب الصلاة في أفعال الصلاة ص ٢٩.

(٥) مدارك الأحكام : كتاب الصلاة في النيّة ج ٣ ص ٣٠٨.

(٦) التنقيح الرائع : كتاب الصلاة في النيّة ج ١ ص ١٩٢.

(٧) لا يوجد لدينا كتابه.

(٨) كشف الرموز : كتاب الصلاة في أفعال الصلاة ج ١ ص ١٥٠.

(٩) روض الجنان : كتاب الصلاة في النيّة ص ٢٥٥ س ١٩.

(١٠) مسالك الأفهام : كتاب الصلاة في النيّة ج ١ ص ٢٨ س ١٩.

(١١) مدارك الأحكام : كتاب الصلاة في النيّة ج ٣ ص ٣٠٨.

(١٢) الجعفريّة (رسائل المحقّق الكركي) : أفعال الصلاة ج ١ ص ١٠٥.

(١٣) المطالب المظفرية : في نية الصلاة (مخطوط مكتبة المرعشي الرقم ٢٧٧٦).

(١٤) إيضاح الفوائد : كتاب الطهارة في الوضوء ج ١ ص ٣٤.

(١٥) منتهى المطلب : كتاب الطهارة في أفعال الوضوء ج ١ ص ٥٤ س ١٥.

٢٦٨

.................................................................................................

______________________________________________________

على أنّها شرط في الطهارة.

وفي «المقتصر (١)» في شرح قول المحقّق في النافع وإن كانت بالشرط أشبه ما نصّه : لا ينبّه بذلك على وجود مخالف في المسألة ، بل ينبّه على أنّها مع كونها تشابه الشرط ليس حكمها حكم الشرط.

وفي «كشف الرموز (٢)» نسب الجزئية إلى الاحتمال وفي «المدارك (٣)» إلى القيل وجعله كصاحب «التنقيح (٤)» ظاهر «الشرائع (٥)».

قلت : وهو خيرة «الموجز الحاوي (٦)» وظاهر «الوسيلة (٧)» وغيرها (٨).

وقد ذكر جماعة القولين (٩) من دون ترجيح. وفي «الدروس (١٠)» أنّها تشبه الشرط من وجه.

وفي «الحواشي (١١)» المنسوبة إلى الشهيد : أنّ للنيّة اعتبارين من حيث المقارنة فتكون من الأفعال ومن حيث التقدّم فتكون من الشروط. وفيها (١٢) أيضاً : أنّ الشرط هو الإتيان بالنيّة والفعل نفسها.

وفي «التحرير (١٣) والتذكرة (١٤)» النيّة ركن في الصلاة إجماعاً. والإجماع على

__________________

(١) المقتصر : كتاب الصلاة في أفعال الصلاة ص ٧٤.

(٢) كشف الرموز : كتاب الصلاة في أفعال الصلاة ج ١ ص ١٥٠.

(٣) مدارك الأحكام : كتاب الصلاة في النيّة ج ٣ ص ٣٠٨.

(٤) التنقيح الرائع : كتاب الصلاة في النيّة ج ١ ص ١٩٢.

(٥) شرائع الإسلام : كتاب الطهارة في كيفيّة الوضوء ج ١ ص ٢٠.

(٦) الموجز الحاوي : (الرسائل العشر لابن فهد) في النيّة ص ٧٣.

(٧) الوسيلة : في بيان ما يقارن الوضوء ص ٥١.

(٨) ذكرى الشيعة : كتاب الصلاة في أفعال الصلاة وتوابعها ص ١٧٦.

(٩) منهم البحراني في الحدائق ج ٢ ص ١٧١ والأردبيلي في مجمع الفائدة ج ١ ص ٩٨ ٩٩ والشهيد في البيان ص ٧.

(١٠) الدروس الشرعيّة : كتاب الصلاة في النيّة ج ١ ص ١٦٦.

(١١ و ١٢) حواشي الشهيد (المطبوعة قطعة منه في هامش قواعد الأحكام) في النيّة ج ١ ص ٣١.

(١٣) تحرير الأحكام : كتاب الصلاة في أفعال الصلاة ج ١ ص ٣٧ س ٨.

(١٤) تذكرة الفقهاء : كتاب الصلاة في النيّة ج ٣ ص ٩٩.

٢٦٩

.................................................................................................

______________________________________________________

أنّها ركن في الصلاة منقول في مواضع كما يأتي إن شاء الله تعالى.

وقد جعل الشهيد في «قواعده (١)» والمصنّف في «نهايته (٢)» وصاحب «المسالك (٣)» الركن مقابلا للشرط ، لكن في «كشف اللثام (٤)» في الصلاة جعل الركن أعمّ من الشرط أو الشطر. وهو صريح «المنتهى (٥)» وغيره (٦) كما يأتي في كتاب الصلاة.

ويظهر من «كشف اللثام (٧)» هنا أنّ هناك قولا أو احتمالاً بأنّها متردّدة بين الشروط والأفعال حيث قال : سواء كانت من الأفعال أو الشروط أو متردّدة. وفي «الروض (٨)» ذهب بعضهم إلى أنّها متردّدة بين الشرط والجزء وأنّها بالشرط أشبه جمعاً بين الأدلّة لتعارضها. وفي «جامع المقاصد (٩)» في بحث الصلاة و «حاشية الميسي (١٠) والمسالك (١١)» الأظهر أنّها متردّدة بين الشرط والجزء ، كما هو خيرة «النافع (١٢)» كما في الأخيرين : وهي بالشرط أشبه منها بالجزء ، انتهى.

وفي «الذكرى (١٣)» بعد أن قال : وقيل إنّ النيّة شرط لا جزء واحتجّ لذلك بما احتجّ ما نصّه : وتحقيق الحال إنّ الجزء والشرط يشتركان في أنّه لا بدّ منهما إذا

__________________

(١) القواعد والفوائد : الفائدة الثانية عشرة ج ١ ص ٩١.

(٢) نهاية الإحكام : كتاب الصلاة في النيّة ج ١ ص ٤٤٥.

(٣) مسالك الأفهام : كتاب الصلاة في النيّة ج ١ ص ١٩٥.

(٤) كشف اللثام : كتاب الصلاة في النيّة ج ٣ ص ٤٠٨.

(٥) منتهى المطلب : كتاب الصلاة في النيّة ج ١ ص ٢٦٦ س ٢٥.

(٦) رياض المسائل : كتاب الصلاة في أفعال الصلاة ج ٣ ص ٣٤٩.

(٧) كشف اللثام : كتاب الطهارة أفعال الوضوء ج ١ ص ٥٠١.

(٨) روض الجنان : كتاب الصلاة في النيّة ص ٢٥٥ س ١٩.

(٩) جامع المقاصد : كتاب الصلاة في النيّة ج ٢ ص ٢١٧.

(١٠) لم نعثر على تلك الحاشية في المكاتب المعمولة المشهورة.

(١١) مسالك الأفهام : كتاب الصلاة في النيّة ج ١ ص ١٩٥.

(١٢) المختصر النافع : كتاب الصلاة في أفعال الصلاة ص ٢٩.

(١٣) ذكرى الشيعة : كتاب الصلاة في النيّة ص ١٧٦ س ٧.

٢٧٠

.................................................................................................

______________________________________________________

كان الجزء ركناً ويفترقان بأنّ الشرط ما يتقدّم على الماهيّة كالطهارة وستر العورة والجزء ما يلتئم منه الماهيّة كالركوع والسجود. وقيل : الجزء ما تشتمل عليه الماهيّة ونقض بترك الكلام والفعل الكثير وسائر المفسدات فإنّها ممّا تشتمل ماهيّة الصلاة على وجوب تركها مع أنّها لا تعدّ جزءاً وإنّما يعدّها بعضهم شروطاً. واجيب : بأنّ المراد بما تشتمل عليه الماهيّة من الأمور الوجوديّة المتلاحقة الّتي افتتاحها التكبير واختتامها التسليم وظاهر أنّ التروك امور عدميّة ليس فيها تلاحق وهذا فيه تفسير آخر للأجزاء وحينئذ الشروط ما عداها. وقيل : إنّ الشرط ما يساوق جميع ما يعتبر في الصلاة ، والركن ما يكون معتبراً فيها لا بمساوقة ، فإنّ الطهارة والاستقبال تساوق الركوع والسجود وسائر أفعال الصلاة بخلاف الركوع فإنّه لا يصاحب جميع الأفعال. ولا ريب أنّ حقيقة الصلاة إنّما تلتئم من هذه الأفعال المخصوصة ، فما لم تشرع فيها ليس بمصلّ وإن وجد منه سائر المقدّمات ، وظهر أنّ النيّة مقارنة للتكبير الّذي هو جزء وركن فلا يبعد انتظامها في الأجزاء خصوصاً عند من أوجب بسط النيّة على التكبير أو حضورها من أوّله إلى آخره ولأنّ قوله تعالى : (وَما أُمِرُوا إِلّا لِيَعْبُدُوا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ) (١) مشعر باعتبار العبادة حال الإخلاص وهو المراد بالنيّة ولا نعني بالجزء إلّا ما كان منتظماً مع الشي‌ء بحيث يشمل الكلّ حقيقة واحدة ، انتهى. ثمّ إنّه أجاب عن أدلّة القول بالشرطيّة وهي خمسة.

وفي «الروض (٢)» ذكر هذه الأجوبة وردّها كما ردّ أدلة القول بالجزئية.

وفي «المهذّب البارع (٣)» فائدته فيمن نذر أن لا يخلّ بشرط أو جزء ويلحقه حكم ما يقوّيه المجتهد * .. بعد التكبير فإنّ صلاته تبطل على القول بالجزء خاصّة لزيادة ..

__________________

(*) السقط الحاصل في هذا المكان لم نعثر عليه بعد مراجعة جميع النسخ

__________________

(١) سورة البيّنة : الآية ٥.

(٢) روض الجنان : كتاب الصلاة في النيّة ص ٢٥٤ س ٢٢.

(٣) المهذّب البارع : كتاب الصلاة في أفعال الصلاة ج ١ ص ٣٥٥.

٢٧١

.................................................................................................

______________________________________________________

وقد أطال في «الروض» الكلام في المقام نقضاً وإبراماً ، فمن أراد الوقوف على أطراف المسألة فليرجع إليه.

وقال في «الذكرى» هذه المسألة لا جدوى لها فيما يتعلّق بالعمل إلّا فيما نذر كالنذر لمن كان مُصلّياً في وقت كذا أو ابتدأ الصلاة في وقت كذا يعني فاتّفق مقارنة النيّة لأوّله فإن جعلناها جزءاً استحق وبرّ وإلّا فلا (١). ومثله قال في «المدارك (٢)». ثمّ قال في «الذكرى» وأمّا ما يتخيّل من أنّ القول بالشرطيّة يستلزم جواز إيقاعها قاعداً وغير مستقبل بل وغير متطهّر ولا مستور العورة ، فليس بسديد ، إذ المقارنة المعتبرة للجزء تنفي هذه الاحتمالات ولو جلعناها شرطاً (٣) ، انتهى. وقال في «قواعده» ربما قيل : لو جعلنا اسم العبادة يطلق عليها من حين النيّة فهي جزء على الإطلاق وإلّا فهي شرط. قال : وقيل أيضاً : كلّما اعتبرت في صحّته فهي ركن فيه كالصلاة وكلّما اعتبرت في استحقاق الثواب فهي شرط كالجهاد. ثمّ قال : ولا ثمرة في تحقيق هذا ، فإنّ الإجماع واقع على أنّ النيّة معتبرة في العبادات ومقارنة لها غالباً وأنّ فواتها يخلّ بصحّتها فيبقى النزاع في مجرّد

__________________

التي بأيدينا والظاهر انه تلف من هامش المسودّة قبل النقل إلى المبيضة فبقي مفقوداً من جميع النسخ وبعد مراجعة الروض ظهر لنا أنّ الساقط هنا بيان ثمرة ثانية نقلها في الروض عن بعضهم وهي ما لو سها عن فعل النيّة بعد التكبير ففعلها ثم ذكر قبل أن يكبّر فعلها سابقاً فتبطل الصلاة على القول بالجزء خاصة لزيادة الركن (٤) وردّه في الروض (٥) بأنّ زيادة النيّة مما تستثنى من بطلان الصلاة بزيادة الركن إلى آخر ما ذكر (محسن).

__________________

(١) ذكرى الشيعة : كتاب الصلاة في النيّة ص ١٧٦ س ٢٣.

(٢) مدارك الأحكام : كتاب الصلاة في النيّة ج ٣ ص ٣٠٩.

(٣) ذكرى الشيعة : كتاب الصلاة في النيّة ص ١٧٦ س ٢٦.

(٤) ما ذكره المصحح في الهامش صحيح والظاهر ان الروض أخذه عن جامع المقاصد فإنّ عبارة جامع المقاصد مطابقة لما نقل عن الروض في الهامش فراجع جامع المقاصد : ج ٢ ص ٢١٨.

(٥) روض الجنان : كتاب الصلاة في النيّة ص ٢٥٥ س ٢٧.

٢٧٢

وفروضه سبعة:

______________________________________________________

التسمية. ثمّ قال : وقد يترتّب على ذلك صحّة صلاة من تقدّمت نيّته على الوقت (١).

والاستاذ (٢) أيّده الله قطع بأنّها شرط في الطهارات كما يأتي نقل الإجماعات فيها ، بل قال : وفي باقي العبادات ما عدا الصلاة ثمّ قوّى الجزئيّة فيها على تأمّل فيه.

وقيّد الفاضل في شرحه الأفعال بالواجبة ثمّ قال : ولو لا تثنية الغسلات في المندوبات لصحّ اختصاص الفصل بأفعالها كلّها ، لأنّ سائر المندوبات أفعال خارجة إلّا البدأة بالظاهر والباطن فإنّها من الكيفيّات ويمكن إخراج التثنية من الأفعال بتكلّف (٣) ، انتهى.

قوله قدّس الله تعالى روحه : (وفروضه سبعة) كما في «النافع (٤) والتبصرة (٥)» وفي «الشرائع (٦)» جعل الفروض خمسة. ولعلّه لانّها ثبتت بنص الكتاب وأمّا الترتيب والموالاة ونحوهما فإنما تستفاد من السنة. وفي «الذكرى (٧)» أنّ الواجبات المستفادة من نصّ الكتاب العزيز ثمانية : السبعة المذكورة مع المباشرة بنفسه. قال في «المدارك (٨)» وهو غير جيّد. وفي «الوسيلة (٩)» أنّ الامور الواجبة في

__________________

(١) القواعد والفوائد : الفائدة الثانية عشرة ج ١ ص ٩٢.

(٢) لم يصرّح في عبارته بما حكاه عنه في الشرح ، بل المستفاد منها عكس ما حكاه ، فإنّه قدس‌سره في كتاب الصلاة بعد ذكر الإختلاف في الشرطيّة والجزئيّة وأنّ من قال بالشرطيّة اعتبر فيها ما اعتبر في الصلاة فلا ثمرة للنزاع قال : والظاهر من الأدلّة كونها شرطاً فتدبّر ، راجع مصابيح الظلام : كتاب الصلاة في النيّة ص ١٥١.

(٣) كشف اللثام : كتاب الطهارة في أفعال الوضوء الواجبة ج ١ ص ٥٠١.

(٤) المختصر النافع : كتاب الطهارة في كيفيّة الوضوء ص ٥.

(٥) تبصرة المتعلّمين : كتاب الطهارة في كيفيّة الوضوء ص ٦.

(٦) شرائع الإسلام : كتاب الطهارة في كيفيّة الوضوء ج ١ ص ٢٠.

(٧) ذكرى الشيعة : كتاب الطهارة في كيفيّة الوضوء ص ٧٩ س ٢٩.

(٨) مدارك الأحكام : كتاب الطهارة في كيفيّة الوضوء ج ١ ص ١٨٤.

(٩) الوسيلة : في بيان ما يقارن الوضوء ص ٥٠.

٢٧٣

الأوّل : النيّة وهي إرادة إيجاد الفعل على الوجه المأمور به شرعاً

______________________________________________________

الوضوء فعل وكيفيّة وترك ، والفعل سبعة أشياء والكيفيّة ثلاثة عشر والترك عشرون.

[تعريف النيّة]

قوله قدّس الله روحه : (الأوّل : النيّة وهي إرادة إيجاد الفعل على الوجه المأمور به شرعاً) هذا التعريف ذكره المصنّف (١) في أكثر كتبه وظاهره أنّ المقارنة للفعل المنوي ليست مأخوذة في مفهوم النيّة كما هو ظاهر الأكثر كما في «شرح الفاضل (٢)» وفي «الخلاف (٣)» إنّما سمّيت النيّة نيّة لمقارنتها الفعل وحلولها في القلب.

وقال ولد المصنّف في «الرسالة الفخريّة (٤)» في معرفة النيّة الّتي صنّفها للحاج حيدر بن سعيد : عرّفها المتكلّمون بأنّها إرادة من الفاعل للفعل مقارنة له. والفرق بينها وبين العزم أنّه مسبوق بالتردّد دونها. ولا يصدق على إرادته تعالى أنّها نيّة ، فيقال أراد الله تعالى ولا يقال نوى الله تعالى ، وعرّفها الفقهاء بأنّها إرادة إيجاد الفعل المطلوب شرعاً على وجهه ، انتهى. وقال في «الإيضاح (٥)» النيّة حقيقة في الإرادة المقارنة مجاز في القصد أعني الإرادة مطلقاً.

وفي «المنتهى (٦)» النيّة عبارة عن القصد يقال نواك الله بخير أي قصدك ونويت

__________________

(١) لم نجد هذا التعريف للنيّة الا في تذكرة الفقهاء : في أفعال الوضوء ج ١ ص ١٤٠. نعم في إرشاد الأذهان : ذكر بعضه وأمّا ساير كتب المصنّف فلم يعرف النيّة الا بالقصد فراجع ارشاد الاذهان : ج ١ في كيفيّة الوضوء ص ٢٢٢.

(٢) كشف اللثام : كتاب الطهارة في كيفيّة الوضوء ج ١ ص ٥٠٢.

(٣) الخلاف : كتاب الصلاة في كيفيّة النيّة مسألة ٥٦ ج ١ ص ٣٠٨.

(٤) الرسالة الفخريّة (كلمات المحقّقين منشور مكتبة المفيد) : في حقيقة النيّة ص ٤٢٣.

(٥) إيضاح الفوائد : كتاب الصلاة في النيّة ج ١ ص ١٠١.

(٦) منتهى المطلب : كتاب الصلاة في كيفيّة النيّة ج ١ ص ٥٥ س ١٩.

٢٧٤

.................................................................................................

______________________________________________________

السفر أي قصدته وعزمت عليه ، انتهى. وفي «الشرائع (١)» وغيرها (٢) : النيّة إرادة تفعل بالقلب.

وفي «القواعد (٣)» للشهيد و «الذكرى (٤)» أنّ القصد السابق على الفعل عزم لا نيّة ، لكنّه في «الذكرى (٥)» نقل عن الجعفي أنّه قال : لا بأس ان تقدّمت النيّة العمل أو كانت معه. وعن بعضهم أنّه قال : لو عزبت النيّة عنه قبل ابتداء الطهارة ثمّ اعتقد ذلك وهو في عملها أجزأه ذلك. ثمّ قال في «الذكرى» وهذان القولان مع غرابتهما مشكلان لانّ المتقدمة عزم لا نيّة والواقعة في الأثناء اشكل لخلّو بعضه عن نيّة وحمله على الصوم قياس محض مع الفرق بأنّ ماهية الصوم واحدة.

قلت : يمكن أن يكون مراد الجعفي التقدّم مع منع المقارنة المعتبرة ثمّ الغفلة وبالمعيّة استدامتها فعلاً إلى الفراغ .. مراده الاستدامة .. أن يريد أبو علي بابتدائها غسل الكفين وما بعده إلى غسل الوجه (٦).

وفي «الحواشي (٧)» المنسوبة إليه أنّ النيّة عند المتكلّمين إرادة بالقلب يقصد بها إلى الفعل وعند الفقهاء إرادة الفعل ، الخ ما هنا. ثمّ قال فيها : وهذا التعريف صادق على العزم ، فإنّه لمّا لم يشترط فيه المقارنة كان أعمّ من النيّة والعزم والعامّ لا يدلّ على الخاصّ. ثمّ قال : إنّ المقارنة علمت من قوله : على الوجه المأمور به شرعاً ، فإنّه مع عدم المقارنة لا يكون واقعاً على الوجه المذكور.

__________________

(١) شرائع الإسلام : كتاب الطهارة في كيفيّة الوضوء ج ١ ص ٢٠.

(٢) المقتصر : كتاب الصلاة ص ٧٤.

(٣) القواعد والفوائد : الفائدة الثالثة والعشرون ج ١ ص ١١٤.

(٤) ذكرى الشيعة : كتاب الصلاة في كيفيّة الوضوء ص ٨٠ س ٩.

(٥) ذكرى الشيعة : كتاب الصلاة في كيفيّة الوضوء ص ٨٠ س ٩.

(٦) الظاهر أنّ العبارة الساقطة مربوطة بتوجيه كلام البعض المنقول في كلام الذكرى بعد نقل كلام الجعفي. وهذا البعض على ما في الذكرى هو أبو علي ابن الجنيد ، فالشارح حسب ما يظهر من كلامه يريد توجيه كلام هذا البعض الّذي هو ابن الجنيد بأنّ المراد بالقبليّة الواقعة في قوله : لو عزبت النيّة عنه قبل ابتداء الطهارة ، هو ما وقع حين غسل الكفين وما بعده إلى غسل الوجه لا قبل الشروع في الغسل من أصله فتأمّل جدّاً.

(٧) لا يوجد كتابه لدينا.

٢٧٥

.................................................................................................

______________________________________________________

وفي «التنقيح (١)» نقل عن الفقهاء والمتكلّمين ما نقله الفخر في رسالته ثمّ قال : وزاد بعض المتكلّمين قيد الحدوث فقال : إرادة حادثة مقارنة لتخرج إرادة الله تعالى لأنّه يقال أراد الله تعالى ولا يقال نوى الله تعالى. ثم قال : ولا حاجة اليه ، لخروج إرادته تعالى بقيد المقارنة ، لأن إرادة الله تعالى ليست مقارنة للفعل عند المتكلم ، أمّا عند القائل بقدمها فظاهر ، وأمّا عند القائل بحدوثها كالمرتضى فيقول إنّها ليست بنيّة إجماعاً.

ونقل الفاضل (٢) عن «تسليك» المصنّف أنّها إرادة مقارنة. وفي «الشرائع (٣)» أنّها إرادة تفعل بالقلب وردّه المصنّف (٤) بلزوم التكرار واجيب (٥) بأنّه احتراز عن اللّغوية وعن إرادة الله تعالى وأنّه نبّه بذلك على مقدمتي دليلها.

وفي «جامع المقاصد (٦)» أنّ الإرادة في التعريف جنس يتناول كلّا من النيّة والعزم ، لأنّها أعمّ من أن يقارن الفعل أو لا. ثمّ قال إنّ قوله : على الوجه المأمور به ، إن علّق بإيجاد كما هو المتبادر صدق على العزم فلم يكن التعريف مانعاً.

وعرّفها الاستاذ الشريف (٧) أدام الله تعالى حراسته : بأنّها الإرادة الباعثة على العمل المنبعثة عن العلم. ثمّ قال : ولا بدّ فيها من المقارنة ، فلا يكفي العزم المنفصل إلّا في الصوم ، انتهى.

وقال الاستاذ أدام الله تعالى حراسته في «شرح المفاتيح (٨)» أيضاً : إنّها الباعثة

__________________

(١) التنقيح الرائع : كتاب الطهارة في نيّة الوضوء ج ١ ص ٧٣.

(٢) كشف اللثام : كتاب الطهارة في كيفيّة الوضوء ج ١ ص ٥٠٢.

(٣) شرائع الإسلام : كتاب الطهارة في كيفيّة الوضوء ج ١ ص ٢٠.

(٤) لم نعثر على ردّ العلّامة في شي‌ء من كتبه وإنّما نقله عنه في التنقيح ج ١ ص ٧٤. هذا مضافا إلى نقل ذلك عنه في الهامش كما تقدم.

(٥) ذكر الجواب بلا ذكر عن المجاب منه في المسالك في ج ١ ص ٣٣ نعم في التنقيح ج ١ ص ٧٤ نقله بلا ذكر للمجيب فراجع.

(٦) جامع المقاصد : كتاب الطهارة في أفعال الوضوء ج ١ ص ١٩٦ و ١٩٧.

(٧) لم نعثر على مقالة استاذه الشريف رحمه‌الله.

(٨) مصابيح الظلام (مخطوط مكتبة آية الله الگلپايگاني) : ج ١ ص ٢٨٥ وعبارته تختلف عمّا حكاه عنه في الشرح فراجع.

٢٧٦

.................................................................................................

______________________________________________________

على العمل المنبعثة عن العلم. وقال : لا وجه لاشتراط المقارنة لأوّل جزء منها ، بل هي ثابتة في جميع الأجزاء. ثمّ إنّه أوضح ذلك بما يأتي ذكره إن شاء الله تعالى. وسيأتي أنّ النيّة عند الفقهاء حقيقة منقولة قطعاً.

وقال الشيخ نجيب الدين في «شرح رسالة (١)» شيخه : إنّما سمّيت النيّة نيّة لمقارنتها للفعل وحلولها في القلب ولا تسمّى إرادة الله تعالى نيّة. ثمّ قال : وهي قصد امتثال أمر الله تعالى بالوضوء للصلاة وبهذا القصد لا ينفكّ عنه أحد. وهو المعبّر عنه عند الفقهاء بالنيّة ، لأنّ من تصوّر فعلا من دون قصد إلى إيقاعه فهو غير ناوٍ وإن أطلق عليه اسمها عرفاً ، انتهى.

وفي «التنقيح (٢)» فرّقوا بين النيّة والعزم أنّ العزم لا بدّ وأن يكون مسبوقاً بتردّد بخلاف النيّة فإنّه لا يشترط فيها التردّد فظهر أنّ الإرادة إمّا بعد تردّد وذلك العزم أو لا بعد تردّد فإمّا مقارنة فتلك نيّة أو متقدّمة فتلك إرادة بقول مطلق ، انتهى.

وفي «الصحاح (٣)» نويت نيّة ونواة أي عزمت وعزمت على كذا عزما وعزوما وعزيمة وعزيما إذا أردت فعله وقطعت عليه ، انتهى.

وقال الاستاذ الشريف (٤) : خطور الأشياء في النفس إمّا لحضور داعيها كحضور وقت الصلاة وإمّا لصدور ذلك عن الملك الموكّل باذُن القلب اليمنى كما أنّ خطور المعصية لمكان الشيطان الرابض على الأُذن اليسرى والأوّل يسمّى توفيقاً والثاني خذلاناً وينبعث ذلك عن هذا الخطور وعن الميل إلى النيّة.

وفي هذا التعريف * سبعة مباحث ذكرت في الحواشي المنسوبة إلى الشهيد (٥)

__________________

(*) أي تعريف المصنّف (بخطه رحمه‌الله).

__________________

(١) لم نعثر على شرحه على رسالة صاحب المعالم.

(٢) التنقيح الرائع : كتاب الطهارة في النيّة ج ١ ص ٧٤.

(٣) الصحاح : ج ٦ ص ٢٥١٦ مادة «نوي».

(٤) لم نعثر على كلامه.

(٥) لا يوجد لدينا كتابه.

٢٧٧

وهي شرط في كل طهارة عن حدث

______________________________________________________

وذكر بعضها في «جامع المقاصد (١) وشرح الفاضل (٢)».

[في أنّ النيّة شرط في كلّ طهارة عن حدث]

قوله قدّس الله تعالى روحه : (وهي شرط في كلّ طهارة عن حدث) عندنا كما في «شرح الفاضل (٣)» وقال في «المنتهى (٤)» قال علماؤنا : النيّة شرط في الطهارة بنوعيها والترابيّة. وفي «التذكرة (٥)» النيّة واجبة في الطهارات الثلاث ، ذهب إليه علماؤنا وفي «الإيضاح (٦)» أنّها شرط في الوضوء بإجماع علمائنا. وفي «الخلاف (٧) والمختلف (٨) وجامع المقاصد (٩) والمدارك (١٠)» الإجماع على وجوبها. وفي «التنقيح (١١)» الإجماع على اشتراطها في الوضوء

__________________

(١) جامع المقاصد : كتاب الطهارة في أفعال الوضوء ج ١ ص ١٩٦.

(٢) كشف اللثام : كتاب الطهارة في نيّة الوضوء ج ١ ص ٥٠٢.

(٣) كشف اللثام : كتاب الطهارة في نيّة الوضوء ج ١ ص ٥٠٢.

(٤) منتهى المطلب : كتاب الطهارة في أفعال الوضوء ج ١ ص ٥٤ س ١٥.

(٥) تذكرة الفقهاء : كتاب الطهارة في أفعال الوضوء ج ١ ص ١٣٩.

(٦) إيضاح الفوائد : كتاب الطهارة في الوضوء ج ١ ص ٣٤.

(٧) الخلاف : كتاب الطهارة في وجوب النيّة في الطهارة مسألة ١٨ ج ١ ص ٧٢.

(٨) مختلف الشيعة : كتاب الطهارة في كيفيّة الوضوء ج ١ ص ٢٧٤.

(٩) ليس في جامع المقاصد ما يدل على دعوى الإجماع على شرطيّة النيّة في الطّهارة الحدثّية نعم قال بعد عبارة المصنّف وهي قوله : وهي شرط في كلّ طهارة عن الحدث لا عن الخبث : لا ريب أنّ الطّهارة عن الحدث فعل مطلوب للقربة وهو اتفاقي انتهى. والظاهر أنّ مرجع الضمير في هو هو مطلوبيّة الطّهارة عن الحدث للقربة لا شرطيّة النيّة فيها ومن المحتمل سقوط عبارة محتوية لما نقل عنه في الشرح. فراجع جامع المقاصد : أفعال الوضوء ج ١ ص ١٩٧.

(١٠) مدارك الأحكام : كتاب الطهارة في النيّة ج ١ ص ١٨٤.

(١١) التنقيح الرائع : كتاب الطهارة في النيّة ج ١ ص ٧٤.

٢٧٨

.................................................................................................

______________________________________________________

والغسل والتيمّم. وفي «المعتبر» أسنده إلى الثلاثة وابن الجنيد (١).

وفي «الذكرى» نقل عن ابن الجنيد استحبابها وقال فيها : ودلالة الكتاب والأخبار على النيّة مع أنّها مركوزة في قلب كلّ عاقل يقصد إلى فعل أغنى الأوّلين عن ذكر نيّات العبادات وتعليمها حتّى أنّ الأخبار خالية عن تشخّص نيّة الإّ ما سنذكره في الحجّ والعتق ، لكن قال في «التهذيب» في تأويل خبر إعادة الوضوء لترك التسمية أنّ المراد بها النيّة. ثمّ قال : ومن ثمّ لم يذكرها قدماء الأصحاب في مصنّفاتهم كالصدوقين والجعفي. قال : لا عمل إلّا بنيّة ولا بأس ان تقدمت النيّة العمل أو كانت معه ، انتهى (٢). وفي «المعتبر» قال أيضاً : ولم أعرف لقدمائنا فيه نصّاً على التعيين (٣).

وقال الاستاذ أيّده الله تعالى في «حاشية المدارك» رادّاً على الذكرى والمعتبر : إنّ قاعدتهم أنّهم يذكرون لزوم النيّة ووجوب كون العمل لله تعالى خالصاً في موضع واحد على سبيل القاعدة الكلّية بالنسبة إلى جميع الأعمال لا إلى كلّ عمل عمل ، انتهى (٤).

وقال في «الذكرى (٥)» أيضاً : واستحبابها لا أعلمه قولاً لأحد من علمائنا. ثمّ قال : فإن احتجّ ابن الجنيد بالآية الشريفة قلنا الآية لنا ، لأنّ المفهوم منها فاغسلوا لأجل الصلاة كما تقول إذا لقيت العدو فخذ سلاحك.

وفي «الرسالة الفخريّة» يدلّ على وجوب النيّة العقل والنقل. قال : أمّا العقل فلأنّ الأفعال متساوية والّذي يمحّضها للطاعة والمعصية النيّة فإنّ لطمة اليتيم ظلماً

__________________

(١) المعتبر : كتاب الطهارة في نيّة الوضوء ج ١ ص ١٣٨.

(٢) ذكرى الشيعة : كتاب الصلاة في النيّة ص ٨٠ س ٣ ٧.

(٣) المعتبر : كتاب الطهارة في نيّة الوضوء ج ١ ص ١٣٨.

(٤) حاشية المدارك (مخطوط مكتبة الرضويّة الرقم ١٤٧٩٩) : في النيّة ص ٣٢ س ٩.

(٥) ذكرى الشيعة : كتاب الصلاة في النيّة ص ٨٠ س ١٠.

٢٧٩

لا عن خبث لأنّها كالترك

______________________________________________________

أو تأديباً واحدة والّذي يفرق بينهما ليس إلّا النيّة (١).

هذا ، وقد نقل في «المنتهى» أنّ النيّة شرط في الطهارة عن ربيعة والليث وإسحاق وأبي عبيد وابن المنذر وأحمد بن حنبل وأبي ثور وداود والشافعي ومالك وعن أبي حنيفة والثوري أنّه لا تشترط النيّة في طهارة الماء وإنّما تشترط للتيمّم وعن الحسن بن صالح أن ليست النيّة شرطاً في شي‌ء من الطهارات المائيّة والترابيّة وعن الأوزاعي روايتان إحداهما كقول الحسن والاخرى كقول أبي حنيفة (٢).

وليعلم إنّ قضيّة قولهم النيّة شرط في الطهارة وشرط في العبادات دون المعاملات أنّها منقولة عن معناها إلى قصد الفعل طاعة لله تعالى وإخلاصاً مع قصد الوجه أو غير ذلك على اختلاف آرائهم. ولو لم تكن منقولة لم يكن لاشتراطها معنى أصلاً ، لأنّ الفعل الاختياري لا يمكن صدوره بغير قصد ذلك الفعل وغايته فلو كلّفنا الله بفعل من دون القصد كان تكليفاً بالمحال. والعبادات وغيرها في ذلك سواء ، فلا وجه حينئذ لاشتراطها في العبادات فقط. وأمّا على المعنى المنقولة إليه كما قلنا فإنّه يصحّ اشتراطها ويجوز انفكاكها بل لا يتأتّى ذلك عن النفوس الأمّارة بالسوء إلّا بمجاهدات كثيرة ولذا ورد الحثّ على تخليص العمل من الرياء. ومن هنا ظهر فساد ما في «المدارك» وغيرها من أنّ الخطب سهل في النيّة وأنّ المعتبر فيها تخيّل المنوي بأدنى توجّه وأنّ هذا القدر لا ينفكّ عنه أحد وفساد ما قيل إنّ اشتراط النيّة من بدع المتأخرين ، كذا قال في «شرح المفاتيح (٣)» وتمام الكلام في الصلاة.

قوله رحمه‌الله تعالى : (لا عن خبث) هذا قول علمائنا كما في

__________________

(١) الرسالة الفخريّة (كلمات المحقّقين) : ص ٤٢٣.

(٢) منتهى المطلب : كتاب الطهارة في أفعال الوضوء ج ١ ص ٥٤ س ١٥.

(٣) مصابيح الظلام : (مخطوط مكتبة آية الله الگلپايگاني) مفتاح ٥٤ في اشتراط النيّة في الوضوء ج ١ ص ٢٨٣.

٢٨٠