مفتاح الكرامة في شرح قواعد العلّامة - ج ٢

السيّد محمّد جواد الحسيني العاملي

مفتاح الكرامة في شرح قواعد العلّامة - ج ٢

المؤلف:

السيّد محمّد جواد الحسيني العاملي


المحقق: الشيخ محمّد باقر الخالصي
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
المطبعة: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ١
الصفحات: ٦١٥

فإن تعددتا مع تخلّل الحدث أعاد الاولى خاصّة

______________________________________________________

واختاره صاحب «الحدائق (١)» واحتمله في «نهاية الإحكام (٢) وجامع المقاصد (٣)» ثمّ قال في «جامع المقاصد (٤)» وليس بشي‌ء ، لأنّ المباين للشي‌ء ينافيه فكيف يؤكّده. واحتمل في «كشف اللثام (٥)» الصحّة مع السهو قوّياً إن لم نوجب التعرّض للوجه وضعيفاً إن أوجبناه.

والضمير في قوله : صلّى به ، راجع إلى الطهارة ، لأنّها فعل أو إلى ما فعل.

قوله قدّس الله تعالى روحه : (فإن تعدّدتا مع تخلّل الحدث أعاد الاولى خاصّة) كما في «النهاية (٦) والمنتهى (٧) والتذكرة (٨) والذكرى (٩)» لكن قال في «الذكرى» إن قلنا بصحّة وضوء المحتاط به إذا صادف الوجوب بشرط تخلّل الحدث أو الذهول عن كونه متطهّراً.

وحكى الاستاذ (١٠) المولى الآقا محمد باقر أدام الله حراسته أنّ المصنّف رحمه‌الله سأله رجل هذه المسألة فقال له : إنّي أنوي الوجوب في الوضوء قبل دخول الوقت؟ فقال له : أعد جميع صلواتك ، فخرج الرجل مغتمّاً ، فصادف فخر المحقّقين فقال له : مالي أراك مغتماً؟ فحكى له القضية ، فقال له : إنّما عليك أن تعيد صلاة واحدة

__________________

(١) الحدائق الناضرة : كتاب الطهارة في نيّة الوضوء ج ٢ ص ١٩١.

(٢) نهاية الإحكام : كتاب الطهارة الفصل الثالث في الشكّ الفرع الخامس ج ١ ص ٦٢.

(٣ و ٤) جامع المقاصد : كتاب الطهارة في أفعال الوضوء ج ١ ص ٢١٠.

(٥) كشف اللثام : كتاب الطهارة في أحكام الوضوء ج ١ ص ٥٢٣.

(٦) نهاية الإحكام : كتاب الطهارة الفصل الثالث في الشكّ الفرع الخامس ج ١ ص ٦٢.

(٧) منتهى المطلب : كتاب الطهارة في أفعال الوضوء ج ٢ ص ٢٠.

(٨) تذكرة الفقهاء : كتاب الطهارة في أفعال الوضوء ج ١ ص ١٤٨.

(٩) ذكرى الشيعة : كتاب الصلاة في نيّة قطع الطهارة ص ٨٢ س ١٨.

(١٠) لم نجد هذه الحكاية في كتابيه حسب ما تفحصنا عنه فيهما عجالة نعم حكاها في الروضات ج ٦ ص ٣٣٦ عن بعض أهل الشروح ومن المحتمل أن يريد من هذا البعض شارح المفاتيح إلّا انّا كما عرفت لم نعثر عليه.

٣٦١

.................................................................................................

______________________________________________________

وراجع أباه في ذلك فرجع. ومثله حكى عنه المحقّق الثاني في «جامع المقاصد (١)» قال بلغنا : أنّ المصنّف أفتى أوّلاً بإعادة جميع الصلوات فلمّا راجع في ذلك عاد إلى الاكتفاء بإعادة الاولى. قال : وبما قرّرناه يعلم أنّ بديهته أولى من رويته. والّذي قرّره هو أنّه قال بعد أن بيّن الوجه فيما ذكر المصنّف من شغل ذمّته بالصلاة الاولى فصادفت نيّة الوجوب ما في ذمّته ما نصّه : ويشكل بأنّه لم يكن يشعر بهذا الوجوب الّذي في نفس الأمر واعتقاده خلوّ ذمّته فيكون نيّة الوجوب منه كلا نيّة قال : ويمكن أن يجاب بأنّه قصد إلى الوجوب الحقيقي حيث أقامه مقام الندب فلم يكن لغواً فصادف ما في ذمّته فيجب أن يجزي. ولا يبعد أن يقال إن كان المكلّف معتقداً صحّة نيّة الوجوب في موضع الندب باجتهاد أو تقليد لأهله لم يكن القول بالإجزاء بذلك البعيد وإن كان لا يخلو من شي‌ء وإن اعتقد خلاف ذلك أو لم يكن له علم بهذا الحكم بل نوى ذلك اقتراحاً فالقول بالإجزاء بعيد جداً ، لأنّ نيّته الوجوب باعتقاده لغو محض. فإن قيل : متى اعتقد صحّة نيّة الوجوب في موضع نيّة الندب بطريق شرعيّ فطهارته صحيحة قطعاً فلا يستقيم ما ذكر. قلنا : ربما كان اعتقاده في أوّل الأمر عدم الصحّة ثمّ بعد الصلاة تغيّر الاجتهاد إلى اعتقاد الصحّة فإنه يأتي ما ذكرناه ، انتهى كلامه ، فتأمّل جيّداً.

وقال في «كشف اللثام (٢)» الّذي يقتضيه إطلاق المصنّف أنّه لا فرق في ذلك بين أن يكون تعمّدها أو لا ، علم ببطلان الاولى أو لا. ثمّ قال : وقد يشكل إذا زعم صحّة الاولى ولا سيّما إذا تعمّد نيّة الوجوب فيحتمل حينئذ بطلان الثانية أيضاً ، انتهى.

وإنّما اعتبر المصنّف تخلّل الحدث ليكون معتقداً للوجوب اعتقاداً مطابقاً للواقع إذ بدونه يكون معتقداً للطهارة فتكون نيّة الوجوب منه لغواً. وفي «جامع المقاصد (٣)» :

__________________

(١) جامع المقاصد : كتاب الطهارة في أفعال الوضوء ج ١ ص ٢٤ س ١٠ (الرحلي) لا يخفى بما انّ في المطبوع الجديد ج ١ ص ٢١١ هنا سقطاً بمقدار السطرين.

(٢) كشف اللثام : كتاب الطهارة في أحكام الوضوء ج ١ ص ٥٢٣ ٥٢٤.

(٣) جامع المقاصد : كتاب الطهارة في أفعال الوضوء ج ١ ص ٢١٠.

٣٦٢

ولو دخل الوقت في أثناء المندوبة فأقوى الاحتمالات الاستئناف.

______________________________________________________

واحترز بالتعدّد عمّا لو اتحدت الطهارة فإنّه يعيد جميع ما صلّى بها قولاً واحداً.

قوله قدّس الله تعالى روحه : (لو دخل الوقت في أثناء المندوبة فأقوى الاحتمالات الاستئناف) وأضعفها كما في «جامع المقاصد (١)» بناء ما بقي على ما مضى لوقوع النيّة في محلّها على وجه معتبر ويحتمل الإتمام بنيّة الوجوب لأصالة الصحّة فيما مضى والعمل بمقتضى الخطاب فيما بقي ، ولا يخلو من قوّة كما في «جامع المقاصد (٢)» ونسبه في «حاشية الإيضاح» إلى اختيار المصنّف ولعلّ ذلك كان منه في «الدرس» إذ لم نجده في كتبه السبعة المشهورة وليس فيه إلّا ما قالوه من أنّ الفعل الواحد لا يتّصف بالوجهين المختلفين وفيه : أنّه منقوض كما في «جامع المقاصد (٣)» بالمندوب الّذي يجب بالشروع ، وقد سلف نقل ما في «نهاية الإحكام (٤) والتذكرة (٥)» في المقام وكذا «الذكرى (٦)» وقوله فيها بعد ذلك : ولو لم نوجب الوجه لم نوجب الاستئناف وكذا ما في «جامع المقاصد (٧)» من منع الكبرى إلّا أنّه قال العمل على الاستئناف.

وينبغي كما في «جامع المقاصد (٨)» أن يكون موضع المسألة ما إذا لم يعلم بضيق ما بقي إلى دخول الوقت عن فعل الطهارة. قال الفاضل (٩) : ولو كانت الطهارة غسلا فلم يزل حتّى دخل في الأثناء.

__________________

(١ و ٢) جامع المقاصد : كتاب الطهارة في أفعال الوضوء ج ١ ص ٢١١.

(٣ و ٧ و ٨) جامع المقاصد : كتاب الطهارة في أفعال الوضوء ج ١ ص ٢١١.

(٤) نهاية الإحكام : كتاب الطهارة في كيفيّة الوضوء ج ١ ص ٣٣.

(٥) تذكرة الفقهاء : كتاب الطهارة في أفعال الوضوء ج ١ ص ١٤٨.

(٦) ذكرى الشيعة : كتاب الصلاة في نيّة قطع الطهارة ص ٨٢ س ٢٤.

(٩) كشف اللثام : كتاب الطهارة في أحكام الوضوء ج ١ ص ٥٢٤.

٣٦٣

الثاني : غسل الوجه بما يحصل به مسمّاه وإن كان كالدهن مع الجريان

______________________________________________________

[غسل الوجه]

قوله : (الثاني : غسل الوجه)

غسل الوجه فرض في الوضوء بإجماع علماء الإسلام كافّة كما في «المنتهى (١)» وفي «التذكرة (٢) ونهاية الإحكام (٣) والذكرى (٤) وكشف اللثام (٥)» وغيرها (٦) نقل الإجماع.

[تعريف الغسل]

قوله : (بما يحصل به مسمّاه وإن كان كالدهن مع الجريان) الأصحاب في المسألة على أنحاء : ففي «المبسوط (٧) والناصريّات (٨) والسرائر (٩) والمهذّب القديم (١٠) والتذكرة (١١) والمنتهى (١٢) ونهاية الإحكام (١٣) واللمعة (١٤)

__________________

(١) منتهى المطلب : كتاب الطهارة في أفعال الوضوء ج ٢ ص ٢١.

(٢) تذكرة الفقهاء : كتاب الطهارة في أفعال الوضوء ج ١ ص ١٤٩.

(٣) نهاية الإحكام : كتاب الطهارة المطلب الثاني في غسل الوجه ج ١ ص ٣٥.

(٤) ذكرى الشيعة : كتاب الصلاة في غسل الوجه ص ٨٣ س ١٠.

(٥) كشف اللثام : كتاب الطهارة في أحكام الوضوء ج ١ ص ٥٢٤.

(٦) الخلاف : كتاب الطهارة مسألة ٢٢ ج ١ ص ٧٥.

(٧) المبسوط : كتاب الطهارة في كيفيّة الوضوء ج ١ ص ٢٠.

(٨) الناصريّات : (الجوامع الفقهيّة) : كتاب الطهارة ص ٢٢٤ س ٥.

(٩) السرائر : كتاب الطهارة في كيفيّة الوضوء ج ١ ص ١٠٠.

(١٠) المهذّب : كتاب الطهارة في كيفية الوضوء ج ١ ص ٤٥.

(١١) تذكرة الفقهاء : كتاب الطهارة في أفعال الوضوء ج ١ ص ١٥٧.

(١٢) منتهى المطلب : كتاب الطهارة في أفعال الوضوء ج ٢ ص ٣٦.

(١٣) نهاية الإحكام : كتاب الطهارة في كيفيّة الوضوء ج ١ ص ٤٠.

(١٤) اللمعة الدمشقيّة : كتاب الطهارة في الوضوء ص ١٨.

٣٦٤

.................................................................................................

______________________________________________________

والدروس (١) والذكرى (٢) والبيان (٣) والألفيّة (٤) والتنقيح (٥) وجامع المقاصد (٦) وحاشية الشرائع (٧) والروض (٨) والروضة (٩) والمسالك (١٠) والمقاصد العليّة (١١) وآيات الأحكام (١٢) الأردبيليّة والأنوار القمريّة (١٣) وحاشية المدارك (١٤)» وغيرها (١٥) النص على اعتبار الجريان ، وفي كثير (١٦) منها التعليل بعدم تحقّق اسم الغسل بدونه ، وفي بعضها «ككشف اللثام (١٧)» كما يشهد به العرف واللغة والوضوء البياني (١٨) وقولهم (١٩) عليهم‌السلام :

__________________

(١) الدروس الشرعيّة : كتاب الطهارة في واجبات الوضوء ج ١ ص ٩١.

(٢) ذكرى الشيعة : كتاب الصلاة في أحكام الوضوء ص ٨٥ س ٣.

(٣) البيان : كتاب الطهارة فيما يتعلّق بالوضوء ص ٨.

(٤) الألفيّة : كتاب الطهارة في واجبات الوضوء ص ٤٥.

(٥) التنقيح الرائع : كتاب الطهارة في نيّة الوضوء ج ١ ص ٨١.

(٦) جامع المقاصد : كتاب الطهارة في أفعال الوضوء ج ١ ص ٢١٢.

(٧) حاشية الشرائع : كتاب الطهارة في كيفيّة الوضوء ص ١٢ س ٢ (مخطوط مكتبة المرعشي الرقم ١١٥٥).

(٨) روض الجنان : كتاب الطهارة في بيان أحكام الوضوء ص ٣١ س ١٣.

(٩) الروضة البهيّة : كتاب الطهارة في الوضوء ج ١ ص ٣٢٢.

(١٠) مسالك الأفهام : كتاب الطهارة في أحكام الوضوء ج ١ ص ٤١.

(١١) المقاصد العليّة : كتاب الطهارة في الوضوء ص ٥٤ س ٢ (مخطوط المكتبة الرضويّة الرقم ٨٩٣٧).

(١٢) زبدة البيان : كتاب الطهارة في الوضوء ص ١٥.

(١٣) الأنوار القمريّة : كيفيّة الوضوء (مخطوط مكتبة المرعشي الرقم ٤٩٧٨).

(١٤) حاشية مدارك الأحكام : كتاب الطهارة في الوضوء ص ٥٩ س ٢٧ (مخطوط المكتبة الرضويّة الرقم ١٤٣٧٥).

(١٥) الحدائق الناضرة : كتاب الطهارة في الوضوء ج ٢ ص ٢٢٢.

(١٦) كالسرائر : كتاب الطهارة في كيفية الوضوء ج ١ ص ١٠٠ ، ونهاية الإحكام : كتاب الطهارة في كيفية الوضوء ج ١ ص ٤٠ ، وروض الجنان : كتاب الطهارة في بيان أحكام الوضوء ص ٣١ س ١٤.

(١٧) كشف اللثام : كتاب الطهارة في أحكام الوضوء ج ١ ص ٥٢٤.

(١٨) وسائل الشيعة : باب ١٥ من أبواب الوضوء ج ١ ص ٢٧١.

(١٩) وسائل الشيعة : ب ٤٦ من أبواب الوضوء ح ٢ و ٣ ج ١ ص ٣٣٥.

٣٦٥

.................................................................................................

______________________________________________________

«يجري عليه الماء» وفي «المدارك (١)» في مبحث الغسل قد قطع الأصحاب بأنّه إنّما يتحقّق مع جريان الماء على البشرة ولو بمعاون. وفي «الحدائق (٢)» أنّه المشهور.

وقد سلف لنا في مبحث الغسالة أنّه قال في «السرائر (٣)» إنّ حقيقة الغسل إجراء الماء على المغسول وفي «المجمع (٤)» غسل الشي‌ء إزالة الوسخ ونحوه بإجراء الماء عليه وفي «الصحاح (٥) والقاموس (٦)» وأكثر كتب اللغة إحالة تفسير الغسل إلى ما يفهم من العرف. وقد تقدّم هناك شطر نافع في المقام.

وفي «الروض (٧) والأنوار (٨)» أنّه في اللغة إجراء الماء على الشي‌ء على وجه التنظيف والتحسين وإزالة الوسخ ونحوها والمراد به هنا ما يحصل معه الجريان على جميع أجزاء ما يجب غسله وأقلّه أن يجري جزء من الماء على جزءين من البشرة ولو بمعاون ، انتهى.

وتفسير أقلّ الإجراء بما ذكراه ذكره في «التذكرة (٩) وجامع المقاصد (١٠) وحاشية الشرائع (١١) والروضة (١٢)» وغيرها (١٣) إلّا أنّ في عبارة «الروضة» في المقام

__________________

(١) مدارك الأحكام : كتاب الطهارة في غسل الجنابة ج ١ ص ٢٩١.

(٢) الحدائق الناضرة : كتاب الطهارة في غسل الوجه ج ٢ ص ٢٢٢.

(٣) السرائر : كتاب الطهارة في كيفيّة الوضوء ج ١ ص ١٠٠.

(٤) مجمع البحرين : مادة «غسل» ج ٥ ص ٤٣٤.

(٥) الصحاح : مادة «غسل» ج ٥ ص ١٧٨١.

(٦) القاموس المحيط : مادة «غسل» ج ٤ ص ٢٤.

(٧) روض الجنان : كتاب الطهارة في نيّة الوضوء ص ٣١ س ١٢.

(٨) الأنوار القمريّة : كيفيّة الوضوء (مخطوط مكتبة المرعشي الرقم ٤٩٧٨).

(٩) تذكرة الفقهاء : كتاب الطهارة في أفعال الوضوء ج ١ ص ١٥٧.

(١٠) جامع المقاصد : كتاب الطهارة في أفعال الوضوء ج ١ ص ٢١٢.

(١١) حاشية الشرائع : كتاب الطهارة في كيفيّة الوضوء ص ١٢ س ٢ (مخطوط مكتبة المرعشي الرقم ١١٥٥).

(١٢) الروضة البهيّة : كتاب الطهارة في الوضوء ج ١ ص ٣٢٢.

(١٣) الحدائق الناضرة : كتاب الطهارة في غسل الوجه ج ٢ ص ٢٢٢.

٣٦٦

.................................................................................................

______________________________________________________

نوع حزازة ظاهرة.

وصرّح جماعة (١) أيضاً بأنّه لا فرق في ذلك بين أن يجري بنفسه أو بمعاون.

وقال في «الروض (٢)» ومتى وصل بلل الماء إلى حدّ لا يقبل الانتقال من محلّه إلى محلّ آخر لم يصدق عليه حينئذ الغسل ، بل يصير دهناً لا غسلا. وأمّا تمثيل من بالغ في وصف تقليل الغسل بالدهن فهو ضرب من المبالغة في جواز تقليل الجريان ولا يريد جواز عدمه أصلاً ، لعدم صدق مسمّى الغسل حينئذ. ومثل ذلك ذكر في «المسالك (٣) وحاشية المدارك (٤)» وغيرهما (٥).

ويدلّ عليه أيضاً قوله عليه‌السلام في حسنة زرارة (٦) : «الجنب ما جرى عليه الماء من جسده قليله وكثيره فقد أجزأ» ولا قائل بالفرق بين الغسل والوضوء ومثله صحيحته (٧) ورواية (٨) محمّد بن مروان وغيرها (٩) ممّا دلّ على أنّ الوضوء غسلتان ومسحتان ، إذ لو لا اعتبار الجريان لما حصل الفرق بين الغسل والمسح المقابل له كما نبّه عليه الاستاذ أدام الله تعالى حراسته في «حاشية المدارك (١٠)» مضافاً إلى

__________________

(١) كالشهيد الثاني في الروضة : ج ١ ص ٣٢٢ والمسالك : ج ١ ص ٤١ والبحراني في الحدائق الناضرة : ج ٢ ص ٢٢٢ والطباطبائي في الرياض : ج ١ ص ٢٢٩.

(٢) روض الجنان : كتاب الطهارة في نيّة الوضوء ص ٣١ س ١٤.

(٣) مسالك الأفهام : كتاب الطهارة في أحكام الوضوء ج ١ ص ٤١.

(٤) حاشية مدارك الأحكام : كتاب الطهارة في نيّة الوضوء ص ٥٩ س ٢٧ (مخطوط المكتبة الرضويّة الرقم ١٤٣٧٥).

(٥) كالطباطبائي في رياض المسائل : ج ١ ص ٢٢٩.

(٦) وسائل الشيعة : ب ٣١ من أبواب الجنابة ح ٣ ج ١ ص ٥١١.

(٧) وسائل الشيعة : ب ١٥ من أبواب الوضوء ح ٢ ج ١ ص ٢٧٢.

(٨) وسائل الشيعة : ب ٢٥ من أبواب الوضوء ح ٢ ج ١ ص ٢٩٤.

(٩) وسائل الشيعة : ب ٢٥ من أبواب الوضوء ح ٩ ج ١ ص ٢٩٥ والتهذيب : ج ١ ص ٦٣ ح ٢٥ راجع الحدائق : ج ٢ ص ٢٣٥ ، البحار : ج ٨٠ ص ٢٦٩ ، عمدة القارئ : ج ٢ ص ٢٣٨.

(١٠) حاشية مدارك الأحكام : كتاب الطهارة في نيّة الوضوء ص ٥٩ س ٢٨ (مخطوط المكتبة الرضويّة الرقم ١٤٣٧٥).

٣٦٧

.................................................................................................

______________________________________________________

أخبار (١) الوضوء البياني وما اشتملت عليه من الصبّ والإفاضة والغرفة لكلّ عضو إلى غير ذلك ممّا هو كثير.

وقال في «المعتبر (٢)» أقلّ الغسل ما يحصل به مسمّاه ولو دهنا. وكذا في «الشرائع (٣) والنافع (٤)» وقد مرَّ ما ذكره في «الروض والمسالك والأنوار وحاشية المدارك» وغيرها في بيان مراده. وممّا يؤيّد ذلك قوله في «المعتبر (٥)» بعد ذلك بلا فاصلة : ولا يجزي ما يسمّى مسحاً ، لأنّه لا يتحقّق معه الامتثال ، لكنّه قال فيه (٦) في موضع آخر : وظنّ قوم أنّ دهن الأعضاء في الطهارة يقصر عن الغسل ومنعوا الاجتزاء به إلّا حال الضرورة وهو خطأ ، فإنّه لو لم يسمّ غسلا لما اجتزئ به ، لأنّه لا يكون ممتثلا ، وإن كان غسلا لم يشترط فيه الضرورة ، انتهى. فتأمّل جيّداً.

وقال الشيخ في «النهاية (٧)» ومثله شيخه في «المقنعة (٨)» إذا حصل الانسان في أرض ثلج ولا يقدر على الماء ولا على التراب فليضع يديه جميعاً على الثلج باعتماد حتّى يتنديا ثمّ يمسح وجهه من قصاص شعر رأسه إلى محادر شعر ذقنه مثل الدهن. وتبعهما على ذلك صاحب «الحدائق (٩)» ونقله عن بعض مشايخه وحمل أخبار الدهن على حال الضرورة.

قال في «الذكرى (١٠)» بعد أن اشترط الجريان لتبعيّة الاسم له وحمل عليه

__________________

(١) وسائل الشيعة : ب ١٥ من أبواب الوضوء ج ١ ص ٢٧١ ٢٨١.

(٢) المعتبر : كتاب الطهارة في كيفيّة الوضوء ج ١ ص ١٤٤.

(٣) شرائع الإسلام : كتاب الطهارة في كيفيّة الوضوء ج ١ ص ٢٣.

(٤) المختصر النافع : كتاب الطهارة في كيفيّة الوضوء ص ٦.

(٥) المعتبر : كتاب الطهارة في كيفيّة الوضوء ج ١ ص ١٤٤.

(٦) المعتبر : كتاب الطهارة في التيمّم ج ١ ص ٣٧٩.

(٧) النهاية : كتاب الطهارة في التيمم وأحكامه ج ١ ص ٢٦٠.

(٨) المقنعة : كتاب الطهارة في التيمّم وأحكامه ص ٥٩.

(٩) الحدائق الناضرة : كتاب الطهارة في التيمّم وأحكامه ج ٤ ص ٣٠٨.

(١٠) ذكرى الشيعة : كتاب الصلاة في أحكام الوضوء ص ٨٥ س ٦.

٣٦٨

.................................................................................................

______________________________________________________

روايات (١) الدهن : وقيّد الشيخان رحمهما‌الله تعالى إجزاء الدهن بالضرورة من برد أو عوز الماء ، لرواية (٢) الحلبي عن الصادق عليه‌السلام : «أسبغ الوضوء إن وجدت ماء وإلّا فإنّه يكفيك اليسير» قال : ولعلّهما أرادا به ما لا جريان فيه أو الأفضلية كمنطوق الرواية ، انتهى. والمحقّق في نكت «النهاية» لم يتعرّض لذلك أصلاً.

وفي «كشف اللثام (٣)» وكأنّهما أرادا الجريان ، إذ لا دليل على إجزاء ما دونه عند الضرورة. قال : وقول أبي جعفر (٤) عليه‌السلام : «إذا مسّ جلدك الماء فحسبك» يحتمل رفع وهم وجوب الدلك وبيان حكم المسح.

وفي «الذكرى (٥)» أنّ أهل اللغة يقولون دهن المطر الأرض إذا بلّها بلّاً يسيراً.

وقال صاحب «المدارك (٦)» وخاله في «رسالته (٧)» وتلميذه الشيخ نجيب الدين في «شرحها (٨)» إنّ المرجع في ذلك إلى العرف ، لأنّه المحكّم في مثل ذلك. ثمّ نقل في «المدارك (٩)» ما ذكرناه عن التذكرة ثمّ قال : وفي دلالة العرف على ذلك نظر. ثمّ نقل ما نقلناه عن جدّه وغيره من أنّ التشبيه بالدهن مبالغة في الإجزاء بالجريان القليل على جهة المجاز لا الحقيقة. ثمّ قال : وقد يقال لا مانع من كونه على سبيل الحقيقة لوروده في الأخبار المعتمدة. وأيّده صاحب «الحدائق (١٠)» بما نقل عن الشهيد الثاني في بعض تحقيقاته أنّ اعتبار الجريان في مسمّى الغسل غير مفهوم من كلام اللغة ، لعدم تصريحهم باشتراط جريان الماء في تحقّقه وأنّ العرف دالّ

__________________

(١ و ٢) وسائل الشيعة : ب ٥٢ من أبواب الوضوء ج ١ ص ٣٤٠ و ٣٤١.

(٣) كشف اللثام : كتاب الطهارة في أحكام الوضوء ج ١ ص ٥٢٥ ٥٢٦.

(٤) وسائل الشيعة : ب ٥٢ من أبواب الوضوء ح ٣ ج ١ ص ٣٤١.

(٥) ذكرى الشيعة : كتاب الصلاة في أحكام الوضوء ص ٨٥ س ٦.

(٦) مدارك الأحكام : كتاب الطهارة فيما يجزي في الغسل ج ١ ص ٢٣٥.

(٧) الرسالة الاثنا عشرية : كيفيّة الوضوء ص ٥٨ (مخطوط مكتبة المرعشي الرقم ٥١١٢).

(٨) لا يوجد لدينا كتابه.

(٩) مدارك الأحكام : كتاب الطهارة فيما يجزي في الغسل ج ١ ص ٢٣٥.

(١٠) الحدائق الناضرة : كتاب الطهارة في غسل الوجه ج ٢ ص ٢٢٤.

٣٦٩

وحدّه من قصاص شعر الرأس إلى محادر شعر الذقن طولا وما اشتمل عليه الإبهام والوسطى عرضا

______________________________________________________

على ما هو أعمّ منه إلّا أنّه المعروف بين الفقهاء سيّما المتأخّرين والمصرّح به في عباراتهم ، انتهى ما نقله عنه.

وقد علمت ما نقلناه عنه في كتبه الثلاثة وما نقلناه عن أهل اللغة وما نقلوه عنهم ولقد أجاد الاستاذ (١) حيث علّق على قوله في «المدارك» : لا مانع من كونه إلى آخر ، ما نصه : إن أراد أنّه لا مانع من أن يقال لا يجب تحقّق الغسل في الوضوء بل يكفي المسح في المغسول والممسوح جميعاً ، فلا يخلو من غرابة لمخالفته الإجماع بل والضرورة وكذا مخالفته للمستفاد من الأخبار بعد الآية سيّما ما ورد من «أنّ الوضوء غسلتان ومسحتان». وإن أراد أنّ الغسل لا يحتاج إلى جريان بل يكفي في تحقّقه إمرار اليد برطوبة ما فهو أيضاً غريب ، لأنّ الغسل لغة وعرفاً لا يتحقّق بغير جريان. وأعجب من ذلك أنّه تأمّل في تحقّق الغسل العرفي بجريان الماء فكيف ولا يتحقّق جريان أصلا ، انتهى.

[حد الوجه]

قوله قدّس الله تعالى روحه : (وحدّه من قصاص شعر الرأس إلى محادر شعر الذقن طولاً وما اشتمل عليه الإبهام والوسطى عرضاً)

هذا مذهب أهل البيت صلوات الله وسلامه عليهم كما في «المنتهى (٢) والمعتبر (٣)» والقدر الّذي غسله النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله بنقل أهل البيت عليهم‌السلام والقدر الّذي رواه

__________________

(١) حاشية مدارك الأحكام : كتاب الطهارة في نيّة الوضوء ص ٥٩ س ٢٥ (مخطوط المكتبة الرضويّة الرقم ١٤٣٧٥).

(٢) منتهى المطلب : كتاب الطهارة في أفعال الوضوء ج ٢ ص ٢١.

(٣) المعتبر : كتاب الطهارة في كيفيّة الوضوء ج ١ ص ١٤١.

٣٧٠

.................................................................................................

______________________________________________________

المسلمون كما في «الذكرى (١)». والإجماع منقول عليه في «الخلاف (٢) والغنية (٣) والمدارك (٤)» وغيرها (٥).

وبه قال مالك. وقال باقي الفقهاء : ما بين العذار والاذن من الوجه. فحدّه عرضاً عندهم من وتد الاذن إلى وتد الاذن لحصول المواجهة به من الأمرد كما في «التذكرة (٦)».

والقصاص مثلث القاف والضم أفصح وهو منتهى منبت الشعر عند الناصية وهو عند انتهاء استدارة الرأس وابتداء تسطيح الجبهة فالنزعتان من الرأس. قال في «شرح المفاتيح (٧)» ولذا يكون حدّ وجه الأنزع وجه مستوي الخلقة فيبتدئ من قصاص شعر المستوي لا شعر نفسه. وكذا الحال في الأغمّ ، فلا يتّجه كلام الشيخ البهائي فيما سيأتي.

والنزعتان بالتحريك البياضان المكتنفان للناصية والشعر بالتحريك والإسكان. والمحادر بالدال المهملة مواضع انحدار شعر الذقن بالذال المعجمة والقاف المفتوحتين مجمع اللحيين بفتح اللام.

وأطلق على هذا البعد الّذي هو من أسفل إلى أعلى اسم الطول لمناسبة طول البدن وإلّا فالطول هو البعد الزائد أو المفروض أوّلا ، سواء كان من الأعلى أم لا.

وقد استفيد من هذا الحدّ خروج الزائد من اللحية طولاً وعرضاً إجماعاً كما

__________________

(١) ذكرى الشيعة : كتاب الصلاة في غسل الوجه ص ٨٣ س ١١.

(٢) الخلاف : كتاب الطهارة في غسل الوجه مسألة ٢٣ ج ١ ص ٧٦.

(٣) غنية النزوع (الجوامع الفقهيّة) : في فرائض الوضوء ص ٤٩١ س ٢٠.

(٤) مدارك الأحكام : كتاب الطهارة في غسل الوجه ج ١ ص ١٩٧.

(٥) الحدائق الناضرة : كتاب الطهارة في غسل الوجه ج ٢ ص ٢٢٦.

(٦) تذكرة الفقهاء : كتاب الطهارة في أفعال الوضوء ج ١ ص ١٥٠.

(٧) مصابيح الظلام : كتاب الطهارة في كيفيّة الوضوء ج ١ ص ٢٦٧ س ١٤ (مخطوط مكتبة الگلپايگاني).

٣٧١

.................................................................................................

______________________________________________________

في «الخلاف (١)» وفي «الذكرى (٢) والدروس (٣)» يستحبّ إفاضة الماء على ظاهر اللحية طولاً وعرضاً وصرّح به ابن الجنيد (٤). وفي خبر زرارة (٥) : «وسيّله على أطراف لحيته» وفي «الكافي (٦)» وسدله على أطراف لحيته ، انتهى.

وأوجبه مالك (٧) والشافعي (٨) في أحد قوليه وأحمد (٩) في رواية.

لا يقال : إنّ ذلك داخل في الوجه ، لأنّه ممّا يواجه به لأنّا نقول : نمنع ذلك ، لأنّه لا يقال طال وجهه أو عرض أو قصر بزيادته ونقصانه. والحاصل أنّه لا كلام في ذلك وإنّما الكلام في أشياء : الصدغ والعذار ومواضع التحذيف والعارض.

أمّا الصدغ فهو ما فوق العذار من الشعر ولا تشمله الاصبعان. ونصّ صحيح زرارة (١٠) عن أبي جعفر عليه‌السلام على خروجه من الوجه. وأدخله بعض الحنابلة (١١). وقد يظهر من الراوندي في الأحكام (١٢) ، كذا في «كشف اللثام (١٣)». وفسّره في «القاموس (١٤)» بالشعر المتدلّي على ما بين الاذن والعين وكذا في «الصحاح (١٥)

__________________

(١) الخلاف : كتب الطهارة في غسل الوجه مسألة ٢٣ ج ١ ص ٧٦.

(٢) ذكرى الشيعة : كتاب الصلاة في غسل الوجه ص ٨٤ س ٣٠.

(٣) الدروس الشرعيّة : كتاب الطهارة في واجبات الوضوء ج ١ ص ٩١.

(٤) نقله عنه في ذكرى الشيعة : كتاب الصلاة في غسل الوجه ص ٨٤ س ٣٠.

(٥) من لا يحضره الفقيه : كتاب الطهارة باب صفة وضوء رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ح ١ ج ١ ص ٣٦.

(٦) الكافي : كتاب الطهارة باب صفة الوضوء ح ٤ ج ٣ ص ٢٥.

(٧) بداية المجتهد : كتاب الطهارة في الوضوء ج ١ ص ١١.

(٨) الامّ : كتاب الطهارة في باب غسل الوجه ج ١ ص ٢٥.

(٩) المغني لابن قدامة : كتاب الطهارة غسل اللحية ج ١ ص ١٠١.

(١٠) وسائل الشيعة : باب ١٧ من أبواب الوضوء ح ١ ج ١ ص ٢٨٣.

(١١) الشرح الكبير : كتاب الطهارة في غسل اللحية ج ١ ص ١٢٨.

(١٢) فقه القرآن : كتاب الطهارة في باب الوضوء ج ١ ص ١٣.

(١٣) كشف اللثام : كتاب الطهارة في أحكام الوضوء ج ١ ص ٥٢٧.

(١٤) القاموس المحيط : مادة «صدغ» ج ٣ ص ١٠٩.

(١٥) الصحاح : مادّة «صدغ» ج ٤ ص ١٣٢٣.

٣٧٢

.................................................................................................

______________________________________________________

والنهاية (١)» وفي كلام أهل اللغة كما في «الحدائق (٢)» أنّه ما بين العين والاذن. وفي «شرح المفاتيح (٣)» أنّه عند الفقهاء ليس ما بين العين والاذن كما ذكر بعض أهل اللغة مع أنّ أهل اللغة ربما يعرّفون بالأعمّ فلعلّ المراد ليس المجموع ويؤيّده أنّهم قالوا : إنّه ما بين العين والاذن والشعر المتدلّي عليه والشعر لا يتدلّى على المجموع. وهذا الشعر هو الّذي يقال له بالفارسية زلف. ومنه قول الشاعر : صدغ الحبيب وحالي كلاهما كالليالي ، ويشير إليه تفسير العذار. وفي «حاشية الفقيه» لمولانا ملّا مراد أنّ الصدغ هو الشعر المتدلّي بين العين والاذن أو منبت ذلك الشعر دون مجموع ما بين العين والاذن. وحينئذ فيراد من الحديث وكلام المشهور أنّ الصدغ بأجمعه ليس من الوجه ، فلا يتّجه كلام البهائي كما يأتي ، على أنّه على فهمه لا يكون المجموع خارجاً عنه ، لأنّ الاصبعين يشتملان على ما زاد على العين ولا تقتصران على العين جزماً ولا ينتهي رأسهما إلى منتهى العين. نعم على فهم الشيخ البهائي يكون ما دخل أقلّ منه على فهم الأصحاب ومجرّد الأقليّة لا ترفع اللزوم فكلّما قلنا من فهم المشهور فهو لازم على فهمه ، انتهى. والمصنّف في «المنتهى (٤)» فسّره بالشعر الّذي بعد انتهاء العذار المحاذي لرأس الاذن وينزل عن رأسها قليلاً. وفي «الذكرى (٥)» ما حاذى العذار فوقه وقد تضمّنت الرواية المشهورة سقوط غسله. ثمّ قال : وظاهر الراوندي في الأحكام غسل الصدغين والرواية تنفيه ، انتهى. وفي «الذخيرة (٦)» أنّ خروج الصدغين عن الوجه مذهب جمهور

__________________

(١) النهاية : مادة «صدغ» ج ٣ ص ١٧.

(٢) الحدائق الناضرة : كتاب الطهارة في غسل الوجه ج ٢ ص ٢٢٨.

(٣) مصابيح الظلام : كتاب الطهارة في كيفيّة الوضوء ج ١ ص ٢٦٧ (مخطوط مكتبة الگلپايگاني).

(٤) منتهى المطلب : كتاب الطهارة في أفعال الوضوء ج ٢ ص ٢٤.

(٥) ذكرى الشيعة : كتاب الصلاة في غسل الوجه ص ٨٣ س ٣٤ و ٣٦.

(٦) ذخيرة المعاد : كتاب الطهارة في تفسير الصدغ ص ٢٦ س ٤١.

٣٧٣

.................................................................................................

______________________________________________________

العلماء. وفي «شرح المفاتيح (١)» أنّه إجماعي. وفي «الحدائق (٢)» أنّه المشهور.

وأمّا العذار وهو الشعر على العظم الّذي على سمت الصماخ يتّصل أعلاه بالصدغ وأسفله بالعارض وفسّره بعضهم بما حاذى الاذن من الشعر. وفي «الذكرى (٣)» أنّ الإبهام والوسطى لا تصلان إليه غالباً. وقد صرّح في «المنتهى (٤) والتحرير (٥)» بعدم استحباب غسله ، بل قال في «التحرير (٦)» إنّه يحرم إذا اعتقده. وفي «التذكرة (٧)» أنّه ليس من الوجه عندنا خلافاً للشافعي. وفي «الحدائق (٨)» أنّ المشهور بين الأصحاب خروجه ، لعدم شمول الاصبعين له غالباً ولاتصاله بالصدغين. وفي «الذكرى (٩) والدروس (١٠) والمقاصد العليّة (١١)» أنّ غسله أحوط. وفي «حاشية الشرائع (١٢) والمسالك (١٣) والروضة (١٤)» دخوله ، قالا : وهو الظاهر من عبارة «الشرائع (١٥)» وضعّفه في «المدارك (١٦)». قال الاستاذ (١٧) :

__________________

(١) مصابيح الظلام : كتاب الطهارة في كيفيّة الوضوء ج ١ ص ٢٦٧ س ١٢ (مخطوط مكتبة الگلپايگاني).

(٢) الحدائق الناضرة : كتاب الطهارة في غسل الوجه ج ٢ ص ٢٢٩.

(٣) ذكرى الشيعة : كتاب الصلاة في غسل الوجه ص ٨٣ س ٣٥.

(٤) منتهى المطلب : كتاب الطهارة في أفعال الوضوء ج ٢ ص ٢٣.

(٥) تحرير الأحكام : كتاب الطهارة في أفعال الوضوء ج ١ ص ١٠ س ١.

(٦) تحرير الأحكام : كتاب الطهارة في أفعال الوضوء ج ١ ص ١٠ س ١.

(٧) تذكرة الفقهاء : كتاب الطهارة في أفعال الوضوء ج ١ ص ١٥٣.

(٨) الحدائق الناضرة : كتاب الطهارة في غسل الوجه ج ٢ ص ٢٢٩.

(٩) ذكرى الشيعة : كتاب الصلاة في غسل الوجه ص ٨٣ س ٣٥.

(١٠) الدروس الشرعيّة : كتاب الطهارة في واجبات الوضوء ج ١ ص ٩١.

(١١) المقاصد العليّة : كتاب الطهارة في كيفيّة الوضوء ص ٤٤ س ١٨ (مخطوط مكتبة الرضويّة الرقم ٨٩٣٧).

(١٢) فوائد الشرائع : كتاب الطهارة في كيفيّة الوضوء ص ١٠ س ١٦.

(١٣) مسالك الأفهام : كتاب الطهارة في أحكام الوضوء ج ١ ص ٣٦.

(١٤) الروضة البهيّة : كتاب الطهارة في حدّ غسل الوجه ج ١ ص ٧٣.

(١٥) شرائع الإسلام : كتاب الطهارة في كفيّة الوضوء ج ١ ص ٢١.

(١٦) مدارك الأحكام : كتاب الطهارة في غسل الوجه ج ١ ص ١٩٨.

(١٧) مصابيح الظلام : كتاب الطهارة في كيفيّة الوضوء ص ٢٦٧ س ٢٠ (مخطوط مكتبة الگلپايگاني).

٣٧٤

.................................................................................................

______________________________________________________

هذا ا لقول مبنيّ على الإعراض عن الصحيحة ورجوع إلى العرف : وفيه : أنّه يلزم دخول ما ليس داخلا عندهم مع كون الصحيحة جامعة لشرائط العمل ومعتضدة بالاصول وبعمل الأصحاب ، إذ باقي الفقهاء على عدم الدخول. وظاهر «التذكرة» أنه إجماعي فلا يتّجه ما ذكره البهائي كما يأتي ، هذا حاصل كلام الاستاذ في شرحه. وظاهر «المبسوط (١) والخلاف (٢)» وأبي علي (٣) دخوله أيضاً حيث حدّ الوجه بالتحديد المذكور والاصبعان قد تشمله. وقد نسب ذلك جماعة إلى ظاهرهم ولا أجد في الكتابين عبارة تدلّ على ذلك سوى ما ذكرنا. وفي «المعتبر (٤) ونهاية الإحكام (٥)» خروج ما خرج منه عن إحاطة الاصبعين. قال في «كشف اللثام (٦)» وهو الوجه انتهى. وجمع بعض (٧) الناس بين القولين فقال : إنّه لا نزاع في الحقيقة ، بل القائلون بالدخول إنّما يريدون به دخول بعضه ممّا تشمله الاصبعان والقائلون بالخروج يريدون به خروج البعض الآخر كما يشعر به تتبّع كلماتهم ، انتهى.

وأمّا مواضع التحذيف بالحاء المهملة والذال المعجمة فهو منابت الشعر الخفيف بين النزعة والصدغ كما فسّره به بذلك جماعة وبعض بابتداء العذار وبعض بما بين منتهى العذار والنزعة. قال في «الحدائق (٨)» وفيه : أنّ العذار أعلاه يتّصل

__________________

(١) المبسوط : كتاب الطهارة في كيفيّة الوضوء ج ١ ص ٢٠.

(٢) الخلاف : كتاب الطهارة في غسل الوجه مسألة ٢٣ ج ١ ص ٧٦.

(٣) نقله عنه في ذكرى الشيعة : كتاب الصلاة في غسل الوجه ص ٨٣ س ٣١.

(٤) المعتبر : كتاب الطهارة في غسل الوجه ج ١ ص ١٤١.

(٥) نهاية الإحكام : كتاب الطهارة في غسل الوجه ج ١ ص ٣٦.

(٦) كشف اللثام : كتاب الطهارة في أحكام الوضوء ج ١ ص ٥٢٨.

(٧) الحدائق الناضرة : كتاب الطهارة في غسل الوجه ج ٢ ص ٢٢٩ عبّر فيها عنه ببعض المحقّقين.

(٨) الحدائق الناضرة : كتاب الطهارة في غسل الوجه ج ٢ ص ٢٢٩.

٣٧٥

.................................................................................................

______________________________________________________

بالصدغ كما تقدّم والصدغ فوقه ، فتأمّل. وقد قطع في «التذكرة (١) والمنتهى (٢)» بخروجها وفي «الذكرى (٣) والمقاصد العليّة (٤)» أنّ غسلها أحوط. وفي «الروضة (٥) وحاشية الشرائع (٦) والمسالك (٧) والمدارك (٨) وشرح المفاتيح (٩)» أنّها داخلة في حدّ الوجه ، بل في «شرح المفاتيح (١٠)» أنّ ذلك هو المعروف من الفقهاء والمخالف نادر. وفي «المشكاة (١١)» أنّه إنّما يدخل شي‌ء منها.

وأمّا العارض وهو ما تحت العذار من جانبي اللحية إلى شعر الذقن وبعضهم بأنّه الشعر المنحطّ عن محاذاة الاذن يتّصل أسفله بما يقرب من الذقن وأعلاه بالعذار ، فقد قطع في «المنتهى (١٢)» بخروجه من غير نقل خلاف. وذكره في «التذكرة (١٣)» ولم ينصّ عليه بنفي ولا إثبات. وفي «النهاية (١٤)» قطع بخروج ما خرج منه عن إحاطة الإصبعين. وعن أبي علي (١٥) أنّه داخل. وبه قطع

__________________

(١) تذكرة الفقهاء : كتاب الطهارة في أفعال الوضوء ج ١ ص ١٥٣.

(٢) منتهى المطلب : كتاب الطهارة في أفعال الوضوء ج ٢ ص ٢٤.

(٣) ذكرى الشيعة : كتاب الصلاة في غسل الوجه ص ٨٤ س ٢.

(٤) المقاصد العليّة : كتاب الطهارة في كيفيّة الوضوء ص ٤٤ ص ٢٠ (مخطوط مكتبة الرضويّة الرقم ٨٩٣٧).

(٥) الروضة البهيّة : كتاب الطهارة في حدّ غسل الوجه ج ١ ص ٣٢٣.

(٦) فوائد الشرائع : كتاب الطهارة في كيفيّة الوضوء ص ١٠ س ١٦ (مخطوط مكتبة المرعشي الرقم ١١٥٥).

(٧) مسالك الأفهام : كتاب الطهارة في أحكام الوضوء ج ١ ص ٣٥.

(٨) مدارك الأحكام : كتاب الطهارة في غسل الوجه ج ١ ص ١٩٩.

(٩ و ١٠) مصابيح الظلام : كتاب الطهارة في كيفيّة الوضوء ص ٢٦٨ س ٣ (مخطوط مكتبة الگلپايگاني).

(١٠) مصابيح الظلام : كتاب الطهارة في كيفيّة الوضوء ص ٢٦٨ س ٣ (مخطوط مكتبة الگلپايگاني).

(١١) لا يوجد لدينا كتابه.

(١٢) منتهى المطلب : كتاب الطهارة في أفعال الوضوء ج ٢ ص ٢٤.

(١٣) تذكرة الفقهاء : كتاب الطهارة في أفعال الوضوء ج ١ ص ١٥٣.

(١٤) نهاية الإحكام : كتاب الطهارة في غسل الوجه ج ١ ص ٣٦.

(١٥) نقله عنه ذكرى الشيعة : كتاب الصلاة في غسل الوجه ص ٨٣ س ٣١.

٣٧٦

.................................................................................................

______________________________________________________

الشهيدان (١) والمحقّق الثاني (٢). وفي «المسالك (٣)» نفى عنه الخلاف. واستوجه في «كشف اللثام (٤) والمشكاة (٥)» تفصيل النهاية قال : ويمكن تنزيل كلام القائلين بالدخول عليه. وقرّبه في «الحدائق (٦)» لما دلّت عليه الرواية قال في الحدائق وما أورده في المدارك من أنّ الاستدلال على الوجوب ببلوغ الإبهام والوسطى ضعيف فإنّ ذلك ممّا يعتبر في وسط التدوير من الوجه خاصّة وإلّا لوجب غسل ما نالته الإبهام والوسطى وإن تجاوز عن العارض وهو باطل إجماعاً ، مردود أوّلا بأنّ التخصيص بما ذكره لا دليل عليه وثانياً بأنّ خروج بعض الأفراد بدليل خاصّ لا يقدح في الدلالة على ما لا معارض له ، فإنّ ما تجاوز العارض خارج عن الوجه بالإجماع ، انتهى.

هذا وأورد المولى البهائي (٧) عطر الله مرقده على الأصحاب في استنباط ما ذهبوا إليه من خبر زرارة المشهور أنّه متى جعل الحدّ الطولي من القصاص الّذي هو عبارة عن منابت الشعر من المقدم والحال أنّ منتهى منابت الشعر يأخذ من كل جانب من الناصية ويرتفع عن النزعة ، ثمّ ينحدر إلى مواضع التحذيف ويمرّ فوق الصدغ حتّى يتّصل بالعذار لزم دخول النزعتين والصدغين في التحديد المذكور مع أنّهم لا يقولون به وخروج العذارين ، مع أنّ بعضهم أدخله وكيف يصدر مثل هذا التحديد الظاهر القصور الموجب لهذا الاختلاف عنهم عليهم‌السلام ثمّ وجّه للرواية معنى آخر وهو أنّ كلّا من طول الوجه وعرضه هو ما اشتمل عليه

__________________

(١) الدروس الشرعيّة : كتاب الطهارة في واجبات الوضوء ج ١ ص ٩١. والروضة البهيّة : كتاب الطهارة في أفعال الوضوء ج ١ ص ٣٢٣.

(٢) جامع المقاصد : كتاب الطهارة في أفعال الوضوء ج ١ ص ٢١٣.

(٣) مسالك الأفهام : كتاب الطهارة في أحكام الوضوء ج ١ ص ٣٦.

(٤) كشف اللثام : كتاب الطهارة في أحكام الوضوء ج ١ ص ٥٢٨.

(٥) لا يوجد لدينا كتابه.

(٦) الحدائق الناضرة : كتاب الطهارة في غسل الوجه ج ٢ ص ٢٢٩.

(٧) الحبل المتين : كتاب الطهارة في حد الوجه ص ١٤.

٣٧٧

.................................................................................................

______________________________________________________

الإبهام والوسطى بمعنى أنّ الخط الواصل من القصاص إلى طرف الذقن هو مقدار ما بين الاصبعين غالباً إذا فرض اثبات وسطه وادير على نفسه ليحصل شبه دائرة فذلك القدر هو الوجه الّذي يجب غسله. وذلك لأنّ الجار والمجرور في قوله عليه‌السلام : «من قصاص شعر الرأس» إمّا متعلّق بقوله : دارت ، أو صفة مصدر محذوف ، والمعنى أنّ الدور أن يبتدئ من القصاص منتهياً إلى الذقن ، وإمّا حال من الموصول الواقع خبراً عن الوجه وهو لفظة ما إن جوّزنا الحال عن الخبر ، والمعنى أنّ الوجه هو المقدار الّذي دارت عليه الاصبعان حال كونه من القصاص إلى الذقن. وبهذا يظهر أنّ كلّاً من طول الوجه وعرضه قطر من أقطار تلك الدائرة من غير تفاوت ويتضح خروج النزعتين والصدغين عن الوجه وعدم دخولهما في التحديد. وتبعه على ذلك تلميذه المحدّث الكاشاني (١). وفي «الحدائق (٢)» أنّه تلقّاه بالقبول جماعة من الفحول. ونحن نقول تلقّيهم له بالقبول من العجب العجاب ، لأنّه كان بمعزل عن الصواب.

قال الاستاذ أدام الله حراسته في «شرح المفاتيح (٣)» فيه : أنّه مع كونه معنى غريبا بحسب فهم العرف لم يسبق إلى ذهن أحد منهم غير صحيح ، لأنّ الابتداء في الدوران من قصاص الشعر إلى الذقن معناه ليس إلّا أنّ من ابتداء القصاص يكون الدوران والاستدارة فيكون الاصبعان يدوران ويستديران أوّل القصاص وابتدائه ثمّ بعده يدوران أيضاً مستديرين في كلّ جزء جزء من الوجه إلى أن تنتهي الاستدارة إلى الذقن ، ففي الذقن ومنتهاه أيضاً يدوران وهذا منتهى دورهما وهذا محال بل محالات لا تحصى ، لأنّها عبارة عن استدارات للاصبعين لا تعدّ ولا تحصى أوّل تلك الاستدارات من القصاص وآخرها إلى الذقن. وفي الخط

__________________

(١) مفاتيح الشرائع : كتاب الطهارة في حدّ الوجه مفتاح ٤٨ ج ١ ص ٤٤.

(٢) الحدائق الناضرة : كتاب الطهارة في غسل الوجه ج ٢ ص ٢٢٨.

(٣) مصابيح الظلام : كتاب الطهارة في كيفيّة الوضوء ج ١ ص ٢٦٥ ٢٦٦ (مخطوط مكتبة الگلپايگاني).

٣٧٨

.................................................................................................

______________________________________________________

الأوّل من خطوط الوجه كيف يمكن أن يتحقّق دوران الاصبعين مستديرين؟ فإنّ هذا الدوران لا يمكن تحقّقه إلّا في سعة مساوية لمجموع سعة الوجه ، فكيف يمكن تحقّقه في خطٍ لا سعة له اصلاً بل يكن له طول خاصة فقس على هذا الخطوط التي يقع الدوران المذكور في كل واحد واحد منها إلى ان ينتهي الخطوط بالخطّ الأخيري الّذي يكون وسط الذقن او آخره ، فظهر أنّ المراد من الدوران ليس إلّا جريان الاصبعين ولذا نبّه عليه‌السلام على ذلك بقوله : وما جرت عليه الاصبعان من الوجه مستديراً فهو من الوجه ، لأنّه عطف تفسير كما لا يخفى. وأمّا على فهم الشيخ البهائي فلا يمكن تحقّق الدوران من ابتداء القصاص إلى الذقن ، بل القصاص والذقن منتهى تحقّق الدائرة من طرف الطول خاصّة ، مع أنّه لا معنى للطول والعرض في الاستدارة ، على أنّ الفعل إذا نسب إلى فاعلين لا جرم تحقّق صدوره من كلّ واحد منهما نحو جاء الزيدان وفي الحديث : «دارت عليه الإبهام والوسطى» ومن المعلوم أنّه لا يصدر من كل أصبع سوى نصف الدائرة وليس ذلك دائرة لا لغة ولا عرفاً. وأيضاً نصّ كلام المعصوم عليه‌السلام : أنّ الإبهام والوسطى يكون ابتداء دورانها من قصاص الشعر ومجموع الاصبعين ابتداء جريانهما من القصاص وهذا بعينه فهم الفقهاء. وأمّا على فهم البهائي فلا يتحقّق ابتداء جريانها ولا جريان أكثرهما ، بل إمّا النقطة الفوقانية من رأس كلّ واحد منهما أو نقطة الوسط الحقيقي فيما بينهما ولا يكون جريانهما إلّا أسفل من القصاص قطعاً ، بل الأنسب على فهمه ابتداء جريان النقطة الفوقانية من إحدى الأصبعين من القصاص وانتهاؤه إلى الذقن ومن الإصبع الاخرى بالعكس وجميع ما ذُكر اجنبي بالنسبة إلى هذا الحديث ، على أنّا نقول الدائرة لا ابتداء لها ولا انتهاء ولم يشترط في اعتبارها فرض الابتداء والانتها ، فيكون قوله عليه‌السلام : «من قصاص» إلى آخره ، على قوله لغواً محضاً ، بل مخلّا بالغرض ، فاللازم الاختصار وعدم ذكره أو تبديله بعبارة اخرى. ثمّ إنّ الدائرة إذا فرض ابتداؤها من موضع فلا بدّ أن يصير الانتهاء إلى ذلك الموضع لا إلى موضع آخر. وممّا ذكر ظهر الوجه في عدم سبق ما فهمه إلى ذهن أحد من فقهائنا مع كونهم الأئمّة في فهم الحديث وأصحاب الأفهام السليمة وأرباب الذكاء والفطنة والقوّة القدسيّة

٣٧٩

ويرجع الأنزع والأغمّ وقصير الأصابع وطويلها إلى مستوي الخلقة

______________________________________________________

والماهرين المطّلعين المتتبّعين الشاهدين والغائبين على أثر الشاهدين.

وقوله عليه‌السلام : مستديراً ، حال من الوجه أو ضمير عليه أو من ما ، لا من الأصبعين ولذا لم يقل مستديرين ، على أنّه على تقدير كونه حالا من الأصبعين عرفت الحال وممّا يشهد على فهم الفقهاء ويمنع فهمه أنّه يخرج على فهمه كثير من الجبينين وكثير من اللحية عند الفكّ الأسفل بحيث يحصل القطع بدخول الخارج في الوجه العرفي. ثمّ إنّه أدام الله تعالى حراسته أخذ يستدلّ على ذلك بالأخبار واستنهض منها الدلالة على أنّ الوجه الّذي يجب غسله ليس هو الدائرة الّتي فهمها الشيخ البهائي بل أزيد من ذلك. انتهى ما أردنا نقله من كلامه منّ الله تعالى علينا ببقائه.

قوله قدّس الله تعالى روحه : (ويرجع الأنزع والأغمّ وقصير الأصابع وطويلها إلى مستوي الخلقة) وكذا يرجع من كبر وجهه جدّاً بحيث خرج عن المعتاد بحيث لا تحيط به أصابعه إلى مستوي الخلقة كما صرّح به المصنّف في «المنتهى (١)» والفاضل الميسي (٢) والشهيد الثاني في «المقاصد العليّة (٣)» والشيخ نجيب الدين (٤) في شرحه وقد يلوح ذلك من «الروضة (٥)» وغيرها (٦) قال الفاضل الميسي (٧) في حاشيته المدوّنة على «الشرائع» ومعنى رجوع كبير الوجه إلى مستوي الخلقة أنّه يغسل من عرض وجهه إلى منتهى العذارين والعارضين وإن لم

__________________

(١) منتهى المطلب : كتاب الطهارة في أفعال الوضوء ج ٢ ص ٢٣.

(٢) لا يوجد لدينا كتابه.

(٣) المقاصد العليّة : كتاب الطهارة في كيفيّة الوضوء ص ٤٣ س ١٩ (مخطوط مكتبة الرضويّة الرقم ٨٩٣٧).

(٤) لا يوجد لدينا كتابه.

(٥) الروضة البهيّة : كتاب الطهارة في حدّ غسل الوجه ج ١ ص ٣٢٢.

(٦) مدارك الأحكام : كتاب الطهارة في غسل الوجه ج ١ ص ١٩٩.

(٧) لا يوجد لدينا كتابه.

٣٨٠