غاية المرام في شرح شرائع الإسلام - ج ٤

الشيخ مفلح الصّيمري البحراني

غاية المرام في شرح شرائع الإسلام - ج ٤

المؤلف:

الشيخ مفلح الصّيمري البحراني


المحقق: الشيخ جعفر الكوثراني العاملي
الموضوع : الفقه
الناشر: دار الهادي للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٢٧

المختلف وجوب القيمة لرواية السكوني (١٤١).

الثالث : كلب الحائط ، وهو البستان ، قال الشيخان وابن البراج وابن إدريس : فيه عشرون درهما ، قال المصنف : ولا أعرف المستند ، وظاهر المختلف القيمة.

الرابع : كلب الزرع ، وهو الذي يتخذه أهل الزروع في مزارعهم للأنس به ، وليحرسهم وما عندهم من العوامل من الذئاب والخنازير وصغير السباع ، وفيه قفيز من طعام عند الشيخ في النهاية ، واختاره ابن البراج وابن إدريس والمصنف وأبو العباس ، لرواية أبي بصير (١٤٢) وظاهر محمد بن بابويه : فيه زنبيل من تراب ، على القاتل ان يعطى وعلى صاحب الكلب أن يقبل ، وظاهر المفيد : لا شي‌ء فيه ، والأول هو المعتمد.

الخامس : كلب الدار ، وهو الذي يتخذه البدوي (١٤٣) لحراستهم ، وكذا أهل الحضر أيضا تتخذه للحراسة والأنس ، وأوجب ابن الجنيد فيه زبيلا من تراب ، وهو ظاهر ابن بابويه ، والمشهور : لا شي‌ء فيه ، وهو المعتمد لأصالة البراءة.

قال رحمه‌الله : إذا جنت الماشية على الزرع ليلا ضمن صاحبها ولو كان نهارا لم يضمن ومستند ذلك رواية السكوني وفيه ضعف والأقرب اشتراط التفريط في موضع الضمان ليلا كان أو نهارا.

أقول : أكثر الأصحاب كالشيخين وأبي الصلاح وابن البراج وابن حمزة وابن زهرة على العمل بمضمون رواية السكوني (١٤٤) وابن إدريس اعتبر التفريط

__________________

(١٤١) المصدر السابق ، حديث ٣.

(١٤٢) المصدر السابق ، حديث ٢ وليلاحظ الجواهر ج ٤٢ ص ٣٩٧.

(١٤٣) كذا

(١٤٤) الوسائل ، كتاب الديات ، باب ٤٠ من أبواب موجبات الضمان ، حديث ١.

٤٨١

وعدمه ، واختاره المصنف والعلامة وابنه وأبو العباس ، وهو المعتمد ؛ لأن السكوني عامي المذهب.

قال رحمه‌الله : وروى عن أمير المؤمنين عليه‌السلام : أنه قضى في بعير بين أربعة عقله أحدهم فوقع في بئر فانكسر ان على الشركاء حصته لأنه حفظ وضيع الباقون.

أقول : هذه رواية محمد بن قيس (١٤٥) ، عن أبي جعفر عليه‌السلام ، قال المصنف في نكت النهاية : إن صحت هذه الرواية فهي حكاية واقعة ولا عموم للواقع ، ولعله عقله وسلمه إليهم ففرطوا أو غير ذلك ، أما طرد الحكم على ظاهر الواقعة فلا.

قال رحمه‌الله : في كفارة القتل تجب كفارة الجمع بقتل العمد ، المرتبة بقتل الخطأ ، مع المباشرة لا مع التسبيب ، فلو طرح حجرا ، أو حفر بئرا ، أو نصب سكينا في غير ملكه ، فعثر عاثر فهلك بها ضمن الدية دون الكفارة. وتجب بقتل المسلم ، ذكرا كان أو أنثى ، حرا أو عبدا ، وكذا تجب بقتل الصبي والمجنون ، وعلى المولى بقتل عبده ولا تجب بقتل الكافر ، ذميا كان أو معاهدا ، استنادا إلى البراءة الأصلية ، ولو قتل مسلما في دار الحرب مع العلم بإسلامه ولا ضرورة فعليه القود والكفارة ، ولو ظنه كافرا فلا دية وعليه الكفارة ، ولو كان أسيرا ، قال الشيخ : ضمن الدية والكفارة ؛ لأنه لا قدرة للأسير على التخلص ، بخلاف غير الأسير ، وفيه تردد.

أقول : إذا قتل مسلما في دار الحرب ظانا انه كافر فبان أسيرا ، قال الشيخ على القاتل الدية والكفارة ، واختاره العلامة ؛ لأن الأسير لا يقدر على التخلص بخلاف غير الأسير ، وتردد المصنف من مساواة الأسير وغيره في إباحة القتل مع

__________________

(١٤٥) الوسائل ، كتاب الديات ، باب ٣٩ من أبواب موجبات الضمان ، حديث ١.

٤٨٢

عدم العلم بالإسلام ، وتساويه (١٤٦) في عدم (١٤٧) وجوب الدية ، ومن عموم قوله تعالى (مَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلى أَهْلِهِ) (١٤٨) وهذا مؤمن فيجب تسليم ديته إلى أهله ، وهو المعتمد.

قال رحمه‌الله : وإذا قبل من العامة الدية وجبت الكفارة قطعا ، ولو قتل قودا هل تجب في ماله؟ قال في المبسوط : لا تجب ، وفيه إشكال ، ينشأ من كون الجناية سببا.

أقول : منشؤه من أصالة البراءة واختار ابن إدريس مذهب الشيخ (١٤٩) ، ومن أن الجناية سبب وجوب الكفارة وقد ثبت السبب فيثبت المسبب ، فيجب في تركة الجاني ، لأن الكفارة حق مالي فيثبت في التركة كسائر الحقوق المالية ، وهو اختيار العلامة في المختلف.

__________________

(١٤٦) في « م » و « ر ١ » : ولتساويه.

(١٤٧) ليست في الأصل.

(١٤٨) النساء : ٩٢.

(١٤٩) في الأصل : الشيخين.

٤٨٣
٤٨٤

في العاقلة

قال رحمه‌الله : وقيل : هم الذين يرثون دية القاتل لو قتل ، وفي هذا الإطلاق وهم ، فإن الدية يرثها الذكور والإناث ، والزوج والزوجة ، ومن يتقرب بالأم على أحد القولين.

أقول : اختلف الأصحاب في تفسير العصبة على أقوال :

الأول : هم المتقربون بالأب من الرجال كالاخوة وأولادهم والعمومة وأولادهم سواء كانوا من أهل الإرث في الحال أو لا ، وهو مذهب الشيخ في المبسوط وابن البراج ، واختاره المصنف والعلامة وأبو العباس وهو المعتمد.

الثاني : من يرث دية القاتل إذا قتل ، ولا يلزم من لا يرث دية ، وهو قول الشيخ في النهاية وهو مردود بما ذكره المصنف.

الثالث : هم المستحقون لميراث القاتل في الحال من الرجال العقلاء ، سواء كانوا من قبل أبيه أو أمه ، ولو تساوت القرابات كالإخوة للأب والأخوة للأم كان على إخوة الأب الثلثان وعلى إخوة الأم الثلث ، وهو قول ابن الجنيد مستدلا

٤٨٥

برواية سلمة بن كهيل (١٥٠) عن أمير المؤمنين عليه‌السلام قال المصنف وفي سلمة ضعف ، ووجه ضعفه أنه بتري.

قال رحمه‌الله : وهل يدخل الإباء والأولاد في العقل؟ قال في المبسوط والخلاف : لا ، والأقرب دخولهما ؛ لأنهما أدنى قومه.

أقول : احتج الشيخ على عدم الدخول بإجماعنا ، وأصالة البراءة وعدم الدليل على الدخول ، وذهب المفيد وابن الجنيد الى دخولهم ؛ لأنهم أدنى قومه اليه ، واختاره المصنف والعلامة وأبو العباس ، وهو المعتمد.

قال رحمه‌الله : وفي رواية سلمة ما يدل على إلزام أهل بلد القاتل مع فقد القرابة ولو قتل في غيره ، وهو مطرح.

أقول : روى سلمة بن كهيل ، « قال : أتى أمير المؤمنين عليه‌السلام برجل من أهل الموصل قد قتل رجلا خطا ، فكتب أمير المؤمنين عليه‌السلام الى عامله بها في كتابه ، وسأل عن قرابته من المؤمنين فاجمعهم إليك ثمَّ انظر ، فان كان هناك رجل يرثه له سهم في الكتاب لا يحجبه عن ميراثه أحد من قرابته فألزمه الدية وخذه بها في ثلاث سنين وان لم يكن له أحد من قرابته له سهم في الكتاب وكانوا سواء في النسب ففض الدية على قرابته من قبل أبيه ، وقرابته من قبل أمه من الرجال المدركين المسلمين ، اجعل على قرابته من قبل أبيه ثلثي الدية ، واجعل على قرابته من قبل أمه ثلث الدية ، وإن لم يكن له قرابة من قبل أبيه ولا من قبل أمه ، ففض الدية على أهل الموصل ممن ولد بها ونشأ ولا يدخل فيهم غيرهم ، وإن لم يكن له قرابة ولا هو من أهل الموصل فرده إلي فأنا وليه والمودي عنه ولا يبطل دم امرء مسلم » (١٥١) دلت هذه الرواية على دخول أهل البلد في العقل

__________________

(١٥٠) الوسائل ، كتاب الديات ، باب ٢ من أبواب العاقلة ، حديث ١.

(١٥١) المصدر السابق.

٤٨٦

مع فقد القرابة ، وابن كهيل بتري مذموم ، قاله الكشي.

قال رحمه‌الله : وتحمل العاقلة دية الموضحة فما زاد قطعا ، وهل تحمل ما نقص؟ قال في الخلاف : نعم ، ومنع في غيره ، وهو المروي ، غير أن في الرواية ضعفا.

أقول : منع في النهاية من تحمل العاقلة ما دون الموضحة ، وهو مذهب أبي الصلاح وابن الجنيد ، واختاره العلامة وابنه ؛ لأن الأصل إيجاب الدية على مباشر الجناية ، خرج عنه دية النفس في الخطأ والموضحة فما زاد للنص والإجماع ، يبقى الباقي على أصله ، ولرواية أبي مريم عن الباقر عليه‌السلام ، « قال : قضى أمير المؤمنين عليه‌السلام أن لا يحمل العاقلة إلا الموضحة فصاعدا » (١٥٢) وفي طريقها ابن فضال وهو ضعيف ، وقال الشيخ في الخلاف : تحمل العاقلة الجميع وتابعه ابن إدريس ، وادعى الشيخ الإجماع على ما ادعاه في الخلاف ، والأول هو المعتمد.

قال رحمه‌الله : ولا يعقل مولى المملوك جنايته ، قنّا كان أو مدبرا أو مكاتبا أو مستولدة على الأشبه.

أقول : الخلاف في أم الولد خاصة ، وفي رواية مسمع عن الصادق عليه‌السلام : « أن جنايتها في حقوق الناس على سيدها » (١٥٣) وقد مضى البحث في ذلك (١٥٤).

قال رحمه‌الله : وضا من الجريرة يعقل ، ولا يعقل عنه المضمون ولا يجتمع مع عصبة ولا معتق ؛ لأن عقده مشروط بجهالة النسب وعدم المولى ، نعم لا يضمن الامام مع وجوده ويسره على الأشبه.

__________________

(١٥٢) الوسائل ، كتاب الديات ، باب ٥ من أبواب العاقلة ، حديث ١.

(١٥٣) الوسائل ، كتاب القصاص ، باب ٤٣ من أبواب قصاص النفس ، حديث ١.

(١٥٤) ص ٤٢٣ ، وج ٣ ص ٤٢٧.

٤٨٧

أقول : الامام عاقلة من لا عاقلة له من نسب أو معتق أو ضامن جريرة ، ولا يعقل الامام مع وجود ضامن الجريرة ويسره ، ولو لم يكن هناك ضامن جريرة (١٥٥) أو كان وهو فقير ضمن الامام من بيت المال لا أعلم فيه خلافا ، جزم الشيخ وابن إدريس والعلامة في أكثر كتبه بذلك ، ولم يجزم المصنف ، لاحتمال ضمان الامام مع وجود ضامن الجريرة ويساره.

قال رحمه‌الله : وأما كيفية التقسيط ، فإن الدية تجب ابتداء على العاقلة ولا يرجع بها على الجاني على الأصح.

أقول : حكى الشيخ في المبسوط والخلاف عن بعض الأصحاب جواز الرجوع على القاتل ، قال : ولا أعرف به نصا ولا قولا ، ثمَّ استدل بظواهر الأخبار (١٥٦) الدالة على لزوم الدية على العاقلة ابتداء ، قال : وليس في شي‌ء منها ما يدل على الرجوع على القاتل ، ونسب ابن إدريس القول بالرجوع الى المفيد في المقنعة ، ولم يذكر مستنده ، وربما استدل بأنه غرم لزم العاقلة بسببه فيكون لها الرجوع عليه ، وعدم الرجوع هو المعتمد.

قال رحمه‌الله : وفي كمية التقسيط قولان ، أحدهما : على الغني عشرة قراريط ، وعلى الفقير خمسة ، اقتصارا على المتّفق ، والآخر : يقسطها الامام على ما يراه بحسب أحوال العاقلة وهو أشبه وهل يجمع بين القريب والبعيد؟ فيه قولان : أشبههما الترتيب في التوزيع. وهل تؤخذ من الموالي مع وجود العصبة؟ الأشبه : نعم ، مع زيادة الدية عن العصبة ولو اتسعت أخذت من عصبة المولى ، ولو زادت فعلى مولى المولى ثمَّ عصبة مولى المولى ، ولو زادت الدية عن العاقلة أجمع ، قال الشيخ : يؤخذ الزائد من الامام حتى لو كانت الدية دينارا ، وله أخ ،

__________________

(١٥٥) ليست في النسخ.

(١٥٦) الوسائل ، كتاب الديات ـ أحاديث أبواب العاقلة.

٤٨٨

أخذ منه عشرة قراريط ، والباقي من بيت المال ، الأشبه إلزام الأخ بالجميع إن لم يكن عاقلة سواه ؛ لأن ضمان الامام مشروط بعدم العاقلة أو عجزهم عن الدية. ولو زادت العاقلة عن الدية لم يختص بها البعض ، وقال الشيخ : يخص الامام بالعقل من شاء ، لأن التوزيع بالحصص يشق والأول أنسب بالعدل ، ولو غاب بعض العاقلة لم يخص بها الحاضر.

أقول : هذا البحث يشتمل على أحكام :

الأول : كمية التقسيط ، قال الشيخ في المبسوط : يقسط على الغني عشرة قراريط وعلى الفقير خمسة قراريط ، ثمَّ قال بعد ذلك : الذي يقتضيه مذهبنا أنه لا يقدر ذلك ، بل يقسم الامام على ما يراه من حاله من الغنى أو الفقر ، وتابعه ابن البراج على الأول ، وهو ظاهر العلامة في القواعد ؛ لأن ذلك متفق عليه ، والزائد مختلف فيه ، والأصل براءة الذمة ، واختار ابن إدريس الثاني ، وهو اختيار المصنف والعلامة في المختلف والتحرير ، لأصالة عدم التقدير.

الثاني : هل يجمع بين القريب والبعيد في العقل؟ قال المصنف : فيه قولان أشبههما الترتيب في التوزيع (١٥٧) ، أشار بذلك الى ما ذكره الشيخ في المبسوط ، قال : يقسم الامام على ما يراه من حالة الغنى والفقر ، وان يفرقه على القريب والبعيد ، وإن قلنا بتقدم الأول فالأول (١٥٨) كان قويا ، لقوله تعالى (وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ) (١٥٩) ، واختاره المصنف ؛ لأنه كالميراث ، فعلى هذا يؤخذ من الموالي مع وجود العصبة مع زيادة الدية على العصبة ، ولو زادت على الموالي وموالي الموالي ، قال الشيخ : أخذ الزائد من الامام ، واختار المصنف

__________________

(١٥٧) في « ر ١ » : والتوزيع.

(١٥٨) كذا

(١٥٩) الأحزاب : ٦.

٤٨٩

عدم جواز الأخذ من الامام ؛ لأن ضمانه مشروط بعدم وجود العاقلة أو عجزهم عن الدية.

الثالث : لو زادت العاقلة عن الدية ، قال الشيخ يخص الامام بالعقل من يشاء ؛ لأن التوزيع بالحصص يشق ، وقيل : يوزع على الجميع ، قال المصنف : وهو أنسب بالعدل ، ووجه كونه أنسب بالعدل ؛ لأن الدية وجبت على العاقلة كلهم ، فتبسط عليهم جميعا ، فمن خص بها قوما دون قوم فعليه الدلالة ، والتخصيص بغير دليل جور.

قال رحمه‌الله : ولو لم يكن عاقلة ، أو عجزت عن الدية أخذت من الجاني ، ولو لم يكن له مال أخذت من الامام ، وقيل : مع فقر العاقلة أو عدمها يؤخذ من الامام دون القاتل ، والأول مروي.

أقول : الأول قول الشيخ في النهاية ، وبه قال سلار وأبو الصلاح وابن الجنيد ، والثاني قول الشيخ في الخلاف ، قال : والجاني لا يدخل في العقل بحال مع وجود من يعقل عنه من العصبات وبيت المال ، والأول هو المعتمد.

قال رحمه‌الله : ودية الخطأ شبيه العمد في مال الجاني ، فان مات أو هرب ، قيل : يؤخذ من الأقرب إليه ممن يرث ديته ، فان لم يكن فمن بيت المال ، ومن الأصحاب من قصرها على الجاني ، وتوقع مع فقره يسره ، والأول أظهر.

أقول : الأول (١٦٠) قول الشيخ في النهاية ، واختاره ابن البراج والمصنف والعلامة في المختلف ، لقوله عليه‌السلام : « لايبطل دم امرء مسلم » والثاني قول ابن إدريس ، قال : هذا غير واضح ولا مستقيم ؛ لأنه خلاف الإجماع وضد ما يقتضيه أصول مذهبنا ؛ لأن الأصل براءة الذمة ، فمن شغلها يحتاج الى دليل ، واختار فخر الدين مذهب ابن إدريس.

__________________

(١٦٠) إلى هنا انتهت نسخة « ر ١ ».

٤٩٠

قال رحمه‌الله : ولو قتل الأب ولده عمدا ، دفعت الدية منه الى الوارث ولا نصيب للأب ، ولو لم يكن وارث فهي للإمام عليه‌السلام ، ولو قتله خطأ فالدية على العاقلة ويرثها الوارث ، وفي توريث الأب هنا قولان ، ولو لم يكن وارث سوى العاقلة ، فإن قلنا : لا يرث فلا دية ، وإن قلنا : يرث ، ففي أخذه من العاقلة تردد ، وكذا لو قتل الولد أباه خطأ.

أقول : هنا مسألتان :

الأولى : إذا كان هناك وارث غير العاقلة ، كولد المقتول أو أمه أو زوجته ، فهنا هل يرث الأب من الدية شيئا أم لا؟ سبق البحث في هذه في باب المواريث (١٦١) ، فعلى القول بمنع القاتل مطلقا فلا يرث الأب شيئا وكذا على القول بمنعه من الدية ، وعلى القول بالإرث مطلقا فإن قلنا برجوع العاقلة على القاتل ـ كما هو مذهب المفيد وسلار ـ فلا ارث هنا أيضا ، وان قلنا بوجوب الدية على العاقلة ابتداء ـ كما هو المعتمد ـ احتمل إرثه منها لوجوب الدية على العاقلة للوارث وهو أحد الوارث ، ويحتمل العدم ؛ لأن العاقلة تتحمل جنايته فلا يعقل تحملها له ، وكيف يمكن عقلا أن يطالب الغير بجناية جناها ، والمعتمد عدم إرثه.

الثانية : لو لم يكن وارث سوى العاقلة ( فإن قلنا : إن الأب لا يرث فلا دية ، وان قلنا : يرث ، ففي أخذه من العاقلة تردد ) (١٦٢) ووجه المنع ما تقدم من أن العاقلة تحمل جنايته عنه فلا تحملها له ، ومن كون قتله (١٦٣) غير مانع من الإرث ، والجناية غير المطلوبة (١٦٤) ولا وارث لها سواه ، فتضمنها العاقلة له ، والمعتمد عدم إرثه مطلقا سواء كان وارث غيره أو لم يكن.

__________________

(١٦١) ص ١٦٩.

(١٦٢) ما بين القوسين ليس في « م » و « ن ».

(١٦٣) في « م » : عقلها.

(١٦٤) في « م » : مطلوبة ، وفي « ن » : مطلق.

٤٩١

قال رحمه‌الله : وكذا لو رمى طائرا ثمَّ ارتد فأصاب مسلما ، قال الشيخ : لم يعقل عنه المسلمون من عصبته ولا الكفار ، ولو قيل : يعقل عنه عصبته المسلمون كان حسنا ؛ لأن ميراثه لهم على الأصح.

أقول : وجه اختيار الشيخ انه رمى وهو مسلم فلا يعقل عنه (١٦٥) الكفار ، وأصاب وهو كافر فلا يعقل عنه (١٦٦) المسلمون وما استحسنه المصنف هو اختيار فخر الدين ، لما قاله المصنف وهو المعتمد.

وهذا آخر ما قصدنا إيراده في هذا الكتاب والحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله الطاهرين ، وأنا التمس من أولي الأذهان الصافية ، والعقول الوافية من أهل العلم والاعتراف النظر اليه بعين الانصاف ، وإصلاح ما يتحققونه غلطا لا يقبل التأويل ، فإني في زمان يستكثر فيه القليل ، ويرضى منه باليسير دون الجليل ، ومع هذا فمن نظر الى كتابي هذا بعين الفكر والاعتبار ، وأعرض عن التقليد لأهل الفضل والاشتهار ، واتبع قول أمير المؤمنين عليه‌السلام : « لا تنظر الى من قال وانظر الى ما قال ، فان الرجال تعرف بالحق ولا يعرف الحق بالرجال » عرف فضل هذا الكتاب على ما سواه ، وأنه لم يسبق الى مثل إيجاز لفظه وبسط معناه ، واتخذه كنزا يرجع عند الحاجة اليه ، ويعول في المهمات عليه ؛ لأنه اشتمل على تفصيل مجملات ، وإيضاح مشكلات ، وفتق مرتقات ، وفروع وتنبيهات ، لم تنهض بها المطولات ، وقصرت عنها المقصورات ، فاسأل الله أن يتقبله بأحسن قبول ، ويبلغ فيه المأمول ، فإنه تعالى بفضله يقبل اليسير ، ويجازي عليه بالكثير ، ولنقطع الكلام حامدين لله رب العالمين ، ومصلين على

__________________

(١٦٥) في الأصل : عند.

(١٦٦) في الأصل : عند.

٤٩٢

محمد وآله الطاهرين.

قد اتفق الفراغ من كتابته وتحرير ألفاظه بعون الله تعالى وحسن توفيقه فله الحمد وله الشكر وله الفضل والمنة والإحسان على ذلك في رابع عشر من شهر ربيع الأول سنة ستة وستين وتسعمائة من الهجرة النبوية على مهاجرها أكمل التحيات وأفضل الصلاة وعلى إله الطاهرين على يد العبد الضعيف المحتاج إلى رحمة الله الملك الغني غناه الله. بن الحسين بن المرتضى الحسيني عفا الله عنهم وعن جميع المؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات انه جواد كريم والحمد لله حق حمده وصلى الله على محمد رسوله وعبده وسلم تسليما ابدا دائما سرمدا كثيرا برحمتك يا ارحم الراحمين.

٤٩٣
٤٩٤

المصادر المعتمدة في التحقيق

الاعلام : للزركلي ـ ط. بيروت.

أعيان الشيعة : السيد محسن الأمين ـ ط. بيروت.

أنوار البدرين : ط. قم.

أمل الآمل : الشيخ الحر العاملي ـ ط. بيروت.

أدب الطف : السيد جواد شبر ـ ط. بيروت.

بحار الأنوار : الشيخ محمد باقر المجلسي ـ ط. إيران.

تنقيح المقال : الشيخ المامقاني ـ ط. حجرية.

التهذيب : الشيخ الطوسي ـ ط. إيران.

جواهر الكلام : الشيخ محمد حسن النجفي ـ طبعة إيران.

الحدائق الناضرة : الشيخ يوسف البحراني ـ ط. جامعة المدرسين ـ قم.

الذريعة إلى تصانيف الشيعة : الآغا بزرك الطهراني ـ ط. دار الإضواء بيروت.

رياض العلماء : الميرزا عبد الله الأفندي ـ ط. قم.

رجال السيد بحر العلوم ( الفوائد الرجالية ) : السيد محمد المهدي بحر العلوم ـ ط. إيران.

روضات الجنات : محمد باقر الخونساري ـ ط. إيران.

٤٩٥

السرائر : محمد بن إدريس الحلي ـ ط. جامعة المدرسين ـ قم.

سنن البيهقي : أحمد بن الحسين بن علي البيهقي ـ ط. الهند.

شرائع الإسلام : المحقق الحلي ـ ط. إسماعيليان ـ قم.

الصحاح : للجوهري ـ ط. إيران.

طبقات أعلام الشيعة : الآغا بزرك الطهراني ـ ط.

فهرست آل بابويه وعلماء البحرين : ط. إيران.

لسان العرب : ابن منظور ـ ط. بيروت.

المبسوط : الشيخ الطوسي ـ ط. إيران.

مسند أحمد : أحمد بن حنبل ـ ط. دار احياء التراث العربي ـ بيروت.

معجم البلدان : ياقوت الحموي ـ ط. بيروت.

مصفى المقال : الطهراني ـ ط. إيران.

معجم المؤلفين : عمر رضا كحالة ـ ط. بيروت.

منية المريد تحقيق رضا مختاري : الشهيد الثاني ـ ط. قم.

من لا يحضره الفقيه : الشيخ الصدوق ـ ط. النجف.

مختلف الشيعة : العلامة الحلي ـ ط. حجرية.

المهذب البارع : ابن فهد الحلي ـ ط. جامعة المدرسين قم.

مقابيس الأنوار : الشيخ التستري ـ ط. حجرية.

مستدرك الوسائل : الميرزا النوري ـ ط. مؤسسة آل البيت ( ع ).

النهاية : ابن الأثير : ط. إسماعيليان ـ قم.

النهاية : الشيخ الطوسي ـ ط. بيروت.

هدية العارفين : ط. بيروت.

وسائل الشيعة : الشيخ الحر العاملي ، ط. بيروت وط. مؤسسة آل البيت ( ع ).

٤٩٦

محتويات الجزء الرابع

كتاب الصيد

الموضوع

الصفحة

فيما يؤكل صيده

في صيد اليهود والنصارى................................................ ٥

في رمي الصيد بما هو أكبر منه........................................... ٥

في أحكام الاصطياد

في قطع الصيد باثنين.................................................... ٧

في اللواحق

إذا عض الكلب صيداً................................................... ٩

في مستقر الحياة......................................................... ٩

في عدم حلية الصيد إلا بالتذكية........................................ ١٠

٤٩٧

كتاب الذباحة

في الاركان

في ذبائح غير المسلمين................................................. ١٥

في ذبائح المخالفين..................................................... ١٧

تنبيه في اشتراط التسمية لإباحة ذبيحة المخالف........................... ١٧

تنبيه في تحريم ذبيحة الناصب........................................... ١٨

في تفسير الناصبي...................................................... ١٨

في التذكية بغير الحديد من الظفر والسن................................. ١٩

فرع: في التذكية بعظم الانسان......................................... ٢٠

في الاعضاء التي بجب قطعها في الذباحة.................................. ٢٠

في نحر المذبوح وذبح المنحور............................................ ٢١

في إبانة الرأس عمداً................................................... ٢١

في سلخ الذبيحة قبل بردها............................................. ٢٢

في قطع بعض الاعضاء بعد الذبح وقبل بردها............................ ٢٢

في الاكتفاء بالحركة بعد الذبح في التذكية................................ ٢٢

تنبيه: في ذبح المشرف على الموت....................................... ٢٣

في نخع الذبيحة........................................................ ٢٥

في قلب السكين...................................................... ٢٥

في ذبح حيوان وآخر ينظر إليه.......................................... ٢٦

في اللواحق

في ذكاة السمك...................................................... ٢٧

٤٩٨

فروع................................................................ ٢٧

هل يحل أكل السمك حياً.............................................. ٢٨

لونصب شبكة فمات بعض ما حصل فيها واشتبه......................... ٢٨

في ذكاة الجنين........................................................ ٢٩

خاتمة

في تذكية المسوخ وعدمها.............................................. ٣٣

في وقوع الذكاة على الحشرات......................................... ٣٣

في تذكية السباع...................................................... ٣٤

في جواز استعمال جلود ما لا يؤكل لحمه................................ ٣٤

لو اتخذ موحلة للصيد.................................................. ٣٥

لو اغلق عليه باباً هل يملكه............................................. ٣٥

في عدم خروح الصيد عن الملك إذا انفلت............................... ٣٥

لو اثبته الأول فقتله الثاني............................................... ٣٧

إذا كان الصيد ممتنع بأمرين فكسر الرامي جناحه والاخر رجله............. ٤٤

إذا أصابا صيداً دفعة................................................... ٤٤

كتاب الأطعمة والأشربة

في حيوان البحر

في ما ليس له فلس.................................................... ٤٩

لو وجد في جوف سمكة سمكة أخرى.................................... ٥٠

إذا قذفت الحية سمكة.................................................. ٥١

٤٩٩

في البهائم

في تحريم الجلال....................................................... ٥٣

فيما به يحصل الجلل................................................... ٥٣

في الاستبراء.......................................................... ٥٤

في الطير

في الغراب وانواعه..................................................... ٥٧

في الخطاف........................................................... ٥٨

في الجامدات

حكم شعر الميته ووبرها................................................ ٦١

في اللبن المحلوب من الميتة............................................... ٦١

في الختلاط اللحم الذكي بالميت......................................... ٦٢

في محرمات الذبيحة.................................................... ٦٣

في نجاسة ما يباشره الذمي من المائعات................................... ٦٤

في تناول الطين........................................................ ٦٥

في الفرق بين الطين الأرمني وبين تربة الحسين عليه السلام................. ٦٥

لو قطر قليل من دم في قدر وهي تغلي................................... ٦٦

في حكم الاستصباح بالدهن النجس..................................... ٦٦

في عجن العجين بالماء النجس........................................... ٦٧

في تحريم الأبوال....................................................... ٦٨

٥٠٠