غاية المرام في شرح شرائع الإسلام - ج ٤

الشيخ مفلح الصّيمري البحراني

غاية المرام في شرح شرائع الإسلام - ج ٤

المؤلف:

الشيخ مفلح الصّيمري البحراني


المحقق: الشيخ جعفر الكوثراني العاملي
الموضوع : الفقه
الناشر: دار الهادي للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٢٧

كتاب القصاص

٣٦١
٣٦٢

قصاص النفس

قال رحمه‌الله : ويتحقق العمد بقصد البالغ العاقل الى القتل بما يقتل غالبا ، ولو قصد القتل بما يقتل نادرا فاتفق القتل فالأشبه القصاص ، وهل يتحقق مع القصد الى الفعل الذي يحصل به الموت وإن لم يكن قاتلا في الغالب ، إذا لم يقصد به القتل ، كما لو ضربه بحصاة أو عود خفيف ، فيه روايتان ، أشهرهما : أنه ليس بعمد يوجب القود.

أقول : القتل على ثلاثة أقسام : العمد المحض وموجبه القصاص ، والخطأ المحض وموجبه الدية في مال العاقلة وشبيه العمد : وموجبه الدية في مال الجاني ، فالعمد يتحقق بقصد الفعل والقتل بما يقتل غالبا كالسيف والمثقل ، وهو اللت (١) والحراب والنشاب ، بقي هنا مسألتان :

الاولى : لو قصد الفعل والقتل بما يقتل نادرا لا غالبا فاتفق القتل ، هل يجب القصاص؟ قال المصنف : الأشبه القصاص ، وهو المشهور بين الأصحاب ، لتحقق الإتلاف مع القصد اليه ، وظاهر الشيخ في المبسوط عدم وجوب القود بل الدية

__________________

(١) من النسخ ، وفي الأصل غير واضحة.

٣٦٣

مغلظة (٢) في مال الجاني.

الثانية : أن يقصد الفعل دون القتل بما يقتل غالبا ، كما مثلناه فاتفق القتل ، هل يكون عمدا يوجب القود أم لا؟ قال المصنف : فيه روايتان : أشهرهما أنه ليس بعمد يوجب القود ، واختاره العلامة وابنه وأبو العباس ، لرواية أبان بن عثمان (٣) عن الصادق عليه‌السلام ، ولأن شبيه العمد هو الذي يكون عامدا في فعله مخطئا في قصده ، وهو هنا كذلك ، وقوى الشيخ في المبسوط وجوب القصاص ، لعموم (النَّفْسَ بِالنَّفْسِ) (٤) ولرواية أبي بصير (٥) عن الصادق عليه‌السلام ، وأما الخطأ المحض فضابطه : ما كان مخطئا في فعله وقصده ، كمن رمى طائرا فتخطاه السهم الى إنسان فقتله ، وشبيه العمد ويسمى عمد الخطأ ، وهو ما قصد به الفعل دون القتل ، كالضرب للتأديب.

قال رحمه‌الله : اما لو حبس نفسه يسيرا لا يقتل غالبا ثمَّ أرسله فمات ، ففي القصاص تردد ، والأشبه القصاص إن قصد القتل ، والدية إن لم يقصد أو اشتبه القصد.

أقول : منشأ التردد من أنه أوجد علة القتل مختارا فيقتل به ، لعموم : (النَّفْسَ بِالنَّفْسِ) (٦) ، ومن أنه أوجد علة غير صالحة للقتل في العادة ، فحصل الشك بوجوب شرط القصاص ، مع أن في التهجم على الدماء خطر عظيم ، فلا يباح الا مع تحقق السبب الموجب ، وهو هنا غير متحقق ، والمعتمد التفصيل الذي ذكره المصنف وهو اختيار العلامة وابنه ، ولو كان المفعول به ضعيفا

__________________

(٢) في « م » : معلقة.

(٣) الوسائل ، كتاب القصاص ، باب ١١ من أبواب قصاص النفس ، حديث ٧.

(٤) المائدة : ٤٥.

(٥) المصدر السابق من الوسائل ، حديث ٨.

(٦) المائدة : ٤٥.

٣٦٤

لا يحتمل مثل ذلك قيد به (٧) قطعا.

قال رحمه‌الله : ولو جعل السم في طعام صاحب المنزل ، فوجده صاحبه فأكله فمات ، قال في الخلاف والمبسوط : عليه القود ، وفيه إشكال.

أقول : منشؤه من استقلاله بإتلاف نفسه بمباشرة الأكل العادي عن إذن جاعل السم في الطعام فيسقط القود ؛ لأن طرح السم في الطعام سبب ، وإذا اجتمع السبب والمباشر اختص الضمان بالمباشر دون ذي السبب ، ومن أنه قصد قتله بما يقتل غالبا ، والمباشرة ضعفت بالغرور فيكون عليه القود ، وتوقف المصنف والعلامة في كتبه ، وابنه في شرح القواعد.

وعلى القول بسقوط القصاص ، هل يلزمه الدية؟ يحتمل ذلك ، وهو ظاهر الشهيد في شرح الإرشاد ؛ لأنه سبب في إزهاق النفس مع عرضة (٨) الأكل ، وسقوط القصاص للشك في موجبه فتثبت الدية ، ويحتمل عدم الأمرين لعدم السبب الحقيقي.

قال رحمه‌الله : ولو جرحه ثمَّ عضه الأسد وسرتا ، لم يسقط القود ، وهل ترد فاضل الدية؟ الأشبه : نعم ، وكذا لو شاركه أبوه أو اشترك عبد وحر في قتل عبد.

أقول : إذا جرحه إنسان وعضه أسد ثمَّ سرتا ، كان للولي قتل الجارح قطعا ، لكن هل يرد عليه نصف الدية؟ قال المصنف : الأشبه نعم ، وجزم به العلامة في القواعد والتحرير ؛ لأنه مات بسببين : أحدهما يوجب القصاص ، والآخر لم يوجبه ، فليس له القصاص الا بعد رد نصف الدية ، وهو المعتمد. ويحتمل عدم وجوب الرد ؛ لأنه مات من جرحين : أحدهما مضمون ، والآخر

__________________

(٧) في النسخ : قيل.

(٨) في النسخ : غرور.

٣٦٥

غير مضمون ، فيحال الضمان على المضمون دون غير المضمون ، أما لو شاركه أبو المقتول أو اشترك حر وعبد في قتل عبد ، فلا يقتص من الأجنبي والعبد الا بعد الرد قطعا ؛ لأن جناية المشارك هنا مضمونة بالدية ، بخلاف الأولى.

قال رحمه‌الله : إذا أكرهه على القتل فالقصاص على المباشر دون الآمر ولا يتحقق الإكراه في القتل ، ويتحقق في ما عداه ، وفي رواية علي بن رئاب : يحبس الآخر بقتله حتى يموت ، هذا إذا كان المقهور بالغا عاقلا ، ولو كان غير مميز كالطفل والمجنون فالقصاص على المكره ، لأنه بالنسبة إليه كالآلة ، ويستوي في ذلك الحر والعبد ، ولو كان مميزا عارفا غير بالغ وهو حر فلا قود ، والدية على عاقلة المباشر.

وقال بعض الأصحاب : يقتص منه إن بلغ عشرا ، وهو مطرح ، وفي المملوك المميز تتعلق الجناية برقبته فلا قود ، وفي الخلاف : إن كان المملوك صغيرا أو مجنونا سقط القود ووجبت الدية ، والأول أظهر.

أقول : لا يتحقق الإكراه في القتل ، لاشتماله على دفع الضرر بمثله ، ويتحقق فيما دونه ، ومن هذا الباب قيل : « لا تقية في الدماء » (٩) ؛ لأنها انما أبيحت ليحقن بها الدم فلا يكون سببا لاراقته ، ويجوز فيما دون النفس إذا خاف على النفس.

إذا عرفت هذا فإذا أكره رجل غيره على قتل آخر ، فلا يخلو : إما أن يكون المأمور بالغا عاقلا ، أو مميزا غير بالغ ، أو لا بالغ ولا مميز ، وعلى التقادير لا يخلو اما ان يكون حرا أو عبدا فهنا أقسام :

__________________

(٩) هذا مضمون عدة روايات ، راجع الوسائل ، كتاب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، الباب ٣١. والمستدرك ، كتاب الأمر بالمعروف ، باب ٢٩ ، والمذكور في المتن كأنه من عبارات العلماء ، لا حظ مثلا التنقيح ، ج ٤ ص ٤٠٦.

٣٦٦

الأول : أن يكون المقهور بالغا عاقلا ، ولا شك في كون القصاص على المباشر دون الآمر ؛ لأنه قتل عمدا ظلما لاستيفاء نفسه ، فأشبه ما لو كان قتله في المخمصة ليأكله ، ولا فرق في ذلك بين الحر والعبد قاله المصنف والعلامة ، وهو المشهور بين الأصحاب ، وأما الأمر فلا يجب عليه هنا قصاص ولا دية ، بل يحبس حتى يموت على ما هو مشهور (١٠) بين الأصحاب ، وجزم به العلامة في كتبه ، وظاهر المصنف عدم الجزم ؛ لأنه نسبه الى رواية (١١) علي بن رئاب ، وهو يدل على عدم الجزم.

الثاني : أن يكون مميزا غير بالغ وهو حر ، قال المصنف : لا قود والدية على عاقلة المباشر ، وبه قال العلامة ، ونقل المصنف عن بعض الأصحاب أنه يقتص منه إذا بلغ عشرا ، وهو قول الشيخ في المبسوط وأسند (١٢) ذلك الى الروايات ، ولو كان المميز عبدا ، قال الشيخ في المبسوط : تجب الدية متعلقة برقبته ، وجزم به المصنف والعلامة.

الثالث : أن يكون المقهور غير مميز ، كالطفل والمجنون فالقصاص على الآمر ، لأن غير المميز كالآلة ، والمشهور عدم الفرق بين الحر والعبد ، وقال الشيخ في الخلاف : إذا كان العبد صغيرا أو مجنونا سقط القود ، ووجبت الدية على السيد ، واختاره ابن إدريس وفخر الدين ، والأول مذهب الشيخ في المبسوط ، واختاره المصنف والعلامة (١٣) وهو ظاهر أبي العباس ، قال : واختيار المبسوط أوضح في الحكم وأقرب الى الأدلة العقلية ؛ لأن المجنون وغير المميز آلة محضة ، فيتوجه القود على الآمر بخلاف العاقل المميز.

__________________

(١٠) في « م » و « ن » : المشهور.

(١١) الوسائل ، كتاب القصاص ، باب ١٣ من قصاص النفس ، حديث ١.

(١٢) في النسخ : واستند في

(١٣) ليست في الأصل.

٣٦٧

قال رحمه‌الله : لو قال : اقتل نفسك ، فان كان مميزا فلا شي‌ء على الملزم ، والا فعلى الملزم القود ، وفي تحقق إكراه العاقل هنا إشكال.

أقول : منشؤه من أن المقهور على قتل غيره انما يقتله ليدفع القتل عن نفسه ، فلا يعقل دفع القتل عن نفسه بقتل نفسه ، ومن تفاوت أسباب القتل ، فربما عدل الى سبب هو أقل ألما من السبب المتوعد به ، والمعتمد الأول.

قال رحمه‌الله : ولو قطع يده من الكوع وآخر ذراعه فهلك ، قتلا به ، لأن سراية الأول لم تنقطع بالثاني ، لشياع ألمه قبل الثانية ، وليس كذلك لو قطع واحد يده وقتله الآخر ؛ لأن السراية انقطعت بالتعجيل ، وفي الأولى إشكال.

أقول : ما حكاه المصنف قول الشيخ في الخلاف ، وجزم به العلامة في القواعد ، واستشكله المصنف والعلامة في التحرير ، ومنشؤه من أن الثاني قطع سراية الأول ؛ لأنه لا يتجدد ألم للأول بعد قطع الثاني ، فيكون الأول قاطعا والثاني قاتلا ، فتكون المسألة الأولى كالثانية ، ولأن سراية الاولى مظنونة والثانية معلومه ، والمظنون لا يساوي المعلوم ، والمعتمد الأول.

قال رحمه‌الله : ولو كان الجاني واحدا دخلت دية الطرف في دية النفس إجماعا ، وهل يدخل قصاص الطرف في قصاص النفس؟ اضطربت فتوى الأصحاب فيه ، ففي النهاية : يقتص منه إن فرق ذلك ، وإن ضربه ضربة واحدة لم يكن له أكثر من القتل ، وهي رواية محمد بن قيس عن أحدهما عليهما‌السلام ، وفي المبسوط والخلاف : يدخل قصاص الطرف في قصاص النفس ، وهو رواية أبي عبيدة عن أبي جعفر عليه‌السلام ، وفي موضع آخر من الكتاب : لو قطع يد رجل ثمَّ قتله قطع قتل ، والأقرب ما تضمنته النهاية لثبوت القصاص بالجناية الاولى ، ولا كذا لو كانت الضربة واحدة.

أقول : إذا جرحه بان قطع يده مثلا ثمَّ سرت الى نفسه تداخل القصاص

٣٦٨

وليس له غير قتله إجماعا ، أما لو قطع يده مثلا ثمَّ قتله ، هل يدخل قصاص الطرف في قصاص النفس ، بمعنى أنه لا يقتصر على قتله أو لا يدخل بل يقطع يده أولا ثمَّ يقتله (١٤) بعد ذلك؟ اختلف الأصحاب فيه على ثلاثة أقوال.

الأول : التداخل مطلقا ، قاله الشيخ في المبسوط والخلاف ، وقد ذكر المصنف مستنده.

الثاني : عدم التداخل مطلقا ، وهو قول ابن إدريس ، لقوله تعالى : (وَالْجُرُوحَ قِصاصٌ) (١٥) وقوله تعالى (فَمَنِ اعْتَدى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدى عَلَيْكُمْ) (١٦) ، ولا فرق بين أن يكون ذلك بضربة واحدة أو بضربات.

الثالث : التفصيل ، لرواية محمد بن قيس ، عن أحدهما عليهما‌السلام : « في رجل فقأ عين رجل وقطع أنفه وأذنيه ثمَّ قتله؟ فقال : ان كان فرق ذلك اقتص منه ثمَّ قتل ، وان كان ضربه ضربة واحدة ضربت عنقه ولم يقتص منه » (١٧) ، ومثلها رواية حفص بن أبي البختري (١٨) ، عن الصادق عليه‌السلام ، واختاره المصنف والعلامة في التحرير ، وهو المعتمد.

قال رحمه‌الله : ولو اشترك رجل وامرأة فعلى كل واحد منهما نصف الدية ، وللولي قتلهما ، ويختص الرجل بالرد ، وفي المقنعة يقسم الرد بينهما أثلاثا وليس بمعتمد ، ولو قتل المرأة فلا رد ، وعلى الرجل نصف الدية ، ولو قتل الرجل ردّت المرأة عليه نصف ديته ، وقيل : نصف ديتها ، وهو ضعيف ، وكل موضع يوجب

__________________

(١٤) في « ن » : يقتله.

(١٥) المائدة : ٤٥.

(١٦) البقرة : ١٩٤.

(١٧) الوسائل ، كتاب القصاص ، باب ٥١ من أبواب قصاص النفس ، حديث ١.

(١٨) المصدر السابق ، حديث ٢.

٣٦٩

الرد فإنه يكون مقدما على الاستيفاء.

أقول : الخلاف هنا في موضعين :

الأول : إذا قتلهما معا كان على الولي رد نصف الدية ، خمس مائة دينار ، وفي مستحقها قولان ، قال الشيخ واتباعه بكون الجميع لأولياء الرجل ؛ لأن عليه نصف الدية فيبقى له نصف ، بخلاف المرأة ؛ لأن عليها نصف الدية أيضا ، وديتها نصف دية الرجل فلا يبقى لها شي‌ء ، وهذا هو المعتمد. وقال المفيد في المقنعة : يقسم الرد أثلاثا ، ووجهه تقسيط الرد على ديتهما ، فكما أن دية المرأة ثلث الديتين يكون لها ثلث الرد.

الثاني : إذا قتل الرجل خاصة ردت المرأة نصف ديته خمس مائة دينار ، على ما هو مشهور بين الأصحاب ؛ لأن عليها نصف الجناية فيكون عليها نصف الدية ، وقال الشيخ في النهاية وتبعه ابن البراج. برد نصف ديتها ؛ لأن الجاني لا يجني على أكثر من نفسه ، والأول هو المعتمد.

قال رحمه‌الله : وإذا اشترك حر وعبد في قتل حر عمدا ، قال في النهاية : للأولياء أن يقتلوهما ويؤدوا إلى سيد العبد ثمنه ، أو يقتلوا الحر ويؤدي سيد العبد إلى ورثة المقتول خمسة آلاف درهم ، أو يسلم إليهم العبد ، أو يقتلوا العبد ، وليس لمولاه على الحر سبيل ، والأشبه أن مع قتلهما يؤدون إلى الحر نصف ديته ، ولا يرد على مولى العبد شي‌ء ، ما لم تكن قيمته أكثر من نصف دية الحر ، فيرد عليه الزائد ، وإن قتلوا العبد وكانت قيمته زائدة على نصف دية المقتول ، أدوا إلى مولاه الزائد ، فإن استوعب الدية والا كان تمام الدية للأولياء الأول ، وفي هذا اختلاف للأصحاب ، وما اخترناه أنسب بالمذهب.

أقول : اختلف الأصحاب في هذه المسألة على أقوال :

الأول : ما حكاه المصنف عن الشيخ في النهاية ، وهو قول المفيد وتبعهما ابن

٣٧٠

البراج ، وفيه نظر ؛ لأنه قال : يقتلونهما ويؤدون إلى سيد العبد ثمنه ، وهذا لا وجه له ؛ لأنه يخرج العبد عن كونه جانيا ، لعدم دخول النقص حينئذ على سيده ، بل (١٩) يرد عليه الزائد عن نصف الدية ان اتفق والا فلا شي‌ء ، وفي رد سيد العبد على ورثة الحر نصف الدية في صورة قتل الحر خاصة نظر أيضا ، لاحتمال نقصان قيمة العبد عن ذلك ، فلا يلزم السيد أكثر من قيمة العبد ، وفي قوله : يقتلوا العبد وليس لمولاه على الحر سبيل ، نظر أيضا ، لاحتمال زيادة قيمة العبد على نصف دية الحر ، فيرجع سيده على الحر بالزيادة.

الثاني : قول أبي الصلاح ، وهو إذا قتلهما الولي رد قيمة العبد ؛ لأنها (٢٠) الفاضل عن حقه على سيد العبد وورثة الحر يكون بينهما نصفين ، وإن قتل العبد خاصة دفع الحر الى سيده نصف قيمته ، وإن قتل الحر خاصة كان على سيد العبد نصف الدية ، وإن أختار الدية كان عليهما نصفين ، ويرد عليه ما ورد على قول الشيخ.

الثالث : كون الجناية عليهما نصفين ، وذلك يفضي الى ضمان كل واحد منهما لنصفها ، وهو اختيار المصنف والعلامة ، وحينئذ نقول قيمة العبد إما أن تزيد على جنايته أم لا ، وعلى التقديرين فالولي إما أن يختار قتلهما أو الدية منهما أو قتل الحر خاصة (٢١) أو العبد ، فالأقسام أربعة ، فإذا ضربت في القسمين الأولين أعني زيادة قيمة العبد على جنايته وعدم الزيادة ، صارت ثمانية ، أربعة منهما في طرف الزيادة ، وأربعة في طرف عدمها.

الطرف الأول في زيادة قيمة العبد على جنايته ، ومسائله أربعة.

__________________

(١٩) في « ر ١ » : وهل.

(٢٠) كذا

(٢١) من « ن ».

٣٧١

الاولى : أن يختار الولي قتلهما ، فله ذلك ويرد على الحر نصف ديته ؛ لأنه الفاضل عن قدر جنايته ، وعلى سيد العبد الزائد على قيمته عن نصف الدية ، ما لم يتجاوز القيمة دية الحر فيرد إليها.

الثانية : أن يختار الدية منهما ، فعلى الحر نصف الدية وعلى سيد العبد النصف الآخر ، أو تسليم ما قابل النصف من العبد إلى الولي ليسترقه.

الثالثة : اختيار قتل الحر فيؤدي سيد العبد الى الحر نصف ديته ، أو يسلم من العبد ما قابل نصف الدية ليسترقوه ، وليس لهم قتله.

الرابعة : اختيار قتل العبد فيؤدي الحر الى سيده ما زاد عن نصف الدية ، فإن قصر الزائد عن نصف الدية أدى الحر إلى الولي تمام النصف ، وإن لم يقصر لم يؤد الى الولي شيئا ، وإن زادت الزيادة عن النصف ردت إليه (٢٢) ، لأن قيمة العبد إذا تجاوزت دية الحر ردت إليها.

الطرف الثاني في عدم الزيادة ، ومسائله أربع أيضا :

الأولى : اختار قتلهما ، فلا شي‌ء لسيد العبد على المولى ، ولا للمولى على سيد العبد ، ولورثة الحر نصف الدية على الولي.

الثانية : اختار الدية منهما (٢٣) فعلى الحر نصفها وعلى سيد العبد النصف الآخر ، أو يسلم العبد إلى ولي المقتول إن شاء استرقه ، وإن شاء باعه ، وإن شاء قتله ، وليس على سيد العبد ولا على الشريك الحر تكميل ما نقص عن نصف الدية لو كان هناك نقص.

الثالثة : اختار قتل الحر ويؤدي سيد العبد الى ورثته نصف ديته أو يسلم العبد إليهم فلهم استرقاقه وبيعه لا قتله ، فان كانت قيمته بقدر نصف الدية فهو

__________________

(٢٢) في « م » : إليهما ، وفي « ن » و « ر ١ » : إليها.

(٢٣) في « ر ١ » : منها.

٣٧٢

حقهم ، وان كانت أنقص كان على الولي (٢٤) تمام (٢٥) النقص.

الرابعة : اختار قتل العبد ، ولا سبيل لسيده على الحر ، وعلى الحر نصف الدية للولي ، ولا شي‌ء له على سيد العبد لو نقصت قيمته عن النصف ؛ لأنه لا يعقل عبده ، ولا على الحر التمام أيضا ؛ لأن عليه النصف لا أزيد.

قال رحمه‌الله : فيقتل الحر بالحر ، والحرة مع رد فاضل ديته ، والحرة بالحرة ، وبالحر ، ولا يؤخذ ما فضل على الأشهر.

أقول : إذا قتلت المرأة رجلا كان لوليه قتلها ، وهل يأخذ منها مع ذلك نصف الدية؟ المشهور بين الأصحاب عدم ذلك وربما كان إجماعا ، للروايات المتضافرة عن أهل البيت عليهم‌السلام ، كرواية حماد عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، « قال : إذا قتلت المرأة الرجل قتلت به وليس لهم الا نفسها » (٢٦) ، وروى ابن أبي عمير عن هشام بن سالم ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام أيضا ، « في المرأة تقتل الرجل ما عليها؟ قال لا يجني الجاني على أكثر من نفسه » (٢٧) ، وانفرد أبو مريم الأنصاري بما رواه عن أبي جعفر عليه‌السلام أنه قال ، « في امرأة قتلت رجلا؟ قال : تقتل ويؤدي وليها بقية المال » (٢٨) ، قال الشيخ في الاستبصار : وهذه الرواية شاذة لم يروها إلا أبو مريم وان تكررت في الكتب في مواضع متفرقة ، ومع ذلك فإنها مخالفة لظاهر الكتاب العزيز ، قال تعالى (وَكَتَبْنا عَلَيْهِمْ فِيها أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ) (٢٩) الآية ولم يذكر معها شيئا آخر ،

__________________

(٢٤) في « ن » : للوالي.

(٢٥) في النسخ : إتمام.

(٢٦) الوسائل ، كتاب القصاص ، باب ٣٣ من أبواب قصاص النفس ، حديث ٣.

(٢٧) المصدر السابق ، حديث ١٠.

(٢٨) المصدر السابق ، حديث ١٧.

(٢٩) المائدة : ٤٥.

٣٧٣

والرواية من الصحاح لكن الأصول وعمل الأصحاب على خلافها.

قال رحمه‌الله : ولا يقتل حر بعبد ولا أمة ، وقيل : إن اعتاد قتل العبيد قتل حسما للجرأة.

أقول : لا يقتل الحر بالعبد مع عدم الاعتياد إجماعا ، فإن اعتاد قتل العبيد ، هل يقتل أم لا؟ قال في النهاية : يعاقب من يعتاد قتل العبيد ويزجر عن مثله في المستقبل ، وهذا يدل على عدم القتل ، وبه قال في المبسوط والخلاف ، وهو مذهب ابن حمزة وابن إدريس ، واختاره المصنف والعلامة ، لقوله تعالى ، (الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ) (٣٠) وفي رواية أبي بصير عن أحدهما عليهما‌السلام : « لا يقتل حر بعبد ولكن يضرب ضربا شديدا ، ويغرم ثمنه دية العبد » (٣١) وهو عام ، وقال الشيخ في التهذيب والإستبصار وأبو الصلاح : يقتل مع الاعتياد ، لرواية الفتح بن يزيد الجرجاني (٣٢) ، والمرجع في الاعتياد الى العرف ، وقال ابن الجنيد : يقتل في الثالثة أو الرابعة ، والأول هو المعتمد.

قال رحمه‌الله : ولو قتل المولى عبده كفّر وعزّر ولم يقتل به ، وقيل : يغرم قيمته ويتصدق بها ، وفي المستند ضعف ، وفي بعض الروايات إن اعتاد ذلك قتل به.

أقول : إذا قتل المولى عبده ، هل يجب عليه الصدقة بقيمته؟ المشهور بين الأصحاب : نعم ، وهو مذهب الشيخين وأبي الصلاح وابن حمزة وابن البراج وسلار وابن زهرة وابن إدريس ، واختاره فخر الدين ، لما رواه مسمع بن عبد الملك عن أبي عبد الله عليه‌السلام : « أن أمير المؤمنين عليه‌السلام رفع اليه رجل

__________________

(٣٠) البقرة : ١٧٨.

(٣١) الوسائل ، كتاب القصاص ، باب ٤٠ من أبواب قصاص النفس ، حديث ١.

(٣٢) المصدر السابق ، باب ٣٨ من أبواب قصاص النفس ، حديث ١. وفي المصدر ( أبي الفتح )بدل( الفتح )

٣٧٤

عذب عبده حتى مات ، فضربه مائة نكالا وحبسه سنه وغرمه قيمة العبد فتصدق بها عنه » (٣٣) وتوقف المصنف والعلامة ، لضعف طريقها ، والمعتمد ما عليه الأصحاب.

وقوله ( وفي بعض الروايات ان اعتاد ذلك قتل ) إشارة الى ما رواه الفتح بن يزيد الجرجاني عن أبي الحسن عليه‌السلام ، « في رجل قتل مملوكه أو مملوكته؟ قال : إن كان المملوك له أدب فحبس إلا أن يكون معروفا يقتل المماليك فيقتل به » (٣٤) ، والأول هو المعتمد.

قال رحمه‌الله : والمدبر كالقنّ ، فلو قتل عمدا قتل ، وإن شاء الولي استرقاقه كان له ، وإن قتل خطا فإن فكه مولاه بأرش الجناية ، وإلّا سلّمه للرق ، فاذا مات الذي دبره ، هل ينعتق؟ قيل : لا ، لأنه كالوصية ، وقد خرج عن ملكه بالجناية فيبطل التدبير ، وقيل : لا يبطل ، بل ينعتق [ وهو المروي ] ومع القول بعتقه ، هل يسعى بفك رقبته؟ فيه خلاف ، الأشهر أنه لا يسعى ، وربما قال بعض الأصحاب : يسعى في دية المقتول ، ولعله وهم.

أقول : هنا مسألتان :

الأولى : إذا جنى المدبر عمدا واختار ولي الدم استرقاقه ، أو خطأ ودفعه السيد للرق ، هل يبطل تدبيره ويستقر ملك أولياء المقتول عليه؟ أو لا يبطل بل ينعتق بموت المدبر؟ اختلف الأصحاب في ذلك والمشهور بطلانه ، وهو مذهب ابن إدريس واختاره المصنف والعلامة وأبو العباس ، وهو المعتمد ؛ لأنه خرج عن ملك المدبر بالجناية وصار ملكا لأولياء المقتول ، والأصل بقاء ملكهم عليه ،

__________________

(٣٣) الوسائل ، كتاب القصاص ، باب ٣٧ من أبواب قصاص النفس ، حديث ٥.

(٣٤) الوسائل ، كتاب القصاص ، باب ٣٨ من أبواب قصاص النفس ، حديث ٢.

٣٧٥

فمن أخرجه عن ملكهم يحتاج الى دليل ناقل ، ولرواية أبي بصير (٣٥) ، عن الباقر عليه‌السلام الدالة على المطلوب ، وقال الشيخان وابن بابويه : لا يبطل التدبير ، لحسنة جميل بن دراج (٣٦) عن الصادق عليه‌السلام الدالة على مطلوبهم.

الثانية : على القول بعدم بطلان التدبير ، هل يسعى بعد عتقه لأولياء المقتول بشي‌ء؟ فيه أقوال :

الأول : عدم السعي بشي‌ء وهو ظاهر المفيد ، لحسنة جميل المتقدمة ؛ لأنه قال فيها : « يخدمهم حتى يموت مدبره ثمَّ يرجع حرا لا سبيل عليه ».

الثاني : يسعى في دية المقتول إن كان حرا ، وفي قيمته إن كان عبدا ، وهو قول الشيخ في النهاية ؛ لأن الواجب في القتل دية الحر وقيمة العبد ، فاذا سعى انما يسعى في ذلك ؛ لأنه الواجب عليه ونسبه المصنف الى الوهم ؛ لأن الجاني لا يجني على أكثر من نفسه ، وربما كانت الدية أكثر من قيمة نفسه وقال محمد بن بابويه يسعى بقيمة نفسه.

الثالث : قال فخر الدين يسعى بأقل الأمرين من قيمته والدية كما لو فكه مولاه.

قال رحمه‌الله : ولو قطع يمين رجل ومثلها من آخر ، قطعت يمينه بالأول ويساره بالثاني ، فلو قطع يد ثالث ، قيل : سقط القصاص إلى الدية ، وقيل :قطعت رجله بالثالث ، وكذا لو قطع رابعا.

أقول : إذا قطع يمين رجل ومثلها من آخر ، قطعت يمناه بالأول ويسراه بالثاني إجماعا ؛ لأن اليد مساوية لليد ، وان اختلفا (٣٧) ، وهل يجب بقطع الثالث

__________________

(٣٥) الوسائل ، كتاب القصاص ، باب ٤٢ من أبواب قصاص النفس ، حديث ١.

(٣٦) الوسائل ، كتاب الديات ، باب ٩ من أبواب ديات النفس ، حديث ١.

(٣٧) في « ر ١ » : اختلفتا.

٣٧٦

قطع رجله اليسرى ، وبالرابع رجله اليمنى ، وبالخامس الدية ، أو ينتقل إلى الدية بعد فقد اليدين؟ اختلف الأصحاب في ذلك ، قال ابن الجنيد والشيخ في النهاية وابن البراج بالترتيب المذكور ، لما رواه الشيخ في الصحيح يرفعه الى حبيب السجستاني (٣٨) ، عن أبي جعفر عليه‌السلام ، والانتقال إلى الدية مع فقد اليدين مذهب ابن إدريس ، ونقله فخر الدين عن نجم الدين في الشرائع وليس فيها ما يدل على ترجيح أحد القولين ؛ لأنه نقل القولين ولم يرجح شيئا ، احتج ابن إدريس باشتراط المماثلة ، والعدول من اليد الى الرجل على خلاف الأصل ( ولا دليل عليه ) (٣٩) وهو ظاهر فخر الدين.

قال رحمه‌الله : ولو قتل العبد حرين على التعاقب كان لأولياء الآخر ، وفي رواية أخرى يشتركان فيه ما لم يحكم به للأول ، وهذه أشبه ، ويكفي في الاقتصاص أن يختار الولي استرقاقه ولو لم يحكم به الحاكم.

أقول : إذا قتل العبد حرين أو أكثر دفعة كان لأولياء الجميع قتله قولا واحدا ، وهل الحكم كذلك لو كان على التعاقب؟ قال الشيخ في الاستبصار : نعم ما لم يحكم به للأول ، وهو مذهب ابن الجنيد ، واختاره المصنف والعلامة ، لرواية زرارة (٤٠) ، عن الباقر عليه‌السلام ، واشترط الشيخ في انتقاله إلى الأول حكم الحاكم به للأول ، وابن إدريس قال : يكفي في انتقاله إلى الأول اختيار أولياء المقتول استرقاقه وان لم يحكم به الحاكم ، واختاره المصنف والعلامة في التحرير وفخر الدين وهو المعتمد ، وقال الشيخ في النهاية : هو لأولياء الأخير ، ولم يشترط الحكم به للأول ، وعليه دلت رواية علي بن عقبة عن الصادق عليه

__________________

(٣٨) الوسائل ، كتاب القصاص ، باب ١٢ من أبواب قصاص الطرف ، حديث ٢.

(٣٩) من « ر ١ ».

(٤٠) الوسائل ، كتاب القصاص ، باب ٤٥ من قصاص النفس ، حديث ١.

٣٧٧

السلام ، « قال سألته عن عبد قتل أربعة أحرار واحدا بعد واحد؟ قال : فقال : هو لأولياء الأخير إن شاءوا قتلوه وإن شاءوا استرقوه » (٤١) ؛ لأنه إذا قتل الأول استحقه أولياؤه فإذا قتل الثاني استحق من أولياء الأول فصار لأولياء الثاني ، فإذا قتل الثالث استحق من أولياء الثاني فصار لأولياء الثالث ، فاذا قتل الرابع استحق من أولياء الثالث فصار لأولياء الرابع إن شاءوا قتلوه وإن شاءوا استرقوه.

قال رحمه‌الله : ولو قطع يده قاطع ورجله آخر ، قال بعض الأصحاب : يدفعه إليهما ويلزمهما الدية ، أو يمسكه كما لو كانت الجناية [ الجنايتان ] من واحد ، والأولى أن له إلزام كل واحد بدية جنايته ولا يجب دفعه إليهما.

أقول : قوله ( قال بعض الأصحاب ) إشارة الى ما قواه الشيخ في المبسوط ، قال ابن إدريس : ما قواه الشيخ أضعف من التمام ، لأنه كان رقا للمولى فيستصحب حتى يظهر المزيل ولم يثبت ، ولو لا الإجماع في الواحد كان الحكم فيه كذلك (٤٢) ، أيضا لكن صرنا الى الانتقال مع أخذ الدية للإجماع المنفي هنا ، وهو اختيار المصنف والعلامة وهو المعتمد.

قال رحمه‌الله : كل موضع يفكه المولى إنما يفكه بأرش الجناية ، زادت عن قيمة المملوك الجاني أو نقصت ، وللشيخ قول آخر أنه يفديه بأقل الأمرين ، والأول مروي.

أقول : إذا جنى العبد تعلق أرش الجناية برقبته ، فإن أراد سيده أن يفديه ، قال الشيخ في المبسوط : يفديه عند قوم بأقل الأمرين من قيمته أو أرش الجناية ؛ لأنه إن كانت قيمته أقل فليس عليه غير قيمته ، وإن كانت جنايته (٤٣) أقل

__________________

(٤١) المصدر السابق ، حديث ٣.

(٤٢) في النسخ : ذلك.

(٤٣) في النسخ : الجناية.

٣٧٨

فليس عليه غيرها (٤٤) وعند آخرين (٤٥) هو بالخيار بين أن يفديه بأرش الجناية بالغا ما بلغ أو يسمله للبيع (٤٦) ؛ لأنه قد يرغب فيه راغب يشتريه بذلك القدر أو أكثر ، قال : وهذا أظهر في رواياتنا ، والأول أقوى ، واختاره العلامة في القواعد ، وقال في الخلاف يفديه بالأرش بالغا ما بلغ ، واختاره المصنف والعلامة في المختلف ، ووجهه ما حكيناه عن الشيخ في المبسوط.

قال رحمه‌الله : إذا قتل العبد حرا عمدا فأعتقه مولاه ، صح ولم يسقط القود ، ولو قيل : لا يصح لئلا يسقط حق الولي من الاسترقاق ، كان حسنا ، وكذا البحث في بيعه الى آخره.

أقول : قد سبق البحث في هذه المسألة في باب البيع (٤٧) فلا وجه للإعادة.

__________________

(٤٤) في « ن » : غير قيمته.

(٤٥) في « ر ١ » : آخر.

(٤٦) في الأصل : إلى البيع.

(٤٧) تقدم في الجزء الثاني ، ص ٢٣.

٣٧٩
٣٨٠