غاية المرام في شرح شرائع الإسلام - ج ٤

الشيخ مفلح الصّيمري البحراني

غاية المرام في شرح شرائع الإسلام - ج ٤

المؤلف:

الشيخ مفلح الصّيمري البحراني


المحقق: الشيخ جعفر الكوثراني العاملي
الموضوع : الفقه
الناشر: دار الهادي للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٢٧

١
٢

كتاب الصيد

٣
٤

فيما يؤكل صيده

قال رحمه‌الله : ولو أرسل المجوسي أو الذمي لم يحل أكل ما يقتله ، وإن أرسله اليهودي والنصراني فيه خلاف ، أظهره أنه لا يحل.

أقول : قال ابن أبي عقيل : ولا بأس بصيد اليهود والنصارى وذبائحهم ، واعلم أن الخلاف في حال الصيد كالخلاف في حال الذبح ، فمن قال بحل ذبائحهم قال بحل صيدهم ، وسيأتي (١) تحقيق ذلك إن شاء الله تعالى.

قال رحمه‌الله : وقيل : يحرم أن يرمي الصيد بأكبر منه.

أقول : ذهب الشيخ في النهاية إلى تحريم رمي الصيد بما هو أكبر منه ، وحكم بتحريم الصيد أيضا مع اتفاق ذلك ، وذهب المصنف إلى الكراهة واختاره العلامة ، وهو المعتمد لأصالة الإباحة.

__________________

(١) يأتي في أول كتاب الذباحة.

٥
٦

في أحكام الاصطياد

قال رحمه‌الله : ولو قطعه بنصفين فلم يتحركا فهما حلال ، ولو تحرك أحدهما فالحلال هو ، وقيل : يؤكلان إذا لم يكن في المتحرك حياة مستقرة ، وهو أشبه ، وفي رواية : يؤكل ما فيه الرأس ، وفي أخرى يؤكل الأكبر دون الأصغر ، وكلاهما شاذ.

أقول : اختلف الأصحاب في هذه المسألة ، والمحقق من مذاهبهم أنه إذا قطع الصيد باثنين ، فان لم يتحركا حلا ، وان تحركا أو أحدهما فإن كان مع عدم استقرار الحياة حلا أيضا ، لعدم اعتبار هذه الحركة ، لأنّها كحركة المذبوح ، وان كان مع استقرار الحياة حل ما فيه الرأس مع التذكية ، وحرم الآخر ، لأنه أبين من حي فهو ميتة ، هذا هو المحقق وهو المعتمد ، والقول المشار إليه بأنهما يؤكلان إن لم يكن في المتحرك حياة مستقرة هو قول ابن إدريس ، والرواية المتضمنة أكل ما فيه الرأس هي رواية إسحاق بن عمار (٢) عن الصادق عليه‌السلام ، والرواية

__________________

(٢) الوسائل ، كتاب الصيد والذبائح ، باب ٣٥ من أبواب الصيد ، حديث ٢.

٧

المتضمنة أكل الأكبر دون الأصغر هي رواية النوفلي (٣) عن الصادق عليه‌السلام أيضا ، وأقوال الأصحاب هنا كثيرة أعرضنا عنها لئلا يطول الكتاب واقتصرنا على المحقق منها الذي يجب المصير اليه.

__________________

(٣) المصدر المتقدم ، حديث ٤.

٨

في اللواحق

قال رحمه‌الله : إذا عض الكلب صيدا ، كان موضع العضة نجسا يجب غسله على الأصح.

أقول : هذا هو المشهور بين الأصحاب لنجاسة الكلب وقد لاقى موضع العضة برطوبة فيجب غسله ، وقال الشيخ رحمه‌الله : لا يجب الغسل لإطلاق الاية (٤) الأمر بالأكل من غير قيد الغسل فلا يجب ، والجواب عدم الأمر بالغسل لا ينافي وجوبه بدليل خارجي ، والدليل إجماع أصحابنا على نجاسة ما لاقاه الكلب برطوبة.

قال رحمه‌الله : إذا أرسل كلبه أو سلاحه فأدركه حيا ، فان لم تكن حياته مستقرة فهو بحكم المذبوح ، وفي الاخبار : أدنى ما يدرك ذكاته أن يجده يركض رجله أو تطرف عينه ، أو يتحرك ذنبه ، وإن كانت مستقرة والزمان يتسع لذبحه لم يحل حتى يذكى.

أقول : اختلف الأصحاب في مستقر الحياة ما هو؟ قال الشيخ في المبسوط

__________________

(٤) المائدة : ٤.

٩

مستقر الحياة هو ما يمكن أن يعيش يوما أو نصف يوم ، وهو المشهور بين الأصحاب ، وقال ابن حمزة : أدناه أن يطرف عينه أو تركض رجله أو يتحرك ذنبه ، وهو ظاهر المصنف في المختصر ، وهو الذي تضمنته الاخبار ، رواه عبد الرحمن بن أبي عبد الله ، عن الصادق عليه‌السلام ، « قال : في كتاب علي عليه‌السلام ، إذا طرفت العين أو ركضت الرجل أو تحرك الذنب فكل منه ، فقد أدركت ذكاته » (٥) ، وعن أبان بن تغلب ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، « قال : إذا شككت في حياة شاة ورأيتها تطرف عينها أو تحرك أذنها أو تمصع بذنبها فاذبحها فإنها لك » (٦) وروى محمد الحلبي ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، « قال : سألته عن الذبيحة؟ قال : إذا تحرك الذنب أو الطرف أو الاذن فهو ذكي » (٧) ، فهذه الأخبار دالة على مذهب ابن حمزة ، ولا شك أن مذهب الشيخ أحوط ، لحصول تعين الحل.

إذا عرفت هذا فغير مستقر الحياة غير صيد الكلب والسهم لم يحل بالتذكية سواء كان وحشيا أو إنسيا ، لأنه بحكم الميتة ، أما صيد الكلب والسهم إذا أدرك حيا وغير مستقر الحياة فهو حلال ، سواء ذكاة أو لم يذكه والذكاة أفضل.

قال رحمه‌الله : وقيل : إذا لم يكن معه ما يذبح به ، ترك الكلب يقتله ثمَّ يأكله إن شاء ، أما إذا لم يتسع الزمان لذبحه فهو حلال.

أقول : إذا أدرك الصيد وحياته مستقرة لم يحل إلا بالتذكية ، فان لم يكن معه ما يذكيه به ، قال الشيخ في النهاية : يترك الكلب حتى يقتله ثمَّ يأكل أن شاء ، وبه قال محمد بن بابويه وابن الجنيد واختاره العلامة ، لعموم قوله تعالى : (فَكُلُوا

__________________

(٥) الوسائل ، كتاب الصيد الذبائح ، باب ١١ من أبواب الذبائح ، حديث ٦.

(٦) الوسائل ، كتاب الصيد والذبائح ، باب ١١ من أبواب الذبائح ، حديث ٥.

(٧) الوسائل ، كتاب الصيد والذبائح ، باب ١١ من أبواب الذبائح ، حديث ٣.

١٠

مِمّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ) (٨) ، ولما رواه جميل بن دراج في الصحيح ، عن الصادق عليه‌السلام ، « قال : سألته عن الرجل يرسل الكلب على الصيد فيأخذه ولا يكون معه سكين فيذكيه ، أفيدعه حتى يقتله الكلب ويأكل منه؟ قال : لا بأس » (٩) وقال ابن إدريس : لا يحل بغير التذكية واختاره المصنف والعلامة في الإرشاد ، واستحسنه في التحرير وهو اختيار فخر الدين وأبي العباس وهو المعتمد ، لأن كل مستقر الحياة غير ممتنع لا يحل بغير التذكية.

__________________

(٨) المائدة : ٤.

(٩) الوسائل ، كتاب الصيد والذبائح ، باب ٨ من أبواب الصيد ، حديث ١.

١١
١٢

كتاب الذباحة

١٣
١٤

في الأركان

قال رحمه‌الله : اما الذابح فيشترط فيه الإسلام أو حكمه ، ولا يتولاه الوثني. فلو ذبح كان المذبوح ميتة ، وفي الكتابي روايتان ، أشهرهما : المنع ، فلا تؤكل ذباحة اليهودي ، ولا النصراني ، ولا المجوسي ، وفيه رواية ثالثة ، تؤكل ذباحة الذمي ، إذا سمعت تسميته ، وهي مطروحة.

أقول : اختلف الأصحاب هنا على ثلاثة أقوال :

الأول : تحريم ذبائح غير المسملين من جميع أصناف الكفار ، سواء كانوا أهل كتاب أو لم يكونوا ، وهو المشهور بين الأصحاب ، ذهب اليه الشيخ والمفيد والمرتضى وسلار وابن البراج وأبو الصلاح وابن حمزة وابن إدريس ، واختاره المصنف والعلامة والشهيد ، وهو المعتمد لقوله تعالى (وَلا تَأْكُلُوا مِمّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ) (١) ، والكافر لا يعرف الله ولا يذكره على الذبيحة ، ولا يعتقد ذلك فرضا ولا سنة ، وقد ورد في المنع روايات كثيرة ، منها : رواية سماعة في الموثق ، عن الكاظم عليه‌السلام ، « قال : سألته عن ذباحة اليهودي

__________________

(١) الانعام : ١٢١.

١٥

والنصراني؟ فقال : لا تقربها » (٢).

الثاني : إباحة ذبائح أهل الكتاب مطلقا سواء سمعته يسمي أو لا ، وهو قول الحسن بن أبي عقيل وظاهر ابن الجنيد ، لقوله تعالى (وَطَعامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ حِلٌّ لَكُمْ) (٣) ، وورد في ذلك روايات ، منها : صحيحة الحلبي ، عن الصادق عليه‌السلام ، « قال : سألته عن ذبيحة أهل الكتاب ونسائهم؟ قال : لا بأس به » (٤).

الثالث : إباحة ذبائحهم مع سماع التسمية ) من الذابح ، قال محمد بن بابويه ، لصحيحة حمران ، « قال : سمعت أبا جعفر عليه‌السلام يقول في ذبيحة الناصب واليهودي والنصراني : لا تأكل ذبيحته حتى تسمعه يذكر اسم الله تعالى ، قلت : والمجوسي؟ قال : نعم إذا سمعته يذكر الله ، أما سمعت قول الله : ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه » (٦) ، وفي معناها غيرها من الصحاح (٧) ، وأجاب الأولون عن الطعام بحمله على الحبوب ، وعن الروايات بحملها على التقية لا الضرورة.

قال رحمه‌الله : ولا يشترط الايمان ، وفيه قول بعيد باشتراطه ، نعم لا تصح ذباحة المعلن العداوة لأهل البيت عليهم‌السلام وإن أظهر الإسلام.

أقول : البحث هنا في موضعين :

__________________

(٢) الوسائل ، كتاب الصيد والذباحة ، باب ٢٧ من أبواب الذبائح ، حديث ٩.

(٣) المائدة : ٥.

(٤) الوسائل ، كتاب الصيد والذبائح ، باب ٢٧ من أبواب الذبائح ، حديث ٣٤.

(٥) في الأصل : التذكية.

(٦) الوسائل ، كتاب الصيد والذبائح ، باب ٢٧ من أبواب الذبائح ، حديث ٣١ مع اختلاف يسير.

(٧) الوسائل ، كتاب الصيد والذبائح ، باب ٢٧ من أبواب الذبائح ، حديث ٤٥ و ٣٩ و ١٨.

١٦

الأول : في اشتراط الايمان وتحريم ذبائح المخالفين ، وهو مذهب ابن البراج وأبي الصلاح الحلبي وابن حمزة وابن إدريس ، وتحل عنده ذباحة المستضعف ، وعنى به من ليس منا ولا منهم ، وهو الذي لا يعرف الحق ولا يعتقد ضده ، واستدلوا برواية زكريا بن آدم ، « قال : قال أبو الحسن عليه‌السلام : إني أنهاك عن ذبيحة كل من كان على خلاف الذي أنت عليه وأصحابك إلا في وقت الضرورة ، أو في محل التقية » (٨) ، واكتفى الشيخ بالإسلام ، واختاره المصنف والعلامة وفخر الدين والشهيد ، لعموم قوله تعالى (فَكُلُوا مِمّا ذُكِرَ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ) (٩) ، ولما رواه محمد بن قيس ، عن الباقر عليه‌السلام ، « قال : قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : ذبيحة من دان بكلمة الإسلام وصام وصلى لكم حلال إذا ذكر اسم الله عليه » (١٠) ، وللأصل ، وأجابوا عن الرواية المتقدمة بالحمل على الكراهة.

تنبيه : يشترط في إباحة ذبيحة المخالف التسمية كاشتراطه في إباحة ذبيحة المؤمن ، لتقييد الآية (١١) والرواية (١٢) بذكر اسم الله ، وهل يشترط مع الذكر اعتقاد الوجوب؟ أكثر مصنفات الأصحاب خالية عن ذكر اعتقاد الوجوب وعدمه ، واشترط العلامة في المختلف اعتقاد الوجوب ، ولم يشترطه الشهيد في دروسه ، وأطلق الأصحاب تحريم الذبيحة مع الإخلال بالتسمية عمدا والحل مع

__________________

(٨) الوسائل ، كتاب الصيد والذبائح ، باب ٢٦ من أبواب الذبائح ، حديث ٩. وليس فيها : ( أو في محل التقية ).

(٩) الأنعام : ١١٨.

(١٠) الوسائل ، كتاب الصيد والذبائح ، باب ٢٨ من أبواب الذبائح ، حديث ١ ، رواية محمد بن قيس.

(١١) الانعام : ١١٨.

(١٢) هي رواية محمد بن قيس المتقدمة.

١٧

النسيان ، ولم يفصلوا بين معتقد الوجوب وغيره ، ولا بين المؤمن والمخالف.

وفصل الشهيد بين معتقد الوجوب وعدمه ، قال : ولو تركها عمدا فهو ميتة إذا كان معتقدا لوجوبها ، وفي غير المعتقد نظر ، وظاهر الأصحاب التحريم لكنه يشكل بحكمهم بحل ذبيحة المخالف على الإطلاق ما لم يكن ناصبيا ، ولا ريب أن بعضهم لا يعتقد وجوبها فتحل الذبيحة ولو تركها عمدا.

قلت : انما كان ظاهر الأصحاب التحريم ، لأن جميع مصنفاتهم مصرحة بالتحريم مع الإخلال بالتسمية عمدا ، ولم يفرقوا بين معتقد الوجوب وعدمه ، واعترض الشهيد عليهم من حيث إطلاقهم اباحة ذبيحة المخالف مع أن بعضهم لا يعتقد وجوب التسمية ، ولم يفرقوا بين المعتقد للوجوب وغيره ، وغير المعتقد للوجوب يجوز له ترك التسمية عمدا ، وقد أباحوا ذبيحته لحكمهم بحل ذبيحة المخالف على الإطلاق ، فهذا الإطلاق مناف لإطلاقهم التحريم مع ترك التسمية عمدا ، بل ينبغي تقييده بمعتقد وجوبها دون غيره وهذا الاعتراض غير وارد على صاحب المختلف ، لأنه اشترط في إباحة ذبيحة المخالف اعتقاد وجوب التسمية.

إذا عرفت هذا فلو سمى غير المعتقد للوجوب احتمل الحل ، لحصول الشرط ، وهو ذكر اسم الله على الذبيحة ، وهو ظاهر الشهيد ، ويحتمل العدم ، لأنه كغير القاصد إلى التسمية ، ومن ثمَّ لم تحل ذبيحة المجنون والسكران وغير المميز ، لعدم تحقق القصد إلى التسمية.

تنبيه : أجمع أصحابنا على تحريم ذبيحة الناصب وفي تفسيره وجوه :

الأول : أنه الخارجي الذي قال في علي عليه‌السلام ما قال ، وهو ظاهر المصنف والعلامة.

الثاني : أنه الذي ينسب الى أحد المعصومين ما يثلم العدالة.

الثالث : انه من إذا سمع فضيلة لعلي عليه‌السلام أو لغيره من المعصومين

١٨

أنكرها.

الرابع : من اعتقد فضيلة غير علي عليه‌السلام.

الخامس(١٣): من سمع النص على علي عليه‌السلام من النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ، أو بلغه متواترا أو بطريق يعتقد صحته فأنكره.

وهذه الوجوه نقلها المقداد في كتاب الوصايا من شرح المختصر ، ثمَّ قال بعد أن نقل هذه الوجوه : والحق صدق النصب على الجميع ، أما من يعتقد إمامة غيره للإجماع أو لم يكن لمصلحة ولم يكن من أحد هذه الأقسام الخمسة فليس بناصب.

قال رحمه‌الله : وهل تقع الذكاة بالظفر والسن مع الضرورة؟ قيل : نعم ، لأن المقصود يحصل ، وقيل : لا ، لمكان النهي ولو كان منفصلا.

أقول : تتعين التذكية بالحديد مع القدرة ولا يجوز بغيره ، سواء كان من المعادن كالذهب والفضة والنحاس ، أو الخشب والقصب أو غير ذلك مما يفري الأوداج غير الحديد ، ويجوز مع الضرورة كخوف فوات الذبيحة أو مع الحاجة الى أكلها بكل ما يفري الأوداج إذا تعذر ذبحها بالحديد.

وهل يجوز بالظفر والسن إذا أمكن فري الأوداج بهما؟ اختلف الأصحاب في ذلك ، ذهب الشيخ في المبسوط والخلاف الى المنع ، واختاره الشهيد في شرح الإرشاد ، وذهب في التهذيب الى الجواز واختاره ابن إدريس والعلامة في التحرير والمختلف ، والشهيد في الدروس ، واعلم أن روايات أصحابنا خالية من ذكر الظفر والسن ، أما مصنفاتهم فمطبقة على اعتبار الحديد مع القدرة ، واجزاء ما عدا الظفر والسن مع الضرورة ، ثمَّ يترددون فيهما مع عدم النص عليهما من طريقهم ، وانما ورد النهي عنهما من طريق العامة ، روى رافع بن خديج ، بالخاء

__________________

(١٣) ليست في الأصل.

١٩

المعجمة المفتوحة ، والدال المهملة ، والجيم بعد الياء المثناة تحت ، « قال : يا رسول الله إنا نرجوا أن نلقى العدو غدا وليس معنا مدى ، أنذبح بالقصب؟ قال : قال عليه‌السلام : ما أبهر الدم وذكر اسم الله عليه فكلوا الا ما كان من سن أو ظفر وسأحدثكم عن ذلك ، أما السن فعظم من الإنسان ، وأما الظفر فمدى الحبشة » (١٤) ، استثنى الظفر والسن من المأكول فلا يكون مأكولا ، والسؤال انما وقع عن حال الاضطراري ، وبهذه الرواية استدل الشيخ في الخلاف على المنع.

ولم يفرق أصحابنا بين المنفصل والمتصل ، وفرق أبو حنيفة فأجاز مع الانفصال ومنع مع الاتصال ، لكون ذلك أشبه بالأكل والتقطيع ، والمقتضي للتذكية هو الذبح ، ولم يفرق الشافعي أيضا.

فرع : على ما تضمنته الرواية لا يجوز التذكية بعظم الإنسان عند الضرورة ، لتعليله السن بأنه عظم من الإنسان ، دل هذا على المنع من الذبح بعظم الإنسان ، وابن إدريس لم يعتبر هذه الرواية ، لأنها من طريق المخالفين.

قال رحمه‌الله : والواجب قطع الأعضاء الأربعة ، المري وهو مجرى الطعام ، والحلقوم وهو مجرى النفس ، والودجان وهما عرقان محيطان بالحلقوم ، فلا يجزي قطع بعضها مع الإمكان ، هذا في قول مشهور ، وفي رواية : إذا قطع الحلقوم وخرج الدم فلا بأس.

أقول : الرواية إشارة الى ما رواه الشيخ في الصحيح عن زيد الشحام ، عن الصادق عليه‌السلام ، « قال : سألته عن رجل لم يكن بحضرته سكين ، أيذبح بقصبة؟ قال : اذبح بالحجر ، والعظم ، والقصبة ، والعود ، إذا لم تصب الحديد ، إذا قطع الحلقوم وخرج الدم فلا بأس » (١٥) ، وفي حسنة عبد الرحمن بن الحجاج ،

__________________

(١٤) سنن ابن ماجه ، كتاب الذبائح ، باب ٥ ، حديث (٣١٧٨).

(١٥) الوسائل ، كتاب الصيد والذبائح ، باب ٢ من أبواب الذبائح ، حديث ٣.

٢٠