معتمد الشيعة في أحكام الشريعة

محمد مهدي بن أبي ذر النراقي [ المولى مهدي النراقي ]

معتمد الشيعة في أحكام الشريعة

المؤلف:

محمد مهدي بن أبي ذر النراقي [ المولى مهدي النراقي ]


المحقق: مؤسسة العلامة المجدّد الوحيد البهبهاني
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤتمر المولى مهدي النراقي
المطبعة: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ١
الصفحات: ٤٩٦

وصحّة الاغتسال فيها عندنا ظاهرة ، والظاهر صحّته عندهم أيضاً. لصدق الاغتسال وعدم باعث للفساد ، ومجرّد الأمر بالنزح لا يوجبه ، ولا ينافي بقاء الطهوريّة خلافاً للشيخين (١) ؛ للنهي عن وقوع الجنب (٢) ، وهو غير ناهض.

ولموت الحيّة : ثلاث ؛ لظاهر الوفاق ، وصريح الرضوي (٣) ، ويعضده إطلاق الصحيحين والخبر (٤).

ولموت الوزغة : ثلاث عند الأكثر ؛ للصحيحين (٥). والقول بكفاية الواحد (٦) ؛ للخبر (٧) ، أو السبع مع التفسّخ والثلاث بدونه (٨) ؛ للجمع بين الصحيحين والخبر (٩) ، أو عدم النزح ؛ لعدم النجاسة (١٠) مردود بعدم الدلالة ، وفقد المقاومة ، ومنع العلّيّة.

ولموت العقرب : ثلاث في المشهور ، ولا دلالة له ، والظاهر عدم وجوب شي‌ء ، وفاقاً لأوّل الصدوقين والحلّي (١١) وإن استحبّ العشرة (١٢)

__________________

(١) المقنعة : ٦٧ ، المبسوط : ١ / ١٢.

(٢) مر آنفاً.

(٣) فقه الرضا عليه‌السلام : ٩٤ ، مستدرك الوسائل : ١ / ٢٠٥ الحديث ٣٦٦ وفيهما : « فاستق للحية أدل » واستفادة الثلاثة إنما تكون بملاحظة أقل الجمع ، للتوسع لاحظ! المعالم في الفقه : ١ / ٢٤٠ ٢٤٣.

(٤) وسائل الشيعة : ١ / ١٨٢ ١٨٤ الحديث ٤٥٨ و ٤٦١ و ٤٦٢.

(٥) وسائل الشيعة : ١ / ١٨٧ الحديث ٤٧٧ ( بسندين صحيحين ).

(٦) الكافي في الفقه : ١٣٠.

(٧) وسائل الشيعة : ١ / ١٨٩ الحديث ٤٨٤.

(٨) تهذيب الأحكام : ١ / ٢٤٥ ذيل الحديث ٧٠٨.

(٩) وسائل الشيعة : ١ / ١٨٧ و ١٨٩ الحديث ٤٧٧ ( بسندين صحيحين ) و ٤٨٢ ، تنبيه : المراد من السام الأبرص في حديث ٤٨٢ الوزغة الكبيرة ، لاحظ! أقرب الموارد : ١ / ٥٤٣.

(١٠) السرائر : ١ / ٨٣.

(١١) نقل عنه في المعالم في الفقه : ١ / ٢٤٦ ، السرائر : ١ / ٨٣.

(١٢) وسائل الشيعة : ١ / ١٩٦ الحديث ٥٠٨.

٤١

للخبرين (١).

وللعصفور : واحد إجماعاً ؛ للموثّق (٢) ، وبه يقيّد بعض المطلقات المعارضة.

ولا نزح لغير المنصوص عندنا ، ووجهه ظاهر.

وأمّا عندهم ففي عدم النزح ، أو نزح الجميع ، أو الأربعين ، أو الثلاثين ، أو المزيل التقديري إن أمكن العلم به وإلّا فالجميع ، أو المزيل مع التغيّر ، أو الأقل مع التقديري والثلاثين بدونه أقوال.

والأوّل لبعضهم (٣) ؛ لخبرين (٤) لا يتمّ دلالتهما. والثاني للمشهور ؛ للاستصحاب. والثالث للفاضل و « المبسوط » (٥) ؛ لمرسل (٦) لا يتحصّل معناه. والرابع لابن طاوس (٧) ؛ للخبر (٨) ولا دلالة له. والأخيران لبعض الثالثة (٩) ؛ لكفاية المزيل في المتغيّر على الأوّل منهما ، وللاستصحاب وأصالة نفي الزائد على الثاني.

ولعلّ الأقوى على أصلهم خامسها ، وإن كان الأحوط ثانيها.

وتعذّر نزح الكلّ في مورده يوجب التراوح في يوم ؛ للموثّق (١٠)

__________________

(١) وسائل الشيعة : ١ / ١٨٥ الحديث ٤٦٧ ، ٢٤١ الحديث ٦٢٣.

(٢) وسائل الشيعة : ١ / ١٩٤ الحديث ٤٩٨.

(٣) المعتبر : ١ / ٧٨.

(٤) وسائل الشيعة : ١ / ١٧٢ الحديث ٤٢٨ و ١٧٣ الحديث ٤٣١.

(٥) إرشاد الأذهان : ١ / ٢٣٧ ، المبسوط : ١ / ١٢.

(٦) وسائل الشيعة : ١ / ١٩٢ الحديث ٤٩٤ ، تنبيه : ذكره الشيخ في المبسوط ، وهو غير موجود في كتب الحديث لاحظ! المعالم في الفقه : ١ / ٢٧١.

(٧) نقل عنه في غاية المراد : ١ / ٧٨.

(٨) وسائل الشيعة : ١ / ١٨١ الحديث ٤٥٢.

(٩) المعالم في الفقه : ١ / ٢٧٣ ، تنبيه : لم نعثر على القول الأخير في مظانّه.

(١٠) وسائل الشيعة : ١ / ١٩٦ الحديث ٥٠٩.

٤٢

والرضوي (١). ولا بدّ فيه من عدد. وإجزاء الأربعة مجمع عليه ، وإطلاق الموثّق كصريح الرضوي يرشد إليه ، والأكثر أصحّ القولين ؛ للإطلاق ، وصريح الثاني كظاهر الأوّل عدم كفاية الأقلّ ، وفاقاً للأكثر ، والقول بالإجزاء إن نهض بعملها لاتّحاد الطريق كما ترى.

واليوم هنا يوم الأجير دون الصوم ؛ للتبادر. ولا يجزئ مقداره من الليل أو الملفّق ؛ لخروجه عن النصّ ، والتعدية لاشتراك العلّة باطلة.

ثمّ الصغير كالكبير إن عمّهما الاسم ، وإلّا اختصّ بمتناوله ، ويدخل غيره فيما لا نصّ فيه أو عموم لو وجد. وإطلاق التسوية كالأكثر ، أو إدخال كلّ صغير في العصفور كالصهرشتي (٢) ضعيف.

ودلو النزح هو المعدّ ، أو المعتاد. ووجهه ظاهر.

واستيفاء العدد لازم ، فلا يكفي الوزن ؛ لعدم الامتثال ، خلافاً للفاضل و « الذكرى » (٣) ؛ لحصول الغرض ، وردّ بإمكان حكمة في العدد.

ولا يعتبر دلو وعدد في مزيل التغيّر ونزح الكرّ والجميع ، ووجهه ظاهر.

وفي تضاعيف النزح بتضاعف النجس ، ثالثها : التضاعف مع التخالف. والأوّل للشهيدين والكركي (٤) ، وهو المختار ؛ للاستصحاب وأصالة عدم التداخل في الأسباب ؛ إذ توارد العلل على معلول واحد باطل ، فيستقلّ كلّ منهما بالتأثير ، والتفرقة بين العقليّة والشرعيّة باطلة.

غاية الأمر اختلافهما في التأثير بالذاتيّة والوضعيّة والشرعيّة ، وإن جاز

__________________

(١) فقه الرضا عليه‌السلام : ٩٤ ، مستدرك الوسائل : ١ / ٢٠٧ الحديث ٣٧٤.

(٢) نقل عنه في المعتبر : ١ / ٧٣.

(٣) تذكرة الفقهاء : ١ / ٢٨ ، ذكرى الشيعة : ١ / ٩٠.

(٤) البيان : ١٠٠ ، مسالك الأفهام : ١ / ٢٠ ، جامع المقاصد : ١ / ١٤٧.

٤٣

كونها للتعريف إلّا أنّ الأصل فيها الباعثيّة ، والمعرّف لواحد وإن أمكن تعدّده ، إلّا أنّ ذلك نادر ؛ إذ الغالب تعدّد البواعث مع تعدّد الأمارات.

والثاني : للفاضل (١) ؛ لحصول الامتثال بالمقدّر أو أكثر الأمرين. وردّ بالمنع.

والثالث : للمحقّق (٢) ؛ لاعتبار لا يصلح للتفرقة.

[ و ] في لحوق الجزء بكلّه لتوقّف القطع بالبراءة عليه ، أو بغير المنصوص لتغايرهما ، فلا يتناوله دليله قولان.

قلنا : منزوحه أمّا أكثر من مقدّر الكلّ أو أقلّ ، فالظاهر على أصلهم الأوّل على الأوّل ؛ إذ زيادة الجزء على الكلّ غير معقول. والثاني على الثاني ؛ لكفايته مع عدم النص على الزائد. وعلى ما اخترناه فالأمر ظاهر.

وإجزاء الواحد بالكلّ كما للكلّ عند الكلّ ، وبالنص يوجب أقل الأمرين على الثالث ، ويتضاعف الأوّل على الأوّل ، والثاني على الثاني بتضاعف الأجزاء ، ولا يخفى بعده ، ولجزءين من اثنين ما لكلّ واحد على كل مذهب مرّتين ، كما لا يخفى وجهه.

والحامل وذو الرجيع مع انضمام المخارج كغيرهما ؛ لعدم الملاقاة ، وبدونه يلزم فيهما التضاعف ؛ لصدقه ، وإطلاق الأدلّة لا يتناولهما ؛ لانصرافه إلى الغالب ، على أنّ قيد الحيثيّة في إطلاقات النزح معتبر.

والتساقط المعتاد عند الكلّ لا ينجّس ولا يعاد ، وغيره عندنا ندباً يكمل أو يعاد ، ولهم فيه أقوال ، أظهرها ذلك وجوباً.

ولو وقعت بعض الدلاء في بئر طاهرة ، ففي نزح المقدّر أو بالغير المنصوص

__________________

(١) منتهى المطلب : ١ / ١٠٧.

(٢) المعتبر : ١ / ٧٨.

٤٤

أو الأقل أقوال : لـ « البيان » و « المنتهى » و « التحرير » (١) ، ودليل كلّ مع الترجيح يعلم ممّا مرّ.

ولا نزح لعود الغائر ؛ لعدم القطع بالاتّحاد ، فيجزئ فيه أصالة الطهارة ، دون استصحاب النجاسة ، وتنجّسه بالحمأة ليس أولى من تطهّرها به ؛ إذ المسلّم على الانفعال ينجس البئر بالواقع لا انفعال النابع من أرضها ، وعلى الانفعال يطهر الآلات والجدران ومثلهما بالتبعيّة. ولو شكّ في سبق الوقوع على الاستعمال رجّح عدمه ؛ للأصل ، والاستصحاب ، وظاهر الموثّق (٢).

والحقّ حصول الطهر أو الطيبة بملاقاته أحد الثلاثة ؛ لعموم الطهوريّة. خلافاً للمحقّق (٣) مطلقاً لتعليقه على النزح وهو لا يفيد الانحصار ، وللشهيد (٤) مع التسنّم ؛ لعدم الوحدة ، وردّ بصدقها عرفاً.

ولا يتنجّس بالبالوعة ما لم يتغيّر بها أو يتّصل ، بالإجماع والأصل والخبر (٥).

ويستحب تباعدهما بخمس أذرع مع الصلابة أو فوقيّة البئر قراراً ، وبالسبع بدونهما ؛ للجمع بين المرسل والخبر (٦).

والتساوي في القرار كالتحتيّة ، فالتباعد فيه بالسبع لمفهوم آخر الأوّل وأوّل الآخر ، ومفهوم آخره غير مقاوم.

وبعضهم اعتبر الفوقيّة بالجهة ؛ للخبر (٧) ، ولا دلالة له.

__________________

(١) البيان : ١٠١ ، منتهى المطلب : ١ / ١٠٨ ، تحرير الأحكام : ١ / ٥.

(٢) وسائل الشيعة : ٣ / ٤٦٧ الحديث ٤١٩٥.

(٣) المعتبر : ١ / ٧٩.

(٤) ذكرى الشيعة : ١ / ٨٩.

(٥) وسائل الشيعة : ١ / ٢٠٠ الحديث ٥١٦.

(٦) وسائل الشيعة : ١ / ١٩٨ الحديث ٥١١ ، ٢٠٠ الحديث ٥١٦.

(٧) وسائل الشيعة : ١ / ١٩٩ الحديث ٥١٢.

٤٥

والإسكافي في الأوّل على الثاني ، وفي الثاني على الاثني عشر (١) ، ولا حجّة له.

وعلى اعتبار الجهة صورة التعارض كالتساوي ؛ للزوم التحكّم لولاه.

وجميع الصور عليه أربع وعشرون ، والتباعد في ثمان بسبع ، وفي البواقي بخمس ، وعلى عدمه ستّ في أربع بخمس ، وفي صورتين بسبع.

__________________

(١) نقل عنه في مختلف الشيعة : ١ / ٢٤٧.

٤٦

بحث المضاف

وهو ما يلزم تقييده.

وطهره ، كتنجّسه بالملاقاة وإن كثر ، مجمع عليه. ومع اختلاف السطوح يتنجّس الأسفل بالأعلى ، دون العكس ؛ للأصل. وفيه نظر ، إلّا أن يثبت عليه الإجماع.

وفي طهره باختلاطه بالجاري أو الكثير ، أو مطلقاً إذا صار مطلقاً بلا تغيّر ، أو الأعمّ أقوال : للفاضل والشيخ والأكثر.

[ لـ ] الأول : إيجاب الكثرة كالجريان لعدم الانفعال ما لم يتغيّر بالنجس ، دون المتنجّس ، فالمضاف المتنجّس لا ينجّسه ، وإن غيّره أو استهلكه فهو يطهّره (١).

وردّ بتوقّفه على بقاء الإطلاق ، والطهر يتوقّف على الامتزاج المقتضي لإضافة المطلق ، أو انفعاله الموجب لتنجّسه ، فلا يطهر بمجرّد الاتّصال قبلهما (٢). واستصحاب الطهارة يعارضه استصحاب النجاسة ، وأصالتها بالاستهلاك مندفعة.

وللثاني : كون المتنجّس كالنجس في التنجيس ، فينجس الكثير مع التغيّر لا بدونه (٣). وردّ بالمنع (٤).

__________________

(١) قواعد الاحكام : ٥ و ٦.

(٢) جامع المقاصد : ١ / ١٢٥.

(٣) المبسوط : ١ / ٥ ، جامع المقاصد : ١ / ١٣٦.

(٤) جامع المقاصد : ١ / ١٣٦ ، للتوسّع لاحظ! ذخيرة المعاد : ١١٥.

٤٧

وللثالث وهو المختار ـ : الاستصحاب ، واشتراط طهره بالشيوع المتوقّف على الإطلاق ، ومعه يطهر وإن بقي التغيّر ؛ لكونه من المتنجّس ، فلا ينجس. وقياسه على طهر المطلق في كفاية الاتّصال باطل.

فصل

[ عدم مطهّرية المضاف ]

المضاف لا يرفع الحدث ؛ للاستصحاب ، وتكرّر نقل الإجماع ، وظاهر الآية (١) ، والمستفيضة (٢). خلافاً للصدوق في ماء الورد (٣) ؛ للخبر (٤). وردّ بالضعف والحمل.

ولا الخبث ؛ لأصالة البقاء ، وأوامر غسله بالماء وتنجّسه به ، فلا يرفعه. خلافاً للمفيد (٥) والسيّد ؛ لنقله الإجماع (٦) ، ودلالة الصحيح والخبر (٧) على تطهّر البول والدم بالمسح والبصاق. والأوّل غير مقاوم ، والثاني مع عدم الدلالة على المطلوب متروك الظاهر.

ولو مزج بمطلق وافقه في الوصف ، اعتبر الاسم ؛ لإناطة الحكم به.

وفي تعرّفه بالعرف أو الأكثريّة أو تقدير الوصف ، أقوال : للأكثر ، والشيخ ،

__________________

(١) المائدة (٥) : ٦ ، لاحظ! المعالم في الفقه : ١ / ٤١٥.

(٢) وسائل الشيعة : ١ / ٢٠١ الباب ١ من أبواب الماء المضاف والمستعمل.

(٣) الهداية : ٦٥.

(٤) وسائل الشيعة : ١ / ٢٠٤ الحديث ٥٢٣.

(٥) نقل عنه في المعتبر : ١ / ٨٢ ، مدارك الأحكام : ١ / ١١٢.

(٦) الناصريات : ١٠٥.

(٧) وسائل الشيعة : ٣ / ٤٠١ الحديث ٣٩٧٥ ، ١ / ٢٠٥ الحديث ٥٢٥.

٤٨

والفاضل (١). والظاهر الأوّل ؛ إذ الحكم في مثله للعرف ، فلو أمكن المزج والتطهير جاز وفاقاً ، ووجب على الأصحّ ، لصدق الوجدان ؛ إذ المزج وسيلة إلى الموجود كالحفر ، لا إيجاد كالاكتساب ، فهو مقدّمة للمطلق لا المشروط. خلافاً للشيخ ، أخذاً بالنقيض ، ودفعه ظاهر.

ولو اشتبه المطلق به أو بالمستعمل في الأكبر ، فإن فقد غيرهما وجب التطهّر بهما ؛ للإجماع ، وتوقّف الواجب عليه. وإلّا جاز ؛ لصدق الامتثال وعدم المانع. خلافاً لـ « الروض » (٢) وظاهر « المعتبر » (٣) ؛ لتمكّنه من الجزم في النيّة فلا يكفي التردّد ، وردّ بمنع وجوبه.

ولو انقلب أحدهما وجب التيمّم ؛ لظهور الأدلّة في استعمال ما يعلم إطلاقه لا ما لا يقطع بإضافته. لا التطهّر بالآخر معه كالأكثر ، أخذاً بوجوب المقدّمة ؛ لعدم واجب حتّى يجب التوسّل إليه بالجمع.

والاشتباه يحصل بالتباسهما بعد اليقين ، لا بالشكّ أوّلاً ؛ لأصالة العدم والطهوريّة.

ويثبت التميّز كالإضافة بعدلين ؛ لعموم الاعتبار ، لا بواحد لكونه شهادة. ودعوى كونها في أحكام العبادة كالرواية (٤) ممنوعة.

__________________

(١) المبسوط : ١ / ٨ ، مختلف الشيعة : ١ / ٢٣٩ ، للتوسّع لاحظ! المعالم في الفقه : ١ / ٤٢٩ ٤٣٢.

(٢) روض الجنان : ١٣٣.

(٣) المعتبر : ١ / ١٠٤.

(٤) نهاية الإحكام : ١ / ٢٥٢.

٤٩

بحث السؤر

وهو في اللغة : البقيّة (١). وعرفاً : ماء قليل باشره جسم حيوان ، لا مجرّد فمه ، كما يشهد به التتبّع.

وسؤر النجس نجس ، ووجهه ظاهر.

والطاهر طاهر ، وفاقاً للأكثر ؛ لأصالة البراءة والإباحتين والطهارتين ، والمستفيضة من الصحاح وغيرها (٢).

خلافاً للسيّد في سؤر الجلّال (٣) ، و « النهاية » في آكل الجيف من الطير (٤) ، و « التهذيب » فيما لا يؤكل سوى الطير والسنور (٥) ، و « الاستبصار » فيه سوى الفأرة والصقر والبازي (٦) ، و « المبسوط » في الإنسي منه سوى الطير.

للأوّلين : تكوّن لعابهما من النجس فينجس (٧). وردّ بمنع المقدّمتين.

وللبواقي فيما به الخلاف : مفهوم الصحيح والموثّق (٨) ولا دلالة له ولا مقاومة ، والنصوص حجّة على الكلّ.

[ و ] في تطهّر ما نجس من الحيوان بزوال العين مطلقاً ، أو مع الغيبة المحتملة

__________________

(١) تاج العروس : ١١ / ٤٨٣.

(٢) وسائل الشيعة : ١ / ٢٢٧ و ٢٣١ الباب ٢ و ٥ من أبواب الأسآر.

(٣) نقل عنه في المعتبر : ١ / ٩٧.

(٤) النهاية : ٤.

(٥) تهذيب الاحكام : ١ / ٢٢٤ ٢٢٨ ذيل الحديث ٦٤٢ و ٦٥١ و ٦٥٨.

(٦) الاستبصار : ١ / ٢٥ و ٢٦ ذيل الحديث ٦٤ و ٦٥.

(٧) لاحظ! المبسوط : ١ / ١٠.

(٨) وسائل الشيعة : ١ / ٢٣١ و ٢٣٠ الحديث ٥٩٣ و ٥٩٠.

٥٠

له وجهان : للأكثر و « النهاية » (١).

للأوّل وهو المختار ـ : إطلاق الأخبار ، وعدم فائدة فيها مع القطع بعدم اشتراط التطهير الشرعي ، ونقل الوفاق في الهرّة مع عدم القول بالفصل.

وللثاني : استصحاب النجاسة ، وعورض باستصحاب طهر الملاقي ، فيسلم ما مرّ.

ومن الآدمي بالثاني (٢) أو بالعلم أو الظنّ (٣) ، أو تلبّسه بمشروط بالطهارة مطلقاً (٤) ، أو مع علمه بالنجاسة وأهليّته للإزالة (٥) أقوال : أرجحها الأوّل ، وأشهرها الثاني.

لنا : الأصل والإطلاقات ، وإجماعهم على جواز الاقتداء والمباشرة مطلقاً مع القطع بسبق النجاسة.

للمخالفين : استصحاب النجاسة إلى القطع بالمزيل ، وهو عند كلّ واحد ممّا ذكره. وأُجيب بما مرّ.

وهذا الخلاف في الحكم يطهّر ظاهر الحيوان دون باطنه وغيره من الأرض والنبات ؛ لإجماعهم على كفاية الزوال في الأوّل ، وفي النصوص (٦) أيضاً دلالة عليه ، ووجوب تحصيل المعتبر من الظنّ أو العلم في الثاني ، والاستصحاب يرشد إليه.

__________________

(١) نهاية الإحكام : ١ / ٢٣٩ ، للتوسّع لاحظ! مفتاح الكرامة : ٢ / ٢٢٩.

(٢) أي : مع الغيبة المحتملة ، الحدائق الناضرة : ١ / ٤٣٥.

(٣) مفاتيح الشرائع : ١ / ٧٧.

(٤) مدارك الأحكام : ١ / ١٣٤ ، مجمع الفائدة والبرهان : ١ / ٢٩٧ ( مع تفاوت يسير ).

(٥) لاحظ! مفتاح الكرامة : ٢ / ٢٢٧ و ٢٢٨.

(٦) وسائل الشيعة : ٣ / ٤٣٧ الباب ٢٤ من أبواب النجاسات.

٥١

فصل

[ الأسآر المكروهة ]

يكره :

سؤر الخيل والبغل والحمار ؛ لظاهر الوفاق ، والمضمر (١) ، وقضيّة التسامح والانجبار يصحّح العمل به ، ومجوّزات استعماله لا تنافي الكراهة.

والجلّال وآكل الجيف ؛ للاحتياط والشهرة. وهو كما ترى.

والحائض المتّهمة في الوضوء ؛ وفاقاً لأكثر الثالثة ، لا مطلقاً كـ « المبسوط » (٢) ؛ إذ الجمع بين النصوص يرجّح الأوّل. وظاهر « التهذيبين » حرمة سؤر المتّهمة (٣) ، وكأنّه لمجرّد جمع لا عبرة به لا للفتوى.

والظاهر عدم التعدية إلى كلّ متّهم ؛ للأصل ، خلافاً للشهيدين (٤) لقياس لا عبرة به عندنا.

وكلّ ما لا يؤكل ؛ لصريح المرسل (٥) ، وظاهر الخبر والمضمر (٦) ، إلّا السنّور ؛ لظاهر المستفيضة (٧).

__________________

(١) وسائل الشيعة : ١ / ٢٣٢ الحديث ٥٩٥.

(٢) المبسوط : ١ / ١٠.

(٣) تهذيب الأحكام : ١ / ٢٢٢ ذيل الحديث ٦٣٦ ، الاستبصار : ١ / ١٧ ذيل الحديث ٣٤.

(٤) البيان : ١٠١ ، الروضة البهيّة : ١ / ٤٧.

(٥) وسائل الشيعة : ١ / ٢٣٢ الحديث ٥٩٤.

(٦) وسائل الشيعة : ١ / ٢٣١ و ٢٣٢ الحديث ٥٩٣ و ٥٩٥.

(٧) وسائل الشيعة : ١ / ٢٢٧ الباب ٢ من أبواب الأسآر.

٥٢

والفأرة ، على المشهور ؛ لكونها ممّا لا يؤكل ، خلافاً لظاهر « المعتبر » (١) ؛ للموثّق (٢) ، ولا دلالة له.

والحكم يعمّ ما وقعت فيه عند الأكثر ؛ لثبوت إباحته بأُصول ثلاثة ، بل بعمومات وخصوص المستفيضة (٣) ، وكراهته بما مرّ. وأوجب الصدوق والشيخان (٤) إراقته ؛ للمعتبرة (٥) ، وأُجيب بحملها على الندب جمعاً.

والوزغة ؛ لما مرّ. وهو كسابقه في خلاف الشيخين ، باستدلاله وجوابه.

والحيّة ، وفاقاً للمعظم ؛ للعموم المذكور ، وخصوص الخبر (٦) ، وخلافاً لـ « المعتبر » (٧) لخبر (٨) لا صراحة فيه. وربّما ظنّ المنع للسمّية ، وهو ضعيف ، والأُصول والعمومات وخصوص الصحيح والخبر (٩) يدفعه.

والعقرب ، على الأصحّ ؛ لثبوت الطهارة بالأُصول والعمومات وخصوص الحسن (١٠) ، والكراهة بما مرّ.

وتقييد الكراهة بما لاقاه ميّتاً كالأكثر ، أو التنجيس مطلقاً كالقاضي (١١) ، أو

__________________

(١) المعتبر : ١ / ١٠٠.

(٢) وسائل الشيعة : ١ / ٢٣٩ الحديث ٦١٦.

(٣) وسائل الشيعة : ١ / ٢٣٨ الباب ٩ من أبواب الأسآر.

(٤) المقنع : ١٤ و ٣٤ ، من لا يحضره الفقيه : ١ / ١١ ذيل الحديث ٢٠ ، المقنعة : ٧٠ ، النهاية : ٥٢.

(٥) وسائل الشيعة : ٣ / ٤٦٠ الحديث ٤١٧٦.

(٦) وسائل الشيعة : ١ / ٢٣٩ الحديث ٦١٥.

(٧) المعتبر : ١ / ١٠٠.

(٨) وسائل الشيعة : ١ / ٢٣٩ الحديث ٦١٧.

(٩) وسائل الشيعة : ١ / ٢٣٨ و ٢٣٩ الحديث ٦١٥ و ٦١٦.

(١٠) وسائل الشيعة : ١ / ٢٤٠ الحديث ٦١٨.

(١١) المهذب : ١ / ٢٦.

٥٣

مقيّداً كالطوسي (١) ضعيف ؛ إذ الأوّل لا حجّة له ، وللثاني إطلاق الموثّقين (٢) ، وحملهما على الكراهة متعيّن ، وهما حجّة الثالث بعد التقييد ، وفيه ما فيه.

والثعلبين ، وفاقاً للمشهور ؛ لثبوت الطهارة بالأُصول وإطلاق المستفيضة من الصحاح وغيرها (٣) ، والكراهة بالمرسل (٤) والعموم المذكور.

ونجّسهما جماعة ؛ للمرسل (٥) ، وحمله على الندب لازم ، ونقل الإجماع في « الغنية » (٦) ، وهو غير مقاوم.

والمسوخ ، ما عدا الخنزير ، على المشهور ؛ لثبوت الطهر بالأصل في المستفيضة في البعض (٧) مع عدم الفصل ، والكراهة بما مرّ.

ونجّسهما جماعة لخبر لا دلالة له (٨) ، وقيل بنجاسة لعابها ، ولا حجّة له.

وولد الزنا ، وفاقاً للمعظم ؛ لثبوت إسلامه وطهره بالأصل وظاهر النبوي (٩) ، وانتفاء التلازم بين نقيضهما ، والتكوّن من الزنا ، خلافاً للسيّد والحلّي (١٠) ؛ لأخبار ضعيفة (١١) لا تثبت أزيد من كراهة سؤره ، وهي حجّتنا عليه.

__________________

(١) النهاية : ٦.

(٢) وسائل الشيعة : ١ / ٢٤٠ الحديث ٦١٩ و ٦٢٠.

(٣) لاحظ! وسائل الشيعة : ٤ / ٣٥٥ الباب ٧ من أبواب لباس المصلّي.

(٤) وسائل الشيعة : ١ / ٢٣٢ الحديث ٥٩٤.

(٥) وسائل الشيعة : ٣ / ٢٦٢ الحديث ٤١٨٠.

(٦) غنية النزوع : ٤٤.

(٧) كالفأرة وغيرها ، لاحظ! وسائل الشيعة : ١ / ٢٣١ و ٢٣٨ الباب ٥ و ٩ من أبواب الأسآر.

(٨) وسائل الشيعة : ١٧ / ١٧١ الحديث ٢٢٢٧٦.

(٩) بحار الأنوار : ٣ / ٢٨١ الحديث ٢٢.

(١٠) الانتصار : ٢٧٣ ، السرائر : ١ / ٣٥٧.

(١١) وسائل الشيعة : ١ / ٢١٨ و ٢١٩ الحديث ٥٥٦ و ٥٥٨ و ٥٥٩.

٥٤

ولا كراهة في سؤر الدجاج ؛ للأصل ، وظاهر المعتبرة وغيرها (١) ، خلافاً لبعضهم مطلقاً (٢) ، و « المعتبر » في المهملة (٣) ؛ لعلّة لا عبرة بها.

ولا في فضل وضوء المرأة ؛ للأصل ، والإجماعين ، وصريح العلوي (٤) بل غسلها ؛ لقضيّة اغتساله صلى‌الله‌عليه‌وسلم مع زوجته (٥). وفتوى الفاضل (٦) وبعض الثالثة (٧) بحرمة الاغتسال منه لا حجّة له.

وميتة ما لا نفس له طاهرة بالأصل ، والإجماع ، والمستفيضة (٨) ، فلا يكره سؤره إلّا ما خرج بالدليل.

ولو وقع صيد ضرب في الماء ، فإن قتله الجرح فهما على الحلّ والطهارة بالأصل والإجماع ، وإلّا فعلى الحظر والنجاسة ؛ للاستصحاب والصحيح (٩).

__________________

(١) وسائل الشيعة : ١ / ٢٣٠ الباب ٤ من أبواب الأسآر.

(٢) المبسوط : ١ / ١٠ ، منتهى المطلب : ١ / ١٦٣.

(٣) المعتبر : ١ / ٩٩ و ١٠٠.

(٤) لم نعثر في مظانّه.

(٥) وسائل الشيعة : ٢ / ٢٤٢ الباب ٣٢ من أبواب الجنابة.

(٦) المعتبر : ١ / ٨٦ ، تنبيه : لم نعثر عليه في كتب العلامة الذي هو المراد من الفاضل عند الإطلاق والظاهر المراد هنا هو المحقق.

(٧) حاشية المدارك للوحيد البهبهاني : ١ / ١٩٣.

(٨) وسائل الشيعة : ٣ / ٤٦٣ الباب ٣٥ من أبواب النجاسات.

(٩) وسائل الشيعة : ٢٣ / ٣٧٨ الحديث ٢٩٧٩٤.

٥٥

بحث

حكم الماء النجس والمشتبه

حرمة شرب النجس اختياراً كجوازه ضرورةً مجمع عليه.

ولا يحصل به الطهر إجماعاً ؛ لظاهر المستفيضة ، والمتطهِّر به آثم إن اعتقد الشرعيّة ، ووجهه ظاهر. وإطلاق التأثيم كالكركي (١) أو عدمه كـ « النهاية » (٢) ضعيف ، وتعليلهما عليل.

فصل

[ حكم الإناءين المشتبهين ]

يجب اجتناب المشتبهين بالإجماعين ، والموثّقين (٣). والاحتجاج عليه بتوقّف ترك المنهي أو فعل الواجب عليه ضعيف ، كما قرّرناه في « اللوامع » (٤).

وظاهر الأدلّة كمقتضى الأصل اختصاص الحكم بالإنائين ، فلا ينسحب إلى الزائد ومثل الغديرين. خلافاً للشيخين والفاضلين (٥) ؛ لنفي الفارق ، وردّ

__________________

(١) جامع المقاصد : ١ / ١٤٩.

(٢) نهاية الاحكام : ١ / ٢٤٦.

(٣) وسائل الشيعة : ١ / ١٥١ و ١٥٥ الحديث ٣٧٦ و ٣٨٨.

(٤) لم نعثر عليه ( مخطوط ).

(٥) المقنعة : ٦٩ ، النهاية : ٦ ، المعتبر : ١ / ١٠٤ ، منتهى المطلب : ١ / ١٧٧.

٥٦

بعدم القطع به فلا يكون من القياس المعتبر كالقطعي والحملي أو الحجّة من تنقيح المناط.

والتفرقة بين الشبهتين عندي باطلة ، وتناول الإجماع لموضع النزاع غير ظاهر ، فإن ثبت فهو الحجّة.

والمشتبه بالمشتبه كالطاهر لا النجس ؛ لما مرّ ، فلا عبرة بخلاف « المنتهى » (١).

والشكّ في وقوع النجاسة أو نجاسة الواقع لا يوجب التنجّس ؛ للأصل والإجماع.

والمشتبه كالنجس في عدم التطهير لا في تنجيسه الملاقي ، وفاقاً للثانيين (٢) وبعض الثالثة (٣) ؛ للأصل ، والاستصحاب ، وعدم تناول الأدلّة له ، ودعوى كونه كالنجس مطلقاً مصادرة. وخلافاً لـ « المنتهى » (٤) ؛ لحجّة ضعفها ظاهر.

ولا يجب إحراق المشتبه عند الأكثر ؛ لعدم قرينة على النجس في الاحتراز ، مع إمكان النفع منه بوجوه ، خلافاً لظاهر الشيخين مطلقاً (٥) ؛ لظاهر الأمر. قلنا : العرف يفهم منه منع الاستعمال. وللصدوقين لو أراد التيمّم (٦) ؛ لصدق الوجدان قبله ، وردّ بالمنع مع المنع منه.

وضرورة العطش تبيح شربه وفاقاً ، وخوفه يوجب حفظه.

__________________

(١) منتهى المطلب : ١ / ١٧٨.

(٢) روض الجنان : ٢٢٥ ، ونقل عن المحقق الثاني أيضاً.

(٣) مدارك الأحكام : ١ / ١٠٨.

(٤) منتهى المطلب : ١ / ١٧٨.

(٥) المقنعة : ٦٩ ، النهاية : ٦.

(٦) نقل عن والد الصدوق في المعالم في الفقه : ١ / ٣٧٨ ، المقنع : ٢٨.

٥٧

فصل

[ كيفيّة ثبوت النجاسة ]

ظنّ النجاسة كاليقين إن استند إلى العدلين ؛ وفاقاً للأكثر أو المالك أيضاً ، وفاقاً لـ « المنتهى » (١) و « جامع [ المقاصد ] » (٢) ، والحقّ تقييد الأوّل بتبيين السبب أو العلم بالوفاق والثاني بالإخبار قبل الاستعمال لا بعده.

لا إلى واحد أيضاً كبعضهم (٣) ، ولا مطلقاً كالحلبي (٤) ، ولا عدم اعتباره مطلقاً كالقاضي (٥).

لنا على أوّل جزئي الإثبات : عموم الاعتبار ، وخصوصه في نجاسة الماء المبيح ، ومنع العموم يدفعه التصفّح. وعلى ثانيهما : ظاهر المستفيضة ، وعلى التقييد الأوّل : إمكان الاختلاف في المنجّس ، وعلى الثاني : زوال المالكيّة بالاستعمال.

وعلى النفي : عموم النهي عن العمل بالظن ، والأمر بالإراقة نظراً إلى ترك الاستفصال خرج ما خرج فيبقى الباقي.

للبعض : كون الشهادة في متعلّق العبادة كالرواية ، وضعفه ظاهر.

وللحلبي : حجّية الظن ، ووجوب تقديم الراجح.

قلنا : الحجّة بعض الظن لا كلّه ، والمقدّم أرجح الدليلين لا المدلولين.

للقاضي : معلوميّة الطهر بالأُصول ، فلا يترك بالظنّ. وجوابه ظاهر.

ثمّ الإخبار بالطهارة إن لم يسبقه العلم بالنجاسة فحكمه ظاهر ، وإلّا فقبوله

__________________

(١) منتهى المطلب : ١ / ٥٦.

(٢) جامع المقاصد : ١ / ١٥٤.

(٣) المعالم في الفقه : ١ / ٣٩٢.

(٤) نقل عنه في جامع المقاصد : ١ / ١٥٣.

(٥) جواهر الفقه : ٩.

٥٨

من العدلين والمالك ممّا لا ريب فيه ، ومن الواحد محلّ كلام. والظاهر قبوله مع الاطمئنان ؛ لاعتضاده بالأصل وبما مرّ ، وإن كان العقل يأبى عن التفرقة.

[ و ] تعارض البيّنتين في عروض النجاسة وعدمه في وقت معيّن يوجب التساقط والرجوع إلى أصالة الطهارة ، وفاقاً للشيخ و « البيان » وبعض الثالثة (١) ؛ لأنّه مقتضى التعارض.

وفقد الترجيح لا يرجّح الطهارة كما قيل لاعتضاد بيّنتها بالأصل (٢) ؛ إذ لم يعهد جعله مرجّحاً للبيّنة ، وإرجاعه إلى المختار لتوافقهما في الحكم غير بعيد.

ولا النجاسة كالحلّي (٣) ؛ إذ بيّنتها ناقلة مثبتة ، وهي أولى من الأُخرى الباقية المقرّرة ؛ لمنع الأولويّة.

ولا إلحاقه بالمشتبه كالفاضل وولده والعاملي (٤) للاشتباه ؛ إذ لزوم التساقط يرفعه.

و [ تعارض البيّنتين ] في تعيين النجس من الإناءين يوجب تنجّسهما إن أمكن الجمع ، وإلّا فكالمشتبه وفاقاً للأكثر.

و « الخلاف » على سقوطهما وبقاء أصل الطهر (٥). و « المبسوط » في الأوّل كالأكثر وفي الثاني كـ « الخلاف » (٦). و « المختلف » تارة فيهما كالأكثر وأُخرى كـ « المبسوط » (٧). والحلّي في الأوّل كالأكثر وفي الثاني اختار القرعة أوّلاً وما

__________________

(١) الخلاف : ١ / ٢٠١ المسألة ١٦٢ ، البيان : ١٠٣ ، كشف اللثام : ١ / ٣٧٧.

(٢) إيضاح الفوائد : ١ / ٢٤.

(٣) السرائر : ١ / ٨٨.

(٤) قواعد الأحكام : ١ / ٧ ، إيضاح الفوائد : ١ / ٢٤ ، مفتاح الكرامة : ١ / ٥٥٠.

(٥) الخلاف : ١ / ٢٠١ المسألة ١٦٢.

(٦) المبسوط : ١ / ٨ و ٩.

(٧) مختلف الشيعة : ١ / ٢٥١ و ٢٥٢.

٥٩

للخلاف ثانياً وما للأكثر في الأوّل ثالثاً (١).

لنا : على الأوّل : وجود المقتضي وعدم المانع ، وعلى الثاني وفاق البيّنتين على نجاسة أحدهما واختلافهما في التعيين ، فاللازم لنا الحكم بالأوّل والتوقّف في الثاني ، وهو معنى الاشتباه.

لـ « الخلاف » : فقد الدليل على قبول أحدهما أو كليهما ، فيجب طرحهما وإبقاء الماء على أصله.

قلنا : الاطراح للتعارض ، وهو في التعيين لا في نجاسة أحدهما.

لـ « المبسوط » : فيما به الوفاق ما لنا ، وفيما به الخلاف ما لـ « الخلاف » ، وظهر دفعه.

ولـ « المختلف » إن كان كالأكثر ما لهم ، وإن كان كـ « المبسوط » فما له.

للحلّي : على الأوّل ما لنا ، وعلى الثاني إن كان كـ « الخلاف » فما له وإن كان كالأكثر في الأوّل فيضمن كلّ منهما الإثبات والنفي ، والأوّل مقدّم فيؤخذ به ويطرح الثاني. وردّ بمنع التقدّم ، وإن بنى على القرعة فلا حجّة له.

والظاهر تقديم أرجح البيّنتين عدالة أو دلالة ، كما في اختلاف المالك والعدلين مع قوّة الظنّ بصدقه ؛ إذ التسوية بين الراجح والمرجوح كترجيح أحد المتساويتين ، وهو باطل.

وفي انسحاب الحكم إلى المشتبه بالمغصوب إشكال ؛ إذ الأصل إباحة كلّ شي‌ء حتّى يقطع بخلافه ، واستثناء الشبهة في المحصور لا دليل له.

والاحتجاج بتوقّف الواجب أو يقين البراءة عن يقين الشغل عليه قد ظهر ضعفه ، وباتّحاد الطريق أو تنقيح المناط كما ترى.

__________________

(١) السرائر : ١ / ٨٦ ٨٨.

٦٠