معتمد الشيعة في أحكام الشريعة

محمد مهدي بن أبي ذر النراقي [ المولى مهدي النراقي ]

معتمد الشيعة في أحكام الشريعة

المؤلف:

محمد مهدي بن أبي ذر النراقي [ المولى مهدي النراقي ]


المحقق: مؤسسة العلامة المجدّد الوحيد البهبهاني
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤتمر المولى مهدي النراقي
المطبعة: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ١
الصفحات: ٤٩٦

ولا يكره له التطيّب ، والتنوّر ، والذبح ، والحجامة ؛ للأصل والصحيح والخبر (١).

فصل

واجباته :

النية.

وكونه بماء طاهر مطلق مباح ، كما مرّ.

وغسل البدن بأسره ، بالإجماع والمستفيضة (٢). واشتراط الجري فيه اختياراً موضع الوفاق ، ونقله عليه متكرّر (٣) ، واضطراراً قول الأكثر ؛ للاستصحاب ومفهوم المستفيضة (٤) واعتباره لغة (٥) وعرفاً في الغسل والصبّ والإفاضة الواردة في النصوص.

خلافاً للشيخين (٦) وظاهر الإسكافي (٧) ، فاكتفوا بالمسح عند الضرورة ؛ لأخبار الدهن والأكفّ والطهارة بالثلج (٨) بعد حمل (٩) الأُولى على حال الاختيار ،

__________________

(١) وسائل الشيعة : ٢ / ٢٢٣ الحديث ١٩٩٦ و ١٢٢٤ الحديث ١٩٩٧.

(٢) وسائل الشيعة : ٢ / ٢٢٩ الباب ٢٦ من أبواب الجنابة.

(٣) مدارك الأحكام : ١ / ٢٩١ ، كشف اللثام : ٢ / ١٣.

(٤) وسائل الشيعة : ٢ / ٢٢٩ الباب ٢٦ من أبواب الجنابة.

(٥) أقرب الموارد : ٢ / ٨٧٢.

(٦) المقنعة : ٥٣ ، النهاية : ١٥ و ٤٧.

(٧) نقل عنه في ذكرى الشيعة : ٢ / ٢٢٠.

(٨) وسائل الشيعة : ١ / ٤٨٤ الباب ٥٢ من أبواب الوضوء ، ٣ / ٣٥٦ الباب ١٠ من أبواب التيمّم ، ٢ / ٢٤٠ الباب ٣١ من أبواب الجنابة.

(٩) في النسخ الخطّية : عمل ، والظاهر أنّ الصحيح ما أثبتناه.

٢٤١

ولعلّه أولى من حمل الثانية على أقل الجري ؛ لاعتضاده بكثرتها وشهادة المستفيضة الفارقة بين الحالين ، واعتضاد الثاني بالاستصحاب لا يرجّحه ، ونقل الإجماع لا يتناوله.

وبالمباشرة ؛ وفاقاً ؛ لظاهر الآية والنصوص (١) ، ويكره الاستعانة بنحو الصبّ ، لا الإحضار.

والترتيب ، بتقديم الرأس والعنق بالإجماع والمستفيضة (٢) ، ولا ترتيب بينهما لظاهر الوفاق ، ثمّ الميامن على المياسر ؛ لدعوى الإجماع من الطوسي والحلّي والسيّدين والفاضلين (٣) ، وتيقّن الشغل فيلزم تيقّن البراءة ، وثبوت لزوم التقديم في غسل الميّت بالإجماع والمستفيضة (٤) ، فيلزم في غسل الجنابة ؛ لتماثلهما بالقوى (٥) ، وفعل النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم كما هو المروي (٦) وظاهر الحسن والموثّق والرضوي (٧).

وظاهر الإسكافي عدم الترتيب (٨) بينهما ؛ لإطلاق الآية والمستفيضة (٩) ، وأُجيب بالتقييد جمعاً والحدّ المشترك فعل مرتين (١٠) للتوقّف.

__________________

(١) النساء (٤) : ٤٣ ، وسائل الشيعة : ١ / ٤٧٦ الباب ٤٧ من أبواب الوضوء.

(٢) وسائل الشيعة : ٢ / ٢٣٥ الباب ٢٨ من أبواب الجنابة.

(٣) الخلاف : ١ / ١٣٢ المسألة ٧٥ ، السرائر : ١ / ١٣٥ ، الانتصار : ٣٠ ، غنية النزوع : ٦١ ، المعتبر : ١ / ١٨٢ ، تذكرة الفقهاء : ١ / ٢٣١.

(٤) وسائل الشيعة : ٢ / ٤٧٩ الباب ٢ من أبواب غسل الميّت.

(٥) وسائل الشيعة : ٢ / ٤٨٦ الحديث ٢٧٠٨.

(٦) منتهى المطلب : ٢ / ١٩٥ ، سنن الكبرى : ١ / ١٧٧.

(٧) وسائل الشيعة : ٢ / ٢٢٩ الحديث ٢٠١٤ ، ٢٤١ الحديث ٢٠٤٨ ، فقه الرضا عليه‌السلام : ٨١ ، مستدرك الوسائل : ١ / ٤٧٠ الحديث ١١٨٨.

(٨) نقل عنه في ذكرى الشيعة : ٢ / ٢٢٠.

(٩) النساء (٤) : ٤٣ ، المائدة (٥) : ٦ ، وسائل الشيعة : ٢ / ٢٢٩ الباب ٢٦ من أبواب الجنابة.

(١٠) في نسخة مكتبة آية الله السيد المرعشي : بغسل مرّتين.

٢٤٢

ولا ترتيب في نفس الأعضاء ؛ للأصل وإطلاق النصوص ، وإن استحبّ البدأة بالأعلى ؛ لفعل الحجج (١) عليهم‌السلام وأقربيّته إلى التحفّظ.

ولو أخلّ بالترتيب أعاد ما يحصّله وفاقاً.

ولا يجب الموالاة ، بالإجماع والنصوص (٢).

ويجزئ الارتماس إجماعاً ؛ لإطلاق الآية وصريح المستفيضة (٣) ، وأخبار الترتيب (٤) لا تعارضها ، وموردها غسل الجنابة والتعدية بالإجماع.

واللازم فيه التغطّي بالماء دفعة عرفيّة فيحصل بالدخول مع الخروج ، وبالعكس ، وبهما معاً ، وبالانتقال مع الدخول ، وبهما مع الأوّلين ، واشتراط الخروج كلّاً أو بعضاً منفي بالإجماع وعدم المقتضي.

ويصحّ بالوقوف تحت المطر بالإجماع والصحيح والمرسل (٥) ، وظاهرهما لحوقه بالارتماسي كما عليه الأكثر. ويعضده الأصل ، وإطلاق الآية وكفاية الإتيان بالمتيقّن في موضع الشك. وإلحاقه بالترتيبي (٦) ضعيف ، والاحتجاج بإيجاب أحد اليقينين والشكّين للآخر عليل ، وبأصالة الترتيب في الغسل دعوى بلا دليل.

والظاهر انسحاب الحكم إلى نحو الميزاب والمجرى ؛ لإيماء الصحيح (٧) ، فيثبت بتنقيح المناط.

__________________

(١) لم نعثر في مظانّه. تنبيه : يمكن أن يستدل للاستحباب بصحيحة زرارة وحسنته ، لاحظ! وسائل الشيعة : ٢ / ٢٢٩ و ٢٣٠ الحديث ٢٠١٤ و ٢٠١٧ ، للتوسّع لاحظ! مستند الشيعة : ٢ / ٣٢٨.

(٢) وسائل الشيعة : ٢ / ٢٣٧ الباب ٢٩ من أبواب الجنابة.

(٣) وسائل الشيعة : ٢ / ٢٣٠ ٢٣٣ الحديث ٢٠١٧ و ٢٠٢٤ و ٢٠٢٥ و ٢٠٢٧.

(٤) وسائل الشيعة : ٢ / ٢٢٩ الباب ٢٦ من أبواب الجنابة.

(٥) وسائل الشيعة : ٢ / ٢٣١ الحديث ٢٠٢٢ ، ٢٠٣ الحديث ٢٠٢٦.

(٦) لاحظ! السرائر : ١ / ١٣٥ ، المعتبر : ١ / ١٨٤ و ١٨٥.

(٧) وسائل الشيعة : ٢ / ٢٣١ الحديث ٢٠٢٢.

٢٤٣

والمرتمس يقارن بالنيّة أوّل الملاقاة ، ولا يؤخّرها عنه وفاقاً ، ووجهه ظاهر. وكأنّ ما ذكره بعضهم (١) من مقارنتها لجزء من البدن يرجع إلى هذا ، لا إلى تعيينه ؛ لعدم الدليل.

وظاهر « المقنعة » (٢) كصريح « الوسيلة » (٣) كراهة الارتماس في الراكد مطلقاً وبعض الظواهر يومي إليه.

وتخليل المانع ، بالإجماعين والمستفيضة (٤) ، والشعر إن توقّف على غسله وجب ، وإلّا فلا بالإجماع والنصوص (٥) ، وفتوى « المقنعة » بحلّ المشدود منه (٦) مقيّد بالتوقّف.

نعم ؛ بدونه يستحب غسله ؛ لبعض النصوص (٧).

ويجب غسل الأهداب والحاجبين ؛ للتوقّف ، دون المسترسل من اللحية بإجماعنا ؛ لعدمه.

واللازم غسل الظواهر دون البواطن إجماعاً ؛ للمطلقات وخصوص الخبر (٨). وعكن البطن (٩) وتحت الثدي ومعاطف الآباط والآذان من الاولى وفاقاً ،

__________________

(١) الروضة البهيّة : ١ / ٩٤ ، جامع المقاصد : ١ / ٢٦٣.

(٢) المقنعة : ٥٤.

(٣) الوسيلة : ٥٥.

(٤) وسائل الشيعة : ١ / ٤٦٧ الباب ٤١ من أبواب الوضوء.

(٥) وسائل الشيعة : ٢ / ٢٥٥ الباب ٣٨ من أبواب الجنابة.

(٦) المقنعة : ٥٤.

(٧) وسائل الشيعة : ٢ / ١٧٥ الحديث ١٨٥٦ و ٢٥٧ الحديث ٢٠٩٧ ، لاحظ! ذكرى الشيعة : ٢ / ٣١٧.

(٨) وسائل الشيعة : ١ / ٤٣١ الحديث ١١٢٩.

(٩) في النسخ الخطّية : تمكن البطن ، وما في المتن أثبتناه ، لاحظ! لسان العرب : ١٣ / ٢٨٨.

٢٤٤

ودواخل الفم والأنف والعين والأُذن من الثانية بالإجماع والمستفيضة (١).

وسننه :

التسمية ؛ للعمومات وخصوص الصحيح والرضوي (٢).

وغسل اليدين ثلاثاً ، بالإجماع والمستفيضة (٣) ، وعليها يحمل إطلاقات الغسل ، ويعضده استحبابه في غسل الميّت (٤) مع النصّ على التسوية (٥). وهو عند الأكثر من الزند للصحاح (٦) ، وعند الجعفي من المرفق (٧) للصحيحين والخبرين (٨) ، أو ما بينهما للموثّق والخبر (٩). والكلّ حسن وإن كان الوسط أحسن.

والمضمضة والاستنشاق ؛ لظاهر الوفاق وصريح الصحيح والخبر (١٠).

وتثليثهما ؛ لنصّ الرضا (١١) عليه‌السلام ، ولا يجبان بالإجماع والمستفيضة (١٢).

وإمرار اليد على الجسد ؛ للإجماع والاستظهار ، ويعضده قول الرضا (١٣) عليه‌السلام ، وثبوته في غسل الميّت.

__________________

(١) وسائل الشيعة : ٢ / ٢٢٦ الحديث ٢٠٠٦ ، ١ / ٤٣٢ الحديث ١١٣٣ و ١١٣٢ ، ٤٣٣ الحديث ١١٣٥.

(٢) وسائل الشيعة : ١ / ٤٢٣ الحديث ١١٠٥ ، فقه الرضا عليه‌السلام : ٨١ ، مستدرك الوسائل : ١ / ٤٧٨ الحديث ١٢٠٧.

(٣) وسائل الشيعة : ٢ / ٢٢٩ الباب ٢٦ من أبواب الجنابة.

(٤) وسائل الشيعة : ٢ / ٤٨٠ الحديث ٢٦٩٦.

(٥) وسائل الشيعة : ٢ / ٤٨٦ الباب ٣ من أبواب غسل الميّت.

(٦) وسائل الشيعة : ٢ / ٢٢٩ الحديث ٢٠١٣ و ٢٠١٤ ، ٢٣٠ الحديث ٢٠١٧.

(٧) نقل عنه في ذكرى الشيعة : ٢ / ٢٣٨.

(٨) وسائل الشيعة : ٢ / ٢٤٦ الحديث ٢٠٦٥ ، ٢٤٧ الحديث ٢٠٦٧ ، ٢٣٣ الحديث ٢٠٢٨ ، ٢٦٥ الحديث ٢١١٧.

(٩) وسائل الشيعة : ٢ / ٢٣١ الحديث ٢٠٢٠ ، ٤٨٠ الحديث ٢٦٩٦.

(١٠) وسائل الشيعة : ٢ / ٢٢٥ الحديث ١٩٩٩ و ٢٠٠١.

(١١) فقه الرضا عليه‌السلام : ٨١ ، مستدرك الوسائل : ١ / ٤٦٨ الحديث ١١٨٣.

(١٢) وسائل الشيعة : ٢ / ٢٢٥ الباب ٢٤ من أبواب الجنابة.

(١٣) فقه الرضا عليه‌السلام : ٨١ ، مستدرك الوسائل : ١ / ٤٧٠ الحديث ١١٨٨.

٢٤٥

والدعاء بالمأثور.

والموالاة ؛ لفعل الحجج عليهم‌السلام ، ولما فيه من المسارعة إلى الخير.

وتخليل المانع قبل الإفاضة ، وغيره عقدها للاستظهار وبعض الصغائر للخبرين (١).

وغسل الفرج باليسار ؛ للعمومات وخصوص الصحيح (٢).

وتثليث غسل كلّ عضو ، ولو في الارتماسي ، حملاً على غسل الميّت ، والمنصوص تثليث الصبّ في الرأس ، وتثنيته في غيره (٣) ، فلو أُريد به الغسل حمل الأقلّ على غير المؤكّد.

والإسباغ بالصاع ؛ للإجماع وفعل النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم كما في الصحاح وغيرها (٤) ، وظاهرها عدم رجحان الزائد ، إلّا أنّ الفاضلين صرّحا باستحبابه ، ونقلا الإجماع عليه (٥) ، والشهيد حكاه عن الشيخ وجماعة (٦) ، فلا يبعد القول به إن لم يؤدّ إلى السرف.

فروع :

الأوّل : لا يستحب تجديد الغسل ؛ للأصل والإجماع.

__________________

(١) فقه الرضا عليه‌السلام : ٨١ ، مستدرك الوسائل : ١ / ٤٧٠ الحديث ١١٨٨ ، وسائل الشيعة : ٢ / ٢٥٥ الحديث ٢٠٩٣ ، لاحظ! الحدائق الناضرة : ٣ / ١١٣.

(٢) وسائل الشيعة : ٢ / ٢٣٠ الحديث ٢٠١٧.

(٣) وسائل الشيعة : ٢ / ٢٢٩ الحديث ٢٠١٣.

(٤) وسائل الشيعة : ٢ / ٢٤٢ الباب ٣٢ من أبواب الجنابة.

(٥) المعتبر : ١ / ١٨٦ ، منتهى المطلب : ٢ / ٢١٠.

(٦) ذكرى الشيعة : ٢ / ٢٤٣.

٢٤٦

الثاني : يستحبّ قبله الاستبراء بالبول والاجتهاد ، وفاقاً للسيّد والحلّي والفاضلين (١) وجلّ الثالثة ، ولا يجب بهما كالجعفي (٢) ، ولا بأحدهما كالشيخ وابني زهرة وحمزة (٣) ، ولا بالأوّل إن أمكن وإلّا فبالثاني كالمفيد والقاضي (٤) ، وإطلاق وجوبه من جماعة يرجع إلى أحد الثلاثة. وكلام الصدوق والإسكافي (٥) يحتمل الحكمين بالنسبة إلى الأوّل أو إليهما.

لنا : على عدم وجوبه : الأصل وإطلاق الكتاب وأكثر النصوص (٦). وعلى ندبه : خصوص المستفيضة (٧) ، وهي حجّة الموجب أخذاً بظاهرها وتقييداً للمطلقات بها ، إمّا مع تقييد كلّ من القسمين بالآخر كالأوّل ، أو الحمل على التخيير لحصول العلّة بأحدهما كالثاني ، أو تقديم الأقوى في تحصيلها كالثالث. وردّ بعدم دلالتها على الوجوب مع ظهور بعضها في الندب ، فحمل الكلّ عليه متعيّن.

ولو سلّم دلالة البعض لظاهر الأمر ، فالتأمّل يعطي كونه إرشاداً إلى ما يدفع إعادة الغسل بعد ظهور البلل.

__________________

(١) نقل عن السيد في المعتبر : ١ / ١٨٥ ، السرائر : ١ / ١١٧ ، المعتبر : ١ / ١٨٥ ، تذكرة الفقهاء : ١ / ٢٣٢ ، مختلف الشيعة : ١ / ٣٣٥.

(٢) نقل عنه في ذكرى الشيعة : ٢ / ٢٣٠.

(٣) المبسوط : ١ / ٢٩ ، غنية النزوع : ٦١ ، الوسيلة : ٥٥ ، تنبيه : ظاهر « الوسيلة » كالمفيد والقاضي ، لاحظ! مفتاح الكرامة : ٣ / ٧٣ و ٧٤.

(٤) المقنعة : ٥٢ ، نقل عن القاضي في ذكرى الشيعة : ٢ / ٢٣٠.

(٥) من لا يحضره الفقيه : ١ / ٤٦ ، نقل عن الإسكافي في ذكرى الشيعة : ٢ / ٢٣٠.

(٦) وسائل الشيعة : ١ / ٢٨٢ الباب ١٣ من أبواب نواقض الوضوء ، ٢ / ٢٥٠ الباب ٣٦ من أبواب الجنابة.

(٧) وسائل الشيعة : ١ / ٣٢٠ الباب ١١ من أبواب أحكام الخلوة ، مستدرك الوسائل : ١ / ٢٥٩ الباب ١٠ من أبواب أحكام الخلوة.

٢٤٧

والحقّ اختصاصه بالمنزل ؛ لجريان العلّة فيه دون غيره ، بحكم العقل وإيماء الخبرين (١) ، وبالرجل وفاقاً للمعظم ؛ للأصل ونقل الإجماع (٢) وتغاير المخرجين في المرأة ، وخلافاً لـ « المقنعة » و « النهاية » (٣) للصحيح (٤) ، وهو غير ناهض.

الثالث : الخارج بعد الغسل إن اتّضح فحكمه واضح ، وإن اشتبه فالغسل إمّا بعد البول والاجتهاد أو الأوّل أو الثاني مع إمكانه أو تعذّره أو بدونهما.

فعلى الأوّل : لا يجب غسل ولا وضوء ، بالأصل والإجماع والاستصحاب والمستفيضة من الصحاح وغيرها (٥) ، ويؤيّده قوّة الظنّ بإخراجهما بقايا الموجبين.

وعلى الثاني : يتوضّأ ولا يغتسل ؛ لاستفاضة النصوص (٦) ، وظاهر الوفاق.

ويعضد الأوّل إطلاق الصحيح (٧) ، ومفهوم المعتبرة (٨) ، والثاني الأصل ونقل الآخر في « السرائر » (٩) وغلبة الظن بدفع البول بقايا المني.

وعلى الثالث : يغتسل ؛ لإطلاق المستفيضة (١٠). وخلاف بعضهم (١١) لا عبرة به.

__________________

(١) وسائل الشيعة : ٢ / ٢٥١ الحديث ٢٠٨١ ، مستدرك الوسائل : ١ / ٤٧٧ الحديث ١٢٠٥.

(٢) غنية النزوع : ٦١ ، رياض المسائل : ١ / ٣٠٤.

(٣) المقنعة : ٥٤ ، النهاية : ٢١.

(٤) وسائل الشيعة : ٢ / ٢٣٠ الحديث ٢٠١٨.

(٥) وسائل الشيعة : ١ / ٢٨٢ الباب ١٣ من أبواب نواقض الوضوء ، ٢ / ٢٥٠ الباب ٣٦ من أبواب الجنابة.

(٦) وسائل الشيعة : ٢ / ٢٥١ و ٢٥٢ الحديث ٢٠٨١ ٢٠٨٣.

(٧) وسائل الشيعة : ٢ / ٢٥١ الحديث ٢٠٨١.

(٨) وسائل الشيعة : ١ / ٣٢٠ الحديث ٨٤١.

(٩) السرائر : ٣ / ٥٨٧.

(١٠) وسائل الشيعة : ٢ / ٢٥١ و ٢٥٢ الحديث ٢٠٨٠ و ٢٠٨١ و ٢٠٨٤.

(١١) شرائع الإسلام : ١ / ٢٨ ، لاحظ! رياض المسائل : ١ / ٣٠٦.

٢٤٨

والرابع كالأوّل ، وفاقاً للأكثر ؛ للأصل والاستصحاب ، وإطلاق المستفيضة (١) بعد تقيّده بالتعذّر جمعاً.

وقيل : يجب الغسل (٢) لإطلاق الأُخرى (٣).

وأُجيب بتقيّدها بالأُولى وإن كانت أكثر منها ؛ لاعتضادها بالشهرة والأصلين في إيجاب العمل بالأُخرى طرح الاولى.

والخامس كالثالث ، وفاقاً للمعظم ؛ لنقل الإجماع (٤) والمستفيضة (٥) ، والأُخرى (٦) المعارضة لها مقيّدة بالرابع كما مرّ ، وقوّة الظنّ فيهما بالتخلّف تؤكّد الحكم وثبوته في الرابع مع التخلّف للمعارض.

وظاهر الصدوق كفاية الوضوء (٧) ؛ للمرسل (٨). وردّ بعدم التقاوم.

ثمّ الخارج بعد الغسل حدث جديد ، فالعبادة الواقعة بينهما صحيحة ؛ لحصول الامتثال ، وقيل بالإعادة (٩) لظاهر الصحيح والمضمر (١٠) ، وردّ بعدم الصراحة والحجّية.

الرابع : واجد اللمعة في الترتيبي يغسلها بالإجماع والإطلاقات

__________________

(١) وسائل الشيعة : ٢ / ٢٥٠ الباب ٣٦ من أبواب الجنابة.

(٢) مدارك الأحكام : ١ / ٣٠٥.

(٣) وسائل الشيعة : ٢ / ٢٥١ الحديث ٢٠٨١.

(٤) السرائر : ١ / ١٢٢ ، لاحظ! رياض المسائل : ١ / ٣٠٥.

(٥) وسائل الشيعة : ٢ / ٢٥١ و ٢٥٢ الحديث ٢٠٨٠ ٢٠٨٤.

(٦) وسائل الشيعة : ٢ / ٢٥٠ و ٢٥٢ و ٢٥٣ الحديث ٢٠٧٦ و ٢٠٨٧ و ٢٠٨٨.

(٧) المقنع : ٤٢.

(٨) وسائل الشيعة : ٢ / ٢٥٠ الحديث ٢٠٧٦.

(٩) لاحظ! السرائر : ١ / ١٢٣ ، مفتاح الكرامة : ٣ / ١٠٢ و ١٠٣.

(١٠) وسائل الشيعة : ٢ / ٢٥١ الحديث ٢٠٨٠ و ٢٥٢ الحديث ٢٠٨٦ ، لاحظ! الحدائق الناضرة : ٣ / ٣٩.

٢٤٩

وخصوص الصحاح (١) وما بعدها ؛ لتوقّف الترتيب عليه ، وبه يقيّد المطلقات. وفي الارتماسي يعيد مطلقاً ، لا إن طال الزمان (٢) ، وإلّا غسلها كبعضهم (٣) ، ولا يكتفي بغسلها (٤) مطلقاً كآخر (٥) ، أو بما بعدها كثالث (٦).

لنا : اشتراط الدفعة في الارتماسي والوصول ، وغسلها بعد الفراغ ينافي الثاني ، وتخصيص الاشتراط بالأوّل خلاف الظاهر ، وإطلاق الخبر.

للمخالف الأوّل : بقاء الوحدة مع قصر الزمان وانتفائها مع طوله. قلنا : مع الخروج ينتفي في الصورتين.

وللثاني : إطلاق الصحاح وغيرها ، وردّ بظهورها في المرتّب.

وللثالث : ترتّب الارتماس حكماً ، وضعفه قد ظهر.

الخامس : يشترط في الصحّة طهر المحلّ ، وفاقاً للأكثر ؛ للاستصحاب ونقل الإجماع (٧) ، وظاهر الصحاح (٨).

خلافاً للشيخ وبعض الثالثة (٩) ؛ للأصل وإطلاق الأُخر. وأُجيب بوجود الرافع والمقيّد.

وعلى الاشتراط يجب تقديم إزالة الخبث على الغسل ؛ لظاهر الأدلّة ، فلا

__________________

(١) وسائل الشيعة : ٢ / ٢٥٩ ٢٦١ الحديث ٢١٠٣ ٢١٠٥.

(٢) في النسخ الخطّية : إلّا إن طال الزمان ، والظاهر أنّ الصحيح ما أثبتناه.

(٣) جامع المقاصد : ١ / ٢٨٠.

(٤) في النسخ الخطّية : ولا يكفي تغسلها ، والظاهر أنّ الصحيح ما أثبتناه.

(٥) قواعد الأحكام : ١ / ١٤.

(٦) إيضاح الفوائد : ١ / ٥٠.

(٧) غنية النزوع : ٦١.

(٨) وسائل الشيعة : ٢ / ٢٣٠ و ٢٣٣ الحديث ٢٠١٨ و ٢٠١٩ و ٢٠٢٩.

(٩) المبسوط : ١ / ٢٩ ، نهاية الأحكام : ١ / ١٠٩ ، جامع المقاصد : ١ / ٢٨٠.

٢٥٠

يكفي المرّة لهما مطلقاً كالشيخ (١) ، ولا إذا لم ينفعل كالفاضل (٢) ، واحتجاجهما بحصول الغسل بالمرّة المطلقة أو المطهّرة ضعيف.

السادس : المحدث بالأصغر في أثناء الترتيبي يتمّه ويتوضّأ ، وفاقاً للسيّد والمحقّق (٣) وأكثر الثالثة ، ولا يلزمه الإعادة كالشيخ والصدوقين والفاضل والشهيدين (٤) ، ولا يكفيه الإتمام كالقاضي والحلّي وبعض الثالثة والكركي (٥).

لنا : عدم إيجاب الأصغر للغسل بإعادته غير معقولة ، وتوقّف رفعه على الغسل أو الوضوء ، والأوّل معلوم الانتفاء ؛ لتقدّم بعضه ، فيتعيّن الثاني.

وبتقرير آخر : الأصغر لا يوجب الغسل ، فلا يعيد ولا يرتفع ببقيّته ؛ لعدم استقلالها بالرفع ، فيتوضّأ ، ومنع إيجاب الأصغر للصغرى إذا جامع الأكبر بدون الكبرى ساقط ؛ لتعيّن رفعه بإحداهما ، فإذا انتفت الكبرى تعيّنت الصغرى ، وبقاء بعضها لا يفيد ؛ لعدم استقلاله بالرفع. وإطلاق سقوط الأصغر بالأكبر معارض بإطلاق وجوب الصغرى بالأصغر ، وتقييد الثاني (٦) بعدم الأكبر مطلقاً ليس أولى من تقييد الأوّل ببقاء الكبرى بتمامه.

للشيخ : ناقضيّة الأصغر للطهارة الكاملة ، فينقض الناقصة ، وما هي إلّا بعض الغسل ؛ إذ لا وضوء معه ، وسببيّته لها لاستقلال كلّ حدث بها ، وما هي إلّا

__________________

(١) المبسوط : ١ / ٢٩.

(٢) نهاية الأحكام : ١ / ١٠٩.

(٣) نقل عن السيد في ذكرى الشيعة : ٢ / ٢٤٨ ، المعتبر : ١ / ١٩٦.

(٤) النهاية : ٢٢ ، المبسوط : ١ / ٢٩ و ٣٠ ، نقل عن والد الصدوق في من لا يحضره الفقيه : ١ / ٤٨ و ٤٩ ذيل الحديث ١٩١ ، الهداية : ٩٦ ، نهاية الأحكام : ١ / ١١٤ ، منتهى المطلب : ٢ / ٢٥٤ ، الدروس الشرعية : ١ / ٩٧ ، روض الجنان : ٥٧.

(٥) جواهر الفقه : ١٢ المسألة ٢٢ ، السرائر : ١ / ١١٩ ، ذخيرة المعاد : ٦٠ ، جامع المقاصد : ١ / ٢٧٦.

(٦) في النسخ الخطّية : ويفسد الثاني ، والظاهر أنّ الصحيح ما أثبتناه.

٢٥١

الكبرى الكاملة ؛ إذ الناقصة غير مستقلّة ، والصغرى غير مجامعة.

قلنا : الكبرى بمعنى السبب يرفع الحدثين ويحدث الطهارتين بمعنى الأثر ، إن كلّاً فكلا وإن جزءً فجزءً ، والأكبر بمعنى السبب بالعكس مع سببيته للكبرى بمعناه أيضاً ، والأصغر بهذا المعنى لا يؤثّر في الكبرى (١) ، والكبرى بالمعنيين إحداثاً ورفعاً وسببية ، وإنّما يؤثّر في الأصغر ، والصغرى بالمعنيين كذلك.

فثبت أنّ ناقضيّة الأصغر وسببيّته إنّما هو للوضوء دون الغسل كلّاً أو بعضاً.

وقد يستدلّ له بقول الرضا عليه‌السلام (٢) ، وهو يصلح للحجّية ، والشهرة الموجبة للانجبار غير ثابتة.

للقاضي : صدق الغسل مع التخلّل وكفايته بإطلاق الأمر ، فلا يلزم الإعادة ، ولا وضوء معه باستفاضة النصوص (٣).

قلنا : يعارضها موجباته بالأصغر بالعموم من وجه ، وتخصّص الاولى بها أولى من العكس بوجوه. وما ذكر من الخلاف والترجيح يجري في كلّ غسل إن أجزأ عن الوضوء ، وإلّا فالحقّ تعيّنه مع الإتمام كما لا يخفى وجهه ، ولذا حكم به الفاضل (٤) مع اختياره الإعادة في الجنابة.

وتوهّم الجمع حينئذٍ بين الإعادة والوضوء أو كفاية الإتمام ضعيف ، وتعليله عليل.

ولو أحدث غير الجنب بعد الوضوء وقبل الغسل أعاده ، وبالعكس لم يلزمه إلّا الوضوء ، وبقاء الأكبر الموجب لانسحاب الأقوال ممنوع ، ولو سلّم فالشرع

__________________

(١) في نسخة مكتبة آية الله السيّد المرعشي : في الأكبر.

(٢) فقه الرضا عليه‌السلام : ٨٥.

(٣) وسائل الشيعة : ٢ / ٢٤٦ الباب ٣٤ من أبواب الجنابة.

(٤) تحرير الأحكام : ١ / ١٣.

٢٥٢

أزاله بالوضوء ، والتفرقة تحكّم.

والارتماسي كالترتيبي في إمكان التخلّل ، والدفعة (١) العرفيّة لا ينافيه ، فيجري فيه ما ذكر قبل حصوله بآخر أجزاء الولوج ، وهو آنيّ.

قلنا : بل بكلّها بالتبادر ، وهو تدريجي.

ولو أحدث في أثناء غسل الجنابة بها أعاد ، ووجهه ظاهر. وبأكبر غيرها فكالأصغر في عدم النقض ؛ لما مضى منه ، وإيجابه ما يرفعه من طهارة كاملة ؛ لإطلاق الأدلّة. وقس عليه حدوث كلّ أكبر في أثناء كلّ غسل.

فصل

[ إجزاء الغسل عن الوضوء ]

لا وضوء مع غسل الجنابة ؛ للأصل والإجماعين والمستفيضة من الصحاح وغيرها (٢) ، وإطلاق الأمر بالإطهار (٣) ، المراد منه الغسل إجماعاً.

والحقّ وجوبه مع باقي الأغسال سوى غسل الميّت ، وفاقاً للمعظم ، وخلافاً للسيّد والإسكافي (٤).

لنا : الاستصحاب ، ودعوى الإجماع من الصدوق (٥) ، وعموم الآية (٦) ، خرج الجنب بالنصّ والإجماع ، فبقي الباقي ، وإطلاق الأمر به بحصول موجبه ،

__________________

(١) في النسخ الخطّية : أو الدفعة ، والظاهر أنّ الصحيح ما أثبتناه.

(٢) وسائل الشيعة : ٢ / ٢٤٦ الباب ٣٤ من أبواب الجنابة.

(٣) المائدة (٥) : ٦.

(٤) رسائل الشريف المرتضى ( جمل العلم والعمل ) : ٣ / ٢٤ ، نقل عن الإسكافي في مختلف الشيعة : ١ / ٣٤٠.

(٥) أمالي الصدوق : ٥١٥ المجلس ٩٣.

(٦) مرّ آنفاً.

٢٥٣

وخصوص المستفيضة (١).

للسيّد : الأصل ، وإطلاق الأمر بالأغسال بحصول أسبابها من دون تعرّض للوضوء ، وخصوص المستفيضة (٢).

وردّ الأوّل بما مرّ ، والثاني باكتفائهم بالأقوى مع ظهور الأضعف عندهم ، والثالث بدورانه بين ما لا دلالة له وما له محامل ظاهرة ؛ إذ عمدته ما ورد من قولهم : « لا وضوء مع الغسل » (٣) و « أيّ وضوء أطهر منه » (٤) ، والمتبادر منه غسل الجنابة ، وقد ورد ذلك ردّاً على العامّة في جمعهم الوضوء معه.

ثمّ وجوب الوضوء معها لصحّة الصلاة ، لا صحّتها ، فهي تجامع الأصغر.

والظاهر عدم مجامعتها الأكبر ؛ لبعض الظواهر وعدم الفائدة إلّا ما خرج بنصّ كغسل الإحرام مع الحيض والنفاس.

__________________

(١) وسائل الشيعة : ٢ / ٢٤٨ الباب ٣٥ من أبواب الجنابة.

(٢) وسائل الشيعة : ٢ / ٢٤٤ الباب ٣٣ من أبواب الجنابة.

(٣) وسائل الشيعة : ٢٤٤ الباب ٣٣ من أبواب الجنابة.

(٤) وسائل الشيعة : ٢ / ٢٤٥ الحديث ٢٠٥٨.

٢٥٤

بحث

غسل الحيض

فصل

[ صفات الحيض ]

دم الحيض غالباً حارّ عبيط أسود له دفع وحرقة ، بالإجماع والمستفيضة (١).

ولو اشتبه بدم العذرة فالتميّز بانغماس القطنة وتطوّقها ؛ للصحيحين (٢). وتوقّف المحقّق في الأوّل بعد قطعه بالثاني (٣) مع صراحتهما فيهما لا وجه له.

وبدم القرحة ، فالمشهور أنّ الخارج من الأيسر حيض ومن الأيمن قرحة. وقيل بالعكس (٤) ، وحجّة القولين رواية مضطربة (٥) لا تصلح للتعويل ، مع أنّها تكون في الطرفين والحيض مخرجه الرحم دون شي‌ء منهما.

فالحقّ الرجوع إلى الأوصاف ، وإلى الأصل إن فقدت.

وأقلّه ثلاثة ، وأكثره عشرة ، بالإجماعين والمعتبرة (٦). وجعل أكثره في

__________________

(١) وسائل الشيعة : ٢ / ٢٧٥ الباب ٣ من أبواب الحيض.

(٢) وسائل الشيعة : ٢ / ٢٧٣ الحديث ٢١٢٩ و ٢١٣٠.

(٣) المعتبر : ١ / ١٩٨ ، شرائع الإسلام : ١ / ٢٩.

(٤) ذكرى الشيعة : ١ / ٢٢٩.

(٥) وسائل الشيعة : ٢ / ٣٠٧ الحديث ٢٢١٠ و ٢٢٠٩.

(٦) وسائل الشيعة : ٢ / ٢٩٣ الباب ١٠ من أبواب الحيض.

٢٥٥

الصحيح ثمانية (١) شاذّ متروك (٢).

والحقّ المشهور اشتراط التوالي في الثلاثة ، فلا يكفي كونها في العشرة. خلافاً لـ « النهاية » (٣).

لنا : استصحاب الطهارة ، وعموم التكليف بالعبادة ، وخصوص الرضوي (٤) المنجبر بعمل الجماعة. وترك العبادة بمجرّد الرؤية لذات العادة اعتبار للغالب استظهاراً ، فلا ينافيه. وقد يستدلّ بتبادره من قولهم : « أدنى الحيض ثلاثة » (٥).

قلنا : ممنوع في غير المتجاوز ، واشتراطه فيه مجمع عليه ، والخلاف في المتجاوز ، فالأكثر على اشتراطه في الثلاثة الأُول ؛ لكون الجميع حيضاً وإن تفرّق في الباقي من العشرة.

والشيخ اكتفى له بوجود الدم في ثلاثة فيها متفرّقة (٦) ، وظاهر أنّ الخبر لا يتناول ذلك ، إلّا أن يخصّص الحيض بمجرّد الثلاثة ويجعل ما بينها من أيام النقاء طهراً ، كما نسب إليه العاملي (٧). وحينئذٍ يلزمه أقلّية الطهر من عشرة ، وهو باطل بالنصّ (٨) والإجماع ، وتجويزها في المتخلّل بين حيضة واحدة ، وتخصيص منعها بالمتخلّل بين حيضين باطل كما يأتي.

__________________

(١) وسائل الشيعة : ٢ / ٢٩٧ الحديث ٢١٧٩.

(٢) للتوسّع لاحظ! منتهى المطلب : ٢ / ٢٨٢.

(٣) النهاية : ٢٦.

(٤) فقه الرضا عليه‌السلام : ١٩٠ ، مستدرك الوسائل : ٢ / ١٢ الحديث ١٢٦٨.

(٥) وسائل الشيعة : ٢ / ٢٩٣ الباب ١٠ من أبواب الحيض.

(٦) مرّ آنفاً.

(٧) نسب إلى الشيخ في روض الجنان : ٦١ و ٦٢.

(٨) وسائل الشيعة : ٢ / ٢٩٧ الباب ١١ من أبواب الحيض.

٢٥٦

لـ « النهاية » : الحسن والموثّق (١) ، ولا دلالة لهما ، والمرسلة الطويلة (٢) ، وهي مع ضعفها شاذّة متروكة ؛ إذ لم يفت بها غيره ، وكون ما يقع في العادة أو يتضمّن الوصف أو يحتمل الطمثة حيضاً.

قلنا : على التسليم مشروط بالتوالي ؛ للمعارض.

ثمّ الحقّ عدم دلالة هذه الثلاثة ، ولا خبر آخر على كون المتخلّل بين حيضة واحدة من أيّام النقاء طهراً مع كونها أقلّ من العشرة ، فتنزيلها عليه بالتكلّف ، وتخصّص أخبار عدم كون الطهر أقلّ من عشرة بالطهر المتخلّل بين حيضتين مع مخالفته للإجماع لا وجه له.

نعم ؛ قول الرضا عليه‌السلام (٣) ظاهر فيه ، فلا بدّ من تأويله أو طرحه ؛ لمخالفته القطع ، والتأمّل يعطي عدم ظهور عبارة « النهاية » أيضاً فيه ، فحملها عليه ونسبته إليه مع مخالفته الإجماع والنصوص لا وجه له.

ويحصل التوالي برؤية المسمّى في كلّ يوم ، وفاقاً للأكثر ؛ للعمومات. ولا يشترط فيه الاتّصال في الثلاثة أو الرؤية في أوّل الأوّل وآخر الآخر وجزء من الوسط ؛ لعدم الدليل.

واليوم يشمل ليلته عرفاً أو تغليباً ؛ لظاهر المحقّق (٤) ، وصريح المحكي (٥) ، فعلى المختار يكفي المسمّى في كلّ يوم أو ليلته ، وعلى الثالث في أوّل أحدهما وآخر الثالث وجزء من الثاني منهما ، وعلى الثاني يشترط الاتّصال في الثلاثة بلياليها.

__________________

(١) وسائل الشيعة : ٢ / ٢٩٨ ، الحديث ٢١٨٢ ، ٢٩٦ الحديث ٢١٧٦ ، لاحظ! الحدائق الناضرة : ٣ / ١٦١.

(٢) وسائل الشيعة : ٢ / ٢٩٩ الحديث ٢١٨٦.

(٣) فقه الرضا عليه‌السلام : ١٩٢ ، مستدرك الوسائل : ٢ / ١٢ الحديث ١٢٦٨.

(٤) المعتبر : ١ / ٢٠٢ و ٢٠٣.

(٥) منتهى المطلب : ٢ / ٢٧٩ ، جامع المقاصد : ١ / ٢٨٧.

٢٥٧

فصل

[ أقلّ الطهر ]

أقلّ الطهر عشرة ، بالمستفيض من النصّ (١) ، ونقل الإجماع (٢). وإطلاقهما يشمل المتخلّل بين حيضة وحيضتين ، فالتخصيص بالثاني (٣) بلا مخصّص باطل ، وتوهّم إيماء الصحيح (٤) إلى الاختصاص فاسد.

فصل

[ سن الحيض ]

لا حيض قبل التسع بالإجماعين والموثّق والخبر (٥) ، وجعل الحيض دليل البلوغ إنّما هو في مجهوله السن مع كون الدم بوصفه ، فلا دور. والدفع بكون الأوّل بحسب الواقع والثاني بحسب الظاهر كما ترى.

ولا بعد اليأس ، بالإجماع. والحقّ حصوله بالستّين مطلقاً وفاقاً لـ « الشرائع » و « المنتهى » (٦) ، لا الخمسين كذلك كـ « النهاية » و « المدارك » (٧) ، ولا الأوّل في القرشيّة والنبطيّة والثاني في غيرهما كالمفيد (٨) والفاضل في أكثر

__________________

(١) وسائل الشيعة : ٢ / ٢٩٧ الباب ١١ من أبواب الحيض.

(٢) مدارك الأحكام : ١ / ٣١٩.

(٣) الحدائق الناضرة : ٣ / ١٦٠ و ١٦٤.

(٤) وسائل الشيعة : ٢ / ٢٩٧ الحديث ٢١٨٠.

(٥) وسائل الشيعة : ٢٢ / ١٨٣ الحديث ٢٨٣٣٤ ، ١٧٩ الحديث ٢٨٣٢٤.

(٦) شرائع الإسلام : ١ / ٢٩ ، منتهى المطلب : ٢ / ٢٧٢.

(٧) النهاية : ٥١٦ ، مدارك الأحكام : ١ / ٣٢٣.

(٨) المقنعة : ٥٣٢.

٢٥٨

كتبه (١) ، ولا الأوّل في الأُولى والتالي في غيرها كالصدوق و « المبسوط » و « الجامع » (٢).

لنا : الموثّق ، والمرسل (٣) ، وأصالة عدم اليأس وبقاء العدّة وتوابع الزوجيّة ، وعموم اعتبار الوصف والعادة. ودعوى المحقّق إجماعهم على أنّ المحتمل لكونه حيضاً حيض (٤).

لـ « النهاية » : الصحيح والمرسل والخبر (٥) ، وأُجيب بالحمل على الغالب.

ولم نعثر على حجّة للمفيد.

وللصدوق : المرسل (٦) ، ولا يفيد تمام المطلوب ، وحمله على الغالب ممكن.

فصل

[ الشكّ في الحيض ]

ما يحتمل كونه حيضاً حيض ؛ لظاهر المحقّق (٧) وصريح المحكي من المحقّق (٨) ، بل الفاضل عند المحقّق [ الثاني (٩) ] ، واستقراء جزئيّات الفتاوى والنصوص

__________________

(١) تذكرة الفقهاء : ١ / ٢٥٢ ، قواعد الأحكام : ١ / ١٤ ، نهاية الإحكام : ١ / ١١٧.

(٢) من لا يحضره الفقيه : ١ / ٥١ ، المبسوط : ١ / ٤٢ ، الجامع للشرائع : ٤٦٦.

(٣) وسائل الشيعة : ٢ / ٣٣٧ الحديث ٢٣٠١ ، ٣٣٦ الحديث ٢٢٩٧.

(٤) المعتبر : ١ / ٢٠٣ ، للتوسّع لاحظ! مستند الشيعة : ٢ / ٤٠٨.

(٥) وسائل الشيعة : ٢ / ٣٣٥ الحديث ٢٢٩٤ و ٢٢٩٦ ، ٢٢ / ١٧٩ الحديث ٢٨٣٢٤.

(٦) من لا يحضره الفقيه : ١ / ٥١ الحديث ١٩٨.

(٧) المعتبر : ١ / ٢٠٣.

(٨) مدارك الأحكام : ١ / ٣٢٤.

(٩) جامع المقاصد : ١ / ٢٨٨.

٢٥٩

الحاكمة بالحيض ، فإنّ جلّها من موارد الإمكان ، فيحصل منها قوّة الظنّ بالعموم ، فهو أصل كلّي يفتقر الخروج منه إلى دلالة خارجة ، ومنع حجّية مثل هذا الظن بعد الانضمام بالوفاق مكابرة ، وأصالة عدم الحيض بأصالة عدم الآفة معارضة ، واستصحاب بقاء التكليف بالعبادة يدفعه توقّف أحد اليقينين على الآخر.

والوصف أو العادة إن كان من لوازم الإمكان فاشتراطه مسلّم ، وإلّا فممنوع والظاهر الأوّل ، ففاقد الوصف في غير وقت العادة لا يحكم بكونه حيضاً ، إلّا ما خرج بالنص أو الإجماع. فكليّة القاعدة مقيّدة بأحد الأمرين عندنا.

والمراد بالإمكان هنا العام ، فيشمل المتيقّن والمحتمل ، إلّا ما ثبت خلافه ، وهو إمّا باعتبار السنّ كالبلوغ وعدم اليأس ، أو المدّة كعدم نقصه وزيادته عن الثلاثة والعشرة ، أو الدوام كالتوالي ، أو الوصف كالقوي مع التميّز ، أو المحلّ كالجانب إن اعتبر ، أو عدم المانع كالحمل على رأي ومسبوقيّته بحيض أو نفاس لم يتخلّل بينهما أقلّ الطهر مع التجاوز عن العشرة ، فالإمكان فرع التخلّل أو عدم التجاوز.

فصل

[ اجتماع الحيض والحمل ]

في اجتماع الحيض مع الحمل مطلقاً ، أو قبل استبانته ، أو مع الوصف ، أو في العادة لا بعدها بعشرين ، أو عدمه مطلقاً أقوال :

الأوّل : للأكثر. والثاني : لـ « الخلاف » (١). والثالث : للصدوق (٢) ، ونسبة

__________________

(١) الخلاف : ١ / ٢٣٩ المسألة ٢٠٥.

(٢) من لا يحضره الفقيه : ١ / ٥١ ذيل الحديث ١٩٧.

٢٦٠