معتمد الشيعة في أحكام الشريعة

محمد مهدي بن أبي ذر النراقي [ المولى مهدي النراقي ]

معتمد الشيعة في أحكام الشريعة

المؤلف:

محمد مهدي بن أبي ذر النراقي [ المولى مهدي النراقي ]


المحقق: مؤسسة العلامة المجدّد الوحيد البهبهاني
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤتمر المولى مهدي النراقي
المطبعة: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ١
الصفحات: ٤٩٦

وليجعل خاتمته كلمة التوحيد ؛ للنبوي (١). ولو اعتقل لسانه اقتصر على العقد بالقلب ؛ ليدفع ما يلقي الشيطان في روعه.

وتغميض عينيه ؛ للموثّق والخبر (٢) ، ولئلّا يقبح منظره.

وتطبيق فيه ؛ لنقل الإجماع (٣).

وشدّ لحييه ؛ للموثق (٤) ، ولئلّا يسترخي.

ومدّ يديه إلى جنبيه ، وساقيه ؛ ليكون أطوع للغسل والدرج في الكفن.

وتغطيته بثوبه ؛ لنقل الإجماع (٥) ، ولما فيه من الستر والصيانة.

ونقله إلى مصلّاه مع تعسّر النزع ؛ للمستفيضة (٦).

وقراءة القرآن عنده ؛ للرضوي (٧). وخصوص الصافّات ؛ للخبر (٨). ويس ؛ للنبويّ المرويّ في « دعوات الراوندي » (٩).

وأمره بحسن الظن ؛ للنصوص (١٠).

والإسراج عنده إن مات ليلاً ؛ لظاهر الخبر (١١).

__________________

(١) وسائل الشيعة : ٢ / ٤٥٥ الحديث ٢٦٣٤.

(٢) وسائل الشيعة : ٢ / ٤٦٨ الحديث ٢٦٦٥ و ٢٦٦٧.

(٣) منتهى المطلب : ١ / ٤٢٧ ( ط. ق ).

(٤) وسائل الشيعة : ٢ / ٤٦٨ الحديث ٢٦٦٥.

(٥) منتهى المطلب : ١ / ٤٢٧ ( ط. ق ).

(٦) وسائل الشيعة : ٢ / ٤٦٣ الباب ٤٠ من أبواب الاحتضار.

(٧) فقه الرضا عليه‌السلام : ١٨١ ، لاحظ! الحدائق الناضرة : ٣ / ٣٦٩.

(٨) وسائل الشيعة : ٢ / ٤٦٥ الحديث ٢٦٥٩.

(٩) نقل عن « دعوات الراوندي » في مستدرك الوسائل : ٢ / ١٣٦ الحديث ١٦٢٧.

(١٠) وسائل الشيعة : ٢ / ٤٤٨ الباب ٣١ من أبواب الاحتضار ، مستدرك الوسائل : ٢ / ١١٧ الباب ٢٢ من أبواب الاحتضار.

(١١) وسائل الشيعة : ٢ / ٤٩٦ الحديث ٢٦٦٨.

٣٤١

وتعجيل تجهيزه ؛ للإجماع والمستفيضة (١) ، إلّا مع اشتباه الموت فيقتصر إلى القطع به بظهور علائمه. وأسباب الاشتباه متكثّرة معروفة ، وعلائمه متعدّدة مشهورة ، منها : مضيّ يومين أو ثلاثة ، كما في الأخبار (٢).

والمصلوب لا يترك على خشبته أكثر من ثلاثة ؛ للإجماع والخبر (٣).

ويكره :

أن يطرح حديد على بطنه ؛ لنقل الإجماع (٤) ، وقول الشيخ : سمعناه مذاكرة عن الشيوخ (٥).

وأن يحضره الجنب والحائض ؛ لنقل الإجماع (٦) والمستفيضة (٧) ، ولا كراهة بعد الموت. والظاهر زوالها بالتيمّم مع تعذّر الغسل بشرط الانقطاع فيها ؛ لإباحته الأقوى وهو الصلاة.

وأن يترك وحده ؛ للأخبار (٨).

وأن يظهر الجزع عليه ؛ لأنّه إعانة على موته.

وبعد الموت ينبغي إعلام الناس به ؛ ليشهدوا جنازته ، كما في النصوص (٩).

__________________

(١) وسائل الشيعة : ٢ / ٤٧١ الباب ٤٧ من أبواب الاحتضار.

(٢) وسائل الشيعة : ٢ / ٤٧٤ الباب ٤٨ من أبواب الاحتضار.

(٣) وسائل الشيعة : ٢ / ٤٧٦ الحديث ٢٦٨٩.

(٤) الخلاف : ١ / ٦٩١ المسألة ٤٦٧.

(٥) تهذيب الأحكام : ١ / ٢٩٤ ذيل الحديث ٨٦١.

(٦) المعتبر : ١ / ٢٦٣ و ٢٦٤.

(٧) وسائل الشيعة : ٢ / ٤٦٧ الباب ٤٣ من أبواب الاحتضار.

(٨) وسائل الشيعة : ٢ / ٤٦٦ الباب ٤٢ من أبواب الاحتضار.

(٩) وسائل الشيعة : ٣ / ٥٩ الباب ١ من أبواب صلاة الجنازة.

٣٤٢

الثاني : التغسيل

وهو كسائر أحكامه فرض كفاية ، بالإجماع والظواهر ، وإن كان الأولى به أولى ؛ للإجماع ، وعموم الآية (١) ، وخصوص المستفيضة (٢).

والأولويّة بمعنى أفضليّة التقديم ، أو وجوبه بمعنى التأثيم بتركه ، وإن صحّت العبادة وسقطت عن الولي لخروجه عن حقيقتها ، فلا ينافي الكفائيّة ، وحمله على تحريمها بتركه الموجب لفسادها المقتضي لعدم سقوطها عن الولي بفعل الغير ينفيها ويثبت العينيّة ، فيلزم عدم سقوطها عنه به ولو بإذنه ؛ إذ العيني لا يسقط بفعل الغير مطلقاً ، وهو خلاف الإجماع والعمومات.

ثمّ المراد بأولى الناس به أولاهم بميراثه ، وفاقاً للمشهور ؛ لنقل الإجماع (٣) ، وكونه لغة بمعنى المتصرّف في الأمر ، كما في خبر الغدير (٤) ، لا أشدّهم به علاقة كما توهّم (٥) ؛ إذ الشرع يأباه ، واللغة (٦) لا تساعده. ودعوى تبادره منه عرفاً ممنوعة.

فالأولى هنا بمعنى الولي للطفل والبكر والميّت في قضاء عبادته ، وما هو إلّا المتصرّف في أمرهم ، الراجع إلى الأولى بميراثهم ، كما دلّ عليه الصحيح والمرسل (٧)

__________________

(١) الأنفال (٨) : ٧٥.

(٢) وسائل الشيعة : ٢ / ٥٣٥ الباب ٢٦ من أبواب غسل الميّت.

(٣) منتهى المطلب : ١ / ٤٥٠ ( ط. ق ) ، لاحظ! كشف اللثام : ٢ / ٣١٥.

(٤) الطرائف للسيد بن طاوس : ١٣٩ ، كنز العمّال : ١ / ١٨٨ الحديث ٩٥٨.

(٥) مدارك الأحكام : ٢ / ٦٠.

(٦) القاموس المحيط : ٤ / ٤٠٤.

(٧) وسائل الشيعة : ١٠ / ٣٣٠ الحديث ١٣٥٣٠ ، ٨ / ٢٧٨ الحديث ٦٥٢.

٣٤٣

في الأخير.

وليس المراد بالأولويّة في الميراث أكثريّة النصيب ، بل التقدّم في المرتبة ، ومع التساوي فيها ، فالذكر أولى من الأُنثى ، والأب من الابن ، وهو من غيره.

ويجوز تفويض الأولى إلى غيره إلّا تفويض (١) كلّ من الرجل والمرأة إلى الآخر في غير المماثل.

وينتفي الأولويّة بوجود مانع التوريث ، كالقتل والرقّية ؛ لتابعيّتها له ، فينتفي بانتفائه.

ومع تعدّد الأولياء ، فالرجل أولى من المرأة في الرجل إجماعاً ، وفي المرأة على المشهور ؛ لإطلاق الأدلّة. وامتناع المباشرة لانتفاء المماثلة لا يسقط الولاية ؛ لجواز إذنه للمماثل.

وقيل بأولويّتها (٢) ؛ للأصل والعمومات.

وفي الكلّ نظر ، إلّا أنّ ثبوت جواز الإذن للغير هنا مع ما ثبت في الموارد المختلفة من أولويّة الرجل من المرأة في التصرّف يقوّي الظنّ بالمشهور.

ومع فقد الولي أو آبائه عن الإذن ، فليأذن الإمام أو نائبه أو المسلمون.

والزوج أولى بزوجته في أحكامها من كلّ قريب ؛ للإجماع والموثّق والخبرين (٣). وما ورد في أولويّة الأخ منه (٤) محمول على التقيّة.

__________________

(١) في النسخ الخطّية : ( إلّا تعويض ) ، والظاهر أنّ الصحيح ما أثبتناه.

(٢) مدارك الأحكام : ٢ / ٦٠.

(٣) وسائل الشيعة : ٣ / ١١٦ الحديث ٣١٧٦ و ١١٥ الحديث ٣١٧٤ و ٣١٧٥.

(٤) وسائل الشيعة : ٣ / ١١٦ الحديث ٣١٧٨.

٣٤٤

فصل

[ المماثلة بين الغاسل والميّت ]

لا خلاف في وجوب المماثلة بين الغاسل والميّت ، ولزوم تولية الغير مع فقدها من دون سقوط الولاية ؛ إلّا في مواضع :

الأوّل : تغسيل كلّ من الزوجين صاحبه.

والحقّ جوازه مع استحباب كونه من وراء الثياب ، وفاقاً لجماعة (١). لا مع وجوبه كآخرين (٢) ، ولا عدم جوازه إلّا مع الضرورة كـ « التهذيبين » (٣).

لنا : على الأوّل : صريح المعتبرة (٤) ، واستصحاب جواز النظر ، واشتهاره في الصدر الأوّل من غير نكير ، كما يظهر من تغسيل علي فاطمة عليهما‌السلام (٥). وما دلّ على جواز تغسيل الزوجة زوجها دون العكس مطلقاً ، كأحد الصحيحين (٦) ، أو بدون الساتر كآخر (٧) ، محمول على التقيّة ، أو تأكّد الاستحباب ، بعد حمل الأوّل على الثاني.

وعلى الثاني : استفاضة الصحاح (٨) بثبوته في تغسيل الزوج زوجته ، مع ما يأتي من ثبوته في مطلق التغسيل ، والجمع بينهما وبين ما مرّ من المعتبرة إمّا بإبقائه

__________________

(١) تذكرة الفقهاء : ١ / ٣٦٢ ، مدارك الأحكام : ٢ / ٦١ ، مفاتيح الشرائع : ١ / ١٦٣.

(٢) السرائر : ١ / ١٦٨ ، مختلف الشيعة : ١ / ٤٠٨ ، البيان : ٦٩ ، جامع المقاصد : ١ / ٣٦.

(٣) تهذيب الأحكام : ١ / ٤٤٠ ذيل الحديث ١٤٢٠ ، الاستبصار : ١ / ١٩٩ ذيل الحديث ٧٠١.

(٤) وسائل الشيعة : ٢ / ٥١٦ الحديث ٢٧٩٠.

(٥) وسائل الشيعة : ٢ / ٥٣٠ الحديث ٢٨٢٥.

(٦) وسائل الشيعة : ٢ / ٥٣٣ الحديث ٢٨٣٢.

(٧) وسائل الشيعة : ٢ / ٥٣٢ الحديث ٢٨٣٠.

(٨) وسائل الشيعة : ٢ / ٥٢٨ الباب ٢٤ من أبواب غسل الميّت.

٣٤٥

على الإطلاق وحملها على الندب ، أو بحمله عليها والقول بالوجوب ، والأوّل أولى ؛ لعدم معقوليّته مع جواز النظر.

وبذلك يظهر مستند الموجب مع جوابه.

لـ « التهذيبين » : تقييد التغسيل في بعضها بالضرورة ، وأُجيب بالحمل على الندب أو التقيّة جمعاً.

وما ورد من تعليل تغسيل عليّ فاطمة سلام الله عليهما بكونها صدّيقة لا يغسّلها إلّا صدّيق ، أو بكونها زوجته في الدنيا والآخرة (١) لا ينافي المختار ، مع أنّ حمله على التقيّة ممكن.

والظاهر جواز مسّ كلّ منهما صاحبه ، ولو عند المخالف ؛ لجواز النظر ، وعدم الفرق بينهما.

ولا فرق في الزوجة بين الدائمة والمنقطعة ، والحرّة والأمة ، والمدخول بها وغيرها ؛ لإطلاق الأدلّة وعدة الرجعي كالزوجيّة ، دون البائن. ولا يبطلها الإيلاء والظهار ، فالتغسيل بعدهما جائز.

ولا يجوز تغسيل الرجل أمته المزوّجة والمعتدّة والمكاتبة والمعتق بعضها ؛ لتحريمها عليه بالتزويج والكتابة والعتق.

والحق المشهور جواز تغسيل غيرها ولو كانت مدبّرة أو أُمّ ولد ؛ لاستصحاب حكم الملك ، وكونها في حكم الزوجة.

وفي جواز العكس مطلقاً ، أو في أُمّ الولد خاصّة ، أو عدمه مطلقاً أقوال : للفاضل ، والمحقّق ، وبعضهم (٢).

__________________

(١) لاحظ! وسائل الشيعة : ٢ / ٥٣٣ الحديث ٢٨٣٤.

(٢) قواعد الأحكام : ١ / ١٧ ، المعتبر : ١ / ٣٢١ ، مدارك الأحكام : ٢ / ٦٣.

٣٤٦

للأوّل : استصحاب حكم الملك والزوجيّة.

وللثالث : زواله بانتقال الأمة إلى الوارث ، وانعتاق أُمّ الولد بالموت.

وللثاني : على المنفي : ما للثالث ، وعلى المثبت : إيصاء السجّاد عليه‌السلام أن تغسّله أُمّ ولده ، كما في الخبر (١).

والظاهر كون الملكيّة كالزوجيّة في عدم اقتضاء زوالها ؛ لبقاء حكمها من جواز المسّ والنظر ، فكما أنّ الثانية تستصحب مع انقطاعها بالموت ، فليستصحب حكم الأُولى أيضاً بالانتقال أو العتق.

وقصّة الإيصاء وإن لم يثبت استقلالها بالتغسيل ؛ إذ الإمام لا يغسّله إلّا الإمام ، فاللازم حمله على المعاونة ، إلّا أنّ صريح الرضوي (٢) أثبت فيها جواز النظر والملامسة. فالجواز مطلقاً أصوب ، وإن كان في أُمّ الولد أظهر.

والتفرقة بين الزوجيّة والملكيّة أو بين الانتقال والانعتاق مشكلة.

وظاهر الأخبار أنّ المعتبر من الساتر ما يستر جميع البدن سوى الأعضاء الخمسة ، ولا ضير في انكشافها ولو على اشتراطه ؛ لجواز النظر.

وظاهر النصوص والفتاوى تطهّره بتمام الغسل ، وكأنّه لما صبّ عليه من الماء مع اعتقاد العصر هنا ، وإن وجب في إزالة الخبث.

الثاني : تغسيل المحرم :

وجوازه مع الضرورة والستر مجمع عليه ، والنصوص به (٣) متظافرة ، ومع الاختيار والتجريد أصحّ القولين ؛ لإطلاق المستفيضة (٤) ، وجواز اللمس والنظر

__________________

(١) وسائل الشيعة : ٢ / ٥٣٤ الحديث ٢٨٤٠.

(٢) فقه الرضا عليه‌السلام : ١٨٨ ، مستدرك الوسائل : ٢ / ١٨٧ الحديث ٧٦٧.

(٣) وسائل الشيعة : ٢ / ٥١٦ الباب ٢٠ من أبواب غسل الميّت.

(٤) وسائل الشيعة : ٢ / ٥١٦ و ٥١٨ الحديث ٢٧٩٠ و ٢٧٩٥ و ٢٧٩٦ ، ٥٢٠ الباب ٢١ من أبواب غسل الميّت.

٣٤٧

إجماعاً.

خلافاً لظاهر الأكثر ؛ لتقييد المستفيضة الأُخرى (١). وأُجيب بالحمل على الثلاث جمعاً ، وهو أولى من حمل الاولى على الثانية بوجوه.

الثالث : تغسيل ابن الثلاث وبنتها :

فإنّ المعظم جوّزوا الصورتين مطلقاً ، دون الزائد. و « النهاية » (٢) اشترط فيهما فقد المماثل ، وجوّز « المعتبر » الأوّل مطلقاً دون الثانية (٣) ، والمفيد (٤) بغسل ابن الخمس ، والصدوق (٥) ثبّت الأقل منها.

وتابعيّة الغسل لجواز المسّ والنظر كالموثّق (٦) المجوّز لتغسيل المرأة والرجل الصبيّ والصبيّة وإن أثبت تغسيل غير المماثل ما لم يبلغ الحلم ، إلّا أنّ الإجماع أخرج عنهما الزائد على الخمس ، فتوهّم الجواز فيه ساقط ، وهما مع الأصل والعمومات.

وما روي في « الجامع » و « الفقيه » (٧) من تغسيل الرجل بنت الأقل من خمس يثبت الجواز في الخمس والأقل مطلقاً ، والتقييد بالأقل في الخبر لتوقّف القطع بعدم الزيادة عليه ، فهو من باب المقدّمة فيثبت قول المفيد والصدوق ؛ إذ الظاهر توافقهما في التجويز في الصورتين. واكتفاء كلّ منهما بذكر إحداهما عن

__________________

(١) وسائل الشيعة : ٢ / ٥١٧ ٥١٩ الحديث ٢٧٩٣ و ٢٧٩٤ و ٢٧٩٨.

(٢) النهاية : ٤١ و ٤٢.

(٣) المعتبر : ١ / ٣٢٤.

(٤) المقنعة : ٨٧.

(٥) المقنع : ٦٢.

(٦) وسائل الشيعة : ٢ / ٥٢٧ الحديث ٢٨١٧.

(٧) نقل عن الجامع في ذكرى الشيعة : ١ / ٣٠٧ ، من لا يحضره الفقيه : ١ / ٩٤ الحديث ٤٣٢ ، وسائل الشيعة : ٢ / ٥٢٧ و ٥٢٨ الحديث ٢٨١٨ و ٢٨١٩.

٣٤٨

الأُخرى لعدم تعقّل الفرق بينهما.

وما ذكره المحقّق لبيانه ضعيف ، فسقوط قوله ظاهر.

وتقييد « النهاية » لا حجّة له أصلاً ، فاندفاعه واضح.

ومستند الأكثر وهو نقل الإجماع على تغسيل ذي الثلاث منهما ، والخبر المجوّز لتغسيل النساء ابن الثلاث (١) ، مضافاً إلى بعض ما مرّ لا ينافي الجواز في ذي الخمس مع قيام الحجّة ، فهو أقوى المذاهب ، والمختار عندنا ، وقد اختاره الديلمي (٢) وجمع آخر أيضاً.

فصل

[ فقد المماثل والمحرم ]

لو فقد المماثل والمحرم سقط الغسل ؛ للمستفيضة (٣) ، ونقل الإجماع في « المعتبر » وغيره (٤).

وظاهرها سقوط التيمّم أيضاً ، كما قطع الشيخ والمحقّق (٥) ، ويعضده وجود مانع الغسل فيه أيضاً.

وجوّز المفيد تغسيل غيرهما من وراء الستر مطلقاً (٦) ، والحلبيّان بشرط

__________________

(١) وسائل الشيعة : ٢ / ٥٢٦ الحديث ٢٨١٦.

(٢) المراسم : ٥٠.

(٣) وسائل الشيعة : ٢ / ٥٢٠ الباب ٢١ من أبواب غسل الميّت.

(٤) المعتبر : ١ / ٣٢٣ ، تذكرة الفقهاء : ١ / ٣٦٠.

(٥) المبسوط : ١ / ١٧٥ ، المعتبر : ١ / ٣٢٥.

(٦) المقنعة : ٨٧.

٣٤٩

تغميض العين (١) ؛ لأخبار ضعيفة مضطربة ينافي بعضها بعضاً ، وليس فيها مصرّح بقولهما ، فيتعيّن طرحها.

فصل

[ تغسيل الذمّي للمسلم ]

المعظم على تغسيل المماثل الذمّي بعد اغتساله مع فقد المماثل والمحرم ؛ للموثّق والخبر والرضوي (٢). ونفاه المحقّق (٣) ، وأسقط الغسل ؛ لنجاسته وفساد نيّته. وجوابه بمنع النجاسة ولزوم النيّة أو اعتبارها هنا كالعتق بيّن الفساد ؛ لثبوت نجاسته كما مرّ ، ولزوم قصد القربة في كلّ عبادة ، وعدم تأتّيه من الكافر ، وصحّة عتقه ؛ لعدم كونه عبادة محضة.

والحق أنّ المراد بالغسل هنا صورته دون الحقيقي الشرعي ، وقد شرّعت لإزالة النجاسة العينيّة الطارئة ، وهو يحصل بصبّ الكافر من دون نيّة ، ولا يمنع منه نجاسته وإن منعت من إزالة نجاسته العينيّة الحاصلة بالموت ؛ لتعدّيها إليه غالباً بملاقاته له.

والحاصل أنّ تغسيله مجرّد صبّ شرّع لإزالة الأخباث العارضة ، وإن لم يرتفع ما يحصل بالموت من النجاسة العينيّة والحكميّة ؛ لنجاسته وفساد نيّته.

وعلى هذا ، يجب الغسل بمسّه ، والإعادة لو وجد مماثل أو محرم مسلم ؛ لعدم

__________________

(١) الكافي في الفقه : ٢٣٦ و ٢٣٧ ، غنية النزوع : ١٠٢.

(٢) وسائل الشيعة : ٢ / ٥١٥ و ٥١٦ الحديث ٢٧٨٨ و ٢٧٨٩ ، فقه الرضا عليه‌السلام : ١٧٣ ، مستدرك الوسائل : ٢ / ١٨٢ الحديث ١٧٤٨.

(٣) المعتبر : ١ / ٣٢٥ و ٣٢٦.

٣٥٠

الغسل الحقيقي. وإن كان الحق عدم إعادة ما شرّع للاضطرار عند زواله ؛ لحصول الامتثال.

ثمّ الحكم يخصّ بالذمّي ، فلا ينسحب إلى الحربي ، اقتصاراً فيما خالف الأصل على مورد النصّ.

ولو فقد المماثل من الذمّي أيضاً دفن بغير غسل ، ولا يقربه غير المماثل منه ؛ لما مرّ. وظاهر المذهب عدم التيمّم أيضاً ، وعليه الإجماع في « التذكرة » (١) ، وقيل بوجوبه (٢) ؛ لرواية (٣) متروكة عند الكلّ.

وفي تغسيل المميّز الميت وجهان ، ومقتضى القواعد صحّته.

فصل

[ تغسيل الكافر والمخالف ]

لا يجوز تغسيل الكافر وغيره من الأعمال ، ولو كان ذمّيا إجماعاً ؛ لظاهر الآيتين والأخبار (٤) ، وعدم تطهّره بالغسل. والقريب كغيره ؛ لعموم الأدلّة.

وجوّز الشافعي تغسيله وتكفينه (٥) ، والسيّد مواراته (٦) ؛ لقوله : ( وَصاحِبْهُما

__________________

(١) تذكرة الفقهاء : ١ / ٣٦٤.

(٢) منتهى المطلب : ١ / ٤٣٧ ، لاحظ! ذكرى الشيعة : ١ / ٣١٢.

(٣) وسائل الشيعة : ٢ / ٥١٦ الحديث ٢٧٨٩.

(٤) المائدة (٥) : ٥١ ، التوبة (٩) : ٨٤ ، للتوسّع لاحظ! ذكرى الشيعة : ١ / ٢٥ ، الحدائق الناضرة : ٣ / ٤١٢ ، وسائل الشيعة : ٢ / ٥١٤ الباب ١٨ من أبواب غسل الميّت.

(٥) الامّ : ١ / ٢٦٦.

(٦) نقل عنه في المعتبر : ١ / ٣٢٨.

٣٥١

فِي الدُّنْيا مَعْرُوفاً ) (١) وتغسيل علي عليه‌السلام أباه ، وجواز تغسيله حيّاً.

قلنا : ما بعد الموت من الآخرة ، وكون التجهيز من المعروف غير معلوم ، فلا يتناوله الآية. وأبو طالب مات مسلماً بدلالة القواطع ، وهذا من جملتها. وقياس تنظيف الحيّ على تغسيل الميّت باطل.

والمشهور وجوب تجهيز المسلم المخالف في الإمامة ؛ للعمومات (٢). خلافاً للمفيد والقاضي والحلّي وبعض الثالثة (٣) ؛ لحكمهم بكفره ، وضعفه ظاهر ممّا مرّ.

واللازم تجهيزه بنحو ما يعتقده ، إلّا أن يعرف ، فيجهّز تجهيز أهل الحقّ.

وطفل المسلم بحكمه في وجوب الغسل ، بالإجماع والنصوص (٤).

ومثله السقط إذا تمّت له أربعة أشهر فصاعداً ؛ للمستفيضة (٥). والأكثر على وجوب تكفينه ودفنه ؛ للموثّقين والرضوي (٦) ، واكتفى المحقّق بلفّه في خرقة ودفنه (٧).

والناقص عن الأربعة لا يغسّل ؛ لانتفاء العلّة. ومقتضى الخبر والرضوي (٨) دفنه بدون اللف ، وظاهر الأكثر وجوبه ، ولا أعرف مأخذه.

ويلحق بالمسلم : مسبيّة ؛ لعموم التبعيّة ، وولد زناه ؛ لصدق التولّد منه ،

__________________

(١) لقمان (٣١) : ١٥.

(٢) وسائل الشيعة : ٢ / ٤٧٧ الباب ١ من أبواب غسل الميّت.

(٣) المقنعة : ٨٥ ، المهذّب : ١ / ٥٦ ، السرائر : ١ / ٣٥٦ ، الحدائق الناضرة : ٣ / ٤٠٥.

(٤) وسائل الشيعة : ٢ / ٥٠١ الباب ١٢ من أبواب غسل الميّت.

(٥) وسائل الشيعة : ٢ / ٥٠١ الباب ١٢ من أبواب غسل الميّت.

(٦) وسائل الشيعة : ٢ / ٥٠١ الحديث ٢٧٥٤ ( بسندين ) ، فقه الرضا عليه‌السلام : ١٧٥ ، مستدرك الوسائل : ٢ / ١٧٥ الحديث ١٧٢٨.

(٧) شرائع الإسلام : ١ / ٣٨.

(٨) وسائل الشيعة : ٢ / ٥٠٢ الحديث ٢٧٥٧ ، فقه الرضا عليه‌السلام : ١٧٥ ، مستدرك الوسائل : ٢ / ١٧٥ الحديث ١٧٢٨.

٣٥٢

واللقيط ولو في دار الحرب مع احتمال كونه منه. والمنع فيها ضعيف.

والبالغ المظهر للإسلام يجب تجهيزه ، وفاقاً.

ويجهّز كلّ ميّت وجد في دار الإسلام. ولا يجهّز ما يوجد في دار الكفر ، إلّا أن يكون فيه علامة تخصّ بالمسلم.

ولو اشتبه موتى المسلمين بالكفّار وجب غسل الجميع ؛ لتوقّف الواجب عليه ، ومع التمييز لعلامة قويّة يعمل بها. ووجوب الغسل بمسّ الجميع لا ريب فيه ، وبمسّ البعض محلّ كلام ، والأصل ترجّح عدمه.

فصل

[ أحكام الشهيد ]

الشهيد إذا مات في المعركة لا يغسّل ولا يكفّن ، بل يصلّى عليه ويدفن ، بالإجماع والمستفيضة (١).

والشهيد يعمّ كلّ مقتول في حماية الدين ، ولو بدفاع مأمور به في زمن الغيبة مع الكفرة والبغاة ، وفاقاً للمحقّقين ، والشهيدين (٢) ، وأكثر الثالثة ؛ لإطلاق الأخبار.

ولا يخصّ بمن قتل بين يدي المعصوم أو نائبه الخاص ، كما عليه الأكثر ؛ لعدم حجّة على التخصيص.

نعم ؛ لا يتناول غير المقتول في حماية الدين ممّن قتل ظلماً من العدو أو من قطّاع الطريق أو في حماية أهله وماله. ومن يطلق عليه الشهيد ، كالمطعون والغريق

__________________

(١) وسائل الشيعة : ٢ / ٥٠٦ الباب ١٤ من أبواب غسل الميّت.

(٢) المعتبر : ١ / ٣١١ ، جامع المقاصد : ١ / ٣٦٥ ، ذكرى الشيعة : ١ / ٣٢١ ، روض الجنان : ١١١.

٣٥٣

والمبطون وأمثالها ؛ إذ مورد النصوص وهو المقتول في سبيل الله أو في المعركة أو بين الصفين لا يتناوله.

ومقتضى النصوص وجوب تغسيله وتكفينه إن أُدرك وبه رمق ولو مات في المعركة ، فإطلاق الفتاوى مبنيّ على الغالب.

ويدفن معه كلّ ما يصدق عليه الثوب ، وينزع عليه غيره كالفرو والجلود والسلاح ؛ لظاهر النصوص ، وعليه فتوى المتأخّرين.

وللقوم أقوال أُخر (١) لا مستند لها.

والجنب كغيره في سقوطه ، وفاقاً للأكثر ؛ لإطلاق الأدلّة. خلافاً للسيّد والإسكافي (٢) ؛ لأخبار لا دلالة لها. ومثله الحائض والنفساء مع شرط الشهادة.

ولا فرق بين الكبير والصغير ، والذكر والأُنثى ، والحرّ والعبد ، ولا بين آلات القتل ؛ لعموم الأدلّة ، وقضايا الطفّ وبدر وأُحد.

وعدم تكفينه مشروط ببقاء ثيابه ، فلو جرّد كفّن ؛ لظاهر الأخبار ، وقضيّة حمزة (٣).

[ سقوط الغسل ]

ويسقط الغسل بفقد الغاسل ، والماء أو وصلته ، وبعجز المسلم عن التغسيل ، وعدم إمكانه لتناثر لحمه كالمتحرّق والملسوع ومثلهما. فيصبّ عليهم الماء ، ومع التعذّر يجب التيمّم ؛ لعموم البدليّة.

__________________

(١) الحدائق الناضرة : ٣ / ٤١٦.

(٢) نقل عنهما في ذكرى الشيعة : ١ / ٣٢١.

(٣) وسائل الشيعة : ٢ / ٥٠٩ الحديث ٢٧٧٤.

٣٥٤

فصل

[ حكم القطعة المبانة ]

الحقّ وجوب الأربعة من أنواع التجهيز في الصدر أو ما يشمله أو القلب ، وفي جميع العظام ، وغير الصلاة من الأربعة فيما فيه العظم ، ومجرّد الدفن في غيرها من لحم أو عظم مفرد ، وفاقاً للشهيدين وجماعة (١). و « المعتبر » اعتبر اليدين في الأوّلين (٢) ، و « الخلاف » جعل العظام كما فيه العظم (٣) ، والأكثر كـ « الخلاف » ، إلّا أنّهم سكتوا عمّا فيه القلب ، وأوجب الإسكافي الغسل والصلاة في العضو التامّ وفي العظم المفرد (٤) ، ووالد الصدوق في بقيّة أكيل السبع أو عظامه (٥) ، والديلمي أوجب في اللحم المجرّد لفّه بخرقة (٦). والمختار يتضمّن أحكاماً ستّة.

قلنا : على الثالث : المرسل والمرفوع المروي في « الجامع » (٧). وعلى الرابع : قول الرضا عليه‌السلام (٨) ، بل الحسن الموجب للصلاة على مطلق العظم (٩). وعليهما : صريح الصحيح (١٠). وعلى الأوّلين : ظاهر الخبرين (١١) ، وبعضها وإن تضمّن مجرّد الصلاة دون الثلاثة الأُخر إلّا أنّ استلزامها لها ثابت بالضرورة. وعلى الخامس

__________________

(١) ذكرى الشيعة : ١ / ٣١٦ و ٣١٧ ، روض الجنان : ١١١ و ١١٢.

(٢) المعتبر : ١ / ٣١٧.

(٣) الخلاف : ١ / ٧١٥ المسألة ٥٢٧.

(٤) نقل عنه في مختلف الشيعة : ١ / ٤٠٥.

(٥) نقل عنه في مختلف الشيعة : ١ / ٤٠٥.

(٦) نقل عنه في المعتبر : ١ / ٣١٩ ، ذكرى الشيعة : ١ / ٣١٧ ، للتوسّع لاحظ! مفتاح الكرامة : ٣ / ٤٢٧.

(٧) وسائل الشيعة : ٣ / ١٣٧ و ١٣٨ الحديث ٣٢٢٥ و ٣٢٢٦ ( عن جامع البزنطي ).

(٨) فقه الرضا عليه‌السلام : ١٧٣ ، مستدرك الوسائل : ٢ / ٢٨٧ الحديث ١٩٨٨.

(٩) وسائل الشيعة : ٣ / ١٣٦ الحديث ٣٢٢٢.

(١٠) وسائل الشيعة : ٣ / ١٣٦ الحديث ٣٢٢٠.

(١١) وسائل الشيعة : ٣ / ١٣٥ الحديث ٣٢١٨ ( بسندين ).

٣٥٥

نقل الوفاق في « الخلاف » وقصّة تغسيل يد بن عتاب (١) بمحضر الصحابة (٢) ، ويعضده المرسل الموجب للغسل بمسّ كلّ ما فيه عظم (٣) ؛ إذ ما يجب الغسل بمسّه يجب تغسيله. وعلى السادس : الأصل وعدم الدليل على الزائد.

لـ « المعتبر » : ظاهر الخبر (٤) ، ولا دلالة له على مطلوبه.

ولم يحضرني حجّة لـ « الخلاف » والأكثر. ولعلّ مستندهما ما نقله من الوفاق ، وهو كما ترى.

للإسكافي : الحسن (٥) الموجب للصلاة على كلّ عظم بلا لحم ، وما ورد في المرسل والخبر المرويّ في « المعتبر » (٦) من وجوب الصلاة على العضو التامّ وعدم وجوبها على الناقص منه. وأُجيب بالحمل على الاستحباب ؛ لمعارضتهما المستفيضة (٧).

لوالد الصدوق : عبارة الرضوي (٨) ، وهي لا تفيد الاختصاص ، بل بيان لبعض الأفراد ، وكأنّ مبنى فتواه أيضاً على ذلك ، فلا يلزم مخالفته للجماعة.

ثمّ الظاهر عدم الفرق في القطعة بين المبانة من ميّت أو حيّ ؛ لإطلاق المرسل (٩) ، وكون التكفين الثابت من بعض الأخبار صريحاً ومن بعضها بملاحظة

__________________

(١) في النسخ الخطّية ( غياث ) ، كما في المعتبر : ١ / ٣١٧ ، والظاهر أنّ الصحيح ما أثبتناه.

(٢) الخلاف : ١ / ٧١٥ المسألة ٥٢٧.

(٣) وسائل الشيعة : ٣ / ٢٩٤ الحديث ٣٦٨٩.

(٤) وسائل الشيعة : ٣ / ١٣٥ الحديث ٣٢١٨.

(٥) وسائل الشيعة : ٣ / ١٣٦ الحديث ٣٢٢٢.

(٦) المعتبر : ١ / ٣١٨ ، لاحظ! وسائل الشيعة : ٣ / ١٣٧ و ١٣٨ الحديث ٣٢٢٣ و ٣٢٢٧.

(٧) وسائل الشيعة : ٣ / ١٣٤ الباب ٣٨ من أبواب صلاة الجنازة.

(٨) فقه الرضا عليه‌السلام : ١٧٣ ، مستدرك الوسائل : ٢ / ٢٨٧ الحديث ١٩٨٨.

(٩) وسائل الشيعة : ٣ / ٢٩٤ الحديث ٣٦٨٩.

٣٥٦

الاستلزام المذكور بالقطع الثلاث ؛ لأنّه المتبادر ، ويحتمل الاكتفاء بواحدة ، ووجوب التحنّط في غير الأخير مع بقاء محلّه.

والظاهر كون القلب وحده كاللحم المجرّد ؛ لظاهر الأخبار (١). وفتوى « الذكرى » بكونه كالصدر (٢) ضعيف ، وتعليله عليل.

فصل

[ حكم المرجوم والمقاد ]

من يرجم أو يُقاد (٣) يؤمر بالغسل والتحنيط والتكفين ثمّ يقتل ولا يغسل ، بل يصلّى عليه ويدفن بالإجماعين والمستفيضة (٤). وينسحب الحكم إلى كلّ من وجب قتله ؛ للمشاركة في السبب ، كما صرّح به في « الذكرى » (٥).

ولو لم يغتسل قبل القتل وجب تغسيله بعده على المشهور ؛ لعموم الأدلّة. وظاهر الفتاوى وجوب الأمر به ، وليس في النصوص منه أثر ، فيكفي اغتساله بدونه.

نعم ؛ يجب مع الجهل أو المسامحة.

والحق تحتّم التقديم وكونه عزيمة. واحتمال التخيير وكونه رخصة ضعيف.

وهذا الغسل كغسل الميّت ؛ لبدليّته الموجبة للمماثلة. ويعضده تضمّن النص

__________________

(١) وسائل الشيعة : ٣ / ١٣٥ ١٣٧ الحديث ٣٢١٧ و ٣٢١٩ و ٣٢٢٥.

(٢) ذكرى الشيعة : ١ / ٣١٩.

(٣) في النسخ الخطّية : ( يعاد ) ، والظاهر أنّ الصحيح ما أثبتناه.

(٤) وسائل الشيعة : ٢ / ٥١٣ الباب ١٧ من أبواب غسل الميّت ، مستدرك الوسائل : ٢ / ١٨١ الباب ١٧ من أبواب غسل الميّت.

(٥) ذكرى الشيعة : ١ / ٣٢٩.

٣٥٧

للتحنيط والتكفين (١). فيلزم فيه الغسلات الثلاث ، والقول بكفاية الواحدة (٢) ضعيف.

والظاهر عدم تداخل غيره من الأغسال فيه ؛ للأصل. وثبوت التداخل في بعض الموارد بدلالة خارجة لا يثبت عمومه.

ولو سبق موته قبله بعد الاغتسال ، وجب الإعادة ، اقتصاراً فيما خالف الأصل على مورد النصّ.

وكذا لو قتل بسبب آخر ؛ لأصالة عدم إجراء الغسل بسبب عن الغسل لآخر.

وهذا الغسل يقوم مقام الغسل بعد الموت في إيجابه طهارته وعدم وجوب الغسل بمسّه ، فلا يجب غسل آخر بعده.

وتجب الصلاة بالإجماعين ، وعموم الأمر ، وخصوص بعض النصوص (٣).

فصل

[ حكم المحرم ]

المحرم كالمحلّ في الحكم ، إلّا في التحنيط بالكافور ووضعه في ماء غسله ؛ لصريح المستفيضة (٤) ، وهي مصرّحة بتغطية رأسه ، ويعضدها إطلاقات التسوية بين الموتى في الأحكام ، خرج حكم الكافور بالنصّ (٥) فيبقى الباقي. ومنع منها

__________________

(١) وسائل الشيعة : ٢ / ٥١٣ الباب ١٧ من أبواب غسل الميّت.

(٢) روض الجنان : ١١٣.

(٣) لاحظ! وسائل الشيعة : ٣ / ١٣٢ الباب ٣٧ من أبواب صلاة الجنازة.

(٤) وسائل الشيعة : ٢ / ٥٠٣ الباب ١٣ من أبواب غسل الميّت.

(٥) مرّ آنفاً.

٣٥٨

السيّد والعماني (١) ؛ لأدلّة ضعيفة لا يعبأ بها في مقابلة ما ذكر.

والظاهر إباحة الكافور له لو مات بعد طواف الزيارة كما صرّح به في « النهاية » (٢) ؛ لزوال تحريم الطيب به.

ولا يلحق به المعتكف والمعتدّة وإن حرم عليهما الطيب حيّين ؛ لعدم النص ، وبطلان القياس. ويعضده كون الحداد للتفجّع على الزوج وقد زال بالموت.

فصل

[ حكم الجنين ]

ما في بطن الميّتة من الجنين مع موته كالجزء من امّه ، وكفى تغسيلها عن تغسيله ، ومع حياته تشقّ بطنها ويخرج بالإجماع والمستفيضة (٣).

والمعروف كون الشقّ من الأيسر ، لنقل الإجماع (٤) وعبارة الرضوي (٥) ، وقد أفتى بها الصدوقان (٦) ، كما هو دأبهما في الإفتاء بعباراته ، وبذلك يعلم اعتماد الأوائل عليه.

ويجب خياطة الموضع بعد الإخراج كما عليه المعظم ؛ للمرسل والمقطوع (٧) ، وضعفهما منجبر بالعمل ، مع أنّه نوع حرمة للميّت وحفظ له عن التبدّد ، ونفاها

__________________

(١) نقل عنهما في المعتبر : ١ / ٣٢٦.

(٢) نهاية الأحكام : ٢ / ٢٣٩.

(٣) وسائل الشيعة : ٢ / ٤٦٩ الباب ٤٦ من أبواب الاحتضار.

(٤) الخلاف : ١ / ٧٢٩ و ٧٣٠ المسألة ٥٥٧.

(٥) مستدرك الوسائل : ٢ / ١٤٠ الحديث ١٦٣٨.

(٦) لم نعثر على قول والد الصدوق ، من لا يحضره الفقيه : ١ / ٩٧ ذيل الحديث ٤٤٩.

(٧) وسائل الشيعة : ٢ / ٤٦٩ و ٤٧١ الحديث ٢٦٦٩ و ٢٦٧٥.

٣٥٩

المحقّق (١) ؛ لضعف الخبرين وكونه نوع زجر له ، وجوابه ظاهر ممّا مرّ.

ولا يشترط كون الولد ممّا يعيش عادة ؛ لإطلاق الأدلّة.

ولو مات وهي حيّة قطّع وأُخرج ؛ لنقل الإجماع (٢) وصريح الخبرين والرضوي (٣).

والشق والتقطيع إذا تعذّر الإخراج بدونهما ، ولو أمكن بعلاج حرما وتعيّن.

فصل

تغسيل الميّت من وكيد السنن ، والنصوص بعظم أجره متظافرة (٤). ويجب قبله إزالة النجاسة العارضة ، بالإجماع والظواهر.

وكيفيّته :

أن يغسل بماء السدر ، ثمّ الكافور ، ثمّ القراح ، وفاقاً للمعظم ؛ لنقل الإجماع (٥) والمتظافرة (٦). والديلمي اكتفى بالأخير (٧) ؛ لخبر (٨) لا دلالة له.

ومقتضاها وجوب الترتيب بين الغسلات الثلاث ، كما ذكر ، وفي كلّ منها

__________________

(١) المعتبر : ١ / ٣١٦.

(٢) الخلاف : ١ / ٧٢٩ و ٧٣٠ المسألة ٥٥٧.

(٣) وسائل الشيعة : ٢ / ٤٧٠ الحديث ٢٦٧١ ( بسندين ) ، فقه الرضا عليه‌السلام : ١٧٤ ، مستدرك الوسائل : ١ / ١٤٠ الحديث ١٦٣٨.

(٤) وسائل الشيعة : ٢ / ٤٩٤ و ٤٩٥ الباب ٧ و ٨ من أبواب غسل الميّت.

(٥) الخلاف : ١ / ٦٩٤ المسألة ٤٧٦.

(٦) وسائل الشيعة : ٢ / ٤٧٩ الباب ٢ من أبواب غسل الميّت.

(٧) المراسم : ٤٧.

(٨) وسائل الشيعة : ٢ / ٥٤٠ الحديث ٢٨٥٢.

٣٦٠