معتمد الشيعة في أحكام الشريعة

محمد مهدي بن أبي ذر النراقي [ المولى مهدي النراقي ]

معتمد الشيعة في أحكام الشريعة

المؤلف:

محمد مهدي بن أبي ذر النراقي [ المولى مهدي النراقي ]


المحقق: مؤسسة العلامة المجدّد الوحيد البهبهاني
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤتمر المولى مهدي النراقي
المطبعة: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ١
الصفحات: ٤٩٦

بتقديم الرأس ثمّ الأيمن ثمّ الأيسر كغسل الجنابة وعليهما الإجماع في « المعتبر » و « الذكرى » (١) ، وعموم الخبر (٢) يعضد الثاني أيضاً.

وقول ابن حمزة بالاستحباب في الأوّل (٣) ضعيف ، والخبر المشعر بعدم الترتيب (٤) متروك الظاهر ؛ لاشتماله على غرائب.

ويسقط الترتيب في الثاني بغمسه في الكثير كغسل الجنابة ؛ لمساواتها بالنص (٥) ، وحصول ما هو المطلوب من الغسل.

فروع :

الأوّل [ معنى القراح والخليط ] :

المراد بالقراح : المطلق الخالص عن الخليط وإن خالطه غيره إذا لم يخرجه عن الإطلاق ، فتعبيره بالخالص عن كل شي‌ء وإخراج مثل ماء السيل عنه باطل ؛ لإجماعهم على إطلاق طهوريّته.

والمعتبر في الخليط مسمّاه ما لم يرفع الإطلاق ، ولم يثبت الإضافة المنافية له سواء أثبت المجامعة أم لا ، وفاقاً للمشهور.

وبعضهم اشترط إحدى الإضافتين (٦) ، وبعضهم لم يشترط بقاء الإطلاق (٧) ،

__________________

(١) المعتبر : ١ / ٢٦٦ ، ذكرى الشيعة : ١ / ٣٤٣ و ٣٤٤.

(٢) وسائل الشيعة : ٢ / ٤٨٦ الحديث ٢٧٠٨.

(٣) الوسيلة إلى نيل الفضيلة : ٦٤.

(٤) وسائل الشيعة : ٢ / ٤٨٤ الحديث ٢٧٠١.

(٥) لاحظ! وسائل الشيعة : ٢ / ٤٨٦ الباب ٣ من أبواب غسل الميّت.

(٦) لاحظ! كشف اللثام : ٢ / ٢٤٠ و ٢٤١.

(٧) مدارك الأحكام : ٢ / ٨٢.

٣٦١

والمفيد قدّر السدر برطل ونحوه (١) ، والقاضي برطل ونصفه (٢) ، وبعض بسبع ورقات (٣).

لنا : إطلاق الخليطين أو تقييدهما بشي‌ء ، أو الكافور بكونه حبّات أو نصف حبّة ، أو الجمع بين المطلق منهما والماء المطلق في النصوص. والكلّ يفيد كفاية ما يصدق به التسمية ، سواء وافق أحد التقديرات المذكورة أم لا ، وأثبت إحدى الإضافتين أم لا. يندفع به الأقوال المخالفة سوى الثاني ؛ إذ مع شمول الوارد في النصوص ما أثبت الإضافة الرافعة للإطلاق يلزم عدم اشتراط بقائه ، إلّا أنّ المعارض ألزمنا إلى تخصيصه بما لا يرفعه ، وهو كون الغسلتين الأُوليين كالثالثة في الطهوريّة ؛ لوفاقهم على وجوب الترتيب فيهما وبينهما وطهارة ما بهما وتقديم إزالة الخبث به.

وكلّ ذلك من شرائط الأغسال الشرعيّة المطهّرة.

ومع طهوريّتهما يلزم بقاء الإطلاق ؛ إذ غير المطلق لا يطهّر ، وتخصيص الطهوريّة بالثالثة ، وجعلهما للتنظيف والحفظ من الهوام منفي بما ذكر ؛ إذ ما شرّع للتنظيف والحفظ لا يلزم فيه الترتيب ولا تقديم إزالة الخبث عليه بمائه ؛ لعدم الفائدة. مع أنّ الظاهر وفاقهم على حصول التطهّر به.

على أنّ قولهم في كثير من النصوص : « بماء وسدر » (٤) ظاهر في اشتراط بقاء الإطلاق.

__________________

(١) المقنعة : ٧٤.

(٢) المهذب : ١ / ٥٦.

(٣) لاحظ! شرائع الإسلام : ١ / ٣٨.

(٤) لاحظ! وسائل الشيعة : ٢ / ٤٧٩ الباب ٢ من أبواب غسل الميّت.

٣٦٢

للمخالف الأوّل : إضافة الأوّل إليهما في الخبر (١) ، فإنّه ظاهر في اشتراط الإضافة المطلقة.

قلنا : لا ينافي ما قدّمناه ؛ لأنّ المثبت للإضافة المجامعة أحد أفراد المسمّى ؛ لأنّه يعمّه وما لا يثبت إضافة أصلاً ، فأين إفادته الاشتراط.

وللثاني : الأمر بتغسيل الرأس من رغوة السدر في الخبر والرضوي (٢) ، ومقتضاه اشتراط الإضافة الرافعة للإطلاق.

وأُجيب بحمل الرغوة على ما لا يخرج عن الإطلاق ، جمعاً ، وهو ما يحصل من ضرب الماء مع سدر لا يخرجه عنه ، فإنّ مسمّاها ، بل الأزيد منه يحصل من مسمّاه. ويمكن حمله على الندب بعد جعله فعلاً خارجاً عن حقيقة الغسل مقدّماً عليه ، كما ذكره جماعة.

وما ذكره الأصحاب من ترغية السدر يتعيّن فيه أيضاً أحد الحملين.

ولم نعثر على حجّة للمفيد والقاضي.

وللأخير : الخبران (٣) ، وهما محمولان على الندب جمعاً.

الثاني [ غسل الرأس ] :

يستحب إضافة كلّ من شقّي الرأس بعد غسل مجموعة إلى الجانب الذي يليه في التغسيل ؛ للخبرين (٤).

الثالث [ وجوب النيّة ] :

هذا الغسل كغيره في وجوب النيّة ؛ لنقل الوفاق في « الخلاف » (٥) ، وكونه

__________________

(١) وسائل الشيعة : ٢ / ٤٨١ الحديث ٢٦٩٨.

(٢) وسائل الشيعة : ٢ / ٤٨٠ الحديث ٢٦٩٦ ، مستدرك الوسائل : ٢ / ١٦٧ و ١٦٨ الحديث ١٧٠٧.

(٣) وسائل الشيعة : ٢ / ٤٩١ و ٤٩٢ الحديث ٢٧٢٤ و ٢٧٢٥.

(٤) وسائل الشيعة : ٢ / ٤٨٠ و ٤٨١ الحديث ٢٦٩٦ و ٢٦٩٨.

(٥) الخلاف : ١ / ٧٠٢ و ٧٠٣ المسألة ٤٩٢.

٣٦٣

عبادة فلا يصحّ بدونها ، وكونه كغسل الجنابة بالنصّ (١) فيثبت له لوازمه.

ووجوب الترتيب فيه. فيكون غسلاً حقيقيّا معتبراً فيه النيّة. خلافاً للمرتضى (٢) ؛ لكونه كإزالة الخبث ، وضعفه ظاهر.

فلا يصحّ بالمغصوب وفيه من الماء والمكان كسائر العبادات.

ويصحّ على قوله ؛ إذ إزالة النجاسة لا يشترط بإباحتهما ، ولا يعتبر في نيّته الرفع ؛ لامتناعه ، ولا الاستباحة ؛ إذ وجوبه لنفسه لا لإباحة الغير ، وترتّب سائر الأحكام عليه ؛ لدلالة النصوص على الترتيب لا لمطلق نيّته لها.

ثمّ الظاهر تعدّد النيّة بتعدّد الغسلات ؛ لتغايرهما إسماً وصورة ومعنى. وقيل بكفاية واحدة (٣) ؛ لأنّه فعل واحد مركّب منها. وقيل بالتخيير (٤) ؛ لوحدته معنى وحقيقة وتعدّده اسماً وصورة فيتخيّر في مراعاة أيّهما شاء.

ووجوب الترتيب في كلّ غسلة.

ولشبهه بغسل الجنابة في النصوص والفتاوى يرجّح التعدّد.

ولو اتّحد الغاسل فهو الناوي. وإن تعدّد نوى الكلّ ؛ لتحكّم التخصيص. ولو قلّب البعض وصبّ الآخر فالمشهور وجوبها على الصاب ؛ لأنّه الغاسل حقيقة ، وقيل بإجزائها من المقلّب (٥) ؛ لأنّه المباشر والصابّ كالآلة له ، ويعضده إطلاق الغاسل عليه في الموثّقين والحسن والرضوي (٦).

__________________

(١) لاحظ! وسائل الشيعة : ٢ / ٤٨٦ الباب ٣ من أبواب غسل الميّت.

(٢) نقل عنه في مدارك الأحكام : ٢ / ٨١.

(٣) مدارك الأحكام : ٢ / ٨١.

(٤) جامع المقاصد : ١ / ٣٦٩.

(٥) ذكرى الشيعة : ١ / ٣٤٣.

(٦) وسائل الشيعة : ٢ / ٥١٧ و ٥١٩ الحديث ٢٧٩٣ و ٢٧٩٨ ، ٥٢٩ الحديث ٢٨٢٢ ، فقه الرضا عليه‌السلام : ١٦٦ ، مستدرك الوسائل : ٢ / ١٦٧ و ١٦٨ الحديث ١٧٠٧.

٣٦٤

فالحق اشتراكهما في التغسيل ؛ إذ حقيقة الغسل وهو إجراء الماء في جميع الأعضاء يحصل بفعلهما ، فيجب النيّة عليهما.

ولو غسل كلّ واحد بعضه على الترتيب وجبت على كلّ واحد ؛ لاستحالة ابتناء فعل مكلّف على نيّة غيره.

وقيل بكفاية الأوّل (١) ؛ إذ وقتها عند الشروع. وفيه أنّ ما يغسل بعده لم يتعلّق به نيّة الأوّل ، فلو لم ينو الثاني أيضاً لزم وقوع بعض الغسل بلا نيّة ، وهو باطل.

نعم ؛ لو كان الاشتراك بحيث استقلّ فعل كلّ واحد بتغسيل جميع الأعضاء حتّى لولا غيره لتأدّي الواجب ، كفى نيّة البعض ، فمعها يسقط الوجوب عن الآخر وإن استحبّت منه.

الرابع [ وضوء الميّت ] :

الحقّ استحباب وضوئه وفاقاً للمشهور. لا وجوبه كالحلبي (٢). ولا حرمته كبعض الثالثة (٣).

لنا : على رجحانه : الأمر به في المستفيضة (٤) ، وقولهم : « في كلّ غسل وضوء إلّا غسل الجنابة » (٥) ، وعلى عدم وجوبه : خلوّ أكثر ما ورد في مقام البيان من الأخبار عنه ، والصحيح الوارد فيه (٦) كالصريح فيه ، ويؤيّده قول الشيخ : إنّ عمل

__________________

(١) جامع المقاصد : ١ / ٣٦٩.

(٢) الكافي في الفقه : ١٣٤.

(٣) الحدائق الناضرة : ٣ / ٤٤٧.

(٤) وسائل الشيعة : ٢ / ٤٩١ الباب ٦ من أبواب غسل الميّت.

(٥) وسائل الشيعة : ٢ / ٢٤٨ الحديث ٢٠٧٣ ، ٤٩٣ الحديث ٢٧٢٨.

(٦) وسائل الشيعة : ٢ / ٤٨٣ الحديث ٢٧٠٠.

٣٦٥

الطائفة على تركه (١) ، وإن جاز فاللازم حمل الأوامر على الندب جمعاً.

للحلبي : إبقاؤها على الظاهر ، وحمل إطلاق ما ورد في مقام البيان عليه ، ويأبى عنه الصحيح (٢) ، وقول الشيخ.

للتحريم (٣) : ما ورد من كون الوضوء مع الغسل بدعة وغسل الميّت كغسل الجنابة ، ولا وضوء فيه ، فيحمل الأوامر على التقيّة ، كما يومي إليه أضرابه في الصحيح (٤).

وأُجيب عن الأوّل بظهوره في غسل الجنابة كما مرّ ، وعن الثاني بمنع إفادته عموم المساواة ، ولو سلّم فيخصّص بغيره للمعارض ، وحمل الأوامر على التقيّة فرع المعارض ، والسكوت عنه في الصحيح وغيره ينافي الوجوب ، دون الندب.

الخامس [ فقد الخليطين ] :

لو فقد الخليطان غسل ثلاثاً بالقراح ، وفاقاً لجماعة. ولم يكف المرّة ، خلافاً لآخرين.

لنا : دلالة قولهم في النصوص : بماء وسدر ، وماء وكافور (٥) ، على كون المأمور به شيئين ، فلو تعذّر أحدهما لم يسقط الآخر ؛ للاستصحاب وأصالة عدم اشتراطه به. ويعضده عموم قولهم : « الميسور لا يسقط بالمعسور » (٦) و: « ما لا يدرك كلّه لا يترك كلّه » (٧) و: « إذا أمرتكم بشي‌ء فأتوا ما استطعتم » (٨) ، وتوقّف

__________________

(١) المبسوط : ١ / ١٧٨ و ١٧٩.

(٢) وسائل الشيعة : ٢ / ٤٨٣ الحديث ٢٧٠٠.

(٣) الخلاف : ١ / ٦٩٣ المسألة ٤٧٢.

(٤) وسائل الشيعة : ٢ / ٤٨٣ الحديث ٢٧٠٠.

(٥) وسائل الشيعة : ٢ / ٤٧٩ الباب ٢ من أبواب غسل الميّت.

(٦) غوالي اللآلي : ٤ / ٥٨ الحديث ٢٠٥ ( مع تفاوت يسير ).

(٧) غوالي اللآلي : ٤ / ٥٨ الحديث ٢٠٧.

(٨) غوالي اللآلي : ٤ / ٥٨ الحديث ٢٠٦ ( مع تفاوت يسير ).

٣٦٦

البراءة عن التكليف عليه. ودعوى الاشتراط وتعلّق التكليف بالمجموع لا بكلّ واحد ، منفيّة بالأصل والظاهر.

للمخالف : الأصل ، والشكّ في الزائد ، وتعذّر المأمور به فيسقط التكليف به ، وشرعيّة الأُوليين لفائدة لا توجد بدون الخليطين. واندفاع الكلّ ظاهر.

وينوي البدليّة في الأوّليين ؛ ليحصل التمييز.

ولو وجدا بعد الغسل وقبل الدفن لم يجب الإعادة ؛ لحصول الامتثال الموجب للإجزاء.

السادس [ نقص الماء ] :

لو وجد من الماء ما يكفي لغسلة قدّم السدر ، ولغسلتين أتبع بالكافور وفاقاً لجماعة ، استصحاباً للترتيب ، وقيل يقدّم القراح في الأوّل لكونه أقوى في التطهير والسدر عليه في الثاني (١) ، وضعفه ظاهر.

وييمّم بدل الفائت في الموضعين ؛ لعموم البدليّة ، واستقلال كلّ من الثلاث بالاسم والحكم ، فيتعدّد البدل بتعدّده.

السابع :

المعروف منهم كفاية مطلق الكافور لإطلاق النصوص (٢). واعتبار الخام منه كما نسب إلى بعضهم (٣) لا وجه له.

الثامن :

لو خيف تناثر مثل المحترق أو المجدور يمّم بالإجماع والخبر (٤) ، وضعفه

__________________

(١) ذكرى الشيعة : ١ / ٣٤٥.

(٢) لاحظ! وسائل الشيعة : ٢ / ٤٧٩ الباب ٢ من أبواب غسل الميّت.

(٣) لاحظ! روضة المتّقين : ١ / ٣٨٧ ، الحاشية على مدارك الأحكام للوحيد البهبهاني رحمه‌الله : ٢ / ٤٢ ، مفتاح الكرامة : ٣ / ٥٠٣.

(٤) وسائل الشيعة : ٢ / ٥١٣ الحديث ٢٧٨٣.

٣٦٧

منجبر بالعمل.

ولو حصل التناثر بالصبّ والمسّ دون الصبّ وحده تعيّن مع كفايته ، وعليه يحمل أوامر الصبّ عليهما.

والحق تعدّد التيمّم بتعدّد الغسلات ؛ لما مرّ.

وكلّما تعذّر الغسل لمانع وجب التيمم بعدد الغسلات ؛ لعموم البدليّة عند التعذّر ، واستقلال كلّ منها في اقتضاء البدل.

التاسع [ غسل الميّت الجنب ] :

إذا مات الجنب أو الحائض أو النفساء لم يجب أزيد من غسل الميّت ، بل ولم يستحبّ ؛ للإجماع والمستفيضة (١) ، ويؤكّده ما مرّ من ثبوت التداخل في الأغسال.

والمعارض من الأخبار الثلاثة لعيص (٢) غير مقاوم ، فاللازم طرحه أو تأويله.

العاشر [ ستر العورة ] :

يجب ستر عورته ، إلّا مع جواز النظر أو الأمن منه بالإجماع والنصوص (٣) ، ولا خلاف في جواز ستره بقميصه وبغيره.

والظاهر أفضليّة الأوّل ، وفاقاً للمشهور ؛ للمستفيضة (٤) ، وفعل عليّ عليه‌السلام بالنبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم (٥) لا الثاني كـ « المبسوط » و « الجامع » (٦) ؛ لضعف المستند. ونسبته إلى

__________________

(١) وسائل الشيعة : ٢ / ٥٣٩ الباب ٣١ من أبواب غسل الميّت.

(٢) وسائل الشيعة : ٢ / ٥٤١ الحديث ٢٨٥٥ ٢٨٥٧.

(٣) وسائل الشيعة : ٢ / ٤٧٩ و ٢٩١ و ٢٩٢ الحديث ٢٦٩٥ و ٢٧٢٥ و ٢٧٢٦.

(٤) مرّ آنفاً.

(٥) بحار الأنوار : ٧٨ / ٢٩٧ الحديث ١١.

(٦) المبسوط : ١ / ١٧٨ ، الجامع للشرائع : ٥١.

٣٦٨

الأكثر (١) غفلة.

والظاهر تطهّر القميص أو الخرقة بعد الغسل ؛ لإطلاق الأخبار (٢).

ولو جرّد عن القميص استحبّ أن يفتق ، وينزع من تحته. والفتق مشروط بإذن الوارث ، فلو تعذّر لصغر أو غيبة لم يجز ؛ لأنّه إتلاف محترم لحكم مستحبّ.

الحادي عشر [ استقبال القبلة ] :

يستحبّ الاستقبال به حالة الغسل ، وفاقاً للمشهور ، وقيل بوجوبه (٣).

لنا : على رجحانه : نقل الإجماع (٤) واستفاضة الأوامر به (٥) ، وعلى عدم وجوبه : نقل الإجماع (٦) وصريح الصحيح (٧) ، فيحمل الأوامر على الندب جمعاً.

والموجب أخذ بظاهرها ، فيلزمه طرح ما مرّ. فالصواب حملها على الندب ، كما مرّ.

الثاني عشر [ ملاقاة النجاسة ] :

لو خرجت منه نجاسة في أثناء الغسل أو التكفين أو بعدهما ، فإن لم تلاق الكفن غسلت وصحّ الغسل ، وفاقاً للمشهور ؛ للمستفيضة (٨). ويعضد الأوّل أيضاً إطلاقات إزالة النجاسة ، والثاني الأصل وحصول الامتثال ، وعدم رافعيّة هذا

__________________

(١) مختلف الشيعة : ١ / ٣٩١.

(٢) وسائل الشيعة : ٢ / ٤٧٩ الباب ٢ من أبواب غسل الميّت.

(٣) ذكرى الشيعة : ١ / ٣٤٠ ، جامع المقاصد : ١ / ٣٧٤.

(٤) المعتبر : ١ / ٢٦٩.

(٥) وسائل الشيعة : ٢ / ٤٧٩ الباب ٢ من أبواب غسل الميّت.

(٦) وسائل الشيعة : ٢ / ٤٩١ الحديث ٢٨٢٣.

(٧) وسائل الشيعة : ٢ / ٤٥٢ الحديث ٢٦٢٤.

(٨) وسائل الشيعة : ٢ / ٥٤٢ الباب ٣٢ من أبواب غسل الميّت.

٣٦٩

الغسل فلا ينقضه خروج النجاسة. والعماني أوجب إعادته (١) ؛ لناقضيّة الحدث ، وضعفه ظاهر.

وإن لاقته فقبل وضعه في القبر يغسل ، وبعده يقرض ، وفاقاً للأكثر. وظاهر الشيخين وجوب القرض مطلقاً (٢).

لنا : على الأوّل : إطلاقات الغسل ، خرج ما بعد الوضع فيبقى الباقي ، وكون القرض إتلافاً محرّماً فيقتصر فيه على موضع القطع والضرورة. وعلى الثاني : عموم الأمر بالقرض في الحسن والمرسلين (٣) ، وهو يعارض عمومي الأمر بالغسل والنهي عن الإتلاف ، فيخصّصانه بما بعد الدفن ، ويخصّصهما بما قبله ، وإبقاؤه على حاله ، وتخصيصهما بغير الكفن يوجب تخصيص الأقوى بالأضعف دون العكس ، وهو باطل. ويدلّ على الحكمين صريح الرضوي (٤).

للشيخين : إطلاقات القرض ، وقد عرفت الجواب.

والظاهر اشتراط القطع بعد الوضع بتعذّر الغسل ، فلو أمكن قدّم ؛ للتعليل المذكور ، وبه يقيّد إطلاق النصوص والفتاوى.

ولا خلاف في حرمة إخراجه للتطهير ؛ لما فيه من هتكه ، مع أنّ الغير محلّ النجاسة ونجاسة الجسد مع القرض مغتفرة ؛ لخلوّ أدلّته عنه ، واختصاص أخبار الغسل (٥) بما قبل الوضع.

__________________

(١) نقل عنه في مختلف الشيعة : ١ / ٣٨٨.

(٢) لم نعثر على كلام المفيد رحمه‌الله ، النهاية : ٤٣ ، ولكن نقل في مفتاح الكرامة : ٣ / ٥٣٤ عن ابن حمزة الطوسي ، لاحظ! الوسيلة إلى نيل الفضيلة : ٦٥.

(٣) وسائل الشيعة : ٢ / ٥٤٣ و ٥٤٢ الحديث ٢٨٦١ و ٢٨٦٠ ، مستدرك الوسائل : ٢ / ٢٢٦ الحديث ١٨٥٩.

(٤) فقه الرضا عليه‌السلام : ١٦٩ ، مستدرك الوسائل : ٢ / ١٩٤ الحديث ١٧٨٣.

(٥) وسائل الشيعة : ٢ / ٥٤٢ الباب ٣٢ من أبواب غسل الميّت.

٣٧٠

ولو تفاحشت النجاسة بحيث تعذّر الغسل والقطع ، فالظاهر سقوطهما ، كما صرّح به الشهيدان والكركي (١).

فصل

[ مستحبّات غسل الميّت ]

قد ظهر ممّا ذكر استحباب أُمور في غسل الميّت. ويستحب فيه أيضاً :

غسل فرجيه ويديه إلى نصف الذراع ، في كلّ غسلة بمائها ؛ للإجماع ، والخبرين والرضوي (٢).

وغسل رأسه برغوة السدر ، كما ذكره الجماعة. وليس في النصوص ما يثبته ، وما ورد من غسله برغوته وبالسدر (٣) إنّما هو في الغسل الواجب ، ولذا ثنّى [ عليه‌السلام ] بغسل الأيمن (٤).

ولم يتعرّض له في « الذكرى » ، وجعله في « المنتهى » (٥) من أجزاء الواجب ، وكأنّهم عثروا على نصّ أو حملوا ما في الأخبار على الندب ؛ لما مرّ من اشتراط الإطلاق في ماء الغسل ، والرغوة خارجة عنه. وعدم التعرّض حينئذٍ فيها لغسله الواجب أحاله على الظهور.

__________________

(١) ذكرى الشيعة : ١ / ٣٧٧ ، روض الجنان : ١١٠ ، جامع المقاصد : ١ / ٣٧٩.

(٢) وسائل الشيعة : ٢ / ٤٨٠ و ٤٨١ الحديث ٢٦٩٦ و ٢٦٩٨ ، فقه الرضا عليه‌السلام : ١٨١ ، مستدرك الوسائل : ٢ / ١٦٧ الحديث ١٧٠٧.

(٣) وسائل الشيعة : ٢ / ٤٧٩ الباب ٢ من أبواب غسل الميّت.

(٤) لاحظ! الحدائق الناضرة : ٣ / ٤٥٩.

(٥) منتهى المطلب : ١ / ٤٢٨ ( ط ، ق ).

٣٧١

والبدأة في غسله بالشقّ الأيمن ثم الأيسر ؛ للخبر (١).

والتثليث في كلّ غسلة واجبة ومستحبّة ، بالإجماع والحسن والخبرين والرضوي (٢).

وتوالي الصبّ في كلّ غسلة ، من دون قطع ، حتّى يتمّ العضو ؛ للرضوي (٣) ، وتصريح جماعة من كبراء الأصحاب.

وإكثار الماء عرفاً ؛ لأخبار التثليث (٤) ، وخصوص المستفيضة (٥).

ووضعه على ساجة ؛ لعمل الطائفة ، وإيماء بعض الأخبار (٦) ، وليكن على مرتفع ؛ لئلّا يعود عليه ماء الغسل ، مع انحدار مكان الرجلين ؛ لئلا يجتمع الماء تحته.

وحشو المخرج بالقطن ، وفاقاً للمعظم ؛ للموثّق والخبر والرضوي (٧). ومنع عنه الحلّي (٨) ؛ لمنافاته الحرمة ، وضعفه ظاهر.

ومسح بطنه في الأُوليين قبلهما ؛ لنقل الإجماع (٩) والخبرين والرضوي (١٠) ،

__________________

(١) وسائل الشيعة : ٢ / ٤٨١ و ٤٨٢ الحديث ٢٦٩٨.

(٢) وسائل الشيعة : ٢ / ٤٨٠ و ٤٨١ و ٤٨٣ الحديث ٢٦٩٦ و ٢٦٩٨ و ٢٦٩٩ ، فقه الرضا عليه‌السلام : ١٨١ ، مستدرك الوسائل : ٢ / ١٦٧ الحديث ١٧٠٧.

(٣) فقه الرضا عليه‌السلام : ١٨١ ، مستدرك الوسائل : ٢ / ١٦٧ الحديث ١٧٠٧.

(٤) وسائل الشيعة : ٢ / ٤٨٠ و ٤٨١ و ٤٨٣ الحديث ٢٦٩٦ و ٢٦٩٨ و ٢٦٩٩.

(٥) وسائل الشيعة : ٢ / ٥٣٦ الباب ٢٨ من أبواب غسل الميّت.

(٦) وسائل الشيعة : ٢ / ٤٨٠ الحديث ٢٦٩٦ ، مستدرك الوسائل : ٢ / ١٦٧ ١٦٩ الحديث ١٧٠٧ و ١٧٠٨.

(٧) وسائل الشيعة : ٢ / ٤٨٤ الحديث ٢٧٠٣ ، ٤٨٠ الحديث ٢٦٩٦ ، فقه الرضا عليه‌السلام : ١٦٨ ، مستدرك الوسائل : ٢ / ٢١٧ و ٢١٨ الحديث ١٨٣٨.

(٨) السرائر : ١ / ١٦٤.

(٩) المعتبر : ١ / ٢٧٣.

(١٠) وسائل الشيعة : ٢ / ٤٨٠ و ٤٨١ الحديث ٢٦٩٦ و ٢٦٩٨ ، فقه الرضا عليه‌السلام : ١٦٥ ١٦٧ ، مستدرك الوسائل : ٢ / ١٦٧ ١٦٩ الحديث ١٧٠٧.

٣٧٢

وللتحفّظ من خروج شي‌ء بعد الغسل ؛ لعدم الماسكة. والحلّي أثبته تارة (١) ، وأنكره اخرى (٢) ؛ لمساواته الحيّ في الحرمة ، ولا يخفى فساده.

ولا يستحبّ في الثالثة إجماعاً ، بل يكره ، حذراً من الخروج. ولا في الحامل الّتي مات ولدها ، خوفاً من الإجهاض ، ولو أجهضت بذلك لزمه عشر دية امّه ، كما أفتى به جماعة (٣).

وتليين أصابعه ومفاصله برفق ، إلّا مع التعسير ؛ لنقل الإجماع (٤) والخبر والرضوي (٥). ومنعه العماني (٦) لظاهر الحسن والخبر (٧) ، وأُجيب بالحمل على ما بعد الغسل (٨) أو العصر المنافي للرفق جمعاً.

والرفق حال الغسل ؛ للصحيح والحسن (٩).

وكون الغسل تحت الظلال ، لا في الفضاء ؛ لنقل الإجماع (١٠) ، والصحيح والخبر (١١).

__________________

(١) السرائر : ١ / ١٥٩ و ١٦٣.

(٢) لم نعثر عليه في مظانّه ، لكن نسب إليه في ذكرى الشيعة : ١ / ٣٤٧ وجامع المقاصد : ١ / ٣٧٦ ، لاحظ! مفتاح الكرامة : ٣ / ٥٢٢ و ٥٢٣.

(٣) جامع المقاصد : ١ / ٣٧٦ ، مدارك الأحكام : ٢ / ٩٠ ، لاحظ! مفتاح الكرامة : ٣ / ٥٢٣.

(٤) الخلاف : ١ / ٦٩١ و ٦٩٢ المسألة ٤٦٨ ، المعتبر : ١ / ٢٧٢.

(٥) وسائل الشيعة : ٢ / ٤٨١ الحديث ٢٦٩٨ ، فقه الرضا عليه‌السلام : ١٦٥ و ١٦٦ ، مستدرك الوسائل : ٢ / ١٦٧ و ١٦٨ الحديث ١٧٠٧.

(٦) نقل عنه في مختلف الشيعة : ١ / ٣٨٢ و ٣٨٣.

(٧) وسائل الشيعة : ٢ / ٥٠١ و ٥٠٠ الحديث ٢٧٥٣ و ٢٧٥١.

(٨) مختلف الشيعة : ١ / ٣٨٣ ، مدارك الأحكام : ٢ / ٨٩.

(٩) وسائل الشيعة : ٢ / ٤٩٧ الحديث ٢٧٤٠ و ٢٧٣٩.

(١٠) غنية النزوع : ١٠١ ، تذكرة الفقهاء : ١ / ٣٤٦.

(١١) وسائل الشيعة : ٢ / ٥٣٨ و ٥٣٩ الحديث ٢٨٤٨ و ٢٨٤٩.

٣٧٣

وجعل شي‌ء من الذريرة مع الكافور في الثانية ؛ للصحيح والحسن (١) ، وكأنّها لطيب المسحوق ، وقد فسّرت بوجوه أُخر.

وإرسال الماء في غير الكنيف المعدّ للنجاسة ، من حفيرة تحفر أو بالوعة معدّة لصبّ الماء دون البول ؛ للإجماع والصحيح والحسن (٢).

ووضع الغاسل خرقة على يده اليسرى حال الغسل ؛ للصحيح والرضوي (٣). وهو واجب عند غسل العورة ؛ إذ المس كالنظر في التحريم. وعليه يحمل ما في الموثّق والحسن (٤) من تخصّصه بغسل العورة.

ووقوف الغاسل عن يمينه ، كما قيل (٥) ؛ لقوله عليه‌السلام : « لا يجعله بين رجليه ، بل يقف على جانبه » (٦) ، وهو أعمّ من المدّعى.

وغسله يديه إلى المرفقين بعد الأُوليين ؛ للخبر (٧) ، لا مع كلّ غسلة كما قيل (٨) ؛ لعدم المستند.

وتنشيفه بعد الفراغ بثوب ؛ للمستفيضة (٩) ، وقد علّل بصونه الكفن عن البلل.

__________________

(١) وسائل الشيعة : ٢ / ٤٧٩ و ٤٨٠ الحديث ٢٦٩٤ و ٢٦٩٥.

(٢) وسائل الشيعة : ٢ / ٥٣٨ الحديث ٢٨٤٧ ، ٤٥٢ الحديث ٢٦٢٤.

(٣) وسائل الشيعة : ٢ / ٤٧٩ الحديث ٢٦٩٤ ، فقه الرضا عليه‌السلام : ١٦٦ ، مستدرك الوسائل : ٢ / ١٦٧ و ١٦٨ الحديث ١٧٠٧.

(٤) وسائل الشيعة : ٢ / ٤٧٩ و ٤٨٤ الحديث ٢٦٩٥ و ٢٧٠٣.

(٥) نهاية الأحكام : ٢ / ٢٢٧.

(٦) رواه في المعتبر : ١ / ٢٧٧.

(٧) وسائل الشيعة : ٢ / ٤٨٠ الحديث ٢٦٩٦.

(٨) الوسيلة إلى نيل الفضيلة : ٦٥.

(٩) وسائل الشيعة : ٢ / ٤٧٩ الباب ٢ من أبواب غسل الميّت.

٣٧٤

مسألة

ويكره فيه :

إقعاد الميّت ؛ للصحيح (١) ونقل الإجماع (٢). ويعضده منافاته للرفق المأمور به (٣). وما ورد في الأمر به (٤) محمول على التقيّة ؛ لوفاق العامّة على استحبابه (٥).

وجعله بين رجليه ؛ للخبر (٦). ونفي البأس عنه في الآخر (٧) محمول على الجواز أو توقّف غسله عليه.

وقصّ ظفره ، وحلق شعره وتسريحه ؛ للخبرين (٨) ونقل الإجماع في « المعتبر » (٩). وحرّمها (١٠) ابن حمزة لظاهر النهي (١١) في المستفيضة (١٢) ، وأُجيب بالحمل على الكراهة (١٣) جمعاً. ولو انفصل منه شي‌ء ممّا ذكر وجب دفنه معه ؛ للأخبار (١٤).

__________________

(١) وسائل الشيعة : ٢ / ٤٩٧ الحديث ٢٧٤٠ ، لاحظ! رياض المسائل : ٢ / ١٦٤ ، الحدائق الناضرة : ٣ / ٤٩٢.

(٢) الخلاف : ١ / ٦٩٣ المسألة ٤٧٣.

(٣) وسائل الشيعة : ٢ / ٤٩٧ الباب ٩ من أبواب غسل الميّت.

(٤) وسائل الشيعة : ٢ / ٤٨٤ الحديث ٢٧٠٢.

(٥) الامّ : ١ / ٢٨١ ، المجموع : ١ / ١٧١.

(٦) لاحظ! المعتبر : ١ / ٢٧٧.

(٧) وسائل الشيعة : ٢ / ٥٤٣ الحديث ٢٨٦٣.

(٨) وسائل الشيعة : ٢ / ٥٠٠ الحديث ٢٧٤٩ و ٢٧٥١.

(٩) المعتبر : ١ / ٢٧٨.

(١٠) في النسخ الخطّية : ( وخرقها ) ، والظاهر أنّ الصحيح ما أثبتناه.

(١١) الوسيلة إلى نيل الفضيلة : ٦٥.

(١٢) وسائل الشيعة : ٢ / ٥٠٠ الباب ١١ من أبواب غسل الميّت.

(١٣) ذكرى الشيعة : ١ / ٣٤٨ و ٣٤٩.

(١٤) وسائل الشيعة : ٢ / ٥٠٠ الباب ١١ من أبواب غسل الميّت.

٣٧٥

وغسله بالمسخّن بالنار ؛ لنقل الإجماع (١) والمستفيضة (٢) ، إلّا مع تضرّر الغاسل لشدّة البرد ، كما في الرضوي (٣) ، وفتوى الشيخين والصدوقين (٤).

والدخنة ، بعود أو غيره من الأطياب ؛ للخبرين (٥). ونفي البأس عنه في الحسن (٦) محمول على التقيّة أو الجواز.

الثالث : الكفن

والواجب منه ثلاث قطع ، وفاقاً للمعظم ؛ لنقل الإجماع (٧) ، وتظافر النصوص (٨) بلا معارض. فقول الديلمي بكونه قطعة واحدة (٩) لا عبرة به.

وهي لفائف ثلاث شاملة لجميع الجسد ، أو لفافتان وقميص يصل إلى نصف الساق ، بمعنى ثبوت التخيّر بينهما ، وفاقاً للإسكافي و « المعتبر » (١٠) وجلّ الثالثة ؛ لانحصار النصوص فيما تيقّن الأُولى أو الثانية فيجمع بينهما بالحمل على التخيير.

وفي الخبر والمرسل (١١) تصريح به ، مع أفضليّة القميص. وفي بعض الأخير

__________________

(١) منتهى المطلب : ١ / ٤٣٠ ( ط ، ق ).

(٢) وسائل الشيعة : ٢ / ٤٩٨ الباب ١٠ من أبواب غسل الميّت.

(٣) فقه الرضا عليه‌السلام : ١٦٧ ، مستدرك الوسائل : ٢ / ١٧٤ الحديث ١٧٢٥.

(٤) المقنعة : ٨٢ ، النهاية : ٣٣ ، نقل عن الصدوقين في الحدائق الناضرة : ٣ / ٤٧٠.

(٥) وسائل الشيعة : ٣ / ٢٠ الحديث ٢٩١٥ ، مستدرك الوسائل : ٢ / ٢١٢ الحديث ١٨٢١.

(٦) وسائل الشيعة : ٣ / ٢٠ الحديث ٢٩١٦ ، لاحظ! الحدائق الناضرة : ٤ / ٥٦.

(٧) الخلاف : ١ / ٧٠١ و ٧٠٢ المسألة ٤٩١ ، غنية النزوع : ١٠٢.

(٨) وسائل الشيعة : ٣ / ٦ الباب ٢ من أبواب التكفين.

(٩) المراسم : ٤٧.

(١٠) نقل عن الإسكافي في ذكرى الشيعة : ١ / ٣٥٤ ، المعتبر : ١ / ٢٧٩.

(١١) وسائل الشيعة : ٣ / ٧ و ١٢ الحديث ٢٨٧١ و ٢٨٨٦.

٣٧٦

عبّر عن أحد الثلاث بالإزار (١). وتصفّح العرف واللغة (٢) والأخبار (٣) يعطي ظهوره في اللفافة الشاملة ، دون المئزر كما توهّم (٤).

والأكثر على أنّ الثلاث هي : قميص ، ولفّافة ، ومئزر يستر ما بين السرّة والركبة ؛ لحمل الإزار الوارد في بعضها (٥) على المئزر ، وإرجاع البواقي إليه بتقييدين في المتضمّنة لثلاث لفائف (٦) ، وتقييد في المتضمّنة لقميص ولفّافتين (٧).

وردّ بظهور الإزار في اللفّافة شرعاً وعرفاً ، بل لغة (٨) ، والإطلاق عليه نادراً غير ضائر وحمله عليها في بعض الأخبار متعيّن ، وبعضها صريح في اعتبار الشمول في الثلاثة أو الاثنين اللذين هما غير القميص.

وما في بعضها من كون الإزار تحت اللفافة (٩) لا يعيّن حمله على المئزر ؛ إذ اعتبار كون أحد الشاملين تحت الآخر الأشمل لا ضير فيه ، واستحباب التكفين في ثوبي الإحرام لا يوجب كون إحدى الثلاث مئزراً ؛ إذ عدم الشمول في أحدهما غير لازم.

بل الظاهر من بعض النصوص الواردة في تكفين النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم والصادق عليه‌السلام في

__________________

(١) وسائل الشيعة : ٣ / ١٠ الحديث ٢٨٧٩ ، مستدرك الوسائل : ٢ / ٢٠٥ الحديث ١٨٠٢.

(٢) مجمع البحرين : ٣ / ٢٠٤.

(٣) وسائل الشيعة : ٣ / ٣٣ الحديث ٢٩٥٥ ، مستدرك الوسائل : ٢ / ٢٠٧ و ٢١٧ الحديث ١٨٠٦ و ١٨٣٨.

(٤) لاحظ! الحدائق الناضرة : ٤ / ١٣.

(٥) وسائل الشيعة : ٣ / ١٠ الحديث ٢٨٧٩ ، مستدرك الوسائل : ٢ / ٢٠٥ الحديث ١٨٠٢.

(٦) وسائل الشيعة : ٣ / ٧ و ٨ الحديث ٢٨٦٩ و ٢٨٧٠ و ٢٨٧٢.

(٧) وسائل الشيعة : ٣ / ١٠ و ٣٤ الحديث ٢٨٨٠ و ٢٩٥٦.

(٨) مجمع البحرين : ٣ / ٢٠٤.

(٩) وسائل الشيعة : ٣ / ١٠ و ٣٣ و ٣٤ الحديث ٢٨٧٩ و ٢٩٥٥.

٣٧٧

ثوبي الإحرام (١) شمولهما.

وقيل : هي قميص ولفّافتان لا غير ، وهو فتوى الصدوقين والعماني (٢) ، أخذاً بالأخبار المتضمّنة للقميص (٣) وحمل المطلقات عليها. وردّ بعدم إمكان الحمل في بعضها.

وقيل بكفاية كلّ ثلاثة من الثلاثات الثلاث (٤) ، عملاً بجميع الأخبار ، بعد حمل الإزار فيما يتضمّنه على المئزر (٥). وضعفه ظاهر ممّا مرّ ، مع أنّه إحداث ثالث من بعض الثالثة ، فلا يعبأ به.

فروع :

الأوّل : المعتبر في القميص أن يصل إلى نصف الساق ؛ لأنّه المتعارف ، ويجوز الزيادة بما يصل إلى القدم.

وفي اللفافة شموله البدن بأسره ، وينبغي الزيادة بحيث يمكن شدّه من الطرفين ، وجعل أحد جانبيه على الآخر.

__________________

(١) وسائل الشيعة : ٣ / ١٦ الباب ٥ من أبواب التكفين.

(٢) نقل عن والد الصدوق والعماني في الحدائق الناضرة : ٤ / ١٢ ، المقنع : ٥٨ ، تنبيه : جاء في الحدائق الناضرة : ٤ / ١٢ وقال ابن أبي عقيل : « الفرض إزار وقميص ولفافة » ، وقال علي بن بابويه : « .. وتبسط عليه الحبرة وتبسط الإزار على الحبرة وتبسط القميص » ، يمكن أن يتوهّم أن فتواهما لا يطابق لما ادعاه المصنّف ولكن هذا اختلاف في الألفاظ فقط ، والشاهد على ذلك أنّ المصنّف بيّن آنفاً أنّ المراد من الإزار اللفافة الشاملة ، فعلى هذا يصحّ بأن يقال مكان إزار ولفافة لفافتان. وأيضاً جاء في الحدائق الناضرة : ٤ / ١٢ السنة في اللفافة أن تكون حبرة يمانيّة ، فعلى هذا الحبرة أيضاً نوع من اللفافات.

(٣) وسائل الشيعة : ٣ / ٨ و ١٠ و ٣٢ و ٣٣ الحديث ٢٨٧٤ و ٢٨٧٩ و ٢٩٥٤ و ٢٩٥٥.

(٤) مدارك الأحكام : ٢ / ٩٤ و ٩٥.

(٥) مدارك الأحكام : ٢ / ٩٤ و ٩٥.

٣٧٨

وفي المئزر على اعتباره أن يستر ما بين السرّة والركبة ، ويجوز كونه إلى القدم. واحتمال الاكتفاء فيه بما يستر العورة بعيد ، والتعليل بأنّ شرعيّته بسترها عليل.

الثاني : لو تعذّر الثلاث كفى ما يوجد ؛ لأنّ الضرورة تسقط أصل الكفن ، فكيف لا يسقط بعضه؟! والحقّ وجوب التكفين بالبعض مع وجوده ؛ للعمومات وكون حرمة الميّت كحرمة الحيّ ، فاحتمال ثبوت الجواز دون الوجوب لفقد النصّ ضعيف.

الثالث : المعتبر في جنسه القصد بحسب حال الميّت ، فلا يقتصر على الأدون وإن ماكس الوارث أو كان صغيراً ؛ لوجوب حمل اللفظ على ما هو المتعارف واللائق بحال المكلّف.

الرابع : في اعتبار ستر البشرة في كلّ من الثلاث ، أو في المجموع ، أو عدمه مطلقاً وجوه.

والظاهر الأوّل ؛ إذ المتعارف في الثوب كونه ساتراً ، وحمل اللفظ على الشائع الغالب لازم ، فلا يكفي الرقيق الحاكي لما تحته.

الخامس : لا يجزئ النجس والمغصوب ، إجماعاً ؛ للأمر بإزالة النجاسة عنه (١) ، والنهي عن إتلاف مال الغير (٢).

ولا الجلد ؛ لعدم صدق الثوب عليه عرفاً.

ولا المتّخذ من الشعر والصوف والوبر من غير المأكول ؛ لاشتراط كونه ممّا يصلّى فيه. بخلاف المأكول ، فإنّه جائز على الحقّ المشهور ؛ لصدق الثوب وانتفاء

__________________

(١) وسائل الشيعة : ٣ / ٤٦ الباب ٢٤ من أبواب التكفين.

(٢) وسائل الشيعة : ٢٥ / ٣٨٦ الحديث ٣٢١٩٠.

٣٧٩

المانع. والإسكافي منع من ثوب الصوف (١) ، والعمومات وصريح الرضوي (٢) حجّة عليه.

ولا في الحرير المحض ، إجماعاً ؛ لفعل السلف ، والمضمر والرضوي (٣) والمستفيضة الناهية عن التكفين بكسوة الكعبة (٤) مع تجويز البيع والهبة ، فالمنع لكونها حريراً ، ولا ينافيها قوله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : « نعم الكفن الحلّة » (٥) ؛ إذ لا يلزم كونها حريراً. ولا منع في الممتزج ، كما في الصلاة.

ولا فرق في الحكم بين الرجل والمرأة ؛ لعموم الأدلّة ونقل الإجماع في « الذكرى » (٦) ، واحتمال كراهته لها دون التحريم كما في حال الحياة ضعيف.

والمشهور كراهة الكتّان ؛ لنقل الإجماع (٧). وظاهر الصدوق التحريم (٨) ؛ لبعض الظواهر ، وهي محمولة على الكراهة.

وهذا كلّه مع القدرة.

ومع الضرورة ، فبقاء المنع في المغصوب مجمع عليه ، وفي غيره ممّا ذكر أقوال أقربها إطلاق المنع في غير النجس وفاقاً ؛ لعموم النهي ، وكفاية القبر للستر ، وتوقّف الحكم الشرعي على الدلالة ولم توجد ، واستثناء النجس ؛ لتجويزه في بعض الموارد ، وكون القبر محلّ النجاسة.

__________________

(١) نقل عنه بالنسبة إلى الوبر في المعتبر : ١ / ٢٨٠.

(٢) فقه الرضا عليه‌السلام : ١٦٩.

(٣) وسائل الشيعة : ٣ / ٤٥ الحديث ٢٩٨٦ ، فقه الرضا عليه‌السلام : ١٦٩.

(٤) وسائل الشيعة : ٣ / ٤٤ الباب ٢٢ من أبواب التكفين.

(٥) وسائل الشيعة : ٣ / ٤٥ الحديث ٢٩٨٧.

(٦) ذكرى الشيعة : ١ / ٣٥٥.

(٧) غنية النزوع : ١٠٢.

(٨) من لا يحضره الفقيه : ١ / ٨٩ ذيل الحديث ٤١٣.

٣٨٠