معتمد الشيعة في أحكام الشريعة

محمد مهدي بن أبي ذر النراقي [ المولى مهدي النراقي ]

معتمد الشيعة في أحكام الشريعة

المؤلف:

محمد مهدي بن أبي ذر النراقي [ المولى مهدي النراقي ]


المحقق: مؤسسة العلامة المجدّد الوحيد البهبهاني
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤتمر المولى مهدي النراقي
المطبعة: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ١
الصفحات: ٤٩٦

الخامس : مقتضى المستفيضة (١) جواز المسح على النعل العربي ، وإن لم يستبطن ، ويعضده فعل الحجج عليهم‌السلام ، وفتوى الجماعة (٢) ، ومبناها على كون الشراك فوق القبّة ، كما هو الغالب ، فلا يلزم سقوط مسح ما تحته من البشرة.

نعم ؛ هي حجّة على الفاضل ؛ لكونه ما تحت المفصل بمعنييه ، ولإيجابه الاستيعاب طولاً لا يمكنه حملها على عدم وجوبه. وجعلها مخصّصة للعموم كما ترى.

السادس : الترتيب :

كما ذكر ؛ للإجماع ، والاستصحاب ، وظاهر الآية (٣) ، وصريح النصوص (٤).

ولو خالفه أعاد الوضوء مع الجفاف ؛ لفوات الموالاة ، وما يحصّله بدونه فيحصل بإعادة ما قدّمه بما بعده دون ما قبله لو غسله بعده ؛ لظاهر الوفاق والمستفيضة (٥).

نعم ؛ لو لم يغسله بعد غسله مقدّماً ، ووجهه ظاهر.

وعلى هذا ، فلا عبرة بما يسبق أوّل الأعضاء ، فلو بدأ بآخرها إليه لم يحصل له غيره ، ولو نكس ثانياً حصل له الثاني ، وثالثاً الثالث ، وهكذا إلى أن يحصل له الكلّ بشرط بقاء الموالاة.

ويعتبر فيه تقديم المقدّم ؛ لأنّه المفهوم منه عرفاً ، ويعضده ظاهر الأخبار ،

__________________

(١) وسائل الشيعة : ١ / ٤١٤ و ٤١٥ و ٤١٨ الحديث ١٠٧٥ و ١٠٧٦ و ١٠٨٠ و ١٠٨٧.

(٢) المعتبر : ١ / ١٥٢ ، منتهى المطلب : ٢ / ٧٧ ، ذكرى الشيعة : ٢ / ١٥٩.

(٣) المائدة (٥) : ٦.

(٤) وسائل الشيعة : ١ / ٤٤٨ و ٤٥٠ الباب ٣٤ و ٣٥ من أبواب الوضوء.

(٥) وسائل الشيعة : ١ / ٤٥٠ الباب ٣٥ من أبواب الوضوء.

٢٠١

فالمعيّة غير كافية ، فلا يحصل له من غسل الكلّ دفعة في كلّ مرّة إلّا واحد.

ولو ارتمس ناوياً حصل له الوجه ، فإن أخرج بالنيّة يديه مرتّباً حصل غسلهما ، ودفعة حصل اليمنى ، ولو تعاقبت عليه بعد النيّة في الجاري جريات ثلاث حصل له غسل الثلاثة.

والترتيب ركن ، تركه مبطل ، إلّا أن يتدارك في المحلّ.

ويأثم العامد دون الناسي ، ولا يعذر الجاهل.

نعم ؛ ذو الشبهة لا يعيد صلاته ؛ لأنّه لا يقضي بعد الاستبصار سوى الركن ؛ لظاهر الوفاق ، وصريح الحسن (١).

السابع : الموالاة :

ووجوبه مجمع عليه. وهو مراعاة الجفاف مطلقاً ، وفاقاً للأكثر ، لا اضطراراً. والتابعيّة العرفيّة اختياراً مع التأثيم بالترك ، وإن صحّ كالفاضل و « المعتبر » (٢) ، أو البطلان به كـ « المبسوط » (٣).

والمختار يلزمه عدم شي‌ء منهما (٤) بتركها مطلقاً ، والبطلان بالجفاف كذلك.

قلنا : على الأوّل بعد الأصل صدق الامتثال ، وإطلاق الظواهر ، ومصحّحات الوضوء إذا ترك بعضه وأتى به بعده. وتضمّن بعضها الناسي مع عموم المورد لا يخصّصها بالمضطر ، وحمل الفصل المفهوم منه على ما لا يبطل التابعيّة العرفيّة تقييد بلا حجّة.

__________________

(١) وسائل الشيعة : ١ / ١٢٥ الحديث ٣١٧ ، للتوسّع لاحظ! ذخيرة المعاد : ٥٦٤ ، الحدائق الناضرة : ١١ / ١٠.

(٢) تذكرة الفقهاء : ١ / ١٩٠ ، المعتبر : ١ / ١٥٧.

(٣) المبسوط : ١ / ٢٣.

(٤) أي : لا يلزم الإثم والبطلان يترك التابعّية العرفيّة.

٢٠٢

ويعضده صريح الرضوي (١) ، وإطلاق الأمر في الصحيح بمسح الرجلين بعد غسلهما (٢).

وعلى الثاني بعد الإجماع وفعل الحجج عليهم‌السلام صريح الصحيح ، والموثّق (٣) ، وما ورد في المسح بالبقيّة (٤).

والصحيح المجوّز لغسل الباقي وإن جفّ سابقه (٥) محمول على التقيّة ، ومصحّحات الوضوء بمسح المتروك أو غسله مطلقاً (٦) مقيّدة بوجود البلّة جمعاً للخصمين على ما به النزاع ، [ و ] فوريّة الأمر ، والنصوص البيانيّة ، وموجبات المتابعة والإعادة بترك البعض ، وأنّها بزعمهما متّفقة الدلالة على وجوب المتابعة ، إلّا أنّ الإخلال بها لا يوجب البطلان عند الأوّل ؛ لحصول الامتثال ، ويوجبه عند الثاني للتنافي.

وأُجيب عن الأوّل بالمنع ، وعن الثانية كالرابعة بعدم الدلالة ، وعن الثالثة بالحمل على المختار جمعاً.

وعلى هذا ، فالتفريق بدون الجفاف لا يبطل وإن تفاحش ، ما لم يبطل الوحدة ، فخلاف الشهيد (٧) لا عبرة به.

ثمّ المبطل من الجفاف ما خلى عن المتابعة ، لا معها أيضاً ، وفاقاً

__________________

(١) فقه الرضا عليه‌السلام : ٦٧ و ٦٨ ، مستدرك الوسائل : ١ / ٣٢٨ الحديث ٧٤٦.

(٢) وسائل الشيعة : ١ / ٤٢٠ الحديث ١٠٩٩.

(٣) وسائل الشيعة : ١ / ٤٤٧ و ٤٤٦ الحديث ١١٧٧ و ١١٧٦.

(٤) وسائل الشيعة : ١ / ٤٠٧ الباب ٢١ من أبواب الوضوء.

(٥) وسائل الشيعة : ١ / ٤٤٧ الحديث ١١٧٨.

(٦) وسائل الشيعة : ١ / ٤٥٠ الباب ٣٥ من أبواب الوضوء.

(٧) البيان : ٤٩.

٢٠٣

للصدوقين (١) ؛ للأصل ، وصدق الامتثال ، وإطلاق الظواهر ، وصريح الرضوي (٢).

وخلافاً للشهيدين (٣) ؛ لأخبار البطلان بالجفاف (٤). وردّت باختصاصها بصورة التفريق والصحّة إنّما هو إذا لم يتمّ الغسلات ؛ إذ الحكم بها بعد تمامها يتوقّف على استئناف ماء جديد للمسح ، ولم يجوّزه أحد ، وجفاف الكلّ وفاقاً للمشهور ، لا البعض كالإسكافي (٥) ، ولا العضو السابق كالسيّد والحلّي (٦) ، ولا الوجه عند غسل اليدين ، وهما عند المسحين كالديلمي (٧).

لنا : بعد بعض الظواهر أدلّة أخذ البلّة من مظانّها للمسح ، والاقتصار فيما خالف الأصل على المتيقّن ، وما دلّ على الإعادة بالجفاف ظاهر في جفاف الكلّ. فاحتجاج المخالفين به ساقط.

والمعتبر منه الحسّي دون التقديري ؛ للتبادر ، فمع بطئه عند الرطوبة أو الإسباغ لا يبطل الفصل وإن تفاحش كما مرّ ، ومع سرعته في الحر يبطل لو فقد المتابعة وإن كان أقل منه عند الاعتدال.

وتقييده به كالأكثر اقتصاراً فيما خالف الأصل على المتيقّن ، يدفعه إطلاق الأخبار ، والتمسّك بنفي الحرج ضعيف ، وبالتبادر والظهور ممنوع.

والتوجيه بجعله لإخراج إفراط الحرارة دون الرطوبة إن أُريد به الإخراج

__________________

(١) نقل عن والد الصدوق في من لا يحضره الفقيه : ١ / ٣٥ ذيل الحديث ١٢٨ ، المقنع : ١٦.

(٢) فقه الرضا عليه‌السلام : ٦٨ ، مستدرك الوسائل : ١ / ٣٢٨ الحديث ٧٤٦.

(٣) الدروس الشرعيّة : ١ / ٩٣ ، الروضة البهيّة : ١ / ٧٧.

(٤) وسائل الشيعة : ١ / ٤٤٦ الباب ٣٣ من أبواب الوضوء.

(٥) نقل عنه في ذكرى الشيعة : ٢ / ١٧٠.

(٦) الناصريات : ١٢٦ ، السرائر : ١ / ١٠١.

(٧) المراسم : ٣٨.

٢٠٤

مع حصول المتابعة ممنوع ؛ لما مرّ. وإن أُريد به الأعمّ فمردود ؛ لإطلاق الأدلّة.

ثمّ مع تعذّر بقاء البلّة وإن لم يبطل الغسلات مع رعاية المتابعة ، إلّا أنّها تبطل ؛ لتعذّر المسح بها.

واللازم الاستئناف ؛ للضرورة ونفي الحرج وتمكّن الانتقال إلى التيمّم ، ولو أمكن إبقاؤها بالغمس أو الإسباغ تعيّن ، ولم يجز الاستئناف.

والتفريق إنّما يحصل بالفصل بلا اشتغال بواجب أو مندوب أو بفعل مع القطع بحصول التكليف ؛ لكونه وسوسة خارجة من الفعل.

والظاهر عدم حصوله بفعل في زمان مع إمكان إيقاعه في زمان أقلّ. وبذلك يظهر أولويّة ترك الإطالة بتكرّر الإمرار ومثله.

ويصحّ نذر المتابعة في وضوء معيّن أو مطلق ؛ للقطع برجحانها ؛ فيتعلّق النذر بها. وفي البطلان مع الإخلال به وجهان ، والظاهر عدمه في المعيّن ؛ لخروج المنذور عن حقيقة المأمور به ؛ لعدم تقييد الأمر به ، فالإخلال به لا يؤثّر في صحّته ، كنذر الزائد من التسبيح والقنوت في الفريضة. والقول بالبطلان (١) ، فاللازم مجرّد الإثم والكفّارة.

وأمّا المطلق ، فيبطل به ؛ لحصول التكليف وتعيّن حقيقته بمجرّد النذر ، من دون تعلّق طلب مطلق به ، فالإخلال بها يرفع المطابقة بين المكلّف به وما أتى به ، وإن لم يشترط في أصل الفعل وجاز ارتفاعه بدونها في محلّ آخر ، كنذر ركعتين من قيام إذا أتى بهما من جلوس.

وحينئذ إمّا يتعيّن الزمان أو لا ، فعلى الأوّل إن أتى فيه بوضوء آخر أجزأ ، وإلّا أثم وكفّر. وعلى الثاني فيمكنه الإيقاع في كلّ وقت من عمره ، ولا حنث إلّا بالترك أو الإخلال عند التضيّق بظنّ الوفاة.

__________________

(١) كذا ، والظاهر أنّ المقصود : ( ولا قائل بالبطلان ).

٢٠٥

الثامن : المباشرة بنفسه مع الاختيار :

بالإجماعين ، وظاهر الأوامر ، وصريح الخبر (١). وخلاف الإسكافي بعدّها من السنن (٢) لا عبرة به ، وتمسّكه بالأصل ضعيف ، وقياسه على إزالة الخبث فاسد.

ومع الضرورة يجوز تولية الغير ؛ للصحيح (٣) ، ونقل الإجماع (٤) ، وقد استدلّ بلزوم أحد المحالين : سقوط التكليف أو التكليف بالمحال لولاه. وردّ بمنع استحالة الأوّل.

والأوامر ظاهرة في المباشرة ، فتختصّ بالمختار ، وتعميمهما بحيث تعمّ التولية يتوقّف على ارتكاب عموم المجاز أو الاستعمال في الحقيقة والمجاز ، وكلاهما خلاف الأصل.

ومراعاة الأقرب إلى الحقيقة مع تعدّدها لازمة ، فلو أمكن المباشرة في البعض أو المشاركة فيه أو في الكلّ لم يجز تفرّد الغير بالتولية.

ثمّ التولية المحرّمة هي غسل العضو دون الإعانة بمثل الصب على اليد ؛ لظاهر الوفاق ، وصريح الصحيح (٥). وإنّما يكره ؛ للخبر والمرسل (٦).

التاسع :

كونه كسائر الطهارات بالماء المطلق أو المباح بالملك أو الإذن صريحاً أو

__________________

(١) وسائل الشيعة : ١ / ٤٧٦ الحديث ١٢٦٦.

(٢) نقل عنه في مختلف الشيعة : ١ / ٣٠١.

(٣) وسائل الشيعة : ١ / ٤٧٨ الحديث ١٢٧٠.

(٤) الانتصار : ٢٩ ، المعتبر : ١ / ١٦٢.

(٥) وسائل الشيعة : ١ / ٣٩١ الحديث ١٠٢٧.

(٦) وسائل الشيعة : ١ / ٤٧٧ و ٤٧٨ الحديث ١٢٦٧ و ١٢٦٩.

٢٠٦

فحوى ، بالإجماع والظواهر.

فصل

يستحبّ فيه :

وضع الإناء في اليمين ؛ لظاهر الوفاق ، وإطلاق النبويّ (١). والصحيح المرجّح لوضعه بين يديه (٢) مؤوّل.

والمراد بالإناء هنا ما يغترف منه ؛ إذ السنّة فيما يصبّ منه الوضع على اليسار والاغتراف منه باليمنى ؛ لفعل الحجج عليهم‌السلام وإطلاق النبويّ ، والنصوص البيانيّة (٣) مطابقة في الأخذ بها لغسل الوجه واليسرى.

وأمّا لغسل نفسها فالوارد في أكثرها الأخذ باليسرى (٤) ، وفي بعضها (٥) باليمنى والصبّ في اليسرى ثمّ الصبّ على اليمنى ، ولعلّ الجمع بالحمل على التخيير.

والتسمية ، بالإجماع والمستفيضة (٦). ولو نسيها في الابتداء تدارك في الأثناء ؛ للمطلقات ، كما في الأكل.

والدعاء في كلّ فعل بالمأثور.

والسواك ؛ للصحيح والمرسل (٧).

__________________

(١) غوالي اللآلي : ٢ / ٢٠٠ الحديث ١٠١.

(٢) وسائل الشيعة : ١ / ٣٨٧ الحديث ١٠٢١.

(٣) وسائل الشيعة : ١ / ٣٨٧ الباب ١٥ من أبواب الوضوء.

(٤) لاحظ! وسائل الشيعة : ١ / ٣٨٧ الباب ١٥ من أبواب الوضوء.

(٥) وسائل الشيعة : ١ / ٣٩١ الحديث ١٠٢٦ ، مستدرك الوسائل : ١ / ٣١١ الحديث ٦٩٨.

(٦) وسائل الشيعة : ١ / ٤٢٣ الباب ٢٦ من أبواب الوضوء.

(٧) وسائل الشيعة : ٢ / ١٦ و ١٧ الحديث ١٣٤٣ و ١٣٤٤.

٢٠٧

والمضمضة والاستنشاق ، بالإجماعين والمستفيضة (١). وما نفى كونهما من الوضوء أو السنّة (٢) محمول على نفي الحتميّة ، وإليه يؤوّل قول العماني (٣).

ويستحب تثليثهما ؛ لنقل الإجماع في « الغنية » (٤) ، وخبرين في « الكشف » و « الأمالي » (٥) ، والأصل فيهما التثليث بثلاث أكفّ ، ولكن ينادي السنّة بكف تثليثاً ، ومرّة لإطلاق الأخبار (٦).

والمشهور استحباب تقديم المضمضة ، والفاضل جوّز الجمع (٧) ، والشيخ منع العكس (٨) ؛ لإيجابه تغيير الهيئة.

والتحقيق عدم الحرمة ، وتأدية السنة بكلّ واحد ؛ إذ هيئة العبادة إن لم تثبت فلا معنى لوجوب الخصوصيّة ، وإنّما اللازم مجرّد المسمّى.

وإن ثبتت ، فإن تعلّقت بالواجب فلا ريب في حرمة التغيّر ؛ لإيجابه البطلان ، وإن تعلّقت بالمستحب فلا تحريم فيه ؛ لجواز ترك الأصل ، إلّا إذا اعتقد الشرعيّة بلا شبهة طارئة.

وثبوت الهيئة إنّما هو بالنص ، والأمر المطلق لا يثبتها ، بل الثابت فيه مجرّد المسمّى. نعم ، إن ورد معه أمر مقيّد أيضاً فاللازم التقييد مع التقاوم ، وبدونه يكفي المسمّى أيضاً ، وهنا أكثر الأوامر الواردة بهما مطلقة. وفي خبر إيماء إلى تقديم

__________________

(١) وسائل الشيعة : ١ / ٤٣٠ الباب ٢٩ من أبواب الوضوء.

(٢) وسائل الشيعة : ١ / ٤٣١ الحديث ١١٢٨ و ١١٢٩.

(٣) نقل عنه في مدارك الأحكام : ١ / ٢٤٧.

(٤) غنية النزوع : ٦٠ و ٦١.

(٥) كشف الغمّة : ٢ / ٢٢٦ ، أمالي الشيخ الطوسي : ٢٩.

(٦) مرّ آنفاً.

(٧) نهاية الإحكام : ١ / ٥٦.

(٨) المبسوط : ١ / ٢٠.

٢٠٨

المضمضة (١) ، وصلاحيّة مثله لتقييدها محلّ نظر ، فالظاهر كفاية المسمّى بأيّ طريق كان.

نعم ؛ الظاهر استحباب تقديمها ؛ لإيماء الخبر ، وتقديمها ذكراً في الأوامر ، والترتيب الذكري وإن لم يفد الواقعي لغة ؛ لكنّه يومي إليه عرفاً.

وتثنية الغسلات في الأعضاء الثلاثة ؛ للمستفيضة (٢) ، ودعوى الإجماع من السيّدين والحلّي (٣). وظاهر الصدوق جواز الثانية بلا ندب وحرمة (٤) ؛ لفعل الحجج عليهم‌السلام وردّ بمنع الدلالة ، وأخبار المرّة (٥) ونفي الأجر على المرّتين (٦) وحملت على بيان الفرض واعتقاد شرعيّة الوجوب ، مع أنّ اتّصاف العبارة بمجرّد الإباحة غير معقول. ونسبة تحريمها إليه مع صراحة عبارته كعبارة الكلّ في نفيه لا وجه له.

وكلام البزنطي والكليني (٧) لا ينفي الاستحباب ، بل يثبته ، وإنّما يرجع إلى ما في بعض النصوص (٨) من أنّ الفرض من الله هو المرّة والثانية أضافها النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم لتقصير الناس ، فنسبة نفيه إليهما غير جيّد.

والقول بأفضليّة المرّة بغرفتين (٩) ضعيف ، ومبناه على جمع فاسد بوجوه.

__________________

(١) وسائل الشيعة : ١ / ٤٠١ الحديث ١٠٤٦.

(٢) وسائل الشيعة : ١ / ٤٣٥ الباب ٣١ من أبواب الوضوء.

(٣) الانتصار : ٢٨ و ٢٩ ، غنية النزوع : ٦١ ، السرائر : ١ / ١٠٠.

(٤) الهداية : ٨٠.

(٥) وسائل الشيعة : ١ / ٤٣٥ الباب ٣١ من أبواب الوضوء.

(٦) وسائل الشيعة : ١ / ٤٣٦ الحديث ١١٤٣ و ١١٤٤.

(٧) نقل عن البزنطي في السرائر : ٣ / ٥٥٣ ، الكافي : ٣ / ٢٧ ذيل الحديث ٩.

(٨) وسائل الشيعة : ١ / ٤٣٩ الحديث ١١٥٥.

(٩) الوافي : ٦ / ٣٢٢.

٢٠٩

والثالثة غير مستحبّة ، بالإجماع والنصوص ، ومحرّمة على الحقّ المشهور ؛ لكونها بدعة بالنصوص (١) ، فتحرم ؛ للظواهر. خلافاً لظاهر الأوّلين والمفيد (٢) ؛ لمستند لا وقع له. وقد يمنع مخالفتهم ؛ لما في عبارتهم من الإجمال.

وفي إبطالها الوضوء : ثالثها وهو المختار الإبطال إن مسح بمائها مطلقاً ، ورابعها إن كانت في اليد اليسرى.

لنا : استلزام خروجها عن الحقيقة تعلّق النهي بالخارج فلا تبطل ، وكون مائها كالجديد فالتمسّح به استئناف مبطل بالإجماع ، ولزومه مع كونها في اليسرى الماسحة كلّي ، وفي غيرها يتصوّر على بعض الوجوه.

وللمخالفين : وجوه ضعفها ظاهر.

ولا يحرم الغرفة الثالثة قبل إكمال الغسل ، ولا يبطل التمسّح بمائها ؛ إذ الغرفات الثلاث لغسلة واحدة كماء واحد.

ولا يستحبّ التكرار في المسح إجماعاً ؛ لفعل الحجج عليهم‌السلام وصريح الخبر (٣) ، وصدق الامتثال بالمرّة. والظاهر كراهته ؛ لظاهر الوفاق ، دون الحرمة ؛ للأصل وعدم المقتضي ، إلّا أن يعتقد الشرعيّة فيأثم مع الصحّة ، لتعلّق النهي بالخارج.

وبدأة الرجل بظاهر ذراعيه ، والمرأة بباطنهما ؛ للخبر والمرسل (٤) ، والمشهور عدم الفرق في ذلك بين الغسلتين ؛ لإطلاقهما. والشيخ عكس الحكم فيهما في الثانية (٥) ، ولا حجّة له.

__________________

(١) وسائل الشيعة : ١ / ٤٣٦ و ٤٤٣ الحديث ١١٤٣ و ١١٧٢.

(٢) نقل عن ابن الجنيد وابن أبي عقيل في مختلف الشيعة : ١ / ٢٨٥ ، المقنعة : ٤٨ و ٤٩.

(٣) مستدرك الوسائل : ١ / ٣٢٧ الحديث ٧٤٢.

(٤) وسائل الشيعة : ١ / ٤٦٦ و ٤٦٧ الحديث ١٢٣٨ و ١٢٣٩.

(٥) المبسوط : ١ / ٢٠ و ٢١.

٢١٠

وفتح العين ، بما يدفع القذى ولا يوجب الأذى ؛ للمرسل (١).

وكون الوضوء بمُدّ ؛ للإجماع ، وفعل النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم كما في المستفيضة (٢) ، ويعضده المرسل والخبر (٣) وفي الصحيح (٤) : « المدّ رطل ونصف » (٥) أي بالمدني ، وفي المكاتبة : « الصاع ستة أرطال بالمدني ، وتسعة بالعراقي » (٦) ، وفي نصوص : « المدّ ربع الصاع » (٧) ، ومقتضاها ما هو المشهور من كونه رطلاً ونصفاً بالمدني ورطلين وربعاً بالعراقي ، وكون المدني مثلاً ونصفاً للعراقي ، وكون الصاع ستة أرطال بالمدني وتسعة بالعراقي ، وكون المدّ ربعه. وقول البزنطي بكونه رطلاً وربعاً (٨) شاذّ ، والمضمرة (٩) مع ضعفها ومخالفة بعضها الإجماع لا تفيده.

ثمّ الصاع ألف ومائة وسبعون درهماً ، وفاقاً للمشهور ؛ للمكاتبتين (١٠) ؛ فالعراقي مائة وثلاثون ، والمدني مائة وخمسة وتسعون ؛ لصريح المكاتبة (١١).

والمثقال الشرعي درهم وثلاثة أسباع ، وهو ثلاثة أرباع الصيرفي ، فهو مثله وثلثه ، والدرهم نصف الشرعي وخمسه ونصف الصيرفي وربع عشره.

__________________

(١) وسائل الشيعة : ١ / ٤٨٦ الحديث ١٢٨٧.

(٢) وسائل الشيعة : ١ / ٤٨١ الباب ٥٠ من أبواب الوضوء.

(٣) وسائل الشيعة : ١ / ٤٨١ و ٤٨٢ الحديث ١٢٧٧ و ١٢٧٩.

(٤) في النسخ الخطّية : ( لا في الصحيح ) ، والظاهر أنّ الصحيح ما أثبتناه.

(٥) وسائل الشيعة : ١ / ٤٨١ الحديث ١٢٧٥.

(٦) وسائل الشيعة : ٩ / ٣٤٠ الحديث ١٢١٧٩.

(٧) وسائل الشيعة : ٩ / ٦٥ و ١٧٩ و ٣٣٦ الحديث ١١٥٣٢ و ١١٧٨٤ و ١٢١٦٧.

(٨) نقل عنه في ذكرى الشيعة : ٢ / ٢٤١.

(٩) وسائل الشيعة : ١ / ٤٨٢ الحديث ١٢٧٨.

(١٠) وسائل الشيعة : ٩ / ٣٤٠ و ٣٤٢ الحديث ١٢١٧٩ و ١٢١٨٢.

(١١) وسائل الشيعة : ٩ / ٣٤٢ الحديث ١٢١٨٢.

٢١١

فالعراقي بالشرعيّة أحد وتسعون ، وبالصيرفيّة ثمانية وستّون وربع.

فالمدّ بالدراهم مائتان واثنان وتسعون ونصف ، وبالشرعيّة مائتان وأربعة وثلاثة أرباع ، وبالصيرفيّة مائة وثلاثة وخمسون ونصف ونصف ثمن.

فالصاع بالصيرفيّة ستمائة وأربعة عشر وربع.

والمنّ التبريزي القديم ستمائة صيرفي ، فالمدّ يزيد على ربعه بثلاثة ونصف ونصف خمس ، إلّا أنّهم أخذوه ربع المنّ الوافي ؛ لقلّة الزيادة.

وإمرار اليد بالغسل ؛ للتأسّي ، وخبر في « قرب الإسناد » (١). وأوجبه الإسكافي (٢) ؛ لفعل الحجج عليهم‌السلام وهو لا يفيد أزيد من الندب ، والإطلاقات وصريح الخبر (٣) حجّة عليه.

واستقبال القبلة.

وعدم الجلوس في مظانّ النجاسة عند الوضوء ؛ للعام المشهور ، ورجحان التنزّه عن نجاسة مظنونة.

فصل

ويكره :

الوضوء في المسجد من الأخبثين ؛ للخبر (٤) ، ومن النوم الواقع في غيره لا فيه ؛ لمفهوم الآخر (٥) ، وهو يعمّ الأوّلين ، فيعارض منطوق الأوّل ، ولعلّ باعث

__________________

(١) قرب الاسناد : ٣١٢ الحديث ١٢١٥.

(٢) نقل عنه في مختلف الشيعة : ١ / ٢٨٧.

(٣) لم نعثر عليه في مظانّه.

(٤) وسائل الشيعة : ١ / ٤٩٢ الحديث ١٢٩٨.

(٥) وسائل الشيعة : ١ / ٤٩٢ الحديث ١٢٩٩.

٢١٢

كراهته إيجابه زيادة الكون فيه محدثاً ، وهو يخصّ بالواقع في غيره ، فالظاهر تقييد المنطوق بالمفهوم ، ويعضده الأصل.

والتكلّم في أثنائه ؛ لمنعه الأدعية المأثورة.

والمشهور كراهة التمندل ؛ للخبرين (١). ونفاها السيّد (٢) ؛ للأصل والمستفيضة (٣) ، وأُجيب بعدم منافاتها الكراهة ، وفيه أنّ بعضها مصرّح بصدوره من الإمام عليه‌السلام وهو ينافيها ، فاللازم حمله على وجود عذر له ، ولو لا الشهرة العظيمة لكان الأخذ بظاهرها أولى.

ثمّ الظاهر اختصاص الحكم بمورد النص ، فلا ينسحب إلى التمسّح بمثل الذيل والكمّ ، وقيل بالتعدية لاتّحاد الطريق (٤).

فصل

[ حكم الشك في الوضوء ]

الشكّ في فعل إمّا قبل الفراغ أو بعده.

فعلى الأوّل يأتي به وبما بعده ولا يستأنف ؛ للإجماع في الكلّ ، والاستصحاب في الأوّل ، وأدلّة الترتيب في الثاني ، والأصل وعدم المقتضي في الثالث ، والصحيح (٥) بإحدى الطرق في الطرفين. والموثّق الخاص (٦) لا يعارضه ؛ لعدم

__________________

(١) وسائل الشيعة : ١ / ٤٧٤ الحديث ١٢٥٨ ، مستدرك الوسائل : ١ / ٣٤٢ الحديث ٧٩٣.

(٢) نقل عنه في ذكرى الشيعة : ٢ / ١٨٩.

(٣) وسائل الشيعة : ١ / ٤٧٣ الباب ٤٥ من أبواب الوضوء.

(٤) جامع المقاصد : ١ / ٢٣٢.

(٥) وسائل الشيعة : ١ / ٤٦٩ الحديث ١٢٤٣.

(٦) وسائل الشيعة : ١ / ٤٦٩ الحديث ١٢٤٤.

٢١٣

صراحته ، والعام (١) كالصحيح يحمل عليه.

وعلى الثاني لا يلتفت إليه ؛ للإجماع والمعتبرة (٢) ، ولو قبل القيام ؛ لنقل الإجماع (٣) ، وظاهر الموثّقين (٤). خلافاً للشهيد (٥) ؛ للصحيح (٦) ، ولا صراحة له.

والحقّ عدم تحقّق الفراغ مع الشكّ في العضو الأخير ؛ لاستلزامه الشكّ في الفراغ وتوقّف الحكم على القطع به.

والنيّة من الأفعال ، فمع الشكّ فيها يستأنف الوضوء ؛ للاستصحاب وظاهر الوفاق ، فعدم وروده في الصحيح غير ضائر.

ولو كثر شكّه لم يلتفت إليه ؛ لنفي الحرج ، وإيماء الصحيحين (٧) ويؤيّده فتوى جماعة به ، مع عدم مصرّح بالخلاف.

ولو تيقّن ترك عضو أتى به وبما بعده مطلقاً ؛ للمستفيضة (٨) ، وظاهر المحقّق (٩) ، وصريح المحكي (١٠) ، والخبر المعارض (١١) مؤوّل ؛ لضعفه وشذوذه.

ومع الجفاف يعيد ؛ لوجوب الموالاة ، وإطلاق الإعادة في الموثّق (١٢) مقيّد به.

__________________

(١) وسائل الشيعة : ٨ / ٢٣٧ الحديث ١٠٥٢٤ ، لاحظ! الحدائق الناضرة : ٢ / ٣٩٢.

(٢) وسائل الشيعة : ١ / ٤٦٩ الباب ٤٢ من أبواب الوضوء.

(٣) إيضاح الفوائد : ١ / ٤٢.

(٤) وسائل الشيعة : ١ / ٤٦٩ الحديث ١٢٤٤ ، ٨ / ٢٣٧ الحديث ١٠٥٢٦.

(٥) البيان : ٢٥٣.

(٦) وسائل الشيعة : ٦ / ٣١٧ الحديث ٨٠٧١.

(٧) وسائل الشيعة : ٨ / ٢٢٨ الحديث ١٠٤٩٦ ( بسندين ).

(٨) وسائل الشيعة : ١ / ٤٥٠ الباب ٣٥ من أبواب الوضوء.

(٩) المعتبر : ١ / ١٧٢.

(١٠) وسائل الشيعة : ١ / ٤٥٢ الحديث ١١٩٤.

(١١) وسائل الشيعة : ١ / ٤٧١ الحديث ١٢٤٨.

(١٢) وسائل الشيعة : ١ / ٤٥١ الحديث ١١٩٠.

٢١٤

فصل

[ استصحاب الطهارة أو الحدث ]

لو تيقّن الطهارة أو الحدث وشكّ في الآخر ، بنى على المتيقّن ، بالإجماعين والمستفيضة (١). ويؤيّده لزوم الحرج في بعض الموارد لولاه.

وإلحاق الظنّ بالشكّ في الأوّل موضع القطع ؛ للأصل وظاهر الصحيح والموثّق والخبر (٢) ، ويؤيّده عموم المنع عن اتّباعه.

وفي الثاني أصحّ الوجهين ؛ للاستصحاب ، وعموم الآية (٣) ، ومفهوم « ينقضه بيقين آخر » (٤) ، وربّما يدّعى عليه الوفاق (٥) أيضاً.

واجتماع اليقين بأحد النقيضين والشكّ في الآخر مع اختلافهما في زمان الحصول جائز ، وإن اتّحد في زمان الحكم ، وحمل اليقين على الظنّ أو تخصيص الحدث بالسبب غير مفيد.

ولو تيقّنهما وشكّ في المتأخّر ، تطهّر مطلقاً وفاقاً للمشهور ، لا إن لم يعلم حاله السابق وإلّا أخذ بضدّه كظاهر « المعتبر » (٦) أو بمثله كظاهر « المختلف » (٧).

نعم ؛ لو أفاد الاتّحاد والتعاقب الأخذ به بنى عليه ، وإن خرج عن المبحث.

لنا : عموم الأمر بالوضوء على المحدث ومريد الصلاة ، خرج ما خرج ، فيبقى

__________________

(١) وسائل الشيعة : ١ / ٢٤٥ الباب ١ من أبواب نواقض الوضوء ، ٤٧٢ الباب ٤٤ من أبواب الوضوء.

(٢) وسائل الشيعة : ١ / ٢٤٥ و ٢٤٧ و ٢٤٦ الحديث ٦٣١ و ٦٣٧ و ٦٣٥.

(٣) المائدة (٥) : ٦.

(٤) وسائل الشيعة : ١ / ٢٤٥ الحديث ٦٣١.

(٥) مشارق الشموس : ١٤٢.

(٦) المعتبر : ١ / ١٧١.

(٧) مختلف الشيعة : ١ / ٣٠٨.

٢١٥

الباقي. ويعضده صريح الرضوي (١).

نعم ؛ مع علمه بالحالة السابقة قد يعلم الأخذ بها من الاتّحاد والتعاقب ، أي استوائهما في العدد وكون كلّ منهما عقيب الآخر أو مثله ، فإنّه إمّا يعلم من حاله تعاقب كلّ منهما الآخر ومثله أو الأخر دون مثله حتّى يلزمهما الرافعيّة والناقضيّة أو تعاقب الطهارتين دون الحدثين أو العكس.

فعلى الأوّل لا إفادة ، والثاني يفيد الأخذ بها ، والثالث مع سبقها كالأوّل ومع سبقه كالثاني ، والرابع بالعكس. والوجه في الكلّ ظاهر.

لـ « المعتبر » : انتقاض السابق بورود ضدّ لا يعلم ارتفاعه (٢) ؛ لجواز تعاقب المثلين ، فيجب الأخذ به.

قلنا : المتيقّن مطلق الورود ، وهو غير نافع ، والنافع وروده على الضدّ ، وهو غير متيقّن.

لـ « المختلف » : تعارضهما ، فيلزم التساقط واستصحاب السابق (٣). وردّ بارتفاعه بورود الضدّ ، فلا معنى لاستصحابه.

فصل

[ تذكّر الخلل بعد الصلاة ]

لو ذكر بعد صلاته ترك واجب منه ، أعادهما ؛ للموثّق (٤) ، وعدم الامتثال.

__________________

(١) فقه الرضا عليه‌السلام : ٦٧ ، مستدرك الوسائل : ١ / ٣٤٢ الحديث ٧٩١.

(٢) المعتبر : ١ / ١٧١.

(٣) مختلف الشيعة : ١ / ٣٠٨.

(٤) وسائل الشيعة : ١ / ٣٧٠ الحديث ٩٧٥.

٢١٦

ولو ذكره في أثنائها قطعها واستأنفها بعد إعادته ؛ للمستفيضة (١).

ولو ذكره بعدها في أحد الوضوئين لا بعينه ، فإمّا أن يكونا واجبين والثاني غير مجدّد أو مجدّد ، أو مندوبين كذلك ، أو الأوّل مندوباً أو واجباً والثاني واجباً أو مندوباً مجدّداً أو غير مجدّد.

والصحّة على الأوّل والثالث قطعيّة ؛ لضرورة بقاء أحدهما وحصول الإباحة بكلّ منهما.

وعلى الثاني ظاهرة على ما اخترناه من رافعية المجدّد.

وكذا على الرابع إن وقعا عند عدم وجوب طهارة ، وإلّا فقيل بالبطلان (٢) ؛ لاقتضاء إيقاع المندوب مع الشغل بواجب تغيّر الوجه ، وردّ بعدم دلالة على إبطاله ، مع أنّ إطلاق الأمر بالمندوب من المجدّد وغيره يصحّحه ، واشتراط صحّته بعدم خلل في الأوّل باعتقاد المكلّف ممنوع ، والشرط حاصل ، وفي الواقع ممنوع ؛ إذ مناط التكليف ما هو الظاهر عنده دون الواقع. فالحقّ صحّة أحدهما.

والخامس كالثاني.

والسادس كالأوّل.

والسابع كالرابع.

والثامن كالثالث.

والوجه في الكلّ ظاهر.

ولو صلّى بكلّ منهما صلاة ، فحكم الثانية كما مرّ ؛ لوقوعها بعدهما ، ويعيد الاولى وفاقاً ؛ لإمكان الخلل في الأوّل.

__________________

(١) وسائل الشيعة : ١ / ٣٧٠ الباب ٣ من أبواب الوضوء.

(٢) قواعد الأحكام : ١ / ١٠.

٢١٧

ولو صلى الخمس بخمس ، وذكر الخلل في أحدها ، فإن لم يحدث بينهما أعاد الأُولى ؛ لاحتمال كونه في الأوّل ، والبواقي صحيحة ؛ لما مرّ.

وإن أحدث (١) بعد كلّ صلاة ، فالمتمّم على الحقّ المشهور يعيد ثلاثاً : ثنائيّة ، وثلاثيّة ، ورباعيّة مطلقة بين الثلاث الرباعيّة ؛ لانحصار طهارة كلّ صلاة حينئذٍ بواحدة يحتمل كون الخلل فيها ، فيلزم إعادة الكلّ ، إلّا أنّه اكتفي في الرباعيّة بواحدة ؛ للأصل والمرسل ، ويعضده الحسن (٢). ولا ترتيب هنا ، لاتّحاد الفائت.

وعند الشيخ والحلبيّين الخمس (٣) ؛ لتوقّف يقين البراءة عليه ، ووقوف الجزم في النيّة ، وقولهم : « يقضيها كما فاتته » (٤) ، والفائتة كانت بنيّة معيّنة لا مردّدة ، واختلاف الظهرين والعشاء في الجهر والإخفات ، فلا يكفي الوحدة عنها.

وردّ الأوّل بحصول البراءة بالثلاث على كلّ احتمال ؛ للقطع بأنّ المطلق من الرباعيّة لا يزيد على واحدة.

والثاني بالمنع ، ولو سلّم فمع إمكانه ، وهنا غير ممكن ، وفعل الخمس يعيّن الوقت دون الوجه ، والواحدة بالعكس ، وتقديم أحد الجزمين (٥) على الآخر تحكّم.

والثالث بالنقض بالوجه ، فإنّ الفائتة كانت معيّنة باعتباره ، واليقين به هنا لا يتأتّى بالخمس ، فالمراد بالتثنية المساواة الجزئيّة دون الكلّية ، وهي حاصلة في الواحدة.

والرابع بوفاقهم بالتخيّر بين الأمرين عند التردّد ؛ للضرورة.

__________________

(١) في النسخ الخطّية : وإن حدث ، والظاهر أنّ الصحيح ما أثبتناه.

(٢) وسائل الشيعة : ٨ / ٢٧٥ الحديث ١٠٦٤٥ ، ٤ / ٢٩٠ الحديث ٥١٨٧.

(٣) المبسوط : ١ / ٢٥ ، الكافي في الفقه : ١٥٠ ، غنية النزوع : ٩٩.

(٤) غوالي اللآلي : ٣ / ١٠٧ الحديث ١٥٠.

(٥) في النسخ الخطّية : أحد الحرمين ، والظاهر أنّ الصحيح ما أثبتناه.

٢١٨

ويراد بالإطلاق قصد ما في الذمّة أو وظيفة الوقت.

وأمّا المقصّر ، فيعد ثنتين : مغرباً وثنائيّة مطلقة بين الأربع ، والحلّي هنا وافق الشيخ في إيجاب الخمس (١) ؛ لأصالة وجوب التعيين ، واختصاص النصّ بصورة التمام ، وجوابه ظاهر.

والمخيّر على تحتّم القصر في القضاء كالمقصّر ، وعلى تابعيّته للأداء يتبع اختياره.

ولو ذكر الخلل بلا حدث في ثنتين أعاد ثنتين ، وفي الثلاث ثلاثاً ، والأربع أربعاً ، والخمس خمساً مع مراعاة الترتيب ، بأن يعيد في الأوّل الأوليتين ، وفي الثاني الثلاث الأُول ، وفي الثالث الأربع الأُول ، وفي الرابع الجميع.

ومع الحدث بعد الصلاة يجب إعادة ما يحتمل تركه على ما يحصل به الترتيب ، ففي الأوّل من يوم يصلّي المتمّم أربعاً : صبحاً ، ورباعيّة مردّدة بين الظهرين ، ومغرباً ثمّ رباعيّة بين العصر والعشاء. والمقصّر ثلاثاً : ثنائيّة بين الصبح والظهرين ، ومغرباً ، ثمّ ثنائيّة بين الثلاث الرباعيّة. والمشتبه خمساً : ثنائية بين الصبح والظهرين ، ورباعيّة بين الظهرين ، ومغرباً ، وثنائيّة بين الرباعيّة الثلاث ، ورباعيّة بين العصر والعشاء.

وعلى قول الشيخ من وجوب التعيين (٢) يجب الخمس على النحو المعهود ، وحصول تعيين الفائتين مع الترتيب بها ظاهر ، فاحتمال وجوب العشر على قوله ممّا لا وجه له.

نعم ؛ في صورة الاشتباه لا بدّ من تكرير الرباعيّات ثنائيّة ؛ ليحصل القطع بالبراءة.

__________________

(١) لاحظ! السرائر : ١ / ٢٧٥.

(٢) المبسوط : ١ / ٢٥.

٢١٩

ثمّ الظاهر على المشهور من شرعيّة الترديد جواز التعيين بالخمس أيضاً ؛ إذ الظاهر كون الترديد رخصة ، فالأصل أولى منه بالكفاية ، وإمكان الأداء بفعل واحد رخصة لا يوجب حرمة الزيادة.

والظاهر جواز الجمع بين التعيين والترديد ؛ إذ الاجتماع لا يصلح علّة للمنع ، وحينئذ يجب ثالثة معيّنة ، أو مردّدة ؛ لاحتمال كون الفائت غير ما عيّنه من رباعيّتين أو ثنائيّتين.

وفي الثاني منه يجب الخمس في التمام ؛ لاحتمال فساد الرباعيّات ، والأربع في القصر.

وفي الأخيرين يجب الخمس مطلقاً ، ووجهه ظاهر.

وفي الأوّل من يومين يصلّي المتمّم لكلّ منهما صبحاً ورباعيّة مردّدة ، ثلاثيّاً ومغرباً مرتّباً بينهما ، لا في كلّ منهما ؛ لاتّحاد الفائت. والمقصّر مغرباً وثنائيّة رباعيّاً كذلك. والمتبعّض الوظيفتين مرتّباً بينهما إن علم السابق ، وإلّا ثنائيّة رباعيّاً ورباعيّة ثلاثيّاً ، ومغرباً ثمّ ثنائيّة رباعيّاً ، ومغرباً آخر.

ولو جهل كونهما في يوم أو يومين ، وجب وظيفتهما مع مراعاة الترتيبين ؛ لتوقّف يقين البراءة عليه ، فيصلّي المتمّم صبحاً ورباعيّة ثلاثياً ، ومغرباً ، ثمّ رباعيّة كذلك ، ثمّ صبحاً ومغرباً. والمقصّر مغرباً بين ثنائيّتين ، ومغرباً آخر. وقس على ذلك البواقي من يومين ، وكلّ واحد في الأكثر منهما.

ومبنى الكلّ على مساواة أجزاء يوم واحد في القصر والتمام. ولو تبعّضت اختلف الحكم.

وبعد الإحاطة بما ذكر لا يخفى جليّة الحال.

ثمّ حكم الحدث قبل الصلاة كحكم الخلل مع الحدث بعدها.

ولو صلّى الخمس بثلاث وذكر الحدث قبل الصلاة أو الخلل مع الحدث

٢٢٠