معتمد الشيعة في أحكام الشريعة

محمد مهدي بن أبي ذر النراقي [ المولى مهدي النراقي ]

معتمد الشيعة في أحكام الشريعة

المؤلف:

محمد مهدي بن أبي ذر النراقي [ المولى مهدي النراقي ]


المحقق: مؤسسة العلامة المجدّد الوحيد البهبهاني
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤتمر المولى مهدي النراقي
المطبعة: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ١
الصفحات: ٤٩٦

ومواضع التحذيف داخلة في الأوّل ؛ لشمول الإصبعين لها مع خروجها عن حدّ الغسل ، والعذار خارج عنه مع الدخول في الحدّ.

قلنا : خروج الأوّل مسلّم ؛ للإجماعين وصريح الصحيح (١) ، لكن شمولها لمعناه الشرعي ممنوع ، وللبعض من اللغوي غير قادح ، ولو سلّم فمخصّص بما ذكر.

ولو اعتبر التحديد في وسط تدوير الوجه كما قيل (٢) فلا إشكال ، على أنّ البعض بالقياس إلى البعض مشترك.

وخروج الثاني ممنوع ؛ لتصريح جماعة بدخوله (٣) ، وإنّما أخرجه الفاضل في « المنتهى » (٤).

والحقّ دخول ما يشمله الإصبعان فلا نقص.

والثالث وإن خرج عن الحدّ مع شمولها له إلّا أنّ الإجماع أخرجه ؛ لوجه موجّه.

والرابع كالثاني في منع الخروج ؛ لتصريح بعضهم بالدخول (٥) لقضيّة الشمول ، وإنما أخرجه في « التذكرة » (٦) لحجّة ضعيفة.

ودخول المحاسن في الحدّ ممنوع ، بل الحقّ خروجه عنه ، وفاقاً للفاضلين و « التهذيب » (٧) ؛ لنقل الإجماع (٨) ، وظاهر الصحيح (٩) ؛ لاستلزام خروج الصدغ

__________________

(١) وسائل الشيعة : ١ / ٤٠٣ الحديث ١٠٤٨.

(٢) حبل المتين : ١٤ ، لاحظ! مفتاح الكرامة : ٢ / ٣٧٧ و ٣٧٨.

(٣) الدروس الشرعيّة : ١ / ٩١ ، ذكرى الشيعة : ٢ / ١٢٢ ، مسالك الأفهام : ١ / ٣٦.

(٤) منتهى المطلب : ٢ / ٢٤.

(٥) مسالك الأفهام : ١ / ٣٥ ، مدارك الأحكام : ١٩٩ ، الروضة البهيّة : ١ / ٧٣.

(٦) تذكرة الفقهاء : ١ / ١٥٣.

(٧) المعتبر : ١ / ١٤١ و ١٤٢ ، تذكرة الفقهاء : ١ / ١٥٥ و ١٥٦ ، تهذيب الأحكام : ١ / ٥٤ ذيل الحديث ١٥٣.

(٨) الخلاف : ١ / ٧٧ المسألة ٢٤.

(٩) وسائل الشيعة : ١ / ٤٠٣ الحديث ١٠٤٨ ، لاحظ! كشف اللثام : ١ / ٥٣٠.

١٨١

خروجه ، وإنّما أدخله الشيخ في بعض كتبه (١) ، فلا وجه للحكم بدخوله فيه مع تسليم خروجه عن التحديد.

فروع :

الأوّل : التقدير للأغلب المستوي ؛ للتبادر ، فغيره يرجع إليه ، وفاقاً.

الثاني : غسل المسترسل من اللحية غير واجب ؛ لخروجه عن الحدّ والتحديد. وغيره واجب ؛ لدخوله فيهما ، والظاهر وفاقهم على الحكمين.

الثالث : يجب البدأة بالأعلى ، فلا يجوز النكس ، وفاقاً للمعظم ، وخلافاً للسيّد والحلّي (٢).

لنا : الاستصحاب وافتقار تبعّض الشغل إلى تبعّض البراءة ، وفعل الحجج الثابت بالمستفيضة (٣) ، ولكونه بياناً للمجمل وامتثالاً للأمر المطلق تلزم متابعته ، واحتمال كونه أحد الفردين أو أفضلهما أو أقربهما إلى العادة أو من الاتّفاقيّات ضعيف. والنقض بمثل إمرار اليد (٤) غير وجيه ؛ لخروجه بالإجماع ، ويؤيّده خصوص الخبر كما في « قرب الإسناد » (٥) ، وأخبار البدأة بالمرفقين (٦) ؛ لعدم قول بالفصل.

__________________

(١) لم نعثر عليه في مظانّه.

(٢) رسائل الشريف المرتضى : ١ / ٢١٣ ، الانتصار : ١٦ ، السرائر : ١ / ٩٩.

(٣) وسائل الشيعة : ١ / ٣٨٧ الباب ١٥ من أبواب الوضوء.

(٤) لاحظ! حبل المتين : ١٢.

(٥) قرب الاسناد : ٣١٢ الحديث ١٢١٥ ، وسائل الشيعة : ١ / ٣٩٨ الحديث ١٠٤١.

(٦) وسائل الشيعة : ٢ / ٤٠٥ الباب ١٩ من أبواب الوضوء.

١٨٢

للسيّد : بعد الأصل إطلاق الآية والأخبار (١). وأُجيب بالحمل على المقيّد جمعاً.

ثمّ اللازم في البدأة بالأعلى وبالمرفق صبّ الماء عليها والإتباع بغسل الباقي ، ومعه لا يضرّ تأخّر جزء أعلى عن أسفل في الغسل وإن سامته ؛ لظاهر النصوص البيانيّة ، ولزوم الحرج لو أضرّ.

فإيجاب الترتيب الحقيقي بين الأجزاء بأسرها مطلقاً أو مع المسامتة ضعيف ، والعرفي يرجع إلى المختار ، فلا ضير فيه.

الرابع : الشعر إمّا يستر البشرة كلّها أو بعضها ، دائماً أو في حالة ، وسقوط التخليل في الأوّل مجمع عليه ، والنصوص (٢) به مصرّحة ، واختلفوا في تجويز النزاع في الباقي.

والحقّ كما فهمه الفاضل (٣) أنّ البعض المستور دائماً كالأوّل في وفاقهم على سقوط غسله والخلاف في غيره. فالمرتضى كالأوّلين (٤) على وجوبه ووافقهم جلّ الثالثة ، والشيخ والمحقّق (٥) على عدمه ، والشهيد كالفاضل اختار الأوّل (٦) تارة والثاني (٧) اخرى.

__________________

(١) المائدة (٥) : ٦ ، وسائل الشيعة : ١ / ٣٩٥ و ٤٠٠ الحديث ١٠٣٣ و ١٠٣٥ و ١٠٤٥.

(٢) وسائل الشيعة : ١ / ٤٧٦ الباب ٤٦ من أبواب الوضوء.

(٣) تذكرة الفقهاء : ١ / ١٥٣.

(٤) الناصريات : ١١٤ المسألة ٢٦ ، نقل عن ابن أبي عقيل في المعتبر : ١ / ١٤٢ ، وعن ابن الجنيد في مختلف الشيعة : ١ / ٢٨٠.

(٥) المبسوط : ١ / ٢٠ ، المعتبر : ١ / ١٤٢.

(٦) الدروس الشرعية : ١ / ٩١ ، البيان : ٤٥ ، مختلف الشيعة : ١ / ٢٨١ ، تذكرة الفقهاء : ١ / ١٥٤.

(٧) ذكرى الشيعة : ٢ / ١٢٤ ، منتهى المطلب : ٢ / ٢٤ ، إرشاد الأذهان : ١ / ٢٢٣ ، للتوسع لاحظ! مفتاح الكرامة : ٢ / ٣٨٨.

١٨٣

وبعضهم فهم العكس والنقيض في الخلاف والوفاق (١) ، والتتبّع يكذّبه. على أنّ بعد غسل الظاهر يغسل المستور غالباً ، فالخلاف فيه قليل الجدوى ، بخلاف العكس.

وبعضهم ظنّ انحصار الخلاف في الثالث (٢) ، ووافقهم على دائم الستر والظهور سقوطاً ووجوباً ، وفساده ظاهر.

وعلى هذا فالبعض المستور دائماً لا يجب غسله وفاقاً ، ويدلّ عليه بعد الإجماع وإطلاق الظواهر عدم صدق الوجه عليه ؛ لكونه اسماً لما ظهر ، فالمواجهة انتقلت منه إلى الشعر.

والمختار في الظاهر مطلقاً وجوب غسله ؛ لنقل الإجماع (٣) ، وصريح الخبر (٤) ، وتوقّف أحد اليقينين على الآخر ، وصدق الوجه عليه فيتناوله المطلقات.

للمخالف : وجوه دفعها ظاهر.

ولا فرق بين الرجل والمرأة ، وشعر اللحية وغيرها ؛ لعدم قائل بالفصل.

وفي استحباب تخليل الساتر وجهان ، وظاهر الصحيحين (٥) ، بل أكثر الأخبار البيانيّة عدمه.

وما في محلّ الفرض من الكثيف والخفيف يجب غسله ، بخلاف المتجاوز عنه ، ووجهه ظاهر.

__________________

(١) مفتاح الكرامة : ٢ / ٣٩٠ و ٣٩١.

(٢) رياض المسائل : ١ / ٢٢٦.

(٣) مفتاح الكرامة : ٢ / ٣٩٠.

(٤) مستدرك الوسائل : ١ / ٣٤٣ الحديث ٧٩٦ ، للتوسع لاحظ! ذكرى الشيعة : ٢ / ١٢٧.

(٥) وسائل الشيعة : ١ / ٤٧٦ الحديث ١٢٦٤ و ١٢٦٥.

١٨٤

الخامس : لا يجب غسل الأُذنين ومسحهما بالإجماع والنصوص (١) ، والمعارض النبوي (٢) غير ثابت ، وغيره (٣) محمول على التقيّة. ولا خلاف في كونهما بدعة محرّمة مع اعتقاد الشرعيّة ، وإن لم يبطل بهما الوضوء ؛ لتعلّق النهي بالخارج.

السادس : يستحب إسباغ الوضوء ؛ للصحيح (٤) وفعل النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، ومسح الساقين استظهاراً في إزالة الرمض إن لم يعلم الحيلولة ، وإلّا وجب.

ولا يستحبّ غسل باطن العين ؛ للأصل ونقل الإجماع (٥) ، والمرسل (٦) شاذّ متروك ، وفعل ابن عمر (٧) اجتهاد مردود.

السابع : الوضوء المتضمّن لغسل شعر أو ظفر أو جلد لا يبطل بزواله ، ولو أحدث تعلّق الفرض بالمحلّ.

الثامن : الكلام في الغسل المعتبر في الطهارتين مسمّاه عرفاً ، ويحصل بأقل الجري ، ولا يحصل بالبلّ بدونه اختياراً ؛ لظاهر الوفاق والاستصحاب وأوامر الغسل والصبّ والإفاضة ونحوها ممّا لا يتحقّق بدونه.

ويعضده صريح الصحيح والحسن (٨) ، وأخبار الدهن (٩) محمولة على حال

__________________

(١) وسائل الشيعة : ١ / ٤٠٤ الباب ١٨ من أبواب الوضوء.

(٢) سنن ابن ماجة : ١ / ١٥٢ الحديث ٤٤٤.

(٣) وسائل الشيعة : ١ / ٤٠٥ الحديث ١٠٥٢.

(٤) وسائل الشيعة : ١ / ٤٨٧ و ٤٨٩ الحديث ١٢٨٩ و ١٢٩٢.

(٥) الخلاف : ١ / ٨٥ المسألة ٣٥.

(٦) وسائل الشيعة : ١ / ٤٨٦ الحديث ١٢٨٧.

(٧) الموطأ : ١ / ٤٥ الحديث ٦٩.

(٨) وسائل الشيعة : ٢ / ٢٢٩ الحديث ٢٠١٣ و ٢٠١٤.

(٩) وسائل الشيعة : ١ / ٤٨٤ الباب ٥٢ من أبواب الوضوء.

١٨٥

الضرورة ، كما اختاره الشيخان (١) ، ويومي إليه ظاهر الصحيح والمرسل والخبر (٢) ، وذلك أولى من حمل الدهن على أقل الجري.

التاسع : لا يجب الدلك في الغسل ، فيكفي الصبّ والغمس ؛ لإطلاق الأدلّة وصدق الامتثال ، وخلاف الإسكافي (٣) لا عبرة به.

الثالث : غسل اليدين :

ووجوبه ثابت بالثلاثة ، والحقّ وجوب البدأة بالمرفقين ، وفاقاً للمعظم ؛ للمعتبرة (٤) ونقل الإجماع في « التبيان » (٥).

خلافاً للسيّد والحلّي (٦) ؛ لظاهر الآية (٧). وأُجيب بكون التحديد فيها للمغسول دون الغسل كما في الموثّق (٨) ، أو كون إِلى بمعنى مع ، والأخذ بظاهرها يخالف إجماع المسلمين ؛ لوفاقهم على جواز النكس.

فروع :

الأوّل : المرفق لغة : موصل الذراع في العضد (٩) ، أي مفصل عظمهما

__________________

(١) المقنعة : ٥٩ ، النهاية : ١٥.

(٢) وسائل الشيعة : ١ / ٤٨٥ الحديث ١٢٨٥ و ٤٣٨ الحديث ١١٤٩ ، ٣ / ٣٥٧ الحديث ٣٨٥٨.

(٣) نقل عنه في مختلف الشيعة : ١ / ٢٨٧.

(٤) وسائل الشيعة : ١ / ٤٠٥ الحديث ١٠٥٣.

(٥) التبيان : ٣ / ٤٥٠ و ٤٥١.

(٦) الانتصار : ١٦ ، السرائر : ١ / ٩٩.

(٧) المائدة (٥) : ٦.

(٨) وسائل الشيعة : ١ / ٣٩٢ الحديث ١٠٣٠.

(٩) الصحاح : ٤ / ١٤٨٢.

١٨٦

ومجمعهما ، وليس المراد حدّهما المشترك الراجع إلى الدائرة ، كما فهمه الأكثر ؛ لبعده عن فهم اللغوي ، بل المراد محلّ الفصل والوصل من رأسي العظمين الملتقيين كما فهمه الفاضل والشهيدان (١) ، ويومي إليه الصحيح (٢) ، ولا خلاف في وجوب غسله.

والحقّ كونه بالنص ، لا للاستنباط من باب المقدّمة ؛ لظاهر الأخبار البيانيّة (٣) ونقل الإجماع في « [ مجمع ] البيان » و « التبيان » (٤) ودلالة الصحيحين والحسنين (٥) على وجوب غسل رأس العضد الّذي هو بعض المرفق بعد القطع.

وعلى هذا يجب غسل جزء أزيد من باب المقدّمة ، بخلاف ما لو كان وجوبه بالاستنباط.

ثمّ مقتضى أحد الصحيحين والحسنين وجوب غسل مجرّد موضع القطع لو قطعت اليد مطلقاً ، ويجب تقييدها به بعدم كونه من فوق المرفق ؛ لسقوط الغسل حينئذ إجماعاً ، وخلاف الإسكافي (٦) لا عبرة به. وبغسل ما بقي إلى المرافق معه إن كان من تحته ؛ لوجوبه وفاقاً.

ومقتضى الصحيح الآخر وجوب موضع القطع مع كونه من المرفق ، كما يدلّ عليه إطلاق الثلاثة أيضاً ، فالأخذ به متعيّن كما أفتى به الأكثر. وفتوى الفاضلين (٧)

__________________

(١) تذكرة الفقهاء : ١ / ١٥٩ ، ذكرى الشيعة : ٢ / ١٣٤ ، الروضة البهيّة : ١ / ٧٥.

(٢) وسائل الشيعة : ١ / ٣٨٨ الحديث ١٠٢٢.

(٣) وسائل الشيعة : ١ / ٣٨٧ الباب ١٥ من أبواب الوضوء.

(٤) مجمع البيان : ٢ / ٣٤ ، ( الجزء ٦ ) ، التبيان : ٣ / ٤٥٠ و ٤٥١.

(٥) وسائل الشيعة : ١ / ٤٧٩ و ٤٨٠ الحديث ١٢٧٢ و ١٢٧٤ و ١٢٧١ و ١٢٧٣.

(٦) نقل عنه في مختلف الشيعة : ١ / ٢٨٧.

(٧) المعتبر : ١ / ١٤٤ ، مختلف الشيعة : ١ / ٢٨٧.

١٨٧

بسقوط الغسل لفوات المحلّ لا وجه له.

ثمّ الرجل بالقياس إلى الكعب كاليد بالنسبة إلى المرفق لو قطعت في الحكم ؛ للصحيح والمرسل والحسنين (١).

الثاني : يجب تخليل شعر اليد وإن كثف ؛ لظهورها في العضو الخاص ، والمأمور بغسله بتمامه ، فيجب تخليل المانع ، ومخصّص الغسل بالظاهر بين مخصّص بالوجه وشاذ لا يعبأ به.

وفي غسل الشعر وجهان ، والأصل ينفيه ، والشهيد أثبته للتابعيّة (٢) ، وهو كما ترى.

نعم ؛ على سقوط غسل ما تحته ينتقل الغسل إليه.

الثالث : وجوب غسل الظفر إن لم يخرج عن حدّ اليد مجمع عليه ، وإن خرج أصحّ القولين ، وفاقاً للفاضل والشهيد (٣) ؛ للاستصحاب والجزئيّة عرفاً.

وخلافاً لبعضهم (٤) ؛ للأصل والقياس على المسترسل من اللحية ، وردّ الأوّل بوجود الدافع ، والثاني بعدم الجامع.

ومع منعه غسل البشرة يجب قصّه ، ووجهه ظاهر ، والمنع لانتقال الغسل إليه كشعر الوجه قياس باطل.

الرابع : ما في محلّ الغسل من الثقب يغسل الظاهر منه دون المستور ، ووجهه ظاهر. وإيجاب الشهيد إيصال الماء إليه مطلقاً (٥) ضعيف ، وتعليله عليل.

__________________

(١) وسائل الشيعة : ١ / ٤٧٩ و ٤١٠ الحديث ١٢٧٤ و ١٢٧٢ ( بسند المرسل ) و ١٢٧١ و ١٢٧٣.

(٢) ذكرى الشيعة : ٢ / ١٣٢.

(٣) قواعد الأحكام : ١ / ١١ ، ذكرى الشيعة : ٢ / ١٣٢.

(٤) منتهى المطلب : ٢ / ٣٩.

(٥) ذكرى الشيعة : ٢ / ١٣٢.

١٨٨

ومن [ له ] سلعة أو إصبع زائدة يجب غسله للجزئيّة ، وكذا اليد الزائدة إن كانت تحت المرفق ، أو فوقه وأشبهت بالأصليّة بالإجماع ، وإسقاط « المبسوط » (١) غسل الزائدة محمول على المعيّن ؛ إذ مع الاشتباه لا يعرف والتخصيص تحكّم ، فيجب غسلهما من باب المقدّمة.

وإن تميّزت لم يجب غسلها ، وفاقاً للأكثر ؛ للأصل وانصراف المطلق إلى المتعارف ، وخلافاً لظاهر « الشرائع » و « المختلف » (٢) ؛ لصحّة التقسيم وإطلاق الاسم ، ودفعهما ظاهر.

ومع فقدها المرفق يكون الحكم أظهر ، للأمر بالغسل إليه. ومع عدمه لا يمكن الامتثال ، وبذلك يلزم الانسحاب إلى الأصليّة مع فقدها له ، إلّا أن يثبت الإجماع على خلافه ، وحينئذ ففي وجوب غسل الجميع أو المقدّر الغالب وجهان.

السادس : العاجز عن التطهير يلزمه الاستنابة ولو بأُجرة زائدة عن المتعارف مع التمكّن ؛ لتوقّف الواجب المطلق عليه ، وفي الصحيح (٣) إيماء إليه ، وتحقّق المكنة بعدم الضرر عرفاً.

الرابع : مسح الرأس :

ووجوبه ثابت بالثلاثة ، ويختصّ بمقدّمه إجماعاً ؛ للمستفيضة من الصحاح وغيرها (٤) ، ويؤيّده فعل الحجج عليهم‌السلام كما في الأخبار البيانيّة (٥) ، وبها يقيّد إطلاق

__________________

(١) المبسوط : ١ / ٢١.

(٢) شرائع الإسلام : ١ / ٢١ ، مختلف الشيعة : ١ / ٢٨٨.

(٣) وسائل الشيعة : ١ / ٤٧٨ الحديث ١٢٧٠.

(٤) وسائل الشيعة : ١ / ٤١٠ الباب ٢٢ من أبواب الوضوء.

(٥) وسائل الشيعة : ١ / ٣٨٧ الباب ١٥ من أبواب الوضوء.

١٨٩

الآية (١). وما ورد في المسح على مقدّمه ومؤخّره (٢) محمول على التقيّة.

والحقّ كفاية المسمّى ، وفاقاً للمعظم ، فلا يلزم ثلاث أصابع مضمومة : خلافاً لـ « الفقيه » و « مسائل الخلاف » (٣) مطلقاً و « النهاية » (٤) عند الاختيار.

لنا : الأصل ، وصدق الامتثال ، والمستفيض من النص ، ونقل الإجماع (٥). ويعضده كون الباء في الآية للتبعيض نصّاً ولغة (٦) ، فيقيّد كفاية المسمّى ، وإنكار سيبويه مجيئها له (٧) مع نصّ الإمام وتصريح الأكثر لا عبرة به.

للمخالف : ظاهر الصحيح والحسن والخبر (٨). وأُجيب مع تسليم الدلالة بالحمل على الندب ، والأخذ بظاهرها وتقيّد أدلّتنا بها أو بالضرورة ترجيح للأضعف.

والظاهر حصول المسمّى ببعض الإصبع ، فلا يتقدّر بتمامها ، وفاقاً للأكثر ؛ للأصل وإطلاق الأدلّة. خلافاً لجماعة ؛ لظاهر المرسل والخبر (٩) ، ولا دلالة لهما.

والزائد على المسمّى يوصف بالوجوب مع المعيّة ، وبالندب مع التدريج ، ووجهه ظاهر.

__________________

(١) المائدة (٥) : ٦.

(٢) وسائل الشيعة : ١ / ٤١١ الحديث ١٠٧٠ و ٤١٢ الحديث ١٠٧١.

(٣) من لا يحضره الفقيه : ١ / ٢٨ ذيل الحديث ٨٨ ، حكى عن « مسائل الخلاف » في المعتبر : ١ / ١٤٥.

(٤) النهاية : ١٤.

(٥) فقه القرآن للراوندي : ١ / ١٧.

(٦) وسائل الشيعة : ١ / ٤١٢ الحديث ١٠٧٣ ، مجمع البحرين : ١ / ٤٣ و ٢ / ٤١٢.

(٧) لاحظ! مجمع البحرين : ٢ / ٤١٢.

(٨) وسائل الشيعة : ١ / ٤١٣ الحديث ١٠٨٤ ( بسند الصحيح والحسن ) ، ٤١٧ الحديث ١٠٨٦.

(٩) وسائل الشيعة : ١ / ٤١١ الحديث ١٠٦٨ و ١٠٦٩.

١٩٠

فروع :

الأوّل : الحقّ جواز المسح مدبراً ، وفاقاً للعماني والحلّيّين (١) ، ووافقهم الكركي (٢) وجلّ الثالثة. وخلافاً للصدوق والمرتضى وابن حمزة (٣) ، وللشيخ القولان (٤) ، و « البيان » و « الدروس » (٥) متعاكسان في العكس إثباتاً ونفياً في الرأس والرجلين.

والظاهر فقد الشهرة من الطرفين أو ثبوتها في الجواز ، فدعوى ثبوتها في نفيها ممنوعة.

لنا : صدق الامتثال ، وإطلاق الأمر والفعل في النصوص القوليّة والفعليّة (٦) ، ويعضدها صريح الصحيح (٧).

للمانع : توقّف اليقين بالبراءة عليه ، وجوابه ظاهر.

الثاني : يصحّ المسح على البشرة إجماعاً ؛ لبعض الظواهر (٨) ، وفعل الحجج عليهم‌السلام ونفي الحرج.

وكذا الشعر المختصّ بالمقدّم دون غيره من النابت عن غيره مطلقاً ، وعنه مع استرساله أو خروجه بالمدّ عن حدّه ؛ لظاهر الوفاق ، وعدم صدق المناط.

__________________

(١) نقل عن العماني في مختلف الشيعة : ١ / ٢٩١ ، المعتبر : ١ / ١٤٥ ، منتهى المطلب : ٢ / ٤٩.

(٢) جامع المقاصد : ١ / ٢١٨.

(٣) من لا يحضره الفقيه : ١ / ٢٨ ذيل الحديث ٨٨ ، الانتصار : ١٩ ، الوسيلة إلى نيل الفضيلة : ٥٠.

(٤) الخلاف : ١ / ٨٣ المسألة ٣١ ، المبسوط : ١ / ٢١.

(٥) البيان : ٤٧ و ٤٨ ، الدروس الشرعيّة : ١ / ٩٢.

(٦) وسائل الشيعة : ١ / ٣٨٧ الباب ١٥ من أبواب الوضوء.

(٧) بل صريح الصحاح ، لاحظ! ١ / ٤٠٦ و ٤٠٧ الباب ٢٠ من أبواب الوضوء.

(٨) وسائل الشيعة : ١ / ٤٥٥ الباب ٣٧ من أبواب الوضوء.

١٩١

ولا يجوز على الحائل بالإجماعين والمستفيضة (١) ، ويعضده عدم صدق الامتثال. وتجويزه في الصحيحين (٢) على فوق الحنّاء محمول على لونه.

الثالث : جوازه بل وجوبه بنداوة الوضوء عندنا مجمع عليه ، وفعل الحجج عليهم‌السلام يرشد إليه ، فلا يجوز بماء جديد مطلقاً.

وخلاف العامّة والإسكافي (٣) إيجاباً وتجويزاً ضعيف. ويبطله استفاضة النصوص (٤) ، ودعوى الإجماع من السيّدين (٥). والأخبار المخالفة (٦) محمولة على التقيّة.

وجواز أخذ البلّة لا يختصّ بالشعر ، ولا بحال النسيان أو جفاف اليد ؛ لإطلاق الأمر ، وصدق الامتثال ، والتخصيص في بعض النصوص (٧) والفتاوى (٨) للغلبة.

والظاهر جواز أخذها من مسترسل اللحية ؛ للأصل وإطلاق الأدلّة وصدق المناط.

واللازم كونها من الغسلتين الأُوليين دون الثالثة ؛ لأنّها بدعة محرّمة ، فما يوجد منها كماء جديد. وخلاف « المعتبر » (٩) لا عبرة به.

__________________

(١) وسائل الشيعة : ١ / ٤١٦ الباب ٢٤ من أبواب الوضوء.

(٢) وسائل الشيعة : ١ / ٤٥٥ و ٤٥٦ الحديث ١٢٠٤ و ١٢٠٥.

(٣) الام : ١ / ٢٦ ، المغني لابن قدامة : ١ / ٨٩ ، نقل عن الإسكافي في تذكرة الفقهاء : ١ / ١٦٥.

(٤) وسائل الشيعة : ١ / ٤٠٧ الباب ٢١ من أبواب الوضوء.

(٥) الانتصار : ١٩ و ٢٠ ، غنية النزوع : ٥٨.

(٦) وسائل الشيعة : ١ / ٤٠٨ و ٤٠٩ الحديث ١٠٦٠ ١٠٦٢.

(٧) وسائل الشيعة : ١ / ٤٠٧ الباب ٢١ من أبواب الوضوء.

(٨) المعتبر : ١ / ١٥٧ ، مدارك الأحكام : ١ / ٢١٣ ، لاحظ! مفتاح الكرامة : ٢ / ٤٥٢ ٤٥٥.

(٩) المعتبر : ١ / ١٦٠.

١٩٢

الرابع : المستفاد من الصحيح (١) كون مسح الناصية واليمنى باليمنى ، واليسرى باليسرى ، وكأنّه محمول على الندب ؛ لإطلاق الفتاوى والنصوص.

الخامس : المسح : إمرار اليد بالرطوبة ، فلو رفعها بعد الوضع بدونه لم يصحّ.

السادس : لو تعذّر المسح بالبقيّة لإفراط الحرّ أو قلّة الماء ، فإن أمكنه إبقاء جزء من اليسرى وغمسه فيه أو إكثار صبّه عليه وجب ، وإلّا مسح بالجديد وفاقاً ؛ لنفي الحرج.

قيل : ينتفي بالانتقال إلى التيمّم (٢) ، فيبقى عموم النهي عن الاستئناف سالماً.

قلنا : يعارضه عموم الأمر بالمسح ، وتخصيص الأوّل به أولى من العكس ؛ لاعتضاده بالإجماع ، ولزوم التخصيص في العمومين معارض بزيادته.

السابع : المسح بباطن اليد إن أمكن ، وإلّا فبظاهره ؛ إذ « ما لا يدرك كلّه لا يترك كلّه » (٣) ، و « الميسور لا يترك بالمعسور » (٤) ، ولقوله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : « فأتوا ما استطعتم » (٥).

ومع تعذّره فبالذراع كما صرّح به الشهيد (٦) ؛ لما ذكر. وتوهّم الانتقال إلى التيمّم باطل ؛ إذ لا ينتقل من الأقوى إلى الأضعف ومن الأقرب إلى الأصل إلى الأبعد.

الثامن : مسح جميع الرأس لا يستحبّ عندنا بالإجماع والظواهر ، وفي كونه مبطلاً أو محرّماً أو مكروهاً أقوال : للإسكافي والشيخ والشهيد (٧).

__________________

(١) وسائل الشيعة : ١ / ٣٨٧ الحديث ١٠٢١.

(٢) مدارك الأحكام : ١ / ٢٣٠.

(٣) غوالي اللآلي : ٤ / ٥٨ الحديث ٢٠٧.

(٤) غوالي اللآلي : ٤ / ٥٨ الحديث ٢٠٥.

(٥) غوالي اللآلي : ٤ / ٥٨ الحديث ٢٠٦.

(٦) ذكرى الشيعة : ٢ / ١٤١.

(٧) نقل عن الإسكافي في مختلف الشيعة : ١ / ٢٩٢ ، الخلاف : ١ / ٨٣ المسألة ٣٠ ، ذكرى الشيعة : ٢ / ١٤٢.

١٩٣

وإبطاله الوضوء أو القدر الواجب منه لا وجه له ، وإن اعتقد الشرعيّة. فاندفع الأوّل.

وتحريمه مع اعتقاد الشرعيّة كعدمه مع عدمه ممّا لا ريب فيه ، فتبطل الثالث وإطلاق الثاني.

فالحق هو الثاني مع اعتقاد الشرعيّة ، لا بدونه.

ومحلّ المسح مقدّم الرأس ، وهو من قصاصه إلى فوقه ، فيخرج منه ما تحته. والأصلع والأغمّ يرجعان إلى المستوي.

ويجب كونه باليد على البشرة ، فلا يجزئ بغيرها ، ولا بالتقاطر ، ولا على حائل وإن لم يمنع الوصول ؛ لمخالفة المعهود ، ودلالة الباء على اللصوق.

ولا يجوز التمسّح بخرقة في اليد إلّا لضرورة الحرج ، على الأصحّ.

التاسع : حصول الغسل بغمس العضو مجمع عليه ، وإطلاق الأدلّة كصدق الامتثال يرشد إليه. وإيجاب الإسكافي إمرار اليد فيه (١) لا عبرة به ، فيجوز التمسّح ببلّته مع إخراجه بعد الغسل بلا فصل عرفي.

ومنعه مطلقاً لإيجابه بقائه في الماء بعده آناً (٢) ضعيف.

العاشر : الحقّ عدم صحّة المسح مع بلّة الممسوح مطلقاً ، وفاقاً للفاضل ووالده (٣). وخلافاً للأكثر مطلقاً ، وللشهيد (٤) مع أغلبية بلّة الماسح.

لنا : بعد الاستصحاب وفعل الحجج عليهم‌السلام كون البلّة من الماء الجديد ، فلا يجوز التمسّح به ، والضرورة قاضية بعدم الفرق بين المزج بالصب والمزج بوضع

__________________

(١) نقل عنه في مختلف الشيعة : ١ / ٢٨٧.

(٢) ذكرى الشيعة : ٢ / ١٣٠.

(٣) مختلف الشيعة : ١ / ٣٠٣ ونقل فيه عن والده رحمه‌الله.

(٤) ذكرى الشيعة : ٢ / ١٥٣.

١٩٤

اليد على البلّة ، فعدم صدق المسح بالبقيّة في الثاني كما في الأوّل ممّا لا ريب فيه ؛ إذ المسح بالمركّب غير المسح بجزئه. نعم ؛ لو استهلكت لم يضرّ به.

للأكثر : الأصل ، وصدق الامتثال ، وإطلاق الأمر. وجوابها ظاهر.

للشهيد : صدق المسح بالبقيّة مع الغلبة (١).

قلنا : تجوّز لا يصار إليه إلّا بالقرينة ، فمناط الصحّة الاستهلاك دون الأقليّة.

الحادي عشر : الغسل لا يجزئ عن المسح ، ووجهه ظاهر ، إلّا اليسير المجامع له ، فإنّ النسبة بينهما بالعموم من وجه ، فمادّة الاجتماع تجزئ عن كلّ منهما ، ووجود الآخر لا ينافيه.

الخامس : مسح الرجلين :

ووجوبه ثابت عندنا بالإجماع ، وظاهر الكتاب (٢) ، وصريح النصوص (٣).

فقول العامّة بغسلهما (٤) باطل ، والأخبار الواردة بمسحهما (٥) من طرقهم كثيرة ، والمخالفة لها منها عندنا غير ثابتة ، ومن طريقنا (٦) محمولة على التقيّة.

فروع :

الأوّل : محلّ المسح ظاهر القدم ، دون باطنه ، بالإجماع ، والمستفيضة (٧) ،

__________________

(١) ذكرى الشيعة : ٢ / ١٥٣.

(٢) المائدة (٥) : ٦.

(٣) وسائل الشيعة : ١ / ٤١٨ الباب ٢٥ من أبواب الوضوء.

(٤) الفقه على المذاهب الأربعة : ١ / ٥٤.

(٥) الدرّ المنثور : ٢ / ٤٦٣ ، سنن ابن ماجة : ١ / ١٥٤ الحديث ٤٥٨ و ٤٦٠ ، جامع البيان للطبري : ٤ / ١٢٩.

(٦) وسائل الشيعة : ١ / ٤٢١ الحديث ١١٠٠ ١١٠٢.

(٧) وسائل الشيعة : ١ / ٤١٢ الباب ٢٣ من أبواب الوضوء.

١٩٥

وإطلاق الآية (١) وبعض الأخبار مقيّد بهما. وما دلّ على مسحهما (٢) محمول على التقيّة.

والأصل كإطلاق الأدلّة يعطي جواز المسح على الشعر ما لم يكثر بحيث يخرج عن المعتاد ، وكأنّ تخصيص الأكثر محلّه بالبشرة بعد تعميمهم في مسح الرأس للاحتراز عن مثل الخفّ دون الشعر.

ولا يلزم فيه الاستيعاب عرضاً ، بالإجماع ، والإطلاقات ، وصريح المعتبرة (٣). فما ورد في الصحيحين (٤) محمول على الندب جمعاً ، وتقيّدها بهما باطل ؛ لفقد المقاومة.

والحقّ المشهور كفاية المسمّى ولو بإصبع واحدة أو بعضها ؛ لما مرّ ، فلا يجب كونه بثلاث مضمومة ، كما قيل (٥) ، والخبر (٦) محمول على الندب جمعاً.

وليكن طولاً من رؤوس الأصابع إلى الكعب بالثلاثة. وهو قبّة القدم وفاقاً للمعظم ، لا المفصل بين الساق والقدم أو العظم الواقع بينهما ، كالفاضل وبعض الثالثة (٧).

لنا : الأشهريّة في اللغة (٨) ، والمناسبة لمأخذ الاشتقاق ، والوفاق المحقّق

__________________

(١) المائدة (٥) : ٦.

(٢) وسائل الشيعة : ١ / ٤١٥ الحديث ١٠٧٨ و ١٠٧٩.

(٣) وسائل الشيعة : ١ / ٤١٢ الحديث ١٠٧٣.

(٤) وسائل الشيعة : ١ / ٤١٧ الحديث ١٠٨٥ ( بسندين صحيحين ).

(٥) لاحظ! المعتبر : ١ / ١٤٥.

(٦) وسائل الشيعة : ١ / ٤١٧ الحديث ١٠٨٦.

(٧) مختلف الشيعة : ١ / ٢٩٣ ، منتهى المطلب : ٢ / ٧٢ ، الألفية والنفلية : ٤٤ ، مجمع الفائدة والبرهان : ١ / ١٠٧ ، كشف اللثام : ١ / ٥٤٦.

(٨) الّف العلامة اللغوي رضي الدين أبي منصور عميد الرؤساء ( المتوفى ٦٠٩ ) كتاباً خاصاً في هذا الموضوع

١٩٦

والمحكي من كبراء الأصحاب ، والمستفيضة الصريحة والظاهرة (١) ، وردّ بعضها بالصرف عن الظاهر تعسّف.

للفاضل : ظاهر الصحيح والحسن (٢) ، وردّ بمنع الدلالة. ومع التنزّل ، فأين المقاومة؟! ثمّ التحديد هنا على أصله من كونه للمسح دون الممسوح للتبادر ؛ إذ الظاهر من تحديد فعل من مبدإ إلى غاية كونه لنفس الفعل دون المفعول ، ويلزمه الاستيعاب والبدأة من المبدأ والختم بالغاية ، والتخلّف في الغسل لازم في الثاني بالتعاكس للمعارض ، فأوّل اللازمين لازم في التحديدين ، وإنّما الفرق بينهما في ثانيهما لو لم يجوّز النكس في الرجلين. ولو جوّز نظراً إلى بعض الأخبار لم يبق بينهما فرق إلّا أنّ التخلّف عن الأصل في أحد اللازمين للمعارض لا يوجب التخلّف في الآخر.

وبذلك يندفع الاحتجاج به على كون التحديد للممسوح وعدم وجوب الاستيعاب.

على أنّه لو سلّم كونه له ، فاللازم انتفاء الثاني دون الأوّل.

وعلى هذا ، فلا يكفي التمسّح في التحديد الثاني بجزء بين الحدّين وإن ابتدأ من

__________________

وسمّاه « كتاب في الكعب وبيان معناه » وأتى فيه شواهد كثيرة لإثبات أن الكعب هو قبة القدم ، وقال فيه ـ ردّاً على العامّة ـ : هاتان العقدتان في أسفل الساقين اللتان تسميان كعبين عند العامة ، فهما عند العرب الفصحاء وغيرهم جاهليهم وإسلاميهم تسمّيان المنجمين بفتح الجيم والميم والرهرهتين بضم الرائين ، لاحظ! ذكرى الشيعة : ٢ / ١٤٩ ، الذريعة إلى تصانيف الشيعة : ١٨ / ٨٥.

(١) وسائل الشيعة : ١ / ٣٨٨ و ٣٩١ الحديث ١٠٢٢ و ١٠٢٨ ، ٤١٥ ٤١٨ و ٤٦٠ الحديث ١٠٨٠ و ١٠٨٥ و ١٠٨٧ و ١٢١٧ ، ٢٨ / ٢٥٦ و ٢٥٧ الحديث ٣٤٦٩٧ و ٣٤٧٠١.

(٢) وسائل الشيعة : ١ / ٣٨٨ الحديث ١٠٢٢ ، ٣٤٥ الحديث ١١٤١.

١٩٧

أحدهما أو انتهى إلى الآخر ، فتوهّم كفايته لكونه للمفعول كالأوّل لا يخفى ما فيه.

قلنا : بعد الآية وبعض الظواهر كالصحيحين والحسن (١) ، ظاهر الوفاق المحقّق والمحكي من الفاضل والشهيد (٢). وتردّد بعضهم مع ترجيحه المختار بالقوّة أو الاحتياط لا يقدح في الإجماع. وكون إلى بمعنى مع مخصوص بالأُولى ، ولو عمّ الثانية اندفع به الثاني دون الأوّل.

قيل : لو سلّم كون التحديد للمسح لم يفد أزيد من المسح على البعض المنتهى إلى الكعبين ؛ لكون الباء للبعض.

قلنا : كلّ من قال به أوجب الاستيعاب. وعلى هذا فمع كون الباء للتبعيض وجرّ الرجلين لا بدّ أن يخصّص التبعيض بالعرض وما ينفي الاستيعاب ؛ لظاهر الصحيح والحسن ، والخبر (٣) مؤوّل أو مخصّص بالعرض جمعاً.

ثمّ حكم الكعب في دخوله في المسح وعدمه كالمرفق. وعلى الدخول يرتفع الخلاف بين الفاضل والجماعة ؛ لأنّه يبتدئ من العظم الثاني وينتهي إلى المفصل.

الثاني : الحقّ جواز النكس فيهما ، وفاقاً للمشهور ؛ للإطلاقات ، وخصوص الصحيحين ، والخبر (٤).

وخلافاً للحلّي (٥) ، وظاهر الصدوق والمرتضى (٦) ؛ لفعل الحجج عليهم‌السلام وظاهر الآية (٧). وأُجيب بالحمل على الندب ، وبيان الكمّية دون الكيفيّة جمعاً.

__________________

(١) وسائل الشيعة : ١ / ٤١٧ الحديث ١٠٨٥ ( بسندين صحيحين ) ، ٣٩٠ الحديث ١٠٢٤.

(٢) تذكرة الفقهاء : ١ / ١٧١ ، ذكرى الشيعة : ٢ / ١٥٣.

(٣) وسائل الشيعة : ١ / ٤١٤ الحديث ١٠٧٦ ، ٤١٢ الحديث ١٠٧٣ ، ٤١٤ الحديث ١٠٧٥.

(٤) وسائل الشيعة : ١ / ٤٠٦ الحديث ١٠٥٤ و ١٠٥٥ ، ٤٠٧ الحديث ١٠٥٦.

(٥) السرائر : ١ / ٩٩.

(٦) من لا يحضره الفقيه : ١ / ٢٨ ذيل الحديث ٨٨ ، الانتصار : ٢٨.

(٧) المائدة (٥) : ٦.

١٩٨

الثالث : لا ترتيب بينهما ، وفاقاً للمشهور ؛ لإطلاق الأمر ، وصدق الامتثال.

وقيل بوجوب تقديم اليمنى (١) ؛ لفعل الحجج (٢) عليهم‌السلام وظاهر الحسن والخبر (٣).

وقيل بنفي تقديم اليسرى (٤) ؛ للمكاتبة (٥).

وأُجيب عن الكل بالحمل على الندب جمعاً ، والأصل مسح اليمنى باليمنى واليسرى باليسرى ؛ للصحيح (٦).

الرابع : لا يجوز المسح على الحائل اختياراً ؛ للإجماع وظاهر الآية ، وأوامر المسح على ظهر القدمين (٧) ، ونواهيه على الخفّين (٨) ؛ وهي مستفيضة من الطريقين (٩).

ويجوز لضرورة البرد أو التقيّة ؛ لظاهر الوفاق ، والخبرين (١٠). والاحتجاج بلزوم الضرر لولاه مردود بزواله بالانتقال إلى التيمّم.

وما دلّ على عدم التقيّة في مسح الخفّ (١١) محمول على ما لم يبلغ حدّ الخوف

__________________

(١) من لا يحضره الفقيه : ١ / ٢٨ ذيل الحديث ٨٨ ، المراسم : ٣٨ ، لاحظ! مختلف الشيعة : ١ / ٢٩٨.

(٢) وسائل الشيعة : ١ / ٣٨٧ الباب ١٥ من أبواب الوضوء.

(٣) وسائل الشيعة : ١ / ٤١٨ الحديث ١٠٨٨ و ٤٤٩ الحديث ١١٨٤.

(٤) الدروس الشرعية : ١ / ٩٢.

(٥) وسائل الشيعة : ١ / ٤٥٠ الحديث ١١٨٥.

(٦) وسائل الشيعة : ١ / ٤٣٦ الحديث ١١٤٢.

(٧) وسائل الشيعة : ١ / ٤١٢ الباب ٢٣ من أبواب الوضوء.

(٨) وسائل الشيعة : ١ / ٤٥٧ الباب ٣٨ من أبواب الوضوء.

(٩) بدائع الصنائع : ١ / ٧ ، كنز العمّال : ٩ / ٦٢١ الحديث ٢٧٦٩٣ ، التفسير للفخر الرازي : ١١ / ١٦٦ و ١٦٧.

(١٠) وسائل الشيعة : ١ / ٤٥٨ الحديث ١٢١١ ، مستدرك الوسائل : ١ / ٣٣١ الحديث ٧٥٧.

(١١) وسائل الشيعة : ١ / ٤٥٧ الحديث ١٢٠٧.

١٩٩

على محترم ، أو وجود المندوحة عنه ولو بالغسل ؛ إذ الظاهر تقديمه مع الاضطرار إلى أحدهما.

والظاهر الانسحاب إلى كلّ ضرورة ؛ لاتّحاد الطريق ، وصريح الرضوي (١) ، وما شرع للضرورة لا ينتقض بزوالها وفاقاً للأكثر ؛ لأنه طهارة شرعيّة رافعة للحدث فيستصحب إلى القطع بالناقض. ويعضده الموثّق (٢) وحاصرات (٣) النقض بالأحداث.

وخلافاً لبعضهم (٤) ؛ لعموم الأمر بالوضوء عند كلّ صلاة (٥).

قلنا : قيّده الإجماع بالمحدث ، والموثّق بالقيام من النوم (٦) ، على أنّ عمومه بالعرف دون الوضع ، فانصرافه إلى الغالب ممكن ، وكون شرعيّته للضرورة فتقدّر بقدرها. وفيه : منع الكبرى إن أُريد بها زوال الحكم بزوالها ، وعدم النفع لو أُريد بها عدم العود إلى مثلها بعد ارتفاعها.

والمخالف الماسح على الخفّين إن استبصر لم يعد صلاته ؛ للحسن (٧) ، ونقل الإجماع (٨) ، خلافاً للمرتضى (٩) ؛ لحجّة ضعفها ظاهر.

__________________

(١) فقه الرضا عليه‌السلام : ٦٧ ، مستدرك الوسائل : ١ / ٣٣١ الحديث ٧٥٧.

(٢) وسائل الشيعة : ١ / ٢٤٧ الحديث ٦٣٧.

(٣) وسائل الشيعة : ١ / ٢٤٨ الباب ٢ من أبواب نواقض الوضوء.

(٤) المعتبر : ١ / ١٥٤.

(٥) وسائل الشيعة : ١ / ٣٦٥ الباب ١ من أبواب الوضوء.

(٦) وسائل الشيعة : ١ / ٢٥٣ الحديث ٦٥٥.

(٧) وسائل الشيعة : ٩ / ٢١٦ الحديث ١١٨٧١.

(٨) لم نعثر عليه في مظانّه.

(٩) الناصريات : ١٣٢.

٢٠٠