معتمد الشيعة في أحكام الشريعة

محمد مهدي بن أبي ذر النراقي [ المولى مهدي النراقي ]

معتمد الشيعة في أحكام الشريعة

المؤلف:

محمد مهدي بن أبي ذر النراقي [ المولى مهدي النراقي ]


المحقق: مؤسسة العلامة المجدّد الوحيد البهبهاني
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤتمر المولى مهدي النراقي
المطبعة: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ١
الصفحات: ٤٩٦

رخصة التيمّم أوسع من رخصة استعمال النجس.

فصل

[ موارد تسويغ التيمّم ]

لو بيع الماء بأجل وجب الشراء مع القدرة وعدم الإجحاف ؛ لوجوب تحصيل شرط الواجب مع المكنة. وفي حكمه اقتراض الثمن ، والدين المستغرق لا يمنع منهما ؛ لصدق التمكّن.

وتقدّم النفقة الواجبة على شرائه ، ووجهه ظاهر.

ولا يجبره مالكه على البيع أو الهبة ؛ لتسلّط الناس على أموالهم مع انتفاء الضرورة ، بخلاف الطعام في المجاعة.

وظاهر الجماعة وجوب قبول بذل الماء ؛ لصدق الوجدان وعدم المنّة عادة. دون ثمنه ؛ لوجودها. والشيخ خالفهم في الثاني (١) ؛ لجواز انتفائها وعدم الدليل على إسقاطها تحصيل شرط الواجب ، وهو غير بعيد.

وكلّ مرض لا يضرّه استعمال الماء لا يوجب التيمّم عندنا ، ومخالفة بعض العامّة (٢) ؛ لعموم الآية (٣) لا عبرة به. وخوف ما يتحمّل عادة من مرض يسير لا يسوّغ التيمّم ، وفاقاً للفاضلين (٤) ؛ لعموم الأمر بالطهارتين مع عدم شمول المرض والضرر والحرج في الكتاب والسنّة لما يتحمّل عادة. وخلافاً للشهيد وبعضهم (٥) ؛

__________________

(١) المبسوط : ١ / ٣١.

(٢) المجموع : ٢ / ٢٨٤ و ٢٨٥.

(٣) النساء (٤) : ٤٣.

(٤) المعتبر : ١ / ٣٦٥ ، تذكرة الفقهاء : ٢ / ١٦٠.

(٥) ذكرى الشيعة : ١ / ١٨٦ ، الحاشية على مدارك الأحكام للوحيد البهبهاني رحمه‌الله : ٢ / ٩٧.

٤٤١

لنفي العسر والحرج ، وجوابه ظاهر.

ومعرفة الضرر من استعمال الماء بالظن الحاصل من تجربة أو إخبار عدل ، وفاقاً ، أو فاسق أو صبيّ أو كافر كما صرّح في « النهاية » (١) ، بل لم نعثر على مصرّح بالخلاف ؛ لأنّ المفهوم من الآية (٢) اعتبار الظن ، فيكفي حصوله بأيّ نحو اتّفق.

وخائف البرد يسخّن الماء مع الإمكان ولو احتاج إلى شراء الحطب أو استئجار المسخّن وجب مع المكنة ، والعاجز عن الحركة لو أمكنه استئجار من يناوله الماء وجب ، وأدلّة الكل ظاهرة.

وإزالة الخبث أولى من رفع الحدث بالإجماع ، جمعاً بين الواجبين. وينعكس الأولويّة مع فقد ما يتيمّم [ به ] ؛ لانتفاء البدل الموجب للجمع حينئذٍ واشتراط الصلاة بالطهارة مطلقاً ، بخلاف إزالة الخبث.

وشرعيّة التيمّم على العزيمة لا الرخصة ، فلو خالف لم يجزئ ؛ لعدم إتيانه بالمأمور به والنهي عن استعمال الماء المقتضي للفساد في العبادة. والقول بالإجزاء (٣) ؛ لإتيانه بالأصل ضعيف.

وفاقد الماء يلزمه الطلب ، بالإجماعين وظاهر الآية (٤) وصريح الحسن والخبر (٥). والمعارض (٦) محمول على حالة الخوف.

وحدّه : رمية سهم في الحزنة ، وسهمين في السهلة ، وفاقاً للمعظم ؛ للخبر (٧)

__________________

(١) نهاية الإحكام : ١ / ١٩٥.

(٢) النساء (٤) : ٤٣.

(٣) لاحظ! الحدائق الناضرة : ٤ / ٢٨٨.

(٤) النساء (٤) : ٤٣.

(٥) وسائل الشيعة : ٣ / ٣٤١ الحديث ٣٨١٤ و ٣٨١٥.

(٦) وسائل الشيعة : ٣ / ٣٤٣ الحديث ٣٨١٨.

(٧) وسائل الشيعة : ٣ / ٣٤١ الحديث ٣٨١٥.

٤٤٢

المعتضد بدعوى الإجماع من « الغنية » (١) وتواتر الأخبار به من الحلّي (٢).

وخلافاً للشيخ حيث حدّه برمية أو رميتين مطلقاً (٣) ، ولا حجّة له. ولمن إحالة إلى العرف (٤) ، وضعفه مع ثبوت التقدير شرعاً ظاهر.

والنص خال عن التقييد بالأربع ، كما في الفتاوى (٥) ، إلّا أنّ الاعتبار يساعده.

ولا يجب الزائد عن المقدّر ، كما في الخبر (٦). وما في الحسن (٧) من الطلب ما دام الوقت باقياً محمول على الندب ، أو القطع بالإصابة ، أو ظنّها ، أو تحديد زمان الطلب لا مقداره.

وإنّما يجب الطلب مع احتمال الإصابة ، فلو علم عدمها مطلقاً أو في جهة سقط وفاقاً ؛ لانتفاء الفائدة.

والظن لا يلحق باليقين وفاقاً للفاضل وغيره (٨) ؛ لجواز كذبه. خلافاً للإسكافي (٩) ؛ لقيامه مقام العلم ، وضعفه ظاهر.

ولو علم وجوده في أزيد من النصاب وجب قصده مع الإمكان ما لم يخرج الوقت ؛ لوجوب تحصيل شرط الواجب.

__________________

(١) غنية النزوع : ٦٤.

(٢) السرائر : ١ / ١٣٥.

(٣) المبسوط : ١ / ٣١.

(٤) مدارك الأحكام : ٢ / ١٨١.

(٥) المهذب : ١ / ٤٧ ، غنية النزوع : ٦٤ ، شرائع الإسلام : ١ / ٤٦.

(٦) وسائل الشيعة : ٣ / ٣٤١ الحديث ٣٨١٥.

(٧) وسائل الشيعة : ٣ / ٣٤١ الحديث ٣٨١٤.

(٨) منتهى المطلب : ٣ / ٤٨ ، مدارك الأحكام : ٢ / ١٨٢.

(٩) نقل عنه في مختلف الشيعة : ١ / ٤١٤ و ٤١٥.

٤٤٣

والاستنابة جائزة فيه مع الاختيار ، واجبة بدونه ولو بأُجرة مع القدرة ؛ لما ذكر. ويشترط عدالة النائب على الأوّل مطلقاً ، وعلى الثاني مع إمكانها ، ويحتسب لهما على التقديرين.

ولا عبرة بالطلب قبل الوقت ؛ لعدم المخاطبة وإطلاق الحسن (١) ، فيعيده مع احتمال التجدّد لا بدونه.

ولو فات به غرض يضرّه سقط على الأظهر ، دفعاً للضرر ، وكذا لو خاف على محترم بمفارقة رحله ؛ للخبرين وفحوى الصحيح (٢).

والمخلّ بالطلب لو تيمّم وصلّى في السعة يعيد مطلقاً ؛ لاقتضاء الأمر بالطلب للنهي عن الصلاة ، وهو موضع الوفاق. وفي الضيق لا يعيد كذلك على الأظهر. والشيخ (٣) : يعيد مطلقاً ، والأكثر : إذا وجد الماء بعدهما.

لنا : الأصل ، وحصول الامتثال المقتضي للإجزاء ، واشتراط القضاء بفوات الأداء ، وما دلّ على أنّ من صلّى بالتيمّم لا يلزمه القضاء.

للمخالف : خبر (٤) يفيد الإعادة مع النسيان في السعة ، وهو غير مدّعاه.

ولو نسيه في رحله وصلّى بالتيمّم أجزأه في الضيق دون السعة ، وفاقاً لظاهر الصدوق (٥) ومعظم الثالثة ، لا مطلقاً كظاهر السيّد والمحقّق (٦) ، ولا إن اجتهد وطلب كالشيخ والفاضل (٧).

__________________

(١) وسائل الشيعة : ٣ / ٣٤١ الحديث ٣٨١٤.

(٢) وسائل الشيعة : ٣ / ٣٤٢ و ٣٤٣ الحديث ٣٨١٦ و ٣٨١٧ و ٣٨١٩.

(٣) المبسوط : ١ / ٣١.

(٤) وسائل الشيعة : ٣ / ٣٦٧ الحديث ٣٨٨٥.

(٥) من لا يحضره الفقيه : ١ / ١٦٠ ذيل الحديث ٢٢٤.

(٦) نقل عن السيد في ذكرى الشيعة : ١ / ١٨٣ ، المعتبر : ١ / ٣٦٧.

(٧) المبسوط : ١ / ٣١ ، منتهى المطلب : ٣ / ١٤٤.

٤٤٤

لنا : على الأوّل : ما تقدّم ، وعموم رفع النسيان وعدم التمكّن من رفعه ، فهو كعدم الوصلة. وعلى الثاني : الخبر (١) ، وتعلّق النهي بالصلاة لضدّيتها لما أُمر به.

ولنا : حمل الخلاف الأوّل على الضيق والثاني على السعة ، ليرجع إلى المختار.

وإراقة الماء أو بذله قبل الوقت لا يوجب الإعادة إجماعاً ، وبعده على الأشهر ؛ لما مرّ. خلافاً للشهيد رحمه‌الله في مختصريه (٢) ؛ للتفريط ، وضعفه ظاهر. وظاهر « المعتبر » (٣) كون المختار موضع الوفاق.

ولو وجد ماء ولم يستعمله إلى التضيّق وجب التيمّم والأداء ، وفاقاً للفاضل (٤) وأكثر الثالثة ، لا التطهّر والقضاء كالشيخ والمحقّق (٥).

لنا : ما ورد في الصحاح (٦) من إطلاق طهوريّة التيمّم ، وأنّه أحد الطهورين وبمنزلة الماء وأنّ ربّهما واحد ، ووجوب الصلاة في وقتها بالآية والنصوص (٧) ، واشتراطها بالمائيّة إذا لم يؤدّ إلى خروج الوقت ، ومعه يتعيّن الترابيّة كما يومي إليه الظواهر وتشهد به جزئيّات الموارد. على أنّ شرعيّة التيمّم لإيقاعها في الوقت ، وإلّا كان اللازم التأخير والقضاء عند تعذّر المائيّة والأداء ، والمعلوم خلافه.

للمخالف : تعليق وجوب التيمّم في الآية (٨) على عدم وجدان الماء ، ومفهومه عدمه عند وجوده. قلنا : المتبادر من عدم وجدانه عدم التمكّن من التطهّر

__________________

(١) وسائل الشيعة : ٣ / ٣٦٧ الحديث ٣٨٨٥ ، للتوسّع لاحظ! الحدائق الناضرة : ٤ / ٢٥٦ و ٢٥٧.

(٢) الدروس الشرعية : ١ / ١٣١ ، البيان : ٨٤.

(٣) المعتبر : ١ / ٣٦٦.

(٤) منتهى المطلب : ٣ / ٣٨.

(٥) لم نعثر عليه في كتب الشيخ ، نسب إليه في جامع المقاصد : ١ / ٤٦٧ ، المعتبر : ١ / ٣٦٦.

(٦) وسائل الشيعة : ٣ / ٣٨٥ الباب ٢٣ من أبواب التيمّم.

(٧) الإسراء (١٧) : ٧٨ ، وسائل الشيعة : ٤ / ١٠٧ الباب ١ من أبواب المواقيت.

(٨) المائدة (٥) : ٦.

٤٤٥

به للصلاة بحيث تدرك في وقتها ، لا عدم وجوده.

ووجود ما لا يكفي للطهارة كونه كعدمه ؛ لظاهر الوفاق والآية والصحاح المستفيضة (١). وما نسب إلى الشيخ من التبعيض (٢) لا عبرة به.

ولو تعذّر غسل عضو مريض أو نجس تيمّم ؛ لعدم شرعيّة التبعيض ، وانتفاء المركّب بانتفاء جزئه.

ولو وسع الماء إحدى الطهارتين عند اجتماعهما تيمّم عن الآخر ، ووجهه ظاهر.

فصل

[ ما به التيمّم ]

ما به التيمّم هو الأرض ، وفاقاً للمعظم ، لا مجرّد التراب كالمرتضى والحلبي (٣).

لنا : الآية (٤) والصحاح المستفيضة (٥) ، ولا يعارضها المتضمّنة للتراب (٦) ؛ لأنّه أغلب الإجزاء ، بل أولى في الاستعمال.

للمرتضى : النبوي المشهور (٧) ، والمروي منه في كتب الأخبار بحذف

__________________

(١) وسائل الشيعة : ٣ / ٣٨٦ و ٣٨٧ الحديث ٣٩٤٠ ٣٩٤٢.

(٢) لاحظ! روض الجنان : ١١٩.

(٣) نقل عن المرتضى في المعتبر : ١ / ٣٧٢ ، الكافي في الفقه : ١٣٦.

(٤) المائدة (٥) : ٦.

(٥) وسائل الشيعة : ٣ / ٣٤٣ و ٣٦٨ و ٣٨٤ الحديث ٣٨١٩ و ٣٨٨٧ و ٣٩٢٩.

(٦) وسائل الشيعة : ٣ / ٣٥٤ و ٣٥٦ الحديث ٣٨٤٩ و ٣٨٥٥ ، مستدرك الوسائل : ٢ / ٥٢٨ الباب ٥ من أبواب التيمّم.

(٧) وسائل الشيعة : ٣ / ٣٥٠ الحديث ٣٨٣٩ ٣٨٤١.

٤٤٦

التراب ، على أنّ مفهوم الخطاب لا حجّية فيه. ولو سلّمت فإذا لم يخرج مخرج الغالب.

فروع :

الأوّل : التراب بألوانه من الأرض ، ومنه الأرمني ، وطين الدواء ، وكذا المدر والحصى ، فيصحّ التيمّم بالكلّ.

ويصحّ بالحجر بأنواعه وفاقاً للمشهور ؛ لأنّه من الأرض بالإجماع والعرف واللغة (١) ، فيتناوله مجوّزات التيمّم بها.

وخلافاً للإسكافي مطلقاً (٢) ؛ لخروجه منها بالتحجّر ، وضعفه بيّن. وللشيخين والحلّي عند الاختيار (٣) ، ولم أقف لهم على حجّة ؛ إذ لو كان من الأرض يثبت الجواز مطلقاً ، وإلّا المنع كذلك.

وبالجصّ والنورة قبل الإحراق لا بعده ، وفاقاً للمشهور في الموضعين ؛ للتسمية وعدمها. ومنع الحلّي في الأوّل مطلقاً (٤) والشيخ عند الاختيار (٥) ضعيف ، وإطلاق الخبرين (٦) حجّة عليهما. وتجويز السيّد والديلمي (٧) في الثاني للخبرين ،

__________________

(١) لاحظ! مجمع البحرين : ٣ / ٨٥ ، لسان العرب : ٣ / ٢٥٤.

(٢) نقل عنه في مختلف الشيعة : ١ / ٤٢٠.

(٣) المقنعة : ٦٠ ، النهاية : ٤٩ ، السرائر : ١ / ١٣٧.

(٤) السرائر : ١ / ١٣٧.

(٥) النهاية : ٤٩.

(٦) مستدرك الوسائل : ٢ / ٥٣٢ الحديث ٢٦٤٦ و ٢٦٤٧.

(٧) نقل عن السيد في المعتبر : ١ / ٣٧٥ ، المراسم : ٥٤.

٤٤٧

مردود بضعفهما بلا انجبار وعدم مقاومتهما لأدلّة اعتبار التسمية.

وبالتراب المستعمل والملاصق للميّت إن لم يعلم بنجاسته وفاقاً ؛ لثبوت التسمية وعدم المانع. ومنع بعض العامّة فيهما (١) ضعيف.

وبالسبخة والرمل ، خلافاً للإسكافي في الأوّل (٢) ، وبعض العامّة في الثاني (٣) ، والقطع بصدق الاسم حجّة عليهما. والظاهر وفاقهم على الكراهة فيهما ، ولعلّه الحجّة ؛ إذ لم أقف على أثر.

وبالأرض النديّة إذا لم يصدق الطين عليها ؛ لظاهر الصحيح والمضمر (٤).

ولا يصحّ بالخزف والآجر ؛ للاستحالة وفاقاً للإسكافي والمحقّق (٥). وقيل بالجواز (٦) ؛ للشك فيها ، وشهادة العرف تدفعه ، على أنّ موجب الجواز القطع بها ، لا الشكّ فيها ، والتمسّك بالاستصحاب في الأُمور الخارجة ضعيف.

قيل : ثبوت الأرضيّة للحجر يوجب ثبوتها لها (٧) ؛ لكونه أقوى استمساكاً منهما.

قلنا : العرف كاللغة فارق.

ولا بالمعادن كالكحل والزرنيخ وغيرهما ، وفاقاً للمعظم ؛ لعدم التسمية ، وخلافاً للعماني ؛ للخروج منها والجزئيّة. وفيه أنّ المناط التسمية ، دون الخروج.

__________________

(١) الام : ١ / ٥١ ، المجموع : ٢ / ٢١٦.

(٢) نقل عنه في مختلف الشيعة : ١ / ٤٢٠.

(٣) المجموع : ٢ / ٢١٥.

(٤) وسائل الشيعة : ٣ / ٣٥٤ الحديث ٣٨٤٩ ، ٣٥٦ الحديث ٣٨٥٥.

(٥) نقل عن الإسكافي في تذكرة الفقهاء : ٢ / ١٧٧ ، المعتبر : ١ / ٣٧٥.

(٦) تذكرة الفقهاء : ٢ / ١٧٧ ، جامع المقاصد : ١ / ٤٨٣.

(٧) جامع المقاصد : ١ / ٤٨٣.

٤٤٨

وما في خبرين (١) أحدهما في « نوادر الراوندي » (٢) من نفي الحكم من الرماد معلّلاً بعدم خروجه من الأرض مبالغة في نفي الأرض منه.

ولا بالرماد والنبات المنسحق بالإجماع المحقّق والمحكي (٣) ؛ لعدم التسمية ، والخبرين (٤) في الأوّل.

ولا بالممتزج بغيرها مزجاً يسلبه الإطلاق ؛ للتعليل المذكور.

ولا بالنجس ؛ للإجماع المحقّق والمحكي (٥) وظاهر الآية (٦) واستلزام التطهير للطهارة.

ولا بتراب مغصوب ؛ للنهي (٧) المقتضي للفساد.

ولا في مكان مغصوب ، لا للنهي عن التصرّف ؛ لتعلّقه بالخارج ، بل لاستلزام الأمر بالخروج للنهي عن ضدّه الخاص ، كما قرّرناه في محلّه.

ولا بالوحل اختياراً ؛ للمستفيضة (٨) المجوّزة له عند فقد غيره ، وكأنّ التفصيل فيه موضع وفاق.

فصل

[ الطهارة عند توفّر الثلج ]

لو لم يوجد إلّا الثلج ولم يمكن إذابته إلى الماء ، فالظاهر وجوب التطهّر منه مع

__________________

(١) مستدرك الوسائل : ٢ / ٥٣٢ الحديث ٢٦٤٦.

(٢) مستدرك الوسائل : ٢ / ٥٣٢ الحديث ٢٦٤٦ ، ٥٣٣ الحديث ٢٦٤٧ ( نقل عن نوادر الراوندي ).

(٣) منتهى المطلب : ٣ / ٦٤.

(٤) مستدرك الوسائل : ٢ / ٥٣٢ الحديث ٢٦٤٦ و ٢٦٤٧.

(٥) منتهى المطلب : ٣ / ٧٨ ، مدارك الأحكام : ٢ / ٢٠٤.

(٦) النساء (٤) : ٤٣ ، المائدة (٥) : ٦.

(٧) وسائل الشيعة : ٢٥ / ٣٨٦ الحديث ٣٢١٩٠ و ٣٢١٩١.

(٨) وسائل الشيعة : ٣ / ٣٥٤ الحديث ٣٨٥٠ و ٣٨٥٢ ، مستدرك الوسائل : ٢ / ٥٣٣ الباب ٧ من أبواب التيمّم.

٤٤٩

إمكانه بالبلّ ، وفاقاً للشيخين (١) ، لا التيمّم كالسيد والإسكافي والديلمي (٢) ، ولا سقوط الفرض كظاهر الأكثر. والفاضل اختار الأوّل تارة والثاني اخرى (٣).

لنا : ما تقدّم من الجمع بين إخباري الغسل والدهن ، مؤيّداً بالمستفيضة من الصحاح وغيرها (٤) ، وظاهرها تقديمها على التراب والغبار. وفاقاً لـ « التهذيبين » (٥) ، لا العكس كـ « المقنعة » و « النهاية » (٦). فما في الصحيح والموثّق (٧) من تقديمهما عليه محمول على تعذّر استعماله. وحمل الدهن وما في معناه على ما يتضمّن أقل الجري مع بعده لا يمكن في بعض أخباره ، على أنّه ينفي اعتبار مجرّد البلّ مطلقاً.

فلا يبقى وجه لما ذكره الشيخان من جوازه عند فقدهما.

للأكثر : اشتراط الجري في الطهارة والأرض في التيمّم. قلنا : مسلّم عند الاختيار ، لا الضرورة ؛ لما تقدّم.

الثاني :

لو فقد الأرض تيمّم بغبار ما يتيمّم به ؛ للمستفيضة (٨) ونقل الإجماع (٩) ، والتخصّص في بعضها (١٠) وفي الفتاوى بغبار أحد الثلاثة لكونها مظنّة لا للحصر.

__________________

(١) المقنعة : ٥٩ ، النهاية : ٤٧.

(٢) نقل عن الإسكافي والسيد في المعتبر : ١ / ٣٧٧ ، المراسم : ٥٣.

(٣) مختلف الشيعة : ١ / ٤٢٣ و ٤٢٥ ، نهاية الأحكام : ١ / ٢٠١.

(٤) وسائل الشيعة : ٣ / ٣٥٦ الباب ١٠ من أبواب التيمّم.

(٥) تهذيب الأحكام : ١ / ١٩٢ ذيل الحديث ٥٥٣ ، الاستبصار : ١ / ١٥٨ ذيل الحديث ٥٤٦.

(٦) المقنعة : ٦٠ ، النهاية : ٤٧.

(٧) وسائل الشيعة : ٣ / ٣٥٤ و ٣٥٣ الحديث ٣٨٤٩ و ٣٨٤٧.

(٨) وسائل الشيعة : ٣ / ٣٥٣ الباب ٩ من أبواب التيمّم.

(٩) المعتبر : ١ / ٣٧٦.

(١٠) وسائل الشيعة : ٣ / ٣٥٤ الحديث ٣٨٤٩ و ٣٨٥٢.

٤٥٠

وبذلك يظهر صحّة ما هو المشهور ، والمستفاد من النصوص من التخيير في مواضعه مطلقاً ، فضلاً عن الثلاثة ، وضعف مختاري « النهاية » (١) و « السرائر » (٢) من التعاكس في الترتيب فيها.

وظاهر « الجمل » جواز التيمّم بالغبار مع وجود التراب (٣) ، ويدفعه الصحيح والحسن (٤) ، كنقل الإجماع (٥) وعدم تسميته صعيداً.

ويشترط الإحساس بالغبار ، فلا يكفي كمونه.

ومع فقده يتيمّم بالوحل ؛ للمستفيضة (٦) والإجماع المحقّق والمحكي (٧).

ويجب تحصيل ما يتيمّم به كالماء ولو باستئجار أو اتّهاب أو الشراء.

الثالث :

فقد الطهورين يسقط الصلاة أداءً بالإجماع ؛ لاشتراطها بغير المقدور ، فلو وجبت لزم التكليف بالمحال أو خلاف الفرض. لا قضاءً ، وفاقاً للأكثر ، وخلافاً للفاضلين (٨) وبعض من تأخر (٩).

لنا : عموم موجبات قضاء الفائت كالنبوي والصحيحين (١٠).

__________________

(١) النهاية : ٤٩.

(٢) السرائر : ١ / ١٣٧ و ١٣٨.

(٣) رسائل الشريف المرتضى ( جمل العلم والعمل ) : ٣ / ٢٦ ، لاحظ! مدارك الأحكام : ٢ / ٢٠٧.

(٤) وسائل الشيعة : ٣ / ٣٥٤ الحديث ٣٨٤٩ و ٣٨٥٢ ، لاحظ! مستند الشيعة : ٣ / ٤٠١.

(٥) المعتبر : ١ / ٣٧٦.

(٦) وسائل الشيعة : ٣ / ٣٥٣ الباب ٩ من أبواب التيمّم.

(٧) منتهى المطلب : ٣ / ٦٨.

(٨) المعتبر : ١ / ٣٨١ ، تذكرة الفقهاء : ٢ / ١٨٤.

(٩) إيضاح الفوائد : ١ / ٦٨ ، جامع المقاصد : ١ / ٤٨٦.

(١٠) غوالي اللئالي : ٢ / ٥٤ الحديث ١٤٣ ، ٣ / ١٥٧ الحديث ١٥٠ ، وسائل الشيعة : ٤ / ٢٩٠ الحديث

٤٥١

للمخالف : تبعيّة القضاء للأداء ، وكونه بأمر جديد ، والقياس على صلاة الحائض. وردّ بالمنع ، ووجود الأمر ، وبطلان القياس.

الرابع :

عدم جواز التيمّم للفريضة قبل وقتها كوجوبه عند تضيّقه مجمع عليه. والحق جوازه في السعة مطلقاً ، وفاقاً للصدوق والجعفي وجماعة (١) ، لا مع العلم باستمرار العجز كالأوّلين (٢) وطائفة ، ولا التضيّق مطلقاً كالأكثر.

لنا : الأصل ، وعموم أفضليّة أوّل الوقت ، وإطلاق الآيتين (٣) ، وما دلّ على توسّع وقت الفريضة من الكتاب والسنّة (٤) والمستفيضة الدالّة على بدليّة التيمّم (٥) ، فيصح مع السعة كالمبدل منه ، والمعتبرة النافية لإعادة واجد الماء في الوقت (٦) ، والصحاح المصرّحة بعدمها مطلقاً (٧) ، وما يفيد الإعادة كالصحيح والموثّق والرضوي (٨) محمول على الندب كما يومي إليه الموثّق (٩) ، وفي الصحيح دلالة على

__________________

٥١٨٧ ، ٨ / ٢٥٦ الحديث ١٠٥٧٤.

(١) المقنع : ٢٥ ، نقل عن الجعفي في ذكرى الشيعة : ٢ / ٢٥٢ ، تحرير الأحكام : ١ / ٢٢ ، البيان : ٨٦ ، مفاتيح الشرائع : ١ / ٦٣.

(٢) نقل عنهما في ذكرى الشيعة : ٢ / ٢٥٣.

(٣) النساء (٤) : ٤٣ ، المائدة (٥) : ٦. وفي النسخ الخطّية : ( وإطلاق الاثنين ) ، والظاهر أنّ الصحيح ما أثبتناه.

(٤) الهود (١١) : ١١٤ ، الإسراء (١٧) : ٧٨ ، للتوسّع لاحظ! زبدة البيان : ٩١ ١٠٠ ، وسائل الشيعة : ٤ / ١٥٦ ١٦٢.

(٥) وسائل الشيعة : ٣ / ٣٦٦ الباب ١٤ من أبواب التيمّم.

(٦) وسائل الشيعة : ٣ / ٣٦٩ الحديث ٣٨٩١.

(٧) وسائل الشيعة : ٣ / ٣٦٦ و ٣٧٠ الحديث ٣٨٨١ و ٣٨٩٥ و ٣٨٩٦.

(٨) وسائل الشيعة : ٣ / ٣٦٨ الحديث ٣٨٨٧ و ٣٨٩٠ ، فقه الرضا عليه‌السلام : ٨٩ ، مستدرك الوسائل : ٢ / ٥٤٢ الحديث ٢٦٦٧.

(٩) وسائل الشيعة : ٣ / ٣٦٨ الحديث ٣٨٩٠.

٤٥٢

الجواز في السعة (١). وعموم تعليق التيمّم بالجنابة وفقد الماء ، فلا يتقيّد بغيرهما ، ودلالة المستفيضة على شرعيّته بمجرّد حضور الصلاة ، واستلزام اعتبار التضيّق مطلقاً للعسر والحرج سيّما في صلاة العشاء ، ولوجوب التأخير وإن علم استمرار العذر ، وفيه من العبث ما لا يخفى.

نعم ؛ يجب التأخير مع العلم بالزوال ؛ لقدرته على تحصيل شرط الواجب ، فيجب. ويستحبّ مع رجائه ؛ للمعتبرة (٢) ، وهي مستند القولين ، ولا تصلح حجّة للأخير ؛ لظهورها في الرجاء ، وبعضها ظاهر في الاستحباب ، فحمل البواقي عليه متعيّن ، وليست لها قوّة المقاومة مع أخبار السعة حتّى تقيّد أو تؤوّل لأجلها (٣).

والاحتجاج على الأخير بنقل الإجماع من السيّد والشيخ (٤) وتيقّن الخروج عن العهدة ، مردود بمنع الإجماع في محلّ النزاع وحصول التيقّن بما قرّرناه من الأدلّة.

الخامس :

لو دخل وقت صلاة وهو متيمّم جاز له أن يوقعها في السعة ، ولو على المضايقة ، وفاقاً للشيخ والمحقّق وغيرهما (٥) ؛ لما ثبت في المعتبرة من عموم البدليّة وجواز إيقاع الكثرة بتيمّم واحدٍ ، ولا تعارضها أخبار الضيق ؛ لظهورها

__________________

(١) وسائل الشيعة : ٣ / ٣٦٨ الحديث ٣٨٨٨.

(٢) وسائل الشيعة : ٣ / ٣٦٨ و ٣٧٠ و ٣٧١ الحديث ٣٨٨٩ و ٣٨٩٣ و ٣٨٩٧ ، للتوسّع لاحظ! الحدائق الناضرة : ٤ / ٣٥٧.

(٣) في النسخ الخطّية : ( أو بأقل لأجلها ) ، والظاهر أنّ الصحيح ما أثبتناه.

(٤) الانتصار : ٣١ ، التبيان : ٣ / ٢٠٩.

(٥) المبسوط : ١ / ٣٣ و ٣٤ ، المعتبر : ١ / ٣٨٣ ، مدارك الأحكام : ٢ / ٢١٢ ، ذخيرة المعاد : ١٠١.

٤٥٣

في المحدث.

وقيل بعدم الجواز (١) ؛ لوجود علّة التأخير ، وضعفه ظاهر.

وذو الفوائت يصلح كلّ وقت لتيمّمه ؛ لعموم الصحيحين (٢) وظهور أدلّة الضيق في الموقّتة.

والمتيمّم لحاضرة أو فائتة أو نافلة يصلّي به غيرها من الثلاثة ؛ للإجماع والعمومين. ولا يعارضها ظاهر الآية ؛ لاختصاصها بالمحدث إجماعاً. وما ينافيها من الصحيح والخبر (٣) محمول على الندب جمعاً.

ومقتضى العمومين كما مرّ جواز فعلها به في السعة ، ولو على المضايقة ، واعتبار التأخير مع تطهّره وسبقه الوقت لا وجه له ، والتعليل بوجود علّته عليل.

ويجوز التيمّم للنافلة المرتّبة في السعة ؛ لعموم الأدلّة واختصاص أخبار الضيق بالفريضة. وللمبتدأة عند إرادة فعلها ؛ للعمومات وعدم التوقيت ولو في أوقات الكراهة ؛ لأنّها لا تنافي الانعقاد ، وفتوى الفاضلين (٤) بالمنع فيها لا وجه له.

والمعتبر في الضيق على اعتباره الظن لا العلم ، فلو انكشف خلافه لم يعد ؛ لعموم الآية والأخبار وإتيانه بالمأمور به ، وهو يقتضي الإجزاء.

والداخل في المسجد يتيمّم للتحيّة ، لتضيّق وقتها بالدخول.

ولا فرق في التأخير وعدمه بين ذوي الأعذار وإن اختصّ أخبار الضيق بفاقد الماء ؛ للإجماع المركّب.

__________________

(١) لاحظ! كشف اللثام : ٢ / ٤٨٥.

(٢) وسائل الشيعة : ٤ / ٢٤١ الحديث ٥٠٣١ و ٥٠٣٣.

(٣) وسائل الشيعة : ٣ / ٣٨٤ الحديث ٣٩٢٩ ، مستدرك الوسائل : ٢ / ٥٤٧ الحديث ٢٦٨٤.

(٤) المعتبر : ١ / ٣٨٣ ، تذكرة الفقهاء : ٢ / ٢٠١.

٤٥٤

فصل

للتيمّم فروض :

الأوّل : النيّة :

ووجوبها مجمع عليه ، والواجب فيها القصد والقربة دون غيرهما كما مرّ. والأكثر منعوا من قصد الرفع فيه ؛ لبقاء المانع وإن ارتفع المنع ، ولذا يصحّ قصد الاستباحة.

وفيه : أنّ زوال المنع دون المانع غير معقول ، فالحق ثبوت التلازم بينهما وجوداً وعدماً ، وزوالهما فيه مقيّداً وفي المائيّة مطلقاً. ولو أراد المانع نفي الإطلاق فنعم الوفاق.

ولا يعتبر قصد البدليّة مطلقاً ، وفاقاً للأكثر ؛ للأصل وإطلاق الآية والنصوص. والقول باعتباره مطلقاً كـ « الخلاف » (١) ، أو على اختلاف الهيئتين كـ « الذكرى » (٢) ضعيف ، وتعليلهما بتوقّف التمييز مطلقاً أو مع الاختلاف عليه عليل.

ووقتها عند الضرب ، وفاقاً للمشهور ؛ لأنه أوّل أفعاله الواجبة بالمستفيضة (٣).

ولا يجوز تأخيرها إلى مسح الجبهة ، حذراً عن خلوّ بعض الأفعال عن النيّة ، خلافاً للفاضل تنزيلاً للضرب منزلة أخذ الماء في المائيّة (٤). وردّ باختلافهما

__________________

(١) الخلاف : ١ / ١٤٠ المسألة ٨٧.

(٢) ذكرى الشيعة : ٢ / ٢٥٧.

(٣) وسائل الشيعة : ٣ / ٣٦١ الباب ١٢ من أبواب التيمّم.

(٤) نهاية الأحكام : ١ / ٢٠٤.

٤٥٥

في نحو الوجوب ، ولذا يجوز غمس العضو في الماء ، ولا يضرّ الحدث بعد أخذه بخلاف مسحه بالتراب والحدث بعد الضرب.

الثاني : استدامتها حكماً إلى الفراغ :

وقد تقدّم تحقيقها.

الثالث : وضع اليدين على الأرض :

ووجوبه ثابت بالإجماعين ، والأشهر كونه باعتماد ، وهو الضرب ؛ لوروده في الصحاح والمعتبرة (١) ، فلا يكفي بدونه. خلافاً للشهيد (٢) والكركي (٣) ؛ لإطلاق الآية والصحاح المتضمّنة للوضع ، وأُجيب بالتقييد جمعاً.

ويجب كون الضرب بباطنهما ؛ لأنّه المعهود من فعل الحجج عليهم‌السلام.

وعلى جنس الأرض وإن لم يكن عليها ؛ لإطلاق الأدلّة.

وبهما معاً ، فلا يجزئ بإحداهما أو بهما مع التعقيب ؛ للإجماع وظاهر المستفيضة من الصحاح وغيرها (٤).

نعم ؛ مع القطع يسقط الضرب والمسح من المقطوع ؛ لعدم تكليف بالمحال ، دون الباقي ؛ للاستصحاب وعموم البدليّة ، وظاهر المشهورين. وقول الشيخ بسقوط التيمّم (٥) من أصله ضعيف.

__________________

(١) وسائل الشيعة : ٣ / ٣٦١ الحديث ٣٨٧٠ و ٣٨٧٢ و ٣٨٧٣ ، مستدرك الوسائل : ٢ / ٥٣٥ الحديث ٢٦٥٣.

(٢) ذكرى الشيعة : ٢ / ٢٥٩.

(٣) جامع المقاصد : ١ / ٤٨٩.

(٤) وسائل الشيعة : ٣ / ٣٥٨ و ٣٦١ الباب ١١ و ١٢ من أبواب التيمّم.

(٥) المبسوط : ١ / ٣٣.

٤٥٦

ومثل القطع النجاسة المتعدّية دون الحائلة على الأصحّ ؛ لإمكان الجبيرة. نعم ، إزالتها مع الإمكان واجبة.

ويجب رفع الحائل بالإجماع والظواهر وعموم البدليّة ، دون تخليل الأصابع ؛ لظاهر الفتاوى والأخبار وعمل الطائفة في الأعصار والأمصار.

ويشترط العلوق ، وفاقاً للسيّد والإسكافي (١) وأكثر الثالثة ، وخلافاً للمشهور.

لنا : رجوع الضمير في الآية (٢) إلى الصعيد ، وكون من للتبعيض ؛ للصحيح (٣) ونصّ علماء اللغة والتفسير (٤). ويؤيّده عموم البدليّة ، ووجوب تحصيل البراءة اليقينيّة والقطع بأنّ الطهوريّة للأجزاء الأرضيّة.

ولا ينافيه استحباب النفض ، بل يؤكّده ، ولعلّه لتعليل ما يوجب التشويه. ولا كون الصعيد وجه الأرض ؛ إذ كفايته لا ترفع اشتراط وجود غبار عليه بعد ثبوته بدلالة خارجيّة. ولا كفاية الضربة الواحدة ؛ إذ الظاهر بقاء شي‌ء فيها لليدين ، مع أنّ المسلّم اشتراط العلوق الابتدائي دون غيره.

ولا فرق بين الأغسال في كيفيّة التيمّم ؛ لظاهر الوفاق والخبرين (٥) ، وبها تخصّص أخبار عدم التداخل. فإيجاب تيمّمين على غير الجنب لوجوب الطهارتين عليه ضعيف.

__________________

(١) نقل عن السيد في مفاتيح الشرائع : ١ / ٦٢ ، نقل عن الإسكافي في جامع المقاصد : ١ / ٤٩٣ ، للتوسّع لاحظ! مفتاح الكرامة : ٤ / ٤٤٨.

(٢) المائدة (٥) : ٦.

(٣) وسائل الشيعة : ٣ / ٣٦٤ الحديث ٣٨٧٨.

(٤) المصباح المنير : ٢ / ٥٨١ ، الصحاح : ٦ / ٢٢٠٩ ، مفردات ألفاظ القرآن : ٤٩٥.

(٥) وسائل الشيعة : ٣ / ٣٦٣ الحديث ٣٨٧٥ و ٣٨٧٦.

٤٥٧
الرابع : مسح الجبهة والجبينين :

لا غير ، وفاقاً لجماعة. لا مع الحاجبين أيضاً كالصدوق وبعضهم (١) ، ولا الوجه كلّه كوالده وظاهر الجعفي (٢) ، ولا مجرّد الجبهة كالأكثر ، ولا التخيير بينهما كظاهر العماني و « المعتبر » (٣).

لنا : على أوّل جزئي الإثبات : صريح الموثّق والرضوي (٤) ، مع تكرّر نقلهم (٥) عدم الخلاف فيه وانحصاره في الزائد.

وعلى ثانيهما : صريح المعتبرة (٦) ، وكأنّها لكون الأوّل مجمعاً عليه بتضمّن زيادة غير منافية ، فيجب الأخذ بهما معاً. فنفيه للأصل ضعيف ، وحملها على الندب أو حمل الجبين فيهما على الجبهة ضعيف.

وعلى أوّل جزئي السلب : الأصل وعدم الدليل. ودلالة الرضوي (٧) كقول بعضهم (٨) بورود خبر على العيوب (٩) غير كافية ؛ إذ مجرّد ذلك غير ناهض بإثبات حكم مخالف للأصل والشهرة. غاية الأمر حمله على الندب ؛ لجواز التسامح في أدلّته. نعم ، ما يتوقّف عليه الواجب منه واجب من باب المقدّمة.

__________________

(١) الهداية : ٨٧ و ٨٨ ، جامع المقاصد : ١ / ٤٩١.

(٢) نقل عن والد الصدوق والجعفي في ذكرى الشيعة : ٢ / ٢٦٤.

(٣) نقل عن العمّاني في ذكرى الشيعة : ٢ / ٢٦٤ ، المعتبر : ١ / ٣٨٦.

(٤) وسائل الشيعة : ٣ / ٣٥٩ الحديث ٣٨٦٣ ، فقه الرضا عليه‌السلام : ٨٨ ، مستدرك الوسائل : ٢ / ٥٣٥ الحديث ٢٦٥٣ ، لاحظ! الحدائق الناضرة : ٤ / ٣٤٣.

(٥) ذكرى الشيعة : ٢ / ٢٦٣ ، مدارك الأحكام : ٢ / ٢١٩.

(٦) وسائل الشيعة : ٣ / ٣٦٠ الحديث ٣٨٦٦.

(٧) فقه الرضا عليه‌السلام : ٩٠ ، مستدرك الوسائل : ٢ / ٥٣٩ الحديث ٢٦٦٠.

(٨) جامع المقاصد : ١ / ٤٩١.

(٩) كذا ، والظاهر أنّ الصحيح : ( في الحاجبين ).

٤٥٨

وعلى ثانيهما : دعوى الإجماع من السيّد (١) وكون الباء في الآية للتبعيض ؛ للصحيح (٢) ونصّ الأُدباء. ويعضده ما دلّ على مسح مجرّد أحد العضوين من الموثّق والمعتبرة (٣). فما دلّ على مسح الوجه من الصحاح والمعتبرة (٤) يحمل على الندب أو التقيّة ؛ لقوّة معارضها بوجوه من المرجّحات المنصوصة ، والجمع بينهما بالتخيير لا يخفى فساده.

ويجب البدء بقصاص الشعر إلى طرف الأنف الأعلى ، فلا يجوز النكس وفاقاً للمعظم ؛ لإطلاق المنزلة ، وظاهر النبوي (٥) ، ووقوع الفعل في النصوص الفعليّة بعد السؤال عن الحقيقة ، فتكون بياناً لها فيجب التأسّي ولم يكن على النكس ، وإلّا نقل ووجب ؛ لمخالفته الظاهر المتعارف في الوضوء. فتعيّن الأوّل.

وكون المسح مطلقاً بباطن الكفّين معاً ؛ لعموم البدليّة وظاهر النصوص (٦) البيانيّة.

واستيعاب الممسوح بالماسح ، بمعنى مسح الكلّ بالكلّ لا بكلّ جزء ؛ لتعذّره ، ولظهور إطلاق العضو في كلّه. ويتأتّى في كيفيّته وجوه لا يخفى تصوّرها.

وتجويز التبعّض في الماسح ضعيف ، وتعليله بإطلاق الأخبار وعدم إمكان الاستيعاب عليل ، وما في الصحيح من مسحه صلى‌الله‌عليه‌وسلم جبينه بأصابعه (٧) لا يثبته.

__________________

(١) الناصريات : ١٥١ ، الانتصار : ٣٢ و ٣٣.

(٢) وسائل الشيعة : ٣ / ٣٦٤ الحديث ٣٨٧٨.

(٣) وسائل الشيعة : ٣ / ٣٥٩ و ٣٦٠ الحديث ٣٨٦٣ و ٣٨٦٦.

(٤) وسائل الشيعة : ٣ / ٣٥٨ و ٣٥٩ الحديث ٣٨٦١ و ٣٨٦٢ و ٣٨٦٤ و ٣٨٦٥.

(٥) وسائل الشيعة : ٣ / ٣٦٠ الحديث ٣٨٦٩.

(٦) وسائل الشيعة : ٣ / ٣٥٨ الباب ١١ من أبواب التيمّم.

(٧) وسائل الشيعة : ٣ / ٣٦٠ الحديث ٣٨٦٨.

٤٥٩
الخامس : مسح ظاهر الكفّين بباطنهما :

من الزند إلى الآخر وفاقاً للمشهور. لا من المرفقين إليه كوالد الصدوق (١) ، ولا من أُصول الأصابع إليه كما قيل (٢).

لنا : المصرّحات بمسح الكفّين ، وما في الصحيحين (٣) من مسحه فوق الكفّ قليلاً والزائد من باب المقدّمة فلا ينافي المختار ، وكون الباء للتبعيض ، فيندفع الأوّل ، ولو كان اليد حقيقة فيما تحت الذراع كما قيل (٤) لا يدفع بالآية (٥) مع قطع النظر عنه ، وبالمستفيضة المصرّحة بمسح اليدين (٦).

للمخالف الأوّل : ظاهر المعتبرة (٧) ، وهي محمولة على الندب أو التقيّة جمعاً.

وللثاني : المرسل (٨) ، ولا عبرة به في مقابلة الصحاح المعتضدة بالعمل.

ويجب كون المسح بباطن الكف لا ظاهرها ؛ لظاهر الوفاق والحسن (٩) ، ولأنّه المعهود المتبادر.

والبدأة فيه بالزند ليساوي الوضوء ويتابع البيان.

وتقديم اليمنى على اليسرى بالإجماع ، وظاهر الصحيح والرضوي (١٠) ،

__________________

(١) نقل عن والد الصدوق في المعتبر : ١ / ٣٨٦.

(٢) السرائر : ١ / ١٣٧.

(٣) وسائل الشيعة : ٣ / ٣٥٨ و ٣٥٩ الحديث ٣٨٦٢ و ٣٨٦٤.

(٤) مدارك الأحكام : ٢ / ٢٢٣.

(٥) المائدة (٥) : ٦.

(٦) وسائل الشيعة : ٣ / ٣٦٠ و ٣٦١ الحديث ٣٨٦٦ و ٣٨٧٠ و ٣٨٧٣.

(٧) وسائل الشيعة : ٣ / ٣٦٥ الحديث ٣٨٨٠.

(٨) وسائل الشيعة : ٣ / ٣٦٥ الحديث ٣٨٧٩.

(٩) وسائل الشيعة : ٣ / ٣٥٨ الحديث ٣٨٦١.

(١٠) وسائل الشيعة : ٣ / ٣٦٢ الحديث ٣٨٧٤ ، فقه الرضا عليه‌السلام : ٨٨ ، مستدرك الوسائل : ٢ / ٥٣٥ الحديث ٢٦٥٣.

٤٦٠