القسم الثّالث في القسم الثّاني أيضا وإن كان أخفى من جريانه فيه ؛ لأنّ المتيقّن سابقا هو وجود الكلّي في ضمن إحدى الخصوصيّتين لا على التّعيين ، والمشكوك لا حقا هو وجوده في ضمن إحدى الخصوصيّتين على التّعيين ، فاختلف المتيقّن والمشكوك فتأمّل.
اللهمّ إلاّ أن يبتنى الاستصحاب على حكم العرف بالبقاء مع دعوى حكمهم به في القسم الثّاني دون الثّالث ، ولكنّه خارج عن الفرض فتأمّل.
وأمّا الكلام في الجهة الثّانية : فالحقّ هو ثبوت الفرق بينهما ؛ حيث إنّ الشّك في بقاء الكلّي في القسم الثّاني لم يكن مسبّبا عن الشّك في وجود الفرد بخلاف المقام ؛ فإنّ الشّك في بقاء الكلّي مسبّب عن الشّك في وجود الفرد بأقسامه الثّلاثة كما لا يخفى ؛ لأنّ وجود الكلّي في ضمن أحد الفردين معيّنا وارتفاعه بالنّسبة إليه قطعيّ ، وإنّما الشّك فيه بطرفيه مسبّب عن الشّك في وجود الفرد الآخر ، فأصالة عدمه حاكمة على استصحاب بقاء الكلّي هذا.
ولكن لا يخفى عليك أنّ هذا السّببيّة إنّما ينفع بناء على رأي المشهور : من كون اعتبار الاستصحاب من باب الظّن ، أو بناء على رأي بعض من لم يفرّق على القول باعتباره من باب الأخبار بين لوازم المستصحب ؛ فإنّه بأصالة عدم وجود الفرد على هذين القولين يمكن إثبات عدم وجود الكلّي وإن كان من لوازمه العقليّة ، ولهذا لم يظهر من كلماتهم استصحاب الكلّي في أمثال الفرض.
وأمّا بناء على القول باعتباره من باب الأخبار مع القول باختصاصه بإثبات الآثار الشّرعيّة ، فلا إشكال في أنّ هذه السّببيّة لا ينفع أصلا ؛ لأنّ انعدام الكلّي بانعدام الفرد ليس من اللّوازم الشّرعية ، بل من اللّوازم العقليّة. وهذا بخلاف القسم